في الوادي إلتقيا وفيه إفترقا للأبد، أو هكذا ظنت حتى رأته من جديد، لتجده شخصا مختلفا كلية عمن أحبت، ترى هل هو نفس الشخص؟ أم هو شبيه له؟ أم ربما هو طيف في خيالها فقط؟ وذكرى قد طواها النسيان؟ ترى من هو حقا؟
اقتباس من الرواية
فجأة تلاشى كل شئ ليفتح عينيه على يد رقيقة تهز كتفه، نظر إلى صاحبتها التي مالت عليه تنادى بإسمه هامسة، لثوان أحس بالضيق منها فقد كان قاب قوسين أو أدنى من الكشف عن تلك الغامضة الرائعة التي تغزو أحلامه دوما وتقلق منامه وأفكاره، ولكن إيقاظها له أضاع كل شئ، لتنفرج أساريره قليلا وهو يلاحظ قلق تلك الجميلة عليه، والذي ظهر على ملامحها الرقيقة الشفافة، وهو إن كان قاسى القلب، صلد بارد مع الجميع، فأمامها هي بالذات لا يستطيع أن يفعل شيئا سوى أن يكون هذا الأخ الحنون الذي لطالما كانه لها وسيكون دائما.
هي ليلته الجميلة الرقيقة التي توفي والدها وهي مازالت بعد صغيرة، ثم توفيت والدتها بعدها ليكون لها ولأختهم لين الأب والأم والأخ، ربما يميل قليلا لليلته، لأنه يشعر بضعفها ورقتها وطبيعتها الحساسة الهشة، بينما لين تملك شخصية قوية لا تحتاج إليه البتة، ولكنه ورغم قربه من لين بالماضى مع إستقلاليتها تلك.
إلا أنها في الوقت الحاضر، ومنذ طلاقها لم تعد أبدا كما كانت، إنغلقت على نفسها وأقامت بينهما الحواجز والسدود، و التي أقسم على إزالتها، فقط يحتاج لبعض الصبر والوقت واللذان في الوقت الحالى لا يملك أيا منهما، ولكنه يضعها تحت ناظريه حتى يجد الوقت المناسب لإخراجها من تلك الحالة الغريبة التي إعترتها وتقوقعها حول نفسها، لتنغمس في العمل نهارا والحفلات ليلا، تماما كزوجته شاهيناز، لقد أصبحت تقريبا نسخة طبق الأصل منها،
فصول
رواية وادي النسيان
رواية
وادي النسيان للكاتبة شاهندة الفصل الأول
من أنتى أيتها الجميلة الرقيقة الخجولة الشقية؟
تبلبلين عقلى وتشغلين قلبى وأحلامى الوردية
لم أعد أنا كما كنت، جبارا قويا
ولم أعد وحيدا، حزينا، أو قلبا شقيا
أنتظر الليل فقط كي تأتينى وتأتى معك بسعادتى الأبدية.
كانت تجرى في هذا الوادى العشبي الجميل، تنطلق ضحكاتها الصاخبة التي تطرب قلبه وتزيد من دقاته ليبتسم رغما عنه وهو يحاول اللحاق بها، لتلتفت بجانب وجهها يكاد يراها لأول مرة منذ أن بدأت تطارده وتشغل عقله وقلبه وأفكاره، ولكنها عادت تنظر إلى الأمام، تزيد من غموضها وتنطلق ضحكاتها المشاغبة، يتمايل شعرها البني اللون و المتهادى على أكتافها مع الهواء، ليخطف سحره لبه، يتوه في ذلك الشعر الحريري المسترسل، يتمنى فقط لو إستطاع أن يلمسه ويمرر أصابعه في خصلاته، يتمنى فقط لو كفت عن الهرب منه ونظرت إليه ليرى ملامحها التي يثق بأنها رائعة تماما كضحكاتها، فقط لو رآها وأثلج قلبه المشتاق لرؤيتها، فقط لو إستطاع اللحاق بها، ولكنه دوما ورغم ركضه بأقصى سرعته وأنفاسه اللاهثة، ورغم كل شئ يبذله، تستطيع هي بكل سهولة ان تسبقه دائما، فلم يستطع ولو لمرة واحدة اللحاق بها أو إيقافها، كاد أن ييأس، لتتوقف فجأة وتبدأ بالإستدارة ليتجمد مكانه وتتسارع دقات قلبه وهو ينتظر الكشف عن ملامحها...
فجأة تلاشى كل شئ ليفتح عينيه على يد رقيقة تهز كتفه، نظر إلى صاحبتها التي مالت عليه تنادى بإسمه هامسة، لثوان أحس بالضيق منها فقد كان قاب قوسين أو أدنى من الكشف عن تلك الغامضة الرائعة التي تغزو أحلامه دوما وتقلق منامه وأفكاره، ولكن إيقاظها له أضاع كل شئ، لتنفرج أساريره قليلا وهو يلاحظ قلق تلك الجميلة عليه، والذي ظهر على ملامحها الرقيقة الشفافة، وهو إن كان قاسى القلب، صلد بارد مع الجميع، فأمامها هي بالذات لا يستطيع أن يفعل شيئا سوى أن يكون هذا الأخ الحنون الذي لطالما كانه لها وسيكون دائما، فهي ليلته الجميلة الرقيقة التي توفي والدها وهي مازالت بعد صغيرة، ثم توفيت والدتها بعدها ليكون لها ولأختهم لين الأب والأم والأخ، ربما يميل قليلا لليلته، لأنه يشعر بضعفها ورقتها وطبيعتها الحساسة الهشة، بينما لين تملك شخصية قوية لا تحتاج إليه البتة، ولكنه ورغم قربه من لين بالماضى مع إستقلاليتها تلك، إلا أنها في الوقت الحاضر، ومنذ طلاقها لم تعد أبدا كما كانت، إنغلقت على نفسها وأقامت بينهما الحواجز والسدود، و التي أقسم على إزالتها، فقط يحتاج لبعض الصبر والوقت واللذان في الوقت الحالى لا يملك أيا منهما، ولكنه يضعها تحت ناظريه حتى يجد الوقت المناسب لإخراجها من تلك الحالة الغريبة التي إعترتها وتقوقعها حول نفسها، لتنغمس في العمل نهارا والحفلات ليلا، تماما كزوجته شاهيناز، لقد أصبحت تقريبا نسخة طبق الأصل منها،.
أفاق من أفكاره على صوت ليلة القلق وهي تهمس بإسمه قائلة:
خالد.
نظر إليها لتستطرد قائلة في قلق:
إيه بس اللي منيمك في أوضة المكتب؟إنت إتشاكلت مع شاهيناز تانى؟
هز رأسه نفيا قائلا:
لأ، متخانقناش، أنا بس كنت براجع شوية أوراق والظاهر نمت من غير ما أحس.
إبتسمت قائلة:
ربنا يعينك ياحبيبى، طب قوم يلا كمل نوم في أوضتك، وإرتاح حبة.
فرك بأصابعه ذلك الجسر بين عينيه ثم نهض وهو يتمطى بكسل قائلا:.
انا فعلا هعمل كدة، تصبحى على خير.
إبتسمت قائلة:
تلاقي الخير.
توجه إلى الباب ولكنه لم يلبث أن توقف وهو يلتفت إلى ليلة ينظر إليها وهي تجلس مكانه وتفتح كتابا بيدها، ليقول بإبتسامة:
رومانسى برده؟
رفعت بيدها الكتاب وهي تبتسم قائلة:
إنت عارفنى، مقدرش يومى يمر من غير ما أقرا
رواية رومانسية.
قال بمزاح ساخر:
يا بنتي فكك من الهبل ده، كلام الروايات ده مش حقيقى، واللي بيكتبوه ناس فاضية عندهم إحباط عاطفى.
قالت في غيظ:.
ملكش دعوة بالروايات، واللي بيكتبوا الروايات.
لتشير إلى نفسها قائلة:
واللي بيقروا الروايات، خليك إنت في عالم البيزنس بتاعك، وخلينا إحنا جوة العالم بتاعنا، ماشي.
إبتسم قائلا:
ماشي يا ستي، سلام يا دكتورة.
إبتسمت ليلة قائلة:
سلام ياسيدى.
ليغادر خالد بهدء تتبعه ليلة بعينيها، قبل أن تعود لروايتها، تجرى عيناها على سطورها، تعيش بين جنباتها سعادة لا تعيشها سوى في تلك الروايات، عالمها الخيالي الرائع.
تقدمت جورية بإتجاه مكتب فراس بخطوات رقيقة لتضع على مكتبه فلاشة حمراء وهي تزفر قائلة براحة:
وأخيرا خلصت الرواية، يادوب تلحق تطبعها عشان تنزل بيها المعرض السنة دى.
إبتسم فراس وهو يتناول الفلاشة ويضمها بأصابعه ناظرا إلى جورية وهو يقول:
كنت عارف إنك أدها على فكرة.
جلست على المقعد المواجه لمكتبه وهي تتنهد قائلة:.
والله النهاية تعبتنى أوى يافراس، كتبتها ومسحتها ييجى عشر مرات كدة، بس الحمد لله، خلصتها وراضية أوى بالخاتمة دى.
تفحص ملامحها الشاحبة ليدرك أنها لم تأكل ولم تشرب ولم تنام بل إنغمست كلية في كتابة الخاتمة حتى أنهتها بتلك الصورة التي أرضت خيالها، هكذا هي منذ أن تعرف إليها وأقنعها بالنشر لديه في دار المبدعون للنشر والتوزيع، لديها موهبة رائعة وكاتبة مجتهدة، تبغى الكمال حتى في كتاباتها، لقد رأي منذ اللحظة الأولى موهبتها تلك التي تحتاج فقط إلى من يرعاها ويوجهها توجيها صحيحا، وبالفعل إستطاع هو القيام بذلك، لينشر لها أول
رواية بعنوان(أحببتك وإنتهى الأمر)، لتحصد نجاحا كبيرا، لتليها روايتها الرائعة والتي أحبها هو بشكل خاص بعنوان(أنفاس حياة)والتي حققت بدورها نجاحا منقطع النظير، وحصلت على أعلى نسبة مبيعات في تاريخ الدار، حقا إنها فتاة رائعة تلك الجورية، فرغم رقة ملامحها، إلا أنها تحمل شخصية هي مزيج رائع من الرومانسية والرقة والعقل والقوة، ولولا أنه يعلم منذ البداية بماضيها والذي لا يدع له أي مجال للدلوف إلى قلبها لكان أحبها على الفور ولكنه أعدها بمثابة أخته منذ أن أخبرته بقصتها، وعاملها على هذا الأساس.
أفاق من أفكاره على حمحمة رقيقة من جورية وهي تقول:
إحم، فراس، سرحان في إيه؟
إبتسم قائلا:
مفيش ياجورى، قوليلى بقى لسة مصممة يكون بطل غلافك بنفس الملامح؟
ظهرت لمحة من الحزن مرت عبر عينيها وإلتقطها فراس، ليلوم نفسه بشدة على سؤالها، ولكنها مالبثت أن قالت بهدوء يخالف ذلك الألم القابع في عمق عينيها:
أنا سلمت الغلاف للمطبعة وهم هيعدلوه، والرواية عندك أهي، مكنش فاضل غير الخاتمة، إقراها وإبقى قوللى رأيك؟
أومأ برأسه لتنهض قائلة:
أنا هقوم أمشى بقى عشان ألحق أكلم جدى عزيز، لإنه وحشنى جدا، بقالى يومين مكلمتوش بسبب الرواية دى وأكيد زعلان منى.
قال فراس:
هتروحيله؟
لعن فراس لسانه الزالف والذي يتسبب بإيلامها دون قصد منه فقد ظهر الحزن على وجهها على الفور فور نطقه لسؤاله، ليظهر في صوتها الذي تهدج ألما وهي تقول:
إنت عارف إنى مبروحش هناك من ساعة...
وصمتت ولكنه أدرك ما عجزت عن النطق به، ليحاول أن يغير ذلك الموضوع الشائك، وهو يقول:
طيب أول ما ييجى عرفينى، عشان حابب أشوفه وأسلم عليه لإنه وحشنى أنا كمان.
إبتسمت إبتسامة باهتة لم تصل إلى عينيها وهي تقول:
اكيد هقولك، سلام.
لتلتفت مغادرة ولكنه إستوقفها قائلا:
مقلتليش، في الخاتمة، مين كان المعجب الغامض بحنان؟
شعت عيونها فجأة بالحياة، فالقصص والروايات هما الشيئان الوحيدان اللذان يشعلان روحها بعد ان ظنت بأنها أصبحت روح باهتة لا حياة فيها، لتبتسم قائلة:
مفاجأة.
ليبتسم بدوره وتغادر هي بهدوء، ليفتح قبضة يده وينظر إلى الفلاشة بعيون مبتسمة، ثم يضعها على الفور باللاب توب خاصته، ليفتح الملف والمكتوب عليه الخاتمة، تجرى عيناه على سطورها، لتتسع مع مرورها على الكلمات إنبهارا، وإعجابا.
إستيقظ نبيل على صوت تحطم شديد، ليندفع بإتجاه حجرة مؤيد حيث يأتى منها الصوت، ليدلف إلى الحجرة ويرى مؤيد يقف في منتصف الحجرة لاهثا بقوة بينما تحطم كل شئ بالداخل، المرايا والأثاث، لم يعد هناك شيئا سليما بالمرة، ليقترب من صديقه الذي أطرق بوجهه أرضا قائلا بقلق:
مالك يامؤيد؟حصل إيه؟وإيه اللي خلى الأوضة بالشكل ده؟
رفع مؤيد وجهه إلى نبيل لينتاب نبيل الجزع وهو يرى تلك الدموع التي غشيت عيون صديقه، والتي لم يراها في عين صديقه حين مات والد مؤيد في حادث سيارة أليم، ولم يراها حتى في يوم طلاقه من زوجته السابقة والتي يدرك نبيل أنها كانت حب مؤيد الأول والأخير، عشقه الوحيد، فما السبب الجلل والذي كان ورائها اليوم؟ليقول نبيل وهو يمسك كتفي صديقه بيديه:
فيه إيه ياصاحبى مالك؟طمنى عليك.
إبتعد مؤيد عن محيط ذراعي صديقه وهو يستدير مانحا إياه ظهره قائلا بصوت مختنق:
أنا تعبان يانبيل، تعبان.
ليتنهد مستطردا:
يوم ما طلبت منى الطلاق كانت صدمتى كبيرة.
أدرك نبيل أن السبب في ألم صديقه هي زوجته السابقة وعشقه لها، ربما هناك جديد بخصوصها، أفاق من أفكاره على صوت مؤيد وهو يقول:.
مقدرتش أتناقش معاها او أقنعها، وخصوصا إنها قالتلى إن نفسها تخلف وإنى مش قادر أسعدها بطفل يملى عليها حياتها ورغم إن لا أنا ولا هي فينا عيب يمنعنا من الإنجاب، وإن التأخير مش ذنبنا، دى حكمة ربنا وقدرنا، بس كرامتى كراجل خليتنى أرفض اعيش مع واحدة غصب عنها حتى ولو كانت روحى فيها، طلقتها وأنا قلبى بينزف، بيموت بالبطئ، ماهو حبها كان النفس اللي بعيش بيه، ساعتها بجد قلبى مات، وإفتكرت إنى كرهتها، وعشان كدة سافرت على هنا، كنت بهرب من ذكرياتى معاها اللي كنت بشوفها في شقتنا وفى كل مكان بروحه، كنت بهرب من شبح عشقها الساكن جوايا، واللي حتى في أنفاسي كنت بلاقيه.
كان نبيل صامتا تماما، تاركا لصديقه الفرصة ليعبر عن مكنون قلبه ربما للمرة الأولى، فلم يتحدث مؤيد عن إنفصاله من زوجته قبل ذلك ابدا، فلربما أراحه ذلك من عذاب يدركه في كل حرف من حروف كلمات مؤيد والتي تنطق بحزنه ومرارته، أفاق مجددا من أفكاره على صوت مؤيد وهو يقول:.
تلات سنين بحالهم وأنا هنا في غربتى بعيد عنها، فكرت نفسى قدرت أنساها وأنسى عشقها اللي كان بيجرى في دمى، بطلت أحب القهوة لإنها بتحبها، بطلت أسمع فرانك سيناترا لإنها بتحبه، كل حاجة ميزتها في نظرى بعدت عنها عشان متفكرنيش بيها، بطلت حتى أفتح النت و صفحتى الشخصية عشان مدورش عليها وعلى أخبارها، بس غصب عنى لقيتنى بفتح النت النهاردة وبدور عليها، تعرف لقيت إيه؟
إستدار ليواجه عينا صديقه القلقتين بعينيه المتألمتين وهو يقول بسخرية مريرة:
لقيت خبر عنها في الجريدة الوطنية، صورة ليها مع محمود عزمى، المليونير المعروف صاحب أكبر قرية سياحية في مصر، وعنوان تحتها عريض عن قرب سماع خبر سعيد هيفرح كل المقربين من العيلتين، عارف ده معناه إيه؟
أدرك نبيل بالطبع معنى تلك الكلمات ولكنه آثر الصمت ومؤيد يقول بمرارة:.
معناه إن الهانم خلاص هتتجوز واحد غيرى، حبت تحقق حلمها بالطفل اللي أنا كمان إتمنيته، بس إتمنيته معاها هي وبس، الهانم خلاص نسيتنى ومبقتش أفرق معاها خلاص، كملت حياتها من بعدى، بس أنا اللي مقدرتش أكمل، وقفت في مكانى عاجز عن إنى أخرج من محراب حبها اللي سجنت قلبى وحياتى جواه، هي عايشة ومبسوطة وأنا بتقطع كل يوم من سكينة جرحها ونزيف قلبى في بعدها، واللي كانت هي السبب فيه.
ليغمض عينيه لثوان شعر فيهم نبيل أن مؤيد يحاول أن يحتوى ألمه النابض بعروقه، ليفتح مؤيد عينيه فجأة ليتأكد نبيل من ظنه، يرى قسوة إحتلت عينا صديقه وهو يقول:.
بس وحياة ليالى مدقتش فيها النوم عشان حرمتنى حضنها، وحياة أيام كنت بتعذب فيها كل أما اغمض عينى وأشوف صورتها أو أسمع إسمها، وحياة دقات قلبى اللي كانت بتزحف من الألم وبتبهت في كل ثانية مرت وهي مش جنبى، لأدفعها التمن غالى، وأخليها تعرف إن مش مؤيد الحسينى اللي تلعب بيه وبمشاعره وتعتبره لعبة في إيديها ممكن تلعب بيها شوية وتكسرها وبعدين تدور على لعبة غيرها، لأ، مبقاش أنا إن ما خليتها تركع على رجليها أدامى، تتمنى منى السماح وساعتها بس همسح صورتها من قلبى وإسمها من عقلى وحبها من تكوينى، ساعتها بس هنساها، للأبد.
قال نبيل بقلق:
هتعمل إيه يامؤيد؟
قال مؤيد في صرامة:
هرجع مصر، بكرة الصبح.
كان خالد يلاعب طفلته الصغيرة، يبتسم بحنان على طفوليتها وضحكاتها البريئة العفوية، ليتذكر صاحبة الضحكات التي تماثلها عفوية وسحرا، تلك التي سلبته راحة البال وأصبحت تشغل عقله، يتساءل عن سبب غزوها لأحلامه التي تقض مضجعه ولكنها في الوقت نفسه تمنحه شعورا رائعا بالحياة، أفاق من أفكاره على يد تلك الصغيرة التي قرصته بخفة في وجنته ليقول بحنان:
بتقرصى بابى ليه ياريمو؟
قالت ريم بشقاوة محببة:.
عشان تبطل تسرح وأنا جنبك يا بابى، حتى لو كنت بتفكر في مامى، مش مسموح طول ما إنت معايا، مفهوم؟
إتسعت إبتسامته وهو يقول:
حبيبتى الصغيرة كبرت وبقت بتغير على بابى.
قالت ريم ببراءة:
عشان بحبك لازم أغير عليك، عادل قاللى كدة.
إتسعت عينا خالد بدهشة قائلا:
عادل ده مين ياريم؟
قالت ريم:.
زميلى في المدرسة يابابى، بيحبنى وأنا بحبه، بس هو كان زعلان منى عشان انا مبغيرش عليه من ساندى، وقاللى عشان أكون بحبه لازم اكون بغير عليه.
قال خالد بحنق:
حب إيه وغيرة إيه في سنكم ده، انتى قلتى الكلام ده لمامى ياريم؟
قالت ريم ببراءة:
قلتلها يابابى،
قال خالد:
وقالتلك إيه؟
قالت ريم:
ضحكت هي وطنط ماهى.
قال خالد بحنق هامس:
ضحكت! دى أم بتربى دى؟، حاجة تعلى الضغط.
ليقول بتروى موجها حديثه إلى ريم:.
بصى ياريم، إنتى عندك ٧ سنين، يعنى لسة صغيرة أوى على موضوع الحب ده، عادل زميلك وبس، وإنتى كمان زميلته وبس، لما تبقى أد مامى، هتحبى وتنحبى، ومن هنا ورايح متقعديش مع عادل ده ولا تكلميه أصلا، اقولك، أنا بكرة هنقلك من المدرسة دى خالص.
قالت ريم بحزن:
ليه بس يابابى؟، سيبنى في مدرستى دى، انا بحبها وبحب المدرسين اللي فيها.
قال خالد بحزم:
معلش ياقلبى، عشان أنا بحب ريمو وخايف عليها، لازم أعمل كدة، إتفقنا؟
اومأت برأسها وهي تطرقه بحزن، ليقبلها في رأسها قائلا:
تصبحى على خير ياحبيبتى.
همست ريم قائلة:
تلاقي الخير يابابى.
قال خالد:
فين بوسة بابى.
قبلته ريم في وجنته قبل أن تتجه إلى السرير تتضجع عليه ليدثرها خالد برفق ويقبلها في جبهتها ثم يغادر الحجرة مغلقا الباب خلفه، ليتجه إلى حجرته حيث توجد زوجته المستهترة، والتي يدرك أنها في أعماقها تحب طفلتها ولكنها فقط لا تجد الوقت مابين عملها وحفلاتها لرعايتها، لتتركها هكذا، وحيدة، وتقريبا، بلا أم.
تاااابع اسفل