منتدى جنتنا (نسخة قابلة للطباعة من الموضوع) https://forum.janatna.com/t22045 أنقر هنا لمشاهدة الموضوع بهيئته الأصلية |
كانت تسير مندفعة بخطوات سريعة خلال احد الحقول الزراعية المؤدية الى اسطبل الخيل الخاص بعائلتها... وجدت في طريقها احد الفلاحين يتقدم منها مسرعا وهو يقول بلهجة مستعجلة: اسرعي يا انسة فرح، عزيزة وضعها سيء للغاية... ازدادت خطواتها سرعة وهي تتجه نحو الاسطبل الذي باتت تشعر بأنه يبعد الكثير على غير العادة... كادت ان تتعثر بخطواتها عدة مرات وهي تركض نحوه... وصلت اخيرا الى الاسطبل لتدلف بسرعة الى الداخل، كان المكان واسع للغاية مكون من ممر طويل يحيط به على طوله من الجانبين حظائر صغيرة متسلسلة جدرانها عبارة عن الواح خشبية متراصة مع باب خشبية مفتوحة في مقدمة الحظيرة الصغيرة تستخدم لتهوية الاحصنة حيث تخرج منها رؤوس الاحصنة الضخمة المختلفة الاصناف والالوان... اتجهت فرح نحو عزيزة التي كانت ممددة على اكوام من القش تتوسط الاسطبل تأن الما بشكل واضح بينما الطبيب البيطري الخاص بها منحني بجانبها يساعدها في ولادتها الصعبة... انحنت فرح نحوها واخذت تتأملها بملامح مشفقة قبل ان تسأل الطبيب بقلق من بين انفاسها اللاهثة: كيف حالها؟! هل وضعها سيء للغاية؟! اومأ الطبيب برأسه دون ان يرد بينما كانت يده تحاول ان تسحب المهر من الخلف... اخذ الطبيب يتصبب عرقا وهو يجاهد لفعل هذه العملية الصعبة وانقاذ الفرس من هذه الولادة المتعسرة بينما اخذت فرح تمسد رقبة الفرس وظهرها برقة محاولة ان تخفف من المها ووجعها الظاهر... ادمعت عينا فرح بسبب ما يحدث بينما كان الطبيب مستمر في عمله حتى استطاع ان يخرج المُهر اخيرا من جسد امه بعد عدة محاولات... تراجع الطبيب الى الخلف واضعا كف يده على صدره غير مصدق انه انتهى من هذه المهمة الصعبة بينما هطلت الدموع لا اراديا من عيني فرح من هول الموقف و لم تشعر بنفسها الا وهي تحتضن عزيزة بقوة تهنئها على هذا الانجاز العظيم... فصول رواية عروس الثأر رواية عروس الثأر للكاتبة سارة علي الفصل الأول خرجت فرح من الاسطبل اخيرا بعدما انتهت من كل شيء وتأكدت من سلامة عزيزة وُمهرها الصغير الذي لم تختر له اسم يناسبه بعد تاركة للعمال هناك مسؤولية العناية بالصغير وتنظيف المكان... كانت تسير بجانب الطبيب الذي بدا عليه الاجهاد والتعب بشكل واضح، شكرته فرح بقوة ثم استأذنها الطبيب عائدا الى المشفى التي يعمل بها بينما اتجهت فرح هي الاخرى عائدة الى منزلها... كانت تسير بخطى بطيئة نوعا ما فهي الاخرى تعبت كثيرا اليوم... وفي اثناء سيرها لمحت قطيع من الغنم يسير متجها الى المزرعة، وكعادتها ركضت بلهفة نحو القطيع وحيت العم حسن صاحب هذه الاغنام وراعيها ثم اخذت تسير بجانبه وهي تلعب مع الغنم غير منتبهة الى الوقت الذي مر بسرعة... كانت هذه عادتها المزعجة كما تقول والدتها فهي تعشق اللعب مع الغنم منذ الطفولة، كانت تسير بجانب العم حسن وهي تحمل معزة صغيرة معها حينما فوجئت بتوقف سيارة سوداء عالية على الجانب معترضة طريقها... فتح ابن عمها نافذة السيارة الزجاجية بأداة التحكم ليظهر هو وبجانبه اخته التي اخذت تطالعها بنظرات متهكمة لم تعطها فرح اهتماما وهي تسأل ابن عمها: خير يا كامل، ماذا هناك؟! رد كامل وهو يتفحص منظرها الغير مهندم بملامح غير راضية: اركبي معنا فنحن متجهين الى منزلكم كما تعلمين... قالت فرح غير موافقة: سوف أوصل الغنم اولا مع العم حسن واعود الى المنزل... بدا كامل لها عصبيا وهو يرد بنفاذ صبر: أي غنم بالله عليكِ؟ لماذا تعاندين كثيرا؟! اساسا لم يتبق كثيرا على موعد الغداء، هيا اركبي معنا، هل تريدين ان تصلي الى المنزل بعد الضيوف؟! شعرت فرح بأن كامل معه كل الحق فهي بالفعل تأخرت كثيرا على المنزل واليوم بالذات لا يجب ان تتأخر فهو يوم الجمعة، يوم التجمع العائلي المعتاد في منزل والدها... وهي يجب ان تصل قبل الجميع حتى لا تخنقها والدتها بسبب تأخيرها... اتركها يا كامل تلعب مع الغنم، لا تضغط عليها هكذا... كانت هذه كلمات ابنة عمها المتهكمة والتي جعلت فرح ترميها بنظرات غاضبة قبل ان تشيح بوجهها بعيدة قائلة بعناد فطري: اذهب انت يا كامل، وانا سأعود لوحدي.. اصمتي يا سجى من فضلك... قالها كامل موبخا سجى التي اشاحت بوجهها الى الجانب الاخر بإمتعاض بينما اكمل كامل بلهجة قوية: اركبي يا فرح ولا تعاندي، لقد بدأ صبري ينفذ منك، الساعة قاربت على الثانية ظهرا وانت تريدين العودة سيرا على الاقدام... شهقت فرح ما ان سمعت الوقت وادركت بأنها بالفعل تأخرت كثيرا فلم تشعر بنفسها الا وهي تفتح الباب الخلفي للسيارة وتصيح بكامل بسرعة: قد سيارتك بسرعة ارجوك، والدتي سوف تقتلني لأنني تأخرت عليها... وبالفعل قاد كامل سيارته بسرعة متجها الى منزل عمه... تبا تبا، هل علينا ان نستضيف هذا الجمع الغفير اسبوعيا في منزلنا؟! اصمتي الان كي لا تنتبه عليكي امي... التفتت يمينا ويسارا تتأكد من عدم سماع امها او اي احد اخر لحديثها قبل ان تقول بصوت خافت: ماذا افعل؟! لقد هلكت حقا، منذ الصباح وانا اعمل دون توقف... ردت اختها بصوت خافت هي الاخرى: معك حق والله.، وانا تعبت ايضا... بماذا تتوشوشان؟! شهقت الفتاتان بفزع من اقتحام والدتهما لحديثهما فجأة لتقول احداهما: لقد افزعتني... تحدثت الام قائلة بنبرتها الحازمة: كفا عن احاديثكما الجانبية التي لا تنتهي، الوقت يمر بسرعة، والجميع على وصول... ثم اردفت بصوت آمر: ملك جهزي السلطة بسرعة وانت يا مريم اتبعيني لنجهز السفرة... كله ملك ملك ملك... قالتها ملك وهي تتأفف بصوت خافت لتلتفت والدتها نحوها وتقول: كفي عن التذمر طوال الوقت وانتبهي على عملك... ردت ملك بملل: ألا يوجد غير ملك تعمل بهذا المنزل؟! ماذا عن الانسة ليلى؟! لماذا لا تعمل معنا وتساعدنا هي الاخرى، ! لأن ليلى عروس، لا يجب ان نتعبها ابدا حتى يأتي موعد زفافها... وماذا عن الانسة فرح؟! هل ستتزوج هي الاخرى ونحن لا نعلم؟! سمعت اسم فرح، من يتحدث عني هنا؟! كان هذا صوت فرح الذي صدح في ارجاء المكان لتصيح بها والدتها متسائلة: فرح ، أين كنتِ؟! لقد تأخرت كثيرا... ثم اردفت بملامح ممتعضة: ما هذا المظهر السيء الذي انتِ عليه؟! واقتربت منها تشم رائحتها قبل ان تصرخ بعدم تصديق: رائحتك تشبه رائحة الاغنام، ماذا افعل بك الان؟! كم مرة اخبرتك ألا تقتربي من الاغنام؟! مطت فرح شفتيها بإستياء وقالت: حسنا امي يكفي، هذا ليس الوقت المناسب لهذا الكلام، كامل وسجى وصلا وهما في صالة الجلوس مع والدي... هذا ما كان ينقصنا، لقد جاءت الانسة سجى وبدأت مرحلة الحموضة وثقل الدم... كانت هذا كلمات ملك المقتضبة لتلتفت نحوها والدتها وترميها بنظرات محذرة قبل ان تزمجر بها بغضب: ملك اخرسي... اغلقت ملك فمها بكف يدها بينما عادت الام ببصرها نحو فرح وقالت: وانت اذهبي وخذي حمام سريع، رائحتك لا تطاق... تحركت فرح بسرعة وهي تتنفس الصعداء كونها هربت من والدتها بينما اقتربت مريم من ملك هامسة لها: معك حق، سجى لا تطاق، انها تتصرف كالأميرات وتتحدث معنا بتعالي... ردت ملك بقرف: ولا تنهض من مكانها ولا تساعدنا، كل ما تفعله ان تضع قدما فوق الاخرى وتأمر هذا وذاك... اردفت مريم: وتحشر نفسها في احاديث الرجال... هنا تدخلت الام بينهما قائلة بصوت خافت لكن حاد: يكفي انتما الاثنان، ألا تملان من انتقاد سجى وتصرفاتها، انتبها الى اعمالكما افضل لكما، هيا مريم لنذهب ونعد السفرة... تحركت مريم تابعة والدتها بينما اخذت ملك تعد السلطة وهي تتمتم ببعض الكلمات التي تدل على مدى استيائها... وقفت امام المرأة وهي تضع فستان زفافها فوق جسدها النحيل، اخذت تتأمله بعينين لامعتين وابتسامة خافتة تكونت على شفتيها، لقد اقترب موعد زفافها، لم يتبقَ عليه سوى ايام قليلة وهي تستعد له بكل حماس ممكن... كانت شاردة وهي تفكر في زفافها، كيف سيكون؟! هل سيكون مثلما تريد وتتمنى؟! لقد وعدها جابر بأنه سيكون زفاف الموسم وسوف يتحدث عنه الجميع طويلا وهي تثق به وتعرف جيدا انه يسعى لكل ما يسعدها ويدهشها... افاقت من شرودها وافكارها على صوت فرح وهي تقترب منها وتقول بتحذير: كفي عن اخراجه من الخزانة وتأمله، يقولون كثرة تأمل فستان الزفاف فال سيء للعروس... اعادته ليلى بسرعة الى الخزانة وقالت بخوف لا ارادي: ارجوك لا تقولي هذا، لا ينقصني سوى ان يحدث شيء سيء قبل الزفاف، يكفي ان جد جابر توفي بعد خطبتنا بأيام وبسبب هذا تأجل الزفاف لأكثر من عام... ضحكت فرح بصوت عال من اختها التي تتحرق شوقا لإتمام الزفاف قبل ان تتوقف عن الضحك وتقول: يا الهي، سوف تموتين شوقا لتتزوجي... اخرسي فرح... صرخت ليلى بها وهي تشيح بوجهها بعيدا عنها بخجل واضح لتقترب فرح منها وتربت على ذراعها قائلة: حسنا اسفة، لم اقصد إخجالك بهذا الشكل... حركت ليلى وجهها نحو وقالت بوداعة: سأسامحك فقط لأنني عروس ويجب ان اسامح الجميع... رفعت فرح حاجبيها قائلة باستغراب: هل ستفعلي كل شيء في الكون فقط لأنك عروسي؟! تغضنت ملامح ليلى فجأة وهي تشم رائحة غريبة قبل ان تصرخ بها وهي تغلق فمها بإصبعها: ابتعدي عني حالا، رائحتك كلها غنم... حسنا حسنا سأبتعد، يا الهي لماذا يتعامل الجميع معي وكأنني شيء منبوذ لا يطاق.؟! قالتها فرح بأسى مفتعل قبل ان تخرج ملابسها من خزانتها وتتجه نحو الحمام... مر الوقت سريعا وجاء الجميع الى المنزل بدءا من الجد والابناء والاحفاد... كان هذا اليوم المقدس لعائلة زهران حيث يجتمع الجميع دون استثناء... يوم ثابت لا يتغير مهما حدث... تقدمت ليلى تتبعها فرح نحو صالة الجلوس حيث يوجد الجميع هناك، القت التحية على الجميع ثم اقتربت من جدها لوالدتها وقبلت يده كما اعتادوا ان يفعلوا وفعلت فرح المثل... بعدها جلست ليلى وبجانبها فرح على احدى الكنبات الجانبية بينما استمرت الاحاديث المختلفة بين الجميع حتى جاءت السيدة نجلاء والدتهن تعلن ان الغداء جاهز ويجب ان ينهض الجميع ويتجه الى غرفة الطعام... تناول الكل طعامهم في جو حميمي خالص وبعدما انتهوا من الغداء عاد الرجال والسيدات الكبار الى صالة الجلوس بينما اخذن الفتيات الصغار يلملمن السفرة ويغسلن المواعين ويعدن الشاي... وقفت ليلى بجانب كلا من فرح و سلسبيل ابنة عمها اللتان توليتا مهمة غسل المواعين، اخذن يتحدثن بشتى المواضيع حينما اقتربت ملك منهن وقالت لليلى: خذي يا ليلى صينية الشاي واذهبي بها الى صالة الجلوس... وضعت ليلى يديها حول خصرها وقالت: يبدو انك نسيت بأنني عروس ولا يجب ان اعمل، خذيه انتي... ردت ملك بضيق: انا لن أخذه، انت لم تفعلِ شيئا منذ الصباح، قومي بتقديم الشاي على الاقل... تدخلت فرح بينهما منهية الحوار: سأخذه انا يا ملك، انت اذهبي مع البنات في الحديقة، لقد تعبتِ كثيرا اليوم... ثم حملت صينية الشاي واتجهت الى صالة الجلوس.. بدأت فرح توزع الشاي على الجميع حينما وصلت الى كامل الذي منحها ابتسامة خفيفة قبل ان يأخذ كوب الشاي منها تجاهلتها فرح تماما وهي تستمر في توزيع الشاي على بقية الموجودين... عادت فرح الى المطبخ ووضعت الصينية في مكانها ثم خرجت من هناك واتجهت الى الحديقة لتجلس مع الفتيات هناك، وجدت فرح بعض الفتيات يلعبن بالكرة والبعض الاخر يجلسن على الجانب و يتسامرن سويا... حملت فرح الكرة التي وقعت ارضا ثم قالت بصوت مرتفع قليلا موجهة حديثها لجميع الفتيات: ما رأيكن ان ننقسم الى فريقين؟! تجمعن جميع الفتيات حولها بسرعة وقد اخذهن الحماس الشديد لللعب... قامت فرح بتقسيم الفريقين ثم بدأن الفتيات باللعب... كوووول... هتفت بها سبأ ابنة خالتهن بعدما سددت اولى ركلاتها على الفريق الاخر ليتقدمن بنات فريقها نحوها ويضمنها ويهتفن ببعض الهتافات الحماسية... بينما اقتربت فرح من سجى التي اصرت ان تأخذ دور حارس المرمى وقالت لها بضيق: بالله عليك ماذا تفعلين انتِ؟! لماذا لا تصدين الكرة بشكل طبيعي؟! سبأ تضرب الكرة يمينا فتتجهين انت بجسدك شمالا... هذه طريقة لعبي يا فرح.، حتى لو لم تعجبك... قالتها سجى بعناد لتنقل ملك بصرها بين الاثنتين قبل ان تصيح بهما: لا داعي لهذه الجدالات، لقد بدأت اللعبة... عادت فرح الى ساحة اللعب وهي تتمتم ببعض الكلمات: اللعنة عليها، انها لا تفهم شيء من كرة القدم وتصر على اللعب معنا كحارس مرمى... اقتربت منها ملك وهمست لها: لا تهتمي يا فرح، سوف أخذ حقك منها... وقبل ان تفهم فرح ماذا تقصد كانت ملك تسدد الكرة في رأس سجى التي سقطت ارضا واخذت تصرخ بألم بينما ركضت ملك نحوها وهي تهتف بأسف مصطنع: يا الهي سامحيني، لم انتبه وانا أرمي الكرة عاليا... وقفت ليلى بجانب فرح التي بالكاد استطاعت تخبئة ضحكاتها بينما نهضت سجى من مكانها وهي تهتف بإنفعال: انا المخطئة لانني لعبت معكن... في صباح اليوم التالي... في مكان اخر وتحديدا في العاصمة... انا لا أحبذ ذهابك الى هناك يا اخي، انت تعرف وضعنا هناك، وما قد يحدث اذا ذهبت... يجب ان اذهب الى هناك وارى الارض بنفسي... ولكن انت تعلم ما قد يفعل ذهابك الى هناك... وهل سأبقى طوال حياتي خائف من الذهاب الى مدينتي التي ولدت بها يا مصطفى.؟! قال مصطفى بجدية محاولا اقناعه بالعدول عما ينويه: انا افهمك جيدا يا رياض، ولكن عائلة زهران ما زالوا يضمرون لنا الكثير... قال رياض بجدية: على اساس اننا انهينا جميع ما بيننا من خلافات ودم... تطلع اليه مصطفى بعدم اقتناع ثم قال: ما رأيك ان يذهب ادهم الى هناك؟! سأله رياض بإستغراب: ولماذا ادهم بالذات؟! اجابه مصطفى: يعني اظن ان وجوده هناك سيكون اقل حدة، يعني ان يرو ادهم افضل من ان يرو قاتل اخيهم... صاح رياض بحدة: انا لن ارسل ابني الى هناك، اخاف ان يستهدفوه اويفعلوا به شيئا... ابتلع مصطفى ريقه وقال بتردد: ولكن ادهم ذهب بالفعل الى هناك واخذ معه اسامة... جحظت عينا رياض الذي تسائل بعدم استيعاب: أين ذهب؟! اجابه مصطفى بتوتر: الى قريتنا... وقبل ان يكمل كلماته كان رياض يخرج هاتفه من جيبه ويتصل على ادهم بينما اقترب مصطفى منه وقال بسرعةة: لقد حذرته كثيرا من ان يذهب الى هناك، لكنه رفض ان يسمع كلامي... حاول رياض الاتصال به لكنه وجد الهاتف مغلقا، عاد واتصل بأسامة ليجد هاتفه مغلقا هو الاخر... رمى الهاتف على الطاولة وقال بعصبية بالغة: هواتفهم مغلقة.، اللعنة ماذا سأفعل؟! تطلع مصطفى اليه بحيرة قبل ان يقول بعد لحظات: لا تقلق عليهم، سأتصل باقربائنا هناك واطلب منهم ان يستقبلوهم... ثم خرج مسرعا من المكتب تاركا اخاه يدعو ربه ان تمر هذه السفرة بسلام... استيقظت فرح من نومها على اصوات غريبة داخل غرفتها... فتحت عينيها واعتدلت في جلستها لتجد والدتها وليلى ينقلان بعض الاغراض خارج الغرفة... اخذت تفرك عينيها بأناملها قبل ان تسألهما: ماذا يحدث هنا؟! اجابتها ليلى وهي تقف واضعة يدها على صدرها: انقل اغراضي التي احتاجها الى منزلي... هل جاء جابر ليأخذها؟! سألتها فرح لتجيبها ليلى: كلا ، لقد ارسل ابناء عمه ليأخذونها... عبست ملامح فرح فهي تكره كل ما يذكرها بأن زواج ليلى اقترب، ليلى اقرب اخواتها لها وشريكتها في غرفتها، هي ما زالت غير مستوعبة كونها ستبتعد عنها بعد اسبوع وتصبح في منزل اخر... نهضت من مكانها واتجهت الى الحمام لتغسل وجهها وتفرش اسنانها... خرجت بعد لحظات وهي تجفف وجهها بالمنشفة لتجد والدتها امامها تسألها: اليوم زفاف سوسن، ألن تشتري شيئا لأجله؟! اجابتها فرح وهي تخلع بيجامتها وترتدي ملابس الخروج: كلا ، لن اشتري شيئا، سأرتدي احد فساتيني القديمة... الا ان الام رفضت ما قالته: كلا يا فرح، اشتري شيئا جديدا... تطلعت فرح اليها بحيرة بينما اكملت الام بجدية: جميع اهل القرية هناك، يجب ان يروكي وانت ترتدين شيئا جديدا... هزت فرح رأسها بتفهم ثم قالت بلا مبالاة: كما تريدين... اقتربت منها والدتها وسألتها بقلق: ما بك حبيبتي؟! تبدين محبطة! سالت دموع فرح من عينيها واخذت تبكي بصمت لتحتضنها والدتها وتسألها بخوف: ماذا حدث حبيبتي؟! لماذا تبكين؟! مسحت فرح دموعها بظاهر كفها واجابتها: انا بخير، لكنني متضايقة بسبب ليلى، كونها ستتركني وتتزوج... ابتسمت الام براحة وضربتها على ظهرها قائلة: لقد ارعبتني يا فتاة، ظننت هناك شيئا سيء قد حدث... ثم اردفت بمواساة: لا تبكي حبيبتي، هذه سنة الحياة، انت ايضا ستتزوجين وتتركين هذا المنزل... ابتعدت فرح من احضان والدتها وقالت: حسنا، لن ابكي من اجل ليلى، حتى لا تتضايق مني.. ربتت الام على وجنتيها بكفي يديها وقالت: المهم ، اذهبي حالا واشتري شيئا لاجل حفل الزفاف... اومأت فرح برأسها وقالت بإذعان: حاضر... ثم نهضت من مكانها وخرجت من المنزل ذاهبة الى السوق لشراء الملابس... لقد وصلنا اخيرا... قالها اسامة ببهجة وهو يتأمل القرية التي ولد والده ونشأ بها من خلف النافذة... ابتسم ادهم ببرود قبل ان يقول بجدية: الطريق كان سهلا نوعا ما... وافقه أسامة: معك حق... كان ادهم يقود السيارة بتركيز شديد بينما هناك فتاة تسير مع قطيع من الاغنام على بعد مسافة منهما... كان الشارع شبه خاليا من السيارات حينما فوجئ ادهم بأحد الاغنام يهرب من القطيع ويعبر الشارع بينما ركضت الفتاة وراءه تحاول الامساك به... كاد ادهم ان يصدم الاثنين لولا انه سيطر على الوضع و توقف في اللحظة الاخيرة لتسقط الفتاة على الارض بعدما امسكت بالخروف اخيرا... وضع أسامة يده على صدره غير مصدقا لما حدث ثم ما لبث ان خرج من السيارة واتجه نحو الفتاة سائلا اياها بقلق: هل انت بخير؟! اومأت الفتاة برأسها دون ان ترد بينما صدرها يعلو ويهبط من شدة الرعب... نهضت الفتاة وهي تحمل الخروف بين يديها ليعاود اسامة سؤالها: هل تريدين مني ايصالك الى مكان ما؟! هزت رأسها نفيا وهي تتحرك عائدة نحو القطيع بينما اتجهت انظارها نحو ادهم الذي يجلس خلف مقود السيارة يطالعها بنظرات جامدة والذي ما لبث ان اشاح ببصره بعيدا عنها لتبدأ هي بجمع القطيع مرة اخرى بينما عاد أسامة الى السيارة وقال بتوتر: كدنا ان نصدم الفتاة... تطلع اليه ادهم وقال: انها حقا غبية... لماذا تقول هذا؟! اجابه ادهم بتهكم: انها لم تستطع السيطرة على قطيع من الغنم، كادت ان تتسبب لنا بمشكلة تلك الغبية... ثم قاد سيارته متجها الى الارض التي جاؤوا ليعاينوها... وقف ادهم في منتصف الارض التي جاؤوا لشرائها، بينما اخذ اسامة يسير داخل الارض وهو يتفحصها... تقدم مجموعة من الرجال منهم محيين اياهما، بدأ ادهم بالحديث مع الرجال محاولا التوصل معهم الى مبلغ مرضي يشتري من خلاله الارض... وبالفعل بعد عدة مفاوضات استقروا على المبلغ الذي يرضي الجميع... قرر ادهم ان يعود الى العاصمة فهو انتهى من مهمته لكن صاحب الارض اصر عليه ان يحظر زفاف ابنته الأمر الذي اضطر ادهم الى يوافق على مضغ بينما كانت فرحة اسامة كبيرة فهو سيحظر زفاف شعبي كما يظن... ذهب الاثنان الى احد الفنادق القريبة، ثم اتصل ادهم بوالده مطمئنا اياه انه بخير واخبره عن حفل الزفاف واعدا اياه بأنه سيعود مباشرة بعد انتهائه... مساءا... وقفت فرح امام المرأة تتأمل ثوبها النبيذي بملامح راضية، كان ثوبا طويلا يصل حتى كاحلها ذو حمالات رفيعة ارتدت فوقها شال ستان من نفس اللون، تركت شعرها البني منسدلا على ظهرها وارتدت حذاء ذو كعب عالي ليبرز طولها الفارع اكثر مع القليل من المكياج على وجهها... تقدمت منها ليلى وهي تصفر بإعجاب وقالت: اوه، ما كل هذا الجمال يا انسة فرح؟! ابتسمت فرح وهي تتأمل ثوبها الاخضر المماثل للون عينيها لتهمس لها بحب: ليس اجمل من ثوبك انسة ليلى... ربتت ليلى على ذراعها بينما فُتحت الباب ودلفت الى الداخل ملك واخذت تدور اماميهما بفستانها الزهري القصير قبل ان تتوقف وتسألهما: ما رأيكما بي؟! رائعة للغاية... قالتها فرح وهي تقرصها من وجنتها لتبتسم ملك بسعادة على اطراء اختها بينما تطلعت ليلى الى الساعة المعلقة على الحائط وقالت بنبرة مستعجلة: هيا يا فتيات لنذهب الان، لقد تأخرنا كثيرا... قالت ملك بسرعة: السائق في انتظارنا... بينما سألت فرح: هل مريم جاهزة؟! اجابتها ملك: مريم ذهبت مع والدي ووالدتي في سيارتهما... تلك الخائنة... قالتها فرح وهي تتجه خارج الغرفة يتبعها كلا من ليلى وملك... وصلن الفتيات الى الحفل واتجهن مباشرة الى الطاولة التي يوجد عليها عائلتهن... جلسن سويا وبدأت الاحاديث بينهما... صدحت الاغاني الشعبية في المكان فبدأ الرجال والنساء بالرقص... قبضت ملك على يد فرح وطلبت منها ان تشاركها بالرقص لتنهض فرح معها ويبدئا بالرقص سويا ثم اتجه نحويهما بعض الفتيات الاخريات واخذن يشاركهن الرقص... اما في الجهة الاخرى فقد وقف كلا من ادهم واسامة يتابعان الحفل المقام في احدى ارقات القاعات بإندهاش فهم لم يتوقعوا ان توجد قاعات راقية كهذه في القرية، كما انهم لم يظنا بأن الناس هنا بهذا الشكل المرتب والراقي، فقد خالف هذا الحفل جميع توقعاتهما... كان ادهم يتابع الحفل بإستمتاع غريب عليه حينما لكزه اسامه من ذراعه مشيرا الى فرح التي لاحظ وجودها... تطلع ادهم الى حيث يشير واخذ يتمعن النظر اليها حيث كانت الاخيرة ترقص بحماس غير منتبهة لاحد... تأملها ادهم من رأسها حتى اخمص قدميها بإعجاب لم يستطع ان يخفيه، كانت جميلة للغاية بالرغم من نحافتها المفرطة قليلا، وجهها طويل قليلا نحيل للغاية بحيث تبرز عظام وجنتيه، عيناها زرقاوتان واسعتان للغاية، فمها ممتلئ، وانفها رفيع، كانت جميلة بحق وما ازاد جمالها هو ذلك الفستان ذو اللون المميز الذي ترتديه... وقبل ان يستدير لأخيه يخبره برأيه بها كان هناك صوت رصاصة صدح عاليا في ارجاء المكان مخترقا صدر احدهم... تاااابع اسفل |