أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في منتدى جنتنا، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .

المنتدى للقرائه فقط -- للمشاركه انتقل الى منتديات جنتنا الجديده -forums.janatna.com





رواية عروس الثأر

كانت تسير مندفعة بخطوات سريعة خلال احد الحقول الزراعية المؤدية الى اسطبل الخيل الخاص بعائلتها...وجدت في طريقها احد الفلا ..



04-02-2022 12:42 صباحا
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 






t22045_8559

كانت تسير مندفعة بخطوات سريعة خلال احد الحقول الزراعية المؤدية الى اسطبل الخيل الخاص بعائلتها...
وجدت في طريقها احد الفلاحين يتقدم منها مسرعا وهو يقول بلهجة مستعجلة:
اسرعي يا انسة فرح، عزيزة وضعها سيء للغاية...
ازدادت خطواتها سرعة وهي تتجه نحو الاسطبل الذي باتت تشعر بأنه يبعد الكثير على غير العادة...
كادت ان تتعثر بخطواتها عدة مرات وهي تركض نحوه...

وصلت اخيرا الى الاسطبل لتدلف بسرعة الى الداخل، كان المكان واسع للغاية مكون من ممر طويل يحيط به على طوله من الجانبين حظائر صغيرة متسلسلة جدرانها عبارة عن الواح خشبية متراصة مع باب خشبية مفتوحة في مقدمة الحظيرة الصغيرة تستخدم لتهوية الاحصنة حيث تخرج منها رؤوس الاحصنة الضخمة المختلفة الاصناف والالوان...

اتجهت فرح نحو عزيزة التي كانت ممددة على اكوام من القش تتوسط الاسطبل تأن الما بشكل واضح بينما الطبيب البيطري الخاص بها منحني بجانبها يساعدها في ولادتها الصعبة...
انحنت فرح نحوها واخذت تتأملها بملامح مشفقة قبل ان تسأل الطبيب بقلق من بين انفاسها اللاهثة:
كيف حالها؟! هل وضعها سيء للغاية؟!
اومأ الطبيب برأسه دون ان يرد بينما كانت يده تحاول ان تسحب المهر من الخلف...

اخذ الطبيب يتصبب عرقا وهو يجاهد لفعل هذه العملية الصعبة وانقاذ الفرس من هذه الولادة المتعسرة بينما اخذت فرح تمسد رقبة الفرس وظهرها برقة محاولة ان تخفف من المها ووجعها الظاهر...
ادمعت عينا فرح بسبب ما يحدث بينما كان الطبيب مستمر في عمله حتى استطاع ان يخرج المُهر اخيرا من جسد امه بعد عدة محاولات...

تراجع الطبيب الى الخلف واضعا كف يده على صدره غير مصدق انه انتهى من هذه المهمة الصعبة بينما هطلت الدموع لا اراديا من عيني فرح من هول الموقف و لم تشعر بنفسها الا وهي تحتضن عزيزة بقوة تهنئها على هذا الانجاز العظيم...
فصول رواية عروس الثأر

رواية عروس الثأر للكاتبة سارة علي الفصل الأول

خرجت فرح من الاسطبل اخيرا بعدما انتهت من كل شيء وتأكدت من سلامة عزيزة وُمهرها الصغير الذي لم تختر له اسم يناسبه بعد تاركة للعمال هناك مسؤولية العناية بالصغير وتنظيف المكان...
كانت تسير بجانب الطبيب الذي بدا عليه الاجهاد والتعب بشكل واضح، شكرته فرح بقوة ثم استأذنها الطبيب عائدا الى المشفى التي يعمل بها بينما اتجهت فرح هي الاخرى عائدة الى منزلها...

كانت تسير بخطى بطيئة نوعا ما فهي الاخرى تعبت كثيرا اليوم...
وفي اثناء سيرها لمحت قطيع من الغنم يسير متجها الى المزرعة، وكعادتها ركضت بلهفة نحو القطيع وحيت العم حسن صاحب هذه الاغنام وراعيها ثم اخذت تسير بجانبه وهي تلعب مع الغنم غير منتبهة الى الوقت الذي مر بسرعة...

كانت هذه عادتها المزعجة كما تقول والدتها فهي تعشق اللعب مع الغنم منذ الطفولة، كانت تسير بجانب العم حسن وهي تحمل معزة صغيرة معها حينما فوجئت بتوقف سيارة سوداء عالية على الجانب معترضة طريقها...
فتح ابن عمها نافذة السيارة الزجاجية بأداة التحكم ليظهر هو وبجانبه اخته التي اخذت تطالعها بنظرات متهكمة لم تعطها فرح اهتماما وهي تسأل ابن عمها: خير يا كامل، ماذا هناك؟!

رد كامل وهو يتفحص منظرها الغير مهندم بملامح غير راضية: اركبي معنا فنحن متجهين الى منزلكم كما تعلمين...
قالت فرح غير موافقة: سوف أوصل الغنم اولا مع العم حسن واعود الى المنزل...
بدا كامل لها عصبيا وهو يرد بنفاذ صبر: أي غنم بالله عليكِ؟ لماذا تعاندين كثيرا؟! اساسا لم يتبق كثيرا على موعد الغداء، هيا اركبي معنا، هل تريدين ان تصلي الى المنزل بعد الضيوف؟!

شعرت فرح بأن كامل معه كل الحق فهي بالفعل تأخرت كثيرا على المنزل واليوم بالذات لا يجب ان تتأخر فهو يوم الجمعة، يوم التجمع العائلي المعتاد في منزل والدها...
وهي يجب ان تصل قبل الجميع حتى لا تخنقها والدتها بسبب تأخيرها...
اتركها يا كامل تلعب مع الغنم، لا تضغط عليها هكذا...

كانت هذه كلمات ابنة عمها المتهكمة والتي جعلت فرح ترميها بنظرات غاضبة قبل ان تشيح بوجهها بعيدة قائلة بعناد فطري: اذهب انت يا كامل، وانا سأعود لوحدي..
اصمتي يا سجى من فضلك...
قالها كامل موبخا سجى التي اشاحت بوجهها الى الجانب الاخر بإمتعاض بينما اكمل كامل بلهجة قوية: اركبي يا فرح ولا تعاندي، لقد بدأ صبري ينفذ منك، الساعة قاربت على الثانية ظهرا وانت تريدين العودة سيرا على الاقدام...

شهقت فرح ما ان سمعت الوقت وادركت بأنها بالفعل تأخرت كثيرا فلم تشعر بنفسها الا وهي تفتح الباب الخلفي للسيارة وتصيح بكامل بسرعة: قد سيارتك بسرعة ارجوك، والدتي سوف تقتلني لأنني تأخرت عليها...
وبالفعل قاد كامل سيارته بسرعة متجها الى منزل عمه...

تبا تبا، هل علينا ان نستضيف هذا الجمع الغفير اسبوعيا في منزلنا؟!
اصمتي الان كي لا تنتبه عليكي امي...
التفتت يمينا ويسارا تتأكد من عدم سماع امها او اي احد اخر لحديثها قبل ان تقول بصوت خافت: ماذا افعل؟! لقد هلكت حقا، منذ الصباح وانا اعمل دون توقف...
ردت اختها بصوت خافت هي الاخرى: معك حق والله.، وانا تعبت ايضا...
بماذا تتوشوشان؟!

شهقت الفتاتان بفزع من اقتحام والدتهما لحديثهما فجأة لتقول احداهما: لقد افزعتني...
تحدثت الام قائلة بنبرتها الحازمة: كفا عن احاديثكما الجانبية التي لا تنتهي، الوقت يمر بسرعة، والجميع على وصول...
ثم اردفت بصوت آمر: ملك جهزي السلطة بسرعة وانت يا مريم اتبعيني لنجهز السفرة...
كله ملك ملك ملك...

قالتها ملك وهي تتأفف بصوت خافت لتلتفت والدتها نحوها وتقول: كفي عن التذمر طوال الوقت وانتبهي على عملك...
ردت ملك بملل: ألا يوجد غير ملك تعمل بهذا المنزل؟! ماذا عن الانسة ليلى؟! لماذا لا تعمل معنا وتساعدنا هي الاخرى، !
لأن ليلى عروس، لا يجب ان نتعبها ابدا حتى يأتي موعد زفافها...
وماذا عن الانسة فرح؟! هل ستتزوج هي الاخرى ونحن لا نعلم؟!
سمعت اسم فرح، من يتحدث عني هنا؟!

كان هذا صوت فرح الذي صدح في ارجاء المكان لتصيح بها والدتها متسائلة: فرح ، أين كنتِ؟! لقد تأخرت كثيرا...
ثم اردفت بملامح ممتعضة: ما هذا المظهر السيء الذي انتِ عليه؟!
واقتربت منها تشم رائحتها قبل ان تصرخ بعدم تصديق: رائحتك تشبه رائحة الاغنام، ماذا افعل بك الان؟! كم مرة اخبرتك ألا تقتربي من الاغنام؟!
مطت فرح شفتيها بإستياء وقالت: حسنا امي يكفي، هذا ليس الوقت المناسب لهذا الكلام، كامل وسجى وصلا وهما في صالة الجلوس مع والدي...

هذا ما كان ينقصنا، لقد جاءت الانسة سجى وبدأت مرحلة الحموضة وثقل الدم...
كانت هذا كلمات ملك المقتضبة لتلتفت نحوها والدتها وترميها بنظرات محذرة قبل ان تزمجر بها بغضب: ملك اخرسي...
اغلقت ملك فمها بكف يدها بينما عادت الام ببصرها نحو فرح وقالت: وانت اذهبي وخذي حمام سريع، رائحتك لا تطاق...
تحركت فرح بسرعة وهي تتنفس الصعداء كونها هربت من والدتها بينما اقتربت مريم من ملك هامسة لها: معك حق، سجى لا تطاق، انها تتصرف كالأميرات وتتحدث معنا بتعالي...

ردت ملك بقرف: ولا تنهض من مكانها ولا تساعدنا، كل ما تفعله ان تضع قدما فوق الاخرى وتأمر هذا وذاك...
اردفت مريم: وتحشر نفسها في احاديث الرجال...
هنا تدخلت الام بينهما قائلة بصوت خافت لكن حاد: يكفي انتما الاثنان، ألا تملان من انتقاد سجى وتصرفاتها، انتبها الى اعمالكما افضل لكما، هيا مريم لنذهب ونعد السفرة...
تحركت مريم تابعة والدتها بينما اخذت ملك تعد السلطة وهي تتمتم ببعض الكلمات التي تدل على مدى استيائها...

وقفت امام المرأة وهي تضع فستان زفافها فوق جسدها النحيل، اخذت تتأمله بعينين لامعتين وابتسامة خافتة تكونت على شفتيها، لقد اقترب موعد زفافها، لم يتبقَ عليه سوى ايام قليلة وهي تستعد له بكل حماس ممكن...
كانت شاردة وهي تفكر في زفافها، كيف سيكون؟! هل سيكون مثلما تريد وتتمنى؟! لقد وعدها جابر بأنه سيكون زفاف الموسم وسوف يتحدث عنه الجميع طويلا وهي تثق به وتعرف جيدا انه يسعى لكل ما يسعدها ويدهشها...

افاقت من شرودها وافكارها على صوت فرح وهي تقترب منها وتقول بتحذير: كفي عن اخراجه من الخزانة وتأمله، يقولون كثرة تأمل فستان الزفاف فال سيء للعروس...
اعادته ليلى بسرعة الى الخزانة وقالت بخوف لا ارادي: ارجوك لا تقولي هذا، لا ينقصني سوى ان يحدث شيء سيء قبل الزفاف، يكفي ان جد جابر توفي بعد خطبتنا بأيام وبسبب هذا تأجل الزفاف لأكثر من عام...

ضحكت فرح بصوت عال من اختها التي تتحرق شوقا لإتمام الزفاف قبل ان تتوقف عن الضحك وتقول: يا الهي، سوف تموتين شوقا لتتزوجي...
اخرسي فرح...
صرخت ليلى بها وهي تشيح بوجهها بعيدا عنها بخجل واضح لتقترب فرح منها وتربت على ذراعها قائلة: حسنا اسفة، لم اقصد إخجالك بهذا الشكل...
حركت ليلى وجهها نحو وقالت بوداعة: سأسامحك فقط لأنني عروس ويجب ان اسامح الجميع...

رفعت فرح حاجبيها قائلة باستغراب: هل ستفعلي كل شيء في الكون فقط لأنك عروسي؟!
تغضنت ملامح ليلى فجأة وهي تشم رائحة غريبة قبل ان تصرخ بها وهي تغلق فمها بإصبعها: ابتعدي عني حالا، رائحتك كلها غنم...
حسنا حسنا سأبتعد، يا الهي لماذا يتعامل الجميع معي وكأنني شيء منبوذ لا يطاق.؟!
قالتها فرح بأسى مفتعل قبل ان تخرج ملابسها من خزانتها وتتجه نحو الحمام...

مر الوقت سريعا وجاء الجميع الى المنزل بدءا من الجد والابناء والاحفاد...
كان هذا اليوم المقدس لعائلة زهران حيث يجتمع الجميع دون استثناء...
يوم ثابت لا يتغير مهما حدث...
تقدمت ليلى تتبعها فرح نحو صالة الجلوس حيث يوجد الجميع هناك، القت التحية على الجميع ثم اقتربت من جدها لوالدتها وقبلت يده كما اعتادوا ان يفعلوا وفعلت فرح المثل...

بعدها جلست ليلى وبجانبها فرح على احدى الكنبات الجانبية بينما استمرت الاحاديث المختلفة بين الجميع حتى جاءت السيدة نجلاء والدتهن تعلن ان الغداء جاهز ويجب ان ينهض الجميع ويتجه الى غرفة الطعام...
تناول الكل طعامهم في جو حميمي خالص وبعدما انتهوا من الغداء عاد الرجال والسيدات الكبار الى صالة الجلوس بينما اخذن الفتيات الصغار يلملمن السفرة ويغسلن المواعين ويعدن الشاي...

وقفت ليلى بجانب كلا من فرح و سلسبيل ابنة عمها اللتان توليتا مهمة غسل المواعين، اخذن يتحدثن بشتى المواضيع حينما اقتربت ملك منهن وقالت لليلى: خذي يا ليلى صينية الشاي واذهبي بها الى صالة الجلوس...
وضعت ليلى يديها حول خصرها وقالت: يبدو انك نسيت بأنني عروس ولا يجب ان اعمل، خذيه انتي...
ردت ملك بضيق: انا لن أخذه، انت لم تفعلِ شيئا منذ الصباح، قومي بتقديم الشاي على الاقل...

تدخلت فرح بينهما منهية الحوار: سأخذه انا يا ملك، انت اذهبي مع البنات في الحديقة، لقد تعبتِ كثيرا اليوم...
ثم حملت صينية الشاي واتجهت الى صالة الجلوس..
بدأت فرح توزع الشاي على الجميع حينما وصلت الى كامل الذي منحها ابتسامة خفيفة قبل ان يأخذ كوب الشاي منها تجاهلتها فرح تماما وهي تستمر في توزيع الشاي على بقية الموجودين...

عادت فرح الى المطبخ ووضعت الصينية في مكانها ثم خرجت من هناك واتجهت الى الحديقة لتجلس مع الفتيات هناك، وجدت فرح بعض الفتيات يلعبن بالكرة والبعض الاخر يجلسن على الجانب و يتسامرن سويا...
حملت فرح الكرة التي وقعت ارضا ثم قالت بصوت مرتفع قليلا موجهة حديثها لجميع الفتيات: ما رأيكن ان ننقسم الى فريقين؟!
تجمعن جميع الفتيات حولها بسرعة وقد اخذهن الحماس الشديد لللعب...
قامت فرح بتقسيم الفريقين ثم بدأن الفتيات باللعب...
كوووول...

هتفت بها سبأ ابنة خالتهن بعدما سددت اولى ركلاتها على الفريق الاخر ليتقدمن بنات فريقها نحوها ويضمنها ويهتفن ببعض الهتافات الحماسية...
بينما اقتربت فرح من سجى التي اصرت ان تأخذ دور حارس المرمى وقالت لها بضيق: بالله عليك ماذا تفعلين انتِ؟! لماذا لا تصدين الكرة بشكل طبيعي؟! سبأ تضرب الكرة يمينا فتتجهين انت بجسدك شمالا...
هذه طريقة لعبي يا فرح.، حتى لو لم تعجبك...

قالتها سجى بعناد لتنقل ملك بصرها بين الاثنتين قبل ان تصيح بهما: لا داعي لهذه الجدالات، لقد بدأت اللعبة...
عادت فرح الى ساحة اللعب وهي تتمتم ببعض الكلمات: اللعنة عليها، انها لا تفهم شيء من كرة القدم وتصر على اللعب معنا كحارس مرمى...
اقتربت منها ملك وهمست لها: لا تهتمي يا فرح، سوف أخذ حقك منها...

وقبل ان تفهم فرح ماذا تقصد كانت ملك تسدد الكرة في رأس سجى التي سقطت ارضا واخذت تصرخ بألم بينما ركضت ملك نحوها وهي تهتف بأسف مصطنع: يا الهي سامحيني، لم انتبه وانا أرمي الكرة عاليا...
وقفت ليلى بجانب فرح التي بالكاد استطاعت تخبئة ضحكاتها بينما نهضت سجى من مكانها وهي تهتف بإنفعال: انا المخطئة لانني لعبت معكن...

في صباح اليوم التالي...
في مكان اخر وتحديدا في العاصمة...
انا لا أحبذ ذهابك الى هناك يا اخي، انت تعرف وضعنا هناك، وما قد يحدث اذا ذهبت...
يجب ان اذهب الى هناك وارى الارض بنفسي...
ولكن انت تعلم ما قد يفعل ذهابك الى هناك...

وهل سأبقى طوال حياتي خائف من الذهاب الى مدينتي التي ولدت بها يا مصطفى.؟!
قال مصطفى بجدية محاولا اقناعه بالعدول عما ينويه: انا افهمك جيدا يا رياض، ولكن عائلة زهران ما زالوا يضمرون لنا الكثير...
قال رياض بجدية: على اساس اننا انهينا جميع ما بيننا من خلافات ودم...
تطلع اليه مصطفى بعدم اقتناع ثم قال: ما رأيك ان يذهب ادهم الى هناك؟!
سأله رياض بإستغراب: ولماذا ادهم بالذات؟!

اجابه مصطفى: يعني اظن ان وجوده هناك سيكون اقل حدة، يعني ان يرو ادهم افضل من ان يرو قاتل اخيهم...
صاح رياض بحدة: انا لن ارسل ابني الى هناك، اخاف ان يستهدفوه اويفعلوا به شيئا...
ابتلع مصطفى ريقه وقال بتردد: ولكن ادهم ذهب بالفعل الى هناك واخذ معه اسامة...
جحظت عينا رياض الذي تسائل بعدم استيعاب: أين ذهب؟!
اجابه مصطفى بتوتر: الى قريتنا...

وقبل ان يكمل كلماته كان رياض يخرج هاتفه من جيبه ويتصل على ادهم بينما اقترب مصطفى منه وقال بسرعةة: لقد حذرته كثيرا من ان يذهب الى هناك، لكنه رفض ان يسمع كلامي...
حاول رياض الاتصال به لكنه وجد الهاتف مغلقا، عاد واتصل بأسامة ليجد هاتفه مغلقا هو الاخر...
رمى الهاتف على الطاولة وقال بعصبية بالغة: هواتفهم مغلقة.، اللعنة ماذا سأفعل؟!
تطلع مصطفى اليه بحيرة قبل ان يقول بعد لحظات: لا تقلق عليهم، سأتصل باقربائنا هناك واطلب منهم ان يستقبلوهم...
ثم خرج مسرعا من المكتب تاركا اخاه يدعو ربه ان تمر هذه السفرة بسلام...

استيقظت فرح من نومها على اصوات غريبة داخل غرفتها...
فتحت عينيها واعتدلت في جلستها لتجد والدتها وليلى ينقلان بعض الاغراض خارج الغرفة...
اخذت تفرك عينيها بأناملها قبل ان تسألهما: ماذا يحدث هنا؟!
اجابتها ليلى وهي تقف واضعة يدها على صدرها: انقل اغراضي التي احتاجها الى منزلي...
هل جاء جابر ليأخذها؟!

سألتها فرح لتجيبها ليلى: كلا ، لقد ارسل ابناء عمه ليأخذونها...
عبست ملامح فرح فهي تكره كل ما يذكرها بأن زواج ليلى اقترب، ليلى اقرب اخواتها لها وشريكتها في غرفتها، هي ما زالت غير مستوعبة كونها ستبتعد عنها بعد اسبوع وتصبح في منزل اخر...
نهضت من مكانها واتجهت الى الحمام لتغسل وجهها وتفرش اسنانها...

خرجت بعد لحظات وهي تجفف وجهها بالمنشفة لتجد والدتها امامها تسألها: اليوم زفاف سوسن، ألن تشتري شيئا لأجله؟!
اجابتها فرح وهي تخلع بيجامتها وترتدي ملابس الخروج: كلا ، لن اشتري شيئا، سأرتدي احد فساتيني القديمة...
الا ان الام رفضت ما قالته: كلا يا فرح، اشتري شيئا جديدا...

تطلعت فرح اليها بحيرة بينما اكملت الام بجدية: جميع اهل القرية هناك، يجب ان يروكي وانت ترتدين شيئا جديدا...
هزت فرح رأسها بتفهم ثم قالت بلا مبالاة: كما تريدين...
اقتربت منها والدتها وسألتها بقلق: ما بك حبيبتي؟! تبدين محبطة!

سالت دموع فرح من عينيها واخذت تبكي بصمت لتحتضنها والدتها وتسألها بخوف: ماذا حدث حبيبتي؟! لماذا تبكين؟!
مسحت فرح دموعها بظاهر كفها واجابتها: انا بخير، لكنني متضايقة بسبب ليلى، كونها ستتركني وتتزوج...
ابتسمت الام براحة وضربتها على ظهرها قائلة: لقد ارعبتني يا فتاة، ظننت هناك شيئا سيء قد حدث...
ثم اردفت بمواساة: لا تبكي حبيبتي، هذه سنة الحياة، انت ايضا ستتزوجين وتتركين هذا المنزل...
ابتعدت فرح من احضان والدتها وقالت: حسنا، لن ابكي من اجل ليلى، حتى لا تتضايق مني..

ربتت الام على وجنتيها بكفي يديها وقالت: المهم ، اذهبي حالا واشتري شيئا لاجل حفل الزفاف...
اومأت فرح برأسها وقالت بإذعان: حاضر...
ثم نهضت من مكانها وخرجت من المنزل ذاهبة الى السوق لشراء الملابس...

لقد وصلنا اخيرا...
قالها اسامة ببهجة وهو يتأمل القرية التي ولد والده ونشأ بها من خلف النافذة...
ابتسم ادهم ببرود قبل ان يقول بجدية: الطريق كان سهلا نوعا ما...
وافقه أسامة: معك حق...
كان ادهم يقود السيارة بتركيز شديد بينما هناك فتاة تسير مع قطيع من الاغنام على بعد مسافة منهما...

كان الشارع شبه خاليا من السيارات حينما فوجئ ادهم بأحد الاغنام يهرب من القطيع ويعبر الشارع بينما ركضت الفتاة وراءه تحاول الامساك به...
كاد ادهم ان يصدم الاثنين لولا انه سيطر على الوضع و توقف في اللحظة الاخيرة لتسقط الفتاة على الارض بعدما امسكت بالخروف اخيرا...
وضع أسامة يده على صدره غير مصدقا لما حدث ثم ما لبث ان خرج من السيارة واتجه نحو الفتاة سائلا اياها بقلق: هل انت بخير؟!
اومأت الفتاة برأسها دون ان ترد بينما صدرها يعلو ويهبط من شدة الرعب...

نهضت الفتاة وهي تحمل الخروف بين يديها ليعاود اسامة سؤالها: هل تريدين مني ايصالك الى مكان ما؟!
هزت رأسها نفيا وهي تتحرك عائدة نحو القطيع بينما اتجهت انظارها نحو ادهم الذي يجلس خلف مقود السيارة يطالعها بنظرات جامدة والذي ما لبث ان اشاح ببصره بعيدا عنها لتبدأ هي بجمع القطيع مرة اخرى بينما عاد أسامة الى السيارة وقال بتوتر: كدنا ان نصدم الفتاة...
تطلع اليه ادهم وقال: انها حقا غبية...

لماذا تقول هذا؟!
اجابه ادهم بتهكم: انها لم تستطع السيطرة على قطيع من الغنم، كادت ان تتسبب لنا بمشكلة تلك الغبية...
ثم قاد سيارته متجها الى الارض التي جاؤوا ليعاينوها...

وقف ادهم في منتصف الارض التي جاؤوا لشرائها، بينما اخذ اسامة يسير داخل الارض وهو يتفحصها...
تقدم مجموعة من الرجال منهم محيين اياهما، بدأ ادهم بالحديث مع الرجال محاولا التوصل معهم الى مبلغ مرضي يشتري من خلاله الارض...
وبالفعل بعد عدة مفاوضات استقروا على المبلغ الذي يرضي الجميع...

قرر ادهم ان يعود الى العاصمة فهو انتهى من مهمته لكن صاحب الارض اصر عليه ان يحظر زفاف ابنته الأمر الذي اضطر ادهم الى يوافق على مضغ بينما كانت فرحة اسامة كبيرة فهو سيحظر زفاف شعبي كما يظن...
ذهب الاثنان الى احد الفنادق القريبة، ثم اتصل ادهم بوالده مطمئنا اياه انه بخير واخبره عن حفل الزفاف واعدا اياه بأنه سيعود مباشرة بعد انتهائه...

مساءا...
وقفت فرح امام المرأة تتأمل ثوبها النبيذي بملامح راضية، كان ثوبا طويلا يصل حتى كاحلها ذو حمالات رفيعة ارتدت فوقها شال ستان من نفس اللون، تركت شعرها البني منسدلا على ظهرها وارتدت حذاء ذو كعب عالي ليبرز طولها الفارع اكثر مع القليل من المكياج على وجهها...
تقدمت منها ليلى وهي تصفر بإعجاب وقالت: اوه، ما كل هذا الجمال يا انسة فرح؟!

ابتسمت فرح وهي تتأمل ثوبها الاخضر المماثل للون عينيها لتهمس لها بحب: ليس اجمل من ثوبك انسة ليلى...
ربتت ليلى على ذراعها بينما فُتحت الباب ودلفت الى الداخل ملك واخذت تدور اماميهما بفستانها الزهري القصير قبل ان تتوقف وتسألهما: ما رأيكما بي؟!
رائعة للغاية...

قالتها فرح وهي تقرصها من وجنتها لتبتسم ملك بسعادة على اطراء اختها بينما تطلعت ليلى الى الساعة المعلقة على الحائط وقالت بنبرة مستعجلة: هيا يا فتيات لنذهب الان، لقد تأخرنا كثيرا...
قالت ملك بسرعة: السائق في انتظارنا...
بينما سألت فرح: هل مريم جاهزة؟!
اجابتها ملك: مريم ذهبت مع والدي ووالدتي في سيارتهما...
تلك الخائنة...

قالتها فرح وهي تتجه خارج الغرفة يتبعها كلا من ليلى وملك...
وصلن الفتيات الى الحفل واتجهن مباشرة الى الطاولة التي يوجد عليها عائلتهن...
جلسن سويا وبدأت الاحاديث بينهما...
صدحت الاغاني الشعبية في المكان فبدأ الرجال والنساء بالرقص...
قبضت ملك على يد فرح وطلبت منها ان تشاركها بالرقص لتنهض فرح معها ويبدئا بالرقص سويا ثم اتجه نحويهما بعض الفتيات الاخريات واخذن يشاركهن الرقص...

اما في الجهة الاخرى فقد وقف كلا من ادهم واسامة يتابعان الحفل المقام في احدى ارقات القاعات بإندهاش فهم لم يتوقعوا ان توجد قاعات راقية كهذه في القرية، كما انهم لم يظنا بأن الناس هنا بهذا الشكل المرتب والراقي، فقد خالف هذا الحفل جميع توقعاتهما...
كان ادهم يتابع الحفل بإستمتاع غريب عليه حينما لكزه اسامه من ذراعه مشيرا الى فرح التي لاحظ وجودها...
تطلع ادهم الى حيث يشير واخذ يتمعن النظر اليها حيث كانت الاخيرة ترقص بحماس غير منتبهة لاحد...

تأملها ادهم من رأسها حتى اخمص قدميها بإعجاب لم يستطع ان يخفيه، كانت جميلة للغاية بالرغم من نحافتها المفرطة قليلا، وجهها طويل قليلا نحيل للغاية بحيث تبرز عظام وجنتيه، عيناها زرقاوتان واسعتان للغاية، فمها ممتلئ، وانفها رفيع، كانت جميلة بحق وما ازاد جمالها هو ذلك الفستان ذو اللون المميز الذي ترتديه...
وقبل ان يستدير لأخيه يخبره برأيه بها كان هناك صوت رصاصة صدح عاليا في ارجاء المكان مخترقا صدر احدهم...

تاااابع اسفل
 
 



04-02-2022 01:04 صباحا
مشاهدة مشاركة منفردة [1]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية عروس الثأر
رواية عروس الثأر للكاتبة سارة علي الفصل الثاني

بعد مرور اسبوع...
في احدى المستشفيات الحديثة في المدينة...
كان أسامة يجلس على السرير ويحيط به جميع افراد عائلته من والديه واخوانه...
كانت والدته تتحدث مع أدهم ووالده بعصبية واضحة تؤنبهما على اخفاء الامر عنها كل هذا الوقت فهي لم تعرف بأن ابنها تعرض لرصاصة نارية اخترقت صدره الا قبل يومين بعدما اتفق كلا من أدهم ووالده اخفاء الامر عن الجميع وعدم إقلاقهم حتى يسترد أسامة صحته ويصبح افضل...

يكفي يا أسما، لقد اخبرتك بأننا اضطرننا لفعل هذا، لم نود أن نقلقكم...
قالها رياض بنفاذ صبر من زوجته التي تتحدث في نفس الموضوع منذ اكثر من ساعة دون توقف فهي مستمرة في محاسبة الاثنين على ما فعلاه...
ماذا يعني يكفي؟! ابني يكون بين الحياة والموت وأنا لا اعلم...
تحدث أسامة محاولا انهاء الحوار: ارجوكما يكفي، لقد حدث ما حدث، لا داعي لتكبير الأمور...

الا ان أسما كانت مصرة على الاستمرار في وصلة تأنيبها لهما حيث قالت موجهة حديثها لأدهم هذه المرة: وانت يا سيد ادهم، كيف استطعت ان تفعل شيئا كهذا؟! ألم تفكر بي وبوضعي؟!
تطلع اليها ادهم بعينين ناعستين فهو لم ينم منذ وقت طويل قبل ان يقول بنبرة هادئة متململة: انا متعب للغاية، ولن اضيع وقتي في تفسير ما حدث، أكملي شوط المحاسبة هذا مع والدي فهو من طلب مني اخفاء الامر عنك ريثما ُيشفى أسامة...

قالها وخرج من الغرفة ليقول رياض بصوت خافت لا يسمعه احد: اللعنة عليك يا ادهم، كم انت رجل خبيث، تورط والدك معها بينما انت صاحب الفكرة الأساسية...
ماذا تقول يا رياض؟!

سألته أسما حينما لاحظته يحدث نفسه بصوت خافت ليبتسم لها رياض لا اراديا ويقول بسخرية: اقول كم انت امرأة مسالمة ولطيفة...
ردت أسما بعصبية: لا تضحك علي بهذا الكلام...
نهض أيهم من مكانه وقال بملل: انا سأخرج فلدي بضعة اعمال...

ثم اقترب من أسامة الذي قال بتوسل: خذها معك ارجوك...
لكن أيهم ابتسم وهو يرد عليه: ليكن الله في عونك، هذه بداية الاسطوانة فقط...
خرج أيهم من المكان بينما استمرت اسما في تأنيب زوجها تحت نظرات أسامة المشفقة على والده...

في الخارج...
كان ادهم يسير متجها نحو المنزل وهو يشعر برغبة كبير في النوم فهو ظل مع أسامة طوال فترة بقائه في مستشفى القرية ولم يتركه لحظة واحدة...
كان يسير في ممرات المشفى حينما سمع صوت أيهم يناديه وهو يجري وراءه فتوقف في مكانه والتفت نحوه متطلعا اليه بتعجب ثم ما لبث ان سأله ما ان وصل أيهم اليه: نعم يا أيهم، ماذا هناك؟!

تحدث أيهم بنبرة جدية: خذني معك في سيارتك وسوف نتحدث في الطريق...
وبالفعل ركب أيهم بجانب أدهم في سيارته متجهين الى منزلهم...
تحدث أيهم بنبرة جادة: ماذا سيحدث الان؟! كيف ستتصرفون مع عائلة زهران؟! لقد كادوا ان يقتلوا اخينا...

تطلع اليه أدهم للحظات قبل ان يعود ببصره ناحية الامام ويقول: لا اعلم، الموضوع بأكمله لدى والدك، هو سيحدد ماذا سيحدث في الفترة القادمة...
رد أيهم بشيء من العصبية: ما حدث كان جنون بحق، كيف يتجرئون على فعل شيء كهذا؟!
المشكلة انه لا يوجد دليل عليهم، الشرطة جاؤوا وهم يعلمون بأنهم وراء الحادث، ومع هذا لم يستطيعوا فعل شيء...
لم يحققوا معهم حتى؟!

تسائل أيهم بدهشة ليرد أدهم عليه: اقول لك بأنه لا يوجد دليل واحد عليهم وانت تطلب منهم ان يحققوا معهم...
ولكن كان عليكم ان تتهموهم بأنهم وراء ما حدث، وحينها كانوا سيحققون معهم بكل تأكيد...
كان أيهم يتحدث بنرفزة شديدة وهو يفكر بأن من حاول يقتل اخيه حرا لم يحاسب...
الامر ليس بهذه السهولة يا أيهم، كما ان والدي من طلب مني عدم ذكر اسم اي احد في التحقيق...
انا حقا لا افهم والدي وكيف يفكر...

قالها أيهم بعدم ادراك حقيقي لما يحدث ليرد أدهم بجدية: انه لا يريد ان يدخل في مشكة جديدة مع عائلة زهران.، يريد الخروج باقل خسائر ممكنة...
كان ادهم غير راضي عما يقوله ففي نظره السكوت عن الحق ضعف، لكن والده كان مصرا على ما يفعله ولم يستطع أدهم سوى مجاراته...

في القرية...
ميرا هيا استيقظي...
صوت طفولي مزعج ايقظها من حلمها الجميل، فتحت عينيها بإنزعاج شديد، لقد اقتحم هذا المزعج حلمها ومنعها من اكماله، اعتدلت في جلستها وهي ترمق اخيها الصغير بنظرات مشتعلة قبل ان تهتف به بغضب: من أرسلك إليَّ لتوقظني؟!
اجابها الصغير وهو يبتسم بإستمتاع غير مهتم بنظراتها الغاضبة ونبرتها المنفعلة: إنها ماما.، أخبرتني أن أوقضك حتى لا تتأخري على تجمع البنات...

زفرت أنفاسها بقوة وقالت بأسف: لقد أيقظتني من اجمل حلم رأيته في حياتي...
اقترب الصغير منها وجلس بجانبها على السرير ثم سألها بفضول طفولي: بمن كنت تحلمين؟!
تنهدت بصوت مسموع قبل ان تلمع عيناها و هي تقول: وهل يوجد غيره؟! بطل أحلامي وزائرها الدائم...

تطلع اليها الطفل بحيرة قبل ان يهمس متسائلا بعدم فهم: ماذا تقولين يا ميرا؟! انا حقا لا افهم عليك...
اغمضت ميرا عينيها وقالت وهي تبتسم بحالمية: ومن سيفهم عليَّ اصلا؟! لا احد...
ثم اردفت بعدما فتحت عينيها وقد وعت اخيرا كونها تكلم اخيها الصغير ذو السبع سنوات: ما علاقتك انت أيها الصغير؟! لماذا تحشر نفسك في أمور اكبر منك؟!

وقف الطفل على السرير وقال وهو يقفز بجنون: ميرا مجنونة، مجنونة ميرا...
قبضت ميرا على ياقة قميصه وأسقطته على السرير بجانبها وقالت بأنف غاضب: من هي المجنونة أيها البغيض؟!
كان الطفل يحاول كتم ضحكاته بكف يده بينما يشير بيده الاخرى نحوها مؤكدا انها المجنونة الوحيدة في هذا المكان...
انقضت ميرا عليه تتغدغه وهي تهتف به: أيها المشاكس، سوف أقتلك...

توقفت ميرا عما تفعله حينما شعرت بوالدتها تقف فوق رأسيهما...
رفعت وجهها الضاحك نحو والدتها وقالت: صباح الخير ماما...
لم تجبها الام بل تسائلت بضيق: ماذا يحدث هنا ؟!...
بعدها اردفت بشيء من الحدة: أنتما الاثنان ألا تكفان عن تصرفاتكما الطفولية هذه؟!
ثم قالت وهي تشير بإصبعها نحو الصغير: مصطفى، انهض وغير ملابسك، سوف نذهب الى بيت خالتك...

واشارت لميرا: وانتِ سوف تتأخرين على موعدك مع البنات...
نهضت ميرا من مكانها وقالت وهي تغرس اصابعها في شعرها: لا تقلقي، لن اتأخر عليهم، ما زال الوقت مبكرا...
ردت الام بجدية: حبيبتي يجب ان تجهزي نفسك وتاخذي حمام سريع ايضا...
اقتربت ميرا منها وقرصتها من وجنتها قبل ان تقول بعبث: حاضر دودي، أنتِ تأمرين...

ضربتها الام على وجنتها بمزاح وقالت ببغض: كفي عن مناداتي بهذا الاسم السخيف، وإلا سأناديكي بمرمر...
ضربت ميرا الارض بقدميها وقالت: اسمي ميرا، ودلعي ميرو، من أين جلبتهم مرمر هذا ايضا؟!
ومن أين جلبتي أنتِ دودي؟!
احاطت ميرا خصرها بذراعيها وقالت: وما به دودي؟!
قلدتها الام بطفولية: وما به مرمر؟!
اسم بغيض...

قالتها ميرا لترد الام بجدية: اذا لنعقد اتفاق صغير، سوف تلغين اسم دودوي من الوجود، تنسيه تماما، وانا سأنسى اسم مرمر ايضا...
ابتسمت ميرا وقالت وهي تمد يدها نحو والدتها: اتفقنا...
اتفقنا...

كانت هذه هي طبيعة العلاقة بين ميرا ووالدتها دينا، علاقة صداقة اكثر مما هي علاقة ام وإبنتها، فميرا كانت الابنة الوحيدة ولا تمتلك صديقات مقربات غير بنات عمها لذا فكانت والدتها الاقرب إليها الامر الذي جعل الترابط بينهما قوي ومتين وخصوصا دينا بشخصيتها العفوية المرحة...
خرجت دينا من غرفة ابنتها لتقفز ميرا نحو حاسوبها الشخصي، فتحت الحاسوب وتحديدا موقع الفيسبوك واخذت تقلب فيه حينما لمحته حسابه الشخصي نشط الان...

ضغطت على حسابه وبعثت رسالة له تقول فيها: ( صباح الخير )
جاءها الرد بعد لحظات: ( صباح الورد، )
ابتسمت لا اراديا قبل ان تاتيها رسالة اخرى منه: ( لماذا مستقيظة مبكرا في يوم الاجازة؟! )
اجابته: ( لانني سأجتمع مع البنات اليوم، )
( هل ما زلتم متمسكين بهذه العادة؟! اجتماع اسبوعي في أحد الاماكن الجديدة، )
( نعم، ولما سنغيرها؟!)
ارسلتها له ليرسل لها: ( كيف حال خالي و زوجة خالي؟!)
اجابته على الفور: ( انهما بخير، وانت كيف حالك؟!)
( انا بخير، المهم طمنيني عنك، ما اخبار دراستك؟!).

ابتسمت بسعادة كونه يهتم لأمرها ويتذكر أمر دراستها، اجابته و ابتسامتها تتسع تدريجيا: ( جيدة للغاية، الاولى كالعادة، )
ارسل لها إيموشن يبتسم قبل ان يرد: ( احسنتي صغيرتي.، صحيح هناك هدية ارسلتها لك، ستصل بعد يومين الى منزلي، لا تنسي ان تأخذيها، )
وضعت كف يدها على قلبها تتنهد بحب فهاهو لا ينساها ابدا ويذكرها دائما...
( انتظرها بكل شوق.، ).

ارسل إيموشن يبتسم لتبتسم بحب وهي تغلق الحاسوب، نهضت من مكانها واتجهت نحو سريرها، تمددت عليه وهي شاردة في حبها الوحيد، نعم الوحيد فهي منذ ان وعت على هذه الدنيا وهي تحبه...
وجدت نفسها تحبه، وكأن حبه مكتوب عليها منذ الازل، ابتسامة رقيقة تكونت على شفتيها وهي تتذكر علاقتهما سويا وكيف كانت قبل سفره، كيف كان يتحدث معها ويدللها ويمنحها الكثير من الالعاب والهدايا دونا عن غيرها؟! كانت مميزة بالنسبة له..

مثلما كان هو اساس كل شيء بالنسبة لها...
افاقت من شرودها على صوت هاتفها يرن، مسكت الهاتف وضغطت على زر الاجابة لتقول بسرعة: نعم رزان...
جاءها صوت رزان يقول: لا تتأخري علينا.، انهضي وغيري ملابسك بسرعة حتى نذهب بسرعة...
ردت عليها ميرا: حسنا سأكون موجودة عندك بعد نصف ساعة...

ثم اغلقت الهاتف معها ونهضت بسرعة من مكانها واتجهت الى خزانة ملابسها، اخرجت الملابس التي اختارتها مسبقا والمكونة من بنطال جينز برمودا وقميص اخضر قطني، وضعتهما فوق السرير ثم حملت منشفتها ودخلت الى الحمام.، خرجت بعد حوالي عشر دقائق وهي تحيط جسدها بالمنشفة، جففت شعرها جيدا بمنشفة اخرى ثم خلعت المنشفة وارتدت ملابسها على عجل، وقفت امام المرأة تسرح شعرها الاحمر الطويل، وضعت عطرها المفضل وخرجت من الغرفة بعدما حملت حقيبتها واتجهت الى منزل عمها حيث ينتظرنها بنات عمها...

هل إنتهيتم أم بعد؟!
كان هذا سؤال ليلى وهي تدلف الى غرفة اختيها ملك و مريم...
وجدت مريم قد انتهت بالفعل من تحضير نفسها اما ملك فقد خرجت من الحمام وهي تعدل من وضعية قلادتها الطويلة...
لم يتبق لي سوى القليل...
قالتها ملك بسرعة وهي تقف امام المرأة تعدل من هندمة ملابسها...
يا الهي يا ملك، دوما ما تتأخرين...

قالتها ليلى بضيق جلي لترمقها ملك بنظرات محذرة من ان تكثر الحديث قبل ان تضع احمر الشفاه اللامع على شفتيها...
ولجت فرح هي الاخرى الى الداخل وقالت بنبرة مستعجلة: هيا سوف نتاخر على البنات...
هل ستاتي سلوى اليوم؟!
سألتها ملك وهي تضع عطرها على رقبتها وملابسها لتهز فرح رأسها نفيا وهي تجيب: للاسف لا تستطيع المجيء، الحمل اصبح يتعبها كثيرا...
انا جاهزة...
قالتها ملك بسعادة لتهنف ليلى بسرعة: هيا بنا اذا...
خرجن الفتيات الاربعة من الغرفة متجهات الى مكان التجمع المعتاد...

على ضفة احد الانهار التي تمر بالقرية تجمعن فتيات عائلة زهران سويا...
كان يوم السبت هو يوم تجمعهن المعتاد، حيث يتجمعن كلهن في احد الاماكن الترفيهية ويأخذن معهن مختلف اصناف الطعام و اشياء اخرى للعب وتناول الطعام...
فرشوا شرشف كبير على الارض القريبة من النهار ورتبوا اغراضهن قبل ان يجلس البعض منهن على الشرشف يتسامرن سويا والبعض الاخر يلعب التنس والبعض يلعب كرة القدم وهكذا كن يقبضين الوقت باستمتاع شديد حتى ياتي المساء فيعودن الى منازلهن...

توقفت فرح عن اللعب بكرة القدم وتوجهت نحو ليلى التي تجلس لوحدها منفردة تتأمل النهر بملامح شاردة يبدو عليها الحزن...
اقتربت فرح منها وجلست بجانبها متسائلة بقلق: هل حدث شيء ما يا ليلى؟! تبدين قلقة...
تنهدت ليلى بصوت مسموع قبل ان ترد: خائفة يا فرح، خائفة من ان يحدث شيء ما قبل الزفاف...
عقدت فرح حاجبيها متسائلة بحيرة: ولماذا سيحدث شيء سيء مثلا؟! من أين تأتيكِ هذه الافكار لا افهم؟!
اجابتها ليلى: ألا ترين الاوضاع في البلدة، انها سيئة للغاية منذ محاولة قتل ابن الهاشمي، يبدو الجميع متأهب لحدوث شيء ما...

ربتت فرح على كف يدها وقالت محاولة ابعاد هذا الشعور السيء عنها: لا تقلقي، انا واثقة من ان زفافك سيتم بخيرر، وسيكون افضل زفاف يحدث في العائلة كما تمنيتي دوما...
ابتسمت ليلى بضعف وقالت: اتمنى هذا...
احتضنتها فرح بحب لتسمع صوت يقول بحزن مفتعل: احضان هكذا امامي.، في العلن، دون مراعاة لمشاعري...

ابتعدت ليلى عن احضان فرح وقالت وهي تفتعل الحرج بينما تغطي وجهها بكف يدها: يا الهي.، لقد فضحنا...
مجانين، حقا مجانين...
قالتها فرح بسخرية لتجلس الفتاة بجانبها وتقول: لا يوجد مجنون غيرك هنا...
ردت فرح عليها: احترمي نفسك يا فتاة، راعي فرق السن بيننا على الاقل...
ضربتها الفتاة على ذراعها وقالت بعبث: حاضر ماما...

التفتت فرح نحوها وقالت بعصبية مصطنعة: نعم، من ماما؟! هل تقصدين بأنني عجوز أيتها المشاغبة؟!
عجوز، !!
ردتتها الفتاة بذهول لتومأ فرح برأسها وهي تقول: نعم، انظري الى سنك، سوف تدخلين الجامعة العام المقبل...
هذا يعني ان أمي التي هي عمتك عجوز...
ابتلعت فرح ريقها وقالت بابتسامة متوترة: رزان عزيزتي، انا امزح معك...
ثم اردفت بنبرة شبه باكيةة: بالله عليكِ لا تخبري عمتي بما قلته، لقد كنت امزح...
والله ساخبرها، واخبر الجميع، اسمعوني...

وضعت فرح كف يدها على فمها وهي تقول: اخرسي أيتها المعتوهة، تريدين فضحى أليس كذلك؟!
قهقهت ليلى عاليا وقالت: فرح اتركيها، سوف تخنقين الفتاة...
الا ان فرح ردت بعناد: انها تريد فضحي، اذا علمت حنون بما قلته سوف تقسمني الى نصفين، ولن تتردد دقيقة واحدة في فعل هذا...
دفعتها رزان بعيدا وقالت: حسنا لن اخبرها، لكن فقط ابعدي يدك عني...
تنهدت فرح براحة قبل ان تهتف بها: لقد افزعتني يا فتاة...
وما إن اكملت فرح كلماتها حتى قفزت رزان من مكانها وقالت وهي تركض بعيدا بينما فرح تركض ورائها: سوف اخبرها بكل شيء...

في منزل ابراهيم زهران...
الجد الاكبر لعائلة زهران كان جميع رجال العائلة مجتمعين يناقشون ما حدث قبل أسبوع ويحاولون ايجاد حل سريع له قبل ان تتفاقم المشكلة...
تحدث ابراهيم الجد قائلا بنبرته الرصينة المعتادة: اسمعوني جيدا، نحن يجب ان نضع حدا لما يحدث، عائلة الهاشمي يريدون ان يأخذوا بثار ابنهم بأي طريقة، وانا لا اريد ان يمسس أيا منكم سوءا...

تطلع الابناء والاحفاد اليه بانتباه شديد قبل ان يهتف كاظم وهو الحفيد الاكبر للعائلة: وماذا سنفعل يا جدي؟! هل يجب علينا ان نتحمل ذنب لم نقم به؟!
نعم يا كاظم، سنتحمل ما حدث لان الجميع يظن اننا وراءه، وحتى لو حلفنا لمئة عام بأننا لسنا وراءه فلن يصدقنا احد...
قالها الجد حاسما الموضوع ليرد كامل بدوره: وما المشكلة ان كنا وراءه؟! أليس هذا حقنا؟! ألم يقتل رياض الهاشمي عمنا؟!
قاطعه والده حسين: كامل لا تتحدث هكذا، انت ستثبت التهمة علينا بطريقة كلامك هذه...

الا ان كامل اصر على حديثه: انا لا احاول ان اثبت التهمة بقدر ما احاول ان أبين بأن هذا حقنا، بيننا وبين هذه العائلة دم كبير، دم لن ينتهي مهما حدث...
قال الجد ابراهيم بصرامة منهيا هذا الحوار: حسنا، هذا ليس بالوقت المناسب لهذه الأحاديث، انا جلبتكم الى هنا لاخبركم بقراري، طوال اسبوع وأنا أفكر بما حدث، تحدثت مع الشيخ عبد الله، وهو قدم لي مقترحا، وانا وافقت عليه..
تطلع الجميع اليه بترقب قبل ان يقول حميد ابن اخيه ووالد ليلى وفرح: تحدث يا عمي، نحن نسمعك...

سعل الجد بشدة قبل ان يقول بجدية: لقد قررنا ان ننهي هذا الثأر بشكل نهائي، والحل الوحيد لإنهاؤه هو الزواج...
حملق الجميع به بصدمة غير مستوعبين لما يسمعونه على لسان جدهم الذي اكمل بنبرة قوية: لا تنظرون اليَّ هكذا، هذا قرار نهائي، كاظم سيتزوج من ابنة رياض الهاشمي، وفرح ستتزوج من ابنه...
ماذا؟!

صرخ بها كامل بعدم استيعاب قبل ان ينتفض من مكانه ويهتف بغضب: مستحيل، فرح لي ولن يأخذها احد مني...
ضرب الجد بعصاه على الارض وقال بصوت صارم: لقد قررت وانتهى يا كامل، لقد تأخرت كثيرا في طلبك هذا...
تحدث كاظم بدوره: ولكن يا جدي هذا قرار صعب، يعني...
قاطعه الجد بجدية: انت اكثر من يؤمن بالعادات، وما نفعله هو جزء من العادات...
فرح ما ذنبها يا عمي؟! كيف سنضحي بها بهذه السهولة؟!

كان هذا كلام حميد الذي تحدث اخيرا بعدما استوعب قرار عمه ليهتف الجد به: هذا نصيبها يا حميد، كما ان عائلة الهاشمي سيضحون بإبنتهم ايضا...
ثم نهض من مكانه ووقف في وسط الصالة مستندا على عكازته وقال منهيا الموضوع: لقد اتخذت قراري وانتهى، وانتم سوف تقبلون بكل ما قررته، ومن سيجادلني يعتبر نفسه خارج هذه العائلة..

ثم تحرك خارج المكان تاركا اياهم مصدومين مما يسمعونه، هذه كانت طبيعة ابراهيم، فهو يقرر دوما ويأمر، والجميع بالطبع ينفذ، لا احد يجرؤ على مقاطعته او عدم تنفيذ كلامه، كلامه بالنسبة لهم قانون واجب تنفيذه...

لحق حسين بإبنه كامل وهو يهتف به: كامل انتظر...
توقف كامل في مكانه بينما اقترب منه والده وقال: اهدأ يا بني قليلا ودعنا نتحدث...
رد كامل بعصبية: بماذا نتحدث يا ابي؟! ألا ترى ما حدث؟! فرح ستتزوج من ابن الهاشمي...
قال حسين بجدية: يا بني هذا قرار جدك.، ونحن لا نستطيع ان نعارضه...

لماذا فرح بالذات دونا عن غيرها؟! لديه الكثير من الحفيدات، لماذا اختار فرح؟!
زفر حسين انفاسه بقوة وقال: لا اعلم، ولكن سأقولها مرة اخرى هذا قراره...
لقد حكم جدي عليً بالإعدام بقراره هذا...
بني، اهدأ من فضلك...
قالها محاولا تهدئته ليبتعد كامل عنه ويتجه خارجا من المكان بأكمله تاركا والده يتابعه بنظرات متحسرة...

في صباح اليوم التالي...
دلفت الى شركة عائلتها واخذت تسير بخطواتها ذات الصوت العالي بسبب كعب حذائها العالي الرفيع...
كانت ترتدي تنورة سوداء قصيرة فوق ركبتها بقليل تنسدل على جسدها كجلد ثاني فتبرز منحنياتها الانثوية الصارخة، فوقها قميص ابيض بأكمام شفافة، شعرها البني مرفوع بشكل تسريحة عالية تبرز ملامحها الانثوية الصارخة...

اخذت انظار الموظفين تتجه نحوها ما بين اعجاب شديد بجمالها وخوف منها بسبب تحكمها وعصبيتها المفرطة...
سارت متجهة نحو مكتبها في الطابق السادس، ركبت المصعد وضغطت على رقم ستة، خرجت من المصعد واتجهت نحو مكتبها، دلفت اليه بعدما القت تحية مقتضبة على السكرتيرة، جلست على مكتبها لتجد السكرتيرة تقترب منها وتضع امامها مجموعة ملفات لتعمل عليها...

اخذت الملفات وبدأت تعمل عليها فورا حينما دلف ادهم الى الداخل وتقدم منها راميا احد الملفات في وجهها...
رفعت نظراتها المشتعلة نحوه لتجده يسألها بنبرة غليظة: لماذا لم توقعي على العقد؟!
اخذت تعبث بالقلم الموضوع على الطاولة قبل ان تجيبه ببرود: لأنني غير مقتنعة به...
الاء، ما معنى هذا الكلام؟! الجماعة ينتظرون تواقيعنا حتى يبدئوا بتنفيذ المشروع...

ضربت المكتب بكفي يديها ونهضت من مكانها قائلة بصوتها الحاد الرفيع: وانا قلت لن اوقع، هذا المشروع لم يقنعني بتاتا، هل ستجبرني عليه وانا لا اريده؟!
اقترب ادهم منها وقال: انت ترفضين المشروع فقط لكونه من طرفي، تحاولين ان تغضبيني بأي شكل...
ابتسمت بسخرية وقالت: اذا كنت تظن هذا بي فهذه مشكلتك وليست مشكلتي...
سوف توقعين يا الاء.، لا يوجد امامك خيار اخر...
ردت بتحدي سافر: لن اوقع.، وافعل ما شئت...
حسنا لنرى اذا...

قالها ادهم بتوعد ثم خرج من مكتبها لتجلس الاء مرة اخرى على كرسيها وتفكر فيما حدث بينها وبين ادهم...
لم تكن هذه المرة الاولى التي يتشاجران بها ويتعاندان، فعلاقتهما اسوء مما يتخيلها اي احد، ولكنها لا تبالي او تهتم بهذا، فالسبب في كل هذا هو ادهم نفسه وهو يعرف هذا جيدا ويدركه...
ابعدت تلك الافكار عن رأسها وعادت بتركيزها نحو اعمالها من جديد حينما دلفت السكرتيرة اليها تخبرها بقدوم أحدهم، رفعت نظراتها الصلبة نحو السكرتيرة وقالت بصوت قوي: ادخليه...
دلف الشاب بعد لحظات وتقدم نحوها وهو يحمل باقة ورد حمراء...
تفضل...

اشارت له ليجلس على الكرسي المقابل له فيسألها: كيف حالك؟!
ماذا تريد.؟!
ابتلع ريقه من سؤالها الجاف فأجابها بتوتر: اشتقت اليك الاء، اشتقت اليك كثيرا...
قبضت على القلم الموضوع بين يدها بقوة حتى كادت ان تكسره لترد بقوة: لا تتحدث معي بهذه الطريقة، اذا كان لديك شيء قله، وإلا فإصمت...
الاء انا ما زلت احبك...

ردت عليه بنبرة قاسية: لا تتحدث عن الحب، انت بالذات لا تتحدث عنه، وكلانا يعرف لماذا...
اذا انت لن تسامحيني، لماذا لا تفهمين؟! انا فعلت كل هذا لأجلك...
ابتسمت بسخرية قبل ان تهتف بتهكم: كف عن اختراع الاكاذيب بالله عليك...
الاء انا...

قاطعته بصرامة: إما ان تقول شيء مهم يخص العمل وإلا فإخرج منها قبل ان اطردك...
تطلع اليها بنظرات مترجية لتهتف به وهي تخفض بصرها نحو الملف الموضوع امامها: المقابلة انتهت...
نهض من مكانه ووضع باقة الورد على الطاولة خاصتها ثم خرج من المكان تاركا اياها تطالعه بنظرات كارهة قبل ان تنهض من مكانها وتحمل باقة الورد وترميها ارضا داعسة عليها بقدمها...

دلف ادهم الى غرفة مكتبه بعدما اغلق الباب خلفه بقوة...
جلس على كرسيه خلف مكتبه وهو يكاد ينفجر من شدة الغضب...
لم يتوقع يوما ان تصل الامور بينه وبين الاء الى هذا الحد...

لكنها دائما ما تثير استفزازه وتتحداه بشكل مقصود.، لقد مل من اساليبها المعتادة لإغضابه وعناده.، هذا المشروع بالذات يريده ان يتم، لقد بذل به مجهودا خرافيا ولا ينوي ان يتركه دون ان يتممه بشكل كامل وكما يريد ولن يسمح لاي احد ان يقف في وجهه...

حمل هاتفه وفتحه، اخذ يبحث في هاتفه عن اسم معين حالما وجده ضغط بزر الاتصال عليه، لحظات قليلة وجاءه الرد بان الهاتف مغلقا، رمى الهاتف على مكتبه وهو يزفر بإحباط، لا ينقصه الا مشكلة جديدة فوق رأسه هو في غنى تام عنها، رمى الهاتف على مكتبه واخذ يفكر في حل لهذه المشكلة حينما لمعت في رأسه فكرة جعلته يحمل هاتفه مرة اخرى ويرن على رقم احد محلات الورود التي يتعامل معها بشكل دائم...
ارسل باقة ورد الى العنوان الذي سأرسله اليك واكتب عليه آسف...

مساءا
جلس كلا من ادهم وأيهم مع والدهم في مكتبه...
تنحنح الاب مصدرا صوتا شد انتباههم ثم قال بنبرة جادة للغاية: هناك موضوع هام يجب ان نتحدث به...
ما ان انهى كلامه هذا حتى فُتح الباب ودلف أنس الى الداخل...
قال أنس بصوت حرج بعدما اتجهت انظار الثلاثة نحوه: جئت لأشارككم جلستكم هذه...
رد الاب بإختصار محاولا عدم الخروج عن الموضوع الاساسي الذي يريد التحدث به: اجلس يا أنس...

قالها مشيرا الى الكنبة الذي يجلس عليها أيهم بينما يترأس الاب مكتبه ويجلس ادهم على الكرسي المجاور لمكتبه مقابلا له...
تحدث يا ابي، جميعنا نسمعك...
قالها أدهم بجدية جعلت الاب يسعل قليلا قبل ان يبدأ في حديثه: انتم تعرفون العداء القديم بيننا وبين عائلة زهران، مثلما تعرفون بأنني متهم بقتل اخيهم، وهذا أثار الكثير من المشاكل والعداء بيننا.، والنتيجة ان أخوكم أسامة كان احد ضحايا هذا العداء، وإن أبوا ان يعترفوا بهذا...

قاطعه ادهم وقد بدأ يفقد هدوءه: ماذا ننتظر يا ابي؟! لنبلغ الشرطة كي يحققوا معهم ويقبضوا على الجاني...
قال الاب بنبرة حازمة: لا تقاطعني يا ادهم، ثانيا هل تظن الموضوع سهلا، أين الدليل على أنهم كانوا وراء ما حدث؟!
اجابه ادهم بسرعة: الجميع يعرف طبيعة الخلافات التي بيننا والثأر القديم الذي يجمعنا...

نهض الاب من مكانه وسار نحو النافذة التي تقع في الحائط خلف مكتبه ووقف يتأمل ما خلفها موليا ظهره لأبناءه قائلا: حتى لو، هذا ليس بدليل كاف...
التفت نحو ابناءه مرة اخرى مكملا: نحن الان في مشكلة حقيقية، هناك دماء أريقت من جديد، واذا لم نحل هذه المشكلة سوف تراق المزيد...
وما الحل برأيك يا ابي؟!

قالها أنس متسائلا بحيرة قبل ان يردف: هل نترك البلد ونسافر الى مكان بعيد من هنا...
زمجر الاب به: ما هذا الكلام يا أنس؟! هل تظن بأن الهروب هو الحل؟!
اذا ما الحل يا ابي؟!

كان هذا السؤال من ادهم هذه المرة، رد الاب بتردد: لقد تحدث معي الشيخ عبد الله، شيخ القرية، هناك حل واحد فقط أمامنا...
صمت لوهلة بينما الجميع ينظر اليه بترقب شديد ليكمل بعد لحظات بشيء من القلق: الزواج، الزواج هو الذي سينهي هذا الثأر...
تطلع الابناء الثلاثة الى بعضهم بذهول قبل ان يقول ادهم بعدم تصديق: ما هذا الكلام يا ابي؟! ماذا يعني الزواج؟!
اجاب الاب موضحا ما يوجد خلف كلماته تلك: يجب ان يتزوج شاب منا من ابنة منهم، والعكس ايضا...

هل تقصد بأن ألاء يجب ان تتزوج بإبن عائلة زهران؟!
قالها أنس بعدم إستيعاب قبل ان يضحك بقوة وهو يقول: يا الهي، يبدو الامر مضحكا بالنسبة لي.، أتخيل منظرها حينما تعلم بهذا...
صرخ الاب به بتحذير: أنس، !!! هذا ليس بالوقت المناسب بمزاح...
صمت الاب قليلا وقال: تزوجها يا ادهم...
هكذا يقولها ببساطة وكأنه يطلب منه ان يجلب له كوبا من الماء، رباه لقد جن والده بكل تأكيد...
أبي ، هل هذه مزحة.؟! بالله عليك هذا ليس الوقت المناسب للمزاح...

الا ان الاب لم يتخلَ عن جديته وهو يقول: انا لا امزح يا ادهم، انت ستتزوج ابنة رحيم زهران، لا يوجد حل اخر سوى هاذ...
ولما أنا بالذات من يجب ان يتحمل شيء كهذا ويتورط بزيجة كهذه؟!
قالها ادهم وهو يشير الى نفسه مستنكرا ما يقوله والده الذي رد ببديهية: لأنك أكثر من يصلح لهذا...
لديك اربع ابناء غيري، جميعهم لا يصلحون لهذه الزيجة، !!!
رددها ادهم بتعجب من اصرار والده عليه اما الاب فقال بدوره: لقد اخترتك انت بالذات يا ادهم لأنني أثق بك...
ليتزوجها أسامة، !!

رد الاب بعدم تصديق: أسامة، !!! هل جننت يا ادهم؟! انه ما زال طالب جامعي...
رد ادهم بإصرار ونفاذ صبر: اذا ليتزوجها أيهم...
جحظت عينا أيهم الذي كان يتابع الموضوع والحديث الدائر بين اخيه وأبيه بلا مبالاة لينتفض من مكانه ويقول وهو يشير بيده نحو ادهم: ماذا تقول يا هذا؟! أيهم من الذي يتزوج؟! لا ترمي بلائك علي...

وهنا تدخل أنس أصغرهم في الحديث مقاطعا الجو المتوتر الذي ملأ المكان: هل إنتهيتم؟! سأتزوجها أنا...
ليصرخ به الثلاثة الاخرون بآن واحد: اخرس انت...
التفت الاب نحو ادهم وقال: هذا الزواج هو الحل لكل هذه المشاكل، فكر في اخوتك، بعدما حدث لن يسكت اي احد منا.، وسيحاول كلا منا ان يأخذ ثأره من الاخر...

أبي، ألا تفكر بي قليلا وبموقفي؟! كيف اتزوج من فتاة لا أعرفها؟! وفوق هذا كله فتاة من القرية، فتاة ريفية لا تعرف شيئا سوى رعاية الغنم وحلب الأبقار...
أكمل بعدها وهو يحدث نفسه بعدم تصديق: انا الذي رفض أن يتزوج من افضل الفتيات في هذه البلاد، أتزوج بواحدة كهذه...
توقف عن حديثه قليلا ثم قال: وحتى اذا وافقت انا، ماذا عن آلاء؟! كيف ستوافق على شيء كهذا؟!
تدخل أيهم في الحديث مؤيدا اخيه: نعم يا ابي، انت تعرف ألاء جيدا، انها لن توافق على شيء كهذا بكل تأكيد...
اتركوا الاء لي، انا سأقنعها...

قالها الاب بثقة استغربها الثلاثة الذين اخذوا يحملقون به بتعجب قطعه أدهم وهو يقول بحسم: أبي انا غير موافق على هذا، جد اي حلا اخر غير هذا...
الا ان الاب كان مصرا على ما قاله: ادهم، فكر بكلامي جيدا، وفكر في حياتك وحياة اخوتك.، ما حدث سوف يؤدي إلى اندلاع المشكلة من جديد، وحياتكم جميعا ستصبح في خطر...
تطلع اليه أدهم بعدم اقتناع ليكمل الاب: كما ان هذه الزيجة سوف تجعلك تربح الكثير...
قطب أدهم جبينه متسائلا بحيرة: ماذا تقصد؟!

اقترب الاب منه وجلس على الكرسي المقابل له وقال بجدية: هل تتذكر ذلك المشروع الذي حدثتني عنه، مشروع القرية السياحية التي اردت إنشائها في قريتنا، اذا تزوجت من ابنتهم سيكون بإمكانك انشائها هناك بكل سهولة، وليس هذا فقط، بل انك ستستفيد من الأراضي المجاورة للارض التي كتت ستنشأ المشروع عليها...

هل تقصد بأن تلك الاراضي تعود لعائلة زهران؟!
اجابه الاب بإبتسامة وقد بدأ يشعر بأن أدهم يستجيب لأفكاره: بالطبع، جميعها لهم، واذا اصبحت صهرهم فسوف تستطيع بكل سهولة شراء هذه الاراضي منهم...
صمت ادهم للحظات واخذ يفكر في حديث والده بجدية ليقول اخيرا بعد تفكيره: أيهم وأنس اتركونا لوحدنا قليلا...
تطلع الاثنان الى بعضيهما قبل ان ينهض أنس من مكانه ويشير الى أيهم بمعنى ان يخرجا...

خرج الاثنان فقال أنس لأيهم بصوت خافت: مالذي يريد أدهم قوله ولا يرغب بأن نسمعه نحن الاثنان؟!
مط أيهم شفتيه قائلا بجهل تام: لا اعلم...
اما في الداخل فقد اعتدل ادهم في جلسته وقال: انا سأوافق على هذه الزيجة.، ولكن بشرط...
شرط ماذا؟!
سأله الاب بسرعة وحيرة شديدة ليرد ادهم بعد لحظات: اريد منك ان تسجل ربع أسهم الشركات خاصتنا بإسمي...
اتسعت عينا الاب بعدم تصديق وهو يستمع لما يقوله ابنه...

ماذا تقول يا حميد؟! أبي قال بان فرح ستتزوج ابن رياض الهاشمي، !!!
كانت نجلاء مصدومة مما سمعته على لسان زوجه الذي اوما برأسه مؤكدا ما سمعته...
يا الهي، كيف يوافق على شيء كهذا؟!
قالتها بنبرة مرتجفة جعلت حميد ينهض من مكانه ويقترب منها ممسكا بها قائلا بنبرة قلقة متوسلة: نجلاء اهدئي، ليس جيدا عليك ان تتعصبي بهذا الشكل...
وانت كيف توافق؟! كيف تسمح له بشيء كهذا؟!

لقد اتخذ والدك قراره، وهو الان يريد رؤية فرح ليتحدث معها، من يعارضه سوف يعتبره خارج هذه العائلة، انتِ اكثر من يعرف والدك وطبعه، حينما يأمر بشيء لا يستطيع اي احد الوقوف بوجهه...
حتى لو، انا لن اضحي بإبنتي بهذه الطريقة...
كانت تتحدث بلهجة باكية، تشعر بالضعف اتجاه ما يحدث، هي لن تضحي بإبنتها بهذا الشكل.، لن تعطيها لهؤلاء، !
نجلاء اهدئي، اهدئي ودعينا نتحدث...

قالها محاولا تهدئتها قليلا لتصرخ بصوت عالي: فرح لن تتزوج من هذا الرجل وليحدث ما يحدث...
ثم صمتت تماما وهي تشعر بشخص ما يقف خلفها.، بينما تصنم الاب في مكانه وهو يرى مريم امامه تتابع ما يحدث بعينين دامعتين...
أبي.، هل ما تقوله والدتي صحيح.؟! فرح ستتزوج من ابن الهاشمي...
تطلع اليها الاب بنظرات محتارة فهو لا يعلم ماذا يقول لها...

ركضت مريم بسرعة واتجهت الى الطابق السفلي لتصطدم بليلى التي تطلعت اليها متعجبة: مريم ما بك؟! لماذا تبكين؟!
تحدثت مريم بلا وعي: سيزوجون فرح يا ليلى، سوف يزوجونها الى ابن الهاشمي...
وهنا اصطدمت مريم بفرح التي ذهلت تماما مما تسمعه...

شحبت ملامح وجه فرح لا اراديا واخذت تنقل بصرها بين الاثنين بعدم تصديق قبل ان ترتقي درجات السلم وتتجه نحو صالة الجلوس حيث يوجد والديها...
اقتربت منهما متسائلة بصوت مرتجف: هل ما سمعته صحيح؟! هل تنوون تزويجي بإبن تلك العائلة؟!
اصطدمت عيناها الحمراوتان بعيني والدها المصدومتين من معرفتها بهذا الأمر...
تقدم الاب نحوها واحتضن وجهها بين كفي يديه وقال: اسمعيني جيدا يا فرح.، هذا ليس بقراري، انه قرار جدك، هو من اراد هذا حلا للنزاع الكبير بين العائلتين...

ابتلعت فرح غصتها داخل حلقها وقالت: بهذه الطريقة، بتزويجي لرجل لا اعرفه...
ثم اردفت بألم شديد وهي تشير لنفسها: لما أنا؟! لما انا بالذات يا ابي؟! ألا يوجد غيري من يتحمل اخطاؤكم.؟! لماذا تضحون بي يا ابي.؟! اخبرني...
قالت كلماتها الاخيرة بصرخة قوية هزت ارجاء المكان لتجلس والدتها على الكنبة بإنهيار بينما يخفض الاب رأسه بإنكسار فهو لم يكن يملك جوابا مناسبا...
فرح اسمعيني...

ماذا سأسمع.؟! هل سترفض؟! هل ستمنع جدي من اتمام هذه الزيجة؟!
تطلع الاب الى زوجته بحيرة قبل ان يهتف بجمود: فكري في الموضوع اولا.، فكري به جيدا.، قبل ان تحددي قرارك...
خرجت فرح مسرعة من المكان وهي تمسح دموعها باناملها، قابلت ملك في طريقها فرحلت دون ام تلتفت اليها، بينما وقفت ملك ذاهلة تحاول استيعاب ما يحدث...

اتجهت فرح نحو حصانها، اخرجته من الحظيرة ثم تحركت به خارح الاسطبل، ركبت عليه وركضت به بلا وجهة محددة، وصلت فرح الى مزرعة جدها
فاوقفت الحصان هناك، هبطت من فوقه وربطته بإحدى الاشجار ثم تحركت الى داخل فيلا جدها...
استقبلتها الخادمة بابتسامة بشوشة تجاهلتها فرح على غير العادة وهي تسألها: اين جدي؟!
تعجبت الخادمة من طريقة فرح معها لكنها اجابتها: في غرفة مكتبه.، يقرأ الجرائد...

اتجهت فرح نحو غرفة مكتبة الجد، دلفت اليه ليرفع الجد بصره نحوها...
تعالي يا فرح، تعالي حبيبتي...
اقتربت فرح منه وجلست على الكرسي المقابل لكرسيه، بينما اغلق ابراهيم جريدته وخلع نظارته واضعا اياها على مكتبه...
لماذا انا يا جدي؟!
سألته فرح بصوت مبحوح لينهض ابراهيم من مكانه ويتجه نحوها يجلس على الكرسي المقابل لها...
لأنك اكثر من أثق به...

بالله عليك قل كلاما غير هذا...
صدقيني هذا اكثر سبب يجعلني اختارك انت...
هل تمزح معي يا جدي.؟! على اساس انني حفيدتك المفضلة، الاقرب لقلبك، كيف تضحي بي؟! كيف تتخلى عني؟!
كانت تتحدث وهي منهارة من البكاء لينهض الجد من مكانه ويتجه نحوها.، احتضنها بقوة وقال: اهدئي يا صغيرتي.، انتِ اقوى من هذا...
لا تفعل بي هذا يا جدي، ارجوك...

كانت تتوسله ان يرحمها.، ألا يحكم عليها بالاعدام...
رفع الجد وجهها نحوه متأملا عينيها الحمراوتين ووجهها المغطى بالدموع ليقول بجدية وحزم: انا اثق بك يا فرح، فلا تضيعي ثقتي بك...
ثم تحرك خارج المكتب مكتفيا بكلماته هذه لتنهار فرح باكية في مكانها...

خرجت فرح من منزل جدها وهي تكاد لا ترى امامها...
اصطدمت بجسد رجولي ضخم جعلها تتراجع الى الخلف قبل ان تصطدم عيناها بعيني كامل...
فرح هل انت بخير؟!
سألها بقلق لتهز رأسها نفيا وهي تمسح دموعها بأناملها فسألها مرة اخرى: ماذا حدث اذا.؟!
ثم اردف: يبدو انك علمت بقرار جدي...

اومأت برأسها دون ان ترد ليهتف بها فجأة: فرح ، انت لن توافقي على هذه الزيجة بكل تأكيد...
تطلعت فرح اليه بنظرات تائهة قبل ان يقبض على ذراعها ويقول: لا تتزوجيه يا فرح...
انا لا اريد يا كامل، ولكن كيف؟!
صمت كامل لوهلة قبل ان يقول: انا اعلم كيف...
سألته فرح بلهفة: كيف؟!
اجابها: لنتزوج يا فرح.، لنتزوج ونضعهم امام الامر الواقع...
نتزوج!
هتفت بها فرح بذهول ليكمل كامل مؤكدا كلامه: نعم نتزوج والان...

04-02-2022 01:05 صباحا
مشاهدة مشاركة منفردة [2]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية عروس الثأر
رواية عروس الثأر للكاتبة سارة علي الفصل الثالث

بعد مرور ثلاثة ايام...
في احدى الجامعات الخاصة...
اوقف أيهم سيارته في كراج الجامعة وخرج منها متجها الى القاعة الدراسية...
دلف الى القاعة ليجد الطلاب هناك في انتظاره...
السلام عليكم...

قالها وهو يتجه الى مكانه المخصص في مقدمة القاعة فهو يعمل كمعيد في هذه الجامعة بعدما تخرج منها حيث كان الاول على دفعته وقتها...
جلس أيهم في المكان المخصص له وبدأ يشرح للطلاب المحاضرة بحرفية عالية يمتاز بها هو دونا عن غيره...
كان الجميع يستمع له بسكون تام فهو يمتاز ايضا بشخصيته الصارمة الحازمة التي تجعل الطلاب يهابونه بالرغم من صغر سنه...
كان مندمجا وهو يشرح المحاضرة حينما سمع صوت طرقات على باب القاعة المغلقة يتبعها دخول أحدهم الى القاعة...
هل يمكنني الدخول.؟!

رفع أيهم رأسه ليتفاجئ بفتاة طويلة نحيلة امامه يراها للمرة الاولى بالرغم من كونهم في نهاية السنة الدراسية...
لقد دخلتِ بالفعل...
قالها ببرود لتشعر الفتاة بالخجل الشديد وتقول بأسف: اعتذر...
ادخلي...

أمرها ببرود لتدلف الفتاة الى الداخل على استيحاء وتجلس في مقدمة الصفوف، تمعن أيهم النظر اليها للحظات قبل ان يعود بتركيزه نحو المحاضرة...
استمر في شرحه حينما فوجأ بنفس الفتاة ترفع يدها نحو الاعلى بينما تضع كف يدها الاخر على فمها وكأنها تستعد لتتقيء...
وقبل ان يعطي اي ردة فعل كانت الفتاة تنسحب من المكان بسرعة وتخرج تاركة اياه يتابعها بذهول...

عاد ببصره نحو الطلاب الذين اخذوا يتهامسون بينهم عن هذه الفتاة الجديدة حينما سألهم: من هذه الفتاة؟! وهل تعرفونها؟!
تحدث احد الطلاب قائلا: كلا ؛ انها جديدة، جاءت البارحة هنا وباشرت دوامها معنا...
بينما اكملت الاخرى: تبدو مريبة، انها منعزلة ولا تتحدث مع احد...

اتجهت انظار أيهم نحو الباب متذكرا اياها حينما خرجت فجأة، اراد ان يطلب من احد الطلاب ان يتبعها ويطمئن عليها لكنه تراجع في اخر لحظه وعاد مكملا الشرح...
انتهت المحاضرة والفتاة لم تعد، خرج أيهم من المحاضرة واتجه الى مكتبه، جلس على مكتبه وفتح حاسوبه الشخصي واخذ يعمل عليه بتركيز شديد حينما فُتحت الباب ودلفت منها نفس الفتاة...

رفع أيهم بصره نحوها متأملا اياها بصمت، كانت ملامحها عادية للغاية، بشرة خمريه مع وجه نحيل بذقن طويل قليلا، عيونها بنية فاتحة مائلة للاخضر وشعرها بني ناعم وطويل...
وجدها تهمس بحرج: اسفة لأنني خرجت بسرعة هكذا و...
قاطعها بسرعة: وبدون استئذان...

اومأت برأسها ليغلق أيهم حاسوبه ويسألها بعجرفة: انت جديدة هنا أليس كذلك؟!
اومأت برأسها دون ان تتحدث ليكمل أيهم بنفس العنجهية: عليك ان تعلمي بأنني لا احب ان يدخل احد ما ورائي في المحاضرة، ولا احب ان يخرج منها احدا دون اذن مني، اما بالنسبة لتصرفك اليوم فهو مفهوم للغاية...
ماذا تقصد؟!

سألته بنبرة مرتجفة: ما اقصده أنك اذا كنت لا ترغبين بحضور المحاضرة فلا داعي لاختلاق تمثيلية كهذه لمغادرتها...
تمثيلية، !!!
رددتها بدهشة قبل ان تقول بعدم تصديق: انت تظن بي بأنني كنت أمثل...
اومأ أيهم برأسه قبل ان يرد: انا لا اظن.، انا متأكد، اساليبكم الملتوية هذه اعرفها جيدا، بالله عليك هل هذا وجه فتاة مريضة او تعرضت لنوبة مرضية قبل قليل؟!

ابتلعت الفتاة ريقها وقالت بنبرة متحشرجة: على العموم صدقت او لا براحتك.، انا جئت هنا لاعتذر لك عن خروجي من القاعة دون اذن منك...
اعتذارك غير مقبول يا انسة، والان بإمكانك الخروج...
هزت رأسها متفهمة ثم خرجت من المكان تاركة اياه يتابعها بنظراته الهازئة فهو لن تنطلي عليه أساليب الفتيات تلك...

كانت تتابع اعمالها بتركيز شديد كالمعتاد حينما سمعت صوت طرقات على باب غرفتها يتبعها دخول والدها الى المكان...
اغلقت القلم الذي تعمل به ووضعت في مكانه ثم ابعدت الملفات التي كانت تعمل بها عنها ونهضت من مكانها وتقدمت نحو والدها تستقبله وهي تبتسم بسعادة ليبادلها ابتسامتها وهو يضمها اليه ويهمس بجوار اذنها: كيف حالك صغيرتي؟!
ابتعدت عنه قليلا واجابته بينما ما زالت محتفظة بإبتسامتها: بخير بابا، وانت كيف حالك؟!

تنهد بصمت قبل ان يجيب: بخير، الحمد لله...
ثم اردف: أصبحت لا اراكِ الا نادرا يا الاء، العمل اخذك مننا تماما...
ردت الاء بإعتذار: اعتذر كثيرا منك، أعترف بأنني مقصرة معك، لكن ليس بيدي، وقتي كله ملك عملي...
هز الاب رأسه متفهما قبل ان يحررها من ذراعيه ويتجه نحو مكتبها، كاد ان يجلس على الكرسي المقابل لكرسيها لكنها اعترضت بسرعة وهي تقول: بابا مكانك في واجهة المكتب...

الا ان الاب جلس على الكرسي وهو يقول بجدية: حتى لو، هذا مكانك ابنتي، اجلسي انتِ عليه وانا جلست هنا وانتهى الامر...
الا انها اختارت الجلوس على الكرسي المقابل له بدلا من كرسيها الاصلي وقالت مرحبة به: ماذا تحب ان تشرب بابا؟!
اجابها: قهوة سادة...

طلبت له القهوة ثم عادت تتحدث معه قائلة: والان اخبرني.، ما سبب هذه الزيارة العظيمة لمكتبي.؟!
تطلع اليها الاب بنظرات متوترة اقلقتها وجعلتها تسأله بتوجس: بابا ماذا هناك؟! هل كل شيء بخير؟!
تنهد الاب بقوة قبل ان يجيبها: انا اريدك في موضوع هام يا الاء.، واطلب منك ان تستوعبيه جيدا قبل ان تطلقي أية احكام مسبقة...

تطلعت اليه الاء بنظرات قلقة فيبدو ان والدها ينوي قول شيء ليس بجيدا على الاغلب، وهذا واضح جدا من كلامه، كما انها تعرف والدها جيدا وتدرك ان زيارته المفاجئة لها في مكتبها وتوتره وتردده الواضح عليه يوحي بشيء سيء في انتظارها...
تحدث بابا، انا اسمعك...

قالتها وهي تحاول بث الطمانينة داخل والدها ليمنحها الاب ابتسامة خفيفة قبل ان يقول بنبرة مترددة: لقد تحدثنا مع عائلة زهران.، بشأن ما حدث مع اخيك اسامة، نحن نسعى لحل هذا النزاع بيننا تجنبا لإراقة المزيد من الدماء...
ردت الاء مشجعة له ليكمل حديثه: رائع.، سوف تنحل جميع المشاكل التي بيننا بأمر الله...
ثم اردفت بضيق خرج منها لا اراديا: رغم انني ما زلت حاقدة عليهم لما حدث مع اسامة...
سعل الاب بقوة قبل ان يكمل بجدية: هناك حل واحد امامنا يا الاء لحل هذا النزاع وإنهاؤه...
حقا.؟! وما هو؟!

سألته الاء بترقب شديد ليجيب الاب بحسم: زواج بين العائلتين يقضي على هذا النزاع وينهيه تماما...
شردت الاء في كلمات والدها محاولة استيعاب المغزى الكامن ورائها قبل ان تنطق بذهول: ولكن ألا يبدو هذا الحل غريبا بابا؟!
غريبا بالنسبة لنا هنا في المدينة، لكن في القرية الامر يختلف تماما...

هزت الاء رأسها بتفهم قبل ان تقول بحذر: جيد، اذا كان هذا الشيء سيحل النزاع بيننا فلننفذه، ولكن ما علاقتي انا بكل هذا بابا؟!
خرج سؤالها الاخير مترددا قليلا وكأنها تخشى من الجواب، فألاء بذكائها و سرعة بديهيتها ستفهم ما يدور في ذهن والدها بكل سهولة...
تنحنح الاب مصدرا صوتا خفيفا قبل ان يجيب: انتِ يجب ان تتزوجي من احد ابناء تلك العائلة، مثلما سيتزوج ادهم من احدى بناتهن...
حاولت الاء استيعاب كلمات والدها الغريبة بالنسبة لها فنطقت اخيرا بعد فترة من الشرود في كلمات والدها: بابا انت لا تعني ما تقوله بالتأكيد...
الا ان الاب اكد لها ما قاله: بل اعنيه يا ابنتي...

بللت الاء شفتيها بلسانها وقالت وهي تحاول استيعاب ما يقوله والدها: لحظة.، دعني استوعب فقط ما سمعته، بابا انت كيف تفكر بشيء كهذا؟!
ثم اردفت بملامح ذاهلة: كيف تتخيل بأنني سأتزوج بهذه الطريقة؟
لا يوجد امامي حل اخر يا الاء، هذا الحل الوحيد لإنهاء الثأر الذي بيننا...
وقفت الاء لا اراديا من مكانها وقالت وهي تشير لنفسها بإنفعال: بهذه الطريقة، بالتضحية بي، ألا يوجد حل اخر سوى هاذ؟!
للاسف لا يوجد...

قالها الاب واكمل بنبرة متعبة: والمشكلة الاكبر ان عائلة زهران قد وافقوا على هذا الحل، يعني إن رفضنا نحن فسوف نصبح اساس المشكلة، سوف يزداد الوضع سوءا...
قاطعته الاء: هذه ليست مشكلتي بابا، انا لن اتحمل اخطاء غيري...
ثم اردفت بعد صمت ثقيل حل بينهما: وماذا عن ادهم؟! هل سيوافق هو الاخر؟!
صمت الاب ولم يجيب لتتابع الاء بسخرية: بالتاكيد لن يوافق، وطبعا سوف تقع في رأس اخر غيره...
ادهم وافق يا الاء...

توقفت الاء عما تقوله حينما سمعت ما قاله والدها، ذُهلت ملامح وجهها كليا ما ان سمعت ما قاله، تحدثت اخيرا بنبرة متقطعة: ماذا تقول؟! هل قلت بأن ادهم وافق على الزواج من ابنة عائلة زهران؟!
اومأ الاب برأسه لتجحظ عينا الاء بعدم تصديق قبل ان تشرد مرة اخرى فيما سمعته على لسان والدها...
هل يُعقل بأن ادهم سيوافق على شيء كهذا؟! بالتاكيد هناك سر ما وراء موافقته...
اسمعيني يا الاء.، انا اعرف جيدا بأن ما اطلبه منك شيئا صعبا للغاية...
قاطعته الاء بتأكيد: صعب جدا.، صعب جدا بابا...

اكمل الاب ايضا: وانا اعرف بأنك لن توافقي عليه حتى لو من اجلي انا...
اخفضت الاء بصرها بخجل فهي بالفعل لن توافق على هذه المهزلة مهما حدث ولأجل ايا كان...
ولكن ماذا ان كان هناك مقابل لموافقتك؟!
رفعت بصرها فورا ناحيته تتأمل والدها عن قرب قبل ان تسأله بحيرة: مقابل ماذا؟!
اخذ الاب نفسا عميقا قبل ان يزفره ويرد موضحا مقصده: هل تتذكرين موضوع شركة العطور وادوات التجميل التي سبق وحدثتيني عنه؟!
اومأت الاء برأسها وقالت: نعم، واتذكر حينها أنك رفضته بشدة...

رد الاب بجمود: والان انا موافق عليه، سأنفذ لكِ هذا المشروع كما تريدنه.، مقابل ان تتزوجي من ابن عائلة زهران...
اتسعت عينا الاء لا اراديا مما سمعته على لسان والدها، هل يُعقل ان ينفذ لها والده هذا المشروع؟! المشروع الذي حلمت به لسنين طويلة، والذي رفضه والدها بشدة بحجة أنه لا يرغب بأن ينفصل احد من أ
بنائه عن عمل العائلة الاساسي.، الامر الذي ازعجها بشدة حينها، ولكن ان يخبرها والدها بأنه سينفذ لها هذا المشروع مقابل هذه الزيجة شيء لم تتخيله او يخطر على بالها بتاتا...

بابا، هل انت واثق مما تقوله؟!
سألته وهي ما زالت مصدومة مما سمعته ليجيب الاب بضيق: منذ متى وانا امزح في امور العمل يا الاء؟!
غزاها الارتباك وهي تقول: اعلم ولكن ما تقوله يبدو كأمر خيالي.، فأنت رفضت هذا الموضوع بشدة...
نعم رفضت، والان اوافق...

قالها للمرة الثالثة يؤكد بها موافقته لتضطرب مرة اخرى وهي تقول: انا لا اعرف ماذا اقول.، حقا لا اعرف...
نهض الاب من مكانه وقال بنبرة جدية: فكري في الموضوع جيدا يا الاء.، اريد منك جواب نهائي في اقرب وقت.، فالجميع مستعجل لإتمام هذه الزيجة...
ثم تحرك خارجا من مكتبها تاركا اياها تفكر في حديثه بجدية...

في المستشفى...
كان أسامة يجلس على سريره وهو يشعر بالملل الشديد...
انه محتجز في هذه الغرفة منذ اكثر من اسبوع...
لا يفعل شيئا سوى الاكل والنوم، وهذا شيئا لا يرغب به شاب مثله مليء بالحيوية والنشاط...
سمع صوت باب غرفته يُفتح ليتجه بأنظاره بلهفة نحو الباب ظنا منه أن هناك احد ما جاء لزيارته فيرى ممرضة فاتنة للغاية تقترب منه وهي تحمل بيديها صينية الطعام...

اتسعت ابتسامته لا اراديا بينما اقتربت هي منه ووضعت الطعام على الطاولة بعدما وضعتها امامه...
هل تريد مني شيئا اخر؟!
سألته الممرضة بغنج ليبتلع ريقه ويومأ برأسه دون ان يرد...
ماذا تريد؟!
اجابها وهو يتأمل ملابسها الغير محتشمة اطلاقا والتي لا تليق بعملها وقال: اريدك ان تطمعيني بنفسك...
ثم اشار الى يده قائلا بكذب: يدي تؤلمني للغاية...

اشاحت الممرضة بوجهها وابتسمت ابتسامة جانبية قبل ان تعاود بوجهها نحوه وتقول وهي تحرك اصبعها أسفل عينيها: من عيوني، انت تأمر وعسل تنفذ...
عقد أسامة حاجبيه متسائلا بإستغراب: أي عسل؟!
اشارت الى نفسها وهي تقول بدلع: أنا عسل، اسمي عسل...
غمز لها أسامة وقال: عسل، قولي شيئا غير هذا...
مطت عسل شفتيها بضيق مفتعل: ماذا تقصد؟! هل انا اكذب بإسمي؟!

الا ان أسامة قفز من مكانه بسرعة مبعدا الطعام من امامه قائلا بلهفة: بالطبع لا، ما اقصده انهم ظلموكي بإسم عسل، كان من المفترض ان يسموكي غزال يا غزال...
قهقهت عسل بصوت عالي جعلته يضع كفه على فمها وهو يقول بتحذير: اخرسي سوف تفضحيننا...
ثم ما لبث ان اقترب منها أكثر وقال بعبث: ما رأيكِ ان تغلقي الباب؟!
لماذا؟!

سألته وهي تعبث بخصلات شعرها لتجده يقبض على ذراعيها ويديرها نحوه وجها لوجه قبل ان يحاول تقبيلها...
كانت عسل تتمنع عن أسامة الذي يحاول الحصول على قبلة منها بأي شكل حينما فُتحت الباب ودلف أدهم الى الداخل ليتفاجئ بأسامة يحاول الانقضاض على الممرضة بينما هي تحاول التملص منه وهي تضحك عاليا...
ماذا يحدث هنا؟!

انتفض أسامة مبتعدا عنها بسرعة بينما لطمت عسل على وجهها قبل ان تركض بسرعة خارج المكان...
اقترب أدهم من أسامة الذي انكس وجهه ارضا ثم قال بنبرة هازئة: ارفع رأسك أيها الاستاذ المحترم...
رفع أسامة رأسه وهو بالكاد يستطيع كتم ضحكته ليقول أدهم بأسف: لا فائدة منك، سوف تظل اقذر شاب رأيته في حياته...
ماذا افعل؟! تركتموني لوحدي هنا داخل غرفة من اربعة حيطان لا افعل شيئا سوى الاكل والنوم...

وهل هذا مبرر يجعلك تغرر بالممرضة؟!
زفر أسامة انفاسه وقال: لا تقل انني أغرر...
تسائل ادهم ساخرا: اذا ماذا يجب ان اقول؟!
اجابه أسامة: قل أنني اتسلى او أستمتع...
ثم اردف بضيق: وانت قطعت عليِّ هذه التسلية...
لا فائدة منك.، على العموم جئت لأخبرك بأن تجهز نفسك فقد وافق الطبيب على خروجك من المشفى...
حقا؟!

قالها أسامة وهو يقفز من مكانه قبل ان يقف امام ادهم ويهتف به: انا جاهز، هيا خذني من هنا حالا...
اشار ادهم له وهو يبتسم بخفة: هكذا بالبيجامة...
لحظة واحدة، اعطني خمس ثواني وسوف اغير ملابسي...
ثم قفز راكضا نحو الحمام ليغير ملابسه...

دلفت ليلى الى غرفة نومها المشتركة مع فرح...
وجدت فرح جالسة على السرير شاردة لم تنتبه لها حينما دخلت...
اقتربت ليلى منها وجلست بجانبها متسائلة بقلق واضح: فرح ، هل انت بخير؟!
اومأت فرح برأسها دون ان تجيب لتردف ليلى متسائلة: ألن تخبريني ماذا قال لك جدي.؟!
نظرت فرح إليها للحظات قبل ان تجيب بألم: طلب مني ألا أخيب ثقته بي...

شعرت ليلى بالحزن من اجل اختها وما تمر به فإحتضنتها بقوة وقالت: لا احد يستطيع ان يجبرك على شيء لا تريدينه يا عزيزتي...
بلى يستطيع، جدي يستطيع يا ليلى...
قالتها فرح وهي تشعر برغبة شديدة بالبكاء لتقول ليلى بسرعة: بالله عليكِ لا تبكي...
مسحت فرح وجهها بكفيها ثم قالت: انا حقا لا اعرف ماذا يجب ان افعل؟!
ثم التفتت نحو ليلى وقالت بسخرية: هل تعلمين؟! انا اضحك على نفسي بكلامي هذا، القرار ليس قراري، جدي اختارني وهو يعرف بأنني من المستحيل ان أرفض له قرار...

حسنا، وماذا عن كاظم؟! هل سيوافق هو الاخر؟!
اومأت فرح برأسها وقالت: بالتأكيد سيوافق...
عادت ليلى وسألتها: صحيح فرح، ماذا عن كامل؟! ماذا كان يريد منك هذاك اليوم؟!
ابتلعت فرح ريقها بتوتر ثم قالت كاذبة: لم يكن يريد مني شيئا، هو فقط كان يواسيني...
قالت ليلى بنصف عين: لا تكذبي عليَّ يا فرح، انا اعرف جيدا بأنه حدث بينكما شيء ما...

تنهدت فرح بأسى قبل ان تقول: حسنا يبدو انه لا مفر لي منك، سأخبرك بكل شيء، فلا يوجد حل امامي سوى هذا...
هيا اخبريني اذا...
قالتها ليلى وهي تتربع في جلستها لتقول فرح: لقد عرض علي الزواج...
شهقت ليلى بصدمة وقالت بصوت عالي قليلا: ماذا تقولين؟! عرض عليك الزواج...
وضعت فرح كف يدها على فم ليلى وقالت بخفوت: هش اصمتي، سوف تفضحيننا...
سألتها ليلى بصوت خافت بالكاد يسمع: وماذا قلتِ له؟!
اجابتها فرح: رفضت بالطبع...
توقعت هذا...

قالتها ليلى بنفس الخفوت لتومأ فرح برأسها فتكمل ليلى متسائلة: وماذا كانت ردة فعله؟!
اجابتها فرح: انصدم بشدة، ثم حاول معي ان اغير رأيي، لكنني رفضت...
اومأت ليلى برأسها متفهمة ثم أكملت بجدية: جيد ما فعلتِ، انا لا احب كامل اطلاقا...
انا لا اكرهه، ولكنه يبدو لي سيء الطباع...
فعلا، معكِ حق...

حل الصمت المطبق بينهما للحظات قطعته ملك وهي تدلف الى الداخل وتقول: الغداء جاهز، الجميع في انتظاركم...
نهضت ليلى من مكانها وقالت موجهة حديثها لفرح: هيا فرح، لنذهب الى غرفة الطعام...
الا ان فرح رفضت: لا شهية لدي بتناول اي شيء، اذهبا انتما...
اقتربت ملك منها واحتضنت وجنتيها قائلة: لا تفعلي هذا يا فرح، انا احزن بشدة حينما اراكِ هكذا...
ليس بيدي يا ملك، ما أمر به هذه الفترة يجعلني هكذا...

قالت ملك بترجي: تعالي معنا ارجوك، والديَّ سيتضايقان بشدة حينما لا يروكي على طاولة الطعام...
شعرت فرح بأن ملك معها كل الحق، وهي لا تريد لوالديها ان يتضايقان ابدا، نهضت من مكانها واتجهت مع ملك وليلى الى الطابق السفلي حيث غرفة الطعام...

جلس الجميع على طاولة الطعام وبدئوا في تناول طعامهم...
تحدثت مريم قائلة بملل: ما بكم جميعكم صامتون لا تقولون أي شيء.؟!
تحدث الاب بجدية: نحن مشغولون بتناول طعامنا يا ابنتي...
ردت مريم: ولكننا نتحدث عادة في الكثير من المواضيع المختلفة...
تحدثت ليلى بضيق: ما بك يا مريم؟! ألا ترين الاوضاع وما نمر به هذه الفترة؟!
قالت فرح بدورها: ما بها اوضاعنا يا ليلى؟! انها جيدة للغاية...

ردت ليلى بحرج: انا لم اقصد ولكن فقط شعرت بأن الجميع يبدو مستاءا مما حدث في الاونة الاخيرة...
هل انتهيتهم.؟!
سألهم الاب بصرامة لتنهض فرح من مكانها وتقول: عن اذنكم، لقد شبعت...
فرح اريد التحديث معك...
قالها والدها لتتطلع فرح إليه بقلق قبل ان تقول: تفضل بابا...
لنذهب الى مكتبي...

قالها والدها وهو ينهض من مكانه ويتجه نحو مكتبه لتتبعه فرح وهي تشعر بالخوف الشديد مما سيقوله...
جلست فرح امام والدها الذي ترأس مكتبه، اخذت تفرك يديها الاثنتين بتوتر ملحوظ جعل والدها يشعر بالشفقة من اجلها...
فرح ابنتي، لن اقول شيء يستدعي كل هذا الخوف والقلق...
رفعت فرح عينيها المدمعتين نحو والدها وقالت بوجع: ولكنك ستتحدث في نفس الموضوع، نفس الموضوع الذي اكرهه ولا اطيقه...
اخذ الاب نفسا عميقا وقال بجدية: نعم سأتحدث بنفس الموضوع ولكن سأقول ما يريحك...

تطلعت فرح إليه بترقب ليكمل: ارفضي هذه الزيجة يا فرح، وانا سأقف بجانبك وادعمك بقرارك، وسأتحمل كل تبعات هذا القرار...
ابتسمت فرح بحزن قبل ان تقول بإمتنان حقيقي: أشكرك ابي، أشكرك لأنك دوما معي، لأنك تحاول قدر المستطاع ان تخفف من همي وألمي، ولكن هذا الموضوع بالذات لا يتعلق بك فقط.، انه يتعلق بجدي، وانت تعرف مدى عمق علاقتي به...
افهم يا ابنتي.، ولكن هذا لا يعطيه الحق بأن يستغلك لشيء كهذا...

صمتت فرح ولم تتكلم بينما أكمل الاب: دعيني اكون صريح معكي.، لو كنت مكان جدك لاخترتك انتِ لهذه الزيجة...
رفعت فرح نظراتها المندهشة نحوه ليومأ الاب برأسه وهو يبتسم بحنو قبل ان يكمل: كلانا لديه بعد نظر يحدد على اساسه من الأصلح والأفضل، وأنتِ لو لم تكونِ هكذا ما كان ليختارك جدك، جدك اراد ان يختار حفيدته التي يثق بها وبحسن تصرفها، مثلما يثق جيدا من أنك لن تخجليه وترفضي أوامره...

تطلعت فرح اليه بحيرة فوالدها يضعها بحديثه على المحك بينما استرسل الاب في حديثه: ومع هذا انا معكِ، في أي قرار تتخذينه تجديني معكِ، أساندك وأدعمك، هل فهمت ما أعنيه يا ابنتي؟!
اومأت فرح برأسها وهي تجاهد لكتمان شهقاتها التي علت لا اراديا فنهض الاب من مكانه واقترب منها محتضنا اياها بقوة...
ظل الاب يحتضنها ويربت على ظهرها بيده وهو يهمس لها: انا اثق بك يا ابنتي.، مثلما أثق بقرارك تماما...
توقفت فرح اخيرا عن البكاء لتمنحه ابتسامة خفيفة قبل ان تشدد من احتضانه لها اكثر...

اوقفت الاء سيارتها امام احد المصانع الكبيرة في القرية...
كانت قد وصلت الى القرية ظهر اليوم بعد طريق طويل امتد لعدة ساعات...
وما ان وصلت الى هناك حتى سألت عن منزل كاظم زهران ليدلها سكان القرية عليه...

ما ان وصلت الى هناك حتى تفاجئت بمنزل كبير اقرب الى فيلا، ادهشها المنزل و جماله رغم كون بناءه قديم، لكن هذا لم يلغِ جماله او جمال تلك الاراضي الزراعية المحيطة به، سألت الاء احد العاملين في المنزل عن كاظم ليخبرها انه في المصنع بعدما رماها بنظرات متفحصة مستغربة، دلها نفس الشخص على مكان المصنع والذي كان قريبا من المنزل لتذهب اليه فورا...

هبطت الاء من سيارتها بعدما اغلقتها، سارت بخطوات واثقة نحو المصنع الضخم للغاية و لم تنسَ ان تلقي نظرة اعجاب على المكان الذي من الواضح انه يعمل بصورة جيدة للغاية وبمكائن حديثة الصنع...
تقدمت داخل المصنع لتجد الجميع مشغول في عمله، اقتربت من احد العمال وسألته عن مكان كاظم ليشير لها نحو احدهم يقف على بعد مسافة صغيرة عنها يوليها ظهره ويتحدث مع ثلاث رجال اخرين يحيطون باحد المكائن ويبدو انهم يفحصونها بدقة...

اخذت الاء نفسا عميقا ولم تنسَ ان ترفع ذقنها عاليا وسارت نحو كاظم، ما ان وصلت اليه حتى تنحنحت مصدرة صوتا جعله يلتفت الى الخلف ويطالعها بحيرة واستغراب بنفس الوقت، كانت نظراته تتفحصها عن كثب بملابسها المغرية المكونة من بنطال جينز ضيق طويل يصل الى كاحلها يعلوه قميص ازرق اللون ذو اكمام قصيرة بالكاد تغطي كتفها يضيق عند منطقتي الصدر والخصر بوضوح وبشكل مثير للغاية...
ضايقه لبسها المثير بشدة فهو لم يعتد في مجتمعه على نساء يرتدين ملابس كهذه...
من انتِ؟!

سألها بحدة جعلتها ترفع حاجبها مستغربة لهجته الغير مرحبة على الاطلاق...
حمحمت الاء بحلقها ثم تحدثت اخيرا بصوت ذو بحة مثيرة تستخدمها غالبا في ظروف كهذه لتجذب انتباه الواقف امامها وتلين منه قليلا: انا الاء الهاشمي، ابنة رياض الهاشمي و...
قاطعها كاظم بسرعة قائلا: فهمت فهمت، دعينا نخرج من هنا في الحال...

لم تفهم الاء شيئا منه ولم تستوعب ما يفعله وهو يجرها خلفه كخروف يُقاد الى المذبح متجها بها خلف المصنع وتحديدا الى داخل احد الاراضي الزراعية ليوقفها تحت احدى الاشجار العالية ثم يتفحص المكان من حوله ليتأكد من عدم رؤية احد له...
ابعدت الاء كف يدها من قبضة كفه القوية بعنف انتبه له وجعله يرميها بنظرات حادة استقبلتها بنظرات لا مبالية وهي تسأله بنبرة متحاملة: هل لي بأن اعرف ماذا يحدث هنا؟!

سألها بدوره بصوت يدل على مدى ضيقه وغضبه: وهل لي بأن اعرف مالذي جلبك الى هنا؟!
اتسعت عينا الاء بعدم تصديق فأخر ما توقعته ان يستقبلها بهذا الشكل المخزي بالنسبة لها، رفعت رأسها بشموخ محاولة اضافة المزيد من الثقة الى نفسها قبل ان ترد ببرود: جئت لاتعرف عليك واتحدث معك بشأن بعض الامور المهمة...
هنا وهكذا.، في المصنع وبهذه الملابس...

كان كاظم يتحدث بإنفعال شديد أثار استغرابها وهي تطالعه بنظرات يملؤها الغباء والاندهاش في ان واحد بسبب انفعاله الغير مفهوم بالنسبة لها ثم ما لبثت ان سألته بغباء حقيقي: ما بها ملابسي.؟!
رد كاظم وهو يكاد ينفجر في وجهها: يا الهي، تقول ما بها ملابسي، يالحظك يا كاظم، يبدو ان امك قد دعت لك فعلا بالزوجة الصالحة...
رفعت اصبعها في وجهه وقالت بنبرة مهددة: اسمعني، انا احذرك من ان تتجاوز حدودك معي.، هل تفهم.؟!
سألها كاظم بنبرة غامضة: المعنى.؟!

ردت بذقن مرفوع وكبرياء: المعنى ان تنتبه جيدا وانت تتحدث عني.، وإلا فأنني سأفعل ما لا يعجبك...
ثم اردفت بجدية: وعليك ان تعرف بأنني لم أاتي الى هنا لأجل سواد عينيك، بل جئت لأتحدث معك بامر زواجنا.، نحن علينا ان نتفاهم جيدا بشأن هذا الموضوع...

يبدو ان عروسي لسانها طويل...
رفعت نظراتها المشتعلة نحوه وقالت بنبرة مخيفة: لا تقل عروسي...
ابتسم ساخرا قبل ان يرد: أليست هذه الحقيقة؟!
اخذت نفسا عميقا عدة مرات تحاول من خلاله السيطرة على اعصابها التي تهدد بفتك احدهم الان...

تحدثت اخيرا بلهجة هادئة مريبة: دعنا نتحدث بصراحة تامة، نضع النقاط على الحروف كما يقولون، كلانا لا يرغب بهذه الزيجة، ولكن نحن مجبورون على القبول بها، وإن اختلفت اسبابنا...
ما المطلوب بالضبط مني آنسة الاء؟!
اخذت نفسا عميقا للمرة الأخيرة قبل ان تجيب بجدية: اريد ان نعقد اتفاقية صغيرة، اطلب مني المبلغ الذي تريده، وانا سأمنحه لك
قاطعها بنبرة غامضة: والمقابل؟!

اجابته بنبرة حذرة: زواج صوري.، على الورق فقط، مع شرط بأن العصمة تكون بيدي...
ابتسم كاظم للحظات بشكل فاجأها قبل ان يندفع في الضحك عاليا...
كزت الاء على اسنانها بغيظ منه لكنها لم تعلق منتظرة منه ان ينهي شوط الضحك الذي بدأ به وهي ترمقه بنظرات نارية...
توقف اخيرا عن الضحك لتتحول ملامحه من ضاحكة الى اخرى تنطق بالغضب والجنون بشكل ارعبها...

لم تشعر الاء بنفسها إلا وهي تُجر خلفه بقبضة قوية تشدد على ذراعها النحيل لتقف في وسط الارض الكبيرة بينما يقترب كاظم منها ويهمس لها بنبرة مجنونة: اعيدي ما قلته يا انسة، فأنا ارغب بسماعه مرة اخرى...
ابتلعت الاء ريقها وشعرت بالخوف الشديد من هذا المجنون الماثل امامها قبل ان تهتف بنبرة بالكاد خرجت منها طبيعية: اطلب المبلغ الذي تريده وسأمنحك اياها مقابل ان نتزوج صوريا والعصمة تكون بيدي...
جيد...

غمغم بها كاظم وهو يهز رأسها الى الاعلى والاسفل اكثر من مرة وكأنه يفكر في امر ما حتى تحدث اخيرا بصوت جامد وهو يشير الى الارضي الواسعة المحيطة بهما: هل ترين هذه الارضي يا انسة؟!
اومأت برأسها دون ان تنطق بحرف واحد ليكمل بعدما اوقفها امامه وجها لوجه: هذه الاراضي الذي ترينها جميعها ملك لي...

صمت لوهلة قبل ان يكمل وهو يشير الى منزل كبير للغاية يظهر من بعيد وهو يتوسط الاراضي الزراعيه التي تحيط به من كل جانب: وهذاك المنزل البعيد، او بالأحرى الفيلا، ملك لي ايضا...
ثم اشار الى المصنع: والمصنع ايضا لي.، اضافة الى كونني المدير الرئيسي لمجموعة شركات عائلة زهران...

اخفضت الاء بصرها ارضا ليهدر بها: ارفعي انظارك ولا تخفضيها، ارفعيها واخبريني، أي اموال تلك التي تجعلني ابيع كرامتي ورجولتي يا انسة؟!
انا لم اقصد...
قالتها بصوت مرتجف ليقاطعها صارخا بها بحزم: انا لم انتهي من كلامي بعد.، هل تظنين بأن رجل مثلي سيبيع نفسه وشرفه وكرامته لأجل المال.؟! تنظرين الي بإستغراب أليس كذلك؟!

صمتت الاء ولم تعلق بينما اكتفت بنظراتها المندهشة فهي برأيها قد هول الامر كثيرا ليكمل كاظم: ترين ان الامر لا يستحق كل هذه العصبية والجنون، لكنك مخطئة يا انسة، عرضك هذا يهين اي رجل ويقلل من كرامته ورجولته، خاصة مع رجل مثلي تربى على ان كرامته وشرفه أهم شيء، اهم من كل الاموال التي تعرضينها علي...

شعرت الاء بلسانها ينعقد داخل فمها ولم تعرف بماذا تعلق، شعرت بأن الكلمات تجمدت داخل حلقها، اما كاظم فأكمل بصرامة تليق به: عرضك مرفوض يا انسه، يبدو انك غير معتادة على الرجال من هذا النوع، رجال يقدسون كبريائهم وكرامتهم، نصيحة لا تنظري الى رجال عائلتك فقط وتأخذينهم كمثال يحتذى به، فهناك رجال يختلفون تماما...

هذا يكفي، انه يهين رجال عائلتها، لقد تمادى كثيرا...
انتبه على حديثك من فضلك، ولا تتمادى به...
قهقه عاليا قبل ان يقول: انت اخر من يعملني كيف اتحدث يا انسة، انا للاسف لن استطيع ان استرسل في كلامي معك اكثر، فلدي اعمال مهمة تنتظرني.، عن اذنك...
قالها بإستهزاء ثم رحل تاركا اياها تضرب الارض بقدميها عدة مرات قبل ان تنسحب من المكان بأكمله...

تبا له، انه أهانني وبشدة...
كانت الاء تتحدث وهي تكاد لا ترى امامها من شدة العصبية...
حاولت صديقتها تهدئتها قليلا فتحدثت قائلة: اهدئي عزيزتي ولا تفعلي بنفسك هذا...
التفتت الاء نحوها وقالت بنبرة تقطر غضبا: ألم تسمعِ ما قاله لي؟! ذلك المتخلف يظن بأنه قادر على إهانتي...
بصراحة معه كل الحق فيما قاله...

قالتها صديقتها بتردد لتتطلع اليها الاء بنظرات مندهشة قبل ان تهتف بها بعدم تصديق: أنتِ من تقولين هذا يا هديل، يا الهي لا اصدق...
ردت هديل بجدية: عزيزتي اسمعيني.، لا يوجط رجل يقبل بأن تكون العصمة بيد زوجته.، فكيف اذا كان رجل قروي مثله؟!
ولماذا لم تخبريني بهذا حينما قررت الذهاب الى هناك وتقديم عرضي له.؟!

شعرت هديل بالاحراج فقالت: اعلم انه كان يجب علي تنبيهك.، ولكنك ما كنت لتستمعي اليَّ اطلاقا.، انت لا تسمعين سوى نفسك يا الاء...
ماذا سأفعل الان؟! يبدو انني على وشك خسارة اهم مشروع في حياتي...
اقتربت منها هديل وقالت بحذر: برأيي ان توافقي على الزواج، انه يستحق تضحيتك...
الا ان الاء اعترضت بشدة وقالت بإستنكار شديد: هل تعين ما تقولينه يا هديل؟! كيف أوافق على شيء كهذا بالله عليكِ؟! تريدنني ان اتزوج من ذلك الجلف المتخلف؟! انا ألاء الهاشمي اتزوج برجل مثله...

الا ان صديقتها اصرت على رأيها وهي تكمل ما قالته بععقلانية: دعيني نتحدث بعقلانية، انت تحلمين بشركة خاصة بك منذ وقت طويل، منذ تخرجك تحديدا، والدك رفض وبشدة، وانت لا تستطيعين انشاؤها بالاعتماد على نفسك.، الان والدك جاء ويعرض عليك ان ينفذ لك مشروع الشركة.، والمقابل ان توافقي على الزواج بذلك الذي تسمينه بالجلف المتخلف، بالنسبة لي لا بأس من تضحية قليلة مقابل جائزة كبيرة...

تطلعت اليها الاء بعدم اقتناع ثم قالت: ولكن انا لا استطيع ان اكون زوجة لرجل مثله.، ان الامر يبدو مريب وغير منطقي...
هل هو بشع.؟!
سألتها هديل بتدقيق لترد الاء بنفي: الموضوع ليس هكذا.، لكنه يبدو لي عنيفا ومتحكما...
لماذا تتحدثين معي وكأنك ستبقين معه العمر كله.؟!
ماذا تقصدين.؟!

سألتها الاء بعدم فهم لترد هديل بجدية: ما اقصده أنك ستتزوجيه لفترة محددة.، فترة تحققين به غرضك من هذه الزيجة ثم تطلبين الطلاق...
صمتت الاء واخذت تفكر في حديث صديقتها حتى قالت اخيرا: ولكن هل تظنين بأن الطلاق سيكون سهل؟!
بالتأكيدد، انه أسهل مما تتخيلين، ألا ترين بأن حالات الطلاق اكثر من حالات الزواج في البلاد هذه الفترة.؟!

هزت الاء رأسها وقالت: معك حق يا هديل، الطلاق ليس بالامر الصعب...
ثم اردفت بمكر: كما أنني قادرة على جعله يطلقني بعد يوم من زفافنا...
ردت صديقتها بحماس: واخيرا بدأتي تفكرين بالشكل الصحيح...
تحدثت الاء بعد قليل من التفكير: انا سأشترط على والدي ان ينفذ لي مشروع شركة العطور وادوات التجميل.، وسأشترط عليه ان يشتري لي فيلا كبيرة ايضا...

فيلا كبيرة، !!! ماذا ستفعلين بها؟!
سألتهت هديل بتعجب لترد الاء بجدية: اعيش بها.، انت اكثر من يعرف بأنني لا احب العيش مع عائلتي في منزل واحد، انا اريد العيش في منزل خاص بي لوحدي...
ثم اردفت وهي تتخيل القادم: حينها سيصبح لي شركتي الخاصة ومنزلي ايضا...
وماذا عني.؟! ألن أحصل على اي شيء؟!

سألتها هديل ببؤس مصطنع لتحيطها الاء من كتفيها وتقول: انت بالذات لكِ هدية كبيرة.، سيارة احدث موديل.، كما انني سأقيم حفلة كبيرة وقتها ادعو لها جميع زملائي واصحابي...
واوو لقد تحمست...
قالتها هديل بحماس قبل ان تردف: هيا اذهبي الى والدك واخبريه بموافقتك...
حالا...
قالتها الاء وهي تحمل حقيبتها وتتجه نحو المنزل...

دلفت الاء المنزل لتسمع اصوات شجار عالية تأتي من صالة الجلوس...
اتجهت بسرعة الى هناك لتجد والدتها في وجهها وهي تقول موجهة حديثها لها: تعالي يا الاء، تعالي واسمعي ما يهذي به والدك، !
ماذا هناك؟!
سألت الاء بقلق وهي ترى كلا من والدها واخوانها يجلسون صامتين لا يقولون شيئا...
تحدث الاب اخيرا: والدتك جنت يا الاء...

التفتت أسما نحوه وقالت بجنون حقيقي: من الذي جن بالضبط؟! أنا ام من يريد تزويج أبناؤه بأولئك المجرمون.؟!
انتبهي على حديثك يا أسما...
هدر بها رياض بتحذير لترد أسما بلا مبالاة: كلا لن اصمت، انا لن ارضى بشيء كهذا...
ثم اردفت وهي تشير نحو ادهم: واذا ابني وافق على عرضك حتى لا يخجلك ويسبب لك الإحراج فإبنتي لن توافق بكل تأكيد...
ثم التفتت نحو الاء وقالت: أليس كذلك يا الاء؟!

تنحنت الاء قليلا ثم قالت بتردد: في الحقيقة انا قد جئت لأخبر بابا بأنني موافقة على أمر زواجي من ابن عائلة زهران...
ماذا؟!
قالها الاب وهو ينهض من مكانه بعدم تصديق بينما اخذت الاء نفسا عميقا تحاول بث القليل من الطاقة لها.، الصدمة كانت من نصيب والدتها واخوانها الذين اخذوا يتطلعون الى بعضهم بذهول شديد...

افاقت الام من ذهولها اخيرا وقالت بصراخ: انا لا اصدق ما اسمعه، لقد جننتم بكل تأكيد.، ماذا جرى لكم؟!
ثم اردفت قائلة: ليكن بعلمكم انا لن اوافق على هذه الزيجة.، ولن أحضرها.، هل فهمتم.؟!
ثم تحركت من أمامهم تاركة المكان لهم ليقترب ادهم من والده ويقول: بابا لا تضايق نفسك.، انا سأتحدث معها وأقنعها لا تقلق...
بينما اقترب أنس من أيهم وهمس له بصوت منخفض: أيهم، هل يُعقل ما سمعته؟! الاء توافق على هذه الزيجة وبهذه السهولة.، بالتأكيد هناك امر ما وراء موافقتها...

لم يرد أيهم عليه بل قال موجها حديثه لأدهم: من هذه الناحية فأنا مطمئن، انت خبرة في هذه الامور...
لمح ادهم السخرية في نبرته فسأله بحدة: ماذا تقصد؟!
نهض أيهم من مكانه وقال: لا اقصد شيئا.، انا ذاهب لأنجز بعضا من اعمالي.، عن اذنكم...
التفت ادهم نحو والده وقال: وانا ايضا لدي مشوار مهم.، يجب ان انتهي منه...
لا تنسى ان تتحدث مع والدتك...

اومأ ادهم برأسه متفهما ثم خرج من المكان بينما اقترب أنس من الاء وسألها: الاء اخبريني، كم دفع لكِ والدي لتوافقي على هذه الزيجة.؟!
رمته الاء بنظرات حادة قبل ان تنهض من مكانها وتتجه خارج المكان ليقول أنس لنفسه: لماذا الجميع يتعامل معي وكأنني كائن غير مرئي؟!
عاود أنس الذهاب نحو والده و سأله: راضو حبيبي.، اخبرني بالله عليك، كم دفعت لأدهم والاء حتى يوافقوا على هذه الزيجة؟!
تطلع اليه رياض بنظرات باردة قبل ان ينهض من مكانه ليشير أنس ال نفسه قائلا: يبدو أنني بالفعل شيء غير مرئي...

اقترب اسامة منه وقال بعبث: ألن تكف عن حماقاتك يا هذا.؟!
هز أنس رأسه نفيا ثم قال بتفكير: انا واثق من كونهما لم يوافقا على شيء كهذا الا بمقابل.، ومقابل كبير ايضا...
معك حق.، الله وحده يعلم كم دفع والدي لهما ليوافقا...
انتهازيان حقيران...
ادهم متى جئت؟!
قالها أسامة ليقفز أنس من مكانه بسرعة قبل ان يسمع صوت أسامة وهو يقهقه عاليا...

وصل ادهم اخيرا الى القرية.، لقد ذهب خصيصا الى هناك ليرى خطيبته المستقبلية ويتحدث معها.، اتجه نحو منزلها ووقف على بعد امتار قليلة منه ينتظر خروج احدهم من المنزل حتى يسأله عنها، فهو لا يرغب في الذهاب الى منزل عائلتها ويعرفهم عن نفسه...
وبالفعل وجد احدى الفتيات تخرج من هناك فسألها عنها لتخبره بأنها بالمزرعة الخاصة بعائلتها، اتجه ادهم فورا الى هناك واخذ يسير في الاراضي الواسعة وهو يبحث بعينيه عنها...

تأفف بضيق فهاهو يبحث عنها منذ الصباح ولم يجدها، يبدو انه بحاجة لاخد موعد خاص منها قبل ان يراها...
سار متقدما الى داخل احد الحقول القريبة ليتصنم في مكانه بعد لحظات وهو يشاهد احداهن تتسلق شجرة تفاح عالية...
رباه، من المستحيل ان تكون هي..
قالها لنفسه وهو يدعو ربه ألا تكون هذه المتسلقة هي خطيبته المزعومة...

اقترب منها بحذر حتى لا تشعر به بينما وصلت هي اخيرا الى قمة الشجرة، كان ظهرها موجها له مما يجعلها لا تراه...
بدأت تقطف ثمار التفاح الشهية وترميها على الارض بحماس شديد...
شعر بأنه رأها من قبل فهذا الجسد النحيل والشعر البني الطويل ليس بغريب عليه...
اقترب منها اكثر واختار هذه المرة ان يميل قليلا بجانبها ليرى ملامح وجهها بوضوح اكبر بينما هي منشغلة في عملية قطف الثمار...

جحظت عيناه بصدمة حينما تبين له بأن هذه المتسلقة لم تكن سوى راعية الغنم التي رأها عند مجيئه لهذه القرية، اخذ يربط الخيوط ببعضها وهو يدعو ربه ألا يكون ما يفكر به حقيقة...
وقبل ان يعي ما يفعله صرخ بلا ارادة عنه: فرح...
لتستدير نحوه في نفس اللحظة شاهقة بقوة من الصدمة فتسقط من فوق الشجرة بعدما فقدت توازنها فيستقبلها هو بين احضانه قبل ان يقع كلاهما على الارض...

نهضت فرح من مكانها وهي تنفض الغبار والأتربة عنها، نهض أدهم بدوره واخذ يفعل المثل وهو يشعر بالضيق الشديد...
نفض ادهم الغبار عن بذلته وقال بعصبية خفيفة: هل توجد فتاة عاقلة تفعل شيء كهذا؟! تتسلق شجرة عالية بهذا الشكل المخزي؟!
توقفت فرح عن نفض الغبار عن ملابسها ورفعت بصرها نحوه لتسأله بتحذير وهي تقترب منه: انتبه الى كلامك يا هذا...
ثم اردفت وهي تتأمله بقرف: ثانيا ما علاقتك انت بي.؟! أتسلق الاشجار او احرث الارض، ما علاقتك انت؟!
رد ادهم بغضب: بسببك توسخت بذلتي بالكامل...
حقا؟! يا لها من مشكلة عظيمة...

قالتها بتهكم قبل ان تطلق ضحكة عالية جعلته يكز على اسنانه بغيظ وهو يقول بنبرة مهددة: انتبهي على كلامك يا فتاة، واعرفي مع من انت تتحدثين...
عقدت فرح ذراعيها امام صدرها وتسائلت بإستهزاء واضح: صحيح والله نسيت ان اتعرف على سيادتك، من تكون بالله عليك.؟!

زفر أدهم أنفاسه بقوة ثم قال بجدية: انا ادهم الهاشمي.، ابن رياض الهاشمي...
تصنمت فرح في مكانها محاولة استيعاب الاسم لتهمس بعدم تصديق: هل انت؟!
ليقول ادهم بإبتسامة ماكرة: انا بشحمي ولحمي، أدهم الهاشمي، خطيبك المستقبلي...

04-02-2022 01:08 صباحا
مشاهدة مشاركة منفردة [3]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية عروس الثأر
رواية عروس الثأر للكاتبة سارة علي الفصل الرابع

ماذا تريد؟!
سألته فرح وقد اختفت صدمتها تدريجيا وحل محلها البرود واللامبالاة...
اجابها ادهم بنبرة ساخطة: جئت لأراكِ واتحدث معك بشأن موضوع خطبتنا...
زفرت فرح أنفاسها بقوة وقالت: تفضل، قل ما لديك...
هل سنتحدث هنا؟!
سألها وهو يشير الى المكان حوله بنظرة دونية لتسأله بسخرية: وما به المكان هنا؟! آه صحيح نسيت أنك غير معتاد سوى على ارتياد الأماكن الراقية الحديثة...

تشنجت ملامح وجهه حينما قال من بين أسنانه: من المنطق ان نجلس في مكان هادئ لنتحدث...
مطت فرح شفتيها وقالت بإستياء: ولكنني لا استطيع الذهاب معك الى اي مكان عام لوحدنا، ماذا سيقول الناس عني حينما يروني مع شخص غريب؟!
تأفف ادهم بضيق واضح جعل فرح ترغب في الانقضاض عليه وخرمشة وجهه الوسيم، تحدث ادهم اخيرا بعدم اقتناع: حسنا، سنتحدث هنا، امري لله فلا حل اخر امامي...

ابتسمت فرح بإنتصار ثم قالت وهي تخفي ابتسامتها بسرعة: قل ما لديك، اسمعك...
تنهد أدهم وقال: انت تعلمين بإننا يجب ان نتزوج بأقرب وقت، بسبب ما حدث ومحاولة قتلكم لأخي...
شدد على حروف كلماته الاخير لترد فرح عليه بنبرتها القوية: وما حدث بالماضي وقتل والدك لعمي...
قال ادهم بحدة وغلظة: أبي ليس قاتلا...

لكنها ردت بعناد: بل هو كذلك، والجميع يعرف هذا، وكل ما حدث ويحدث الان بسببه...
اسمعيني يا هذه، اياكي ان أسمعك وانت تتحدثين بهذه الطريقة عن والدي مرة اخرى، هل فهمت؟!
كان يبدو عصبيا حادا في حديثه بشكل أرهبها للحظات و جعلها تشعر بأنها تجاوزت حدودها لكنها سيطرت على نفسها وهي ترد: لا تتأمر علي، انا لست بعاملة لديك لتتحدث معي بهذه الطريقة...

كز على أسنانه بغيظ منها وقال بنفس نبرته العصبية: انت مملة للغاية، هل تعلمين هذا؟!
منحته ابتسامة تهكمية وقالت: مملة مع المغرورين امثالك...
اخذ نفسا عميقا وقال بنفاذ صبر: يا الهي، يبدو ان اليوم لن يمر بخير...
ثم اشار لها قائلا بتحذير: اسمعيني يا فتاة، انا لست بفاضِ لسماع احاديثك السخيفة، لقد جئت هنا لأتحدث معك في بعض الامور المهمة...
رفعت اصبعها في وجهه وقالت محذرة اياه: اسمعني جيدا، انا لا اسمح لك بأن تتحدث معي بهذه الطريقة.، أحاديثي ليست بسخيفة، هل فهمت؟!
اللعنة...

ثم أطلق شتيمة قوية جعلت عيناها تتسع لا اراديا من وقاحته...
اما هو فقال اخيرا بعدما فقد كل ذرة صبر لديه: اسمعيني يا هذه...
قاطعته: اسمي فرح...
رد بجمود: اسمعيني يا فرح...

وقبل ان يكمل حديثه ويقول ما لديه كان هاتفه يرن، اخرج هاتفه من جيبه فوجد أبيه يتصل به، ضغط على زر الاجابة واجابه قائلا: نعم بابا، ماذا هناك؟!
جاءه صوت أبيع قائلا بعجلة: ادهم تعال فورا...
انا في القرية ابي...
رد الاب بسرعةة: اعلم، ولكن يجب ان تأتي حالا وإياك ان تخبر الفتاة بأي شيء، هل سمعت؟!
تطلع أدهم الى فرح التي أشاحت وجهها بعيدا عنه ليقول منهيا المكالمة: حسنا، كما تريد...

ثم اغلق هاتفه ووضعه في جيبه وتحرك خارج المزرعة دون ان يتحدث مع فرح التي ضربت الارض بقدميها وهي تهتف بعصبية: الوقح عديم الاخلاق...
اما أدهم فقد ركب سيارته واتجه الى المدينة وتحديدا الى الشركة.، وصل الى هناك بعد عدة ساعات وذهب متعجلا الى مكتب والده، دلف اليه وقال متسائلا بحنق: مالذي تريده مني بابا؟! وكيف عرفت بأنني سأتحدث مع فرح؟!
اجلس اولا...

أمره الاب ليجلس أدهم على الكرسي المقابل له بينما اكمل الاب بجدية: أسامة هو من أخبرني بأمر ذهابك الى هناك...
هز أدهم رأسه بتفهم ثم تسائل: ولماذا طلبت مني العودة فورا؟!
اجابه الاب: طلبت منك هذا حتى لا تخرب الزيجة بأفعالك المتهورة...
ماذا تقصد؟!

سأله ادهم بحيرة ليجيب الاب بنفس جديته: انا اعلم ما كنت تنوي قوله للفتاة، وأحذرك من هذا يا ادهم...
رد أدهم ناكرا كل ما قاله والده: انا اردت رؤيتها فقط والتعرف عليها...
هل تراني غبي يا هذا؟! انا اعرف جيدا ما كنت تريد قوله لها، واحذرك يا ادهم من هذا، انت ستتزوج الفتاة على سنة الله ورسوله، ستتمم زواجك بها وتعاملها بأفضل شكل ممكن، هل فهمت.؟!

ابتلع ادهم ريقه وقال بعد تردد: فهمت...
تمتم الاب براحة: جيد...
ثم اردف متسائلا: كيف وجدت الفتاة؟!
اجابه أدهم: جيدة...
عاد الاب وسأله: بماذا تحدثتم؟!
ابتسم ادهم ساخرا واجاب: لم نلحق ان نتحدث أبي.، لقد قاطعتنا في الوقت المناسب...

صحح الاب ما قاله: تقصد أنني أنقذتك في الوقت المناسب...
سأله أدهم مغيرا الموضوع: متى سيعود عمي مصطفى من أمريكا؟!
اجابه الاب: اتركه هناك، لن اطلب منه العودة حتى تتم الزيجة، انت تعرف مدى كرهه لعائلة زهران، وجوده سيسبب مشاكل كثيرة لنا...
هز ادهم رأسه بتفهم ثم نهض من مكانه وقال: انا سأذهب الى مكتبي، هل تريد شيئا اخر مني؟!
بالطبع، اريدك ان تتحدث مع والدتك وتقعنها بأمر هذه الزيجة...
حينما أراها ليلا سأتحدث معها...

اعترض الاب: الان، تحدث معها الان...
اومأ أدهم برأسه ثم قال على مضغ: كما تريد، سأتحدث معها الان...
ثم خرج من مكتب والده متجها الى مكتبه، جلس عليه وبدأ يعمل على بعض الملفات الخاصة بعمله حينما سمع طرقات على باب الغرفة يتبعها دخول إمرأة الى مكتبه...
شيرين...

قالها أدهم بسرعة وهو ينهض من مكانه ويستقبلها مرحبا به: اهلا بك...
ابتسمت شيرين وقالت متسائلة: كيف حالك ادهم؟!
اجابها ادهم وهو يتفحص منظرها المرهق: بخير...
سألها بقلق: وماذا عنك؟! هل انت بخير؟!
اومأت رأسها دون ان ترد ليقول وهو يشير الى الكراسي المقابلة لمكتبه: تعالي نجلس هناك ونتحدث...
جلست شيرين على احد الكرسيين وجلس ادهم على الكرسي الاخر المقابل له...
ماذا تحبين ان تشربي؟!

سألها أدهم لتهز رأسه نفيا وهي تجيب بصوتها الخافت: شكرا، لا اريد شيء...
شعر أدهم بترددها عن قول شيء ما فقال مشجعا: تحدثي يا شيرين، أنا أسمعك...
ابتلعت شيرين ريقها وقالت بتردد: أدهم يسأل عنك كثيرا...

رد أدهم بسرعة: كيف حاله.؟! شيرين انا اعرف بأنني لم اره منذ وقت طويل ومقصر معه كثيرا، لكن صدقيني ما حدث في الاونه الاخيرة منعني عن زيارته...
قاطعته: انا لا الومك ابدا، اعرف ان لديك التزامات كثيرة و..
قاطعها شارحا لها موقفه: أسامة أصيب برصاصة في صدره...
ماذا؟!

صرخت بعدم تصديق قبل ان تسأله بلهفة: متى وكيف.؟!
اجابها أدهم موضحا لها ما حدث.، شرح لها تفاصيل اصابته...
وماذا ستفعلون الان؟!
تنهد أدهم وهو يجيبها: هذه قصة طويلة، سأشرحها لك حينما أراك في المنزل...
متى ستزورنا اذا؟!
الليلة باذن الله، لقد اشتقت لأدهم كثيرا...
وهو ايضا يشتاق لك كثيرا...

ابتسمت براحة ثم قالت وهي تنهض من مكانها: الحمد لله على سلامة أسامة مرة مرة اخرى، تمنياتي له بالشفاء العاجل...
منحها أدهم إبتسامة خفيفة وقال: اشكرك كثيرا...
ثم اردف بعدها: لا تخبري أدهم بأني سأاتي، دعيها مفاجئة له...
حاضر، مع السلامة...
قالتها بسعادة لاحظها هو ثم ما لبثت ان خرجت من مكتبه ليتنهد هو بقوة ويعود الى مكتبه ويحمل هاتفه ومفتاح سيارته متجها هو الاخر الى منزله للحديث مع والدته...

كانت أسما جالسة على الكنبة في صالة الجلوس تقلب في احدى المجلات حينما دلفت ألاء الى الداخل واتجهت نحوها جالسة امامها...
لم ترفع أسما بصرها عن المجلة بينما تنحنت ألاء مصدرة صوتا يدل على وجودها...
ماما ارجوكِ...
قاطعتها أسما بعصبية: انا لست بأم أحد...
ماما لماذا تفعلين هذا؟! مالذي فعلته لأستحق هذه المعاملة منك؟!

رمت أسما المجلة على الطاولة ونهضت من مكانها قائلة بنفس العصبية والغضب: وتتسائلين ايضا عما فعلتي.، !!! ألا تدركين حجم ما فعلتيه يا انسة ألاء؟!
ابتلعت ألاء ريقها وقالت: ماما اسمعيني، انا كنت مجبرة على الموافقة، لم يكن امامي حلا اخر...
قالت أسما بأسى مفتعل: حقا، !!! أيتها المسكينة...

ثم اردفت بنبرة ذات مغزى: انا اعرف جيدا ان هناك سبب لموافقتك، انتِ لا تفعلين شيئا لوجه الله هكذا، هناك بالتأكيد سبب لموافقتك...
اخفضت ألاء بصرها وقالت بوداعة شديدة: ماما لماذا تقولين هذا؟! ألا تعلمين حجم حبي لأبي و...
قاطعتها أسما بعصبية: ألاء لا تكذبي، انا والدتك واكثر من يفهمك، اخبريني الان، ماذا ستأخذين من والدك مقابل هذه الزيجة؟!
رفعت ألاء نظراتها المترددة نحو والدتها التي قالت بإصرار: تحدثي...

زمت ألاء شفتيها بعبوس ثم قالت بصوت متلكأ: لقد وعدني بابا بأنه سيؤسس لي شركة العطور وادوات التجميل التي اريدها..
تطلعت اليها والدتها بنظرات نافرة فنهضت ألاء من مكانها وقالت بترجي: ماما قولي شيئا، ارجوك...
ردت أسما بعصبية: ماذا سأقول؟! لقد اخترتي وانتهى الامر...

ماما ارجوكِ، لا تفعلي هذا بي، انت تعلمين اهمية هذا المشروع بالنسبة لي، وبابا ما كان ليحققه لي لولا موافقتي على هذه الزيجة...
ابنتي ، هل انت واعية لما تفعلينه؟! هذا زواج وليس لعبة كما تظنين، عليك بأن تفكري جيدا قبل اتخاذ قرار مهم كهذا...
كانت أسما تتحدث بنبرة هادئة للغاية تناقض عصبيتها المفرطة منذ قليل محاولة منها لتذكير ابنتها بحقيقة ما ينتظرها...

صمتت أسما لوهلة قبل ان تكمل بجدية: انت ستتزوجين من شخص لا تعرفينه، شخص يختلف عنك في كل شيء، سوف تعيشين معه في قريته، وتتقيدين بعاداته، هل انتِ قادرة على هذا؟!
تطلعت أادلاء اليها بحيرة قبل ان تقول اخيرا: نعم انا قادرة على هذا...
حسنا يبدو انكِ اتخذتي قرارك وانتهى الامر...

قالتها أسما بخيبة من اصرار ابنتها على الاستمرار في هذه الزيجة، في هذه الاثناء دلف ادهم الى الداخل.، القى التحية ثم اقترب من والدته وطبع قبلة على وجنتها قائلا: هل ما زالت حلوتي متضايقة مني.؟!
نهضت ألاء من مكانها واتجهت خارج المكان دون ان ترد التحية حتى بينما اشاحت أسما وجهها الى الجهة الاخرى وقالت بضيق: ابتعد عني يا أدهم، كلامك هذا لن يؤثر بي...

احاطها أدهم من كتفيها وقال محاولا استرضائها: ست الكل، انت الاساس ونحن لا نقدر على مضايقتك واغضابك...
ولكنكم فعلتم...
قالتها بحزن كبير ليرد أدهم بجدية: فكري في مصلحتنا امي، صدقيني هذا افضل حل لأنهاء الثأر بين العائلتين...
ابتعدت أسما عنه وتوجهت نحو الكنبة.، جلست عليها وقالت وقد بدأت الدموع تهطل من عينيها: لماذا عليَّ ان أزوج اولادي بهذه الطريقة؟! لماذا ارضى بشيء كهذا؟!

حك ادهم ذقنه بحيرة فهو لا يعرف كيف يتعامل بمواقف كهذه، كانت تلك المرة الاولى التي يرى بها أمه تبكي بهذا الشكل، فأمه كانت دائما قوية مسيطرة لا تهطل دموعها إلا لسبب قوي، أن يرى دموعها هكذا معناه ان والدته تمر بفترة عصيبة.، ولن تتحمل شيء كهذا...
اقترب أدهم منها وجلس بجانبها على الكنبة.، أحاطها مرة اخرى من كتفيها وقال بنبرة مواسية: ارجوكِ ماما لا تفعلي هذا.، ان تعرفين مقدار حبنا لكِ...
تحدثت أسما من بين دموعها: لو كنت تحبني ما كنت لتوافق على هذه الزيجة...

ثم اخذت تمسح دموعها بظاهر كفها وتقول: اختك وعلمت سبب موافقتها، ولكن ماذا عنك؟! هل عرض والدك عليك المال ايضا؟!
صمت ادهم لوهلة يفكر في حديث والدته وما قالته قبل لحظات ليقول اخيرا: ماذا تقصدين من اجل المال؟! هل عرض والدي المال على ألاء لتوافق؟!
ارتبكت أسما وشعرت بأنها وقعت في الخطأ فقالت محاولة تغيير الموضوع: اخبرني والدك بأنك ذهبت الى القرية، هل رأيت الفتاة؟!

الا ان أدهم كان مصرا على معرفة ما دار من وراء ظهره فعاد يسأل بإصرار: ماما لا تغيري الموضوع، أخبريني بصراحة، ماذا أعطى والدي لألاء كي توافق على هذه الزيجة؟!
اجابته أسما بنبرة مترددة مضطربة: لقد اخبرها بأنه سيؤسس لها شركة العطور وادوات التجميل التي تريدها...
ابتسامة تهكمية ارتسمت على شفتيه وهو يقول: كنت اعلم ان وراء موافقتها سر ما...

الا ان الام عارضته بنفس السخرية: وكأنك تختلف عنها، ماذا يا ترى عرض والدك عليك لتوافق؟!
مسك أدهم يدها محتضنا اياها وقال بمراوغة: ما رأيك ان تخبريني بمخططاتك لزواجي؟!
هل تمزح معي يا ادهم؟! أي زواج بالله عليك؟!
قالتها وهي تشيح وجهها بضيق ليتنهد أدهم وينهض من مكانه خارجا من المكان تاركا إياها لوحدها...

دلف أدهم الى غرفة أسامة...
وجده جالسا على سريره يعمل على حاسوبه الشخصي...
اقترب منه ووقف بجانبه متسائلا: ماذا تفعل؟!
اجابه أسامه وهو يغلق حاسوبه: العب...
ظننتك تدرس...

قالها أدهم وهو يخلع سترته ويرميها على السرير ثم يجلس بجانبها أسامة الذي اعتدل في جلسته...
سأله أسامة بفضول: ماذا حدث معك؟! اخبرني، كيف كانت عروسك؟!
لن تتخيل من هي...
هل أعرفها.؟!

سأله أسامة بدهشة ليومأ أدهم برأسه ويجيبه: خطيبتي هي نفسها راعية الغنم التي سبق وكدت أصدمها بسيارته...
قفز أسامة من مكانه مقتربا من أدهم قائلا بعدم تصديق: هل هذه مزحة يا أدهم؟!
قال أدهم بتأسف: ليتها كانت مزحة بالفعل...
انها حقا صدفة غريبة...
قالها أسامة بدهشة قبل ان يتسائل مرة اخرى: وماذا فعلت معها؟!

اخذ أدهم يسرد على مسامعه ما حدث بينه وبين فرح، انتهى ادهم من حديثه ليجد أسامة يقول بصوت ساخر: في المرة الاولى كانت ترعى الغنم، وبعدها تتسلق الأشجار، اخاف ان تأتيكِ في المرة الثالثة وهي راكبة على حمار...
اخرس...
هدر به أدهم بعنف جعلت الاخير يكتم ضحكته التي وصلت الى أذنيه...
هل تمزح معي بينما أنا أشتعل غضبا؟!

اخيرا استطاع ان يسيطر على ضحكاته فقال وهو يبتسم بخفوت: حسنا انا اسف.، اخبرني الان، ماذا تنوي ان تفعل معها؟!
عاد ادهم بذاكرته الى الخلف وهو يتذكر لقاءه العابر معها، لقاء لم يجنِ منه شيئا سوى المزيد من الحيرة والضياع، فعروسه ليست بهينة كما كان يظن...
تحدث اخيرا بعدما جمع افكاره: هذه الفتاة بحاجة الى اعادة تأهيل حتى تليق بي كعروس، لذا فأنني سأتولى هذه المهمة.، وأول شيء سأقوم به قص لسانها الطويل...

مساءا...
وقف أدهم أمام باب شقة شيرين، ضغط على جرس الباب لتفتحه له بعد لحظات، تأملته شيرين وهو يحمل العديد من الاكياس بينما يقول لها بأبتسامة: مرحبا...
ردت شيرين تحيته قائلة: اهلا، تفضل..
دلف أدهم الى الداخل ووضع الأكياس على المنضدة حينما ركض نحوه طفل صغير ذو اربعة اعوام وهو يصرخ بلهفة شديدة: بابا...

احتضنه أدهم ورفعه نحو الاعلى ثم طبع قبلة على وجنتيه وقال بحب: حبيب بابا، كيف حالك؟!
زم الصغير شفتيه بعبوس وقال بضيق: لماذا تأخرت علي ولم تأتِ وتزرني منذ فترة؟!
اقتربت شيرين منهما وقالت موجهة حديثها لابنها: أدهم حبيبي، دع والدك يرتاح قليلا...
الا ان ادهم عارضها قائلا: دعيه يخبرني بما في قلبه، انا استحق هذا منه...

قالت شيرين بجدية: لقد اخبرته بأنك لم تستطع المجيء بسبب ظرف طارئ...
ابتسم لها أدهم ثم عاد يقبل الصغير من وجنته ويقول: لقد جلبت لك الكثير من الالعاب...
حقا؟!
قالها الصغير وهو ينهض من مكانه ويتجه نحو الاكياس ويخرج ما بها بحماس شديد...
اما شيرين فسألت أدهم: ماذا تشرب؟!

أجابها وهو يخلع سترته: قهوة من فضلك...
نهضت شيرين من مكانها واتجهت الى المطبخ لتعد القهوة بينما نهض أدهم واخذ يلعب مع الصغير...
عادت شيرين بعد لحظات وهي تحمل كوبين من القهوة، ترك أدهم الصغير يلعب لوحده وحمل كوب القهوة خاصته وجلس بجانب شيرين التي حملت الكوب خاصتها وبدئا يتناولان قهوتهما...

تحدثت شيرين متسائلة بنبرة مترددة: ألن تخبرني بما حدث؟!
وضع أدهم كوب قهوته على الطاولة ثم تنهد بصوت مسموع قبل ان يسرد لها ما حدث بالتفصيل والمشاكل التي تجمعهم بعائلة زهران...
يا لها من مشكلة.، وماذا ستفعلون الان؟! كيف ستحلون المشكلة؟!
اجابها أدهم: سأتزوج بإبنتهم...
ماذا؟!

صرخت شيرين بعدم تصديق ليلتفت الصغير نحوها فزعا...
انا اسفة...
قالتها شيرين بإعتذار حقيقي ليربت أدهم على كف يدها قائلا: لا عليك...
ثم اردف بجدية: أعرف بأن ما قلته صادم بالنسبة لك...
نعم صادم بشدة...
قالتها موافقة اياه ليصمت كليهما للحظات قبل ان يقولان بذات الوقت: ادهم...
شيرين...

تحدثي اولا..
قالها أدهم لكنها عارضته: بل قل ما لديك انت اولا..
تحدث ادهم بنبرة جادة: شيرين يجب ان تعلمي بأن زواجي من ابنة عائلة زهران مؤقت، سينتهي بكل تأكيد، كما انه لن يؤثر على علاقتي بك او بأدهم، اطلاقا...
ابتسمت شيرين بفتور ثم قالت: لا تقلق يا ادهم.، انا اعلم جيدا غلاوة أدهم لديك، وأعلم انك لن تتخلى عنه مهما حدث...
ابتسم أدهم براحة ثم نهض من مكانه ليعاود اللعب مع الصغير من جديد...

في صباح اليوم التالي...
في منزل حميد زهران...
كان الجميع يجلس على طاولة الافطار يتناولون طعامهم صباحا...
تحدثت نجلاء الام موجهة حديثها لليلى: ليلى حبيبتي تناولي فطورك بسرعة، حتى لا نتأخر على الصالون...
لقد انتهيت...

قالتها ليلى وهي تنهض من مكانها وتركض بسرعة نحو غرفتها لتتبعها فرح هي الاخرى...
تطلعت ملك الى والدتها وقالت بنبرة مترجية: امي خذيني معكم ارجوكي...
الا ان الام عارضت بصرامة: لقد قلت لا احد يأتي معنا سوى فرح، سوف ارسل لكما نورا لتصفف شعركما وتضع المكياج لكما...
مطت ملك شفتيها بعبوس بينما همست مريم لها: لا تعبسي هكذا...
هزت ملك رأسها على مضغ بينما نهضت نجلاء من مكانها وقالت موجهة حديثها لزوجها: حميد لا تنسى الذهاب لأبي، انه يريد ان يراك...
صباح الخير...

قالها أحدهم بمرح وصوت مرتفع لتنهض ملك بسرعة من مكانها وتركض نحوه وتتعلق بعنقه بينما صرخت مريم هي الاخرى بصوت مليء بالسعادة: مازن...
ركضت مريم نحوه ليحتضنها هي الاخرى بينما وقف حميد ونجلاء يتطلعان اليه بصدمة كبيرة غير مستوعبين بعد انه اصبح هنا...
تقدم مازن نحو والدته بعدما حرر ملك ومريم من بين احضانه، ضمها إليه بقوة بينما استوعبت والدته اخيرا انه هنا ويحتضنها لتشهق باكية بقوة...

اخذ يقبل رأسها ويدها بحب بينما اقترب الاب منه واداره نحوه وضمه إليه بقوة...
جائتا كلا من ليلى وفرح راكضتان نحوه ليحتضنهما مازن بقوة...
بعد انتهاء الجميع من تبادل الاحضان والقبلات جلس الجميع على طاولة الطعام مرة اخرى بينما احتضنت نجلاء الام مازن مرة اخرى...

تحدث الاب اخيرا قائلا: لماذا لم تخبرنا بأنك ستأتي اليوم.؟!
اجابه مازن وهو يتحرر من احضان والدته: اردت ان أفاجئكم...
مفاجئة رائعة...
قالتها فرح بإبتسامة سعيدة ليبتسم لها مازن ويقول: ما اخباركم؟!
كادت ليلى ان ترد الا ان ملك صرخت بها قائلة: الصالون يا ليلى، ستتأخرين عليه...
انتفضت ليلى من مكانها وقالت بسرعة: ماما هيا سنتأخر...
طبعت فرح قبلة على وجنة مازن ثم حملت نفسها ولحقت بوالدتها وليلى.، بينما اخذ مازن يتبادل الحديث مع والده وملك ومريم...

مساءا
دلفت فرح الى غرفة نومها لتجد ليلى جالسة على سريرها تضم يديها الاثنتين الى بعض ورأسها منخفض نحو الأسفل...
تقدمت فرح نحوها بسرعة وقالت لها: هيا ليلى، يجب ان ننزل الى الاسفل، اهل العريس على ابواب الوصول...
رفعت ليلى رأسها نحو الاعلى لتشهق فرح بصدمة، كانت عينيها منتفختين من شدة البكاء ووجها كذلك...
ليلى ما هذا؟! لقد خربتي مكياجك...

نهرتها فرح بإنفعال ثم اتجهت نحو طاولة التجميل واخرجت منها بعض ادوات التجميل...
حملت الادوات وتقدمت نحو ليلى التي اخذت تمسح وجهها بكفي بأناملها لتصرخ بها فرح بشكل أجفلها: توقفي ماذا تفعلين؟! سوف تزيدين الوضع سوءا...
ابعدت ليلى أناملها بسرعة عن وجهها ثم قالت بنبرة متأسفة: أسفة ولكنني لم استطع السيطرة على دموعي...
لا بأس...

قالتها فرح وهي تحاول ان تعدل لها مكياجها...
كانت فرح مستمرة بوضع لمساتها الخاصة على وجه ليلى حينما دلفت ملك وهي تقول بنبرة عجلة: لقد وصل اهل العريس...
قفزت ليلى من مكانها وقالت: يا إلهي لقد تأخرت...
انتظري لحظة...
قالتها فرح وهي تعدل لها أحمر الشفاه بينما اخذت ليلى تسأل ملك: هل ابدو جميلة؟! هل فستاني مهندم بشكل جيد؟!
اجابتها ملك وهي تتطلع اليها بحب: تبدين رائعة...
هيا بإمكانك الخروج...

قالتها فرح بعدما انتهت من وضع المكياج لها لتأخذ ليلى نفسا عميقا قبل ان تتجه خارج الغرفة وتهبط نحو الطابق السفلي حيث ينتظرها عريسها وأهله...
هبطت ليلى درجات السلم واتجهت الى صالة الجلوس الواسعة لتجد الجميع هناك...
جابر وأهله وأهلها، جميعهم في انتظارها، اضافة الى الطبالين الذين يعزفون الموسيقى الشعبية الرائجة...
انطلقت الزغاريد من الجهتين بينما ليلى تتجه نحو جابر وتتأبط ذراعه...
لحظات قليلة وخرج العروسان من المنزل متجهان الى قاعة الحفل يتبعهما الاهل...

في قاعة الحفل...
بدأت الحفلة في تمام الساعة السادسة، دلف العروسان الى القاعة وسط تصفيق الحضور وجلسا في الكوشة المخصصة لهما ثم بدئوا يشغلون الاغاني الراقصة فنهض أقارب العروسين واصدقائهما وبدئا الرقص...
في هذه الاثناء دلفت عائلة الهاشمي الى قاعة الحفل فنهض حميد واخوانه بسرعة يستقبلون اياهم مرحبين بهم...

دلف أدهم يتبع عائلته وهو يجول ببصره ارجاء المكان حينما تسمر في مكانه وهو يرى خطيبته ترقص على احدى الانغام الشعبية مع شاب يراه لأول مرة...
كانت ترقص ببهجة شديدة وهي ترتدي فستان اقل ما يقال عنه انه رائع، كان فستان احمر طويل ذو حمالات رفيعة يلتصق بجسدها من الاعلى ثم يتسع تدريجيا عند الخصر ويستمر في اتساعه نحو الاسفل حتى يصل الى كاحلها، قماش الفستان مطرز بفصوص ماسية حمراء تغطي القماش بالكامل حتى منطقة الخصر ثم تخف تدريجيا تحت هذه المنطقة...

ابتلع ريقه وهو يراها بهذا الشكل المثير حيث شعرها الطويل منسدل بنعومة على ظهرها...
احتدت ملامحه اكثر وهو يراها ترقص بعفوية مع شاب اخر الى جانب الاول...
شعر برغبة كبيرة بخنقها تلك المتسلقة راعية الغنم...
هل تعمدت ان تفعل هذا حتى تغيظه؟! ولكنها لا تعلم بمجيئه...
تقدم أدهم مع عائلته نحو احدى الطاولات القريبة من ساحة الرقص...
جلس بجانب والدته التي سألته بصوت هامس: أين هي؟!
ليجيب أسامة نيابة عنه: تلك التي ترقص مع الشابين...

رمقتها أسما بنظرات مستاءة قبل ان تهتف بعدم تصديق: ما هذا الرقص؟! هل نحن في حفل زفاف شعبي؟!
بينما اقترب أنس هامسا لأيهم: انظر الى حفل زفافهم، يبدو مبهجا للغاية بهذه الاغاني الشعبية، على عكس أعراسنا حيث لا نسمع بها سوى تلك الموسيقى البائسة، لا ينقصنا فيها سوى أن يشغلون لنا ايها الراقدون تحت التراب...

كتم ايهم ضحكة نادرة صدرت عنه بينما أكمل أنس وهو يشير الى فرح: يقال ان تلك زوجة اخيك المستقبلية، تبدو جميلة أليست كذلك؟!
تطلع أيهم الى وجه أمه الغير راضي ووجه أدهم المتشنج ليهمس بنبرة خبيثة: هنيئا لك يا ادهم بعروسك التي سترفع رأسك أمام أصدقائك والعائلة...
اما فرح فوجدت والدتها تقترب منها وتهمس لها قائلة: ابوكي ارسلني لك، يقول انه يجب ان تذهبي وتسلمي على عائلة خطيبك...
نقلت فرح بصرها في ارجاء المكان حينما تسمرت عيناها على ادهم الذي كان يتحدث مع أسامة غير منتبه لها...
همست بضيق وعدم تصديق: مالذي جلبهم الى هنا؟!

ما هذا الكلام الذي تقولينه؟! هيا اذهبي والقي التحية عليهم...
اومأت فرح برأسها على مضغ ثم اتجهت الى الطاولة التي يجلسون عليها...
انتبه أدهم لها وهي تتقدم ناحيتهم وتلقي التحية على والدته التي حييتها ببرود بينما رحب بها والده ترحيبا حارا...
اقتربت فرح منه وحيته بأدب استغربه هو شخصيا ثم حيت بقية اخوته واتجهت نحو طاولة عائلتها وجلست عليها...
اخذ كاظم يتابع الحفل بأنظاره بينما عيناه تتجه لا اراديا ناحية الاء التي تجلس بجانب والدها واضعة قدما فوق الاخرى ترتدي فستانا اسودا طويلا تتابع الحفل بنظراتها العنجهية المتكبرة...

انتظر كاظم ان تنهض وتحيي عائلة كما فعلت فرح مثلهم لكنها لم تفعل الامر الذي ضايقه بشدة...
هي حتى لم تحييه هو وتعاملت معه كأنه شيء غير مرئي...
مما جعله يتوعد لها بالكثير...

كانت ميرا تتأمل مازن الذي يتحدث مع والده وأعمامه بنظرات حالمة حينما شعرت بشخص ما يقترب منها ويهمس بجانب اذنها بشكل اجفلها: كفي عن تأمله، سوف تفضحين نفسك أمامه...
شهقت ميرا بصدمة وتراجعت الى الخلف حينما ضحكت رزان عاليا وهي تقترب منها وتجلس بجانبها قائلة من بين ضحكاتها: منظرك يبدو مضحكا للغاية وانت مجفلة...

نهرتها ميرا بحدة: اخرسي رزان...
وضعت رزان كف يدها على فمها بينما اشاحت ميرا وجهها بضيق...
نهضت فرح من مكانها حينما رن هاتفها، حملته معها واتجهت خارج القاعة وتحديدا في الحديقة الملحقة بالقاعة...
اخذت تحادث مروان أخيها الذي طلب منها ان تصور له الحفل وترسل التصوير إليه...
اغلقت فرح المكالمة معه حينما شعرت بأحدهم يقترب منها من الخلف ويضع قطعة قماش بيضاء على انفها لتفقد وعيها بعد لحظات وتسقط بين يديه فيحملها هو متجها نحو سيارته...



المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
رواية صغيرتي الحمقاء زهرة الصبار
39 6994 زهرة الصبار
رواية انتقام ثم عشق زهرة الصبار
38 4052 زهرة الصبار
رواية حبيب الروح زهرة الصبار
39 3100 زهرة الصبار
رواية لا ترحلي زهرة الصبار
36 2971 عبد القادر خليل
رواية أحببت فاطمة زهرة الصبار
74 3416 زهرة الصبار

الكلمات الدلالية
رواية ، عروس ، الثأر ،


 





# فنون # مشاهير # صحة # منوعات # الأطفال # English # تفسير الأحلام ثقافة # قصص # سيارات Cars # صور # تقنيات # الاجهزة الالكترونية # المطبخ # كلام فى الحب # أبراج # رياضة # ازياء # حكم وأقوال تطوير الذات# خلفيات # صور بنات # مشاهير # ديكور # صباح الخير # مكتوب برقيات شهر رمضان # جمعة مباركة # حب رومانسية # عيد # ادعية # خلفيات كرتون # منوعات # موضة # الأم # أطفال # حيوانات # صور ورد # اكلات # New Year # مساء الخير # اللهم صلي علي النبي # القران الكريم # صور نكت # عيد ميلاد # اعلام # سيارات # تهنئة الخطوبة # حروف واسماء # الغاز # صور حزينة # فساتين # هدايا # خلفيات النادي الاهلي # تسريحات شعر # الاصدقاء # بوستات نجحت # خلفيات نادي الزمالك # حب رومانسية # تهنئه # ازياء # صور بنات # صوره وكلمه خلفيات # كرتون # بروفايل رمزيات # دينية # سيارات # مضحكة # أعلام # مسابقات # حيوانات # ديكور # أطفال # أكلات # حزينة صور شباب أولاد ر# صور # الطب و الصحة # مقالات عامه # CV المشاهير # وصفات الطبخ # العناية بالبشرة غرائب وعجائب # قصص روايات مواعظ # صور حيوانات # وصفات الحلويات # الرجيم والرشاقة # نكت مضحكة # صور خلفيات # العناية بالشعر # شروحات و تقنيات # videos # Apps & Games Free # موضة أناقة أزياء # سيارات # ديكور # رعاية الأطفال # نصائح المطبخ # موبايل جوال # الفوركس # التعليم والمدارس # الحمل و الولادة # اخبار الرياضه # وظائف # صحة المرأة # حوادث # صور بنات # صور اطفال # مكياج و تجميل # عناوين بنوك شركات محلات مطاعم # العاب الغاز # عيد # كلمات الاغانى # اشغال فنيه واعمال يدويه # مصر # أشعار خواطر # للنساء فقط # للرجال فقط # صور شباب # علاج النحافه # رسائل SMS # أكلات نباتية - Vegetarian food # برامج الكمبيوتر # المراهقة # جمعة مباركة # blogger # رعب # لعنة العشق # حب # اسلامية # قاسي ولكن أحبني # أحفاد أشرار الحرب لأجلك سلام # أسمى معاني الغرام # حقيقية # لقد كنت لعبة في يده # ملهمة # أباطرة العشق # عربية # حب خاطئ # لست مميزاً # من الجاني # مشاهير # راقصة الحانة # اغتصاب طفلة # عاشقان يجمعهم القدر # الطريق الصعب # خيال علمي # أشواك الحب # تاريخ # سجينة ثوب الرجال # لروحك عطر لا ينسى # أطفال # عشق وانتقام # لازلت أتنفسك # لقاؤنا صدفة # للحب معان أخرى # خاتم سليمان # ممن أنتقم # نجاح # أبواب وهمية # حلمى فى صفيحة قمامة # فيلم # مجنون بحبك # بين شباكها # حزينه # رحلات جوليفر # عذاب قسوته # عندما ينادي الشيطان # لعنة حبك # مريم وامير # هدوء في قلب العاصفة # الحاسة السادسة # المشعوذة الصغيرة # عباقرة # لوعة العشق # حروب # قدر بالإجبار # بنات مضحكه# فوركس Forex# صحتك # الصور والخلفيات # الطبخ والحلويات # منوعات # اخبار الفن # القصص و الروايات الألعاب الرياضية # الحياة الزوجية # أزياء وملابس # الأم و الطفل # دراسات لغات # افكار منزلية # انترنت تكنولوجيا # صفات الابراج # حيوانات ونباتات # تفسير الاحلام # معانى الاسماء # خواطر و اشعار # الكون والفضاء اجمل نكته# Mix # Forex # youtube # foods # Kids # Health education # stories # News # kitchen # woman # Famous # Sport # Animals

-------

الساعة الآن 05:02 صباحا