كل منهما سعى للانتقام، أحدهما ينتقم ممن أحبته ثم تخلت عنه والآخر ينتقم من ابنة الرجل الذي لم يكره احدا في حياته مثله، ليتخلل الانتقام عشقا يعذب كليهما فهل ينتصر العشق أم يضعفه الانتقام؟
فصول نوفيلا
انتقام عاشق
نوفيلا
انتقام عاشق للكاتبة شاهندة الفصل الأول
انتابت ياسمين مشاعر مختلطة مابين الشوق والغضب والخوف وهي تنظر الى صورة الغلاف لتلك المجلة المشهورة والتي كتب عليها (رجل العام)، كان صاحب الصورة رجل شديد الوسامة يطالعها بنظرة تنفذ الى روحها، تلك النظرة الغامضة المثيرة والتي تعرفها جيدا، شعرت برجفة في اوصالها، وتسارعت دقات قلبها.
لقد مر عام ونصف منذ آخر مرة وقعت عليه عيناها، عام ونصف تحولت فيه من امرأة سعيدة الى حطام أنثى، انطفئ بريق عينيها وازداد نحولها، فالشوق اليه يؤرقها، انه حبيبها وزوجها رجل الأعمال المشهور عادل رأفت.
كان حبا من النظرة الأولى حين اصطدما ببعضهما البعض في النادى، أسر قلبها بابتسامته ودعاها لتناول مشروبا معه ولبت هي الدعوى بسرور ثم تكررت لقاءاتهما ليدركا انهما عاشقين، عرض عليها الزواج فوافقت على الفور وتزوجا خلال شهر، في البداية ظنت انها حصلت على قصتها الخيالية، فقد التقت بأميرها وتزوجته، حتى ان حفل زفافهما الأسطورى كان حديث المدينة لسنوات، حفل يليق بياسمين توفيق ابنة السفير احمد توفيق، تلك الفاتنة ذات الخصلات الذهبية الناعمة والعيون الزرقاء، ويليق أيضا بزوجها الوسيم الثرى رجل السياحة الأول في البلاد عادل رأفت.
كانت ياسمين تعيش بالفعل اجمل أيام حياتها مع عادل، يغمرها بالحب والحنان وتبادله اياهما في سعادة، حتى عادا من شهر العسل وتغير كل شئ.
انشغل عنها عادل بعمله ولم تشتكى هي، كان الأمر طبيعيا، فلقد تراكمت عليه الأعمال نتيجة سفره معها، وقد شفع له عندها رجوعه اليها كل ليلة يغمرها بشوقه ليعيشا معا في عالمهم الخاص تغمرهما السعادة،.
ولكنها كانت تشعر دائما بأن هناك غيمة تظلل تلك السعادة، شئ يخفيه عنها زوجها، أدركته من خلال تصرفاته القلقة ومكالماته التي يخفض فيها صوته ويتلقاها دائما في جوف الليل، انتابها الشك ولكنها تجاهلت ذلك الشعور لشدة حبها له وثقتها الكبيرة فيه، ثم ازدادت تصرفاته غرابة وازداد شرودا،.
وفي أحد الأيام وبينما كانت تقف في المطبخ أحست بالغثيان لتهرول الى الحمام تتقيأ ما في معدتها من طعام وبعد ان هدأت، نظرت الى بطنها تتساءل، هل ينمو بداخلها طفل عادل؟شعرت بالسعادة واسرعت بإجراء اختبار الحمل لتتأكد، وبالفعل تأكدت من حملها، لتسرع الى حجرة المكتب كى تخبر زوجها بهذا النبأ السعيد، اقتربت من الباب لتتوقف يدها على المقبض وهي تستمع اليه وهو يقول بصوت حاد:.
قلتلك متتصليش بية تانى، انا اللى هتصل بيكى،
ليصمت للحظة ثم يقول:
طفلك ده انا اللى هكون مسئول عنه، بس ياريت متعمليش مشاكل والا هتواجهينى أنا، هتواجهى عادل رأفت وانتى عارفة كويس ده معناه ايه.
توقفت انفاسها ثم عادت لتتنفس ببطئ، وقد امتلأت عيونها بالعبرات، لقد خانها، وهناك طفل في مكان ما سيصبح اخا او اختا لجنينها، تماسكت لا تدرى من اين اتت بتلك القوة ولكنها اسرعت الى حجرتها وأخذت جواز سفرها وحقيبة يدها وتركت له رسالة كتبتها بيد مرتجفة
لم اعد اشعر تجاهك بالحب، لا تبحث عني، الوداع.
اسرعت الى الخارج تنهمر دموعها التي تنعى قلبها المحطم، لتسافر الى مدينة أخرى، الاسكندرية، تمر بها الأيام بطيئة، تعيش عذاب الفراق والغدر، حاولت النسيان وساعدها في ذلك تعرفها بصديقاتها، خاصة شهد والذين هونوا عليها حزنها ووحدتها، لتلد طفلها وأسمته عمر رضوخا لرغبة صديقاتها، أفاقت من افكارها على صوت بكاء رضيعها لتسرع إلى مهده تحمله بلهفة وهي تقول:.
متعيطش ياحبيبى، انت في حضن ماما، متخافش أنا هحميك من اى حاجة ممكن تإذيك، لازم تعيش السعادة اللى اتحرمت انا منها.
لتقبل رأسه ويغمر عينيها التصميم وهي تقول:
لازم.
اغمضت شهد عينيها تحاول ان تتجنب تلك النظرات المتفحصة لها والتي تربكها خاصة وان صاحب تلك النظرات هو رجل وسيم ذو ملامح شرقية جميلة وعينان غامضتان، انها ليست المرة الأولى التي تراه فيها، لقد رأته كثيرا في الآونة الأخيرة، يحاصرها بنظراته المتفحصة لها والغامضة أيضا حتى عندما تتركها صديقاتها ليذهبن للعب التنس وتظل هي تقرأ رواياتها الرومانسية يظل يحاصرها بتلك النظرات التي تثير خجلها وتهز كيانها، فتحت عينيها تسترق اليه النظرات لتراه ما زال يتأملها، ظلت هكذا حتى انتفضت على صوت ياسمين وهي تقول لها:.
قاعدة برده تقرى رواياتك وسايبة هديل هتموت من الغيظ.
التفتت اليها شهد قائلة بابتسامة:
ليه بس؟
جلست ياسمين تحمل طفلها ثم تضعه على قدميها بعناية وتضمه بذراعها وهي تقول:
هيكون ليه يعنى؟، العادى بتاعهم، نجاح مش راحماها، غالباها طبعا.
ابتسمت شهد لعمر الذي ابتسم لها بدوره لتقول وهي تمد يدها اليه:
سيبك منه وهاتيلى العسل بتاعك ده اشيله شوية، وحشنى ومفاتش يومين على آخر مرة شفته فيها، هيجننى الولد ده.
ابتسمت ياسمين وهي تناوله اياها لتلتقطه شهد وتضمه اليها وهي تغمض عيناها تستنشق رائحته العذبة ثم تفتحهما مجددا لتقع عيونها على ذلك الرجل الغامض وهو ينظر اليها بحيرة قبل ان تغلف ملامحه البرودة مجددا لتنفض شهد افكارها المتسائلة وهي تبتعد بعينيها عنه قائلة لياسمين:
بقولك ايه ياسمسم، ما تيجى معايا النهاردة نقضى اليوم سوا، واهو بالمرة آخد رايك في التصميم الآخرانى اللى عملته.
هزت ياسمين رأسها موافقة وهي تقول:
مفيش عندى مانع، وأهو بالمرة نفضفض شوية، اصلى مخنوقة اوى وكنت عايزة اتكلم معاكى.
قالت شهد:
مالك بس ياياسمين، مخنوقة ليه ياحبيبتى؟
زفرت ياسمين قائلة:
هحكيلك لما نروح البيت ياشهد.
اومأت شهد برأسها وابتسمت بحنان لعمر الذي حاول ان يجذب انفها بيده ثم حانت منها التفاتة لمكان ذلك الرجل الغامض فأدهشها اختفاؤه وهو الذي كان يظل قابعا أمامها حتى مغادرتها النادى، لتتعجب من مغادرته اليوم قبلها، ترى ما السبب، هل مل من مراقبتها؟هل ايقن أن الأمل في أن يتعرف بها مستحيل ام هل فقد اهتمامه بها والذي كان واضحا للغاية؟نفضت افكارها وهي تعود بنظراتها الى عمر تلاعبه بوجهها وتشاكسه بحركاتها، غافلة عن عيون ذلك الرجل الغامض الذي تابعتها من بعيد، عاقدا حاجبيه بشدة ثم مالبث ان وضع نظارته الشمسية على عينيه، والتفت مغادرا النادى بهدوء.
تااابع اسفل