أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في منتدى جنتنا، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .

المنتدى للقرائه فقط -- للمشاركه انتقل الى منتديات جنتنا الجديده -forums.janatna.com





رواية جلمود صخر

تنبأت العرافة بقدومه، ومعه تلك اللعنة التي ستصيب المملكة، ليحل بوجوده الخراب في كل مكان، وحتى تحضر تلك الروح البريئة الق ..



13-03-2022 05:56 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [4]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية جلمود صخر
نوفيلا جلمود صخر للكاتبة شاهندة الفصل الخامس

ظل صخر يتحرك في جناحه جيئة وذهابا كليث جريح، تتردد كلماتها بين ثنايا عقله، تشعره بالإضطراب،
(لقد تزوجت بصخر، حقا يليق بك هذا الإسم، فهنيئا لك، لقد أصبحت إسما على مسمى)..
إنه يعلم أنها قالت حقيقة يدركها جيدا، بل هو من سعي إليها دائما، أراد تحويل قلبه إلى جلمود لا يشعر، حتى يستطيع التغلب على ألمه ووحدته، وحتى يستطيع الإنتقام.
إذا لماذا توجعه كلماتها بهذا الشكل؟ولماذا تثير غضبه وحنقه؟لماااااذا؟

شعر بأنه على حافة الجنون، ليجد قدماه تتجهان إلى المكان الذي أدرك أنه سينهى حيرته وتخبطه ووجعه، إلى جناحها هي، زوجته، قمر الزمان.

كانت قمر تمشط خصلاتها الحريرية الصفراء وهي شاردة تماما، تفكر في هذا الملك الذي تزوجته، لقد ظنت أنها تزوجت من أجل أن تحصل على منزل والديها بعد أن كاد قاسم ان يجبرها على الزواج إما من منتصر الذي لا تطيقه ولن تستفيد شيئا من زواجها منه وإما الزواج من الملك الذي لا تعرفه ولكنها ستحصل على منزل والديها إن وافقت عليه، ليفوز الملك، وتخبر نفسها أنه زواج ليوم واحد وانتهى الأمر، فما الضرر الذي قد يلحق بها، ستغمض عينيها وحواسها وتستسلم لقدرها المحتم فقط؟لكنها وحين وقفت أمام الملك، حين اقترب منها، لم تستطع إنهاء مهمتها ثم العودة إلى منزلها، لقد تجمدت تماما وهي تتخيل أنها ستصبح زوجة له دون مشاعر، سيجتاح عذريتها دون أن تحمل له شيئا في قلبها، رفضت الفكرة تماما، وحاولت المماطلة بحجة أنه لابد وأن يمنحها فرصة لتتعرف عليه، رغم يقينها من أنها من المستحيل أن تقع في حب جلمود هذا الملك تماما، ولكنها لم تدرى ماذا تفعل غير ذلك، الآن لم يعد لديها هذا اليقين مطلقا، خاصة بعد رؤيته مع تلك السيدة العجوز ومعاملته الطيبة لها والتي أنبأتها أن هذا الجلمود ما هو إلا غشاء يحيط به قلب ربما يخشى عليه من الأذى، ربما لو حاولت قليلا معه ل...

نفضت أفكارها وهي تنظر إلى عينيها بالمرآة تقول في همس مصدومة من أفكارها:
هل جننتى ياقمر؟تحاولين؟أم تهتمين؟وإن كنتى مخطئة وحدك ستندمين، هل ذهب عقلك أم قلبك من يرق ويضعف ويلين؟، لا، لا تضعفين، لا تضعفين.

إنتفضت على دخول الملك إلى جناحها، لتتجمد تماما وهي تطالعه في مرآتها بينما تجمد بدوره وهو يطالعها ويتأمل ملامحها الفاتنة بعد أن أسدلت خصلاتها الناعمة الذهبية لتزداد جمالا وتزداد دقات قلبه خفقانا، إبتلع ريقه بصعوبة، يشعر بكيانه الثلجي يذوب، يقاوم رغبة جامحة في أن يقترب منها يحتضنها ويمرغ وجهه في خصلاتها، ليشعر بالحياة من جديد.
نهضت ببطئ وإلتفتت تنظر إليه، لتقطع عليه أفكاره وهي تقول بحيرة:
مولاي؟

زال جموده وهو يتنحنح قائلا بإرتباك:
إحمم، نعم إنه أنا، لقد كنت أود، أعنى أنى كنت، أقصد أننى...
زادت حيرتها مع تخبطه الواضح، فهذا ليس من شيم هذا الملك أبدا، تتساءل عن السر وراء حالته الغريبة تلك، لتستقر عيناه عليها ينفض إضطرابه وهو يقترب منها بسرعة، يقف أمامها ويمسك ذراعها بقوة قائلا:
ماذا عنيت بكلماتك لى سابقا ياقمر؟

نظرت إلى عيونه القريبة منها والتي تغوص في أعماقها الآن، تحاول سبر أغوارها، لايدرك صاحبها ما يفعله قربه الشديد هذا بقلبها الذي زادت دقاته مع أنفاسه الساخنة التي لفحت وجهها وزادت من إضطرابها، تدرك الآن بكل قوة أنها تقع في غرام هذا الملك وأنها فعلا تهتم به لتزيد رغبتها في إصلاح ما أفسده فيه الجميع، حتى وإن كان فراقها عنه حتمي، فستنقذه قبل أن تفترق عنه، نعم، هذا ماستفعله تماما...

لتقول بهدوء لا يعكس خفقات قلبها المضطربة ومتجاهلة ألم ذراعها الذي يضغط عليه بقوة:
أي كلمات يامولاي؟

نظر إلى ثغرها الذي نطق بتلك الكلمات بنظرات غائمة، يدرك الآن قربه الشديد منها، والذي أعجزه عن التفكير وترك لديه رغبة واحدة، أن يقبل هذا الثغر حتى يشعر بأنه إكتفى، ولكنه أدرك أنه إن فعل فلن يحصد سوى هلاك هذا القلب الذي أقسم أن يحافظ عليه من الأذى، لذا ترك ذراعها متراجعا إلى الوراء خطوتين وهو يقول بثبات:
تلك الكلمات عن تحول قلبى لصخر كإسمى.
نظرت قمر إليه قائلة بهدوء:.

ولماذا ضايقتك كلماتى ياسيدى؟أليس هذا ما سعيت إليه دائما؟ان تحول قلبك إلى جلمود لتتجنب الشعور بالألم؟
عقد صخر حاجبيه وهو يستمع إلى كلماتها التي تجعله يدرك أنها نفذت إلى أعماقه وسبرت أغوار قلبه، لتشعر هي بأنها في الطريق الصحيح وهي ترى إختلال نظراته الجامدة، وهي تدرك إضطراب في عمق عينيه وملامحه الوسيمة، لتستطرد قائلة:.

ألم تحاول وتحاول كثيرا أن تميت هذا القلب؟، رافضا أبدا أن يلين لمخلوق، كلما شعرت بأنك تميل لأحد، إبتعدت عنه، كلما شعرت بأنك تضعف تذكرت، نعم، تذكرت كل من آذاك، تذكرت الغدر، تذكرت أن الثقة قد تؤدى إلى طعن القلوب بسكين الخيانة، فأغلقت على مشاعرك بابا موصدا وألقيت بالمفتاح في أعماق النهر، تبغى حياة جامدة خالية من المشاعر تحقق فيها إنتقامك الذي تحول الآن من رغبة إلى عادة، إن لم تتخلى عنها ستودى بهلاكك يامولاي.

نظر إليها عاقدا حاجبيه بشدة وهو يقول بغضب:.

دعى تحليلك النفسي هذا لغيرى، ولا تحاولين أن تظهرى ذكائك، فلقد خانك عندما تفوهتى بكلمات فارغة لا أساس لها من الصحة، لقد ولدت بقلب قد من صخر، لا شعور لدي من الأساس، ولا أحيط قلبى بهالة جلمودية خيالية، بل هو هكذا حقا، فإبتعدى عني، فلن أفعل شيئا سوى أن آخذ منك ما أريد ثم ألقيكى كخرقة بالية لا قيمة لها عندى، توقفى عن لعب دور العرافة، فهذا حقا لا يصلح مع أمثالى.

إقتربت منه خطوة ليزداد إنعقاد حاجبيه وإضطرابه خاصة وتلك الإبتسامة الرقيقة تزين ثغرها، لتتوقف أمامه تماما، وهي تقول:
ها أنت ذا قلتها بنفسك، لقد قد قلبك من صخر، فإن كنت كما تقول حقا، إذا لماذا ضايقتك كلماتى وجئت إلى جناحى متسائلا؟ ها، لمااااااذا؟

لقد تراجعت عن كلماتى يامولاي وأنا أرى في عمق عينيك الآن إضطرابا، أو ربما طلب إستغاثة لنجدة روحك التي تتأثر بجلمود قلبك؟فبعد ما رأيته اليوم منك أشعر بأنك مثلى؟، قلب ذاق الألم فجرح، تخبط وضعف وأراد أن يمنح قلبه الأمان من جديد فإتخذت أنت الجلمود سوارا لتحمى به قلبك وتركته دون علاج، بينما إتخذت أنا مساعدة الناس عونا لأعالج هذا القلب الجريح.

نظرت إلى عيونه تشعر به يلين، لتقرن كلماتها بإمساك يده مستطردة بحنان:
أخبرنى يامولاي، لماذا وأنا أمسك بيدك الآن، أشعر بأنك تطالبنى بأن لا أدعها حتى تشعر براحة جئت تنشدها معى؟، راحة شعرت بها اليوم فقط وأنت إلى جوارى هناك في قلب المدينة حيث يحتاجك شعبك لتدعمهم، لذا دع جلمودك يزول عن قلبك وإستمع إليه وهو يخبرك أن تستمع حقا لأبناء شعبك ولا تجور عليهم كما جار عليك ماضيك.

نفض يدها عنه بقوة وقد إكفهرت ملامحه بعد أن شعرت بها قمر تلين وهو يقول بصرامة:
اخبرتك أنك مخطئة وأن توفرى كلامك هذا لغيرى، إبتعدى عني فأنت وحدك وليس جلمودى من سيودى بهلاكى، أدرك هذا الآن، لذا سأطلقك غدا، ولتذهبى إلى الجحيم فلن أبالى.
ليترك الجناح مغادرا بسرعة تتابعه عيون قمر الزمان، لتبتسم بهدوء قائلة:.

لقد سبرت بالفعل أغوار قلبك ياصخر، فلن تستطيع بعد اليوم إبعادى، مازلت تقاومنى وتتفوه بكلمات فارغة، ولكنك في النهاية ستستسلم لمشاعرك كما إستسلمت أنا وستعود، وستجدنى بإبنتظارك لتبدأ مهمتى في إبعاد الجلمود عن قلبك، وأعدك أننى سأنجح، وسترى.

عاد صخر إلى جناحه وهو في حالة هياج شديد، تتردد كلماتها في عقله، يشعر بها تضعف قلبه، يطالبه بالإستسلام لها، بالرضوخ لمشاعره، بأن يترك لها مهمة إنقاذ قلبه، يشعر بأن تلك هي رغبته منذ أن أدرك أن قلبه أحبها، نعم أحبها، لا ينكر أنه مازال يخشى الغدر والخيانة رغم أنه في أعماقه يدرك انها تختلف عن جولنار، بل تختلف عن كل الفتيات اللاتى عرفهن وتزوجهن، ولكن يظل هناك ما يخشاه، عشقه لها، فسيضعفه وسيجعله عرضة للأذى، ليتساءل بصمت، وإن إبتعد عنها ألن يؤذى قلبه فراقها؟ليقرر أن يجازف بقلبه وليكن ما يكون، إن كانت حقا كما يخبره هذا القلب، فسترتاح روحه المنهكة ألما ووحدة، وإن آذته، فسيقتلها، وسينبثق من جلموده بركانا يحرق كل النساء من بعدها، ولن يبالى، نعم هذا ما سيفعله تماما.

ليتوجه مجددا إلى جناحها، ليجدها جالسة على سريرها مطرقة الرأس، لترفع إليه وجهها ما إن أحست بوجوده، تنظر إليه بإبتسامة رقيقة ألانت ملامحه المضطربة ليقول بهدوء:
أنا معك، فلتريحى قلب منهك، وتنقذى روحا تتجمد من الألم.
لتتسع إبتسامتها وهي تقول بثبات:
ثق بأننى سأفعل يامولاي.
ليومئ لها برأسه في هدوء، يشعر لأول مرة بأنه إتخذ القرار الصحيح.

ولج صخر إلى جناح قمر الزمان ليراها تلبس عبائتها لتتخفى بداخلها، رغما عنه إرتسمت على فمه إبتسامة لتختفى تماما عندما رفعت إليه ناظريها تتأمله بدورها وهو يلبس عباءة تشبه عبائتها تخفيه عن أنظار رعاياه، إبتسمت بإستحسان لتتزايد دقات قلبه مع إبتسامتها، لينفض مشاعره التي يدرك أنها تغرق في ثناياها يوما بعد يوم ليقول بهدوء:.

حسنا، أخبرتنى البارحة أننا سنبدأ من اليوم أولى خطواتنا في هذا الطريق الطويل من أجل تنقية روحى المعذبة وإزالة جلمودى كما أخبرتنى، فما هي خطوتنا الأولى؟
تجاهلت تلك السخرية التي طغت على كلماته الأخيرة تدرك أنها بقايا مقاومة من عقله لما يرغبه قلبه، لتقول بهدوء:
أولا، عليك أن تطرق بابى قبل أن تدخل إلى الحجرة مجددا، فتلك أولى قواعدنا.
نظر إليها بإستنكار قائلا:.

أو أطرق باب جناح زوجتى إستئذانا بالدخول؟إنها دعابة سمجة وغير مقبولة بالمرة.
نظرت إليه رافعة حاجبها الأيسر دون أن تنطق بكلمة، لينظر إليها بملامح جامدة لثوان، لم تلبث أن لانت وهو يقول:
حسنا، حسنا، ما التالى؟
كادت أن تبتسم ولكنها أخفت إبتسامتها بداخلها كي لا تثير حنقه لتقول في ثبات:.

الشمس على وشك البزوغ وهناك مواطنوك سيستيقظون، منهم من يحتاج المساعدة فسنساعده ومنهم من سيصرخ طالبا النجدة فسننجده وكل صغير وكبير سنؤازره، ومهما كان العمل شاقا سنقوم به بصبر وجلد.
أومأ برأسه موافقا وهو يقول:
حسنا، فلنفعل.
أومأت برأسها متجهة إلى شرفة جناحها ليستوقفها قائلا:
إنتظرى، فلنذهب إلى البوابة ونخرج منها.
إبتسمت فشعت ملامحها بضياء خلب لبه قائلة:.

سنفعلها على طريقتى يامولاي، صدقنى ستكون أكثر إثارة وتجنبا للعديد من القيل والقال وغلبة السؤال، فقط إتبعنى بهدوء.
لتضع اللثام على وجهها تخفى ملامحها وتترك فقط عيناها الساحرتان ظاهرتان، ثم نزلت من الشرفة، تتسلق الشجرة المقابلة لها بخفة، ليهز رأسه بقلة حيلة إمتزجت بإعجاب قبل أن يتبعها بخفة فهد.

كانا يمشيان في الطرقات يبحثان عن أحد يطلب المساعدة، فلم يجدان حتى الآن، قال صخر بسخرية:
يبدوا أن شعب المدينة اليوم لا يحتاجون إلى مساعدة والكل فرحان وسعيد.
نظرت إليه قمر بعيون يسحره لونهما الصافى وأهدابهما الطويلة لتشتعل دقات قلبه تعلن أنه عاشق، مهما أنكر وإدعى عكس ذلك، أفاق على صوتها الرقيق والذي شعر به يمتزج بحزن شجي وهي تقول:.

لا تنظر إلى المظاهر، بل تعمق في دواخل الأمور، سترى خلف كل بسمة دمعه، ووراء كل باب مقفول هم يخفيه أصحاب الدار عن العيون، سترى شعبا يكافح أحزانه بصبره وإبتساماته، شعبا يحاول أن يصرخ طالبا للنجدة ولكنه يدرك أن لا مجيب، فأخفى بداخله رغباته البسيطة ومشاكله العديدة وإكتفى بالدعاء بأن يزيح الله الغمة، ولكنهم في خضم كل ذلك، نسوا أن الله لا يغير قوم قبل أن يغيروا ما بأنفسهم وأنه طلب منهم التوكل عليه وليس التواكل، أو تعلم شيئا قبل أن أتزوجك وأتعرف إليك جيدا لأدرك أنك قد تكون هذا الحاكم العادل الذي يحتاجونه، كنت أتمنى لو قاموا بالإجتماع سويا وربما الإطاحة بك وإحضار ملك عادل ليحكم البلاد.

نظر إلى عمق عينيها قائلا:
هكذا، ومن ترين أنه قد يصلح ليخلفنى؟
توترت من نظراته لتنظر إلى الأمام قائلة بإضطراب:
للأسف لم أرى وقتها أحد يصلح لتحقيق حلمى بالعدل وصلاح الأحوال في مملكتنا.
إبتسم قائلا:
ربما كان من تبحثين عنه هو هنا بيننا الآن.
نظرت إليه قائلة بإبتسامة:
أخبرتك أننى أدركت يوم تبعتنى أنك من الممكن أن تكون هو.
نظر إليها قائلا:
لم أقصدنى بكلماتى، بل قصدتك أنت.
إتسعت عيناها دهشة وهي تقول:
أنا؟

إبتسم ناظرا إلى الأمام قائلا:
أراك حقا ملكة عادلة تستطيع أن تنهض بأحوال البلاد.
لينظر إليها مجددا وهو يقول بغموض:
ربما تنحيت يوما ووليتك أمرنا يامولاتى.
عقدت حاجبيها قائلة:
لا تهزأ بى ياسيدى.
نظر صخر إلى نقطة ما أمامه وهو يقول بهدوء:
ومن قال أنى أهزأ بك، هيا، سنستكمل حوارنا بعد ان نساعد هذا الرجل العجوز الذي يجلس واضعا يديه على رأسه وكأنه فقد توا أعز ما يملك.

نظرت قمر إلى ماينظر إليه صخر، لترى فعلا هذا الرجل، لتنفض حيرتها من كلماته الغامضة وتتجه مع صخر إلى هذا الرجل، ترى ما باله، وبعدها ستستكمل حديثها مع، صخر.

قال صخر بإستنكار:
ماذا؟نبنى له جدارا حول قطعة أرضه تلك؟ومن قال لك أننى أستطيع أن أفعل ذلك، أنا لا خبرة لى بالبناء.
إتسعت عينا قمر قائلة:
وماذا كنت تفعل حين هربت؟كيف كنت تكسب قوت يومك، هل كنت تتسول؟
قال صخر بحدة:
بالطبع لا، نعم عملت كثيرا، كحداد لبعض الوقت ثم عامل في محل للعطارة حتى وجدنى ذلك الرجل الطيب وجعلنى أمسك تجارته البسيطة، ولكننى لم أبنى يوما أي شئ، لم أتعلم،
تنهدت قمر قائلة:.

حسنا الأمر ليس صعبا، سأساعدك وأعلمك كيف تقوم ببناءه.
قال صخر بضيق:
ولماذا لا أحضر من القصر أحدا ليبنيه له.
عقدت حاجبيها قائلة بحنق:
ولماذا لا تعود إلى القصر وتنسى تلك المهمة بأكملها؟لقد ظننت أنك تريد المساعدة بيديك في حل مشكلات المواطنين، لتشعر بهم وبمعاناتهم وليس أن تحضر لهم من يساعدهم ثم تنسى أمرهم...
قاطعها قائلا وهو يشير لها بيديه:.

حسنا حسنا فهمت قصدك، فلنبدأ تلك المهمة، وأرينى كيف نبنى هذا الجدار، حتى ننتهى من هذا الأمر.
إبتسمت بإنتصار وقد لمعت عيونها قائلة:
هيا سأريك.

كانت قمر تناوله آخر قطعة طوب ليأخذها منها دون أن ينظر إليها فأمسك بيدها التي تمسك بالطوب، رفع عيونه إليها حين تلامست أيديهما فتقابلت عيناه مع عينيها، وتوقف الزمن.

لم يكن بمقدوره في تلك اللحظة سوى الشعور بالإكتمال ويده تحيط بيدها، بينما تسارعت دقات قلبها تغوص بكيانها كله في عيون هذا الملك الذي أصاب قلبها بسهام نظراته، تنحنحت قليلا، وهي تخلص يدها من يده وتمنحه قطعة الطوب، ليأخذها منها مبعدا نظراته عنها ومغمضا عينيه لثانية يتمالك فيها نفسه وكيانه الذي تبعثر كلية من جراء لمسة رقيقة لكفها، ونظرة أرق من عيونها الجميلتين، ليفتحهما مجددا وهو ينهى عمله، ناهضا، وناظرا إليها في ثبات لا يشعر به البتة وهو يقول:.

لقد إنتهينا، أليس كذلك؟
نظرت قمر إلى هذا السور المحيط بمنزل العجوز وقطعة أرضه قائلة برضا:
نعم إنتهينا، وإستطعنا إبعاد كلب الجيران عن أرضه ومحصوله، سنركب فقط ذلك الباب هناك ثم نذهب إلى حال سبيلنا فقد تأخرت على تلك السيدة العجوز العمياء ويجب أن نسرع إليها، لذا سنكتفى بهذا القدر من العمل لهذا اليوم.
أومأ صخر برأسه في هدوء، ثم قال:
ما حكاية تلك السيدة العجوز بالمناسبة؟
إبتسمت قمر قائلة:.

سأرويها لك بالغد يامولاي مع مهمتنا الجديدة بإذن الله.
إبتسم قائلا:
صخر.
عقدت حاجبيها لا تفهم لم يردد إسمه ناظرة إليه بتساؤل، ليستطرد وقد إتسعت إبتسامته قائلا:
إسمى صخر وليس سيدى أو مولاي كما تناديننى دائما.

أدركت مقصده لتشعر بالخجل من مناداته بإسمه دون ألقاب، توردت وجنتاها ليزيد جمالها حسنا في عينيه وهي تومئ برأسها دون أن تعقب، تتجه إلى الباب بهدوء يتبعها صخر بإبتسامة واسعة، وقد آمن حقا أن هناك بعض النساء يستحققن الحب.

13-03-2022 05:56 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [5]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية جلمود صخر
نوفيلا جلمود صخر للكاتبة شاهندة الفصل السادس

كان صخر يسرع الخطوات بإتجاه جناح تلك الفتاة التي إستطاعت شغل قلبه وعقله، وإستحقت عن جدارة وجمال وحكمة هدم بعض حصونه والتسلل إلى كيانه القاسي فألانته، ورغم خشيته من ضعف يصاحب لين القلب، إلا أنه معها لا يشعر بهذا الضعف مطلقا، بل يشعر بقوة جامحة تجتاحه، تجعله يشعر بأنه قادر على فعل المستحيل، قادر على أن يكون ذلك الملك الذي كان يتمناه يوما، كاد أن يدخل إلى الجناح ولكنه توقف فجأة ثم إبتسم وهو يطرق الباب إنصياعا لأوامر مليكته فجاءه صوتها الرقيق يأمره بالدخول، ليوارى إبتسامته وهو يدخل الجناح، يراها برداء زهري رائع، أبرز جمالها الملائكي الخلاب، ليتوقف في مكانه صامتا متأملا إياها وكأنه في محرابها عابدا متعبدا، زادها خجلها جمالا، ليسقط قلبه صريع جمالها، يدرك مجددا أنه عاشق، وأن قلبه ما عاد ملكا له بل صار لها كلية، أفاق من شروده بها على صوتها يقول في إضطراب:.

تفضل يامولاي.
إبتسم مقتربا منها قائلا:
صخر، أخبرتك أن إسمي هو صخر.
أومأت برأسها دون كلمة وقد أعجزتها دقات قلبها المتسارعة عن الكلام، ترى إقترابه منها خطرا على هذا القلب الذي بات يعشقه، تود لو تطلق العنان لمشاعرها ولكنها تخشى أن تكون له نزوة لا أكثر، أو نوع جديد من النساء، بعد أن ينالها يزهدها، ويكون مصيرها الويل وحرقة القلب.
توقف أمامها تماما ليمد يده يمررها على طول ذراعها لامسا كم ردائها برقة قائلا:.

لماذا لا أراك بتلك العباءة التي تتخفين بها عن عيون العامة، وتحولك من قمر إلى سعد، رغم أننى لا أعترض مطلقا على رؤيتك بهذا الرداء، فقد زادك حسنا في عينى وبهاءا.
إبتلعت ريقها بصعوبة، ويده تثير في كيانها أعتى المشاعر، تتراجع خطوة إلى الوراء، قائلة بصوت مضطرب النبرات:.

أنا، نعم، تقصد تلك العباءة، حسنا، لن نغادر القصر اليوم فدرسنا سيكون هنا بين جنباته، أو على الأحرى في حديقته، فسنتحدث اليوم عن شئون البلاد يامو...
قاطعها بنظراته، لتبتسم قائلة:
ياصخر.
ما أجمل إسمه حين نطقت حروفه بذلك الثغر الوردي الرائع والذي يسحره الآن ليود فقط الإقتراب منه ينهل من سحره حد الإكتفاء، ولكنه خرج من دوامة مشاعره بصعوبة وهو يمد ذراعه إليها يبتسم قائلا:
حسنا، ماذا تنتظرين؟، هيا بنا.

أخذت نفسا عميقا قبل أن تمد يدها تضعها على ذراعه، لتشعر بزلزلة في كيانها كله عندما لامسته، أغمضت عينيها ترغم نفسها على تمالك دقات قلبها، قبل أن تفتحهما مجددا تمشى بجواره بهدوء، ولكنها في الحقيقة، تذوب عشقا.

حاولت قمر أن تنحى مشاعرها جانبا وهي تمشى مع صخر في جنبات تلك الحديقة الرائعة بأزهارها الملونة ذات الرائحة العطرة وأشجارها الجميلة، تركز على ما تريد أن تخبره به، تستجمع أفكارها التي تشتت تماما في قربه، بينما مشي صخر إلى جوارها يشعر بأنه بات لا يبغى شيئا سوى قربها هي، أن يكون هنا معها، في كل لحظة، حلم لا يريد أن يستيقظ منه، ليتساءل في صمت، لماذا قربها قد يكون له حلما وهو صخر؟، ملك تلك المدينة بأكملها، وإن أراد أمرا حققه، إن رغب حلما حوله إلى واقع، ليدرك أنه ليحول حلمه إلى واقع لابد وأن تبادله قمر مشاعره، إسترق النظر إلى وجهها الفاتن والتي تتأمل به حديقة القصر الغناء بعشق، لتتمهل عيناه على ملامحها لا تريد أن تطيع أمره وتبتعد عنها، ليتمنى قلبه فقط لو بادلته تلك الجميلة العشق فقط، لترك الدنيا ومافيها وإكتفى بها...

نفض افكاره جانبا وهو يقول:
أردتى الحديث عن شئون البلاد وها آنا ذا أراك صامتة،
نظرت إليه تغرق في سحر عينيه اللتان أصبحتا الآن بدفء ليلة صيفية رقيقة النسمات، لتنفض أفكارها العاشقة جانبا، وهي تقول:.

اليوم سأخبرك أمرا ترددت كثيرا قبل أن أبوح لك به، ولكن ما حسم ترددى هو رغبتك التي أراها حقا في مقلتيك، أراك ترغب حقا في صلاح شئون مملكتك، ولن يصلح شأن البلاد، حتى تفعل شيئا واحدا، أو بالأحرى تبعد عنها شخصا واحدا.
توقف على الفور ناظرا إليها عاقدا حاجبيه في حيرة قائلا:
من تقصدين بكلماتك؟
نظرت إليه قائلة بحزم:
مظفر، وزيرك يامولاي.
ظهرت الصدمة على وجهه لثوان، ليقول بعدها بصوت مازالت الصدمة في طياته:.

لماذا أبعد مظفر عن مملكتى؟
قالت قمر بهدوء:
لأنه بإبتعاده سيصلح شأن البلاد وستستعيد مجدها الماضى، سترى وقتها أفعاله التي كنت غافلا عنها، وستصحح تلك الأفعال فتعود مملكة الفيروز كما كانت في سابق عهدها يامولاي.
قال صخر عاقدا حاجبيه:
مهلا، مهلا، فلتخبرينى أولا، عن مقصدك بأفعاله تلك التي كنت غافلا عنها كما تقولين، وهل لديك ما يثبت كلماتك بدليل قاطع لا ريب فيه؟
هزت قمر كتفيها قائلة:.

سأخبرك عن أفعاله، اما الدليل فبالطبع لا أملكه، لا أملك سوى يقينى بأنه السبب وراء كل ما يحدث في مملكتنا، فلا أنتظر من خائن خدم إمرأة غدرت بملكه سوى أن يخون مبادئه وبلاده وكل عزيز وغال لديه، ولا أدرى كيف وثقت به مجددا وجعلته وزيرا لك كما كان لأبيك وجولنار من بعده؟
قال صخر بحيرة:.

لقد أظهر ولائه لى حين إنقلب على الملكة ومكننى من الحكم، كما أخبرنى أنه كان مضطرا لخدمتها خوفا على المملكة من أفعالها الشائنة.
قالت قمر في غضب:
كان أحرى بك أن تخشى منه، إنه كالحرباء يتلون بألف لون كي يظل بالسلطة، ثعبان غادر خائن، خان والدك الملك وإتحد مع الملكة، ثم خان الملكة وإتحد معك، ولا أستبعد أن يخونك إن وجد من يحل مكانك ويمنحه سلطة أكبر.

عقد صخر حاجبيه مطرقا رأسه أرضا، يفكر في كلماتها للحظات، قبل أن تتجمد ملامحه وتقسو وهو يرفع إليها وجهه قائلا:
فلتخبرينى في البداية بما لديك عن أفعاله ولنرى بعدها.
أومأت قمر برأسها قائلة بهدوء:.

حسنا، لقد بدأ الأمر منذ ظهور جولنار في المملكة، ليصدر أمرا بزيادة الضرائب على عامة الشعب الفقير وإعفاء أغنيائها، ومن لا يستطيع الدفع يزج به في السجون، حتى إمتلأت تلك السجون بغير القادرين من شعب لم يعد يدرى كيف يدفع تلك الضرائب وهو بالكاد يكسب قوت يومه، ليسود الجهل وقد توقف الناس أيضا عن تعليم أبنائهم في دواوين العلم التي أعدها والدك في الماضى لتعليم أبناء الشعب، وبارت الفتيات ولم تعد تجد من يستطيع تحمل نفقات الزواج، ثم أدخل مظفر المملكة في صراعات وحروب مع جيرانها لا داع لها، بأوامر من جولنار بالطبع، تلك الحروب اودت بحياة الكثيرين من شبابها، الذين تركوا خلفهم نساء وأطفالا وأمهات عجائز لا حيلة لهم ولا عائل ولا مصدر دخل يعينهم على الحياة، ولا تعويض من البلاد يكفيهم شر العوز، كتلك السيدة العجوز التي أقوم برعايتها والتي فقدت إبنها في الحرب منذ سنوات، إلى جانب أنه...

رفع صخر كفه أمامها مقاطعا إياها، قائلا بصوت إمتزجت فيه الصدمة بالغضب قائلا:
مهلا مهلا، فلنبحث اولا في تلك الأفعال البغيضة التي أخبرتنى بها، ونرى مدى صحتها وكيف من الممكن تداركها، ومحاسبة المسئول عنها أيا كان، وأعدك إن كان مظفر من قام بتلك الأمور، فلن ارحمه بل سأجعله عبرة لكل من سولت له نفسه على أذى مملكتى وشعبها.

نظرت إليه قمر، تومئ برأسها بهدوء، تشعر بالطمأنينة وقد أدركت من ملامح صخر أن مملكة الفيروز لها ملكا، لن يهدأ ولن ينام حتى ينال شعبها راحة بعد عناء وأمنا بعد خوفا، وسلام ورخاء للأبد بإذن الله.

لتسير بجواره مجددا، يسود الصمت بينهما، تتركه لأفكاره التي تدرك جيدا الآن أنها تدور حول شعبها ومملكتها، بينما كانا غافلين عن أذن إستمعت إلى حديثهما ليدرك صاحبهما أنه كان محقا في خشيته من تلك الفتاة، والتي جعلت صخر يبحث وراءه وبالتأكيد سيعرف كل أفعاله النكراء والتي أخفاها عنه لتقسوا عينيه وقد ظهر الشر فيهما، ينوى أن ينفذ ما خطط إليه، لينجو بنفسه من غضب ملك يدرك بيقين سوء إنتقامه.

إندفعت زمردة وصيفة قمر الزمان إلى جناحها قائلة:
هيا غادرن يافتيات، فالملك آت.
أسرعن الفتيات بمغادرة الجناح الملكي، بينما أسرعت قمر إلى مرآتها، تتطلع إلى صورتها، لتبتسم زمردة قائلة:
قمر الإسم والوصف يامولاتى.
إلتفتت إليها قمر تقول بخجل:
أحقا أبدو جميلة يازمردة؟وهل أناسب...
تركت جملتها معلقة لا تدرى كيف تكملها، أدركت زمردة حيرة مليكتها، فإقتربت منها تحتضن كفيها بيديها قائلة:.

لم أرى من تناسبه سواك يامولاتى، ولا أقصد جمالك الفاتن فحسب، بل روحك الطيبة والتي إنعكست على سيدى، فجعلته شخص آخر، أتعلمين ماذا فعل مولاي الملك في اليومين الماضيين؟
نظرت إليها قمر في تساؤل لتستطرد زمردة قائلة:.

لقد ألغى الضرائب عن عامة الشعب من الفقراء، وأطلق سراح الغارمين من السجون، ومن لم يستطع الدفع، وقام بجعل التعليم في الدواوين مجاني، وأقام ديوانا خاصا، جعل مهمته تزويج كل من لا يستطيع تحمل تكاليف الزواج، ومنح مبلغ مالي شهري لأهل كل قتلى الحروب ومصابيهم، إلى جانب أنه بعث رسل لأمراء وملوك الممالك المجاورة، برسالة يدعوهم فيها لإجتماع صلح وهدنة، طالبا منهم أن يبدأو معه عهد جديد فيه عدل وأخوة كعهد أبيه بالماضى تماما،.

ظهرت دموع الفرح في عيني قمر، تدرك أنه تحقق من كلامها وسعي لإصلاح كل شئ على الفور، يثبت لها أن شعورها تجاهه صحيح كلية وأنه يستحق حقا ان يكون ملكا للبلاد، بل أعدل الملوك على وجه الأرض، إن ترك قلبه يقوم بالحكم يمتزج بعقل تدرك حكمته، إن ترك فقط رماد الماضى تزروه الرياح...

قاطع أفكارها طرقات باتت تدركها، ثم دخول الملك وعيونه تبحث عنها حتى إستقرت عليها، تجول على ملامحها بنظرة ظهر الشوق فيها، لتبادله نظراته وقد إشتاقت إليه بدورها، لتتسلل زمردة مغادرة، وعلى وجهها إرتسمت إبتسامة سعيدة،
إقترب صخر منها دون أن يحيد بنظراته عنها حتى توقف أمامها تماما، ليقول:
كيف حالك؟
أجابته بهدوء لا يعكس ضربات قلبها المتسارعة:
بخير يا...
رمقها بنظرة ذات مغزي فإبتسمت قائلة:
صخر.

إبتسم بدوره قائلا:
أترين؟ليس صعبا نطق إسمى، أليس كذلك؟
إكتفت بإبتسامة خجول، ليستطرد قائلا:
هل وصلتك الأخبار؟
إبتسمت قائلة:
علمتها للتو ياصخر، هنيئا لك ما صنعت، وإنى شغوفة اليوم لأخرج إلى المدينة قرب الفجر، أرى رأي الناس فيما فعلت.
إبتسم قائلا:
سنخرج سويا فقد إشتقت إلى طرقات المملكة ومساعدة المحتاجين، فإنتظرينى ولا تذهبى بدونى.
إبتسمت قائلة بمشاكسة:.

سيحبك الناس أكثر من سعد وأكثر منى، فأنت تفعل في أيام ما عجزنا عن فعله طوال السنوات الماضية.
إتسعت إبتسامته وهو يمد يده يرفع خصلة هاربة من شعرها إلى ماوراء أذنيها بهدوء خلب لبها وأطلق العنان لدقات خافقها وهو يقول برقة ألهبت مشاعرها:
لولا سعد ماعاش ملكهم، ولولا قمر ما أحبوه، فإن كنت حقا ملكا محبوبا بينهم اليوم، فهذا بسببك وحدك يامليكتى.

إبتلعت قمر ريقها بصعوبة تشعر بالذوبان في عشق هذا الرجل الماثل امامها والذي إستقرت يده على وجنتها، تشعل كيانها إشتعالا، لتتنحنح وهي تتراجع خطوة إلى الوراء، تقول بصوت متهدج من أثر مشاعرها المضطربة عشقا:
وماذا عن مظفر يامولاي، أمازال هاربا؟

نجحت قمر في إخراج صخر من تلك الحالة العاشقة لها، والتي كانت ستودى به في النهاية لخاتمة حتمية وهي تحويل زواجه الصوري إلى حقيقي، نعم هو يرغب بذلك من كل قلبه ولكنه يرى أن الوقت فقط ليس مناسبا لتلك الخاتمة قبل ان يتأكد تماما من مشاعرها تجاهه، يتأكد من عشق يراه بعينيها ولكنه يحتاج إلى إعتراف منها بذلك العشق، الذي يراها تتهرب منه دوما، يخشى ان يصارحها هو بعشقه فلا يجد صدى لمشاعره في قلبها ويكون جل ما يجمعهما هو مصلحة مملكة الفيروز وشعبها...

ليقول بعيون ظهرت بهم قسوة جاءت مصاحبة لذكر إسم هذا الخائن:
نعم مازال هاربا ولكننى سأجده مهما كلفنى الأمر بعد ان تأكدت من كل أفعاله النكراء وسيحصل على مصير يليق بأفعاله، وهذا وعد منى بذلك.
إبتسمت قائلة:
أثق بك تماما.
لا تدرى ماذا فعلت قمر بقلبه في تلك اللحظة، كلماتها البسيطة جعلته ينبض بعشق تجرى قوته في شرايينه فتمنحه كل ما يحتاج من أجل أن يكون الملك الذي تحلم به قمر وكل فرد في مملكة الفيروز.

فتح الباب فإلتفتت جولنار لترى زائرها الأول منذ أن حبسها صخر في هذا البرج الحصين والذي لم تستطع منه هروبا وقد فقدت صولجانها، عقدت حاجبيها في قسوة حين رأت مظفر قائلة:
وأخيرا أتيت، إنتظرتك طويلا حتى كدت ان أفقد الأمل في حضورك.
إبتسم مظفر بخبث قائلا:
كنت انتظر فقط الوقت المناسب يامليكتى، حتى أستطيع إنقاذك.
نظرت إلى وجهه تدرك كذبه، تود لو فتكت به ولكنها الآن تحتاجه، لتقول بسخرية:
وهل حان الوقت؟

قال مظفر بحقد:
نعم حان يامولاتى، فلقد صار الملك ضعيف القلب، يتبع زوجته الصغيرة، يقوم بهدم كل ما بنيناه، ويوزع المال الذي جمعناه، يحاول أن يصلح بعض ما أفسدناه وسعينا إليه سنوات طوال.
تأملته في هدوء قائلة:
وماذا تنتظر؟، هيا بنا لنحضر صولجانى، وندمره هو ومملكة الفيروز، لنتحد مع ملك الجان الأحمر ونقيم مدينة لا تقهر.
إنحنى مظفر قائلا:.

وأنا تحت أمرك يامولاتى، خادمك وخادم مملكة الجان، وقد حان حقا الأوان، لإستعادة الصولجان.
إبتسمت جولنار بكبرياء وهي تسير أمامه بخيلاء، ليسير خلفها بهدوء، تدرك بأنها أخيرا تحررت، وأصبح حلمها على وشك التحقيق، وقريبا ستصبح ملكة خالدة، بعد ان تتحد مع ملك الجان الأحمر، وتصبح كتلك المملكة التي ستبنيها، قوية، حصينة، ولا تقهر.

13-03-2022 05:57 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [6]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية جلمود صخر
نوفيلا جلمود صخر للكاتبة شاهندة الفصل السابع

كانت قمر تتمشى مع صخر في حديقة القصر كما إعتادا كل مساء، يتناقشان في أمور المملكة وأحوالها، حين تعالى صوتها الذي زلزل أركان المكان من حولهما وهي تقول في حقد تمتلئ به نبراتها:
وأخيرا ياصخر، لقد حان وقت الإنتقام...

إلتفتا إليها سويا، لينظر صخر إلى قسماتها الجميلة والتي حولها الغل إلى قسمات شيطانية بشعة، لتظهر الصدمة على ملامحه، ينظر إليها بذهول وإلى صولجانها التي إستعادته وتلوح به في وجهه بإنتصار لتتحول قسماته الجزعة لقسمات قوية جامدة وهو يبعد قمر إلى ماوراء ظهره، ثم يخرج سيفه من غمده يشهره في وجه تلك الشيطانة جولنار وهو ينظر إليها قائلا بثبات:
لقد حان بالفعل، وحانت معه نهايتك أيتها المشعوذة المأفونة.

تسارعت دقات خافق قمر خوفا على صخر، وهي ترى تلك الساحرة التي ظهر الغضب على ملامحها، تقول بحنق:
مازلت مغرورا يافتى، تظن أنك تستطيع التغلب علي، كم كنت أتمنى لو سحرتك كما سحرت أبيك من قبلك، فموتك خسارة حقا، ولكن لا وقت لدي ولا حاجة لى بك،.

لترفع صولجانها بإتجاهه وهي تتمتم بكلمات تشبه التعاويذ، لتشتعل جوهرته الحمراء، بينما دفع صخر قمر بعيدا رغما عنها وهو يتجه إلى تلك الساحرة بأقصى سرعة ولكنها مع الأسف كانت الأسرع بإطلاق صولجانها بإتجاهه، لينطلق منه شعاع أصاب قلب صخر وحوله إلى تمثال صخري على الفور، لتصرخ قمر بإسمه في لوعة...

إستيقظت قمر من نومها فزعة تصرخ بإسم صخر بقلب وجل، نظرت حولها فرأت أنها في مخدعها، أدركت أن ما رأته ما هو إلا كابوس بشع، نهضت من سريرها بسرعة تجول في حجرتها جيئة وذهابا بخوف ينتشر في كيانها، توقفت بتردد تجول عيناها المضطربتان في الحجرة، لتقع عيناها على عبائتها فإتجهت إليها تسحبها من مكانها وتضعها عليها بإهمال وهي تخرج من جناحها بإتجاه مكان واحد، تدرك أنها لن تهنأ ولن ترتاح حتى تصل إليه وتراه رابضا فيه بخير أمامها، فقط ستراه وتعود، ستطمئن عليه حتى تهدأ دقات قلبها التي أدركت من خلالها الآن بكل قوة أنه لا حياة لها دونه، هو، حبيبها ومليكها، وزوجها، صخر.

كان يقف أمام شرفته يتكئ على بابها ينظر إلى السماء، إلى هذا الذي يذكره بها، بحبيبته التي أنارت عتمة قلبه كما ينير هذا القمر عتمة الليل تماما، لم يستطع النوم بعد هذا الكابوس المزعج، ليرى راحته الآن في تخيلها هي، يرغب بكل ذرة في كيانه لو ذهب إلى مخدعها الآن ورآها أو تحدث معها، ولكن لابد وأنها تغط في نوم عميق لا يريد أن يقلقها منه، فتح الباب فجأة فإلتفت تجاهه ليراها واقفة هناك تنظر إليه بخوف، عيناها تجريان عليه وكأنهما تتأكدان من وجوده وأنه بخير، عقد حاجبيه قائلا في حيرة:.

قمر، ما بك؟
وقعت العباءة من يدها ووجدت نفسها تجرى بإتجاهه ليفتح لها ذراعيه على الفور يضمها بينهما وهو يغمض عينيه، يستمع إلى همسها الدافئ بإسمه قائلة:
صخر.
فتح عيونه يقول بهمس مماثل:
قلب صخر، ومليكته.

فتحت عيونها بدورها تدرك أنه نطق بحروف العشق في كلماته، لتخرج من حضنه، تنظر إلى ملامحه في لهفة، تود أن تتأكد من أن مشاعره التي أدركتها حقيقية وليست من نسج خيالها، ليتأمل ملامحها بشغف يرفع يده ليرجع خصلتها الشاردة دائما إلى ما خلف أذنها قائلا بوله:.

أحببتك ياقمرى، منذ أن عرفت الهوى، ليحطم عشقك جلمود أحطته بقلبى خشية عليه من الأذى، فأعدتيه حيا كما كان، ثم تربعتى على عرشه وأصبحتى ياحبيبتى ملكته طوال الزمان،
ليمرر يده على طول وجنتها برقة مستطردا بنبرات عاشقة إمتزجت بالقلق:.

فقط أخشى أن يكون كل ما يجمعك بى هو عشق مملكة الفيروز، فتزوى نبضات قلبى كمدا وأعيش وحيدا دون عشق أيقظ مشاعرى وحطم الأسوار والقيود، فأصير مجنون قمر أو أفنى وأصبح في الحياة غير موجود.
أغمضت قمر عينيها ثم فتحتهما قائلة بعشق نبض في النظرات و الحروف:.

آه من كلماتك يامولاي، تذيب القلب عشقا، وتوقظه من سبات طويل، لم أعرف الحب يوما حتى علمتنى الحب على يديك فحولت كابوسى إلى حلم جميل، قد أنكر كل شئ، إلا عشقك فنكرانه مستحيل.
ضمها صخر إليه مجددا يغمض عيناه قائلا:
فلتمنحينى سكنا بين ذراعيك حبيبتى ولنتحد في العشق لأشبع ظمأ روحى المشتاقة إليك مليكتى، فدونك لم أكن أبدا مكتملا، ينقصنى دوما شيئا، حتى رأيتك، فشعرت بروحى تستكين.
لتهمس قمر قائلة:.

أنا لك سيدى سكنا كما أنت لى وطنا، ومعك وحدك وجدت ضالتى فإمتزجت الحقيقة بالخيال، وأدركت أنك توأم الروح وحبيب القلب وغاية الآمال.
ليمرغ صخر وجهه في خصلاتها كما تمنى كثيرا يردد كلمات العشق بهمس أنسى قمر كابوسها المريع، لتعيش مع ملكها حلمها البديع، تغرق رويدا رويدا في دوامة مشاعره التي أغدقها عليها، يثبت لها بكل همساته ولمساته، أنها أصبحت مليكة قلبه الذي ما خفق إلا، لها.

تأمل صخر ملامحها الجميلة الفاتنة وهي تنام بجواره كالملاك، ينتابه شعورا لم يكن ليحلم بأن يناله يوما، العشق الذي يجعل القلب كاملا، نابض بالحياة، مال يقبلها على جبينها برقة، قبل أن ينهض من سريره، يتجه إلى شرفته، يقف على بابها مجددا، يتطلع إلى الخارج بصمت، ويفكر بعمق، لقد منحه عشق قمر قوة لينهض بمملكته ويجعلها أجمل ممالك الدنيا، ولكن هناك هاجس بداخله يخبره بوجود خطأ ما أو ربما خطر ما يحيط بعرشه، ليذهب بأفكاره إلى تلك الساحرة الشريرة على الفور، ينوى بالغد أن يذهب إلى هذا البرج العالى ويتأكد تماما من أنه يحتوى كتلة الشر تلك، ثم يقضى عليها، إلى الأبد، فقد نسيها في غمار إنتقامه من بنى **ها ونسي أنها السبب الرئيسى لهذا الإنتقام...

إستمع إلى همهماتها الضعيفة المتألمة فإلتفت ينظر إليها بسرعة ليجدها عاقدة حاجبيها بقوة، كاد أن يذهب إليها يوقظها وهو يدرك أنها تعانى كابوسا، وبالفعل تحرك خطوة واحدة ليتوقف حين صرخت بإسمه تفتح عيناها بقوة، ثم تنظر إليه، لتنهض بسرعة تجرى بإتجاهه، في نفس الوقت الذي أسرع فيه إليها ليلتقيا بنصف الطريق يضمها بقوة وتضمه بدورها، تقول في جزع:.

كفى، لا أستطيع إحتمالا، أرجوك دع ذلك الكابوس البغيض يتوقف، أرجوك ياصخر.
ربت على ظهرها، يقول بصوت مفعم بالحنان:
إهدئى حبيبتى، إنه كما قلتى كابوس وذهب إلى حال سبيله، أنا بجوارك مليكتى فإطمئنى.
خرجت من حضنه تمسك وجهه بين يديها قائلة بألم:
في كابوسى تتحول لصخر حقا، في كابوسى تضيع منى للأبد، يتكرر هذا الكابوس الليلة للمرة الثانية، للمرة الثانية أعيش مرارة الفقدان، لا لن أنام مجددا، فأنا أخشى، اخشى...

صمتت لا تقوى على قول كلماتها، ليميل صخر مقبلا يدها الرابضة على وجنته، ثم ناظرا إلى عينيها قائلا بحنان:
لا تخشى شيئا ياقمر، فما وجدتك لأفقدك بتلك السرعة وما إلتقينا لنبتعد، فقرى عينا وإهدئى، فأنا إلى جوارك الليلة وكل ليلة، أخبرك بكل مالدي، أننا معا للأبد ياحبيبتى.
ثم مال مقبلا ثغرها المرتعش خوفا بعشق، أنساها ذلك الخوف، مؤقتا.



المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
رواية صغيرتي الحمقاء زهرة الصبار
39 6993 زهرة الصبار
رواية انتقام ثم عشق زهرة الصبار
38 4052 زهرة الصبار
رواية حبيب الروح زهرة الصبار
39 3100 زهرة الصبار
رواية لا ترحلي زهرة الصبار
36 2971 عبد القادر خليل
رواية أحببت فاطمة زهرة الصبار
74 3416 زهرة الصبار

الكلمات الدلالية
رواية ، جلمود ،


 





# فنون # مشاهير # صحة # منوعات # الأطفال # English # تفسير الأحلام ثقافة # قصص # سيارات Cars # صور # تقنيات # الاجهزة الالكترونية # المطبخ # كلام فى الحب # أبراج # رياضة # ازياء # حكم وأقوال تطوير الذات# خلفيات # صور بنات # مشاهير # ديكور # صباح الخير # مكتوب برقيات شهر رمضان # جمعة مباركة # حب رومانسية # عيد # ادعية # خلفيات كرتون # منوعات # موضة # الأم # أطفال # حيوانات # صور ورد # اكلات # New Year # مساء الخير # اللهم صلي علي النبي # القران الكريم # صور نكت # عيد ميلاد # اعلام # سيارات # تهنئة الخطوبة # حروف واسماء # الغاز # صور حزينة # فساتين # هدايا # خلفيات النادي الاهلي # تسريحات شعر # الاصدقاء # بوستات نجحت # خلفيات نادي الزمالك # حب رومانسية # تهنئه # ازياء # صور بنات # صوره وكلمه خلفيات # كرتون # بروفايل رمزيات # دينية # سيارات # مضحكة # أعلام # مسابقات # حيوانات # ديكور # أطفال # أكلات # حزينة صور شباب أولاد ر# صور # الطب و الصحة # مقالات عامه # CV المشاهير # وصفات الطبخ # العناية بالبشرة غرائب وعجائب # قصص روايات مواعظ # صور حيوانات # وصفات الحلويات # الرجيم والرشاقة # نكت مضحكة # صور خلفيات # العناية بالشعر # شروحات و تقنيات # videos # Apps & Games Free # موضة أناقة أزياء # سيارات # ديكور # رعاية الأطفال # نصائح المطبخ # موبايل جوال # الفوركس # التعليم والمدارس # الحمل و الولادة # اخبار الرياضه # وظائف # صحة المرأة # حوادث # صور بنات # صور اطفال # مكياج و تجميل # عناوين بنوك شركات محلات مطاعم # العاب الغاز # عيد # كلمات الاغانى # اشغال فنيه واعمال يدويه # مصر # أشعار خواطر # للنساء فقط # للرجال فقط # صور شباب # علاج النحافه # رسائل SMS # أكلات نباتية - Vegetarian food # برامج الكمبيوتر # المراهقة # جمعة مباركة # blogger # رعب # لعنة العشق # حب # اسلامية # قاسي ولكن أحبني # أحفاد أشرار الحرب لأجلك سلام # أسمى معاني الغرام # حقيقية # لقد كنت لعبة في يده # ملهمة # أباطرة العشق # عربية # حب خاطئ # لست مميزاً # من الجاني # مشاهير # راقصة الحانة # اغتصاب طفلة # عاشقان يجمعهم القدر # الطريق الصعب # خيال علمي # أشواك الحب # تاريخ # سجينة ثوب الرجال # لروحك عطر لا ينسى # أطفال # عشق وانتقام # لازلت أتنفسك # لقاؤنا صدفة # للحب معان أخرى # خاتم سليمان # ممن أنتقم # نجاح # أبواب وهمية # حلمى فى صفيحة قمامة # فيلم # مجنون بحبك # بين شباكها # حزينه # رحلات جوليفر # عذاب قسوته # عندما ينادي الشيطان # لعنة حبك # مريم وامير # هدوء في قلب العاصفة # الحاسة السادسة # المشعوذة الصغيرة # عباقرة # لوعة العشق # حروب # قدر بالإجبار # بنات مضحكه# فوركس Forex# صحتك # الصور والخلفيات # الطبخ والحلويات # منوعات # اخبار الفن # القصص و الروايات الألعاب الرياضية # الحياة الزوجية # أزياء وملابس # الأم و الطفل # دراسات لغات # افكار منزلية # انترنت تكنولوجيا # صفات الابراج # حيوانات ونباتات # تفسير الاحلام # معانى الاسماء # خواطر و اشعار # الكون والفضاء اجمل نكته# Mix # Forex # youtube # foods # Kids # Health education # stories # News # kitchen # woman # Famous # Sport # Animals

-------

الساعة الآن 04:29 صباحا