أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في منتدى جنتنا، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .

المنتدى للقرائه فقط -- للمشاركه انتقل الى منتديات جنتنا الجديده -forums.janatna.com





رواية الثلاثة يحبونها

حبهم لها كان بمثابة لعنة أصابتها، فأحدهم يحبها بصمت، تارة يدللها وتارة يقسو عليها والآخر أقسم أن تكون له حتى وإن أساء لس ..



05-03-2022 07:45 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [10]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية الثلاثة يحبونها
رواية الثلاثة يحبونها للكاتبة شاهندة الفصل الحادي عشر

كانت بشرى تمشى جيئة وذهابا في الحجرة، تشعر بالغيظ يحرق صدرها، بالغضب يعصف بكيانها، كيف يتزوجها رغم كل شئ فعلته بالماضى، كيف ينتهى بتلك الرحمة زوجة له، كيف؟

إنها الملامة، نعم، هي وحدها الملامة على ذلك، تركت لها المجال خاليا لتعاود ألاعيبها من جديد وتتزوجه بالنهاية، ولكن زواجها منه وبتلك السرعة، هذا ما لم تكن بشرى تتوقعه أبدا، فلم يمر سوى أسبوع واحد فقط على موت راوية، هل كانا ينتظران موتها ليعيدا معا عشق الماضى؟هل نسي لها يحيى خيانتها؟وهل غفرت له خذلانه إياها؟

حقا لقد أصبح تفريقهما الآن أصعب مما كان بالماضى فلقد أصبحا زوجين، وتلك الفكرة وحدها تشعل كيانها إشتعالا.

توقفت عن التفكير حين دلف مراد إلى الحجرة ليجدها واقفة متأهبة، تنظر إليه بحدة، ليدرك أن تلك الليلة لن تمر بسلام، ألا يكفيه ما يعانيه الآن وهو يتخيل رحمة في أحضان أخيه؟، لتظهر بشرى بالصورة وتستنزف آخر طاقته المنهكة، ليستدعى كل ذرة في كيانه تجعله قادرا على تحمل تلك المرأة، وهو ينظر إلى وقفتها المتحفزة في ثبات، ينتظر ثورتها، وهي لم تنتظر، بل ألقتها في وجهه قائلة بصوت يحمل الغيظ في طياته:.

إنت إزاي توافق على جوازهم، إزاي تسمح بالمهزلة دى؟
نظر إليها في برود وهو يقول:
وأرفض ليه؟، ده أخويا الكبير ورحمة، وبعدين حتى لو كنت رفضت تفتكرى كان أخويا يحيى مش هيتم الجوازة عشان خاطر رفضى ده؟
قالت بشرى بعصبية:
يابرودك ياأخى...
قاطعها مراد قائلا بحدة:
بشرى.

إنتفضت بشرى من حدته الفجائية لتلاحظ أنه بدوره مصابا بالضيق وربما بالحنق أيضا من زواجهما، فقد نسيت أن زوجها بدوره يحب رحمة ولابد وأنه الآن يعانى مثلها، لتحاول أن تبعد حنقها جانبا وهي تقترب منه قائلة بنعومة:.

أعذرنى يامراد، إنت عارف إنى مبطيقش رحمة، والكلام ده من زمان أوي، لإنى أكتر واحدة عارفاها وعارفة أخلاقها، دى حرباية بتتلون بكل لون عشان توصل للى هي عايزاه، وهي كل اللى عايزاه فلوس عيلة الشناوي، بدأت بهشام ومش بعيد تكون هي السبب في موته، وأهي لفت على يحيى وربنا يستر وميحصلش أخوه، مفاضلش غيرك، وأنا خايفة عليك يامراد.
بلغ بمراد الضيق حد شعوره بأنفاسه تسحب منه وهو يقول:.

بلاش تخريف يابشرى، حادثة أخويا كانت قضاء وقدر، كانت حادثة عادية ملهاش ذنب فيها وهي نفسها كانت معاه وكانت في المستشفى بعدها، أما يحيى فيقدر ياخد باله من نفسه كويس، وبعدين انا شايف إنه جواز حب مش مصلحة زي ما انتى بتحاولى تصوريلى.
قالت بشرى بعصبية وقد استفزتها كلماته:
حب إيه اللى يحصل في كام يوم ده؟وهي رحمة دى تتحب على إيه بس؟
قال مراد بنبرات حزينة رغما عنه:.

الظاهر الحب ده كان من زمان، والقدر فرقهم، وأهو رجع وإتجدد، ودى حاجة مش بإيدينا، وإذا كان على رحمة، فهي فعلا تتحب، جمال وأصل ورقة وطيبة و...
قاطعته بشرى وقد أحرقتها كلماته، وأغضبتها لأقصى حد وهي تقول:
وإيه كمان ياسي مراد؟، ما تقول كمان إنك بتحبها.
قال مراد بحدة يخغى بها إضطراب نبضاته:
حب إيه بس اللى بتتكلمى عليه؟إنتى إتجننتى؟هحب مرات أخويا؟
تفحصت ملامحه قائلة بسخرية:.

مين عارف، ماهي ساحرة وقاعدة تسحرلكم واحد ورا التانى.
قال مراد في حدة:
بلاش هبل، ساحرة إيه وسحر إيه اللى بتتكلمى عنهم دول، أقولك أنا سايبلك الأوضة وماشى، أنا تعبان ومش ناقص وجع دماغ.
قالت بشرى بحدة:
يعنى أمشى من البيت ومتسألش فية، ولما أرجع هتسيبنى كمان، العيشة معاك مبقتش تتطاق على فكرة.
نظر إليها مراد قائلا في جمود:
مش عاجباكى العيشة معايا، تقدرى تغيريها، إنتى بس أطلبى وأنا هنفذ.

أحست بشرى بتسرعها وإندفاعها وبأنها على وشك أن تخسر مراد، لذا اسرعت بإظهار الضعف على وجهها وهي تقول:
بقى كدة يا مراد، بسهولة كدة بتبيعنى؟
قال مراد ببرود:
أنا مببعش، إنتى اللى مش عاجباكى الحياة معايا يا بشرى، وأنا مبغصبش حد على حاجة، أنا عايز راحتك، و الظاهر راحتك مش معايا.
إقتربت بشرى منه تمد يديها على طول يديه ترفعهما إلى كتفيه لتقترب منه أكثر وتقبله قبلة بطيئة على وجنته اليسرى قائلة بنعومة:.

أنا راحتى معاك.
ثم تقبله قبلة بطيئة اخرى على وجنته اليمنى قائلة:
وقلبى معاك.
ثم تهمس أمام شفتيه قائلة:
ياحبيب بشرى.
لتبادر بتقبيله على شفتيه قبلة مغوية، تضم مؤخرة عنقه إليها ليبدو جامدا بالبداية، لا يبادلها قبلته ثم مالبث أن أغمض عينيه ورغما عنه قبلها متخيلا إياها رحمة، أدرك فجأة أن تخيله إياها وقد أصبحت زوجة أخيه هو جرم في حق أخيه نفسه، لينفض صورتها بقوة،
فجأة...

تمثلت أمام عيناه المغمضتان شروق، ليقبل بشرى وهو يتخيلها شروق، شروق فقط، تلك الجميلة الرقيقة المحبة، يحاول بقبلاته نسيان أن رحمة وأخيه زوجين الآن ومغلق عليهما بابا، ليغوص مع بشرى في معركة مشاعر
إختلطت بها الحقيقة، بالخيال.

دلفت رحمة بخطوات مرتبكة مترددة إلى تلك الحجرة التي لطالما راودتها في أحلامها مع يحيى، تشاركه فيها سعادتهما وعشقهما كزوجة، الآن هي فعلا تشاركه فيها كزوجة، ولكن زوجة مع إيقاف التنفيذ، زوجة بالإسم فقط، دلف يحيى خلفها بخطوات هادئة يتأمل إرتباكها وتخضب وجنتيها بشئ من الإستمتاع وكأنها لم تكن يوما عروس لأخيه ولم تتشارك حجرة مع رجل من قبل، كم تمنى لو كان الأول بحياة رحمة، الأول والأخير والوحيد، ولكن شاءت الأقدار أن تخيب آماله بها، أصابته تلك الفكرة بوجع في قلبه ليسرع وينفضها بعيدا، فلقد تزوجها ليس رغبة فيها ولا حبا، ولكن من أجل وصية راوية، ومن أجل ولده، ليدحض قلبه تلك الفكرة على الفور وهو يسخر من نكرانه لمشاعره التي أجبرته على الزواج منها والإسراع كذلك، عندما شعر بأنها من الممكن أن تكون لسواه، أما عن عدم إخلاصها له وخيانتها القديمة فأرجعها قلبه لرعونتها وصغر سنها أما الآن فربما صارت ناضجة، وإن لم تلتزم حدودها وتدرك أنها زوجة يحيى الشناوي فسيريها الوجه الآخر له، وهو وجه لن تحب رؤيته البتة.

وقفت رحمة في مكانها تشعر بالإختناق، لا تتخيل وجودها هنا في حجرته هو وراوية، حجرته التي تحمل ذكرياتهما سويا، قتلتها الغيرة وهي تنظر إلى السرير تتخيلهما سويا، عليه، لتشيح بوجهها وتلتفت إليه قائلة بضيق:
مش هقدر أكون هنا، أنا لازم أخرج.
عقد حاجبيه قائلا:
تخرجى فين؟دى اوضتى والمفروض تشاركينى فيها.
قالت في مرارة:
لأ دى أوضتك إنت وراوية، ومش هقدر أكون فيها معاك.

تأمل ملامحها المرتعشة من المرارة يغلفها الحزن والضيق، يتساءل عن سر عدم رغبتها بالمكوث بتلك الحجرة، هل هي ذكريات أختها الرابضة بها، أم إنها ذكريات أختها معه والتي تملأ جنبات الحجرة، ترى هل تغار رحمة عليه؟هل كانت تحمل له مشاعر فيما مضى حقا؟دق قلبه بسرعة لهذا الإحتمال الذي تمنى ان يكون صحيحا من كل قلبه، إنتابته الشكوك، وود من كل قلبه لو قطع الشك باليقين ولكن كرامته أبت عليه أن يتحقق من شكوكه، لذا قال بهدوء:.

مش هينفع طبعا، خروجك برة الأوضة شئ مش مسموح بيه.
جلست على الأريكة وقد تهدمت قواها وأغروقت عيناها بالدموع وهي تطالع سريره، تتراءى لها صور قاتلة لقلبها ومشاعرها وكيانها بأكمله، لتقول بألم:
مش هقدر، صدقنى مش هقدر.
لاحظ نظراتها ليعود الامل إلى قلبه الذي رق لدموعها وتمنى ان يكون ما يفكر فيه صحيحا ليقترب منها ويجلس أمامها على ركبتيه، يمسك يدها بحنو، وسط ذهولها وهو يقول برقة:
ليه بس مش هتقدرى؟

تأملت عسليتاه اللتان تعشقهما وخاصة عندما ينظر إليها بهذا الحنان، كادت ان تعترف، ان تصرخ بكل قوتها قائلة، لإنك كنت لغيرى بها، قلبا وقالبا، أشعر بالخيانة، بنار تحرق فؤادى، أشعر بأن أنفاسى تختتنق وأنا أتخيلك تحتضنها، تقبلها، تمنحها العشق الذي تمنيته يوما، أشعر بروحى تزهق وانا أصم آذانى التي تستمع إلى لهاثكم الآن وثورة مشاعركم، نعم أتخيلها بوضوح لتمزق شرايينى، ورغم أننى أتمزق لأن هناك أخرى كانت بحياتك قبلى إلا أن معرفة أنها كانت أختى، تجرى بها دماء أبى، يذبحنى حقا، كادت ان تقول كل ذلك واكثر ولكن خوفها من أن يدرك يحيى أنها مازالت تحبه حال دون إعترافها، وألجم لسانها عن قول الحقيقة، لتقول بصوت حاولت أن تهدئ نبراته:.

عشان يعنى، دى اوضة اختى وبتفكرنى بيها وبحزنى عليها، وكمان مش هقدر أنام على السرير ده انا وإنت، إنت يعنى لسة غريب عنى.
ترك يدها ونهض ببطئ، يشعر بخيبة الأمل ليقول بنبرة خالية من المشاعر تشوبها فقط بعض السخرية:
غريب عنك؟طيب دى حاجة تخلينا أكتر نبات في أوضة واحدة وسرير واحد، عشان نتعود على بعض.
نظرت إليه رحمة قائلة في خجل وإرتباك:
بس...
قاطعها قائلا بلهجة حاسمة:.

مفيش بس، مش هينفع تخرجى برة أوضتى، جوازنا ووجودى هنا بيحتم وجودك معايا، إحنا صحيح جوازنا مصلحة بس أدام الناس مش لازم يبان كدة، أنا مش مستعد حد يتكلم علية وعلى حياتى الشخصية وعلاقتى مع مراتى، لمجرد إنك مش قادرة تتحملى وجودك في أوضة أختك يارحمة.

ليتركها ويدلف إلى الحمام، تاركا إياها تنظر بحسرة إلى ليلة زفافها إليه والتي حلمت بها سنوات طوال، تصارع رغبتها بالنداء عليه والإعتراف له بكل شئ، لتتذكر وعدها لراوية وتنهض ببطئ تفتح دولابه التي وضعت به روحية اشياءها وتأخذ منه عباءة تغطى جسدها بالكامل، فسوف تنام إلى جواره شاءت أم أبت، مدركة أنه لن يرضى بنومها على الأريكة ولن يستطيع النوم بها لصغر حجمها، لذا تنهدت في يأس وهي تنتظره حتى يخرج من الحمام لتدلف هي إليه وتنهى تلك الليلة الطويلة، الحالكة، والتي إختفى قمرها ليزيدها، سوادا.

تأملت بشرى مراد النائم بعمق بجوارها لتنهض بهدوء، وتتجه إلى دولابها تحضر علبة سجائرها التي تخفيها بعناية بين طيات ملابسها، ثم تتجه إلى شرفة الحجرة تفتحها بحذر وتدلف إليها ثم تغلقها وتشعل إحدى سجائرها تنفث دخانها ومعه توترها وضيقها وهي تتخيل رحمة الآن في أحضان يحيى يبادلها وتبادله القبلات، تشتعل ليلتهما بعشق سنوات مضت، لتفرك السيجارة بيدها غير عابئة بألمها من تلك النيران المشتعلة، فألمها الذي يحرق صدرها يفوق كل الآلام، تفكر كيف تفرق بينهما وتشفى غليلها، لتلمع عينيها وقد وجدت الفكرة، نعم، كيف لم تفكر في ذلك من قبل؟، إن أدرات خطتها بشكل جيد، فربما لن ترحل رحمة وتسافر مجددا فقط، وإنما ستختفى من حياتهم، ربما للأبد.

لتبتسم بشيطانية وهي تدلف مجددا إلى الحجرة لتداوى حرق باطن يدها وتنتظر حتى طلوع الصباح لتبدأ في تنفيذ خطتها، تدعوا في سرها أن تحقق تلك الخطة مأربها، لترتاح من تلك الشقية والتي تعبث في حياتها مفسدة كل خططها، حتى الآن.

كانت نائمة بعمق، حين تسللت يداه لتضمها من الخلف تقربها منه، نعم يداه، فهما القادرتان على إشعال حرارة جسدها بتلك الصورة، دفن وجهه في عنقها وشعرت به يستنشق عبيرها فتظاهرت بالنوم مستمتعة بهذا الشعور الذي يمنحها إياه حضنه وإقترابه منها هكذا، لتسمع همساته التي جعلت عينيها تتسع بقوة وهو يقول:
عارف إنك صاحية فبلاش تمثلى علية يارحمة، أنا أدرى الناس بيكى، ده أنا اللى مربيكى.

إلتفتت إليه ليرفع نفسه على مرفقه وينظر إليها متأملا بنظرات سحبت أنفاسها ولكنها تمالكت نفسها وهي تنظر إليه قائلة بعتاب:
ولما إنت مربينى على إيدك صدقت ليه إنى ممكن اخونك، وأخونك مع مين؟مع أخوك اللى إنت عارف أد إيه كان بيضايقنى وياما إشتكيتلك منه؟
نظر إلى ملامحها في عشق قائلا:
عشان أنا غبي، قلبى كان حاسس إنك مظلومة، والنهاردة حابب أسمعك، انا اهو أدامك، فهمينى.
إعتدلت جالسة تنظر إليه بعتاب قائلة:.

كان زمان ممكن أقولك وأشرحلك، بس دلوقتى فات الأوان.
سحبها من ذراعها يمددها مجددا ويشرف عليها ملامسا وجنتها بيده بنعومة قائلا بهمس:
سامحينى،.

لتغمض عينيها تأثرا بنبراته الهامسة و لمساته الرقيقة، ليمرر يده نزولا إلى عنقها ووصولا إلى سحاب عبائتها ليفتحه ببطئ أثار كيانها ويميل على وجنتها يقبلها برقة يمرر شفتيه على بشرتها الناعمة وسط تأوهاتها العاشقة والتي أثارت كيانه بالكامل ليخلع عنها عباءتها ثم يندمجا سويا في ثورة من المشاعر أكملت إتحادهما وسط همساتها بإسمه مرارا وتكرارا كنغمة لن تمل منها أبدا...

أفاق يحيى من نومه على صوت همسات رقيقة بإسمه، إعتدل على الفور وهو يدرك مصدر تلك الهمسات، لينظر إلى فاتنته التي ظل يتأملها طوال الليل بعد أن نامت بصعوبة تتمسك بالغطاء وكأنه سيحميه منها إن أرادها، إبتسم وهو يتأمل شعرها المبعثر ووجهها الرائع الملائكي القسمات حتى في نومها، لتنطلق من شفتيها مجددا همسة بإسمه، أطارت عقله عندما ترددت مجددا بنبرة عاشقة جعلته يود لو مال الآن وقطف تلك الشفاه التي تهمس بإسمه بنبرة إشتاق لسماعها، كاد أن يستسلم لمشاعره ويفعل، ليميل بالفعل عليها ولكنه عقد حاجبيه وهو يتراجع فجأة بعد ان أدرك أنها تحلم به، نعم إنها تحلم به، ترى أيراود هو احلامها كما تراود هي أحلامه؟آاااه كم يتمنى لو كانت حقا تعشقه، ربما وقتها سامحها على كل أخطاء الماضى، همست بإسمه مجددا ليشعر بأنه على وشك ان يطيح بكل شئ ويميل آخذا إياها في جولة عشق خاصة بهما وحدهما، ولكنه عندما يفعل يجب ان يتأكد بأنها تعشقه حقا وتريد ان تكمل حياتها معها، حتى الرمق الأخير، ليميل عليها ولكن ليهزها برفق قائلا:.

رحمة، فوقى يارحمة.
فتحت عيناها الرماديتان ببطئ ليذوب هو عشقا عندما رأته فإبتسمت إبتسامة عشق، ليبتسم بداخله، ولكنه قال بهدوء:
صباح الخير.
إختفت تلك الإبتسامة على الفور وهي تدرك أن ماحدث بينهما كان حلما، وأن يحيى أمامها حقا، لتتسع عينيها في صدمة ويتخضب وجهها خجلا، ويخفى يحيى إبتسامة كادت ان تعلو شفتيه وهو يدرك ما هي فيه الآن من إضطراب وخجل، لتقول بإرتباك:
صباح النور،.

ثم تنظر إلى عبائتها تتأكد أنها ترتديها وأن سحابها مغلق، ليكاد يحيى ان يطلق ضحكة من بين شفتيه رغما عنه وهو يتابع نظراتها ليكتمها تماما وهي تعاود النظر إليه قائلة:
انا، أنا...
قال بنعومة:
إنتى إيه؟
إبتلعت ريقها بصعوبة قائلة:
أنا هاخد الحمام الأول، عن إذنك.
لتنهض بسرعة وتدلف إلى الحمام، كاد يحيى أن يطلق سراح ضحكته وهو يتابعها ليكتمها مجددا ورحمة تفتح الباب قائلة بإضطراب:
نسيت آخد هدومى.

لم ينطق يحيى بكلمة، لتذهب رحمة إلى الدولاب وتأخذ ملابسها متجهة إلى الحمام بسرعة، ومغلقة الباب خلفها، ليطلق يحيى سراح ضحكته تلك المرة، ضحكة فارقت شفتيه منذ زمن بعيد، يتراقص قلبه فرحا، وهو يدرك كنه حلمها من همساتها ونظراتها لملبسها وخجلها، ويدرك أن بطيات قلبها هناك مكان له، أور ربما هي تتمناه حقا، وإلا ما كانت حلمت بمثل تلك الأحلام، ليشعر بشعور لا يستطيع وصفه من روعته، إنها أنفاس الحياة تعود إليه مجددا، فلقد كانت حياته من دونها قاحلة وجاءت هي فأعادت الألوان لحياته من جديد ومنذ اليوم الأول، وحدها من تستطيع فعل ذلك، هي، رحمته، ولا أحد غيرها.

05-03-2022 07:46 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [11]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية الثلاثة يحبونها
رواية الثلاثة يحبونها للكاتبة شاهندة الفصل الثاني عشر

زفر مراد قائلا:
يعنى برده مصممة متنزليش تفطرى معانا؟
تقلبت بشرى على جنبها، تسحب الوسادة لتضعها تحت رأسها، قائلة بنعاس:
تؤ تؤ، أنا قلتلك من بالليل إنى هحاول مشوفهاش كتير، عشان لما بشوفها بتعصب وساعتها إنت وأخوك هتزعلوا منى، يبقى أنزل بقى ولا أكمل نوم أحسن؟
تنهد مراد قائلا:
لأ، كملى نوم أحسن، أنا نازل رايح الشغل، محتاجة حاجة؟

غمغمت بكلمات لم يفهم منها شيئا ليدرك أنها قد عاودت النوم من جديد، هز كتفه بقلة حيلة، ثم إتجه إلى الخارج مغادرا الحجرة بهدوء، وما إن غادر حتى فتحت بشرى عينيها وهي تنهض بسرعة ساحبة الهاتف من على الكومود بجوارها وممررة أصابعها على أزراره بسرعة، ليرن على الجانب الآخر، وما إن رد عليها محدثها حتى قالت بصوت متهدج تشوبه دموع مفتعلة:
حاج صالح، إلحقنا ياحاج.

كان مراد يهبط السلالم ببطئ، يحضر نفسه ربما لمشهد عاطفي يمزق قلبه، يتمنى من الله أن يظلا هذين الزوجين بحجرتهما وأن يغادر للعمل دون أن يراهما اليوم مطلقا، توقف في جمود حين خاب أمله و رآهما على طاولة الطعام يتناولان الإفطار، تماما كالماضي، حين كان يهبط لتناول الإفطار فيجدهما يفطران مع بعضهما البعض، وسط جو من المرح والضحك مايلبث أن يشاركهم فيه، كان وقتها لا يدرى أنهما واقعان بالحب بل كان يظن أنه وحده المغروم بذات العيون الدخانية والشعر الأسود كالليل، ورغم أنها غيرت لونه الآن للون الكستنائي، إلا أنه مازال يليق بها، ولا يقلل من جمالها ذرة، بل إنها إزدادت نضجا وجمالا عن الماضى، نفض أفكاره الخاطئة كلية، إنها زوجة أخيه، إمرأته هو ولا يجب أن ينظر لها كحبيبة أبدا، بل يجب أن ينساها، ولكن كيف ينساها وهي أمامه طوال الوقت؟، ربما عليه فعلا الإنتقال لمنزل آخر.

تأمل الزوجان الجالسان بجوار بعضهما البعض بشئ من الريبة، إنتابته الحيرة، فكليهما صامت، يتناول طعامه بسكون تام، وكأن الليلة الماضية لم تكن أبدا ليلة زفافهما.
مهلا...

ها هو أخيه يسترق النظر إليها يتأملها بنظرات لم يرها في عيني أخيه أبدا، إنها نظرات عاشق، ربما لم ينتبه لها بالماضى ولكنه كان غرا وقتها، مشاعره ساذجة، ودون تجارب تذكر، فقط رحمة ولا أحد غيرها، لذا لم يميز نظرات العشق من نظرات المودة والأخوة،.

وها هي رحمة ترفع عينيها إلى يحيى تحاول إستراق النظرات إليه بدورها فإلتقت عيناها بعيني يحيى وتجمدا سويا، فقط ينظران لبعضهما البعض، يغرقان وسط دوامة من المشاعر ظهرت لمراد واضحة جلية، أشعرته بالإختناق رغما عنه، كاد أن يبتعد مغادرا قبل أن يلمحاه، ولكن لسرعته إرتطم بتلك الطاولة في طريقه وكاد أن يوقع تلك المزهرية الثمينة ولكنه تمسك بها في اللحظة الأخيرة، ليضعها مكانها وهو يزفر بقوة ليغمض عينيه بقوة حين إستمع لصوت أخيه وهو يقول بهدوء:.

مراد.
فتح عيناه وهو يلتفت إليهما مقتربا بهدوء يختلف عن كيانه المضطرب بالكامل، قائلا:
صباح الخير.
قالا سويا:
صباح النور.
تخضب وجه رحمة بحمرة الخجل وهي تنظر إلى يحيى قبل أن تطرق برأسها، بينما أبعد يحيى عيونه عنها بصعوبة وحمرة الخجل تزيدها جمالا، لينظر إلى مراد قائلا:
إنت كنت ماشى من غير ما تفطر يامراد؟
أومأ مراد برأسه قائلا:
أيوة، أصل ورايا شغل مهم وعايز أخلصه قبل الميتنج.
قال يحيى بهدوء:.

الميتنج مهم صحيح بس صحتك أهم يامراد، أقعد إفطر معانا.
نظر مراد إلى رحمة ثم إلى يحيى بإرتباك قائلا:
مش هينفع صدقنى.
كانت رحمة قد أعدت لمراد شطيرة سريعة وهما يتحدثان وناولته إياها قائلة:
طب كل دى بس، عشان خاطرى يامراد.

شعر مراد بالإضطراب لينظر إلى يحيى الذي ظهرت ملامحه عادية وهو يومئ له برأسه ليأخذها، ليأخذ مراد منها الشطيرة وهو حريص على أن لا تلامس يده يدها، ويحيي يجز على أسنانه ويقبض على يده بقوة كي لا يتهور، يشعر بالغيرة تحرقه، أشعلته كلمات رحمة البسيطة، وإدراكه أن مراد تأثر بها، وبإبتسامتها الحمقاء تلك والتي إرتسمت على شفتاها عندما رأت مراد يتناول شطيرته على عجل، ليود يحيى أن يمحي تلك الإبتسامة من على وجهها حتى لا يراها غيره، ولكن وحتى دون تلك الإبتسامة تظل ملامح رحمة ملائكية جذابة، تجذب هالتها البريئة إليها الصغير قبل الكبير، فما بالك بقلب يعشقها كقلب مراد، وقلبه هو قبل الجميع.

إستأذن مراد كي يذهب إلى عمله فتمنى له يحيى التوفيق في إجتماعه اليوم والإتصال به إن إحتاجه، ليغادر مراد تتبعه العيون، قبل أن يلتفت يحيى إلى رحمة يحدجها بنظرات قاتمة حادة، لتنظر إليه في حيرة قائلة:
بتبصلى كدة ليه؟
قال بنبرات حانقة:
يعنى مش عارفة؟
عقدت حاجبيها قائلة:
لأ مش عارفة.
لينهض ويمسك بيدها ينهضها ويسحبها خلفه وسط دهشتها، لتشعر بالألم في يدها من جراء إحكام قبضته عليها و جذبه إياها بقوة، لتقول بألم:.

إيدى يايحيى.
توقف على الفور وهو يلتفت إليها، ثم ينظر إلى يده الممسكة بيدها بقوة، ليدعها على الفور يلاحظ إحمرار بشرة كفها، ليلعن بسره قبل أن يشير إليها لتسبقه، فنظرت إليه لثوان في تحدى لم يلبث أن فاز فيه عندما مد يده ليمسك بيدها مرة أخرى ولكنها تفادتها بصعوبة وهي تسرع بخطواتها إلى الحجرة، ليبتسم من طفوليتها، رغما عنه.

كانت شروق جالسة في مكانها تنظر في صدمة إلى هذا الشريط المزين بخطين أحمرين، تدرك أنها حامل بالفعل ولم تكن أوهاما كما صور لها عقلها، صدمة أخرى، ألا يكفيها صدمة إكتشافها بالأمس حبا خفيا في قلب زوجها، ورغم أن حبه لرحمة اصبح حبا بلا أمل لزواجها بأخيه، ولكن يظل قلبه معلقا بأطلاله كقلبها تماما، قلبها هذا الوحيد المعذب في عشق يائس يضنيه، تشعر بألم قلبها، بدقاته المتسارعة، يمتزج به الألم بالخوف، فكيف ستخبر مراد بهذا النبأ؟وهو الذي حذرها مرارا وتكرارا من حدوثه، فقد قالها صريحا، لا أطفااال،.

ولكن ما ذنبها وقد أراد الله أن تحمل طفله، ويعلم الله أنها ما حاولت أن تنجب منه عمدا، بل اخذت جميع إحتياطاتها، أحست بالإعياء، بدوار يكتنفها، مدت يدها لتسحب هاتفها وتتصل بمراد لينجدها، ولكن كيف تتصل به وهي تخشى ردة فعله، لتفتح قائمة الأسماء وتختار إسما تدرك أن صاحبته الوحيدة التي قد تستطيع مساعدتها الآن، صديقتها نهاد، لتضغط على زر الإتصال وعندما أجابتها نهاد، قالت شروق بضعف:
نهاد، محتاجالك.

إستمعت إلى صوت محدثتها لتقول بصوت خفتت نبراته:
تمام، مستنياكى.

كانت رحمة تلاعب هاشم الذي إبتسم وهو ينظر إليها عندما تهدم ذلك البيت من المكعبات والذي بنياه سويا، هو ورحمة، لتبتسم رحمة بدورها وهي تميل عليه تمنحه قبلة على وجنتيه قائلة:
ياجمال إبتسامتك بغمازاتك دى ياقمر إنت.
لتنظر إلى عسليتيه المبتسمتين بدورهما وتتنهد قائلة:
لأ وكمان عيون باباك، هو أنا كنت قادرة على يحيى واحد بس؟عشان أقدر على إتنين ياهاشم؟
تأوهت حين شد خصلات شعرها بين يديه لتقول بألم:.

سيب شعرى ياهاشم.
تعالت ضحكات الصغير لتقول رحمة متوسلة:
بتضحك؟، طيب سيب شعرى وأنا هجيبلك شيكولاتة.
ترك الصغير شعرها على الفور وهو يقول بسعادة:
طا طا، طا طا.
إعتدلت رحمة على الفور وهي تنظر إلى ملامح الصبي المسرورة قائلة في عتاب:
بقى كدة ياهاشم، يعنى إنت قاصد بقى؟
لتبتسم رحمة رغما عنها وهي تراه يومئ برأسه مرددا:
طا طا، طا طا.

مدت يدها إلى جيب فستانها لتخرج لوح شيكولاتة صغير فتحته و منحته للصبي الذي أخذه مهللا، لتتسع إبتسامتها قائلة:
حتى في دى طلعت شبه باباك، كان يعوز منى حاجة وأعاند معاه يقوم يلف خصلتين من شعرى على إيده، وأول ما أقوله خلاص حرمت، كان يسيبنى ورغم إنى كنت ببقى متغاظة منه أوي بس اول ما أبص لإبتسامته أم غمازات دى، وأبص لضحكة عينيه، كنت أنسى كل غيظى منه وأترمى في حضنه، وآه من حضنه،.

لتشرد بعيدا، تتذكر هذا الإحساس الذي أضناها إشتياقها إليه، وهي تقول:.

مكنش فيه أحن من حضنه، كنت بحس فيه بإنى لقيت مكانى، وطنى، أهلى اللى إتحرمت منهم، كنت بلاقى فيه نفسى، وفجأة إتحرمت من الحضن ده، صدق كل اللى إتقال علية، وحرمنى من حبه وحنانه، حتى لو كان اللى شافه يظهر خيانتى، كان لازم ساعتها قلبه ينكر اللى شافته عينيه، كان لازم يقول فيه حاجة غلط، رحمة مش ممكن تخونى، كان لازم يفضل سندى، لكنه وقف معاهم ضدى، مش قادرة أسامحه رغم إنى سامحت جدى على قسوته علية زمان وإديتله أعذار، لكن هو، مش قادرة أسامحه أو أديله عذر، يمكن في يوم قلبى يسامح، لكن دلوقت ورغم إنى عارفة إنى لسة بحبه بس قلبى مش قادر ينسى او يسامح، فاهمنى؟

إبتسمت رغما عنها وهي ترى الصبي قد لوث شفتيه وجانب وجهه ومقدمة ملابسه بالشيكولاتة، لتقول بمرح:
هو أنا إيه اللى بقوله ده؟، وإنت أصلا في دنيا تانية ياهاشم، الظاهر إنى لازم أسمع الكلام وألم شعرى وانا معاك ياحبيبى، بس تعالى كدة يابطل لما نغسل وشك و نغير هدومك، قبل ما حد يشوفك وإنت كدة، مع إنك برده سكر وأحلى من السكر كمان.

تعالت ضحكات هاشم، لتحمله رحمة وتتجه به إلى الحمام الملحق بالغرفة، بينما كانت هناك عينان بخارج الغرفة، ظهر بهما حقد شديد، وقلب يغلى من الغضب قد إستمعت صاحبته إلى حديث رحمة، و الذي يدور عن يحيى وذكرياتها معه، لتقول بغل:
عشتى مع يحيى اللى حلمت أعيشه معاه يارحمة، وحضنه اللى كان ملكك مسيره في يوم هيبقى ملكى أنا، اللى مطمنى إنك لسة مسامحتيهوش وده معناه إنه لسة مقربلكيش،
لتبتسم بسخرية قائلة:.

ومعتقدش هتعيشى لغاية ما تشوفى اليوم اللى هتسامحيه فيه ويقربلك يابنت بهيرة.
لتبتعد عائدة إلى حجرتها تعلو شفتيها إبتسامة شيطانية وهي تنتظر وصول الحاج صالح ورجال عائلة الشناوي، جميعا.

خرج الطبيب من حجرة شروق تصاحبه نهاد التي أغلقت الحجرة خلفها، ثم إلتفتت إليه قائلة:
طمنى يادكتور رأفت، شروق أخبارها إيه؟
تأمل رأفت عسليتيها القلقتين، يود لو قال، صديقتك بخير، أما أنا فلست بخير إطلاقا طالما لم تمنحينى ردا على طلبى الذي أنتظر إجابتك عليه منذ زمن طويل ولن أيأس ولن أتراجع حتى أحصل على ردك بالإيجاب يافاتنتى، شعرت نهاد بالخجل وهي تلاحظ تأمله لملامحها، لتقول بإرتباك:
دكتور رأفت؟

تنهد رأفت وقلبه يقول:
عمر رأفت ونبضه.
ولكن لسانه قال:
مدام شروق بخير يا نهاد، الإغماءة اللى حصلتلها دى طبيعية، نتيجة للحمل، هي بس ضعيفة حبتين ومحتاجة فيتامينات وتاخد بالها من صحتها شوية، أنا كتبتلها على الفيتامينات اللى هتحتاجلها وبإذن الله مع المتابعة هتكون كويسة وزي الفل كمان.
ظهرت إبتسامة على شفتيها خلبت لبه وهي تقول:.

أنا مش عارفة أشكرك إزاي يادكتور، وأنا آسفة يعنى لو تعبتك وخرجتك من عيادتك وانا عارفة أد إيه إنت مشغول.
قال في حنان:
تعبك راحة.
ثم مال قليلا ينظر إلى عمق عينيها قائلا:
بس مش ناوية توافقى على طلبى وتريحى قلبى بقى يانهاد؟
تراجعت نهاد خطوة للخلف وهي تطرق برأسها أرضا تقول بصوت خجول تشوبه بعض المرارة:
أنا قلتلك رأيي قبل كدة يادكتور، ياريت تنسى الموضوع ده خالص وتشوف واحدة تليق بحضرتك، وبعيلتك.

لترفع رأسها تواجه عيناه وهي تستطرد قائلة:
واحدة تشرفك يارأفت.

رقص قلبه طربا رغم مرارة كلماتها، فلأول مرة تنطق بإسمه دون ألقاب، إلى جانب دموع عيونها الحبيسة داخل مقلتيها، واللتان أشعرتاه بأنها تكن له بعض المشاعر، مما زاد الأمل في قلبه بأنها ستوافق، إن أشعرها بأنه حقا يعشقها ولا يهمه كل تلك الأسباب البالية والتي تسيطر على عقلها وتمنعها من أن تحظى بفرصة أخرى في الحياة، فرصة للسعادة، لذا نظر إلى عينيها الجميلتين وهو يقول بحنان:.

إرتباطك بية شرف لية يانهاد، إنتى مكسب لأي عيلة بأدبك وأخلاقك وذوقك وعطفك، إنتى نسيتى ماما كان جرالها إيه بعد وفاة اختى ناهد الله يرحمها وإزاي رجعتيها لنفسها ولحياتها ولينا من تانى، نسيتى بتحبك أد إيه، دى بقت بتعتبرك زي بنتها بالظبط، انتى مش بس أخدتى ملامح من ناهد، إنتى خدتى روحها، وأد ما أهلى كانوا بيحبوا أختى حبوكى انتى كمان، يعنى مستحيل هيعارضوا جوازنا.
سقطت دموعها وهي تقول:.

وأنا كمان بحبهم زي أهلى اللى ماتوا وسابونى لوحدى، بحب حنيتهم وروحهم الطيبة المتواضعة، بس رغم تواضعهم يوم ما هتقولهم إنك عايز تتجوزنى مش هيرضوا، إزاي بس يرضوا لإبنهم الوحيد إنه يتجوز من واحدة زيي بسيطة وعلى أد حالها وكمان، مطلقة؟
كاد رأفت ان يمد يده يمسح دموعها التي تقتله، ولكنه يدرك خجلها الرائع والذي يجذبه بشدة إليها، ويعلم علم اليقين أنها سترفض أن يلمسها، ليقول بحنان:.

هيرضوا لإنهم عارفين إن الفقر مش عيب، هيرضوا لإنهم عارفين إن الجواز قسمة ونصيب وكل واحد بياخد نصيبه، هيرضوا لإنهم بيحبوكى وبيعتبروكى زي بنتهم بالظبط، هيرضوا لإنهم عارفين إنك ملاك برئ تايه في الدنيا ومحتاج أمان، وعارفين برده إن إبنهم هو الوحيد اللى يقدر يحميكى يحافظ عليكى، هيرضوا لإنهم متأكدين إن إبنهم مش بس بيحبك، لأ ده بيموت فيكى كمان.

تأملت عيونه العاشقة بعيون ظهر فيهم عشقه أخيرا، عشقه الذي أخفته بين ضلوعها، خوفا من أن تضعف، وكادت أن تعلنها صريحة، أحبك وسأتزوجك، ولكنها لم تستطع أن تتفوه بتلك الكلمات، فمازالت ترى أن رأفت، هذا الطبيب العظيم سليل تلك العائلة العريقة يستحق أكثر من تلك الممرضة المطلقة والتي دعستها الحياة مرارا وتكرارا، فلم تعد ترى في نفسها سوى حطام إمرأة، لتطرق برأسها قائلة في حزن:.

كلام جميل، بس تطبيقه مستحيل، هنتجوز وتندم بعدين، صدقنى.
قال رأفت:
نهاد أنا مستح...
قاطعته نهاد وهي تنظر إليه مشيرة بيدها إليه بالصمت قائلة:
أرجوك يادكتور، من فضلك نقفل الكلام في الموضوع ده.
تأمل قرنيتها العسليتين الدامعتين وهو يقول بتصميم:
مش هقفل، مستحيل أفقد الأمل، أنا معاكى يانهاد ويا توافقى ياتوافقى، الأيام أدامنا طويلة، وأنا صبرى أطول.

رغما عنها ظللت عيونها إبتسامة فرح لم تظهر على شفتيها ولكنه رآها وإكتفى بها، ولو مؤقتا، ليستطرد قائلا:
مش هتنزلى معايا أوصلك البيت؟
هزت رأسها نفيا قائلة:
مش هروح دلوقتى، شروق زي ما انت شايف تعبانة ومحتاجالى جنبها وخصوصا إن جوزها مسافر وملهاش حد زي حالاتى، هبات معاها.
إبتسم قائلا بعشق:
أنا قلتلك قبل كدة إنى بحبك.
أطرقت برأسها خجلا، ليستطرد قائلا:.

طيب، خلى بالك من نفسك ولو هتباتى بكرة كمان، ياريت تعرفينى، رقمى معاكى، فياريت متبخليش علية بإنى أكون مطمن عليكى يانهاد، لو سمحتى.
رفعت إليه عيونها وهي تهز رأسها موافقة، ليبتسم لها قبل أن يغادر لتغلق الباب خلفه وهي تضع يدها على خافقها تهدئ ضرباته القوية، لتنتفض على صوت شروق وهي تقول:
لما انتى بتحبيه كدة ياهبلة، رفضتيه ليه؟
إلتفتت إليها نهاد وهيتأخذ نفسا عميقا ثم تقول بعتاب:
وقفتى قلبى ياشروق.

ثم تقدمت منها قائلة في قلق:
إنتى قمتى من السرير ليه بس دلوقتى؟إنتى لسة تعبانة.
جلست شروق مكانها وهي تقول لنهاد التي جلست بدورها:
بصراحة كنت خايفة الدكتور يكون مخبى علية حاجة، فقمت عشان أسمعه بيقول إيه،
لتبتسم في مرح قائلة:
لقيت بقى حتة مسلسل تركى إنما إيه، البطل فيه هيمان ع الآخر والبطلة مش عاطياله ريق حلو خالص،
نهرتها نهاد قائلة:
شروق.
قالت شروق:.

بلا شروق بلا نيلة، فيه واحدة تلاقى راجل بيحبها أوي كدة وقابلها بكل كلاكيعها وترفضه وتكسر خاطره بالشكل ده؟
تنهدت نهاد قائلة في حزن:
ماهو مش هينفع ياشروق، انتى مش فاهمة حاجة؟
نظرت إليها شروق قائلة بمرارة:.

لأ أنا أكتر واحدة فاهمة وحاسة بيكى، وحاسة بيه هو كمان، الحب أجمل حاجة في الدنيا، ولما يكون الحب متبادل بين الإتنين، يبقى كدة لقوا جنتهم على الأرض يانهاد، ليه بقى ترفسى جنتك عشان أوهام في دماغك، ليه تخرجى تانى من الجنة يابنت حوا عشان وساوس شيطان ملهاش أي أساس؟، إتمسكى برأفت وعيشى معاه، حبى وإتحبى، إدى نفسك فرصة، الحياة من غير حب مش حياة يا نهاد، ومش كل حد بيحب بيبادله حبيبه مشاعره.

لتسقط دموعها في تلك اللحظة، فتسرع إليها نهاد تأخذها في حضنها قائلة:
طب إهدى ياحبيبتى، إهدى عشان خاطر اللى في بطنك.
قالت شروق بسخرية مريرة من وسط دموعها:
اللى في بطنى، اللى في بطنى غلطة مش ضامنه مراد يتقبلها، ورغم إنى نفسى فيه بس ممكن محتفظش بيه...
أخرجتها نهاد من حضنها وهي تقول بجزع:
إنتى بتقولى إيه يا شروق؟مراد مستحيل يقبل بحاجة زي دى، مستحيل يخليكى تجهضى طفلكم.
مسحت شروق دموعها وهي تقول في مرارة:.

كان ممكن أصدقك لو كان مراد بيحبنى، بس مراد مش بيحبنى يانهاد، مراد بيحب واحدة تانية.
عقدت نهاد حاجبيها قائلة:
إزاي؟، إنتى مش قايلالى إنه مبيحبش بشرى.
قالت شروق بسخرية مريرة:
هو فعلا مبيحبش بشرى، بس بيحب رحمة، مرات يحيى، أخوه الكبير.
إتسعت عينا نهاد بصدمة وهي تقول:
إنتى بتقولى إيه؟
تنهدت شروق قائلة:
هحكيلك يا نهاد، لإنى تعبت، تعبت ومش لاقية حد أفضفضله غيرك.
قالت نهاد بشفقة:.

طيب، إحكيلى ياشروق، إحكيلى ياصاحبتى.
لتسرد لها شروق ما إكتشفته اخيرا من مشاعر زوجها التي أخفاها داخل قلبه طويلا والتي جعلت من أملها في عشق زوجها، أملا مستحيلا.

05-03-2022 07:46 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [12]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية الثلاثة يحبونها
رواية الثلاثة يحبونها للكاتبة شاهندة الفصل الثالث عشر

كان يحيى ممددا على الأريكة داخل حجرة مكتبه داخل منزله، يفكر فيما يحدث بينه وبين تلك الشقية الفاتنة والتي ستودى به يوما إلى حتفه من جراء ذلك الصراع الذي يكتنفه حين يكون معها، فتارة يود لو آلمها كما تؤلمه كلماتها وخيانتها له قديما، وتارة يود فقط لو إحتضنها حتى يعتصرها ويشبع توقه إليها والذي يأخذ أنفاسه بعيدا ويزيد من نبضاته مجرد تخيله لذلك...

فجأة، ومض بعقله ما مر به اليوم معها لترتسم على شفتيه إبتسامة حانية، وهو يسترجع ما حدث.
فلاش باك
إنت إزاي تكلمنى بالطريقة دى؟
قالت رحمة تلك الكلمات بحنق، ليقترب منها يحيى خطوة قائلا بصوت حاد النبرات:
والهانم عايزانى أكلمها إزاي يعنى، ها؟بتصغرينى أدام مراد النهاردة ولا همك، بتعمليله أكل وبتقوليله ياكله عشان خاطرك، وأنا قاعد جنبك زي شوال البطاطا ولا لية أي لازمة.
إتسعت عيناها بصدمة قائلة:.

إنت بتقول إيه؟مراد ده أخوك يايحيى؟وإبن عمى.
إقترب منها بسرعة يمسكها من كتفيها يقربها منه لتلفحها أنفاسه الغاضبة وهو يقول بمرارة:
وأنا جوزك، فاهمة يعنى إيه جوزك؟

تأملته بعيون واسعة وشفاه إرتعشت من لمسته جسدها وقرب وجهه منها، وأنفاسه التي ودت لو إستنشقتها بالكامل لتمتزج مع أنفاسها، يتخبط قلبها في صدرها ويظهر نبضه السريع في ذلك العرق النابض في رقبتها، ليتأمل هو ملامح وجهها وصولا إلى ذلك العرق النابض بقوة ثم يصعد بعيونه إلى شفتيها لتغيم عيناه وهو يقترب منهما رغما عنه فقد بلغ شوقه إليها منتهاه، ليقاطع رغبته تلك صوت طرقات على الباب وصوت روحية وهي تخبرهم أن الصبي إستيقظ ويبدو أنه يرغب بحضور السيدة رحمة إليه لتهرب رحمة من بين يديه بسرعة تاركة إياه لاعنا تلك الطرقات التي حرمته رغبته في تذوق شفاهها، والتي إشتاق إليها حد الجنون، نعم الجنون، فذلك الصراع في المشاعر بين إيلامها وتقبيلها هو بذاته جنون لابد وأن يتحكم فيه أو يحسمه لصالح أحد تلك المشاعر، وإلا جن بالكامل.

قاطعت أفكاره تلك الطرقات مجددا ليقول بملل:
إدخلى ياروحية.
دلفت روحية إلى حجرة المكتب، تبدو على ملامحها إمارات القلق، ليعتدل يحيى على الفور و هو يقول:
خير ياروحية؟
قالت روحية بإضطراب:
الحاج صالح ومراته وولاده في الهول، ومعاهم رجالة كتير مستنيينهم برة البيت يايحيى بيه، وطالبين يشوفوك إنت والست رحمة حالا.
عقد يحيى حاجبيه، يفكر لثوان، ثم قست ملامحه وهو يقول:.

قولى لرحمة تنزل عشان العيلة جت وحابة تشوفها وخليكى إنتى مع هاشم، مفهوم؟
قالت روحية بإحترام:
مفهوم يابيه، عن إذنك.
لتغادر روحية ويخرج يحيى هاتفه، يتصل بمراد الذي أجاب على الفور، ليبادره يحيى قائلا بنبرات صارمة:
العيلة كلها هنا يا مراد، والموضوع ميطمنش، أنا مش مرتاح، الزيارة غريبة وحاسس بحد لاعب في الموضوع ده، تعالى ع البيت وخلى الرجالة مستعدين لأي غدر.
قال مراد في حزم:
متقلقش يايحيى، مسافة السكة.

ليغلق يحيى الهاتف وهو يغلق زر قميصه العلوي، إستعدادا للخروج ومواجهة عمه صالح والعائلة، فتلك الزيارة لا تبشر بخير، لا تبشر بخير أبدا.

قالت رحمة في توتر:
عمى صالح والعيلة، أنا مرحتلهمش من زمان أوي وهما مش بيخرجوا من البلد، إلا في أقصى الظروف، غريبة.
قالت روحية وهي تتناول منها هاشم قائلة:
إلا غريبة، ولا وشوشهم ياستى، مكشرين كدة وتحسى إن ميتلهم ميت، ربنا يستر، أنا خفت، ولولا إنى عارفة إن يحيى بيه قدهم، كنت إترعبت.
نظرت إليها رحمة قائلة:.

متقلقيش ياروحية، إنتى عارفة إن يحيى فعلا أدهم، وهما برده على أد ما يبانوا قاسيين لكن قلبهم طيب وميتخافش منهم.
تنهدت روحية لتمرر رحمة يدها على وجنة الصبي بحنان ثم تقول لروحية:
خلى بالك منه يادادة وأنا بإذن الله مش هتأخر.
قالت روحية:
في عيونى ياستى.

إبتسمت رحمة وهي تغادر الحجرة، ولم تلبث أن إختفت إبتسامتها وهي تترك قلقها يظهر على ملامحها توجسا من تلك الزيارة الغريبة من عائلة الشناوي، تدعوا من كل قلبها ان تمر تلك الليلة، بسلام.

تأمل يحيى ملامح عائلة الشناوي المتجهمة بتوجس، يزداد شعوره بوجود خطأ ما، يتساءل عن كنهه، وما ان إقتربت رحمة من يحيى ورآها الجميع حتى تحفزوا جميعا ليتقدم منها فارس، الإبن الأوسط للحاج صالح وهو يقول بغضب:
تعالى يافاجرة يابنت الفاجرة.
وقف يحيى في مواجهته والغضب يعلو ملامحه وهو يهدر قائلا بغضب:.

فارس إنت إتجننت؟، إزاي تكلم مراتى بالشكل ده، أقف مكانك ومتقربش منها خطوة واحدة، وإلا قسما برب العزة لأموتك بإيدية دول وما أعمل حساب للقرابة والدم.
تجمد فارس في مكانه يطالع يحيى بنظرات حانقة بينما يرمقه يحيى بنظرات غاضبة متحدية، ليردع فارس صوت أبيه الذي قال بهدوء:
إهدى يافارس وتعالى جنب إخواتك ياإبنى الله يرضى عنك.

تراجع فارس ليقف خلف أبيه رغما عنه، بينما توارت رحمة خلف يحيى الذي شعر بخوفها وإحتمائها به منهم، تمسك قميصه من الخلف كما كانت تفعل بالضبط وهي صغيرة، ليرق قلبه ويشعر بالألم، فمازالت هي كما هي، رحمة الضعيفة والتي تشعر بكره الجميع لها رغم أنه لا ذنب لها فيما فعلته والدتها، ومازالت تحتمى به لينقذها من براثن كرههم، شعوره بأنه حاميها دفع الدم لعروقه وأكسبه تصميما على ردعهم جميعا اليوم وقد ظهر الغدر في عيونهم، حتى وإن عام في بحر من الدماء فلن يمسوها بأذى، طالما هو حي يتنفس.

ليطالع الحاج صالح بنظرة قوية أثرت في الحاج صالح إعجابا به رغما عنه وهو يقول:
ممكن أعرف سر الزيارة الغريبة دى واللى الواضح إنها مش ودية أبدا، ممكن أعرف جايين ليه النهاردة ياحاج صالح؟
قال صالح بهدوء وهو ينقر بعصاه على الأرض مقتربا من يحيى قائلا:
جايين نحمى شرفنا يا ولدى، شرف عيلة الشناوي، جايين نغسل عارنا بإيدنا.
إتسعت عينا رحمة في صدمة بينما عقد يحيى حاجبيه قائلا:
عار إيه وشرف إيه، تقصد إيه ياحاج؟

دلف مراد في تلك اللحظة إلى المنزل، لتظهر بشرى بدورها والتي كانت تتابع ما يحدث من بعيد، ليجتمع الكل ويقترب الحاج صالح من يحيى أكثر قائلا:
وصلنى إن بنت بهيرة دايرة عليكوا واحد واحد، ياولاد عيلة الشناوي، بتوقعكم في مصيدتها واحد ورا التانى بألاعيبها اللى بتوصلكم لسريرها وبعدين تضطروا تتجوزوها عشان تداروا الفضيحة، مظبوط كلامى؟ولا إيه؟

كادت رحمة الآن ان تموت حزنا من كلمات الحاج صالح، بينما علا ثغر بشرى إبتسامة وارتها على الفور ولكن ليس قبل أن يلمحها مراد ويدرك انها هي من أخبرتهم بذلك ليتوعد لها بعد إنتهاء تلك المهزلة، أما يحيى فقد قال بصوت قاطع صارم متوعد النبرات:.

خد بالك إن اللى بتتكلم عليها دى تبقى مراتى، مرات يحيى الشناوىطي والعرض اللى بتخوض فيه ده، هو عرضى، والله في سماه اللى يجيب سيرة مراتى أو يخوض في عرضى ما أسيبه عايش على وش الأرض ولو كان مين؟
تحفز أبناء الحاج صالح وتقدموا بإتجاهه ليرمقهم يحيى بصرامة ويقترب مراد من أخيه بسرعة بينما إتسعت عينا بشرى بخوف، فلم تكن تتوقع ان تتدهور الأمور بهذا الشكل، ليرفع الحاج صالح يده، بإشارة لأبنائه قائلا:.

خليكوا مكانكوا ياولاد صالح.
ليتوقف الجميع مكانهم ينظرون إلى بعضهم بحيرة وحنق بينما رمق الحاج صالح يحيى بنظرة عميقة غير مفهومة وهو يقول:
رد على سؤالى ياإبن صديق، إتجوزتها بسرعة كدة ليه وإنت لسة دافن مراتك يا إبن الأصول.
نظر يحيى إلى عمق عيني الحاج صالح وهو يقول بحزم:.

رغم إن دى حياتى الشخصية وأنا حر فيها، ومش مجبر إنى أبرر، بس هقولك ياحاج، جوازى من رحمة كان بوصية من أختها، اللى شافت إنى عمرى ما هرضى أتجوز وأجيب لهاشم مرات أب، وفى نفس الوقت خافت إن هاشم يتحرم من حنان الأم وملقتش أحن من أختها كأم بديلة ليه،
ليخرج من جيبة ورقة مطوية وهو يناولها للحاج صالح مستطردا:
الوصية أهي، تقدر تقراها بنفسك.

فتح الحاج صالح تلك الورقة وقرأها بهدوء، ليهز رأسه قبل أن يمنحه إياها قائلا:
مظبوط كلامك ياابنى، طب ده بخصوص جوازك لكن جوازها الأول بأخوك وجدك هاشم اللى لقاها في أوضته وهي...
قاطعه يحيى وهو يهدر قائلا:
عمى، الكلام ده محصلش منه حاجة ومراد يشهد بكدة،
ليقول مراد بسرعة:
فعلا محصلش ياحاج، اللى قالك كدة كداب ويستاهل الحرق.
قالها وهو ينظر إلى زوجته التي أشاحت بوجهها بعيدا عنه، بينما قال يحيى بصرامة:.

ياريت نقفل بقى ع الموضوع ده، لإنى قلتلك ياحاج صالح، اللى بتتكلم عنها دى مراتى ومش هسمح لأي حد مهما كان يجيب سيرتها،
ليقول فارس بحدة:
بس ده شرفنا كلنا، شرف عيلة الشناوي.
كاد يحيى أن يتقدم بإتجاهه ينوى ضربه ليمسكه الحاج صالح من ذراعه بقبضة حديدية رغم سنه الذي تعدى السبعون لينفض يحيى يده بغضب وكاد أن يشتبك الجميع، لتصرخ رحمة قائلة:
كفاية بقى، كفاية.

إلتفت إليها الجميع لتطالعهم جميعا بعيون غشيتها الدموع ولكنها قوية تحمل إصرارا وهي تقول:
مش عشان أمى طلعت ست خاينة ووحشة، أبقى أنا كمان زيها وأفضل طول عمرى عايشة بوصمة عارها، أنا إستحملت ظلمكم وقسوتكم علية كتير، ومن قبلكم جدى الحاج هاشم، بس خلاص مبقتش قادرة أستحمل ظلمكم أكتر من كدة.

التفت إليها يحيى يظهر الألم على وجهه تأثرا بألمها الذي يقطر من كلماتها، وهو ينادى بإسمها، لتشير إليه بيدها أنها بخير وهي تلتفت إلى الحاج صالح قائلة بحزم:
أنا معايا دليل برائتى ياحاج صالح.
عقد صالح حاجبيه بينما تبادل الجميع النظرات، ليقول صالح بندوء:
وإيه هو الدليل ده؟، وريهولنا يابنت بهيرة.
هدر يحيى بصرامة قائلا:
حاج صالح.

لمست رحمة ذراع يحيى مهدئة إياه لينظر إليها فتومئ إليه بعينيها ان يترك لها هذا الأمر، ليتركه لها بالفعل وسط حيرته، إلتفتت هي إلى صالح قائلة بثبات:
دليلى مش هقوله غير للحاجة آمال، وده آخر ما عندى.
نظر الجميع إلى آمال الواقفة بهدوء بينهم، لتومئ برأسها لهم وهي تتجه إلى رحمة قائلة برصانتها المعهودة:
وأنا مستعدة أسمعك يابنتى.
أشارت لها رحمة أن تتقدمها لتخطو بالفعل معها ليقول حامد مناديا إياها:
أمى.

إلتفتت إليه قائلة بهدوء:
متقلقش ياحامد، دقايق وراجعالكم.
ثم نظرت إلى صالح ليومئ لها الحاج صالح برأسه وتذهب آمال مع رحمة ليدلفوا إلى حجرة المكتب وسط توتر وحيرة وقلق من الجميع وخاصة ذلك الذي تعلقت عيناه بحبيبته التي نظرت إليه نظرة طويلة قبل ان تغلق الباب خلفها، بهدوء.

، بعد مرور بعض الوقت
كان الجميع ينتظرون خروج رحمة و الحاجة آمال من الغرفة المغلقة، لتتعلق العيون بالباب حين فتح وظهرت الحاجة آمال وهي تمسك بيد رحمة على عتبته، يبدوان وكأنهما كانتا تبكيان من تلك العيون المتورمة والأهداب التي مازالت ندية، ليقترب يحيى من رحمة على الفور وهو يقول بقلق:
إنتى كويسة؟

أومأت برأسها بينما إبتسمت الحاجة آمال وهي تسلمه يدها لتستقر في يده وسط دهشة الجميع، بينما إتجهت آمال إلى الحاج صالح ومالت على أذنه هامسة ببعض الكلمات، لتتسع عينا الحاج صالح في صدمة وهو ينظر على الفور إلى رحمة التي أطرقت برأسها على الفور، بينما شعر الجميع بان هناك لغز ما يسيطر على الموقف، وحل هذا اللغز عند اثنين فقط، رحمة وآمال، والآن أضيف لهم الحاج صالح، ليقول صالح بثبات:
إحنا لازم نتأكد،.

إتسعت عينا آمال قائلة بدهشة:
إنت بتقول إيه ياحاج؟
قال صالح بحزم:
اللى سمعتيه ياحاجة.
قالت آمال:
بس...
قاطعتها رحمة وهي تقول بثبات:
وأنا مستعدة أروح معاكم بنفسى عشان تتأكدوا.
قال يحيى بحدة:
تروحى على فين؟إنتى إتجننتى؟
إلتفتت إليه قائلة بحزن:
لأ تعبت، تعبت ظلم ولازم أرتاح بقى، وإنت مش هتمنعنى.
كاد ان يتحدث لتقاطعه وهي تضع يدها على فمه قائلة:.

مش هقولك عشان خاطرى، بس عشان خاطر راوية وهاشم، سيبنى اروح معاهم وأوعدك إنى هرجع عشان...
لتصمت لثانية وقد كانت أن تقول (عشانك)لتستطرد وهي تصححها قائلة:
عشان هاشم.
نظر إلى عينيها لثوان، ثم لم يلبث أن أومأ برأسه في هدوء، لتنزل رحمة يدها وهي تتجه إلى الخارج مغادرة المنزل مع صالح وآمال، بينما ظل الجميع بالمنزل ليقول يحيى هادرا:
حاج صالح.
إلتفت إليه صالح ليستطرد يحيى قائلا:.

مراتى ترجعلى زي ما خرجت من بيتى، لو إتمس شعرة واحدة منها مش هيكفينى قصادها عيلة الشناوي كلهم، مفهوم؟
أومأ صالح برأسه بهدوء، وإلتفت مغادرا، ترتسم على شفتيه إبتسامة إعجاب هادئة، فهذا الشبل حقا من ذاك الأسد، ويحيي إبن صديق، يشبهه تماما.

بعد وقت قليل...

دلفت رحمة إلى السيارة بعد ان انهوا مهمتهم بنجاح وظهرت برائتها لتدحض كل شكوكهم تماما، جلست إلى جوار الحاجة آمال التي رفعت يدها ووضعتها على كتف رحمة لتضمها إلى جانبها وتربت عليها بحنان، شعرت رحمة بحنانها وتعاطفها معها لأول مرة منذ أن عرفتهم رحمة كأقارب لأبيها، لتسقط دمعة من عيني رحمة أسرعت تمسحها، وهي تتمنى من كل قلبها الآن أن تكون أمام يحيى لترتمى في حضنه وتبكى لتشعر بالراحة بعد طول عناء، حانت من الحاج صالح الذي يجلس بجوار السائق إلتفاتة إلى رحمة القابعة في حضن آمال بضعف، ليلوم حاله على التشكيك بكلماتها وإخضاعها لتلك التجربة البغيضة، ولكن ما باليد حيلة فمن بثت السموم في عروقه هي بنت رباب، من كان يعتقد أنها أكثر نساء عائلة الشناوي عقلا كأمها تماما، و التي كان يستطيع الوثوق بها كلية، ليتضح أنه على خطأ، وأن كل ما في الأمر، هي غيرة، غيرة نسائية بغيضة من جانبها، ولكنها رغم قباحتها إلا أنها أرجعت إليه إبنة ناجح من جديد، أرجعتها إلى عائلتها بعد وقت طويل قاست فيه ظلمهم وتجاهلهم ونكرانهم، ولكن آن الأوان لكي تعود لأحضانهم من جديد وينقشع ضباب الظلم عن سماء المظلوم.

تبادل كل من الحاج صالح وزوجته آمال النظرات لتومئ إليه برأسها وكأنها تقرأ افكاره، وتوافق عليها، كلية.

نزلت رحمة من السيارة لتنزل خلفها آمال، كاد الحاج صالح أن يسبقهما حين نادته رحمة بضعف قائلة:
حاج صالح.
توقف صالح وهو يلتفت إليها قائلا بحنو:
نعم يابنتى.
أطرقت برأسها في خجل قائلة بهمس:
ياريت يحيى ميعرفش باللى حصل، إنت عارف يحيى وعصبيته، وأكيد مش هيعدى حاجة زي دى بالساهل، إنت فاهمنى طبعا؟
أومأ برأسه قائلا:
فاهمك يابنتى.
ليستطرد قائلا بإعجاب:.

يحيى راجل من ضهر راجل ويستاهل واحدة زيك يارحمة يازينة بنات عيلة الشناوي كلها.
رفعت رأسها إليه تغشى عيونها الدموع بسرعة، فلقد قال الحاج صالح جملته الأخيرة بفخر جعل دقات قلبها تتقافز فرحا، فأخيرا إعترفت بها العائلة كإبنة لها، فقط تمنت لو جدها هاشم كان هنا الآن ليدرك بدوره كم ظلمها ويعترف بها أخيرا كحفيدته، أفاقت على ربتة يد صالح على كتفها قائلا:
تعالى نرجعك لجوزك يابنتى، ربنا يوفق بين قلوبكم ويسعدكم.

قالت الحاجة آمال:
آمين ياحاج.
بينما أومأت رحمة برأسها وقلبها يؤمن على دعوته، ليمشوا سويا متجهين إلى منزل عائلة الشناوي، ويدلفوه، سويا.

قال يحيى بحنق غاضب:
يعنى إيه عربيتهم إختفت، فهمنى؟إحنا مشغلين معانا حمير؟
ليرفع عيونه إلى السماء قائلا في مرارة:
إرحمنى يارب، رحمة لوحدها مع الحاج صالح والحاجة آمال، والله أعلم ودوها فين، ولا عملوا فيها إيه، وانا واقف هنا متكتف مش عارف مراتى فين؟وجرالها إيه؟

جلس مطرقا برأسه وهو يضعها بين يديه، يتهدل كتفاه في صورة واضحة عن ضعفه وقلة حيلته، يراه مراد لأول مرة بتلك الحالة ليدرك عمق مشاعره تجاه رحمة ويقرر نهائيا نسيان ذلك العشق، ووأده في قلبه، حتى إن كان الثمن إبتعاده عن أخيه، تماما.

في تلك اللحظة دلف الحاج صالح وإلى جواره الحاجة آمال ورحمة ليقف يحيى على الفور يتفحصها بعينيه، إبتداءا من ضعفها الواضح، و شحوب وجهها، إلى رعشة جسدها الواضحة، ليسرع إليها بينما كانت تبحث عنه بعينيها حتى وجدته متجها إليها لتمد يدها إليه فمد يده إليها بدوره وعندما تلامست أيديهما، تركت نفسها تغرق في ذلك الظلام الذي أحاطها، والذي قاومته كثيرا حتى وجدت نفسها في أمان يديه، ليلقفها يحيى قبل ان تقع أرضا، ويكون آخر ما تسمعه هو صراخه بإسمها، في لوعة.



المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
رواية صغيرتي الحمقاء زهرة الصبار
39 7010 زهرة الصبار
رواية انتقام ثم عشق زهرة الصبار
38 4086 زهرة الصبار
رواية حبيب الروح زهرة الصبار
39 3120 زهرة الصبار
رواية لا ترحلي زهرة الصبار
36 2985 عبد القادر خليل
رواية أحببت فاطمة زهرة الصبار
74 3425 زهرة الصبار

الكلمات الدلالية
رواية ، الثلاثة ، يحبونها ،


 





# فنون # مشاهير # صحة # منوعات # الأطفال # English # تفسير الأحلام ثقافة # قصص # سيارات Cars # صور # تقنيات # الاجهزة الالكترونية # المطبخ # كلام فى الحب # أبراج # رياضة # ازياء # حكم وأقوال تطوير الذات# خلفيات # صور بنات # مشاهير # ديكور # صباح الخير # مكتوب برقيات شهر رمضان # جمعة مباركة # حب رومانسية # عيد # ادعية # خلفيات كرتون # منوعات # موضة # الأم # أطفال # حيوانات # صور ورد # اكلات # New Year # مساء الخير # اللهم صلي علي النبي # القران الكريم # صور نكت # عيد ميلاد # اعلام # سيارات # تهنئة الخطوبة # حروف واسماء # الغاز # صور حزينة # فساتين # هدايا # خلفيات النادي الاهلي # تسريحات شعر # الاصدقاء # بوستات نجحت # خلفيات نادي الزمالك # حب رومانسية # تهنئه # ازياء # صور بنات # صوره وكلمه خلفيات # كرتون # بروفايل رمزيات # دينية # سيارات # مضحكة # أعلام # مسابقات # حيوانات # ديكور # أطفال # أكلات # حزينة صور شباب أولاد ر# صور # الطب و الصحة # مقالات عامه # CV المشاهير # وصفات الطبخ # العناية بالبشرة غرائب وعجائب # قصص روايات مواعظ # صور حيوانات # وصفات الحلويات # الرجيم والرشاقة # نكت مضحكة # صور خلفيات # العناية بالشعر # شروحات و تقنيات # videos # Apps & Games Free # موضة أناقة أزياء # سيارات # ديكور # رعاية الأطفال # نصائح المطبخ # موبايل جوال # الفوركس # التعليم والمدارس # الحمل و الولادة # اخبار الرياضه # وظائف # صحة المرأة # حوادث # صور بنات # صور اطفال # مكياج و تجميل # عناوين بنوك شركات محلات مطاعم # العاب الغاز # عيد # كلمات الاغانى # اشغال فنيه واعمال يدويه # مصر # أشعار خواطر # للنساء فقط # للرجال فقط # صور شباب # علاج النحافه # رسائل SMS # أكلات نباتية - Vegetarian food # برامج الكمبيوتر # المراهقة # جمعة مباركة # blogger # رعب # لعنة العشق # حب # اسلامية # قاسي ولكن أحبني # أحفاد أشرار الحرب لأجلك سلام # أسمى معاني الغرام # حقيقية # لقد كنت لعبة في يده # ملهمة # أباطرة العشق # عربية # حب خاطئ # لست مميزاً # من الجاني # مشاهير # راقصة الحانة # اغتصاب طفلة # عاشقان يجمعهم القدر # الطريق الصعب # خيال علمي # أشواك الحب # تاريخ # سجينة ثوب الرجال # لروحك عطر لا ينسى # أطفال # عشق وانتقام # لازلت أتنفسك # لقاؤنا صدفة # للحب معان أخرى # خاتم سليمان # ممن أنتقم # نجاح # أبواب وهمية # حلمى فى صفيحة قمامة # فيلم # مجنون بحبك # بين شباكها # حزينه # رحلات جوليفر # عذاب قسوته # عندما ينادي الشيطان # لعنة حبك # مريم وامير # هدوء في قلب العاصفة # الحاسة السادسة # المشعوذة الصغيرة # عباقرة # لوعة العشق # حروب # قدر بالإجبار # بنات مضحكه# فوركس Forex# صحتك # الصور والخلفيات # الطبخ والحلويات # منوعات # اخبار الفن # القصص و الروايات الألعاب الرياضية # الحياة الزوجية # أزياء وملابس # الأم و الطفل # دراسات لغات # افكار منزلية # انترنت تكنولوجيا # صفات الابراج # حيوانات ونباتات # تفسير الاحلام # معانى الاسماء # خواطر و اشعار # الكون والفضاء اجمل نكته# Mix # Forex # youtube # foods # Kids # Health education # stories # News # kitchen # woman # Famous # Sport # Animals

-------

الساعة الآن 06:13 صباحا