أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في منتدى جنتنا، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .

المنتدى للقرائه فقط -- للمشاركه انتقل الى منتديات جنتنا الجديده -forums.janatna.com





رواية توأم الروح

اغروقت عينا فرح بالدموع، أدركت الآن لماذا يعاملها بدر بتلك الطريقة الجافة، كانت تظن أنه يعاملها هكذا لأنهما مازالا متزوج ..



14-03-2022 08:14 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [7]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية توأم الروح
رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل الثامن

كان جاد جالسا ومعه صوفيا فى ذلك المقهى القريب من مسكنه، حين ارتفع رنين جواله ليلتقطه وينظر الى الرقم المتصل به، ارتسمت على شفتيه ابتسامة واسعة وهو يجيب على جواله على الفور لتدرك صوفيا أن محدثته هى والدته فهو لا يبتسم هكذا لسواها، تبدلت ابتسامته لغضب غمر ملامحه وهو يقول بتلك اللهجة العامية المصرية والتى تجد صوفيا صعوبة فى متابعتها:
اهدى ياماما، وفهمينى بالراحة.
استمع اليها ليقول بحدة:.

يعنى ايه الكلام ده؟وازاى ده كله يحصل ومتقوليليش؟
استمع مجددا اليها ليغمض عينيه وهو يمسك ذلك الجسر مابين حاجبيه وتظهر ملامح الضيق على وجهه وهو يقول:
خلاص ياماما هاجى، لأ مش هستنى لأخر الشهر زى ما كنت ناوى، هخلص بس شوية حاجات هنا وهاجى على آخر الاسبوع بالكتير.
صمت لعدة لحظات يستمع الى والدته ليقول بعدها بحدة:
حفلة ايه بس ياماما؟وده وقته؟
استمع اليها مجددا ليزفر قائلا:.

خلاص فهمت، اعملى اللى يريحك، تمام، محمد رسول الله.
أغلق الهاتف ووضعه على الطاولة فى ضيق ليظهر عليه التفكير، قالت له صوفيا فى حيرة:
ماذا هناك ياجاد؟
نظر اليها جاد وكأنه يدرك وجودها الى جواره للمرة الأولى ليتنحنح قائلا:
احمم، لا شئ صوفيا، فقط بعض الظروف الطارئة لدى أسرتى والتى ستجبرنى على الغاء كل خططنا سويا وتضطرنى ايضا لتعجيل سفرى الى القاهرة.
ظهرت خيبة الأمل على وجهها لتقول بحزن:.

ولكننى قد جهزت نفسى للسفر معك الى نيس وقضاء تلك العطلة التى وعدتنى بها.
قال جاد فى ضيق:
أخبرتك صوفيا أنها ظروف طارئة، سأعوض لكى تلك الرحلة حين أعود، اعدك بذلك.

اضطرت صوفيا أن تظهر ابتسامة لجاد بينما تثور غضبا بداخلها، تلعن تلك الأسرة وظروفها الطارئة والتى أفسدت مخططاتها من أجل ان تجعل تلك العطلة نقطة تحول فى علاقتها مع جاد ولكن لا بأس، ستقوم بالتعويض عن تلك الرحلة حين يعود، فلقد وعدها جاد بالتعويض وجاد لا يخلف وعوده أبدا.

كان ظافر يقف امام النافذة يمسك كوبا من القهوة الساخنة، يتأمل ذلك المطر الذى يبدو انه لن يتوقف، ابتعد عن النافذة وتوجه الى المدفأة ليضع الكوب على سطحها ويمد يده اليها يستمد دفئها وهو شاردا فى أفكاره، يتساءل عن سر طلبه من أميرة المكوث فى منزله وعدم رغبته فى خروجها فى تلك العاصفة والتى لم تضرب المدينة مثلها منذ سنوات، ترى هل هو ضميره والذى يأبى ان يسمح بمقتل شابة مثلها عند خروجها فى تلك الظروف؟أم ان هناك دافعا خفيا لم يدرى كنهه أرادها بجواره، أمامه، هل هو جمالها؟بالطبع لا فمنذ متى يجذبه الجمال، كان هذا منذ زمن بعيد، ولكنه الآن أصبح محصنا ضد الجميلات. منذ ان خدعته احداهن، ترى هل السبب هى تلك الهالة من البراءة والتى تحيط بها؟

استبعد أيضا ذلك الاحتمال فقد تخفى خلف تلك الهالة البريئة نفسا سامة لا يراها، ولكنه يشك أيضا بامكانية ذلك، أم يكون السبب أنها احدى معجبات قلمه، هز كتفيه فى لا مبالاة فلديه العديد من المعجبات واللاتى لا يهتم لهن قيد أنملة، احتار فى سبب اهتمامه بها واعتذاره لها وهو الذى لم يعتذر لأحدهم من قبل، هل بات يخشى الوحدة وقد أصبحت هى انيسا له فى تلك الأيام الماضية؟ان كان كذلك فحقا قد أصابه الجنون، انتفض فجأة على صوت صرخة قوية آتية من حجرتها، توجه بسرعة الى تلك الحجرة تتسارع دقات قلبه فزعا، فتح الباب دون استئذان، ليجدها واقفة بجوار النافذة شاحبة الوجه، يبدو عليها امارات الرعب الشديد، نظرت اليه بصدمة حين وجدته أمامها، توجه اليها قائلا فى قلق:.

مالك ياأميرة، فيه ايه؟
لم تجيبه بل ظلت تنظر اليه بخوف، هزها بعنف قائلا:
انطقى وقولى مالك، حصل ايه ياأميرة؟
افاقت من صدمتها وهى تشير الى الحديقة قائلة برعب:
واحد كان واقف فى الجنينة وبيبصلى جامد واول ما صرخت هرب.

ترك كتفها وهو ينظر الى الحديقة بسرعة ثم يعود اليها، يدرك أنها ربما تهيأ لها مرأى ذلك الرجل خاصة وهو يشك بوجود أحدهم فى حديقة منزله فى هذا الجو العاصف، ولكن كان لابد وأن يتأكد فربما كان لصا او متشردا، قال بهدوء مخالفا لذلك القلق الذى سرى بشرايينه:
طب اهدى ياأميرة، أنا هشوف ده مين.
كان يتوجه الى الخارج حين أمسكت ذراعه بخوف قائلة:
انت رايح فين؟
أزال يدها التى تمسك بذراعه قائلا بهدوء:.

قلتلك هشوف مين اللى كان فى الجنينة و...
قاطعته قائلة برعب يظهر فى نبرات صوتها وملامحها وارتجافتها الجلية:
لأ متنزلش، ممكن يكون حرامى ومعاه سلاح ويقتلك.
انتابته الحيرة، يتساءل فى نفسه أتخشى عليه حقا؟بعد كل ما حدث بينهما؟ام انها تخشى وفاته على يد ذلك اللص ثم يحين الدور عليها؟كان الخيار الأخير هو الأرجح، ليقول لها بسخرية:.

متخافيش لو قتلنى مش هيقدر يدخل البيت لأن فيه جهاز أمان على أعلى مستوى، هخليكى تشغليه قبل ما اخرج ولو كل شئ تمام اقفليه من الزرار الأخضر اللى هوريهولك، أما بقى لو جرالى حاجة فمداخل البيت هتفضل متكهربة لغاية ما تكونى فى أمان و تقفلى الجهاز بنفسك.
لم تلاحظ سخريته وهى تقول فى قلق:
بردو متخرجش مادام البيت هيبقى امان، شغل الجهاز وخليك هنا، مفيش داعى تعرض حياتك للخطر.

نظر اليها فى حيرة، اذا هى تخشى فعلا عليه، قال فى تردد:
بس، لازم أخرج، انا، انا مش جبان عشان يبقى فيه حرامى برة بيتى واستخبى جواه.
قالت اميرة وقد بدأت دموعها تترقرق فى عينيها:
ده مش جبن، ده خوف على النفس.
قال فى هدوء:
قلتلك متقلقيش، انا كمان معايا سلاح، تعالى ورايا بقى عشان اوريكى الجهاز والزرار وألحق الحرامى.
ليستطرد قائلا بنفاذ صبر:
ده لو لسة موجود أصلا بعد الكلام ده كله.

سبقها لتتبعه مضطرة وهى تشعر بالقلق يغمرها، أحضر السلاح من مكتبه والذى ما ان رأته أميرة حتى انتفض قلبها رعبا، ولكنها تمالكت نفسها وهى تحاول التركيز على تعليمات ظافر وهو يخبرها كيف تشغل الجهاز وكيف توقفه، ثم غادر بهدوء لتشغل أميرة الجهاز وتقترب من النافذة بحذر دون أن تلمسها، تراه يخرج تحت تلك الأمطار الغزيرة، يتجول بحذر حتى ابتعد عن محيط نظرها ليختفى لعدة دقائق مروا عليها كالساعات، انتابها القلق وهى لا تراه يعود مجددا، ظنت أنه ربما قد أصابه مكروها ما وهى تجلس دون ان تفعل له شيئا، كادت أن توقف الجهاز وتخرج خلفه مجازفة بكل شئ، لتتذكر تحذيره الشديد لها بأن لا تفعل، اقتربت مجددا من النافذة لتمر بضع دقائق أخرى حتى رأته يعود سالما لتتهلل أساريرها وهو يشير اليها بايقاف الجهاز، أسرعت باغلاقه، ثم فتح الباب ليدلف الى المنزل بسرعة ويطمئنها بأنه لا أحد بالخارج، وأن عليها ان تصعد لغرفتها لتنال قسطا من الراحة بعد كل ذلك الخوف والقلق، أحست بالوهن بالفعل فاتجهت الى غرفتها حين استوقفها صوت سعاله، كادت أن تنصحه بتغيير ملابسه المبتلة على الفور ولكنها ما ان استدارت حتى رأته قد خلع كنزته المبتلة يتبعها بقميصه لتلتفت بسرعة وتنظر أمامها فى خجل لتزيد من سرعة خطواتها باتجاه حجرتها لتدلف اليها وتغلقها وهى ترتمى على سريرها، وتبتسم فى خجل لتخبئ رأسها بالوسادة وتغرق بعدها فى سبات عميق.

قالت فرح فى ضيق:
يعنى الناس كلها فى الجو ده تشرب سحلب سخن او كابتشينو بالرغوة وأنا أشرب الخلطة العجيبة دى؟
ضحكت أمانى ثم قالت:
متقلقيش هتدفيكى وهتحرق الدهون كمان، انتى شفتى خسرتى وزن أد ايه؟دى أعشاب طبيعية ياماما.
قالت فرح فى ضيق:
آه اضحكى انتى، ما انتى مبتشربيهاش زيى طول الوقت، طعمها وحش أوى ياأمانى.
ابتسمت امانى قائلة:.

بس النتيجة تستاهل يافروحة، يلا ياحبى استحملى شوية كمان، هانت انتى قربتى توصلى للوزن اللى احنا عايزينه.
ابتسمت فرح قائلة:
ما ده اللى مصبرنى يااختى، مع ان الجو ده كان عايز حاجات تانية أشربها وهتدفينى بردو، انتى شايفة الجو عامل ازاى؟
قالت امانى:
معاكى حق، جو مجاش من سنين، ياترى أميرة أخبارها ايه؟
قالت فرح:
مفيش اى اخبار وصلتك عنها؟
قالت امانى فى حزن:.

لأ مفيش، من يوم الحادثة مسمعتش عنها حاجة، خايفة بابا يكون وصلها وحابسها وعشان كدة مش قادرة توصلى، وخايفة تكون فى بيت الفيوم وفى الجو ده برده لوحدها.
قالت فرح:
انا عايزاكى متقلقيش، أميرة أكيد بخير، لو كان باباكى وصلها كانت هتقدر تتصرف وتوصلك ولو فى بيت الفيوم اكيد محجوزة بسبب الجو ده واول ما تخرج هتشترى فون وخط جديد وهتتصل بيكى، ولا ايه؟
بدا كلام فرح منطقيا لتقول بهدوء:.

معاكى حق، ربنا يطمنى عليها، بجد وحشنى صوتها.
ابتسمت فرح وهى تربت على يد أمانى قائلة:
عارفة ياأمانى وحاسة بيكى، ربنا يجمعكم قريب على خير يارب.
نظرت أمانى الى السماء قائلة برجاء:
يااارب.

قال معتز بنفاذ صبر:
والله يابابا أنا متأكد ان اميرة مش عند خالتها، خالتها ايه دى اللى طلعتلها فجأة، انا حاسس انها رافضانى وباباها بيأجل فى ميعاد الخطوبة والفرح عشان كدة.
نظر اليه محمود قائلا بهدوء:
وتفرق معاك؟
نظر اليه معتز بحيرة قائلا:
تقصد ايه يابابا؟
نهض محمود من مكانه ودار حول مكتبه ليجلس فى ذلك المقعد المواجه لابنه قائلا فى هدوء:.

اللى أقصده يامعتز انى أسالك، هيفرق معاك انها تتجوزك برضاها او غصب عنها؟
نظر اليه معتز للحظات يبدو عليه التفكير ليقول بعدها وقد قست عيناه:
لأ متفرقش، مش مهم عندى اتجوزها برضاها او غصب عنها، المهم اتجوزها وخلاص.
ثم مال على ابيه وهو يستطرد فى حقد:
انت متعرفش هى عملت فية أدام صحابى، ازاى تجاهلتنى ورفضتنى ادامهم وخليتهم كلهم يتريأوا علية، انا اقسمتلهم انها هتكون ملكى وانى انا اللى هضحك فى الاخر.

ابتسم محمود بارتياح ثم ربت على كتف ولده قائلا:
ابن ابوك يا معتز بصحيح.
لينهض ويتجه الى مكتبه يجلس على كرسيه قائلا:
وغلاوتك عندى أميرة هتكون ملكك تعمل فيها اللى انت عايزه، ولو عاصم بيأجل عشان هى رافضاك ففى الآخر هيجبرها، انت متعرفش عاصم قاسى ازاى ومبيرحمش، واللى بيخرج عن طوعه يبقى كتب نهايته بايده، انت متعرفش عمل ايه فى بنته الاولانية وجوزها اللى اتجوزته من وراه.
عقد معتز حاجبيه قائلا:
عمل ايه يابابا؟

أشار اليه محمود بيده قائلا:
الناس بتقول قتلهم ومحدش يعرف لغاية دلوقتى دفنهم فين، المهم انى مش عايزك تقلق، مادام عايز تتجوز أميرة يبقى هتتجوزها وخصوصا ان عاصم موافق على الجوازة دى.
التمعت عينا معتز بسعادة ثم مالبث ان عقد حاجبيه قائلا:
مقلتليش يابابا، انت ليه وافقت على جوازى من أميرة رغم انك عرفت ان باباها على وشك انه يعلن افلاسه. مش عوايدك يعنى؟
ابتسم محمود وهو يتراجع بظهره على الكرسى قائلا:.

أولا عشان انت ابنى الوحيد وطلباتك أوامر.
ابتسم معتز بينما استطرد محمود قائلا:
ثانيا بقى عشان اسم عاصم السلحدار، متستقلش بالاسم ده، مجرد ارتباط اسمى باسمه فى السوق هيعلى اسهم الشركة، غير انه هيفتحلى كل البيبان المقفولة، مجرد فترة هاخد فيها اللى انا عايزه من اسمه وانت تاخد اللى انت عايزه من بنته وخلاص فركش، وساعتها بقى يا سيدى هجوزك للى تليق بيك وبينا.

تراجع معتز بدوره فى كرسيه وابتسامة شيطانية ترتسم على وجهه تليق بابن شيطان بادله ابتسامته الشيطانية لتتحول الى ضحكة مقيتة تشاركا فيها سويا.

14-03-2022 08:14 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [8]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية توأم الروح
رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل التاسع


�هضت أميرة من نومها باكرا كعادتها، تمطت بكسل ثم نزلت من سريرها تتأمل نفسها فى المرآه، نظرت الى منامتها التى تذكرها بصاحب البيت غريب الاطوار ظافر، كاتبها التى تعشق كلماته، تذكرت كيف تمسكت به بالأمس وشعرت بالأمان وهو الى جوارها، ثم بالقلق العارم عليه عند خروجه من المنزل، لتتساءل بحيرة، ترى هل أصبحت تهتم به كرجل؟هل تعدى اهتمامها به ككاتب ليصبح اهتماما شخصيا؟لتبتسم وهى تهز رأسها لسخافة أفكارها، اغتسلت ثم بدلت منامتها لفستانها الذى تغسله ليلا لترتديه فى الصباح، كم تتوق الى أن تأخذ حماما دافئا وتبدل ملابسها بملابس أخرى، ولكن ما باليد حيلة، هبطت الى الأسفل فلم تجد ظافر بالمطبخ يطهو ذلك الطبق عجيب الاسم كعادته كل صباح، تساءلت عن مكانه، أيكون قد خرج؟اقتربت من النافذة لترى السماء مازالت تمطر منذ البارحة ولم تتوقف، فمن ذلك المجنون الذى قد يخرج فى مثل ذلك الجو؟ابتسمت وهى تقول فى نفسها، ومن غيره؟ ظافر، فقد فعلها البارحة، أرادت ان تتأكد فصعدت الى الطابق العلوى، تتساءل هل هو نائم حتى ذلك الوقت؟لتهز رأسها نفيا فمن خلال مكوثها معه الفترة الماضية أدركت أنه قليل النوم، تكفيه سويعات قليلة من النوم حتى يتجدد نشاطه، اقتربت من حجرته تود فقط ان تتأكد، طرقت الباب بهدوء فلم يجيبها، كادت أن تمشى لولا ان استمعت الى همهماته لتدرك أنه بالداخل، مازال نائما على مايبدو، عادت تطرق الباب بقوة أكبر، فلم تجد منه استجابة، عقدت حاجبيها، لتفتح الباب بهدوء، وجدته على سريره، نائما على بطنه، اقتربت منه بتوتر، وتوقفت أمامه تماما، نادته بصوت خفيض قائلة:.

أستاذ ظافر.
لم يجيبها بل فقط تململ فى نومه لينقلب على ظهره وتتساقط خصلات شعره التى طالت قليلا على جبهته، زاد توتر أميرة وهى تشعر بجاذبيته تزيد من ضربات قلبها لتتنحنح قائلة:
احمم، أستاذ ظافر.
لم يجيبها مجددا ثم سمعته يردد فى همس:
سوزان.

عقدت حاجبيها تتساءل عن تلك المدعوة سوزان، ترى هل هى حبيبته الحالية ام تلك التى جرحته فى السابق؟والتى أهدى اليها تلك الكلمات القاسية فى كتابه الأخير، نفت الاحتمال الاول حيث لم تجد صورة لفتاة بالمنزل طوال فترة اقامتها فيه، اذا لا وجود لحبيبة حالية والاحتمال الأرجح هو ان سوزان هى تلك الحبيبة التى تمنى لها أن تعيش جحيمه.

أحست بالغيرة، لماذا مازال اسمها يتردد على شفتيه، ترى هل يحلم بها؟مالت عليه قائلة بحنق:
أستاذ ظافر.

شعرت به يرتجف من البرد لتعقد حاجبيها، فنعم، الجو بارد ولكن ظافر يحيطه غطاء ثقيل للغاية ومن المفترض ألا يشعر بالبرد مطلقا، لتقتحم عقلها فكرة أصابتها بالقلق، وللحظة ترددت قبل أن تحسم رأيها وتمد يدها تتحسس بها جبهته لتجدها مشتعلة من الحرارة لتدرك أن ظافر مريض وأنه يهذى ويرتجف ربما من الحمى، لتلوم نفسها وبشدة على موافقتها على خروجه بالأمس فى هذا الجو، أسرعت وأحضرت طبقا به بعض الماء، وقماشة بيضاء نظيفة، وجلست بجواره تسوى له الكمادات، ظلت هكذا لفترة طويلة والحرارة لم تنخفض الا قليلا، لتعقد حاجبيها بقلق وتسرع الى حمامه لعلها تجد خافضا جيدا للحرارة، وبعد بحث لدقيقتان التمعت عيناها وهى تجده، أسرعت بملئ كوب من الماء ثم وضعته هو والدواء على الكومود، وجلست بجوار ظافر ترفع جسده الثقيل بصعوبة ثم تسنده على كتفها، تشعر بالحرارة تجتاحها وبشدة بسبب اقترابه الشديد منها على هذا النحو، حاولت التركيز على ماتفعله، فأخذت قرص الدواء وأدخلته الى فمه يتبعه كوب الماء، ثم أعادته لوضعه النائم مجددا ليفتح عينيه فى تلك اللحظة ينظر اليها طويلا حتى انها تسمرت مكانها ليبتسم فجأة بحنان قائلا:.

ماما، وحشتينى اوى.

كانت تلك هى المرة الأولى التى ترى ابتسامته لتأسرها تماما لتفيق من أسر ابتسامته على ذراعيه تحيطان بها وتجبرانها على الاستلقاء بجواره وهو يغمض عينيه ليعود للنوم مجددا، أغمضت عينيها بدورها لا تدرى كيف تخرج من ذلك المأزق، فكلما حاولت الخروج من محيط ذراعيه وجدته يضمها اليه أكثر رغم مرضه بقوة أكبر منها، لتستسلم بالنهاية وهى تعتدل فى نومتها، زفرت بقوة وهى تشعر بالحرارة تغمر كيانها، تشعر بقلبها يضعف من أجله، فتلك الابتسامة وتلك الكلمات الهامسة والمناجية لوالدته المتوفاة تغلغلت الى أعماقها وحطمت آخر حصن كانت تحاول أن تتمسك به كى لا تستسلم لعشقه الذى شعرت به فى قلبها، لقد عادت اليوم، ليست تلك الهائمة بكلماته ورواياته فحسب، بل الهائمة به هو، لقد عشقته وانتهى الأمر، انتفضت مبتعدة حين استقر قلبها على تلك الحقيقة فلم يتمسك ظافر بها وقد عاود النوم، ظلت ترمقه بحيرة، تتساءل لماذا هو؟لقد اقسمت ان لا تعشق بعد ماحدث لأمها من جراء العشق، وبعد تجربة اختها والتى خرجت منها شبه حية، اذا لماذا هو من أجبرها أن تحنث بقسمها؟لماذا؟

التفتت تحدث نفسها فى غضب:
اعقلى ياأميرة، بلاش هبل، هما يومين وهتمشى من المكان ده ومهيبقاش ليكى اى علاقة بظافر، انتى نسيتى انتى مين وباباكى يبقى مين؟ونسيتى هو مين وانتى بالنسبة له ايه؟ولا حاجة، اوعى تنسى ياأميرة، حتى لو حبيتى قلم ظافر الكاتب، فلازم تنسى ظافر الانسان، لأنه مستحيل هيكون ليكى.
التفتت اليه مجددا لتلاحظ رقة ملامحه الشبيهة بالاطفال وهو نائم، كادت أن تضعف مجددا لتنهر نفسها قائلة:.

قلتلك فوقى، ظافر مش ليكى، بكرة يفوق وترجعى بالنسبة له ولا حاجة، عبء نفسه يخلص منه، فوقى يااما هتضيعى نفسك وتضيعيه معاكى ياأميرة.
سمعت همهماته مجددا لتسرع بتغيير المياة وتلك القماشة وتجلس بجواره تضع له الكمادات لتشرد مجددا بملامحه، تزداد نبضات قلبها لتدق ناقوس الخطر.

دلفت أمانى الى المنزل وهى تنادى قائلة:
فرح، يا فروحة، انتى يابنتى روحتى فين؟
طلت عليها فرح فى مظهر رائع لتتسع عينا أمانى فى دهشة ثم تبتسم فى سعادة وهى تصفر قائلة:
ايوة بقى يافروحة، هو ده الكلام؟
ابتسمت فرح فى خجل قائلة:
بس بقى ياأمانى متكسفنيش، أنا مش عارفة لبست كدة ازاى بس شفتهم لابسين كدة فى( التى فى )وقلت أجرب.
أمسكتها أمانى من يدها وأدارتها وهى تبتسم قائلة:.

قومتى روحتى جرى وقصيتى بنطلونك الجينز، وقصرتى البادى.
ابتسمت فرح قائلة:
هوت شورت بيتى وحياتك، قوليلى ياايمى هى الناس دى بتخرج بيه ازاى فى الشارع؟أنا لابساه أدامك وميتة من الكسوف.
ابتسمت أمانى قائلة:
بجاحة بعيد عنك.
قالت فرح فى تردد:
اوعى تكونى زعلتى انى قصيت هدومك بس حقيقى عجبتنى الفكرة.
ابتسمت أمانى قائلة:
أزعل ايه بس، اللوك عليكى جنان، ده بدر لما هيشوفك بيه هيتجنن.
اتسعت عينا فرح باستنكار قائلة:.

بدر مين اللى يشوفنى بيه؟مستحيل طبعا.
نظرت اليها أمانى بدورها قائلة:
مستحيل؟بت آفرح امشى من وشى هتعليلى الضغط.
قالت فرح بحيرة:
انتى معندكيش ضغط ياامانى.
قالت أمانى فى غيظ:
ما انتى هتجيبهولى ياحبيبتى، فرح، ماما، بدر ده جوزك ياموكوسة، لو هو مشافكيش كدة، مين بس اللى هيشوفك؟
قالت فرح فى خجل:.

خلاص عديها بقى، المهم قوليلى جاية كدة وصوتك مليان سعادة ووشك منور، ايه اللى مفرحك بالشكل ده، اوعى يأمانى يكون جمال اتقدملك ووافقتى.
أمسكتها أمانى من أذنها قائلة فى غيظ:
لأ انا هموتك بجد، جمال ايه بس اللى اتقدملى ووافقت؟قلتلك مليون مرة بعد جوزى مبقاش فيه راجل يملا عينى، ماشى ياشاطرة؟
قالت فرح متأوهة:
خلاص والله العظيم فهمت ياأمانى، سيبى ودنى بقى.
تركت أمانى أذنها لتدلكها فرح بينما قالت أمانى فى مرح:.

خسارة فيكى الخبر الحلو اللى كنت جايباهولك.
انفرجت أسارير فرح وهى تترك أذنها وتتعلق بذراع أمانى قائلة فى لهفة:
لأ خلاص والله حرمت، آسفة ياستى، قولى بأة.
ابتسمت أمانى قائلة:
بدر اخوه راجع آخر الأسبوع، وعاملين حفلة كبيرة عشانه وعازمين كل موظفين الشركة.
انطفأت ملامح فرح السعيدة وهى تترك ذراع أمانى، ليحتل الحزن ملامحها وهى تقول:.

وده بقى الخبر الحلو؟ده الخبر ده بس بيقول انى مش فى باله أصلا وان هروبى مأثرش فيه، رايح يعمل حفلة ومراته هربانة وميعرفش عنها حاجة؟ياخسارة يابدر.
اقتربت امانى منها قائلة فى هدوء:
الحفلة كان لازم تتعمل مش عشان رجوع أخوه وبس لأ عشان كمان افتتاح فرع الشركة الجديد، ده غير انى عرفت من سكرتيرة بدر واللى تبقى صاحبتى ان بدر بيدور عليكى فى كل حتة، بس فى سرية تامة.
اتسعت عينا فرح لتقول فى أمل:.

بجد ياأمانى. انتى متأكدة من الكلام ده؟
اتسعت ابتسامة أمانى قائلة:
قلتلك سكرتيرته تبقى صاحبتى. سمعته وهو بيزعق للمحقق فى التليفون وبيقوله انت حمار ومش عارف تدور وانا هدورعلى مراتى بنفسى.
وضعت فرح يدها على فمها فى صدمة لتبعدها قائلة فى سعادة:
قال مراتى ياامانى؟ بجد قالها؟
ابتسنت امانى قائلة:
بجد قالها.
قفزت فرح من السعادة لتنظر اليها أمانى بحنان لتتوقف فرح فجأة وهى تقول بلهفة:
انا لازم أروحله حالا.

ضربت أمانى على رأسها بخفة قائلة بيأس:
ياخسارة تعليمى فيكى يافرح يابنت أم فرح.
عقدت فرح حاجبيها فى حيرة قائلة:
ليه بس؟
قالت امانى:
احنا قلنا ايه؟مش قلنا نعذبه؟نخليه يندم على اليوم اللى نطق فيه بكلام جرحك وبعدين نخليه ميقدرش يستغنى عنك، و يقع زى الجردل فى حبك.
وكزتها فرح فى ذراعها قائلة:
بس متقوليش جردل.
قلدتها أمانى قائلة:
بس متقوليش جردل.
لتستطرد قائلة فى يأس:.

أنا قلت انك مش نافعة، قومى يافرح روحى لبدر، قومى ياحبيبتى وخلصينى، وآدى دقنى أهى ان ما رجعتيلى تانى يوم بتعيطى.
أمسكت فرح بذراعها قائلة فى رجاء:
لأ خلاص، قوليلى أعمل ايه بالظبط وأنا هعمله ياأمانى.
قالت امانى:
اولا هننزل بكرة نشترى فساتين سهرة وشوية لبس و حاجات عشانك، لازم يكون اول ظهورك أدام بدر من جديد حاجة كدة زى المفاجأة، مفاجأة مذهلة تهز كيانه وهو بيشوف التحول الكبير اللى حصلك وساعتها بقى...

وصمتت لتقول فرح بلهفة:
ساعتها ايه ياأمانى، قوللى؟
اتسعت ابتسامة أمانى قائلة:
هقولك ياقلب امانى، هقولك.

كان ربيع يقود سيارته حين ارتفع رنين هاتفه لينظر الى الرقم المتصل به بضيق ثم يضع سماعة الهاتف فى أذنه وهو يجيب محدثه قائلا:
ايوة ياعاصم باشا.
قال عاصم بحدة:
انت فين ياربيع؟
قال ربيع وهو ينظر الى تلك السيارة خلفه فى مرآة سيارته مشيرا للسيارة أن تتعداه:
انا راجع من الفيوم سعادتك.
قال عاصم بلهفة:
لقيتها ياربيع؟
قال ربيع فى ضيق:
لأ ملقيتهاش ياباشا.
عقد عاصم حاجبيه قائلا:.

مستحيل، ده المكان الوحيد اللى كانت ممكن تبقى فيه عشان هتفتكرنى مش هشك فى وجودها هناك لأنى عارف اد ايه هى بتكره المكان ده، انا كنت متأكد انها هتكون مستخبية هناك.
قال ربيع:
اللى حصل بقى ياباشا، البيت مقفول، ومهجور من ساعة ماحضرتك قفلته بنفسك، مدخلوش حد من سنين، والجو هنا وحش اوى، مطرة وتلج، أنا حتى ماشى بالراحة عشان معملش حادثة.
قال عاصم بعصبية:.

مالى أنا تعمل حادثة ولا لأ؟بنتى تكون عندى قبل آخر الاسبوع والا هتشوف منى اللى عمرك ما شفته، مفهوم ياربيع؟
جز ربيع على أسنانه قائلا:
مفهوم ياباشا.
أغلق عاصم المحادثة ليشتم ربيع ثم يقول:.

ماشى ياعاصم، ان ما وريتك، والله لأخليك تلف حوالين نفسك لما تعرف انى اتجوزت بنتك، بس مش هتقدر تعمل معايا اللى عملته فى بيجاد، لإنى زيك وألعن منك كمان، اصبر بس علية، مبقاش ربيع ان ما خليتك تركع أدامى وتطلب السماح وانا وانت والزمن طويل يا، يا كبير.

14-03-2022 08:15 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [9]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية توأم الروح
رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل العاشر

تأملت أميرة ملامح ظافر المسالمة جدا وهو نائم، حقا يبدو كطفل صغير، لا ليس طفلا بل رجل جذاب القسمات، أوسم بكثير مما تخيلته يوما، لقد كانت تظن أن ظافر، كاتبها المفضل، فى الخمسينات من عمره، فلم تكن تعتقد ابدا ان هناك كاتب فى مثل سن ووسامة ظافر قد يكتب بذلك الاحساس الرائع، يحملها بكلماته الى عوالم وردية رقيقة المشاعر، مليئة بالحب والتفاؤل، ترى ما عمره، يبدو فى أوائل الثلاثينات على الأرجح، وسيم الى درجة انها لو ظلت عمرا بأكمله تتأمله لن تمل أبدا، أشاحت بنظراتها عنه تتعجب من انحراف مسار أفكارها، لتعود وتنظر اليه بصدمة وهى تسمع نبراته الهامسة باسم سوزان مجددا..

عقدت حاجبيها تتساءل ما سر تلك الفتاة التى أثرت به لدرجة انه ينطق اسمها ليلا ونهارا فى مرضه؟ ليذكرها مرضه فجأة بأن هذا الوقت هو ميعاد دوائه لتتجنب تلك المرة تماما اسناده وتكتفى برفع وجهه، ثم وضع القرص داخل فمه وسكب محتويات كوب الماء على جرعات داخله، ليفتح عينيه مجددا فى تلك اللحظة وينظر اليها نظرة طويلة جعلتها مجددا أسيرة لعينيه، ليغمض عينيه ويبدوا انه قد استسلم للنوم مرة ثانية، لتكتشف أميرة أنها مازالت تحمل رأسه وضعتها على الوسادة ببطئ، ثم ابتعدت قليلا وهى تتأمل ملامحه، لتهز رأسها ترفض أفكارها ونبضات قلبها المتسارعة والتى تخبرها أنها مازالت أسيرة له، لجاذبيته، لعشقه، عشق ظافر المياح.

دلف كل من فرح وأمانى الى المنزل لتجلس فرح على الأريكة على الفور قائلة:
يااه، تعبنا بشكل، بس جبنا حاجات حلوة كتير.
قالت امانى:
واصريتى تدفعى تمن كل حاجة بالكريديت بتاعك، ودى مش حاجة حلوة على فكرة.
قالت فرح:
كفاية اللى جبتهولى قبل كدة ياأمانى، الحمد لله انى لما هربت كانت شنطتى معايا، سبحان الله كنت خارجة اتمشى شوية عشان كنت مخنوقة، وكنت رايحة أستأذنه بس لما سمعت كلامه هربت من غير ما افكر.

جلست امانى بدورها وربتت على يدها فى حنان لتنفض فرح أفكارها الحزينة والتى تسللت اليها فور تذكرها لذلك الموقف، وهى تقول فى مرح:
بتهيألى اللف اللى لفيناه النهاردة يغنينى عن الرياضة اللى بعملها بالليل ولا ايه ياأمانى؟
ابتسمت امانى قائلة:
طبعا يافروحة، هو فيه حد فينا هيقدر يقوم من مكانه النهاردة، كويس ان جبنا أكل جاهز معانا، مش هقدر اقوم أحضر عشا.
هزت فرح فمها يمينا وشمالا وهى تقول:.

عشا؟انتى فاكرة الفرخة المشوية والسلطات دول عشا؟فين ايام المحشى، والبشاميل، والبانيه، ولا الحمام المحشى فريك،
والحلو بقى صينية كنافة بالمانجة أو ترايفل شوكليت، اممممم، تصدقى جعت.
قالت امانى باستنكار:
انتى كتتى بتتعشى بكل ده؟
ضحكت فرح قائلة:.

مش كله كله يعنى، بس العشا ده كان وجبتى المفضلة اللى بطلع فيها غلبى من تجاهل سى بدر لية، تعرفى انا لو مش حرقى كويس كنت بقيت ضعف وزنى اللى كنت فيه ده، الأكل ده عشقى بس الله يهده الوزن حجمنى.
هزت امانى رأسها فى يأس قائلة:
مفيش فايدة، فرح هتفضل فرح، تموتى فى الأكل يافروحة.
اتسعت ابتسامة فرح وهى تقول:
طب مش هنقوم ناكل ياأمانى، أنا حقيقى سيرة الأكل جوعتنى.
قالت أمانى بابتسامة:.

قومى يااختى، انتى أصلا جوعتينى بكلامك عن الأكل، ربنا يسامحك بقى شكلك انتى اللى هتخسى وانا اللى هزيد على ايديكى.

ضحكت فرح بشدة لتتأمل أمانى ضحكتها بابتسامة حانية فضحكتها العذبة الصادرة من القلب تذكرها بضحكة أميرة، ولكن فرح تتميز بشقاوتها المحببة، والتى خففت عنها وحدتها، فوجود فرح معها جعلها تدرك كم كانت وحيدة قبل أن تقابلها، تعيش فقط مع الذكريات، نفضت افكارها وهى تنهض لتحضر العشاء حين اوقفتها يد فرح التى امسكت بيدها قائلة فى امتنان:.

عارفة انى بعيد كلامى كتير بس بجد انا لو هعيش عمرى كله عشان أرد جميلك علية مش هقدر، انتى عوض ربنا لية عن حاجات كتير افتقدتها بحياتى، انتى الأخت اللى اتمنيتها، السند والحماية، الحنان والأمان، انتى بقيتى اغلى حد فى حياتى ياأمانى.
ترقرقت الدموع بعينى أمانى لتقول بمزاح تحاول أن تخرج به من دائرة تأثرها الشديد بكلمات فرح حتى لا تنسكب دموعها بدورها:
اغلى من بدر؟

ابتسمت فرح وهى تمسح الدموع التى سقطت على وجنتيها قائلة وهى تمزح بدورها:
لا يااختى، كله الا بدر، ده اللى فى الحتة الشمال، قاعد ومتربع.
اتسعت عينا أمانى فى صدمة قبل أن تنطلق ضحكتها لتشاركها فيها فرح ثم تقول:
قومى يافرح، قومى ناكل، انتى الجوع بيخليكى واحدة تانية، قومى ياماما، قومى الله يهديكى.
ابتسمت فرح وهى تنهض وتتبع أمانى، تحمد الله، ربما للمرة الألف على وجود امانى بحياتها.

انخفضت حرارة ظافر وأحست انها عادت لطبيعتها، نظرت أميرة الى نفسها، حقا تحتاج الى حمام ساخن وربما تغيير ملابسها أيضا، نظرت الى دولاب ظافر لتخطر تلك الفكرة المجنونة برأسها، لم لا تستحم وتبدل ملابسها لاحدى ملابس ظافر، لقد اعارها منامته من قبل ولا تعتقد انه سيمانع اقتراضها لكنزة أو بنطلونا من دولابه، وهى ستغسل ملابسها وعند جفافهم ستبدلهم على الفور، وربما لن يلاحظ انها اقترضت ملابسه من الأساس، راقت لها الفكرة لتنهض على الفور وتقوم بتنفيذها، وقفت امام دولابه لا تدرى ماذا تختار؟لاحظت تنظيمه الشديد والأنيق لملابسه، اخذت كنزة وبنطلونا وذهبت لتستحم وتبدل ملابسها، عادت بعد فترة فوجدته على حالته التى تركته عليها، تجمعت بعض حبات العرق على جبهته لتزيح الغطاء عنه قليلا، ثم أحضرت منشفة صغيرة وجففت حبات العرق بهدوء، ليفتح عينيه فى تلك اللحظة، لتتصادم مع عينيها، أدركت اميرة من انعقاد حاجبيه فى تلك اللحظة أنه يراها هى ولا يرى والدته كعادته كلما افاق من نومه، رفعت المنشفة بهدوء وهى تبتعد عنه قليلا، ليقول بصوت خفيض:.

كوباية مية.

أسرعت وسكبت كوبا من الماء، ثم ناولته اياه ليرشف منه رشفة صغيرة ثم يعيده اليها، رأته يتأملها للحظات ثم يغمض عينيه يستسلم مجددا للنعاس، لتزفر أنفاسها التى حبستها أثناء تأمله اياها، تكاد تقسم انها رأت اعجابا دفينا فى مقلتيه قبل أن يغمض عينيه ويستسلم للنوم، نفضت افكارها عندما استمعت لصوت معدتها الذى أنبأها انها حقا جائعة فلم تأكل شيئا منذ البارحة لتقرر النزول لترى اى شي يصلح لتأكله على الفور دون تحضير فهى جائعة للغاية، وربما تصنع بعض الشوربة لظافر، هى لم تدخل مطبخا من قبل ولا تدرى كيف تصنع الشوربة ولكنها ليست بالمهمة الصعبة وستحاول على أية حال، فإلى اى مدى قد تكون مهمة اعدادها بتلك الصعوبة؟لتقف فى المطبخ بعد لحظات و تدرك انها بالنسبة اليها مهمة مستحيلة.

دلف بدر الى المنزل فى لهفة حيث وجد والدته فريدة جالسة على الأريكة بالردهة تحتسى الشاى ليسرع اليها قائلا بسرعة:
لقيتها ياماما، لقيتها.
تركت فريدة فنجال الشاى من يدها قائلة بلهفة:
بجد يابدر عرفت عنوانها؟
عقد بدر حاجبيه قائلا:
مش بالظبط ياماما بس...
قاطعته فريدة وقد ظهرت خيبة الامل على ملامحها قائلة:
بس ايه يابدر؟امال لقيتها ازاى لما انت معرفتش عنوانها؟
جلس بدر الى جوارها قائلا:.

صحيح انا معرفتش عنوانها بس كفاية انى اطمنت انها عايشة وبتصرف فلوس كمان.
عقدت فريدة حاجبيها قائلة بسخرية:
وعرفت ازاى يانبيه عصرك؟
تجاهل بدر سخريتها وهو يقول:
المحقق اللى اجرته قاللى انها صرفت مبلغ كبير من الكريديت بتاعها.
ازداد انعقاد حاجبى فريدة قائلة:
فى ايه؟
قال بدر:
فى لبس وشوية رفايع.
قالت فريدة فى صدمة:
لبس وشوية رفايع، وده اللى طمنك يابدر؟، هى فرح بتاعتنا هتصرف فلوس فى الكلام ده؟

انعقد حاجبى بدر قائلا:
تصدقى من فرحتى مفكرتش.
تفحصته فريدة بعينيها قائلة:
وفرحت ليه؟
أشاح بدر بوجهه عن نظرات والدته المتفحصة وهو يقول:
عادى ياماما، مش بنت عمى وكنت عايز اطمن عليها.
صمتت فريدة وظلت تنظر اليه لينهض قائلا بتوتر:
أنا هروح المحلات واشوف مين اللى اديتهم الكريديت، ممكن تكون اتسرقت من فرح.

اومأت فريدة برأسها وهى تدرك محاولة بدر الهرب من مشاعره، فلقد احب ابنة عمه دون أن يدرى ولم يكن لهروبها فائدة سوى ادراكه لمشاعره، لذا قالت بهدوء:
ابقى طمنى يابدر.
اومأ بدر برأسه وهو يتجه لمغادرة المنزل، تتبعه فريدة بعينيها لتمسك فنجال الشاى خاصتها مرة اخرى وترشف منه رشفة لتبعده عن فمها باشمئزاز وقد احست ببرودته لتنادى على الخادمة كى تبدله لها وقلبها يبتهل الى الله ان يجد بدر اى خيط يدله على مكان فرح.

استيقظ ظافر يشعر بالألم فى كل جسده، فتح عينيه يتأمل محيطه بهدوء ليدرك أنه بحجرته، اعتدل ليتأوه بالم، ثم اسند ظهره الى الوسادة، وأغمض عينيه يحاول أن يتذكر ما حدث، فآخر ما يتذكره هو تبديل ملابسه المبتلة ثم صعوده الى حجرته لينام على الفور، ثم استيقاظه فى منتصف الليل يشعر بآلام مبرحة فى كل جسده ليستسلم للنوم مجددا ولم يستيقظ سوى الآن، تذكر الآن لقد كان يحلم حلما غريبا ففى حلمه كان مريضا، وقد كانت أميرة من تعتنى به، تلك العنيدة، كانت فى حلمه حنونة تماما كأمه حتى انه ظنها فى البداية أمه وضمها لتحتويه هى بحنان، وضعت له الدواء وجففت عرقه ليراها كما هى أميرة وليست والدته ابدا، اطعمته شوربة لم يستسغ طعمها، ولكنه كان جائعا فلم يمانع، حقا لقد كان حلما غريبا حتى أنه رآها ترتدى فى حلمه كنزته المفضلة ورغم انها كنزة ذكورية الا انها بدت عليها أنثوية للغاية، جميلة للغاية، مثلها تماما.

أغمض عينيه فمازالت رائحتها العطرة عندما كانت تقترب منه تستقر فى أنفه، حقا كم بدا ذلك الحلم حقيقيا مجسدا، نفض افكاره التى تدور كلها حول اميرة، وتساءل ظافر فى قلق، هل بدأ يضعف مجددا؟هل بدأ يستسلم لمشاعره؟هل نسى ان كل بنات حواء خائنات، هل جن؟

حانت منه التفاتة لساعته ليدرك بكل صدمة مرور يومان، لتضربه الحقيقة مرة واحدة، لم يكن ما راوده حلما بل كان واقعا ملموسا، نعم كان مريضا، وكانت اميرة من اعتنت به، من ضمها وتمسك بها بكل قوة، من جعلت قلبه يدق بتلك الصورة، لينفض أفكاره بعنف.
حينها وجد الباب يفتح لتدلف منه من كانت محور أفكاره، لقد تخلت عن ملابسه وارتدت فستانها مجددا، جميلة هى فى كل الاحوال.

اتسعت عيناها لحظة كمن فوجئ باستيقاظه، تمسك بيديها صينية عليها طبق يبدو انه يحمل تلك الشوربة التى لم تعجبه، اقتربت بخجل قائلة:
مساء الخير.
لم يجيبها ظافر الغارق بأفكاره لتقترب اكثر وهى تجلس على المقعد بجوار سريره قائلة:
انا جيبتلك الشوربة، انت، انت مكلتش حاجة من الصبح.
نظر اليها بجمود فناولته الصينية، أخذها منها بهدوء ولم يأكل شيئا لتدرك انه عاد ذلك الظافر المتجهم الكاره للنساء لتتنحنح قائلة:.

أنا هقوم أخرج برة عشان تبقى براحتك، لو احتجت حاجة ناديلى.
لم يجيبها مجددا فابتلعت ريقها وهى تخرج من الحجرة، لتلقى نظرة أخيرة عليه قبل ان تغلق الباب.

زفر بقوة ثم نظر الى الشوربة، تنهد وهو يدرك طعمها ولكن معدته أنبأته بأن عليه أن يتغاضى عنه، ليمسك الملعقة بهدوء ويرشف رشفة صغيرة ليعقد حاجبيه وهو يجدها طيبة المذاق، هز كتفيه بحيرة ثم عاد لتناولها وبداخله دارت العديد من الأسئلة والتى لن يستطيع الإجابة عليها حتى يستعيد عافيته كاملة، فقط سينتظر.



المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
رواية صغيرتي الحمقاء زهرة الصبار
39 6994 زهرة الصبار
رواية انتقام ثم عشق زهرة الصبار
38 4052 زهرة الصبار
رواية حبيب الروح زهرة الصبار
39 3100 زهرة الصبار
رواية لا ترحلي زهرة الصبار
36 2971 عبد القادر خليل
رواية أحببت فاطمة زهرة الصبار
74 3416 زهرة الصبار

الكلمات الدلالية
رواية ، توأم ، الروح ،


 





# فنون # مشاهير # صحة # منوعات # الأطفال # English # تفسير الأحلام ثقافة # قصص # سيارات Cars # صور # تقنيات # الاجهزة الالكترونية # المطبخ # كلام فى الحب # أبراج # رياضة # ازياء # حكم وأقوال تطوير الذات# خلفيات # صور بنات # مشاهير # ديكور # صباح الخير # مكتوب برقيات شهر رمضان # جمعة مباركة # حب رومانسية # عيد # ادعية # خلفيات كرتون # منوعات # موضة # الأم # أطفال # حيوانات # صور ورد # اكلات # New Year # مساء الخير # اللهم صلي علي النبي # القران الكريم # صور نكت # عيد ميلاد # اعلام # سيارات # تهنئة الخطوبة # حروف واسماء # الغاز # صور حزينة # فساتين # هدايا # خلفيات النادي الاهلي # تسريحات شعر # الاصدقاء # بوستات نجحت # خلفيات نادي الزمالك # حب رومانسية # تهنئه # ازياء # صور بنات # صوره وكلمه خلفيات # كرتون # بروفايل رمزيات # دينية # سيارات # مضحكة # أعلام # مسابقات # حيوانات # ديكور # أطفال # أكلات # حزينة صور شباب أولاد ر# صور # الطب و الصحة # مقالات عامه # CV المشاهير # وصفات الطبخ # العناية بالبشرة غرائب وعجائب # قصص روايات مواعظ # صور حيوانات # وصفات الحلويات # الرجيم والرشاقة # نكت مضحكة # صور خلفيات # العناية بالشعر # شروحات و تقنيات # videos # Apps & Games Free # موضة أناقة أزياء # سيارات # ديكور # رعاية الأطفال # نصائح المطبخ # موبايل جوال # الفوركس # التعليم والمدارس # الحمل و الولادة # اخبار الرياضه # وظائف # صحة المرأة # حوادث # صور بنات # صور اطفال # مكياج و تجميل # عناوين بنوك شركات محلات مطاعم # العاب الغاز # عيد # كلمات الاغانى # اشغال فنيه واعمال يدويه # مصر # أشعار خواطر # للنساء فقط # للرجال فقط # صور شباب # علاج النحافه # رسائل SMS # أكلات نباتية - Vegetarian food # برامج الكمبيوتر # المراهقة # جمعة مباركة # blogger # رعب # لعنة العشق # حب # اسلامية # قاسي ولكن أحبني # أحفاد أشرار الحرب لأجلك سلام # أسمى معاني الغرام # حقيقية # لقد كنت لعبة في يده # ملهمة # أباطرة العشق # عربية # حب خاطئ # لست مميزاً # من الجاني # مشاهير # راقصة الحانة # اغتصاب طفلة # عاشقان يجمعهم القدر # الطريق الصعب # خيال علمي # أشواك الحب # تاريخ # سجينة ثوب الرجال # لروحك عطر لا ينسى # أطفال # عشق وانتقام # لازلت أتنفسك # لقاؤنا صدفة # للحب معان أخرى # خاتم سليمان # ممن أنتقم # نجاح # أبواب وهمية # حلمى فى صفيحة قمامة # فيلم # مجنون بحبك # بين شباكها # حزينه # رحلات جوليفر # عذاب قسوته # عندما ينادي الشيطان # لعنة حبك # مريم وامير # هدوء في قلب العاصفة # الحاسة السادسة # المشعوذة الصغيرة # عباقرة # لوعة العشق # حروب # قدر بالإجبار # بنات مضحكه# فوركس Forex# صحتك # الصور والخلفيات # الطبخ والحلويات # منوعات # اخبار الفن # القصص و الروايات الألعاب الرياضية # الحياة الزوجية # أزياء وملابس # الأم و الطفل # دراسات لغات # افكار منزلية # انترنت تكنولوجيا # صفات الابراج # حيوانات ونباتات # تفسير الاحلام # معانى الاسماء # خواطر و اشعار # الكون والفضاء اجمل نكته# Mix # Forex # youtube # foods # Kids # Health education # stories # News # kitchen # woman # Famous # Sport # Animals

-------

الساعة الآن 05:08 صباحا