أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في منتدى جنتنا، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .

المنتدى للقرائه فقط -- للمشاركه انتقل الى منتديات جنتنا الجديده -forums.janatna.com





رواية غرامة غدر

كانت عودته بمثابة عودة إلى جحيم الماضى ولكنه لم يعد كما كان قبل الرحيل،فلقد تخطى خيبات الامل وتجاوز حُرقة القلب وصار صلد ..



01-03-2022 01:20 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [7]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية غرامة غدر
رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل الثامن

حملت (قمر)بعض الأخشاب وإتجهت بها إلى حجرة الصغيرة (شمس)من أجل مدفئتها. حين دلفت إلى الحجرة وجدتها بداخلها تجلس على سريرها تبكى، وضعت الأخشاب من يدها على الطاولة وإتجهت إليها على الفور تجلس جوارها قائلة بقلق:
-مالك ياشمس؟بتعيطى ليه؟
ظلت الصغيرة تبكى دون كلمة فسحبت قمر يدها ووضعتها بين يديها قائلة بحنان:
-إحنا مش بقينا أصحاب؟
أومأت(شمس)برأسها بصمت، لتردف (قمر )قائلة:
-يبقى تحكيلى على اللى مزعلك.

قالت (شمس):
-بابا كل أما يشوفنى مع تيام بيزعقلى، هو عمره ماعاملنى بالشكل ده غير لما جينا هنا. أنا بحبك ياطنط قمر وبحب تيام وبحب طنط أمنية وآنكل صادق وسارة ودادة سعاد، بحبكم كلكم لكن كرهت المكان. أنا بفضل طول النهار لوحدى فيه. وتيام بيسلينى بس بابا مصر يبعدنى عنه.

أوجعتها كلمات الصغيرة وإرتباطها بولدها(تيام)، وتصارع مشاعرها مابين إرضاء رغبة والدها(أكرم)فى أن تنأى بعيدا عنه وبين رغبتها فى صحبته، فهي تعيش الوحدة فى هذا المكان رغم كل شيء كما أعلنت الآن. تنهدت وهي تربت على كفها الصغير قائلة:
-شمس حبيبتى، مفيش حد فى الدنيا ممكن يخاف على الطفل قد مامته وباباه، بيبقى كل همهم حمايته من الأذى وباباكى خايف عليكى مش أكتر.
قالت (شمس)بحيرة:
-وهو خايف علية من إيه بس؟

من شيء فى علم الغيب حبيبتي، شيء لن أستطيع إجبار عقلك على إستيعابه الآن فمازلتى صغيرة على إدراكه.
لا تستطيع(قمر) لوم(أكرم) على تفكيره فقد نمت بذرة حبها له وهي أكبر من(شمس)بعامين تقريبا وهو بكل تأكيد يخشى إرتباطاً روحيا ينمو مع الأيام ليصير حبا مستحيلا بكل تأكيد.
قالت(قمر):
-بابا خايف عليكى تتعلقى بتيام وبعدين تسافروا مثلا فيوحشك او تزعلى.
قالت(شمس):.

-وإشمعنى تيام؟ماهو شافنى بلعب مع سارة و فارس ومقالش حاجة.
لم تدرى (قمر) بم تجيبها ولكنها آثرت تغيير الموضوع قائلة:
-بقولك إيه، انا عارفة حاجة ممكن تروقك وتسعدك كمان، إيه رأيك تيجى معايا؟
نجحت بالفعل فى إثارة إهتمام الصغيرة التى قالت بلهفة:
-فين؟
قالت (قمر):
-أوريكى الزرعة الجديدة اللى زرعتها فى الجنينة، وأوريكى عملتلها إيه.
قالت (شمس)بحماس:
- يلا بينا.
قالت (قمر):
-نظبط الدفاية الأول ونروح، إتفقنا؟!

هزت الصغيرة رأسها بحماس ثم إندفعت تحتضن (قمر)التى تفاجأت بذلك ولكنها مالبثت أن ضمتها بدورها تربت على شعرها بحنان، بينما تراجع (أكرم)وهو يشيح بوجهه عن هذا المنظر متجها إلى حجرته بخطوات غاضبة، لقد جاء لغرفة طفلته يبغى أن يطمأن على حالها بعدما وبخها بشدة لعصيانها أوامره، يدرك كم هي رقيقة الإحساس لم تتعود منه على تلك القسوة فوجد عندها (قمر). كاد أن يدلف إلى الداخل ويبعدها عن صغيرته حين إشتكته الأخيرة إلى (قمر) ظنا منه أنها ستلوك سيرته بالباطل ولكن على العكس تماما فاجأته بتقديم مبررات لتصرفاته وهي تحاول بكل جهدها أن تخفف عن الطفلة، ثم رأى تلك السعادة التى شملت ملامح(شمس)حين أبدت لها (قمر)بعض الحنان. تفتقد صغيرته حنان الأم بكل تأكيد وقد وجدت فى (قمر)ذلك الحنان على مايبدو. يدرك أن (قمر)لا تصطنع حنانها على الأطفال فقد بدا واضحا دوما عشقها لهم ولكن جلّ مايخشاه هو إرتباط صغيرته ب(قمر)فيوما ما سيطردها بقسوة من حياته وهو لا يريد لصغيرته أن تتأذى جِراء ذلك لكنه فى الوقت الحالى لا يستطيع حرمانها ذلك الحنان الذى تغدقه (قمر)عليها، ربما سيفكر فى حل لتلك المعضلة ولكنه فى الوقت الحالى سيكتفى بالمراقبة فحسب يود لو يعرف لمَ لم تهجوه (قمر)امام طفلته؟وما الخطة التى ترسمها وتسعى إليها؟لو لم يكن يعرفها جيدا لقال أنها فقط، طيبة قلب.

تأملت(شمس) السور الذى أحاط بتلك البقعة من الأرض ولم يكن موجودا من قبل إلى جانب تلك الأعمدة المتراصة من مصابيح الفلورسنت، لتستدير بوجهها تجاه(قمر)التى تتطلع إلى المكان بدورها قائلة:
-فين البنفسج اللى قلتيلى عليه؟
إبتسمت(قمر)قائلة:
-لسة هينور المكان بلونه وجماله لما يزهر.
قالت(شمس):
-وليه حطيتى سور حواليه؟ واللمبات دى كمان. هو بيخاف زيي بالليل.
ضحكت (قمر)بقوة قبل ان تقول:.

-لأ مبيخافش بس زهور البنفسج مبتتزرعش فى الشتا ياشمس، بتتتزرع فى الصيف لإنها بتحتاج درجة حرارة كويسة وإضاءة بزيادة وعشان كدة ركبتلها اللمبات دى، اللى بيتزرع فى الشتا لازم يكون نبات متساقط الاوراق عشان يكون اقل تأثر بالجو او أشجار مستديمة وبنغطيها بالبلاستيك زي حافظة للاشجار، كمان بنرشها بمواد مخصوصة عشان نقلل الفاقد من المية.
طالعتها(شمس)ببلاهة، فإبتسمت (قمر)قائلة:.

-بمعنى أبسط جو الشتا قاسى وبيحتاج نبات قوى عشان يقدر يتحمله زي الصنوبر والتوت الأحمر.
قالت(شمس) بحماس:
-أنا بحب التوت جدا.
إتسعت إبتسامة (قمر)قائلة:
-هزرعلك حبة ياجميل.
إبتسمت(شمس)فى سعادة ثم مالبثت ان عقدت حاجبيها قائلة:
-لما البنفسج بيتزرع فى الصيف زرعتى منه فى الشتا ليه ياطنط قمر؟
قالت فى نفسها بغيظ(حُكم القوى)، واكتفت بقول:
-تغيير ياشموسة.
قالت(شمس) وهي تتطلع إلى الحديقة:
-الجنينة شكلها حلو أوى.

قالت(قمر)وهي تتاملها بدورها:
-فعلا، عم خلف أحسن جناينى فى الدنيا.
قالت(شمس):
-هو فين؟
قالت(قمر) وقد شعرت للتو بالذنب لتقصيرها فى حقه، فلم تذهب إلى منزله وتطمأن عليه خاصة وهي تعلم بمرضه:
-عيان شوية، بإذن الله يبقى بخير ويرجعلنا بسرعة.
لتردف فى نفسها:
-عشان يرحمنى منه بقى ومن طلباته اللى مبتخلصش فى الجنينة. نضفى الحتة دى، قصرى ورق الشجرة دى، ناقص يقوللى شيلى كل الزرع وابتدى من اول وجديد.

أفاقت من افكارها على صوت(شمس)تقول بحماس:
-الله. شفتى الفراشات الحلوة دى.
قالت(قمر)بإبتسامة:
-عشان تزرعى الجنينة صح لازم تخصصى مكان تحطى فيه الحبوب عشان تيجى العصافير. وتزرعى نبات بتحبه الفراشات لإن وجود العصافير والفراشات بيساعد على نمو النبات.
قالت(شمس)بإنبهار:
-إنتِ عرفتى كل الحاجات دى منين؟

مرّ بخاطرها. فعلت ملامحها إمارات الحزن وهي تتذكر بعض اللحظات معه. حين علمها كل شيء عن النبات فأضحت مثله عاشقة، ولكن إن تخلى هو عنها فأرضها لم تتخلى عنها. على الأقل ليس بإرادتها.
افاقت على صوت( شمس) وهي تقول:
-طنط قمر. روحتى فين؟
قالت(قمر):
-ها. انا معاكِ ياحبيبتى، إيه رأيك أفرجك على عش عصافير قريب من هنا؟

ظهرت السعادة على وجه (شمس)تمد لها يدها بحماس فامسكت(قمر) بكفها الصغير تسير معها جنبا إلى جنب، بينما تتابعهما عينان وقف صاحبهما فى الشرفة غير راض عن تلك العلاقة التى تجمع صغيرته بتلك الخائنة ولكن تلك السعادة على ملامح طفلته حالت دون أن يقف فى طريقهما، يفكر جِديا بالتخلى عن إنتقامه والعودة من حيث أتى، فمنذ عودته لم يستطع رغم كل مايفعل أن يشعر بالرضا وهذا حقا يقلقه، تماما.

هرولت (امنية)عندما سمعت صراخ إبنتها وبكائها لتجد (سارة)تحاول أن تأخذ شيئا من(فارس)يخفيه وراء ظهره وهو يطالعها بسخرية، هدأ قلبها المتسارع الخفقات قليلا وهي ترى أن كليهما بخير، لتقول موجهة حديثها لطفلتها بهدوء:
-فيه إيه؟بتعيطى ليه ياسارة؟
اشارت (سارة)ل(فارس)قائلة من وسط بكائها:
-أخد منى عروستى ومش راضى يديهالى.
نظرت (أمنية)إلى (فارس)قائلة:
-ومش راضى تديهالها ليه يافارس؟

أخرجها من خلف ظهرها ورفعها وهو يكسرها قائلا:
-أهى. إتفضلى.
ثم ألقاها أرضا لتنظر إليه (أمنية)بصدمة بينما إنطلقت (سارة)تبكى وهي تهبط على ركبتيها تحمل اجزاء عروستها بكلتا يديها، بينما تقدمت (أمنية)من( فارس )قائلة:
-ليه عملت كدة؟
قال بسخرية:
-مزاجي.
قالت(أمنية):
-اللى عملته غلط، اعتذر من أختك فورا.
قال بتحدى:
-مش هيحصل.
قالت (أمنية)بحزم:
-يبقى هتضطرنى اقول لباباك.
تغيرت ملامحه للغضب قائلا:.

-أكيد هتقوليله عشان تفرقى بينى وبينه زي مافرقتى بينه وبين ماما، مش كدة؟
قالت (سارة)صارخة:
-متقولش على ماما كدة، انت وحش.
قال لها بحدة:
-وانتى هتطلعى لمين غير..
قاطعه صوت والده الذى هدر فى المكان قائلا:
-فارس.
نظر الجميع تجاهه فقال (صادق)الذى تجهمت ملامحه بقوة، موجها حديثه ل(فارس):
-إعتذر لطنط أمنية. حالا.
قال(فارس)بحدة:
-مش هعتذر.
ازداد إنعقاد حاجبي (صادق)وهو يقول:
-إعتذر وإلا..
قاطعته (أمنية)قائلة:.

-خلاص ياصادق ملوش لزوم.
قال(صادق)بغضب:
-إسكتى إنتِ ياأمنية، إعتذر حالا يافارس وإلا..
قاطعه (فارس)قائلا بسخرية مريرة:
-وإلا إيه ها؟هتحرمنى من الجنة اللى عايش فيها، انا اصلا مش عايزها ولا عايز أعيش هنا معاكوا انا عايز ارجع لحضن أمي هتعرف ترجعنى؟!
جز (صادق)على أسنانه قائلا:
-روح على اوضتك يافارس ومتطلعش منها غير لما اقولك.
طالعه (فارس)بغضب. ليهدر(صادق) قائلا:
-حالا.

سار (فارس)بإتجاه حجرته بخطوات غاضبة، بينما إتجه(صادق)لصغيرته وجلس على ركبتيه أمامها يمد يده ليأخذها بحضنه ويربت على ظهرها بحنان قائلا:
-متزعليش ياقلبي بكرة هجيبلك غيرها.
طالعتهما (امنية)بأسى وهي تفكر كيف تكسر هذا الحاجز المنيع بينها وبين(فارس)من اجل عائلتها الصغيرة، ومن اجل طفل يبدو عليه التخبط والحرمان، من الحب.

دلف (حافظ)إلى غرفة زوجته بملامح متجهمة، وما إن راته (سوزان)على هذا الحال حتى أدركت ان (رجاء)سبقتها بالحديث معه وبخّت سمومها فى آذانه كما إعتادت قديما، شعرت بنيران الغضب تلفحها ولكنها اجبرت نفسها على الهدوء كي تصلح ماافسدته تلك الحية، لذا تقدمت بإتجاهه مبتسمة وهي تقول:
-حمد الله على سلامتك ياحاج.
قال (حافظ)بغضب:.

-سلامة إيه بقى بعد اللى سمعته؟بقى كدة ياسوزان! خليتى بنتك متعملناش حساب ولا إعتبار، هي بقت...
قاطعته قائلة:
-متقولش كدة ياحاج، بناتى دول تربيتك قبل مايكونوا تربيتي انت عارف إن هم بيعملولنا ألف حساب.
قال (حافظ)بسخرية:
-ماهو واضح اهو. البنت وخطيبها قرروا يتجوزوا سُكيتى من غير مايشاورونا. فعلا عاملين لنا حساب قوى.
طالعته بهدوء قائلة:
-مش ده اللى عودت بناتك عليه ياحاج؟
عقد حاجبيه قائلا:
-عودت بناتي على إيه؟

اقتربت منه خطوة حتى صارت امامه مباشرة تطالعه بقوة قائلة:
-مش انت اللى عودتهم ياخدوا قراراتهم بنفسهم ويتحملوا نتيجتهم؟
طالعها بإرتباك قائلا:
-أيوة بس..
قاطعته قائلة:
-وبرضه قرار نهال ان يكون حفل جوازها على الضيق مكنش قرارها لوحدها، ده قرار مشترك بينها وبين خطيبها بتوجيهات منك.
قال بدهشة:
-منى أنا؟
إبتسمت قائلة:.

-إنت عارف قد إيه بناتك بيحبوك وخصوصا نهال. ده انت روحها ياحاج، فاكر لما قلت مرة قصادها إنك مبتحبش حفلات الأفراح الكبيرة وبتفضل الأفراح العائلية، هي عملت كدة بالظبط. اخدت برأيك وحابة تعمل الفرح عائلى. يعنى نيتها كانت رضاك مش زي اللى وصلك ما قال.
أشاح بعيونه عن نظراتها العاتبة ونبرتها اللائمة فى جملتها الأخيرة، ليقول بإرتباك:
-أنا محدش وصلى حاجة..
قاطعته قائلة:.

-انت حجيت بيت ربنا ومينفعش تكدب ياحافظ، عموما أنا عايزة اقولك حاجة واحدة بس. مترميش ودانك لرجاء وافتكر إنها مرة فرقت بينا ولولا ربك اراد يظهر الحقيقة عشان نصيبنا مع بعض كان فاتنا دلوقتى كل واحد فى ناحية، خد بالك ياحاج منها. أنا هعديهالها المرة دى بس قسما بالله إن عادتها مهخليها فى بيتي لحظة واحدة، أنا ممكن أعديلها اي حاجة إلا إنها تهدم البيت اللى بنيته طول السنين اللى فاتت دى ياحافظ.

مر بخاطر (حافظ)بعض الذكريات التى جعلته يعود إلى رشده ويبعد عنه الشيطان، يشكر الله على عقل زوجته الذى لطالما أعاده للطريق الصحيح ليمسك كلتا يديها قائلا:
-ربنا يباركلى فيكى وميحرمنيش منك أبدا.

شعرت (رجاء)التى كانت تتلصص عليهما من خلف الباب بالغضب يسرى فى شرايينها، لتعود إلى حجرتها على الفور وقد احست بحركة قريبة منها، تغلق الباب خلفها وهي تعقد حاجبيها. لم تفلح خطتها لإحداث صدع بين (سوزان) و(حافظ)ولن تستطيع الإقتراب مجددا من علاقتهما خشية تهديد(سوزان)بطردها خارج المنزل، وهي حاليا تحتاجه بشدة. فبالتأكيد لن تعود لتكون خادمة فى منزل المزرعة ك(قمر)ولن تتحمل ذُل (أكرم)لذا ستخضع فى الظاهر مؤقتا حتى تنال مأربها وتصبح سيدة المنزل. بلا منازع.

01-03-2022 01:21 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [8]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية غرامة غدر
رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل التاسع

كانت تزيل بعض الأعشاب الضارة التى تجمعت حول النبات بصعوبة، تساقطت بضع قطرات من العرق من جبينها على عينيها فرفعت يدها تمسح عرق جبينها بكمها تسخر من تصاعد درجة حرارتها بشدة فى هذا الجو البارد نتيجة المجهود الشاق الذى تبذله، حانت منها نظرة إلى يدها التى أصابتها العديد من الجروح رغم إستخدامها قفازا أغلب الوقت. تنهدت بصمت تتساءل إلى متى سيطول عذابها ويستمر عقابها؟ربما للأبد كما يبدو ف(أكرم)مصمما على أن يجعلها تدفع الثمن ويبذل فى سبيل ذلك قصارى جهده، تنهدت مرة اخرى ولكن شاب تنهيدتها مرارة فبالماضى كان على النقيض تماما يبذل قُصارى جهده لإسعادها.

تبا. لقد إشتاقت رُغما عنها إلى تلك الأيام وتلك اللحظات التى كان فيها لها حبيبا، إشتاقت للمساته التى جاست يوما فوق ملامحها وهمساته التى ربتت على قلبها بيد حانية وأطربت مسامعها، إشتاقت لهذا الدفء الذى منحها إياه وجودها بين أضلعه، تريد أن تصرخ بكل كيانها الآن.
أريد عودة حبيبي القديم حتى وإن كان مخادعا.
أريده ليعيد إلى قلبي الحياة وقد صار على وشك الموت حزنا.

أريد أن أعيش الحلم حتى لو كانت النهاية كابوساً.
فلحظات من السعادة معه جعلتنى أتحمل لسنوات.
حنيني وشوقى يبتلعان الذكريات ويتركان فى قلبى أسى ولوعة.
وها هو مخزونى من الذكريات على وشك النفاذ يجعلنى أحتاج بيأس أن أشعر بالسعادة مجددا..
حتى لو كانت سعادة زائفة يغلفها الوهم.
تبا. تبا. تبا.

كم هي بائسة يائسة لتتمنى وهم حبه كي يعيد إلى قلبها سعادة مؤقتة ثم يتركها بجراح تبقى للأبد، كم هي بائسة لتشتاق لمن لم يحمل لها فى قلبه يوما حبا بل منحها زيف الأمل وتركها خائبة الرجاء تلجأ مجبرة لآخر كي تنقذ نفسها من براثن مستقبل مجهول الملامح.
أفاقت من افكارها على صوت العم (فاضل)وهو يقول بدهشة:
-جمر! عتعملى إيه إهنه يابتي؟
نهضت (قمر)ترسم على وجهها إبتسامة وهي تقول بإرتباك:.

-إزيك ياعم فاضل. نورت المزرعة.
قال(فاضل)وهو يرمقها بنظرة متفحصة يلاحظ ثيابها المغبرة ويداها المجروحتان:
-المزرعة منورة بناسها. مجلتليش عتعملى إيه فى الجنينة. ووينه عم خلف؟
قالت(قمر)بإضطراب:
-عم خلف عيان بقاله أسبوع مجاش وعشان كدة باخد بالى من الجنينة على ماييجى.
قال(فاضل)بدهشة:.

-وه. عتاخدى بالك من الجنينة بنفسك كيف عاد؟مجلتليش ليه يابتى وأنى كنت جيبتلك اللى ياخد باله منيها؟وبعدين عم خلف تعبان كيف وأنى شايفه إمبارح عشية؟
عقدت (قمر)حاجبيها قائلة:
-شايفه؟!شايفه فين ياعم فاضل؟
قال(فاضل):
-عند التل الكبير اللى على حدود المزرعة، كان معاود مع مرته. الظاهر إنهم كانوا عيزوروا أهلها.

لهذا السبب إذا لم تجد احداً حين ذهبت إلى منزل العم(خلف) لتطمأن عليه. ازداد انعقاد حاجبي (قمر)فى تفكير، بينما قال(فاضل):
-سيبى الجنينة وروحى داوى الجروح اللى فى يدك دى، وأنى عبعتلك مصيلح من بكرة ياخد باله منيها لحد خلف مايعاود.
قالت(قمر):
-مالوش لزوم..
قاطعها (فاضل)قائلا بحزم:
-إسمعى الكلام يابتي متتعبيش جلبى وياكى.
هزت (قمر)رأسها، فقال(فاضل):
-وينه تيام؟وحشنى الولد.
قالت(قمر)بإبتسامة:.

-إنت كمان وحشته، كان لسة بيقولى إنه عايز يروحلك.
إبتسم الحاج (فاضل)قائلا:
-إبعتهولى طوالى.
قالت(قمر):
-أبعتهولك فين؟
قال:
-عند اكرم. أنى جاي مخصوص أرحب بيه.
تجهمت ملامحها قائلة:
-مش هينفع ياعمى، اكرم بيه منبه على تيام مايقربش من بيت المزرعة.
عقد(فاضل)حاجبيه قائلا:
-اكرم بيه! ومنبه عليه مايجربش من البيت؟اومال انتى وخالتك وولدك عايشين فين؟
كادت ان تقول شيئا ولكن صوت قوي النبرات قاطعها وهو يقول:.

-نورت المزرعة ياحاج فاضل.
جلس الحاج(فاضل)امام (اكرم)عاقد الحاجبين، يقول بحيرة:
-يعنى الست رجاء سافرت وفاتت جمر وحديها، غريبة الحكاية دى. ده كنها كانت روحها فيها معتفارجهاش غير بالموت.
هز (اكرم)كتفيه بلا مبالاة قائلا:
-والله ده اللى حصل.
قال(فاضل)بعتاب:
-بس كيف ياأكرم عتشغل جمر بنت الاكابر خدامة عنديك؟مكنش عشمى فيك ياولد الأصول.
طالعه (اكرم)قائلا:.

-بص ياحاج فاضل، انا مكنتش ناوى احكى لحد على حاجة. بس انت غلاوتك عندى زي ابويا واكتر وعشان كدة لازم تعرف إنى مرجعتش انقذ المزرعة زي ماإنت فاكر، رغم إنها عزيزة علية وصعبان علية الحالة اللى وصلتلها على إيد إبن السلاطينى.
قال(فاضل):
-الله يرحمه، أهو راح للى خلجه وهو اللى عيحاسبه على اللى عمله فى المزرعة وفى الست جمر.
عقد (أكرم)حاجبيه قائلا:.

-قصدك يعنى إنه ضيع ورثها، كان واضح ياحاج. وهو من إمتى حاتم كان ليه فى الزرع والأرض؟عموما هي اللى إختارته وتتحمل بقى نتيجة إختيارها.
إحتار الحاج (فاضل) فيم يفعل، هل يخبره بما يعرفه عن علاقة (حاتم )و (قمر)أم يصمت؟فلقد كان شاهداً يوما على سوء معاملته إياها.
آثر الصمت فتلك حياة( قمر) الخاصة ولديها كل الحق فى الإحتفاظ بها سرا او البوح بها حين ترغب، لذا فقد قال بفضول:.

-اومال إيه اللى خلاك تعاود ياولدي؟ماأنى بجالى سنين بترجاك تاجى وتلحج المزرعة جبل مايفوت الأوان.
تراجع (أكرم)فى مقعده يسند رأسه إليه قائلا:
-انا راجع عشان آخد حقى ياحاج فاضل، سبته كتير وآن الأوان.
عقد (فاضل)حاجبيه قائلا:
-حج إيه ده؟
لمعت عينا (اكرم)بالقسوة وهو يقول بحقد:
-حق سنين ضيعتها فى حب واحدة غدرت بية، وحق أمي اللى معرفتش غيرها وماتت برضه غدر على إيد الواحدة دى.
إتسعت عينا (فاضل)فى صدمة وهو يقول:.

-إنت تجصد إن جمر...
قاطعه (اكرم)وهو يعتدل قائلا بقسوة:
-هي اللى قتلت امى. الست فاطمة ياحاج.
عقد (فاضل)حاجبيه وقد بدت على ملامحه الصدمة.

كان قد جمع كل متعلقاته فى حقيبة، سيغادر هذا المنزل الذى لا يشعر فيه بالراحة خاصة وهو يجمعه بمن فرقت بين والديه، لا يطيق رؤيتها أو الجلوس معها فى مكان واحد وقد ضاق زرعه بها حين فرقت بينه وبين والده بدورها، وها هو والده قد قاطعه وأجبره على المكوث بحجرته حتى يعتذر وهو لن يفعل ذلك مطلقا.

نظر إلى الساعة التى تشير إلى السادسة. إنه ميعاد قيلولة والدته وتلك المرأة، وأخته تمكث فى حجرتها تلعب بألعابها حتى يستيقظ الجميع، ربما هذا هو انسب وقت للتسلل هاربا والذهاب إلى خاله ليعيش معه رغم أنه لا يهوى تلك الفكرة، فزوجة خاله لا تحبه ولا تريده ان يعيش معهما لقد سمعها تخبر خاله بذلك وتطلب منه إرساله لأبيه، يكفيهما اولادهما الذين يخرجونها عن طورها وهي لن ترغب فى المزيد من الأعباء على كاهلها.

لقد أصبح عبء على الجميع كما يبدوا ولكن عليه ان يتحمل تلك المراة ذات اللسان السليط، فوجوده معها أهون عليه من ان يُقلق روح امه فى قبرها بمكوثه مع غريمتها، خرج من حجرته بهدوء يتلفت حوله حتى إقترب من باب حجرة والده الموارب، لعن فى سره فلطالما كان الباب مغلقا ماإن يأوى أباه لفراشه، إنه حظه السيئ الذى جعل الأمر يختلف اليوم، يخشى حين يمر من امام الباب ان يلمحه احدهم إن كان مستيقظا. أخذ نفسا عميقا ومر من امام الباب حين تناهى إلى مسامعه صوت والده وهو يقول:.

-مفيش قدامى حل غير إنى أرجعه يعيش مع خاله.
سيعيده إذا. لاداعى من الفرار والتخبط فى الطرقات ليلا وقد إنتوى والده تحقيق رغبته، سمع صوتها وهي تقول:
-إنت مش قلت ياصادق إن مرات خاله مبتحبوش ومش عايزاه معاهم؟
تبا. لماذا كان لابد وأن تعرفى ذلك، هل تنوين الشماتة بى وإخبار أبى ان الجميع يكرهوننى، وأن لديه كل الحق لإبعادى عنه بدوره؟
تنهد( صادق)قائلا:.

-أيوة. والولد نفسه مكنش بيحب يقعد عندهم زي ما منال مرة قالتلى.
لاتزيد من شماتتها بى ياأبى. لا تمنحها عذرا لتشويه صورتى أكثر. إنى مُجبر على الرحيل ولكنى بالتأكيد أريدك فى حياتي.
-يبقى إزاي هيجيلك قلب تسيبه هناك وانت عارف إن مرات خاله ممكن تعامله بطريقة مش كويسة؟
عقد (فارس)حاجبيه بصدمة، بالتاكيد لم يتوقع منها تلك الكلمات. سمعها تردف قائلة:.

-إزاي هتنام وانت مش عارف حالته إيه؟جعان ولا شبعان. حزين ولا فرحان. بردان ولا دفيان، إزاي هتجبره يبقى يتيم الاب والأم وانت عايش؟انا مش ممكن اوافقك على اللى انت عايز تعمله ده أبدا.

شعر بوجهه ندي. فرفع إصبعه يمسح وجنته فإذا بقطرات من الدموع يجدها على وجهه، مسحها بقوة وقد ادرك أنه يبكى جراء سماعه لكلماتها يرفض سماع قلبه الذى رق تجاهها وفكرته عنها تتغير قليلا. لا. لا يجب ان يتغير منظوره عنها ومن المستحيل ان يقبلها فى حياته وقد فرقت بين والديه وأماتت امه كمدا.
كاد أن يكمل طريقه إلى الخارج حين إستوقفه صوتها وهي تقول:.

-وغلاوتى عندك ياأبو فارس خليه هنا فى حضنك، أنا فى الأول مكنتش فاهمة، كنت فاكرة إن وجوده هيفرق بينا بس دلوقتى بس فهمت إنه ضحية، ضحية لحاجات كتير مكنلوش ذنب فيها واحنا مش هنيجى عليه اكتر ماالأيام جت عليه.
تدمع عيناه كلماتها مجددا، ربما هو أيضا قد أساء فهمها. ربما لو منحها فرصة أخرى...

تبا. ماذا يفعل؟هل سيخون امه؟هل سيقبل بغريمتها أُما؟هل سيفعل؟بالتأكيد لا. ولكنه أيضا لن يرحل، ربما وجب عليه المكوث مع أبيه رغم كل شيء فحين ينظر إلى الأمر الآن يجد أن وجوده هنا أفضل قليلا من وجوده فى منزل خاله يتصارع مع أولاد خاله الذين لا يطيقهم ويتحمل زوجة خاله التى تبغضه، على الأقل تلك المراة لن تضره بشيء وهنا أيضا. أخته. وهي أبعد مايكون عنه ولن تضايقه البتة إن لم يقربها.

ليتراجع إلى حجرته بهدوء ويغلق بابها خلفه. بينما يقول (صادق):
-طيب والحل ياأمنية، هنفضل فى المشاكل دى علطول؟
قالت(أمنية):
-انا شايفة إن أكرم مرتاح قوى مع تيام، هحاول اخليه يصاحبه لعل وعسى لما يبقى ليه أصحاب هنا يهتم بيهم. يهدى شوية ويبدأ يكون مرتاح واعتقد إن لو فارس حس بالراحة هنا هيبقى واحد تانى خالص.
قال(صادق)بحب:
-من إمتى العقل ده كله ياحبيبتى؟
مالت (أمنية)على صدره قائلة:
-من يومى وانا عاقلة ياحبيبي.

ضمها (صادق)بين ذراعيه وهو يغمض عينيه، يشعر بالحب يسكن قلبه ويبعد عنه كل قلق، للأبد.
قال(فاضل)جزعا:
-إنت بتجول إيه بس؟مستحيل جمر تعمل العملة السودة دى، إنت أكيد غلطان او جرا لمخك حاجة.
قال(اكرم):
-إهدى بس ياحاج وإسمعنى، اللى شافها وهي بتجرى بالعربية بعد ماضربت امي قاللى.
قال(فاضل):
-كداب. خلينى أجابله وانا اوريك إنه مفترى وربك معيفوتوش واصل.
قال(أكرم):
-على فكرة الشخص ده انا واثق فيه جدا وانت تعرفه كمان.

عقد(فاضل)حاجبيه قائلا:
-يبجى مين الشخص ده؟
قال(اكرم):
-جابر مدير المزرعة بتاعتك وصاحبي زي ماإنت عارف.
عقد(فاضل)حاجبيه قائلا:
-جابر راجل زين ومعيكدبش صوح بس أنى لسة على رأيي. الموضوع فيه حاجة مش مظبوطة، جمر أنى مربيها على يدي وبجولك إنها مستحيل تعمل إكده.
زفر (اكرم)قائلا:
-وهي اللى مربيها على إيدك كان ممكن تغدر بحد بيحبها زي ماغدرت بية.
قال(فاضل):.

-لحد دلوك مش عارف كيف جصتكم إنتهت بالشكل ده، بس مش جايز ياإبنى مغدرتش وأبوها جوزها غصب عنيها.
قال(اكرم):
-إحنا الاتنين عارفين إن أبو قمر كان راجل شديد صح بس قمر كانت نور عنيه ومش ممكن يغصب عليها تتجوز حد مش عايزاه ولا إيه؟
قال(فاضل):
-أنى شايف إنك لازمن تتحدت وياها وتسألها جبل ماتحكم عليها وتنفذ حكمك ياإبن الصياد.
قال(اكرم)بقسوة:.

-كان ممكن قبل ماتقتل أمى بس خلاص مبقاش فيه مجال للكلام، دلوقتى جه اوان الإنتقام. الانتقام وبس.
نهض (فاضل)قائلا:
-عنيد وراسك كيف الحجر ياأكرم. بتمنى تفكر بجلبك مش بعجلك عشان متندمش فى الآخر.
نهض (أكرم)قائلا:
-متقلقش علية ياحاج فاضل انا عارف بعمل إيه كويس.
مالت زاوية فم(فاضل)وهو يقول:.

-مش باين، عموما أنى كنت جاي اجولك إن هند بتى عتعاود من بلاد برة بعد يامين وموصيانى أجولك تستناها، إتوحشتك جوى بجالها سنين مشافتكش.
إبتسم (اكرم)قائلا:
-هي كمان وحشتنى، إزيها دلوقت؟
قال(فاضل):.

-زينة. خدت الشهادة الكبيرة خلاص ومعاودة، عاوزك تجنعها يااكرم ياولدى تجبل بولد عمها وتتجوزه، أصلها محجرة دماغها جوى، يجطعنى بجى انى اللى دلعتها زيادة عن اللزوم ومبجتش جادر عليها خلاص، ومحدش عيعرف يجنعها غيرك زي زمان. فاكر ولا نسيت؟
قال(اكرم):
-فاكر طبعا.
قال (فاضل):
-كانت بت شجية بس بتيجى لحد عنديك وتجف متحطش منطج.
قال(اكرم):
-ربنا يباركلك فيها.
مد(فاضل)يده إليه مودعا وهو يقول:.

-أستأذن انى دلوكيت عشان الوجت اتوخر، بس عستناك تاجينى.
صافحه (اكرم)وهو يقول:
-اكيد جاي ياحاج.
هز (فاضل)رأسه مغادرا قبل ان يتوقف ويستدير قائلا:
-متنساش تفكر فى الكلام اللى جلتهولك وتعيد حساباتك جبل فوات الأوان ياولدى.
لم ينتظر إجابته وهو يغادر بينما يتابعه (اكرم)وقلبه يخبره ان يستمع لكلمات هذا الرجل العجوز، ولكن عقله يأبى الإنصياع.

01-03-2022 01:21 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [9]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية غرامة غدر
رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل العاشر

ناولته فنجال قهوته ثم إستدارت بهدوء لتغادر. أوقفها صوت (أكرم)الذى قال فى صرامة:
-إستنى هنا، أنا مأذنتلكيش تمشى.
إستدارت تطالعه ببرود صامتة، فرفع فنجال قهوته إلى شفته يتذوقه قبل أن يغضن جبينه قائلا:
-زي ماتوقعت.
منحها الفنجال مردفا:
-إعمليلى غيره.
طالعته بحيرة قائلة:
-ليه ماله الفنجال ده؟

نهض وهو يتقدم تجاهها حتى أصبح أمامها تماماً، ليلقى بمحتواه أرضا فقبضت على يدها بقوة تحاول أن تبدو متماسكة رغم الألم الذى طال يدها جِراء أصابتها ببعض قطرات القهوة الحارقة، وهو يقول:
-سكر زيادة وأنا بشربها سادة.
قالت:
-بس انت كنت بتشربها..
قاطعها هادرا:
-كنت. دلوقتى بشربها سادة، روحى اعمليلى فنجان تانى وانتى ساكتة وابقى نضفى مكان القهوة.
ليردف بسخرية قائلا:
-صحيح دلق القهوة خير بس النضافة خير برده.

أخذت منه فنجال القهوة الفارغ بيدها السليمة بضعف تشعر فى تلك اللحظة أنها على وشك الإنهيار ألما، فهذا الرجل يتمادى فى إنتقامه ويجبرها على أن تستسلم وهي بالتأكيد لا ترغب بالإستسلام، إشرأبت بعنقها متحاملة على ألمها تسير بكبرياء مغادرة بهدوء يتابعها بعينيه وقد إرتسمت فيهما نظرة قاسية ظللتها لمحة إعجاب رُغما عنه، حانت منه نظرة إلى آثار القهوة المسكوبة لتتداعى قسوة ملامحه وهو يزفر بقوة، يدرك أنه يتمادى فى قسوته ويتصرف على غير طبيعته ولكنها بالتأكيد، تستحق ذلك.

كانوا يجلسون على طاولة الطعام يتناولون الإفطار، حين قالت(أمنية):
-أنا هعمل ساندوتشات لفارس عشان يفطر، خدهاله اوضته ياصادق ده مداقش حاجة بقاله يومين.
ربت بيده على يدها وقد ظللت وجهه إبتسامة ممتنة مالبثت ان تلاشت وقد حل محلها الدهشة وهو يرى أمامه( فارس)، يقف قرب الطاولة يطالعهم بصمت. طالعوه بدورهم ليقول بهدوء:
-أنا، آسف.

ثم تقدم تجاه الطاولة وجلس عليها بهدوء، يشرع فى تناول طعامه وهو يتطلع إلى صحنه بصمت، فنظرت (أمنية)ل(صادق)بدهشة مالبثت ان ظللتها إبتسامة سعيدة بادلها إياها وهو يومئ برأسه، يشعر بأن تأسف (فارس)على ماحدث منه هي بداية مشجعة سيتبعها خير كثير بإذن الله.

كان يتناول قهوته بينما (قمر)تنظف السجاد بيدها السليمة، يدها الأخرى تحرقها وتجعلها تإنّ ألما تجز على أسنانها كي تمنع آهة ألم من الإندفاع خارج ثغرها، قال(اكرم)بسخرية:
-مش عارفة تنضفى شوية قهوة، أنا مش عارف مشغلك عندى ليه وانتى مش نافعة فى أي حاجة؟ماأرميكى فى السجن وأرتاح منك.
لم تتفوه بكلمة وقد غشيت عيناها الدموع رُغما عنها تستميت كي تبدو صلدة ومتماسكة، بينما أردف هو قائلا بصرامة:.

-الحاجة الوحيدة اللى مانعانى من انى أسجنك إنهم هيعدموكِ والموت بالنسبة لأمثالك راحة ومش هيشفى غليلى. اللى هيشفى غليلى إنى أشوف قمر بنت الحسب والنسب مذلولة قدامى وموطية راسها كدة بالظبط، اللى هيشفى غليلى إنى أحس بعذابك قدامى وانتى عاجزة تردى علية أو ترفضي.
ظلت صامتة تحاول بكل جهدها ان تحتفظ بدموعها حبيسة مقلتيها. يهددونها بالسقوط أمامه وهي لن تسمح له برؤيتها ضعيفة أبدا مهما تحملت من أجل ذلك.

أثار حنقه صمتها فطالعها للحظات بغضب قبل أن ينهض متجها إليها وواقفا أمامها قائلا بغيظ:
-قلتلك إشتغلى كويس وإنجزى، مش هنقضى اليوم كله وانتى بتمسحى بقعة قهوة.
تجاهلته تماماً فإنحنى حانقا يسحب يدها التى لا تعمل بها بعنف قائلا:
-تشتغلى بإيديكى الاتني..

قاطعه صرختها وهي ترفع وجهها إليه فهالته دموعها التى سقطت أخيراً وأعجزه الألم فى صرختها عن التفوه بحرف تتبع نظراتها ليدها التى تسكن يده، فإحتبست أنفاسه من الصدمة وهو يرى بقعا حمراء إنتشرت على كفها وبدأ بعضها بالفعل بالتورم، سحبت يدها من يده فطالعها قائلا بصوت شحبت نبراته كملامحه تماما:
-من القهوة. صح؟

لم تجبه وهي تنهض مشيحة بوجهها عنه تضم كفها بيدها، ليغمض عينيه ويلعن تهوره قبل ان يفتحهما معتدلا وهو يقول:
-إستنينى هنا، ثوانى وراجعلك.
ليغادر مسرعا فتنهدت (قمر)وهي تطالع كفها بقلة حيلة، تجلس على الكرسي خلفها وقد أنهكها كل مايحدث وجعلها عاجزة عن الوقوف، عاد بعد لحظات وبيده علبة إسعاف أولية يجلس امامها ويفتح العلبة ثم يسحب كفها، جذبته منه فتمسك به قائلا بحزم:.

-من فضلك الحروق دى مينفعش يتسكت عليها وانتى عارفة كدة كويس، أنا، أنا مش عايزك تقصرى فى واجباتك بسببها. مفهوم؟
تركت له كفها يعالج حروقها بحنكة، تحاول أن توقف إرتعاشة جسدها بسبب لمسته إياها والتى فسر سببها كونها متألمة بينما أنفاسه التى تلفحها وهو يميل تجاهها تجعلها تتطلع إليه، يصرخ قلبها بكل قوة.
عُد رجلا قاسيا صلدا، فهذا الرجل أستطيع التعامل معه.

أما الرجل الذى أمامى الآن فيذكرنى برجل احببته يوما بقدر الحروف التى تحملها أسامى العاشقين.
أحببته رغم القيود ورغم كل شيء.
أسرنى عشقه فعزفت عن حريتي وسلمته أمري.
ذكرياتي معه تطفو الآن للسطح وتعتصر القلب شوقاً.
كانت أجمل ذكريات العمر. غلب طعم الفرحة فيهم كل شيء.
نُحتت تلك الذكريات فى القلب وإستحال طمسها.
حتى بعد أن لوثها الغدر وطالتها الخيانة النكراء.
ظلت نقية كروح طفلة صغيرة لم تُدنسها الشرور.

تُجبرنى على الحنين لسعادة لم أشعر بها سوى مع هذا الرجل الذى أحببت يوماً وصار اليوم عنى، غريبا.
حانت منه نظرة إليها فتوقف الزمن، ونظرة عيونها تجبره على العودة بالذكريات، عيناه تخاطب عيناها وقلبه يخاطب مثيله.
=كنتِ لى وطنا فلماذا أنكرتنى؟
إذا لم تكن أهلا لكلمة أحبك فلماذا قلتها؟
=ألا تخجلين من التحدث عن الحب وقد جرحتى القلب بسكين الغدر؟
أخبرتك أن فراقك سيقتلنى، فرحلت ولم تأبه.

=لغدرك رحلت مُحطم القلب مُنزوع الروح ومُهدّم الوجدان
كل خائن يختلق لنفسه الأعذار وقد خنت قلبى وابتعدت وأنا فى أمس الحاجة إليك.
=تخليت عن العشق مُجبرا لإنى طُعنت بسكين الغدر مرتين، مرة حين منحتك قلبى فألقيتيه كما تلقى بأشيائك القديمة فى سلة القمامة، ومرة أخرى قضت على كل ما حاولت التشبث به حين ادركت أنك إمرأة بلا قلب تقتل أحبتها دون رحمة.

عند تلك النقطة نهض يطالعها بقسوة عادت تغزو ملامحه قبل ان يغادر الحجرة بخطوات غاضبة من نفسه، بينما تتابعه بعينيها التى غشيتها الدموع تتمنى لو كان (أكرم)أحبها حقا فربما كانت لتعيش السعادة بحق ولم تكن لتؤول فى النهاية إلى وهم كبير يعذبها فى كل لحظة.
قالت(رجاء):
-مش مرتاحة ياقمر. سوزان دى عقربة وأخدة بالها منى، ولا بناتها. لا تربية ولا أخلاق، أنا مش عارفة إزاي حافظ بس ساكت على الكلام ده؟
قالت(قمر):.

-والله ياخالتى انا مستغربة اللى انتى بتقوليه ده، اللى اعرفه ان طنط سوزان ذوق جدا وبناتها زي الفل، مش معقولة تلات اربع سنين يغيروا الناس بالشكل ده.
قالت(رجاء)بحنق:
-انتى بتكدبينى ياقمر؟بقولك الست مش طايقانى وبناتها داخلين خارجين كدة من غير إذن وماشيين بكيفهم، المتجوزين والبنت اللى لسة. هو أنا مستقصداهم ولا مش طايقاهم فبتلككلهم مثلا؟!
قالت(قمر):
-طيب إهدى ياخالتى متتعصبيش، الموضوع مش مستاهل.
قالت(رجاء):.

-لأ مستاهل، مش كفاية بعيدة عنك وعن حفيدى تيام لأ وكمان بتعامل معاملة هنا مايعلم بيها غير ربنا، والله لولا الزفت اللى قاعد عندك فى المزرعة وهيحرق دمى وجوده مكان ابنى كنت رجعتلكم ومترددتش ثانية.
قالت(قمر):
-خلاص ياخالتى إهدى بس، أنا خايفة على صحتك.
قالت(رجاء):
-سيبك من صحتي وقوليلى، عامل معاكى ايه سى أكرم؟

زفرت (قمر)وهي تتذكر تجنبه إياها منذ ذلك الحادث فى مكتبه وإنشغاله الدائم فى الأرض، حتى أنه يرسل فى طلب الطعام ليأكل بالخارج، تشعر ببعض الراحة فى عدم مواجهته. الى جانب انه أعاد عم(خلف)لعمله فى الحديقة فأراحها ذلك من العمل الشاق بها، لتحصل على يومان هادئان تدرك أنهما هبة من الله كي تستعيد عافيتها ونفسها التى تشعر بالتخبط فى الفترة الأخيرة بين حنينها و جُرحها.
أفاقت من افكارها على صوت خالتها وهي تقول:.

-قمر. روحتى فين يابنتى؟
قالت (قمر):
-معاكِ ياخالتى، هقولك ايه بس؟لسة على حاله. ربنا يعدى الأيام الجاية دى على خير.
قالت(رجاء):
-يعنى ايه؟هنفضل كدة كتير ياقمر؟
قالت(قمر):
-لغاية ما ربنا يرزقنا مخرج، بقولك ايه. تيام جه أهو من برة وعايز يكلمك.
قالت(رجاء)بلهفة:
-إديهولى.

ناولت(تيام)الهاتف يتحدث إليها بينما جلست جواره تقوم بطي الملابس وذهنها يشرد فى الماضى رُغما عنها، يستعيد الذكريات، لتنطلق من صدرها تنهيدة حارة وهي تدرك أنها لم تكن قط سعيدة كسعادتها معه هو، حبيبها، وخائنها.
قال (عادل):
-ماهو لازم تاكلى حاجة، أنا عازمك على الغدا على فكرة.
زفرت(نهال)قائلة:
-مش قادرة آكل حاجة ياعادل بجد كُل انت بالهنا والشفا.
ترك(عادل)شوكته قائلا:.

-كل ده بسبب طنط رجاء، انا مش قلتلك تتجنبيها خالص ومتحاوليش تدخلى معاها فى حوار.
قالت(نهال)بحنق:
-وانا عملت كدة فعلا، بس هي اللى مصممة تتدخل فى شئونى الخاصة وتعصبنى.
قال (عادل )بهدوء:
-لازم تتحمليها دى ضيفة عندكم والضيف لازم يُكرم.
مال فمها بسخرية وهي تقول:
-مش لما الضيف الأول يخليه فى حاله وميحشرش نفسه فى امور الناس اللى استقبلوه عندهم وفتحوله دراعتهم.
قال(عادل):.

-مهما كان طبع طنط رجاء هتفضل ست كبيرة فى السن وواجب احترامها وتقديرها.
قالت(نهال):
-شوف انت بتقول عليها إيه وهي بتقول عليك إيه، دى بتقول..
قاطعها قائلا بحزم:
-مش عايز أعرف، ومتتعوديش تنقلى كلام اتقال قدامك يانهال. الرسول عليه الصلاة والسلام قال(من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا او ليصمت)واتكلم كمان عن الغيبة والنميمة..
طالعته بخجل قائلة:.

-عليه أفضل الصلاة والسلام، أنا آسفة ياعادل. انت عارفنى وعارف انى مش كدة بس..
صمتت لا تدرى كيف تبوح بمخاوفها وقلقها من تلك السيدة التى رأت فى عيونها خرابا تبغيه بعائلتها، فأفاقت على ربتة حانية من يد (عادل )على يدها وهو يقول:
-عارف ومقدر كل اللى انتِ فيه، بس لازم يكون عندك ثقة فى الله إنه مش ممكن يضرك أبدا وإن الخير دايما بينتصر. والشر مهما إنتشر فله آخر.

طالعت عيناه الدخانيتان واللتان بثتا فيها ثقة جعلتها تقول بثبات:
-معاك حق، ثقتى فى الله كبيرة وبإذن الله هيحمى عيلتى من أي شر.
إبتسم (عادل)قائلا:
-يبقى هتاكلى معايا مش كدة؟
بادلته إبتسامته وهى تمسك شوكتها قائلة:
-هاكل طبعا، أنا جعانة جدا.

إتسعت إبتسامته وهو يمسك شوكته بدوره، يشرعان فى تناول طعامهما ويتبادلان الأحاديث حول ترتيبات العرس فى جو خلا تماما من المخاوف وشملته ثقة فى الله بأن كل شيء فى النهاية، سيكون على مايرام.



المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
رواية صغيرتي الحمقاء زهرة الصبار
39 7008 زهرة الصبار
رواية انتقام ثم عشق زهرة الصبار
38 4070 زهرة الصبار
رواية حبيب الروح زهرة الصبار
39 3104 زهرة الصبار
رواية لا ترحلي زهرة الصبار
36 2978 عبد القادر خليل
رواية أحببت فاطمة زهرة الصبار
74 3425 زهرة الصبار

الكلمات الدلالية
رواية ، غرامة ،


 





# فنون # مشاهير # صحة # منوعات # الأطفال # English # تفسير الأحلام ثقافة # قصص # سيارات Cars # صور # تقنيات # الاجهزة الالكترونية # المطبخ # كلام فى الحب # أبراج # رياضة # ازياء # حكم وأقوال تطوير الذات# خلفيات # صور بنات # مشاهير # ديكور # صباح الخير # مكتوب برقيات شهر رمضان # جمعة مباركة # حب رومانسية # عيد # ادعية # خلفيات كرتون # منوعات # موضة # الأم # أطفال # حيوانات # صور ورد # اكلات # New Year # مساء الخير # اللهم صلي علي النبي # القران الكريم # صور نكت # عيد ميلاد # اعلام # سيارات # تهنئة الخطوبة # حروف واسماء # الغاز # صور حزينة # فساتين # هدايا # خلفيات النادي الاهلي # تسريحات شعر # الاصدقاء # بوستات نجحت # خلفيات نادي الزمالك # حب رومانسية # تهنئه # ازياء # صور بنات # صوره وكلمه خلفيات # كرتون # بروفايل رمزيات # دينية # سيارات # مضحكة # أعلام # مسابقات # حيوانات # ديكور # أطفال # أكلات # حزينة صور شباب أولاد ر# صور # الطب و الصحة # مقالات عامه # CV المشاهير # وصفات الطبخ # العناية بالبشرة غرائب وعجائب # قصص روايات مواعظ # صور حيوانات # وصفات الحلويات # الرجيم والرشاقة # نكت مضحكة # صور خلفيات # العناية بالشعر # شروحات و تقنيات # videos # Apps & Games Free # موضة أناقة أزياء # سيارات # ديكور # رعاية الأطفال # نصائح المطبخ # موبايل جوال # الفوركس # التعليم والمدارس # الحمل و الولادة # اخبار الرياضه # وظائف # صحة المرأة # حوادث # صور بنات # صور اطفال # مكياج و تجميل # عناوين بنوك شركات محلات مطاعم # العاب الغاز # عيد # كلمات الاغانى # اشغال فنيه واعمال يدويه # مصر # أشعار خواطر # للنساء فقط # للرجال فقط # صور شباب # علاج النحافه # رسائل SMS # أكلات نباتية - Vegetarian food # برامج الكمبيوتر # المراهقة # جمعة مباركة # blogger # رعب # لعنة العشق # حب # اسلامية # قاسي ولكن أحبني # أحفاد أشرار الحرب لأجلك سلام # أسمى معاني الغرام # حقيقية # لقد كنت لعبة في يده # ملهمة # أباطرة العشق # عربية # حب خاطئ # لست مميزاً # من الجاني # مشاهير # راقصة الحانة # اغتصاب طفلة # عاشقان يجمعهم القدر # الطريق الصعب # خيال علمي # أشواك الحب # تاريخ # سجينة ثوب الرجال # لروحك عطر لا ينسى # أطفال # عشق وانتقام # لازلت أتنفسك # لقاؤنا صدفة # للحب معان أخرى # خاتم سليمان # ممن أنتقم # نجاح # أبواب وهمية # حلمى فى صفيحة قمامة # فيلم # مجنون بحبك # بين شباكها # حزينه # رحلات جوليفر # عذاب قسوته # عندما ينادي الشيطان # لعنة حبك # مريم وامير # هدوء في قلب العاصفة # الحاسة السادسة # المشعوذة الصغيرة # عباقرة # لوعة العشق # حروب # قدر بالإجبار # بنات مضحكه# فوركس Forex# صحتك # الصور والخلفيات # الطبخ والحلويات # منوعات # اخبار الفن # القصص و الروايات الألعاب الرياضية # الحياة الزوجية # أزياء وملابس # الأم و الطفل # دراسات لغات # افكار منزلية # انترنت تكنولوجيا # صفات الابراج # حيوانات ونباتات # تفسير الاحلام # معانى الاسماء # خواطر و اشعار # الكون والفضاء اجمل نكته# Mix # Forex # youtube # foods # Kids # Health education # stories # News # kitchen # woman # Famous # Sport # Animals

-------

الساعة الآن 01:41 مساء