أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في منتدى جنتنا، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .

المنتدى للقرائه فقط -- للمشاركه انتقل الى منتديات جنتنا الجديده -forums.janatna.com





رواية توأم الروح

اغروقت عينا فرح بالدموع، أدركت الآن لماذا يعاملها بدر بتلك الطريقة الجافة، كانت تظن أنه يعاملها هكذا لأنهما مازالا متزوج ..



14-03-2022 08:15 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [10]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية توأم الروح
رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل الحادي عشر

احتضنت فريدة جاد فى لهفة وهى تقول بسعادة:
حمد الله ع السلامة ياجاد، وحشتنى ياابنى، كدة ياجاد تقعد كل المدة دى متشوفش مامتك وأخوك، هنا عليك للدرجة دى؟
خرج جاد من محيط ذراعيها قائلا بعيون تترقرق بالدموع:
غصب عنى ياماما، والله بعدى ما كان بايدى، كنت محتاج ألملم نفسى بعد اللى حصلى، بس أول ما احتجتولى جيتلكم جرى.
قالت فريدة بعتاب:
يعنى لو مكناش احتاجنالك مكنتش رجعت تشوف أهلك ياجاد؟

دلف بدر الى المنزل على سؤالها ذلك ليبتسم قائلا فى مرح:
بقولك ايه يافيرى، خفى ع الواد ومتبقيش دراما كوين كدة، ووسعى حبة عشان آخد اخويا فى حضنى.
ليحتضن جاد قائلا:
وحشتنى ياجاد.
ضمه جاد مبتسما ليخرج من محيط ذراعيه وهو يقول:
متبقاش بكاش، لو وحشتك كنت ركبت الطيارة وجيت عشان تشوفنى، (باريس)مش بعيدة يااخويا.
مرر بدر يده فى شعره بخجل قائلا:.

والله ياجاد انشغلت، موضوع الميراث والجوازة اللى اتدبست فيها دى، بس حقك علية ياأخويا.
قال جاد بهدوء:
جوازة ايه اللى اتدبست فيها يابدر؟أمال لو مكنتش بنت عمك وزى ماما ما قالتلى جمال وتربية وأخلاق.
نظر بدر الى والدته باستنكار لتنظر اليه فريدة تتحداه أن ينكر ليشيح بنظره عنها قائلا:
تربية وأخلاق ماشى، لكن جمالها محشى ياأخويا، زايد وزنها كتير ده غير لبسها ولا الصمت الرهيب اللى معيشانى فيه، حاجة تنقط.

نظر جاد الى عمق عينيه قائلا:
كل دى حاجات كان فى ايدك تتغير، حبة بحبة، البنت بتحبك وكانت مستعدة تعمل أى حاجة عشانك، بس انت اللى استسهلت ومحاولتش حتى، وعشتلى دور الضحية اللى اتغصبت عليه جوازة مكنتش فى حساباته، وبعدتها عنك عشان متقربش منك ولا ايه يابدر؟
أشاح بدر بنظراته، يدرك فى قرارة نفسه أن أخوه محقا فى كل كلمة قالها ليستطرد جاد قائلا:.

متخليش قصة قديمة زى سارة تأثر عليك وتبعدك عن حد حقيقى بيحبك ومتمسك بيك، مش كل الستات زى بعضها.
قال بدر بحدة:
قول لنفسك ياجاد، ما انت كمان...
قاطعته فريدة قائلة بغضب:
بدر، انت اتجننت؟
نظر جاد الى والدته قائلا:
سيبيه ياماما، سيبيه يكمل.
أطرق بدر برأسه فى خجل فاستطرد جاد قائلا:.

متقارنش نفسك أبدا بية، أنا ضحيت بكل حاجة عشانها، كانت كل حياتى، دنيتى، وهى باعتنى وبالرخيص أوى، لعلمك انا كمان بحاول أفكر نفسى ان مش كل الستات زى بعضها، بحاول أفتح قلبى من جديد، بس لسة ملقتش اللى تخلينى أعمل كدة عشانها.
ليشير الى قلبه فى مرارة:.

ده غير ان قلبى ده مش راضى ينسى، كل ما ادور جواه ألاقيها، فى عقلى وفى كيانى، لسة بتجرى جوة دمى، للأسف لا قادر أغفر لها ولا قادر أنساها، حاولت كتير، والله حاولت كتير أكرهها ومقدرتش بس هفضل احاول وأحاول لآخر يوم فى عمرى.
ترقرقت الدموع فى عينى فريدة بينما اقترب بدر من جاد وربت على كتفه فى ندم قائلا:
أنا آسف ياجاد، سامحنى يااخويا.
ضمه جاد قائلا:.

متتأسفش يابدر، أنا عارف ان احنا الاتنين مجروحين، ارادة ربنا نشرب من نفس الكاس ونجرب طعم الغدر، يبيعونا اللى بنحبهم عشان الفلوس بس انت جاتلك فرصة تانية يمكن تعوضك عن كل اللى فاتك فمتفرطش فيها يااخويا، وإلا هتندم بس بعد فوات الأوان.
قالت فريدة:
لأ والمصيبة انه عارف انها غير كل البنات اللى عرفهم ووحشاه ياجاد بس بيكابر.
خرح بدر من حضن اخيه ليقول فى مزاح موجها حديثه الى فريدة:.

مش بقولك دراما كوين، لأ وكمان بتنجمى.
خبطه جاد على رأسه بخفة قائلا:
اتلم يابدر، مامتك دى مفيش منها اتنين.
ابتسمت فريدة فى حنان وهى تقترب من جاد تضمه قائلة:
حبيبى ياجاد ربنا يخليك لية.
ابتسم بدر قائلا:
آه ياعم الله يسهلوا، مبقالكش ساعتين فى مصر وخدت منى الجو خلاص.
مدت فريدة يدها بابتسامة الى بدر قائلة:
تعالى ياحبيبى.

ليندفع بدر الى حضنها لتضم فريدة جاد من جهة وبدر من جهة وهى تغمض عينيها تشعر لأول مرة منذ زمن طويل بالراحة.

كانت امانى تتقلب فى فراشها لا تستطيع النوم فغدا يوما تتوقف عليه العديد من الأشياء، فحفلة الغد هى نقطة تحول فى حياة فرح فاما ان يكون هناك أمل فى علاقتها ببدر او يندثر ذلك الأمل ربما للأبد.

كانت تخشى ذلك الاحتمال ففرح قد تنهار اذا لم ينتبه اليها بدر او اذا لم يعيرها اى اهتمام بعد ذلك التغيير الذى اصبحت عليه، سمعت طرقات خفيفة على الباب، عقدت حاجبيها ترهف السمع لتتكرر تلك الطرقات، لتبتسم أمانى وهى تدرك أن فرح بدورها لم تستطع النوم، لتقول بمرح:
تعالى يافروحة أنا صاحية.
ما ان انتهت من كلماتها حتى فتحت فرح الباب وأطلت منه قائلة فى خجل:
مش عارفة أنام ياأمانى، ممكن أنام جنبك النهاردة؟

أشارت لها امانى بالدخول باابتسامة لتدخل فرح وتصعد الى السرير بجوارها وتتدثر بالغطاء قائلة:
طب انا مش عارفة انام عشان بكرة هقابل بدر، انتى مش عارفة تنامى ليه؟
قالت امانى:
هتصدقينى لو قلتلك انى مش عارفة انام لنفس السبب؟
نظرت اليها فرح بحيرة، لتستطرد أمانى قائلة:
بكرة زى ما هو يوم مهم بالنسبة لك هو مهم بالنسبة لى أنا كمان، انتى بقيتى اخت تانية لية وأكيد مصيرك يهمنى.

ضمتها فرح عل الفور لتضمها أمانى وظلا هكذا للحظات لتخرج فرح من حضنها قائلة:
بقولك ايه ما دام كدة كدة مش عارفين ننام، احكيلى شوية عن بيجاد واللى بترفضى عشانه واحد جان زى مستر جمال.
ابتسمت أمانى قائلة:
جمال تانى يافرح؟هو جمال يتقارن أساسا ببيجاد الله يرحمه.
لتشرد قائلة:.

بيجاد ده كان حالة لوحده، كان راجل كدة يخطف القلب من أول لحظة، مشفتش قبله ولا هشوف بعده، عشت معاه شهور سعادة تكفينى عمر بحاله، كان زى النسمة الحلوة، قلتلك مكنش جوزى وبس، كان كل حاجة بالنسبة لى، صورته وذكرياتى معاه هم كل حياتى دلوقتى، ودعوتى ليل نهار يجمعنى معاه ربنا فى جنته.
تنهدت فرح قائلة:
بعد عمر طويل باذن الله.
ثم نظرت اليها قائلة بتردد:
هو انا ممكن اسألك سؤال؟
أومأت أمانى برأسها لتستطرد فرح قائلة:.

هو انتوا ليه مخلفتوش و بيجاد مات ازاى؟
قالت أمانى فى حزن:.

ظروف بيجاد مكنش ينفع معاها نجيب ولاد فأجلناها، أما مات ازاى بقى، فكل اللى أعرفه انه مات فى حادثة، كنت اليوم ده بستناه زى عادتى عشان نتغدى مع بعض، اتأخر وتليفونه كان مقفول، كلمت الشركة قالولى مجاش النهاردة، قلقت طبعا، ده كان نازل الصبح رايح الشركة، ايه اللى مخلاهوش يروح؟ساعتها من القلق قلت مبدهاش، هنزل أدور عليه بنفسى، لقيت عزيز فى وشى جايبلى صورته وهو غرقان فى دمه وبيقوللى انه مات فى حادثة...

صمتت للحظة تمسح دموعها التى سقطت على وجنتيها للذكرى، لتربت فرح على يدها قائلة فى حزن:
أنا آسفة انى فكرتك، ياريتنى ما سألتك.
قالت أمانى:
وأنا من امتى نسيت يافرح؟انا علطول فاكراه، ده غير ان احساسى انه اتدفن وانا معرفش اتدفن فين بيقتلنى من جوة.
عقدت فرح حاجبيها قائلة:
يعنى ايه؟
زفرت أمانى قائلة:.

لما سمعت خبر موته دخلت فى غيبوبة اسبوع وفقت لقيتنى فى بيت بابا، لما سألت عن قبره قالولى منعرفش وان أهله أخدوه البلد يدفنوه، طب بلده دى فين؟برده ميعرفوش، جريت زى المجنونة ع الشركة قالولى بردو ميعرفوش بلده دى فين وانهم اول مرة يعرفوا انه مش من اسكندرية أساسا، دورت على عزيز عشان أسأله قالولى سافر وميعرفوش سافر فين.
صمتت أمانى تأخذ نفسا عميقا ثم استطردت:.

رجعت لبيت بابا وأنا يائسة، حالتى النفسية اتدهورت، اكتأبت واعتزلت الناس، ولولا وجود أميرة كنت عملت فى نفسى حاجة، لغاية ما لقيت بابا جايبلى عريس وهيجوزهولى بالغصب، بيتجاهل رفضى وكأنى معنديش مشاعر، ساعتها هربت وجيت على اسكندرية واشتريت البيت ده بورثى من ماما، المكان هنا شاهد على أول مرة شفته فيها، وبعد كدة كان شاهد على قصة حبنا، كان مكانا الخاص يافرح.
تنهدت فرح قائلة:.

قصتك قطعت قلبى بس حبك واخلاصك لبيجاد شئ نادر الوجود ياأمانى، كنت خلاص قربت أيأس وأقول مفيش فى الدنيا حب حقيقى.
ابتسمت امانى قائلة:
انتى كمان بتحبى بدر زى ما انا بحب بيجاد وبكرة باذن الله هتكتبوا اول فصل فى قصة حبكم بس النهاية المرة دى هتكون نهاية سعيدة باذن الله
قالت فرح فى قلق:
والله ياأمانى مقلقة وخايفة اوى، تفتكرى هلفت انتباهه، ولا هيتعامل معايا ببرود زى عوايده؟

قالت أمانى وهى تربت على يدها مطمئنة اياها:
انتى مش بس هتلفتى انتباهه، انتى هتزهليه، هتجننيه، هتلخبطيه، انتى مش بس اللوك بتاعك اتغير، لأ، انتى كلك على بعضك متغيرة، وبقى عندك ثقة اكبر بنفسك، أهم حاجة زى ما فهمتك انك متكونيش بالنسبة له سهلة، لازم يتعذب علشان يطولك، تبقى قريبة منه زى الهوا اللى بيتنفسه بس بعيدة عنه بعد السما، اللى بييجى سهل بيروح سهل يافرح، اوعى تنسى.
ابتسمت فرح قائلة:.

مش هنسى ياأمانى، والله ما هنسى.
قالت أمانى بمرح:
طب كفاية كلام بقى ويلا عشان ننام، بكرة يوم طويل، ومش عايزين هالات سودا حوالين العينين الحلوة دى، احنا عايزينك تبهريه مش تخضيه.
كشرت فرح بمرح قائلة:
أخضه مين ياماما؟ده انا لو طبقت حتى، بردو هبهره.
ابتسمت أمانى قائلة:
بالظبط كدة، ده اللى عايزاه منك، ثقة كاملة بالنفس بس اوعى توصل حد الغرور، عشان اى راجل بيحبها واثقة فى نفسها بس ما بيطيقهاش مغرورة.

رفعت فرح يدها الى جبهتها وهى تؤدى التحية العسكرية قائلة فى مرح:
تمام يافندم، علم وينفذ.
ابتسمت امانى وهى تعتدل فى فراشها وتطفئ نور الأباجورة لينالا قسطا من الراحة، تقلبا لثوان ثم غرقا فى سبات عميق.

كان عاصم يجلس فى حجرته يرفع الكأس الى شفتيه ليرتشف منه رشفة ثم يعيده الى مكانه بهدوء، نهض لينظر الى وجهه بالمرآه قائلا:
جه اليوم اللى انكسرت فيه ياعاصم، بناتك كسروك، واحدة هربت قبل ما تجوزها لشريكك اللى فض شراكته معاك بعدها وده أثر عليك وعلى شغلك والتانية هربت بردو وهتضيع شقا السنين، العيب فيك ولا فى مين ياعاصم؟ليه بناتك مش طالعينلك، ليه طالعين لأمهم وبس.
ليحتل الغضب ملامحه وهو يقول:.

بالظبط زى أمهم، هبل وسذج، وفاكرين الدنيا كلها حب فى حب، كمان خاينين زيها، الظاهر ان شكك انهم مش من دمك هيطلع فى محله ياعاصم، انتى ليه لغاية دلوقتى معملتش تحليل ال DNA؟، خايف تتأكد وتقتلهم وتبقى لوحدك؟

هتفرق فى ايه؟، عموما هم خانوك زيها واكيد نهايتهم الموت بردو زيها بس بعد ما اخليهم ينفذولى اللى انا عايزه، وأرجع عاصم، عاصم السلحدار اللى اسمه بس بيهز السوق هز، ساعتها مش هرحم حد، كل واحد وقف فى طريقى أو كسرنى او ذلنى وخانى هجيبه تحت رجلى وأخليه يتمنى الرحمة وبردو مش هرحمه، مبقاش عاصم السلحدار ان ما خليتكم كلكم تندمو وهتشوفوا.

رمق وجهه فى المرآه لآخر مرة، قبل أن يتوجه الى مقعده ويجلس عليه يرتشف من كأسه مرة أخرى، ليرفعه مرة واحدة بوجه غاضب ويقذفه باتجاه المرآه لتنكسر محدثة دوى هائل
سمع خطوات مهرولة باتجاه حجرته ثم دخول دادة اعتدال وهى تنظر الى المرآة المحطمة بصدمة لتنظر الى عاصم قائلة بتوتر:
خير ياعاصم بيه...
قاطعها قائلا بغضب:
مش عايز أشوف حد، بررة يابهايم، اطلعوا برة.

خرجت دادة اعتدال من الحجرة بسرعة لتقف خارجها وهى تهز رأسها وتضرب كفا على كف قائلة:
عاصم بيه شكله اتجنن، لا حول ولا قوة الا بالله.

كانت فرح تقترب من بدر بهدوء، نظر اليها فى صدمة قائلا:
انتى جيتى يافرح؟
ابتسمت بحنان ولم تنطق حتى توقفت أمامه تماما، شعر بدقات قلبه تقفز بسرعة وهى تميل عليه وتمرر يدها على وجنته بنعومة أذابته قائلة وهى تنظر الى عمق عينيه:
وحشتنى.

نظر الى شفتيها الكرزيتين والتى تقترب من شفتيه، ثم اقترب منها بدوره ينوى الاستسلام ورفع رايته البيضاء، ليفتح بدر عينيه يشعر بدقات قلبه المتسارعة وأنفاسه اللاهثة، تأمل محيطه بسرعة يبحث عنها، ليجد نفسه نائما فى حجرته، أدرك فى إحباط أنه كان يحلم بها، زفر بقوة، وهو يمرر يده فى شعره، تساءل بضعف، الى متى سينكر مشاعره؟، لقد شغلت قلبه وانتهى الأمر، رغم مقاومته الدائمة لمشاعره تجاهها، وها هى بعد ان شغلت تفكيره منذ هروبها، أصبحت تشغل أحلامه، وتحرمه من النوم، تنهد فى قوة وداخله سؤال يتردد بقوة، ترى أين أنتى الآن يا فرح؟

14-03-2022 08:16 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [11]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية توأم الروح
رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل الثاني عشر

استيقظت أمانى ينتابها شعور غريب بأن هذا اليوم سيحمل لها تغييرا جذريا بحياتها، نظرت الى فرح النائمة كالملاك بجوارها، انقبض قلبها فجأة ففى هذا اليوم سيتحدد مصير تلك العاشقة ربما للأبد، أغمضت عينيها تدعوا ربها أن يميل قلب بدر لفرح على الفور ما ان يراها بهيئتها الجديدة، فتحت عينيها تنظر مجددا الى فرح، كم ستفتقدها وتفتقد كل ما حملته الى حياتها مؤخرا، مشاعر عديدة وابتسامة كانت قد افتقدتها وبشدة منذ وفاة زوجها، أعادت لها مشاعر الأخوة والتى افتقدتها ايضا منذ ان فارقت أميرة، والأهم من ذلك أنها شغلتها عن أفكارها و أحزانها التى لازمتها منذ افتراقها عن بيجاد.

نهضت من السرير بكسل فلم تحظى بنوم جيد، اتجهت الى النافذة لتفتحها وما ان فتحتها حتى تجمدت فى مكانها من الصدمة، فهناك، أمام البحر وقف رجلا يدير ظهره اليها ويتطلع الى البحر، يشبه الى حد كبير زوجها الراحل، نفس الهيئة ونفس لون الشعر، حتى وقفته، تماثل وقفة زوجها، تضرعت فى صمت أن يدير ذلك الرجل وجهه وينظر باتجاهها لتتأكد من ملامحه، ظلت ثوان ولم يتحرك قيد أنملة.

يقف جامدا كالتمثال وتقف بدورها جامدة تخشى أن تتحرك من مكانها، تتساءل عن هذا الرجل الذى يشبه زوجها فى الهيئة حد التماثل، أفاقت من أفكارها على صوت فرح تقول بنعاس:
واقفة عندك كدة ليه ياأمانى؟
التفتت اليها أمانى قائلة بلهفة:
واحد واقف مكان ما اتقابلت مع بيجاد يافرح، مديلى ضهره بس حاساه توأم بيجاد، نفس الطول والوقفة ولون الشعر، صحيح شعره اطول حبة بس هو شعره.
واستدارت تنظر اليه قائلة:
تحسيه...

صمتت وهى تجد مكانه فارغا لتقول بإحباط:
مش موجود.
كانت فرح قد نهضت وأصبحت بجوارها قائلة:
يعنى ايه تحسيه مش موجود؟
التفتت اليها أمانى قائلة بخيبة أمل:
مش عارفة، كان من ثوانى هنا ودلوقتى مش موجود.
ربتت فرح على كتفها فى حنان قائلة:
مش يمكن بيتهيألك ياأمانى؟
هزت أمانى رأسها بحزن قائلة:
يمكن فعلا عشان واحشنى، واحشنى اوى يافرح ويمكن عشان كدة بدأت أشوفه فى كل مكان.

قالت فرح بمرح تحاول أن تخرجها من دائرة حزنها والتى أحست بها تضمها داخلها:
فى كل مكان، قلتيلى، يكونش عفريته ياامانى؟
ضربتها أمانى على رأسها بخفة قائلة:
عفريته ايه بس؟، فرح، ممنوع تتفرجى على أفلام رعب تانى، مفهوم؟
رفعت فرح يدها تؤدى التحية العسكرية قائلة بابتسامة:
تمام يافندم.
نظرت اليها امانى قائلة بحنان:
هتوحشنى شقاوتك يافرح.
ترقرقت الدموع بعينى فرح قائلة:
شقاوتى بس.
ضمتها امانى قائلة:.

هتوحشنى كل حاجة فيكى يافرح، مبسوطة كدة؟
هزت فرح رأسها نفيا داخل حضن أمانى قائلة بصوت متهدج من الدموع:
لأ مش مبسوطة، تعالى اعمليلى وجبة وداع، عايزة آكل مكرونة بالبشاميل و بوفتيك وبطاطس شيبسى، والحلو جاتوه وهوت شوكليت.
خرجت أمانى من محيط ذراعى فرح قائلة باستنكار:
أنا بقول انك لسة أدامك بدرى على ما تظبطى وتنسى الأكل، ايه رأيك، تيجى منروحش الحفلة النهاردة؟
قالت فرح بسرعة:.

لا ياأمانى ابوس ايديكى، مش مهم وجبة الوداع اللى هتودينى فى داهية دى، خليها فراخ مشوية وسلطة وقمرى لله.
رفعت امانى حاجبيها لتزفر فرح قائلة:
خلاص خلاص مش مهم، انا عارفة انها فى الاخر هترسى ع ساندوتش من عيش الدايت اللى ملوش طعم ده و كوباية عصير فريش، صح؟
ابتسمت أمانى لتستطرد فرح وهى تجعد أنفها قائلة:
الواحدة معاكى مينفعش تحلم ياأمانى.
أمسكت امانى يدها وهى تسحبها خلفها نحو المطبخ قائلة:.

لأ احلمى ياشابة، بس مش كل الاحلام بتتحقق.

نزل ظافر بخطوات بطيئة يبحث بعينيه عن أميرة فلم يجدها، سمع بعض الأصوات بالمطبخ فاتجه اليها ليجدها هناك تعطيه ظهرها وتتمتم بكلمات خافتة وصلت الى مسامعه بصعوبة، كانت تقول بحيرة:
هو كان بيحط ايه؟، ايوة، هو كان بيحط المشروم والتوم والفراخ والفلفل وبعدين يحط البشاميل وبعدين المكرونة ولا المكرونة الأول؟
لتمد يدها وتفرك شعرها بحيرة قائلة:
والله ما فاكرة، ده ايه الحووسة دى بس ياربى؟

وجد نفسه يبتسم دون ارادة منه، لينفض تلك الابتسامة وهو يقول ببرود:
المكرونة الأول.
انتفضت أميرة وكادت توقع الطنجرة التى تمسكها من يدها ليسرع ظافر ويسندها لتتلامس ايديهما لثوان، انتفضت على اثرها قلوبهما، ليبعد ظافر يده وهو يأخذ الطنجرة من يدها ويضعها على الطاولة، قالت أميرة فى ارتباك:
احم، ايه اللى نزلك بس وانت عيان؟
احس باهتمامها ليرمقها ببرود وهو يقول:.

الحمد لله انى نزلت، كنتى هتولعى فى المطبخ بالشكل ده.
ثم القى نظرة على الطنجرة قائلا بسخرية:
وبعدين حد يقلب التوم والفراخ والمشروم من غير زبدة، والبشاميل اللى هتحطيه ده، هو صحيح جاهز بس بتدوبيه فى اللبن الأول، بس الشهادة لله عملتى حاجة صح وسلقتى المكرونة فى مية انا كنت فاكرك هتحطيها من الكيس علطول، لما تحبى تدخلى المطبخ يا آنسة، ابقى اختارى حاجة على أدك.
ترقرقت الدموع بعينيها وهى تقول:.

خلاص خلصت؟، أيوة انا مبعرفش أطبخ وانت الأستاذ فى الطبيخ، شيف بجد، بس انا مش ذنبى ان ماما ماتت وانا صغيرة وملقتش حد يعلمنى او يشجعنى اتعلم، أنا، انا لما اخترت الاكلة دى، اخترتها عشان حسيت انك بتحبها والدليل على كدة انك كنت بتعملها يوميا من يوم ما جيت، وكنت بشوفك وانت بتعملها، الظاهر كنت غلطانة بس شكرا على نصايح الطبخ اللى اديتهالى، اكيد مش هنساها، عن اذنك.

أحس ظافر بالذنب يأكل قلبه، بعد كل ما بذلته من جهد لتمريضه، بل انها حاولت ان تطهو وجبته المفضلة رغم جهلها بأمور الطبخ فلم تجنى منه سوى السخرية والتى احس بها قد ملأتها مرارة وحزنا، الى جانب وفاة والدتها وهى فى سن صغيرة، مثلما فقد والدته وافتقادها اياها كما ظهر جليا فى صوتها ليقول بنبرة آسفة:
أميرة، استنى.

توقفت اميرة بجمود اغمضت عينيها وهى تتساءل عن سر تسارع نبضات قلبها لنطقه اسمها مجردا على هذا النحو، اقترب منها فشعرت بخطواته المقتربة لتفتح عينيها وتحبس أنفاسها حتى توقف أمامها تماما وفى عينيه لمحت ندما وهو يقول:
انتى اكيد جعانة ومكلتيش حاجة من الصبح، يعنى، لو تسمحى أكمل أنا، ونتغدى مع بعض، على فكرة انا هحتاج مساعدتك لانى حاسس انى لسة تعبان، ها، ايه رأيك، هتساعدينى؟

نظرت الى عينيه تدرك ان كلماته تلك هى طريقته الوحيدة للاعتذار دون ان ينطق باللفظ، تشعر بالندم بين طيات تلك الكلمات وربما رغبة مستترة لتعليمها من خلال مساعدته فهو لا يبدو مريضا كما يدعى، لذا وجدت نفسها تبتسم رغما عنها وهى تقول:
هساعدك.

اومأ برأسه فى هدوء ليتجه نحو الموقد ينفض افكاره التى تمركزت كلها حول ابتسامتها والتى جعلت ملامحها جذابة للغاية، بل وخطرة ايضا على دقات قلبه، بينما نظرت اميرة فى إثره تحدث نفسها قائلة:
زى ما اتخيلتك تمام ياظافر، حنين وطيب وجواك حاجة حلوة، بس ياترى مين سوزان اللى غيرتك بالشكل ده، ياترى هعرف ولا هتفضل بالنسبة لى لغز مجهول؟

كانت فرح تدلف الى حجرة امانى قائلة بحيرة:
امانى امسك الشنطة دى ولا دى؟
لم تجيبها أمانى فأحست فرح انها لم تسمعها خاصة وهى تمسك هاتفها المحمول وتقرأ شيئا به بتركيز شديد، اقتربت منها فرح قائلة:
أمانى، مركزة فى ايه كدة؟
نظرت اليها امانى تدرك وجودها بالحجرة لأول مرة لتشير الى هاتفها قائلة:
فيه كاتبة اسمها شاهندة، منزلة خاطرة حسيتها بتتكلم عنى.
عقدت فرح حاجبيها قائلة:
فين دى، ورينى.

لتقرأ كلمات الخاطرة والتى تقول
《 زوجى حبيبى معشوقى الغالى..
لم أجد غيرك أسر له بمكنون حالى..
بالأمس اجتمعوا أحبتى يبغون سؤالى..
أمازلت مع طيفك ساهرة الليالى؟.
نعم أجبتهم فلا تظنون قلبى مذبذب..
فأنا أشعر بأنفاسه القريبة، برائحته المألوفة، تحتضن قلبى المعذب..
انه صديقى، رفيق عمرى، حبيبى المهذب..
لأدرك أن خلف سؤالهم وعد بحياة جديدة..
برجل آخر تجمعنى به أعواما عديدة..
يريدون أخذ عمرى وكل ذكرياتى السعيدة..

ويقولون مرحى، انها فكرة سديدة..
ألا يدركون أن قلبى أغلق على حبك أبوابه..
ألا يدركون أنك أول وآخر أحبابه..
وأن قلبى بعدك اعتزل الرجال وأعلن انسحابه..
واكتفى بطيفك بذكريات عشقك ملجأه وأصحابه..
حين يجتاحنى الشوق إليك تأتينى..
تضمنى تغمرنى بقوة وحنانك تسقينى..
تجتاحنى عشقا تسمعنى غزلا ألحانه تشجينى..
تحملنى ذكرياتك إلى عالمك تعوضنى غيابك وتكفينى..
واراك الثرى ولكنك فى القلب مازلت حيا..

أيريدون غيرك فى حياتى؟حقا أصابهم مسا قويا..
أبدا لن أسلم رايتى وأجعل قلبى شقيا..
فعلى الوعد أنا باقية حتى ألقاك فى جنة ربك رضيا، 》
ترقرقت الدموع بعيون فرح قائلة:
كأنك انتى اللى كاتباها.
تنهدت امانى قائلة:
فعلا.
لتمسح دموع عيونها الحبيسة بهما قبل أن تقول بمرح مصطنع:
النهاردة ممنوع الدموع، كنتى عايزة ايه بقى؟
قالت فرح وهى تمسح دموعها بدورها:
صحيح كنت هنسى، قوليلى، أمسك دى ولا دى؟

كانت تشير لها ان تختار ما بين حقيبتين احداهما فضية والاخرى زرقاء..
اشارت امانى الى الحقيبة الفضية قائلة:
دى هتليق أكتر.
أومأت أمانى برأسها موافقة ثم قالت بحيرة:
الا قوليلى ياامانى انا هاخد الحاجات اللى جيبناها معايا الحفلة؟
هزت امانى رأسها نفيا وهى تقول:
لا طبعا، لو بدر حس بغلطه وحب يرجعك هييجى لحد هنا وياخد حاجتك، مش عايزاكى تبانى مدلوقة عليه ياحاجة، مفهوم؟

هزت فرح رأسها وهى تخشى أن لا يشعر بدر بخطأه فى حقها، أن لا يرغب فى عودتها اليه، لتربت امانى على يدها قائلة:
اكيد هيحب يرجعك لحياته يا قلبى، انتى نعمة كبيرة اوى لو مخدش باله منها وحافظ عليها تبقى خسارة فيه.
ابتسمت فرح قائلة:
ربنا يخليكى لية ياامانى.
ابتسمت امانى قائلة:
ويخليكى لية يافرح، قومى بقى عشان نشوف ورانا ايه، الوقت بيجرى.
اومأت فرح برأسها وقلبها يدق مع مرور كل لحظة تقربها من رؤية زوجها.

قال بدر لجاد بحيرة:
ايه معنى كلامك ده؟
قال جاد بهدوء:
يعنى سمير صاحبى هيدور عليها بسرية تامة وبكرة بالكتير هيكون عارف مكانها.
قال بدر فى لهفة:
متأكد من الكلام ده؟
ابتسم جاد وهو يشعر بلهفة بدر ليقول:
سمير اشطر ظابط فى الداخلية وتحرى على مستوى عالى وعلى فكرة مشغول اوى بس هيدور عليها خدمة لية مش اكتر.
أومأ بدر برأسه قائلا:
تمام، أنا كدة اطمنت، ده...
قاطعه صوت فريدة وهى تقول باستنكار:.

انتوا لسة واقفين؟يلا ياأساتذة الضيوف على وصول، البسوا بسرعة.
التفتوا اليها سويا ليصفر بدر قائلا:
ايه الجمال ده يافيرى، انتى مبتكبريش أبدا؟
اقتربت منه فريدة تضربه بخفة على رأسه قائلة:
وعايزنى اكبر ليه ياواد انت، انا لسة فى عز شبابى ولا ايه ياجاد؟
ابتسم جاد قائلا:
طول عمرك قمر ياماما، ربنا يخليكى لينا.
ابتسمت بحنان قائلة:
ويخليكوا لية ياولادى
لتقول بصرامة:
يلا بقى على اوضكم البسوا، وبطلوا تضييع وقت.

قال بدر بمزاح:
يلا ياجاد، ماما قلبت.
ليسرعا الى حجراتهم فى مرح تتابعهم عينا فريدة التى ابتسمت قائلة:
ربنا يسعدكم ياولادى.

14-03-2022 08:16 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [12]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية توأم الروح
رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل الثالث عشر

كادت فرح أن تنزل من السيارة لتتوقف يدها على المقبض وتعتدل لتجلس مجددا وهى تنظر بوجل الى تلك الفيلا التى غادرتها مكسورة الفؤاد، نظرت اليها أمانى قائلة:
منزلتيش ليه يافرح؟
التفتت اليها فرح قائلة بقلق:
مش عارفة ياامانى خفت فجأة وكل مشاعر القلق رجعتلى.
قالت امانى فى قلق بدورها:
والله أنا كمان قلقانة يافرح من ساعة ما صابعى انجرح النهاردة ومعرفتش ألبس دبلتى، وانا قلبى فجأة انقبض مش عارفة ليه؟

نظرت اليها فرح قائلة:
متقلقيش ياأمانى، يمكن عشان اول مرة تقلعيها من يوم ما اتجوزتى، بس انتى زى ما تكونى لابساها بالظبط، مش شايلاها فى السلسلة بتاعتك؟
وضعت امانى يدها على صدرها لتتلمس الدبلة المستترة داخل ملابسها قائلة وهى تحاول أن تطمئن نفسها:
طبعا شايلاها، الدبلة دى لو فارقتنى هحس ان بيجاد هو اللى فارقنى، تعرفى، يوم ما لبسهالى قاللى.

《أنا مش بحط دبلتى فى ايدك ياأمانى، أنا بحط قلبى وحياتى كلها فى ايديكى، وطول ما انا شايفها فى ايدك هعرف انى انا لسة فى قلبك 》.
لتربت على الدبلة مجددا قائلة وقد بدأت الدموع تترقرق بعينيها:
هو مش بس لسة فى قلبى ده بيجرى فى دمى يافرح.
قالت فرح فى حنان وهى تربت على كتفها:
طول ما انا شايفة حبك لبيجاد واخلاصك ليه هيفضل عندى ايمان بان الحب لسة موجود فى الزمن ده ياامانى.
ربتت امانى على يد فرح قائلة:.

الحب الحقيقى هيفضل موجود، طول ما الدنيا موجودة يافرح.
لتعتدل قائلة:
المهم، بصى بقى، انا عايزة حبك يكون قوى، ولما ندخل الحفلة تفتكرى ان انتى مبقيتيش فرح اللى كان يعرفها بدر من شهر فات، صحيح لسة جواكى فرح الطيوبة المرحة ام دم خفيف بس كمان بقيتى فرح الجميلة أوى من برة، الواثقة فى نفسها واللى تقدر تخرج وتعبر عن كل حاجة حلوة جواها، اتفقنا؟

أومأت فرح برأسها وهى تبتسم لتشير اليها امانى باصبعها محذرة وهى تقول:
بس مش عايزاكى تضعفى مع أول كلمة حلوة هيقولهالك، وافتكرى دايما أنه قبل كدة كره ضعفك وقلة حيلتك فبينيله قوتك، بس فى نفس الوقت متزوديهاش عشان شخصية زى بدر هتكون عنيدة وممكن يغلب كبرياؤه على قلبه، تمام؟
ابتسمت فرح وهى ترفع يدها بالتحية العسكرية قائلة:
تمام يافندم.
ابتسمت أمانى قائلة:
طب أدامى يالمضة.

لتسبقها فرح بالنزول من السيارة وتنتظرها حتى أغلقتها ليدلفا سويا الى الحفل.

من أول لحظة دلوفهما الى الحفل لفتا الأنظار اليهما، لم يكن جمالهما وحده هو السبب فالحفل ملئ بالجميلات ولكنها كانت جاذبيتهم الساحرة وطلتهم الراقية هى من جعلت العيون تتعلق بهما وتتابع تقدمهما باتجاه تلك السيدة التى ما ان رأتهما حتى استقرت عيناها على فرح لتتسع عيناها فى صدمة لم تلبث أن تحولت الى سعادة غمرت ملامحها وهى تمسك يد فرح قائلة بلهفة:
فرح انتى هنا بجد؟أنا مش مصدقة عيونى، ايه الجمال ده كله؟

احتضنتها فرح قائلة:
وحشتينى ياماما.
قالت فريدة فى حنان:
انتى اكتر يابنتى.
لتخرج من محيط ذراعبها وهى تقول بعتاب:
كدة يافرح، كدة المدة اللى فاتت دى تختفى ومحدش يعرف عنك حاجة؟ده احنا قلبنا الدنيا عليكى، واطمنا شوية لما عرفنا ان انتى كويسة من الفلوس اللى صرفتيها انبارح.
تبادلت كل من فرح وأمانى النظرات لتعود فرح بنظراتها الى حماتها قائلة:.

انتى عارفة ياماما أنا مشيت ليه، زى ما انتى عارفة ان كان مستحيل أقعد بعد الكلام اللى سمعته، عموما ملوش لازمة الكلام فى اللى فات، احنا ولاد النهاردة
نظرت الى أمانى قائلة:
لما امانى قالتلى على حفلة النهاردة مكنتش هاجى الصراحة.
لتعود وتنظر اليها قائلة:
لولا حسيت أد ايه انتى واحشانى.
انتبهت فريدة لأول مرة الى تلك الفتاة التى تصاحب كنتها لتتأمل ملامحها الجميلة وابتسامتها الرقيقة وهى تقول باعتذار:.

أنا آسفة يابنتى، فرحتى برجوع فرح مخليتنيش اعرف أرحب بيكى.
اتسعت ابتسامة أمانى امام كلمات فريدة الطيبة لتقول:
ولا يهمك يامدام فريدة، انا اتشرفت بمعرفة حضرتك.
قالت فرح:
امانى بتشتغل فى العلاقات العامة فى شركة المنياوى ياماما.
ابتسمت فريدة قائلة:
نورتينا يابنتى.

لتلمع فى رأسها فكرة، ربما تساعد تلك الفتاة جاد فى تخطى محنته وتلك التجربة المريرة بحياته، فأمانى تبدو طيبة، رقيقة ومن عائلة، عاقلة وملائمة جدا لولدها، فقط لو خلقت فرصة لاجتماعهما فربما وفقط ربما يتخلى ولدها عن عزوفه الدائم عن الزواج مجددا، ليستقر حينها فى الاسكندرية بجوارها ويتخلى عن سفره الدائم الى فرنسا والذى يبدو كمهرب له من الذكريات، فقط لو.
التفتت الى فرح قائلة بلهفة:.

ايه رأيك يافروحة لو تخلى صاحبتك تيجى تقضى معانا يومين فى البلد، نسافر بكرة كلنا وأهو يبقى تغيير جو لطيف.
قالت فرح بابتسامة:
مش هينفع ياماما لانى مش جاية أقعد انا جاية اشوفك بس وامشى تانى.
اتسعت عينا فريدة فى صدمة لتقول بعدها بخيبة أمل:
طب ليه بس كدة يافرح؟ده احنا ماصدقنا انك رجعتى.
قالت فرح بنبرة رغما عنها ظهرت المرارة بها:.

انتوا مين ياماما؟قصدك انتى، عموما متقلقيش، كل ما هتوحشينى هاجى وأشوفك وهبقى اقولك على عنوان أمانى عشان تزورينا.
قالت أمانى باابتسامة:
تشرفينا يامدام فريدة.

نقلت فريدة نظراتها بينهما وكادت ان تعترض ولكن شيئا ما جعلها تصمت وهى تدرك ان الحل الوحيد لرجوع زوجة ابنها الى المنزل بات فى يد بدر، بينما أملها فى أن يرجع جاد لطبيعته بات فى يد أمانى وتدرك أيضا أن الأمل مازال قائما، فقط عليها توفير كل السبل لتحقيق أحلامها وستحصل على كل أحلامها آجلا كان أو عاجلا..

كان بدر يقف مع صديقه هادى حين وجده ينظر الى نقطة ما خلفه وهو يقول باعجاب:
بص ياابنى ع البنات دول، دول صواريخ والله.
قال بدر بملل:
انت مش هتبطل طريقة كلامك دى يا هادى، وبعدين ايه يعنى، ما الحفلة مليانة بنات حلوين.
قال هادى وعينيه مازالتا على تلك الفتاتين تتابعانهما:.

صحيح الحفلة مليانة بنات حلوين بس دول حاجة تانية، ضحكة البنت اللى لابسة ازرق دى تجنن يالهوى على الجمال، ولا اللى لابسة اسود ياربى ع الرقة، تحسهم بنات ناس بصحيح مش زى الأشكال اللى نعرفها.
ابتسم بدر قائلا:
قصدك الأشكال اللى انت تعرفها.
نظر اليه هادى فى استنكار قائلا:
لا ياشيخ، طب ونفين دى تبقى ايه ان شاء الله؟
هز بدر كتفيه بلا مبالاة قائلا:.

لزقة ومش راضية تسيبنى فى حالى وأظن انك ملاحظ انى منفضلها ومش عاطيها وش، خليهالك ياسيدى، اشبع بيها.
نظر هادى باتجاه الفتاتين مجددا وهو يقول:
لا يااخويا مش عايزها، هى عنيها عليك انت، انا عايز حاجة زى دول، ايه ده، استنى كدة، دول واقفين مع مامتك وبيتكلموا ويضحكوا كمان.

التفت بدر على كلمات صديقه ليرى ان كان يعرفهما بدوره ليرى فتاتين بالفعل تقفان مع والدته، احداهما تلبس فستانا أسود برقبة يضم جسدها برقة حتى ركبتيها وعليه جاكت أبيض ضيق حتى خصرها، تبدو جميلة وأنيقة للغاية، مهلا انه يعرفها، انها الفتاة التى تعمل بالعلاقات العامة بشركته ليبتسم بداخله وهو يدرك ضياع فرصة صديقه مع تلك الفتاة فهى سيدة متزوجة وجادة جدا، نظر الى الفتاة الأخرى لتلفت انتباهه على الفور وتبدو مألوفة الى حد ما ترتدى فستانا أزرقا دون أكتاف مطعم بالفصوص الفضية يصل حتى ركبتيها ليكشف عن ساقين جميلتين تنتهى بحذاء فضى أنيق يلائم تلك الحقيبة الفضية الصغيرة والتى تمسكها فى يدها برقة، ابتسم حين هزت برأسها تنفى شيئا ما ليهتز شعرها الجميل يمنة ويسارا، تتناثر خصلاته الحريرية، التفتت تخاطب صديقتها ليشعر بالصدمة تهز كيانه، فتلك الفتاة تشبه، لا لا، لا يمكن أن تكون هى، بل انها هى، زوجته الهاربة، ولكن مهلا، مالذى حدث لها، هل فقدت وزنا؟لقد تغيرت تماما، بل انها صارت أجمل بكثير مما كانت عليه بالسابق، ترى ما الذى غيرها بتلك الصورة، من بدلها الى تلك الفاتنة التى خلبت لبه؟تسارعت أنفاسه حين ابتسمت برقة لتظهر غمازتيها الجميلتين وطار عقله مع تلك اللمعة بعينيها، تساءل فى حيرة، اين كانت تلك اللمعة بعينيها حين كانت معه بل أين كانت تلك الأنثى الفاتنة حين كانت معه؟ أفاق على صوت هادى يقول بوله:.

يالهوى على دى غمازات، أنا رايحلها خلاااص.
جذبه بدر من ذراعه قائلا فى غضب:
رايح فين بس تعالى هنا واخرس خالص، انت عارف انت بتتكلم على مين؟
قال هادى فى دهشة من نبرات صديقه الغاضبة:
هكون بتكلم على مين يعنى؟
قال بدر هادرا:
على مراتى ياسى زفت، اخفى بقى من أدامى دلوقتى.
ثم تركه ليتجه الى والدته بخطوات سريعة غاضبة وسط دهشة هادى الذى عاد بنظراته الى فرح قائلا:.

المزة دى تبقى مراتك؟اومال كنت بتقولى فلاحة ومش طايقها، تلاقيك كنت خايف عليها من الحسد يااخويا، يلا بقى اصل الدنيا حظوظ وانت طلعت محظوظ ابن محظوظة ياسى بدر.

كانت فرح تتحدث مع فريدة حين تجمدت تماما وهى تستمع الى صوت بدر الغاضب وهو يقول:
والله عال ياست هانم، جاية الحفلة زى ما تكونى معملمتيش حاجة، ولا كأنك هربتى وخليتينا نلف البلد كلها عليكى، ياترى ممكن اعرف الهانم كانت فين وبتعمل ايه؟

ابتسمت امانى داخليا فرد فعله الغاضب يدل على ان فرح لفتت انتباهه وبقوة بينما اغمضت فرح عينيها بألم فلم تتوقع ردة فعله تلك ابدا، تتعجب من نبرة الغضب التى ملأت صوته، لقد كانت تتوقع منه لا مبالاة او اعجابا ولكن غضبا، هذا ما لم تتوقعه على الاطلاق، لتفتح عيونها على صوت فريدة وهى تقول:
اهدى بس يابدر وافهم الاول...
قاطعتها فرح قائلة بهدوء:
استنى انتى ياماما.

ثم التفتت اليه تطالعه بكل برود، لا تظهر ملامحها تلك المشاعر التى تجتاحها، فقلبها يشتعل شوقا اليه، الى ملامحه التى تعشقها، وكيانها كله يحثها على أن ترتمى بين ذراعيه تبثه شوقها اليه، ولكنها تماسكت، تتذكر تحذيرات أمانى لها، يجب أن لا يراها سهلة، يجب.
شعرت بملامحه تلين وهو يتأملها باعجاب دون أن يدرى لتزداد ثقة بنفسها وهى تقترب منه قائلة فى برود جليدى:.

الهانم اللى هربت كان ليها اسبابها، ولا نسيت كلامك يابدر بيه، تحب افكرك؟
أحست بصدمته التى حاول ان يحتويها بسرعة قائلا:
حتى لو سمعتى كلامى فده مش مبرر ليكى عشان تسيبى البيت وتهربى.
ثم اشار لكامل مظهرها مستطردا:
والله اعلم كنتى فين وبتعملى ايه؟
اشارت اليه باصبعها تحذره قائلة:
الزم حدودك، أنا مش هسمحلك بأى كلمة اهانة بعد كدة، مفهوم؟عن اذنكم.
امسك يدها بغضب قائلا:
رايحة فين؟

ازالت يده ببرود وهى تنظر الى عمق عينيه قائلة:
رايحة أشرب حاجة سخنة اصل الجو هنا بقى بارد اوى.
تركته مغادرة المكان لينظر فى اثرها مصدوما ثم عاد بنظره الى والدته قائلا:
فرح اتجننت ياماما.
قال فريدة بابتسامة مكتومة:
روح ورا مراتك يابدر ورجعها وبلاش شغل العيال ده.
عقد حاجبيه وهو يتركهما ويتبعها لتتسع ابتسامة امانى وتنظر اليها فريدة فى تلك اللحظة لتبتسم بدورها قائلة:
انتى اللى غيرتيها بالشكل ده، صح؟

قالت امانى بابتسامة:
الحب هو اللى غيرها، أنا بس كنت الوسيلة.
اتسعت ابتسامة فريدة وهى تقول:
انا شكلى هحبك اوى ياأمانى.
ابتسمت امانى وكادت ان تقول شيئا لولا ذلك الشعور الغريب الذى غمر قلبها فى تلك اللحظة لتعقد حاجبيها فى حيرة وهى ترى ملامح فريدة تنبسط بشدة وهى تنظر الى نقطة ما خلف أمانى قائلة بحنان:
وآدى كمان ابنى الكبير جه، تعالى ياجاد عشان اعرفك على أمانى.

التفتت امانى لتنظر الى جاد، ليشحب وجهها بشدة وتتسع عينيها بصدمة فعلى بعد خطوات صغيرة منها، كان يقف عاقدا حاجبيه بعدائية ذلك الذى اشتاقت لرؤيته كثيرا، حبيبها وزوجها الراحل بيجاد لتقع مغشيا عليها على الفور ويلفها السواد.



المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
رواية صغيرتي الحمقاء زهرة الصبار
39 6994 زهرة الصبار
رواية انتقام ثم عشق زهرة الصبار
38 4052 زهرة الصبار
رواية حبيب الروح زهرة الصبار
39 3100 زهرة الصبار
رواية لا ترحلي زهرة الصبار
36 2971 عبد القادر خليل
رواية أحببت فاطمة زهرة الصبار
74 3416 زهرة الصبار

الكلمات الدلالية
رواية ، توأم ، الروح ،


 





# فنون # مشاهير # صحة # منوعات # الأطفال # English # تفسير الأحلام ثقافة # قصص # سيارات Cars # صور # تقنيات # الاجهزة الالكترونية # المطبخ # كلام فى الحب # أبراج # رياضة # ازياء # حكم وأقوال تطوير الذات# خلفيات # صور بنات # مشاهير # ديكور # صباح الخير # مكتوب برقيات شهر رمضان # جمعة مباركة # حب رومانسية # عيد # ادعية # خلفيات كرتون # منوعات # موضة # الأم # أطفال # حيوانات # صور ورد # اكلات # New Year # مساء الخير # اللهم صلي علي النبي # القران الكريم # صور نكت # عيد ميلاد # اعلام # سيارات # تهنئة الخطوبة # حروف واسماء # الغاز # صور حزينة # فساتين # هدايا # خلفيات النادي الاهلي # تسريحات شعر # الاصدقاء # بوستات نجحت # خلفيات نادي الزمالك # حب رومانسية # تهنئه # ازياء # صور بنات # صوره وكلمه خلفيات # كرتون # بروفايل رمزيات # دينية # سيارات # مضحكة # أعلام # مسابقات # حيوانات # ديكور # أطفال # أكلات # حزينة صور شباب أولاد ر# صور # الطب و الصحة # مقالات عامه # CV المشاهير # وصفات الطبخ # العناية بالبشرة غرائب وعجائب # قصص روايات مواعظ # صور حيوانات # وصفات الحلويات # الرجيم والرشاقة # نكت مضحكة # صور خلفيات # العناية بالشعر # شروحات و تقنيات # videos # Apps & Games Free # موضة أناقة أزياء # سيارات # ديكور # رعاية الأطفال # نصائح المطبخ # موبايل جوال # الفوركس # التعليم والمدارس # الحمل و الولادة # اخبار الرياضه # وظائف # صحة المرأة # حوادث # صور بنات # صور اطفال # مكياج و تجميل # عناوين بنوك شركات محلات مطاعم # العاب الغاز # عيد # كلمات الاغانى # اشغال فنيه واعمال يدويه # مصر # أشعار خواطر # للنساء فقط # للرجال فقط # صور شباب # علاج النحافه # رسائل SMS # أكلات نباتية - Vegetarian food # برامج الكمبيوتر # المراهقة # جمعة مباركة # blogger # رعب # لعنة العشق # حب # اسلامية # قاسي ولكن أحبني # أحفاد أشرار الحرب لأجلك سلام # أسمى معاني الغرام # حقيقية # لقد كنت لعبة في يده # ملهمة # أباطرة العشق # عربية # حب خاطئ # لست مميزاً # من الجاني # مشاهير # راقصة الحانة # اغتصاب طفلة # عاشقان يجمعهم القدر # الطريق الصعب # خيال علمي # أشواك الحب # تاريخ # سجينة ثوب الرجال # لروحك عطر لا ينسى # أطفال # عشق وانتقام # لازلت أتنفسك # لقاؤنا صدفة # للحب معان أخرى # خاتم سليمان # ممن أنتقم # نجاح # أبواب وهمية # حلمى فى صفيحة قمامة # فيلم # مجنون بحبك # بين شباكها # حزينه # رحلات جوليفر # عذاب قسوته # عندما ينادي الشيطان # لعنة حبك # مريم وامير # هدوء في قلب العاصفة # الحاسة السادسة # المشعوذة الصغيرة # عباقرة # لوعة العشق # حروب # قدر بالإجبار # بنات مضحكه# فوركس Forex# صحتك # الصور والخلفيات # الطبخ والحلويات # منوعات # اخبار الفن # القصص و الروايات الألعاب الرياضية # الحياة الزوجية # أزياء وملابس # الأم و الطفل # دراسات لغات # افكار منزلية # انترنت تكنولوجيا # صفات الابراج # حيوانات ونباتات # تفسير الاحلام # معانى الاسماء # خواطر و اشعار # الكون والفضاء اجمل نكته# Mix # Forex # youtube # foods # Kids # Health education # stories # News # kitchen # woman # Famous # Sport # Animals

-------

الساعة الآن 04:43 صباحا