أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في منتدى جنتنا، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





رواية العوض

قبل أن يبني الإنسان حياته عليه أن يقاتل شعور الحقد والكراهية المنبعث حوله !!.تعالت شهقاتها وهي تخبر صديقتها بمدى حزنها ب ..



26-01-2022 11:33 مساء
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 






t22034_5690

قبل أن يبني الإنسان حياته عليه أن يقاتل شعور الحقد والكراهية المنبعث حوله !!.

تعالت شهقاتها وهي تخبر صديقتها بمدى حزنها بسبب تعليق سخيف من أحد الأشخاص معدومي الرحمة على أحد وسائل التواصل الاجتماعي ذلك الفظ يتهمها بكل جرأه أنها تستخدم إعاقتها لكسب المال، وماذا يفعل المال في إعاقتها تلك!!، تسألت من بين شهقاتها ..
_ هو ليه الناس بقت معدومين الرحمة كده!!.
قالتها بحزن نابع من قلبها فهي تراهم يهاجمونها ويتهمونها بأشياء غير صحيحه نظرت لها صديقتها بحزن ثم قالت :
_ رهف صل على النبي بقي وسيبك من كلام السئيل ده، أنتي أقوى من كده، تلاقيه بس مضايق منك علشان كل الفولرز اللي عندك بيحبوكي..
ابتسمت بوجهها بسخرية وهي تقول :
_ وياريته كان هو بس يا بسمة، كنت هقول كده، بس ده معظم الكومنتات كده، أنا هقفل الزفت التيك توك ده ومش هفتحه تاني..
فصول نوفيلا العوض
نوفيلا العوض للكاتبة زينب محمد الفصل الأول

ابتسمت بوجهها بسخرية وهي تقول:
وياريته كان هو بس يا بسمة، كنت هقول كده، بس ده معظم الكومنتات كده، أنا هقفل الزفت التيك توك ده ومش هفتحه تاني..

قطبت بسمة ما بين حاجبيها باستنكار وتحدثت هاتفه:
نعم!، يابنتي أنتي مجنونة، أولاً مصدر شغل ليكي حلو، وبتعرضي في حاجات حلوة وكمان محتواكي جميل..
صمتت ولم تتكلم بل أخرجت تنهيدة قوية من صدرها تنم عن مشاعر جمة تتضاخم بداخلها وليس بيدها سوي ان تصمت لذا هتفت بنبرة منفعله:
بلا محتوى بلا زفت، لو هيجرحوني كده، أنا مش عاوزه ولا شغل ولا حتى حب الناس..

وجدت بسمة أن من الأفضل تغيير مجري الحديث حتي تخرجها من حاله الحزن التي غرقت فيها، فقالت بابتسامة لطيفة:
إيه رأيك أنزل تحت أجيب بيبسي وشكولاتة وارجع، الجو هنا حلو اوي والسما جميلة..

هزت رهف رأسها بالموافقة والتزمت الصمت التام بينما صرخ قلبها وجعًا وألمًا لما تعانيه من نظرات الناس بعدما فقدت إحدى عينيها بحادثة وهي بعمر السابع عشر، حاولت كثيرًا تخطي حديثهم اللاذع وفضولهم حول ما حدث لها بدراستها وعملها ولكن عبث، انهم يعشقون كثرة الحديث والمواضيع الجديدة...

انتشلت من أعماق تفكيرها على صوته الحاد الصادح من خلفها...
ليكي حق تعيطي، ما أنتي اللي جايبه الكلام لنفسك!
وضعت يدها فوق قلبها الذي ينبض بعنف اثر سماعها صوته الذي اجفلها، ثوانٍ استعادت انفاسها ثم تحدثت بصوت مرتجف:
خضتني يا معاذ والله!
لانت ملامحه قليلًا عندما رأي ملامحها المذعورة فقال بأسف:
معلش مقصدتش بس هو أنا سمعتك وأنتي...
بترت حديثه عندما أدركت ما قاله منذ قليل فقالت مستفهمة:.

أنت قولت جايبه الكلام لنفسي، أنت بتقولي أنا الكلام ده!

تقدم بخطواته ليقف أمامها مبررًا حديثة السابق:
أنا مقصدتش، بس أنا ميه مرة أقولك بلاش يا رهف تنزلي حاجة عن عيونك، بلاش يا رهف فيدوهاتك دي، وبلاش أصلًا فيديوهات على التيك توك..
لم يعجبها مجرى حديثه بتاتاً وبالاخص نبرة الهجوم الواضحه بصوته لذا احتدت ملامحها وهتفت قائلة بضيق:.

وأنت مالك!، أنزل ولا منزلش، وبعدين أنا بعمل حاجة مفيدة، أنا بقدم نصيحة لكل اللي فقدت عين زيي، بقولهم إزاي يركبوا عين صناعية وازاي يشلوها، بحكيلهم عن تجربتي، أنا مبأذيش حد!

اقترب عده خطوات، حتى أصبح قريب جدًا منها، ثم دنى بجذعه العلوي نحوها قائلًا بمكر:
ولما أنا مليش دعوة، أنتي بتبرري ليه!
عندما رأت عيونه التي تشع شعاع غريب له سطوه على مشاعرها، دفعته بغيظ بعيدًا عنها قائلة بشيء من العصبية:
قولتلك مليون مرة متتخطاش حدودك معايا، ولا تقرب مني بالمنظر ده!
ضحك بداخله، التوى فمه متهكمًا وهو يقول:
آه أنا مقربش، متكلمش، معملش، لكن كومنتات الولاد ليكي وعن جمالك دي عادي صح..

أنهى حديثه بعصبية مماثلة، لكن الأخرى لم تسمح له وأشارت له بيدها قائلة بتهديد: بقولك إيه بطل بقي طريقتك دي، صوتك وأنت بتكلمني يبقي واطي..

اقترب منها خطوه واحده ثم هتف بتحدً مماثل:
وان مبطلتش هتعملي إيه؟!
كادت أن تمطره بسيل من الكلمات اللاذعة ولكن تراجعت في آخر لحظة مقررة أن تلجأ للهروب كحال كل ليله يشتبكان بها فابتعدت عنه بسرعة، حاول هو اثناء ذلك ان يوقفها وقد نجح عندما سارعت يده ان تمسك بمرفقها وهنا نظرت له بحده ولكن الاخر لم يبالي فقط تكلم بصوتٍ هادئ:
معندكيش الجرأة أبدًا إنك تكملي كلامك معايا ليه؟!، تقدري تجاوبيني!.

أغلقت عينيها لثوانٍ تحاول فيها استعادة قوتها وردودها العنيفة ولكن ذلك القلب السخيف سيطر عليها كلياً، فقدت السيطرة حتى على حواسها، سطوته عليها بهذا الشكل، جعلتها كورقة خريف ضائعة بين عواصف عشقه، حتى أنفاسه الساخنة فرضت نفسها ولفحت جانب وجهها بعنفوان فبعثرت بقايا القوة والشجاعة بداخلها، قربه منها بهذا الشكل يجعلها هشه ضعيفة تستسلم بسرعة لمشاعره، تجمدت أطرافها عندما شعرت به يهتف بصوت حنون:.

أنا بحبك يا رهف ومهما تعملي أنا مش هيأس، وهفضل وراكي لغاية ما توافقي!.
عقلها يحثها على الابتعاد وقلبها يصر برأيه على البقاء، دقات قلبها كانت تقرع كطبول الحرب عندما أخبرها بحبه، خرجت الكلمات منها متقطعة وكأنها طفل صغير يتعلم للتو النطق:
لو، سمحت، ابعد!
ضغط بيده أكثر فوق مرفقها قائلًا بتحدً عاشق:.

لا يا رهف مش هبعد وهفضل وراكي، اديني سبب واحد علشان تبعدي عني بالشكل ده، أنا بشوف الحب في عينك، ليه تبعدي عني، بلاش تضيعي فرصه زي دي...
بترت حديثه وهي تنظر له بقهر قائلة بصوت مرتجف يغلبه البكاء:
بلاش أضيع فرصه إنك ممكن تاخد واحدة زيي صح، أنا بقي مش عاوزه الفرصة دي، أبعد عني وسيبني في حالي!
ابتعد عنها بصدمة قائلًا:
أنتي غبية! صح!، ما هو مينفعش بعد كل اللي قولته تقولي كده..

مسحت عبرتها بقوة قائلة بنبرة عنيفة تعجب هو انها خرجت منها بهذا الشكل فتلك الجميلة كماسه فلورنتين رقيقة جِدًّا، تملك صفاء وجمال بداخلها لا يقدر بأي شيء
آه أنا غبيه علشان بديك حجم أكبر من حجمك!.
أنهت حديثها بأنف مرفوع ثم رفعت طرف إسدالها وقررت الهرب منه، أما هو فحاول كظم غيظه قائلًا:
يعني مش هاتبطلي اللي أنتي بتعمليه ده!
استدارت قائلة بضيق يشوبه تَحَدً:.

أبطل إيه، إن أبعد عنك!، ف لا مش هبطل وأنت آخر واحد ممكن اتجوزه، لو بقي على فيدوهاتي، ف لا بردو مش هابطل، طلعني من دماغك يا معاذ علشان ترتاح!
كور يده بغضب، حاول كبح جماح غضبه حتى لا ينهال عليها بلسانه السليط ولكن في آخر لحظة فقد أعصابه ليرتفع صوته:
آه تبقي أنتي فعلًا واخداها تجاره!

وقبل أن تخرج من باب السطح وصل لها حديثه فالتفتت له ترمقه بصدمة، توهجت مشاعرها الغاضبة منه كشعلة نار ان اقترب منها ستحرقه، اختارت الهرب بعيدًا عنه قبل أن تنفجر به..
هبط الدرج خلفها يحاول ملاحقتها ولكن استوقفته أخته قائلة بعدم فهم:
هو في إيه، هي نازله بسرعة ليه كده، أنت عملت حاجة..؟!

حاول أن يبعدها عنه حتى يستطيع اللحاق بمن اختارت الهرب كوسيلة لتربيته عما تفوه به ولكن الأخرى تشبثت به تمنعه من الحركة: والله شكلك عكتها يا معاذ زي عادتك، يابني اهمد بقي واهبط الله يهديك!
ارتفع صوته قائلاً بغيظ:
اهبط إيه، ما تحترميني وتكلميني باحترام أنا أخوكي الكبير!
تركت يده قائلة باستهجان:.

طب يا أخويا يا كبير ياللي كل مرة بتعكها، متعرفش تتحكم في نفسك شوية، احسن من الفضايح اللي على السلم، واحنا سكان جداد، مش عاوزين حد يشتكي مننا!
ود أن يقتلع رأسها بوجهها اللعين، ونظراتها الألعن حتى تنتهي من مضايقته وتوجيهاتها الغير منصفه برأيه!.

دلفت كالإعصار إلى داخل شقتها، ومنها إلى غرفتها مباشرةً دون أن تتفوه بأي حديث، وبماذا يفيد حديثها في هذه الحالة، فالبداية غير مبشرة بالمرة، راقبتها والدتها بعينيها الحزينة على حال ابنتها وبما أصابها، ولكن لا اعتراض في قضاء الله، حتمًا سيعوضها الله عما فقدته، نهضت خلفها تحاول التخفيف عنها رغم جهلها بسبب حزنها...
دلفت الغرفة وجدت رهف ترقد باكية، اقتربت منها قائلة بهدوء:.

مالك بس يا بنتي، إيه مزعلك!
هتفت رهف من بين شهقاتها:
كل حاجة، كل حاجة مزعلاني.
نظرت لها والدتها بقلق ثم تحدثت قائلة:
هي بسمة زعلتك؟!
نفت رهف برأسها والتزمت الصمت، فعادت والدتها تحدثها بهدوء:
طب تحبي أسيبك شوية لغاية ما تهدي!

أومأت الأخرى بصمت، فنهضت والدتها تهمس ببعض الأدعية، وفور خروجها نهضت رهف تجلس فوق الفراش تجذب هاتفها مقررة إرسال رسالة له توبخه عما قاله بحقها، ولكن تراجعت عدة مرات، زفرت بحنق بسبب ذلك الصراع القوي بداخلها ما بين عقلها وقلبها، ضغطت بيدها بقوة على جانبي رأسها قائلة بغيظ: اخرج من دماغي بقي!

أغلقت عينيها محاولة استرجاع هدوئها، تلك الميزة التي كانت تتربع فوق عرش صفاتها، تفقدها بسهولة بكلمة منه أو تصرف طائش يصدر منه، وكحال كل ليله ينطلق عقلها بسيل من الذكريات بينهما منذ بداية لقائهما الأول، ذلك اللقاء الذي وشم فوق قلبها وجعلها عاشقة لرجل عنيد لا يعرف اليأس طريقة...

ضحكت بسمة بقوة وهي تقول:
لا بس بجد البنت دي أمورة وفيدوهاتها بتضحكني!
نظرت لها رهف باستنكار ثم رفعت إحدى حاجبيها قائلة بتعجب:
انتي عبيطة يا بسمة، أنا عكسك بشفق عليهم!
كادت ان تستكمل حديثها ولكن التقطت أنفها رائحة غريبة فقالت مسرعة:
الحقي شكل الكيكة اللي بتعمليها اتحرقت
فزعت بسمة قائلة برعب:
يا لهوي ماما هاتفضحني، ثواني أشوفها...

انطلقت بسمة في مهمتها القومية في إنقاذ ما يمكن إنقاذه من بقايا الكيك، أما رهف فانشغلت في حسابتها الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي، تتابع أخر الأخبار بتركيز حتى إنها انشغلت عن الذي فتح الباب خلفها فقالت بمزاح:
إيه يا كتكوته لحقتي الكيكة!
لم تجد رد منها فالتفتت برأسها وجدت شاب في العقد الثالث يقف أمامها متسمرًا، ينظر لها بغرابة او يصطنع ذلك!، نهضت بخفه قائلة بتوتر:
أنا رهف صاحبة بسمة و...!

أشار لها بيده أن تهدأ فدخوله بتلك الطريقة افزعها:
أسف بس يعني كنت بحسب بسمة موجودة، خدي راحتك هشوفها فين!

ذلك اللعين يكذب، كان مخططًا لتلك المقابلة حتى تراه، فالأميرة تخرج وتعود للبناية وعيناها لا تقع عليه أبدًا، جذبته بملامحها الطفولية الرقيقة ورقتها التي ذابت قناعته بشأن الزواج، دخل غرفته مبتسمًا بسعادة بعدما تم أول لقاء بينهما مثلما خطط، منذ أن وقعت عينيه عليها وهي تدخل البناية وتمازح الحارس، وجد نفسه يبتسم كالأبله وهو يراقبها، بدأت تحرياته المبطنة عنها بأسئلته لأخته ووالدته، شاهد جميع فيدوهاتها مرارًا وتكرارًا يركز في كل تفصيله، لا شك أنه تأثر قليلًا بعدما علم بشأن فقدانها لإحدى عينيها بسبب حادثة، ولكن شعور غريب نحوها بدأ يتزايد دون إرادة منه وبدأ يعشق وجهها حتى مع وجود تلك اللاصقة التي تغطى عيناها المفقودة...

أما هي فظلت تفرك يدها بتوتر منذ خروجه من الغرفة، رغم مجيئهم منذ فترة واستأجرهم إحدى الشقق في البناية إلا أنها لم تره أبدًا، ورغم حديث بسمة عنه، وعن وسامته ووظيفته كضابط جيش إلا أن فضولها لم يجذبها بشأنه، ولكن بعد تلك المقابلة بينهما وبعدما رأته حتمًا سيشهد حالها هذه الفترة على اندلاع ثورة من الحب والغرام، نهرت نفسها على تفكيرها به وخاصه بملامحه الوسيمة، متذكرة دومًا ما حدث لها..
دلفت بسمة مبتسمة:.

الحمد لله أنقذتها
لاحظت بسمة انشغال رهف بالتفكير، فقررت مشاكستها داعبت خصرها بخفه، فانتفضت رهف صارخة:
بس يا بسمة..
ارتفعت ضحكاتهما معًا ووصلت لذلك العاشق الذي أصبح مراهقًا بتصرفاته ويقف كالأطفال يستمع لحديثهما، التقطت أذنه حديثها الموبخ...
أنتي إزاي يا هانم متقوليلش أن اخوكي جه وموجود هنا!
إيه ده أنتي شوفتي معاذ، هو صحي من النوم!
رمقتها رهف بعصبيه مزيفة وهي تقول:.

يا باردة وكمان كان نايم، يابنتي بعد كده لو موجود تعالي أنتي عندنا!
امتعض وجهه من حديثها ليقول بهمس:
بقي أنا أخطط ده كله وأنتي تقولي كده!
جلست بسمة أمامها لتقول بحماس:
بس أنتي إيه رأيك في أخويا، قمر صح..
ابتسم بسعادة وود أن يدخل للغرفة عليهما ويحتضن، أما هي فتوترت من حديث صديقتها ثم تحدثت بصوت منخفض:
عادي يعني يالا أنا همشي!

اتجهت للباب بسرعة تفتحه تهرب من حديث بسمة، فوجدته يقف أمامها بطولة الفارع، تراجعت عدة خطوات ترمقه بخجل ووجنة متوردة، أما هو فأنقذ الوضع سريعًا ببلاهة:
بقولك كنت عاوز كيكة..
تقدمت بسمة منها:
ما تقعدي تاكلي معانا الكيك!.
نفت برأسها ثم تحدثت بتلعثم:
لا شكرًا عن اذنكوا..
فرت هاربة من نظراته التي تحاول الإمساك بعينيها، فرت ولم يستطع القلب الفرار من مصير موسوم ب لعنه العشق...

عادت من شرودها باكية تلعن تلك اللحظة التي سمحت لنفسها بالانغماس في ملذات الحب، تنهدت بألم تحاول تهدأه عقلها من كثرة التفكير، أنار هاتفها برسالة نصية، وقعت عيناها على اسمه قرأت بهمس:
وربنا ماهسيبك وهاتجوزك وهخليكي تبطلي فيدوهاتك دي.
ضيقت عينيها غير مصدقه ما أرسله، فقررت إغاظته أكثر، نهضت وأبدلت ثيابها ثم رفعت هاتفها أمامها وتحدثت بغنج:.

بنات أنا هكون موجودة في محل وأتمنى اشوفكوا، واللي حابب يتعرف عليا يتفضل يجي، المحل ده عامل خصومات هايلة على اللبس، هاستناكوا..
أغلقت الهاتف بعدها بسعادة قائلة بِتَحَدٍّ:
أنا هخليك تبعد عني بطريقتي!.
أما الآخر فتحرك بغير هدى في أرجاء غرفته وهو يراها تتحدث بهذه الطريقة، ألقى هاتفه بغيظ فوق الفراش قائلًا:
دي عاوزه تجنني ولا إيه، أولع في المحل علشان تتبسط!
أخذ نفس طويل ثم استطرد حديثه:.

أنا أولع فيها هي أحسن وارتاح من الحب ده!
الراحة والعشق في قانون الغرام مترادفان، أما في قصتهما تلك متناقضان، كُتب عليه الركض كالمجنون في رحلتهم ليصل قلب معذبته ويتمم عشقهما برباط قوي ألا وهو الزواج!

صباحًا، دلفت المحل بابتسامتها الرائعة وما هي إلا دقائق حتى جلست وأمامها كوب القهوة الساخن وتحادث صاحب المحل بلطف، أحيانًا تضحك وأحيانًا تتحدث بجدية، أما هو فيجلس في سيارته يراقبها باهتمام، لم يغفل عن تفصيله واحدة وخاصه من ذلك المستفز الذي يجلس أمامها، ارتفع حاجباه عندما وجدها تنهض تتحرك بين الثياب وذلك المعتوه خلفها مباشرةً، لم تعجبه أبدًا نظراته لها، ومن يفهم الرجال إلا أنفسهم، بدأت نيران الغيرة تلتهم صدره والبلهاء غير مدركة لما يحدث خلفها، خرج من سيارته كالثور الذي يود أن يقتلع رأس أحدهم، اندفع للمحل بكل همجية ممسكًا بذلك الشاب:.

تصدق أنك راجل مش مضبوط..
انتفضت بفزع قائلة:
معاذ!.

تاااابع اسفل
 
 



26-01-2022 11:33 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [1]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية العوض
نوفيلا العوض للكاتبة زينب محمد الفصل الثاني

وقف يناظرهما من بعيد فرأي ذلك القذر ينظر لها نظرات يعرفها جيداً ولذلك، بدأت نيران الغيرة تلتهم صدره و البلهاء غير مدركة لِمَ يحدث خلفها، خرج من سيارته كالثور الذي يود أن يقتلع رأس أحدهم، اندفع داخل المكان بكل همجية ممسكًا بذلك الشاب:
تصدق إنك راجل مش مضبوط..
انتفضت الأخرى بفزع قائلة:
معاذ!

اشتد الغضب بداخله وبان عليه علامات الغضب وذلك ظهر جليلاً بنبرة صوته فخرجت حروفه غليظة رغماً عنه آمرًا إياها بحده:
اطلعي بره يالا..
هتفت برفض قاطع وهي تقول بحده مماثلة:
لا طبعًا، ابعد إيدك عنه.
تحدث الأخر بصعوبة وذلك بسبب يد معاذ القابضة على عنقه:
أنا مش راضي أتكلم والله وعاملك خاطر يا رهف..
استشاط غضباً وقام بالضغط أكثر بيده فوق عنقه وصاح قائلًا في وقاحة:.

لا يا شيخ، بتعمل خاطر للستات صح بتحب أنت تعمل كده!، بس أنا بقي عاوزك تتكلم وتقول اللي نفسك فيه.
أنهى حديثه بنظرة مرعبه، فأثار ريبه الأخر ليقول متوترًا:
أنا معرفش أنت بتتهجم عليا ليه؟!
قطعت حديثهما رهف وهي تتحدث بغيظ:
رد ولا معندكش رد علشان أنت همجي!
خفف من قبضه يده ثم التفت بوجهه نحوها وقد ظهر عليه إمارات الصدمة:.

أنا همجي علشان بدافع عنك! ما أنتي لو تعرفي المعفن ده كان بيبصلك إزاي مكنتيش تقوليلي كده، كنتي بوستي إيدي وشكرتيني، بس أقول إيه والبعيدة عامية!.

تبدلت ملامحها فجأة، اهتزت مشاعرها لحديثه الأخير، منعت نفسها من البكاء حتى لا تثير شفقته، رسمت على وجهها برود غريب بينما داخلها كان يغلى كحمم البركان، رغم ذلك اكتفت بأخذ حقيبتها والهروب بعيدًا عنه، ترك الرجل عندما أدرك حديثه واندفع خلفها يحاول تلطيف حديثه اللاذع:
رهف استني، استني بس أنا مقصدتش..

أشارت لإحدى سيارات الأجرة المصطفة بجانب الرصيف فتقدمت منها واحدة وقبل أن تضع يدها فوق باب السيارة كان يمنعها بيده قائلًا:
أنا أقصد إنك عامية القلب..
رفعت بصرها له وعيناها تمتلئ بالدموع، حاولت أن يخرج صوتها ثابتًا دون اهتزاز، أشارت بيدها على تلك اللاصقة التي تحيط عينيها:
شايف دي، عمرك ما هاتقدر تتخطاها، مهما مثلت عليا، أنت شايفني حاجة غريبة عنك وعاوزني بأي شكل، وأنا مش عبيطة علشان أنجرف ورآك!

حاولت أن تفتح باب السيارة مرة أخرى ولكنه هتف بصوت يحمل مشاعر الحب:
لا أنا بحبك بجد، وأنتي فعلًا عامية القلب يا رهف علشان مبتحسيش بحبي ليكي..
دق قلبها تلك الدقة التي لو سمعها لطار فرحاً، توترت إثر اعترافه بحبه لها بهذا الشكل وصوته الذي داعب مشاعرها في لطف، ظهر التوتر عليها كعادتها فقالت بتلعثم خفيف:
أنا همشي، اتأخرت عن إذنك، وبطل تراقبني علشان مشتكيش لمامتك..

فغر فمه بصدمة ونظر لها لثوانٍ يحاول تدارك ما قالت للتو وعندما وجد انها تهدده مثل الطفل الصغير تحدث قائلاً بتهكم:
مامتي!، أنتي بتكلمي ابن أختك!

لم تبالي بحديثة، فتحت باب السيارة بعنف وانطلقت بعيدًا عنه، هز رأسه بيأس منها ومن تفكيرها الغريب باتجاهه، تنهد بحرارة تملكت من صدره، التفت بوجهه نحو ذلك الوقح الذي كان يختلس النظرات من خلف زجاج محله، قرر تأديبه حتى لا يتعرض لها مرة أخرى، تقدم بخطوات واثقة نحوه، فتراجع الأخر سريعًا وتظاهر بالانشغال بالعمل، اقترب معاذ منه ثم دنى بجذعه العلوي نحوه قائلًا بنبرة تحمل الوعيد الصارم:.

لو شوفتك مرة تانيه جنبها، وربي وما أعبد مش هاتردد ثانية وأولع فيك.
رفع الأخر نظره يرمقه مشدوهًا منه، ومن عنفوان حديثة ليقول:
تولع فيا أنا، انت مين أصلًا أنا عمري ما شوفتك مع رهف...
جذبه معاذ بعنف من ياقة قميصه هاتفًا بغضب:
أنا أبقى خطيبها وجوزها مستقبلًا، تحب تعرف أنا بشتغل إيه، بشتغل ظابط، وبتليفون صغير هقفلك محلك اللي فرحان بيه!
تراجع الآخر في ثباته، قائلًا بتلعثم:.

لا أنا بعتبرها زي أختي، وبينا شغل، رهف موديل، وبتعرض لبس المحجبات عندها على الاكونتات وأكيد حضرتك فاهم شغلها كويس...
رسم ابتسامه مميته فوق محياه:
بطلنا...!
ضيق الأخر عيناه بعدم فهم ثم تحدث مستفسراً:
نعم؟!
أكد حديثه حتى لا يضطر لان يعيده مرة ثانية
بطلنا يا حلو مفيش شغل من كده تاني، لو هي قالتلك قولها بح مبقتش عاوزك موديل، فاهم..

أومأ إيماءة صغيرة بالموافقة وعيناه تستقبل نظرات الآخر المحملة بالوعيد والتهديد
ردد خلفه:
فف، فاهم.

وضعت المفاتيح بباب الشقة وقبل أن تفتح وجدت والدتها منال تفتح الباب بعجالة هاتفه بصوت خافت:
رهف، الحمد لله أنك جيتي، يالا بسرعة ادخلي أوضتك وغيري هدومك.
قطبت رهف ما بين حاجبيها باستغراب، تحدثت قائلة:
ليه في إيه لكل ده!
زفرت منال بحنق من اسألتها الكثيرة لتقول:
في عريس جوه واياكي تقوليلي مش هطلع.
رفعت إحدى حاجبيها قائلة بتهكم ولكن بداخلها نار نشبت ولن يطفئها أحد:.

عريس جوه من غير ما ترجعيلي، طب قوليلي طيب!
تبدلت ملامح منال لحزن وهتفت برجاء: علشان خاطري اطلعي، أنا مكنتش اعرف أنه جاي، وبعدين مرضتش ازعل طنطك ديدي، وبعدين متخافيش عارفين بموضوع عينك..
ضغطت فوق شفتيها وهي تحاول بيأس كظم غيظها:
لا فعلًا مكنتيش تعرفي خالص، أنا هدخل أغير هدومي واطلعلهم بس علشان محرجكيش، بس أنا مش موافقة ماشي.

وقبل أن ترد والدتها كان صوته يظهر مازحًا: واقفين بتتكلموا على السلم ليه، قفشتكوا.
رمقته بنظرة تعالى ثم هتفت قائلة لوالدتها:
أنا داخله..
راقب دخولها بعين فاقده للأمل وذلك رأته والدتها جيدًا ولكن فسرته انه تضايق فقط لفعل ابنتها ولذلك تحدثت بأسف:
معلش يا معاذ أصلها مضايقة مني..
نظر لها بعدم فهم، هتف بتساؤل:
ليه في إيه؟!
التفتت والدتها تنظر بداخل الشقة قائلة في همس:.

في عريس جوه، وجه من غير ما تعرف، وأنا أصريت تطلعله..
حاول كبح جماح الغضب بداخله، فكر لثوان في إيجاد حل مناسب لافساد تلك المقابله، فقال بصوت ثابت إلى حد ما:
طب تحبي ادخل أحضر معاكي، يعني مفيش راجل معاكوا، وأنتي زي أمي!

تجاهل أنها مثل أخته، ف والله لن يكذب بهذه النقطة، منذ أن وقعت عيناه عليها تمناها زوجه وأم لأولاده رغم رفضه الدائم لفكرة الزواج، الجميلة الرقيقة حولته كُليًا، وهو سعيد جِدًا بذلك التحول، وخاصةً إن كان بسببها!، غريبة المشاعر تتوغل بداخلك فجأة فتجعلك مسلوب الارداه تقع تحت سطوة العشق، تقذفك بين عواصف الحب بلا رحمه، تتلقى مشاعر جديدة ومختلفه عن ما قد شعرت به من قبل، مشاعر لها سكون مختلف يسيطر على قلبك المسكين ويجعله راضخ لعشق كُتب عليه الجهاد!

استفاق من شروده على يد والدتها قائلة:
آه أنت جتلي من السماء، أنا متوترة أوي أصلًا أول عريس رسمي يجي لرهف، كلهم الهانم بطفشهم من بره، ادخل..
دلف خلفها متمتمًا بمكر:
وأخر عريس إن شاء الله..

توالت الأحاديث الخفيفة، منتظرين خروج العروس، خرجت رهف أخيرًا، ترتدى جيب واسع من الون الأسود وستره بيضاء تزينها فراشات من اللون النبيذي، وحجاب وحذاء من نفس اللون، توسعت عيناها بصدمة عندما وجدته يجلس بينهم، كادت أن تفقد وعيها بسببه، يحاوطها في كل مكان، كادت تقسم أنها ستراه في أحلامها بعد ذلك، وليست الوحيدة في المكان التي كادت أن تفقد وعيها، فوالدتها أيضًا أصابها اليأس منها، عندما وجدتها مازالت تضع اللاصقة الطبية فوق عينيها، ضغطت فوق شفتيها السفلية بغيظ، نهضت سريعًا تجذبها نحو المطبخ..

تعالي يا رهف جيبي الشربات من جوه!
دلفت خلف والدتها قائلة:
شربات إيه!، أنتي بتجري وراكي جموسه!.
والله ما عاوزه أشتمك لتزعلي، أنتي هبله، حاطه الاذقه دي ليه، اخلعيها أنتي مش حاطه العين الصناعية!
نظرت لها بأستنكار وهي تقول
وأنتي عاوزني أشيلها ليه؟!
رفعت بصرها للأعلى تشتكي ربها، لتقول بعدها:
أنتي عاوزة تجنني، هو اللي بره ده جاي ليه، مش عريس!
ابتسمت باستهجان:.

عريس!، آه، وأنا مش هتجمل واطلع قدامه من غيرها علشان ينبهروا أن مفيش فرق، لا لو عاوزني بجد لازم يتعود عليا بالازقة دي، ومتخلنيش أطلع من غيرها ومن غير العين الصناعية كمان.
تأففت والدتها بنفاذ صبر:
ماش يا رهف اطلعي قدامي م نشوف أخرتها!

خرجت مع والدتها تحمل صينية المشروبات، وضعتها برفق فوق الطاولة ثم جلست بجانب والدتها، بدأت مشاعر القلق والتوتر تسيطر عليها ليست من نظراتهم ولكن من نظرات ذلك المتطفل الجالس
أمامها، انتبهت على حديث والده العريس قائلة:
قمر يا رهف مخلصه كليه ايه؟!
خرج صوتها متوترًا قليلًا:
آداب حضرتك!
هزت والدته رأسها عده مرات وهي ترمقها من الاسفل للأعلى، ركزت ببصرها على تلك اللاصقه، فأخذها فضولها قائلة:.

وانتي حاطه الازقه ليه على عينك!
رفع معاذ احدى حاجبيه من قولها، ليقول: يعني حضرتك متعرفيش ليه..!
حاولت ديدي انقاذ الموقف فتحدثت بأستدراك:
الله، هو انتي مش عارفه...
قبضت رهف فوق سترتها تحاول التمسك بآخر ذرة هدوء لديها، حاولت والدته أن توضح حديثها:
أنا أسفه والله، بس ديدي قالتلي إنك مركبة عين صناعية وزيها زي الطبيعي...
ابتلعت رهف ريقها لتقول بجمود:.

آه هي بتتركب وبتتشال يا طنط مش حاجة دايمة، وكمان لازم أحط اللازقة دي علشان عيني أنسجتها مش متقبلاها، ف أي نور أو شمس أو عفار بيئذيها!
خرج العريس أخيرًا عن صمته قائلًا بتعجب: امال لابسها ليه!
اجابته رهف بضيق:
علشان عيني متتقفلش خالص.
صاح معاذ هاتفاً بنفاذ صبر:
لا كده كتير!.
هتف العريس باستغراب:
في إيه يا أخ!
نهض معاذ قائلًا بعصبيه:
معندناش بنات للجواز..

زمت ديدي شفتيها بضيق قائلة لوالدة رهف: هو في إيه يا أبله منال، ماله أستاذ معاذ!
نهض العريس بغضب جاذبًا والدته خلفه: شكرًا على المقابلة.
خرجت ديدي خلفهما غير راضية عن تصرف معاذ الأهوج، وضعت منال يدها فوق رأسها بحزن، حزنًا على ما مرت به ابنتها اليوم، لم تتخيل قط أن تسير المقابلة بذلك الشكل، ولكن فضول الناس يجعلهم غير مدركين لمشاعر البشر، أشارت رهف على باب شقتهم قائلة باقتضاب:.

أتفضل اطلع ومتشكرين على اللي أنت عملته!
جلس مكانه دون أن يعيرها أي انتباه موجهًا حديثه لوالدتها:
أنا غلطت يا طنط، أنا كنت شايف أن حضرتك مضايقه من اللي بيحصل زي ما أنا كنت مضايق!
هتفت به رهف قائله بغيظ:
وأنت مالك، إيه دخلك أصلًا..
نهض بعصبيه وقد تناسي وجود والدتها:
لا أنا مالي ونص، أنتي مبتفهميش حاجة..
رفعت منال بصرها تراقب الوضع بينهم وحولها العديد من الاستفهامات لما تراه أمامها..

دبدبت رهف قدمها أرضًا قائلة بعصبية:
مبفهمش إيه يا أستاذ يا محترم، هما مغلطوش عريس ولازم يستفهم عن كل حاجة وده من حقه وأنا كنت موافقة إيه دخلك أنت!
كاذبة أيتها الحمقاء، عيناك تفضحك، وملامح وجهك تعبر عن جميع ما شعرتي بيه أثناء وجودهم، اعترفي أنك وددت أن تقتلعي رؤوسهم عما يفعلونه وفوقهم ديدي!
ارتفعت ضحكاته باستهزاء من حديثها:
أنتي عبيطه يابنتي على أساس أني معرفكيش، أنتي عامله ده كله عند فيا!.

توسعت أعين منال وباتت تراقب بتركيز أكثر، أما رهف فزادها حديثه جنونًا وأصبحت إنسانه أخرى غير التي تعرفها، تقدمت منه تشير بسبابتها بوجهه:
والله لو ما بعدت عني لأقول لامك..
اقترب هو الآخر ناظرًا لها بتحَدٍ:
هو إيه اللي كل ما تشوفيني هاقول لامك، أنتي بتكلمي عيل..
هزت رأسها بهستيرية وصاحت قائلة:
آه، عيل بدام اتصرفت بالطريقة دي، يابني أنت طردت الناس من بيت مش بيتك!
جز فوق أسنانه قائلًا بتحذير:.

بلاش طوله لسان علشان مزعلكيش مني، وبعدين مين قالك أن ده مش بيتي.
التفت بوجهه نحو والدتها التي تراقب الوضع عن كثب ليقول:
مش بيتي يا طنط بردو، وأنتي بتعتبريني ابنك.
هزت منال رأسها بالموافقة قائلة:
طبعًا يا حبيبي!
ضحكت رهف بسخرية لتقول:
حبيبك!، ماما أنتي أي حد ماشي في الشارع ابنك...
التفتت له وأكملت حديثها:
وأنت بلاش عشمك ده، انتوا مبقالكوش سنه ونص ساكنين هنا.
انتصب واقفاً ثم هددها قائلًا:.

مش بعدد السنين يا جاهله، بأصل الناس، ، ها بأصل الناس ركزي واحنا أصلنا طيب...
رمقها بنظرات غامضة، جهلت والدتها تفسيرها، وجدته يبتسم لها قائلًا:
هتعوزي مني حاجة يا طنط.
حركت رأسها بنفي دون أن تتحدث، فالمسكينة غرقت في بحر من التفكير في تلك العلاقة الغريبة بينه وبين ابنتها، راقبت خروجه وهو يشد على جسده بسعادة غريبة، خرج كالمنتصر محققًا ما أرداه، ألا وهو إفساد تلك الزيجة عليها!

دبدبت بقدمها أَرضًا من ذلك المستفز ثم اتجهت نحو غرفتها تنزوي بها تبكي على ما حدث لها اليوم...
ضيقت والدتها عينيها قائلة:
اقطع دراعي أن ما كان فيه إن في الموضوع!

نظرت منال للساعة بملل، ابنتها ترفض الخروج من الغرفة، وترفض حتى التحدث معها، أخرجت تنهيدة قوية من صدرها ثم نهضت وهي تحاول استجماع هدوئها للدخول في مرحلة تأنيب الضمير وذلك من خلال إلقاء اللوم عليها بسبب ما حدث اليوم، دلفت للغرفة دون أن تطرق الباب وجدتها تجلس فوق الفراش تتكئ بمرفقها فوق الوسادة تتابع شيئًا ما على هاتفها، اقتربت والدتها قائلة بعتاب:
طب ما أنتي صاحية أهو، أمال رافضة تتكلمي معايا ليه!.

ابتعدت بنظرها بعيدًا عن والدتها حتى لا تمسك بها وتفضح ما تخبئه لمده عام كامل، ردت باقتضاب:
مفيش!
هزت والدتها رأسها بتفهم ثم تحدثت قائله:
آه أنتي زعلانه مني بقي، من اللي حصل طب والله ما كنت أعرف أن ده هيحصل...
قاطعتها رهف بنبرة أشبه للبكاء:
وليه يا ماما، ليه تحرجيني وتحطيني في وضع زي كده، فرحتي يعني بيا لما كنت قاعدة زي التلميذة بتجاوب وأتحرج قدام معاذ..

انفجرت بالبكاء تخرج ما تكنه من فيضان مشاعر القهر والحزن والغضب:
أنا بحاول أتخطى اللي حصلي والناس بردوا مش سايبني، بيحاربوني في شغلي، وكمان في حياتي، طب اعمل إيه، أفضل حابسه نفسي بين أربع حيطان علشان يتبسطوا، أنا مش زعلانه والله من اللي حصل، وعارفه انه قضاء وقدر، وكل يوم ربنا يعوضني بحاجات حلوة كتير، بس نظرات الناس بتدبحني وبالذات لو كانت شفقة منهم.

مسحت منال دموعها التي هبطت فوق صفحات وجهها تحمل حرقه رهيبة على ما تعانيه ابنتها، لم تستطع السيطرة على مشاعرها فأجهشت بالبكاء، انفطر قلب رهف على منظر والدتها، فاقتربت منها تربت فوق رأسها بحنو:
أنا أسفه يا قلبي متزعليش، أنا مش زعلانه منك والله، حقك عليا يا ماما..
رفعت منال وجهها قائلة بنبرة خافتة:.

حقك عليا أنتي، والله ما تحصل تاني، أنا بس عاوزه أطمن عليكي يابنتي، خايفة أموت واسيبك لوحدك زي ما ابوكي سابنا لوحدنا.

أغلقت عينيها بألم عندما افتقدت الحبيب والصديق والأب في حياتها، افتقدت السند والحماية، تذكرت عندما مرت بتلك الحادثة المشؤومة وما فقدته بسببها، هون والدها عليها الكثير، وساعدها بتخطي تلك المرحلة، تذكرت عندما علم بأمر العين الصناعية، وعندما ارتدتها لأول مرة، مرت أمام عينيها فرحته بها، وحديثه لها عن العوض، تلك الكلمة التي استوقفتها كثيرًا وقتها، ظنت أنها فقدت ولا مقابل لمَ فقدته، ردد والدها أمامها كثيرًا أن الله سيعوضك حتمًا، حينها وجعها عن ما فقدته جعلها تتغاضى عن حديثه، ولكن عوض ربها لا يتوقف أبدًا منذ ذلك الوقت، اشتاق القلب لروح كانت تنبثق منها الأمان والطيبة، تنهيدة حارة خرجت من صدرها علها تهدأ تلك العاصفة التي بدأت بداخلها، انتبهت على حديث والدتها...

ياعني مسألتنيش عملت إيه مع رؤوف انهارده!
وضعت يدها فوق رأسها مرتبكة من نظرات والدتها وكيف لها أن تنسي رؤوف وما فعله بهم، ذلك الخسيس أمنت له وسلمته أرضها تحت مسمى الطيبة، ولكن لا مكان للطيبة بعالمنا، فقالت بارتباك: عملتي إيه، نسيت خالص أسألك.

روحت واتخانقت معاه وقولتله على اللي قاله ليا الحاج أحمد، قعد ينكر وبعدين الجبان بجح وفضل يزعقلي وكأنها أرضه هو مش أرضنا، ويقولي أنا اللي اهتميت بيها ومن حقي، وان مش بعدت عنه...
صمتت لبرهة تستجمع أعصابها، فكلما تذكرت كلماته يدب الرعب بقلبها: هايكب مياه نار عليكي..
التوى فمها بتهكم: مستنيه إيه منه، قولتلك سيبني أنا أتصرف..

هتفت والدتها بإصرار: لا أنتي ابعدي، وأنا هكلم المحامي وربنا يعديها على خير، ويهده رؤوف الكلب.
ضاق صدرها من كل شيء، لم تفشل الحياة أبدًا في إقحامها بالمصائب، نظرت حولها تبحث عن الهواء، ذلك الاختناق يلتف حول عنقها يعتصرها ببطء، اندفعت هاتفه:
أنا هنزل أجيب لزقه من الصيدلية اللي عندي خلصوا.
رفعت والدتها بصرها نحوها قائلة بقلق:
دلوقتي دي الساعة ١٠، اطلبي يجبوها هما، أو سالم البواب يجبهالك.

التقطت الأخرى حجابها وارتدته ثم التقطت حقيبتها الصغيرة:
سالم مش شغال عندي يا ماما وأنا بتحرج اطلب منه، وبعدين لسه بدري الناس في الشوارع وأنا بقي بصراحة محتاجه أشم هوا..

خرجت والدتها خلفها هاتفه بإرشادات وتنبيهات أي أم مصرية تخبر ابنتها بها عند الخروج ليلًا، أما الأخرى فكانت تسرع للخروج تبحث عن الهواء الطلق، تريد استنشاق أكبر كمية من الهواء لتساعدها على العودة لصفائها الداخلي، ذلك الصفاء الذي بدأ تعكيره بمشاعرها المتناقضة منذ أن أحبت، ولكن ما باليد حيله نحن لا نختار العشق بل ننصهر به كالحمقى، استفاقت من شرودها على صوت غليظ من خلفها..

لو القمر عاوزه حاجة، أنا ممكن أساعدك!

استدارت بسرعة وقلبها ينتفض فزع وجدت شاب أسمر الوجه حاد الملامح ينظر لها بخبث وكأنه أسد جائع ينتظر التهام فريسته، ركضت عيناها فوق ملامحه وخاصه ابتسامته الخبيثة، مررت ببصرها حولها، وجدت نفسها في شارع خالي من المارة، دب الرعب أنحاء صدرها وعلمت أنها ستقع بكارثة، حاول عقلها إسعافها بأي فكره للخروج من ذلك المأزق ولكن توترها كان المسيطر الأقوى على ذهنها...

26-01-2022 11:34 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [2]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية العوض
نوفيلا العوض للكاتبة زينب محمد الفصل الثالث

اختنقت أنفاسها وجف الدمع بعينيها ولم تجد سوي طريقة واحدة وهي أن تخرج من بيتها إلي الأسفل حتى تستعيد ولو قليل من صفاء ذهنها ولكن عبث فهي بأي مكان تلاحقها المشاكل ولكن تلك المرة يبدو أن مشكلتها عويصة وبشده
لو القمر عاوزه حاجة، أنا ممكن أساعدك .

استدارت بسرعة وقلبها ينتفض بفزع وجدت شابًا أسمر الوجه حاد الملامح ينظر لها بخبث وكأنه أسد جائع ينتظر التهام فريسته، تسارعت دقات قلبها، ركضت عيناها فوق ملامحه وخاصه ابتسامته الخبيثة، مررت بصرها حولها، وجدت نفسها في شارع خالي من المارة، دب الرعب أنحاء صدرها، علمت أنها ستقع بكارثة لا محاله، حاول عقلها إسعافها بأي فكره للخروج من ذلك المأزق ولكن توترها كان المسيطر الأقوى على ذهنها...

تراجعت عدة خطوات للخلف قائلة بنبرة حاولت بقدر الإمكان إخراجها ثابتة:
لا شكرًا..
التفتت بوجهها كي تسلك طريقها بأقصى سرعة ممكنة ولكن يده القذرة منعتها، ورغم خفوت صوته إلا أنه وصل إلى مسامعها بقوة: إيه ده أنتي عندك اوفه في عينك.
لا كده أنت اللي عندك أوفه في دماغك يا حلو...

سمعت صوته الذي لطالما بعث لها الامان حاولت تكذيب قلبها الذي يخبرها انه جاء لاجلها ولذلك رفعت عينيها وجدت معاذ، وجدته هو، يقف خلفه وملامحه لا تبشر بالخير أبدًا...
أنا، أقصد أساعدها..
هتف بها الشاب بتلعثم، فقال معاذ بنبرة غليظة وهو يربت بقوة فوق وجه الشاب:
ساعد نفسك يا خفيف، يالا من هنا..

ابتلع الشاب ريقه ففارق الجسد بينه وبين معاذ كبير جدا، وان خاض معه شجار ستكون الخسارة من نصيبه، التزم الصمت وفر هاربًا كالجبان بعدما كان يقف كالذئب أمامها يحاورها بكل جرأه، أين جرأتك أيها الخسيس ولما تظهر فقط على الفتيات، اللعنة عليك وعلي أمثالك من أشباه الرجال..

زفرت براحة وهي تنظر للشاب يهرب بعيدًا، حولت بصرها نحو معاذ وجدت أنظاره مثبتة عليها بقوة، حسنًا قررت ألا تتشاجر أو تشتبك معه، فموقفه هذا يستحق أن تشكره عليه، رسمت فوق محياها ابتسامه ممتنة وتحدثت قائله:
شكرًا يا معاذ بجد على اللي عملته، كنت هموت من الخوف، الحمد لله أنك كنت ماشي من الشارع..
قاطعها ليقول بحده:.

لا حضرتك أنا شوفتك وأنتي نازله متأخر في وقت زي ده نزلت وراكي، أنتي إزاي تنزلي في وقت متأخر كده.
تجاهلت حديثه الأخير، حاولت أن تحتفظ بهدوئها بقدر الإمكان فقالت:
طب متشكرة..
التفتت لتغادر قاصده وجهتها، أوقفها بيده هاتفًا بغضب:
أنتي رايحه فين؟!، هو أنا مبكلمكيش!
هي تحاول بأقصي جهدها ان تقاوم غضبها لذا أجابته بهدوء:
رايحه الصيدلية، خير يا معاذ عاوز تتفضل تيجي معايا..

دفعها للأمام وهو يحرك رأسه بإيماءة بسيطة، رغم سخرية الجزء الأخير من ردها:
آه يالا...
توقفت ترمقه بتعجب:
هو إيه اللي آه، خير مالك يا معاذ، أنت تعبان فيك حاجة، أصل شايفاك ورايا في كل مكان.
ضغط على أسنانه بغيظ:
هو إيه اللي مالي، أنتي عبيطه ولا مبتفهميش، الوقت متأخر ومينفعش تروحي لوحدك، قدامك حل يا تقوليلي عاوزه تجيبي إيه وأنا أجيبه، يا أروح معاكي ماشي.

نظرت حولها الطريق شبه مظلم وخالي من المارة، رفعت رأسها بكبرياء لتقول بنبرة هامسة:
آوك..
التفتت صوب وجهتها تسير بخطوات مسرعة قاصده بتلك الحركة ألا تقترب منه أو يسيرا معًا، وصلا إلى الصيدلية وقبل أن تدلف جذبها من مرفقها:
استني، قوليلي عاوزه إيه اجبهولك أنا..
للمره الثانية يختبر بها معاذ دروس ضبط النفس حسناً يجب ان تهدأ، نعم هي سوف تهدأ ولن تتشاجر معه او هكذا حقاً تتمني ولذلك رفعت أحد حاجبيها بتعجب:.

أنا شايفه إن إيدك بدأت تمدها كتير، وبعدين ليه مدخلش أنا أجيبهم، ناقصلي إيد ولا رجل..
ضغط على جانبي رأسه بعصبيه ثم هتف بنبره تنم عن نفاذ صبره:
يوه يا رهف كل حاجة عِند يابنتي، اهدى بقي وقوليلي عاوزه إيه!
وليه مدخلش أنا مش فاهمة؟!
أشار بخفه نحو الصيدلية وهو يقول بضيق:
في شباب جوه كتير انا هدخل أنجز وأخلص قولي عاوزه إيه بقي!

نظرت نحوهم ثم أخيرًا تنازلت عن عنادها وقررت الانصياع لأول مرة له، أملته ما تريد وانتظرت بالخارج مثلما أمرها، خرج من الصيدلية وبيده حقيبة بلاستيكية أعطاها إياها مبتسمًا:
أتفضلي يا ست البنات..

تباً انه يعرف كيف يجعل قلبها كالغريق به، يعرف كيف يرسم ابتسامه فوق ملامحها، حاولت منع ابتسامتها من الظهور، ولكنها فشلت فظهرت له كوضوح الشمس، رغم بساطتها إلا أنه بالفعل يشتاق لبسمتها، تلك البسمة التي منعتها هي في حضرته، فأظلمت طريقه معها، ولكن الآن هناك شعاع أمل بسيط ويجب عليه أن يتبعه...

سار معاها بهدوء، الجو لطيف، والطريق هادئ نوعًا ما، كل شيء حولهما هادئ إلا مشاعرهما المضطربة كانت في حاله صراع عجيب كليهما يعرف مذاقه، وقعت عيناها على طفلين، طفله تبكي جاثيه أرضًا تمسك بقدمها والآخر يقف بجانبها يحاول إسعافها، هرعت نحوهما تحاول مساعدتها ولكن هتف الطفل وكأنه شاب كبير:
خلاص يا طنط أنا هاخدها وأروحها..
ساعدها بالوقوف ثم حاوطها بيده وسارا معًا، وقفت تراقبهما وابتسامه جميلة تنير وجهها...

كان نفسي يكون عندي أخ.
وضع يده في جيب بنطاله قائلًا بمكر:
ومين قالك إنها أخته..؟!
التفتت له بوجهها ناظره له بعدم فهم: قصدك إيه أنها مش أخته؟!، أمال يبقى مين!
هز كتفيه بلامبالاة مصطنعه:
يمكن جارهم ويحبها..
انتابها حالة من الضحك لتقول بصوت مبحوح نتيجة ضحكاتها:
مش أوي كده!
اقترب منها عده خطوات، أصبح قريب جِدًا منها وهمس بنبرة تحمل مشاعر الحب:.

وليه لا، هو الحب يعرف سن أو وقت أو ظروف، لو كان الحب متقيد بالحاجات دي عمره ما يكون حب!
هزت رأسها عده مرات بعدما استطاعت فهم مجرى حديثه فقالت بتهكم:
أنا من رأيي إنك تشتغل في الراديو تسمع كلام البنات وترد عليهم تحاول تواسيهم..
دقيقة!، نعم دقيقة استوعب فيها حديثها، البلهاء بعد حديثه تجيبه بهذا الشكل، ظهرت ابتسامه شريرة فوق ثغره ثم هتف:
تصدقي يا رهف لولا أني بحبك كنت مسكت طوبة وضربتها فيكي من كتر غلى..

كتمت ابتسامتها بعدما نجحت في أن تفقده هدوءه، وصلا إلى المنزل، وقبل أن يدلفا، وجد أخته تهبط الدرج بسرعة، وعندما وجدتهما تنهدت براحة..
الحمد لله إنك مع معاذ.
انتباها القلق فقالت وهي ترفع بصرها إليها:
ليه ماما تعبانه..؟!
هزت بسمة رأسها نافيه:
لا بس هي كانت خايفة عليكي علشان اتأخرتي فبعتتني أشوف عم سالم البواب يطمن عليكي.
دفعهما معاذ للداخل وهو يقول:
طيب يالا نطلع، مش حلو وقفتنا دي!
منعته بسمة برجاء قائلة:.

لا علشان خاطري فرصه، نروح نشرب حمص الشام على النيل، علشان خاطري يا معاذ.
نظرت لهما رهف ووجدت انه يجب عليها ان تنسحب لذا هتفت بحرج:
طيب روحوا انتوا وأنا هاطلع لماما!.

وجدها فرصه قوية حتى يقترب منها، فإجازته شارفت على الانتهاء، وهي لا تعطيه أي فرصه للتحدث معه دائمًا تقطع عليه كل الفرص، والسبب الأقوى يريد ان يعتذر فهو مؤخرًا زل لسانه وجرحها بغير قصد، الآن فرصته وقدمتها أخته على طبق من ذهب، رفع هاتفه فجأة وأجرى اتصالًا بوالدتها يخبرها بذهابهم في نزهة بسيطه ويطلب منها الصعود لوالدته وسيجلب لهم العشاء ويعودوا للمنزل، وفور انتهائه صفقت بسمة بحماس قائلة بفرحة عارمة:.

يعيش معاذ أخويا الظابط القمر ال..
قاطعها هو ضاحكًا:
خلاص، عرفنا إنك مبسوطة عدي بس الجمايل يلا بينا..
تشبثت رهف بالأرض أكثر رغم يد بسمة القوية التي تجذبها نحو الخارج، فهتفت برفض:
مش عاوزه أروح أنا..
دبدبت بسمة أرضًا بضيق طفولي:
يلا يا رخمه خلينا نطلع نشم هوا بقي، وبعدين أمك قالتلي إنك مخنوقة ونازله تشمي هوا..

أغلقت عينيها بغيظ من والدتها، فجذبتها بسمة للخارج بقوة كادت أن تفقد اتزانها وتقع أرضًا لولا يده التي منعتها من السقوط..
حاسبي يا بسمة..
نطق بها معاذ بصوت مرتفع، وقفت بسمة تنظر نحوهم بأسف ظاهري وبداخلها يتراقص على مكرها، فالماكرة تخطط لاجتماعهما معًا، ولكن القدر يساعدها بلمسات بسيطة، اعتدلت رهف بوقفتها وابتعدت عنه لتقول:
أختك من كتر فرحتها هتكفيني علي وشي، ابقوا خرجوها.

وضعت بسمة يدها بيد صديقتها ثم قالت بمزاح:
آه بالله عليكي قوليله، أصل طول ما هو في الجيش وهو فارض علينا الحظر..
ضحكت رهف وهي تسير معها:
وأنا اللي كنت بقول نفسي في أخ، لا الحمد لله كده.

تشاركت الجميلتان همومهما بطريقه مضحكه، بينما هو كان غارق في بحر من المشاعر، مشاعر افتقدها في الفترة الأخيرة بسبب كثرة شجارهما، وأحيانًا من كثرة التفكير بسبب رفضها له، لم يجد إجابه واضحه، وعجز عقله عن اختراق داخلها، رغم رفضها إلا أنه لم يكتفِ أبدًا عن حمايتها أو محاوطتها بكل السبل، فمن رق قلبه لها جميلة وتمتلك أنوثة تجعلها مطمع للذئاب البشرية، وهي الآن فريسة سهلة المنال، تعاملها بذلك الشكل معه أو مع غيره دائمًا ما تثير لدية غريزة الحماية وكأنها قطة صغيرة ترتجف خوفًا مما حولها فتركض نحو صاحبها تطلب بعينيها الضائعتين الاحتواء، فيلبي هو طلباتها بحنو مُرَبتًا فوق جوارحها بنظراته الشغوفة وشعاع الحب الذي ينطلق من عينيه يحيطها ويجعل من حولها هاله صعبة الاختراق..

جلست بسمة ورهف فوق مقعد خشبي امام النيل مباشرةً، بينما وقف معاذ على مقربه منهما يجلب لهما مشروبهما، انشغلت بسمة بإجراء اتصال هاتفي بصديقتها، أما هي فحاولت التركيز على من حولها محاولة منها ألا تنشغل بالتفكير به، محاولة فاشلة كعادتها وكالعادة تختلس النظر له بهدوء، تلك اللحظات التي تمر عليها وهي ترمقه من بعيد تحفظها بقلبها كطاقة تستند عليها في وقت غيابه، آه من ذلك الحب الذي كُتب عليه الشقاء، ماذا يفعل بها القدر لما يقذفها دائمًا نحوه وهي تحاول بكل جهدها أن تبتعد، لما؟!، تساءلت بحرقه بداخلها، ودت أن تبكي الآن وتخرج ما في جوفها لعلها تهدأ لو قليلًا، لعل تلك النقطة السوداء بداخلها ألا تتمادي، تلك النقطة التي مازالت مصره على تذكيرها بذكرياتهما معًا حتى وإن كان تافهه للبعض، تعلق نظرها به وهي تستعيد لحظاتهما المضحكة معًا..

عادت بعد يوم مليئ بالعمل وهي تحمل حقائب الخضروات المختلفة كما أمرتها والدتها، صعدت الدرج بجسد يصرخ بالراحة وخاصةً بشرتها التي تلتهب بحرارة بسبب تلك اللاصقة التي تغطي عينيها، ركزت ببصرها على الدرج وهي تقوم بعد درجات السلم كعادة قديمه لها، ولكن ذلك القط الأسود وقف لها بالمرصاد، تراجعت للخلف بخوف، فالجميلة لديها نوبة خوف من القطط وَخَاصّه السوداء، التفتت بوجهها وهبطت الدرج بأقصى سرعة تبحث عن الحارس حتى يصعد ويبعد ذلك القط، لم تجده فظلت هكذا واقفة كطفل يعجز عن التصرف، انتظرت دقائق بملل حتى أتى من لا تريد رؤيته في هذه الحالة!، دلف بهيبته وبدلته العسكرية يحمل حقيبته على ظهره خطفت أنفاسها لهيئته تلك، اما هو فوقعت عيناه عليها وكأن القدر استمع لقلبه واشتياقه لها، ابتسم بسعادة فور رؤيتها قائلاً: رهف إزيك.

ابتلعت ريقها بتوتر وهتفت مرحبة به:
الحمد لله، حمد لله على سلامتك.
هبط ببصره نحو الحقائب ليقول مستفهمًا: واقفة بتعملي إيه!
هزت كتفيها بلامبالاة مزيفة وهي تقول:
مفيش عادي..
أشار إليها بالصعود وخطى أولى خطواته ولكنها هزت رأسها برفض وتحججت قائله:
لا أصل أنا مستنيه عم سالم يجيبلي طلبات، اطلع أنت!
طيب اطلعي مش حلو وقفتك، وهو يطلعها بعدين..

وفور انتهائه التقطت أذنيه صوت القطة، فابتسم بخفه عندما أدرك سبب توترها، فقال: يالا اطلعي ورايا ومتخافيش، مش هتقربلك.
نظرت له لثوانٍ ثم هتفت بتوجس:
بجد؟!

هز رأسه بتأكيد، صعدت خلفه مباشره، غافله عن قلبه الذي يتراقص بسبب قربها بهذا الشكل، أما هي فكانت تترقب لحظه هجوم القطة، وبالفعل اندفعت القطة نحوهما بخوف تريد تخطيهما بسرعة وهي تصرخ بفزع وتقفز كالمجنونة في كل الاتجاهات تناثرت حقائب الخضروات حولهما وهي مازالت على تلك الحالة، لم يجد معاذ طريقه لإيقافها سوى أن يمسكها بقوة من كتفيها:
أهدى يا رهف، عدت والله.
وقفت مذعورة تنظر حولها يمينًا ويسارًا برعب:.

بجد والله الحمد لله!.
لم ترَ بعد نتيجة ما فعلته، وجدته يكتم ضحكته بصعوبة فقالت بضيق:
أنت بتضحك عليا، عيب على فكره المفروض تراعي شعوري.
أشار على نفسه وعينيه تشعان براءة:
أنا..؟!
زمت شفتيها بطفولة وهي ترمقه بعتاب:
آه أنت.
لا طبعًا أنا مراعي شعورك، بس أمك اللي مش هتراعي شعورك أبدًا.

رمقته بعدم فهم، فجاءت إجابته عن طريق تحويل بصره أسفلهما، أخفضت بصرها وجدت جميع ما حملته بعناء طوال الطريق يتناثر حولهما بفوضوية، اتسعت عيناها بصدمة وهتفت:
يانهار أبيض، الطماطم، الخيار، لاااا الفلفل.
هتف هو مهدئًا إياها:
اهدي هنلمهم..

هبطا معًا يجمعان بسرعة الخضروات، أحيانًا تتقابل نظراتهما فتبعد بصرها بخجل، وأحيانًا تتلامس أيديهما بعفوية فيبعدها هو احترامًا لها، ، وفي ظل انشغال كل منهما بكبت مشاعره لم يستطع معاذ منع فمه من تذوق كلمه وحشتيني لها، ضغطت بيدها فوق حبه الطماطم وهي تستمع لها وكأنها سمفونيه كلاسيكيه تثير الشغف بداخلها، توردت وجنتاها بخجل فتركت كل الأشياء وفرت هاربة نحو شقتهم ناداها هو بصوت منخفض:.

رهف استني الحاجة يابنتي.
ردت عليه وهي تصعد الدرج بارتباك:
مش عاوزاهم..
رفع بصره نحوها هاتفًا بضحك:
يا مجنونة، استني.
لم تنتظر المجنونة أكثر من ذلك حتى لا تنصهر أمامه خجلًا فيفتضح أمرها، كانت بداية حبهما بلحظات عفوية بسيطه تركت أثر جميل في نفوسهما وذكرى طيبه بذهنهما..
عادت من شرودها على يده الممدوده أمامها بالمشروب، رفعت وجهها وعلي محياها ابتسامه بلهاء..

لو كنت أعرف إن حمص الشام يضحك أوي كده، كنت جبته من زمان!
حمحمت بحرج، نظرت حولها باستغراب تبحث عن بسمة لم تجدها، فأشار معاذ إليها:
هناك أهي بتتكلم في التليفون..
رده كان يحمل برود ظاهري ولكن بداخله يشكر أخته على تلك الفرص التي تعطيها له، جلس على مقربه منها متعمدًا ترك مسافة بينهما، ساد الصمت بينهما واشتبكت مشاعرهما في نضال تعمدت فيه الهرب كعادتها منه..
فاجئها عندما التفت بوجهه يخبرها:.

كتير بتمني امشي أنا وأنتي على النيل وتكوني وقتها حلالي وأقدر امسك إيدك واحكيلك على كل اللي جوايا...
اختنق صوتها وهي تقول:
مينفعش.
سألها بنبرة قوية لا تحمل الفرار:
ليه؟!، ليه مينفعش، رفضاني أنا، ولا الجواز عمومًا..
وضعت الكوب بجانبها ثم نهضت تجيبه بضعف:
أنت، أنت استحالة اتجوزك، ولو كنت آخر راجل في الدنيا، ابعد عن طريقي يا معاذ، ومتخلينيش أبعد من حياتك كلها..

منعت نفسها من البكاء وخطت خطواتها بعيدًا عنه تهرب من نظراته التي تحاول امساكها وكأنها جلاد يجلد قسوتها معه، يكفي ما تشعر به، يكفي حرقتها من عذاب حبه، يكفي حربها مع الذات، وحدها كفيله بإشعال حريق يلتهم قلبها المسكين بلا رحمه، أما هو فحديثها أوقد جمرات من اللهب بداخله، وتصارعت أنفاسه وكأنه سيخوض حربًا للتو إما يخرج منها منتصرًا ويفوز بمن حارب لأجلها، أو منهزمًا عليه الاختيار، واختياره وحده سيحدد مصيره معها فيما بعد!

26-01-2022 11:35 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [3]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية العوض
نوفيلا العوض للكاتبة زينب محمد الفصل الرابع

وقفت أمام المرآة تخلع حجابها برفق، ثم أزالت تلك اللاصقة بهدوء رغم وجعها الناتج عنها إلا أنه أمام ما تشعر به الآن ضئيل جِدًّا، التقطت المرهم الطبي ودلكته برفق فوق بشرتها، أما عقلها ذهب بعيدًا لفارسها الذي حتمًا أصابته الصدمة من حديثها اليوم، تساءلت تُرى ما يشعر به، هل سيكف عن ملاحقتها، هل سيكتفى بمحاولته ويتركها كما طلبت، غريبة الأنثى تطلب شيئًا وتتمنى أخر، آه مكتومة خرجت منها ببطيء وهي تقذف المرهم بعيدًا عنها، ترتمي بجسدها فوق الفراش تنظر لسقف غرفتها بتفكير، ولكن قطع شرودها دخول والدتها حامله طبق الفاكهة..

رهف جبتلك عنب.
اعتدلت رهف ثم جلست باستقامة، تحدثت بنبرة مجهدة:
شبعانة يا ماما شكرًا.
ضيقت والدتها عينيها بتركيز قائلة بشك:
لا بقي كده فيه حاجة، أنتي فوق على العشا مكلتيش، وساكتة هو في حاجة، معاذ زعلك!
توترت رهف بداخلها فقالت مسرعة:
لا بالعكس، بس بشرتي بتوجعني أوي من اللازقه فتلاقيني مش مركزه بحاجة..
زمت والدتها شفتيها بضيق لتهرُّب ابنتها الدائم منها:.

لا أنا حاسة أنك مخبيه حاجة، هاسيبك براحتك ومش هاضغط عليكي، ولما تكوني جاهزة تتكلمي تعالي وقوليلي.
خرجت والدتها من الغرفة دون أن تتفوه رهف بأي حديث، تبخرت الجرأة لديها، لم يكن لديها القدرة للبوح عما يطوف بصدرها، ولأول مرة تحتفظ بشيء بداخلها دون أن تخبر به أحد لا صديقه ولا حتى والدتها، فقط نفسها!

وكيف لها أن تخبرهم بما حدث لها فيتضاعف شعورها بألم قاسٍ بسبب نظرات الشفقة منهم، لا والله يكفي هذا ولتشفق هي نفسها على حالتها، رجعت بظهرها تستند على الوسادة وهي تمنع نفسها من الخوض في تلك الذكرى التي قسمت قلبها وبعثرت القوة والحب لديها، ذكرى سوداء أظلمت حياتها، جعلتها بلا روح!، هاجمتها بقوة كحال كل ليله ترقد وحدها بفراشها تحاول الخلود للنوم، تهاجم بلا رحمه وتتجسد أمامها وكأنها حصلت البارحة لا مر عليها ثمانية أشهر...

تمايلت بسمة بفستانها الوردي أمامها
وهي تقول بحيرة:
ها كده حلو ولا لا!
وضعت رهف فراشه فضية اللون بجانب طرف حجابها الأبيض، ثم تراجعت للخلف تنظر من بعيد بتركيز شديد:
آه كده حلو آوي، اتظبط جِدًا.
همست بمزاح وصوت خافت:
يعني هجيب العريس وأنا جايه من الخطوبة!
انفجرت الفتيات بضحك لتقول رهف بتحذير: بس يابنتي لمامتك تسمعك وتمنعك أنك تروحي
ارتدت بسمة حذائها الأبيض ذو الكعب العالي قائلة:.

لا بالله عليكي تمنع إيه، أنا ما صدقت لما معاذ وافق كنت هرقص من الفرحة!
تساءلت رهف بلهفه غير مدركه لنفسها:
هو معاذ جه اجازة!
رمقتها بسمة بمكر لتقول:
لا مجاش، بس إيه ده إيه اللهفة اللي في صوتك دي!
أنهت حديثها بغمزه من طرف عينيها، نهضت رهف بتوتر وخجل مما أوقعت نفسها به، انشغلت بترتيب الثياب ثم قالت بصوتٍ خافت:
لهفه إيه يابنتي، أنا بس بطمن عليه، يالا روحي لمامتك خليها تشوف الفستان كده..

هزت بسمة رأسها بتفهم قائلة وهي تتحرك للخارج:
آه قولتيلي، هروح واجيلك بسرعة.

وفور خروجها اندفعت رهف بتوبيخ نفسها عما ورطت نفسها به، جف حلقها خوفًا أن تكون كشفتها بسمة واتضحت مشاعرها للعلن، بحثت عن المياه لتخفيف حده جفاف حلقها ولكن لم تجده، ألقت الثياب على الأريكة واتجهت للخارج تبحث عن بسمة حتى تجلب لها المياه، تعجبت من حاجتها للماء بتلك الطريقة، وكأن قلبها من يريده وليس حلقها، فمجرد ذكر اسم معاذ أمامها يجعلها كالراكض لمسافات طويله في صحراء جدباء، اتجهت صوب المطبخ فاستمعت بدون قصد...

الفستان حلو، بس هيبقى أحلى لو جبتيلي صوره كذا بنت حلوة من الخطوبة علشان اخوكي..
قضمت بسمة التفاحة بهدوء وتساءلت بغباء: ماله أخويا!
لكزتها والدتها بغيظ لتقول:
أنتي هبله يابت، هيكون ماله مش كبر والمفروض يتجوز هتيلي أنتي بقي كام عروسه كده حلوة..
هزت رأسها بتفهم وصمتت، راودتها فكره فقالتها على الفور:
طب ما أنا عندي العروسة يا ماما وزي القمر وعارفينها على إيه، ومتربية كويس آوي.

اتسعت ابتسامه والدتها قائلة بحماس:
مين يا بسمة قولي بسرعة..
اجابتها بسمة في حماس مماثل:
رهف.
خابت آمال والدتها فقالت بصدمة:
رهف!، لا.
لا ليه يا ماما، ما هي زي القمر وجميلة ومتعلمة وفيها كل الصفات الحلوة.
استغفرت سامية من ربها لتقول:
سامحني ياربي، هي حلوة آه وأنا بحبها آوي، وبعتبرها زيك كده وبتمني تتجوز، بس متمنهاش لابني، رهف لا يا بسمة، سيبك منها خالص، أكيد ليها نصيبها بعيد عن ابني.

وضعت يدها فوق فمها تمنع شهقاتها من الخروج للعلن، فيسمعوها وتتبعثر كرامتها أكثر من ذلك، اندفعت للمرحاض تختبئ به، انهيارها من حديثهما كان بمثابة الضعف، قسوة حروفه ذبحت صدرها، جفاء كلماته كانت كالخنجر تطعن قلبها بلا رأفه، ما يزيد أوجعاها هو ذلك الحب الذي تخبئه بقلبها له، لو كان لشخص آخر حتمًا ستجد مبررًا لتهدأ نفسها، ولكن هنا الوضع مختلف ومؤلم وموجع لأقصى حد، حبست أنفاسها فبدت كغريق في بحر من المشاعر القاسية، ضربت بيدها فوق الحائط عده مرات وهي تكتم شهقاتها بصعوبة، وحتى لو استطاعت كتمها هناك من يصرخ بقوة بداخلها، متسائلًا لما العالم قاسٍ عليها لهذا الحد، لما الحياة تحاول تدميرها بكل الطرق فتجعلها فتات لبتلات الزهور لا ترى!

استفاقت من شرودها بحزن وبداخل عقلها يتردد كلمات والدته، صحيح أنها لم تغير معاملتها معها فالسيدة لا ذنب لها في النهاية، هي كانت تعلم أنها ما حدث لها لا يتقبله كل البشر، ولكن في النهاية الأمر موجع، والجميل بها أنها لم تنهِ صداقتها ببسمة بالعكس تمسكت بها، الكنز الحقيقي لا تجده في المال أو الجاه ولكن تجده في أعماق مشاعرنا في صداقة قوية تنجو معها من تقلبات الحياة الخادعة!

عادت من شرودها بعيون مليئة بالدموع، وحدها من تستطيع تفسير ما تشعر به، لذا فضلت الصمت ودفن تلك الذكرى بداخلها، تتذكر جيدًا وقتها حينما قررت ألا تتمادي بمشاعرها باتجاه معاذ، بلهاء وكأن الحب له جهاز تحكم، نوقفه متى نريد ونزيد منه وقتما نشاء، أدركت فيما بعد أن الانتحار أسهل من الانغماس في دروب الهوى!

سيجاره خلف الأخرى والمجروح يشرد بذهنه لمن قست بكلماتها نحوه، لم ينتبه أو بمعنى أصح لم يلتفت لعدد السجائر الملقاة بإهمال فوق الطاولة، غرق في بحر من المشاعر الغاضبة والحانقة عليها، تساءل لما نصيبه وقع عليها هي!، لما لا يستطيع إجبار قلبه بالتوقف عن النبض لها، هل الحب ضعف؟!، لم يجد إجابه بداخله ترضيه وترضي كبريائه الذي وقع صريعًا لعشقها، نهض بصعوبة ثم قبض على سور الشرفة بقوة حتى ابيضت مفاصله وكأنه يضغط فوق جروحه حتى تضمد ويستطيع هو إكمال مسيرته في قصتهم، انتبه على صوت والدته سامية وهي تقول:.

أمال إيه كل السجاير دي يا معاذ، أنت اتجننت.
ود لو يعترف لها صارخًا أن ولدها صار كالمجنون في حب فتاه لا تبالي له أو ترفأ حتى بقلبه المسكين، خرج صوته مجهدًا:
عادي زهقان!
فتحت فمها غير مدركه لما يقوله فقالت باعتراض:
نعم، هو اللي زهقان اليومين دول يشرب سجاير بالكمية دي!
استكملت حديثها لتقول بسخرية:
أنا أعرف اللي زهقان يروح يخرج مع صحابه، يتفرج على فيلم، يعمل..
هتف مقاطعًا إياها بنبرة شبه غاضبة:.

أمي بالله عليكي ما فيا حيل للمناهدة، هو يوم هنقضيه بالطول والعرض وخلاص وارجع شغلي.
شعرت بأنه يمر بشيء قوي ليجعله غاضبا لهذا الحد، فقررت أن تخرجه من ضيقه وغضبه بتغير مجرى الحديث، ويا ليتها لم تقرر!
طب اقعد، اقعد، معايا على تليفوني صور بنات قمر، شوفهم كده.

حتما سيصاب بجلطة من حديث والدته الغير المبالية بحالته، وقف ينظر لها مذهولًا لما تقوله، بينما هي أكملت حديثها بحماس أكثر: اختار بقي وأنا اخطبلك يمكن تملى الفراغ اللي في حياتك ده!
ردد خلفها متعجبًا:
فراغ!
هزت رأسها بقوة تؤكد حديثها لتقول:
آه فراغ، اسألني أنا، أنا أعرف أكتر منك، لما يدخل في حياتك واحدة...
أشار إليها حتى تصمت فهو قد سئم من ذلك الحديث:.

بس يا أمي الله يرضى عنك أنا ولا عاوز اخطب ولا عاوز أملى الفراغ اللي في حياتي، أنا فرحان بيه ومبسوط آوي كمان..
رسم ابتسامه واسعة على محياه ليقول وهو يشير علي فمه:
حتى شوفي.
ضربت كف فوق الآخر وهي تنظر له باستغراب لما يفعله وخاصةً عندما خرج من الشرفة بغضب شديد ينافي تلك البسمة التي رسمها فوق ثغره منذ قليل...

مر الليل عليهم وكأنه دهر من الزمن، كلٌ منهم منتظر ظهور الشمس لتنير حياتهم بعد ظلمه الليل وقسوته، نهضت رهف بكسل شديد وهي تحاول أن تجذب كل الطاقة الإيجابية من حولها لتستكمل باقي يومها! ، ارتدت ثيابها، ثم أكملت هندمه نفسها بتلك العين الصناعية واللاصقة الطبية فوقها وقبل أن ترتدي حجابها استمعت لصوت والدتها الغاضب، خرجت بسرعة من غرفتها بقلق بحثت عنها وجدتها تجلس وتتحدث في الهاتف..

يا أستاذ شوكت أنا مصره أكمل في الإجراءات، هو فاكرها سايبه، بقي هي دي آخره المعروف.
استمعت لحديث الآخر بتركيز، ثم صاحت لتقول برفض قاطع:
لا والله أبدًا ما يحصل، ولا هيكون في قاعدات عرفية، ليه إن شاء الله، دي أرضنا وأوراقها الرسمية معانا وأنا بقي هسجنه ويا أنا يا هو.

تجهم وجهها عندما أدركت سر غضب والدتها، الحياة لم تهدأ قط من ألقائها بمصائب أشد من قبلها، أرضها الزراعية التي تركتها لرجل كان يحسن والدها له، تركتها ولم تهتم بها، من أحسنت إليه أمس، اليوم يسيئ لها بأقصى درجات الحقد والطمع، حينما زور بأوراقها وحولها من أرض زراعية لأرض ما تسمى بعرفهم كردون مباني تذكرت ذلك الرجل الطيب الذي أرسل لهما مرسال يخبرهما بما يفعله ذلك الرجل الخبيث، استفاقت على حديث والدتها لها..

أعمل إيه يا رهف، الحيوان بيقول لشوكت المحامي نقعد ونتراضى بقرشين، وان حبال المحاكم طويله..
جلست رهف بجانبها تقول بحنق:
يا ماما شوكت ده محامي على قده، ومعجبنيش ولا عجبني بروده، وبيتلكع، وحاسة أنه له يد في الموضوع، لو تسبيني أتصرف أنا..
صاحت والدتها بتوجس قائلة:
لا أنتي لا يا رهف ابعدي عن الموضوع ده كله، أنا مش ناقصه يحصلك حاجة.
ابتسمت باستهزاء:.

يا ماما هتصدقي كلمتين خايبن منه، عمره ما يقدر يعملي حاجة والله.
انفجرت والدتها باكية تندب حظها:
ياربي اعمل إيه بس، أنا تعبت وزهقت، كل حاجة فوق دماغنا كده ليه، أنا بفكر أقول لمعاذ.
هتفت بسرعة لتقول برفض:
لا معاذ لا..
حدقت فيها والدتها باستغراب وردت قاطبة الجبين:
معاذ لا ليه بقي!
نظرت لها ثوانٍ، ثم اجابتها بتوتر:
يعني أقصد هو مهما كان غريب علينا وبلاش نضايقه بمشاكلنا، أكيد مش ناقصنا.

رمقتها والدتها بقوة، فارتبكت رهف أكثر من نظرات والدتها، وما هي إلا دقائق وظهر طرقات شديدة فوق الباب انفزعوا لها...

خطت رهف خطوات واسعة نحو الباب وما إن فتحت حتى دفعها رجلان ذو بنيه ضخمة للخلف ويشرون لها بعصا حديدية وعيناهما لا تبشر بالخير أبدًا، التقطتها والدتها بخوف وهي تنظر لهما بريبه، وقبل أن تتحدث وجدت من تبغضه وتبغض اللحظة التي استسلمت لقلبها وطيبتها الزائدة وهي تضع أرضهما بين يده، تاركه له حق التصرف كيفما يشأ، رجل أربعيني أسمر الوجه ملامحه غليظه يرتدى جلباب أبيض واسع، عيناه تشع خبثًا..

إيه ده يا رؤوف أنت جاي تتهجم عليا في بيتي!
كان صوت والدتها يظهر في المكان غير مصدقه لما يفعله ذلك الرجل..
ابتسم رؤوف باستخفاف قائلًا:
إيه رأيك في المفاجأة دي واقولك الكبيرة كمان مش تهديد بس لا هيكون كمان في قرصه ودن معتبره، أصل انا كنت حاسس انك هاترفضي عرضي وقاعد مستني تحت بيتك مستني مكالمه البيه المحامي، ايه رأيك فيا لما بخطط مش اعجبك يا ام رهف..

حاولت رهف التخلص من قبضه والدتها وهي تقول بصياح غاضبه:
أنت اتجننت وربنا لأسجنك، خد الغجر اللي معاك دول واطلع بره بيتنا...
ضرب أحد الرجال بعصاه المرآة الموضوعة بجانب الباب فتناثرت إلى قطع صغيرة أرضًا مصطحبه صراخهما العالي، أوقفه رؤوف الذي تحدث بسخرية:
مبقاش إلا العورة تهددني..

آه من إنسان تجرد قلبه من الرحمة، وخلع لسانه ثياب العفة، مجرد كلمه تفوه بها ولم يدرك معناها، خرجت من فمه ليصيب قلبها في مقتل، ليس قلبها وحدها ولكن قلب والدتها أيضًا...

زمت سامية شفتيها بضيق وهي تقول بتفكير:
اقطع دراعي إن ما حد عامله عمل، علشان حاله الواقف ده.
شرقت بسمة من كثرة الضحك لتقول بصوت متقطع:
عمل، وحاله واقف، أما أنتي عليكي جمل تفطس من الضحك، هو حد يعرفنا أساسًا.
جزت سامية فوق أسنانها بغيظ ثم قالت:
بت أنتي بطلي بقي أنتي جايه تجلطيني..
ارتشفت بسمة الماء ثم قالت بعدها بهدوء:
ما أنا قولتلك رهف أهي قدامك وقمر وأنتي اللي بتقولي لا.
هتفت سامية والدتها بإصرار:.

آه رهف لا طبعًا..
رمقتها بسمة بعتاب، فاستغفرت والدتها لتقول:
والله ما أقصد حاجة، سامحني يارب، يخربيتك هتشيلني ذنوب يابت...
صمتت لبرهة ثم استكملت حديثها موضحة ما تكنه بداخلها:
والله أنا بحبها آوي آوي كمان، بس مش عاوزه اخوكي يرجع يلموني ويقولي بصي اختياركوا، لا وكمان عمتك واللي هتقوله،.

رايحه تخطبي لابنك واحدة عينها شايلها وكلام مالوش لازمه، أنا مش عاوزه أغصب علي اخوكي ولا يتجوزها شفقة يا بسمة، جواز الشفقة عمره ما بيكمل ولا بيدوم.

كادت أن تخبرها بسمة بما يكنه معاذ باتجاه رهف ولكن تلك الصرخات التي وصلت لهما جعلتهما ينتفضان كمن لدغهما عقرب اتجها صوب باب الشقة، وبعد دقيقة تبين أن الصراخ مصدره شقه رهف، اندفعت بسمة بأقصى سرعتها اتجاه غرفه أخيها توقظه بعجالة وقلبها ينتفض خوفًا على صديقتها، بينما نزلت والدتها لهما بسرعة...
هزته بسمة بقوة وهي تهتف بخوف: معاذ، معاذ اصحى الحق رهف.

التقطت أذنه اسمها بوضوح فهب جالسًا فوق فراشه يسألها بقلق:
مالها في إيه...
ابتلعت بسمة ريقها لتقول بصعوبة:
تحت بيصوتوا الحقهم...
أبعدها عن طريقه بسرعة واتجه لشقتهما في الطابق الذي يقبع أسفلهم مباشرةً، وعندما وصل وجد والدته تتشاجر مع أحد الرجال هي وحارس البناية، وجميلته صغيرته تبكي بانيهار بسبب قبضه أحد الرجال فوق مرفقها...

اندفع بكل قوته نحوهم، ثم سدد له ضربه قوية في وجهه هاتفًا بعنف وعيناه تحمل عاصفة عاتية من الغضب:
سيبها يا ابن.
ترنح الرجل للخلف فحاول الآخر أن يسدد له ضربه بعصاه ولكن انتبه معاذ له فجذبها منه بمهارة عاليه وبأقصى قوته ضربها فوق رأسه، اندفعت الدماء من رأسه صارخًا بألم..
بينما التصق رؤوف بإحدى الزوايا يتابع بتوجس ما يفعله معاذ، مستغربًا من هو!
فر الرجلان هربًا من أمام معاذ عندما أخبرهما في وسط صراخه:.

أنا هاسجنكوا جايين تتهجموا على بيت ظابط يا كلاب...
وبقي رؤوف وحده حاول الهرب ولكن أخبرته منال بعجالة:
امسكه يا معاذ، هو السبب.
قبض معاذ عليه من الخلف وأرجعه مرة أخرى مكانه هاتفًا بتساؤل قوي:
عمل إيه الكلب ده.
هز رؤوف رأسه بهستيريا قائلًا بتلعثم:
معملتش، معملتش ياباشا...
هتفت منال بحرقه وقهر:.

لا عمل، الكلب خان العيش والملح، عض الايد اللي اتمدله في وقت مكنش يحتكم على مليم، أرض رهف سيبنهاله يزرعها ويسترزق منها زور امضتها وحولها كردون مباني وعاوز يبيعها لواحد وأنا ده كله نايمة على وداني، لولا واحد هو اللي قالي على مصايبه ولما روحتله وكلمته بالمعروف يهددني يكب على رهف مياه نار ودلوقتي جاي ويتهجم عليااا.

ضغط معاذ بيده أكثر فوق عنق رؤوف يخنقه بغضب عندما ذكرت والدتها تهديده لها بأذية صغيرته وحبيبته، لمحها بطرف عينيه تحتضن والدتها بقوة تبكي فوق صدرها غير باليه لما يحدث من حولها، رغم رفضها الدائم له، إلا أنه لم يتخلَّ قط عنها ولن يكف عن حمايتها حتى لو أصرت على رأيها، سيكون وفي لحبه ولها حتى لآخر نفس لديه!، الحب له صور كثيره والمؤمن فقط به يدرك معانيها..
اقترب من رؤوف وهتف بأذنيه بنبرة تحمل الوعيد:.

وربي وما أعبد لاطلع عينك واوديك ورا الشمس يا كلب، أنت فاكر نفسك في غابة مفيش قانون في البلد هيلمك لا ده انا عندي اللي يخفوك من على وش الدنياااا، أنا معاذ الشرقاوي اسأل عليا واعرف إزاي ممكن أأذي اللي يفكر في أذية اللي يخصني بس..
حرك رؤوف رأسه بهيستريا نافيًا حديثه:
لا، يا باشا والله أبدًا مش هأذيهم.
قاطعه معاذ بعيون تشع بالشر:.

متقدرش، ولا دماغك تقدر تفكر في أذيتهم أصلاً، شكلك محتاج تجرب علشان خيالك مش مصورلك اللي أنا بقوله.
لا والله أنا يا باشا خلاص، غلطه طايشه..
تابع معاذ تهديده غير عابئ بما يتفوه به الاخير:
آه طايشه بالظبط، مشوفش وشك بقي ناحيتهم أو ناحية الأرض، لو فكرت بس تيجي جنبها أنا هاعرف وهاجيبك لو من تحت الأرض.
هتف رؤوف بخوف:
والله أبدًا ولا هاجي ناحيتها، أنا آسف يا أم رهف..

قال حديثه الأخير وهو يحاول أن يلتفت بوجهه نحوهم ولكن يد معاذ منعته قائلًا: متكلمهش الكلام معايا أنا، ويالا ذق عجل ومع السلامة وياريت مشوفش وشك تاني علشان مخلهوش يساوي الأرض وأوريك اللي عمرك ما شوفته...
خفف معاذ قبضته قليلًا عنه فاندفع رؤوف يركض كالمجنون الذي فك وثائقه حالاً وفر هاربًا حامدًا ربه أنه خرج سليم من تحت قبضه ذلك الرجل..
وفور خروجه ربتت سامية فوق كتف ابنها بفخر:.

ربنا يحميك لشبابك يا حبيبي أيوه كده، الحمد لله إنك كنت موجود.
تركت منال ابنتها لتقترب منه تمسك يده بامتنان قائلة:
ربنا يخليك لينا يا معاذ جميلك ده هشيله فوق دماغي العمر كله.
طبع قبله أعلى جبينها هاتفًا:
متقوليش كده أنتي زي أمي..
صمت لبرهة ثم هتف بنبرة غامضة:
ورهف زي أختي!

رفعت رأسها ترمقه بوجع، يكفي ما تشعر به الآن، لم تكن في أي استعداد لتسمع كلمه زائدة تزيد من أوجاعها، اندفعت صوب غرفتها تنهار ببكاء علي ما تفعله بها الحياة، أحيانًا تكون بشعة غير منصفه، تخرجها من دوامات صعبة وتوقعها في الأشد، وهي تحارب وتحارب فقط، انهارت قواها وشجاعتها ولم يعد لديها المزيد لتقدمه، نفذ مخزونها من الصبر، فتحولت من زهرة جميلة إلى أخرى ذابلة تقذفها الرياح بين عواصفها العاتيه!..



المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
رواية صغيرتي الحمقاء زهرة الصبار
39 7304 زهرة الصبار
رواية انتقام ثم عشق زهرة الصبار
38 4313 زهرة الصبار
رواية حبيب الروح زهرة الصبار
39 3355 زهرة الصبار
رواية لا ترحلي زهرة الصبار
36 3231 عبد القادر خليل
رواية أحببت فاطمة زهرة الصبار
74 3785 زهرة الصبار

الكلمات الدلالية
رواية ، العوض ،


 





# فنون # مشاهير # صحة # منوعات # الأطفال # English # تفسير الأحلام ثقافة # قصص # سيارات Cars # صور # تقنيات # الاجهزة الالكترونية # المطبخ # كلام فى الحب # أبراج # رياضة # ازياء # حكم وأقوال تطوير الذات# خلفيات # صور بنات # مشاهير # ديكور # صباح الخير # مكتوب برقيات شهر رمضان # جمعة مباركة # حب رومانسية # عيد # ادعية # خلفيات كرتون # منوعات # موضة # الأم # أطفال # حيوانات # صور ورد # اكلات # New Year # مساء الخير # اللهم صلي علي النبي # القران الكريم # صور نكت # عيد ميلاد # اعلام # سيارات # تهنئة الخطوبة # حروف واسماء # الغاز # صور حزينة # فساتين # هدايا # خلفيات النادي الاهلي # تسريحات شعر # الاصدقاء # بوستات نجحت # خلفيات نادي الزمالك # حب رومانسية # تهنئه # ازياء # صور بنات # صوره وكلمه خلفيات # كرتون # بروفايل رمزيات # دينية # سيارات # مضحكة # أعلام # مسابقات # حيوانات # ديكور # أطفال # أكلات # حزينة صور شباب أولاد ر# صور # الطب و الصحة # مقالات عامه # CV المشاهير # وصفات الطبخ # العناية بالبشرة غرائب وعجائب # قصص روايات مواعظ # صور حيوانات # وصفات الحلويات # الرجيم والرشاقة # نكت مضحكة # صور خلفيات # العناية بالشعر # شروحات و تقنيات # videos # Apps & Games Free # موضة أناقة أزياء # سيارات # ديكور # رعاية الأطفال # نصائح المطبخ # موبايل جوال # الفوركس # التعليم والمدارس # الحمل و الولادة # اخبار الرياضه # وظائف # صحة المرأة # حوادث # صور بنات # صور اطفال # مكياج و تجميل # عناوين بنوك شركات محلات مطاعم # العاب الغاز # عيد # كلمات الاغانى # اشغال فنيه واعمال يدويه # مصر # أشعار خواطر # للنساء فقط # للرجال فقط # صور شباب # علاج النحافه # رسائل SMS # أكلات نباتية - Vegetarian food # برامج الكمبيوتر # المراهقة # جمعة مباركة # blogger # رعب # لعنة العشق # حب # اسلامية # قاسي ولكن أحبني # أحفاد أشرار الحرب لأجلك سلام # أسمى معاني الغرام # حقيقية # لقد كنت لعبة في يده # ملهمة # أباطرة العشق # عربية # حب خاطئ # لست مميزاً # من الجاني # مشاهير # راقصة الحانة # اغتصاب طفلة # عاشقان يجمعهم القدر # الطريق الصعب # خيال علمي # أشواك الحب # تاريخ # سجينة ثوب الرجال # لروحك عطر لا ينسى # أطفال # عشق وانتقام # لازلت أتنفسك # لقاؤنا صدفة # للحب معان أخرى # خاتم سليمان # ممن أنتقم # نجاح # أبواب وهمية # حلمى فى صفيحة قمامة # فيلم # مجنون بحبك # بين شباكها # حزينه # رحلات جوليفر # عذاب قسوته # عندما ينادي الشيطان # لعنة حبك # مريم وامير # هدوء في قلب العاصفة # الحاسة السادسة # المشعوذة الصغيرة # عباقرة # لوعة العشق # حروب # قدر بالإجبار # بنات مضحكه# فوركس Forex# صحتك # الصور والخلفيات # الطبخ والحلويات # منوعات # اخبار الفن # القصص و الروايات الألعاب الرياضية # الحياة الزوجية # أزياء وملابس # الأم و الطفل # دراسات لغات # افكار منزلية # انترنت تكنولوجيا # صفات الابراج # حيوانات ونباتات # تفسير الاحلام # معانى الاسماء # خواطر و اشعار # الكون والفضاء اجمل نكته# Mix # Forex # youtube # foods # Kids # Health education # stories # News # kitchen # woman # Famous # Sport # Animals

-------

الساعة الآن 07:42 مساء