لا يدري أي شعور ذاك الذي يهاجم جوارحه بقوة كأنه عدو لدود يقتحم دواخله.. رغم انه يتحاشى لقاءها منذ ذلك اليوم !!
الان يشعر ان هذان اليومان دهــر كامل...!
فاحتضنها وهو يغمض عينـاه بقوة بين ذراعيه العريضان يضماها له وهو يهمس برقـة :
-ماينفعش تخافي وأنتِ فـ حضني!!
وبالفعل بدأت تستكين وهي تحتضنه خصره بطفولية مستمتعة بشعورها بالأمـان بين تلك الضلوع...
ولكن إنتفضت فجأة مبتعدة على صوت زوجته الصارخ بغضب اعمى :
-أنتِ يا حيوانة ابعدي عنه كدة، أنتِ نسيتي نفسك ولا ايه!!!
لا تعلم من أين اتتها الشجاعة لتجيب بتحدي :
-ده جوزي.
عندها جن جنون "تسنيم" وهي تدرك أن تلك الفتاة لم تكن بريئة لدرجة الترحيب بالأهانـة !!...
فكادت تنطق ولكن جاسم قاطعها عندما زفـر بقوة قائلًا لـــ "كارمن" :
-اسكتي خالص، وادخلي اعمليلي كوباية قهوة وهاتيها على مكتبي
ثم غادر هكذا وببساطة !!!
لتشعر "كارمن" بعلقم الاهانة يستقر في حلقها خاصةً وتلك تناظرها بأنتصار رافعة احدى حاجبيها وهي تغمغم بازدراء :
-ده مستواكِ الطبيعي، مجرد خدامة!!
ثم إنصرفت كـزوجها بعدما خدشت تلك الروح البريئة...!
وبالفعل إتجهت كارمن للمطبخ تحتجز تلك الدموع وبصعوبة في عيناهـا..
إنتهت ثم أخذتها وسط نظرات الخدم المتفحصة لها ولذلك الروب الطويل ذو النصف كم الذي لا يسترها سواه...
وصلت امام مكتبه مترددة لتفتح الباب وتدلف بهدوء...
وما إن رآها حتى تفجر كل غضبه كالشظايا القاسية في وجهها :
-أنتِ ازاي تدخلي من غير ما تخبطي الباب؟؟ هي وكالة من غير بواب!! اتفضلي اطلعي بره وخبطي على الباب
وعندما وجدها متصنمـة مكانهـا تشدق بسخرية قاسية :
-ولا هتقوليلي جوزي كمان؟؟
ثم عادت نبرته للجدية الحادة وهو يستأنف :
-افهميها كويس، أنتِ مش مراتي أنتِ واحدة بستخدمهـا عشان أخلف وبس. يعني وقتك معايا ينتهي اول ما يحصل حمل!!!
وبشيء من الغضب الذي يناقض كل كلامه القاسي أردف :
-وبعدين أنتِ ازاي تخرجي بالروب بتاع القميص كدة بس؟؟ ازااااي وأنتِ عارفة إن في خدم رجالة
هـزت رأسها نافية ببرود تحاول استجماع هيئتها :
-دي حاجة ماتخصكش أنت مش جوزي عشان ابررلك !!!
شهقت بعنف عندما دفعها نحو الحائط بجسده ليسقط كوب القهوة ارضًا فيحيط جسدها بين ذراعيه عند الحائط... وبحركة مفاجئة أمسك برقبتها وكأنه سيخنقها ثم همس امام شفتيها :
-لأ تخصني، كل حاجة فيكِ تخصني!! وارجع تاني افكرك إنك زي أي حاجة اشتريتها بفلوسي وبقت بتاعتي انا !!!
بدأت دموعها تهبط... لاول مرة منذ أن رأته تبكي معلنة استسلامها وسط تلك المشاحنات !!...
فصول نوفيلا
تعويذة غرام
نوفيلا
تعويذة غرام للكاتبة رحمة سيد الفصل الأول
انتهى عقد قرآنها، لم تكن تتخيل أن زواجها سيكون وكأنه عزاء لاحدى الشخصيات الهامة!..
لا يحضره سوى زوجها المصون وزوجته الاولى ووالدته..
وكم تهكمت داخلها وبقوة من ذلك المظهر!
إنتبهت لوالدته التي تخبرها بحزم حاد:
-اطلعي الاوضه اللي على الشمال استني عشان انا عايزة ابني ف كلمتين!
ابتلعت تلك المرارة بحلقها، هل تجرؤ على الاعتراض!
هي مجرد ابنة دار ايتام ، عروس ماريونت يحركوها بخيط أموالهم..!
ألم تستلم هي بعض الاموال لذلك الزواج؟!
فلتتذكر اذًا، على أي حال كانت ستتعرض للأغتصاب كصديقتها الراحلة بالتأكيد!
ولم لا، فهي فقيرة، يتيمة ووحيدة من سيدافع عنها إن تعرضت للاغتصاب كصديقتها المسكينة!..
صديقتها التي كانت كالذبيحة، سلبوها عزتها، شرفها، ثم روحها!
وكم من آآهٍ خرجت من شرنقة روحها تتناغم من طنين الذكريات الموجع..!
ف لمَ لا تستغل ما سيُهدر على أيدي مُغتصب اذًا؟!..
دلفت الى الغرفة تتفحصها بعيناها، غرفة كبيرة واسعة تنم عن الغناء الفاحش لتلك العائلة!..
عضت على شفتاها بقوة وهي تتذكر دار الايتام الذي كانت تعيش به، أجتاحتها رعشة عميقة، قوية حتى كاد جدار تماسكها يتساقط!..
او تتساقط هي كزهرة في فصل الشتاء، زهرة ذبلت من قسوة وبرودة الطقس، الطقس الذي جعلها وكأنها لم تكن متجاهلًا حقها في تلك الحياة!
بينما في الاسفل كان يجلس هو جاسم الشربيني المُلقب بالفهد في عالم البيزنيس..
كان يضع رأسه بين يداه وهو يستمع لكلمات زوجته التي كانت كالموشح لا يسمع سوى رنينه فيعبر بين ثنايا روحه التي اصبحت كالزجاج الشفاف، ثم يغادر وكأنه لم يكن!..
جاسم أنت لازم تعرفها حجمها ماتخليهاش تتغر عشان احنا محتاجينها. عاملها زيها زي اي شغاله، هتخلف العيل ده ومش هنشوف وشها تاني
ووالدته تكمل مؤيدة لها.
اسمعني يا جاسم، بنت زيها متربية ف دار ايتام وملهاش حد، لما تشوف العز ده ممكن تطمع وتطلب فلوس اكتر. ف انت لازم تظهرلها الوش الخشب عشان تعرف حدودها من اولها
عندها تأفف بضجر وهو ينظر لهما مغمغمًا بجدية:
-مش أنتم اللي اختارتوها واحدة فقيرة ملهاش حد ومتربية ف دار ايتام؟
سارعت زوجته ترد مبررة:
-ايوة عشان لما ناخد الطفل مايطلعش حد يقول احنا عايزين ابننا!
عندها شرد فيما مضى...
فلاش باك###
كان يجلس مع زوجته تسنيم في غرفتهم، مصدومًا، مرتبكًا وحائرًا يتخبط بين طرقات أفكاره المتوسعة كالشريد ليس له دال!..
بينما هي تقول بهدوء شارحة وجهة نظرها:
-جاسم افهمني انت لازم تتجوز، تيم أبنك محتاج انك تتجوز وتجيبله طفل يقدر يساعده ف علاجه زي ما الدكتور قال..
كان يغمض عيناه بقوة وهو يتذكر طفله الذي يعشقه...
الطفل المُصاب بالتوحد وهو لا يتخطى الثلاث سنوات، فيحتاج لرفيق لرحلته الطويلة عله يساعده في الخروج عن شروده القاتل!..
بينما هي تكمل بيأس:
-وانا للاسف مش هعرف احمل تاني، زي ما قولتلك لما روحت للدكتور قالي في خطر بنسبة 90% على حياتي وحياة الجنين!
تنهد جاسم بقوة يطرد أفكار شيطانية تتلاعب بخيوط عقله فتدعوه للموافقة دون تفكير!..
ليردف بصوت أجش:.
-أنهي بنت هترضى تتجوز فترة مؤقتة وتخلف لا وكمان تسيب ابنها وتمشي؟!
حلقت ابتسامتها بسرعة على ثغرها عندما شعرت ببداية موافقته فاستطردت تحاول إقناعه:
-احنا هنشوف البنات اللي بيخرجوا من دار الايتام اول ما يتموا ال18 سنه، هتكون فقيرة ولوحدها يعني محتاجة الفلوس جدا عشان تعيش زي الناس بدل الشحططه، وابنها اكيد هتخلف غيره كتير!
لاحت في ذاكرته بسمة طفله التي تظهر نادرًا وكأنها تُنير بظهورها ظلمة حالكة فعندما تغيب تظهر جهنم الحمراء المعذبة!..
فهمس عندها بصوت مرهق:
-ماشي يا تسنيم، شوفوا البنت بس انا اللي هشوفها الاول!
صفقت مسرعة بابتسامة واسعة وهي تحتضنته مرددة بشغف:
-ربنا يخليك لينا يا حبيبي.
نتبسم ونفرح، نشعر بالانتصار يغزو خلايانا لمجرد انتصار على مسرح الحياة، بينما ذاك الانتصار لم يكن الا بداية هزيمة...!
باك###.
نهض فجأة ينظر لوجوههم المترقبة، هو يحترق من فكرة انه يتزوج لفترة مؤقتة، من فتاة لا اصل لها، فتاة اخرى غير زوجته التي اعتاد عليها اكثر من 6 سنوات!
نعم لم يُبنى زواجهم على العشق والهيام، ولكن اضطراب حياته بهذا الشكل بالاضافة لبرود زوجته التي لم تكن وكأنها تعطي زوجها لاخرى، يقهره حرفيًا!
خالت منه نظرة حانقة يتيمة خصها بزوجته وهو يخبرها بجمود:.
-انا اتجوزت زي ما انتوا عايزين، بس ياريت محدش يرجع يشتكي!
ثم غادر بهدوء جامد يليق ب جاسم الشربيني...
بينما بدأت تسنيم تفرك يداها بتوتر وهي تهمس:
-انا خايفة، البنت مش احلى مني صح؟
ردت عليها والدته بابتسامة كاذبة:
-لا مش احلى
وكم كانت كاذبة بتلك الكلمة، فالفتاة كانت فاتنة!
وكأن الفتنة اختارتها عنوانًا لتُعبر عنها...! ولكنها كانت المناسبة الوحيدة!..
دلف جاسم الى الغرفة فجأة دون ان يُطرق الباب..
فانتفضت هي بفزع وهي تنتبه له، راقبته بعينيها التي تحمل خليط عجيب من الازرق والاخضر، كان يتفحصها بدقة وهو يقترب منها بهدوء بينما هي تعود للخلف بخوف...
لترتسم ابتسامة ساخرة على ثغره وهو يقول مشيرًا لقميص النوم الذي ترتديه:
-واضح إنك متحمسة جدًا
قبضت على ذلك القميص بقبضتها البيضاء الصغيرة، هي ليست متحمسة اطلاقًا لمَ سيحدث...
بل هي متحمسة للنهاية، متحمسة لذلك اليوم الذي ستخرح فيه من ذلك اليوم بلا عودة!..
إلتصقت بالحائط عندما لاحظت اقترابه يزداد منها، وانقبض قلبها بعنف وهي تشعر بأنفاسه الساخنة تحط على عنقها الابيض كاللهب الذي يُشعل النيران فيه، رفع يده يملس على وجهها الابيض برقة مدققًا في الملامح الملائكية التي تمتلكها...
وفجأة كادت تسقط وهي تشعر بشفتاه على عنقها يلثمها بعمق كاد يفقدها توازنها، ثم سؤاله الهادئ تمامًا:.
-اسمك ايه؟
اجابت من بين تنفسها المضطرب:
-ك، كارمن!
شعرت بقبلاته المحمومة على عنقها تزداد، بينما يداه تحاول إزاحة ملابسها عنها، عندها خال بذاكرتها مشهد إغتصاب صديقتها الوحيدة..
فدفعته بعيدًا عنها بقوة متمتمة:
-ابعد عني!
صك على أسنانه بعنف حتى اصدرت صوتًا مخيفًا، ليجذبها من ذراعها بقوة حتى اصطدمت به فزمجر بغضب:.
-بقولك ايه بلاش تمثيل، ده شغلك اللي انتِ واخدة فلوس عليه! زيك زي اي بنت مهمتها كام ساعة في السرير وخلاص
اغمضت عيناها بقوة، فظلت تهز رأسها نافية بشدة:
-لا، انا مش عايزة فلوس انا همشي
عندها إنفجر كل جنونه، ضغط اعصابه بسبب مرض طفله الذي يتزايد، وهدوء زوجته، كل غضبه فجره بها عندما جذبها من خصلاتها بعنف يصرخ:
-احنا مش بنلعب يا روح امك، أنتِ هتجيبي طفل ليا وغوري ف ستين داهية.
تأوهت متألمة من قبضته على خصلاتها، فجذبها من خصلاتها بعنف متجهًا نحو الفراش وهو يغمغم بحقد:
-مش هيخش عليا التمثيل ده، اللي ترضى تبيع نفسها وتبيع ابنها ماعتقدش تكون متوترة زي اي بنت ف اول ليلة ليها!
تعالت صرخاتها من ألم رأسها، فرفعها أمامه ببطء بينما هي مغمضة العينان تبكي وهي تحاول تذكرة نفسها...
تسلمه نفسها بأرادتها افضل من أن تُغتصب من اي رجل يطمع بجسدها، ولن يكون زوجها حينها!
عندها فتحت عيناها لتطل زرقة عيناها اللامعة بالدموع، فيمسح هو دمعتها بطرف اصبعه هامسًا:
-ماتطلعيش الشيطان اللي جوايا! انا اصلًا بقرب منك بالعافيه واول ما يحصل حمل مش عايز اشوف وشك حتى
همست هي بالمقابل بهدوء:
-أيوة!
حينها شهقت وهي تسمع صوت تمزق قميصها الخفيف، لتغمض عيناها مستسلمة تذكر نفسها أنه ساعات بسيطة وسيتركها حتمًا!
بعد يومان...
بدأت كارمن تفتح عيناها الصغيرة ببطء، لتجد نفسها ليست في الغرفة التي خُصصت لها!
بل مُلقاه في احد الجوانب المنغلقة على أرضية المطبخ اسفلها فرشة صغيرة، لا تتذكر من الذي جلبها لهنا؟!
وهنا لعنت نومها الثقيل الذي يجعلها كالمخدرة لا تشعر بما يحدث...
تأففت وكادت تنهض ولكن فجأة سمعت شخص يحاول فتح باب المطبخ فأغلقت عيناها بسرعة...
وبعد دقيقتان تقريبًا شعرت بمن يضع يده على قدمها البيضاء الظاهرة يتحسسها بطريقة جعلت جسدها يهتز بقشعريرة مريرة، ثم ازدادت تلك اللمسات خطورة وجرأة لتفتح هي عيناها بسرعة صارخة و...
تااابع اسفل