رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل السادس والعشرون
كان ظافر يراقب منزل أميرة عاقدا حاجبيه وهو يلاحظ تلك الحراسة المشددة عليه، يفكر كيف يخترق تلك الاجراءات الأمنية ليصل الى محبوبته، لمعت عينيه فجأة وهو يراها تخرج من المنزل يتقدمها رجل، يبدو أنه الحارس الخاص بها، لتركب السيارة التى فتحها لها ثم صعد ليجلس فى المقدمة بجوار السائق لتنطلق السيارة بهدوء، تحرك ظافر بسيارته بدوره وتبع سيارتها حتى وصلت الى مبنى شركة السعيد للمقاولات، رآها تنزل برقة خلبت لبه وتمشى بخطوات ثابتة وهى تدلف الى مبنى الشركة ليقرر انتظارها، فلقد كان محظوظا للغاية بخروجها الآن ويجب أن يستغل الفرصة ليراها ويتحدث معها، نعم، يجب عليه ذلك.
دلفت أميرة الى داخل مكتب معتز الذى ما ان رآها حتى نهض سريعا من على كرسيه مقتربا منها وهو يبتسم مادا يده اليها قائلا: أميرة هانم بنفسها فى مكتبى، يامرحبا. تجاهلت يده الممدودة اليها وهى تجلس قائلة فى برود: ازيك يامعتز؟ بهتت ابتسامته وهو يرجع يده الى جواره قائلا: بخير ياأميرة، رغم انى زعلان منك. رفعت حاجبيها قائلة: زعلان منى أنا، طب ليه؟ عاد الى مقعده خلف مكتبه وهو يجلس قائلا:.
يعنى لا تليفون جالى منك ولا سؤال، ولا كأننا مخطوبين، ولا ايه؟ ابتسمت ببرود قائلة: أولا أنا كنت مسافرة زى مابابا قالك، ثانيا احنا وضعنا غير، أكيد انت عارف انى مش طايقاك وانى مغصوبة على الجوازة دى، فياريت نحط النقط على الحروف وتبقى عارف حدودك معايا ايه يامعتز؟ تراجع معتز فى مقعده ليستند بظهره اليه وهو يرفع احدى حاجبيه قائلا فى برود: لأ معرفهاش الصراحة، بس ممكن تعرفيهالى عادى، أنا سامعك ياأميرة.
نهضت واستندت بيديها على المكتب وهى تميل لتواجه عينيه مباشرة قائلة: حدودك معايا هتبقى ورقة هيكتبها المأذون يامعتز، بس لازم تكون عارف ومتأكد انى عمرى ما هكون ليك لانى بعيد عن انى مش طايقاك أساسا ومش بقدر أستحملك دقايق ؛فأنا قلبى مبقاش فاضى وبقى ملك لواحد تانى، صحيح مش هقدر أكون ليه بس مش هقدر اكون بردو لغيره. طرق معتز على المكتب بقوة وهو يقول بغضب: انتى اتجننتى؟
أطلقت أميرة ضحكة ساخرة أصابت معتز بالدهشة لتتوقف فجأة وهى تقول بمرارة: آه اتجننت، اتجننت لما قبلت اتجوزك وانا مبطيقش وجودك فى حياتى ثوانى، بس مادام كدة كدة ميتة يبقى على الاقل حد يستفيد من ورا موتى، والحد ده أكيد مش انت. قال معتز ببرود: وانتى ايه اللى مخليكى متأكدة انى ممكن اوافق على الوضع ده؟ هزت كتفيها قائلة: والله مش عاجبك قول لباباك انك صرفت نظر عن موضوع جوازنا، سلام يا، خطيبى.
غادرت أميرة المكان تتبعها عيون معتز الغاضبة ليقول بحقد ملأ ملامحه: ان ما وريتك ياأميرة، طب انا فعلا صرفت نظر عن موضوع جوازنا، بس هجيبك لحد عندى وهاخد اللى عايزه منك وهصورك وأفضحك فى كل حتة، هخرجك من حياتى زى الكلبة وورينى ساعتها حبيب القلب هيعملك ايه. ليمسك هاتفه ويتصل بأحدهم وقد ارتسمت على شفتيه ابتسامة شريرة.
هبطت فريدة مع الطبيية وتوجها الى حيث يوجد بيجاد مع بدر الذى يضم فرح الباكية مهدئا، أسرع بيجاد الى الطبيبة قائلا: خير يادكتورة؟ أمانى مبتفوقش ليه؟ قالت الطبيبة فى هدوء: متقلقش حضرتك، المدام بقت كويسة وانا اديتلها حقنة فوقتها بس هى محتاجة ترتاح، مدام امانى اتعرضت لضغط عصبى شديد، وقلة أكلها كمان أثرت عليها، أنا كتبتلها شوية فيتامينات ومع الراحة هتبقى كويسة أوى باذن الله.
شكرها بيجاد لتغادر الطبيبة بينما رمقت فريدة بيجاد بنظرة مؤنبة ليقول بيجاد بتوتر جعل نبرته حادة: عشان خاطرى ياماما بلاش البصة دى أنا فية اللى مكفينى وهى تستاهل. خرجت فرح من بين ذراعى بدر وهى تقول بغضب: كفاية بقى حرام عليك، أمانى متستاهلش أى حاجة من اللى عملتها فيها. التفت اليها بيجاد بصدمة من اندفاعها الغاضب تجاهه ليفيق من صدمته بسرعة وهو يقول ببرود: متدخليش يافرح فى اللى ملكيش فيه، انتى متعرفيش حاجة.
اقتربت منه وهى تشير باصبعها اليه قائلة بغضب: بالعكس انا اللى عارفة كل حاجة وانت متعرفش أى حاجة. عقد حاجبيه لتستطرد هى قائلة: انت ظلمت امانى كتير وهى فضلت ساكتة، وأجبرتنى انا كمان أسكت بس لحد هنا وكفاية، أنا مش هسكت بعد كدة، أمانى كده هتضيع مننا وأول واحد هيندم هيكون انت، أمانى عمرها ما خانتك ولا باعتك، أمانى كانت مفكراك ميت ويوم الحفلة اتفاجأت انك حي. ازداد انعقاد حاجبيه وهو يقول: انتى بتقولى ايه؟
قالت فرح:.
بقول الحقيقة اللى لازم تعرفها، من خمس سنين جه صاحبك عزيز لأمانى وورالها صورتك وانت غرقان فى دمك وقالها انك عملت حادثة واتوفيت، اغمى عليها المسكينة من الصدمة وقعدت فى غيبوبة لمدة أسبوع، ولما فاقت، باباها قالها انك اتدفنت، حاولت تعرف مكان قبرك مقدرتش توصله، باباها كان بيعاملها بقسوة وكان عايز يجوزها شريكه بس هى رفضت وصممت تعيش على ذكراك، ولما حست ان باباها هيغصب عليها هربت وجت على اسكندرية، على المكان اللى عشتوا فيه اجمل قصة حب، عاشت زوجة وفية مخلصة لذكرى جوزها ولابسة دبلته حتى بعد موته، دبلتك يا أستاذ، اللى لما لبستهالها قلتلها.
《أنا مش بحط دبلتى فى ايدك ياأمانى، لأ بحط قلبى وحياتى كلها فى ايديكى وطول ما انا شايفها فى ايدك هعرف انى لسة فى قلبك》 مش ده كلامك يابيجاد؟ تبادل كل من بيجاد وفريدة نظرات الصدمة، شعر بيجاد بقلبه يتمزق، يتحول الى أشلاء وهو يعود بنظراته الى فرح يطالبها بنفى كلماتها، فان كان ما تفوهت به هو الحقيقة فعلا، سيكون قد ارتكب أبشع جريمة فى حق أمانى، فما فعله بها لا يغتفر، ليتذكر شيئا ما، لمعت عيناه وهو يقول:.
طب والدبلة دى راحت فين؟أنا مشفتش دبلة فى ايدها أبدا. ابتسمت فرح بمرارة قائلة: لسة بتكدبنى، ياخسارة حبها ليك وخسارة حياتها طول السنين اللى فاتت اللى قضيتها وهى عايشة على ذكراك. ليقول بدر بحدة: فرح! التفتت اليه فرح قائلة: فرح ايه بس؟انت مش شايفه لسة بيشكك فيها، ذنبها ايه المسكينة دى تنظلم بالشكل ده؟ لتلتفت الى بيجاد قائلة:.
فى يوم الحفلة ياسيدى، صابعها انجرح واضطرت تخلع الدبلة وتحطها فى السلسلة اللى لابساها فى صدرها عشان تكون جنب قلبها ومتفارقهاش، السلسلة اللى فيها صورتك جنب صورتها، واللى اكيد فضلت مخبياها لما عرفت انها خلاص مبقاش ليها وجود فى قلبك وان واحدة تانية أخدت مكانها.
مرر بيجاد يده فى شعره بعصبية يتذكر جيدا وجود ذلك اللاصق الطبى فى اصبعها عندما سألها عن دبلته وحركتها التى لازمتها طوال الفترة الماضية فقد كانت دائما ما ترفع يدها الى صدرها وكأنها تمسك شيئا أو تلمسه لتشعر بالراحة بعدها، اقترب بدر من بيجاد قائلا:.
كلام فرح مظبوط يااخويا، طول فترة شغلها معانا كان فيه دايما دبلة فى ايدها والكل فى الشركة كان عارف انها متجوزة ومخلصة جدا لجوزها وجد اوى فى شغلها، وده اللى شككنى فى حكايتها من الأول وخلانى ادور على دليل برائتها لغاية ما لقيته وهو جاى فى الطريق حالا.
شعر بيجاد بالضياع، دليل براءة، هى بريئة؟دلف جمال الذراع الأيمن لبدر ومعه رجل قد تشوهت ملامحه من الكدمات التى تغطيها لينظر اليه الجميع ويقول بيجاد فى حدة: عزيز! اقترب بدر من عزيز وأمسكه من ذراعه ليلقيه امام بيجاد قائلا: وآدى عزيز، دليل براءة أمانى، صاحبك اللى باعك لعاصم وراح لمراتك يوريلها صورتك وانت مضروب من رجالة عاصم وسايح فى دمك على أساس انها صورتك وانت عامل حادثة وميت.
نظر بيجاد الى عزيز بصدمة ممزوجة بالغضب فقال عزيز متوسلا: سامحنى يابيجاد أنا مظلوم، هددونى باولادى، مقدرتش أعمل غير كدة، والله العظيم كان غصب عنى. اقترب منه بيجاد ليقول بقسوة: لو كنت مكانك عمرى ما كنت هخون صاحبى واعمل اللى انت عملته، عارف ليه؟ عشان الأعمار بيد الله ولو ابتديت بالخيانة عشان أنقذ حد بحبه مش بعيد ييجى اليوم وأتعاقب بحرمانى منهم.
ظهر الندم على وجه عزيز بينما تجعدت ملامح بيجاد وظهرت المرارة جلية بصوته وهو يقول: انت مش عارف انت عملت فية ايه؟انت ضيعتنى، خليتنى عشت أسوأ سنين حياتى وانا فاكر ان الانسانة الوحيدة اللى حبيتها واديتها قلبى خانتنى، لأ وكمان لما رجعت وشفتها من تانى مرحمتهاش من عذابها اللى حست بيه وهى مفكرانى ميت، عذبتها وعذبت قلبى معاها كمان، أنا خلاص انتهيت. أسرع عزيز يقبل يد بيجاد قائلا بندم:.
أبوس ايدك سامحنى يابيجاد، سامحنى. أبعده بيجاد عنه قائلا بصرامة: مستحيل هقدر أسامحك، كل اللى هقدر اعملهولك انى ادعى ربنا ان عقابك ميكونش فى ولادك اللى بعتنى عشانهم ياعزيز. أطرق عزيز برأسه فى ندم بينما التفت بيجاد الى بدر قائلا: خده من وشى يابدر، مش طايق أشوفه.
أمسك بدر بيد عزيز يجره جرا ليشير الى جمال بأخذه بعيدا ويعود الى أخيه الذى أطرق بحزن، أمسكت فرح بيد بدر تمنعه من التقدم باتجاه اخيه وهى ترى فريدة تتقدم باتجاهه وتضع يدها على كتفه فى تعاطف قائلة: بيجاد. رفع اليها عينين ممتلئتين بالدموع وهو يقول بمرارة:.
مستحيل أكون بيجاد، بيجاد لا يمكن يعمل فى حبيبته اللى انا عملته فيها، ازاى قدرت أصدق انها ممكن تعمل فية كدة؟ازاى محاولتش أتأكد، كرامتى وجعتنى ساعتها وكانت اهم عندى من حبى ليها، يبقى أنا فعلا مستاهلهاش، مستاهلش كل الحب اللى حبيتهولى ياماما، مستاهلش أكون بيجاد، أنا مجرم زيى زي عزيز وعاصم باباها بالظبط، وهى... لتنزل دمعة خائنة من عينيه ليمد يده ويمسحها قائلا بألم: هى هتكون أحسن مع غيرى. قالت فريدة:.
هتقدر تسيبها دلوقتى وتشوفها مع غيرك يابيجاد؟
أحس بيجاد بألم يشق صدره، يقتله ببطئ، اللعنة، قطعا لا، انه حتى لا يستطيع تخيلها، لكن ماذا بيده ليفعله، لقد آذاها وبشدة، يتذكر الآن كل ما فعله بها فى شريط أليم، اتضح له الآن كل ما غاب عنه ولم يره بسبب غضبه، صدمتها عن رؤيتها اياه واغمائتها، محاولتها نفى اتهاماته، نظراتها التى كانت دائما ما تحمل عشقا مستترا وعتابا، استسلامها له بالأمس، نطقها حروف اسمه بمشاعر صادقة، أغمض عيونه بألم، يتساءل فى مرارة كيف كان أعمى لهذه الدرجة؟
فتح عينيه على صوت فرح وهى تقول بهدوء: أمانى مش هتقدر تكون مع غيرك يابيجاد. نظر اليها بيجاد بحيرة، يحاول ان يتمسك بذرة امل فى كلماتها، لتستطرد قائلة: انت متعرفش هى بتحبك أد ايه، بتقول عنك ايه، كام واحد كان نفسه يقرب منها وهى مكنتش شايفة غيرك انت، مع انك كنت بالنسبة لها ميت، انا عمرى ما شفت حب واخلاص بالشكل ده. شعر بالندم والالم يمزقان قلبه لتستطرد هى قائلة:.
اطلعلها يابيجاد اطلب منها الغفران وهى هتسامحك، أمانى مفيش أطيب ولا أحن من قلبها واللى بيحب من قلبه زيها بيسامح حبيبه مهما كانت غلطته واسألنى أنا. قرنت قولها بالنظر الى بدر الذى ابتسم بحنان لتبادله ابتسامته. قالت فريدة بحنان: اسمع كلامها ياابنى واطلعلها. نقل بيجاد نظراته بينهما لترتسم على وجهه ملامح التصميم. وهو يسرع بصعود السلم تتابعه الأعين لتنتابهم الحيرة حين عاد بسرعة بوجه شاحب قلق وهو يقول:.
ملقيتهاش، أميرة مش موجودة فى اوضتها. عقدت فرح حاجبيها لتنفرج أساريرها وهى تقول: أكيد خرجت من الباب الورانى واحنا بنتكلم ورجعت بيتها. اقترب منها بيجاد قائلا فى لهفة: بيتها ده فين يافرح؟ نظرت اليه نظرة ذات مغزى وهى تقول: البيت اللى قصاد أول مكان اتقابلتوا فيه على البحر واللى كانت كل ما تقابلك، بتقابلك فيه. اتسعت عينيه فى صدمة لتجذبه فرح من يده باتجاه باب المنزل قائلة فى مرح:.
انت لسة هتتصدم، أوام على هناك وابقى طمنا. ابتسم بيجاد قائلا فى امتنان: أنا متشكر اوى يافرح ثم نظر الى اخيه الذى اقترب منهم قائلا: مراتك دى هدية من السما يابدر. أحاطها بدر بذراعه قائلا بحنان: عارف يابيجاد عارف. أطرقت فرح برأسها فى خجل بينما أسرع بيجاد ليلحق بحبيبته وزوجته وتوأم روحه التى فقدها منذ سنوات وآن الأوان لتعود اليه من جديد.
رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل السابع والعشرون
كان ظافر مايزال يتبع سيارة أميرة، ليجد سيارتها تتوقف بجوار الكورنيش، لتنزل منها أميرة بهدوء يتبعها الحارس، رآها تنهرهه بوجه غاضب والحارس يجادلها، أمسكت هاتفها واتصلت بأحدهم ثم ناولت الحارس هاتفها، استمع الى محدثه وهو يهز رأسه ثم ناولها الهاتف وتحدث مع السائق ليركبا السيارة وينطلقان بها، أدرك ظافر ان اليوم هو يوم سعده وكأن حبيبته شعرت بحاجته للانفراد بها ليحادثها وحدها، اقتربت أميرة من سور الكورنيش وتوقفت تتأمل النيل بشرود وحزن علا قسماتها، نزل ظافر من السيارة واقترب منها ليقف خلفها مباشرة قائلا بهمس:.
أميرة. أغمضت أميرة عينيها تقول بهمس: اتجننتى وبقيتى بتسمعى صوته وهو بيناديكى كمان ياأميرة. ابتسم ظافر ليقول مجددا بصوت أعلى: أميرة. فتحت عينيها على اتساعهما واستدارت بسرعة لتجده أمامها، قالت بصدمة: ظافر! ابتسم قائلا: كويس انك لسة فاكرة اسمى. أفاقت من صدمتها لتكسو ملامحها البرودة قائلة: طبعا فاكراه، انا لسة سايبة بيتك انبارح، مش معقول هلحق أنساه يعنى، ده غير انك الكاتب المفضل عندى.
نظر الى عمق عينيها وهو يقول بهمس: الكاتب المفضل بس؟ تاهت فى ثنايا عينيه لتقول متلعثمة: لأ، أيوة، قصدى يعنى انك مش بس كدة، انت كمان الراجل اللى كان بيته ملجأ لية فى وقت احتجت فيه لمكان أستخبى فيه. أخرج ظافر ورقة من جيبه وأشار لها بها وهو يقول: يعنى أنا مش توأم روحك ياأميرة؟
نظرت أميرة الى الورقة بصدمة، تلعن غبائها الذى جعلها تنسى مثل تلك الورقة، لتعود بنظراتها اليه وتجده يبتسم لها بحنان، ابتلعت ريقها قائلة بتوتر: دى، دى... اقترب بوجهه منها ينظر الى عينيها قائلا: ده كلام قلبك ياأميرة. التفتت تنظر الى النيل وهى تبتعد عن نظراته التى تحاصرها وهى تقول بحزن:.
ده كلام واحدة هابلة، افتكرت انها عايشة قصة حلوة، قابلت فيها واحد كانت معجبة بيه من قبل ما تشوفه ولما قابلته حست انه شبهها، قريب منها، ليه ماضى مأثر فيه زيها، حست أنه توأم روحها فحبته من كل قلبها بس... وصمتت ليحيط ظافر كتفيها بذراعيه ويلفها ليجبرها على مواجهته قائلا بحيرة: بس ايه ياأميرة؟ نظرت الى عمق عينيه قائلة: مع الأسف، اكتشفت انها قصة مش حقيقية، خيالية، حلم وفقت منه. عقد حاجبيه قائلا:.
قصدك ايه؟مشاعرك مكنتش حقيقية ياأميرة؟ ابتسمت فى مرارة قائلة: مشاعرى الحاجة الوحيدة اللى كانت حقيقية فى قصتى، وانت، انت مجرد كاتب قلبه طيب رغم كل محاولاته عشان يقسيه، صعبت عليه وشفق على حالى فعرض علية الجواز عشان ينقذنى، بس مع الأسف مستحيل اقبل اتجوزك شفقة ياظافر. قال ظافر فى هدوء: وتفتكرى فيه راجل فى الدنيا بيتجوز شفقة ياأميرة؟ نظرت اليه فى حيرة ليستطرد قائلا:.
الكاتب بطبعه بيكون حساس، بيفهم شخصية اللى أدامه علطول ومن اول لحظة، وأنا فهمتها من الاول بس غصب عنى انجذبت ليها.. أدركت اميرة أن ظافر يتحدث عن سوزان، تلك الفتاة التى خانته سابقا وأفقدته الثقة بالنساء، لتشعر بالدهشة وهى تراه يفتح لها قلبه ويتحدث عن تلك الفتاة لأول مرة. تنهد قائلا:.
جمالها مكنش عادى وبمكر وخداع حوا، قدرت تخلى كاتب ملوش تجارب زيى يقع فى حبها، ساعدها طبعا ان كل حياتى كانت بين الكتب، غير أفكارى ومشاعرى الرومانسية اللى خليتنى أتغاضى عن صورتها الواضحة وافتكر انى اقدر أغيرها بحبى، بس مع الأسف محصلش وأول ما ملت منى اختارت غيرى يكون محور اهتمامها، أصلها ملولة أوى، وحياتها كل مقضياها من راجل للتانى، كرهت الحب بعد صدمتى فيها وبعدت عن الناس والبشر لغاية ما فى يوم خبطت على بابى حورية جميلة، من أول لحظة جذبتنى ليها، حاولت أتجاهلها، أشك فيها عشان مسمحش لنفسى أضعف أدامها وأقع فى حبها، حاولت أكون بارد، قاسى، لكن هى فضلت بطيبتها ورقتها واهتمامها تجذبنى أكتر، ولما عرضت عليها الجواز قلت زيها ان السبب شفقتى عليها من مصير محبتهوش، بس دى كانت كدبة حاولت أصدقها عشان أبرر رغبتى فيها ومشاعرى من ناحيتها، وغيرتى ورفضى ان حد غيرى ممكن يملكها، ولما رفضت قلبى وجعنى، وحسيت انى فعلا بحبها وعشت على أمل انى هقدر أقنعها، ولما مشيت فجأة استغربت تصرفها وقلت انى بالنسبة لها ولا حاجة، لغاية ما شفت الورقة دى ياأميرة، وعرفت مشاعرك، انتى حوريتى اللى ما صدقت لاقيتها وكنت متأكد انها بتحبنى بس هروبها شككنى فى احساسى اللى لغاية دلوقتى مش فاهمه، ومستنيكى تفهميهولى ياأميرة.
كانت أميرة تستمع الى اعترافاته لها بذهول، انه ظافر من يقف أمامها يعترف بحبه لها، كادت أن تقفز فرحا لولا ذكرى تلك الليلة التى رأت فيها تلك الممثلة وهى تتسلل الى حجرته لتغيم ملامحها الجميلة بنظرة حزينة، أثارت حيرة ظافر وقلقه ليقول بضعف: أميرة قولى حاجة، طمنينى؟ رفعت اليه عينين حزينتين تمتلآن بالدموع وهى تقول بأسى:.
كان نفسى أقولك ياظافر حاجات كتير فى قلبى ارد بيها على كلام كنت بحلم أسمعه منك بس مع الأسف مش قادرة أصدقك لان اللى بيحب ميعملش اللى انت عملته. عقد ظافر حاجبيه قائلا فى حيرة: أنا عملت ايه ياأميرة؟ سقطت دموعها قائلة: خنتنى. نظر اليها بصدمة قائلا: خنتك؟ قالت بمرارة: متحاولش تنكر أنا شفتها بعينى داخلالك بالليل، كان ممكن أستحمل أى حاجة فى الدنيا إلا كدة، إلا الخيانة ياظافر.
أنار عقله ما تصورته وأن ما يحزنها ويبعدها عنه تخيلها بأنه خانها ليدرك أن سبب رحيلها كان ذلك التصور الخاطئ، اقترب منها يمد يده بحنان يمسح دموعها، استسلمت للمسات يده الحانية ونظراته فاللعنة على قلبها، رغم كل شئ مازال يعشقه، ابتسم قائلا:.
اللى شفتيه كان محاولة هابلة من ممثلة فاشلة، عشان تغرينى واستسلم ليها، بس ده مستحيل ل ٣ أسباب، الأول انها بتفكرنى بواحدة خدعت قلبى زمان وفضلت ورايا لحد ما وقعتنى فى حبها وبعدين خانتنى بس ظافر زمان كان ساذج وبرئ دلوقتى بقى واحد تانى مستحيل يقع بسهولة فى خداع أمثالها، ثانيا أنا مش ممكن أعمل حاجة حرام، مش فى طبعى ولا يمكن اكون أبدا كدة وأظن انتى عشتى معايا مدة كفاية عشان تعرفى طبعى، ثالثا وده الأهم انى بحبك فإزاى بعد ما لقيت الانسانة اللى قدرت ترجعلى ايمانى بالحب وتخلى قلبى يعشق من جديد، ازاى بسهولة كدة أضيعها من ايدى، مستحيل طبعا.
ظهرت الفرحة جلية على ملامح أميرة وهى تقول: يعنى انت بجد بتحبنى ياظافر؟ ابتسم قائلا: لأ بهزر، طبعا بتكلم جد ياأميرة. قالت فى حيرة: بس كل تصرفاتك كانت بتقول انك بتحبها هى. ليتسلل الى صوتها نبرة العتاب وهى تقول مستطردة: ده انت حبستنى فى اوضتى يوم كامل عشان تكونوا لوحدكم وبراحتكم.. قرصها فى خدها برقة قائلا:.
وليه متقوليش انى كنت بثير غيرتك، بعرف مشاعرك ايه من ناحيتى، انتى لما رفضتينى خليتينى أكدب كل المشاعر اللى كنت بلمحها فى عنيكى ياأميرة، أنا محبتش حد فى حياتى أد ما حبيتك انتى. ابتسمت أميرة قائلة فى سعادة: بجد ياظافر؟ ابتسم قائلا فى حنان: بجد ياقلب ظافر.
ليأخذ نفسا عميقا وهو يمد يده فى جيبه ويخرج علبة صغيرة جالسا على احدى ركبتيه وسط دهشة أميرة ليمد يده ويمسك يدها باحدى يديه ويمد يده الأخرى بالعلبة التى فتحها ليظهر داخلها خاتما ذهبيا يحمل فصا ماسيا وهو يقول: أميرة تقبلى تتجوزينى؟
أحست أميرة أنها تطير من السعادة لتومئ برأسها فى لهفة ليمسك ظافر الخاتم ويلبسه اياه برقة ثم ينهض وهو يأخذها بين ذراعيه يلفها فى سعادة وسط تصفيق بعض المارة القليلون والذين وقفوا يشهدون تلك اللحظة المميزة، لتشعر أميرة بالخجل وهى تلاحظ وجود جمهور لأسعد لحظات حياتها، انزلها ظافر وهو يمسك يدها ويميل برأسه محييا الجمهور بسعادة لتطرق أمانى برأسها فى خجل فبدأ المارة بالإنصراف ليلتفت اليها ظافر قائلا:.
أنا مش قادر أستنى، عايز أروح لباباكى حالا واتقدملك. تذكرت أميرة فى تلك اللحظة أباها لتكسو ملامحها الحزن وهى تتذكر زواجها المرتقب من معتز، لتقول بألم: أنا ازاى نسيت؟ نظر اليها ظافر بحيرة قائلا: نسيتى ايه ياأميرة؟ رفعت عينيها اليه قائلة: مش هينفع نتجوز ياظافر. عقد حاجبيه قائلا: انتى بتقولى ايه؟ اغروقت عيناها بالدموع وهى تقول: أنا وافقت خلاص على جوازى من معتز. ازداد انعقاد حاجبيه وهو يقول فى غضب:.
انتى ازاى تعملى كدة؟ نزلت الدموع على وجنتيها وهى تقول: لما حسيت بخيانتك لية، حسيت بالموت وبما انى كدة كدة كدة ميتة قلت على الاقل بابا يستفيد من موتى. زفر ظافر وهو يمد يده يمررها فى شعره بعصبية قائلا: انتى أكيد اتجننتى. أطرقت برأسها فى حزن ليمد ظافر يده ويمسك ذقنها يرفعها اليه لتتواجه العيون وهو يقول: خلاص مش مشكلة، انسى، هروح لباباكى وأتقدمله وبكدة هنلغى موضوع ارتباطك بابن صاحبه ده. قالت فى مرارة:.
انت متعرفش بابا، مش هيوافق، بابا قال كلمته لآنكل محمود ومستحيل هيرجع فيها. قال ظافر فى حيرة: بس احنا بنحب بعض. قالت أميرة فى حزن: انت عارف ان بابا معندوش قلب ولا بيعترف بالمشاعر. مرر ظافر يده فى شعره قائلا بتوتر: والحل؟ أطرقت برأسها تفكر لتلمع فى رأسها فكرة مجنونة لترفع اليه عينان ملؤهما التصميم وهى تقول: الحل إننا نهرب وحالا. نظر اليها قائلا فى حيرة: بس... وضعت يدها على فمه قائلا:.
من غير بس، صدقنى ده الحل الوحيد عشان قصتنا تكمل.
نظر الى عمق عينيها ليدرك أن معها حق ليومئ برأسه وتبتسم هى بسعادة ثم لم تلبث أن اتسعت عينيها رعبا وهى تنظر الى نقطة ما خلف ظافر ليستدير ظافر بسرعة ويرى رجلا فى أوائل الأربعينات من عمره يتقدم باتجاههم بملامح متجهمة، يحيط به مجموعة من الرجال المسلحين، عقد ظافر حاجبيه يشك بأنه أباها فهو صغير السن على تلك الصفة، اذا من هو ولماذا ارتعبت أميرة لمرآه؟، قال ذلك الرجل بسخرية وهو يرمق ظافر بغضب بينما يرمق أميرة بنظرة لم ترق له أبدا:.
حمدالله ع السلامة يابرنسيسة. قال ظافر: كلمنى أنا، انت مين وعايز ايه؟ نظر ذلك الرجل الى ظافر وقال بصوت كالفحيح: أنا الراجل اللى لو ممشتش من أدامه دلوقتى هيصفيك ويخلى جسمك منخل ومحدش هيقدر يكلمه. أيقن ظافر أن هذا الرجل قادرا على تنفيذ تهديده ولكنه لم يهتم وهو يقول بغضب: ورينى هتعمل ايه؟ مد الرجل يده فى جيبه لتدرك أميرة ما سيفعله وتسرع بالوقوف أمام ظافر بسرعة: قول جاى ليه ياربيع وخلصنا؟
أدرك ظافر ان هذا هو ربيع، و يبدوا انه ذراع والدها اليمنى. نظر ربيع الى أميرة بنظرة اقشعر لها بدنها وهو يقول: عايزك يابرنسيسة. أبعدها ظافر عنه قائلا لربيع بغضب: انت اتجننت ياراجل انت؟انت عارف انت بتقول ايه؟ قال ربيع بحدة: اللهم طولك ياروح. همست اميرة لظافر قائلة: عشان خاطرى ياظافر تهدى، انت متعرفش الناس دى ممكن تعمل ايه وأنا مش مستعدة أخسرك. أدرك ظافر قلقها عليه ليصمت رغما عنه وهى تقول: بابا اللى بعتك؟
هز رأسه نافيا وهو يقول: لأ. عقدت حاجبيها فى توجس ليستطرد هو بابتسامة مقيتة وهو يقول: هتيجى معانا ولا ناخدك بالقوة يابرنسيسة؟ الى هنا وكفى لم يعد ظافر قادرا على تحمل ذلك الرجل وكلماته المستفزة ليقترب منه قائلا: ده على جثتى تاخدها، مفهوم؟ هز ربيع كتفيه قائلا ف لامبالاة: انت اللى اخترت.
ادركت أميرة ما سيفعله ربيع ولكن قبل أن تحرك ساكنا كان ربيع قد مد اليه مسدسا كاتما للصوت وأطلق عليه رصاصة أسقطته ارضا على الفور، كادت اميرة أن تصرخ ليعاجلها ربيع بضربة خبيرة على مؤخرة عنقها لتسقط بعدها فاقدة الوعى بين ذراعيه، حملها ودخل بها الى السيارة وتبعه رجاله لينظر ربيع الى تلك الراقدة بين ذراعيه وعلى شفتيه ارتسمت ابتسامة خبيثة مثله، ابتسامة النصر.
رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل الثامن والعشرون
وصل بيجاد الى ذلك المكان الذى التقيا فيه لأول مرة، نظر الى المنزل الذى يواجهه وكاد أن يدلف اليه لولا أن لمحها تقف هناك، أمام البحر، ظهرها يواجه بيجاد ناظرة باتجاه الأمواج المتلاطمة، تبدو كحورية فاتنة تتناثر خصلات شعرها الحريرية فتمنحها مظهرا يخطف الأبصار، ألقى نظرة على محيطه ليتأكد أنه لا أحد هنا من رواد الشواطئ ليرى محبوبته بتلك الصورة، فتلك البقعة تبدو بعيدة الى حد ما ولا يرتادها الكثيرون ليتأكد أن لقائهم الأول كان قدرا، اقترب منها يسرع فى خطواته ليتوقف هو متجمدا عندما التفتت فى تلك اللحظة وهى تمشى مطرقة الرأس حزينة، تمد يدها برقة تمسح دموعها المتساقطة على وجنتيها ليشعر هو بالدمار، فالسبب فى هذا الحزن وتلك الدموع هو غباؤه، غباؤه فقط.
رفعت وجهها فى تلك اللحظة لتتوقف مكانها وقد ظهرت الصدمة على ملامحها، ليتخلى هو عن جموده ويبدأ فى الاقتراب منها وسط صدمتها لمعرفته بمكانها و نظرات عينيه التى غابت عنها القسوة والغضب وامتلأت بحنانا وعشقا خالصا شملها بأكملها، تساءلت فى صمت، هل أخبرته الطبيبة بشئ عن حالتها وسبب اغماءتها. ترى هل هى مريضة بشدة؟، هل بات الآن يشفق عليها؟لا، لن تقبل منه شفقة ولن ترضى بعد اليوم باحسانه، لقد انتهى تماما ما كان يجمعهما، انتهى للأبد، فلم تعد قادرة على احتمال عذاب عشقه، تبدلت ملامحها على الفور من الحيرة الى البرود عندما وقف قبالتها وهو يقول:.
أمانى أنا... قاطعته قائلة: أنا مش هرجع تانى أعيش معاك، وده قرارى النهائى. ياسيدى انت معاك حق، أنا الشيطان وانتوا الملايكة، أقولك حاجة كمان، انا اللى شجعت مجدى عشان يتقدملى، لما لقيته اغنى منك، على الاقل ميعرفش حقيقتى ومش هيعمل فية اللى بتعمله انت، ارتحت كدة، ابعد بقى عن حياتى من فضلك، خلينى أعرف أعيشها.
امتلأت عيون بيجاد بالحنان تظلل شفتيه ابتسامة لتعقد أمانى حاجبيها فى حيرة فلم تكن تلك أبدا ردة فعله التى توقعتها، بل توقعت هجوما ضاريا وغضبا لا حدود له وربما يمين طلاق يدمى قلبها ولكنها ستعتاد بعاده فذلك افضل ألف مرة من غيرة تنهش عروقها وهى معه، وتجاهل وجفاء وقسوة كابدتهم فى ظل عشقه، هى فقط تتمنى الآن لو كان فى أحشائها بذرة تتكون لتكون طفلا منه يعوضها غيابه الوشيك عنها فهى لم تأخذ حبوب منع الحمل عندما كان معها فى الليلة الماضية، أفاقت من أفكارها على يده التى امتدت اليها لتغمض عينيها بقوة تظنه سيلامس وجنتها وهى لن تستطيع أن تمنع نفسها عن التأثر بلمسات يديه ليظهر ضعفها وعشقها فى عينيها، فتحت عينيها بقوة عندما شعرت بيديه تسحب سلسالها المختفى داخل طيات ملابسها، تراه يتأمل دبلته التى يضمها السلسال بألم، ليمد اليد الأخرى ويفتح ذلك القلب ويرى صورته تجاور صورتها لتترقرق بعينيه الدموع وهو يرفعهما ويواجه بها نظرات أمانى التى حملت العديد من المشاعر، دهشة ثم حيرة وحزن ليقول بصوت متهدج النبرات:.
ظلمتك وقسيت عليكى، اتهمتك بأبشع التهم، وعاملتك أسوأ معاملة، وانتى متكلمتيش، كان ممكن بكل سهولة تقوليلى الحقيقة، تثبتيلى انك ملاك برئ وأنا شيطان مستحقكيش. أخذت أمانى السلسال من يده وأغلقت القلب ثم قالت وهى مطرقة الرأس بهدوء: وهيفيد بإيه انى اقولك الحقيقة؟ لترفع اليه عينين مغروقتين بالدموع قائلة بمرارة:.
خلاص كنت نسيتنى وخرجتنى من قلبك وحياتك، خليت واحدة تانية تاخد مكانى، كنت هتعيش حيران مابين حاجتين، واجبك وقلبك وانا عمرى ماكنت هرضى اكون بالنسبة لك واجب تدوس على قلبك عشانه، كنت متصورة انى هقدر أعيش جنبك واتحمل أى حاجة فى سبيل انى مبعدش عنك تانى، مكنتش متخيلة انى هتعذب بالشكل ده، أصعب حاجة على ست بتحب انها تشوف حبيبها مع واحدة تانية، آخدة مكانها، وكل ده قصاد عيونها، وفى الآخر كمان تتهمنى بانى مشجعة مجدى، مغمى عنيك ورافض تشوف حقيقة واضحة لكل الناس الا انت وهى أن عيونى اتقفلت على صورتك وقلبى قفل بابه عليك، مفيش راجل فى حياتى قبلك ولا هيكون فيه بعدك، كلامك مش بس آلمنى لأ ده دبحنى.
تأمل ملامحها التى يعشقها قائلا فى ندم: أنا آسف يانور عينى، آسف على حاجات كتير اوى. أمسك يديها وسط تخبطها واضطرابها ينظر الى عمق عينيها قائلا بعشق:.
آسف لانى ظلمتك وسبتك السنين دى كلها، كان لازم ثقتى فيكى تكون من غير حدود، بس عذرى ساعتها انك كنتى غنية اوى وانا فقير اوى، وتصورت انك مقدرتيش تتحملى حياتى المتواضعة، وآسف لانى قسيت عليكى وعاملتك معاملة أنا نفسى خجلان منها، وآسف كمان لانى اوهمتك ان غيرك بقى فى مكانك، وده مستحيل يكون، أنا كمان من يوم ما شفتك وانا دخلتك قلبى وقفلت عليكى ومفيش واحدة قدرت تاخد مكانك او حتى تلفت نظرى.
نظرت اليه بصدمة ليقول بندم على أفعال آلمتها: أيوة ياأمانى، صوفيا مش اكتر من صديقة احتجت لمساعدتها فطلبت منها تعمل خطيبتى أدامك، كنت عايز اوصلك انى قدرت أكمل حياتى من بعدك، وانى قدرت احب من تانى، مكنتش اعرف انها بالنفسية دى وانها ممكن تستغل الفرصة عشان تبعدنى عنك، أكيد حست بمشاعرى من ناحيتك رغم كل اللى افتكرتك عملتيه فية. قالت أمانى بصدمة: انت بتتكلم جد يابيجاد؟ اغمض عينينه ليفتحهما مجددا قائلا بعشق:.
وحشنى اسمى من بين شفايفك، كنت كل ما بنام بحلم بيكى وانتى بتنادينى بيه، كان اسمى منك ليه شكل وطعم تانى، ومن كتر ما اشتقت أسمعه من بين شفايفك منعت اى حد ينادينى بيه عشان ما اشتقلكيش أكتر، وبجد ياروح بيجاد، أنا عمرى ما حبيت ولا هحب غيرك، انتى توأم روحى ياأمانى. قالت أمانى بعشق:.
وانت توأمى اللى كنت افتكرته خلاص راح منى بالموت، ومع ذلك كنت بسمع صوتك دايما وبشوفك فى كل مكان، حتى اليوم اللى اتقابلنا فيه، شفتك هنا أدام البحر. ابتسم قائلا: لانى كنت هنا فعلا ياأمانى، جيت أودع المكان لآخر مرة، أودع ذكرياتى معاكى، جيت اودعك وانا معرفش ان فى نفس اليوم هنتلاقى من جديد. ابتسمت بدورها قائلة:.
افترقنا واتلاقينا ومشاعرنا فضلت زى الأول يابيجاد، والظاهر ان قلبى ضعيف وهابلة كمان، عشان من اول كلمة اعتذار حنيت ليك من جديد ونسيت كل عذابى معاك. ابتسم وهو يمد يده يمسك سلسالها مجددا يفتحه ويخرج دبلته ثم يعيد غلقه ويمسك يدها واضعا دبلته فيها وسط ابتسامتها قائلا:.
ده مش هبل، دى طيبة قلب ياحبيبتى، احنا وجودنا مع بعض قدر، وطول العمر هنفضل مع بعض، قربنا يزيد حبنا قوة، خلاص مبقاش فيه بعد تانى، بحبك ياأمانى، بعشقك. ابتسمت أمانى وهى تضم يده قائلة: وانا كمان بعشقك يابيجاد. نظر الى عمق عينيها قائلا: يعنى خلاص سامحتينى؟ ابتسمت وهى تومئ برأسها لتشهق بقوة حين وجدت نفسها محمولة بين يديه لتقول بحيرة: بيجاد، بتعمل ايه؟ ابتسم قائلا بعشق:.
هتأكد بنفسى انك سامحتينى ياقلب بيجاد، خلينا نعوض اللى فاتنا بقى، دول خمس سنين غياب ياايمى. قالت بابتسامة: كانوا خمس سنين و٣ أشهر و٦ أيام ياحبيبى. رفع احدى حاجبيه قائلا بابتسامة: حاسباهم بالشهور والأيام كمان. نظرت الى عمق عينيه قائلة: وبالدقايق والثوانى كمان، وعلى رأى أم كلثوم، ان مر يوم من غير رؤياك، ما يتحسبش من عمرى. ابتسم فى حنان قائلا: الله ياست. لتغيم عينيه بالمشاعر قائلا:.
أنا محظوظ بيكى ياقلب وعقل وعمر بيجاد كله. دفنت رأسها فى عنقه خجلا من نظراته العاشقة ليسرع فى خطواته باتجاه المنزل لينهلا من السعادة، والعشق.
أفاق ظافر من أثر المخدر ليرى الممرضة بجواره، نظر اليها ثم نظر الى ذراعه المضمدة قائلا: أنا فين؟ومين اللى جابنى هنا؟ قالت الممرضة بعملية: حضرتك لقوك مضروب بالنار وجابوك على المستشفى هنا، الحمد لله الجرح سطحى والرصاصة عدت من دراعك وكل شئ تمام. أومأ ظافر برأسه وهو ينهض من سريره لتسرع الممرضة اليه وهى تقول بسرعة:.
حضرتك مينفعش تقوم من السرير، انت محتاج ترتاح النهاردة على الأقل، ده غير ان البوليس برة عشان ياخد اقوالك يعنى كدة كدة مش هتعرف تخرج دلوقتى. عاد ظافر الى سريره بإحباط فقد كان يود الخروج لينقذ حبيبته التى لا يدرى عن خاطفها سوى اسمه والذى سيدعى عدم معرفته أمام الشرطي، فهو يشك بتورط والد أميرة بالموضوع لذا سيلتزم الصمت وسيتصرف هو فى هذا الأمر ولكن بالتأكيد سيحتاج الى مساعدة صغيرة. لذا سأل الممرضة قائلا:.
طب ممكن الموبايل بتاعى لو سمحتى. ناولته الممرضة اياه فقام بالاتصال برقم ليرد عليه محدثه قائلا: أيوة ياعم هنيالكوا، الفرح امتى؟ قال ظافر فى حزم: عادل، أنا فى المستشفى، تعالالى حالا.
ظلت أميرة تبكى منذ أن أفاقت لتجد نفسها فى هذا المخزن القديم، تتذكر سقوط ظافر أمامها مضرجا بدماءه لتتصاعد شهقاتها مجددا. قال ربيع فى نفاذ صبر: مش معقول يعنى كل الدموع دى عشان الفرفور بتاعك، اللى مستحملش رصاصة واحدة، أنا عارف بس عجبك فيه ايه؟ده لا شكل ولا منظر ولا حتى رجولة، ده ولا أى حاجة خالص. قالت أميرة بغضب:.
اخرس خالص مش عايزة أسمع صوتك، انت فاكر نفسك راجل، انت ولا حاجة وأنا بكرهك، بكرهك ياربيع. اقترب منها ربيع قائلا بقسوة: بلاش تستفزينى ياأميرة أنا صحيح بحبك بس مش ممكن هسمحلك تهينينى، مفهوم؟ قالت فى مرارة: هتعمل فية ايه يعنى؟هتموتنى؟ياريت عشان ارتاح من العذاب اللى انا فيه، وهى حياتى لازمتها ايه بعد ما راح أغلى ما فيها؟ زفر قائلا: اللهم طولك ياروح، انتى يا...
قاطعه دخول أحد رجاله الذى همس فى أذنه ببعض الكلمات ليبتسم ربيع قائلا بخبث: آه طبعا دخله. ابتعد الرجل مغادرا ليقول ربيع: عارفة مين اللى جاى دلوقتى؟ نظرت اليه بلا مبالاة ليستطرد قائلا: ده آخر معجبينك، اللى أجرنى عشان أخطفك، خطيبك، معتز السعيد.
نظرت اليه اميرة فى صدمة لا تصدق أن معتز قد يلجأ لخطفها، لماذا؟، لقد كانوا على وشك الزواج، ترى أيكون لزيارتها الأخيرة علاقة بالأمر؟، رأته يدلف الى المكان بابتسامة مقيتة، حيا ربيع بهزة من رأسه ثم اقترب منها يراها جالسة على مقعد ومقيدة به، ليقول بسخرية: والله وعشت لما شفتك مذلولة أدامى يا بنت السلحدار. قالت أميرة بغضب: تصدق انك طلعت أقذر ما كنت أتخيل يامعتز. اقترب منها معتز قائلا بصوت كالفحيح:.
مش هتلمى لسانك بقى ياقطة ولا اقطعهولك. قالت أميرة بغضب لمعت له عينا ربيع اعجابا: طب فكنى كدة وأنا أوريك انى أرجل من عشرة زيك. أحس معتز بدمه يغلى غضبا ليرفع يده ويصفعها بقوة لتصرخ أميرة بقوة، ليس ألما من صفعة أسالت من شفتيها الدماء وانما من مرأى معتز ورصاصة تخترق صدره لتتسع عينيه برعب قبل أن يسقط جثة هامدة تحت قدمى أميرة، عجزت عن النطق وهى ترى ربيع يقترب من جثة معتز ليبصق عليه قائلا بغضب:.
تستاهل عشان تمد ايدك على حاجة مش ملكك. لينظر الى أميرة بعشق وهو يمد يده ليلمس وجنتها لتشيح هى بوجهها بعيدا عنه وهو يقول: انتى بتاعتى أنا وبس، بكرة تعرفى ان مفيش حد بيحبك أدى ياأميرتى. ليتأملها بنظرة أخيرة قبل أن يبتعد مغادرا وهو يأمر رجاله بأخذ جثة معتز بعيدا بينما كانت أميرة ترتجف من الصدمة، والخوف.