أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في منتدى جنتنا، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .

المنتدى للقرائه فقط -- للمشاركه انتقل الى منتديات جنتنا الجديده -forums.janatna.com





رواية نوفيلا أعترض حضرة القاضي

يتعلق القلب بكلمة وقد تعلقت به من رسائله التى نفذت إلى قلبها وعقلها وروحها ،ولتكون معه وجب عليها ان تحرره من سجنه....ووه ..



03-03-2022 01:21 مساء
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 

t22083_7166

يتعلق القلب بكلمة وقد تعلقت به من رسائله التى نفذت إلى قلبها وعقلها وروحها ،ولتكون معه وجب عليها ان تحرره من سجنه....ووهمه..فهل ستستطيع؟!
فصول نوفيلا أعترض حضرة القاضي
رواية نوفيلا أعترض حضرة القاضي للكاتبة شاهندة و جود علي الفصل الأول

يتعلق القلب بكلمة، تلك الكلمة التي تكون گ شيفرة مرور إلى الروح، تجعل مُسْتَقْبِلَها يزهر كأقحوان في ربيع العمر ويشرق بلطافة ودفء كشمس الغد الذي يوالي يوم النصر.
وهذا يوم نصري ويوم إشراقتي!
تشير الساعة إلى الحادية عشرة صباحا، أخذت (هبة) تدندن أغنيتها المفضلة التي تصدح من هاتفها الذي تضعه على طاولة الزينة وهي تقوم بوضع اللمسات الأخيرة من مكياجها الهادئ..

تتمايل على أنغام الأغنية وابتسامتها ملأ فمها من يراها يشعر كأنها تحلق عاليا من السعادة، وقفت تنظر إلى صورتها في المرآة نظرة رضى، كانت ترتدي فستان مدرج اللون يبدأ من أبيض ناصع فينزل من زهري فاتح لينتهي بأحمر غامق بأسفله الواسع الذي يصل إلى منتصف ساقيّها - فوق الركبتيّن بشِبر-، بنصف كم، ارتدت قلادة كبيرة فصوصها من اللون الأحمر وقرطينيّن صغيريّن بذات اللون على شكل زهرة الأقحوان كما كان شكل سوارها الذي يتخذ موضعه بجانب ساعتها الفضيّة، وجمعت شعرها البني الفاتح بدبوس أحمر لينسدل إلى بين كتفها على هيئة ذيل حصان بينما تتناثر غرتها بعشوائية على جبينها الأسمر اللامع...

قالت وهي تخاطب نفسها:
جمالك جمال مش عادي ياهبوش!
وأنهت جملتها بضحكة عفوية وهي تحمل حقيبتها الصغيرة بيد واليد الأخرى تجمع بين فردتيّ حذائها الأحمر ذو الكعب العالي..
وبينما هي تنحني لترتدي حذائها على عتبة الباب وقفت والدتها تطالعها وهي تضع يديها على صدرها ثم قالت لتنتفض (هبة )على صوتها:
رايحة فين ياست هانم وإنتي شبه عروسة المولد بفستان ضربت فيه كل الألوان دي؟
ابتسمت (هبة) إبتسامة بريئة لتقول:.

هروح فين يامامتي يعني، صحباتي عاملين حفلة الفالنتاين وبما إننا سناجل مافيش حد يدلعنا قلنا ندلع نفسها، غلط يعني؟
غضنت والدتها حاجبها وقالت باستنكار:
أممم، الأناقة دي كلها عشان حفلة بنات قولتيلي! يعني مافيش شباب في الحفلة؟
اقتربت منها (هبة )وبسرعة طبعت قبلة على خدها وقالت:
قلتلك سناجل بس يامامي!
وهرولت إلى الخارج مسرعة، بينما قالت والدتها تخاطب نفسها:.

أهو الخوف مش بيكون غير من السناجل اللي مخهم طاقق زيك إنتي وشلة المجانين اللي حواليكي دول.

عادت الدكتورة (مها )إلى مطبخها لتحمل كوب قهوتها وتعود لتجلس قبالة حاسوبها تراجع بحثها العلمي الخاص في علم الأوبئة الذي يشغل مجمل وقتها، (مها) التي تزوجت زميلها الذي أحبته لتنجب منه إبنتها (هبة )لتعتبرهما عالمها الساحر الذي صنعته بنفسها بهذا البلد الأجنبي، ولأن السعادة لا تدوم طويلا فقد توفي زوجها قبل عشر سنوات في حادثة سقوط الطائرة الكنديّة لتعيش مأساة مؤلمة لتعود مؤخرا متماسكة تحاول الحفاظ على ذكراها معه في إبنتها (هبة )البالغة من العمر خمسة وعشرون سنة والتي تخرجت مؤخرا وبدأت تزاول عملها في مكتب محاماة جيّد السمعة، وسارت الحياة من جديد وعاد الحب يملأ بيتهما وقلبهما.

استقلت( هبة )سيارتها الصغيرة وتوجهت إلى مكان الإحتفال، كانت طوال الطريق تحافظ على إبتسامتها المشرقة وتغني مع المذياع إلى أن وصلت...
كان مكان الحفل في منزل( يارا) زوجة المدير
وكما جرت العادة كانت البوالين والورود الحمراء حاضرة وقد ارتدى الحضور أزياء مختلفة اشترطت (يارا) أن تكون بيضاء لسبب ما قد تبناه عقلها..

فتحت( يارا) الباب ل(هبة) ورحبت بها وهي تثني على جمالها كما فعل الجميع فزاد خجلها الذي توردت له وجنتيّها من جمالها زادا..
وقالت (يارا ):
وبما أن هبة وصلت، نتفضل كلنا على الغدا.
وأشارت بيدها ليتبعها الجميع بينما أمسكتها( هبة )من يدها فسحبتها نحوها ميْلا وقالت بعد أن وزعت نظرها على الجميع وتفقدت الحاضر من الغائب:
استني، هو لسه ماجاش؟
تصنعت (يارا )عدم الفهم وقالت:.

قصدك مين؟الكل موجود والغدا جاهز، يلا بينا يا أميرة!
جحظت (هبة) عينيها وقالت بهمس:
يوسف مجاش لسه!
وهنا وجدت( يارا) ما تمسكه عليها فقالت:
يوسف هاه!
واستدارت تسير مبتعدة وقالت بمكر:
ما عزمتوش! نسيت.
ضربت( هبة) الأرض برجلها متذمرة وهي تقول:
في واحدة تنسى ماتعزمش أخوها!
في ذات الوقت كان يقف خلفها وقد مدّ يده أمامها بباقة من ورود الغاردينيا البيضاء التي تحبها وقال بينما شعرت هي بالمفاجأة:.

العيلة كلها نسياني ماتخديش في بالك!
التفتت إليه لكنه سبقها ووقف أمامها لتستدير نحوه مجددا وهي تبتسم ممسكة بالورود تطالعها وتطالعه بإعجاب ليردف:
على فكرة إنتي أحلى من الورد، جمالك بيخطف قلبي يا هبتي!
فقالت تحاول التحكم في انفعالها:
تعالى، هما مستنيين جوه!
فتقدمته ليمسكها من يدها ويسحبها خلفه إلى المطبخ ثم إلى الحديقة..
ووقف أمامها وقال:
بما إن اللي جوة محدش مهتم بوجودنا هنتغدى أنا وإنتي لوحدنا..

وعاد ليمسك يدها وقد قادها نحو مائدة مستديرة تتربع على سجادة حمراء بجانبها وسائد كبيرة گ متكئ للجلوس، وعلى المائدة وردة حمراء وطبقيّن بيضاوين يحتويان على أكلهما وطبق صغير مغطى بغطاء فضي...
وحيث جلست علبة حمراء كبيرة على مقربة منها...
وجلس قبالتها يطالعها بنظرات أربكتها فراحت تحك رقبتها وهي تتلفت يمينا ويسارا فقال:
إنتي مستنية حد؟
فقالت بحيرة:
لأ! ليه؟
فأجابها:.

طب يلا ناكل عشان جعت، عشان في حاجات على جنب كده مستنية!
أخذت (هبة) تلتهم طعامها وتثني على مذاقه وهو يثني على جمالها بينما هناك من يطالعها من بعيد لا يعجبه مايحدث...
تعلقت عينا( هبة) بالصندوق وهي تتحدث إلى (يوسف )عن يومها وتسأله عن يومه، وحين استبان الفضول في عينيها قال وهو يستقيم متجها نحو الصندوق بينما أخذت ترتشف من كأس عصيرها وعينيها تلمعان سعادة:
تعالي ياهبتي!
توجهت (هبة )نحوه فأردف:.

أي هدية في الدنيا مش هتبقى تعبير كافي على اللي حاسه من ناحيتك، كل تفاصيلك بتلهمني، ضحكتك، كلامك، أفكارك، جمالك، شخصيتك العفوية الطيبة، كإنك ملاك حط على قلبي..
فقالت وقد شعرت بتأثير كبير من كلماته على قلبها:
بجد شايفني كده يا يوسف؟ يعني في حاجة مابينا بجد مش أنا بس اللي حاسة بكده؟

أشار لها (يوسف )أن تفتح هديتها وقد طرق على العلبة بيده فأزاحت( هبة) شريطتها وغلافها بيدين مرتجفتين وحماس كبير لينفتح الصندوق فتطير منه قلوب منفوخة ترتفع عاليا ليمسك بطرفها قبل أن تحلق بعيدا بينما وضعت يديها على وجهها وقد ترقرقت دموعها وهي ترى فستان زفاف أبيض مرصع بالكريستال فنظرت إليه وقالت بانفعال بينما هو يطالع بتمعن ردود فعلها:
يوسف!
فقال:
ياروح وقلب يوسف!

وتوجه نحو الطاولة وأخذ الطبق المغطى الذي كان يحتوي على دمية صغيرة تمسك بخاتم، فجلس على ركبته وهو يمسك القلوب الحمراء بيد والخاتم بيد أخرى يرفعها نحوها واردف:
لو تجوزيني هكون أسعد إنسان في الدنيا
أرجوكي وافقي وأوعدك عمري ماهخلي عيونك الجميلة دي تزعل ولا تدمع غير من الفرحة، تجوزيني يا هبتي؟

اندفعت نحوه وعانقته بدمعة وابتسامة بينما خرج جميع الحضور ليرو المشهد الرائع بين الحبيبيّن وهم يطالبونها بالموافقة بينما( يارا )تقف جوار زوجها الممتعض الذي أخذ يقول بهمس:
يوسف جدي في اللي بيعمله؟ البنت طيبة وماتستهلش ينكسر قلبها.
فأجابته باقتضاب:
خير إن شاء الله، شايفاه متعلق بيها جدا ومادام طلب منها الجواز يبقى بيحبها ويمكن تكون السبب في أنه يتعدل.
فقال وهو يستدير ليعود إلى الداخل:.

قوليلها عشان ماتنصدمش فيه بعدين وخليها تختار ياتكمل يا تقطع معاه.
تلون وجه (يارا )وقد شعرت أن زوجها على حق فأخيها شخص لعوب وفكرة جِدِيّة ارتباطه هذه لم تقنعها كثيرا وبدأت نفسها تحدثها أنه معجب ب(هبة) لأنها ليست سهلة المنال كما فتياته اللواتي سبقنها، ومن جهة أخرى تريدها أن تصبح زوجة لأخيها فوقعت بين قلبها وضميرها حائرة...

ابتعدت (هبة) عن (يوسف) ليضع الخاتم الثمين في إصبعها الرقيق وسط تصفيق الحضور ومباركاتهم لينصرفوا ويتركانهما على انفراد، فشدت على يده وشد على يدها وقدم لها مجموعة البوالين وقال:
إنتي خدتي قلبي ودول عشان تحتفظي بيهم جوه قلبك.
أمسكتهم وهي تقول:
دول أمانة عندي يا يوسف.
فأردف و كفه يحتضن كفها:
يلا بينا على ست الكل عشان أطلبك منها رسمي..
تذكرت (هبة )أنها وافقت دون أن ترجع لوالدتها فتجهمت:.

أنا ماحكتلهاش عنك يايوسف! استنى أمهدلها الموضوع الأول!
فقال معترضا وهو يسحبها لتسير بجانبه:
نمهد إيه بس، هستنى كمان؟ ماتخافيش هخطف قلبها، القلوب دي لعبتي وهتحبني زي ما أنا حبيتها كده، اسمعي مني إنتي بس..
فقالت مبتسمة:
طول عمرها بتقول عليا مجنونة، معرفش هتقول عليك إيه دلوقتي!
قال بمرح:.

هاتخدني بالحضن طبعا، ده أنا عربي وهترحب بيا وهي أكيد زي أي أم في البلد الغريبة دى مش هتتمنى أكتر من صهر عربي، هي اسمها إيه قلتي!
فقالت (هبة )مصطنعة الغضب:
مها! إنت نسيت إسمها؟!
ابتسم قائلا:
هنسى إزاي أم حبيبة قلبي وملكة دنيتي أنا بهزر بختبر تركيزك بس!
وفتح باب سيارته فركبت و مضى متجها نحو منزلها..

دخلت( هبة) المنزل وراحت تنادي على والدتها التي ردت عليها أنها بغرفة الدراسة لكنها استقامت وتوجهت إليها بينما( يوسف) إقتحم البيت دون أن يسمح ل(هبة) بالتعريف عنه، اقترب من مها التي توزع نظرها بينه وبين إبنتها باستفسار فأمسك يدها وقبلها وهو يقول:
والله ياحماتي أنا جاي أطلب الرضى و الشفقة على حالة العبد لله متجوزيني بنتك.
وأردف وهو يغمزها بينما تطالعه وهي لا تكاد تستوعب عن ماذا يتحدث:.

-وكده أخلصك من جنانها بالمرة، ها قلتي إيه نقرا الفاتحة؟
كان يرسم على وجهه إبتسامة عريضة بينما (مها) تطالعه وعلى وجهها التفكير مالبثت حتى اقتربت منها( هبة) هي الأخرى وراحا يسحبانها لتجلس وجلسا على الأريكة وهي تتوسطهما وقالت( هبة):
إحنا بنحب بعض يامامتي، يوسف إنسان كويس وبيحبني وهو أخو يارا يعني مننا وعلينا..
فقال( يوسف) وهو يلكز (هبة ):.

مننا وعلينا إيه؟ ماتكدبيش ياحبيبتي عشان ربنا يبارك لنا في الجوازة دي...
طب شوفي ماما بتبصلنا ازاي هي شكلها هتطردنا، يلا تعالي نروح وننقذ حبنا بدل ماتفرقنا...
بااااس!
قالتها (مها) بنفاذ صبر وهي تنفضهما عنها وتستقيم واردفت تطالعهما وهما جالسيّن أمامها بصمت يصطنعان البراءة:
هتفهموني زي الخلق بتقولوا إيه ولا أطلب مستشفى المجانين يخلصوني منكم؟
سحباها معا لتعاود الجلوس وسط دهشتها مجددا وقال (يوسف) بجدية:.

نبدأ من الأول صح، هو كده كده أول إنطباع باظ بس قلبك طيب ياحماتي!
فحدجته بنظرة مستنكرة ليردف وهو يرفع يده مستسلما:
بسم الله الرحمن الرحيم أنا طالب إيد هبة..
فنظرت إلى هبة التي تكبت حماسها وقالت:
والله!، وحضرتك موافقة على الكلام ده وجيباه في إيدك وجاية، والله فيكم الخير إنكم فكرتوا فيا..
التفت( يوسف) إلى( هبة )وقال:
شفتي ياهبتي ماقلتلك تعالي نلملم حبنا ونروح...






عيني في عينك كده يا حماتي وقوليلي، إنتي مش متخيلة إن هييجي يوم وهبة تطير على عشها وتسيبك عشان هي كل دنيتك وذكرى حبك لوالدها الله يرحمه مش كده؟!

أنا كمان خايف، قلبي بيوجعني لما أفكر إن ممكن حد يسبقني ليها ويملك قلبها، أنا عشان اتجرأت وقربتلها بقيت سنة بحالها متردد خايف تصدني براقبها من بعيد لبعيد لحد ماحفظت كل تفاصيلها، الحاجة اللي بتسعدها، والمواقف اللي بتجرحها، بتحب إيه تكره إيه، حفظتها كلها بقلبي وعقلي وتفكيري، أنا بحبها كتير جدا، بحبها لدرجة إني أقبل أتقاسم قلبها معاكي، وحياتها معاكي، راضي أكون تاني أولوياتها...

لو عايزانا نفضل هنا معاكي أنا موافق المهم تكون مبسوطة، أنا عايز أسعد قلبها وأملاه حب مش حرمان و زعل و كسرة خاطر...
لقد لمس قلبها بكلامته فتبسمت لتظهر غمازتيّها ليقول (يوسف) بصوت عال انتفضت له وعادت لتجهمها...
يا جمالك ياست الكل!
فقالت( مها) وهي تمسكه من أذنه:
يابني بطل جنان واهدى كده عشان أشوف أخرتها معاك!
اعتدل في جلسته يسند رأسه إلى يده فاستقامت وقالت:.

ماشي مش هعترض بس ابعت أهلك عشان نتفق عشان الاتفاق معاك وانت بنص عقل كده مش مضمون...
فقاطعها قائلا:
-ماليش غير يارا وجوزها منير!
فقالت:
أي كبير ينفع أكلمه يابني، يارا أختك الصغيرة..
فقال:
يبقى منير، اتحلت ياحماتي!
وقفت تطالعه صامتة ثم قالت:
تعالوا آخر الأسبوع..
فاستقام يقول بصوته العالي:
ليه، ليه، دول ساكنين بعد شارعين من هنا هييجو حالا...
وأمسك هاتفه واتصل على أخته يطالبها بالمجيء وأقفل ثم قال مخاطبا( هبة):.

روحي أعملي شربات...
فاستقامت (هبة) متعثرة وقالت:
شربات في أمستردام؟، مافيش!
فقالت والدتها:
أعمليله قهوة يا هبة!
وتمتمت بينها وبين نفسها سبحان الله دول كأنهم فولة وانقسمت نصين، مجانين!

وبعد النصر كانت هزيمتي!
الكلمة التي نفذت إلى روحي لتزهرها كانت باردة جليدية فأحرقتها وتركتني أعد خيباتي على سنوات عمري خيبة خيبة...
أتساءل: كيف لي أن أحيّي الذي مات منيّ
و أرمم الحطام الذي بداخلي و جميع حروف المحاولة، تستند على كلمتك؟!

تزوجت (هبة )وكان زفافها أشبه بمراسم ملكية، سارت بعربة تجرها أحصنة في شوارع أمستردام الجميلة وسط هتافات الجماهير و ألحان الفرقة العازفة التي يرقص على وقعها الجميع وهي بثوبها الأبيض الأسطوري تمسك بيد (يوسف) وأحلامها ترتسم أمامها واقعا...

لقد توالت الأيام التي تضاعف حبهما وشغفهما ببعض، لم ينفك (يوسف )يفاجئها كل مرة بهدايا تطرب نفسها، يسافران كل نهاية أسبوع إلى مدينة، لقد غمر حياتها لتصبح ملكه وحده فقط حتى أنها ابتعدت عن والدتها و قللت من التواصل معها بسبب انشغالها معه...
وحين يزول الشغف يبدأ التطبع بالانسحاب لتظهر الطباع الحقيقية للمرء فكان ما اكتشفته (هبة )عن (يوسف )صادم لم يسعه قلبها..

بعد ليلة جميلة بدأت بعشاء شهي بأحد مطاعم البندقية لتنتهي بجولة في الزورق داخل النهر بين الأبنيّة العريقة قد أخبرت (هبة) فيها (يوسف) أنهما ينتظران أول مولود لهما وقد شعرت بفرحته الباردة فقررت العودة إلى الفندق ليتسنى لها الأمر لمناقشته في ردة فعله التي لا تناسب خبرا جميلا كهذا، وحين عودتها قطعت طريقهما سيارة مستعجلة توقفت على حين غرة لتصرخ عجلاتها هلعا ويخرج منها رجلان ضخميّ الجثة وسحباهما داخلها تحت تهديد السلاح وسط صراخات (هبة) التي لفت ذراعيها حول بطنها خوفا على جنينها بينما( يوسف) راح ينتفض ويتخبط ليخلص نفسه منهما دون جدوى...

لكمات جيّدة على وجهه جعلته يقول بعض كلمات يستنجد بها عطف الرجل الذي أمامه، ما فهمته (هبة)من كلامه أنهم دائنون يطالبونه بأموالهم، مرابون أو شيء من هذا القبيل، صدمتها مما يحدث جعلتها لا تستوعب ما يُقال...
انتهى الحدث بأقل أضرار بعدما وضعاهما بجانب الفندق وقد هدداه بأنه مالم يفي ديونه سيحدث له مايحدث عقباه...

واجهت (هبة )(يوسف) بما يحدث فأخبرها أنه مقامر على سباقات السيارات السريعة وقد أدمن على ذلك منذ زمن وخسر كل أمواله بسبب هذا الأمر وكاد يفقد شركته فلجأ إلى أولئك المرابون لينقذها لكن الفوائد تضاعفت لثلاث مرات بسبب تأخر الدفع و أولئك الأوغاد يلاحقونه منذ مدة..
شجار حادم وقع بينهما لينفصل كل منهما في غرفة بمفرده عن الآخر...

أيام تليها أيام وشجار آخر يليه شجار و مشادات الكلام تحولت إلى ضرب مبرح كاد يودي بحملها الذي طلب منها إجهاضه فحاولت ترك المنزل ليحتجزها بداخله مستغلا غياب والدتها وسفرها إلى كندا من أجل بحثها ومناقشته...
أيام حالكة تذوقت فيها (هبة )مرارة العيش على يد (يوسف )الذي كان يعود إلى المنزل ثملا فيضع لها طعامها أمام الباب ويعيد إحكام غلقه بينما هي في حالة مزرية...

لم تستطع الاستنجاد بأي أحد بعدما أخذ منها هاتفها فعزمت أن تهرب من هذا الجحيم مهما كلفها الأمر، وفعلت!
تدرك تماما أنه سيعود ثملا كالعادة وما أن فتح الباب حتى فاجئته بضربة على رأسه ليسقط أرضا فتحررت من قبضته...

خاب أملها وكل الحب الذي ملأ قلبها تحول إلى نار غضب وكراهية نفثتهما في وجه( يارا )وأخيها ولكن (منير) ساندها رغم تذمرات زوجته فتطلقت من (يوسف )الذي تم القبض عليه بسبب أعماله الغير شرعية وممارساته العنيفة ضد زوجته الحامل ليمكث خمسة عشر سنوات رهن سجن هولندا المركزي.

هناك حب آخر يحتضن النفوس المرهقة من غربة المشاعر و تشتت القلوب، الأمان الذي يجده المغترب في موطنه وبالرغم من كل شيء شعرت( هبة) بذلك وقد عادت مع والدتها وإبنها الرضيع إلى بيتهما القديم بأحد الأحياء بمدينة الزقازيق...
ثلاثتهم فقط يحتضنون خسارتهم بأمل لحياة أفضل في مكان لا أفضل منه، مهما وجدوا على سطح الأرض مأوى لن يجدوا مسكن، ومسكنهم هم، هو الآمان الذي بثه الوطن في قلوبهم.
تااااابع اسفل
 
 



03-03-2022 01:25 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [1]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية نوفيلا أعترض حضرة القاضي
رواية نوفيلا أعترض حضرة القاضي للكاتبة شاهندة و جود علي الفصل الثاني

الأول من نوفمبر لعام ٢٠١٠.

أبعث لك رسالتى الحادية والعشرون بعد المائة من زنزانتي زنزانة رقم ١٣ أبثك فيها حبي وإشتياقي، أعلم أنها كسابقيها لن تلقى منك ردا، ولكننى أعلم أيضا أنك مرغمة على ذلك مُجبرة من قِبل والدك على تجاهلها بعد أن ضمتنى جدران السجن وأصبح إرتباطك بى مستحيلا كما أخبرنى هو من خلال محبس ذهبي أعاده إلى ورسالة مقتضبة يخبرنى فيها أنه من المستحيل أن يترك ابنته في انتظار رجل مجهول المستقبل أسير السجون، وانه من الأفضل فضّ الارتباط وأن يذهب كل منا لحاله، ادرك انها كلماته هو فقط وأنه لا دخل لكى بها، وادرك أيضا انك ستسللين وتقرأين رسائلي خِلسة، تضمينها إلى صدرك مع وعد بإرتباط روحي أبدي، أقسمنا عليه سويا ولن ينفصم أبدا مهما حاول الجميع.

كم تمنيت لو اختلف الأمر، كم تمنيت لو لم أُظلم وأدلف إلى هذا السجن زوراً فاكون الآن معك في مكاننا المعتاد، تتشابك أصابعنا كتشابك قلوبنا.

تباً يغمرنى الشوق فاتلظى بلهيبه دونك، أشتاق إلى عيناكى الجميلتين حبيبتي، أشتاق إلى سماع صوتك عذب النبرات، أشتاق إليكى بقوة فيعجز القلب عن الخفقان من ألم الإشتياق، فأهدئ خفقاته بالبوح لك بمشاعري على الورق، أجد صفحاتي تمتلئ بثرثرة قد تبدو لا طائل منها ولكنها تمنحنى راحة الحديث إليك، تدركين كم كنت أعشق الحديث معك، فتعيد لى تلك الخطابات مشاعري، تخترق كل الحواجز وتصل إليك فتصلنى بك مجددا وتمنحنى السكينة.

لقد خذلنى الجميع وتخلوا عنى في محنتي تلك ولكننى أدرك أنك صامدة بقلبك تنتظرين خروجى من تلك الزنزانة وتبتهلين إلى الله بالدعوات، أكاد ان أسمعها فيقر قلبي ويزول حزني.
ذكريات العشق السعيدة هي أشبه بضوء شمس في ظُلمة ليالى السجين، لم يحرقها الفراق بل صارت اقوى تعين القلب على تحمل البعد وانتظار الفرج.
سأحدثك قليلا عن زنزانتي..

تلك التي تضم رجالا اختلفوا في التفكير عن الإئتلاف الحاكم في الدولة فصاروا مجرمين في نظرهم يستأهلون الحبس بين الجدران، لم أرى بينهم حقا من قد يكون مصدر تهديد لتلك البلد بل أراهم أُناس عاديون يحلمون فقط بمستقبل أفضل لوطنهم، قد كنت قبل سجنى معهم أعيش لحظاتي وأيامي دون أن أفكر في وطني وكيف أخدمه، بل افكر فقط في نفسى ومن أحب، ولكن منذ أن ضمنى القدر معهم بين تلك القضبان وأنا اتعلم الكثير، بدأت أرى فساد النظام الحاكم وظلم معاونيه، مايؤلمنى حقا تعرض الكثير منهم للتعذيب والإذلال والتهديد بتدمير حياة عائلته ورفاقه، يتهموننا بالنيل من هيبة البلاد وهم من ينالون منها بظلمهم، يقول العم عزيز الذى صار رفيقي منذ وطأت قدماي إلى أرض ذلك السجن البغيض أن الفرج قريب ودولة الظلم إلى زوال وقد صرت أرى ذلك الآن وقد ازداد الظلم واستفحل وطفح الكيل بالعباد، لقد بداو يرون القيود والأغلال في أعناقهم تكبل ارادتهم وعقولهم، يحركهم سيدهم كيفما يريد فيظلمهم بإجبارهم على كل شيئ، أسمعه كل يوم يردد الأشعار فتنبض خفقاتي حماسا وقد صرت مثلهم أرى وطنى كما أراكى حبيبتى، يستحق الدفاع عنه بكل ذرة في الكيان.

تتردد تلك الأشعار حولى كثيرا حتى صرت أحفظها عن ظهر قلب، استمعى إليها حبيبتى وكأنك معنا، تشاركينا الحماس وحب الوطن..
تصرخون دوما..
ماذا تبغون؟!
قد أسبغت عليكم من نعمي و منحتكم كل ماتطلبون؟
عيش حرية عدالة إجتماعية، ومازلتم تنددون..
أنا حاكم ظالم، تبا ألا تفهمون؟
، ماذا تعلم عن الحرية يامجنون؟
أين العدالة والحرية وانا أتلفت بسكون..
أرفل بين قيود الظلم أخشى قبرا فيه اكون..

او قمعا وسيوف القهر تحاوطنى لأصير أخيرا مسجون..
ضاق الحال بقومي فصاروا بفلذات اكبادهم يضحون..
ضاق الحال، ولكن ربي قادر منان وحنون..
وصانى ألا اسجد للطغيان يشهد قرآنه المكنون..
فآن اوانى لأدحر ظلمك وللثورة أقسم وأصون..
وسترحل صدقنى يوما هذا قسمي لرب الكون.

وقسمي لك حبيبتي أُقسمه كما أقسم لوطني، اننى لن اتخلى عنك أبدا كما لن اتخلى عنه وسأعود لك يوما لنستكمل عشقنا وقد جعلنى حبك ممتزجا بحب الوطن قويا لا أُهزم أبدا، فقط الحنين ما يقتلني شوقا، ولكنى اكتمه بداخلي خاصة مع اقتراب عيد الحب فتعيدنى الذكريات الى حالنا وقتها ويداكى تحتضنان يدي ليقتلنى الشوق توقا لأن أحطم قضباني ويدفعنى دفعا للقدوم إليك، ادعو الله دوما فرجا قريبا ليجمعنى بك مجددا وتصيرين بين ذراعي، تضمك ضلوعي فأصير حقا، بالوطن.

فإلى لقاء قريب بعون الله، عدينى أن تكونى بخير دوما حتى اللقاء..
حبيبك حمزة.
انتفضت (هبة)على صوت صديقتها (نور)التي قالت بمزاح وهي توكزها:
-بتقرى جواب تانى من سى حمزة؟
رمقتها (هبة)بحنق قائلة:
-خضتينى ياشيخة، انتى مش هتعقلى أبدا؟
ضمت (نور)ياقة معطفها وعدلت حجابها قائلة:
-وأعقل ليه انا كدة فلة، وبعدين انا ناديت عليكى كتير انتى اللى مسمعتنيش، اكيد طبعا مش حموزة اللى بعت الرسالة يبقى لازم متسمعنيش.

نهضت (هبة)قائلة بحنق:
-وطى صوتك وبعدين حموزة ايه بس؟اسمه حمزة.
رفعت (نور )حاجبيها صعودا ونزولا وهي تقول:
-عارفة بس بدلعه.
قالت (هبة):
-بتدلعيه، طب امشى من قدامى لأنفخك.
ضحكت (نور)قائلة:
-لأ خلاص وعلى إيه؟نتكلم جد بقى مادام فيها نفخ وبلالين.
ابتسمت (هبة)رغما عنها ف(نور)تذكرها بنفسها بالماضى قبل ان...
نفضت أفكارها على صوت(نور)وهي تقول:
-أيوة كدة ياقلبى، فكيها حبة محدش اخد منها حاجة.
لتردف بجدية قائلة:.

-قوليلى بقى ايه أخبار سجين زنزانة ١٣؟
هزت (هبة)كتفيها قائلة:
-لسة زي ماهو، بيبعتلها جوابات يحكيلها فيها عن مشاعره واصحابه وبيشاركها كل لحظاته، بقاله فترة مبيبعتش جوابات معرفش ليه، فبعيد قراية الجوابات اللى لاقيتهم في صندوق بريد الشقة.
قالت(نور)بشفقة:
-هتبقى صدمة كبيرة أوى ليه لما يعرف انها اتجوزت وأهلها عزلوا من البيت اللى كانوا ساكنين فيه ومحدش يعرف عنهم حاجة.
أطرقت(هبة)برأسها قائلة بحزن:.

-هتبقى صدمة فعلا.
ثم رفعت رأسها تواجه(نور)مردفة:.

-تعرفى في الاول لما لقيت الجوابات في الصندوق مهتمتش ورميتهم جوة درج في البيت ولما بدات الجوابات تيجى على البيت بميعاد منتظم بدا الفضول يشدنى وبدأت أقراها، في البداية إفتكرته واحد مجنون وبيشتغلنى بس صدق المشاعر اللى في الجوابات شدنى وواحدة واحدة اتعلقت بيهم وبقيت بستناهم وكأنها مكتوبينلى انا مش مكتوبين لواحدة تانية، ولما سالت عم فاروق صاحب العمارة عن سكان البيت قبلنا وقالى انهم كانوا أب وأم وبنتهم وبعد ما بنتهم اتجوزت سابوا البيت ورجعوا بلدهم كنت هتجنن..

لما هي اتجوزت أمال حمزة بيبعت الجوابات دى لمين وعلى أساس إيه؟لغاية مافى مرة في وسط الكلام عم فاروق كان بيتكلم عنه، وكان بيقول اد إيه كان راجل جدع وخدوم وجواه أخلاق الدنيا، بس الحظ كان ضده وإتسجن ظلم ووقتها والد نسمة- البنت اللى حمزة بيحبها-واللى مكنش بيطيقه أساسا لانه على قده، فض الخطوبة وجوزها لواحد غنى زي ماكان عايز، ساعتها أنا قلبى وجعنى اوى وأنا بتخيله لسة فاكر انها مستنياه وباقية على حبه، كان نفسى أشوفه وأقوله ينساها بقى لإنها متستاهلوش ولا تستاهل حبه الكبير ده.

قالت(نور):
-مش جايز أهلها اللى غاصبينها على الجوازة دى.
هزت (هبة)راسها نفيا قائلة:
-أنا قلت زيك كدة برده، بس عم فاروق نفى الكلام ده وهو بيقولى انها طول عمرها طماعة زي أبوها وان هو استغرب لما اتخطبت لواحد زي حمزة، وانها كمان كانت مبسوطة اوى يوم الفرح وكأنها ملكت الدنيا كلها.
ظهر على (نور)التفكير للحظات قبل أن تقول:.

-طب ليه فعلا متروحيلوش وتقوليله الكلام ده، بدل ما يفضل عايش على أطلال حبه ومتعلق بمشاعره دى واهو بالمرة تشوفى اللى قلبك اتعلق بيه من كلامه بس.
اتسعت عينا (هبة)بإستنكار قائلة:
-اروحله إيه بس، انتى اتجننتى؟مستحيل طبعا.
قالت(نور):
-وليه بقى مستحيل؟
قالت(هبة)بتوتر:
-لاسباب كتيرة، أولها انه سجين سياسي وصعب جدا انى أقابله او أشوفه ده أهله نفسهم مبيشوفوهوش.
قالت(نور):.

-دى سهلة وفي ايدينا، عمى رأفت يقدر يحللك المشكلة دى.
قالت (هبة)بإضطراب:
-حتى لو قدرت أشوفه، هقوله ايه بس؟لأ يانور مش هينفع صدقينى، دى خطوة مجنونة أنا مش قدها.
قالت(نور):
-وماله الجنون؟اسمعى كلام قلبك وقابليه مرة واحدة ساعات بيكون التصرف بجنون أعقل حاجة ممكن تعمليها، وإسألينى أنا.
قالت(هبة):.

-قلتلك مش هينفع يانور، قلبى خلاص دفنته مع الماضى بتاعى ومبقتش افكر دلوقتى غير في شغلى وسيف إبنى، حياتى مش ناقصة تعقيدات.
قالت(نور):
-بس حياتك ناقصها الحب اللى لاقتيه وسط كلام حمزة، حياتك ناقصها الشغف اللى نسيتيه وسط المشاكل والزحمة، حياتك ناقصها تنبض بالمشاعر زي زمان، ومتنكريش الكلام ده لإنه باين في كل ملامحك وكلامك عن حياتك قبل يوسف.
ظهر على ملامح(هبة)بعض الصراع والتردد قبل أن تقول بحزم:.

-مش هينفع يانور، انا كدة مرتاحة ومش ناقصة وجع دماغ، والحب طول عمره وجع قلب وعقل وروح كمان.
كادت (نور)ان تنفى كلامها ولكن طرقات على الباب أصمتتها، ثم دلوف (عز)رئيسهم بالعمل إلى المكان سارع من خفقاتها لتمد يد مرتعشة إلى حجابها تعدله بحركة لا إرادية وعيناها تتعلقان به، بينما ابتسم لكليهما قائلا:
-صباح الخير يابنات.
ردوا التحية ليقول(عز)موجها حديثه إلى (هبة)قائلا:.

-عايزك النهاردة تيجى معايا عند عميل مهم ياهبة، هترافع عن ابنه في قضية كبيرة وهحتاج مساعد معايا، الميعاد على الساعة تسعة، فضى نفسك ومتقلقيش بعدها هوصلك بنفسى للبيت.
هزت(هبة)رأسها فإستدار مغادرا لتجلس (نور)على مقعدها قائلة بإحباط:
-كأنى هوا مش موجودة قدامه أساسا، امتى بقى هيشوفنى؟
اقتربت منها(هبة)وهي تربت على كتفها قائلة بحنان:
-مين دى بس اللى هوا؟ده انتى قمر وكتير بيتمنوكى يانور.
تنهدت (نور)قائلة:.

-صحيح كتير، بس أنا مبحبش حد غيره، وتعبت بجد وبدات أيأس من انه يحبنى في يوم من الأيام.
ربتت(هبة)على رأسها مجددا قائلة:
-هيحبك طبعا، ومش بعيد يكون جواه مشاعر اصلا من ناحيتك لإنك بجد تتحبى، انتى بس اصبرى عليه شوية وبطلى الكسوف اللى بيلجم لسانك وتصرفاتك وقت ماتشوفيه ده، اتكلمى وسمعيه صوتك ولا فالحة بس تبقى زي الراديو معانا وتيجى قدامه وتقلبى أبو الهول.
وكزتها(نور)قائلة:
-انا أبو الهول ياهبة، ربنا يسامحك.

قالت(هبة)بإبتسامة:
-طب خلاص ياستى متزعليش، اقولك على حاجة، انا هتصل بيه الساعة ٨ واقوله انى مش هقدر أحضر معاه عشان ماما تعبانة شوية مثلا وامرى إلى الله، ووقتها هقترح عليه تحضرى انتى معاه الميتنج ده، يعنى هتكونى معاه لوحدكم وانتى وشطارتك بقى.
قالت(نور)بلهفة وامتنان:
-بجد ياهبة؟
ابتسمت (هبة)وهزت رأسها لتحتضنها(نور)بحب بينما ربتت (هبة)على ظهرها بحنان.

مُثقل بالحديد ربما، مُقيد بأغلال أسرى ولكنى أشعر انى حر كعصفور يحلق في سماء يراها لأول مرة، كنت غافلا عن كل شيئ والآن صرت بصيرا، أدرك ان الحرية لا تتجزأ فقيودي وقيود رفاقي تُكبل أبناء وطني جميعا، ولا سبيل لإطلاق سراحي قبل أن يُطلق سراح وطن بأكمله.
جلس (حمزة)بجوار(عزيز)، الذي يقرأ من كتابه بصوت واضح قائلا:.

-علينا أن نتحرر من القيود التي تطوق عقولنا والتي صنعناها بأنفسنا حتى يتسنى لنا أن ننظر إلى بقية العالم ونتعامل معه كأنداد.
قال(حمزة):
-تفتكر ممكن في يوم من الأيام البلد دى تفوق من غفلتها وتثور على النظام الفاسد وتحرر وطن بحاله من الظلم.
إلتفت له (عزيز)قائلا بطيبة:
-وليه لأ؟ماانت اهو فرد من الشعب ده وفقت.
تنهد (حمزة)قائلا:.

-انا مفقتش غير لما دخلت هنا وشفت الظلم والقهر في كل مكان، فقت لما سمعت انين الناس اللى كل ذنبهم انهم قالوا لأ.
شرد(عزيز)قائلا:.

-اللى بيحصل هنا أقل بكتير من اللى بيحصل برة، انت هنا صحيح بتتظلم وتتهان وتتذل بس لاقى سقف يحميك ولقمة تاكلها، الناس برة بتتظلم وتتهان وتتذل وبرده مش لاقيين لقمة ياكلوها وسقف يضلل عليهم ويحميهم من البرد وكلاب السكك، الناس برة خلاص بتبيع كل حاجة حتى لحمها وبرده مش قادرين يعيشوا، مفاضلش كتير وهتلاقيهم فتحوا عنيهم وشافوا انهم لازم يغيروا مصيرهم بإيديهم أو يستسلموا للموت ودى تبقى النهاية بجد.

أطرق(حمزة)برأسه قائلا:
-طب تفتكر هنخرج في يوم من السجن ده ولا هنفضل هنا لحد مانموت؟
أمسك (عزيز)بيد (حمزة)قائلا:
-الموت هنا أهون من الموت برة وانت خاضع وذليل لشيئ اتفرض عليك وكمم بقك وخرس لسانك عشان متقولش لأ، كفاية بقى..
كفاية..
كفاية قهر..
كفاية قمع..
كفاية ذل..
كفاية استهتار بعقل شعب..
وكفاية طغيان وظلم.
هز (حمزة)رأسه قائلا:
-معاك حق.
صمت للحظة قبل ان يقول:
-وحشوك مراتك وولادك ياعم عزيز؟

ظهر الحنين على وجهه قائلا:
-وحشونى طبعا بس هعمل ايه؟اتولدت كدة حر، حر العقل والقلب والدين وربك وصانا في كتابه الحكيم بمحاربة الظلم وانى مسجدش ومخضعش غير ليه وحده وهم عارفين ومقدرين انى مختلف وده اللى مصبرنى ومصبرهم على الفراق.
ليصمت للحظة قبل أن يطالع ملامح(حمزة)الحزينة قائلا بخبث:
-قول بقى ان نسمة واحشاك وعشان كدة فكرة الخروج من هنا مسيطرة عليك النهاردة.
تنهد (حمزة)قائلا:.

-منكرش انها فعلا واحشانى، بس اللى مخلينى عايز أخرج من هنا الخوف.
عقد(عزيز)حاجبيه قائلا:
-الخوف من ايه؟
قال(حمزة):
-الخوف من انها تروح منى، انت متعرفش باباها، مكنش اصلا قابل خطوبتنا وأقنعناه بطلوع الروح، خايف يستغل وجودى هنا ويغصب عليها تتجوز ووقتها هموت بجد.
طالعه(عزيز)قائلا بحزم:
-وقتها هتعيش ياحمزة، خدها منى يارفيقى، اللى تبيعك وانت في ضيقتك متستاهلش لحظة زعل منك.
قال(حمزة):
-أيوة بس وقتها...

قاطعه(عزيز)قائلا:
-هتقولى مغصوبة؟مفيش حد بينغصب على قدره غير الضعيف والضعف بيبقى موت، لإنه ضعف ايمان وضعيف الايمان بينا وبينه الف سور لا عايزينه ولا راضيين يكون بينا وبينه قدر مكتوب.
طالعه (حمزة)وهو يفكر في كلماته التي تتغلغل دوما إلى أعماقه، يوقن بها بقلبه قبل عقله، يتساءل بصمت..
ترى هل حبيبته ضعيفة الإيمان أم قوية العقيدة؟لم تعجبه الإجابة التي ظلت تتردد بداخله ليهمس بثبات دون كلمة...

هي تحبني، فقط تحبني، وهذا كل مايهم.

03-03-2022 01:26 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [2]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية نوفيلا أعترض حضرة القاضي
رواية نوفيلا أعترض حضرة القاضي للكاتبة شاهندة و جود علي الفصل الثالث

كل إمرء يعيش سجنه الخاص مظلوما كان أو مجبورا أو بإرادته فتختلف القيود وتبقى الحبسة هي هي ذاتها..
الساعة الثانية
منتصف النهار..
عادت (هبة) إلى منزلها وقت استراحة الغداء كالعادة، فتحت الباب بيمينها ويسارها تحمل كيس البقالة، وصل إليها صوت (سيف) الباكي وجدت(مها) تهدهده وهو يأبى أن يستسلم لصوتها الحنون..
وضعت كيس البقالة على طاولة المطبخ بسرعة وتوجهت نحو غرفة الصغير وهي تقول:.

أنا جيت! عاملين إيه ياحلوين!
وضعته (مها )بين يديها وقالت:
خدي هزي بيه شوية! من الصبح وهو زي مانتي شايفة، عنده غازات واجعين بطنه هروح أجيبله دوا وأرجع خليكي معاه، بلاش ترضعيه عملتله رضعة من شوية بس هو شبعان...

تركتهما بمفردهما وغادرت تحضر الدواء، جلست (هبة )على الأرض والصغير( سيف) لايزال يبكي محمر الوجه، مدت رجليها ووضعته عليهما تسند رأسه إلى وسادة صغيرة وكشفت عن بطنه وراحت تدلكها بشكل دائري وتهزه وهي تحدثه مبتسمة:.

أنا أسفة ياحبيب ماما، ماخدتش بالى من أكلي فحصلك كده، ماتزعلش مني وحياة أبوك، ولا أقولك بلاش أبوك وسيرته! بس تعرف يانور عيني انت، أنا بعد ماحطيتك في حضني سامحت أبوك دنيا وآخرة، أيوة شفت بقى! عشانك إنت سامحته والله.

تعرف طول عمري كنت بتمنى يكون عندي أخ أو أخت بس جدتك ماكنتش فاضية يادوب تهتم بيا، طلبت منها كتير تجيبلي أخ وكانت بتشخط فية وتقولى انتي فكراه لعبة أجبهالك، ده مسؤولية مش هقدر عليها بوضعي ده ماكنتش اعرف وقتها يعني إيه مسؤولية غير لما بقيت انت في حضني..
بس عمري ماهعتبرك واجب إنت أخويا اللي كنت بحلم بيه وإبني اللي بسببه اتمسكت بالحياة و حاربت عشان حريتي، أنا بحس إني مسؤولة منك مش العكس.

فضحك (سيف) وضحكت وهي تقبل بطنه المنتفخة قائلة:
-اكيد بتقول مامي هبلة إكبر انت بس وهاتشوف جنان مامتك على أصوله.

قبلت رجلاه الصغيرتان وهو يلاعبها بيديه فدخلت والدتها تحمل ملعقة صغيرة و زجاجة المحلول فملأت جرعة منه و دستها في فم الصغير الذي حظي بوقت جيد مع أمه، فعاد لحضن جدته وشيء فشيء استرخى وغاص في نوم عميق، بينما( هبة) وجدتها حجة مناسبة تتملص فيها من موعدها المقرر مع (عز)فاتصلت به تخبره بمرض طفلها واعتذرت له كما طلبت إجازة لبقيّة يومها وستنهي ماعليها إنهاءه من البيت فوصلها صوت (عز) المتذمر:.

هعمل إيه دلوقتي يا هبة لازم حد معايا يلخص الإتفاقيات ويعمل العقود وووو..!
فلمعت عينا (هبة) بمكر وقالت:
بسيطة يا عز، خد نور معاك!
صمت للحظات ثم قال:
نور بتسرح كتير، بتركز على البركة و بعدين، الصراحة...
صمت فقالت( هبة )مبتسمة:
- هااا!
قال بإرتباك:
أنا بتلخبط لما بتبقى جنبي!
فردت مشاكسة:
ياسيدي! لما إنت بتحبها كده ما تصارحها.
فقال:
خايف أصارحها تصدني، ممكن تقفش وتسيب الشغل، لالا خليني كده من بعيد لبعيد أحسن!

فقالت:
تصدك مين يامتر! روح روح، كلمها كده هتلاقيها بتقولك تعالى يوم الخميس وهي هتروح تشتري شربات على طول..
فقال متحمسا:
بجد ياهبة! يعني ممكن توافق؟
فقالت:
أكيد ياعز! توكل على الله ومش هتكون غير راضي ان شاء الله!
قال بحماس:
-هكلمها ياهبة، هكلمها، سلام.
أنهت المكالمة و جلست مكانها صامتة وقد ذكرها (عز) بنفسها سابقا، كيف جعلها الحب مندفعة و حالمة قبل أن تنصدم بالحقيقة التي جعلتها تخشاه إلى الأبد..

تذكرت ذلك العاشق الآخر، (حمزة )!
نظرت إلى كومة الرسائل التي تتموضع فوق مكتبها الصغير فاستقامت وتوجهت نحوهم وأخذت بين يديها بظرف وعادت تجلس مكانها وهي تفتحه:
اليوم، في الواقع لقد تاهت مني الأيام لكنني أوقن أننا بذات السنة لم تتغير بعد ( ٢٠١١)..
وأنا، لازلت أحافظ على بعض ماتبقى من (حمزة) بداخلي.
قال لي العم (عزيز )أن بعض الأيام قد مرت.

على سقوط النظام القديم بينما كنت أرقد في العيادة نتيجة صدمة عصبية من فرط التعذيب، لكنني لم أشعر مطلقا أنني جثة ترقد على فراش قاس مقيدة بجنزير كأنهم يخشون أن يفر الموت بها بعيدا..
كنت أشعر أنني أحيا بسلام بعينيك، نتقابل دائما في مكان جميل أنتظر وصولك وبيدي وردة وتلاقيني بإبتسامة أجمل من الوردة، يفوح عطرك بين يدي فيسدٌ شوقي إليك، كم أنا عاشق؟!

إنني أبالغ في العشق حتى لا أموت، إنه الشعور الذي أمارسه دون جبر، دون كبت، دون مراقبة، ودون تعذيب!
إنتي أحبك كما لو كنت الروح التي تمسك روحي بشدة وتثبتها بداخلي مهما عانت..
أشتاق إليك يانسمة، أتفعلين؟
لن أنسى أبدا هذا اليوم الذي سحبني الضابط فيه إلى قبو واسع، بداخله ثلاثة ممزقين غيري، دفعني بقوة لأسقط بين يدي أحدهم، فابتسم لي وهو يقول عزيز، أخوك الكبير عزيز.

وصار لي الأخ الكبير الذي لطالما كنت أتمنى أن أحظى به..
من قال أن لا ملامح للحب على وجه الإنسان! أدركت ذلك من أول وهلة وقعت عيناي على عزيز، إنه يشع حبا، الحب بكل توجهاته! فما أجمل الحب يانسمة!
أعطاني ورقة وقلم وقال أكتب شوقك ياحمزة فكتبت على رأس الصفحة نسمة
تلاشى كل شيء بذاكرتي إلاّكِ، كيف حالك؟ حين أفكر فيك-كل ثانية حتى بنومي وأحلامي- يمزق قلبي حزنك عليّ، أظنك تتسائلين عن كوني حيا أم لا؟

أنا أحياك وأحيا بكِ، آخر ما كان بيننا هو مايجعل قلبي ينبض داخل هذا القبر، فستانك الأزرق الذي جعلني أميزك من مدخل الجامعة ويدك الدافئة التي وضعتها على كتفي وأنت ترددين خلي بالك من نفسك ياحمزة ما أحلى حمزة من شفتيك!
أمسكت هاتفي لحظتها وقلت لأمي: لنخطب نسمة! فأجابتني: إشترِ خاتم نسمة!
واشتريت وصالي مع نسمة، قبل أن أضعه في أصبعك تفاجأت بالقيد على معصمي..
أعتذر لخذلانك يانسمة!

هلا أخبرتني عن حالك! ألم يحن الوقت لأرى رسائلك بدوري تصلني في هذا المنفى فتحيي قلبي الذي يذوى ألما؟
أريد أن أسمع صوتك في سلامك وينتفض قلبي لخوفك وينبض لاهتمامك، أريد أن أستنشق عاطفتك من الحبر الذي اختلط مع عطرك..
آه يانسمة! كل شيء تاه مني إلاكِ!
فإلى لقاء قريب يامهجة القلب..
ربما هو حلم بعيد لن يتحقق أو ربما اقترب تحقيقه..
سأتمسك بالأمل
حمزة.

سيل من الدموع ينهمر على خديٌ (هبة) التي تمسك الرسالة بيد مرتجفة فصدرت منها آهة شفقة وغصة على حال هذا المحب الذي يتعلق بأمل لو عرف أنه وهم لانتهى.
مسحت دموعها وأخذت ترتشف بعض الماء لتهدأ فدخلت والدتها تناديها من أجل الغداء لتجدها على حالتها تلك فاقتربت منها وجلة وقد ظنت أنها تبكي آلامها بسبب زوجها السابق التي لاتزال كندبة بقلبها قالت وهي تحتضنها:.

لو عايزة أغنيلك عشان تنامي قولي، مش لازم تعملي زي سيف وتعيطي!
ضحكت( هبة )رغما عنها وقالت:
ليه الحب مربوط دايما بالوجع؟ بنحب ليه ونخلص لناس تخون براحة ضمير؟ وليه لما نلاقي الحب الحقيقي بياخده النصيب مننا؟
أبعدتها (مها )عنها قليلا وقالت:.

بخصوص النصيب ده مش بإدينا فملناش حق نعترض على حكمة ربنا، أما الناس اللي مابتقدرش الحب وتغدر دول بسبب إختيارتنا اللي مندفعة ومش سليمة، بننبهر بالحاجة من برا بس جواها مصدي ومالوش قيمة، زي يوسف! الناس دي مايتزعلش عليها ياهبة، دي مجرد دروس تعلمنا ازاي نقدر الناس وندي كل حد قيمته يابنتي!

ماتوقفيش حياتك وتزعلي على حد خسارة فيه كلمة راجل، احمدي ربك على النعمة اللي إدهالك من التجربة دي، ابنك سيف! الملاك اللي من يوم ما جيه ع الدنيا وهو مالي حياتنا.
أومأت( هبة )برأسها ثم أظهرت الرسالة لوالدتها وأردفت:
حمزة ياماما، مش لازم يعرف أن حبه وهم ومتعشم على قلب واحدة خاينة.
أخذت (مها) الرسالة وقالت بحزم:
مالناش دعوة بمشاكل الناس، ومن الاحسن ماتفتحيش الرسايل دي تاني لو سمحتي!

اقتربت منها (هبة) وقالت بحماس:
فكري فيها ياماما، الرسايل دي نلاقيها احنا ليه؟! مش يمكن عشان نساعده!
فردت (مها):
-نساعده؟! نساعده في إيه، ده مسجون سياسي! إنتي مجنونة!
فقالت (هبة) معترضة:
وإيه يعني، ياما في السجن مظاليم!
أشهرت( مها) أصبعها وهي تهدد( هبة):
طول عمرك متسرعة ومندفعة وآخر مرة كنتي هتخسري حياتك، أنا مش هسمحلك تاني تتصرفي على هواكي! حياتك ماتخصكيش لوحدك، أنا وسيف جزء منها خليكي فاكرة.

تجهمت( هبة )وجلست ساهمة بينما والدتها تردد:
-الغدا عندك ع السفرة، كلي أنا هصلي وأنام شوية قبل مايصحى سيف.
لم تقتنع كثيرا بكلام والدتها، فطبيعة (هبة )العنيدة تمنعها من التنازل والتخلي عن شيء قد فكرت فيه بسهولة، لمعت بعقلها فكرة فاتجهت إلى المطبخ وراحت تعمل بهدوء على التحلية التي تعدها..

وبالنسبة إلى الحب الذي يبدأ بإعجاب وصداقة يغمرها التردد فالحل لصفائه يكون، كلمة!
عاد (عز) إلى المكتب بعد ان أنهى بعض الأعمال العالقة وقد توجه نحو مكتب (نور) الذي تتشاركه مع (هبة) لكنه وجده خاليا، أخذ هاتفه يتصل على رقمها لكنها لم تجب أيضا فتساءل عن مكانها وقد أكد لها موعد الذهاب..

توجه إلى الخارج مجددا تنتابه الحيرة لكنها سرعان ماتبددت و قد تقاطع طريقيّهما أما مدخل البناية فزفر براحة و هو يراها تتجه نحوه بابتسامة، كانت تبدو جميلة جدا، لباسها الرسمي المحتشم يزيدها أناقة، ألقت التحية عليه فتعثرت الكلمات بلسانه فقال وهو يشيح بنظره عنها:
اتأخرتي يانور، يلا بسرعة، الحقيني!
ضربت( نور) الأرض بقدمها وهي تزفر بضيق وتردد وهي تلحق به:
بارد، بس يخربيت جماله!

ابتسمت وهو يفتح لها باب السيارة لتجلس ويعيد غلق الباب ويجلس بجانبها وقال:
جهزتي الملخصات اللي قلتلك عليها وعملتي منها نسخ؟
فقالت وهي تضرب على حقيبة يدها:
جاهزين يا أستاذ عز زي ما طلبت حضرتك!
فقال وقد التفت نحوها بدهشة:
إيه الرسمية دي؟ إحنا صحاب يانور ولا نسيتي!
فقالت باستنكار:
صحاب، إنت متأكد؟ معرفش ليه بقيت أحس إنك بتتضايق مني على طول.

لفهما الصمت فلم يستطع تفنيد ماقالته ولم تستطع قول المزيد عن ماقالته فاكتفيا بما قيل لحين مايجدان التحدث عنه...
انتهى الاجتماع برضاء الطرفين وعلى غير العادة كانت( نور) نشيطة ومتفطنة طوال الوقت و (عز) هو من كان يشرد قليلا فيضطر موكله أن يعيد إقتراحه مرة أخرى شعرت (نور )وقتها ببعض النصر والسلام يلفانها.

بعد خروجهما من الإجتماع دعاها (عز) لشرب القهوة كنوع من الاحتفال بالتعاقد الجديد الذي حصلا عليه من شركة كبيرة كتلك، فوافقت على مضض ظاهري وسعادة كبيرة داخلية.
الجلوس بمفردهما كان يوترهما وخاصة أنهما لايجدان مايتحدثان عنه بالرغم من أن هناك ما يمكن التحدث عنه..
فكرت (نور) في ماقالته( هبه )لها فأخذت نفسا عميقا وقالت دفعة واحدة بينما (عز) يحتسي قهوته:
أنا مش عايزة أكون بس صديقة ليك، أنا بحبك ياعز..

لفظ (عز) قهوته فتناثرت عليها بينما أخذ يسعل دون أن ينتبه للفوضى التي أحدثها حوله، تناولت منديلا وراحت تمسح رذاذ القهوة من على ثيابها وهي تقول:
آسفة! شكلي، أنا، عن إذنك وبعتذر مرة ثانية!
لملمت أشيائها بسرعة وهي تقاوم سقوط دمعاتها وخرجت مسرعة ليلحق بها وهو يناديها لكنها لم تجبه فسحبها من يدها وهي تحاول إيقاف سيارة أجرة وقال:
استني بس، أنا، أنا آسف! مش قصدي أحرجك، أنا، اتفاجئت بس!

ماتبكيش أرجوكي، أنا أسف يانور مش قصدي صدقينى!
استدارت مغادرة وقد شعرت بالإهانة ليقول:
أنا بحبك والله!
استدارت نحوه وقالت بحيرة:
إنت بتجاملني!؟
فقال وهو يقترب منها:
وجودك جنبي بيأسرني يانور، ما بعرفش أعمل أي حاجة، برتبك وبتوتر، قربك مني بيغطي على كل حاجة حواليا، أنا بحبك من زمان وخايف أقرب منك فتبعدي عني!
قالت بصدمة:
بتكلم جد يا عز، يعني إنت كمان بتحبني بجد؟
فرد قائلا وهو يحك على رأسه وقد شعر ببعض الحرج:.

بحبك والله! عشان كدة ببقى غبي معاكي وبقول اي كلام.
ابتسمت (نور )وقد شع وجهها المغطى بالدموع من السعادة وهي تطرق برأسها أرضا وتمسك بطرف فستانها وقلبها ينتفض حبا وهي تشكر( هبة) في سرها على اعطائها هذه الفرصة لتجد حبا في الشخص الذي تحبه.

مرت ساعتين ليرتفع أذان المغرب فقالت( هبة ):
بسم الله.
وحملت صحن الكنافة وتوجهت إلى الشقة المقابلة التي يقطن فيها صاحب العمارة السبعيني مع زوجته اللطيفة بعد أن تأكدت أنه توجه نحو المسجد من مراقبتها له من نافذة مطبخها..

استقبلتها العمة (خيريّة) بترحاب وأدخلتها البيت وجلست إلى جانبها، طبيعة (هبة) الاجتماعية تجعلها قادرة على جعل أي أحد يشعر بأنها ليست غريبة عنه وهكذا جعلت العمة( خيرية) تجيب على أسئلتها دون أن تشعر أنها مستجوبة فقالت( هبة):
والله ياعمة جيرتكم أكبر مكسب لينا كإننا وسط عيلة كبيرة، بس الغريب إن جيرانا لسه مش عايزين يقربوا مننا معرفش ليه.
ربتت العمة على يدها وقالت:.

-والله يابنتي كله من السكان اللي قبلكم الله لايسامحهم مطرح ماراحوا مافيش حد ماعملوش معاه مشاكل عشان كده الناس بعدت عن الشقة دي حتى الايجار ماكنش حد راضى يأجرها بسبب اللي عملوه في أهل الشاب اللي كان بيحب بنتهم.
فقالت( هبة ):
أيوة عرفت أنهم جوزوها لواحد غني وبعدها سافروا، إلا هما أهل الشاب ده من هنا يعني من نفس المنطقة؟
فقالت السيدة وهي تمصمص شفتيها حسرة:.

والله يابنتي كل اللي اعرفه إنهم من دمياط ووالدته أستاذة علوم ووالده محاسب في مصنع بيراميدز للأثاث، على حسب كلام الجيران يعني.
شعرت( هبة )أنها لو سألت أكثر ستجعل من نفسها مصدر ريبة فاستأذنت الرحيل قبل أن يعود صاحب البيت رغم إلحاح العمة عليها للبقاء من أجل شرب فنجان قهوة لكنها وعدتها بزيارة أخرى تحضر معها ابنها (سيف )لتعرفها عليه..

هكذا خرجت( هبة) من عندها تعزم على النبش وراء عائلة (حمزة )حتى تعرف كل ماحدث له لتتمكن من مساعدته.

تنتشر رائحة الرطوبة النتنة بحلول المساء ومع ذلك فقد آلفها المساجين طوال كل هذه السنوات وأصبحت شيء يتعايشون معه..
كان( حمزة) يجلس إلى (عزيز )الرجل- الخمسيني -الطيب الذي يعامله كإبن له وكان يبدو عليه المرض مؤخرا دون أن يبالي أحد بأمره...
كان يسند رأسه إلى ركبة (حمزة )وهو يرتعد وجبينه يتفصد عرقا وبدا كما لو أنه يهذي
فبدا (حمزة )يقرأ عليه بعض الأيات ليهدأ وينام..

توقف عن التلاوة ما أن نام (عزيز )فأسند (حمزة) رأسه على الجدار وقد نزلت دموعه على صدغيه، ترهبه فكرة خسارة عزيزه إنه يدخل إلى قلبه الأمن والطمأنينة دائما، يذكره بوالده بعظاته ونصائحه، بحسه الفكاهي، شدته ومرحمته!
تذكر آخر يوم جمع بينهما..
صباحا على سفرة الإفطار حيث كانت والدته تصف الاطباق على عجالة بينما والده يتصفح الجريدة ويستغفر ويحوقل وهو يقرأ أخبار ما آلت إليه أوضاع البلد..

جلس بجانبه (حمزة )وراح يصب الشاي وبعدها سحب الجريدة من والده بينما قالت والدته ساخرة:
سيبه يخلصها، هو لو مخلصهاش مش هيحس بطعم الفطار ياحمزة!
ابتسم (حمزة) ووالده يقول:
ده كان زمان ياناهد دلوقتي الأخبار تسد النفس مش ع الأكل بس، على الدنيا كلها!
ثم تناول كأس الشاي رشف منه رشفتين ثم وضعه وأمسك يد (حمزة) وقال:.

التغيير ياابني مش هيكون بالهد والتكسير والفوضى بيكون بتغيير المفاهيم والأفكار إلى اتسجنا جواها من سنين، وإننا نغير فكرة لازم نخلي الناس تسمع وتعرف وتشوف مش تخاف، التغيير ده بيحتاج صبر ووقت، اللي وصلناله ده حاجة مبشرة، حاجة تفرح وتدل على وعي الناس ورفضهم للظلم والقمع، التمرد واجب عشان ناخد حقنا من الظلمة، أنا مش خايف من حاجة في الدنيا غير على بلدي وولدي من الفتن و عشان كده أستودعهم الله الذي لا تضيع عنده الودائع.

قبل (حمزة) يد والده وقال:
ربنا يصلح الحال يا بابا!
فأخذت والدته وجهه بين يديها وبحنان قالت:
خد بالك من نفسك يابني، الشباب قوة بترهب النظام، عشان كده هيحاولوا يكسروكم، مش هقولك خليك بالبيت وملكش دعوة بحد لأن دي قضية لازم نحارب عشانها، بس عشان أمك وابوك اللي روحهم متعلقة فيك خد بالك من نفسك.
وقبلت جبينه.

صدرت عن (حمزة )آهة وهو يتحسس موضع قبلة أمه على جبينه بيده المرتجفة ذات الأربع صوابع بعد أن فقد الخامس جراء التعذيب أحد المرات حين شتم الضابط والدته فبصق بوجهه غضبا.
الآن مايثلج صدره أن قضية أبناء وطنه التي صارت قضيته قد ندت بثمارها..

وماتحملوه لم يذهب سُدا، سقط النظام وبدأت معالم أخرى تتشكل لم يدري عنها شيء لكنه لم يكن متأملا كثيرا بها مادامت مرت سنوات على حبسه في هذا المكان المنسي ولم يطل الحرية بعد.
وجد يد (عزيز) تشد على يده بعدما افاقته دموعه التي وقعت على جبينه فقال:
إثبت ياحمزة ربنا معانا وهيفرجها علينا!
فنام (حمزة )بأحضان الأمل الدافئة التي دفعه إليها (عزيز) الذي بدوره وجد السكون بمعية (حمزة).

03-03-2022 01:26 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [3]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية نوفيلا أعترض حضرة القاضي
رواية نوفيلا أعترض حضرة القاضي للكاتبة شاهندة و جود علي الفصل الرابع

الحب هو الضوء الذي يشرق على القلوب فينير دروبها، هو نعيم يغمرها ويبث في أحشاء الروح حياة، وأمل ينبثق من جوف الظلام فيبدل لونه الأسود بآخر وردي ولكن حين يخيب هذا الأمل وتقتله رصاصة الغدر، الخيانة، والخذلان، تذوى الروح شيئا فشيئا وتغرق في أنينها ودموعها وآهاتها، يدهمها الصقيع فتجد القلب معلقا، مابين الحياة والموت.
قالت(نور)بحماس:
-بجد ياهبة، هتسافرى دمياط لأهل حمزة.

اكتفت(هبة)بإبتسامة، فأردفت (نور)وهي تعقد حاجبيها فجأة قائلة:
-طب هتقولى لأهله إيه بس؟وطنط مها وافقت كدة بسهولة؟!
قالت(هبة)وهي تنهض من على مكتبها وتلتف حوله لتواجه(نور):
-لسة مش عارفة هقول لأهله إيه بالظبط بس في الطريق هلاقى الف حجة، ويمكن أقول الحقيقة، صدقينى مش عارفة، أما الدكتورة منى فأنا كل اللى قولتهولها إنى مسافرة عشان أبحث في قضية مهمة ولان الشغل عند ماما ادمان فطبعا ممانعتش.

هزت(نور)راسها بتفهم، قبل ان تبتسم قائلة:
-مش قادرة اصدق انك أخيرا سمعتى كلامى ونويتى تقابلى حمزة وتحكيله عن اللى اسمها نسمة دى، وكمان هتدافعى عنه.
جلست(هبة)على الكرسي قائلة:.

-ولا أنا قادرة أصدق نفسى يانور، انا اترددت كتير بس بصراحة واحد زي حمزة في أخلاقه وتفانيه في حبه خسارة يفضل في السجن ومحدش يسأل عنه ويضيع عمره على الفاضى، وخسارة كمان انه يفضل عايش في الوهم، ده غير انى من خلال كلامه حسيت انه مظلوم بجد، حسيت انه زيه زي كتير من شباب بلدى طواهم الظلم واترموا في السجون لمجرد انهم قالوا لأ، كفاية طغيان.
هزت (نور)رأسها ثم ابتسمت بخبث قائلة:.

-انتى عايزة تفهمينى ان اهتمامك بحمزة اهتمام إنسانى بحت وانك هتدافعى عنه لله وللوطن.
تنهدت (هبة)قائلة:
-لازم دى تكون دوافعى يانور، منكرش ان مشاعرى اتعلقت بروحه الطيبة وكلامه اللى قريته في رسايله، بس زي ماقلتلك قبل كدة حياتي مش ناقصة تعقيدات، انا مبقتش زي زمان، جوايا انكسر ومش سهل أبدا أستسلم لمشاعري وأخليها تتحكم فية زي زمان.
جلست (نور)قبالتها تمسك بيدها بين يديها قائلة بحنان:.

-مش هتعيشى مترهبنة ياهبة لمجرد انك مريتي بتجربة فاشلة، انتى لسة صغيرة واكيد عارفة ان التجارب اللى بنمر بيها دى بتعلمنا وتقوينا وانها مش لازم ابدا تضعفنا.
قالت(هبة)وقد غشيت عيونها الدموع:.

-اللى مريت بيه كان بشع، شوه كل حاجة جوايا، أنا حبيت من كل قلبى بس حبى اتقابل بالغدر والخذلان وحبة بحبة جرح القلب كان بيزيد لدرجة انه مبقاش ينفع يتعالج أو يرجع زي ماكان، بقيت متعلقة بين الحيا والموت، عايشة ايوة بس القلب قتله الماضى يانور.
قالت(نور)بعطف:.

-القلب مش ضعيف ابدا وقادر يقوم من كل صدمة وجرح أقوى مما كان، هو بس محتاج وقت عشان يرجع زي الأول، وانا شايفة ان قلبك بدأ فعلا يرجع زي الأول والدليل انه إتعلق بروح وإنسان لإنه شافه مختلف ويستاهل يتحب، متنكريش مشاعرك ياهبة لانها واضحالى زي الشمس، وواضحالك انتى كمان.
كادت أن تقول شيئا حين طرق الباب ثم فتح ليظهر على عتبته (عز)الذي قال بإبتسامة:
-صباح الخير يابنات.

ردوا التحية فوجه حديثه إلى (نور)قائلا بحب:
-عازمك على الغدا متمشيش.
ابتسمت (نور)وهي تومئ برأسها، فإستدار مغادرا، لتنظر (هبة)بإتجاه(نور)بنظرة ذات مغزى قائلة:
-عزومة على الغدا، قلتولى، هو انا فاتنى حاجة؟
قالت(نور)بإبتسامة خجولة امتزجت بالحب:
-فاتك كتير بس هحكيلك.

ياما كنت اتمنى أقابلك بابتسامة
أو بنظرة حب أو كلمة ملامة
بس أنا نسيت الابتسام
زي ما نسيت الآلام
والزمن. بينّسي فرح وحزن ياما
إن كان على الحب القديم
إن كان على الجرح الأليم
ستاير النسيان
نزلت بقالها زمان
وإن كان على الحب القديم وقساه
أنا نسيته أنا
ياريت كمان تنساه
تفيد بإيه يا ندم؟
وتعمل إيه يا عتاب؟
طالت ليالي الألم واتفرقوا الأحباب
وكفاية بقى تعذيب وشقا
ودموع في فراق ودموع في لقا
تعتب عليا ليه؟

أنا بإيديا إيه؟
فات الميعاد.

نفذت كلمات السيدة (أم كلثوم) لروحها فتنهدت، لقد تعذبت كثيرا وذاقت مرارة الغدر وألم الخذلان وباتت العودة لنفسها مستحيلة ولكن كلمات (نور)بثت فيها الأمل بأنها حقا بالإمكان، توقفت في الطريق لترتاح قليلا وتشرب فنجالا من القهوة يعيد لها نشاطها و حيويتها، لتستطيع اكمال الطريق إلى دمياط حيث يسكن أهل (حمزة)، رفعت فنجالها إلى فمها ترتشف رشفة ثم تعيده إلى مكانه على الطاولة، تسحب هاتفها لترى الوقت فوقعت عيناها على سطور رسالته لها.

تبا كم أغضبتها كلمات الرسالة واثارت حنقها لتنوى أن تبدل شريحتها، نادمة على منح رقمها ل(يارا)التي بالتأكيد منحته لأخيها (يوسف)، تجرى عيونها مجددا على كلمات الرسالة..
مش هسيبك ياهبة، أحسنلك ترجعى وتتنازلى وتخرجينى من هنا وإلا هتشوفى منى ايام سودة، لإنى هخرج هخرج ووقتها مش هرحمك.

زفرت بقوة وهي تغلق هاتفها، وتلقيه على الطاولة بحنق ليرتطم بفنجال قهوتها ويسكبه، رفعت هاتفها بسرعة وهي تبحث عن منديلا بحقيبتها لتنظفه من آثار القهوة فوجدت رسالة من رسائله التي لاتفارق حقيبتها أبدا، أمسكتها بيد بينما تنظف هاتفها باليد الأخرى قبل ان تضعه بالحقيبة، جاء النادل ليرفع فنجال القهوة وينظف طاولتها ففتحت رسالة(حمزة) وهي تدرك ان فيها راحتها وهدوء بالها وقلبها بعد ان أثارت رسالة طليقها حنقها وغضبها، لتقول وقد بدات انفاسها المتسارعة بالإنتظام:.

-فنجال قهوة سادة تانى لو سمحت.
هز النادل راسه بإحترام مغادرا بينما تمر عيناها على كلمات الرسالة فتهدأ وتبتسم، لا إراديا.
الرابع عشر من فبراير ٢٠١٣.

مجددا يعلوا صوت المذياع الذي يخبئه العم عزيز بأغانى الحب في هذا اليوم الذي لا أفتح فيه عيني ابدا لأراك حاضرة بين جفوني، نرقص ونرقص في حلقات ولا ينهكنا الدوران ابدا، الحب في هذا اليوم هو انتى وانتى فقط، يتردد اسمك في هذا اليوم في كل لحظة، تتناثر ذكرياتنا حولى تجبرنى على تجرع مرارة الحنين.
أين انتى الآن؟أتراكى تجلسين في مكاننا المعتاد، تحتسين القهوة وتفكرين بى، تغمضين عيناكى فترينى حاضرا كما أراكى.

أغمضت (هبة)عينيها فراته حاضرا، صورة رسمتها له في وجدانها يقترب منها بحب ويمد يده لها، كادت أن تمد إليه يدها ولكنها فتحت عيونها بقوة حين وجدت النادل يتنحنح قبل ان يضع القهوة على الطاولة وينصرف بسرعة لينتابها الخجل، تتصرف بجنون حقا كما اعتادت بالماضى فقط في حضرته هو او على الأصح في حضرة كلماته ومشاعره..
عادت عيناها تجرى على سطور رسالته..

أتمنى حقا أن أراك يا من بعثتي الروح في حياتي فهيا تعالى وإبعثيها مجددا في كياني، ذكريات عشقنا تمنحنى القوة لأستمر ولكن في هذا اليوم اجدنى ضعيفا تائقا لرؤياكى، أتمنى لو تمردتي على قيودك وجئتينى لتمنحينى صمودا في الفراق او تمنحينى قناعا من النسيان يجعلنى أتحمل سنوات سجني..

ربما بدى اليوم ساحرا، الجو هادئ والسماء تعكس مشاعرى وتمنحنى أملا ولكن سنوات من وجودى بين القضبان دون رؤيتك او سماع كلمة منك جعلت سمائي تكفهر، سنوات الفراق تجبرنى على تقبل حقيقة واحدة، لقد إستطاع والدك ان يفرقنا ولكن أرواحنا مازالت عالقة هناك، مابين الحياة والموت، تنتظر لقاءا ينشلها من ضياعها او فراقا دائما يحملها إلى اللحد.
حمزة.

طوت رسالته وهي تتنهد، تضعها في حقيبتها قبل ان تحمل فنجالها لترتشف منه فوجدته فارغا، شربته على مايبدو دون ان تنتبه، تنهدت مجددا وهي تنهض تضع بعض النقود على الطاولة قبل ان تغادر وقلبها يحدثها أن هناك في مكان ما يقبع رجلا أقسم على الوفاء، يجعلها توقن أن الرجال ليسوا أبدا سواء كالنساء تماما بعضهم يقسم على الوفاء حتى الممات والبعض الآخر يخون ببرود، وقسوة.

أخذت (هبة)نفسا عميقا قبل أن تطرق باب منزل (حمزة)الذي عرفت عنوانه من خلال ادارة مصنع بيراميدز للأثاث الذي كان يعمل فيه سابقا (مصطفى الناجى) والد( حمزة) وقد اخبروها انه إستقال لضعف حالته الصحية، فتح الباب بعد قليل وظهرت على عتبته سيدة طيبة الملامح بشوشة الوجه، نظرت إليها بإستفهام، فقالت(هبة)بإرتباك:
-مدام ناهد مش كدة؟
هزت السيدة رأسها قائلة:
-أيوة يابنتي.
حاولت (هبة)الابتسام قائلة:.

-صباح الخير، وآسفة لو جاية الصبح كدة من غير ميعاد بس الحقيقة انا جاية بخصوص حمزة ابن حضرتك.
شحب وجه(ناهد)وقالت بجزع:
-حمزة جراله حاجة؟!
أمسكت (هبة)بيدها على الفور قائلة بسرعة:
-لأ متقلقيش هو بخير بس انا يعنى كنت عاوزة اتكلم معاكى بخصوص قضيته، انا محامية.
افسحت لها (ناهد)الطريق قائلة:
-اتفضل يابنتى ادخلى مش هنتكلم على الباب.

دلفت(هبة)إلى المنزل تتطلع إلى بساطته المريحة للأعصاب بينما تقدمتها (ناهد)لتفتح لها بابا قائلة:
-اقعدى يابنتى في الصالون على مااناديلك الحاج مصطفى.

دلفت (هبة)إلى الحجرة وجلست على أقرب مقعد لها، وجدت ألبوما من الصور فغلبها فضولها لرؤيته، تدرك ان هذا الالبوم بالتاكيد يحتوى على صور(حمزة)، مدت يد مرتعشة وحملت الألبوم لتفتحه فوجدت بالبداية صور لوالدته وهي في سن أصغر تحمل طفلا وسيما، بالتأكيد هو ذلك الطفل، ابتسمت وهي تتنقل بين الصور، تراه في جميع مراحل عمره، يزداد وسامة حتى كانت تلك الصورة التي خطفت أنفاسها، يبدو فيها حمزة كاحد نجوم السينما في بذلة سوداء رائعة فارع الطول هو قمحي البشرة عيونه عسلية وشعره أسود ناعم مصفف بعناية، نظرته جذبتها بقوة وكانها تنفذ إلى روحها فترتعش كل خفقاتها، انتفضت على صوت (ناهد)وهي تقول:.

-الصورة دى كانت في الليلة اللى هيخطب فيها البنت اللى بيحبها، كانت وش النحس عليه زي ماحسيت، كان هو زي القمر ياحبة عينى، وهو لسة هيلبس الدبل البوليس جه وخده، ملحقش يتهنى ياضنايا.
قال(مصطفى)الجالس على كرسي متحرك وهو يمسك بيدها بحنان:
-خلاص بقى ياناهد، اهدى عشان خاطري.

ربتت على يده فتأملتهما (هبة)، من هنا جاءت طباع (حمزة)إذا، أسرة متوسطة تحمل الكثير من الحب والحنان بداخلها، تراه في الاعين والنظرات والدفء الذي تشعر به يحيطها، يشبه (حمزة)والده كثيرا على مايبدو يحمل ملامحه وحنان قلبه، ولكنه يحمل أيضا عينا والدته ورقتها.
تنحنحت قائلة:
-الحقيقة أنا جاية النهاردة علشانه، نويت ادافع عنه وأخرجه من سجنه اللى انحبس فيه ظلم.

التفتا لها سويا وظهر الأمل واللهفة في ملامحهما قبل أن تقول(ناهد):
-بجد هتقدرى تخرجيه من السجن يا...
ضربت رأسها بخفة مردفة:
-معلش يابنتى نسيت أسألك عن إسمك وأسألك كمان لو تشربى حاجة.
قالت(هبة)بإبتسامة:
-إسمى هبة صديق وتسلمى مش عايزة حاجة، انا بس عايزة أعرف الفترة الأخيرة في حياة حمزة كانت ملامحها ايه بالظبط؟
قال(مصطفى):.

-حمزة طول عمره في حاله وملوش في السياسة، مستقيم مجتهد وملتزم اتخرج من الثانوية بمجموع عالى ولما طلب يكمل دراسته مع صاحبه عماد في جامعة الزقازيق مااترددتش ثانية واحدة، حتى لما حب من هناك وحب يتجوز ممانعناش، في آخر مرة كان هنا حكالنا عن صاحبه وانه مبقاش يشوفه زي الأول، لان عماد انضم لحركة سياسية والسياسة بقت كل همه، وانه حاول مرة يضمه ليهم بس هو مرضاش، لانه ملوش في السياسة، كلنا كنا شايفين اوضاع البلد الغلط بس كمان كنا شايفين ان الحل مش في التكسير والهد والارهاب عشان نغير، الحل في صرخة توصل صوتنا للمسئولين وتقولهم كفاية ظلم مبقيناش قادرين نتحمل، اتقوا يوم هترجعوا فيه للى خلقكم وهيسألكم عنا وعن افعالكم واستغلالكم لمناصبكم، المهم انه رجع الزقازيق بعدها وفي يوم الخطوبة روحنا نحضرها وقبل ماتكمل قبض عليه البوليس، حاولنا نفهم ليه واخدينه وواخدينه على فين مقدرناش نوصل لحاجة وفضلنا كتير ندور عليه في كل السجون اللى في الزقازيق بس محدش كان عارف عنه حاجة، والد خطيبته كان ليه أخ ظابط ولما طلبنا منه يكلمه هزأنا وطردنا من بيته وفرج علينا العمارة كلها وقال كلام صعب اي حد يتحمله، يإسنا ورجعنا بلدنا وطلبنا من ربنا ياجرنا في مصيبتنا لحد مافى يوم جالنا منه جواب، كان زي طوق النجاة لواحد غرقان، قشة اتعلقنا بيها وجرينا من تانى على الزقازيق، قومناله محامى هناك عشان يطلعه، صرفنا القرشين اللى في البنك وناهد باعت دهبها وبرده مقدرش المحامى يعمل حاجة وفي الآخر اتخلى عن القضية، فوضنا امرنا لله وطلبنا الفرج، قامت الثورة ومعاها أملنا اتجدد في التغيير، في رجوع الغايب، بس الظاهر مكنش فيه فايدة، فضلت البلد تتخبط والارهاب يزيد، وولادنا فضلوا مسجونين وكأن الظلم في اي نظام بيكون موجود في الأركان مستخبى في دور الشرف لكنه بيخرب في العمدان ويوقع نظام من بعد نظام وفي الآخر بيظهر كبش فدا وبتتعاد الحكاية من أول وجديد.

قالت(ناهد)بحزن:
-اللى قلقنا بجد هو انقطاع الجوابات بتاعته، حمزة كدة بقاله خمس شهور مبعتش ولا جواب ودى مش عادته كان بيبعت جواب كل ٣ شهور كانت جواباته بتصبرنا، دلوقتى لا حس ولا خبر عنه.
هو أيضا لم يبعث بأي خطاب ل(نسمة)منذ خمسة أشهر، ترى ما السبب، انتابتها الهواجس فأسرعت بإبعادها عن مخيلتها كي لا تظهر على ملامحها وتثير جزع اهل(حمزة)، قالت(هبة):
-وانتوا مبعتلوش جوابات؟
قالت (ناهد):.

-بعتناله في البداية بس لما قال في رسالة ان مفيش أى خبر بيوصله منا، عرفنا ان جواباتنا مبتوصلوش فبطلنا نبعتها.
هزت رأسها بتفهم وقد ادركت ان هناك من كان يمنع عنه الخطابات بالبداية، على الأغلب عم خطيبته أما الآن فتعتقد ان خطاباته لن يعترض سبيلها أحد وقد مرت سنوات وتناساه ظالمه، قالت بهدوء وهي تنهض:.

-أنا مضطرة امشى دلوقتى بس هحتاجكم بعد يومين في الزقازيق هتعملوا توكيل للمحامى اللى بشتغل معاه في مكتبه ولية ومن خلاله هدافع عن حمزة واوعدكم انى مش هتخلى عن القضية غير لما ارجعه لحضنكم من تانى.
قالت(ناهد)بلهفة وهي تمسك يدها:
-بتتكلمى جد يابنتي..
ليظهر الاحباط على ملامحها مردفة بإرتباك:
-بس توكيل ومحامى واحنا يعنى...
قاطعتها (هبة)وهي تربت على يدها بحنان قائلة:.

-متقلقيش من المصاريف، المكتب هيترافع في القضية بدون أتعاب.
طالعتها(ناهد)بإمتنان بينما قال (مصطفى)بحيرة:
-بدون أتعاب ازاي يابنتى؟وليه؟
التفتت إليه قائلة بإبتسامة:
-لسة الدنيا بخير ياعمى، مضطرة فعلا أستأذن وده الكارت بتاعى وفيه رقمى وياريت تدونى رقمكم عشان سهولة التواصل.
أسرعت (ناهد)تكتب الرقم على ورقة وتناولها إياها، فتناولتها (هبة)بإبتسامة ووضعتها بحقيبتها لتقول(ناهد):.

-مش ممكن نسيبك تمشى قبل ماتتغدى معانا يابنتى، ولا عايزاهم يصدقوا ان احنا بخلا.
قالت(هبة)بود:
-انتوا اهل الجود والكرم بس بجد مش هقدر اقعد كتير عشان سيف ابنى لسة رضيع ومينفعش أسيبه المدة دى كلها.
قالت(ناهد):
-ما شاء الله متجوزة ومعاكى أطفال في السن ده ياحبيبتي؟
قالت(هبة):
-أنا مطلقة ياطنط.
قالت(ناهد)بسرعة:
-أنا آسفة...
قاطعتها (هبة) قائلة:
-ولا يهمك، الجواز قسمة ونصيب وأنا مش زعلانة، عن اذنكم وأشوفكم بخير.

اوصلتها للباب فودعتها(هبة)وانطلقت في طريقها تصحبها دعوات ام مكلومة بصلاح الحال وراحة القلب والبال.

كانت تحمل صغيرها شاردة بكل ماعلمته اليوم عن (حمزة)، تحاول ان ترتب افكارها التي ترتبك ماان يطل بصورته امامها فتتبعثر كل الأفكار وتظل عينيه امامها تطالعانها بتلك النظرة النافذة إلى الروح فتربك الكيان وتجعلها تتردد في الذهاب إليه خشية الغرق في عشقه ولكن تظل كلمات والديه وهذا الامل الذي بثتهما إياه عائقا امامها في تراجعها عن الدفاع عنه، يجبرانها على التقدم والمضي قدما فيما عزمت، رغم كل شيئ، ستتصل بصديقتها(نور)لتحدد لها هذا الموعد مع عمها(رأفت)وستدلف إلى هذا السجن بصحبة (عز)وستدافع عن (حمزة)وتطالب بإصدار العفو عنه لبرائته من كل إثم، ولن يهدأ لها بال حتى تنجح، حتى وان كان الثمن قلبها الذي سيغرق في العشق أكثر دون أن يبادله معشوقه الحب وقد تشبع بحب أخرى.

أفاقت من أفكارها على صوت هاتفها وما ان تطلعت إلى شاشته حتى اجابته على الفور قائلة:
-نور بنت حلال كنت لسة هكلمك عشان...
قاطعها صوت( نور) الباكى وهي تقول بألم:
-إلحقينى ياهبة، بابا مصمم يجوزنى هشام ابن عمى.
لتتسع عينا (هبة)، في صدمة.




الكلمات الدلالية
رواية ، نوفيلا ، أعترض ، حضرة ، القاضي ،


 





# فنون # مشاهير # صحة # منوعات # الأطفال # English # تفسير الأحلام ثقافة # قصص # سيارات Cars # صور # تقنيات # الاجهزة الالكترونية # المطبخ # كلام فى الحب # أبراج # رياضة # ازياء # حكم وأقوال تطوير الذات# خلفيات # صور بنات # مشاهير # ديكور # صباح الخير # مكتوب برقيات شهر رمضان # جمعة مباركة # حب رومانسية # عيد # ادعية # خلفيات كرتون # منوعات # موضة # الأم # أطفال # حيوانات # صور ورد # اكلات # New Year # مساء الخير # اللهم صلي علي النبي # القران الكريم # صور نكت # عيد ميلاد # اعلام # سيارات # تهنئة الخطوبة # حروف واسماء # الغاز # صور حزينة # فساتين # هدايا # خلفيات النادي الاهلي # تسريحات شعر # الاصدقاء # بوستات نجحت # خلفيات نادي الزمالك # حب رومانسية # تهنئه # ازياء # صور بنات # صوره وكلمه خلفيات # كرتون # بروفايل رمزيات # دينية # سيارات # مضحكة # أعلام # مسابقات # حيوانات # ديكور # أطفال # أكلات # حزينة صور شباب أولاد ر# صور # الطب و الصحة # مقالات عامه # CV المشاهير # وصفات الطبخ # العناية بالبشرة غرائب وعجائب # قصص روايات مواعظ # صور حيوانات # وصفات الحلويات # الرجيم والرشاقة # نكت مضحكة # صور خلفيات # العناية بالشعر # شروحات و تقنيات # videos # Apps & Games Free # موضة أناقة أزياء # سيارات # ديكور # رعاية الأطفال # نصائح المطبخ # موبايل جوال # الفوركس # التعليم والمدارس # الحمل و الولادة # اخبار الرياضه # وظائف # صحة المرأة # حوادث # صور بنات # صور اطفال # مكياج و تجميل # عناوين بنوك شركات محلات مطاعم # العاب الغاز # عيد # كلمات الاغانى # اشغال فنيه واعمال يدويه # مصر # أشعار خواطر # للنساء فقط # للرجال فقط # صور شباب # علاج النحافه # رسائل SMS # أكلات نباتية - Vegetarian food # برامج الكمبيوتر # المراهقة # جمعة مباركة # blogger # رعب # لعنة العشق # حب # اسلامية # قاسي ولكن أحبني # أحفاد أشرار الحرب لأجلك سلام # أسمى معاني الغرام # حقيقية # لقد كنت لعبة في يده # ملهمة # أباطرة العشق # عربية # حب خاطئ # لست مميزاً # من الجاني # مشاهير # راقصة الحانة # اغتصاب طفلة # عاشقان يجمعهم القدر # الطريق الصعب # خيال علمي # أشواك الحب # تاريخ # سجينة ثوب الرجال # لروحك عطر لا ينسى # أطفال # عشق وانتقام # لازلت أتنفسك # لقاؤنا صدفة # للحب معان أخرى # خاتم سليمان # ممن أنتقم # نجاح # أبواب وهمية # حلمى فى صفيحة قمامة # فيلم # مجنون بحبك # بين شباكها # حزينه # رحلات جوليفر # عذاب قسوته # عندما ينادي الشيطان # لعنة حبك # مريم وامير # هدوء في قلب العاصفة # الحاسة السادسة # المشعوذة الصغيرة # عباقرة # لوعة العشق # حروب # قدر بالإجبار # بنات مضحكه# فوركس Forex# صحتك # الصور والخلفيات # الطبخ والحلويات # منوعات # اخبار الفن # القصص و الروايات الألعاب الرياضية # الحياة الزوجية # أزياء وملابس # الأم و الطفل # دراسات لغات # افكار منزلية # انترنت تكنولوجيا # صفات الابراج # حيوانات ونباتات # تفسير الاحلام # معانى الاسماء # خواطر و اشعار # الكون والفضاء اجمل نكته# Mix # Forex # youtube # foods # Kids # Health education # stories # News # kitchen # woman # Famous # Sport # Animals

-------

الساعة الآن 05:32 مساء