أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في منتدى جنتنا، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .

المنتدى للقرائه فقط -- للمشاركه انتقل الى منتديات جنتنا الجديده -forums.janatna.com





رواية غرامة غدر

كانت عودته بمثابة عودة إلى جحيم الماضى ولكنه لم يعد كما كان قبل الرحيل،فلقد تخطى خيبات الامل وتجاوز حُرقة القلب وصار صلد ..



01-03-2022 01:22 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [10]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية غرامة غدر
رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل الحادي عشر

كان يبحث عن صغيرته فى تلك الحديقة الكبيرة، يدرك كم باتت تعشقها تماماً مثله حين كان صغيرا وحتى الآن لم يزل عشقها يسرى فى دمه وكأنه لم يفارقها يوما، عقد حاجبيه وصور ل(قمر) معه فى هذا المكان تطل أمامه، ينفضها بقوة وهو يرفض ماأراد قلبه ان يقوله له. هي جزء من ماضيه وحاضره ومستقبله كتلك المزرعة تماما. مازال عاشقا لها رغم كل شيء.

لقد ظن أنه تجاوز عشقها ونسي مشاعره تجاهها، ظن أنه داوى جُرحه الغائر وأنه مضى إلى سلام بعد ضربة غدر أصابته بالصميم، ربما قلبه خائن مثلها لم يزل باق على العشق ضد إرادته ولكنه بالتأكيد لن يسامحها فقد بترت خيانتها ذراعيه فلم يعد قادرا على مسامحتها و عناق عشقها مجددا، وقد تربض فى الفؤاد جمرة عشق ساكنة ولكنها بالتأكيد لن تشتعل جِراء وجودها جواره. فسيحرص على أن يلقى عليها مايُخمد جُذوة نيرانها.

وجد فتاته تجلس على كرسي بالحديقة وإلى جوارها جلس ابن غريمه، مجددا تعصى اوامره وتُجبره على تعنيفها. تقدم بإتجاههما بخطوات غاضبة وماإن أصبح خلفهما تخفيه شجرة صغيرة حتى توقف متجمدا وهو يستمع إلى كلمات صغيرته التى تقول بحنق:
-بس انا زعلانة من بابي عشان مش عايزنى ألعب معاك وأنا بحب ألعب معاك وبحب كمان أزرع معاك، انت كمان زعلان منه مش كدة ياتيام؟وبتكرهه عشان بيزعقلك؟
هز(تيام)رأسه نافيا وهو يقول بهدوء:.

-زعلان منه أكيد لإنى مش شايف إنى وحش للدرجة دى عشان يرفض إنك تلعبى معايا لكن عمرى ماكرهته، هو مش وحش. انا ساعات أجى الجنينة عندكم وأقف أراقبكم من بعيد، وبشوف بيعاملك إزاي ياشمس. هو حنين معاكِ بيكلمك وبيضحكك، أنا بابا عمره ماعمل كدة معايا عمره اصلا مااتكلم معايا ولا ضحك فى وشى حتى ولما كنت بغلط كان...
صمت وقد غصت حلقه الكلمات فقالت(شمس):
-كان بيعمل ايه؟

عقد (أكرم)حاجبيه بقوة يرى إرتعاشة يد الصبي ثم قبضته التى ضمها بشدة ليدرك جيدا ماكان يفعله هذا الحقير بطفل صغير، فقد كان زوج والدته يضربه بدوره فى كل وقت يحلو له، ولقد تحمله دوما مُظهرا له صلابة لم يشعر بها حقا حتى توفيت والدته واخذته عمته (فاطمة)ليعيش معها بعد ان رأت العلامات على جسده حين حضرت عزاء زوجة اخيها، لترحمه من هذا النذل الذى لطالما أذاقه الويلات، أما (تيام)فقد رُحم بدوره حين سُلبت روح والده فى حادث. انها رحمة الله بكل تأكيد.

أفاق على صوت (تيام)الذى استشعر فيه نبرة ألم وهو يقول:
-مش مهم كان بيعمل إيه، المهم إن باباكِ مش وحش هو بس محبنيش.
قالت(شمس):
-ومبيحبش طنط قمر كمان، بيزعقلها كتير وأنا بزعل لإنى بحبها.
عقد(تيام)حاجبيه وهو ينهض قائلا فى غضب:
-عشان كدة بتعيط كل يوم قبل ماتنام ولما بسألها عن السبب بتقولى إن تيتة رجاء وحشاها، بس اكيد السبب عمايل باباكِ.

تدخل (اكرم)فى تلك اللحظة يرفض أنين قلبه الذى غص لإدراكه انها تنام باكية كل ليلة بسببه، ظهر أمامهما فنهضت(شمس)تطالعه بترقب بينما طالعها هو بهدوء قائلا:
-يلا ياشمس عشان هنروح لعم فاضل.
لم يصرخ بوجهها غاضبا. حسنا. لانت ملامحها المترقبة، بينما تقول ل(تيام)متحدية:
-هشوفك بكرة ياتيام، سلام.

كاد (أكرم)ان يبتسم لجملتها المتحدية لأوامره لكنه حافظ على ملامحه ثابتة وهي تسير أمامه، ليرمق (تيام)الذى طالعه بغضب بينما لانت عينا(أكرم)وابتعد عنهما كل غضب يهز رأسه بهدوء محييا قبل ان يلحق بطفلته، عقد(تيام)حاجبيه بحيرة وقد توقع ان يسمع كلمات (أكرم)الغاضبة فلم يجد سوى صمت اقترن بتحية بسيطة ونظرة إعتذار إحتار فى أمرها.
زفرت بقوة وهي تتوقف عن تنظيف المدفأة قائلة لطفلها:.

-مفيش فايدة الظاهر المشكلة مش فى تنضيفها، انا هخلى سعاد تكلم كامل جوزها ييجى يشوف فيها إيه.
سعل (تيام)بقوة فنهضت (قمر)على الفور، تمسح يدها فى تلك المنشفة التى تضعها على كتفها ثم تسرع وتحضر البخاخة الخاصة به من على الطاولة، تمنحه إياها فأخذ نفسا عميقا منها فعاد بعض اللون إلى بشرته الشاحبة، فقالت(قمر)بقلق:
-قلتلك دايما خليها فى جيبك ياتيام. المهم. انت مش هينفع تبات هنا الليلة دى، مش هتستحمل البرودة.

رن هاتفها فى تلك اللحظة فأجابته على الفور وهي ترى رقم صديقتها (أمنية)التى قالت:
-مساء الخير على اللى مبتسألش.
قالت(قمر)بأسف:
-معلش والله ياأمنية، بيطلع عينى طول النهار ويادوبك أروح أعشى تيام وأروح فى سابع نومة.
قالت (أمنية)فى شفقة:
-ياقلبى ياقمر. طب إيه رأيك تجينى دلوقتى. صادق مسافر فى شغل يومين، تعالى باتى معانا انتى وتيام أنا عازماكِ على حاجة بتحبيها.

قالت(قمر)التى شعرت بجوعها فقط الآن عند الحديث عن الطعام:
-متقوليش انك عاملة محشى.
قالت(أمنية):
-بجميع أنواعه ومعاه دكر بط محترم كمان.
سال لعاب (قمر)التى قالت:
-كدة كتير على فكرة محشى وبط من ايدك أنا جاية علطول إستنينى.
إبتسمت( أمنية)قائلة بحنان:
-متتأخريش ياعسل.
ثم أغلقت الهاتف، فنظرت (قمر)إلى (تيام)الذى يطالعها بلهفة قائلة:
-ربنا مابينساش حد. فُرجت ياتيمو وهنبات فى الدفا عند طنط أمنية وسارة.

لتعلو ملامح (تيام)إبتسامة سعيدة.
قالت (هند)وهي تطالعه بإعجاب ظهر فى نظراتها:
-بس انت إتغيرت كتير ياأكرم.
قال (أكرم)بإبتسامة هادئة:
-قصدك فى الشكل ولا الطبع؟
أشارت بإصبعيها السبابة والوسطى قائلة:
-الاتنين، السنين زودتك وسامة بصراحة أما الطبع فبقيت هادى كدة وراسى وتقيل زي رشدى أباظة بالظبط.
ضحك (أكرم) وهو يهز رأسه قائلا:
-انتى كمان لسة طاقة زي ماانتى متغيرتيش.
قالت(هند)بإبتسامة مرحة:.

-وأتغير ليه؟الناس بتحبنى كدة.
كاد أن يُعلق ولكن دخول والدها الردهة يمسك يد (شمس) قاطعه، ليقول(فاضل) بملامح بشوشة:
-كنها أكرم الصغير صوح. عتحب الزرع والفلاحين وعتعرف عنهم كاتير، ما اللى أبوها أكرم الصياد لازمن هتبجى باشمهندسة كد الدنيا.
قالت(شمس)ببراءة:
-هبقى فلاحة ياجدى مش مهندسة.

قهقه كل من (أكرم)و(فاضل)بينما إكتفت (هند)بإبتسامة مجاملة تخفى بها حنقها من والدها لمقاطعته حديثها مع( أكرم) بهذا الحديث السخيف عن إبنته، بينما قال (اكرم):
-عم فاضل يقصد مهندسة زراعية ياشموسة مش مهندسة بس.
هزت (شمس)رأسها بإبتسامة قائلة:
-إذا كان كدة ماشى.
بينما قال (فاضل):
-بس برافو عليك ياأكرم. نجحت فى اللى مجدرتش انجح فيه وأعلج بتي بأرضها. خليت بتك تحب الأرض وتعشجها عشج.
قالت(شمس):.

-بس بابي مش اللى حببنى فى الأرض والزرع، تيام هو اللى عمل كدة.
طالع (فاضل)(أكرم)الذى تغيرت ملامحه، ليقول بإبتسامة:
-تيام ولد زين وطالع كيف أمه. طيب وخدوم وعيخطف العجل والروح خطف.
قالت(هند) بملل:
-مش قوى كدة يعنى.
قال(أكرم)محاولا أن يتجنب الحديث فى ذلك الموضوع:
-وانتِ ياهند ناوية على إيه بقى؟
إبتسمت (هند)وكادت أن تقول شيئا ولكن قاطعها والدها قائلا:.

-هتكون ناوية على إيه إياك؟هتتجوز إبن عمها وتستجر إهنه بجى. تبنى عيلة زي خواتها الكبار.
نهضت(هند)قائلة بعصبية:
-أنا مش زي إخواتى ومستحيل هتجوز عبد الله إبن عمى حسين يابابا، انا طموحى أكبر من الجواز والاستقرار وان كان ولابد يبقى هتجوز اللى أختاره.
رمقها (فاضل)بإستنكار بينما قال(أكرم) موجها حديثه لطفلته:
-روحى ياشموسة إلعبى فى الجنينة برة.
إنطلقت (شمس)مغادرة على الفور بينما وجه (اكرم)حديثه ل(هند)قائلا:.

-وهو عبد الله ابن عمك ماله ياهند؟
قال(فاضل):
-أهو جالهالك أهه!فيه إيه عبد الله عشان ترفضيه يابت زينب؟
قالت(هند)بعصبية:
-مفيهوش. عبد الله على عينى وراسى بس مبحبوش ومش ممكن أحبه فى يوم من الأيام.
قال(فاضل):
-وه. حب إيه ومسخرة إيه اللى عتجولي عليها دى؟الحب بياجى بعد الجواز.
قالت بتحدى:
-واشمعنى مكنتش بتقول كدة على أكرم وقمر.
عقد (فاضل)حاجبيه، بينما تجهمت ملامح(أكرم)فأسرعت (هند)تعتذر قائلة:.

-أنا آسفة يااكرم بس كلام بابا عصبنى.
كاد (فاضل)أن يتحدث وقد بدا غاضبا، فقاطعه(أكرم)قائلا:
-من فضلك ياعمى، سيبنى شوية مع هند وأنا هتفاهم معاها.
نقّل(فاضل)بصره بينهما قبل ان يهز رأسه بقلة حيلة ويغادر بخطوات حزينة يتابعه (أكرم)قبل أن يعود بناظريه إلى (هند)التى تطالعه بثبات.
إقترب(فاضل)من الطفلة الصغيرة التى جثت على ركبتيها أرضا تحفر بيدها حفرة عميقة بعض الشيئ، ليقول بدهشة:
-عتعملى إيه يابتى؟

طالعته بإرتباك قبل ان تنهض قائلة بخجل:
-أنا متعودتش اكدب وفى نفس الوقت مينفعش اقولك بعمل إيه عشان متزعلش.
مال يهمس لها بإبتسامة:
-جدعة يابتي اوعى تكدبى على حدا واصل، الكدب شين واللى عيكدب عيروح النار والعياذ بالله، بس جوليلى عتعملى إيه؟ وانى عوعدك معزعلش منيكى واصل.
قالت(شمس)بحزم:
-انت وعدتنى.
اتسعت إبتسامة (فاضل)وهو يهز رأسه، لتقول بهمس:.

-طنط قمر قالتلى لما حد يزعلنى ألم كل زعل قلبى وأحفر حفرة كبيرة وأرميه فيها وبعدين أقفل الحفرة وبكدة قلبى هينضف من تانى ويرجع أبيض فلة زي ماكان، وساعتها هلاقينى مش زعلانة من الحد ده وأكون مبسوطة تانى.
إبتسم(فاضل)قائلا:
-جمر دى زينة البنتة وكلامها حكم، طيبتها ملهاش مثيل بس ربك يصلحلها الحال ويسعد جلبها بسعده.
ليعقد حاجبيه فى حيرة قائلا:
-بس انتى زعلانة من مين ياشموسة؟اوعاكى تكونى زعلانة منى يابتي؟

هزت رأسها نفيا قائلا:
-لأ مش منك. أنا زعلانة من طنط هند، بابا قالى إنها بتحب الأطفال بس الظاهر إنه غلطان، من ساعة ما جيت وهي مش عايزانى أقعد وياها وكل شوية تخرجنى على الجنينة وخلت بابا كمان يعمل كدة.
قال(فاضل):
-متزعليش منيها، هي متجصدش. اكيد بس عاوزة تكلم بوكى فى موضوع مهم ومش عاوزاكِ تتضايجى او تملى.
هزت (شمس)كتفيها قائلا:.

-مش عارفة بس انا حاسة انها مبتحبنيش. عموما أنا كنت لسة هرمى زعلى منها فى الحفرة، تعالى انت كمان وارمى زعلك منها فى الحفرة معايا.
قال(فاضل)بدهشة:
-وعرفتى منين إنى زعلان منيها؟
قالت(شمس):
-من زعيقك ليها، بابا لما بيزعل منى بيعمل زيك بالظبط ويفضل يزعقلى.
قهقه (فاضل)قائلا:
-والله إنك حكاية ياشموسة، تعالى يابتي. تعالى نرمى زعلنا فى الحفرة يمكن نرتاح صوح.
قالت(شمس)بثقة:.

-هترتاح ياجدى، طنط قمر كلامها كله بيبقى صح.
إكتفى(فاضل)بإبتسامة وهو يدرك كم تعلقت الفتاة ب(قمر) وصار أمام قلب(أكرم)حاجز جديد يحول دون إنتقامه السخيف ذاك. إلى جانب حبه بالطبع.
قالت(هند)بعصبية:
-من فضلك ياأكرم ياريت نبطل كلام فى الموضوع ده عشان بيخنقنى، من رابع المستحيلات إنى أتجوز عبد الله. انت عمرك ماشفته، شبه بابا كدة وليه نفس العقلية.
عقد (أكرم)حاجبيه قائلا:.

-وهو ماله الحاج فاضل. أصيل وعقله يوزن بلد.
قالت (هند)بإرتباك:
-بابا راجل أصيل فعلا وأنا بحبه جدا وانت عارف، بس عقله صعيدى قوى والست بالنسبة له مش أكتر من زوجة وأم، تدخل البيت متخرجش منه غير على قبرها وأنا طموحى اكبر من كدة، انا عايزة أسافر أشتغل واتفسح. اكون حرة مش مربوطة ببيت وولاد وبس.
قال(أكرم):
-طب ماتقعدى معاه وتتفاهموا مش يمكن...
قاطعته قائلة:
-لأ طبعا، بقولك شبه بابا فى كل حاجة.

. يعنى التفاهم معاه شيء مستحيل، وبعدين كان ممكن أقعد معاه لو قلبى خالى بس قلبى مشغول بغيره وده سبب اكبر يخلينى أرفض الجوازة دى.
عقد(اكرم)حاجبيه قائلا:
-قلبك مشغول بغيره؟!مين اللى قلبك مشغول بيه ده؟!زميلك فى الدراسة مثلا أو أستاذك فى الجامعة؟
هزت رأسها نفيا، تقترب منه قائلة بثبات:
-لا ده ولا ده، اللى قلبى مشغول بيه وساكن فيه من زمان هو إنت ياأكرم.
لتتسع عيون أكرم فى صدمة.

01-03-2022 01:26 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [11]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية غرامة غدر
رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل الثاني عشر

نحن لا نختار من نحب ولكننا نجد أنفسنا عاشقين وحسب، وحين يجرحنا معشوقنا لا نستطيع كرهه مهما حاولنا، ندرك أنه قد خذلنا واجتث الربيع من قلوبنا وأرسل البرودة والصقيع بدلا منه. حطم الأمانى وأبدلها بخطوط اليأس وترك فقط ذكريات مؤلمة واطلال حب اندثر مع سكين الغدر والخيانة، ترك ذكريات تعتصر القلب بلهيب الألم.

ورغم كل ذلك حين يُذكر الحب لا نرى وجه آخر سوى وجه الحبيب. تتمثل صورته فى خيالنا مصحوبة بحروف إسمه وكأنها معزوفة ألم ترسخ فى وجدان آمن أن العشق هو هذا القلب، ولا قلب آخر سواه.
وقد ظهرت صورتها أمامه فجأة حين ذُكر الحب وتمثلت أمامه بنظرات عيونها العاشقة تنادى حروف إسمه بنغم فتطرب آذانه وتجعله هائما فى كينونتها، يود لو مد يده واحتضن صورتها ولكن عقله يرسل له التحذير بكل قسوة.
أفق من غفلتك أيها الأبله.

دعها ترحل عن مُخيلتك.
وأزِل ذلك الرابط بينها وبين العشق.
فالعشق بريئا منها وقد زرعت فى قلبك أكثر الجروح إيلاما.
حين طعنتك بغدرها وقتلت نبضات خافقك.
وجعلتك تُشيّع القلب الذى ماأذنب بشيء سوى أنه أحب وأخلص فى الحب.
أُطرق أبواب النسيان واعلن برائتك من العشق.
اطلق سراح قلبك فقد أرهقه الغدر وأنهكته الذكريات.

طالعها للحظات فى صدمة وارتباك، لم يكن يتخيل يوما أن تحمل له(هند)فى قلبها مشاعر حب، حاول ان ينفض صورة (قمر)التى اطلت بمخيلته وهي تعترف له بمشاعرها بالماضى ولكن شتان بين شعوره الآن وشعوره حين صارحته(قمر)بمشاعرها، فما حمل قلبه الآن سوى إرتباك صدمته بينما بالماضى كان يخفق بجنون ويقفز من السعادة وقد شعر أنه ملك الدنيا ومافيها، كم كان غِرا ساذجا يستأهل كل ماحدث له، افاق من أفكاره على صوتها وهي تقول:.

-أكرم رد علية، أنا واقفة قصادك بعترف ليك بمشاعري بكل صراحة.
طالعها للحظات أخرى قبل ان يقول بهدوء:
-بصراحة انتِ فاجأتينى، مكنتش اتصور أبدا ان ممكن يكون فى قلبك مشاعر ناحيتى.
عقدت حاجبيها قائلة:
-ليه بقى؟
هز كتفيه قائلا:
-مش هقولك عشان فرق السن اللى بينى بينك..
قاطعته قائلة:
-فرق ايه؟ده كل الموضوع عشر سنين.
رفع حاجبه قائلا:.

-بالظبط. ورغم ان العشر سنين بالنسبة لى فرق سن كبير لكنه ممكن بالنسبة لك ميكونش كبير وعشان كدة مش هخليه سبب يمنع وجود مشاعر زي دى، لكن انتِ عارفة انى واحد مرتبط ومش هيفيدك حاجة انك تحبى واحد قلبه مشغول بواحدة تانية.
طالعته بشك قائلة:
-بس اللى أعرفه انك مش مرتبط، مراتك ماتت من خمس سنين و..
إتسعت عيناها بصدمة وهى تقول:
-اوعى تكون بتقصد قمر؟!
طالعها بنظرة ذات مغزى لتعقد حاجبيها بشدة قائلة:.

-مش معقول، بعد كل السنين دى لسة بتحبها؟
قال بهدوء:
-قمر هتفضل اول حب فى حياتى وآخر حب.
قالت بدهشة:
-بعد ماإتخلت عنك زي ماقُلت لبابا.
قبض على يده بقوة يحاول أن يبدو لا مباليا، رغم إن تلك الكلمات يإنّ لها قلبه وقد لخصت النهاية لوهم الماضى، ليقول بصوت بدا طبيعيا:
-كان سوء تفاهم وأول ماعرفت الحقيقة رجعت عشانها.
طالعته بشك قائلة:
-ولما انت راجع عشانها، مشغلها عندك خدامة ليه زي مابابا بيقول.

لعن(أكرم)لسان والدها الزالف والذى أخبرها بكل شيء يجعل من الصعب عليه الفكاك من حصارها، ليقول بعد لحظة:
-هزار تقيل ممكن. أو عقاب بسيط على سوء التفاهم اللى حصل. مش مهم، المهم انى فعلا راجع عشانها وفى النهاية مشاعرك وعلى الرغم من انها بترضى غرورى كرجل لكنها بالتأكيد مش فى محلها وعشان كدة بنصحك تفكرى فى إبن عمك، من كلام باباكِ عنه أنا شايف انه أكتر من مناسب ليكِ وبعدين شوفيه الأول و قررى.

طالعته بحنق قائلة:
-بس انا مش عايزة أشوفه ولا...
قاطعها قائلا:
-قلتلك إديله فرصة وأوعدك مش هتندمى، انا هروح أقول لعمى فاضل حالا انك موافقة تقابليه وهعزمكم كلكم تقضوا يوم عندى فى المزرعة، إتفقنا؟
لم ينتظر ردها وإنما إنطلق مغادرا بسرعة، بينما تنظر هي فى إثره بغيظ قائلة بحقد:.

-وانا اللى قلت إن السكة فضيتلى، رجعتى تنطيلى فى الحكاية زي المصيبة وتاخديه منى تانى، بس مش عارفة ليه حاسة إن اكرم بيكدب علية، عموما هروح المزرعة بنفسى وأتأكد ولو صح إحساسى يبقى مش هسيبك غير ودبلتك فى إيدى الشمال ياأكرم، والمرة دى أنا اللى هفوز بقلبك و، إسمك.
لتبتسم بإنتصار وعيون تلمع فرحا.
قالت(قمر)فى رعب:.

-والله حرام عليكى ياشيخة، كل أما آجى أبات عندك تفرجينى على فيلم رعب ينشف الدم، ويحرق الأعصاب. هو أنا ناقصة.
قالت(أمنية)ضاحكة:
-أعمل إيه بس؟ماأنا بحب أفلام الرعب وصادق مبيحبهاش ومابصدق ألاقيكِ معايا عشان أتفرج، ماانا مبحبش أشوفهم لوحدى.
وكزتها (قمر)قائلة:
-انتِ بتحبيهم بس أنا ذنبى إيه أعانى من الكوابيس بعدها لمدة أسبوع؟وبعدين حد يتفرج على فيلم من أوله لآخره قتل وموت بطريقة بشعة.
قالت(أمنية):.

-ده فاينال ديستنيشن يابنتى، حد مبيحبش السلسلة دى! أنا اتفرجت على جزئين منها قبل كدة وده التالت ولو نزل خمسين جزء هتفرج، الفيلم روعة.
نهضت (قمر)قائلة:
-طب خليلك الروعة ياأختى وسيبينى أدخل أنام، أنا أعصابى مبقتش متحملة.
أمسكت(أمنية)ذراعها تمنعها من الرحيل قائلة:
-طب خلاص خلاص ياستى، وآدى التلفزيون قفلناه.
لتغلق التلفاز بينما تردف:
-أقعدى أنا عايزة أتكلم معاكِ فى موضوع.
جلست (قمر)مجددا وهي تقول بفضول:.

-خير ياأمنية.
قالت (أمنية):
-خير إن شاء الله، إنتِ ملاحظة طبعا إنسجام فارس مع تيام وارتياح فارس ليه، مش كدة؟
هزت (قمر)رأسها إيجابا، فإستطردت (أمنية)قائلة:
-طيب إيه رأيك لو تخلى تيام معانا الأسبوع ده، منها الجو هنا أحسن من الكوخ عشان صحة تيام ومنها كمان فارس ياخد عليه اكتر ويحب وجوده معانا.
قالت(قمر):.

-والله ياأمنية أنا معنديش مانع على الفكرة عموما بس بصراحة مقدرش أقعد أسبوع بعيد عن تيام، مقدرش اقعد يوم واحد حتى مشوفوش فيه، انتِ أم وعارفة قد إيه صعبة الحكاية دى.
ظهر الإحباط على وجه (أمنية)فأردفت (قمر)بإبتسامة:
-بس فيه حل للمشكلة دى.
قالت(امنية)بلهفة:
-إيه هو؟!
قالت(قمر):.

-أخلى عم مرزوق السواق يجيب تيام ليكم كل يوم الصبح وياخده المغرب وبكدة هكون مطمنة عليه طول النهار لانى مببقاش موجودة معاه وآخر النهار يبقى فى حضنى ومعايا.
قالت(امنية)بسعادة:
-فكرة حلوة قوى.
إكتفت(قمر)بإبتسامة راضية، لتقول(أمنية)بقلق:
-بس أكرم هيرضى يبعت تيام مع السواق بتاعه؟
قالت(قمر):
-لأ طبعا.
ظهر الاحباط مجددا على وجه(أمنية)فأسرعت (قمر)تقول:
-مش لازم يعرف.
طالعتها(أمنية)بحيرة فاردفت (قمر):.

-متقلقيش انا هتصرف، عم مرزوق بيحبنى ولو طلبت الخدمة دى منه مش هيتردد وهيعملها.
إبتسمت(أمنية)وملامحها تنفرج قائلة:
-وهو الباشا عامل معاكِ ايه دلوقتى؟
تنهدت (قمر)قائلة:
-زي ماهو، قاسى وعنيد وبيحاول يذلنى بأي طريقة، أوقات بحس ان اكرم اللى عرفته زمان مكنش موجود غير فى خيالى وبس، واوقات بلوم نفسى انى مشفتوش على حقيقته قبل كدة، بس..
صمتت فإستحثتها (أمنية) قائلة:
-بس إيه؟
قالت(قمر):.

-أوقات تانية بشوف اكرم اللى عرفته مستخبى جوة عنيه، بيحاول يخرج بس كأنه مسجون جواه وأكرم بيقاوم اطلاق سراحه بكل قوته.
قالت(امنية):
-بس الوضع اللى انتِ فيه ده ميرضيش حد ياقمر، وضع غريب ومش طبيعى ولازم تكون له نهاية.
تنهدت(قمر)قائلة:.

-أوقات كتير طاقتى بتنفذ وبحس انى هقف وأقوله انا قدامك اهو. إسجنى وخد بتارك منى وريحنى، السجن هيكون اهون عندى من الذل ده، السجن هيكون اهون عندى من قربك وانت بالشكل ده، السجن ارحم من وجودى جنبك بقاوم بكل قوتى قلبى الضعيف اللى رغم كل اللى عملته فية لسة بيحبك وبيتمناك وبيتعذب بين رغبته فى كرهك بعد اللى بتعمله فية وبين رغبته فى انه يجرى ويترمى فى حضنك.
قالت(أمنية)بشفقة:.

-ياحبيبتى ياقمر، احساس صعب جدا بس بصراحة انتى متستاهليش كل اللى بيحصلك ده واللى يستاهل...
قالت(قمر)بحزن:
-لأ أستاهل، استاهل لإنى سلمت قلبى زمان لواحد ميستاهلش، استاهل لإنى رغم غدره بية وهروبه وأنا فى عز ماكنت محتاجاله لسة بحبه وعمرى مابطلت احبه.
تساقطت دمعة مع كلماتها الأخيرة، تبعها أخريات لتحتضنها (أمنية)على الفور وتشاركها دموعها التى إنهمرت، بلا هوادة.
قالت (نهال):.

-لأ النهاردة مش هينفع. عندى ميعاد مع عادل خطيبى، خليها بكرة.
صمتت للحظات تستمع لمحدثها قبل أن تقول:
-لأ طبعا، مقدرش اشوفك بعدها الوقت هيبقى متأخر وانا متعودتش أتأخر برة.
صمتت (نهال)ثم قالت بإبتسامة:
-تمام ياأحمد كدة كويس قوى، هشوفك بكرة الساعة خمسة فى كافيه أوليه، أهدى من الكافيه بتاع المرة اللى فاتت، متتأخرش. سلام.

تراجعت(رجاء) بسرعة إلى حجرتها حين انهت (نهال)محادثتها، لقد كانت مارة بجانب الحجرة فتوقفت حين تناهى لمسامعها صوت الفتاة وهي تنادى بإسم رجل آخر غير خطيبها، نظرت (رجاء)إلى نفسها فى المرآة وقد لمعت عيونها بالنصر وهي تقول:.

-بقى بتقابلى راجل غير خطيبك وفى مكان هادى كمان ياست نهال، يازين ماربيتى يا سوزان، لما نشوف رأي المحروس عادل فى الكلام ده، ولما يجيلك ويحكيلك على عمايل بنتك ياحافظ، وقتها هنشوف هتتصرف إزاي مع مراتك والبرنسيسة بنتها؟

جلس(تيام)داخل الكوخ يشعر ببعض البرد وقد عاد منذ برهة من منزل (أمنية)بعد أن تركه العم (مرزوق)امام الكوخ وأسرع ليحضر مخدومه، سعل قليلا وقد بدأت برودة الجو تؤثر على حالته الصحية، نهض ليحضر بخاخته ودثارا يلتحف به. أحضر بخاخته ثم توقف وقد رأى علبة الثقاب على الطاولة فطالع المدفأة بتردد، هل يحاول إشعالها لتدفئ جنبات الكوخ الباردة، ام ينتظر حضور والدته؟! لقد أخبرته والدته ان بها عطل ما، ربما إن حرك بعض الحطب بداخلها ثم أشعلها، تشتعل. او هكذا يأمل.

حسم قراره وإتجه إلى علبة الثقاب يأخذها بين يديه، ثم إتجه إلى المدفأة وجثا على ركبتيه، يحرك الحطب يمنة ويسارا، ثم أشعل الثقاب وقربه من الخشب حتى إشتعل. نهض يصفق بقوة ولكنه مالبث أن عقد حاجبيه وهو يرى تصاعد ذلك الدخان الأسود الكثيف من المدفأة بسرعة، سعل بشدة وقد تسلل إلى رئتيه بعض الدخان، فوجد صعوبة شديدة فى التنفس وبدا صدره يؤلمه ويصدر أزيزا، أخرج منشقة الإغاثة من جيبه واطلقها فى فمه على الفور ليشعر بقليل من التحسن ولكنه صدم بالدخان وهو يراه يعبأ المكان فوضع المنشقة فى جيبه بسرعة وهو يهرول محاولا الخروج من الكوخ قبل ان يختنق به ولكنه وقبل أن يصل للباب، أصابه دوارا ووقع مغشيا عليه ليسحبه الظلام بقوة ويصير وجهه شاحبا كالموتى.

01-03-2022 01:27 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [12]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية غرامة غدر
رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل الثالث عشر

جلس فى سيارته متجهاً إلى منزله وكعادة عيناه تهفو بنظراتها إلى الكوخ الذى تسكنه هي رُغما عنه فإتسعت عيناه برعب جعل خافقه يإنّ وهو يصرخ بسائقه ان يتوقف، توقف (مرزوق)على الفور متعجباً من نبرات صوت سيده المرتعبة، وجده يهرول خارج السيارة فهبط منها وتبعه على الفور. يرى مارآه (أكرم)منذ لحظات دخان يتصاعد من الكوخ وصل (أكرم)الى الباب أولا فدفعه على الفور، ثم وضع ذراعه على فاهه وهو يسعل بقوة مناديا بإسمها بنبرات ثائرة، لم يجبه أحد فحاول أن يدقق النظر من خلال الدخان الكثيف، رأى على الفور جسد الصبي المسجى أرضا فهرع إليه دون تردد وهو يسحب غطاء المائدة الثقيل يتفادى به النيران التى كادت أن تلامس الصغير، فى حين وصل (مرزوق )فى تلك اللحظة ورآه يحمل الصبي للخارج فأفسح له الطريق وهو يسرع بدوره إلى السيارة بينما يقول (أكرم)بتوتر وهو يرى ملامح (تيام)الزرقاء الشاحبة:.

-أنا هاخده على المستشفى ياعم مرزوق الولد نبضه ضعيف جدا، قمر مش فى البيت. اتصل بسعاد واتأكد إنها معاها ونادى على خلف وحراس الأمن يطفوا الكوخ بسرعة.
أخرج (مرزوق) هاتفه وهو يقول من بين أنفاسه اللاهثة:
-حاضر يابيه بس خد بالك، تيام عنده ربو. جهاز الاستنشاق بتاعه أكيد فى جيبه مبيفارقوش ربنا يسترها معاه وينجيه.

عقد (أكرم) حاجبيه بشدة وهو يهز رأسه يسرع فى خطواته أكثر وقد أدرك أن حالة الصبي أخطر مما ظن، وما إن وضعه فى السيارة حتى تحسس جيوبه بسرعة فوجد الجهاز بالفعل ليضعه على أنفه على الفور ويطلقه، لم يجد منه إستجابة فإستشاط غضباً و قلقاً، يسرع بالقيادة وهو يطوى الأرض بالسيارة متجها إلى المشفى، يلعن(قمر)التى تركت طفلها وحده بالكوخ وهي تدرك أنه مريض بداء يعرفه حق المعرفة.

كان يقود سيارته بإتجاه المكان الذى ذُكر فى الرسالة التى بُعِثت إليه اليوم من مجهول لم يذكر إسمه أو لم تذكر إسمها. لا يهم، مايهم هو محتوى الرسالة والذى زلزل كيانه بالكامل وشاع البرد فى أوصاله، يرفض هذا المحتوى بكل كيانه. يثق بتلك الفتاة التى احبها بشدة ولكن يظل هناك رسالة بُعثت وأثارت بداخله الهواجس والظنون لابد من دحضها على الفور وإلا سيجن بلا شك. فلأول مرة يتصل بخطيبته ولا تجيبه ولأول مرة تخرج من دون أن تترك له خبراً كعادتها. لأول مرة تبدو تصرفاتها غريبة على نفسه ليصر على أن يقتل ظنونه فى المهد ليصل إلى يقين يُريح قلبه.

أغمض عيونه للحظة ثم فتحهما ونيران مستعرة تطوف بقلبه. لقد أحبها كما لم يحب مخلوق قط. منذ عرفها وعِشقها يسير بشرايينه يلامس وجدانه ويجعله ينبض بالحياة.
ضرب المقود بقوة وهو يتوسل إليها بكل ذرة فى الكيان.
بالله عليكِ حبيبتي.
لا تحطمى شراع حبي وتتركينى أغرق فى بحر الغدر مُجبراً.
لا تتركينى أخبر قلبى أن أحلامه التى رسمها معك كانت أوهاماً زائلة.
كيف سأداوى طعنة الغدر وقد جاءت منك أنتِ.
أقرب البشر إلى قلبي.

نفسى التى ماظننتها يوما ستخون.
سيكون الغدر وقتها حبلاً يطوق عنقي ويضيق الخناق حولي حتى ألفظ أنفاسي الأخيرة قهرا.
بالله عليكِ لا تقتلينى.
وكونى فقط. بريئة من كل إثم.
وصل إلى هذا المكان الذى يطلق عليه(كافيه أوليه)فترجل على الفور مسرعا إلى الداخل ليجدها هناك، تجلس وتبتسم بعفوية جعلته يقف متسمراً وهو يطالع الرجل الجالس أمامها يمنحه ظهره.
لا. لا يمكن أن تخونى.
سأُكذب عيناي وأطمس ظنوني.
سأفقأ حتى عيوني.

وسأنكر مارأيته أو أدعى جنوني.
خائنة؟!
لا. لا يمكن أن تكونى.
تمهل أيها القلب الثائر وياخفقاته أمهلونى.
سأُغلق جفناي وأسير مبتعداً فلا ترونى.
تبا..
بل سأخطو تجاهك وأطالبك تفسيراً يُعيد سكوني.
فحبيبتي بريئة كما يؤمن قلبى...
حتى يثبت العكس وتنهار حصوني.

اقترب منها بخطوات بطيئة حتى صار فى مرمى بصرها فلم تهرب إبتسامتها ولم تختفى بصدمة، بل إتسعت إبتسامتها وعيناها تتقابل مع عيناه بنظرة حب أرسلتها تجاهه فهدات دقاته الثائرة بعض الشيء، قالت بضع كلمات لهذا الرجل أمامها ليستدير برأسه تجاه (عادل)بإبتسامة طيبة على محياه. تقدم منهما والأمل فى قلبه يزداد حتى صار أمامهما تماما، فنهضت (نهال)ونهض الرجل لتقول الأولى بإبتسامة:
-أحمد، أقدملك خطيبى عادل.

بينما قالت(لعادل):
-وده احمد زميلى اللى حكيتلك عنه قبل كدة، اول مرة تشوفوا بعض مش كدة؟
إستطاع (عادل)ان يرسم إبتسامة مهزوزة على ثغره، بينما مد (احمد)يده إليه قائلا بإبتسامة واسعة:
-إتشرفت بمعرفتك، آنسة نهال حكيتلى كتير عنك وكان نفسى اشوفك وأهى الفرصة جت عشان اشكرك على اللى عملته معايا و مع اخويا عزت.
قال (عادل):
-دى حاجة بسيطة مش مستاهلة.
قال(احمد)بامتنان:.

-إنك تشغلنى انا واخويا فى شركة باباك دى حاجة كبيرة قوى بالنسبة لنا. غيرت حياتنا بشكل متتخيلوش، حقيقى لو فضلت اشكرك على المعروف اللى عملته معانا طول عمرى مش هوفيك حقك.
قال (عادل):
-خلاص بقى يااحمد ماتكبرش الموضوع.
قالت(نهال)بإبتسامة:
-طب واقفين ليه؟ ماتقعدوا.
قال(أحمد)وهو يطالع ساعته باسف:
-معلش مضطر امشى عشان أدى لوالدتى الحقنة فى ميعادها، كان نفسى اقعد معاك يااستاذ عادل بس بجد مش هقدر.
قال(عادل):.

-فرصة تانية باذن الله.
قال(أحمد):
-بإذن الله.
ثم وجه حديثه ل(نهال)قائلا وهو يشير إلى ذلك الكشكول بيده:
-شكرا مرة تانية على المحاضرات ياآنسة نهال، وعلى شرحك ليهم كمان. ربنا يجازيكوا كل خير.
قالت (نهال):
-دى حاجة بسيطة.
ابتسم (احمد)ثم غادر ليشير (عادل)إلى (نهال)بالجلوس. جلست قائلة:
-تعرف انها مفاجأة حلوة قوى انك جيت، أكيد لما بعتلك الرسالة محبيتش تسيبنى أروح لوحدى فى تاكسى مش كدة؟!
عقد(عادل )حاجبيه قائلا:.

-رسالة إيه؟انا موصلنيش حاجة منك.
عقدت (نهال)حاجبيها فى حيرة قائلة وهي تخرج هاتفها من حقيبتها وتنظر إليه:
-إزاي ده؟! انا بعتلك رسالة اقولك فيها انى فى كافيه أوليه مع احمد عشان..
لتضرب رأسها بخفة مردفة:
-إزاي مخدتش بالى، الرسالة موصلتش. أكيد عشان معييش رصيد، والفون كمان كان صامت وانت مكلمنى كتير قوى...
لتصمت ثم ترمقه بحيرة قائلة:
-لما الرسالة موصلتلكش، أومال ازاي عرفت انى فى الكافيه هنا؟

طالعها(عادل)للحظات بصمت قبل أن يقول:
-هقولك على كل حاجة يانهال.
نهض بسرعة حين رأى الطبيب يغادر الحجرة، واتجه إليه قائلا بقلق:
-أخباره إيه يادكتور؟
قال الطبيب:
-الأزمة عدت بخير وقدرنا نسعفه ونوسع الممرات التنفسية عشان يمر الهوا للشعب الهوائية بسهولة، الحمد لله انك جبته بسرعة الطوارئ هنا، والا اكيد كنا خسرناه.
زفر (اكرم)قائلا:
-الحمد لله.
قال الطبيب بفضول:
-هي فين مدام قمر والدة تيام؟!

طالعه (اكرم)بنظرات متفحصة وهو يقول:
-هو انت تعرفها؟
إبتسم الطبيب قائلا:
-أكيد. ما انا الدكتور اللى بعالج تيام من الربو، الحقيقة هي الحالة عنده خفيفة و اعراضها متقطعة، يعنى يوم فى الأسبوع وليلتين فى الشهر بالكتير لو ماحصلش عامل اضافى زي الدخان بتاع النهاردة او انفعال زايد او اتعرض للتدخين السلبى، إلى آخره، وتيام مريض شاطر وعارف ازاي يحافظ على نفسه ووالدته كمان واخدة بالها منه كويس.

قال(أكرم)فى نفسه بسخرية:
-لأ واضح الصراحة.
ولكنه اكتفى بقول:
-مدام قمر لسة متعرفش باللى حصل.
قال الطبيب:
-هو حضرتك تقربلها؟
وما شأنك انت أيها المتطفل؟!
صرخ قلبه بتلك العبارة ولكنه لم ينطق بها وهو يقول ببرود:
-انا أبقى..
قاطعه رنين هاتفه ليستأذن من الطبيب فى إجابته وهو يبتعد عن المكان قليلا بينما غادر الطبيب ليمنحه الخصوصية، فقال (اكرم)بسرعة:
-ها. طمنى يامرزوق.
قال(مرزوق)وهو يلتقط انفاسه المتسارعة:.

-الحمد لله يابيه. طفينا النار، بس الكوخ اتحرق بالكامل..
قال(اكرم)بلهفة:
-مش مهم الكوخ المهم البنى آدمين، قمر بخير؟!
قال (مرزوق)بتوتر:
-بخير يابيه، بس..
صمت فقال(اكرم)بقلق:
-بس ايه؟ماتنطق يامرزوق.
قال(مرزوق):
-أبدا يابيه هي بس عرفت باللى حصل لتيام بيه ومن ساعتها بتبكى ومصممة اوديها المستشفى عشان تتطمن عليه.
صمت (أكرم)للحظات ثم عقد حاجبيه قائلا:
-هاتها المستشفى يامرزوق.

ثم أغلق الهاتف وقد ازداد انعقاد حاجبيه وحلت القسوة فى ملامحه.

قد يبتسم لك بعض المحيطين بك وفى قلوبهم قبعت ثعابين تنتظر اللحظة المناسبة لتلدغك، هؤلاء يحملون لك فى قلوبهم حقدا وغيرة أشعلت قلوبهم. يُرجعون تميُزك لأسباب عديدة عدا طيبة قلبك فيؤثرون ان يحملوا الكره لك فى قلوبهم ويضمرون لذاتك الشر على ان يتخذوك قدوة ويغيروا قلوبهم الشائنة، فاحذر منهم واجعل أحقادهم كالحجارة. لا تتعثر بها واجمعها لتبنى منها سُلّما يوصلك لما تريد.
قالت(نهال)بعصبية:.

-وهو مين اللى ممكن يبعت رسالة بالشكل ده؟مين يعرف أساسا بإنى جاية عشان ادى المحاضرات لأحمد غير ماما والمفروض انت كمان لما بعتلك الرسالة وموصلتش؟
هز (عادل)كتفيه فى حيرة قائلا:.

-مش عارف بس واضح طبعا ان اللى بعت الرسالة معندوش فكرة انى عارف انك بتقابلى احمد كل أسبوع تديله المحاضرات وتشرحيهاله عشان ظروفه وعدم قدرته على حضور المحاضرات بسبب شغله فى الشركة فترة الصبح. وواضح كمان ان المقصود بالرسالة دى هي التفريق بينا.
قالت(نهال)بغضب:
-مين الشخص ده؟أنا هتجنن.
قال(عادل):.

-الاحساس اللى حسيته وانا فى طريقى للمكان هنا كان هيقتلنى ولولا ايمانى بانك مستحيل تخونى، انا كنت اتعميت بسبب غيرتي واتصرفت بطريقة مكنتش هتشبهنى أبدا.
طالعته (نهال)بنظرة متفحصة وهي تقول:
-يعنى انت بجد كنت واثق فية ولا كنت جاي تظبطنى مُتلبسة ياعادل؟
مال (عادل) الى الامام قائلا وهو يضغط على كل حرف ليصلها مراده:.

-مش هنكر انى كان عندى بذرة شك ولّدها خروجك من غير ما تقوليلى وعدم ردك على التليفون، لكن ثقتى فيكِ كانت بتقتل البذرة دى وتطمنى بإن نهال اللى عرفتها وحبيتها مستحيل هتخون وان اللى شايفه قدامى أكيد ليه تفسير منطقى واستنيت اسمعه منك قبل أي رد فعل وانتِ الحقيقة مخيبتيش ظنى فيكِ.
تأملته(نهال)بحب قائلة:
-انت مفيش زيك ياعادل.

كاد أن يمسك يدها ويقول لها انه يعشقها ولكن اضاءة شاشة هاتفها التى أعلنت عن اتصال من أبيها قاطعه لتجيبه (نهال)على الفور، عقدت حاجبيها تجيب أسئلته بكلمات مقتضبة قبل ان تغلق الهاتف وهي تطالع (عادل)الذى قال بحيرة:
-مالك يانهال وشك اصفر كدة ليه؟
قالت(نهال)بغضب:
-الظاهر ان اللى بعتلك الرسالة قام بالواجب مع بابا وأهو طالبنى وعايزنى ارجع البيت حالا، عمر بابا ماكلمنى بالنبرة دى.

نهض (عادل)يسحبها من يدها قائلا بحزم:
-يبقى يلا بينا، أنا جاي معاكى.
انطلقت معه وهي تسرع فى خطواتها بينما عقلها شاردا فى هوية هذا المجهول الذى يبغى بكل تأكيد القضاء عليها أو تخريب حياتها على الأقل.



المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
رواية صغيرتي الحمقاء زهرة الصبار
39 7008 زهرة الصبار
رواية انتقام ثم عشق زهرة الصبار
38 4070 زهرة الصبار
رواية حبيب الروح زهرة الصبار
39 3104 زهرة الصبار
رواية لا ترحلي زهرة الصبار
36 2978 عبد القادر خليل
رواية أحببت فاطمة زهرة الصبار
74 3425 زهرة الصبار

الكلمات الدلالية
رواية ، غرامة ،


 





# فنون # مشاهير # صحة # منوعات # الأطفال # English # تفسير الأحلام ثقافة # قصص # سيارات Cars # صور # تقنيات # الاجهزة الالكترونية # المطبخ # كلام فى الحب # أبراج # رياضة # ازياء # حكم وأقوال تطوير الذات# خلفيات # صور بنات # مشاهير # ديكور # صباح الخير # مكتوب برقيات شهر رمضان # جمعة مباركة # حب رومانسية # عيد # ادعية # خلفيات كرتون # منوعات # موضة # الأم # أطفال # حيوانات # صور ورد # اكلات # New Year # مساء الخير # اللهم صلي علي النبي # القران الكريم # صور نكت # عيد ميلاد # اعلام # سيارات # تهنئة الخطوبة # حروف واسماء # الغاز # صور حزينة # فساتين # هدايا # خلفيات النادي الاهلي # تسريحات شعر # الاصدقاء # بوستات نجحت # خلفيات نادي الزمالك # حب رومانسية # تهنئه # ازياء # صور بنات # صوره وكلمه خلفيات # كرتون # بروفايل رمزيات # دينية # سيارات # مضحكة # أعلام # مسابقات # حيوانات # ديكور # أطفال # أكلات # حزينة صور شباب أولاد ر# صور # الطب و الصحة # مقالات عامه # CV المشاهير # وصفات الطبخ # العناية بالبشرة غرائب وعجائب # قصص روايات مواعظ # صور حيوانات # وصفات الحلويات # الرجيم والرشاقة # نكت مضحكة # صور خلفيات # العناية بالشعر # شروحات و تقنيات # videos # Apps & Games Free # موضة أناقة أزياء # سيارات # ديكور # رعاية الأطفال # نصائح المطبخ # موبايل جوال # الفوركس # التعليم والمدارس # الحمل و الولادة # اخبار الرياضه # وظائف # صحة المرأة # حوادث # صور بنات # صور اطفال # مكياج و تجميل # عناوين بنوك شركات محلات مطاعم # العاب الغاز # عيد # كلمات الاغانى # اشغال فنيه واعمال يدويه # مصر # أشعار خواطر # للنساء فقط # للرجال فقط # صور شباب # علاج النحافه # رسائل SMS # أكلات نباتية - Vegetarian food # برامج الكمبيوتر # المراهقة # جمعة مباركة # blogger # رعب # لعنة العشق # حب # اسلامية # قاسي ولكن أحبني # أحفاد أشرار الحرب لأجلك سلام # أسمى معاني الغرام # حقيقية # لقد كنت لعبة في يده # ملهمة # أباطرة العشق # عربية # حب خاطئ # لست مميزاً # من الجاني # مشاهير # راقصة الحانة # اغتصاب طفلة # عاشقان يجمعهم القدر # الطريق الصعب # خيال علمي # أشواك الحب # تاريخ # سجينة ثوب الرجال # لروحك عطر لا ينسى # أطفال # عشق وانتقام # لازلت أتنفسك # لقاؤنا صدفة # للحب معان أخرى # خاتم سليمان # ممن أنتقم # نجاح # أبواب وهمية # حلمى فى صفيحة قمامة # فيلم # مجنون بحبك # بين شباكها # حزينه # رحلات جوليفر # عذاب قسوته # عندما ينادي الشيطان # لعنة حبك # مريم وامير # هدوء في قلب العاصفة # الحاسة السادسة # المشعوذة الصغيرة # عباقرة # لوعة العشق # حروب # قدر بالإجبار # بنات مضحكه# فوركس Forex# صحتك # الصور والخلفيات # الطبخ والحلويات # منوعات # اخبار الفن # القصص و الروايات الألعاب الرياضية # الحياة الزوجية # أزياء وملابس # الأم و الطفل # دراسات لغات # افكار منزلية # انترنت تكنولوجيا # صفات الابراج # حيوانات ونباتات # تفسير الاحلام # معانى الاسماء # خواطر و اشعار # الكون والفضاء اجمل نكته# Mix # Forex # youtube # foods # Kids # Health education # stories # News # kitchen # woman # Famous # Sport # Animals

-------

الساعة الآن 01:50 مساء