قلبت عينيها بملل بين ثيابها المختلفة تحاول انتقاء إحداها حتى تبث فيديو لعلها تنشغل بشيء ما غير التفكير به، شددت على خصلات شعرها بغيظ من ذهنها الذي مازال على سرد ذكرياتهما معًا، رغم مرور ثلاثة أسابيع على غيابه هذه المرة إلا أنها تشتاق بحرقه له، لم تعلم سبب اندلاع تلك الثورة بداخلها هذه المرة، وكأن مشاعرها قررت أن تثور وتتمرد لتعلن اشتياقها له، اشتاقت لصوته الذي يحمل حنين وحب يملأ خواء روحها، تشتهي كلمه لطيفه تنير طريقها نحو النقاء، وبسمه تثير الشغف بداخلهاا..
عادت برأسها للخلف تنتقي أفضل ذكرياتهما معًا وفوق وجهها ابتسامه لطيفه، لعل تلك الذكرى تهدأ من دقات قلبها المضطربة.. دلفت منال وهي تقول بحنق: بت يا رهف سيبك من الهدوم دي وتعالي ساعديني في المحشي..
رفعت رأسها وعيناها تلمع بطيف حزين، قرأته والدتها بوضوح، ولكن استمرت في استدراك ابنتها والتحدث معها بطريقه مختلفة وجديدة حتى تصل لما يثير القلق بداخلها، يَوْمِيًا تستمع لبكائها في ساعات متأخرة من الليل، لن يفوتها نظرات معاذ الأخيرة لها، أو علاقتهما المضطربة عمومًا.. نهضت مع والدتها تساعدها ملتزمة الصمت، وبعد مرور قليل من الوقت أوقفتها والدتها عما تفعله لتقول بنبرة هادئة:.
في إيه مالك، واياكي تكذبي أو تقوليلي مفيش.
وقالت بقلق: في إيه يابنتي قلقتيني، احكيلي أنا غير أي حد، أنا هحفظ سرك وأرشدك للصح وعمري ما أذيكي.. أومأت برأسها عده مرات تهتف من بين شهقاتها: عارفة.. حثتها والدتها على التحدث: امال في إيه، قولي..
رفعت رأسها تخبر والدتها بكل شيء، علاقتها العاطفية مع معاذ اندفع الخجل من بين حروفها، تقسم بين كل الثانية والأخرى أنها لم تتجاوز حدودها معه ولم يحاول هو أيضًا، أخبرتها بحديث سامية ورفضها لها، شرحت أحزانها وما تصر عليه وفور انتهائها قالت بصوت مبحوح: إيه رأيك يا ماما، أنا غلطانة في حاجة..
حاولت والدتها أن تمنع دموعها من الانهيار على ما عاشته ابنتها وحدها، وجدت من الأفضل أن تبقى ثابتة ولا تزيد من أحزانها الضعف: لا طبعًا مش غلطانة واللي عملتيه كان الصح، بس عارفة أنا مبسوطة منك في إيه! رددت رهف خلفها متسائلة: إيه؟! أجابتها والدتها قائله بفخر:.
إني ربيتك صح، وجواكي طيب، ومعدنك كويس، رغم أنك سمعتي كلام أم معاذ إلا أنك مغيرتيش معاملتك معاهم ولا هي ولا بسمة، وقدرتي تفكيرها واديتيها مبرراتها.. مسحت رهف دموعها بكف يدها وهي تقول: ملهاش ذنب علشان أحط زعلي كله عليها، هي أم مهما كان وعاوزه لابنها الأحسن مني.. طبعت والدتها قبله فوق وجنتها: مفيش أحسن منك، ومتقلليش من نفسك، اسمها هي مش قادرة تتخطى اللي حصلك.. احتضنتها رهف بقوة تخرج مشاعرها المكبوتة:.
اللي خانقني معاذ مببقاش عاوزه أعامله كده، ميستاهلش مني كده أبدًا، بس اعمل إيه هو مبيبعدش عني ومتمسك بيا... أخرجت والدتها تنهيده لتقول بحزن: علشان بيحبك يابنتي، وربنا زرع في قلبه حبك، وبعدين هو راجل وبيحاول يحافظ عليكي ومعاذ ابن أصول ومشوفتش في حياتي زي جدعنته... بترت رهف حديثها وهي تقول بمشاعر مرهقه: مينفعش يا ماما، متقوليش مبررات علشان مينفعش.. ربتت والدتها فوق ظهرها قائلة:.
عندك حق مينفعش، ربنا يثبتك بعقلك يا بنتي.. تمسكت بوالدتها أكثر تحرك وجهها بها كالقطط تبحث عن حنانها وأمانها لعلها تهدأ من روعها و خاصةً تلك الثورة التي اندلعت بصدرها منذ غيابه..
وضعت أخر قطعه مبللة على حبال الشرفة وهي تتنهد براحة أخيرًا انتهت من واجباتها المنزلية التي تفرضها أمها عليها كحال كل يوم، انتبهت لرنين هاتفها أجابت على الفور عندما طالعت اسم المتصل: يا معاذ يا وحش لسه فاكر تتصل. عاملين إيه يا بسمة أنتي وماما. أجابته مبتسمة وبشقاوة: أنا وماما ورهف وطنط منال كويسين.. كتمت ضحكتها في آخر حديثها بصعوبة، فقال هو بضيق: مسألتش على فكرة عليها ومش عاوز أسال..
آه أنت هتقولي، المهم أنت غايب بقالك يومين مبتتصلش وأمك قرفاني كلمي اخوكي طمنيني على اخوكي، في إيه أنت ناسي اتصالك اليومي بيها، اللي واخد عقلك يا سيدي. تجاهل حديثها ليقول بنبره قويه لا تحمل المزاح: براحة كده ومن غير ما تعملي أي ريأكشن غبي منك، أنا في المستشفى العسكري تعبان وعملت عملية الزايدة... كتمت شهقة كادت ان تصدر منها بصعوبة اختبأت تسأله بقلق: أنت كويس؟!
آه كويس الحمد لله بس عاوزك تجيبيلي هدوم من ورا ماما يا بسمة وبعيد تاني من وراها مش عاوزها تقلق وتخاف أنا كده كدة كلها يومين وهاطلع من المستشفى وهاكمل فترة نقاها في البيت. طيب حاضر هاجيلك بسرعة.. هتف مره اخري محذرًا: أياكي تقولي لامك، مش ناقص هاتعيط وفي ثانية هالاقي عيلة ابوكي كلهم هنا.. والله حاضر هاجيبهم في الخباثة واجيلك.
أغلقت الهاتف بتوتر تحاول إخراج فكره مناسبة لإقناع والدتها بالخروج، لم تجد سوى أن تستعين برهف، انطلقت صوب غرفه معاذ تجلب ثياب له وخبأتهم بخفه ثم ارتدت ثيابها وضعت أشياء أخاها بحقيبتها ودلفت لوالدتها... ماما رهف اتصلت بيا وعاوزني أروح معها لدكتور عيونها، أروح. سردت ما في جبعتها مرة واحدة فقالت والدتها بتهكم: بتسأليني وأنتي لابسه ومقرره!
نظرت بتعاطف حتي تجعلها توافق وبالفعل ثوانٍ وكانت قد صرحت لها بالخروج قائله: روحي ومتتأخريش انطلقت بعجالة صوب شقه رهف وأمامها مهمة أخرى إقناعها بالذهاب معها، قرعت الجرس بعجالة فتحت لها رهف بضيق: طب والله قولت إن ده أنتي، هاتحرقي الجرس. اهربي من أمك بسرعة وتعالي انزلي معايا عاوزكي في مشوار..
خرجا من البناية فقالت رهف بفضول: ها بقي هانروح فين.. هانروح المستشفى العسكري بسرعة، معاذ... قاطعتها رهف بشهقة وهي تقول بأعين متسعة ونبرة خائفة مرتجفة: اتصاااب؟! حركت بسمة رأسها بنفي قائلة: لا عمل عملية الزايدة ومش عاوز ماما تعرف علشان أنتي عارفاها بقي وهتقلب العيلة كلها فوق دماغه، وهو باين عليه علي أخره طلب مني هدوم وحاجات اجبهاله.
مازال القلق يسيطر عليها ولن يختفي إلا لو رأته أمامها سليم معافى، اما عقلها لم يهدأ عن التفكير به، أوقفا سيارة أجره وانطلقتا صوب جهتهما، بعد مرور عشرين دقيقة وصلا إلى المشفى، دلفا يبحثان عن غرفته وقبل أن يدخلا تراجعت رهف للخلف: ادخلي أنتي وأنا هافضل بره. هتفت بسمة بتساؤل: ليه؟! هزت رهف كتفيها وهي تقول بلامبالاه ظاهرية رغم أن داخلها يثور لتطمئن عليه وجهًا لوجه:.
مفيش، بس انتوا أخوات يالا ادخليله وأنا هستنى هنا.. تراجعت بسمة عده خطوات فقالت بهدوء: ليه بس يا.. بترت جملتها بسرعة وهي تدفعها للداخل بقوة، شهقت رهف بصدمة من فعلتها تلك، اعتدل معاذ بسرعة وجلس بحركه مفاجئة عندما وجدها تدلف بهذا الشكل، انكمشت ملامحه بألم بسبب جرحه الحديث الذي لم يمر عليه من الوقت سوى يوم واحد فقط. تلعثمت رهف بطريقه مضحكه ومتوترة: أنا، أسفه آوي، بس هي...
قطعت حديثها فجأة ونظرت لبسمة الواقفة على الباب تنظر لها بمكر: ماشي يا بسمة. خطت بسمة خطواتها نحو أخيها تعانقه بحذر تهمس بأذنه: حمد لله على سلامتك يا حبيبي. وبصوت مرتفع تشير نحو أخيها: أهو يا ستي زي الفل مفيهوش حاجة، عملية بسيطة.. توسعت أعين رهف لما تقوله تلك المجنونة، وزاد خجلها الضعف عندما أكملت حديثها: أصلها يا معاذ لسه بقولها معاذ في المستشفى صوتت وقالت اتصاب..
وفي آخر حديثها قلدت رهف، أما الاخرى كادت ان تبكي من الخجل وتنصهر حرجًا من الذي أوقعتها فيه تلك المعتوهه بسمة اللعنة عليها، شعرت وأنه سكب عليها دلو من الماء، لم تجد مفر للهرب أو لم يستطع فمها إخراج أي كلمات قط، كل ما فعلته أنها جلست فوق الأريكة بوجه أحمر وعيون زائغة.. استمعت أخيرًا لصوته الذي جاهدت كثيرًا في التحلي بالصبر أثناء غيابه على أمل أن إجازته قد اقتربت. شكرًا..
هتف بها معاذ وعيناه ترتكز فوق ملامحها حتى البسمة لم يرسمها، جمود وجهه وجفاء صوته أوجعها كثيرًا، لم تكن تنتظر ذلك منه، انتظرت الدفء والشغف، انتظرت الحنان والحب، انتظرت الأمان والطمأنينة، انتظرت مزيج من المشاعر النقية، رن هاتف بسمة فقالت بقلق: دي ماما هاطلع أرد عليها، ثواني وجيالكوا..
خرجت بسرعة رغم تحذيرات رهف لها عن طريق نظراتها ولكن الأخرى لم تعِرها انتباه وأغلقت الباب خلفها، ارتكز بصرها فوق الباب، لم يسعفها عقلها بأي كلمات قط تقال في هذه الظروف، ماذا بها ولِمَ كل هذا التوتر، شعرت بأن عينيه تخترقها، حولت بصرها نحوه فتقابلت بالفعل معهما، لعقت شفتها السفلى قبل أن تتحدث بنبرة مهتزة: إزيك..
أنهت حديثها بابتسامه صغيرة، قابلها هو بوجه جامد خال من أي تعابير هاتفًا بإقتصار: الحمد لله.
يألهي لم تعد قادرة لمعاملته تلك، فركت يدها بتوتر، قررت أن تصمت وحركت عينيها بعيدًا عن مرمى بصره، حركتها بالفعل في أرجاء الغرفة عده مرات فكانت كالمجنونة، تساءلت بداخلها لما طالت مكالمة بسمة إلى هذا الحد، أم أن الدقائق تمر ببطء وحدهما، أم أن القدر يعطيها فرصه حتى تعود عن قرارها وتخضع لسلطة عشقه، استفاقت على سؤاله الحاد: أنتي جاية ليه؟! هتفت ببلاهة: نعم!
سؤاله واضح وصريح وإجابته ستطفئ نيرانه الملتهبة، تلك النيران التي اندلعت بصدره تلتهم بقايا كبريائه، إجابتها تستوضح أن ما كانت تأتي لأجله أو لسبب أخر يجهله.. جايه علشاني ولا علشان... قاطعته بغباء: طبعًا علشانك..
آه مكتومة بداخله، هو ليس بغبي حتى لا يرى شعاع الحب الذي يندثر بين خلايا عينيها، ولا يفهم توترها وارتباكها في حضرته ولا حتى بسمتها كلما وقعت عينيها عليه رغم محاولتها في إخمادها، إن كان الحب صادقا سيدركه العاشقون بسهوله، ولكن بقي بداخله فضول حول سبب رفضها له، هل صدر منه أي شيء غير لائق بحقها، لا يذكر بالفعل أي شيء، لقد عجز بالفعل عن فهمها، علاقته مع رهف أيقن بسببها انه عاجز عن فهم ** حواء بالكامل!
أما هي شعرت بفداحة ما قالته، فهتفت بعد دقيقه من الصمت: اصل بسمة قالتلي.. قطع حديثها دخول بسمة وهي تقول براحة مغلقة الباب خلفها: الحمد لله عدت على خير ومفهمتش.. طرق الباب طرقات خفيفة ثم دلفت إحدى الممرضات مبتسمة: أخبارك..
رفعت إحدى حاجبيها عندما وجدتها تتبخر في مشيتها رفعت عينيها ببطء تناظرها بتركيز رغم خلو وجهها من أي مساحيق إلا أنها جميلة جِدًا، وقوامها ممشوق، وأكثر ما استفز بداخلها روح الأنثى ابتسامة تلك الممرضة التي خصَّت بها معاذ، حولت بصرها نحوه وجدت نظره معلقا بها أيضًا، لا لن تتخيل هذا قط، لن تسمح لعقلها برسم سيناريوهات مؤلمة أبدًا، ولِمَ سيتمسك بها، على أي شيء، يكفي حديثها اللاذع ورفضها الدائم له، انتبهت لحديثهما معًا وخاصه صوتها الرقيق أو اصطناعها ذلك..
حضرتك كويس دلوقتي، فيك أي وجع أو ألم. راقب بعيونه ملامح رهف وجدها ممتعضة ترمق الممرضة بتركيز شديد، فقرر إشعال غيرتها مثلما تفعل هي، ولكن هنا الفرق هي لم تتعمد آثاره غيرته وهو يتعمد ذلك، حول بصره سريعًا نحو الممرضة يقرأ اسمها الموضوع يَمَنِيًا فوق ثيابها. شكرًا يا سها، لو حسيت بألم أكيد هتصل عليكي واقولك. لم تستطع امساك لسانها فقالت بتهكم: هو مفيش في المستشفى كلها إلا سها ولا إيه..
التفتت الممرضة لها تناظرها باستفهام حول نبرتها، فقال معاذ: دي صديقه وأخت عزيزة، معلش على طريقتها.. احتدت ملامحها أكثر من طريقته، وخاصةً عندما لقبها بأخته!، فقالت الممرضة بنبرة منمقه: عادي، أنا أقدر أجاوبها ببساطه علشان أنا المسئولة عن حالته، في أسئلة تانيه.. تابعت بسمة ما يحدث باهتمام، منذهله مما يحدث، فقالت موجهه حديثها نحو بسمة: أنا خارجه لما تخلصي حصيلني..
فتحت باب الغرفة فقابلها أحد ضباط الجيش الواضح من هيئته أنه صديق لمعاذ، لم تعِره انتباه وخرجت بسرعة تريد استنشاق الهواء لشعورها بالاختناق.. أما معاذ فأردف موجهًا حديثه لبسمة: يالا حصليها، وأنا هاكلمك وزي ما قولتلك متقوليش لماما حاجة وأنا يومين بالكتير وهاجي.
هزت رأسها بالموافقة وعيناها لم ترفعها عن الممرضة الحسناء يأكلها فضولها نحو علاقة أخيها بها، خرجت تبحث عن رهف في أروقة المشفى، حتى وجدتها تجلس بالحديقة.. أنتي يابنتي، لحقتي تنزلي.. نهضت رهف ولم تستطع التخلي عن نبرة الغيظ: والحق أروح بيتنا من الخنقة.. هتفت بسمة بمكر: ليه هو فيه حاجة ضايقتك فوق. كادت أن تخبرها بما تشعر به ولكن بترت حديثها في اللحظة الأخيرة قائلة باقتضاب: مفيش يالا نروح. طيب والدكتور؟!
نفت برأسها ثم أجابتها بنبرة مختنقة: مش هروح..
راقب صديقه خروج الممرضة فقال: هي البنت اللي خرجت قبل أختك دي البنت اللي بتحبها.. أومأ معاذ متسائلًا: آه وأنت إيه عرفك بيها..؟! ضحك أحمد صديقه وهو يجيبه: أنت مجنون أنت مش حكتلي كل حاجة، وعرفتها من، احم. قاطعه معاذ بضيق: خلاص يا أحمد. اعتذر أحمد قائلًا: أنا آسف بس كنت بفكرك. نفخ معاذ بغضب هاتفًا بشيء من العصبية: معرفش ليه المتخلفة أختي جابتها معها وليه قالتلها أصلًا، ما كنت كويس من غير ما أشوفها.
أبتسم أحمد بهدوء متحدثًا: بالعكس أنت عمرك ما كنت كويس وخصوصًا في الفترة اللي فاتت أنت مشوفتش معاملتك مع العساكر تحسك كنت متحول... أخرج معاذ تنهيدة قوية من صدره: أنا بفكر نسيب الشقة دي وننقل في اي مكان، واهو أبعد عنها.. لا طبعا غلط وده مش حل أبدًا.. هتف معاذ بنفاد صبر: امال إيه الحل قولي أنا زهقت!
بص أنت لغاية دلوقتي مأخدتش خطوه ايجابيه في موضوعكم بمعنى متكلمهاش وأتقدم لامها بجد واهو كده أنت عملت اللي عليك واخدت خطوه رسمي ويا صابت يا خابت، بس يبقى عملت اللي عليك قدامها، وميبقاش كلام بس. صمت لبرهة مفكرًا في حديث صديقه ليقول بعدها: أنا نفسي اعرف إيه سر تغيرها معايا بالشكل ده، هي مكنتش كده أبدًا. ربت أحمد فوق ساقه وهو يقول:.
فكر في كلامي هتلاقيني أنا صح، يمكن هي مضايقه منك فاكراك بتلعب عليها مثلاً، دا انسب حل علشان تريح الحرب اللي جواك دي. استطرد أحمد حديثه وهو ينهض: أنا هروح أزور محمد زميلنا أتصاب امبارح ونقلوه هنا، شويه وهاجيلك. سلملي عليه.. يوصل.
وفور خروج صديقه، غرق في تفكيره بها، تُرى سر تعاملها ذلك السبب!، لو كان فعلاً هذا يستحق أن يصفعها بقوة حتى تستفيق وتتأكد أنها أمام رجل يعشقها إلى حد النخاع، لم يذكر أنه عاملها بشكل غير لائق أو بطريقه تثير لديها الشكوك، حسنًا سيخطو آخر خطوة بعلاقتهما معتبرًا أن المقياس الوحيد في الحب هو المجهود، سيبذل قصارى جهده ليسعى لحب قوي وصادق!
دلف مدخل البناية بخطوات بطيئة للغاية وبداخله عازم على تنفيذ قراره اليوم، لا مفر من ذلك، حسنًا ليثبت لها أنها أمام حب قوي وليس زائفًا، صعد الدرج ببطء رائحته تعج بكثير من ذكرياتهما معًا منها الحزينة ومن المضحكة، رائحته تثير مشاعره وتجعلها في حاله صراع تتنافس مع بعضها البعض، منها الحانق عليها ومنها المشتاق إليها، مازال جرحه حديث ومازالت آلامه تؤلمه إلى حد ما، ولكن مقارنته بآلام قلبه فهي الضعف، وقف أمام شقتها نظر للباب بتروي ثم بعدها أطلق العنان لمشاعره المكبوتة حسنًا سيخوض تلك الحرب ليرى نتيجتها بعد، قرع الجرس وانتظر لثوانٍ فتحت منال والدتها، وما إن وقعت عيناها عليه رحبت به بسعادة: حمد لله على سلامتك يا حبيبي، الحمد لله أنك طلعت.
ضيق عينيه بتركيز قائلًا: هي رهف قالتلك!
جذبته للداخل وهي تجيبه: تعال ادخل، آه قالتلي إنك مش عاوز تقول لامك ليه يابني دي هاتزعل أوي. جلس فوق أقرب مقعد واضعًا يده فوق جرحه ليقول بنبرة يتخللها الألم: عادي، بس أنتي عارفة هتقلبها مناحة ودي زايدة يعني مش حكاية! شهقت شهقة خفيفة قائلة بتعجب: هي عملية الزايدة بقت مش حكاية اليومين دول! ضحك بخفه ليقول بهدوء: عادي يا طنط، الطب اتقدم والمسكنات مخلتش حد يحس بالوجع..
قدمت له المياه قائلة: على رأيك المهم إنك قومت بالسلامة.. ارتشف قليلًا منها لعلها تُهدأ من جفاف حلقه، التزم الصمت لدقائق كانت عيناها فيهم تركضان فوق ملامحه بتساؤل، وضع الكوب ثم حمحم بحرج هاتفًا: طنط منال أنا كنت عاوز اطلب منك طلب..
تأهبت بجسدها وبداخلها كان قلبها مضطربًا فمنذ دخوله وملامحه المتوترة فطنت أن ما يدور بداخله يخص ابنتها رهف، هزت رأسها قائلة بابتسامة بسيطة: اطلب ولو في إيدي صدقني مش تأخر عنك. أنا عاوز اطلب ايد رهف! انفجرت أساريرها بداخلها، ولكن حاولت أن تحافظ على هدوئها بقدر الإمكان قائلة: وماله أنا مالقيش أحسن منك..
أرسل لها ابتسامه ممتنة لما تقوله هاتفًا بصدق: حضرتك أنا مخبيش عليكي، أنا اتعودت أكون صريح، أنا بحب رهف وأوعدك إن لو حصل نصيب ما بينا أحافظ عليها.. أشارت له بيدها حتى يصمت قائلة: كلامك سابق لأوانه..
حدق فيها مستغربًا حديثها ورد قاطب الجبين: مش فاهم حضرتك تقصدي إيه! في أصول يا معاذ، يعني المفروض تجيب والدتك وتيجوا تتقدموا رسمي! صمتت لبرهة ثم قالت بلهجة شبه حادة: والا هي مش موافقة على بنتي! رفع بصره يرمقها باندهاش عقب جملتها: لا طبعًا إيه اللي حضرتك بتقوليه ده!، ماما أكيد هتوافق.. هزت رأسها بتفهم لتقول: يعني هي متعرفش، وأنت جاي من غير ما تعرف..
أخشن صوته مجيبًا: أنا راجل حضرتك، أنا أختار الانسانه اللي حابب اتجوزها وبعد كده أبلغهم هي مين، مش هاستنى موافقة حد.. أكمل حديثه وهو ينهض: بس زي ما قولتي إن في أصول، وأنا مش تخطاها، انهارده بليل هاجي أنا وماما وبسمة نقعد معاكوا وأتقدم رسمي.. ابتسمت بهدوء وظهر الرضا على وجهها: وأنا هستناكوا يابني، متزعلش مني، بس لازم اعرف إن مامتك موافقة..
وقف على أعتاب باب الشقة هاتفًا بإصرار: وأنا زي ما قولتلك أمي هتوافق لأني مُصر على رهف علشان بحبها، عن أذنك.. أغلقت الباب خلفه تهتف بارتياح: الواد شكله بيحبها بجد، لو الخطوبة تمت هيبقى من حظك ونصيبك يا رهف..
دلف شقته وعلي آخره من كل شيء، حديث والده رهف لم يفهمه، أو بمعنى أصح به لمحه لم تعجبه أبدًا، لم يغفل عن عدم وجودها بالمنزل، الساعة الخامسة مَسَاءًا!، تُرى ما سر تأخيرها، وفي ظل انغماسه بالتفكير في حضرتها وصله تنبيه على هاتفه، فتحه وهو يقف في منتصف الصالة وجد التنبيه يخصها، الكونتيسة تبث فيديو هي وأصدقائها تضحك وتشارك جمهورها لحظات سعادتهم، قبض بقوة فوق الهاتف، ثارت مشاعر الغيظ والحقد اتجاهها، حتمًا لو أمامه الآن سيكسر عظام رأسها، لم تبالِ حتى به أو تهتم لتطمئن عليه، ود أن يصرخ الآن بأعلى صوته حتى يخرج تلك الفوضى بداخله، لم تعد لديه القدرة على التحمل، شعر بجسد والدته يحتضنه بقوة واندفاعها نحوه، لم يكن بالتركيز الكامل حتى يحافظ على اتزانه فكاد أن يترنح لولا يد والدته التي ساعدته على الحفاظ على اتزانه: اسم الله عليك يا حبيبي مالك!
خرجت حروف جملته بضعف: مفيش يا أمي.. جلس فوق أقرب مقعد واضعًا يده فوق جرحه متألمًا، راقبته والدته باهتمام تحاول فهم ما يحدث له، رفعت عينيها عندما وجدت بسمة تركض نحوه تهتف بقلق: معاذ حبيبي أنت خرجت.. خرج منين يابت.. هتفت بها منال بتوجس وعيناها تنتقل بينهما بسرعة، أجابها معاذ وهو يبحث عن دوائه في حقيبته: كنت عامل عملية الزايدة..
صرخت بوجهه واختلطت المشاعر بين حروفها، لم تعد تعرف تغضب منه، أم تبكي كحال أي أم ولدها فلذة كبدها يجرى عملية جراحية: أنت ازاي متقوليش، ليه تخبي، يا حبيبي يابني... رفعت بصرها حتى توبخ بسمة، تلك من تجرأت وخبئت ذلك السر ولكن لم تجدها، لابد أنها لاذت بالفرار خوفًا من اندفاع أي حذاء بوجهها مع وصلة سُبَاب طويلة..
اهربي يا قليلة الأدب والله لاربيكي! جذبها معاذ لتجلس بجانبه هاتفًا بابتسامة لأفعال والدته: يا أمي أنا اللي طلبت منها كده، كنت خايف تتعبي من كتر خوفك وأنا مش موجود، وأنا أهو قدامك زي الفل. حركت وجهه يمينًا ويسارًا بقلق: زي الفل فين، وشك أصفر ومخطوف يا حبة عيني، تلاقيك مكنتش بتاكل كويس، ما أنت مهمل في نفسك.. رمقها معاذ بمكر ليقول مازحًا: لا أنتي عارفة أنا وشي مخطوف ليه؟! سألته بفضول: ليه؟!
أجابها بخفوت وهو يقترب بجسده منها: علشان بحب.. نظرت له لِثَوَانٍ تحاول استيعاب حديثه، وبعدها أطلقت الزغاريد فرحة وتناست أمر تعبه فقالت: بجد، قولي مين وأنا اخطبهالك في ثانية، نفسي قلبي يرتاح بقي واطمن عليك واشوف عيالك. رهف. رمقته باستفهام: مين؟! ردد مرة أخرى قائلًا: بحب رهف، وعاوز اتجوزهاا.. انتفضت واقفة تجيبه برفض قاطع: لا يا معاذ، رهف لا.. رفع بصره يناظرها بحدة: ولا ليه بقي، مالها مش فاهم..
أجابته بوضوح وهي تشير على إحدى عيناها: شايله عينها.. ابتسم بتهكم قائلًا: مالها بردو مفهمتش.
ضربت كفا بالآخر مردفه بتعجب ونبرة مرتفعه: لا حول ولا قوة إلا بالله مش لاقي إلا رهف، الدنيا ضاقت بيك علشان تحبها هي!
نهض واقفًا مقابلاً لها ينظر لها بغير رضا: ومالها هي، ناقصها إيه يعني، جميلة وتتحب، مؤدبه، أنتي شايفة إن موضوع عينها أثر عليها شايفها قافلة على نفسها بالعكس بتشتغل وعامله كرير كويس، أنتي بنفسك بتحبي أكلها وبتطلعي تقولي فيها حكم وأشعار، عاوزه إيه تاني أنا مش فاهمك، بتتنمري عليها ليه! بتنمر! رددت خلفه بعدم فهم، فأجاب على الفور: قصدي بتتريقي.
صاحت نافية ما يقوله: لا يا معاذ أنا مبتريقش أنت هاتركبني ذنب ليه بس..
هز رأسه مؤكدًا حديثه: انتي فعلًا أخدتي ذنب برفضك ليها، اللي حصلها ده قضاء وقدر، ولما تعترضي على قضاء ربنا يبقى مش مؤمنه بيه. اتسعت أعينها مذهولة لما يقوله: إيه إيه بس إيه اللي بتقوله ده، أنا مش مؤمنه، أنت بتتجرأ وتتكلم معايا إزاي بالطريقة دي.
زفر حانقًا لم يكن يريد أبدًا أن يتخذ الحديث ذلك الطريق، ولكن رفض والدته لرهف بسبب فقدها لإحدى عينيها جرده من هدوئه وفقد أعصابه، حاول ان يمتص غضبة فهتف بنبرة هادئة موضحًا حديثه بطريقه أكثر مهذبة، جذب يدها وأجلسها بجانبه طابعًا قبله فوق يدها: أولا أنا آسف، بس بجد أنا مقصدتش اللي في دماغك، أنا كل اللي أقصده رغم أنك رفضتي بس رفضك ده له أبعاد تانيه يا أمي، أنا ممكن أفقد اي حاجة في جسمي بسبب شغلي وهيبقى قدري كده، بنتك بسمة بردو ممكن يحصلها كده، تتخيلي بقي هما يحسوا بايه رهف وأمها، يا حبيبتي كفاية اللي هي بتعانيه من نظرات الناس منجيش احنا وانتي بتحبيهم ترفضيها بالشكل ده..
سألته بهجوم: أهو أنت نفسك عاوز تتجوزها شفقة وأنا قولت لأختك بلاش جواز الشفقة علشان مش بيدوم يابني، وفي الآخر هنعذب بنات الناس معانا. ابتسم معاذ قائلًا: ومين قالك إن عاوز اتجوزها علشان شفقة، أنا عاوز اتجوزها علشان بحبها، وبحبها بجد كمان، ماما رهف دي اختياري أنا ومقدرش أعذبها خالص بالعكس هاشيلها فوق راسي علشان هي تستحق كده..
صمتت لدقائق ترمقه في حيرة، نبرته وملامحه من الواضح أن ابنها يعشقها إلى حد النخاع، أوجعها حديثه للغاية هي ليست بقاسية حتى تفكر بها بذلك الشكل ولكن هي في النهاية أم! بلعت ريقها قائلة بخفوت: طب وعمتك!
تجهم وجهه هاتفًا بغضب خفيف: ومالها بيا، هي كانت سألت فينا من وقت ما طلعتنا من بيت العيلة، أهي عمتي دي بالذات أنا أصريت بسببها ننقل من هناك، محدش له دعوة بحاجة، وأنتي كل مشاكلك معاهم إنك مانعاهم يدخلوا في حياتنا، كملي بجميلك بقي معايا وخليهم يقفوا عند حدهم..
حركت عينيها في أرجاء المكان تفكر بهدوء، فقال هو: على فكرة أنا لما جيت دخلت وكلمت أمها بس الست بتفهم في الأصول وأصرت إنك تكوني معايا وموافقة كمان.. بتفهم عن ابني! هتفت بعتاب، فضحك معاذ ممازحًا إياها: والله ابنك بيفهم أوي كمان، امال أنا صبرت ليه، صبرت علشان أخد الإنسانة اللي بحبها وعندي استعداد أحارب علشانها، أصل الحب يا ماما مش كلام الحب أفعال..
ارتفعت ضحكاتها قائلة بنبرة مازحه تحمل التهكم: يا وله!، بقيت تقول أشعار وحكم.. خرجت بسمة بسعادة بعدما كانت تقف خلف الباب تستمع لحديثهما، صفقت بيدها وهي تقترب منها قائلة بصياح: يعيش ماما القمر أم قلب طيب. عانقتهما معًا بسعادة عارمة ما سعت له بوادر تحقيقه بدأت الآن، رهف إنسانه جميلة وبسيطة وتستحق أخاها مثلما هو يستحقهااا.
هتفت سامية بنبرة تحمل مشاعر الحب: أنا معنديش غيركم انتوا الاتنين، وعندي استعداد اعمل أي حاجة علشان سعادتكم..
جلست أمام التلفاز تأكل الحلوى بنهم تلك هي حالتها هذه الفترة وخاصةً بعد مجيئها من المشفى، مشهد تلك الممرضة وهي تتغنج عليه لم يذهب من ذهنها قط، ودت أن تمتلك قوة خارقة تجعلها أمامهم تراقبهم حتى يرتاح قلبها، بلهاء وكأن رؤيته بها راحة، يكفي مشاعرك المضطربة في وجوده، ودقات قلبك العنيفة التي تكاد تكسر قفصك الصدري في حضرته، استفاقت من شرودها على يد والدتها وهي تقول بلهجة آمره: رهف قومي البسي.
أردفت رهف بتساؤل: ليه أحنا رايحين في مكان! لا في عريس جاي.. نهضت رهف تقف وهي تقول بنبرة هجومية حادة متناسية أي شيء: تاني يا ماما، عريس تاني أنتي مبتزهقيش تكسريني أبدًا. أكسرك!، هو علشان عاوزاكي تتجوزي أبقى بكسرك، يابنتي أنا خايفة وحزينة على تفكيرك ده..
لا تتحدث عن الحزن مادامت لم تفقد عضو غالي في جسدك، تصمت أمامهم وبداخلك يصرخ، لم يكتفِ قلبك من آهاته ولا يجد من يبوح له عن آلامك، هكذا حالها حينما تعترض والدتها على تفكيرها، ولكن لا لن تخضع لرغبتها وتتعرض لتلك الإهانة مجددًا سترفض وبقوة: لا يا ماما مش هاحضر واقعدي معاهم أنتي!. تحركت صوب غرفتها رافضة التحدث بالأمر ثانية، ولكن ما قالته والدتها جعلتها تقف كالتمثال... حتى لو قولتلك إن العريس ده معاذ..
أخذت القليل من الوقت حتى تستوعب ما تقوله والدتها، ماذا؟!، معاذ، سمحت لنفسها بأن تلتفت ترمق والدتها باندهاش: معاذ! حركت منال رأسها بقوة وعلي وجهها علامات السعادة والحماس، ولكن أحبطتها إجابة رهف: لا طبعًا، أهو ده بالذات لا. أنهت حديثها وتحركت بسرعة صوب غرفتها، منعتها منال من الدخول: لا ليه يا رهف، يعملك إيه أكتر من كده، أمه علي فاكره نازله معاه، وحياتي عندك بلاش...
أردفت رهف خلفها وبسرعة: إحراج، كل مرة نفس الحوار، يا ماما هو أنا مش قولتلك كلام أمه عني.. وأمه نازلة يابنتي يعني موافقة، متوجعيش قلبي بقي. انفجرت رهف باكية: أنتي اللي متوجعيش قلبي، معاذ لا. دق جرس الباب فانتفضت والدتها تنظر للخلف بتوتر هاتفه بخفوت: أهم جم يابنتي ادخلي يالا البسي الله يهديكي وسيبي أمر موافقتك بعدين..
دفعتها والدتها برفق داخل غرفتها وأغلقت الباب، دون أن تنتظر إجابتها، نظرت رهف عدة مرات للباب غير مصدقة لما تفعله والدتها، أخطأت منذ البداية عندما أخبرتها بما داخلها حتى والدتها لم تشعر بها، حركت رأسها يمينًا ويسارًا تبحث عن الهواء كالمجنونة، اختناق حلقها حوَّل وجهها إلى اللون الأحمر، ضاق صدرها بما يحدث لها، حسنًا ستخرج وتبلغهم رفضها بكل جرأة دون أن تتوتر في سبيل أن توفر على نفسها الكثير من المشاعر القاسية التي ستهاجمها لو تزوجت معاذ بالفعل، ارتدت ثياب عادية جِدًّا بنطال أسود وستره بيضاء وحجاب أسود، خرجت دون أن تناديها والدتها، وجدتهم يجلسون بالصالة، هو يرتدي قميص من اللون الأبيض وبنطال جينز، مُهَنْدَمًا وسيم رغم ما مر به في الآونة الأخيرة، طلته تلك خطفت أنفاسها، حتى والدته وبسمة يرتدون ثياب منمقه وهي ترتدى ثياب ليست مناسبة بالمرة، شعرت بالحرج وخاصةً عندما قابلت نظرات والدتها الحادة، أدركت بسمة بتوترها فقالت بمزاح: تعالي يا رهف اقعدي، إيه جو الرسميات ده احنا فينا من كده ولا إيه!
اغتصبت منال ابتسامة فوق محياها: على رأيك يابنتي.. لم تعلم سامية لِمَ أصابها التوتر، أهو بسبب رهف ونظراتها الجامدة، أم أنها مازالت غير متقبله فكرة زواجها بإبنها خرج صوتها ثابتًا خالٍ من أي مشاعر جامدًا: طيب أظن معاذ قالك يا منال، احنا طالبين إيد عروستنا رهف.. كادت أن تفتح منال فمها حتى تجيبها، فأسرعت رهف تقف رأسها مرفوعًا وهتفت بنبرة مماثلة تمامًا لسامية: وأنا مش موافقة ياطنط.
كلمة جلطة قليلة على ما تشعر به والدتها، حَقًّا تمنت أن تنشق الأرض وتبتلعها ما هذا الهراء! كيف تجرأت وفعلت ذلك، لم تكن وحدها مصدومة بل أيضا بسمة وسامية التي ظهر بسرعة على وجهها إمارات الاشمئزاز والصدمة معًا، كيف لها أن تتجرأ وترفض ولدها، هل جنت بالفعل!
أما هو فكان في حاله من التيه، يجلس فقط ينظر لها غير مصدقًا لما تفعله، عيناها تبث القوة، وعيناه تبث العتاب والحزن، تفاقم شعوره بالغضب نحوها وخاصةً مع نظرات والدته له، شعر بالإحراج منهم جميعًا، جرحت كرامته، وحبيبته داست عليها بكل قوة، حسنًا سيلملم بقاياها ويخرج مرفوع الرأس، بأنه حاول أن يحافظ عليها ويتمم حبه برباط قوي، ولكن من الواضح أنها لم تحبه يومًا، وأنه في نهاية المطاف أدرك مشاعرها خطأ!
أشار لوالدته وأخته بصمت حتى يتبعاه، وقبل أن يخرج نِهَائِيًا من الشقة خاصها بنظرة أخيرة وهو يقول: متشكر.. اغلق الباب خلفه بقوة، وفور إغلاقه اندفعت منال تصفعها بكل قوة فوق وجنتها قائلة بغضب: أنا معرفتش أربي والظاهر إن اديتك حريتك بزيادة يا قليلة الأدب.. انهمرت دموعها باكية: قليلة الأدب علشان بحافظ على كرامتي!
وفين كرامتك دي، مين أهانها، ده الراجل لغاية اخر لحظه مش راضي يجرحك، جاب أمه وجاي يخطب وأنتي تقفي بكل بجاحه تقولي لا مش موافقة.. أشارت رهف بغضب نحو الباب قائلة: أنتي مش شايفة أمه بتتقدم أزاي، مغصوبة، باين عليه غصبها.. ضربتها والدتها بخفه فوق رأسها: دماغك دي فتحيها أبوس أيدك وشوفي كويس حبه ليكي، وأمه بقي أنا شيفاها كويسه وعادية.
أخفضت رهف رأسها تنحب بقوة، بينما استمرت والدتها في حديثها: على فكرة يا رهف أنتي مش قادرة تتخطى اللي حصلك وبتمثلي أنك قوية، بس من جواكي مهزوزة وضعيفة، المشكلة ولا في أم معاذ ولا في معاذ ولا حتى فيا، المشكلة فيكي أنتي..
نوفيلا العوض للكاتبة زينب محمد الفصل السابع والأخير
مع أذان الفجر عدلت وضعية رأسها مرة أخرى، تحاول تفريق جفنيها بصعوبة بسبب انتفاخ عينيها من كثرة البكاء، نظراته لها وحديث والدتها لم تستطع إبعادهم عن ذهنها، عجزت عن التفكير أو حتى التعامل وكأن شيئًا لم يكن، وما زاد الطين بله، رسالة بسمة لها تلومها عما فعلته بأخيها، انكمشت معدتها من الداخل بألم، من الواضح أنه القولون وستبدأ آلامه تهاجمها وكأن بها قوة حتى تتحمل وجعه، بلغ الحزن أشده معها ولم تعد تحتمل فقالت بصرامة:.
لازم أحط حد لكل اللي بيحصل ده!
أنزلت قدمها من على الفراش، واستندت بيدها فوقه، أخفضت رأسها للأسفل تحاول التفكير بجدية ومن يستحق بالفعل أن تبرر له أفعالها تلك هو وحده، هو من يستحق أن توضح له وجهة نظرها بطريقة أقل حده وأكثر تهذيب، ما فعله حتى الآن يجعلها في حاله من الذهول كيف له أن يصبر عليها بهذا الشكل، رغم تعنتها ورفضها له، أمسكت هاتفها وأرسلت له رسالة في لحظه جنون تخبره بها.
اطلع فوق السطح وأنا هقولك سبب رفضي، بس بعدها أرجوك تبعد عني، وتتفهم أسبابي، لو موافق رد ..
أما هو فكان يجلس بغرفته يرفض الحديث مع والدته، متفاديًا أي كلام جارح قد ينكأ جراحه، ورغم تذمرها مما حدث بالأسفل ولكنها كانت تريد مراضاته، لم يسمح لها، هو لم يكن بحالة تسمح بأن يستمع لأحد وصل لذروة غضبه، لم يعد يبالي بأي شيء، ولم يهتم بأي شيء، فقط هي، هي من سببت له كل الإحراج والغضب، هي من جرحت كرامته في مقتل، عيناه كانت تستطيع إشعال حرائق من شدة غيظه، وصلت رسالتها قرأها وعلي وجهه علامات الغضب هاتفًا:.
جايه دلوقتي وعاوزه تقولي، لا..
رفع أصابعه يضغط على الحروف يخبرها رفضه، ولكن يريد أن يرضي فضوله لآخر لحظة، حتى وإن كان سببها قويًا سيجبر نفسه بعد سماعها أن يبتعد كُليًا عنها، أُرسل رسالته بالموافقة، جاذبًا سيجارته ومفاتيحه وانطلق صوب السطح، خرجت والدته من غرفتها إثر انغلاق الباب بقوة يبدو أن غضبه جعله غير مدركًا للوقت، انطلقت بسرعة تفتح الباب بهدوء، لمحت طيفه يصعد الدرج، تنهدت براحة لتقول بهمس: تلاقيه مخنوق..
لم تكمل حديثها بسبب صوت صعود شخص آخر دلفت بسرعة خوفًا أن يكون أحد الرجال جيرانها، نظرت من العين السحرية بفضول، وجدتها رهف تصعد بارتباك وبين الثانية والأخرى تنظر للأعلى مرة وللأسفل مرة.. حتى صعدت واختفت ابتعدت سامية بسرعة مندهشة: رهف...؟!
حاول عقلها ترجمه ما يحدث، ابنها ورهف معًا فوق السطح أهي صدفه، أم ترتب لها، لا لن تهدأ حتى تعرف، جلبت إسدالها بسرعة وصعدت خلفهم تقف عند مقربه باب السطح تراهما ينظران من على السور والصمت يخيم المكان.. معاذ أنا مقصدش اللي حصل تحت..
خرجت حروفها مرتبكة للغاية، ويكاد ينفجر وجهها حرجًا من نظراته، فقال هو بنبرة باردة عكس تلك النيران التي اندلعت في صدره فور رفضها له أمامهم: قولي السبب علشان أنزل! اخرج سيجارة يشعلها وهو يستند بمرفقه فوق السور ينظر للأمام، ينظر للفراغ فقط يستمع لحديثها غير المرتب والحزين: أنا عارفة إني جرحتك، بس اعمل إيه، حط نفسك مكاني، ، بص أنا مبلومش على طنط سامية بالعكس أنا بحبها أوي أوي كمان، بس هي..
التفت معاذ ينظر لها باهتمام، الأمر يخص والدته، أما سامية فتشنج جسدها وهي تنظر لهما مشيرة على نفسها: أنا!؟ عملت إيه، شكلها عاوزة توقعني في ابني..
صمتت تستمع حديث رهف وبكائها وهي تخبره بما حدث، أقسمت له انها لم تحزن أو تضع الذنب عليها، ولكن هي... المشكلة فيا أنا يا معاذ أنا مش هقدر أتخطى كلامها أبدا، حتى لو نزلت ووافقت على خطوبه من جواها رفضاني ودي حاجة توجعني وتكسرني أكتر.. هجرته مشاعر الغضب وزارته الراحة وهو يستمع لها ليقول بعدها: بقي هو ده السبب اللي مخليكي تعملي كل ده! رفعت عينيها ترمقه بضيق من بين عَبراتها هاتفه بحدة:.
تافهه أنا يعني، بتسخر من مشاعري حضرتك.. ابتسم لها مشاكسًا: هو أنتي مكنتيش بتعيطي يابنتي فجأة اتحولتي! استدارت بجسدها تبعد وجهها بعيدًا عنه تحاول كتم تلك الضحكة المتمردة التي تريد الخروج للعلن مع استمرار بكائها فبدت في حالة عجيبة، مسحت دموعها هاتفة بحزن خفيف: محدش عمره هايحس بيا، صدقني يا معاذ الحياة ما بينا مستحيلة..
انحنى بجسده للأمام فكان وجهه مقابلًا لها من الجهة الأخرى هامسًا بنبرة تحمل الحب والحنين: أوقات كتير كنت بتمني امسك حاجة وأضربك بيها على دماغك من اللي أنتي بتقولية، واستغرب أوي مع إني مش غبي علشان مفهمش إنك كمان بتحبيني، بس مع إصرارك الدايم قولت لا أكيد عندها سبب قوي علشان ترفضني، بس لما طلع ده السبب المفروض.. قطعته وهي تنظر لعيناه بخجل: إيه تضربني؟! اتسعت ابتسامته هاتفًا بعبث:.
لا اعمل حاجة تانيه تثبتلك إني بحبك بجد، مفيش حد هيقف قدام حبي ولا عينك ولا أمي، رغم إنها كانت نازله برضاها تخطبك والست كانت عندها فكر معين من ناحية أهل أبويا اللي هما ميهمونيش أصلاً، بس بنفسها قالتلي هأوقف كل واحد عند حده المهم سعادتك شفتي انتي ظالمها أزاي!
ىأنفاسه الحارقة التي تلهب بشرتها بسخونتها وعيناه تلك التي تبعثر مشاعرها وتجعلها في حالة من الفوضى، تريد اقترابه وفي نفس الوقت يرغمها عقلها على الابتعاد.. ابتعدت للخلف بعدة خطوات تحاول توضيح حديثها أكثر:.
والله أنا بحب طنط سامية أوي أوي، ومحطتش عليها الذنب بس الكلام وقتها جرحني ولسة لغاية دلوقتي لما بفتكره بيجرحني، أنا مريت بحاجات كتيرة أوي صعبة، حاجات مفيش حد يتخيلها، مش هقدر أعيش اللي باقي من عمري... قطع حديثها صوت سامية المتدخل: أنا أسفه والله، والله ما عارفة اقولك إيه، بس أنا مش وحشة يا رهف.. اتسعت أعين رهف ليست وحدها بل معاذ اندهش لوجود والدته، بينما استكملت سامية حديثها:.
متزعليش يا حبيبتي زي ما معاذ قالك كان في شوية حاجات في عيلة أبوه مضايقاني، بس أنا علشان سعادته هأوقف كل واحد عند حده، المهم أنه حبك وعاوز يتجوزك.. غمزت والدته له بطرف عينيها حتى يساعدها بالخروج من ذلك المأزق المحرج، فقال معاذ بمزاح: شفتي أمي دي مفيش أطيب منها، أنتي اللي قفوشة بزيادة.. فركت يدها بتوتر وخجل، فاستمرت سامية بالحديث: بس إيه ده سحرك عالي أوي خطفتي قلب الواد معاذ وجبتيه على بوزه..
ردد معاذ معترضًا: إيه بوزه دي! ابتسمت بخجل ولكن شيء بداخلها حثها ان تدافع عن ذاتها امام والدته: طنط أنا مش طالعه اشتكى لمعاذ متفهمنيش غلط، أنا طالعه أقوله سبب رفضي. احتضنتها سامية، مسدت فوق ظهرها بحنو: ما هو مبقاش رفض، خلاص كان سوء تفاهم وانتهى، ومن بكرة هننزل نشتري الشبكة.. خرجت كلماتها متلعثمة: لا يا طنط ما هو ماما... ماما دي سبيها عليا أنا.. هتف معاذ بحماس خلف والدته: آه من بكرة ننزل نشتري الشبكة.
هتفت والدته باعتراض: لا أنت تعبان وعامل عملية تريح خالص واحنا اللي نعمل كل حاجة، ولا إيه يا رهف.. اكتفت ببسمة صغيرة فوق ثغرها، ولم يستطع فمها إخراج كلمة أخرى، الجميلة مازالت تهيب الوضع، صعدت إلى هنا لإنهاء علاقة سابقة كانت تختفي خلف مشاعرها، والآن هي على مشارف علاقة جدية تنتهي بزواجها من فارسها، بزواج من أرهقت قلبها بحبه!
بعد مرور أسبوع وقفت رهف أمام المرآة تطالع فستانها من اللون النبيذي وحاجبها الأبيض، وضعت آخر لمساتها فوق بشرتها متذكرة إصراره على وضعها تلك اللاصقة فوق عينيها خوفًا أن يصيبها أي مكروه من الإضاءة الشديدة، لم يفشل أبدًا في اغداقها بمشاعره وحنانه، حاوطها بهالة غرقت هي بداخلها بإرادتها، كلماته اللطيفة لها يَوميًا جرفت ما تبقى من أحزان الماضي، انتبهت على سعادة والدتها وفخرها بمعاذ، أرسلت دعوة خطبتهما للغريب قبل القريب رغم تذمر رهف، واعتراضها على عقد قرانهما ولكن استطاع معاذ إقناع والدتها متحججًا بعمله، وفي نهاية الأمر انصاعت لرغبتهم، لم تعلم سبب اعتراضها على كل شيء ولكن من المؤكد أنها تعاني خوفًا من فكرة فقده، خرجت من شرودها على يد بسمة وهي تجرها خلفها للحاق بعقد القران..
وقعت عيناه عليها بفستانها ذلك، وحجابها المتدلي منه بعض خصلات شعرها، ابتسم لها بحب رغم اعتراضه على حجابها مشيرًا لها بعينيه على خصلاتها، حول بصره بعدها نحو أصدقائة، فأدركت مقصده وطاوعته فورًا بأصابع مرتعشة، راقبته وهو يضع يده بيد خال والدتها ذلك المسن الذي قطع مسافات طويلة ليلبي طلب والدتها بأن يكون وكيل ابنتها، شعرت بطوفان من السعادة يتفاقم بداخلها وهي تراقبه مرددًا خلف المأذون وابتسامته لم تفارق ثغرة، حولت بصرها نحو والدته وبسمة وجدت أعينهم أغرورقت بالدموع فرحًا له، انتابها شعور بالراحة لكل شيء ولكن فور أن وقعت عيونها على عمته وأقاربه ونظراتهم لها شيء ما سحب السعادة من روحها، انتبهت على صوت المأذون...
ناخد موافقة العروسه وامضتها.. اقترب منها واضعًا دفتره وقلمه أمامها، رفعت أنظارها لهم ثم حولتها نحوه، أنظاره تحثها بكل حماس للإمضاء، جميعهم يترقبون، أما هي فكانت بين خيارين أن تستسلم لضعفها ونظراتهم المشفقة، أو تخضع لقدرها الجديد، نفضت كل تلك الأفكار السلبية بداخلها ثم وضعت إمضائها برأس مرفوع وابتسامة تخصه بها ممتنة له بكل شيء...
مرت ساعتين على الاحتفال، ومازالت هي وسط أصحابها تضحك هنا وتشارك الأخرى صورة لهم، كاد ينفجر غيظًا منها فقرر استئذان والدتها وجر تلك المشاغبة خلفه رغم اعتراضها خجلًا من نظرات أصدقائها، وصلا لسطح البناية ومازالت هي تتذمر.. معاذ البنات يقولوا عليا إيه! التفت بوجهه ناظرًا بعينيها مباشرةً، هاتفًا بحنق: ما هو البعيدة مبتحسش، بقالي ساعة ببصلك علشان نطلع هنا وأنتي ولا على بالك، المفاجأة حمضت..
تجاهلت حديثه وركزت بالجزء الأخير فقط قائلة بنبرة يتخللها الفضول: في مفاجأة ليا قول بسرعة.. هز كتفيه وهو يضع يده بجيب بنطاله هاتفًا بحزن زائف: لا أنا زعلان صالحيني.. حول وجهه للناحية الأخرى يطالع الأبنية من حولهم، فقررت أن تشاكسه: خلاص براحتك أنا هنزل ولما تبقى عاوز تقول ناديني.. استدارت صوب الباب فجذبها من الخلف محتضن إياها بحب هامسًا بجانب أذنها: خلاص ممكن أصالح نفسي أنا.
تلوت بين يده بخجل وهي تقول بحنق من تصرفاته المفاجئة: معاذ بس، كده عيب على فكرة.. ألصق شفتيه بوجنتها في قبله طويلة هاتفًا بعدها: العيب اللي أنتي بتقوليه، أنتي مراتي، امال أنا مُصر اكتب كتابنا ليه! حاولت أن تفلت من بين يده رغم ذلك الشعور الذي يحثها على الاستكانة بين أحضانه، همساته بذلك الشكل داعبت مشاعرها في لطف مثير!، قبلته فجرت طوفان عشق في صدرها ارتوى منه بعد ظمأ طويل.. شدد عناقه عليها وهو يقول:.
بصي فوق كده..
نظرت للأعلى لم تجد شيء، فتحت فمها تخبره، ولكن ما هي إلا ثواني وانطلقت الصواريخ المضيئة في السماء تنيرها، ابتعدت عنه تراقب ما يحدث بفرحة عارمة، وابتسامتها لا تفارق وجهها، فرت دمعه هاربة من عينها لم يفشل معاذ أبدًا في إدخال السعادة على قلبها بكل الأشكال، أما هو ارتاح قلبه أخيرًا من لوعته، استقرت نظراته فوق ملامحها الجميلة، شعر بالسكينة تستوطن صدره كلاجئ وصل إلى وطنه أخيرًا بعد رحله طويلة من الضياع...
هبطت ببصرها نحوه وتأكدت بداخلها أن الحب ليس إلا رزق عظيم من الله وقد أنعم ربها عليها وعوضها بحب عظيم.. اقتربت منه ثم أمسكت يده وتجرأت على شعور الخجل لديها، عازمة أن تخرج ما في جوفها:.
عارف يا معاذ رغم أن ربنا كتب ليا إني أفقد عيني إلا أنه عوضني بحاجات كتير أوي، بابا دايمًا يقولي عوضه حلو وفرحته تبقى أحلى وأحلى، بس مكنتش بهتم وبصدقه، بدأت أصدقه بالنعم اللي ربنا رزقني بيها أصحابي وشغلي ونجاحي وأنت، أنت أهم حاجة ربنا عوضني بيها، أنا هاشكره كل يوم علشان أنت عوض حلو أوي..
وفور انتهائها اقتربت تعانقه بسعادة، ابتعد للحظات ينظر لها دون أن يتحدث، صمتت الألسن وتحدثت العيون لتبوح بكل ما يجيش بالصدور، تشابكت في نظرات طويله لا تفصلهما سوى همسه بنبرة عاشقة خرجت منه: بحبك . تمت نهاية الرواية أرجوا أن تكون نالت إعجابكم