أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في منتدى جنتنا، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .

المنتدى للقرائه فقط -- للمشاركه انتقل الى منتديات جنتنا الجديده -forums.janatna.com





رواية ضلع مكسور سينجبر

تأملوا ابتسامتهاإن رأيتموها مشرقة تشع في عينيها فاعلموا أنها تزوجت رجلا أحبها.أما إن رأيتموها باهتة توقفت تلك الابتسامة ..



13-03-2022 04:55 مساء
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 






t22102_4947

تأملوا ابتسامتها
إن رأيتموها مشرقة تشع في عينيها فاعلموا أنها تزوجت رجلا أحبها.
أما إن رأيتموها باهتة توقفت تلك الابتسامة عند ثغرها فاعلموا أنها تزوجت رجلا أراد فقط امتلاكها.

المرأة كائن رقيق قوي التكوين، تمنحك قدر ما تمنحها ثم تزيد.

أيها الرجل! لا تكسرها.

فقد تبدو خاضعة مستسلمة لإحتلالك كيانها وإرادتها، ولكن حذار من إنتفاضة إمرأة مستعمرة قد فاض بها الكيل، فستحرق الأخضر واليابس بنيرانها، و أول ضحاياها سيكون أنت.

----------------------------

أعترف، لم أكن بجوارك هاهنا يوما، واقع يبكينى
نعم قد كنت مَعَكِ جسدا فقط، لكن غاب تكوينى
كم مرة لم أسمعك حقا، وكم ظللتى تحاكينى
تطلبين اهتمامى، وبكل ذرة في كيانك كنت تبغينى
عذرا لم أنتبه، شغلتنى أمور الحياة عنك فلم تشتكينى
تحملتى تجاهلى، وحاولتى جذب إهتمامى، فلم تجذبينى
فأنا الذي لم أفكر يوما أنى قد أفقدك أو تتركينى

إتخذتك أمرا مسلما به في حياتى، ولم تمنعينى
وها أنا ذا أعض الأنامل ندما، بعدما فارقتينى
أتمنى لو عاد بي الزمن، لأكون لك وطنا تسكنينى
أمنحك إهتمامى وعشقى وحنانى، كما منحتينى
أشاركك أنفاسك، وفي كل مكان أتبعك وتتبعينى
ولكن أماني تذهب سُدى، فلا الزمن يعود ولا الندم يداوينى
وكيف يرفق بى جرحى ولم أرفق بك يوما، الذنب يضنينى
والله ما رحم الله رجلا أساء لحواء، ولن يرحم أنينى
فقط أتمنى لو عدتى لى يوما، لأتوسل إليك، سامحينى
كنت غافلا، لا أدرك أنك خُلِقتى من ضلعى وسكنتى وتينى
ولقد كان القصاص عادلا فبغيابك حبيبتى، قد قتلتينى.
فصول رواية ضلع مكسور
رواية ضلع مكسور سينجبر للكاتبة شاهندة الفصل الأول

إعتدلت سماح في جلستها وهي تضع هاتفها على أذنها قائلة بلهفة:
-حبييى يامجد، أخبارك إيه، وصلت بالسلامة؟
أشار لها زوجها حسام بالصمت حانقا، واضعا سبابة يده على فمه بينما يشير بيده الأخرى إلى التلفاز الذي يشاهد عليه مباراة اليوم والتي يتابعها منذ برهة ومستغرق فيها بالكامل، لتشير إليه بيدها بدورها مهدئة وهي تنهض من جواره وتتجه بهاتفها إلى حجرتها تستمع لصوت أخيها مجد وهو يقول:.

-الحمد لله وصلت وبكلمك من الشقة كمان.
ولجت إلى الغرفة تغلق بابها خلفها وهي تبتسم قائلة:
-الحمد لله، طمنتنى، قوللى أخبار حسن إيه؟
تنهد قائلا:
-جيت ملقتوش، وتليفونه كمان مقفول.
قالت سماح بحنق:
-حسن هيفضل حسن، ومش هيتغير، ربنا يهديه بقى، متنساش تقوله يامجد إنى زعلانة منه عشان مبيسألش علية.
إبتسم مجد قائلا:.

-حقك علية أنا ياستى، بس إنتى عارفة حسن، ولسة قايلاها، مش هيتغير، طول النهار مابين الجامعة والنادى وصحابه، مقضيها بالطول والعرض ولا على باله حد، ده تلاقيه حتى نسي إنى جاي النهاردة، عموما، أنا جيتله أهو وهظبطه، متقلقيش.
إتسعت إبتسامة سماح قائلة:
-ربنا يخليك لينا يامجد، وميحرمناش منك، خد بالك منه.
قال مجد بإبتسامة ظهرت في صوته:
-في عيونى ياموحة.
قالت سماح في حنان:.

-تسلملى عيونك ياقلب موحة، قوللى أخبار زوزا إي...
قطعت كلامها وهي تشهق واضعة يدها على فمها تدرك أنها تُذَكَّره بغباءها بمأساته، ليؤكد مجد ظنها القاتم بصمته بدوره، تدرك أنه ربما الآن يغمض عيناه ألما ويتذكرها، يتذكر صاحبة ذلك الإسم، ويتذكر تلك الأيام التي كانت تنير فيها حياته، لتقول بهمسة مرتجفة:
-مجد...
قال مجد بنبرات صوت تخللها الحزن:
-معاكى ياسماح.

أغمضت عينيها بألم تدرك مشاعره الحزينة، فمن مِن المحيطين بمجد قد يشعر به أكثر منها؟فلطالما أعدت نفسها كأم ثانية له ولأخواتها جميعا رغم أن فارق السن بينهم ليس كبيرا إلى هذا الحد، إنهم فقط بضع سنوات، ولكنها تحملت مسئوليتهم باكرا بعد وفاة والدتها بأزمة قلبية ثانية بعد تلك تلك الأزمة الأولى والتي تعرضت لها إثر معرفتها بأن والد سماح قد تزوج بالخارج وأنه لن يعود مجددا، فتركت سماح دراستها الجامعية لتراعيهم، وهي تدرك أنها ليست فقط أختهم الكبيرة، بل هي الأم والأب أيضا، قالت بصوت تهدج ألما:.

-أنا آسفة ياحبيبى، سؤال وخرج منى من التعود مش أكتر.
قال مجد بصوت حاول جعله ثابتا قدر الإمكان وهو يلاحظ نبرات أخته الحزينة من أجله ومحاولا إنهاء المكالمة دون ان تشعر بهذا الألم الذي مزق خافقه:
-ولا يهمك ياحبيبتى، أنا لازم أتعود على فكرة إنها مبقتش موجودة في حياتى، المهم، أنا هروح بقى عشان عايز ألحق أظبط الشقة اللى تحتنا وأفرشها.
قالت سماح بتساؤل:
-هم جايين خلاص الشقة بكرة؟
قال مؤكدا:.

-أيوة، جايين بكرة، متنسيش تسلميلى على مراد وحسام.
قالت سماح:
-حاضر.
ثم إستطردت بنبرات حزينة:
-كان نفسى أبقى معاك دلوقتى، وأظبط كل حاجة بنفسى، بس إنت عارف.
إبتسم مجد بحنان قائلا:
-متشيليش نفسك فوق طاقتها ياسماح، ياما شيلتينا وإتحملتى همومنا، جه الوقت اللى تعيشى فيه لنفسك ولجوزك وإبنك ياحبيبتى، وبعدين إحنا عارفين حسام وتحكماته ومقدرين، متقلقيش علينا، إحنا كبرنا ونقدر نشيل هم نفسنا بنفسنا.

قالت سماح بصوت تخنقه العبرات:
-ربنا يحميكم يارب.
قال مجد بحنان:
-ويخليكى لينا، خدى بالك من نفسك ياموحة، وابقى طمنينى عليكى، أنا مش هعرف أنزل القاهرة قبل...
قاطعته قائلة برقة:
-عارفة يامجد عارفة، ربنا يعينك.
كاد مجد أن ينهى المكالمة حين قالت سماح بتردد:
-مجد!
عقد مجد حاجبيه وهو يشعر بترددها ليقول بإستفهام:
-خير ياسماح!
قالت سماح:
-حسام مش وحش، هو بس...

صمتت لا تدرى كيف تصف زوجها وتعنته في بعض الأحيان، بل في كثير من الأحيان، رفضه القاطع لخروجها للعمل على سبيل المثال أو إيصال طفلها للمدرسة، بل إنه يرفض أن تتواصل مع صديقة طفولتها ماجى، لمجرد أنها لا تروق له..
فإكتفت سماح مرغمة بإتصالات هاتفية مسترقة وزيارات ماجى لها، عندما تأتى من الأسكندرية في إجازة مع زوجها يوسف والتي بالطبع لا يعلم عنها شيئا، أفاقت من أفكارها على صوت مجد الذي قال بهدوء:.

-عارف ياسماح، حسام بيحبك وبيخاف ويغير عليكى، كلنا عارفين ياحبيبتى، ومتفهمين وضعه.
غشيت عيونها الدموع قائلة:
-طيب متنساش تسلملى على حسن وتقوله يكلمنى.
قال لها:
-وإنتى كمان سلميلى على سمر وطمنيها انى وصلت اسكندرية، بكلمها بس مع الأسف تليفونها مغلق.
قالت سماح وهي تحاول أن تتمالك نفسها:.

-هتلاقيها جوة أوضة العمليات دلوقتى، متنساش يامجد تاخد بالك من أخت الدكتور هادى، هو رضى إن هاجر تسكن معاكم في نفس العمارة بس عشان واثق فيكم وفي إنكم هتاخدوا بالكم منها.
قال مجد بثقة:
-متقلقيش، أخته هاجر هتكون زيكم تمام، وهاخد بالى منها زيك وزي سمر، أنا مش ممكن أنسى جميل الدكتور هادى ووقفته جنبى في محنتى.
قالت سماح بتأكيد:
-فعلا إنسان نبيل، ربنا يحققله أحلامه.
لتقول في نفسها بحنق:.

-ويلين قلب أختك وترضى عنه، الراجل واضح أوى إنه بيحبها بس هي ولا في دماغها أساسا.
أفاقت على صوت مجد وهو يقول:
-يارب، لا إله إلا الله.
قالت سماح:
-محمد رسول الله.

ثم أغلقت الهاتف وضمته إلى صدرها، لتخرج منها تنهيدة حارة عبرت عن شوقها العميق لأخيها منذ الآن، لقد سافر إلى الإسكندرية كما نصحه الطبيب النفسي هادى ليبتعد عن جو القاهرة المشحون بالذكريات المريرة، وذهب يعيش مع أخيهم حسن في شقتهما الرابضة في تلك البناية التي يمتلكونها بالإسكندرية، بعد أن كانوا قد تركوها جميعا ليعيشوا بجوار سماح في القاهرة عندما تزوجت وإنتقلت إلى القاهرة مع حسام زوجها، حيث كانت هناك شقة فارغة في نفس البناية التي يقطنون بها فكانت أكثر من مناسبة لكي لا يفترقون عن بعضهم البعض، نقلت سمر دراستها إلى كلية الطب بجامعة القاهرة ثم تخرجت وعملت بتلك المستشفى الخاصة والتي يمتلكها أستاذها في الجامعة الذي توسم فيها التفوق والمهارة والذكاء والإخلاص في العمل، فإستقرت سمر بدورها وراقت لها القاهرة كثيرا فلم تفكر في العودة إلى الأسكندرية مجددا، بينما عاد أخاهم حسن إلى الأسكندرية للدراسة في جامعتها بعدما مر بتجربة عاطفية سيئة هنا.

أما مجد فتزوج بفتاة تقطن بجوارهم، بعد قصة حب رائعة وإنتقل للسكن معها في المبنى المقابل لهم بعد سفر أختها لبلدتهم الصغيرة، وكانت الحياة جميلة ومستقرة حقا لهم جميعا، فكانت سماح إلى جوار أخواتها وكأنها بينهم تماما، تراهم يوميا وتطمئن عليهم فيما عدا حسن الذي تراه في الإجازات فقط، حتى كانت تلك الحادثة المشئومة، والتي قضت كلية على هذا الذي تُعِدَّهُ دعامتها في تلك الحياة-أخاها مجد-هذا الذي جعلته تلك الحادثة ظلا لرجل، ليس بميت ولا هو على قيد الحياة.

ولكنها تأمل في سفره الآن أن يعود الأمل لنبضاته والرغبة مجددا في تلك الحياة التي إفتقدها مع رحيل (زوزا)-زوجته-وصديقتها الرقيقة الجميلة التي تفتقدها بشدة، نزلت من عيونها دمعة مع تدفق الذكريات، لتترك الهاتف جانبا وهي تمد يدها تمسح دمعتها برقة قبل أن تتنهد مجددا وتخرج من الغرفة، تتجه إلى حيث زوجها، حسام.

جلست سماح بجوار حسام، تبدو حقا وكأنها تشاهد معه المباراة على التلفاز ولكنها كانت شاردة في عالم آخر، عالم ملئ بذكرياتها التي حاولت أن تواريها في أعماق النسيان ولكنها تدفقت الآن و لا تدرى سببا لتدفقها...

إنتفضت على صوت حسام وهو يلعن الحكم لإعطاءه خطأ على لاعب الفريق الذي ينتمى إليه زوجها ويكاد يكون متعصبا له، لتنظر إليه وهو يطالع التلفاز بإنتباه شديد وتحفز، ترجوه بعينيها وقلبها أن ينظر إليها مرة واحدة كالماضى، يرنوا إليها بنظرة عشق تسعد قلب أضناه الزمن وأنهكته الوحدة.

عقدت حاجبيها تتساءل عن فتور علاقتهما سويا بعد أن كان عشقهما بالماضى ملتهبا، حتى أنها لم تفكر للحظة وهي تتزوجه وتتبعه إلى القاهرة، في مكان لا تعرف فيه أحد على الاطلاق، تخاطر بالإبتعاد عن أخواتها من أجله ولولا حظها الحسن الذي سهل إنتقال أخواتها معها لظلت بعيدة عنهم، مجددا من أجله، وتراهم في المناسبات فقط.

وقد كان هو متيما بها بدوره، لا يفارقها أبدا، يغمرها بكلمات العشق وهمساته، حتى في أصعب لحظاتهم وحين كانا يتشاجران بقوة، كانت تبكى فيقوم بإحتضانها على الفور معتذرا عن تفوهه بكلمات لا يعنيها حقا فيزول غضبها منه وكأنه لم يكن وتنسى حزنها من أفعاله، وتعنته معها في كل شئ فقط بين أحضانه، لتعود حياتها معه وردية كما كانت، ولكنه في الآونة الأخيرة لم يعد حقا كما كان.

لقد بات لا مباليا بها، عصبيا، منشغلا عنها بعمله الجديد وحتى عندما يكون بالمنزل، يصبح محور إهتمامه التلفاز وبرامج الرياضة المتنوعة على قنواته، أو هاتفه الذي يضع عيونه على شاشته طوال الوقت، حتى باتت تشعر أنه كزوجة ثانية لها، تغار من هاتفه وبشدة..
رجعت بذاكرتها قليلا إلى الوراء...

لقد تزوجته في سن الواحدة و العشرون، وعاشت معه قصة حب تتذكرها بأدق تفاصيلها حتى تزوجا وأنجبا مراد، وحتى بعد إنجابها لطفلها لم تنضب مشاعرهما كما كانت تسمع عن المتزوجون الذين تفتر مشاعرهم بعد الإنجاب، بل ظلا عاشقان رغم كل المشاكل التي كانت تحدث بينهما، فكلمة طيبة منه كانت تمحى كل أحزان قلبها، نعم هي طيبة القلب وربما ساذجة في علاقتها بحسام كما تدعوها ماجى، ولكن يكفيها أنها بتلك الطيبة كانت تعيش بسعادة مع زوجها، حتى بضعة اعوام مضت، حين قرر زوجها أن يترك وظيفته ويفتتح عمله الحر، ومن وقتها تباعد عنها رويدا رويدا، تحاول هي بكل جهدها أن تقترب منه فيقابل كل محاولاتها برد فعل سلبي إحتارت في تفسيره، وها هي على مشارف الثانية والثلاثون، ربما تبدو أصغر من سنها وربما هي حقا مازالت صغيرة السن ولكنها تشعر من داخلها بأنها إمرأة عجوز، إكتفت من الحياة حتى ملتها، كم كانت لديها من الآمال الكثير، آمال كادت أن تغتيل بقسوة على يد حسام معللا رفضه الدائم لتحقيق آمالها بأنه يحبها ويغار عليها بجنون، لترضخ هي وتتنازل عن أحلامها واحدا تلو الآخر حتى...

إنتفضت مجددا على لعنات زوجها لحارس المرمى التابع لناديه والذي لم يستطع صد هدف من الفريق المنافس، لتدرك أن تلك الليلة لن تمر مرور الكرام فزوجها يظل عابسا حين يخسر ناديه وحين تواسيه ينفجر فيها متهما إياها بالتحيز لفريقها، و أنها تشجع الفريق المنافس، وهو الفريق الفائز بالطبع، لذا لابد وأنها لا تشعر به وبما يعانيه، وكأن الكرة هي حياته، وليست هواية أو رياضة تحتمل الفوز والخسارة، تبا، كم باتت تكره حتى الرياضة.

أفاقت من أفكارها مجددا على صوت مراد الذي خرج من غرفته متجها إليها، يحمل في يده كتاب القصة الإنجليزية المقررة عليه في المدرسة قائلا وهو يشير إلى قطعة في الكتاب:
-ماما من فضلك مش فاهم الباراجراف ده كله، كلماته صعبة وتقيلة والمستر مشرحهاش.
كادت أن تقول شيئا، ولكن صوت حسام قاطعها قائلا بحنق:.

-قومى ياسماح مع إبنك الله يباركلك وروحوا الأوضة بتاعته ذاكروا، وسيبونى أركز مع الماتش، أنا مش عارف هلاقيها منكم ولا من الحكم ولا من اللاعيبة ولا من الحارس الحمار ده.
نهضت سماح بسرعة مشيرة لمراد أن يسبقها على الحجرة فذهب على الفور، لتميل سماح على حسام قائلة بصوت هامس يشوبه الحنق:
-ياريت تهذب ألفاظك شوية أدام الولد ياحسام.

ثم تركته وإتجهت إلى الغرفة يتابعها بعيون حانقة قبل أن يعود بعينيه إلى المباراة حين علا هتاف الجماهير معلنا عن هدف التعادل، ليصفق حسام بقوة متناسيا غضبه من تقريعها له، مؤقتا.

تراجعت سمر في مقعدها تستند إليه بظهرها وتغمض عيناها بإرتياح، فلقد كانت مجددا وداخل غرفة العمليات، تنقذ حياة.

لقد كان اليوم رجلا كاد أن يفقد حياته في حادث سيارة، ولكنه نجا بفضل الله، ليصارع الحياة مجددا معها في غرفة العمليات ويكاد ان توافيه المنية أكثر من مرة ولكن إرادة الله وفضله مع إصرارها وبراعتها أبوا أن يدعوه يرحل لينجو مجددا من الموت على يدها فتشكر الله لتسخيره إياها في إنقاذ حياة إنسان، دائما هي هكذا منذ أن إتخذت الطب مهنة، وعملت بتلك المستشفى.

تشعر أنها في صراع دائم بين الحياة والموت، غالبا وبفضل الله ماتفوز ولكن عندما تخسر، تفقد جزء من روحها مع تلك الخسارة لتشعر بأنها ربما تكون صغيرة السن ولكن بداخلها تقبع عجوز في السبعين على وشك الموت، لا تشعر مجددا بالحياة سوى هناك، في غرفة العمليات.
أفاقت من أفكارها على صوت طرقات على الباب لتفتح عيونها وتعتدل طالبة من الطارق الدخول، ليطل هادى برأسه مبتسما بهدوء قائلا:
-فاضية شوية؟

إبتسمت بهدوء وهي تومئ برأسها وتشير إليه بالإقتراب، ليدلف إلى الغرفة ثم يغلق الباب خلفه ويتقدم بإتجاهها يلاحظ ملامحها الحزينة دائما والتي أصبحت جزءا منها، جذبته تلك الملامح الحزينة إليها منذ اليوم الأول لعملها في تلك المستشفى، ذلك الحزن الذي لاتدرى عنه شيئا ولا تلاحظه في تلك الإبتسامة التي تعلو ثغرها ولكن لا تصل أبدا إلى عينيها التي يقبع فيهما هذا الحزن، والذي تمنى مع إزدياد مشاعره تجاهها ان يسبر أغواره ويمحيه من تكوينها لتشرق عينيها الجميلتين بالسعادة والحياة..

شعرت سمر بالإرتباك من تأمله الصامت لها، ينتابها إضطراب لا تشعر به سوى في حضوره تتعجب في نفسها عن ذلك الإضطراب الذي يعتريها حين يطالعها بنظراته المتأملة ولكنها دائما ما تنفض تساؤلاتها وتخبر نفسها أنها طبيعتها التي تخشى الرجال.

بل وتحمل لهم بعض الشعور بالإزدراء أحيانا ولكنها تستثنى منهم أخواتها وهذا الرجل الذي يقف أمامها والذي رغما عنها تكن له الإحترام وبعض الود خاصة بعد موقفه الأخير معها ومساندة اخاها بكل كيانه، وربما لولاه لتطورت الأمور إلى إنتحار ثان يقضى على حياة أخاها بالكامل...
توقفت عن التفكير وهي تتمالك نفسها قائلة:
-خير يادكتور هادى؟

أفاق من شروده في ملامحها وهو يعدل نظارته الطبية بحرج قائلا بإرتباك وهو يتقدم بإتجاه المكتب:
-إحمم، الحقيقة أنا كنت جاي أستشيرك في مسألة كدة، يعنى، تقدر تقولى عليها خاصة.
عقدت حاجبيها وهي تنظر إليه يجلس أمامها ويطالعها بترقب، تتعجب من رغبته لتدخلها في أموره الشخصية ولكنها نحت تعجبها جانبا وهي تقول بجدية:
-خير يادكتور؟إتفضل، أنا سامعاك.

شعر بالإرتباك أكثر من جديتها في الحديث، ليسعل بخفة يجلى حلقه واضعا يده على فمه، ثم ناظرا إليها وهو يقول:
-إنتى عارفة إن فرح الدكتور محمود والممرضة حنان بكرة والحقيقة كنت حابب أجيبلهم هدية، وأنا مليش في موضوع الهدايا ده إطلاقا واللى كانت بتساعدنى فيه أختى هاجر وللأسف وزي ما إنتى عارفة أختى، يعنى، سافرت إسكندرية النهاردة عشان دراستها وكدة، فلو وقتك يسمح يعنى، لو ممكن...

وصمت يشعر بالإضطراب لتقول سمر بهدوء:
-عايزنى أجيبلك أنا الهدية، مش كدة؟تمام مفيش مشكلة، هخلص الشيفت بتاعى وأخرج أختارهالك علطول.
عدل هادى من وضع نظارته الطبية مجددا يشعر بالإضطراب وهو يقول:
-هو يعنى، لو أمكن، ممكن نروح مع بعض، يعنى ممكن أختارها معاكى؟

شعرت بالإضطراب على الفور لإقتراحه ذلك، وطلبه الخروج معها لإختيار الهدية، لا تدرى سببا لخوفها، سوى خشيتها التعرف عليه أكثر، فلم تقترب أبدا من رجل جيدا لتتعرف عليه، كانت تصد جميع محاولاتهم للتعرف إليها، ولكن هذا الطبيب هادى يتسلل إلى حياتها رغما عنها، تارة من خلال عملها معه في المستشفى ورؤيتها الدائمة له، يحيطها بإهتمامه رغم أنها لم تلق بالا بالسابق، لأنها أدركت أن هذه طبيعته المحبة للإهتمام بالجميع وخاصة أن تلك المستشفى خاصة بعمه وهو المسئول عنها كلية بتفويض منه، وتارة كطبيب نفسي؟فمنذ حادثة أخاها مجد وهي تشعر به يتسلل إلى حياتها أكثر، يصل لخباياها التي تواريها عن الجميع، يتسلل إلى نفسها التي حرصت على إبعادها عن كل ما يحمل لقب مذكر.

تخشاه حقا، فكلما نظر إليها كما ينظر إليها الآن شعرت بتلك النفس التي تمتلكها عارية أمامه تماما، يصل لكل أسرارها بيسر، ودون جهد يذكر.
ورغم شعورها ذلك إلا أنها وجدت نفسها عاجزة عن رفض طلبه للذهاب معها، فبم ستفسر له سبب رفضها؟
طمأنت نفسها القلقة بأن الموضوع لا يستأهل كل هذا القلق، وأنها ستخرج معه تحضر الهدية بهدوء وعملية ثم يفترقان، هكذا إذا...
لا إرتباط، لا تقارب، لا شئ مطلقا.

لتهز رأسها موافقة على إقتراحه بهدوء، لتشعر بالندم على الفور وهي ترى أساريره التي إنفرجت وعيونه التي لمعت خلف نظاراته، وهو ينهض قائلا:
-متشكر أوى يادكتورة، هستناكى بإذن الله بعد المستشفى في العربية، سلام.
قالت بصوت خافت مضطرب:
-سلام.
إتجه إلى خارج الغرفة بخطوات واسعة مغلقا باب الغرفة، لتزفر سمر بقوة ثم تتراجع في مقعدها تستند مجددا إلى ظهره وتغمض عيناها قائلة بهمس:.

-شكلك غلطى ياسمر، بس فات الأوان ومش هتقدرى تتراجعى في كلمتك اللى إديتيهاله، وشكل ظنك كان في محله، فحاولى ياسمر، حاولى تقفلى الباب اللى مصر هو يفتحه، حتى لو قفلتيه بالجرح، هيكون جرح بسيط ويقدر يلم بسرعة، لكن لو فضلتى فاتحة الباب ده، هينتهى بجرح خطير وملوش علاج، وآخرته، آخرته هتكون، الموت.
لتفتح عينيها تظهر فيهما نظرة تصميم رافضة لتلك النهاية، ومصرة على تغييرها، كلية.
تاااابع اسفل
 
 



13-03-2022 04:57 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [1]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية ضلع مكسور سينجبر
رواية ضلع مكسور سينجبر للكاتبة شاهندة الفصل الثاني

كان هادى يضع يده على مقود السيارة، يدق بسبابته عليه في توتر إمتزج بلهفة.
فبعد دقائق ستكون سمر إلى جواره في السيارة في أول لقاء لهم خارج جدران تلك المستشفى، إنه لقاء إنتظره منذ أن تسللت إلى وجدانه وأحبها، وصار يتمناها بكل كيانه...
عملية هي، ملتزمة، لا تقبل بأي تجاوز من زملائها، ولا تسمح بأن يكون الحوار بينها وبينهم خارج نطاق العمل.

وهذا ماجذبه إليها كلية وأثار إعجابه بها منذ البداية، ولولا أزمة أخاها الأخيرة ما إقترب منها إنشا واحدا، ولظل بالنسبة إليها طبيب المستشفى النفسي والمسئول عنها فقط، تكتفى بتحية مقتضبة منها حين تقابله صدفة في طرقات المستشفى، أو حين يستدعيها لحالة طارئة.

حاول كثيرا أن يلمح لها عن مشاعره فلم يجد منها قط ما قد يمنحه تلك الفرصة، ليصمم على خلق تلك الفرص من لاشئ والتعبير لها عن مشاعره، فلم يجد غير زواج زملائهما حجة مناسبة ليبدأ بها.
قاطع أفكاره خروجها من باب المستشفى ليتجمد كلية وتحتبس أنفاسه داخل صدره وهي تتقدم من سيارته بخطواتها الرشيقة.

جميلة هي، يعرف، رائعة الملامح والشخصية، لا تدرك جمال تكوينها الذي يخطف أنفاسه ويوقف دقات قلبه ويتركه متوسلا عشقها كي تمنحه الحياة من جديد، أفاق من أفكاره وهو يترجل من سيارته بسرعة يستقبلها بإبتسامة، لتقابله بتحية مقتضبة أحبطته، ولكنه أسرع إلى جانب السيارة الآخر يفتح لها الباب برقة، فولجت إلى السيارة بهدوء.
أغلق الباب خلفها وأسرع إلى مكانه خلف المقود قائلا:.

-أنا متأسف جدا، عارف ان الوقت متأخر وانتى أكيد تعبانة بس...
قاطعته قائلة:
-مش مشكلة، بس ياريت نخلص بسرعة لإن فعلا الوقت متأخر.
أومأ برأسه وهو يقود سيارته بإتجاه ذلك المول التجاري المعروف، يشعر بدقاته تعود إلى الحياة بقوة وتمنحه شعورا رائعا بالسعادة، فقط لكونها، بجواره.
بينما كانا غافلين عن عيون رصدت هذا المشهد لتقول صاحبتهما بحقد:.

-آل وعاملالى الشريفة العفيفة اللى بتصد كل معجبينها من دكاترة المستشفى، وأتاريها راسمة على تقيل وحاطة عنيها ع الراس الكبيرة، أنا عارفة إيه بس اللى عاجبهم فيها؟دى حتى كشرية ومعصعصة، ماشى ياست سمر، بكرة تلاقى فضيحتك على كل لسان في المستشفى، مبقاش أنا تهانى إن ما خليتك تحطى وشك في الأرض وعينك متجيش في عينى تانى، ولا تزعقيلى كل شوية على الفاضية والمليانة، ومش بعيد تستقيلى خالص وتريحينا من وشك يادكتورة.

لترتسم إبتسامة خبيثة على وجهها وهي تطالع هذا الفيديو الصغير الذي صورته بعدسة هاتفها، تقوم بإرساله إلى كل العاملين بالمستشفى، بلا إستثناء.

ألقى مجد نظرة شاملة على الشقة يتأكد من أنه لا شئ ينقصها مطلقا، فقد إختار كل شئ بعناية، تأمل محتويات المكان ليدرك في ألم أنه إختار كل شئ كما كانت تحبه زوجته تماما، ورتبها كما كانت لترغب بالضبط.

ورغم اعتراضه بالماضى على تدقيقها في كل الأمور حتى في ترتيب أثاث المنزل ووجوب أن يكون كل شئ في مكانه الصحيح، تكاد أن يكون لديها هوسا بذلك، إلا أنه الآن يراه شيئا مميزا بها، فقد أدرك الآن في حزن أنه حتى هوسها ذلك قد عشقه دون أن يدرى، وها هو الآن يفعل كل ما كانت تفعله راغبا محبا، بعد ان كان معترضا، ولكن للأسف بعد فوات الأوان.

أغمض عينيه متنهدا قبل أن يفتحهما مجددا يلقى نظرة أخيرة على الشقة قبل أن يتجه إلى الباب بخطوات بطيئة، حزينة، ونادمة.

كانت سمر تقف في الركن الخاص بهدايا الزفاف تتنقل عيناها على الهدايا بروية، عاقدة حاجبيها بتركيز بينما يقف هادى بجوارها ينظر فقط إليها، يشعر بقربها الشديد منه لأول مرة، يتسلل إليه عطرها الرقيق فيثير حواسه، يرى تفاصيلها عن قرب لأول مرة.

خصلات شعرها البنية الناعمة والتي يتخللها خصلات ذهبية قليلة، قرنيتها البنية الرائعة يظلل حوافها أيضا ذلك اللون الذهبي اللامع، والذي يلاحظه أيضا لأول مرة، أذنها الصغيرة الناعمة والتي يتدلى منها قرط فضي رقيق تفركه بيدها الآن في تفكير، لتنظر إليه فجأة وهي تقول:
-إيه رأيك...

توقفت عن الكلام وهي تراه يطالعها بنظرته تلك والتي أربكت كيانها بالكامل، ليشعر هو بالخجل لضبطها إياه متلبسا بتأملها، تنحنح وهو يعدل من وضع نظارته الطبية في حركة باتت تدركها جيدا وتدرك أنه يلجأ إليها فقط حين يشعر بالتوتر او القلق، لينظر بإرتباك إلى الهدايا قائلا بنبرات حاول جعلها ثابتة قدر ما إستطاع:
-رأيى في إيه؟

تجاهلت سمر مشاعرها المرتبكة في محاولة منها لتكون عملية كما إعتادت دائما وهي تشير إلى تحفة رائعة على شكل بيانو، يجلس أمامه عازف وسيم، تابع هادى إشارتها ليرى إختيارها، تعجب قليلا من هذا الإختيار ليترجم شعوره إلى كلمات وهو يقول:
-وإشمعنى دى اللى عجبتك؟
هزت سمر كتفيها قائلة:
-مش عارفة، يمكن لأنى عارفة ان الممرضة حنان بتحب الموسيقى والعازف ده شبه دكتور محمود إلى حد ما، فيعنى، حسيتها تليق بيهم.

تأمل هادى تلك الهدية التي إختارتها قليلا ليدرك أن لديها فعلا وجهة نظر أعجبته، رغم تلك النيران التي إشتعلت في خافقه لإدراكها التشابه الفعلي بين ملامح محمود وملامح ذلك العازف، يتساءل بصمت،
ترى هل يمكنها أن تدرك ملامحه هو أيضا إن رأت شبيه له في أي شئ حتى لو كان تمثال جامدا كهذا التمثال؟لينفض غيرته وهو يقول بإبتسامة هادئة:.

-الحقيقة إختيار موفق جدا؟رغم انى مكنتش متوقع إنك هتختارى هدية رومانسية زي دى، توقعت يعنى تختارى حاجة عملية أكتر.
إعتلت حمرة الخجل وجنتيها، ربما لأول مرة منذ أن عرفها هادى، ليزداد هو إعجابا بها، بينما قالت هي بإضطراب:
-فعلا الحقيقة أنا لو بختار لنفسى كنت هختار دى.
تابع إشارتها إلى حافظة أقلام توضع على المكاتب على شكل برج إيفل، ليعود بنظراته إليها وهي تستطرد قائلة:.

-بسيطة وعملية زيي بالظبط، بس لما بنختار هدية لازم نفكر في ذوق اللى هنهاديه بيها، مش بنكتفى بذوقنا وبس.
أومأ برأسه موافقا، وهو ينظر إليها بإبتسامة أربكتها، لتقول بإضطراب، تتعجل إفتراقها عنه:
-لو موافق على إختيارى يبقى كدة تمام، تروح تحاسب وأنا همشى، لإنى بجد إتأخرت.
عقد حاجبيه لا يريد رحيلها بتلك السرعة، يقول بلهفة عجز عن إخفاؤها:
-طيب إستنى هوصلك في طريقى.
قالت بلهجة نافية، قاطعة:.

-مش هينفع، إحنا في منطقة الكل عارف فيها التانى ولو شافونى راجعة مع حضرتك وخصوصا في الوقت ده، مش هترحم من لسانهم.
نظر إليها بإحباط يدرك منطقية كلماتها، ولكنه يخشى أن تعود للمنزل في هذا الوقت المتأخر دون أن يكون معها لحمايتها، لذا قال بهدوء:
-طيب إستنى، على الأقل هوقفلك تاكسى وهمشى وراكى بالعربية.
كادت أن تقاطعه ليقول في حزم:
-أنا مصر، من فضلك مترفضيش.
تنهدت قائلة:
-تمام هستناك برة.

أومأ برأسه موافقا فغادرت بهدوء تتبعها عيناه بقلة حيلة فقد أمل أن يقترب منها أكثر ولكنها مازالت تضع له حواجز وحدود تريد بها أن تصد مشاعره ومازالت تنجح رغم محاولاته، ولكنه ابدا لن يستسلم وسيحاول بكل قوته أن يزيلها كلها، ليتنهد وهو يمسك بتلك الهدية التي إختارتها للعروسان، قبل أن تلمع عيناه وهو ينظر إلى إختيارها، هي.

دلف حسن إلى منزله بهدوء مغلقا الباب خلفه لينتفض ملقيا بهذا الكيس الذي يمسكه أرضا حين وصل إليه صوت أخاه مجد الساخر وهو يقول:
-حمد الله على السلامة ياسى حسن، ما لسة بدرى.
نظر حسن إلى مجد الواقف على عتبة حجرته مستندا إلى بابها في دهشة قائلا:
-مجد!
إقترب مجد منه قائلا بسخرية:
-أيوة مجد، مجد اللى قايلك إنه جاي النهاردة بس إنت ولا على بالك طبعا وأكيد نسيت.
إبتسم حسن وهو يقترب منه قائلا بنبرة آسفة:.

-معلش ياأبو الأمجاد حقك علية، أنا فعلا نسيت، بس والله كان يوم مشحون نسانى حتى إسمى.
إقترب منه يسلم عليه، راغبا في أن يأخذه بين أحضانه ليوقفه مجد قائلا بحزم:
-لا هسلم عليك ولا هحضنك قبل ما أعرف كنت فين وإتأخرت ده كله ليه، ولا إنت متعود على كدة بقى وإحنا في القاهرة نايمين على ودانا.
إتسعت إبتسامة حسن وكتف ذراعيه أمام صدره قائلا:.

-والله أنا لو متجوز، مراتى ما هتعاملنى بالشكل ده، ولا هسمحلها أصلا، عموما ياسيدى، لأ، مش متعود، وكنت مع واحد صاحبى بنتبرع بالدم لوالد واحد تانى من أصحابنا، ولو إنى مش مجبر أبرهنلك بالدليل على كلامى، لإنك المفروض تصدقنى، بس إتفضل ياسيدى.
وأخرج من جيب بنطاله الهاتف ومده بإتجاهه قائلا:
- إتصل بآخر رقم على التليفون، ده رقم صاحبى اللى اتبرعنا لوالده بالدم، تقدر تتصل بيه وتسأله.

لم يكن فعلا مجد بحاجة لأن يتصل بأحد ليتأكد من صحة كلام أخيه، فإن كان حسن شابا يعيش الحياة بطولها وعرضها إلا أنه أبدا لا يكذب ولا يخون ولا يفعل ما يغضب الله من كبائر، فقط بعض الأخطاء الصغيرة والتي سيحرص مجد على تقويمها وحث أخيه على تركها طوال إقامته الجبرية معه، ليبعد مجد يد أخيه الممسكة بالهاتف وهو يحتضن حسن قائلا بحب:
-وحشتنى ياأبو على.
ضمه حسن بدوره قائلا بمزاح ساخر:
-بعد إيه بقى، ما كان من الأول.

وكزه مجد قائلا:
-ماتتلم بقى، مش كفاية نسيتنى، وسبتنى طول اليوم بجهز في الشقة لوحدى.
خرج حسن من أحضان أخيه يضرب رأسه بخفة قائلا:
-أيوووه ياجدعان، في دى عندك حق وأنا غلطان بس والله اللى حصل النهاردة لبخنى، حقك علية يامجد.
وكزه مجد مجددا بخفه في كتفه قائلا بإبتسامة:
-ولا يهمك ياأبو على.
تفحص حسن ملامح أخاه قائلا:
-إنت كويس يامجد؟
بهتت إبتسامة مجد للحظة قبل أن يقول بثبات:
-هبقى كويس ياحسن، هبقى كويس.

ربت حسن على كتف أخاه مشجعا، ليربت مجد على يد أخاه يخبره بنظراته أن كل شئ على مايرام، ليومئ حسن برأسه قبل أن يقول:
-ها، إتعشيت ولا مستنينى؟
تنهد مجد قائلا:
-مليش نفس.
إتسعت عينا حسن قائلا:
-ملكش نفس إيه بس؟ده انت ابن حلال وأنا جايب معايا كباب.
ثم ذهب إلى الكيس الذي ألقاه أرضا وإلتقطه قائلا بحنق:
-هو صحيح بقى كفتة، بس هيتاكل بعون الله.
ليتقدم بإتجاه أخيه يتوقف أمامه وهو يرفع الكيس أمام وجهه قائلا:.

-معايا ولا هضربه لوحدى؟
إبتسم مجد قائلا:
-معاك طبعا، زي بعضه، كفتة كفتة.
إبتسم حسن قائلا:
-إشطة ياكبير، هو ده الكلام.
ضربه مجد على رأسه بخفة قائلا:
-ما تتعدل في كلامك بقى، إيه اللى إنت بتقوله ده؟
فرك حسن رأسه قائلا بحنق:
-بهزر معاك، على فكرة إيدك تقيلة وأنا مش هسكت.
رفع مجد حاجبه الأيسر قائلا بتحدى:
-هتعمل إيه يعنى؟
حرك حسن حاجبيه صعودا وهبوطا قائلا:
-هروح أحضر الأكل طبعا.

ليتقدم بإتجاه الطاولة تتبعه عينا مجد لترتسم على وجهه إبتسامة خالصة لأول مرة، منذ شهور.

قالت ماجى برقة:
-صباح الورد ياموحة.
إبتسمت موحة بحب قائلة:
-صباح الفل ياقلب موحة، أخبارك إيه ياقلبى؟
قالت ماجى بملل:.

-العادى، أنا هتجنن من جيسى والصراع الأبدى ما بين دراستها ولعبها الجمباز في النادى واللى طبعا أهم عندها من المدرسة والمدرسين ومامى ذات نفسها، ولا حماتى دى كمان، ربنا يسامحها بقى، لسة بتزن على يوسف عشان تخلينى أجيب بيبى كمان، ومن يومين سمعتها بتقوله إنى كبرت في السن ولازم ألحق أخلف قبل ما العضمة تكبر ومقدرش أفرحها بحفيد جديد.
ضحكت سماح بقوة لتستطرد ماجى قائلة:.

-إضحكى ياأختى إضحكى، ماهو إنتى معندكيش حما محسساكى إنك خلاص داخلة على سن اليأس ومش هتخلفى تانى.
ظهر الحزن فجأة في عيون سماح وهي تقول:
-أعذريها يا ماجى، إحنا فعلا مبقيناش صغيرين وبقينا في التلاتينات وفرصنا في الحمل بتقل.

أغمضت ماجى عيناها تلعن لسانها الزالف والذي لابد وأنه آلم صديقتها التي تحاول الإنجاب منذ سنوات، ولكنها لم توفق، فقد حملت في مراد بمعجزة كما قال الطبيب، رغم أن فحوصات كل من سماح وحسام سليمة وليس بهما اي عيب يمنعهما من الانجاب، ومنذ أن كبر مراد قليلا وهي تحاول الإنجاب دون جدوى، لتقول بصوت نادم:
-أنا آسفة، والله ما خدت بالى...
قاطعتها سماح قائلة:
-عارفة ياميجو، المهم قوليلى يوسف عامل إيه؟

قالت ماجى بتنهيدة:
-يوسف مشغول اليومين دول مع صاحبه اللى قلتلك عليه، بيظبطوا أوراق الشركة اللى هيفتحوها مع بعض، تقريبا مبقتش أشوفه.
قالت سماح بإحباط:
-يعنى مش هتيجوا القاهرة قريب عشان أشوفك؟
قالت ماجى:
-والله لسة مش باين، بس فيه أوراق هيسافر يوسف القاهرة عشان يخلصها، هحاول أزن عليه كست مصرية أصيلة عشان يخلينى آجى معاه وساعتها أكيد هشوفك، وإنتى بقى مش ناوية تزنى زيي وتيجى إسكندرية.
تنهدت سماح قائلة:.

-والله نفسى وخصوصا عشان عايزة أشوف أخواتى، بس إنتى عارفة حسام، مبينفعش معاه الزن أبدا.
قالت ماجى بحنق:
-حسام ده مبينفعش معاه حاجة خالص، ربنا يعينك عليه، أنا منساش أبدا رفضه الغريب إنك تكملى تعليمك بعد الجواز، وإحراجه لية لما حاولت أكلمه.
قالت سماح بإبتسامة:.

-بس إنتى مستسلمتيش وقدمتيلى من وراه، ورغم إنه قلب الدنيا ساعتها بس لما عرف إنى مش هروح الجامعة، إضطر يوافق، وبقيت أذاكر وأروح الإمتحانات بالعافية.
قالت ماجى بسخرية:
-ما هو من ساعتها مبيطيقش سيرتى وخصوصا إنك إتفوقتى وجبتى تقدير حلو جدا كمان.
قالت سماح بحب:.

-كانت خطوة ريحتنى اوى والفضل الوحيد فيها كان ليكى إنتى ياماجى، لولا إيمانك بية وتشجيعك أنا مكنتش أبدا هحقق حلمى ده، ده غير السيديهات اللى بعتهالى لما عرفتى حبى للغات وخليتينى أتعلمها وأنا جوة البيت.
قالت ماجى بصوت متهدج:
-إنتى طيبة ياموحة وتستاهلى كل خير ده غير إنك طموحة وكلنا كنا بنتنبألك بمستقبل حلو أوى، لولا بقى الله يسامحه.
تنهدت سماح قائلة:.

-كل شئ قسمة ونصيب وكل واحد بيحب بطريقته ياماجى، ودى طريقة حسام في الحب، عايزنى بس مهتمش بحاجة في الدنيا دى غيره، عايز كل تفكيرى يكون فيه هو وبس، وحواليه هو وبس.
قالت ماجى في نفسها
هل تطلقين على الأنانية حبا؟والله ما هذا بحب أبدا، وإن كان ولابد أن نطلق عليه حبا، فالأحرى أن نقول أنه حب التملك، حب مرضي يودى بأطرافه إلى حتفهما
أفاقت من أفكارها على صوت سماح وهي تقول:
-إنتى لسة معايا ياماجى؟

قالت ماجى بسرعة:
-أيوة معاكى ياحبيبتى بس سيبك من سيرة حسام، بتقفلى يومى، وقوليلى أخوكى مجد عمل إيه؟
تنهدت سماح قائلة:
-هقولك ياماجى، هقولك.

13-03-2022 04:59 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [2]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية ضلع مكسور سينجبر
رواية ضلع مكسور سينجبر للكاتبة شاهندة الفصل الثالث

دلفت سمر إلى المستشفى وهي في عجلة من أمرها، فقد تأخرت في الاستيقاظ اليوم، ولولا أختها سماح التي هبطت من شقتها لتوقظها خصيصا، ما إستيقظت ولربما إضطرت لتأجيل العملية وهذا ما لم تفعله أبدا طوال فترة عملها بالمستشفى، فقد قضت ليلة مؤرقة لم تذق فيها طعم النوم إلا لماما، تفكر فيما شعرت به من نظرات الطبيب هادى وإهتمامه بها، تشعر بداخلها بأنه إهتمام شخصي يقلقها بشدة، ويجعلها تنتوى في المستقبل العودة إلى التعامل برسمية شديدة معه، أو ربما تجاهله بالكامل رغم صعوبة ذلك ولكن التجاهل هو أسلم الحلول في هذا الوضع بالتحديد...

رأت في طريقها بعض الممرضات يقفن على جنب ينظرن نحوها وهن يتهامسن، لم تعرهن اهتماما، ولكن نظرة الطبيب سامر بإتجاهها مع إبتسامته الساخرة تلك، جعلتها تعقد حاجبيها بحيرة متسائلة عن سر تلك الإبتسامة، فرغم أنه لطالما أزعجها بنظرات الإعجاب والكلمات التي توحى برغبته في التقرب منها، ولكن نظرته تلك وإبتسامته أثارت حنقها حقا، ولكنها أيضا لم تعره إهتمامها، وهي تسرع بخطواتها، تنقى أفكارها وهي تستعد لتلك العملية التي ستقوم بها بعد قليل.

كان مجد يقف في شرفة منزله في توتر، يضع يده على حافة تلك الشرفة، يقبض عليها بقوة، ثم يبعدها وهو يفرك جانب شعره بيده بينما ينظر لساعة يده بإضطراب.
يدرك أنهما قد تأخرا كثيرا عن موعد وصولهما الذي أخبره به الطبيب هادى، توقف عن الحركة تماما وهو يرى وصول تلك السيارة الذهبية التي توقفت تحت البناية، والتي أخبره أيضا هادى عنها، ليسرع بالهبوط إلى الشارع وإستقبالهما.

وما إن خرج من باب تلك البناية، حتى وجدهما قد ترجلا منها، تقفان جنبا إلى جنب تتطلعان إلى البناية بترقب، حاول أن يغض الطرف عنهما فأطرق برأسه وهو يقول بهدوء:
-أهلا وسهلا، نورتونا.
قالت هاجر برقة:
-شكرا، حضرتك أستاذ مجد؟
أومأ مجد برأسه قائلا:
-أيوة أنا، إتأخرتوا ليه؟
قالت هاجر بهدوء:
-العربية عملتها معانا وإضطرينا نستنى حد يزقها، كان موال الحقيقة، وللأسف رقم حضرتك مكنش معايا عشان أبلغك.

رفع وجهه يواجه بعينيه عيون هاجر قائلا:
-هبقى أديه لحضرتك، عموما حصل خير، الشقة جاهزة وتحت أمركم، إتفضلوا.
أومأت هاجر برأسها قائلة:
-تمام، بس ياريت تشوفلنا ميكانيكى ياخد العربية يصلحها، عشان متعملهاش معانا تانى.
قال بهدوء:
-بسيطة، اتفضلوا.
توجهت هاجر بكلماتها لتلك الفتاة بجوارها قائلة:
-يلا بينا ياسمر.

نظر مجد إلى سمر التي ظلت صامتة طوال الحديث، تتجاهله وتشيح بوجهها عنه، بدا عليها التردد للحظات وهي تنظر إلى هاجر، لتمسك هاجر بيدها، تشجعها بعينيها، لتتمسك سمر بيدها بقوة.

شعر مجد وقتها بأنها تشعر بالضعف والقلق وربما بعض الخوف كما أخبره الطبيب هادى عن حالتها، تحتاج فقط إلى من يؤازرها معنويا، أدرك أنها مثله تمر بأسوأ حالة نفسية قد عرفها الإنسان يوما، فقدان الأمل والرغبة في الحياة، وهنا لابد أن يكون هناك من يستطيع أن يمنح الأمل لمن لديه تلك الحالة وإلا سيكون المصير قاتم، وربما أودت تلك الحالة بصاحبها لأحضان الموت،.

أراد أن يمنح لها يده تتمسك بها، يطمئنها أنها ستكون بخير ولكنه أدرك أنها لا تعرفه، هو مجهول تماما بالنسبة إليها وربما أخافها أكثر وزاد من حالتها إن حاول منحها هذا الأمل، ليغض بصره عنها مجددا وهو يتقدمهما بصمت، غافلا عن نظرات مترددة منحتها سمر إليه، فهذا المجد يشعرها بالقلق، التوتر، وشعورا آخر لم تدرى كنهه.

أنهت سمر تلك العملية بنجاح لتزفر براحة وهي تزيل قفازات يدها، تغسل يديها بهدوء، وهي تحمد ربها في سرها أنها إستطاعت إنقاذ روح أخرى من براثن الموت، طمأنت زويه على حالته بإختصار، قبل أن تتجه إلى حجرة مكتبها ليتناهى إلى مسامعها حديث جانبي.
توقفت وقد أصابها الجمود وصوت الممرضة نهى يتناهى إلى مسامعها قائلة لزميلتها الأخرى:.

-والله الدكتورة سمر دى بجحة أوى، أنا لو مكانها هحط وشى في الأرض أو أستقيل، آل وعاملالنا فيها ست الناظرة اللى محدش يقدر ييجى ناحيتها، فعلا ياما تحت الساهى دواهى.
كادت سمر أن تتجه إليها وتواجهها، تطالبها بتفسير لكلماتها المقيتة تلك ولكن صوت الطبيب هادى منعها من فعل ذلك، وهو يقول بحزم:
-دكتورة سمر، من فضلك عايزك في مكتبى حالا.

نقلت سمر بصرها بين هادى ونهى التي رمقتها بسخرية، قبل أن يتغلب عقلها على حنقها وهي تتجاهل الأخيرة وتتجه خلف الطبيب هادى إلى مكتبه، بصمت.

توقف مجد عند عتبة الباب بينما تأملت كل من هاجر وسمر الشقة بإعجاب بدا على ملامحهما، ليشعر مجد بقليل من الإرتياح خاصة عندما إلتفتت إليه هاجر قائلة:
-الشقة حلوة أوى ياأستاذ مجد.
قال مجد براحة:
-الحمد لله.
ثم ألقى نظرة على سمر التي كانت تتلمس تلك الورود في المزهرية التي توجد على الطاولة برقة، لترق عيناه وهو يقول:
-مش محتاجين حاجة تانية؟

رغما عنها نظرت إليه عندما تناهت إليها نبراته الحانية، لتتلاقى نظراتهما، لا تدرى لما دق خافقها بتلك السرعة ولم شعرت بالتوتر يغزو جسدها، لم تستطع الإشاحة بناظريها عنه ولم يستطع بدوره أن يبعد عينيه عن عيونها، تلك العيون الدخانية الحزينة، أفاقت من سحر نظراته، على صوت هاجر وهي تقول:
-لأ، كل حاجة تمام، إحنا متشكرين أوى.
رآها تعدل حجابها بتوتر قبل أن يشيح بناظريه عنها قائلا لهاجر:
-لا شكر على واجب.

ليخرج من جيبه كارتا منحه لهاجر قائلا:
-ده الكارت بتاعى وعليه رقم تليفونى، لو إحتجتوا أي حاجة كلمونى، عن إذنكم.
إبتسمت هاجر وهي تأخذه منه بإمتنان شاكرة إياه، ليخرج من المنزل مغلقا الباب خلفه بهدوء، ولكن بداخله إشتعلت نيران من الأحاسيس يدرك بكل قوة أنه سيعانى طوال الليل وهو يحاول إخمادها، دون جدوى.

ألقت سمر بهاتف الطبيب هادى بعد أن رأت الفيديو على مكتبه قائلة بعصبية:
-يعنى إيه الكلام ده يادكتور؟وإزاي سكت على حاجة زي دى؟إزاي سمحت بالمهزلة دى تحصل أساسا؟
قال هادى بتوتر:
-الحقيقة أنا لسة عارف بالموضوع ده دلوقتى من دكتور نبيل، المستشفى من الصبح ملهاش سيرة غير الفيديو ده و خروجك معايا بالليل، وكأنها خطيئة كبرى، غلطة ومسكوها علينا، مع إنها حاجة عادية جدا ومتستاهلش كل اللى عاملينه ده.

نهضت سمر قائلة بحدة:
-حاجة عادية بالنسبة لك يادكتور بس مش بالنسبة لى، أنا من أول ما إشتغلت في المكان ده وأنا في حالى وماشية جنب الحيط، محدش فيهم كان يقدر يدوسلى على طرف، محدش فيهم كان يقدر يجيب سيرتى بكلمة، جيت إنت وبوظت كل حاجة، وإديتلهم فرصة يعلقولى المشانق، إديتلهم فرصة يمسوا سمعتى بالزور،
لتغشى عيونها الدموع وهي تجلس مجددا مرددة بمرارة:.

-ياريتنى ما سمعت كلامك، ياريتنى ما شيلت جميلك مع أخويا فوق راسى، ووافقت أخرج معاك.

أطرق برأسه في حزن، فرغم ألمه الشديد من كلماتها ولكنه يدرك أن لديها كل الحق في غضبها ومرارتها، فلقد أضر دون قصد بسمعتها في المستشفى والتي حافظت عليها منذ أن خطت أولى خطواتها فيها وحتى البارحة، حين صورت له أنانيته أنه قد يستطيع الخروج معها والتقرب منها دون أن يفكر في عواقب ذلك الأمر عليها، بسبب هؤلاء الذين يتصيدون لها الأخطاء ويتربصون بها فقط لأنها أفضل منهم.
ليرفع رأسه قائلا في ثبات:.

-أنا عارف إنى السبب في كل اللى حصل وحقيقى آسف ولو أقدر أمحى إمبارح من حياتنا كنت همحيه، بس مع الأسف اللى حصل حصل ومفيش أدامنا دلوقتى غير حل واحد.
نظرت إليه في ترقب ليقابل نظراتها بقوة قائلا بحزم:
-أخطبك حالا.
إتسعت عيناها في صدمة لتنهض قائلة بإستنكار:
-إنت بتقول إيه؟لأ طبعا، مستحيل.
نهض بدوره قائلا بهدوء:.

-إهدى بس وإسمعينى، الخطوبة دى هتبقى مؤقتة، حاجة كدة هنكتم بيها لسانهم، فترة وهنعلن إن إحنا متفقناش وفسخنا الخطوبة، وساعتها الكل هيعتبرها تجربة وفشلت، والأزمة هتعدى.
قالت سمر بحنق:
-إنت بتصلح غلطة بمصيبة يادكتور، أنا أحسنلى أقدم إستقالتى وأسيب المستشفى.

مزقت كلماتها نياط قلبه، ألهذه الدرجة تمقت فكرة الإرتباط به، وتفضل عليها الإستقالة؟ولكنه نحى شعوره جانبا وهو يحاول إقناعها بفكرته لينقذ سمعتها التي أحدث بها ضررا دون قصد، ويحقق في نفس الوقت أمنية أنانية بحتة في الإرتباط بها، حتى وإن كان إرتباطا مؤقتا، ليقول بثبات:.

-يادكتورة، قلتلك الإرتباط هيكون لفترة قصيرة، هتقدرى من خلالها تحافظى على سمعتك اللى هي أكيد مهمة عندك، وفي نفس الوقت تحافظى على مكانتك في المستشفى واللى تعبتى عشان توصليلها،
منطقية كلماته التي ربما ترفضها كلية بداخلها، إلا أنها لا تنكر أنها قد تكون الحل الوحيد لتلك المعضلة التي يواجهانها الآن، كادت أن تعترض بالرغم من ذلك ولكن صوت الطبيب هادى قاطعها قائلا برجاء:.

-أرجوكى يادكتورة، وافقى وأوعدك مش هتندمى.
نظرت إليه للحظات بتردد قبل أن تومئ له برأسها موافقة، كادت إبتسامة واسعة أن تتسلل إلى ثغره ولكنه أسرع بإخفائها وهو يومئ برأسه قبل أن يقول:
-كدة فاضل خطوة واحدة.
ليتجه إلى خزانة مكتبه وسط حيرتها، ويفتحها بهدوء مخرجا منها علبة مجوهرات صغيرة وهو يغلق الخزنة مجددا ومتجها إلى سمر بهدوء يقف امامها تماما، وهو يفتح العلبة قائلا:.

-دول دبل الخطوبة، الحقيقة هم يخصوا والدى ووالدتى، ياريت تقبلى تلبسى الدبلة دى مؤقتا عشان نأكد الخبر، لغاية يعنى ما الموضوع ده ينتهى وساعتها تقدرى ترجعيهالى من تانى.

نظرت إلى تلك الدبلة من الألماس في تردد، ثم لم تلبث أن هزت رأسها بهدوء موافقة، منحها دبلتها لتلبسها بتوتر وقد ناسبت إصبعها البنصر تماما، بينما إرتدى دبلته بهدوء، كم ود لو ألبسها تلك الدبلة بنفسه خاصة وقد عدلها خصيصا لتناسب مقاسها منذ أن أرادها زوجة له، وإحتفظ بها في خزانته حتى الوقت المناسب، ولكنه يعلم أن خطبتهما تلك ليست خطبة عادية وأن الوقت المناسب لم يحن بعد، نظر لها مترددا لثوان قبل أن يحسم رأيه ويمسك يدها بهدوء كادت أن تفلتها بعصبية ليتمسك بها قائلا بحزم:.

-هتفضلى ماسكاها، وهنمشى قصادهم كلهم وإيدينا في إيدين بعض، الخطوة دى صعبة، عارف، ويمكن مش مقبولة بالنسبة لك، بس صدقينى كل حاجة هتعدى، ومفيش حاجة هتأثر فيكى، لإنك الدكتورة سمر، اللى وصلت للى هم إتمنوه ومعرفوش يوصلوله.

لم تدرك سمر ما يقصده هادى، هل يقصد مكانتها الرفيعة بتلك المستشفى الخاص والمشهورة؟أم يقصد نفسه بكلماته؟فكليهما حلم كل فتاة أو طبيبة قد تعرفهم، هي تمنت حقا الأولى ونأت بجانبها عن الثانية، لا تدرى حقا أيهما يقصد بكلماته، ولكن تظل كلماته تلك ولمسة يده المطمئنة من جعلاها ترفع رأسها وتمشى بقوة، ترفع عيناها في مواجهة عيون الجميع الذين رأوا أيديهم المتشابكة وتلك الدبل التي تزين أصابعهما، لتخرس الألسنة، تماما.


13-03-2022 04:59 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [3]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية ضلع مكسور سينجبر
رواية ضلع مكسور سينجبر للكاتبة شاهندة الفصل الرابع

قالت سماح برجاء:
-ياحسام إفهمنى، إخواتى وحشونى وإنت عارف ظروف مجد، مفيهاش حاجة يعنى لو سيبتنى أسافرلهم يوم واحد وهرجع علطول، والله ما هتأخر.
هز حسام رأسه رافضا وهو يقول:
-آسف مش هينفع، إخواتك مش أهم عندك من جوزك وإبنك اللى ميقدروش يستغنوا عنك اليوم الواحد ده.
قالت سماح برجاء:
-تقدروا تسافروا معايا.
هز حسام رأسه رافضا مجددا وهو يقول:
-برده مش هينفع.
قالت سماح بنفاذ صبر:.

-كل حاجة مش هينفع، مش هينفع، يعنى ده آخر كلام عندك؟
إقترب منها يمسك يدها بهدوء، حاولت إفلات يدها بعصبية فتمسك بها قائلا وهو ينظر إلى عينيها:
-ياسماح إفهمينى، أنا بحبك وبغير عليكى، وانتى عارفة كدة من زمان، إخواتك، ويومين كدة وييجوا القاهرة، وساعتها ياستى هتشوفيهم.
لم تلن ملامحها لكلماته كعادتها معه، بل ظلت مكفهرة الملامح، ليمد يده ويقرص وجنتها بخفة قائلا:.

-طيب، فكيها حبة وورينى إبتسامتك الحلوة، أقولك حاجة، لو مجوش كمان يومين، هفضى نفسى وآخدك ونروحلهم، إيه رأيك بقى؟
إنفرجت أساريرها على الفور لتندفع إلى حضنه قائلة بسعادة:
-ودى فيها رأي؟ فرحانة طبعا، ربنا يخليك لية.
ربت حسام على ظهرها وهو يطبع قبلة على قمة شعرها قائلا بحنان:
-ويخليكى لية ياحبيبتى.
ثم أخرجها من حضنه قائلا:.

-ممكن بقى مراتى الحلوة تعملنا كوبايتين شاي بإيديها الحلوين دول، وتيجى نقعد مع بعض شوية نتكلم كلمتين.
لمعت عيناها وهي تقول بسعادة:
-طبعا، هواااا،
لتسرع بإتجاه المطبخ وهي تشعر بأن حسام قد عاد إليها مجددا الرجل الحانى الذي تزوجته بعد أن شغلته الحياة عنها وأبعدته عن بيته وزوجته وطفله في الآونة الأخيرة، بينما تابع حسام مغادرتها بعيون ظهر فيهما الذنب، واضحا.

قالت ماجى بحنان:
-خلاص ياجيسى حصل خير ياقلبى، زي ما قلتلك إنتى غلطى لما سكتى عن الغلط، وده خلى الغلط يمسك من غير ذنب، الرسول صل الله عليه وسلم قال...
رددت إبنتها قائلة:
-عليه الصلاة والسلام.
لتقول ماجى بإبتسامة:
-من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وهذا أضعف الإيمان.
قالت إبنتها بندم:
-صدق رسول الله، معاك حق يامامى، أنا غلطت فعلا.
قالت ماجى بحنان:.

-كان لازم لما تطلب منك نهلة تغششيها، مش بس ترفضى، لأ، وتنصحيها كمان، ده غير إنك تطلبى نقلك لمكان تانى، عموما ياقلبى متقلقيش، كل شئ ممكن يتصلح، و كويس إنك قلتيلى، عشان أقدر أتصرف.
إحتضنتها إبنتها بسعادة قائلة:
-إنتى أحسن مامى في الدنيا ياميجو.
أغمضت ماجى عيناها وهي تضمها بدورها قائلة:
-وإنتى أحسن بنوتة ياعمرى أنا.
ثم فتحت عيناها قائلة وهي تخرجها من أحضانها قائلة:.

-يلا بقى روحى ذاكرى كويس عشان هيكون فيه تيست تانى بكرة بإذن الله، بدل التيست اللى رفضته مس سوزى، لما مسكت الكتاب اللى نهلة كانت بتغش منه، وافتكرتك بتغشى معاها.
ظهرت الفرحة على وجه الطفلة الجميلة وهي تقول بسعادة:
-حاضر، هروح حالا.
ثم إلتفتت الفتاة مغادرة لتتوقف لدى مشاهدة والدها يقف على عتبة الباب، لتندفع إليه وهي تحتضنه قائلة:
-بابى إنت جيت إمتى؟
ضمها بذراعه قائلا:
-حالا ياحبيبتى.
خرجت من حضنه قائلة:.

-هتتعشى معانا؟
أومأ برأسه لتصيح مهللة وهي تقول:
-تمام، هروح أخلص مذاكرة بسرعة عشان نتعشى، سلام.
وإندفعت مغادرة الحجرة لينظرا في إثرها بحنان قبل أن يلتفت يوسف إلى ماجى قائلا بعتاب:
-على فكرة ياماجى إنتى مدلعة ياسمين أوى، ومخلياها معتمدة عليكى في كل حاجة، وده هيسببلها مشاكل كتير أوى في المستقبل.
تقدمت منه ماجى حتى توقفت أمامه تماما قائلة بإبتسامة هادئة:.

-على فكرة بقى، إنت اللى بتكرر كلام مامتك يايوسف من غير ما تكون أصلا مقتنع بيه، إنت عارف ومتأكد إنى مش مدلعة جيسى، كل الموضوع إنى من يوم ما كبرت وأنا بعاملها زي صاحبتى، مش مخلياها تخاف منى، بالعكس، بتحكيلى كل صغيرة وكبيرة عن حياتها، وده بيخلينى أقدر أنصحها صح، مبتضطرش تلجأ لحد عشان ينصحها، وياعالم هتكون النصيحة صح أو غلط، وإنت عارف برده من جواك إن أسلوبى في تربيتها خلى عندها شخصية قوية ومستقلة، وخلاها البنت اللى بتفتخر بيها في كل مكان.

كان يوسف يدرك صحة كلماتها ولكنه عاند قلبه المقتنع بحديثها قائلا:
-بس ياماجى،
وضعت إصبعها على فمه قائلة بعيون ظهر بهما عتابا:
-بس مامتك كلمتك وقالتلك إنى مرتبطة بياسمين زيادة عن اللزوم وإنى بكدة بدلعها وبخليها محتاجالى في كل كبيرة وصغيرة في حياتها، وإن الحل الوحيد إنى أخلف طفل تانى يشغلنى شوية عنها ويقلل إرتباطى بيها واللى هي معتبراه إرتباط مرضى، مش كدة؟

لم يستطع تحمل نظراتها المعاتبة وهو يشعر بالذنب، خاصة و أنها أدركت الحديث الذي دار بينها وبين والدتها حرفيا، ليبعد إصبعها عن فمه وهو يشيح بناظريه عنها يشعر بالخجل، لتبتسم وهي تمد يدها تمسك بذقنه تعيد نظراته إليها قائلة بحنان:.

-أنا مش معترضة على إننا نجيب طفل تانى، يمكن كنت خايفة من الخطوة دى عشان كنت مقلقة زي ماإنت عارف، ده غير إنى خفت من إنها تشغلنى عن تربية ياسمين التربية اللى نفسى أربيهالها، لكن جيسى دلوقتى كبرت وتقدر تعتمد على نفسها وأنا مستعدة يايوسف، مستعدة نقوم بالخطوة دى لو بجد هتسعدك.
لمعت عيونه بالسعادة وهو يقول:
-بجد ياميجو؟بجد مستعدة نجيب طفل تانى؟

اومأت برأسها بحنان وهي ترى سعادته الجلية على ملامحه ليحملها ويدور بها في الأرجاء بسعادة، تلك السعادة التي من أجلها قد تفعل أي شئ على الإطلاق، حتى لو تحملت كلمات حماتها السامة ومعاملتها الغريبة لها منذ أن علمت بأنها السبب في تأجيل الإنجاب، من أجل سعادته قد تنجب مرة وإثنان وثلاث، رغم خوفها المرضي من لحظة الولادة والتي توفت أثنائها والدتها حين أنجبتها، من أجل سعادته ستتغلب على خوفها، بالتأكيد.

أنزلها ببطئ يتأمل ملامحها بوجه عاشق قبل أن يميل مقتربا من وجهها تلفحهها أنفاسه الساخنة وهو يقول:
-طيب بما إن مولاتى تكرمت بالموافقة على المشروع الخطير ده، فإيه رأيك نبدأ التنفيذ حالا؟
إبتلعت ريقها في صعوبة وهو يثير أحاسيسها بلمسات يديه على يديها العاريتين، صعودا وهبوطا، لتقول بإضطراب شمل جميع حواسها:
-طيب و العشا، قصدى، لسة يعنى، هحضره.
مال أمام شفتيها هامسا:
-تحضريه إيه بس؟هنجيب أكل جاهز طبعا.

كادت أن تتفوه بشئ ما، لم تعد تذكره تماما وهو يأخذها في جولة عشق، سارعت من دقات قلبها وسحرتها، كلية.

كانت سماح تقف في شرفة شقتها تتناول كوب الشاي في حنق، فقد جاءت مكالمة هاتفية لحسام وإضطر للنزول بسرعة من أجل شئ يخص العمل، بعد أن كان وعدها بالمكوث معها والتحدث قليلا، فمنذ وقت طويل لم يجلسا سويا ويتحدثا في أمور حياتهما كالماضى، تنهدت وهي ترفع وجهها تنظر إلى البعيد، إلى وقت كانت فيه حقا سعيدة، ربما صاحبت علاقتهما العديد من الخلافات في وجهات النظر والعديد من الإضطرابات والمشاكل، وفي بعض الأحيان قليل من الخصام ولكن في النهاية كان لحياتهما نبض و لعلاقتهما روح، أما الآن فحياتهما باردة، شاحبة كالموتى، لا نبض ولا روح، تتمنى فقط لو عادت حياتهما للسابق حتى لو تخللتها العديد من الصراعات.

تنهدت مجددا وهي تنظر إلى الشارع، لتعقد حاجبيها وهي تلاحظ هبوط أختها من سيارة غريبة، ودلوفها المنزل مطأطأة الرأس بإنكسار، تركت الكوب من يدها وأسرعت إلى باب شقتها مغادرة إياها تتجه إلى شقة أختها بالطابق الأسفل، لتدلف إليها بسرعة، تطالع أختها التي جلست على الأريكة باكية في قلق نهش قلبها، لتقول بجزع:
-مالك ياسمر فيكى إيه؟
رفعت سمر يدها إلى سماح لترى سماح تلك الدبلة الماسية وأختها تقول بصوت حزين:.

-إتخطبت ياسماح.
عقدت سماح حاجبيها وهي تنظر إلى عيون أختها الحزينة، لتتسع عيناها بصدمة وأختها تقص عليها ماحدث لها منذ الأمس، وحتى تلك اللحظة التي تشعر فيها سمر بإنهيار جميع أحلامها، كلية.

جلست سمر أمام التلفاز تنظر إليه وهي تضم ركبتيها بيديها إلى صدرها تستند بذقنها عليهما، ربما تبدو لمن ينظر إليها مستغرقة كلية في مشاهدة هذا المسلسل التركي، ولكنها كانت في مكان آخر بأفكارها، تشرد في ماض يؤرقها ويقض مضجعها، أغمضت عيناها عن تلك الصور التي تتراءى لها، تشعر بالألم، تود لو محتها من ذاكرتها، ولم لا؟

وهي تسبب لها الألم الشديد، لقد وافقت على إقتراح الطبيب هادى بالابتعاد عن القاهرة والحضور إلى الإسكندرية خصيصا لتتجاهل تلك الصور التي تلوح في عقلها بإستمرار منذ أن بدأت جلساتها معه، لم تخبره عنها شيئا، فهي تخيفها بقوة، تجعلها راغبة في أن تظل في غياهب عقلها، لا تريد أبدا أن توقظها من سباتها القهري، كفاها ما تشعر به من ألم ووحدة ليضم قلبها شعور جديد لا ترغبه أبدا، خوفا يهدد كيانها المريض، وياله من شعور.

إنتفضت على لمسة ليديها لتفتح عينيها بقوة وتجدها هاجر التي إقتربت منها دون أن تشعر وجلست بجوارها، تنظر إليها بحنان قائلة:
-متحاوليش تفكرى في اللى فات، فكرى بس في اللى جاي وهو هيحللك كل مشاكل الماضى، إنتى مش لوحدك، أنا معاكى وهادى معاكى، وواحدة واحدة هتعدى من أزمتك، صدقينى ياسمسم.
غشيت عيون سمر الدموع لتحتضن هاجر بقوة تترك لدموعها العنان قائلة بهمس:.

-مش عارفة من غيركم كنت هعمل إيه ياهاجر، ربنا بعتكم لية عشان تقفوا جنبى في وقت ملقتش فيه حد يقف جنبى، إنتوا هدية من ربنا لية.
قالت هاجر بعيون غشيتها الدموع بدورها:
-وإنتى هديتنا، الأخت اللى ربنا رزقنا بيها.
لتخرجها من حضنها قائلة بإبتسامة حانية وهي تمسح دموع سمر من على وجنتيها بيديها:
-بس إحنا قلنا نبطل نبكى، عشان أنا شكلى بيبقى وحش أوى لما بعيط،
رغما عنها وجدت سمر نفسها تبتسم قائلة:.

-إنتى قمر حتى لما بتبكى ياجوجو.
إتسعت إبتسامة هاجر وهي تقرصها في وجنتها قائلة:
-أهو إنتى اللى قمر بعيونك الملونة دى، بقولك إيه، ما تيجى نعملنا كوبايتين كابتشينو ونقعد في البلكونة، ده حتى وقت الغروب وأكيد المنظر يجنن من هناك.

أومأت سمر برأسها موافقة، فنهضا سويا يتجهان للمطبخ، حين تناهى إلى مسامعهما صوت جرس الباب، لتسرع سمر بأخذ حجابها ولفه حول رأسها بينما إتجهت هاجر إلى الباب لتفتحه، فلم تجد أحدا، عقدت حاجبيها وكادت أن تغلق الباب حين رأت ورقة بيضاء مطوية على الأرض، إنحنت لتأخذها ثم إعتدلت مغلقة الباب خلفها، ومتجهة إلى سمر التي تجمدت تماما وهي ترى تلك الورقة المطوية في يدها، تخشى في وجل أن تقبع كلمات جديدة من هذا المعجب المجهول بتلك الرسالة، ذلك المعجب الذي طاردها برسائله اليومية بالمستشفى، ويبدوا أنه تتبعها حتى الأسكندرية وعرف مكانها ولن يرحمها من تلك الرسائل، على مايبدو.

قالت سماح بهدوء:
-ممكن بس تهدى وتبطلى بكا، وكل حاجة هتتصلح.
مسحت سمر وجهها بكمها فبدت كالأطفال تماما، وهي تقول بصوت تهدج حزنا:
-حتى لو هديت وبطلت بكا، مفييش حاجة هتتغير، أنا سمعتى إتمست ياسماح، ودى حاجة لا يمكن تتصلح.
ربتت سماح على يد سمر قائلة:.

-اللى حصل حصل، انتى صحيح غلطتى لما خرجتى في وقت متأخر مع رجل مهما كان غريب عنك، حتى لو قدرتى اللى عمله مع أخوكى، واعتبرتي ان مساعدتك ليه رد لجزء من جميله علينا، لكن ده ميمنعش من إن خروجك معاه من الأساس سمح لناس نفوسها مش كويسة إنها تجيب سيرتك بالباطل، لكن تصرف دكتور هادى أنقذ الموقف، وزي ما قال، ده حل مؤقت، شوية وكل واحد هيروح لحاله، ونخلص من الموضوع ده كله.
قالت سمر بحزن:
-لكن...

قاطعتها سماح قائلة بحزم:
-من غير لكن، قلتلك اللى حصل حصل، وكويس إنها جت على أد كدة، وإن دكتور هادى إنسان محترم مستغلش اللى حصل بطريقة مش كويسة، بالعكس عرض عليكى إرتباط أدام الكل ولبسك دبلة والدته اللى أكيد ليها معزة كبيرة في قلبه، وده كله أكيد لأنه بيحترمك ويقدرك، وأكيد مرضاش يكون السبب في أذيتك.

نظرت سمر إلى بنصرها الأيمن بتفكير وهي تلمسه بيدها اليسرى، بينما لمعت عيون سماح وهي تشعر بأن ما حدث رغم حزنه قد صب في صالح أختها التي ماكانت لتوافق أبدا على خطبتها من الطبيب هادى لولا ماحدث، بل ما كانت لتوافق على خطبتها لأي رجل من الأساس، فقد كرهت الرجال وفقدت الثقة بهم تماما بسبب والدهم سامحه الله، توقن أن لله تدابيره في كل شئ، وربما ما نظنه شرا لنا قد يكون خيرا إن رأينا فيه حكمة الله.

فتحت سمر تلك الورقة بيد مرتجفة لتمر عيونها على سطورها التي تقول...

(حبيبتى، نعم حبيبتى، أعترف بها أمامك، وأمام نفسى، بل أرغب أن أصرخ بها عاليا، أعترف بها أمام جميع البشر من حولنا، تحدونى تلك الرغبة مرارا وتكرارا وما يمنعنى عن تحقيقها هو أنت، نعم أنت، أريد أن أقر بها أمامك قبل الجميع، أن أركع طالبا يدك فتمنحينى إياها بعشق يظهر في تلك العيون الدخانية التي سحرتنى منذ أول مرة إلتقت فيها بعيني، ليتساقط شعرك الطويل الناعم وتتسلل إلي رائحة الياسمين تغمرنى بنشوة العشق، هذا الشعر البني الناعم ذو الخصلات الذهبية والذي أمد يدى لتتخلل ثناياه، أقربك إلي أكثر لأنهل من شهد شفتيك اللتان إشتقت إليهما كإشتياق مسافر في الصحراء لشربة ماء تحييه، عشقتك، نعم أعترف أمام نفسى أننى لطالما عشقتك، ويوما ما بدورك ستقرين بعشقى، فإنتظرينى، فنحن على موعد مع العشق، موعد مع الحياة، فإلى لقاء قريب...

ز ا م)
سقطت منها الورقة وهي تجلس مكانها بنظرات زائغة لتقترب منها هاجر على الفور تنحنى لتمسك الورقة تقرأ محتوياتها بسرعة قبل أن تجلس بجوارها قائلة في قلق:
-سمر، إنتى كويسة، أتصل بهادى؟
قالت سمر بهذيان:.

-الحكاية مبقتش معجب مجهول ياهاجر، الموضوع بقى أكبر من كدة، ده حد عارفنى كويس، وعارف عني حاجات شخصية، عارف ان شعرى لونه بني وطويل وإنى بستعمل شامبو بريحة الياسمين، وبيقول إنه باسنى، إنتى فاهمة الكلام ده معناه إيه؟
قالت هاجر بشفقة:
-إهدى بس يا سمر، وخلينا نفهم بالراحة.
نهضت سمر قائلة بمرارة:.

-نفهم إيه بس ياهاجر؟الكلام اللى قريته في الورقة ده يخوف، أنا خايفة صدقينى، خايفة أوى، مبقتش مرتاحة للى بيحصل الظاهر إننا لما جينا إسكندرية كانت غلطة، غلطة كبيرة أوى، ولازم تتصلح حالا.
قالت هاجر في قلق:
-قصدك إيه ياسمر؟
قالت سمر بحزم:
-قصدى إنى لازم أرجع القاهرة عشان أحس من تانى بالأمان ياهاجر، وحالا.
لتتسع عينا هاجر، في صدمة.



المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
قلب مكسور وموجوع .. احمد سعد يمر بازمة عاطفية Moha
0 406 Moha
اكتشاف سر الصداقة المكسورة بين “سيلينا غوميز” وصديقتها المتبرعة لها بكليتها Moha
0 375 Moha
بالصور .. الفنانه شيريهان قطب تتألق على خشبه مسرح الطليعه فى شباك مكسور Moha
0 508 Moha
خلفيات شاشه مكسوره مثل الحقيقية essam
0 3359 essam

الكلمات الدلالية
رواية ، مكسور ، سينجبر ،


 





# فنون # مشاهير # صحة # منوعات # الأطفال # English # تفسير الأحلام ثقافة # قصص # سيارات Cars # صور # تقنيات # الاجهزة الالكترونية # المطبخ # كلام فى الحب # أبراج # رياضة # ازياء # حكم وأقوال تطوير الذات# خلفيات # صور بنات # مشاهير # ديكور # صباح الخير # مكتوب برقيات شهر رمضان # جمعة مباركة # حب رومانسية # عيد # ادعية # خلفيات كرتون # منوعات # موضة # الأم # أطفال # حيوانات # صور ورد # اكلات # New Year # مساء الخير # اللهم صلي علي النبي # القران الكريم # صور نكت # عيد ميلاد # اعلام # سيارات # تهنئة الخطوبة # حروف واسماء # الغاز # صور حزينة # فساتين # هدايا # خلفيات النادي الاهلي # تسريحات شعر # الاصدقاء # بوستات نجحت # خلفيات نادي الزمالك # حب رومانسية # تهنئه # ازياء # صور بنات # صوره وكلمه خلفيات # كرتون # بروفايل رمزيات # دينية # سيارات # مضحكة # أعلام # مسابقات # حيوانات # ديكور # أطفال # أكلات # حزينة صور شباب أولاد ر# صور # الطب و الصحة # مقالات عامه # CV المشاهير # وصفات الطبخ # العناية بالبشرة غرائب وعجائب # قصص روايات مواعظ # صور حيوانات # وصفات الحلويات # الرجيم والرشاقة # نكت مضحكة # صور خلفيات # العناية بالشعر # شروحات و تقنيات # videos # Apps & Games Free # موضة أناقة أزياء # سيارات # ديكور # رعاية الأطفال # نصائح المطبخ # موبايل جوال # الفوركس # التعليم والمدارس # الحمل و الولادة # اخبار الرياضه # وظائف # صحة المرأة # حوادث # صور بنات # صور اطفال # مكياج و تجميل # عناوين بنوك شركات محلات مطاعم # العاب الغاز # عيد # كلمات الاغانى # اشغال فنيه واعمال يدويه # مصر # أشعار خواطر # للنساء فقط # للرجال فقط # صور شباب # علاج النحافه # رسائل SMS # أكلات نباتية - Vegetarian food # برامج الكمبيوتر # المراهقة # جمعة مباركة # blogger # رعب # لعنة العشق # حب # اسلامية # قاسي ولكن أحبني # أحفاد أشرار الحرب لأجلك سلام # أسمى معاني الغرام # حقيقية # لقد كنت لعبة في يده # ملهمة # أباطرة العشق # عربية # حب خاطئ # لست مميزاً # من الجاني # مشاهير # راقصة الحانة # اغتصاب طفلة # عاشقان يجمعهم القدر # الطريق الصعب # خيال علمي # أشواك الحب # تاريخ # سجينة ثوب الرجال # لروحك عطر لا ينسى # أطفال # عشق وانتقام # لازلت أتنفسك # لقاؤنا صدفة # للحب معان أخرى # خاتم سليمان # ممن أنتقم # نجاح # أبواب وهمية # حلمى فى صفيحة قمامة # فيلم # مجنون بحبك # بين شباكها # حزينه # رحلات جوليفر # عذاب قسوته # عندما ينادي الشيطان # لعنة حبك # مريم وامير # هدوء في قلب العاصفة # الحاسة السادسة # المشعوذة الصغيرة # عباقرة # لوعة العشق # حروب # قدر بالإجبار # بنات مضحكه# فوركس Forex# صحتك # الصور والخلفيات # الطبخ والحلويات # منوعات # اخبار الفن # القصص و الروايات الألعاب الرياضية # الحياة الزوجية # أزياء وملابس # الأم و الطفل # دراسات لغات # افكار منزلية # انترنت تكنولوجيا # صفات الابراج # حيوانات ونباتات # تفسير الاحلام # معانى الاسماء # خواطر و اشعار # الكون والفضاء اجمل نكته# Mix # Forex # youtube # foods # Kids # Health education # stories # News # kitchen # woman # Famous # Sport # Animals

-------

الساعة الآن 04:41 صباحا