أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في منتدى جنتنا، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





رواية ذات الكتاب الأحمر

لم يكن سحر المكان وحده ما جذبه إلى هذا المطعم المشهور، بل كان أيضاً سحر هذه الفاتنة التي جعلت العازب الشهير يشعر بأنه وج ..



01-03-2022 12:53 مساء
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 

t22081_1383

لم يكن سحر المكان وحده ما جذبه إلى هذا المطعم المشهور، بل كان أيضاً سحر هذه الفاتنة التي جعلت العازب الشهير يشعر بأنه وجد كمالا لطالما نشده فيها هي. وهي وحدها لا غير. ذات الكتاب الأحمر.
اقتباس

لو بيدها لأراحتها من هذا العمل الإضافي ومنحتها المال ولكن حالها كحال صديقتها، تعيش وحدها. يكفيها مرتبها بالكاد فهي بدورها لا تعطي دروساً خصوصية وترفضها تماماً، كما أنها تعرف سعاد جيداً لتدرك كم هي عفيفة النفس لا ترتضي إحساناً، تنهدت قائلة:
_بصي ياسعاد انتِ ملكيش ذنب في ظروفك، مين بس كان يفكر ان أشرف الصنايعي الشاطر هيشرب مخدرات تلحس عقله وتخليه يعاملك بالطريقة دي، أما شغلك يابنت الناس فهو لا عيب ولا حرام ولو شايفاه كدة وهتتأثري بكلمتين فارغين من ناس عقولها مريضة يبقى تقعدي من الشغل وتريحي دماغك.
أغمضت عيناها قائلة بألم:
_كلهم شافوه عريس كويس الا انا، م الأول وأنا قلت لبابا بلاش. مش مرتاحاله، قالي ده صنايعي وكسيب ومامته ست طيبة والحارة كلها تشهد بكدة. سلمت أمري لله واتجوزته رغم عدم اقتناعي واهي دي النتيجة.
لتفتح عيناها تطالعها مردفة:
_مع الأسف انا شفت اللي جواه من الأول بس مقدرتش أعمل حاجة وهعمل إيه بس بعد الفاس ماوقعت على الراس، قلة تعليمه عملتله مشكلة نفسية لدرجة انه شاف في تعليمي خطر عليه ومنعني اشتغل لغاية لما الديون كترت والورشة اتحجز عليها وقتها بس سمحلي أشتغل عشان اصرف عليه وعلى البيت، صحيح الشغل مش حرام ولا عيب بس أمثال أيمن وأشرف اللي في الراحة والجاية يسموني بكلامهم خلوني بجد أفكر في حل واحد ملوش تاني.
فصول رواية ذات الكتاب الأحمر
رواية ذات الكتاب الأحمر للكاتبة شاهندة الفصل الأول

في مدرسة قديمة محدودة الحجرات تهالك طلاؤها، جلست هذه المرأة متوسطة البنية بيضاء البشرة عسلية القدحتين تطالع الساحة التي يلعب فيها بعض الطلاب في شرود، أفاقت من شرودها على صوت أتى من خلفها تقول صاحبته بعطف:
لسة زعلانة؟
استدارت تطالع محدثتها التي لم تكن سوي مروة جارتها وصديقتها وزميلتها بالعمل لتنفض حزنها قائلة بهدوء:
مش زعلانة ولا حاجة.

واضح فعلاً وعشان كدة الوش اللي الابتسامة مبتفارقهوش عابس ومكفهر زي العواصف والأعاصير.
ابتسمت رغماً عنها قائلة:
عابس ومكفهر. لأ واضح ان اللغة العربية سيطرت على عقلك جوة الفصل وبرة كمان.
ابتسمت مروة بدورها قائلة:
أيوة كدة ابتسمي، لما بتكشري الدنيا مبيبقالهاش طعم ياحبي.
اختفت ابتسامتها واحتلت نبراتها لمحة من الحزن وهي تقول:
تفتكري ابتسامة هي اللي ممكن تحلى الدنيا دي يامروة؟

شعرت بقلبها يخفق ألماً لهذا الألم الذي تنبض به حروف صديقتها لتقول بحنان:
ابتسامتك على الأقل بتحلي دنيتنا كلنا، أنا ومامتك وباباكِ وأشرف وولادك كمان ياسوسو.
استدارت تطالع الطلاب في الساحة مجددا وهي تقول بمرارة:
أشرف. انتِ بتضحكي علية ولا على نفسك، خلاص يامروة. الكل بقى عارف عمايل أشرف فية ولا انتِ مسمعتيش كلام أيمن لية قصاد الكل.
وقفت جوارها قائلة:.

وانتِ هتاخدي على كلام واحد معتوه زي أيمن الكل عارف إنه متغاظ منك عشان محدش من طلاب فصلك بيروحله ياخد درس خصوصي. وهياخدوا ليه وانتِ بتشرحيلهم بضمير ومتابعاهم ومشجعاهم لدرجة ان الأوائل على المحافظة بيكونوا من جوة فصلك، وهو طالع واكل نازل واكل على الفاضي وطلابه بيعدوا المادة بالعافية ولولا خوفهم ليستقصدهم مكنوش راحوا له أساساً.
طالعتها قائلة:.

متغالطيش نفسك، صحيح الكل عارف ان أيمن مش طايقني وفعلا متغاظ عشان اللي قلتيه، بس نظرات الشفقة اللي شفتها في عيون حنان ومصطفى ومحمد والشماتة اللي شفتها في عنين ضحى ونجاة خلوني متأكدة ان النهاردة مش هتكون أول ولا آخر مرة يعايرني فيها أيمن بجوزي العاطل الحشاش جوز الست اللي بتشتغل بالنهار مدرسة حساب وبعد الضهر بتشتغل محاسبة في فرن الحارة عشان تكفى احتياجات بيتها.

لو بيدها لأراحتها من هذا العمل الإضافي ومنحتها المال ولكن حالها كحال صديقتها، تعيش وحدها. يكفيها مرتبها بالكاد فهي بدورها لا تعطي دروساً خصوصية وترفضها تماماً، كما أنها تعرف سعاد جيداً لتدرك كم هي عفيفة النفس لا ترتضي إحساناً، تنهدت قائلة:.

بصي ياسعاد انتِ ملكيش ذنب في ظروفك، مين بس كان يفكر ان أشرف الصنايعي الشاطر هيشرب مخدرات تلحس عقله وتخليه يعاملك بالطريقة دي، أما شغلك يابنت الناس فهو لا عيب ولا حرام ولو شايفاه كدة وهتتأثري بكلمتين فارغين من ناس عقولها مريضة يبقى تقعدي من الشغل وتريحي دماغك.
أغمضت عيناها قائلة بألم:.

كلهم شافوه عريس كويس الا انا، م الأول وأنا قلت لبابا بلاش. مش مرتاحاله، قالي ده صنايعي وكسيب ومامته ست طيبة والحارة كلها تشهد بكدة. سلمت أمري لله واتجوزته رغم عدم اقتناعي واهي دي النتيجة.
لتفتح عيناها تطالعها مردفة:.

مع الأسف انا شفت اللي جواه من الأول بس مقدرتش أعمل حاجة وهعمل إيه بس بعد الفاس ماوقعت على الراس، قلة تعليمه عملتله مشكلة نفسية لدرجة انه شاف في تعليمي خطر عليه ومنعني اشتغل لغاية لما الديون كترت والورشة اتحجز عليها وقتها بس سمحلي أشتغل عشان اصرف عليه وعلى البيت، صحيح الشغل مش حرام ولا عيب بس أمثال أيمن وأشرف اللي في الراحة والجاية يسموني بكلامهم خلوني بجد أفكر في حل واحد ملوش تاني.

انتفضا على صوت قوي يأتي من خلفهما قائلاً:
حل إيه ده ياسعاد؟

استدارا ليطالعا شاباً وسيماً أسمر البشرة عيناه كلون ليل سرمدي يطالع سعاد بنظرة ثاقبة تخللها بعض الحنان، للحظة شعرت سعاد بالضعف أمام هذا الرجل الذي لم يكن سوي محمد ابن خالتها وزميلها بالمدرسة، تعلم أنه بات يدرك بدوره ماأخفته سنوات عن العائلة متظاهرة بالسعادة في حياتها الزوجية حتى هدم زوجها كل هذا حين أخرجها البارحة أمام كل أهل الحارة يسبها ويضربها لإنها تأخرت قليلا في المخبز، يطردها من منزلهم بلا رحمة تذوذ عنها حماتها بكل قوتها ولكن لا فائدة ومن يستطيع الوقوف أمامه حين يكون في هذه الحالة، مُتعاط لسم يسري في أوصاله دون أن يدري، يجعله ظالماً قاسياً حتى على أقرب البشر إليه أمه التي دفعها بقسوة لتسقط أرضا ثم كال السباب لهما سوياً ودلف بعدها إلى المنزل يصفع الباب خلفه. توسلت إليها سعاد أن تأتي معها لمنزل ذويها ولكن هذه السيدة الطيبة أبت وأخبرتها أنها ستبيت لدي صديقة وفي الصباح ستتبدل أحواله مجددا ليأتي ويعيدها، كم هي طيبة القلب الست صفية، مازال لديها أمل في صلاح حال ولدها بينما فقدت سعاد كل أمل في هذا.

أفاقت على سؤال محمد الذي ردده مجددا على مسامعها لتعتدل آخذة نفس عميق قبل أن تقول بثبات:
هسيب الشغل في المخبز وهطلب نقلي من هنا، وده قراري النهائي.
شهقت مروة بينما عقد محمد حاجبيه بقوة لتتجاهل نظراته التي تنفذ إلى أعماقها وهي تبتعد عنهما بخطوات ثابتة، تطلع كل من مروة و محمد إلى بعضهما البعض بحزن قبل أن يتابعاها مجدداً بنظراتهما الحزينة.

لطالما أحب طاهر هذا المكان الساحر، يجذبه بدفء فيوقظ حواسه ماإن يدلف من بابه، يُشعره براحة غريبة لا يضاهيها سوي هذه الراحة التي يشعر بها حين يطالع قسمات طفل صغير يبتسم ببراءة، ففي هذه المساحات المفتوحة وتلك الموسيقى المتدفقة الناعمة والوجوه العديدة المختلفة مايطلق العنان لمخيلته فيستطيع إحاكة قصة في خياله تكون نواة لرواية جديدة تضاف لإبداعاته كما يطلق عليها جلال صاحب دار النشر التي يخصها بكتاباته.

لكن في الأشهر الأخيرة وجد شيئاً آخر يجذبه لهذا المكان، لا ينسى اليوم الذي كان يشرب فيه فنجال القهوة الخاص به والذي يفضله دون غيره وتميز هذا المكان بتقديمه بطريقة مثالية. ليرفع فنجاله إلى ثغره يغمض عيناه ورشفة تبلل شفتيه ثم تداعب حلقه بطعم لا مثيل له يرسله إلى الجنة مع كل قطرة وحين فتح عيونه ونظر إلى الأمام وجدها تقف هناك تتطلع إلى المكان تبحث عن طاولة خالية على الأغلب. جميلة بل فاتنة لا تضاهيها اي فتاة رآها من قبل تسلب الألباب منذ اللحظة الأولي، وقعت عيناها على الطاولة الخالية البعيدة عنه بعض الشيء تقدمت بإتجاهها وجلست برقة، تقدم منها النادل فأخبرته بطلبها. ثم ابتعد عنها فأخرجت كتاب أحمر الغلاف وفتحته ثم خطت فيه بقلمها بضع كلمات. ليأتي النادل ويضع أمامها فنجالاً من القهوة التركية كخاصته، رفعت الفنجال لثغرها وأغمضت عيناها للحظات فرفع هو رايته البيضاء في هذا الوقت وهو يدرك أن سهم الحب أصابه ولا سبيل له سوي الاستسلام للحب.

يعترف الآن أن أكبر أخطاءه كان في متابعتها بصمت، لم يجرؤ قط على تقديم نفسه لها، ربما لمشاهدته العديد من الرجال يقتربون من طاولتها ثم يبتعدون وعلى وجوههم ارتسمت خيبة الأمل، ظل يراقبها من بعيد ليعرف عنها العديد من الأشياء كعشقها للون الأزرق، حضورها للمطعم يوم الجمعة فقط، عزباء فلا تحمل أصابعها محبساً في اليمين أو اليسار بل لا ترتدي أياً من المجوهرات سوي سلسال بقلب أزرق مميز مثلها تماماً، إلى جانب هذا الكتاب الأحمر الذي لا يفارقها دوما وكأنه كتابها المفضل تدون به في بعض الأحيان بعض الكلمات، أيضاً حبها للموسيقى( بيتهوفن) فما إن تُعزف له إحدى المقطوعات حتى تترك مابيدها وتنتبه بكل حواسها تغمض عيناها مثله كلما نفذ شيء إلى روحها فسكنها.

شهران يراقبها على أمل أن تسنح له الفرصة كي يتعرف إليها، ولكن للأسف كل مرة يمنعه شيء ما، ربما هو الخوف من أن يقترب فتضيع هذه الصورة التي رسمها لها في مخيلته وتصير سراباً، فلطالما أعجب بفتيات وصاحبهن ليظهر كزير نساء لعوب لا يدرك من حوله أنه أبعد مايكون عن ذلك، هو فقط يبحث عن الكمال في المرأة وما إن يقترب من إحدى النساء حتى يكتشف تفاهتها وضيق أفقها فيبتعد على الفور، لقد أخبره جده في آخر زيارة له أنه قد يإس من أن يرى له حفيداً من صُلب آل الفيومي بما أنه آخر سلالتهم ومازال عازباً حتى الآن وكأنه صار بالخمسين ولم يتم للتو الثانية والثلاثين.

زفر بقوة. ربما جده لديه كل الحق في غضبه منه، فهو بالفعل يطلب المستحيل، يريد إمرأة تجمع كل المتناقضات.






تشاركه عشقه للطعام وتكون طباخة ماهرة وفي نفس الوقت تهتم بنفسها وجسدها، تصغي إليه بإهتمام وتشاركه أيضاً المناقشات بل وتجادله حتى في كتاباته، ان تكون رزينة عاقلة في بعض الأحيان مرحة في البعض الآخر، أن تكون رقيقة وقوية الشخصية واثقة من نفسها أيضاً و راقية وعفوية دون تصنع أو تكلف، طفلة في حضرته أنثى في لياليه وأما لأولاده في مستقبله. يريدها كاملة كخياله عنها. وهل هناك إمرأة كهذه؟ ربما هي هذه الفاتنة من يبحث عنها فحتى الآن يراها حقاً كما أراد او ربما هي مخيلته فحسب، لابد له وأن يقوم اليوم بخطوة ليقترب ويعرف ماإن كانت حقاً كما يريد او لا.

مهلاً. لقد جاءت. إستقبلها النادل بإبتسامة بشوشة وتقدمها حتى طاولتها، لقد سحرت النادل على مايبدو. جلست فابتعد عنها يحضر قهوتها بينما وضعت كتابها على الطاولة. حسنا سينهض الآن ويقترب منها. لحظة. لقد رن هاتفها وأجابته على الفور بإبتسامة خلابة، ربما عليه الانتظار حتى تنهي مكالمتها. عقد حاجبيه بقوة وابتسامتها تختفي مع اعتلاء الصدمة كل ملامحها، ودموع طفرت من عينيها الجميلتين، نهض يسرع إليها ولكنها كانت الأسرع بحمل حقيبتها والمغادرة وهي مازالت تتحدث بهاتفها. وصل إلى طاولتها فوجد كتابها الأحمر، حمله بقلب ينهشه القلق يتساءل عن فحَوي مكالمتها التي أصابتها بصدمة على مايبدو، أسرع خلفها ولكن ماإن خرج من المطعم حتى وجدها قد إختفت تماماً فلم يظهر لها أثر، ليضم الكتاب إلى صدره وقد شعر أن هذا الكتاب هو جزء منها سيحتفظ به حتى يلقاها مجدداً، يدرك أن القلق عليها لن يفارقه لحظة حتى يفعل.

في هذا الحي الشعبي حيث يجتمع اغلب قاطنيه في المقهى يسمعون الراديو ويشربون بعض المشروبات بينما يلعب البعض منهم الشطرنج والطاولة. مرت مروة من أمامهم ثم دلفت إلى المبنى المجاور له وصعدت إلى الدور الأول لتفتح باب شقتها بصعوبة وهي تحمل تلك الأكياس بيدها بينما تسحب المفتاح ثم تغلق الباب وما إن فعلت حتى رن هاتفها لتسرع إلى الطاولة وتضع عليها الأكياس ثم تخرج الهاتف من حقيبتها فتوقف الرنين، عقدت حاجبيها وكادت ان تفتح الهاتف لتري محدثها، انتفضت وهو يرن مجددا لتبتسم حين رأت رقم أختها فأسرعت بالإجابة قائلة بحنين امتزج بسعادة:.

ميهووو حبيبة قلبي وحشتيني.
انتِ كمان وحشتيني قوي ياروما، ووحشتي صلاح كمان وعشان كدة عملنالك مفاجأة أكيد هتسعدك.
جلست مروة بتهالك على الأريكة قائلة:
قولي بسرعة أختك النفسية بتاعتها بقدونس ومحتاجة خبر يفرحها.
طب اسمعي الخبر ده، صلاح أخد أجازة من الشغل وجايين القاهرة عشان اكون جنبك وأولد في بيت بابا.
نهضت مروة وقد نسيت كل تعبها تتسع عيناها في سعادة قائلة:
بتهزري. معقولة حلمي هيتحقق، معقولة هتيجوا القاهرة؟

احنا جايين فعلا، أنا بكلمك من العربية. اعمليلنا بقى أحلى أكل من ايديكي والله وحشني طبيخك ياروما. صلاح بيقولك متنسيش المكرونة البشاميل.
احلى أكل هعملهولكم، قدامكم قد إيه وتوصلوا؟
قالت مها ضاحكة:
اقل من ساعة، بس انتِ قدها وقدود.
عيب عليكي، ده انا روما قبل ماتوصلوا هتلاقوني مخلصة.
قالت مها بحنان:
حبيبتي يا روما، بجد وحشتيني ياقلبي ووحشني الرغي معاكِ. خد بالك ياصلاح. حاسب ياصلاح. حاااااااااااسب.

صرخة انتفضت لها خفقات مروة بقوة لتنادي بلوعة:
مها. فيه ايه يامها؟ ردي علية وطمنيني أبوس إيدك. مها. صلاح. حد يرد عليا ياناس. مهااااااااا.
تااااابع اسفل
 
 



01-03-2022 12:53 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [1]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية ذات الكتاب الأحمر
رواية ذات الكتاب الأحمر للكاتبة شاهندة الفصل الثاني

بعد مرور عام.
آثرت الوحدة ليس حباً فيها وإنما هروباً من زيف البشر، لأشفي جراحاً عميقة بالروح وأفكر في مجريات أموري، أصحح أخطائي فأعود أنا هذه الفتاة التي عهدتها دوماً من ترى العالم من خلال عيون أبيها صاحب القلب الكبير، الصدر الحانِ الذي ما إن أحتاج إليه حتى أرتمي بين ذراعيه فأجد الملجأ والسكن لأفتخر دوماً أني. ، مُدللة أبي.

تراجع في مقعده يسند رأسه إليه وهو يمرر أنامله على حروفها بحنان، تنهد بعمق مغلقاً ذلك الذي ظنه كتاب أحمر ليكتشف أنه مجلد لذكريات هذه الفتاة التي تعلق بها، تخُط فيه مشاعرها فتسلب قلبه بالكامل كما سلبت لبه من قبل، لقد بات يحفظ كلماتها وكأنها حُفرت بوجدانه، يبحث بينهم عن أي دليل يقوده إليها ولكن لا فائدة. لم يجدها حتى الآن وربما لن يجدها قط، يدرك انه أضاع فتاة أحلامه وأنه لن يرتضي دونها رفيقة لروحه التي تعلقت بها بالكامل وجعلته عاجزاً عن الكتابة حتى، يبحث عنها في كل مكان دون جدوي، لا يبالي بتذمر جلال الذي يطالبه دوما برواية جديدة ولا يهتم لشيء سواها، ربما سيعتزل الكتابة وربما سيظل دوما العازب الأشهر في المدينة ويُغضب جده ولكنه أبدا لن يفقد الأمل في العثور عليها، فتاته الغامضة الرائعة. تري أين هي الآن؟ وماذا تفعل؟

كان تسير شاردة في أفكارها تعتلي ملامحها نظرة حزينة تعبر عن فحوي هذه الأفكار حين أفاقت من شرودها على صوت يناديها توقفت وإستدارت لتتبدل ملامحها على الفور وتعلو ثغرها ابتسامة رقيقة وهي ترى هذا الرجل العجوز الذي يقترب منها وما ان أصبح أمامها حتى قال من بين أنفاسه اللاهثة:
تعبتيني من الجري وراكِ يادكتورة.
أمسكت يده وقادته تجاه مقعد عريض لتجلسه وتجلس جواره قائلة:.

معلش ياجدي، خد نفس الأول. مخدتش بالي والله.
طالعها بنظرة متفحصة تنفذ دوماً إلى أعماقها وهو يقول:
كل ده ومخدتيش بالك، ده انا ناديت عليكِ كتير، أكيد كنتِ سرحانة، ها. قوليلي الجميل سرحان في ايه؟
أبدا مفيش حاجة.
أطرقت برأسها أرضا تدرك أنه سيدرك كذبتها إن إستمر في النظر إليها هكذا وربما بدأت في البكاء لتردف قائلة:
شوية مشاكل بس في الشغل.
وجدت أنامله ترفع ذقنها لتقابل عيناها عينيه العميقتين وهو يقول:.

مشاكل ايه اللي في الشغل تخلي العيون الحلوين دول يدمعوا، انتِ هتخبي على جدو رءوف يابنتي؟
وجدت الدموع تغادر مقلتيها لا إرادياً ليأخذ الجد هذا المنديل الذي لا يفارق جيب بذلته ويمنحها إياه فاخذته تمسح عيونها قائلة بصوت متهدج:
أنا آسفة ياجدي، مش قصدي والله أنا بس مش عايزة أشيلك همي.
ياعبيطة وانتِ لو محكيتيش لجدك رءوف وخرجتي اللي في قلبك هتحكي لمين بس؟
تنهدت قائلة في حزن:.

والله ياجدي وجودك في حياتي هون علية كل حاجة، مش عارفة من غيرك كنت هعمل إيه؟
يبقى تحكي من غير مقدمات، إيه اللي مضايقك بالشكل ده؟ رأفت زعلك تاني؟
مطت شفتيها قائلة:
مبقتش أزعل منه خلاص، عمي رأفت بان على حقيقته بالنسبة لي وفهمت كل اللي بيعمله معايا كان عشان إيه؟
عشان الفلوس طبعاً.
هزت رأسها قائلة بمرارة:.

اتجوز ماما بعد وفاة بابا الله يرحمه بحجة انه هيراعيها عشان مرضها ويراعيني وطبعا مينفعش يقعد في البيت من غير رابط رسمي، كان فاكر انه هيقدر يستولي بعدها على الفلوس بتوكيل ماما تعملهوله، مكنش يعرف ان بابا الله يرحمه قبل مايموت كتبلي كل حاجة بيع وشرا وكأنه كان حاسس باللي هيحصل، وطبعا لما عمي عرف بدأ يضايقني عشان اتنازل له وده مش هيحصل أبدا، مهما عمل فية.
ربت رءوف على يدها قائلاً:.

طب مااحنا عارفين كل ده، ايه الجديد بقى؟
طالعته بحزن قائلة:
الجديد انه بعت يجيب ابن عمي من إنجلترا عشان يجوزهولي، وأقنع أمي إني لازم أتجوزه ياإما هفضل طول عمري كدة من غير جواز مستغل طبعا اني رافضة الجواز نهائي بعد مااتخطبت مرتين وطلعوا الاتنين أسوأ من بعض، واحد كان طمعان فية والتاني خاين.
عقد الجد حاجبيه قائلا:
طب والحل؟

مفيش حل زي ماانت شايف، أمي مريضة قلب وتعبت امبارح لما رفضت وزعقت وأنا مش مستعدة اخسرها هي كمان حتى لو اضطريت أتجوزه عشان ارضيها.
قال رءوف بصدمة:
انتِ اكيد اتجننتي، تتجوزي ابن التعبان ده وتضيعي حياتك عشان ترضى أمك؟ هو ابن التعبان هيطلع ايه غير تعبان زيه.
زفرت قائلة:
عصام فعلا حيوان، من صغرنا وانا مبطيقوش ولا هو بيطيقني، ومن سنة كدة شفته واتأكدت انه لسة حيوان زي ماهو.
ولسة مصرة تتجوزيه ياآيات؟

هزت كتفيها بقلة حيلة قائلة بمرارة:
وأنا ممكن اعمل إيه بس ياجدي؟ ماانا حكيتلك ظروفي.
صمت الجد للحظات وظهر على وجهه التفكير لتلتمع عيناه فجأة وهو يقول:
لقيتها.
عقدت آيات حاجبيها قائلة:
هي ايه دي اللي لقيتها؟
الفكرة اللي تنجيكي من فخ رأفت وابنه.
أمسكت بيده قائلة بلهفة:
إزاي ياجدي قولي بسرعة.
طالعها قائلا بتصميم:
تتجوزي حد تاني.
لتتسع عيناها بصدمة.

ربتت مروة على ظهر الصبي بحنان فتجشأ لتبتسم وهي ترفعه عن كتفها فواجهها بعينيه الرماديتين الجميلتين، اتسعت ابتسامتها قائلة:
حبيب خالتو العسل بزيادة، جايب الحلاوة دي منين ياواد انت؟
قابلت كلماتها همهمات من الطفل الذي مد أنامله يمسك وجنتها فقبلت كفه بحنان، سمعت صوت طرقات مألوفة على الباب فأسرعت تجاهه تحمل الصبي وتفتح الباب بابتسامة واسعة وهي تقول:
سوسو حبيبة قلبي وتوتو روحي.

ابتسمت كل من سعاد وطفلتها تقي لتقول الأولي بمرح:
أهي دي المقابلة اللي تفتح النفس، وسعي كدة خليني أحط الأكياس اللي في ايدي وأشيل صاصا وأبوسه.
أفسحت لها مروة الطريق قائلة:
مسمعتكيش مها وانتِ بتقولي صاصا كانت عضتك، لما كنت أسألها عن جوزها و أقولها ايه أخبار صاصا كانت بتديني فوق دماغي. ياريتها كانت عايشة وأنا...

غصت الكلمات حلقها فصمتت بينما نبرة الحزن في صوت مروة أنّ لها قلب سعاد فتركت مابيدها واقتربت من مروة قائلة بحنان:
مها في مكان احسن من هنا صدقيني، ربنا اختارها تروحله هي وصلاح جوزها بس كان رحيم بيكي وسابلك حتة منها. صلاح ابنها. ياروحي عليه قمر ما شاء الله بياخد العقل ربنا يحفظه ويبارك فيه.
رددت مروة قائلة:
يارب.
ثم نظرت إلى الأكياس التي وضعتها صديقتها قائلة بحب:.

تسلميلي ياسعاد، لولاكِ مش عارفة كنت هعمل إيه، ولا هوفق ازاي بين شغلي وصلاح وطلبات البيت؟
ياعبيطة متقوليش كدة احنا إخوات، يلا بقى أسيبك مع العسل ده وأروح مشواري.
انتِ هتروحي لخالتي صفية دار المسنين برضه لوحدك؟ هو لسة الباشا محنش على أمه؟
تنهدت سعاد تنظر إلى تقي التي ابتعدت عنهما تلعب بسيارة الصغير قبل أن تقول:.

أشرف خلاص يامروة المخدرات لحست عقله وخلته يرمي أمه في دار مسنين وميسألش عنها ولو طايل يرميني انا وبنته كمان في الشارع هيرمينا بس مش قادر لإني بصرف على البيت.
وإيه اللي مصبرك عليه ياسعاد؟ ماتسيبيه.

وأروح فين؟ انتِ ناسية لما طردني من البيت آخر مرة وبعدين جالي يرجعني ولما رفضت عمل فضايح قدام البيت، قام بابا جايبهالي على بلاطة وقاللي لو رجعت بيت أهلي تاني غضبانة هيرميني في الشارع هو كمان وان الست العاقلة تحتوي جوزها وتحاجي على بيتها.
يبقى تيجي تعيشي معايا.
أشرف مش هيسيبني وهيفضل ورايا عشان أرجع واصرف عليه. أشرف بقى شراني قوي واخاف يإذيكي يامروة.
لا حول ولا قوة الا بالله. طب والعمل؟

ربنا قادر يحلها من عنده، انا إتأخرت هستأذن دلوقت ولو رجعت بدري هفوت عليكي، يلا ياتقي.
ماتسيبيها قاعدة معايا
وحشت جدتها ونفسها تشوفها. مرة تانية ياقلبي.
مالت تقبل الصغير قبل أن تلوح لمروة بيدها راحلة مع طفلتها لتتابعها عيون مروة بحزن على حال صديقتها.
انت بتقول إيه ياجدي؟ أتجوز؟ لا شكراً. اكتفيت من الرجالة الخاينين في حياتي ومش ناوية أخوض التجربة دي تاني. الحل ده مرفوض نهائي.

ربت الجد على يدها قائلاً بعطف:
مش كل الرجالة خاينين يابنتي وبكرة الأيام تثبتلك.
فتحت فمها لتقول شيئاً ولكنه أسرع مردفاً:
عموماً أنا مبقولش تتجوزي بجد، انا بقول تتخطبي كدة وكدة وتقعدي فترة مخطوبة لغاية ماتقدري تتصرفي. تكسبي وقت يعني.
ومين بس اللي هيقبل يقوم بالدور ده وأكون واثقة إنه مش هيستغل الموقف؟
حفيدي طاهر حسين الفيومي.
عقدت حاجبيها قائلة:.

حفيدك؟ مش ده الكاتب زير النسا اللي فقدت الأمل في يوم انه يتجوز ويجيب طفل يشيل اسم عيلة الفيومي من بعدك.
لتردف بعتاب:
بقى هو ده اللي اخترته يقوم بدور خطيبي ياراجل ياطيب؟
والله ده تاب على ايد واحدة خلته مش شايف غيرها، حبها من كل قلبه والنتيجة انه هيفضل عازب طول العمر.
قطبت جبينها قائلة:
وهو ليه متجوزهاش؟

ميعرفش عنها حاجة الأهبل. اعمل إيه بس فيه؟ مطلعليش. آل إيه كان بيشوفها من بعيد لبعيد، حب روحها اللي حسها توأم لروحه، واختفت قبل مايعرف حتى اسمها.
طب مايدور عليها.
دور عليها كتير. ملهاش أثر ومبقتش كمان تزور المكان اللي اتقابلوا فيه، فص ملح وداب. المهم ان ده هيأكدلك انه مستحيل يخون الاتفاق او يستغل الموقف.
قالت آيات بتردد:
طيب وإيه اللي يخليه يوافق على وضع زي ده؟

طاهر ممكن يعمل أي حاجة إلا إنه يزعلني او يرفضلي طلب.
ماهو رفض يتجوز ويجيبلك حفيد زي ماانت عايز.
شرد الجد قائلاً:
لإني مأمرتوش بالجواز. وأنا مستحيل أعمل كدة لإني اكتر واحد عارف إن الجواز لازم يكون عن حب وإقتناع والنتيجة انه لسة عازب لحد دلوقتي.
ياجدي..
قاطعها قائلا:.

صدقيني هو ده الحل الوحيد اللي قدامك. بكرة الجمعة يوم أجازتك مع الأسف وفي نفس الوقت اليوم الوحيد اللي بيجيلي فيه طاهر. هكلمه. ولو وافق هتقابليه وتتشرطي عليه زي ماانتِ عايزة. قولتي إيه؟
ظهر التردد على وجهها للحظة قبل أن تهز رأسها موافقة، ابتسم بارتياح وكاد أن يقول شيئاً ولكن حضور الممرضة ياسمين قاطعه وهي تقول موجهة حديثها لآيات:
دكتور صديق طالبك في أوضة 7 يادكتورة.

هزت آيات رأسها وإستأذنت من الجد مغادرة بينما تابعها الجد وبقلبه أمنية واحدة ظلت ترددها خفقاته لتنطلق على لسانه وهو يقول:
يارب تكونوا من نصيب بعض يااولادي.
ليخرج صورة حفيده من جيبه يتأملها مردفاً بحنان:
لو هتمنى واحدة ليك مش هتمني غير آيات ياطاهر.
قولتي له إنك جاية تزوريني؟

صمتت سعاد لا تدري أتكذب وتقول لها أنها أخبرته فتحزن تلك السيدة الطيبة لإن ولدها لم يحضر معهما أم تحزنها أكثر إن أخبرتها بما فعله بها حين علم في المرة الماضية أنها كانت تزورها؟
آثرت ان تخفي الأمر قائلة:
أشرف بايت في الشغل من امبارح فمعرفتش اقوله.
ظهر الحزن على ملامح السيدة صفية وبدأت دموعها في التساقط تِباعاً على وجهها وهي تقول:.

لسة ملامحك شفافة ومبتعرفيش تكدبي ياسعاد، أشرف بيشتغل ويبات في الشغل كمان. من إمتى بس؟سبحان الله مش ده أشرف اللي ربيته. منهم لله ولاد الحرام اللي جروه لطريق الشر وخلوه شرب القرف ده وعمل كدة في أمه ومراته وبنته كمان اللي طايلها شره.
ربتت سعاد على يدها قائلة بحنان:
متزعليش منه وإدعيله ياماما ربنا يهديه لعلها تكون ساعة إجابة.
ربنا يهديه يابنتي لأجل خاطرك انتِ وتقى، انا خلاص مبقاليش في الدنيا كتير.

متقوليش كدة ياماما. ربنا يديكي الصحة ويبارك في عمرك.
ربتت صفية على يدها بحنان قائلة:
ويباركلي فيكي يازينة البنات. سامحيني يابنتي، لو كنت اعرف إنه هيعمل فيكي كدة مكنتش دقيت بابكم ولا جيت أطلب ايدك ليه.
رفعت يدها الحرة وربتت على يد السيدة صفية قائلة:
ده نصيبي ياماما متحمليش نفسك فوق طاقتها، وبعدين متقلبيهاش نكد بقى، ده انا جايبالك البسبوسة اللي بتحبيها، امسحى دموعك وتعالي نفتحها وناكلها مع بعض.

نادت سعاد طفلتها التي تلعب بالجوار فلبت الطفلة النداء بينما طالعتهما صفية بقلب شاكر وجودهما في حياتها وإلا لأصيبت بالجنون إثر جحود ابنها الوحيد بكل تأكيد.

01-03-2022 12:54 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [2]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية ذات الكتاب الأحمر
رواية ذات الكتاب الأحمر للكاتبة شاهندة الفصل الثالث

طرقات على الباب أخرجته من المطبخ بسرعة ليري من الطارق قبل أن توقظ هذه الطرقات والدته المريضة وما إن فتح الباب حتى توقف متسمراً بمكانه يطالع بنت خالته سعاد التي فغرت فاهها تتطلع إلى هيئته بمريول المطبخ والسكين في يده لتنطلق منها ضحكة لم تستطع كبحها تضع يدها على فاهها كي توقفها فشعر بكل ذرة في كيانه تغرد على أنغام ضحكاتها، وجد نفسه يبتسم لا إرادياً يرفع كتفيه مفسحاً لها الطريق فدلفت قائلة بمرح:.

غيرت مهنتك من مدرس لشيف ياابن خالتي.
أغلق الباب قائلا:
أعمل إيه بقى؟ وحداني ياسعاد وخالتك تعبانة ولازم أعملها شوربة.
تلفتت حولها وقد زال من وجهها آثار المرح قائلة بقلق:
صحيح هي فين وأخبارها إيه دلوقت؟
إتجه إلى المطبخ قائلا:
الحمد لله أحسن، لسة نايمة من شوية. أخدت أجازة من المدرسة والدروس عشانها، هعملها الشوربة وأصحيها تشربيهالها، مش راضية تاكل أبدا ولما هتشوفك من فرحتها أكيد هتاكل وتشرب.

تبعته للمطبخ قائلة:
طب حاسب كدة. انا اللي هعملها الشوربة بإيدي.
ابتسم وهو يطالعها ترتدي المريول وتُمسك السكين تُكمل تقطيع الخضروات، كم بدت خلابة كما كانت دوما وستظل إلى الأبد، نفض أفكاره عنها فلم تعد من حقه أبدا قائلا:
على فكرة بقى خالتك كدة هتتأمر وهتطلب تاكل من إيدك كل يوم.
توقفت عن تقطيع الخضروات وهي تقول بصوت تسللت إليه بعض المرارة:
ياريت كان بإيدي أجيلها كل يوم وأطبخلها بإيدي. بس للأسف مش هقدر.

صحيح انتِ جيتي هنا إزاي؟
نفضت عنها الحزن قائلة بمرح:
جيت ماشية هاجي إزاي يعني؟
حدجها بنظرته النافذة تلك فأشاحت بوجهها عنه تضع خضرواتها في الطنجرة قائلة:
يعني هكون جيت إزاي يامحمد؟ مقلتش لأشرف طبعا ماانت عارف انه مانعني آجي هنا زي بابا تمام، مش عارفة ليه مبيحبوش خالتي وليه يعني يمنعوني عنها وهم عارفين بحبها قد إيه ومستحيل أسمع إنها تعبانة ومجيش أزورها؟

ربما لا يحب والدك أمي وقطع الصلة بيننا بسببها ولكن زوجك لديه أسباب أخرى فقد أدرك مشاعري تجاهك حين عرفت لأول مرة أنه يضربك، وقتها ذهبت إليه وقد أعماني الغضب وكِلت له بعض اللكمات ثم هددته إن فعلها مجددا فسأقتله. ليمنعك بعدها من زيارتنا كما أخبرتني وقتها متعجبة من قراره المتعنت آنذاك.
محمد يامحمد.
كان قد غرق في أفكاره وذكريات أطلت من الماضي فلم يشعر بالوقت حتي أفاق من شروده على صوتها ليقول مغمغماً:.

اممم. بتقولي حاجة؟
رفعت طبق الشوربة الموضوع على صينية ليكون على مرمى بصره قائلة:
خلصت الشوربة.
ابتسم قائلا:
يبقى تعالي بسرعة نصحيها، مش عايزك تتأخري وتحصل مشكلة بينك وبين أشرف بسببنا.
ابتسمت قائلة:
كل المشاكل تهون قصاد اني آجي وأشوفكم وأقعد معاكم ياابن خالتي، طول عمري برتاح بس هنا. ، وطول عمر البيت ده هو بيتي الحقيقي يامحمد.

قالت كلماتها و سبقته إلى حجرة خالتها بينما تابعها هو بعينيه لا تدري ماذا فعلت به كلماتها وكأنها بثت فيه حياة، تخيلها هنا معه في منزله ليصبح هذا المنزل حقاً منزلها الحقيقي، نفض خيالاته مجددا وهو يدرك الحقيقة الوحيدة. والحقيقة هي انه لا أمل في ذلك مطلقاً وقد صارت ملكاً لآخر حتى وان كان هذا الآخر. ، لا يستحق.
لأ طبعاً مستحيل اعمل كدة ياجدي، شوفلها حد تاني.
قال الجد:
مينفعش، مش هآمن حد عليها غيرك.

نهض(طاهر) قائلاً بحدة:
وأنا مالي ومالها بس هي كانت من بقية أهلي.
انت بتزعقلي ياطاهر؟
أسرع طاهر يقبل يد الجد قائلا:
انا آسف ياجدي مكنش قصدي والله بس انت عارف اللي في قلبي.
اقعد ياطاهر وإسمعني.
جلس طاهر مجدداً فاردف الجد قائلا:
أنا عارف إنك متنيل بتحب ذات الكتاب الأحمر ومش هتتجوز غيرها.

نبرة الجد الساخرة أثارت غيظ طاهر لإستهانة جده بمشاعره ليعود ويعترف أن جده لا يستهين بمشاعر الحب أبداً ولكن جل ما يُثير غضبه هو إصرار طاهر على عدم الزواج بغيرها مما يحول بين الجد وبين الحصول على حفيد في وقت قريب، انتبه من أفكاره على صوت الجد وهو يقول:
ياطاهر انا مبقولكش اتجوزها، انت بس هتخطبها لحد ما يفقدوا الأمل في انهم يجوزوها لابن عمها وساعتها كل واحد فيكم هيروح لحاله.

وهو فيه في أيامنا دي جواز بالإجبار؟ ماترفض تتجوزه وتريحنا.
ماقلتلك عمها ماسكها من ايدها اللي بتوجعها، مامتها المريضة.
تلاقيه بس عايز يخلص من بوزها ونكدها.
مين قالك بس انها نكدية؟
انت مش بتقول عندها 27 سنة ولسة متجوزتش، يبقي اكيد نكدية أو وشها يقطع الخميرة من البيت.
قال الجد متأففاً:
بالذمة دي ألفاظ كاتب! طب لعلمك بقى البنت حلوة قوي ودكتورة قد الدنيا. يعني ألف واحد يتمناها.
عقد طاهر حاجبيه قائلاً:.

أومال ليه قابلة بالوضع ده؟
لإنها رافضة الجواز نهائي، خطوبتين عقدوها من الرجالة.
تجارب فاشلة يعني.
رفع الجد شفتيه بسخرية قائلاً:
زيك تمام، بس هي لسة مقابلتش اللي يغير رأيها زي حضرتك ماقابلت ذات الكتاب الأحمر.
زفر طاهر بضيق قائلاً:
مش كل شوية هتتريأ ياجدي، أنا مش عارف انت مش طايقها ليه وانت متعرفهاش أساساً؟
يعني انت اللي تعرفها؟

أيوة اعرفها، ده انا حتى حاسس اني معرفتش حد قدها في حياتي دي كلها، كلامها قربني منها بشكل لا يمكن تتخيله، انا تقريباً مبقتش أنام غير لما أقرا من كتابها وكأن كلماتها تعويذة بتريح قلبي وبالي.
سيبنا دلوقتي من سيرة أميرة أحلامك دي وخليك معايا في أرض الواقع بتاعنا، ها. قلت إيه. هتقوم بالمهمة الإنسانية دي؟
زفر طاهر قائلاً:
ولو اني معترض ومش مرتاح للموضوع ده كله لكن عشان خاطرك ياجدي أنا هقبل بشرط.

رفع الجد حاجبه فأردف طاهر بسرعة قائلاً:
أقعد الأول وأتكلم معاها.
هيحصل. إيه رأيك في بكرة تيجي تقعد معاها وتتكلموا؟
بكرة كدة علطول؟
خير البر عاجله.
بر إيه ياجدي؟ دي تمثيلية مش جوازة حقيقية.
آه آه طبعا، المهم عايزك تاخد بالك في تعاملك معاها ياطاهر، حركاتك بلاش منها. البنت معقدة وبتكره الرجالة وفاكراهم كلهم خاينين. مش عايزين نزود عقدها.
شرد طاهر قائلا:.

متقلقش ياجدي مبقتش أعمل حركات. انا خلاص وقعت في الحب ومبقتش أشوف قصادي غير صورة حبيبتي وبس.
صبرني ياااارب.
انتفض طاهر على صوت جده نافذ الصبر قبل أن يقول:
بقولك إيه ياجدي ما تنسي آيات دي دلوقتي وقولي مش ناوي تيجي تعيش معايا وتسيبك من دار المسنين دي؟
لا ياخويا انا مرتاح هنا، انت واحد مش فاضيلي وعلطول جوة صومعتك مع كتبك وأبحاثك. لكن الوضع في الدار مختلف. انا هنا ليا أصحاب ومعارف ومرتاح 24 قيراط.

هفضيلك نفسي. اوعدك مش هتحس بالوحدة أبداً. انا مفيش حد عندي أغلى منك.
ولا ذات الكتاب الأحمر؟
جدددي.
ربت الجد بيده على يد حفيده قائلا بحنان:
صدقني انا بجد مبسوط ومرتاح في المكان ده، ولو في يوم حسيت اني متضايق هتلاقيني جاي لوحدي لحد عندك.
أعتبر ده وعد؟
ابتسم الجد قائلا:
وعد ياابن حسين.
ابتسم طاهر بدوره بارتياح فما إن يناديه الجد باسم أبيه حتى يشعر بوجود روحه بالجوار يشاركه لحظاتهم كالأيام الخوالي.

كانت تحرك مهده بروية تهدهده كي يتعمق في النوم حتى تستطيع إنهاء مهامها وتحضير درس الغد، مالت تكاد تقبله ثم خشيت ان توقظه فتراجعت تبتسم ثم تُرسل له قبلة هوائية، تركت الباب موارباً حتى تستطيع سماعه إن إستيقظ واتجهت إلى المطبخ حين سمعت طرقات على الباب. أسرعت تجاهه تفتحه لتعقد حاجبيها حين طالعتها تلك العيون الرمادية في وجه متجهم ينظر إليها وكأنها قد أخذت منه فنجال القهوة خاصته ثم سكبته على بذلته التي تبدو غالية الثمن، أخذت نفساً عميقاً تتمالك به نفسها قبل أن تقول بفظاظة وجدتها رداً مناسباً لنظرته النافرة تلك:.

نعم. أي خدمة؟
مال فمه قليلاً لتبدو كبداية إبتسامة ساخرة مالبثت أن اختفت لتعود البرودة إلى ملامحه وهو يشد من قامته قائلاً بنبرة بدت لها متعالية:
آنسة مروة نصار؟
لم تجبه وقد شعرت بعدم الإرتياح لهذا الرجل تماماً رغم أنها شعرت بأنه يبدو مألوفاً إلى حد ما ولكنها قالت ببرود:
مين حضرتك؟ وعايز إيه؟
أنا هنا بخصوص صلاح صلاح بدران.
عقدت حاجبيها بشدة بينما يردف قائلاً بلهجة ممطوطة الأحرف:.

اما أنا فأبقى عمه. ماهر سعيد بدران.

اتسعت عيناها بصدمة تدرك أمام من تقف الآن. إنه رجل الأعمال قاس القلب الأخ الأكبر لزوج اختها الراحل. الرجل الذي رفض بتعنت زواج أخيه من فتاة فقيرة لا اصل لها ولا عائلة على حد قوله، وهدد أخاه بالحرمان من الميراث فلم يأبه صلاح لتهديده وتزوج اختها ورحل معها إلى الأقصر حيث إلتقاها حين كانت برحلة أثناء عمله هناك ليستقرا بالمدينة حتى آن موعد وضعها فعادت إلى القاهرة كي تضع وليدها ولكن للأسف توفت بالحادث فاضطروا لإخراج الطفل منها بسرعة ومنحوها إياه.

هفضل واقف على الباب كتير؟
أفاقت من شرودها على صوته فقالت بلهجة ممتعضة حملت شعورها نحوه:
مش هقدر أسمحلك بالدخول. زي ماانت شايف انا عايشة لوحدي ووجودك جوة بيتي في وقت زي ده ممكن يضر بسمعتي.
مجدداً تلك الابتسامة الساخرة التي تثير غيظها لتتمني فقط لو صفعته بقوة فتزيلها عن وجهه للأبد. مال بوجهه قائلاً:
بيتهيألي الكلام اللي جاي أقولهولك مش هينفع اقوله على السلم، عموماً لو مش عايزة تدخليني.
هز كتفيه مردفاً:.

عادي مش هتفرق كتير، ممكن ببساطة مكتب المحامي بتاعي يستدعيكي ويبلغك بيه. عن إذنك.
محام وحديث حول الطفل. تباً لم تستعد لهذا اليوم مطلقاً، ترددت للحظة ثم حسمت رأيها في حين كان يستدير مغادراً فاوقفته قائلة:
أستاذ ماهر.
إبتسم للحظة قبل أن يمحي إبتسامته مستديرا يطالعها بهدوء، فأشارت له بالدخول ليشير بسبابته لنفسه قائلاً:
أنا.
وقح ذلك الماهر ومغرور أيضا، تمالكت نفسها قائلة ببرود:
ايوة انت إتفضل.

دلف إلى المنزل يتطلع إليه بنظرة متعالية بينما تابعته بعينيها قبل أن تقول ببرود:
قول اللي عندك بسرعة من فضلك لإني مش فاضية ولازم أحضر درس بكرة قبل ماصلاح يقوم من النوم.
استدار ينظر إليها وهو يمط شفتيه قائلاً:
بتشتغلي مدرسة؟
قالت بنفاذ صبر:
أستاذ ماهر أدخل في الموضوع علطول أكيد مش جاي من اسكندرية مخصوص تسألني بشتغل إيه.
معاكي حق. انا جاي بخصوص صلاح.
عقدت حاجبيها متوجسة وهي تقول:
جاي تشوفه؟

هز رأسه نفياً قبل أن يقول:
لآ. جاي آخده.
اتسعت عيناها قائلة:
تاخده فين؟
حدجها بنظرة نفذت إلى أعماقها فأثارت الرعب في أوصالها مع حروفه وهو يقول بثبات:
هاخده إسكندرية لجدته كريمة هانم الرملي.
لتتسع عيونها في صدمة.

01-03-2022 12:54 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [3]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية ذات الكتاب الأحمر
رواية ذات الكتاب الأحمر للكاتبة شاهندة الفصل الرابع

عندما نعيش لأنفسنا تبدو تلك الحياة بلا معنى ولكن حين نعيش لغيرنا نبدأ في تذوق هذه الحياة ندرك أنها لن يكون لها أي معنى بغيابهم لذا نبذل قصارى جهدنا من أجل الحفاظ عليهم والنضال من أجلهم فدونهم نعود مجددا لحياة فقدت أجمل مافيها، روحها.
انت عايز تاخد صلاح مني؟
لم يجبها وإنما فقط تطلع إلى ملامحها المستنكرة بهدوء، لتقول بحدة:.

جايين دلوقتي تاخدوه مني، كنتوا فين من سنة كاملة؟ سنة فقدت فيها أختي وجوزها. سنة خدته فيها وهو لسة حتة لحمة حمرا مولود قبل أوانه بشهر كامل، كنتوا فين وانا سهرانة جنبه طول الليالي بصارع الموت عشان مياخدوش زي ماخد اختي مني؟ كنتوا فين وأنا بحاول بكل قوتي أوفق بينه وبين شغلي؟ كنتوا فين وانا بتعلق بيه كل يوم اكتر من اللي قبله؟ أنا روحي بقت فيه وعلى جثتي ياماهر بيه، صلاح مش هيفارق حضني ولو فيها موتى. انت فاهم؟

لا ينكر أن دفاعها كلبوة شرسة عن الصغير أعجبه ولكن بالتأكيد لم يظهر على وجهه أي تعبير فهو يجيد إخفاء مشاعره جيداً، ليقول ببرود:
احنا مكناش نعرف عنه حاجة..
قاطعته قائلة بحدة:.

مش مشكلتي انا حاولت أقولكم رغم انكوا كنتوا رافضين الجوازة دي ومحملاكم ذنب موتهم بس ضميري مسمحليش يكون لكم طفل من دمكم وانتوا متعرفوش. لما اتصلت بيكم عشان أقولكم خدامتكم بلغتني رسالة حضرتك بالحرف. علاقتكم خلصت خلاص بعيلة نصار وانك شخصياً ماهر بيه بدران مش عايز تلمح أي مخلوق بيجري الاسم في دمه. مش كدة؟صلاح بيجري في دمه دمنا ياماهر بيه. ليه دلوقتي عايزينه؟

لأول مرة تتصدع ملامح هذا الرجل الوسيم أمامها وتظهر لمحة من الحزن ربما لم يستطع إخفاؤها للحظات كانت كافية لتلاحظها مروة وتتعجب لها قبل أن يشيح عنها بوجهه مستديرا وهو يقول:
انتِ متعرفيش ظروفنا في الوقت ده كانت عاملة إزاي، والدتي لما عرفت بخبر موت صلاح جالها جلطة عملتلها شلل وكانت بتصارع الموت وده اللي منعني أنزل القاهرة وقتها عشان آخد أخويا اسكندرية وأدفنه في مقابر العيلة بنفسي، وبعت مدير أعمالي.

مقدرتش تفرق بينهم في الحياة بس قدرت تفرق بينهم لما ماتوا وكل واحد اندفن لوحده في مكان بعيد عن التاني لكن أرواحهم هتفضل متعلقة ببعض لحد الجنة ياماهر بيه.
مش هجادلك في الماضي ولا هبرر لنفسي، اللي حصل حصل واعتبرته انتهى بموت أخويا ولما جالي تليفونك مكنتش اتخيل إنك عايزانى عشان تقوليلي على صلاح، أنا إفتكرتك..
صمت للحظة فقالت هي بإستنكار:
افتكرتني طمعانة في فلوسكم مش كدة؟

استدار يواجهها، نبرات صوتها وملامحها الشفافة يؤكدان له انه كان مخطئاً كلية ولكنه كعادته لن يعترف بأخطائه فلن يسمح للضعف أن يتسلل لقلبه مجدداً، لذا فقد نفض عنه مشاعره قائلاً ببرود:
مش قضيتنا دلوقتي إيه اللي حصل في الماضي، المهم الحاضر والمستقبل. وحاضر ومستقبل صلاح معانا هيكون أحسن بكل تأكيد.
تراجعت مروة خطوة إلى الوراء قائلة بنبرات مهتزة:
قصدك إيه؟
تقدم هو منها بخطوات ثابته وهو يقول بنبرات حازمة:.

يعني صلاح هييجي معايا إسكندرية سواء قبلتي او رفضتي، أنا مش هرجع من غيره ولو قلبت الدنيا دي. هاخده بالقانون وانتِ عارفة إني هقدر آخده فالأحسن تدهولي بهدوء وبلاش المحاكم و الفضايح.
تعلم أنه قادر تماماً على أخذه منها فلديه المال والسلطة ولن يهمه ان كانت قد تعلقت روحها به وأصبحت لا تستطيع تخيل حياتها دونه، اغروقت عيونها العبرات وهي تقول بضعف:
طب وأنا. أنا مقدرش أعيش من غيره. أنا من غيره أموت.

نبرات صوتها الصادقة وعبراتها أثارت في قلبه مشاعر وأدها في الحال وهو يقول ببرود:
آسف مش هقدر أعملك حاجة، والدتي تعبانة جدا وفاقدة الرغبة في الحياة ووجود صلاح هيكون الحاجة الوحيدة اللي تخليها عايزة تعيش من جديد.

صوت الطفل تسلل إلى مسامعهما لتنفض عنها مروة شعور العجز والمرارة في الحلق وتسرع إليه تحمله على الفور وتضمه إلى صدرها بقوة تطلق لدموعها العنان فتوقف الطفل عن البكاء على الفور. توقف ماهر على عتبة الباب يطالع هذا المشهد بقلب رُغما عنه تأثر وهذه المرة لم يستطع نفض مشاعره ليجد نفسه يقول دون وعي:
تقدري تيجي معاه لو حبيتي.
استدارت تطالعه بذهول...

تبا تبا تبا. ماالذي فعله؟ لقد عرض عليها ان يصطحبها معه إلى الأسكندرية رغم كل الإنذارات التي ارسلها إليه عقله. حسنا. لقد فات أوان الندم.
ظهر التردد على ملامحها للحظة وهي تقول:
والمدرسة وأصحابي وحياتي اللي هنا؟
وجد في كلماتها طوق نجاة فأسرع يقول:
لو مش عايزة..
قاطعته تشير بيدها الحرة قبل أن تقول في حزم:
مفيش حد أغلى عندي من صلاح، أنا مستعدة أوافق تاخده وآجي معاكم بس بشرط.

كان ماهر يتطلع إلى الصغير الذي يشبهه بقلب تاق لإحتضانه ولكنه ماإن سمع كلماتها حتى تطلع إليها عاقداً حاجبيه بقوة قائلا:
شرط إيه ده كمان؟
تستخدم علاقاتك وتنقلني مدرسة هناك في اسكندرية.
معندناش ست في عيلة بدران تشتغل. الموضوع ده مستحيل أوافق عليه.
اقتربت منه تحمل الطفل قائلة بثبات:.

أنا مش من عيلة بدران وده شرطي الوحيد عشان أقبل وإلا هنتقابل في المحاكم وأوعدك إنك هتلاقي صعوبة كبيرة لحد ما تاخد صلاح مني وده طبعا هيأخر شفا كريمة هانم.
كانت تقف أمامه الآن تناظره بقوة وهي تردف:
القرار في إيدك ياماهر بيه. ها. قلت إيه؟
طالعها للحظات بتحدي قبل أن ترتفع شفاهه بابتسامة ساخرة وهو يقول:
موافق بس افتكري ان انتِ اللي بدأتي واتحدتيني.

رفعت قامتها تتمسك بالطفل لتظل قوية فاتسعت ابتسامته الساخرة قبل أن يستدير مغادرا، توقف قائلاً دون أن يستدير إليها:
جهزي شنطكم، بكرة الصبح هفوت عليكم عشان نسافر.
خليها المغرب على مااروح المدرسة آخد أجازة وأظبط أموري.
هز رأسه ثم غادر بينما طالعت مروة الصغير قائلة بحنان:
كل حاجة تهون عشان خاطرك انت.
لتضمه مردفة:
عشانك انت وبس ياحبيبي.

كانت تجلس في سريرها تُراجع درس الغد حين اقتحم الحجرة فجأة زوجها بوجه أطل من ملامحه الشر في أبشع صوره، تركت الكتاب من يدها وخلعت عنها نظارتها وقد تصبب جسدها عرقاً، تدرك ان القادم لا خير فيه أبدا لتعود إليه بنظراتها وهو يقول بلهجة أطل الغضب من حروفها:
انتِ روحتي لخالتك النهاردة؟
ابتلعت ريقها بصعوبة قائلة:
أيوة روحت.
اتسعت عيونه مشتعلة بنار من جحيم وهو يقترب منها قائلاً:.

يابجاحتك ياشيخة، بتعترفي كمان بعملتك السودة دي. طب إكدبي. خافي على نفسك.
أنا معملتش حاجة غلط عشان أكدب..
قاطعها حين أمسك بشعرها فجأة يسحبها تجاهه لتخرج منها آهة ألم عجزت عن كبحها، شعرت بالعجز لإنها لم تستطع إخفاء ألمها عنه وقد أقسمت في المرة الماضية أن لا تظهر ضعفها أمامه حتى لا تشبع روحه الشيطانية التي أضحت تستلذ بتعذيبها. شعرت بخصلات شعرها الأسود الطويل تتمزق بيده فقالت بألم:.

سيب شعري ياأشرف حرام عليك.
جذبها منه بقسوة أكبر يسحبها لتقع على الأرض وهو يقول غاضباً:
حرام علية كمان؟ معملتيش حاجة مش كدة؟ يابجاحتك ياست سعاد. أنا مش منعتك تروحي عند خالتك. بتعصي كلامي ليه وتروحيلها؟
طفرت الدموع من عينيها وقد زاد ألم رأسها:
كانت عيانة وكان لازم أشوفها لا هو عيب ولا حرام.
من غير اذن جوزك يبقى عيب وحرام يامتعلمة يابتاعة المدارس.

وهو اللي بتعمله فية دلوقتي حلال ياأشرف؟ سيبني أبوس إيديك مش عايزة تقي تصحى وتشوفني كدة، البنت اتعقدت حرام عليك.
مش مشكلتي دلوقت. أنا عايز أعرف ازاي تعصي أوامري وتروحي لخالتك؟ محمد كان هناك مش كدة؟
كادت ان ترد بالإيجاب ولكنها خشيت تفاقم الأمر فهي تعلم أن زوجها يكره ابن خالتها لسبب لا تدركه فقالت كاذبة:
لأ مكنش هناك، انت عارف انه بيدي دروس بعد الضهر.

وانا هعرف منين يعني؟ متابعه ولا آخد بالي منه مثلا. ده حتة عيل سيس ميسواش تلاتة جنيه.
حرام عليك ياشيخ اتقي الله بقى محمد عيل سيس برضه؟
لطمة قوية أصابتها منه على الفور لتشعر بألم شديد في وجنتها اليمني بينما تسيل الدماء من شفتيها وهو يقول بوعيد:.

إسمه ميجيش تاني على لسانك ولا تدافعي عنه او تجيبي سيرته قدامي. مفهوم ولا تحبي أفهمك تاني؟ قسماً عظماً ياسعاد لو سمعت انك روحتي تاني هناك لأكون قاتلك وشارب من دمك.
مامااااا.
صرخة أطلقتها تقي حين رأت أمها مُلقاة على الأرض مبعثرة الشعر تسيل الدماء من شفتيها بينما يقوم والدها بالصراخ عليها بدلا من نجدتها.

تصرف غريب لم تفهمه الطفلة قط وربما لن تفهمه أبداً فكيف لطفلة ان تدرك في سنها الصغير ذاك أن هناك من البشر من خسروا آدميتهم فأصبحوا كالحيوانات يفترس القوي منهم الضعيف دون شفقة ويقسون دون رحمة.

ذراعين فتحتهما سعاد على مصراعيهما تدعوا الطفلة للجوء إليهما لتهدئ روع صغيرتها وروعها هي الأخرى فمهما تكرر إيذاء أشرف لها ستظل في كل مرة تشعر كأنها تُذبح وتُهدر كرامتها بقسوة تحت وطأة يدين قاسيتين ولسان سليط فقد صاحبهم آدميته منذ زمن بعيد.
طالعها أشرف بضيق وهما يبكيان في أحضان بعضهما البعض قبل أن يقول بحنق:
أنا هسيبلكم الأوضة بحالها، دي حاجة تقصر العمر.

غادر الحجرة بينما شددت سعاد من إحتضان طفلتها تمرر يدها على شعرها بحنان، تبغى سلاماً لروح صغيرتها بعد صراع شهدته رُغما عنها بينما تعرف هي في قرارة نفسها أنها إن ظلت أسيرة لهذا الرجل فلن تعرف هي وإبنتها مطلقاً، شعور السلام.
أنا كلمته وهييجي النهاردة عشان يقعد معاكي وتتكلموا.
انت لسة مصمم على اللي في دماغك ياجدي؟
صدقيني ملهاش حل تاني.
قالت بقلق:.

أنا خايفة على ماما قوي لو عمي رأفت اكتشف التمثيلية اللي هنعملها دي. هتبقى مصيبة.
مش هيكتشفها بإذن الله، طاهر ممثل شاطر، المهم انتِ اللي تباني طبيعية.
أهو أنا خايفة من نفسي ياجدي، مبعرفش أمثل خالص وخصوصاً قدام راجل، انت عارف اني مبطيقهمش.
ثم أسرعت تردف قائلة:
طبعا انت برة الموضوع ياجدي، أنا قصدي الشباب منهم.
ربت على يدها قائلا بحنان:
عارف يابنتي ربنا يفك عقدتك ويغير نظرتك ليهم.

مفتكرش ان ممكن نظرتي ليهم تتغير. الجيل القديم ياجدي كان آخر الرجال المحترمين، أما الجيل الجديد فاختفت من قاموسه القيم والمبادئ وضاعت منه الأخلاق والحب بقى بالنسبة له سلعة يبيعها ويشتريها. الجيل الجديد بقى عنوان للزيف والخداع.
طب ماطاهر من الجيل الجديد وأهو زي ماقلتلك بيحب واحدة بقاله سنة كاملة ومش راضي يتجوز غيرها.
مالت شفتيها بشبه ابتسامة ساخرة وهي تقول:.

ده عشان معرفهاش ولا اتكلم معاها بس وقت ما هينولها هتبقى زيها زي غيرها، إسم في أجندة ماضيه.
ياااه يابنتي، منهم لله اللي عقدوكي بالشكل ده.
ابتسمت قائلة:
وليه متقولش عالجوني من أوهامي وأحلام الخايبة.
دكتورة آيات. الدكتور فوزي محتاجك في أوضة 10.
جاية حالا.
ثم استدارت للجد قائلة:
متزعلش مني ياراجل ياطيب ومتخافش على حفيدك.
انا خايف عليكي انتِ تقعي في حبه والواد مرتبط.
ابتسمت لمرح كلماته قائلة:.

من الناحية دي متقلقش مبقاش عندي قلب يحب ويتحب. لما ييجي ابعتلي الممرضة وربنا يعينا ع اللي جاي.
ثم غادرت يتابعها بعينيه قائلاً:
على قد ماكان نفسي تتقابلوا وترتبطوا على قد مابقيت خايف. كل واحد فيكم ليه حكاية معقدة، بتمنى عقدتكم تتفك على إيدين بعض ياآيات يابنتي.
مالك ياحاج رءوف؟ واقف بتكلم نفسك كدة ليه؟
استدار يطالع تلك السيدة الطيبة التي أتت إلى الدار منذ عدة أشهر فأضحت صديقة قريبة إليه، ليبتسم قائلا:.

والله ياحاجة صفية حال الناس اليومين دول لازم يخلي الواحد يكلم نفسه.
طب تعالي نقعد وتحكيلي ايه اللي شاغل بالك يمكن تلاقي عندي الحل.
ابتسم وهو يهز رأسه قبل أن يسير جوارها إلى أقرب مكان يجلسان فيه ويتحدثان ففي الحديث مع شخص تألفه راحة لا يعرفها سوي الأصدقاء، والمحبين.
الممرضة قالتلي إنها جاية حالاً، مش هوصيك ياطاهر. آيات تعاملها معاملة خاصة علشان خاطري ولازم تاخد بالك من تصرفاتك معاها.

نهض طاهر قائلاً بحنق:
مابلاها الخدمة دي اللي هتبتدي بشروط وتنبيهات، بقولك إيه ياجدي أنا قفلت خلاص من الحكاية دي.
نهض الجد بدوره يقترب منه بعكازه قائلاً:
ياابني قلتلك طول بالك عشان خاطري، الدكتورة تهمني زيك تمام وفي مقام البنت اللي مخلفتهاش.
أشاح طاهر بوجهه فربت الجد على كتفه قائلاً:.

ياابني افهم، البنت اتعقدت من الرجالة وموافقتش على التمثيلية دي الا اما إتأكدت ان مفيش حل تاني قدامها، ياابني دي واحدة مبقاش عندها أي ثقة في الحب، تعرف لما حكيتلها عن قصة حبك قالتلي ايه؟
استدار بوجهه إليه قائلاً بسخرية:
قالتلك إيه ست الحسن والجمال.
قالت إن مفيش حاجة إسمها حب وانك وقت ماتبقى حبيبتك في ايديك هتمل منها وتسيبها او تخونها.
اتسعت عيناه بإستنكار قائلا:.

وهي تعرف إيه عني عشان تحكم علية بالشكل ده؟
هي مبتحكمش عليك شخصيا، هي بتحكم بشكل عام من واقع تجاربها الشخصية وفي ايدك تغير فكرتها عن شباب اليومين دول لو قدرت.
وانا أغير فكرتها ليه؟ هم يومين هعمل فيهم خطيبها وده عشان خاطرك بس وبعدين كل واحد يروح لحاله.
بالظبط ده تحديداً اللي عايزاك تعمله ياأستاذ طاهر.

ابتسم الجد لمحدثته التي تقف خلفه الآن على مايبدو، لا ينكر أن صوتها رقيق وجذاب رغم حدة نبراتها ولكن لا يهمه جمال صوتها او فتنتها التي تحدث عنها جده فقد امتلكت قلبه أخرى وانتهى الأمر، وربما عليه فقط أن ينهي هذه القصة في أسرع وقت حتى يتفرغ للبحث عن حبيبته، استدار ليقابل هذه الطبيبة لأول مرة وما إن واجهها حتى تجمد كلية، فأمامه وقفت هي بكامل أناقتها تتحداه بنظراتها. ليدرك ان هذه الطبيبة لم تكن سوي حبيبته، ذات الكتاب الأحمر.



المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
أفضل 5 طرق لتحقق الربح من الكتابة بالعربية بسهولة [دليل شامل] arwa
0 601 arwa
وحيد حامد – قصة حياة أحد أبرز أعلام الكتابة في تاريخ السينما المصرية laila
0 503 laila
التعليم تكشف حقيقة ما تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن تدريس هذا الكتاب Moha
0 467 Moha
الرجل الذي عمل مدرّساً لمدة 17 عاماً على الرغم من أنه لم يكن يجيد القراءة ولا الكتابة! Moha
0 426 Moha
نادين نجيم في ورطة والسبب هذا الكتاب Moha
0 515 Moha

الكلمات الدلالية
رواية ، الكتاب ، الأحمر ،


 





# فنون # مشاهير # صحة # منوعات # الأطفال # English # تفسير الأحلام ثقافة # قصص # سيارات Cars # صور # تقنيات # الاجهزة الالكترونية # المطبخ # كلام فى الحب # أبراج # رياضة # ازياء # حكم وأقوال تطوير الذات# خلفيات # صور بنات # مشاهير # ديكور # صباح الخير # مكتوب برقيات شهر رمضان # جمعة مباركة # حب رومانسية # عيد # ادعية # خلفيات كرتون # منوعات # موضة # الأم # أطفال # حيوانات # صور ورد # اكلات # New Year # مساء الخير # اللهم صلي علي النبي # القران الكريم # صور نكت # عيد ميلاد # اعلام # سيارات # تهنئة الخطوبة # حروف واسماء # الغاز # صور حزينة # فساتين # هدايا # خلفيات النادي الاهلي # تسريحات شعر # الاصدقاء # بوستات نجحت # خلفيات نادي الزمالك # حب رومانسية # تهنئه # ازياء # صور بنات # صوره وكلمه خلفيات # كرتون # بروفايل رمزيات # دينية # سيارات # مضحكة # أعلام # مسابقات # حيوانات # ديكور # أطفال # أكلات # حزينة صور شباب أولاد ر# صور # الطب و الصحة # مقالات عامه # CV المشاهير # وصفات الطبخ # العناية بالبشرة غرائب وعجائب # قصص روايات مواعظ # صور حيوانات # وصفات الحلويات # الرجيم والرشاقة # نكت مضحكة # صور خلفيات # العناية بالشعر # شروحات و تقنيات # videos # Apps & Games Free # موضة أناقة أزياء # سيارات # ديكور # رعاية الأطفال # نصائح المطبخ # موبايل جوال # الفوركس # التعليم والمدارس # الحمل و الولادة # اخبار الرياضه # وظائف # صحة المرأة # حوادث # صور بنات # صور اطفال # مكياج و تجميل # عناوين بنوك شركات محلات مطاعم # العاب الغاز # عيد # كلمات الاغانى # اشغال فنيه واعمال يدويه # مصر # أشعار خواطر # للنساء فقط # للرجال فقط # صور شباب # علاج النحافه # رسائل SMS # أكلات نباتية - Vegetarian food # برامج الكمبيوتر # المراهقة # جمعة مباركة # blogger # رعب # لعنة العشق # حب # اسلامية # قاسي ولكن أحبني # أحفاد أشرار الحرب لأجلك سلام # أسمى معاني الغرام # حقيقية # لقد كنت لعبة في يده # ملهمة # أباطرة العشق # عربية # حب خاطئ # لست مميزاً # من الجاني # مشاهير # راقصة الحانة # اغتصاب طفلة # عاشقان يجمعهم القدر # الطريق الصعب # خيال علمي # أشواك الحب # تاريخ # سجينة ثوب الرجال # لروحك عطر لا ينسى # أطفال # عشق وانتقام # لازلت أتنفسك # لقاؤنا صدفة # للحب معان أخرى # خاتم سليمان # ممن أنتقم # نجاح # أبواب وهمية # حلمى فى صفيحة قمامة # فيلم # مجنون بحبك # بين شباكها # حزينه # رحلات جوليفر # عذاب قسوته # عندما ينادي الشيطان # لعنة حبك # مريم وامير # هدوء في قلب العاصفة # الحاسة السادسة # المشعوذة الصغيرة # عباقرة # لوعة العشق # حروب # قدر بالإجبار # بنات مضحكه# فوركس Forex# صحتك # الصور والخلفيات # الطبخ والحلويات # منوعات # اخبار الفن # القصص و الروايات الألعاب الرياضية # الحياة الزوجية # أزياء وملابس # الأم و الطفل # دراسات لغات # افكار منزلية # انترنت تكنولوجيا # صفات الابراج # حيوانات ونباتات # تفسير الاحلام # معانى الاسماء # خواطر و اشعار # الكون والفضاء اجمل نكته# Mix # Forex # youtube # foods # Kids # Health education # stories # News # kitchen # woman # Famous # Sport # Animals

-------

الساعة الآن 06:44 صباحا