أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في منتدى جنتنا، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





رواية وادي النسيان

في الوادي إلتقيا وفيه إفترقا للأبد، أو هكذا ظنت حتى رأته من جديد، لتجده شخصا مختلفا كلية عمن أحبت، ترى هل هو نفس الشخص؟ ..



05-03-2022 12:23 مساء
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 

t22085_9291
في الوادي إلتقيا وفيه إفترقا للأبد، أو هكذا ظنت حتى رأته من جديد، لتجده شخصا مختلفا كلية عمن أحبت، ترى هل هو نفس الشخص؟ أم هو شبيه له؟ أم ربما هو طيف في خيالها فقط؟ وذكرى قد طواها النسيان؟ ترى من هو حقا؟
اقتباس من الرواية

فجأة تلاشى كل شئ ليفتح عينيه على يد رقيقة تهز كتفه، نظر إلى صاحبتها التي مالت عليه تنادى بإسمه هامسة، لثوان أحس بالضيق منها فقد كان قاب قوسين أو أدنى من الكشف عن تلك الغامضة الرائعة التي تغزو أحلامه دوما وتقلق منامه وأفكاره، ولكن إيقاظها له أضاع كل شئ، لتنفرج أساريره قليلا وهو يلاحظ قلق تلك الجميلة عليه، والذي ظهر على ملامحها الرقيقة الشفافة، وهو إن كان قاسى القلب، صلد بارد مع الجميع، فأمامها هي بالذات لا يستطيع أن يفعل شيئا سوى أن يكون هذا الأخ الحنون الذي لطالما كانه لها وسيكون دائما.

هي ليلته الجميلة الرقيقة التي توفي والدها وهي مازالت بعد صغيرة، ثم توفيت والدتها بعدها ليكون لها ولأختهم لين الأب والأم والأخ، ربما يميل قليلا لليلته، لأنه يشعر بضعفها ورقتها وطبيعتها الحساسة الهشة، بينما لين تملك شخصية قوية لا تحتاج إليه البتة، ولكنه ورغم قربه من لين بالماضى مع إستقلاليتها تلك.

إلا أنها في الوقت الحاضر، ومنذ طلاقها لم تعد أبدا كما كانت، إنغلقت على نفسها وأقامت بينهما الحواجز والسدود، و التي أقسم على إزالتها، فقط يحتاج لبعض الصبر والوقت واللذان في الوقت الحالى لا يملك أيا منهما، ولكنه يضعها تحت ناظريه حتى يجد الوقت المناسب لإخراجها من تلك الحالة الغريبة التي إعترتها وتقوقعها حول نفسها، لتنغمس في العمل نهارا والحفلات ليلا، تماما كزوجته شاهيناز، لقد أصبحت تقريبا نسخة طبق الأصل منها،
فصول رواية وادي النسيان
رواية وادي النسيان للكاتبة شاهندة الفصل الأول

من أنتى أيتها الجميلة الرقيقة الخجولة الشقية؟
تبلبلين عقلى وتشغلين قلبى وأحلامى الوردية
لم أعد أنا كما كنت، جبارا قويا
ولم أعد وحيدا، حزينا، أو قلبا شقيا
أنتظر الليل فقط كي تأتينى وتأتى معك بسعادتى الأبدية.

كانت تجرى في هذا الوادى العشبي الجميل، تنطلق ضحكاتها الصاخبة التي تطرب قلبه وتزيد من دقاته ليبتسم رغما عنه وهو يحاول اللحاق بها، لتلتفت بجانب وجهها يكاد يراها لأول مرة منذ أن بدأت تطارده وتشغل عقله وقلبه وأفكاره، ولكنها عادت تنظر إلى الأمام، تزيد من غموضها وتنطلق ضحكاتها المشاغبة، يتمايل شعرها البني اللون و المتهادى على أكتافها مع الهواء، ليخطف سحره لبه، يتوه في ذلك الشعر الحريري المسترسل، يتمنى فقط لو إستطاع أن يلمسه ويمرر أصابعه في خصلاته، يتمنى فقط لو كفت عن الهرب منه ونظرت إليه ليرى ملامحها التي يثق بأنها رائعة تماما كضحكاتها، فقط لو رآها وأثلج قلبه المشتاق لرؤيتها، فقط لو إستطاع اللحاق بها، ولكنه دوما ورغم ركضه بأقصى سرعته وأنفاسه اللاهثة، ورغم كل شئ يبذله، تستطيع هي بكل سهولة ان تسبقه دائما، فلم يستطع ولو لمرة واحدة اللحاق بها أو إيقافها، كاد أن ييأس، لتتوقف فجأة وتبدأ بالإستدارة ليتجمد مكانه وتتسارع دقات قلبه وهو ينتظر الكشف عن ملامحها...

فجأة تلاشى كل شئ ليفتح عينيه على يد رقيقة تهز كتفه، نظر إلى صاحبتها التي مالت عليه تنادى بإسمه هامسة، لثوان أحس بالضيق منها فقد كان قاب قوسين أو أدنى من الكشف عن تلك الغامضة الرائعة التي تغزو أحلامه دوما وتقلق منامه وأفكاره، ولكن إيقاظها له أضاع كل شئ، لتنفرج أساريره قليلا وهو يلاحظ قلق تلك الجميلة عليه، والذي ظهر على ملامحها الرقيقة الشفافة، وهو إن كان قاسى القلب، صلد بارد مع الجميع، فأمامها هي بالذات لا يستطيع أن يفعل شيئا سوى أن يكون هذا الأخ الحنون الذي لطالما كانه لها وسيكون دائما، فهي ليلته الجميلة الرقيقة التي توفي والدها وهي مازالت بعد صغيرة، ثم توفيت والدتها بعدها ليكون لها ولأختهم لين الأب والأم والأخ، ربما يميل قليلا لليلته، لأنه يشعر بضعفها ورقتها وطبيعتها الحساسة الهشة، بينما لين تملك شخصية قوية لا تحتاج إليه البتة، ولكنه ورغم قربه من لين بالماضى مع إستقلاليتها تلك، إلا أنها في الوقت الحاضر، ومنذ طلاقها لم تعد أبدا كما كانت، إنغلقت على نفسها وأقامت بينهما الحواجز والسدود، و التي أقسم على إزالتها، فقط يحتاج لبعض الصبر والوقت واللذان في الوقت الحالى لا يملك أيا منهما، ولكنه يضعها تحت ناظريه حتى يجد الوقت المناسب لإخراجها من تلك الحالة الغريبة التي إعترتها وتقوقعها حول نفسها، لتنغمس في العمل نهارا والحفلات ليلا، تماما كزوجته شاهيناز، لقد أصبحت تقريبا نسخة طبق الأصل منها،.

أفاق من أفكاره على صوت ليلة القلق وهي تهمس بإسمه قائلة:
خالد.
نظر إليها لتستطرد قائلة في قلق:
إيه بس اللي منيمك في أوضة المكتب؟إنت إتشاكلت مع شاهيناز تانى؟
هز رأسه نفيا قائلا:
لأ، متخانقناش، أنا بس كنت براجع شوية أوراق والظاهر نمت من غير ما أحس.
إبتسمت قائلة:
ربنا يعينك ياحبيبى، طب قوم يلا كمل نوم في أوضتك، وإرتاح حبة.
فرك بأصابعه ذلك الجسر بين عينيه ثم نهض وهو يتمطى بكسل قائلا:.

انا فعلا هعمل كدة، تصبحى على خير.
إبتسمت قائلة:
تلاقي الخير.
توجه إلى الباب ولكنه لم يلبث أن توقف وهو يلتفت إلى ليلة ينظر إليها وهي تجلس مكانه وتفتح كتابا بيدها، ليقول بإبتسامة:
رومانسى برده؟
رفعت بيدها الكتاب وهي تبتسم قائلة:
إنت عارفنى، مقدرش يومى يمر من غير ما أقرا رواية رومانسية.
قال بمزاح ساخر:
يا بنتي فكك من الهبل ده، كلام الروايات ده مش حقيقى، واللي بيكتبوه ناس فاضية عندهم إحباط عاطفى.
قالت في غيظ:.






ملكش دعوة بالروايات، واللي بيكتبوا الروايات.
لتشير إلى نفسها قائلة:
واللي بيقروا الروايات، خليك إنت في عالم البيزنس بتاعك، وخلينا إحنا جوة العالم بتاعنا، ماشي.
إبتسم قائلا:
ماشي يا ستي، سلام يا دكتورة.
إبتسمت ليلة قائلة:
سلام ياسيدى.
ليغادر خالد بهدء تتبعه ليلة بعينيها، قبل أن تعود لروايتها، تجرى عيناها على سطورها، تعيش بين جنباتها سعادة لا تعيشها سوى في تلك الروايات، عالمها الخيالي الرائع.

تقدمت جورية بإتجاه مكتب فراس بخطوات رقيقة لتضع على مكتبه فلاشة حمراء وهي تزفر قائلة براحة:
وأخيرا خلصت الرواية، يادوب تلحق تطبعها عشان تنزل بيها المعرض السنة دى.
إبتسم فراس وهو يتناول الفلاشة ويضمها بأصابعه ناظرا إلى جورية وهو يقول:
كنت عارف إنك أدها على فكرة.
جلست على المقعد المواجه لمكتبه وهي تتنهد قائلة:.

والله النهاية تعبتنى أوى يافراس، كتبتها ومسحتها ييجى عشر مرات كدة، بس الحمد لله، خلصتها وراضية أوى بالخاتمة دى.

تفحص ملامحها الشاحبة ليدرك أنها لم تأكل ولم تشرب ولم تنام بل إنغمست كلية في كتابة الخاتمة حتى أنهتها بتلك الصورة التي أرضت خيالها، هكذا هي منذ أن تعرف إليها وأقنعها بالنشر لديه في دار المبدعون للنشر والتوزيع، لديها موهبة رائعة وكاتبة مجتهدة، تبغى الكمال حتى في كتاباتها، لقد رأي منذ اللحظة الأولى موهبتها تلك التي تحتاج فقط إلى من يرعاها ويوجهها توجيها صحيحا، وبالفعل إستطاع هو القيام بذلك، لينشر لها أول رواية بعنوان(أحببتك وإنتهى الأمر)، لتحصد نجاحا كبيرا، لتليها روايتها الرائعة والتي أحبها هو بشكل خاص بعنوان(أنفاس حياة)والتي حققت بدورها نجاحا منقطع النظير، وحصلت على أعلى نسبة مبيعات في تاريخ الدار، حقا إنها فتاة رائعة تلك الجورية، فرغم رقة ملامحها، إلا أنها تحمل شخصية هي مزيج رائع من الرومانسية والرقة والعقل والقوة، ولولا أنه يعلم منذ البداية بماضيها والذي لا يدع له أي مجال للدلوف إلى قلبها لكان أحبها على الفور ولكنه أعدها بمثابة أخته منذ أن أخبرته بقصتها، وعاملها على هذا الأساس.

أفاق من أفكاره على حمحمة رقيقة من جورية وهي تقول:
إحم، فراس، سرحان في إيه؟
إبتسم قائلا:
مفيش ياجورى، قوليلى بقى لسة مصممة يكون بطل غلافك بنفس الملامح؟
ظهرت لمحة من الحزن مرت عبر عينيها وإلتقطها فراس، ليلوم نفسه بشدة على سؤالها، ولكنها مالبثت أن قالت بهدوء يخالف ذلك الألم القابع في عمق عينيها:
أنا سلمت الغلاف للمطبعة وهم هيعدلوه، والرواية عندك أهي، مكنش فاضل غير الخاتمة، إقراها وإبقى قوللى رأيك؟

أومأ برأسه لتنهض قائلة:
أنا هقوم أمشى بقى عشان ألحق أكلم جدى عزيز، لإنه وحشنى جدا، بقالى يومين مكلمتوش بسبب الرواية دى وأكيد زعلان منى.
قال فراس:
هتروحيله؟
لعن فراس لسانه الزالف والذي يتسبب بإيلامها دون قصد منه فقد ظهر الحزن على وجهها على الفور فور نطقه لسؤاله، ليظهر في صوتها الذي تهدج ألما وهي تقول:
إنت عارف إنى مبروحش هناك من ساعة...

وصمتت ولكنه أدرك ما عجزت عن النطق به، ليحاول أن يغير ذلك الموضوع الشائك، وهو يقول:
طيب أول ما ييجى عرفينى، عشان حابب أشوفه وأسلم عليه لإنه وحشنى أنا كمان.
إبتسمت إبتسامة باهتة لم تصل إلى عينيها وهي تقول:
اكيد هقولك، سلام.
لتلتفت مغادرة ولكنه إستوقفها قائلا:
مقلتليش، في الخاتمة، مين كان المعجب الغامض بحنان؟

شعت عيونها فجأة بالحياة، فالقصص والروايات هما الشيئان الوحيدان اللذان يشعلان روحها بعد ان ظنت بأنها أصبحت روح باهتة لا حياة فيها، لتبتسم قائلة:
مفاجأة.
ليبتسم بدوره وتغادر هي بهدوء، ليفتح قبضة يده وينظر إلى الفلاشة بعيون مبتسمة، ثم يضعها على الفور باللاب توب خاصته، ليفتح الملف والمكتوب عليه الخاتمة، تجرى عيناه على سطورها، لتتسع مع مرورها على الكلمات إنبهارا، وإعجابا.

إستيقظ نبيل على صوت تحطم شديد، ليندفع بإتجاه حجرة مؤيد حيث يأتى منها الصوت، ليدلف إلى الحجرة ويرى مؤيد يقف في منتصف الحجرة لاهثا بقوة بينما تحطم كل شئ بالداخل، المرايا والأثاث، لم يعد هناك شيئا سليما بالمرة، ليقترب من صديقه الذي أطرق بوجهه أرضا قائلا بقلق:
مالك يامؤيد؟حصل إيه؟وإيه اللي خلى الأوضة بالشكل ده؟

رفع مؤيد وجهه إلى نبيل لينتاب نبيل الجزع وهو يرى تلك الدموع التي غشيت عيون صديقه، والتي لم يراها في عين صديقه حين مات والد مؤيد في حادث سيارة أليم، ولم يراها حتى في يوم طلاقه من زوجته السابقة والتي يدرك نبيل أنها كانت حب مؤيد الأول والأخير، عشقه الوحيد، فما السبب الجلل والذي كان ورائها اليوم؟ليقول نبيل وهو يمسك كتفي صديقه بيديه:
فيه إيه ياصاحبى مالك؟طمنى عليك.

إبتعد مؤيد عن محيط ذراعي صديقه وهو يستدير مانحا إياه ظهره قائلا بصوت مختنق:
أنا تعبان يانبيل، تعبان.
ليتنهد مستطردا:
يوم ما طلبت منى الطلاق كانت صدمتى كبيرة.
أدرك نبيل أن السبب في ألم صديقه هي زوجته السابقة وعشقه لها، ربما هناك جديد بخصوصها، أفاق من أفكاره على صوت مؤيد وهو يقول:.

مقدرتش أتناقش معاها او أقنعها، وخصوصا إنها قالتلى إن نفسها تخلف وإنى مش قادر أسعدها بطفل يملى عليها حياتها ورغم إن لا أنا ولا هي فينا عيب يمنعنا من الإنجاب، وإن التأخير مش ذنبنا، دى حكمة ربنا وقدرنا، بس كرامتى كراجل خليتنى أرفض اعيش مع واحدة غصب عنها حتى ولو كانت روحى فيها، طلقتها وأنا قلبى بينزف، بيموت بالبطئ، ماهو حبها كان النفس اللي بعيش بيه، ساعتها بجد قلبى مات، وإفتكرت إنى كرهتها، وعشان كدة سافرت على هنا، كنت بهرب من ذكرياتى معاها اللي كنت بشوفها في شقتنا وفى كل مكان بروحه، كنت بهرب من شبح عشقها الساكن جوايا، واللي حتى في أنفاسي كنت بلاقيه.

كان نبيل صامتا تماما، تاركا لصديقه الفرصة ليعبر عن مكنون قلبه ربما للمرة الأولى، فلم يتحدث مؤيد عن إنفصاله من زوجته قبل ذلك ابدا، فلربما أراحه ذلك من عذاب يدركه في كل حرف من حروف كلمات مؤيد والتي تنطق بحزنه ومرارته، أفاق مجددا من أفكاره على صوت مؤيد وهو يقول:.

تلات سنين بحالهم وأنا هنا في غربتى بعيد عنها، فكرت نفسى قدرت أنساها وأنسى عشقها اللي كان بيجرى في دمى، بطلت أحب القهوة لإنها بتحبها، بطلت أسمع فرانك سيناترا لإنها بتحبه، كل حاجة ميزتها في نظرى بعدت عنها عشان متفكرنيش بيها، بطلت حتى أفتح النت و صفحتى الشخصية عشان مدورش عليها وعلى أخبارها، بس غصب عنى لقيتنى بفتح النت النهاردة وبدور عليها، تعرف لقيت إيه؟

إستدار ليواجه عينا صديقه القلقتين بعينيه المتألمتين وهو يقول بسخرية مريرة:
لقيت خبر عنها في الجريدة الوطنية، صورة ليها مع محمود عزمى، المليونير المعروف صاحب أكبر قرية سياحية في مصر، وعنوان تحتها عريض عن قرب سماع خبر سعيد هيفرح كل المقربين من العيلتين، عارف ده معناه إيه؟
أدرك نبيل بالطبع معنى تلك الكلمات ولكنه آثر الصمت ومؤيد يقول بمرارة:.

معناه إن الهانم خلاص هتتجوز واحد غيرى، حبت تحقق حلمها بالطفل اللي أنا كمان إتمنيته، بس إتمنيته معاها هي وبس، الهانم خلاص نسيتنى ومبقتش أفرق معاها خلاص، كملت حياتها من بعدى، بس أنا اللي مقدرتش أكمل، وقفت في مكانى عاجز عن إنى أخرج من محراب حبها اللي سجنت قلبى وحياتى جواه، هي عايشة ومبسوطة وأنا بتقطع كل يوم من سكينة جرحها ونزيف قلبى في بعدها، واللي كانت هي السبب فيه.

ليغمض عينيه لثوان شعر فيهم نبيل أن مؤيد يحاول أن يحتوى ألمه النابض بعروقه، ليفتح مؤيد عينيه فجأة ليتأكد نبيل من ظنه، يرى قسوة إحتلت عينا صديقه وهو يقول:.

بس وحياة ليالى مدقتش فيها النوم عشان حرمتنى حضنها، وحياة أيام كنت بتعذب فيها كل أما اغمض عينى وأشوف صورتها أو أسمع إسمها، وحياة دقات قلبى اللي كانت بتزحف من الألم وبتبهت في كل ثانية مرت وهي مش جنبى، لأدفعها التمن غالى، وأخليها تعرف إن مش مؤيد الحسينى اللي تلعب بيه وبمشاعره وتعتبره لعبة في إيديها ممكن تلعب بيها شوية وتكسرها وبعدين تدور على لعبة غيرها، لأ، مبقاش أنا إن ما خليتها تركع على رجليها أدامى، تتمنى منى السماح وساعتها بس همسح صورتها من قلبى وإسمها من عقلى وحبها من تكوينى، ساعتها بس هنساها، للأبد.

قال نبيل بقلق:
هتعمل إيه يامؤيد؟
قال مؤيد في صرامة:
هرجع مصر، بكرة الصبح.

كان خالد يلاعب طفلته الصغيرة، يبتسم بحنان على طفوليتها وضحكاتها البريئة العفوية، ليتذكر صاحبة الضحكات التي تماثلها عفوية وسحرا، تلك التي سلبته راحة البال وأصبحت تشغل عقله، يتساءل عن سبب غزوها لأحلامه التي تقض مضجعه ولكنها في الوقت نفسه تمنحه شعورا رائعا بالحياة، أفاق من أفكاره على يد تلك الصغيرة التي قرصته بخفة في وجنته ليقول بحنان:
بتقرصى بابى ليه ياريمو؟
قالت ريم بشقاوة محببة:.

عشان تبطل تسرح وأنا جنبك يا بابى، حتى لو كنت بتفكر في مامى، مش مسموح طول ما إنت معايا، مفهوم؟
إتسعت إبتسامته وهو يقول:
حبيبتى الصغيرة كبرت وبقت بتغير على بابى.
قالت ريم ببراءة:
عشان بحبك لازم أغير عليك، عادل قاللى كدة.
إتسعت عينا خالد بدهشة قائلا:
عادل ده مين ياريم؟
قالت ريم:.

زميلى في المدرسة يابابى، بيحبنى وأنا بحبه، بس هو كان زعلان منى عشان انا مبغيرش عليه من ساندى، وقاللى عشان أكون بحبه لازم اكون بغير عليه.
قال خالد بحنق:
حب إيه وغيرة إيه في سنكم ده، انتى قلتى الكلام ده لمامى ياريم؟
قالت ريم ببراءة:
قلتلها يابابى،
قال خالد:
وقالتلك إيه؟
قالت ريم:
ضحكت هي وطنط ماهى.
قال خالد بحنق هامس:
ضحكت! دى أم بتربى دى؟، حاجة تعلى الضغط.
ليقول بتروى موجها حديثه إلى ريم:.

بصى ياريم، إنتى عندك ٧ سنين، يعنى لسة صغيرة أوى على موضوع الحب ده، عادل زميلك وبس، وإنتى كمان زميلته وبس، لما تبقى أد مامى، هتحبى وتنحبى، ومن هنا ورايح متقعديش مع عادل ده ولا تكلميه أصلا، اقولك، أنا بكرة هنقلك من المدرسة دى خالص.
قالت ريم بحزن:
ليه بس يابابى؟، سيبنى في مدرستى دى، انا بحبها وبحب المدرسين اللي فيها.
قال خالد بحزم:
معلش ياقلبى، عشان أنا بحب ريمو وخايف عليها، لازم أعمل كدة، إتفقنا؟

اومأت برأسها وهي تطرقه بحزن، ليقبلها في رأسها قائلا:
تصبحى على خير ياحبيبتى.
همست ريم قائلة:
تلاقي الخير يابابى.
قال خالد:
فين بوسة بابى.

قبلته ريم في وجنته قبل أن تتجه إلى السرير تتضجع عليه ليدثرها خالد برفق ويقبلها في جبهتها ثم يغادر الحجرة مغلقا الباب خلفه، ليتجه إلى حجرته حيث توجد زوجته المستهترة، والتي يدرك أنها في أعماقها تحب طفلتها ولكنها فقط لا تجد الوقت مابين عملها وحفلاتها لرعايتها، لتتركها هكذا، وحيدة، وتقريبا، بلا أم.
تاااابع اسفل
 
 



05-03-2022 12:24 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [1]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية وادي النسيان
رواية وادي النسيان للكاتبة شاهندة الفصل الثاني

لا تسخروا منى وتقولون فتاة خيالها واسع
تريد بطلا كأبطال رواياتها، رومانسي رائع
الكون خال منهم، وليس هناك حقا نجم ساطع
كلا، بل يوجد في هذا الكون نجمي اللامع
فقط سأنتظره أو أبحث عنه، لن أيأس ولن أتراجع.

دلف خالد إلى حجرته ليجد شاهيناز جالسة أمام المرآه تضع بعض الكريمات على يديها وقدميها، إتجه إلى سريره بصمت وخلع عنه تيشيرته ثم إضجع عليه بهدوء، يضع يديه تحت رأسه ناظرا إلى سقف الحجرة لثوان ثم مغمضا عينيه، شعر بها تقترب من السرير، يسمع حفيف ثوبها، لتتمدد بجواره، ثم تمرر أظافرها الطويلة على طول صدره العارى، جز على أسنانه بقوة، فهو اليوم لا رغبة له مطلقا في أن يقترب منها أو حتى يلمسها، ليتساءل في نفسه...

منذ متى كانت لديه تلك الرغبة الجامحة بها؟رغبة العاشق بمعشوقته؟ربما أبدا لم تكن لديه تجاهها، أفاق من شروده على صوتها الهامس بإسمه في إغراء قائلة:
خالد.
فتح عيناه يطالعها، فإقتربت منه تود تقبيله ليشيح بوجهه عنها ثم ينهض فجأة، لتعتدل عاقدة حاجبيها وهي تقول:
مالك ياخالد؟

نظر إليها في حيرة لايدرى بما يجيبها، أيخبرها أنه فقد الرغبة بها منذ زمن طويل؟، ربما منذ أن أدرك أنه تزوجها دون إرادة منه حقا، وأنه كان غرا ساذجا عندما ظن أنه ربما أحبها بعد الزواج، وأنه لا بأس بزواج المصلحة هذا، أم يخبرها أن فتاة أحلامه قد شغلت عقله وقلبه ولم تدع فيهما مكانا آخر لغيرها؟، ستظنه حتما مجنون،.

أم يخبرها أنه ينفر منها لإنه يستشيط منها غضبا بسبب إهتمامها بعملها وحفلاتها وصديقاتها، وإهمالها إبنتها؟لا يدرى حقا ماذا يقول لها، ليفضل أن يخبرها بشعوره الأخير، يهاجم ذاتها الأنانية المستهترة والتي لاتكترث بأحد، ليعقد حاجبيه وهو يقول بحدة:.

لما ريم جتلك وقالتلك على موضوع عادل، ليه محكيتليش؟ وإزاي تضحكى إنتى وماهينار على حاجة زي دى؟، مش المفروض كنتى إتكلمتى معاها وفهمتيها بالراحة إن ده غلط وإنها لسة صغيرة على الكلام ده؟
نهضت شاهيناز وهي تقول بعصبية:
فيه إيه بس ياخالد؟الموضوع ميستاهلش كل الكلام ده، دول أطفال، يعنى كل ده لعب عيال على فكرة.
نظر إليها قائلا ببرود:.

إنتى شايفة الموضوع ميستاهلش، بس أنا شايفه يستاهل، بنتك لازم تاخدى بالك منها، هي صحيح عندها ٧ سنين بس اللي هتتربى عليه دلوقتى هو اللي هتكبر عليه، ومفاهيمها دلوقتى بتتكون، يعنى لازم تعرف إيه الصح وإيه الغلط، مفهوم؟
نظرت إليه بحنق، ليردد بصرامة:
مفهوم ياشاهيناز؟
قالت شاهيناز في ضجر:
مفهوم.
تأملها للحظة قبل أن يأخذ تيشيرته ويلتفت مغادرا الحجرة لتستوقفه قائلة:
رايح فين؟
توقف وهو ينظر إليها بجانب وجهه قائلا:.

نازل الجنينة أشم شوية هوا.
ثم أكمل سيره مغادرا الحجرة بهدوء، لتجلس شاهيناز على السرير، زافرة أنفاسها بغيظ، قائلة:
الوضع كدة مبقاش مريحنى ياخالد، ولازم أشوف حل قبل ما تضيع منى وتضيع معاك فلوس عيلة نصار، وده مش ممكن يحصل، أبدا.

، بعد مرور عدة أياااام.
كانت ليلة تجلس مع صديقتها لبنى في كافيتريا الجامعة، ينتظران موعد المحاضرة القادمة، حين زفرت ليلة بقوة قائلة:
على فكرة يا لبنى، الرواية اللي قلتيلى عليها معجبتنيش خالص، بصراحة مقتنعتش بشخصية أبطالها، إزاي بس ظابط في المخابرات ويطلع بالشخصية الضعيفة الهشة دى؟
إبتسمت لبنى قائلة:.

كنت عارفة إن ده هيكون رأيك، على فكرة أنا كمان لما قريتها إنبارح حسيت نفس الإحساس، وإتصلت بسوسن وبهدلتها، وقلتلها ياتقوللى على رواية كويسة، ياتقطع علاقتها بية نهائى.
ضحكت ليلة برقة قائلة:
بالذمة مش عيب علينا، نبقى إتنين محترمين في آخر سنة في كلية طب ويبقى ده حالنا؟، مجانين روايات.
شاركتها لبنى ضحكاتها وهي تقول:
لأ ومش بس كدة، سايبين أبطال الواقع وغرقانين في حب أبطال الروايات، أهو ده الجنان الرسمى.

إبتسمت ليلة قائلة:
نعمل إيه بس إذا كان أبطال الروايات أحلى كتير من الحقيقة، زي ما بنحلم يكون فارس أحلامنا بالظبط، وسيم، رزين، رومانسى، وبيعشق البطلة من أول نظرة.
قالت لبنى بلهجة ذات مغزى:
ما انتى عندك بطل في الحقيقة كدة، دكتور وليد، وسيم وغنى وبيعشقك من أول مرة شافك فيها.
ظهر الإستنكار على وجه ليلة وهي تقول:.

وليدإيه بس، إنتى بتقارنى وليد بأبطال الروايات؟ لأ طبعا، مفيش مقارنة، وليد بتاع بنات وخفيف كمان، أنا بطل أحلامى غير.
هزت لبنى شفتيها يمنة ويسارا قائلة:
خلينا كدة بنتأمر على خلق الله لما هنعنس.
إبتسمت ليلة ولم تعلق، لتقول لبنى:.

المهم، مقلتلكيش بقى، سوسن وكتعويض منها لينا على اللي حصل، قالتلى على إسم كاتبة أقل حاجة تتقال عنها إنها رائعة، وده كلام سوسن طبعا، اللي قريتلها رواياتها كلها (أحببتك وإنتهى الأمر)و(أنفاس حياة)وكانت بتقرالها (أقدار الحب)روايتها الجديدة واللي لسة نازلة السوق إنبارح في المعرض.
مطت ليلة شفتيها الجميلتين قائلة:
هي أسماء القصص تشد الصراحة، بس مبقاش عندى ثقة في إختيارات سوسن نهائي يا لبنى.

هزت لبنى كتفيها قائلة:
ولا أنا، بس هقولك حاجة ودى بقى انا واثقة منها، سوسن مش ممكن تدفع فلوس في ٣ روايات لكاتبة إلا لو كانت بجد تجنن.
نظرت إليها ليلة قائلة في حماس:
طب وإحنا مستنيين إيه؟قومى بينا؟
عقدت لبنى حاجبيها قائلة:
على فين؟
قالت ليلة:
على المكتبة طبعا نجيب الروايات.
قالت لبنى:
طب والمحاضرة؟
قالت ليلة بلهفة:
إعتبرى إن الدكتور إعتذر، قومى بقى.

لتبتعد بإتجاه سيارتها بخطوات سريعة، لتنهض لبنى تتبعها وهي تقول بإبتسامة:
صاحبتى ومجنونة، زيي بالظبط، هنعمل إيه بس؟
لتتجه بخطوات سريعة إلى حيث سيارة صديقتها، وبداخلها شغف مثلها تماما لرؤية تلك الروايات التي تحكى عنهم صديقتها سوسن، تتمنى أن تكون تلك الروايات حقا، رائعة.

دلفت سها إلى حجرة مكتب لين قائلة بعصبية:
إنتى تشوفيلك حل في مرات أخوكى دى يالين، ياهقدم إستقالتى وحالا.
نهضت لين من على كرسيها وهي تقول:
طب إهدى بس وأقعدى وفهمينى بالراحة، إيه اللي حصل؟
جلست سها وهي تزفر قائلة:.

الهانم يا ستي مفكرانى مديرة مكتبها هي، مش مديرة مكتبك إنتى، وكل شوية تبعتلى أخلصلها شغل، مع إن معاها مروة ومروة شاطرة جدا في شغلها زي ماإنتى عارفة، بس كبرت دماغى، وكل ماتبعتلى شغل كنت بخلصه.
لتأخذ نفسا عميقا قبل أن تستطرد:.

بعتتلى شغل إنبارح وطبعا بسبب ضغط الشغل بتاعنا مقدرتش أخلصه، لقيتها بتكلمنى دلوقتى في التليفون وبتزعق، أنا مسكت أعصابى بالعافية، أولا لإنها مرات أخوكى فعملتلك حساب، ثانيا لإنى مش هنزل في حوار لمستوى مش حباه، بس أنا مش شغالة عندها وهي ملهاش حق تكلمنى بالشكل ده أبدا.
جلست لين أمامها وربتت على يدها قائلة:.

معاكى حق وحقك علية أنا، أنا هكلمها ومش هخليها تبعتلك شغل تانى ولا تضايقك، روقى بقى لإنى مش حابة أشوفك بالشكل ده.
تنهدت سها قائلة:
أنا آسفة لو إتعصبت يالين، بس الست دى مستفزة أوى، مغرورة كدة وفاكرة الكل شغال عندها، أنا مش عارفة أخوكى بس مستحملها إزاي ولو إنه كتير بيشبهها.
تراجعت لين في مكانها لتستند على ظهر مقعدها قائلة:.

ده اللي بيحاول خالد يظهره للى حواليه، بس خالد من جواه طيب أوى، مش بالبرود ولا القسوة اللي بيتعامل بيها مع الكل، حنيته وطيبته بتظهر بس مع الناس اللي بيحبهم.
قالت سها:
زيك كدة يالين، بتحاولى تظهرى للكل قوية وباردة و self independent woman، مع إنك من جوة أرق من النسمة وأضعف من هالة القوة اللي رسمتيها حواليكى دى.
زفرت لين قائلة:.

يمكن انا كنت كدة زمان، بس دلوقتى بحس إن من جوايا فراغ بارد، وقسوة اتغلغلت لقلبى وسكنت فيه، قسوة كان سببها حاجات كتير مريت بيها علمتنى مآمنش لمخلوق ولا أظهر ضعفى أدامه لإنه ساعتها هيبقى سهل عليه أوى يجرحنى، وأنا قلبى مبقاش حمل جرح جديد.

أدركت سها أن لين تتحدث عن زوجها السابق، فقد ترك بداخلها جرح جعلها تتحول بنسبة ١٨٠ درجة، تشعر بأن صديقتها ممزقة المشاعر بين عشقه الذي ينبض به قلبها وكرهه لما فعله بها، ولكنها قررت أن تستمر في حياتها رافضة أن تخضع لمشاعرها، بل نحتها كلية من حياتها وإنغمست في العمل نهار والحفلات ليلا، حتى لاتدع لنفسنا فرصة للتفكير بماضيها الأليم.
أفاقت من أفكارها على صوت لين وهي تقول بهدوء:.

مش هتيجى معايا حفلة عيد ميلاد نور النهاردة؟
قالت سها:
انتى عارفة إنى مليش في الحفلات دى يالين، روحى انتى وإبقى سلميلى عليها.
قالت لين برجاء:
طيب وإن قلتلك عشان خاطرى، أنا ببقى لوحدى ومحتاجاكى معايا ياسووو.
نظرت إليها سها وأمام نظرات الرجاء في عينيها لم تجد أمامها حل سوى قبول الدعوة، لتقول بهدوء:
هاجى بس مش هلبس فساتين سواريه، أنا هلبس لبسى العادى، موافقة؟
اومأت لين برأسها في سعادة وهي تقول:.

طبعا موافقة، انتى في أي حاجة بتجننى ياسو.
إبتسمت سها وهي تنظر إلى صديقتها لين والسعادة البادية على وجهها، لتطمئن إلى قرارها بالذهاب معها إلى الحفل رغم نفورها من تلك الحفلات، فيبدو أن صديقتها تشعر بالوحدة وتحتاج إلى من يؤازرها ويؤنس وحدتها، وهي خير كفيل بذلك.

كانت ليلة تتنقل بين أروقة المكتبة، تقرأ عناوين الروايات الرومانسية، وهي تنتظر صديقتها لبنى التي تشترى تلك الروايات اللاتى سمعا عنها، حتى إستقرت عيناها على قصة بعنوان (قلب بلا مرسى)، أعجبها العنوان والغلاف فمدت يدها كي تأخذها، ولكن يدها توقفت في الهواء وهي تستمع إلى صوت صديقتها القلق وهي تنادى بإسمها، إلتفتت إليها تنظر إلى ملامحها المتوترة وهي تمسك بالروايات في يدها، لتعقد ليلة حاجبيها قائلة في حيرة:.

مالك يا لبنى، فيه إيه؟
رفعت لبنى تلك الروايات التي تمسكها أمام ليلة ليظهر غلافهم جميعا، وتتسع عينا ليلة في صدمة.

، ظلت هكذا لمدة دقيقتين جامدة السكنات، عاجزة عن إبداء أي رد فعل، قبل أن تقترب من صديقتها تأخذ منها تلك الروايات تتأمل غلافهم في ذهول تام، فعلى غلاف كل منهم قبعت صورة لأخيها كبطل للقصة، مرة كفارس روماني ومرة كضابط في الجيش، أما هذا الأخير فصورة طبق الأصل منه في بذلة سوداء أنيقة، تكاد تقسم أن لديه شبيهتها، ويرتدى عليها ربطة عنق رمادية كتلك التي في الصورة تماما، لترفع عينيها إلى عيني صديقتها القلقتين، تقول في دهشة:.

ده أخويا مش كدة؟
أومأت لبنى برأسها دون أن تنطق بكلمة، لتقف ليلة بجوارها تنظر إلى الأغلفة مستطردة بدهشة:
وإيه اللي خلاه موجود على غلاف كل الروايات دى؟
هزت لبنى رأسها في حيرة قائلة:
مش عارفة، جايز الدار شافت إن أخوكى وجه سينمائى فحطت صوره على رواياتها، وبصراحة أخوكى وسيم أوى ومنور الأغلفة.
لتبتسم مستطردة في مزاح:
أخوكى أصلا بينور في الضلمة ياليلة.
وكزتها ليلة قائلة في حنق:
وده وقت هزار يالبنى؟

لتنظر إلى الروايات قائلة في حيرة:
إزاي بس دار النشر دى عملت كدة من غير ماتستأذنه، إنتى عارفة لو أخويا شاف الأغلفة دى هيعمل إيه؟
قالت لبنى:
عارفة طبعا، هيطربقها على دماغهم.
لتستطرد في حيرة قائلة:
طيب وهتعملى إيه دلوقتى؟هتقوليله؟
زفرت ليلة قائلة:
مش عارفة بس لازم أقوله، الموضوع مش سهل على فكرة، ده يأثر على شغله طبعا، ولازم يعرف.
قالت لبنى:
ربنا يستر بقى.

تنهدت ليلة وهي تنظر إلى غلاف الرواية والتي يطالعها فيه رسم لأخيها ببذلته السوداء الرائعة، تحمل عيناه نفس نظرته الصارمة، لتقرأ ماكتب تحتها(أقدار الحب، للكاتبة جورية، دار المبدعون للنشر والتوزيع)، لتغمض عينيها قبل أن تفتحهما وقد ظهر فيهما الحزم، لقد إتخذت قرارها، ستخبر أخاها بالأمر، وليكن ما يكون.

قال خالد بعصبية:
قلتلك مليون مرة ياشاهى، قبل ما تاخدى أي قرار لازم ترجعيلى، لكن انتى مبتسمعيش إلا كلام نفسك وبس، مش كدة؟، وآدى النتيجة، هنضطر نلغى العرض بتاعنا ونتحمل شرط الجزاء كمان.
قالت شاهيناز بحدة:
كنت هعمل إيه يعنى ياخالد؟، دبسونى وخلونى أمضى، عارفة إنى مراجعتش العقود كويس بس مكنتش أتوقع يعملوا كدة خالص، هم إتعاملوا بشكل شيك أوى، يخلى أي حد ينخدع فيهم.
قال خالد بصرامة:.

مفيش حاجة في شغلنا إسمها مكنتش أتوقع، فيه إن إمضتك متكونش على ورقة مش مدروسة كويس من المحاميين بتوعنا، إنتى جرالك إيه بس؟اللي أعرفه إنك أذكى من كدة.
قالت شاهيناز في ضجر:
أووف ياخالد، خلاص بقى، مكنش ديل ووقع منى، المرة الجاية هاخد بالى.
قال خالد بحنق:
مفيش مرة تانية خلاص، أنا هسحب توقيعك من على العقود.
إتسعت عينا شاهيناز وهي تقول بصدمة:
إنت بتقول إيه؟، مستحيل تعمل كدة.
قال خالد بصرامة:.

أنا مبقلش حاجة مقدرش اعملها، شوفينى وأنا بنفذ كلامى ياشاهى، أنا مش مستعد كل يوم والتانى أخرجك من مشكلة وأخسر فلوس، ده قرار نهائي، مفهوم؟
كادت شاهيناز أن تتحدث حين قاطعها صوت طرقات على الباب، ثم دلوف ليلة أخت خالد، والذي ما إن رآها حتى إنفرجت أساريره المتجهمة وهو يقول:
إدخلى ياليلة، واقفة عندك ليه؟
نقلت ليلة نظراتها بين شاهيناز الحانقة ملامحها، وبين أخاها خالد لتدرك بوجود خطب ما بينهما، لتقول بقلق:.

هو أنا جيت في وقت مش مناسب؟
قال لها خالد:
لأ طبعا، بتقولى إيه، إنتى تيجى في أي وقت.
إقتربت ليلة من المكتب قائلة:
إزيك ياشاهى؟
جلست شاهى على المقعد تضع قدما فوق الأخرى قائلة بضيق:
كويسة.
إبتلعت ليلة ريقها بصعوبة، فإستدار خالد حول المكتب وهو يشعر بتوتر ليلة وقلقها البادى على ملامحها ليقترب منها قائلا بحنان:
خير ياحبيبتى، إيه سبب الزيارة الحلوة دى؟

إبتلعت ريقها مجددا وهي تنظر إلى شاهيناز تتمنى خروجها ولكن يبدو من ملامحها أنها تنوى البقاء لتقول ليلة بإرتباك وهي تنظر لأخيها:
الحقيقة، أنا كنت في المكتبة من شوية مع لبنى، بنشترى روايات زي ماإنت عارف.
أومأ برأسه وهو يقول مستحثا إياها على الحديث:
وبعدين؟إحتجتى فلوس؟
هزت رأسها نفيا وهي تقول:
لأ، معايا، بس...

صمتت مجددا لينظر إليها في تساؤل دون أن ينطق بحرف، يتيح لها الفرصة كي تملك زمام شجاعتها فمن الواضح أن هناك خطب ما يقلق راحتها، لترفع هي تلك الكتب بيدها تعرضها أمامه قائلة:
وهناك في المكتبة لقيت دول.
عقد خالد حاجبيه بشدة وهو يأخذ منها الكتب، يطالع أغلفتها، فعلى غلاف كل كتاب قبع رسما له، في زي مختلف ربما، ولكنه يظل صورة منه طبق الأصل في الملامح، ليقول بذهول:
إيه دول؟

نهضت شاهيناز تمسك إحدى الكتب منه وتطالع الغلاف عاقدة الحاجبين بينما قالت ليلة:
دول روايات لكاتبة إسمها جورية، الظاهر دار النشر اللي بتنشر ليها شافت صورة ليك على الإنترنت وحست إنك تنفع تكون بطل لرواياتهم.
قال خالد بغضب:
وإزاي يعملوا كدة من غير ما يستأذنونى، هما إتجننوا، مش عارفين أنا أبقى مين، طيب، أنا هوريهم.
قالها وهو يسحب مفاتيحه وهاتفه ويتجه إلى الباب بخطوات غاضبة بينما قالت ليلة بجزع:.

إستنى ياخالد، رايح فين؟ أنا جاية معاك،
لتسرع خلفه، بينما حذت شاهيناز حذوها، تريد أن ترى من سولت لهم أنفسهم ليأخذوا صورة زوجها ويضعون رسما له على أغلفة تلك الكتب، ألا يدرون من هو خالد نصار؟، حسنا، قريبا جدا، سيعرفون.

05-03-2022 12:25 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [2]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية وادي النسيان
رواية وادي النسيان للكاتبة شاهندة الفصل الثالث

هل هذا أنت يافهدى؟ يامن لطوفان عشقك إستسلمت، أم أن هذا هو طيفك، خرج من أحلامى متجسدا، أو توهمت؟ أم هو شبيه لا يمت لك بصلة، ومنه حقا قد نفرت؟
من أنت حقا؟فلتخبرنى، قد حيرتنى الظنون وأتعبتنى، وإن لم تشفى غليلى بإجابة، سأدرك حقا أنى قد جننت.

قال فراس بإبتسامة:
قصتك الأخيرة ورغم ان مبقالهاش يومين معروضة إلا إنها محققة أعلى نسبة مبيعات في تاريخ الدار، ألف مبروك ياجوري.
إبتسمت جورية قائلة بهدوء:
الله يبارك فيك، متتصورش فرحتى أد إيه وأنا بسمع منك الكلام الحلو ده.
إتسعت إبتسامته قائلا:
يلا بقى شدى حيلك وألفيلنا حاجة جديدة بسرعة، عشان معرض الكتاب اللي جاي.
قالت جورية:.

والله يافراس أنا بفكر آخد بريك وأتصل بجدى يجيلى، أهو نقضى مع بعض يومين حلوين كدة أرتاح فيهم من ضغط الأعصاب اللي مريت بيه الفترة اللي فاتت عشان أخلص الرواية، ويمكن ساعتها أفكر فعلا في كتابة رواية جديدة، أو أأجل وآخد بريك السنة دى ومش مهم المعرض.
إتسعت عينا فراس بإستنكار قائلا:
مش مهم إيه ياجوري؟ده إنتى كاتبة الدار الأولى ولازم يكون ليكى رواية جديدة في المعرض، ده غير رواياتك القديمة طبعا.

كادت أن تقول شيئا ولكن طرق على الباب قاطعها، لتدخل منار سكرتيرة فراس وعلى وجهها يبدو التوتر وهي تقول:
أنا آسفة لمقاطعتكم ياأستاذ فراس بس فيه ناس طالبين يقابلوا حضرتك والآنسة جوري دلوقتى فورا ومن غير تأجيل.
عقد فراس حاجبيه قائلا:
ناس مين دول؟
ليدلف خالد إلى الحجرة بهيبته تتبعه شاهيناز و ليلة، نظر خالد إليهم بصرامة وهو يتأمل وجهيهما قائلا:
خالد، خالد نصار.

إتسعت عينا فراس في دهشة بينما أصاب الذهول قسمات جورية لتظهر الصدمة جلية على وجهها، وهي تنهض ببطئ، تتأمل ملامح هذا الرجل الماثل أمامها، بضعف، بشوق، بحنين ظهر في ملامحها، توقن أنها تحلم، ولكن تجاهل خالد التام لها و كلماته التالية والموجهة لفراس جعلتها تدرك أنها في كابوس وليس حلم، وهو يقول بغضب مشيرا إلى تلك الرواية بيده:.

ممكن أعرف إزاي تحطوا صورتى على أغلفة الروايات دى، أنا مش بس هقفلكم الدار، لأ، ده أنا كمان هوديكم في ستين داهية.
ليظهر التحدى على وجه فراس على الفور بينما عجزت جورية عن قول أي شئ تماما، بل دارت بها الدنيا وشعرت بسواد يحيط بها، يسحبها إلى أعماقه لتستسلم له وترحب بأن يضمها بداخله، في صمت.

قالت جليلة بجزع وهي ترى عزيز يمسك بقلبه بعد أن سقط من يده فنجال القهوة ليتحطم بقوة إلى شظايا:
عزيز، مالك، إنت بخير؟
جلس عزيز في مقعده وهو يأخذ نفسا عميقا يهدئ به انفاسه المتسارعة وذلك الألم في قلبه ثم يقول بضعف:
أنا بخير ياجليلة، شوية ألم بسيط في قلبى، والحمد لله بقيت كويس.
قالت جليلة في قلق:.

الموضوع ميطمنش، إنت لازم تروح تكشف عند الدكتور وتشوف سبب الألم ده إيه، ده مش أول مرة يجيلك، وأنا قلقانة عليك، قصدى يعنى، جوري لو عرفت...
قاطعها قائلا بسرعة:
اوعى تقوليلها حاجة، مفهوم ياجليلة؟، جوري فيها اللي مكفيها، ومش حمل توتر ولا قلق علية.
أومأت جليلة برأسها متفهمة، لتقول بعد ثوان:
هي متكلمتش النهاردة؟
هز عزيز رأسه نفيا قائلا:.

كلمتنى انبارح وقالتلى مش هتكلمنى غير بالليل، مشغولة أوى بعرض روايتها الجديدة.
قالت جليلة بفخر:
بعتتلى نسخة منها، منمتش غير لما خلصتها، ما شاء الله عليها، عندها موهبة تجنن وقلم حساس أوى.
شرد عزيز قائلا:
طالعة لجدتها بالظبط، في كل حاجة.

نظرت جليلة إلى ملامح عزيز الشاردة والتي تؤكد أنه هائم تماما داخل ذكرى زوجته الراحلة، لتطرق برأسها في حزن، فعزيز لن يراها أبدا وذكرى زوجته مازالت حية بداخله، كم هي بائسة حقا، أحبته لسنوات طويلة بعد وفاة أختها، حبا صامتا مغمورا داخل طيات قلبها، وهاهو يجعلها تدرك مرارا وتكرارا أن حبها سيظل للأبد، بلا أمل.
أفاقت من أفكارها على صوته وهو يقول:
إيه رأيك ياجليلة لو نروح لجوري القاهرة ونعملهالها مفاجأة؟

إبتسمت جليلة إبتسامة باهتة، وهي تقول:
مفاجأة حلوة فعلا، بس إنت نسيت إنك وعدت عابد إنك هتجوز بنته علا، والفرح الشهر الجاي، يعنى ورانا حاجات كتير عشان نجهزها.
أطرق عزيز برأسه بخيبة أمل قائلا:
فعلا نسيت، بس ده معناه إنى هفضل شهر كمان من غير ماأشوفها.
قالت جليلة تواسيه وقد شعرت بالشفقة عليه، لتقول بحنان:
هون عليك ياعزيز، مش يمكن هي اللي تيجى، ونشوفها كلنا.

رفع عزيز عيون متألمة إليها، مزقت قلبها حزنا عليه وهو يقول بمرارة:
إنتى عارفة إنها مستحيل هتيجى هنا تانى.

أومأت برأسها في أسى، تدرك أنه محق، فقد كرهت جوري هذا الوادى والذي يذكرها، بحبيبها الذي عشقته بكل جوارحها ليختفى ذات يوم من حياتها للأبد، تاركا إياها في أسوأ حال، لا هي بالحية ولا هي ميتة لتقرر الرحيل عن هذا المكان الذي تذكرها جنباته بحبيبها الضائع، ليقاطع افكارها دلوف فتحى المسئول عن مزرعة عزيز قائلا بسعادة:
عزيز بيه، عزيز بيه.
نظر إليه عزيز قائلا:
خير يافتحى.
قال فتحى بإبتسامة:
مهرة بتولد ياعزيز بيه.

لمعت عيون عزيز وإنفرجت أساريره وهو ينهض بسرعة متجها إلى الإسطبل يتبعه فتحى، لتتنهد جليلة وهي تتابعهم بعينيها، تدرك مدى عشق عزيز لمهرة، فرسة جورية، تماما كعشقه لزوجته الراحلة وحفيدتهما من بعدها، تتمنى فقط لو عشقها بنصف القوة التي عشق بها كل هؤلاء، ولكن للأسف ليس كل ما يتمناه المرء، يدركه.

أحست جورية بألم شديد في رأسها والضباب حول عقلها ينقشع تدريجيا، تسمع صوت إمرأة تقول بحدة:
على فكرة بقى، دى تمثيلية بايخة أوى منها عشان تتهرب من الوضع اللي هي فيه وصورة جوزى الموجودة على أغلفة رواياتها كلها.
زوجها، هل قالت فعلا أنه زوجها؟هل حقا فهد متزوج من تلك المرأة؟لتستمع إلى صوت فراس وهو يقول بحدة:
من فضلك يامدام، جوري مش بالشكل ده خالص، دى إنسانة محترمة أوى على فكرة ومستحيل تتصرف بالشكل ده.

قالت المرأة بحدة:
طبعا، ما إنت أكيد هتقول كدة، مش انت صاحب دار النشر اللي طابعينلها الرواية وغلافها.
هدر صوته الذي تحفظه عن ظهر قلب، والذي كانت نبراته تشعل دقات قلبها سعادة وعشقا ولكنها الآن نبرات صارمة خالية من الحنان الذي كان يعبق به صوته، صوته القريب منها الآن تلفحها أنفاسه الساخنة وهو يقول:
خلاص ياشاهى، مش وقته خالص الكلام ده، تفوق الآنسة ونبقى ساعتها نتكلم.

فتحت عيونها ببطئ لتطالعها عيناه، واللتان رغم صرامتهما إلا أن هناك قلق دفين رأته في عمق تلك العيون، لترمقه بنظرة طويلة صامتة حيرته، ورغما عنه وجد نفسه ينجذب بقوة لتلك العينين، يغرق فيهما حرفيا، تأسره نظرتهما، يتساءل بحيرة، هل تحمل نظراتها كل تلك المشاعر التي وصلته، هل تحمل حقا شوقا إمتزج بالعتاب؟نفض مشاعره التي تعجب لها وهو يقول ببرود:
حضرتك دلوقتى كويسة؟

ياالله، هل بات يحدثها الآن وكأنها غريبة عنه؟هل يتجاهلها عمدا؟أم هو رجل آخر كلية وليس حبيبها فهد؟ليطول شرودها، ويكرر خالد سؤاله بصوت أكثر حدة قائلا:
حضرتك بقيتى تمام دلوقتى؟
اعتدلت جالسة وهي تومئ برأسها دون كلمة، ليلتفت خالد إلى فراس الواقف بجواره قائلا:
هي خرسا؟
قال فراس بإستنكار:
لأ طبعا.
ليلتفت فراس إلى جورى قائلا بتوتر:
هي يعنى، عشان بس الصدمة...

صمت فراس وهو يراها ترمقه بنظرة محذرة، ليقول مستطردا بعد ان تنحنح:
إحمم، يعنى حضرتك كنت خيال كاتبة وفجأة إتجسدت أدامها طبيعى إنها تتوتر أو يغمى عليها من الصدمة زي ما حصل مع جوري بالظبط.
لينهض خالد قائلا بحدة:
يعنى إنت عايز تفهمنى إن وجود صورى على الغلاف كان خيال من الكاتبة، وحطيته على الغلاف فطلع بقدرة قادر زي صورتى بالظبط.
توتر فراس وكاد أن يتحدث ليقاطعه صوتها الذي وجدته أخيرا وهي تقول بضعف:.

ده اللي حصل فعلا.
لا يدرى خالد لما دق قلبه بتلك السرعة لسماع نبراتها الرقيقة، يشعر بالألفة تجاه هذا الصوت الملائكي ليلتفت تجاهها ببطئ يتأمل ملامحها بوجه خال من التعبير، ليقول بعد ثوان ببرود:
مين اللي رسم الصور دى؟
أجابته بهدوء ظاهري يحمل اضطرابا بين سكناته:
أنا.
ظهرت الدهشة على ملامحه لثوان ولكنها مالبثت ان إختفت فجأة كما ظهرت فجأة، وهو يقول ببرود:
وانتى مشفتيش لية أي صورة أو لقاء على التلفزيون؟

غشيت عيونها الدموع وهي تومئ برأسها في صمت، هي لا تكذب، فهي فعلا لم تفعل ذلك، ولقاءها به كان مختلفا بالمرة، وهذا مادفع الدموع لتسقط على وجنتيها بصمت أيضا، ليشعر خالد بغصة في حلقه لمرأى تلك الدموع، إنتفضت جورية على صوت تلك المرأة التي تدعى أنه زوجها وهي تقول:
إنت بتصدق الكلام الفارغ ده ياخالد، بتصدق دموع التماسيح دى؟
قال فراس بعصبية:
يامدام أنا مسمحلكيش.
قالت شاهيناز بحدة:.

وإنت مين إنت عشان تسمحلى أو متسمحليش؟
هدر خالد بقوة قائلا:
إنزلى إستنينى في العربية ياشاهي.
قالت شاهيناز بحنق:
بس ياخالد...
قاطعها قائلا بصرامة:
قلتلك إنزلى إستنينى تحت.
نظرت إليه بغضب ثم ألقت نظرات حانقة على الجميع قبل ان تتجه إلى الخارج بخطوات غاضبة، ليلتفت خالد لليلة التي وقفت صامتة طوال الوقت تلعن غبائها الذي تسبب في تلك الفوضى، ليقول بنبرة هادئة:
خليكى معاها ياليلة.

فكرت جورية، هل يحبها لتلك الدرجة؟أيخشى عليها؟تبا، كم يؤلمها هذا؟لتستمع إلى صوت تلك الليلة الرقيق كالنسمة وهي تقول:
حاضر ياخالد، عن إذنكم.

لأول مرة يلاحظ فراس وجود تلك الفتاة بينهم، إنها صهباء فاتنة، قشدية البشرة، هو يعلم أن الصهباوات ناريات الطبع ولكن تلك الفتاة تختلف عنهن كلية، فإلى جانب نعومة صوتها ورقة نبراته، فهناك أيضا تلك الرقة والتي تقبع في عيونها بلا حدود، أرسلتها إلى جورية في نظرة إعتذار تقبلتها تلك الأخيرة بهزة رأس صامتة، لتلتفت ليلة مغادرة الحجرة يتابعها فراس بعينيه يتمنى فقط لو تعرف إليها اكثر ولكن يبدو أنه ونظرا للظروف الراهنة لن يسمح له بذلك، أبدا.

إلتفت ينظر إلى خالد الذي قال بهدوء موجها حديثه إلى جورية:
هفترض دلوقتى حسن النية وان وجودى على أغلفتك من وحي خيالك ورسمك، رغم إنه شئ صعب يتصدق، ورغم إنه يرضى غرورى كراجل شفتيه إزاي معرفش صورة واحدة و مناسبة لكل أبطالك، بس للأسف، مش هقدر أسمح بالموضوع ده، حتى لو حسن النية موجودة.
قال فراس وهو يعقد حاجبيه قائلا:
قصدك إيه؟
نظر إليه خالد قائلا في تحدى:.

يعنى الأغلفة دى، هتتشال صورتى من عليها بأي شكل من الأشكال وإلا هرفع قضية على الدار وأكيد هكسبها.
إزداد إنعقاد حاجبي فراس قائلا:
بس اللي بتقوله حضرتك مستحيل.
قال خالد بسخرية:.

مفيش في قاموس خالد نصار كلمة إسمها مستحيل، أنا مش مستعد بنتي أو حد من عيلتى يتصدموا، و بدل مايشوفوا صورى على مجلات المشاهير ورجال الأعمال، يشوفونى مهرج على أغلفة روايات رومانسية سخيفة، ياتشيلوا صورتى من الأغلفة، ياهوديكم في ستين داهية، أدامكم فرصة لآخر الأسبوع، وده آخر كلام عندى.

ليلقى نظرة على جورية التي ظهر على ملامحها أعتى ملامح الألم، كاد أن يتراجع عن كلماته، ولكن شئ ما في أعماقه رفض هذا الضعف الذي شعر به يعتريه تجاه تلك المخلوقة، ليقرر وبكل حزم أن يوأد هذا الشعور في مهده، لذلك وبكل برود خرج من الحجرة تتابعه عيناها الحزينتان، ليقول فراس بعد إنصرافه ورؤيته لجورية تقف بضعف:
رايحة على فين ياجوري، خليكى شوية عشان ترتاحى، إنتى لسة تعبانة.
هزت رأسها نافية وهي تقول بحزن:.

أنا كويسة يافراس، بس محتاجة أكون لوحدى شوية.
قال فراس في شفقة:
بس احنا محتاجين نتكلم في اللي حصل النهاردة.
أغمضت جورية عيناها قبل أن تفتحهما مجددا قائلة:
من فضلك يافراس، خليها وقت تانى، بعد إذنك.
قال فراس بقلق:
طب تحبى أوصلك؟
هزت رأسها نفيا قائلة:
لأ، أنا كويسة متقلقش، سلام.

غادرت الحجرة بخطوات بطيئة تتابعها عينا فراس في شفقة، فهو يدرك كم كانت صدمة اليوم قوية عليها، إنها صدمة لايتحملها أعتى الرجال فما بالك بفتاة رقيقة كجورية، حقا كم يشفق عليها.

كانت لين تهز قدميها تناغما مع تلك الموسيقى التي يصدح صوتها عاليا في ذلك الحفل، لتقول لها سها بملل:
يلا بينا بقى يالين نروح، أنا بجد مليت.
إبتسمت لين قائلة:
نروح فين بس؟دى الحفلة لسة هتبدأ، والسهرة للصبح.
قالت سها بإستنكار:
صبح إيه بس؟لأ طبعا هي نص ساعة كمان ولو مروحتيش معايا، انا هروح لوحدى، دى حفلة مملة أوى، وانا بجد زهقت.
إتسعت إبتسامة لين قائلة:.

مسمعتكيش نور وانتى بتقولى على حفلتها مملة، كانت ندهت للبودى جارد بتوعها وخليتهم يرموكى برة الفيلا.
قالت سها بسخرية:
تحبى أروح أقولها الكلام ده بنفسى، واهو بالمرة أقولها إنك قلتيلى إنها كانت سمينة أوى في ثانوى وكانوا مسميينها البرميل.
إتسعت عينا لين بصدمة وهي تقول:
بس، يخربيتك، هتفضحينا، هو ده جزاء اللي تدى سرها لعيلة زيك.
قالت سها في حنق:
أنا عيلة يالين، ماشي، طيب أنا ماشية، ومش هتشوفى وشى تانى.

لتمشى سها بالفعل فنادتها لين وهي تضحك قائلة:
تعالى بس يامجنونة، رايحة فين؟أنا كنت بهزر.
لم ترد سها عليها وواصلت سيرها، بينما ضربت لين كف على كف وهي تقول بإبتسامة:
مجنونة والله، بس بموت فيها.

إلتفتت تنوى الإستئذان من صاحبة الحفل ثم المغادرة مع سها، ولكنها مالبثت أن إرتطمت بصدر صلب لرجل يرتدى بذلة أنيقة للغاية، أسندها لثانية ثم تركها وكأنها أفعى لدغته، عبقت رائحته المكان برائحة تبدوا مألوفة لديها، تعشقها وتكرهها في آن واحد، رفعت عينيها ببطئ من صدر هذا الرجل حتى عنقه لتبتلع ريقها بصعوبة تشعر أكثر بأنها تعرف هذا الرجل فمن غيره يمتلك هذا التأثير عليها، يشتت كيانها ويزلزله، ينثره إلى ذرات، وصلت عيناها إلى وجهه ليتوقف الزمان والمكان عند تلك اللحظة، لتتجمد كلية وعيناها تواجهان عيناه، تمتلئ عيناها بصدمة رغما عنها كانت واضحة جلية على محياها كله، بينما عيناه باردتان، تحملان بعض السخرية في طياتهما، كما يحملها صوته تماما وهو يقول:.

إزيك يالين؟
إبتلعت ريقها بصعوبة فأمامها تماما وقف من تتمنى أن ترتمى بين ذراعيه الآن ومن تتمنى في نفس الوقت أن تقتله، وقف أمامها من حاولت مرارا وتكرارا أن تنساه، وعندما ظنت أنها نجحت في ذلك، ظهر أمامها من جديد، إنه معشوقها ومعذبها، زوجها السابق، مؤيد.

05-03-2022 12:25 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [3]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية وادي النسيان
رواية وادي النسيان للكاتبة شاهندة الفصل الرابع

أضعت تفاصيلي كاملةً،
ومازال قلبي الأعمى فيك نابضاً.
لاتقترب أكثر وتشعل عود ثقابك
أنا نار...
هل رأيت يوما ناراً تُحرَقُ؟
لملم أعاصيرك الهوجاء من حولي
فأنا وإن بدوت صحراء مسالمة
أستطيع إغراقك كلياََ برملي...
لا تركن إلى الخداع مرة أخرى
إحذر صمتي...
لم أعد أنا هي أنا...
فقد خاصمت جميع أطهار ملائكتي
و تعاقدت سراً مع أعتى الشياطينِ.
بقلم، سميرة البهادلي.

كانت سها تتحرك في عصبية وهي تتجه إلى سيارتها، تلعن قرارها الغبي اليوم بمصاحبة لين إلى هذا الحفل، فهي لا تحب تلك الحفلات بتاتا، تشعرها بالتوتر، تظن بأن العيون كلها تكون مركزة عليها، يستنكرون ماترتديه دائما من بنطال فضفاض وبلوزة قطنية، ورغم انها تبدو رائعة في هذا الزي إلا انه بالتأكيد لا يتوافق مع حفل كهذا يرتدون فيه الفساتين القصيرة التي تكشف أكثر مما تستر.

تعجبت سها في نفسها كيف اصبحت لين تهوى تلك الحفلات وهي التي كانت تشبهها تماما في النفور منهم، وكيف إرتضت بإرتداء تلك الفساتين، لتهز رأسها يمنة وشمالا وهي تدرك ان تجربتها الأليمة مع مؤيد هي ما حولتها بتلك الصورة، ليهيأ لسها في بعض اللحظات ان تلك الفتاة ليست بصديقتها على الإطلاق، لتعود وتدحض افكارها وهي تدرك ان بداخل تلك المرأة التي تظهر للجميع قوية مستقلة ولايهمها أي شئ، تقبع تلك الفتاة الخجولة الرقيقة التي لطالما عرفتها سها،.

توقفت تلعن حظها حين إنكسر كعب حذائها الأيمن، لتتجمد تماما وهي تسمع صوت يأتى من خلفها يقول بهدوء:
روقى، مش مستاهلة، بتحصل على فكرة.
إلتفتت إليه سها تطالعه بعيون ضاقت على ملامحه، تحاول ان تستشف موقفه، هل يسخر منها ام ان كلماته عادية يبغى بها مؤازرتها فحسب؟لتجد ان ملامحه خالية من السخرية تماما فإطمأن قلبها، وزفرت قائلة بتلقائية:.

آدى اللي بناخده من الحفلات دى، بهدلة وخلاص، همشى إزاي للعربية؟حقيقى مش عارفة.
تأملت عيناه ملامحها بمهل أربكها، وجعل الحمرة تغزو وجنتيها ثم إقترب منها بهدوء، لتشعر بدقات قلبها المتسارعة، تطرق جسدها بعنف، خاصة عندما توقف أمامها تماما وهو يمد يده إليها قائلا بهدوء:
هاتى الفردة التانية.
إتسعت عيناها في دهشة قائلة:
أفندم؟
أعاد كلماته أمامها بتروى قائلا:
بقولك هاتى الفردة التانية.

لم تدرى كيف إستجابت لطلبه وخلعت عنها حذائها ثم رفعته تمنحه إياه، وسط هالة تبدو ساحرة النسمات، فعينا كل منهما لم تبرح الآخر، كليهما غارق في تلك النظرات، ليقطع هو تلك الهالة السحرية آخذا منها الحذاء ووسط ذهولها قام بكسر الكعب الآخر دون أن يغمض له جفن، ليناولها إياه مجددا قائلا بهدوء:
كدة أكيد أحسن.
أخذت الحذاء منه كالمسحورة، ثم إرتدته لتشعر بالراحة فعلا، رفعت عينيها إليه قائلة بإمتنان:.

فعلا، معاك حق، متشكرة أوى.
إكتفى بإبتسامة بسيطة زادته وسامة، لتتيه في ملامحه، لثوان قبل ان تفيق من سحره وهي تتنحنح قائلة:
احمم، عن إذنك.
قال بإبتسامة مازحا:
طب على الأقل قوليلى إسمك، إحنا بينا عشرة عشر دقايق وكعب جزمة مكسور.
نظرت إليه تبتسم وهي تقول بمشاكسة:
يمكن مرة تانية، بس دلوقتى، أكيد لأ، سلام.

لتتركه واقفا وتغادر ينظر في إثرها، تتسع إبتسامته، إنها مميزة تلك الفتاة، لا تشبه هؤلاء الموجودات في هذا الحفل البغيض، ولكنها تركته ومضت دون ان تمنحه أي معلومة عنها قد تسهل له الطريق إليها، تماما كسندريلا، ولكنها السندريلا خاصته، لذا سيبحث عنها وسيجدها ووقتها لن تكون لسواه.

ظلت لين صامتة، تنظر إلى مؤيد بصدمة، تتساءل منذ متى جاء إلى مصر فآخر أخباره التي وصلتها هو سفره إلى فرنسا منذ اعوام، هل إزداد وسامة عن الماضى؟، تبا لقد فعل، لتفيق من أفكارها على صوت مؤيد وهو يقول بسخرية:
إيه يالين؟مش هتقوليلى إزيك؟عيب عليكى، ده إحنا حتى كان بينا عيش وملح وكرواسون.
إستفزتها سخريته لتنفض صدمتها وتنحى مشاعرها الضعيفة تجاهه جانبا وهي ترسم قناعا من البرود على وجهها قائلة:.

عايز إيه يامؤيد؟
هز مؤيد رأسه يمنة ويسارا قائلا:
تؤ تؤ تؤ، يعنى بعد المدة الكبيرة دى كلها متقوليليش حتى إزيك؟
قالت في برود:
وأقولك إزيك ليه ماإنت أدامى أهو، ماشاء الله واضح إنك زي الفل وعايش حياتك بالطول والعرض، ولا إيه؟
إختفت السخرية من ملامحه لتظهر خالية التعبير تماما ولكن هيئ للين انها رأت لمحة حزن سريعة عبرت عينيه ولكنها لم تظهر في صوته الخالى تماما من المشاعر وهو يقول:.

إنتى كمان، واضح إنك مبسوطة في حياتك، الظاهر إن فيها حد جديد معيشك الحالة دى.
أدركت لين أن مؤيد يقصد هذا المليونير محمود عزمى، والذي دارت الشائعات مؤخرا عن قصة إرتباط قريب بينهما، إذا هو يتابع أخبارها، فليكن، وليظن ما يريد فهي لن تهتم،
أفاقت من أفكارها على صوته يقول وقد عادت إليه سخريته:
مقلتليش، أخبار محمود عزمى إيه؟ياترى مبسوطة معاه؟
إبتسمت ببرود قائلة:.

جدا، الصراحة مش عارفة أقولك إيه، إنسان أخلاق وذوق، ورقيق وحنين، حقيقى جنتل مان.
قبض مؤيد على يديه بقوة كي لا يتهور ويصمت تلك التي تتحدث عن غريمه، تعدد صفاته الرائعة، بقبلة تخطف أنفاسها وتتركها تبحث عن حرف تخرجه من بين تلك الأنفاس، فلا تجد، ولكنه نحى مشاعره جانبا وهو يقول:
وهو فين دلوقتى؟مش معقول يسيبك في حفلة زي دى بالمظهر ده وميكونش موجود.
قالت بغيظ:
محمود مسافر، وبعدين ماله مظهرى ها؟

نظر إليها مؤيد ببرود لا يعكس حنقه أبدا من نطقها إسم غريمه بأريحية، ومن هذا الفستان التي ترتديه لين والذي يظهر جسدها القشدي الرائع للعيان، لتلتهمها العيون أينما ذهبت، لقد راقبها من اول الحفل وأكثر من مرة كاد أن يقتل أصحاب تلك العيون التي تعرى جسدها أمامه، ليمنع نفسه في اللحظة الأخيرة، منبها نفسه أنها لم تعد تخصه ولكن تبا كم تؤلمه تلك الغيرة الحارقة عليها، ليدرك وبكل قوة أنه وفى أعماق قلبه مازال يحمل لها مشاعر قوية.

ليقول بسخرية:
مظهرك، وهو فين المظهر ده؟انا تقريبا شايفك أدامى عريانة، ده حتى قميص النوم كان أرحم من اللي إنتى لابساه ده.
إتسعت عيناها بصدمة قائلة:
إنت بتقول إيه، ها؟إنت أكيد إتجننت؟
مال عليها يقول ببرود:
إتجننت عشان بقولك الحقيقة، على فكرة انا جوايا كلام أسوأ من كدة، بس مش عايز أجرحك أكتر.
ليستطرد مستعيرا كلماتها وهو يقول:
لإنى بجد جنتل مان.

إلى هنا وكفى، هل يريد ان يجرحها أكثر؟، كيف وجراحه لها كانت قوية بما يكفى؟، حتى أنها مازالت تؤلمها حتى تلك اللحظة، لتقول بعصبية:
عموما إنت ملكش دخل في لبسى ولا حياتى، إحنا إتطلقنا، يعنى كل واحد دلوقتى راح لحاله وكل واحد حر في تصرفاته.
نظر إليها نظرة غامضة وهو يقول:.

صحيح إتطلقنا بس صدقينى، من النهاردة خلاص مش هتكونى على حريتك ولا هتقدرى تقولى أنا حرة، واللي مش عاجبه برة، من النهاردة إنتى خلاص هتدخلى عرين الأسد، ومش هتخرجى منه، وهتبقى الحكاية ياقاتل يامقتول، ودلوقتى أدامك بالظبط عشر دقايق تكونى سايبة الحفلة وماشية مع صاحبتك اللي مشيت دى وإلا قسما عظما هعملك فضيحة هنا في المكان ويحصل اللي يحصل.
عقدت حاجبيها قائلة بحدة:
إيه الكلام الفارغ ده.
إبتسم مؤيد قائلا:.

ده مش كلام فارغ، ده كلام مؤيد الحسينى، ياريت متنسيش بس إنى حذرتك، سلام يا، ياقطة.

وإبتعد مغادرا تتبعه عيناها بحنق، كادت ان تتحداه وتنتظر في الحفل ولكنها تعرف مؤيد جيدا لتدرك أنه لا يلقى تهديداته جزافا، لا يفعل ذلك مطلقا، لتقرر الإستسلام مؤقتا لتهديده مع وعد منها برد أفعاله عليه، والإنتقام منه، ولكن بالتأكيد ليس هنا وليس الآن، لتضرب بقدمها الأرض بغيظ قبل ان تغادر بخطوات حانقة تتبعها عينا مؤيد الذي إبتسم لأول مرة منذ زمن، بإرتياح.

دخلت شاهيناز إلى حجرتهما بعصبية، يتبعها خالد الذي قال بحدة ما إن أصبح داخل الحجرة:
ممكن أعرف المدام متعصبة كدة ليه وإزاي تكلمينى أصلا بالأسلوب ده أدام أختى، إنتى أكيد إتجننتى.
إلتفتت إليه شاهيناز قائلة بحنق:.

إتجننت؟أيوة أنا إتجننت، لما جوزى يزعقلى أدام ناس غريبة لازم أتجنن، لما يتساهل مع واحدة إستغلت شهرته عشان مصلحتها الشخصية، يبقى لازم أتجنن، لما لغاية دلوقتى بسمع لومه وعتابه مش إعتذاره يبقى لازم اتجنن.
تأملها خالد ببرود قائلا:
خلصتى؟
نظرت إليه بغضب قائلة:.

لأ مخلصتش، أنا عايزة أفهم إنت بتعاملنى كدة ليه ها؟عملت فيك إيه؟من يوم ما رجعت من السفر وإنت مش على طبيعتك معايا، مشاعرك بعيدة عنى، وكأن بينا جبال وسدود، مبقتش خالد اللي حبيته وعرضت عليه الجواز وحطيت تحت إيده فلوسى وكل ما أملك، مش إنت خالد أبو بنتي ريم، انا عايزة أعرف خالد ده راح فين؟

نظر إليها في برود لا يعكس مشاعره المضطربة وهو يسأل نفسه كل تلك الأسئلة، ماالذى حدث له؟، منذ عاد إلى منزله من جديد وهو يشعر بأنه ليس خالد نصار الذي يعرفه، أصبح داخله فارغا، وكأنه ليس هو، هناك شخصا آخر بعقله وقلبه يرغب بالصراخ عاليا، يطالب بالخروج والتعبير عن نفسه، شخص لا يهوى التجارة ولا الأعمال، بل شخص يهوى التأمل والغوص في الطبيعة، ربما يظهر قاسى القلب بارد النبضات ولكن بداخله طفل صغير يحتاج فقط إلى الأمان والإهتمام والحب، شخص لم يجد ما يحتاجه بين جوانب شركته الكبيرة، ولا بين جنبات منزله الواسع متعدد الحجرات ولا بداخل حضن زوجته، بل وجد راحته داخل أحلامه مع تلك الفتاة التي تثير كيانه وشغفه، تشعره بقوة الحياة، ليعقد حاجبيه وهو يتذكر تلك الكاتبة التي تدعى جورية، إن بها بعض ملامح بطلة أحلامه الغامضة، نفس الشعر ولكن لونه يختلف قليلا، نفس البشرة، الطول، القوام، ربما هذا ماجذبه إليها اليوم وأرسل تلك القشعريرة في جسده، وسارع نبضاته وهو بجوارها، أو ربما هو جسدها الرقيق الذي حمله بسرعة حين أغشي عليها، وما أثاره عطرها الرقيق المميز في حواسه أو ربما هي رقة جسدها الصغير بين يديه، أو هو صوتها الملائكي النبرات والذي جذبه بقوة ليصبح أسيرا له، لا يدرى حقا ماالذى جذبه إليها ولكنه يدرك بالتأكيد أنها تبدو مألوفة لديه بشكل يثير الإضطراب، أفاق من أفكاره على صوت شاهيناز وهي تقول بحدة:.

ماترد علية، خالد جوزى راح فين؟
نظر إليها قائلا ببرود:.

أنا موجود، لسة زي ماأنا، وقبل ما تبتدى الإسطوانة المشروخة بتاعة كل مرة على إنى بطلت أحبك وإنى أهملتك والكلام الفارغ ده عن إنى مشغول بواحدة تانية فأحب أوفر عليكى كل ده وأقولك إن دى كلها اوهام في دماغك ملهاش أي أساس من الصحة، حابة تصدقى براحتك، مش حابة إنتى حرة، بس ياريت تبطلى تفكرى في الكلام الفارغ ده وبدل ما تحطينى تحت عنيكى وتاخدى بالك من تصرفاتى، خدى بالك من تصرفاتك إنتى، وحطى بنتك تحت عنيكى وإهتمى بيها، لإن إهمالك ليها بدأ يعصبنى، وإهتمامك بشغلك وحفلاتك مبقاش مخليكى فاضية لحد غير نفسك.

كادت ان تعترض وقد ظهر الحنق على ملامحها، ليشير إليها بالصمت وهو يقول بصرامة:
كلمة زيادة وانتى اللي هتندمى بجد، لإنى بجد مريت بيوم صعب ومش هكون مسئول دلوقتى عن رد فعلى.
صمتت وقد ظهرت عروق جبهتها غضبا وإزدادت قتامة عيونها الدخانيتين، ليقول بهدوء:
انا داخل الحمام وياريت لما أخرج تكونى فكرتى كويس في الكلام اللي أنا قلته، ده لو حابة بجد نكمل مع بعض عشان خاطر ريم.

ليتجه إلى الحمام ويدلف إليه مغلقا بابه بهدوء، لتزفر شاهيناز بقوة وهي تقول بغضب:
ريم، ريم، ريم، عارفة إن الحاجة الوحيدة اللي مخلياك مكمل معايا هي ريم، ولولا كدة أنا كنت...
لتصمت وقد جزعت من تلك الكلمات التي كادت ان تفلت من بين شفتيها لتواريها داخل صدرها بقوة، وهي تقول بحسرة:.

لو كانت حياتى مشت زي ما انا عايزة، مكنتش هبقى واقفة دلوقتى مذلولة ليك ياخالد يانصار، بس مش شاهيناز حسان اللي تخسر حربها أدام حد، ومش شاهيناز حسان اللي تنذل ومتاخدش بتارها، أصبر علية ياخالد، بس ألاقيه من تانى، وهتشوف أنا ممكن أعمل فيك إيه، صدقنى ساعتها هتتمنى أكمل معاك وانا اللي هرفض، والمفاجاة اللي محضرهالك هتضربك في مقتل، أصبر بس وهتشوف.

لتبتسم بشر وقد إلتمعت عيناها وهي ترى هذا اليوم، تتخيله كما لو كان حقيقيا أمامها، من يدرى، ربما كان هذا اليوم قريبا، قريبا جدا.

إقترب مؤيد من سيارته ليجد نبيل جالسا بها ينتظره، ليدخل إليها ثم ينطلق بها بهدوء، ليقول نبيل:
ها عملت إيه طمنى؟
قال مؤيد بوجه خال من التعبير:
قابلتها،
قال نبيل يستحثه قائلا:
ها وبعدين؟
إستدار مؤيد حول هذا الملف الدائرى متجها بسيارته إلى شقته ببرود، ولكن نبيل إستشعر به الألم الذي ينبض بقلبه، ليستحثه قائلا:
ها، إيه اللي حصل؟، ما تحكى يامؤيد.
قال مؤيد في جمود:.

زي ما توقعت، إتغيرت اوى عن زمان، مبقتش تشبه لين اللي حبيتها غير في الملامح وبس، لبسها، كلامها، نظرتها، كل ده إتغير يانبيل.
قال نبيل بهدوء:
وهتعمل إيه طيب، هنرجع فرنسا من تانى؟
قال مؤيد بحنق:
أرجع إزاي بس وأنا لسة مشفيتش غليلى منها، أرجع إزاي وأسيبها تحقق كل أحلامها وتبقى سعيدة كمان؟
لتقطر المرارة من فمه وهو يقول:.

طب وأنا، وأحلامى معاها، أحلامى اللي دمرتها كلها، حياتى اللي لخبطتها وسعادتى اللي حرمتنى منها، كل ده يبقى من غير تمن تدفعه وتكفر فيه عن ذنبها؟مستحيل طبعا، لازم أدفعها تمن كل ذنب أذنبته في حقى، لازم اخليها تندم على كل حاجة عملتها معايا، لازم.
قال نبيل بقلق:
يعنى هتعمل إيه يامؤيد؟، فهمنى.
قال مؤيد بغموض:.

هعمل اللي كان لازم أعمله من ٣ سنين وللأسف معملتوش، بس ملحوقة، أصبرى علية يالين، هانت وهتكونى بين إيدية وساعتها مش هرحمك.
ليقع قلب نبيل بين قدميه مع سماعه لكلمات مؤيد ونبرات صوته المتوعدة والتي لا توحى بالخير، أبدا.

جلست لين على مقعد بشرفتها تتأمل سواد الليل أمامها، نظرت إلى السماء قليلا، إلى تلك النجوم التي تلألأت على صفحتها، لتقتحم ذاكرتها فجأة أحداث الماضى و كيف كانت تتشارك تلك الليالى مع مؤيد يعدون النجوم ويطلقون عليها الأسماء أيضا، غشيت عيناها الدموع وهي تتذكر كم كانت سعيدة بذلك الوقت، كان مؤيد عطوفا محبا يمنحها الحب والحنان وتبادله مشاعره بسخاء، فحبهما كان من اول نظرة، رأته لأول مرة حين ذهبت مع أخيها وأختها لخطبة شاهيناز، فكان هو هناك، مؤيد إبن الزوج الاخير لوالدة شاهيناز، حاصرها بنظراته يوم الخطبة ثم بعدها طاردها بعشقه حتى إستسلمت كلية له ووافقت على الزواج، ليعيشا أجمل أيام العمر، يظلل العشق جنبات حياتهم، ويملأها بنفحات السعادة، حتى بدأ القلق يكتنف تلك الحياة مع تأخرهم بالإنجاب، طرقا جميع أبواب الأطباء، لا فائدة، ليس بهما أي مانع يحرمهما من الإنجاب ولكنه فقط النصيب، القدر، قدرهما أن يحرما من تلك النعمة، أربعة سنوات حاولا فيها المستحيل للإنجاب فلم يستطيعا، حتى...

نفضت رأسها بقوة والدموع تتلألأ بعينيها ترفض الإستطراد في ذكرياتها المريرة، ترفض كلية أن تستعيد ذلك الألم الذي يصيب قلبها كلما غاصت في تلك الذكريات، زفرت بقوة، تتساءل لماذا ظهر أمامها ليثير فيها تلك الذكريات مجددا، لماذا عاد وعاد معه الشوق والحنين والألم، لماذا يتابع أخبارها؟وماذا يريد منها الآن؟ألا يكفيها مانالها منه في الماضى، ألا يكفيه ما آلت إليه بسببه؟حسنا، فليعد مجددا إلى حياتها ولن تهتم، ستتجنبه فقط، وإن حاول مضايقتها ستكون له بالمرصاد، وستكيل له الصاع صاعين، وأبدا لن تضعف ولن ترحم، فلم تعد أبدا كما كانت بالماضى ولن تعود مجددا، أبدا.

نفضت جورية غطائها ونهضت من سريرها فالنوم خاصم عينيها وجافاها مع تلك الصدمة التي أصابتها اليوم، كانت تدرك أنها يوما ما ستجده من جديد، ستسأله لماذا تخلى عنها وما الذي فعلته ليكون جزاؤها الهجران دون سبب، كان لديها أمل أن يكون لديه سبب مقنع لإبتعاده عنها، وأنها ستسامحه ويكملان قصة عشقهما الأبدي كما أخبرها بالماضى...

وبالفعل كان اللقاء ولكنه لقاء مرير، صادم، فلم تكن تتوقع أبدا أن يظهر لها كرجل متزوج ولديه طفلة، لم تكن تتوقع أن يغير إسمه، أم أن هذا هو إسمه الحقيقى؟هل أراد أن يعيش تجربة مختلفة فإدعى ما إدعاه وقتها؟أم أن هناك خبايا تظلل حياته؟زفرت بقوة، أيا كان ماحدث بالماضى فقد كان وهما، سرابا لا بد أن تنساه وتكمل حياتها وهي على يقين بأنه إنتهى من حياتها للأبد، وأن الحياة يجب أن تستمر، ربما قلبها مجروحا بقوة وجروحه تنزف ولكنها ستضمد جراحه بنفسها وستستعيد روحها الضائعة، وستنسى بالتأكيد هذا الرجل، خالد نصار...

، كم يختلف كلية عن هذا الرجل الذي أحبته ومنحته كيانها بالكامل، فهد، هكذا منحته هي الإسم، وهكذا تتذكره، وسيم، حنون، عطوف، رائع بكل معنى الكلمة وليس تلك الكتلة الباردة خالية المشاعر والتي ظهرت في كل تصرفاته وكلماته اليوم، إقتربت من ذلك البورتريه المجاور لسريرها والذي رسمته لفهد في الوادى في ذلك اليوم الذي إعترفت فيه لنفسها بحبه، تتأمل ملامحه بشوق، بحنين إلى تلك الأيام التي كانت تعيشها معه، تلك السعادة التي كانت تغمرها بذلك الوقت، لتتدفق الذكريات إلى عقلها، تتجسد أمامها، منذ اليوم الأول للقاءها به، وياله من لقاء...



المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
رواية صغيرتي الحمقاء زهرة الصبار
39 7308 زهرة الصبار
رواية انتقام ثم عشق زهرة الصبار
38 4313 زهرة الصبار
رواية حبيب الروح زهرة الصبار
39 3355 زهرة الصبار
رواية لا ترحلي زهرة الصبار
36 3232 عبد القادر خليل
رواية أحببت فاطمة زهرة الصبار
74 3786 زهرة الصبار

الكلمات الدلالية
رواية ، وادي ، النسيان ،


 





# فنون # مشاهير # صحة # منوعات # الأطفال # English # تفسير الأحلام ثقافة # قصص # سيارات Cars # صور # تقنيات # الاجهزة الالكترونية # المطبخ # كلام فى الحب # أبراج # رياضة # ازياء # حكم وأقوال تطوير الذات# خلفيات # صور بنات # مشاهير # ديكور # صباح الخير # مكتوب برقيات شهر رمضان # جمعة مباركة # حب رومانسية # عيد # ادعية # خلفيات كرتون # منوعات # موضة # الأم # أطفال # حيوانات # صور ورد # اكلات # New Year # مساء الخير # اللهم صلي علي النبي # القران الكريم # صور نكت # عيد ميلاد # اعلام # سيارات # تهنئة الخطوبة # حروف واسماء # الغاز # صور حزينة # فساتين # هدايا # خلفيات النادي الاهلي # تسريحات شعر # الاصدقاء # بوستات نجحت # خلفيات نادي الزمالك # حب رومانسية # تهنئه # ازياء # صور بنات # صوره وكلمه خلفيات # كرتون # بروفايل رمزيات # دينية # سيارات # مضحكة # أعلام # مسابقات # حيوانات # ديكور # أطفال # أكلات # حزينة صور شباب أولاد ر# صور # الطب و الصحة # مقالات عامه # CV المشاهير # وصفات الطبخ # العناية بالبشرة غرائب وعجائب # قصص روايات مواعظ # صور حيوانات # وصفات الحلويات # الرجيم والرشاقة # نكت مضحكة # صور خلفيات # العناية بالشعر # شروحات و تقنيات # videos # Apps & Games Free # موضة أناقة أزياء # سيارات # ديكور # رعاية الأطفال # نصائح المطبخ # موبايل جوال # الفوركس # التعليم والمدارس # الحمل و الولادة # اخبار الرياضه # وظائف # صحة المرأة # حوادث # صور بنات # صور اطفال # مكياج و تجميل # عناوين بنوك شركات محلات مطاعم # العاب الغاز # عيد # كلمات الاغانى # اشغال فنيه واعمال يدويه # مصر # أشعار خواطر # للنساء فقط # للرجال فقط # صور شباب # علاج النحافه # رسائل SMS # أكلات نباتية - Vegetarian food # برامج الكمبيوتر # المراهقة # جمعة مباركة # blogger # رعب # لعنة العشق # حب # اسلامية # قاسي ولكن أحبني # أحفاد أشرار الحرب لأجلك سلام # أسمى معاني الغرام # حقيقية # لقد كنت لعبة في يده # ملهمة # أباطرة العشق # عربية # حب خاطئ # لست مميزاً # من الجاني # مشاهير # راقصة الحانة # اغتصاب طفلة # عاشقان يجمعهم القدر # الطريق الصعب # خيال علمي # أشواك الحب # تاريخ # سجينة ثوب الرجال # لروحك عطر لا ينسى # أطفال # عشق وانتقام # لازلت أتنفسك # لقاؤنا صدفة # للحب معان أخرى # خاتم سليمان # ممن أنتقم # نجاح # أبواب وهمية # حلمى فى صفيحة قمامة # فيلم # مجنون بحبك # بين شباكها # حزينه # رحلات جوليفر # عذاب قسوته # عندما ينادي الشيطان # لعنة حبك # مريم وامير # هدوء في قلب العاصفة # الحاسة السادسة # المشعوذة الصغيرة # عباقرة # لوعة العشق # حروب # قدر بالإجبار # بنات مضحكه# فوركس Forex# صحتك # الصور والخلفيات # الطبخ والحلويات # منوعات # اخبار الفن # القصص و الروايات الألعاب الرياضية # الحياة الزوجية # أزياء وملابس # الأم و الطفل # دراسات لغات # افكار منزلية # انترنت تكنولوجيا # صفات الابراج # حيوانات ونباتات # تفسير الاحلام # معانى الاسماء # خواطر و اشعار # الكون والفضاء اجمل نكته# Mix # Forex # youtube # foods # Kids # Health education # stories # News # kitchen # woman # Famous # Sport # Animals

-------

الساعة الآن 04:42 صباحا