أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في منتدى جنتنا، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





رواية جلمود صخر

تنبأت العرافة بقدومه، ومعه تلك اللعنة التي ستصيب المملكة، ليحل بوجوده الخراب في كل مكان، وحتى تحضر تلك الروح البريئة الق ..



13-03-2022 05:51 مساء
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 

t22103_2090تنبأت العرافة بقدومه، ومعه تلك اللعنة التي ستصيب المملكة، ليحل بوجوده الخراب في كل مكان، وحتى تحضر تلك الروح البريئة القوية وترجع الجلمود ذهبيا كما كان، يجب أن تحذروا فتيات مملكة الفيروز، فجلموده قاس ولا يستهان. به.

صاحب وجودي لعنة، فاكفهرت السماء وأصاب مملكتي الركود.
لم يكن لي ذنبا في لعنتي بل هو فعل ساحرة حقود.
أحالت قلبي صخريا فتحول الذهب إلى جلمود.

حتى جمعنا القدر.

فحطمت بعشقها جلمودي وأصابتني بالشرود.
ومهما حاولت قتل مشاعري، ومهما حاولت الصمود.
أجدني مسحورا بعشقها أبغي فيه الخلود.
عابدا في محرابها أسجد وأطيل السجود.
قد حطمت جلمود قلبي وأزالت من حوله السدود.
وأعادته حيا تنبض خفقاته بعشق، بجنون، وبلا حدود.
نوفيلا جلمود صخر للكاتبة شاهندة الفصل الأول

يحكى أنه في قديم الزمان، في بقعة بعيدة من بقاع الأرض، كان هناك ملك عادل يحكم مملكة جميلة تدعى (مملكة الفيروز)، أحبه شعبه كثيرا، كما أحبوا ملكتهم الرقيقة ذات القلب الطيب الرقيق...
لم يرزقهم الله بأطفال لسنوات، ولكنهم تحملوا في صبر وجلد، ورغم حزنهم، إلا أنهم رضوا بقدرهم، وتوسموا في القادم خيرا...






ثم فجأة ودون سابق إنذار، مرضت الملكة، فأسرعوا بإحضار الطبيب، ليبشرهم بأن الملكة تحمل طفلا قد يكون أميرا أو أميرة للملكة، سعد الجميع بهذا الخبر وأقام الشعب العديد والعديد من الإحتفالات، تيمنا بهذا المولود الجديد والذي بالتأكيد سيشبه والديه في السمات، لذا فقد آن الأوان للملكة أن تفرح وحان الوقت للملك أن تقر عيناه بوريث له.

وفي يوم من الأيام، جاء الملك بالعرافة الطيبة لتتنبأ بنوع المولود و مستقبله، لتحضر في ثوان توزع البسمات مستبشرة بمولود سيكون للملكة، فجر عهد جديد و حصن أمان...

وقفت أمام الملك والملكة بإجلال، ثم وضعت يدها على بطن الملكة برفق تغمض عينيها للحظات، بدت ساكنة هانئة البال، ثم بدأ الألم يظهر على وجهها فجأة، لتبعد يدها عن بطن الملكة، تتراجع بقوة وقد ظهر الوجل على ملامحها، تبادل كل من الملك والملكة نظرات القلق، فأحاط الملك بذراعه زوجته يحميها من المجهول بينما أحاطت الملكة بطنها بيدها بدورها، وكأنها تحمي طفلها مما رأته على وجه تلك العرافة وأخافها على جنينها، ليقول الملك بتوجس:.

ماذا هناك أيتها العرافة الطيبة؟أخبرينا، هل طفلنا بخير؟
نظرت العرافة إلى بطن الملكة والتي تحمل طفلها ثم نقلت بصرها بين الملك وزوجته قائلة بهدوء تحاول أن تخفى به إضطرابها ووجلها:.

إنه أمير وسيم ذو قلب من ذهب عظيم الشان، ولكنه سيحمل معه لعنة فالله المستعان، للأسف يامولاي، سيصاحب حضوره للمملكة حضور روح شريرة، تجلب الخراب في كل مكان، ليتحول هذا القلب الذهبي إلى جلمود ويزداد قسوة مع مرور الأيام، وحتى تحضر تلك الروح الطيبة البريئة القوية وتكسر اللعنة، تذيب الجلمود وترجعه ذهبيا كما كان، إحذرو يافتيات مملكة الفيروز فجلموده قاس، قاتل، و لا يستهان.

ثم تركتهم وغادرت المكان بسرعة، دون أن تمنحهم ما يطمئن قلبهم قليلا على وليدهم ولعنته تلك التي بثت في قلوبهم الرعب، يخشون الخراب، لينفض الملك خوفه ويبث الطمأنينة في قلب مليكته، يخبرها أن العرافة قد كبرت في العمر، فأصبحت خرفة، لا تدرك المستقبل، تلقى بكلمات فارغة لا معنى لها، فلا يجب أن تخشى على وليدها أبدا طالما هو حي يرزق.

حاولت الملكة بدورها أن تنفض أفكارها السوداء تلك بعيدا عن طفلها لتكمل فترة حملها بسلام، ولكن ظل القلب يحمل هاجسا، فلا مناص من القلق ولا فرار.
حتى جاء اليوم الموعود وأنجبت الملكة طفلها، كان وسيما حقا، رائع المحيا قوي البنية، فرح به الجميع، وتوسموا فيه الخير، ليسميه والده صخر، وقد نسوا تلك النبوءة اللعينة وأصبحت في طي النسيان.

ولكن فجأة وبعد أيام قليلة من ولادة الأمير، مرضت الملكة مرضا شديدا، إحتار في علاجه الأطباء، حاولوا كثيرا وفشلوا في إنقاذها من براثن الموت، لتتوفى بالفعل ويعم الحزن في كل مكان، فملكتهم الطيبة قد رحلت، ذهبت دون رجعة تاركة الملك يعانى مرارة الفقدان، وطفل رضيع، طفل يدركون أنه سيجلب الخراب في كل مكان...

هكذا تذكر والده كلمات العرافة، ليحاول أن يبعد تلك الأفكار السوداء عن رأسه، وأن يبعد عن قلبه الأحزان أيضا ليهتم بأمور المملكة وليدع المستقبل جانبا فهو في يد الله الواحد الديان.

لتغرق المدينة مع الأيام في سحابة غريبة حمراء اللون ترابية التكوين، تحول دون الرؤية، لتتعطل الأعمال ويربض أفراد الشعب داخل البيوت يخشون الخروج والعمل، حاول الملك وأتباعه الوصول لطبيعة تلك السحابة ومحاولة إيجاد حل لإنهائها، فلم يجدوا، ورغم خشية الملك من العرافة ونبوءاتها المخيفة، ولكنه إستدعاها رغما عنه، فأخبره رجاله أنها قد إختفت من المدينة كلية، كاد الملك أن ييأس، يرى الخراب يعم المدينة، ينتشر في كل مكان، ليدخل إلى حجرة وليده يقترب من مهده، ينظر إلى ملامحه بعيون زائغة ووجه مكفهر الملامح، يصدق أخيرا تلك اللعنة التي صاحبت حضور طفله إلى تلك الحياة، أطاحت به التساؤلات، ترى لو مات طفله، هل ستنتهى تلك اللعنة ويعود كل شئ كما كان؟ترى هل موته يبعد ذلك الخراب ويعبر بالمملكة إلى بر أمان؟مد يداه يحيط بهما رقبة طفله ليبتسم الطفل إليه ببراءة، فإنتفض الملك مبعدا يديه عن رقبة صخر في جزع، ليبتعد خارجا من الحجرة وكأن الشياطين تطارده، ليجلس في حجرته يبكى وأفكاره تحاوطه، فمنذ قليل كاد أن ينهى حياة طفله الذي تركته مليكته أمانة بين يديه، لا، والله لن يفعل، بل سينتظر تلك الروح النقية التي ستكسر لعنة وليده، نعم هذا ما ينتوى فعله تماما.

وبالفعل، مر يومان ثم جاء اليوم الذي أخبره فيه أعوانه أن هناك سيدة بالقصر ترغب برؤيته، تخبره أن بيدها وحدها كسر تلك اللعنة وإعادة كل شئ كما كان،.

أسرع إلى ديوانه ليرى إمرأة جميلة تخلب الألباب، نظرت إلى عمق عينيه، فألقت عليه سحرا ليشعر أنه دونها لا حياة له ولا كيان، ليركع ساجدا أمامها وسط دهشة الحضور يطلب يدها للزواج لتبتسم راضية بغرور، لينظر الجميع إلى بعضهم البعض متعجبين من نسيان الملك لزوجته الراحلة بتلك السرعة والزواج من تلك الغريبة كلية عن مدينتهم.

ليعلن الحاجب عن زواج جديد بالمملكة ومع عقد القران إنقشع الضباب الأحمر وعادت المملكة كما كانت، ليتفاءل الجميع بتلك الملكة الجديدة ويهتفوا بإسمها مرارا وتكرارا:
عاشت الملكة جولنار، عاشت الملكة جولنار.

مر عامان.

، وبدلا من أن ينصلح حال المملكة، تدهور، فبعد أن ظن الجميع أن اللعنة قد كسرت، وتوسموا في زواج الملك من جولنار صلاح الأحوال، ظهر العكس تماما، فقد زادت الضرائب، ولم يرحموا منها فقيرا ولا محتاج، بل إن كل من إعترض على مايفعلون، زج في السجون دون محاكمة، يسرعون بكتم أصوات كل من قال لا و على الفور يعتقلون، ليختفى أثر هذا الذي إعترض، وتملأ العبرات خلفه العيون، فالكل أصبح واهنا وضعيفا لا يقوى على الإعتراض أو التغيير، والملك أصبح خاتما في يد ملكته، تأمره فيطيع، يرى الجميع كيف تتحكم به، ولكنه هو لا يرى ذلك، حقا لا يستطيع، يقع تحت سحرها ولا منقذ له من براثن هذا السحر المريع،.

بينما صخر يقبع تحت غياهب الإهمال، يكبر رويدا رويدا، دون عطف الأم وحنانها، ودون توجيه الأب وإهتمامه، ليتربى وسط الخادمات، واللاتى إختارتهن الملكة بعناية، فلم تكن منهن أبدا من هي مؤهلة لتربية طفل صغير، بل على الأحرى يصلحن ليكن سجانات، ولكن ورغم كل ذلك كان صخر يحمل قلب أمه الطيب الذي قاوم كل تلك الظروف والعقبات، وإستطاع أن يظل نقيا، فلم تشوبه شائبة ولم تضعفه القسوة، بل ظل قلبه ذهبيا كما كان.

، لتمر المزيد من السنوات
، وفي يوم من الأيام، أراد صخر الخروج إلى العامة ورؤية أقرانه من الأطفال فلم يسمحن له الخادمات، ليغضب ويثور، ثم يتسلل هاربا، ينوى أن يشتكى لأبيه ما يحدث معه من تجاوزات، وصل إلى جناح الملك وتسلل إليه ولكنه توقف على الفور حين لمح الملكة تقف بجوار الملك، ليختبئ خلف الستائر، ينتظر خروج الملكة حتى يستطيع التحدث مع والده، رآها تناول والده الملك كوبا من العصير قائلة في دلال:.

مولاي، يجب أن تتناول هذا العصير، فهو يمنحك الطاقة لتكمل يومك بسلام.
قال الملك بحزم:.

لا ياجولنار، لن أتناوله أبدا، فربما لدي حساسية ما ضد الإجاص، أتعلمين حين لم أشربه بالأمس لإننى كنت مريضا، شعرت بأننى أفضل حالا، حتى أننى اليوم مستعد لأرى أحوال المدينة فقد أخبرنى الحاجب بأن المدينة تعانى إنهيارا إقتصاديا تاما، ويجب أن أجتمع بالوزراء، وأرى كيف حدث كل هذا وأين كنت أنا؟يجب أن أحاسب كل مسئول عن ذلك التقصير المريع في حق مملكة الفيروز.
قالت الملكة جولنار بهدوء وهي تقرب منه كوب العصير:.

عزيزى دع تلك الأمور لى وإشرب هذا العصير، صدقنى، فلن تنعم بيومك إن لم تشربه.
دفع يدها فوقع الكوب منها، ليقول بحدة:
قلت لك لن أشربه، ألا تفهمين؟ فإبتعدى الآن ياجولنار، حتى أرى أحوال مملكتى الغالية،
وإتجه مغادرا الجناح بخطوات سريعة ليوقفه صوت الملكة وهي تقول بثبات:
إنتظر.
إلتفت يرمقها بترقب، لتقترب منه قائلة بنعومة:
ألن تقبلنى عزيزى قبل أن تذهب؟

تنهد الملك مقتربا من شفتي جولنار، ليضع صخر كفاه الصغيران على وجهه يخفى عيناه، ليزيحهما بسرعة حين إستمع إلى أنة صدرت من أباه، ليرى هذا المشهد الذي أبدا لن ينساه،
فأمامه، كانت الملكة تقف بصلابة تمسك في يدها خنجرا يقطر دما، بينما أباه ينحنى أمامها يمسك بيديه قلبه، ملابسه ويداه غارقتان بالدماء، وضع صخر كفه على فمه كي لا يصرخ بينما يقول الملك بصوت متهدج:
لماذا؟
لتنظر إليه جولنار قائلة ببرود:.

لإننى أنا حاكمة المملكة ياعزيزى ووجودك يفسد مخططاتى لها، أخبرتك أن تشرب العصير كي تعيش في عالم وردي وتترك لى شئون مملكة الفيروز، ولكنك أبيت ورفضت جرعتى السحرية للسعادة، للأسف كنت سترى ما أفعله بالمملكة وكنت ستنحينى جانبا وأنا لن أتنازل عن مملكة الفيروز أبدا، فإنها مملكتى أنا، هنا نشأت وهنا أنوى أن أقضى نحبى بعد عمر طويل، طويل جدا، فهي مستقرى الأخير، شئت هذا أم أبيته ياعزيزى.

قال الملك بصوت ضعفت نبراته:
إذا، أنتى،
قاطعته جولنار وهي تقول بصوت قاس:.

نعم أنا، أنا من خلقت من جوف الشجرة الخالدة، لم أكن وحدى، بل كنا إثنتان، روحان متصارعتان إلى الأبد، أينما أحل أنا يحل الخراب، وأينما تحل هي يحل النعيم، لن نجتمع أبدا وإن إجتمعنا سنزول، لذا أينما أكون أنا، لا تكون هي، لقد أدركت مجيئى تلك العرافة المأفونة فهربت، إبتعدت تدرك أن في حضورى نهايتها، فهكذا كنا منذ الأزل، تعيش في مملكة وتنيرها حتى أحضر أنا فأدمرها عن آخرها، فتنتقل لمملكة أخرى وكم أهلكت من ممالك، فلن تكون مملكتك أول مملكة أدمرها ولكننى أعدك أنها ستكون الأخيرة، فبعد ان أقضى عليها سأنشئ مملكة للسحرة والشياطين، وسأكون أنا مليكتهم بسحرى المبين، فهيا أرقد بسلام ودع لى مملكة الفيروز، ولكن كيف لك أن ترقد في سلام وأنت تدرك أن مدينتك إلى زوال؟حقا يالك من مسكين.

لتطلق ضحكة شيطانية أثارت الرعب في قلب الصغير، بينما يطالع أباه الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة بألم، وما إن سكنت حركاته حتى إلتمعت عينا جولنار وإرتسمت على ثغرها إبتسامة إنتصار، لتسحب هذا الحبل بجوارها فدخلت الخادمة إليها تقول بإحترام:
سيدتى.
قالت جولنار بصوت متعالى:
أحضرى مظفر على الفور وأخبريه قبل الحضور أن يقوم بسجن الحاجب والإسراع إلي، هيا لا تتلكأى فلا وقت لدينا، فأمامنا حداد.

أسرعت الخادمة بتنفيذ أوامر سيدتها، بينما إتجهت الملكة لتنظر إلى مرآتها تعدل من زينتها بهدوء، ليلقى صخر على أبيه نظرة أخيرة حزينة قبل أن يلتفت مغادرا ينوى الهروب، فمازال صغيرا ولا قبل له بتلك الساحرة الشريرة التي قتلت أباه وستسعى بالتأكيد لقتله هو الآخر، لذا يجب أن يهرب ولو مؤقتا كي يكبر ويستعد لها ثم سيعود وسينتقم لوالده، نعم، سيفعل بالتأكيد.

كان صخر يختبئ وراء الجدار، يلاحظ إنتشار حراس الملكة في كل مكان، إنهم يبحثون عنه بالتأكيد، إقترب أحد الحراس من الجدار، ليبتلع صخر ريقه بصعوبة، يدرك أنه قاب قوسين أو أدنى من أن يقبض عليه حراس تلك الساحرة الشريرة، يستعد للمقاومة بكل مالديه من قوة، ليجد يد تسحبه من ذراعه فجأة، يبتعد صاحبها به عن الجدار، إلتفت إلى صاحب تلك اليد فوجده طفل أقل منه طولا، يلبس عباءة بغطاء للرأس يضعه على رأسه ويخفى بلثام ملامحه، تبعه بين تلك الممرات الضيقة، دون إعتراض، يلاحظ أن هذا الطفل يدرك طريقه جيدا ويعرف ممرات المملكة، ظلا يركضان دون توقف لساعات حتى وصلا إلى بوابة من الزرع الأخضر ليتوقف الصبي وهو يوجه حديثه إلى صخر قائلا بصوت متعب متهدج من أثر الركض:.

أعبر هذه البوابة، وأسلك هذا الطريق، إنه طريق خفي لا يعرفه أحد سواي لقد إكتشفته بالصدفة، نهايته تلك المدينة المجاورة، ومن خلاله فقط ستنجو من الحراس.
قال صخر بإمتنان:
شكرا لك أيها الغلام، سأفعل بالتأكيد ولكن على الأقل أخبرنى، لماذا ساعدتنى وأنت لا تعرفنى؟
قال الصبي وقد بدأ يستعيد أنفاسه المتهالكة:.

مظهرك لا يدل على أنك قد تكون لصا، وأدرك ظلم حكامنا لأعلم أنك قد تكون مظلوما، ولم أنشأ على إنصاف الظالم بل نشأت على مساعدة المظلوم، فهيا إبتعد بسرعة، حتى لا يدركك الحراس.
قال صخر بإعجاب:
تعجبنى فطنتك، رغم صغر سنك، ما إسمك؟

رفع الصبي يده وأزال عنه لثامه وغطاء رأسه، ليظهر وجهه، تراجع صخر خطوة للوراء من صدمته فأمامه ظهرت فتاة رائعة الجمال، بشرتها بيضاء كالقمر، وعيونها زرقاء كالسماء، خصلاتها تنافس أشعة الشمس في لونها، نظرت إليه في ثبات قائلة:
أنا فتاة ولست غلاما، وإسمى لن يفيدك بشئ، فهيا إبتعد بسرعة، ولا تنظر خلفك أبدا.
أفاق صخر من صدمته وخلع عنه قلادته وهو يناولها إياها قائلا:
تلك هديتى لك لإخراجك لى من هذا المأذق.

هزت الفتاة رأسها نفيا قائلة:
لا نأخذ هدايا لمعروف فعلناه لوجه الله، هيا يافتى إذهب ولا تختبر صبرى، فلقد تأخرت عن أمى ووجب علي الذهاب.
أومأ صخر برأسه قائلا:
سأذهب ولكن تذكرى، لك في رقبتى دين سأرده لك في يوم من الأيام.
قالت بسرعة:
حسنا حسنا، الوداع.
وأسرعت عائدة يتابعها بعينيه قبل أن يقول بتصميم:
ليس وداعا بل إلى لقاء قريب.

ليلتفت إلى تلك البوابة ويسمى بالله قبل أن يدخلها، يمشى في هذا الطريق، حزينا على موت والده وفراق مدينته ولكنه
بالتأكيد سيعود يوما ما، وسينتقم من تلك الحرباء زوجة أبيه، ووقتها سيصبح هو حاكم مملكة الفيروز، وفي سبيل ذلك قد يتحالف مع الشيطان نفسه.

عادت الفتاة إلى منزلها، تسللت إلى الداخل حتى لا تراها والدتها فتؤنبها مجددا على خروجها دون إذن، كادت أن تصعد السلم ولكن صوت والدتها الصارم أوقفها، لتغمض عيناها ثم تفتحهما وقد أدركت ان أمرها قد كشف، إستدارت تنظر إلى والدتها ذات الملامح المكفهرة، والتي قالت بصرامة:
مجددا ياقمر، تخرجين من المنزل دون إذنى، بتلك الثياب التي تشبه ملابس الصبية؟هل جننتى؟
قالت قمر:
أنا...
قاطعتها والدتها قائلة:.

انتى ماذا؟تجوبين الطرق وتتصرفين برعونة، لقد أرهقتنى حقا، ربما آن الأوان لأن يكون هناك من يستطيع التحكم بأفعالك تلك والسيطرة عليها.
عقدت قمر حاجبيها قائلة:
ماذا تقصدين؟
نظرت والدتها إلى عمق عينيها قائلة بحزم:
ربما آن الأوان لأقبل بقاسم زوجا، ليصبح لك أبا، يروض تصرفاتك الرعناء تلك.
نظرت قمر إلى والدتها قائلة في جزع:.

لا ياأماه، بالله عليك لا تفعلى، سأسمع كلامك، والله لن أعارضك مجددا ولن اتسلل، أقسم لك ان لا أفعل، فقط لا تتزوجى بقاسم، فأنا لا أحبه.

أوجعت كلماتها قلب والدتها ولكنها نفضت شعورها وهي تدرك أن هذا هو الحل الوحيد، فقد باتت تخشى على طفلتها، وتحتاج إلى من يستطيع ان يضبط سلوكها، وفي نفس الوقت يحميهم من ألسنة الناس التي لا ترحم، كليهما يحتاج إلى وجود رجل في المنزل، وقد إتخذت هذا القرار بعد تفكير طويل، لتقول والدتها بحزم:
قضي الأمر، لقد بعثت إليه برسالة أخبره اننى موافقة على الزواج منه.
تراجعت قمر قائلة بهلع:
كلا لم تفعلى.

قالت والدتها بحزم:
بل فعلت.
لتصرخ قمر قائلة بألم:
إذا فإعلمى أننى لن أسامحك أبدا إن تزوجتى بهذا القاسم، هل تسمعين؟لن أسامحك أبدااا.
ثم أسرعت إلى حجرتها تتابعها عينا والدتها بألم، ولكنها تدرك أن هذا القرار الذي إتخذته هو القرار الصحيح، حتى وإن بدا لصغيرتها البريئة، قرارا خاطئا، فمع الأيام ستدرك انها ما فعلت هذا سوى لإدراكها أنه يصب في مصلحتهما تماما.

تااابع اسفل
 
 



13-03-2022 05:53 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [1]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية جلمود صخر
نوفيلا جلمود صخر للكاتبة شاهندة الفصل الثاني

مرت الأيام سريعا على بطلينا وكليهما يعانى من مرارة إختيار لم يكن أبدا له، يقاسيان الوحدة، القسوة، والحرمان.

فلقد تزوجت والدة قمر برجل بدا محبا عاشقا لها ومراعيا لطفلتها، فقط أمامها، بينما عندما تبتعد والدتها، ترى منه قمر قسوة غير مبررة على الإطلاق أو تجاهلا تفضله، حاولت قمر كثيرا أن تخبر والدتها بمعاملته لها في غيابها، ولكن تلك السعادة البادية على ملامح أمها و التي تعيشها مع هذا الرجل كانت تحول دائما بينها وبين إخبار والدتها بالوجه الآخر لهذا المأفون قاسم، لذا حاولت قمر تجنبه قدر الإمكان، والتظاهر بأنها سعيدة بدورها أمام والدتها، بينما ظلت قمر تتسلل خلسة كلما أتيحت لها الفرصة لتمشى في جنبات المملكة، تتعرف أكثر إلى طرقاتها وسكانها، تساعد من يحتاج إلى مساعدتها، من عانوا من ظلم الملكة الجائر والذي يزداد مع مرور السنوات، متظاهرة في البداية بأنها صبي ثم شابا إسمه سعد، حتى عرفت في المدينة بأكملها بهذا الإسم، لتعود في آخر الأمر إلى منزلها وتصبح مجددا، قمر الزمان.

بينما عانى صخر في البداية للغاية كي يحصل على عمل ومأوى له، تعذب كثيرا وذاق مرارة الجوع والحرمان، زاده عذابه قسوة ليتجمد القلب رويدا رويدا، ويقسم على الإنتقام ممن كانوا السبب في حرمانه من أبيه وملكه، لم يضعفه شئ مما عانى بل زاده كل شئ قوة، ليكبر وقد صلب عضده وإشتد ظهره، وقويت عزيمته، وإشتعلت نيران الحقد والإنتقام في هذا القلب الذي تحول إلى جلمود لا يلين.

حتى كان هذا اليوم الذي أنقذ فيه صخر رجلا من لصوص أرادوا سرقته في طريق جانبي، شكره الرجل بحرارة وأراد منحه بعض المال فرفض صخر، توسم فيه هذا الرجل النبل والقوة والأمانة فإتخذه مساعدا له في عمله البسيط، وآواه في منزله، ليرتاح صخر من معاناة تفوق الإحتمال لإيجاد لقمة العيش، وأحس براحة شديدة بعد تعب، فقد عامله الرجل معاملة حسنة، وأكرمه، حتى كاد صخر أن ينسى ألم الماضى ولكنه أبدا لن ينسى من قتلت والده أمام عينه، لينمى بداخله روح الإنتقام، يحاول أن لا ينسى تلك الأفعى، جولنار، ومع مرور السنوات، توفي الرجل الذي يكفل صخر، فعادت ممتلكاته لخزانة مملكته، ولكنه ترك لصخر بعض المال الذي ساعده على العيش، مؤقتا.

حتى كان هذا العام الفاصل في حياة كليهما والذي حمل الألم واليأس والعذاب لقمر بينما حمل الأمل لصخر...

ففى هذا العام توفيت والدة قمر فظهر قاسم على حقيقته تماما، وعاملها كخادمة له، لا يرحمها أبدا من أشغال البيت وطلباته العديدة، ثم فاجأها بزواجه مرة أخرى بإمرأة تماثله قسوة، زادت من تعذيبها بل إنها كادت في مرة أن تقص لها خصلاتها الذهبية الحريرية كعقاب لها ولكن قاسم أسرع بمنعها، مخبرا زوجته بأن تحافظ على جمال قمر فربما رآها أحد أغنياء المملكة، فيريد الزواج بها وهنا يستفيدان هما من مهر غال بالتأكيد سيطالبانه به، و ليمنع تكرار الشجار بين زوجته و قمر، أخذ قمر إلى عمله، إلى جانب أنه وجده حلا مناسبا ليمنح سكان المدينة فرصة لرؤيتها...

أدركت قمر ما يحدث فإمتلأ قلبها حزنا، أرادت الهروب، ولكن منزل أمها، هذا الذي يحمل ذكرياتهما سويا، حال دون تنفيذ رغبتها، ليظل حالها كما هو عليه...

بينما في نفس العام قابل صخر، سيدة عجوز، وجدها جالسة على جانب الطريق فتقدم يسألها عن خطبها، فأجابته بأن قدمها إلتوت ولا تستطيع الوقوف، فحملها صخر على الفور وأوصلها إلى منزلها الذي أرشدته إليه، أدخلها إلى المنزل ووضعها على سريرها، ثم سألها إن أرادت شيئا فسيكون من دواعى سروره أن يقوم به من أجلها، فإبتسمت براحة شاكرة إياه، ثم نهضت فجأة لتتحول هيئتها من إمرأة عجوز إلى إمرأة متوسطة العمر، شاحبة الملامح ذات خصلات شعر حريرية بيضاء ولكنها جميلة، قالت له بإبتسامة حين رأته يفغر فاهه من الدهشة:.

لا تتعجب يافتى، فإنى أنا العرافة التي سمعت عنها كثيرا وبحثت عنها أكثر.
عقد حاجبيه قائلا بحيرة:
هل أنتى العرافة حقا؟
قالت:.

نعم، وقد جئت إليك اليوم عندما سمعت أنك تبحث عني، أدرك رغبتك في طلب مساعدتى، فأجريت لك إختبارا، أردت معرفة إن كان مايزال في قلبك بعض الطيبة برغم قسوة ما رأيت في نشأتك، أردت التأكد من أن قلبك مايزال نقيا تحت كل تلك القسوة التي تحيط بك، ولقد نجحت في الإختبار، نعم، قلبك مازال نقيا لتساعد إمرأة عجوز لا تعرفها دون تردد،
إزداد إنعقاد حاجبيه وهو يقول بقسوة:
لم يعد لى قلبا، فإعلمى أننى سأنتقم و لن أرحم.

إبتسمت العرافة قائلة:
هذا ظنك، نعم، لن ترحم، ستنتقم وتزداد قسوة حتى تحضر تلك الروح النقية وتعيد القلب إلى أصله ذهبيا،
قال صخر بلامبالاة:.

لا أفهم شيئا ولا أهتم بكلماتك الجوفاء تلك، سأذهب، فلا طاقة لى بالجلوس معك والإستماع إلى ترهاتك، نعم قد بحثت عنك بالماضى، ولكنى الآن أدرك أنك لو حقا كنتى مهتمة بمملكة الفيروز، ولديك الحل للقضاء على تلك الشريرة، ما إنتظرتى كل تلك السنوات، ولأخبرتى أبى كي ينجو من براثنها.
كاد أن يبتعد مغادرا فتوقف حين إستمع إلى كلماتها وهي تقول:
جولنار هي أختى ياصخر.
إلتفت إليها ينظر لها بدهشة فإستطردت قائلة بحزن:.

نعم، للأسف هي أختى،
تنهدت ثم قالت:
حين تنبأت بمستقبلك رأيت روح شريرة تجتاح المدينة وتسبب الخراب، ولكنى لم أرى أنها جولنار، ولكنى حين شعرت بإقترابها هربت دون ان تسنح لي الفرصة بتحذير والدك، فنحن نشعر ببعضنا البعض حين تقترب روحينا للغاية، حقا لقد كنت مضطرة للهروب على الفور تاركة المدينة، فإذا إجتمعنا في مكان واحد، قضي على كلينا.
إقترب منها صخر بسرعة ممسكا بها بقوة قائلا:.

إذا آخذك إليها الآن لنتخلص من تلك اللعنة.
قالت العرافة بهدوء:
وتنهى حياتى ياصخر، هل تستطيع؟
قال ببرود وقسوة:
نعم، بكل تأكيد.
إختفت من بين يديه تماما، تتحول إلى ذرات، وسط دهشته، ثم تجمعت خلفه قائلة:
هراء.
إنتفض ينظر إلى الخلف يقول بصدمة:
كيف...؟
إبتسمت قائلة:
أنسيت أنى أنا العرافة، وأحمل بين يدي سحرا، يجعلنى افعل ماشئت، وأدرك أيضا الخفايا والأسرار،
لتقترب منه واضعة يدها على قلبه قائلة:.

وبمجرد لمسى لقلبك هذا أدرك جيدا دواخله، ولم يكن ليسمح بقتلى أبدا.
إبتعد عنها قائلا بصرامة:
قلت لك أنا بلا قلب، ألا تفهمين؟
تبسمت قائلة:
وقلت لك هذا ما تظنه، ربما يوما ما ستكتشف أن لك قلبا تنبض خفقاته وبجنون أيضا،
لتختفى إبتسامتها وهي تقول:
المهم، ربما لا أستطيع قتل أختى ولكنى سأساعدك كي تتخلص من سحرها.
قال في أمل:
كيف؟
قالت بهدوء:.

عليك بالتسلل للقصر، وسرقة صولجانها وإخفاؤه بعيدا، جولنار دون صولجانها، لا حول لها ولا قوة.
إلتمعت عينا صخر قائلا:
حسنا جدا، سأفعل، وسأنهى سحرها بكل تأكيد.
كاد أن يغادر فإستوقفه صوتها قائلة:
عليك بالحذر، فهي مهمة شاقة وتكاد أن تكون مستحيلة.
إلتفت إليها قائلا بإبتسامة:
لا تقلقى سيدتى، فأنا لها، وداعا.
إختفى، ليظهر الحزن على وجه العرافة فجأة ورؤيا أخرى تتراءى لها الآن، لتقول بألم:.

بل إلى لقاء، إلى لقاء ليس ببعيد ياصخر، فلقد رأيت المستقبل وخاتمته، ويالها من نهاية.

إستطاع صخر ليلا التسلل إلى القصر بالتعاون مع بعض الرجال الذين أجرهم لمساعدته ثم الإستيلاء على الصولجان، أخفاه جيدا، ثم قام في الصباح الباكر بالهجوم على القصر مطالبا بأحقيته في ملك أبيه، حاول الحراس منعه، فلم يستطيعوا، فقد كان ذو بأس شديد ومعه مجموعة قوية من الرجال قد إستأجرهم ليساعدوه، وساعده أيضا مظفر وزير أبيه الأسبق والذي أخبره حين رآه أنه بحث عنه كثيرا ليدعمه في إسترداد ملكه ولكنه للأسف لم يجده إلا الآن، حتى وصل صخر إلى جناح الملكة التي إنتفضت مذعورة حين رأته ولكنها تمالكت نفسها قائلة بغضب:.

من أنت وبأي حق تدخل عنوة إلى مخدعى، ألا تدرى من أكون؟
إقترب منها صخر بقوة ثم مال عليها يقترب بوجهه منها قائلا بلهجة باردة كالثلج، حادة كالسكين:
بل أدرك جيدا من تكونين أيتها المشعوذة القاتلة، والتي سلبتنى أبى وحقى في الملك.
نظرت إليه في صدمة قائلة:
صخر.
إبتسم بسخرية قائلا:
نعم صخر، ولتحمدى الله أن قلبى مازال حيا وإلا لكان مصيرك الموت حالا بعد ان أغرس نصل سيفى هذا في قلبك.

ظهر الخوف على وجهها ولكنها قاومته وهي تبحث بعينيها عن صولجانها، لتزداد إبتسامة صخر الساخرة وهو يقول:
لقد إختفى الصولجان ومع إختفاؤه، إختفت قوتك، وليس هذا أسوأ ما قد يحدث لك على يدي، صدقينى.
إتسعت عيناها رعبا بينما يقول صخر بصرامة لأقرب رجاله إليه:
خذوها وإحبسوها في البرج، وشددوا الحراسة عليها، حتى أسترد مملكتى وأرى ماذا سأفعل بتلك المأفونة.

ظلت الساحرة جولنار تصرخ بقوة بينما يسحبها الرجل إلى خارج الغرفة، تأمل صخر مخدع أبيه بألم ظهر على ملامحه، ليقول لرجل آخر قريب منه:
تخلصوا من كل أثر لها في هذا المخدع وأغلقوه.
قال الرجل بدهشة:
ولماذا نغلقه ياسيدى، إنه مخدع الملك وأنت ولده، وأحق الناس به.
قال صخر بهمس حزين:
ما أنوى فعله سيدنس ذلك المخدع، وانا أبدا لن أقبل بذلك.
قال الرجل بحيرة:
ماذا قلت ياسيدى، لم أسمعك جيدا.
إلتفت إليه صخر قائلا بصرامة:.

نفذ فقط ما قلته لك.
ليحنى الرجل رأسه بإحترام قائلا:
حسنا يامولاي.
ليخرج صخر من المخدع متجها مع باقى الرجال للإستيلاء على القصر وإعلان توليه حكم مملكة الفيروز، وقد كان بالفعل.

بعض مرور عام
، كانت قمر تتوسل إلى زوج أمها قائلة:
لا ياعم قاسم، لا تبيع أثاث أمى، أتركه وشأنه.
ليقول قاسم بقسوة:
ومن أين نأكل إن تركته؟
قالت قمر:
إننى أعمل وأنت تعمل ونحصل على المال، خير من الله وفضل، لما نحتاج إذا لبيع الأثاث؟
قال قاسم بإستنكار:
هل جننتى يافتاة؟أتسمين ما نحصل عليه من فتات مال؟إننى أريد المزيد، حتى أستطيع أن أوسع تجارتى وأرتقى بين الجميع.
قالت قمر بأسى:.

أيجب ان تبيع أثاث أمى كي توسع تجارتك؟من الممكن ان تأخذ قرضا.
قال قاسم بسخرية:
ومن قد يقرضنى في تلك المدينة اللعينة؟الكل حاله من حالى ومن يستطيع إقراضى قمتى برفض الزواج من ولده، لذا لن يوافق على إقراضى المال أبدا.
قالت قمر بحنق:.

إن ولده مغرور، تافه، ويظن نفسه رجلا لا يقاوم، والله خسارة فيه هذا اللقب، فهو ليس برجل، إنه جبان وقد هزمته العام الماضى في المبارزة، وجعلته مزحة بين سكان المدينة، لذا هو يريد فقط الزواج بى، كي ينتقم منى ويذلنى.
قال قاسم في نفسه...

هل جنت تلك الفتاة، ألا تدرك جمالها الفتان؟، ربما أذلت قمر منتصر، ولكنه بالتأكيد إن أرادها زوجة فلجمالها الفاتن أولا، ولا بأس ببعض الإنتقام، فهو يدرك خبث طباعه التي تشبه أباه كثيرا.
كاد ان يتفوه بكلمات أخرى، حين دلفت دليلة، زوجة قاسم قائلة:
أوووف، الطريق طويل وقد جئت سيرا على الأقدام،
لتنظر إلى زوجها قائلة بحنق:
يجب ان تبتاع لنا عربة، فقد تعبت.
قال قاسم:.

إن وافقت قمر على الزواج من منتصر سنبتاع عربتان وليس فقط عربة واحدة فسأطلب مهرا كبيرا لها.
نظرت زوجته إلى قمر قائلة بسخرية:
إذا لن يحدث فست الحسن والجمال تتمنع.
أشاحت قمر بوجهها عنها، فهي تدرك خبثها وغيرتها الشديدة منها، لتعود فتنظر إليها بدهشة حين قالت:
أتعلمون؟بمناسبة الحديث عن الزواج، فلقد تزوج الملك صخر اليوم بإبنة النبيل حسان.
قالت قمر بدهشة:
بتلك السرعة، إنها الزوجة الثامنة عشر في خلال عام واحد.

مطت دليلة شفتيها قائلة:
إنها آخر إبنة من أبناء النبلاء.
قالت قمر بحيرة:.

يحيرنى هذا الملك حقا، تختلف حياته كملك عن حياته الشخصية، فبعد ان نحى الملكة وأصبح هو ملكا وهو يحكم حقا بالعدل خاصة وهو يحرم النبلاء من كل ما منحتهم إياه جولنار ويعيده لخزانة المملكة، وقد عادت المدينة تزدهر على يديه، ببطي نعم، ولكنها افضل بالتأكيد مما كانت عليه بالماضى، يحتاج فقط بعض التغييرات التي قد تفيده، أما حياته الشخصية فتختلف كلية، يتزوج بفتاة من فتيات النبلاء، لليلة واحدة ثم يطلقها باليوم التالى، ألم يعجبه أيا من تلك الفتيات؟أم ربما ينتقم من النبلاء في بناتهن؟حقا لا ادرى.

قال قاسم بسخرية:
عقلك كبير ولكنك تستخدمينه بشكل خاطئ، فلتوافقى على الزواج من منتصر، وإستخدمى هذا العقل في سحب كل أمواله، ثم طلقيه، إفعلى مثل الملك يا قليلة الحظ.
نظرت إليه قمر بإستنكار قائلة:
انا أبدا لن افعل شيئا كهذا فأمى قد احسنت تربيتى، والآن وداعا فلدي عمل بالسوق،.

لتغادر في عجالة يتابعها كل من قاسم وزوجته دليلة بنظرات حانقة، يدركن أنها غبية بما يكفى لتفضل العمل على الزواج من غني يغمرها بالمال الذي يغنيها إلى الأبد، ويجعلهم بدورهم يعيشون في رغد.

13-03-2022 05:54 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [2]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية جلمود صخر
نوفيلا جلمود صخر للكاتبة شاهندة الفصل الثالث

دخل قاسم إلى المنزل ذات يوم، ينادى زوجته بأعلى صوته، لتحضر زوجته على الفور مهرولة تتبعها قمر التي جذب إنتباهها صوته العالى الملئ بالسعادة، ليقول قاسم ما إن رأى زوجته:
إنها البشرى يادليلة، إنها البشرى.
إنتقلت سعادته إليها وهي تقول بعيون تلمع:
هل وافقوا؟
قال قاسم بملامح تملؤها السعادة:
نعم وافقوا، والموعد في الغد، فهيا أسرعى وجهزى العروس.
لتعقد قمر حاجبيها قائلة بتوجس:
أي عروس تلك؟

تبادلوا النظرات فيما بينهما قبل أن يعودا لها بعيونهم، لتستطرد قائلة في جزع:
هل تقصداننى بكلماتكم؟هل نسيتما؟ألم أخبركما بأننى لن اتزوج من هذا المأفون منتصر، ألم تستمعا إلى كلماتى الرافضة وقرار لن أتراجع عنه؟
إقترب منها قاسم بملامح منبسطة وهو يقول:
نعم القرار إتخذتى يابنيتى.

إزداد إنعقاد حاجبيها وهي تدرك أن قاسم يمدحها لرفضها الزواج ممن كان يتمنى منها أن تقبل به زوجا، والأدهى أنه يناديها بنيتى، لتدرك أيضا أن خلف حالته تلك، ربما مصيبة أكبر بإنتظارها، دق قلبها خوفا وقاسم يستطرد قائلا:
لقد كنتى تنتظرين شرف أسمى من الزواج بإبن هذا التاجر، تنتظرين ان تكونى عروسا لأعظم رجل بالمملكة، ملك هذه المدينة وحاكمها، الملك صخر، لتصبحين أيتها الجميلة، ملكة لمملكة الفيروز.

تراجعت قمر للخلف في صدمة وقد أصابتها كلماته بالرعب، لتقول بصوت جزع:
هل ستزوجنى لهذا الملك الظالم والذي تزوج تسعة وثلاثون زوجة لم يحتفظ بواحدة منهن أبدا؟ رجل يتزوج بالفتاة ليلا ويطلقها باليوم التالى ثم يتركها لمصير تحيط به ظلمات الوحدة الأبدية دون شفقة أو رحمة.
قال قاسم بحدة:
الزواج قسمة ونصيب يافتاة، ربما لم يرتح لإحداهن، وربما سيرتاح لك انتى، وتصبحين زوجته الأربعون والأخيرة.
قالت قمر بحدة:.

ربما، لقد قلتها بنفسك، ربما، وربما لا، بل بالتأكيد لا، كلا، لن أرضى بهذا الملك زوجا، لقد تزوج ببنات النبلاء وتركهم كالخرقة البالية لا يستطيع اي رجل منهن إقتراب، كان ينتقم من النبلاء لإتباعهم الملك وخيانة أبيه، ورغم إعتراضى على إنتقامه الذي إختص به بناتهم ولم يخصهم به، ولكنى قد ألتمس له عذرا لما فعل، لكن يبدو ان الأمر أعجبه وعندما لم يبقى للنبلاء بنات ليتزوجهن، إلتف على بنات العامة، نعم، وما المانع؟، فالكل يسارع لتلبية رغبات الملك وعرض فتياتهم عليه، فالملك يغرقهم بالأموال، كما تريده ان يغرقك بها تماما، ولكن انا من ستكون ضحيتك ياقاسم، أنااا.

قال قاسم بقسوة:
كل ما تقولينه ترهات، لن تقدم ولن تؤخر في شئ، غدا زفافك، وهناك رجلان يبغيان الزواج منك، إما ان تتزوجى منتصر، أو تتزوجين الملك، إختارى يافتاة، ولكن إعلمى انك إن تزوجتى الملك سأكتب لك هذا المنزل فيصبح ملكك، فما سيمنحنى إياه الملك سيكفى لشراء خمسة بيوت، لذا سأترك لك بيت أمك إن أردتى، ففكرى جيدا قبل ان تختارى يا...
توقف لثانية ثم إستطرد بإبتسامة ساخرة:
ياعروس.

ليبتعد مغادرا تتابعه عيناها بحزن، لتقول دليلة بحنق:
حتى عندما يطرق السعد بابك، ترفضين أن تفتحى له، يالك من بومة شمطاء.
لتبتعد بدورها عائدة إلى المطبخ، أطرقت قمر برأسها في حزن، تفكر فيما يحدث لها وكيف سينتهى بها الحال عروسا لرجل لا تحبه، وقد كانت أحلامها ان تتزوج برجل تحبه ويحبها تماما كوالدتها ووالدها، فآلت أحلامها إلى زوال، فكرت في الهرب ولكن إلى أين ستذهب وتترك منزل والديها؟

لترفع عيناها تتأمل هذا المنزل الذي شهد على ذلك الحب الذي عاشته والدتها مع والدها والذي يحمل بين أركانه ذكريات طفولتها السعيدة أيضا، لتحسم قرارها، إن كانت سترغم على الزواج، فستتزوج الملك ولكن بشروطها، وأول تلك الشروط هو ان يعيد لها قاسم ملكية المنزل، قبل عرسها بالغد.

، دخل مظفر إلى قاعة الحكم فوجد الملك صخر جالسا في مكانه، يبدو شاردا حزينا، تنحنح مظفر، فتلاشى الحزن من ملامح صخر وحل محله الصقيع متجسدا على وجهها ونظراته التي وجهها إلى وزيره، هذا الذي إبتلع ريقه بصعوبه وهو يقول:
مولاي، لقد تم كل شئ وأقيمت التجهيزات من أجل عرسك بالغد.
قال صخر بصرامة:
هل منحتم الأب ما أراد؟
قال الوزير بحنق:
نعم ولكن هذا القاسم كان طماعا للغاية يامولاي.

قال صخر بإشارة من يده بلا مبالاة:
لا يهم، إمنحه ما يريد وزد عليه،
قال مظفر:
سنفعل سيدى، عرسا مباركا بإذن الله، بالإذن.

أشار له صخر بالإنصراف، لينصرف الوزير بينما عادت ملامح صخر يكسوها الحزن من جديد، لا يدرى إلى متى سيظل هكذا تعيسا لا يشعر بالفرح، حتى بعد حبسه الملكة الشريرة وبعد إنتقامه من النبلاء في بناتهم، لم يشفى إنتقامه روحه المعذبة، كل ما فعله إنتقامه أنه جعله موقنا من رأيه عن بنات حواء، يدرك بكل قوة، أن كلهن يبغين لذة المال والجسد، لا يهتممن بالروح أبدا، وكم روحه حبيسة، سجينة الماضى، تائهة، يدرك أنه بزواجه من الفتيات بالمدينة وتطليقهن باليوم التالى لا ينتقم من بنات حواء فقط، بل ينتقم من نفسه التي لم يعد يشعر منذ زمن بنقائها، لينفض أفكاره التي تحيطه بالظلام والحزن جانبا، إستعدادا لحفل زفافه على تلك الفتاة التي لا يعرف لها حتى الآن، إسما.

زفت قمر الزمان إلى القصر في موكب يليق بزوجة ملك مملكة الفيروز، وفي طريقها رفعت ذلك الستار والذي يحيط بهودجها تنظر إلى محيطها بحسرة، تستنشق آخر نسمات الحرية، أغروقت عيناها بدموع ظلت حبيسة مقلتيها وهي تغشى نظراتها لتحول بينها وبين تأمل طرقات المدينة، ربما لآخر مرة، تركت الستار ينسدل من جديد يخفى المدينة عنها، لتسقط دمعة واحدة على وجنتها أسرعت بمسحها، وعيونها يرتسم فيهم التصميم، تنوى أن تقاوم مصيرها الذي تحوم الظلمات من حوله، تنوى أن تستعيد حريتها، مهما كلفها الأمر...

جلست على السرير في ذلك الجناح الملكي، تنتظر زوجها الملك كما أخبرتها وصيفتها الملكية زمردة، كانت تفرك يديها، تتساءل في قلق عن ذلك الملك الذي أصبح بين ليلة وضحاها، زوجها، دون أن تحمل له أية مشاعر، تتوجس من كل ما عرفته عنه، فربما كان ملكا يحكم مملكته بطريقة أفضل من سابقته، ولكنه يظل غافلا عن اغلب مشاكل المملكة وأزماتها، فهو لم يحل أغلب مشاكل مدينته، والتي لا يعرف عنها شيئا، لأنه لم يعش داخل المملكة وفي قاعها ليدرك معاناة سكانها من حكم جائر، ظلوا تحت رايته لأعوام طويلة، ولكنه رغم ذلك يظل ملكا واعدا يحتاج إلى توجيه، فقط لو لم يجعلوها زوجة له، لو جعلوها مستشارة في الديوان مثلا، لربما إستطاعت مساعدته في إدارة شئون البلاد، ولكنها الآن تبغى مساعدة نفسها فقط، من مصير ينتظرها مع هذا الملك، خاصة مع كل ما عرفته عن حياته الشخصية والتي تحوم حولها الشبهات، فمن الواضح تماما، أنه زير نساء.

قاطع أفكارها صوت دخول الملك إلى الجناح، نهضت بسرعة وهي تطرق برأسها أرضا، لتظهر بكامل هيئتها الملائكية على الفور، توقف صخر فجأة وعيونه تقع على هذا الجمال الرائع، وتلك الهالة الملائكية التي تحيط بها، تمنى فقط لو رفعت رأسها ورأى عيونها لتكتمل الصورة لديه، إقترب منها بهدوء، ليتوقف أمامها تماما، إستنشق عبيرها الرائع، ليعقد حاجبيه بحيرة، يحاول أن يتذكر أين إستنشق تلك الرائحة المميزة من قبل فلم يستطع، قال بصوت هادئ:.

إرفعى وجهك يافتاة.

رفعت إليه وجهها، فتلاقت عيناه مع عينيها الرائعتين، تلك العينان كسماء صافية في يوم صيفي جميل، تجمدت سكناته وتسارعت دقات قلبه، وعيونه تجرى على ملامحها، التي تنطق بالرقة وتمتزج بالقوة والتحدى، نعم هناك تحدى يقبع في تلك العينان، وقوة تمتزج برقة ترسلها إليه نظراتها، إنه مزيج غريب من المشاعر تضمها تلك الفتاة التي أصبحت زوجته ليوم واحد، نعم هو يوم واحد، يجب أن لا ينسى هدفه، وهو الإنتقام من ** حواء والذي يذكره بالملكة الخائنة، تلك الساحرة الشريرة وباقى فتيات النبلاء الطامعين فيه، حتى فتيات العامة، كن يبغين جاهه وسلطانه لم تنظر إحداهن إلى قلبه بل فقط أردن جاهه وسلطانه وشبابه، لا غير.

، بينما تأملت قمر ملامح الملك الوسيمة بوجل، تشعر بأنها تعرفه، لقد رأته سابقا ولكن أين؟، وهي لم تقترب أبدا من القصر منذ عودة الملك وإستيلائه على الملك والسلطة وقبل ذلك كان خارج البلاد بينما تحكم جولنار المملكة، مهلا، ما هذا الذي تراه بداخل عينيه؟، هل هو حزن دفين، أم وحدة قاتلة تسكن نبضاته، تبا، مالها ومال نبضاته؟، هو فقط زوج إتخذته رغما عنها، هي فقط إختارت ان تستفيد من هذا الزواج الإجباري بحصولها على منزل والدتها الذي يضم كل ذكريات والديها، وذكريات طفولتها السعيدة قبل أن تتزوج والدتها قاسم، وياليتها ما فعلت...

، أفاقت من أفكارها على صوت الملك يقول في هدوء:
ما إسمك؟
قالت برقة:
قمر الزمان.
شعر صخر بأن هذا الإسم قد خلق لها، إقترب منها فتراجعت على الفور، عقد حاجبيه وهو يقول:
ما بالك؟هل تخشيننى؟
رفعت إليه عينان شعت القوة فيهما وهي تقول:
أنا لا أخشى إلا الله.
تسلل الإعجاب بها إلى قلبه، رغما عنه، ولكنه قاوم شعوره وهو يقول بسخرية:
إذا لماذا تبتعدين عني إن كنتى لا تخشيننى؟
إرتبكت نظراتها قائلة:.

لإننى أريد التحدث إليك وإقترابك منى يشعرنى بالتوتر.
تراجع خطوة للوراء قائلا بسخرية:
حسنا إبتعدت، هيا أخبرينى ما لديك، فتلك هي المرة الأولى التي تبغى إحداكن معى حديثا.
تجاهلت قمر سخريته من بنى **ها قائلة بهدوء:
لقد أردت أن أطلب منك شيئا، وأرجوا منك أن تمنحنى إياه.

عقد حاجبيه يشعر بالغضب بداخله، أتتشابه مع بقية الفتيات؟، بالطبع نعم، هل كان ليه شك في هذا؟، كيف وهو يعلم أن كلهن طامعات، نفوسهن جشعة، يبغين منه شيئا ما، هل خدعته ملامحها البريئة فأربكت معتقداته؟أو ربما سحرته؟لينفض سحرها على الفور، قائلا في برود:
إطلبى ما شئتى فهو لك، ولكن أسرعى فليس لدي صبر، وأنتى تضيعين وقتى في الحديث.
تجاهلت قمر مرة أخرى كلماته وبروده وهي تنظر إلى عينيه مباشرة، قائلة:.

أريد فرصة، وقت تمنحنى إياه قبل أن، أقصد وقتا ل...
صمتت خجلة فأدرك ما تريده، فشعر بالحيرة بداخله فقد فاجأته تلك الفتاة بطلبها الغريب ذاك، فلم يقابل فتاة قد قاومت وسامته ورفضته قبلها، عقد حاجبيه قائلا ببرود:
طلبك مرفوض، فلا وقت لدي لتلك الألاعيب.
نظرت إليه بدهشة قائلة:
أية ألاعيب تلك؟، هي فقط طبيعتى التي ترفض الإستسلام لشخص لا أحبه، يجب أن أمنحك قلبى قبل ان أمنحك جسدى، هكذا أنا ولن أتغير.

إقترب منها صخر يمسك ذراعها قائلا بقسوة:
أفيقى من اوهامك الحمقاء تلك فلا وجود للحب، هو خرافة، ولا وقت لدي لأثبت لك ذلك.
قالت قمر بقوة:
لا، الحب موجود، هو ليس أبدا بخرافة، وإن كنت لم تعشه سابقا، فهذا لا يثبت عدم وجوده.
هزها صخر قائلا بحدة:
قلت لك أنه شئ خرافي لا وجود له، فإصمتى، ودعينا من تلك الترهات، فلن أوافق أبدا.

أحست قمر باليأس ينتابها، تضعفها خيبة الأمل، حتى وقعت عيناها فجأة على صدر الملك حيث تقبع قلادته لتتتسع عيناها بدهشة لثوان، ثم نظرت إلى وجه الملك بحيرة، تجرى عيناها على ملامحه، نعم، لهذا يبدو مألوفا لديها، تعجبت بداخلها، لقد ساعدت ملكا دون ان تدرى، لتلمع عيناها وهي تتذكر كلماته في هذا الوقت، لتقول بإنتصار:
بل ستقبل، إنه وعدك لى الذي آن لك أن تفى به.

تركها وهو يبتعد خطوة إلى الوراء عاقدا حاجبيه بحيرة قائلا:
أي وعد هذا، عن أي هراء تتحدثين؟
إقتربت هي منه وسط دهشته، لتمد يدها وتمسك قلادته قائلة:
يوم أن أردت إهدائى تلك القلادة ردا لمعروف فعلته لوجه الله، وعندما رفضت، أخبرتنى أن لى دين في رقبتك سترده لى يوما، وقد حان هذا اليوم.
نظر إليها صخر بدهشة قائلا:
هل كانت تلك الفتاة هي أنت؟

اومأت برأسها في صمت، ليتأملها الملك مجددا يدرك الشبه الآن، كيف غاب عنه امر تلك الفتاة وكيف نسي ان يبحث عنها ويكافأها وقد أنقذت حياته في ذلك اليوم ليقسم على رد الدين لها عندما يجدها، وها هو قد وجدها ولكن ما تريده كرد للدين يكاد يكون مستحيلا، فلقد صمم منذ اليوم الأول لزواجه أن يكون زواجه ليوم واحد حتى لا يقع تحت سحر إحداهن، وتلك الفتاة بالتأكيد تملك سحرا يخلب الألباب، لذا قال بهدوء:.

شكرا لك على إنقاذ حياتى وقد وعدتك فعلا برد الدين وأنا عند وعدى لك ولكن إطلبى شيئا آخر، فطلبك مستحيل.
نظرت إلى عيونه بقوة تقول بحزم:
وأنا لا أريد شيئا سوى أن تمنحنى فترة بسيطة، أتعرف فيها إليك وإن لم أحبك في تلك الفترة سأمنحك نفسى ولينتهى الأمر.

نظر إليها مليا للحظات، يدرك أن الحب لا وجود له، وأن كل هذا مضيعة للوقت ولكن بما أنها مصرة على طلبها، حسنا فليفعل، وسيقاوم سحرها بقلب قد من صخر وأحيط بجلمود، لذا قال ببرود:
أمامك شهر من الآن، وعند إنتهاء الشهر سينتهى معه هذا الزواج، إتفقنا.
شعت عيون قمر بفرحة طاغية وهي تقول:
إتفقنا.
نظر إلى جمالها الذي شع بسعادتها قائلا ببرود:
لا تسعدى كثيرا فما تظنينه نعمة من السماء قد يتحول إلى لعنة ونقمة على صاحبها،.

ثم نظر إليها نظرة أخيرة متحدية قابلته بمثيلتها قبل أن يتركها مغادرا بعد تلك الكلمات، لتبتسم قائلة بهدوء:
اللعنة ستصيبك أنت إن لم تحترس يامولاي.

13-03-2022 05:56 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [3]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية جلمود صخر
نوفيلا جلمود صخر للكاتبة شاهندة الفصل الرابع


�ان صخر يزرع الحجرة جيئة وذهابا يشعر بالغيظ يأكل قلبه ويشعل فيه النيران، لم يسبق لإمرأة أن تمنعت عنه، وقاومته هكذا كتلك القمر التي يذهب إليها كل ليلة، يبغى قربها، وإتمام زواجهما، لترفضه مدعية أنها تحتاج مجددا لبعض الوقت كي تتعرف عليه وتحمل له في قلبها بعض المشاعر، ليتساءل في غضب، كيف ستتعرف عليه وهي تحبس نفسها في حجرتها طوال الوقت؟، لا تخرج منها أبدا، ولا يراها طوال النهار سوى بضع دقائق، يلمحها فيهم فقط تقف في شرفتها تنظر إلى السماء بشرود، تتمايل خصلاتها الشقراء بنعومة وتتطاير مع النسمات، ليقع تحت سحر جمالها ورقتها للحظات، ثم ينفض عنه السحر بسرعة، مذكرا نفسه بأن النساء الجميلات لعنات، خائنات، طامعات، ليقسو قلبه مجددا وهو يشيح عنها بنظره، مانحا شرفتها ظهره ومغلقا عنها وجدانه الذي أصابته بالإرتباك، ليقرر كل يوم أن ينتهى منها ويتمم زواجه بها ليطلقها باليوم التالى كما إعتاد أن يفعل، لينتهى إلى الأبد من تلك الترهات، فيضعف أمام كلماتها التي تطالبه بالصبر والتأنى، تذكره بوعده لها الذي قطعه على نفسه، تبا لهذا الوعد الذي يحول بينه وبين تحقيق مأربه، يمنعه من الوصول لها والإنتهاء من الأمر، يشعر بأنه يضعف معها رويدا رويدا يرق قلبه لها،.

ليقرر اليوم قرارا حاسما لا رجعة فيه، عليه ان ينتهى من إتمام الزواج اليوم، حتى لو كان هذا رغما عنها، نعم، هذا ما سوف يفعله تماما.

إرتسم على وجهه التصميم، وحلت القسوة في عينيه وهو يتجه بخطوات واسعة بإتجاه جناحها، ليفتح بابه بقوة ويدخل إلى الجناح، إنتفضت قمر الزمان، ونهضت تنظر إليه بوجل، تلاحظ تغير ملامحه الباردة والتي يواجهها دائما بها، ليظهر على وجهه أعتى عواصف الغضب، إقترب منها بسرعة لتتراجع بضع خطوات رغما عنها خوفا حتى شعرت بالحائط الصلب خلفها لتتوقف، تنظر إليه بنظرات متسائلة وجلة، توقف بدوره يطالعها بعينين قاسيتين أدركت أن صاحبهما لن يترفق بها، لتدعمه كلماته الصارمة وهو يقول بحدة:.

ألن تنتهى تلك المسرحية الهزلية، ألن ننتهى من هذا الهراء؟، لقد مللت حقا.
إبتلعت ريقها بصعوبة، تمرر لسانها على شفتيها الجافتين، ثم تقول بإرتباك:
ما الذي تقصده يامولاي؟
رغما عنه تاه صخر بين ثنايا ثغرها الكرزي في شرود، ليرفع عيناه بصعوبة عنه ويقابل عيني قمر الوجلتين، ليفيق من شروده في ثغرها الساحر، وهو يقول ببرود:
زواجنا، تلك المسرحية الهزلية التي طالت دون داع، فلننتهى منه ونكمل حياتنا.

تأملت ملامحه لثوان في صمت ثم قالت ببرود:
حسنا، فليكن.
عقد حاجبيه وهو يتراجع للوراء خطوة واحدة في صدمة ظهرت على ملامحه، قبل أن يتمالك نفسه بسرعة قائلا:
توافقين بتلك السهولة؟لابد وأن في الأمر شئ غامض، أو ربما تريدين شيئا بالمقابل؟
نظرت إلى عمق عينيه قائلة:
الدنيا لا تقوم على المصالح والمقايضات يامولاي، هناك بعض البشر يفعلون المعروف لوجه الله، لا يبغون عليه أجرا.

تذكر كلماتها التي قالتها له بالماضى، إحتار في أمرها، بالفعل وقتها لم تنتظر منه حتى كلمة شكر على معروفها، فهل هناك من البشر من هم مثلها حقا؟تذكر هذا الشيخ العجوز الذي آواه دون مقابل، بل كان لوجه الله أيضا، هذا الرجل الذي أحسن إليه حتى توفاه الله، شعر بقلبه يلين، ليرفض لين القلب الذي يضعفه، قائلا بسخرية:
أتطلقين على إتمام زواجنا معروفا؟إنه واجبك يافتاة، فبيننا عقد يلزمك بذلك.
قالت قمر بهدوء:.

نعم بيننا عقد، عقد بارد لا روح فيه، فإن أردت إتمامه فليكن، لن أبالى، فيبدو أننى لم و لن أكن لك مشاعر في يوم من الأيام على أية حال، فما سمعته عنك لا يشجعنى على الإطلاق.
عقد حاجبيه قائلا في غضب:
ما سمعتيه عني؟ماذا سمعتى وممن؟
نظرت إليه بقوة وهي تقول:.

سمعت أنك لا قلب لك، تسكن البرودة جنباتك، لا تهتم بشعبك، بل تهتم بروحك الفانية فقط، تعيش فقط كشهريار، بل تكاد تماثله إن قتلت زوجاتك ولم تطلقهن فحسب، يعيش سكان مدينتك الفقر المدقع، ويا أسفاه، تعيش أنت في ترف، ولا تبالى.
إنتفخت أوداج صخر من الغضب ليمسكها من ذراعها قائلا بصرامة:.

كيف تجرؤين على أن تقولى لى مثل هذه الكلمات؟هل جننتى أم أن صبرى عليك قد منحك أوهاما بأن عشقك قد ملك علي قلبى، لذا فلن أعاقبك، حسنا، سترين الآن عقابى الرادع لأمثالك من النساء، سأحبسك في هذا البرج العالى مع تلك الساحرة المأفونة ولن أبالى حقا كما تقولين.
أغروقت عيناها بالدموع رغما عنها، كاد صخر أن يرق لدموعها الحبيسة داخل مقلتيها، ولكنه قاوم ضعفه الذي إكتشف أنه يشعر به فقط بجوارها، ليقول لها ببرود:.

إبكى ولن أهتم وسترين ياقمر، جلمودى وثلجى اللذان سيحيطان بك يعذبانك حتى تستنجدين.

ثم تركها وفر هاربا من نظراتها التي تعاتبه، لتنظر قمر في إثره بحزن، تتأسف على ملك يصارع مشاعره، يدعى قسوة لا تليق به، تدرك أنه فقط لو ألان قلبه قليلا، ونظر إلى قاع مدينته الذي يعانى، فربما حل مشكلاته وأصبح أعدل حكام المدينة، ليشبه والده في عدله قبل أن يتزوج تلك الساحرة الشريرة والتي دمرت المدينة كلية، إقشعر بدنها، وقد تذكرت تهديد صخر لها بحبسها مع تلك الساحرة، لتنفض تلك الفكرة وهي تدرك أن الملك يطلق تهديداته فقط ولن ينفذها، فهل هي على حق، أم هي حقا واهمة؟، في الوقت الحالى هي مضطربة بالفعل، حائرة، ولا تدرى شيئا.

إقتربت الشمس أن تنهض من سباتها ليبزغ فجر جديد على المملكة، و كلمات قمر تدوى كالرعد في أذن صخر، تفقده السيطرة على نفسه كلية، يسأل نفسه، كيف تراه بهذا السوء؟ماذا فعل لها لتنعته بأنه لا قلب له ولا يهتم بشعبه، يعيش كشهريار، وبينما يعانى سكان مدينته، يعيش هو الترف ولا يبالى، بل إنه حقا يبالى، لقد أرجع الحقوق لأصحابها، ومنح الفقراء المال، ربما إنشغل قليلا عنهم بإعادة هيكلة ديوانه وإحاطة نفسه بمن يثق بهم حقا، والإنتقام ممن خانوا والده، وربما إنجرف قليلا في إنتقامه ليمتد إلى ** حواء بوجه عام، ولكنه لم يجبر إحداهن أبدا على الزواج منه، هو فقط يتزوجهن ويطلقهن في اليوم التالى ويشترط على آبائهن أن لا يتزوجن بعده وإلا سجنوا للأبد أو قتلوا، وبهذا تظل الفتاة عالقة في شباكه، وحيدة، للأبد، جزاء لها على طمعها وجشع أبيها، ورغم شروطه التي يفرضها، كان يجد الجميع مرحبا، عارضا فتياته للزواج من الملك، طامعين في المال والسلطة، لم يجد منهن من قاومت جشعها ورفضت عرض الملك، حتى يأس تماما، يدرك أن كل فتيات حواء سيئات، ولكن تلك القمر مميزة حقا ورغم طول لسانها إلا أنه لا يستطيع أن ينكر أنها ساحرة، تملك الجمال والعقل في مزيج خطير، من الأفضل أن يبتعد عنها كلية، ربما عليه أن يطلق سراحها، فهي إن أصبحت زوجته حقا ام لا، وفي كل الأحوال ستشكل خطر على سلامة قلبه، خطر يهدد بإذابة جليده، وهو لا يريد لهذا الجليد أن يزول عن قلبه، حتى لا يستطيع أحد أن يصل إليه ويجرحه جرحا قد يقتله، لذا عاد مجددا إلى جناح قمر، ليخبرها بما قرر فعله، لينتهى من هذا الأمر وبسرعة...

دخل صخر الجناح فلم يجدها، عقد حاجبيه بحيرة، وهو يمر بعينيه في أرجاء جناحها ليلمح ظلا عند الشرفة إقترب بسرعة ليرى لصا متخفيا بعبائته ينزل من الشرفة بخفة، كاد أن يصرخ في الحراس ليمسكوا به، ليلمح خصلات ذهبية تتدلى من خارج العباءة عرف صاحبتها على الفور، أصابته الصدمة لثوان وهو يدرك أنها هي، يتساءل في صمت عن سر تسللها لخارج القصر، لينتابه الغضب وقد أصابته الظنون، يدرك أن في تمنعها عنه سرا إكتشفه الآن فقط، قمر تحب رجلا آخر تتسلل لتراه، أصابته الحقيقة بغصة، ولكنه نفض عن قلبه هذا الألم، تقسو عيناه وهو يتبعها على الفور، ينوى أن يعرف هذا العشيق المجهول، ثم يقتلهما سويا، ويشفى غليله، ممن يدرك الآن أنها جرحت قلبه وبقسوة.

كان صخر يتبع زوجته في طرقات المدينة بوجه جامد الملامح، لم يرق أبدا رغم أنها وحتى الآن لم تفعل ما يوجب عقابها، على العكس تماما، فكل ما تفعله منذ أن غادرت جدران القصر هو مساعدة كل من صادف وجوده في طريقها، فقد ساعدت طفلة في تنظيف دميتها التي وقعت في الطين وإتسخت بشدة ثم ساعدت طفل بإحضار كرته التي علقت بين أغصان الشجر حين قذفها عاليا فتسلقت الشجرة بمهارة ثم أحضرتها له لترتسم إبتسامة سعيدة على شفتي ذلك الطفل، ونقلت مع هذا العجوز ذلك الصندوق الثقيل من عربته إلى محله الصغير، وساعدت تلك المرأة في حمل قوارير الماء التي كانت تحملها ولثقلها وقعت منها واحدة فإنكسرت فحينها عرضت عليها قمر المساعدة وقبلت المرأة بإمتنان، ليتعجب من تلك الفتاة التي خرجت من قصر ملئ بالخدم لتتنقل فقط بين طرقات المدينة تبحث عن من يحتاج لمساعدتها فتسرع بالمساعدة دون تردد...

حتى توقفت عند أحد المنازل لتتلفت يمينا ويسارا قبل أن تطرق الباب طرقتين متتاليتين ثم تدخل بهدوء ليعقد صخر حاجبيه في قسوة، يدرك أنه على وشك كشف خيانتها، ليقترب صخر من المنزل بعد أن دخلته قمر، ويستل خنجره من مغمده، قبل أن يتسلل إلى المنزل من خلال نافذته المفتوحة، ليتوقف متجمدا وهو يرى قمر وقد تخلت عن عبائتها وقناعها، وتطعم سيدة عجوز عمياء كما يتضح من مظهرها، يستمع إلى صوت تلك السيدة وهي تقول بحب:.

أين كنتى يافتاتى العزيزة؟لقد إفتقدتك حقا.
قالت قمر برقة:
عذرا سيدتى، لم يمنعنى عنك سوى شئ يفوق إرادتى، ولكنى أعدك أننى لن أغيب مجددا، وإن غبت فسأبعث لك بمن يحل مكانى.
إبتسمت السيدة بطيبة قائلة:
لا يوجد من يستطيع أن يحل مكانك في قلبى يابنيتى، فلطالما شملتينى بعطفك وحنانك، لم أشعر بعد وفاة ولدى وإصابتى بالعمى بالإحتياج أو الوحدة أبدا، فقد كفيتنى شر المسألة وأحطينى برعايتك، بارك الله فيكى يافتاة.

إبتسمت قمر بحنان وهي تربت على يدها، بينما عقد صخر حاجبيه وهو يسمع ما فعلته زوجته مع تلك السيدة من خير لوجه الله فقط، ليتعجب من وجود إمرأة مثل قمر، تغير من أفكاره التي نسجها حول ** النساء، أفاق من أفكاره على صوت سعال تلك العجوز، فنهضت قمر بسرعة لتحضر الماء إليها لتتجمد وهي ترى صخر أمامها، يظهر على ملامحها الجزع، ليقترب صخر منهما وهو يمسك في طريقه بكوب من الماء رفع عنه غطاؤه ومده إلى تلك العجوز دون أن يحيد بنظراته عن قمر قائلا:.

تفضلى يا سيدتى.
أخذت العجوز كوب الماء من يده لتشرب منه ثم تناوله إياه قائلة:
ومن تكون يابني؟
قال بإبتسامة هادئة وهو مازال ينظر إلى قمر التي تمالكت نفسها وهي تقترب منهما بهدوء:
أنا زوج تلك الفتاة التي صمتت وكأن الطير يقف فوق رأسها.
قالت العجوز بترحاب:
أهلا بك يابني، لما لم تخبرينى ياقمر أنك تزوجتى وأنك أحضرتى زوجك معك؟
تنحنحت قمر تجلى صوتها قائلة:
إحمم، لإنه، أقصد أنى...
إتسعت إبتسامة صخر وهو يقول:.

لقد تزوجنا بسرعة ياسيدتى ولقد جئت للتو، كي أعيدها معى إلى المنزل، فأنا، إحمم، أخشى عليها من الطريق.
إبتسمت العجوز قائلة:
حسنا ستفعل يابني، فتاة مثل قمر، تحتاج إلى عنايتك وحمايتك وإهتمامك، لا أتحدث عن جمالها الخارجي لإننى لم أره رغم أنى أستشعره بالتأكيد، ولكننى أتحدث عن جمالها الداخلى، فقلبها من ذهب، لا بل هو ألماسة نادرة الوجود.

تأمل صخر ملامح قمر التي تخضبت بالخجل، لتزيدها جمالا في عينيه وهي تطرق برأسها أرضا هربا من نظراته التي تحيطها، ليقول بصوت ظهر فيه إعجابه:
أعلم ياسيدتى، أعلم، وأعدك أن أحافظ عليها.
رفعت إليه عيناها، لتتعلق بعينيه، تشعر هي بأنها تنجذب إليهما بشدة، ليقطع تواصل العيون ضحكات السيدة العجوز وهي تقول:
أين ذهبتما؟
أشاحت قمر بعينيها عن عينيه وهي تقول بهدوء لا يعكس إضطراب دقات خافقها:.

سنعود إلى المنزل سيدتى وسأراك لاحقا.
لتقترب منها وتمسك عبائتها تخرج منها صرة من المال تمنحها إياه قائلة:
إعتنى بنفسك.
ثم إحتضنتها برقة خلبت لبه، لتضمها العجوز قائلة بحنان:
بارك الله فيك يافتاة وأسعد قلبك مع زوجك ورزقكم الله الذرية الحسنة.

خرجت قمر من محيط ذراعيها وهي تشعر بالإضطراب يغمر كيانها، تحاول أن تتجنب النظر إلى صخر الذي إبتسم بهدوء وهو يلاحظ ماأصابها من خجل وإضطراب، ليسبقها إلى الخارج ينتظرها حتى لبست عبائتها، وخرجت إليه ليمد يده إليها ينظر تجاهها بثبات، يتحداها أن لا تمسك بيده، لتنظر إليه بهدوء وهي تمد يدها إليه لتتشابك الأيدى ويبدأ كل منهما السير في طريق العودة ولكن شتان مابين شعورهما في الذهاب وشعورهما الآن في الإياب.

إحتار صخر في تفسير مايشعر به الآن تجاه تلك الفتاة التي أربكت كيانه ومعتقداته بأكملها، إسترق النظر إليها ليجدها شاردة بدورها، لا يظهر من وجهها سوى عيناها، تختفى ملامحها خلف هذا اللثام الذي وضعته حول وجهها لا يبرز من ملامحها سوى تلك العينان، مرآة روحها التي تعكس الآن صفاءا لا مثيل له وطيبة تغزو قلبه، وقوة تهز كيانه، نعم إنها تختلف عن باقى الفتيات اللاتى تزوجهن، فهل يفتح قلبه لها؟أم سيندم على هذا القرار الذي يبدو وأنه يتخذه في لحظة ضعف، فقلبه قد أحاطه بقسوة تحميه، وحوله إلى جلمود كي يبعد عنه الألم، فإن فتح قلبه سيلين مجددا وسيضعف وستستطيع تلك المرأة جرحه بسهولة، بل وقتله إن أرادت، وهذا ما لن يسمح به مطلقا، ليشيح بوجهه عنها، يبعد تلك الأفكار عن رأسه، فلن يسمح بتكرار ماحدث لأبيه حين سمح لضعفه أمام جمال جولنار أن يقتله، فليست كل النساء كوالدته رحمها الله، بل هن كجولنار تماما، يظهرن ضعيفات، رائعات، جميلات، ويمتلكن الطيبة والرقة كحمل وديع ثم يلدغن كأفعى سامة ويصبح مصير الرجال هو الموت، بلا هوادة...

بينما كانت تمشى قمر صامتة تبدو وكأنها تتأمل محيطها ولكنها كانت تبعد أفكارها عن هذا الذي يمشى إلى جوارها تتشابك يده مع يدها ربما لأول مرة منذ زواجهما، وياللعجب، فإنها لا تشعر بالغرابة من ذلك، بل تشعر وكأنها تفعل ذلك منذ حداثة عهدها، وكأن من يمشى بجوارها هو صديق طفولتها، أو من دمها وليس هذا الملك الذي تزوجته رغما عنها، تتساءل عما يفكر به الآن وهل يشعر بالألفة مثلها؟وماذا سيفعل بها بعد أن علم بتسللها من وراءه؟لتترجم أفكارها إلى كلمات وهي تلتفت إليه قائلة:.

هل من الممكن أن أعرف ماالذى ستفعله بى الآن؟
نظر إليها في جمود أربكها، فلم تكن نظراته إليها منذ قليل بمثل تلك البرودة قط، ليقول هو بهدوء:
ستعاقبين بالطبع، هل كنتى تظنين أنك ستفلتين من العقاب؟لمجرد أننا نمشى سويا...
ليرفع يده الممسكة بيدها مستطردا:
نمسك بأيدى بعضنا البعض كأصدقاء قدامى؟
نظرت إليه نظرة طويلة شعر في طياتها بخيبة أمل بعثرت كيانه وأشعرته بالذنب، لينفض ذلك الشعور جانبا وهي تقول بهدوء:.

لا، لم أكن لأتخيل ذلك، فلقد تزوجت من صخر، حقا يليق بك هذا الإسم تماما، هنيئا لك، فقد أصبحت إسما على مسمى،
عقد صخر حاجبيه قائلا:
ماذا تقصدين بتلك الترهات؟
إبتسمت بهدوء قائلة:
لا شئ، لم أقصد شيئا ياسيدى.
ثم أشارت إلى القصر قائلة بهدوء:
لقد وصلنا،.

تأمل حدود القصر ثم عاد بناظريه إليها ليلاحظ عبرات غشيت عينياها قبل أن تشيح بوجهها عنه، تخفى تلك العيون التي آلمته تلك النظرة التي كمنت بهم منذ برهة، لتبعثره الآن تلك الدموع القابعة بهما، يدرك وبكل قوة أنها تسللت إلى قلبه وأذابت جزءا من جلموده مع هذا الألم الذي يشعر به في جنباته، رغما عنه.



المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
رواية صغيرتي الحمقاء زهرة الصبار
39 7303 زهرة الصبار
رواية انتقام ثم عشق زهرة الصبار
38 4312 زهرة الصبار
رواية حبيب الروح زهرة الصبار
39 3354 زهرة الصبار
رواية لا ترحلي زهرة الصبار
36 3230 عبد القادر خليل
رواية أحببت فاطمة زهرة الصبار
74 3784 زهرة الصبار

الكلمات الدلالية
رواية ، جلمود ،


 





# فنون # مشاهير # صحة # منوعات # الأطفال # English # تفسير الأحلام ثقافة # قصص # سيارات Cars # صور # تقنيات # الاجهزة الالكترونية # المطبخ # كلام فى الحب # أبراج # رياضة # ازياء # حكم وأقوال تطوير الذات# خلفيات # صور بنات # مشاهير # ديكور # صباح الخير # مكتوب برقيات شهر رمضان # جمعة مباركة # حب رومانسية # عيد # ادعية # خلفيات كرتون # منوعات # موضة # الأم # أطفال # حيوانات # صور ورد # اكلات # New Year # مساء الخير # اللهم صلي علي النبي # القران الكريم # صور نكت # عيد ميلاد # اعلام # سيارات # تهنئة الخطوبة # حروف واسماء # الغاز # صور حزينة # فساتين # هدايا # خلفيات النادي الاهلي # تسريحات شعر # الاصدقاء # بوستات نجحت # خلفيات نادي الزمالك # حب رومانسية # تهنئه # ازياء # صور بنات # صوره وكلمه خلفيات # كرتون # بروفايل رمزيات # دينية # سيارات # مضحكة # أعلام # مسابقات # حيوانات # ديكور # أطفال # أكلات # حزينة صور شباب أولاد ر# صور # الطب و الصحة # مقالات عامه # CV المشاهير # وصفات الطبخ # العناية بالبشرة غرائب وعجائب # قصص روايات مواعظ # صور حيوانات # وصفات الحلويات # الرجيم والرشاقة # نكت مضحكة # صور خلفيات # العناية بالشعر # شروحات و تقنيات # videos # Apps & Games Free # موضة أناقة أزياء # سيارات # ديكور # رعاية الأطفال # نصائح المطبخ # موبايل جوال # الفوركس # التعليم والمدارس # الحمل و الولادة # اخبار الرياضه # وظائف # صحة المرأة # حوادث # صور بنات # صور اطفال # مكياج و تجميل # عناوين بنوك شركات محلات مطاعم # العاب الغاز # عيد # كلمات الاغانى # اشغال فنيه واعمال يدويه # مصر # أشعار خواطر # للنساء فقط # للرجال فقط # صور شباب # علاج النحافه # رسائل SMS # أكلات نباتية - Vegetarian food # برامج الكمبيوتر # المراهقة # جمعة مباركة # blogger # رعب # لعنة العشق # حب # اسلامية # قاسي ولكن أحبني # أحفاد أشرار الحرب لأجلك سلام # أسمى معاني الغرام # حقيقية # لقد كنت لعبة في يده # ملهمة # أباطرة العشق # عربية # حب خاطئ # لست مميزاً # من الجاني # مشاهير # راقصة الحانة # اغتصاب طفلة # عاشقان يجمعهم القدر # الطريق الصعب # خيال علمي # أشواك الحب # تاريخ # سجينة ثوب الرجال # لروحك عطر لا ينسى # أطفال # عشق وانتقام # لازلت أتنفسك # لقاؤنا صدفة # للحب معان أخرى # خاتم سليمان # ممن أنتقم # نجاح # أبواب وهمية # حلمى فى صفيحة قمامة # فيلم # مجنون بحبك # بين شباكها # حزينه # رحلات جوليفر # عذاب قسوته # عندما ينادي الشيطان # لعنة حبك # مريم وامير # هدوء في قلب العاصفة # الحاسة السادسة # المشعوذة الصغيرة # عباقرة # لوعة العشق # حروب # قدر بالإجبار # بنات مضحكه# فوركس Forex# صحتك # الصور والخلفيات # الطبخ والحلويات # منوعات # اخبار الفن # القصص و الروايات الألعاب الرياضية # الحياة الزوجية # أزياء وملابس # الأم و الطفل # دراسات لغات # افكار منزلية # انترنت تكنولوجيا # صفات الابراج # حيوانات ونباتات # تفسير الاحلام # معانى الاسماء # خواطر و اشعار # الكون والفضاء اجمل نكته# Mix # Forex # youtube # foods # Kids # Health education # stories # News # kitchen # woman # Famous # Sport # Animals

-------

الساعة الآن 07:24 مساء