أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في منتدى جنتنا، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .

المنتدى للقرائه فقط -- للمشاركه انتقل الى منتديات جنتنا الجديده -forums.janatna.com





رواية الثلاثة يحبونها

حبهم لها كان بمثابة لعنة أصابتها، فأحدهم يحبها بصمت، تارة يدللها وتارة يقسو عليها والآخر أقسم أن تكون له حتى وإن أساء لس ..



05-03-2022 07:32 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [7]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية الثلاثة يحبونها
رواية الثلاثة يحبونها للكاتبة شاهندة الفصل الثامن

طرق يحيى الباب فلم يجد إجابة، عقد حاجبيه يتساءل، ترى أمازالت رحمة نائمة؟نظر إلى ساعته ليجدها السابعة صباحا، ليزفر بقوة، يدرك أن رحمة قد تغيرت بالفعل، فبالماضى كانت تصحو في السادسة والنصف تماما، مثله، كانا الوحيدان اللذان يستيقظان في مثل تلك الساعة المبكرة، ليركبان الأحصنة سويا، يتسابقان في جو من المرح، والحب.

أصابته الذكريات بالألم مجددا، وكاد أن يبتعد عن الحجرة ولكن هاجس لديه أوقفه، ماذا لو أن رحمة مازالت مريضة لذا لم تستيقظ مبكرا كعادتها؟ماذا لو أصابها شئ ما، ليشعر بوجع في قلبه لمجرد التخيل، ويسرع بفتح الحجرة والدلوف إليها، عقد حاجبيه وهو يرى الحجرة خالية، يتساءل إلى أين ذهبت في مثل هذا الوقت، أتراها ذهبت إلى الخيل، وركبت إحداها وحدها وهي مازالت منهكة القوى؟أراد أن يقطع الشك باليقين ويتأكد بنفسه ولكن في البداية يجب أن يمر على طفله ليطمأن عليه، فقد إشتاق إليه بشدة، إتجه إلى حجرة طفله ودلفها بهدوء ليتواجه مع رحمة التي ترفع طفله وتداعبه بمرح لتتعالى ضحكات هاشم المرحبة بمداعباتها، تعلقت عيناها بعينيه لتنزل الطفل وتضمه إلى صدرها، بينما نظر هو إليها متأملا، يشعر بخفقات قلبه تعلو وتثير ضجيجا بين جنبات صدره، يظل هذا المشهد الذي يراه الآن مذيبا لقلبه ولو رآه للمرة المليون، فهو حلمه الذي راوده كثيرا وها هو يتجسد أمامه مرة تلو الأخرى، يجبره على التفكير بأن ما يحدث هو الشئ الصحيح وأن رغبة راوية ووصيتها الأخيرة يجب ان تتحقق فرغم كل ما حدث بالماضى فلا يستطيع أن يتخيل رحمة زوجة لآخر ولا أن يتخيل أما أخرى لطفله غيرها، إقترب منها وهو يتنحنح قائلا:.

إحمم، إزيك دلوقتى؟
إبتلعت ريقها بصعوبة وهي تشعر بإقترابه منها قائلة:
أنا، أنا بخير.
مد يده يداعب وجنة صغيره الذي إبتسم له مرحبا قائلا:
إنت كمان وحشتني.
لينظر إلى عينيها الدخانيتين مستطردا:
وحشتني أوي.

إبتلعت رحمة ريقها مجددا في صعوبة، تشعر بكلماته موجهة إليها، تذيب قلبها وتزيد حرارة جسدها، تنسيها ماض شقي، تنسيها عذابها بأكمله، تود الغفران ولكن كل الإنذارت الحمراء تقيدها، تجبرها ان لا تستسلم مجددا لعشق عند أول عقبة في طريقه سيتصدع وينهار، لتشيح بوجهها عنه، تبتعد عن سحر عيناه المسلطتان على عينيها، وقد لاحظت غفوة الصغير على صدرها، لتحمله إلى سريره تمدده عليه وهي تميل لتقبله على رأسه بحنو يتابعها يحيى، إعتدلت وكادت ان تغادر الحجرة بهدوء متجاهلة وجود يحيى خلفها ليوقفها صوته وهو يقول بهدوء:.

رحمة، إحنا لازم نتكلم.
إلتفتت تواجهه، تنظر مباشرة إلى عينيه وقد احتلت عينيها البرودة قائلة:
هنتكلم في إيه؟
بادلها برودها على الفور ببرود كالصقيع إحتل ملامحه ردا على برودة قسماتها، وهو يقول:
في حاجات كتير، أولهم وصية المرحومة راوية.
إتسعت عيناها بصدمة قائلة:.

أظن مش وقت الكلام ده ولا هنا المكان المناسب كمان، ولا إيه؟، أنا أختى لسة ميتة من أيام على فكرة، على الأقل سيبنى أحزن عليها شوية، ومثل إنت شوية إنها كانت مراتك وزعلان عليها.
أحس بالغليان ليحمر وجهه، وتنتفض عروقه، وتشتعل عيناه بشرارات الغضب، لتدرك رحمة أنها تعدت كل الحدود، تراجعت لخطوة عندما اقترب منها خطوتين يقول بغضب:.

مش انا اللى أمثل يارحمة، أنا فعلا حزين على راوية لإنها قبل ما تكون مراتى كانت بنت عمى الطيبة، الروح الوحيدة النقية في عيلة الشناوي كلهم، كانت بتدى من غير ماتنتظر أي حاجة في المقابل، غيرها خد ومداش غير الغدر.
نظرت إلى عينيه قائلة بمرارة نطقت بها أحرفها وتلك الدموع التي ترقرقت بعينيها:
غيرها ده اللى هو أنا مش كدة؟

أوجعته دموعها ولكنه أظهر البرود وهو يتأملها بنظرة، (نعم أنتى من أقصدها بكلامى)، لتستطرد بصوت يقطر ألما:
ولما أنت عارف إن أنا وحشة أوي كدة، يبقى لازمته إيه الكلام، إنسى وصيتها خالص ولا كأنها كانت موجودة من الأساس؟
مال عليها تلفحها أنفاسه الغاضبة وهو يقول:.

مش أنا اللى يوعد بحاجة وميوفيش بيها، وصية راوية هنفذها، أكيد مش حبا فيكى، لإن الحب كان غلطة حياتى، الحب كلمة مبقاش ممكن أعترف بيها، مسحتها من قاموسى ومن زمان، ومش ناوى أعيد غلطاتى من جديد، بس كلمتى ووعدى لازم أحافظ عليهم حتى لو شايف إنك متستاهليش إسمى، بس راوية شافت إنك هتكونى أم كويسة لإبنى، وبما إنى مش ناوى أرتبط تانى بعد راوية، يبقى عشان خاطر هاشم مستعد أتنازل وأتجوزك.

نظرت إليه رحمة في برود يخالف تلك المرارة التي تشعر بها وذلك الألم الناتج من جرح قلبها النازف بقوة وهي تقول:
ولو رفضت؟
إعتدل وهو يهز كتفيه قائلا بلا مبالاة يخفى بها خيبة أمل أحس بها في أعماقه:.

رغم إنك وعدتى راوية بالموافقة، ورغم انى إتعودت منك على إنك شاطرة أوي في كسر الوعود، إلا إن دى حريتك الشخصية، عايزة ترفضى وتروحى تتجوزى توفيق، إنتى حرة، بس بمجرد ما تخرجى، مش هيكون ليكى أي علاقة بالبيت ده، أو بأي حد موجود فيه، يعنى تنسى إنك من عيلة الشناوي أصلا، وتنسى كمان إن ليكى إبن أخت إسمه هاشم.

عقدت رحمة حاجبيها، تتساءل في حيرة، عن أي شئ يتحدث، وما دخل توفيق؟ما الذي جاء بإسمه في حديثهما؟وكيف عرف؟لا يهم الآن، المهم هو هذا التهديد الصريح بإزالتها من حياتهم، لا يهمها إن تبرأت منها عائلة الشناوي بأكملها فلم ترى منهم سوى القسوة والجراح ولكن ما يهمها هو أصغر عائلة الشناوي، هاشم، إبن أختها الحبيب، آخر من تبقى من أختها، يحمل روحها، هو قطعة منها هي غير مستعدة إطلاقا للتخلى عنها، لتنظر إليه بنظرة جامدة لا روح فيها قائلة:.

كالعادة كسبت الجولة دى يايحيى، زي ما كسبت جولاتنا زمان، بس رحمة بتاعة زمان غير اللى واقفة أدامك دلوقتى، والمهم مين اللى يكسب في الآخر.
لتتركه وتغادر يتابعها بعينيه، يستقر في أعماقهما إعجابا أظهره دون مواربة وهو يقول بهمس خافت وبلهجة تقرير:
يمكن كسبت الجولة دى يارحمة، بس إنتى كسبتى الحرب، ومن زمان.

كانت بشرى تنظر إلى هذا الفضاء الشاسع أمامها، تلك الحقول الخضراء النضرة، تشعر بالملل، نعم لقد ملت رسم الإبتسامة على وجهها لأقاربها والذين إستقبلوها بالترحاب، ولكنهم حقا مملون وبسطاء، لا تجد راحتها بينهم أبدا، ولكنها مضطرة للتعامل معهم ومداهنتهم فربما تحتاج إليهم في مخططها ضد تلك الحمقاء رحمة، زفرت بقوة، فحتى الآن لا تجد أية فكرة لإبعادها بعيدا بلا رجعة، لتقول بسخرية:.

وإنتى يعنى كنتى فاكرة لما هتيجى هنا الافكار هتنط فجأة في دماغك، إصبرى وركزى،
لتجد صوتا بداخلها يسألها، هل ستستطيعين تحمل سماجة عائلة الشناوي وتلميحاتهم عن عدم إنجابك، حتى تجدين الحل لإبعاد رحمة عن طريقك؟هل ستستطيعين تحمل سذاجتهم وفضولهم الريفي المثير للأعصاب؟
لترد وكأنها تحادث نفسها قائلة:.

مش مهم أي حاجة، إمحى يابشرى كل حاجة تانية من دماغك وفكرى بس إزاي تإذى رحمة وتخرجيها من حياتكم. بس المرة دى للأبد يابشرى، للأبد.
لتلتمع عيناها بشر وهي تبتسم إبتسامة مقيتة تليق بقلب مقيت، كقلبها تماما.

كانت شروق تنظر إلى المائدة التي أعدتها بعناية، ترى ماذا ينقصها، لتتأمل هذا الأرز الأصفر والبطاطس المحمرة، وشرائح البانيه وسلطة الكلو سلو، وكيك القرفة تماما كما يحب حبيبها مراد، الذي أخبرها بمجيئه اليوم لها على غير عادته، لتطير من السعادة، وتسرع بإعداد كل ما يحبه، أعلن جرس الفرن عن إنتهاء ذلك الطبق الأخير والذي يعشقه مراد، الشيش طاووق، لتسرع إلى الفرن تغلقه وتخرج تلك الصينية التي يوجد بها الشيش وتضعه على طاولة المطبخ، لتتهادى إليها رائحته الذكية، وتشعر فجأة بالغثيان، وأنها على وشك التقيؤ، لتسرع إلى المرحاض وتفرغ كل ما في جوفها ثم تنهض بضعف تستند إلى الحوض وهي تغسل فاهها تنظر إلى صورتها المنعكسة في المرآة بقلق، تتساءل ماالذى أصابها اليوم، لقد ظنت حينما كانت تحمر شرائح البانيه وأحست بالغثيان و بأنها لا تطيق رائحة الدجاج لتسرع إلى المرحاض وتفرغ ما في معدتها، أنها ربما مصابة بالبرد، رغم أنها لا يظهر عليها أي اعراض تدل على ذلك، ولكن الآن لديها حدس أن ما بها هو فقط غثيان يخص الدجاج بصفة خاصة رغم عشقها له، ليصيبها القلق، تتساءل هل هي...؟

نفضت افكارها، فهذا أمر مستحيل، فهي تأخذ إحتياطاتها جيدا، لقد كان هذا إتفاقها مع مراد من أول يوم لزواجهما، لا أولاد، هكذا حذرها وهي وافقت، فلم تكن تحبه وقتها وبعد أن أحبته لم تطالبه بتغيير إتفاقهما فهي تدرك أنه لم يعشقها بعد لدرجة أن يريد الإنجاب منها، وربما يخشى على مشاعر زوجته بشرى والتي لا تستطيع الإنجاب، هي حقا لا تدرى، ورغم رغبتها الشديدة في الإنجاب منه إلا أنها لا تستطيع أن تخالفه أو تجبره، لذا آثرت أن تدع تلك الأمور للأيام، فالزمن كفيل بتغيير مشاعره تجاهها ليرغب بدوره في الإنجاب منها، لكن ماذا لووو...؟

ليس هناك ماذا لو؟هي ليست حامل؟ولكنها يجب أن تقطع الشك باليقين، وتجرى إختبارا للحمل، ربما بعد رحيله اليوم ستفعل، أما الآن فلتذهب ولتستعد لإستقبال حبيبها الذي تعشقه من كل قلبها، مراد.

كانت رحمة تمرر يدها على تلك الفرسة الجميلة البيضاء والتي تذكرها بفرستها القديمة مرجانة، والتي لم تجد لها أي أثر في الإسطبل، حتى مرجان فرس يحيى الأسود والذي إعتاد على ركوبه معها، إختفى بدوره ولم يعد لوجوده أي أثر، ولكن هناك في هذا الركن البعيد يوجد حصان يشبهه ولكنها خشيت الإقتراب منه فعلى عكس مرجان عندما رآها هاج وماج وكاد أن يكسر الباب لتبتعد على الفور خشية منه، وتقترب من تلك الفرسة الجميلة الهادئة تقول بنعومة:.

تعرفى إنتى بتفكرينى بمين؟بمرجانة، كانت شبهك تمام، رقيقة وجميلة وحنينة، ياترى راحت فين؟
إنتفضت على صوته الذي قال بصرامة:
بعتها.
إلتفتت إليه تنظر إلى ملامحه الجامدة لتقول بهدوء:
بعتها ليه؟
كانت تعرف الإجابة ولكنها بدت وكأنها تهوى تعذيب قلبها، تهوى سماع كلماته الجارحة والتي لم يبخل عليها بها وهو يقول:.

لإنها بتفكرنى بيكى، بالأيام اللى عشت فيها معاكى وأنا مخدوع فيكى، فاكرك طيبة ورقيقة، بس طلعتى في الآخر خاينة وغدارة، وأكيد هي كانت شبهك وعشان كدة بعت مرجان كمان، مكنتش قادر أشوف حزنه عليها بعد ما راحت، أصلى فرقتهم عن بعض، فرقتهم قبل ما تخونه وتحرق قلبه زي ما إنتى خونتينى و حرقتى قلبى يارحمة.

إستمعت إليه رحمة في ألم، تشعر بطعنات كلماته في قلبها، حادة كالسكين، تقطع مشاعرها وتسبب لها نزيفا لا يحتمل ولكنها تمالكت نفسها قائلة في برود:.

كل واحد فينا شايف القصة من وجهة نظره ولو انت شايف إنى خنتك وغدرت بيك، فصدقنى أنا شايفاك أكتر من كدة كمان، الخيانة من وجهة نظرى خيانة عهود ووعود قبل ما تكون خيانة جسد، إفتكر عهودك ووعودك هتعرف إنك خنتهم كلهم يا يحيى، ياريت مسمعش منك كلام زي ده تانى لو إنت ناوى تنفذ وصية أختى الله يرحمها، لإنى ساعتها همشى وأسيب البيت ده، هسيب مصر كلها ومش هيهمنى حاجة أبدا،.

لتمشى من أمامه بإباء ويتابعها هو بعينيه، تعجبه قوتها التي ظهرت كجانب آخر من رحمة لم يره من قبل، ورغم كلماتها الفارغة والتي لم يفهم منها شيئا بعد إلا أنها أخرسته تماما، ليدرك أنه سيتزوجها وسيخضعها له وسيستمتع بكل لحظة رغم الألم الذي يشعر به من ماض بعيد، لكنه سيتأكد من عدم تكراره وسيجعلها له وحده وسيمحى الغدر من قاموسها ولو دفع حياته ثمنا لذلك.

مد مراد يده وسحب المنديل يمسح به فمه، ثم نظر إلى شروق التي تتأمله مبتسمة ليمد يده ويسحب يدها يقبلها ثم يقول:
تسلم إيديكى ياشروق.
إتسعت إبتسامة شروق قائلة:
تسلملى ياحبيبى.
نظر إلى طبقها الذي لم ينقص منه إلا القليل قائلا:
بس إنتى مكلتيش ياشروق.
نظرت شروق إلى طبقها بإرتباك قائلة:
لأ إزاي، أنا كلت، بس كنت بنأنأ كدة وأنا بطبخ وعشان كدة مكلتش أوي، لما هجوع هبقى أكمل.
أومأ برأسه، ونهض لتقول شروق بلهفة:.

رايح فين؟
ليظهر الحزن بملامحها وهي تستطرد قائلة:
إوعى تكون هتمشى بسرعة كدة؟
إبتسم قائلا:
لأ أمشى فين، أنا كنت هروح البلكونة على ماتعمليلى فنجان قهوة من إيديكى الحلوين دول، أنا قاعد معاكى النهاردة وهبات كمان.
إنتفضت شروق واقفة بسعادة وهي تحتضنه قائلة:
بجد يا مراد، بجد هتعمل كدة؟
ضمها قائلا بإبتسامة:
بجد ياشوشو،
ليخرجها من محيط ذراعيه قائلا بخبث:
ويمكن لو عجبتنى القعدة، أقضى يومين معاكى كمان.

إتسعت عيناها من الفرحة لتصفق بجذل ثم تسرع وتقبله قبلة سريعة على شفتيه، لتتراجع وقد إحمر وجهها خجلا عندما أدركت ما فعلته ليمسك ذراعيها قائلا بإبتسامة:
تعالى هنا، رايحة على فين بعد اللى عملتيه ده؟
إزداد إحمرار وجنتيها لتزداد جمالا في عينيه وهي تقول بإرتباك:
أنا، أنا...
رفع يديه يحيط بها وجنتيها الحارتين من الخجل ليقترب من شفاهها هامسا أمامها قائلا:
إنتى تتاكلى أكل ياشروق.

وقبل أن تنطق بحرف أخذ شفتيها بين شفتيه يقبلها برغبة، بشوق، بنعومة، لتبادله قبلته بعشق، ثم تشهق وهي تجد نفسها محمولة بين يديه قائلة:
إنت بتعمل إيه بس؟
نظر إلى شفتيها بنظرة غائمة وهو يقول:
هكون بأعمل إيه بس، ما أنا قلتلك، رايح أكلك ياشوشو.
إحمر وجهها خجلا لتقول بإرتباك خجول:
طب إستنى لما ألم السفرة وأعملك القهوة.
إتجه إلى الحجرة حاملا إياها وهو يقول بخبث:
سفرة إيه دلوقتى وقهوة إيه؟، أنا جعان أوي يا شروق.

ليدلف إلى الحجرة ويغلق بابها بقدمه وعلى وجهه إرتسمت ملامح جديدة دون أن يدرى، لم يدركها وإنما رأتها شروق بكل وضوح، فهي ملامح لا يراها سوى قلب أحب بصدق، ملامح عاشق.

05-03-2022 07:40 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [8]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية الثلاثة يحبونها
رواية الثلاثة يحبونها للكاتبة شاهندة الفصل التاسع

إقتربت رحمة من حجرة الصغير وكادت أن تدلف إليها لولا أن إستمعت لصوت يحيى وهو يداعب هاشم بحنو، لتقف على عتبة الباب المفتوح وتراه مانحا إياها ظهره يمرغ وجهه في عنق هاشم فتتعالى ضحكات هاشم، وتبتسم رحمة بدورها رغما عنها وعيناها تتقابلان مع عينا الصغير الذي أشار لها مرحبا قائلا:
را، را.

تجمدت الإبتسامة على شفتيها وهي ترى يحيى يلتفت إليها وتتواجه عيناه العسليتان مع رماديتيها، لتبتلع رحمة ريقها بصعوبة وهي تراه يرفع حاجبه الأيسر متسائلا ربما عن سبب وقوفها بجوار الباب وعدم دلوفها اإلى الحجرة، تقدمت بإتجاهه بخطوات مترددة قائلة:
صباح الخير.

تأمل فستانها البسيط الذي منحها مظهر برئ، كفتاة صغيرة في السادسة عشرة من عمرها، ليعود إلى عينيها قائلا بإعجاب ظهر في عينيه ونبرات صوته المرحبة بها رغما عنه:
صباح النور.
مدت يدها تلامس يد الصغير الذي مد يده إليها لتقول بخفوت:
تسمحلى؟

ناولها يحيى الصبي الذي إبتسم على الفور لها، ليستقر في أحضانها، تلامست يديها مع يدي يحيى الذي نظر إليها بإرتباك، فأبعدت يدها بهدوء يخالف دقات قلبها المتسارعة، أفاقت على صوت هاشم يقول لها وهو يلمس قسمات وجهها:
را، را.
إبتسمت بحنو ليقول يحيى بهدوء:
ده الإسم اللى كان بينادى بيه مامته الله يرحمها، أكيد حس إن فيكى حاجة منها.
تأملت رحمة وجه الصغير بحزن وهي تقول:
الله يرحمها، راوية مفيش حد زيها.

قال يحيى ببرود:
في دى معاكى حق، بس إنتى فهمتينى غلط على فكرة، أنا قلت فيكى حاجة واحدة منها، يمكن ملامحها، لكن طبعها فمخدتيش منه حاجة أبدا.
تجاهلت رحمة تعليقه التي تدرك أنه ذم مباشر لها، وهي تقول للصبي الذي لمس وجهها مجددا:.

تعرف ياهاشم، ماما كانت بتحبك أوي، وأنا هفضل معاك واحدة بواحدة، هشوفك بتكبر أدام عينية وهحكيلك بإذن الله كل حاجة عن مامى، هعرفك تفاصيل حياتها، ما هو لازم تعرفها عشان لما تكبر تدعيلها بالرحمة.
قال يحيى بسخرية:
ده معناه إنك هتنفذى وصية راوية.
نظرت إلى عيونه مباشرة وهي تقول في برود:
أنا مستعدة أعمل أي حاجة عشان خاطر هاشم، حتى لو الحاجة دى هي الجواز منك يا يحيى.
إتسعت إبتسامة يحيى الساخرة وهو يقول:.

لا والله كتر خيرك بجد، مش عارفين نشكر أفضالك علينا، بتضحى أنا عارف.

تجاهلته رحمة مجددا وهي تركز مع الصبي الذي يجذب خصلات شعرها بشدة، لتحاول أن تبعد يده عن شعرها برفق ولكنه تمسك بها أكثر مسببا لها الألم الذي ظهر على وجهها ليراه يحيى بوضوح، ورغما عنه إقترب منهما بسرعة ويمسك يد الصغير برفق، يفتح قبضته بيد بينما باليد الأخرى يخرج خصلاتها من يده ويرجعهم إلى خلف أذن رحمة بحركة بدت عفوية، إلا أنها أشعلت النيران في قلبيهما، ترجعهما لذكريات مضت، حين كانت خصلاتها تطير مع الرياح، فيمد يحيى يده ويرجعهم إلى خلف أذنها ملامسا إياها بحنو كما يفعل هكذا الآن، بالضبط، لترتعش شفتيها تأثرا وتغيم عينيه بنظرة عاشق راغب في تذوق شفتي محبوبته وبالفعل كان يقبلها برقة وحنو وتبادله قبلته بعشق، حتى يتوقف هو عن تقبيلها آخذا إياها في حضنه بقوة لتسمع دقات قلبه المتسارعة والتي تخبرها أنه يقاوم رغبته فيها بشدة، يتحكم في نفسه بصعوبة كي يبتعد عنها، مؤجلا إطلاق مشاعره العاشقة لبعد زواجهما، حين تكون له شرعا وقانونا، هكذا كانت تظن بالماضى وهكذا ذكرتها تلك الحركة البسيطة منه والنظرة الغائمة المركزة على شفتيها الآن بما كان بينهما، ليبدو وكأنه يتذكر بدوره، فقد ترك أذنها فجأة ورأته يقبض على يده بقوة وهو يشيح بوجهه عنها، مانحا إياها ظهره لثوان وتاركا إياها وسط فوضى من المشاعر والحيرة، قبل أن يتجه بخطوات بطيئة للخارج، ولكنه توقف قبل أن يغادر تماما، ليلتفت إليها بجانب وجهه قائلا:.

ياريت تبقى تلمى شعرك وانتى مع هاشم لإنه بيحب شد الشعر أوي، ومش كل مرة هكون موجود.
لم ينتظر ردها وإنما إبتعد مغادرا، لتجلس على سرير هاشم حاملة إياه، وهي تمد يدها تضعها على خافقها المتسارع النبضات، تشك في إمكانية أن تكون له زوجة، وتلك الذكريات تحاصرها وتجذبها إليه، بقوة.

سمعت بشرى طرقات على باب حجرتها لتزفر بملل ثم تقول:
إتفضل.
دلفت سيدة في العقد الخامس من عمرها تبدو الطيبة على ملامحها تحمل صينية وضع عليها طعاما لتنزل الصينية على الطاولة القريبة منها وهي تبتسم في وجه بشرى التي رسمت إبتسامة مزيفة على شفتيها وتلك السيدة تقترب منها وتجلس على السرير بجوارها قائلة في طيبة:
إزيك يابنتى دلوقتى، بقيتى أحسن.
أومأت بشرى برأسها قائلة:.

الحمد لله ياست آمال، جو الريف جميل أوي وفعلا حاسانى من يوم ما جيت هنا، إتحسنت كتير.
ربتت السيدة آمال على يد بشرى قائلة:
ولسة كمان لما تاكلى أكلنا، وتقعدى معانا أكتر هتتحسنى يابنتى، ده انتى كنتى جاية وشك أصفر، لون اللمونة بالظبط، الحمد لله، الدموية ردت في وشك وبقيتى زي الفل.
كادت بشرى أن تصرخ من كثرة كلام تلك السيدة، تقول في نفسها، يالها من سيدة ثرثارة، كيف أصمتها؟

لتكتفى بإيماءة بسيطة برأسها كإجابة وبإبتسامة باهتة حتى تمل آمال وترحل وبالفعل نهضت السيدة آمال وكادت أن تغادر ولكنها توقفت وإستدرات إلى بشرى قائلة:
إنتى كشفتى يابنتى؟
عقدت بشرى حاجبيها قائلة:
كشفت؟
أومأت آمال برأسها قائلة:
أيوة، في البندر عند الدكتورة، لتكونى حبلى.
جزت بشرى على أسنانها وتمالكت أعصابها وهي تقول:.

ايوة كشفت ومفيش حاجة من الكلام ده خالص، هم شوية برد وأنيميا وبالعلاج هبقى تمام، وبعدين أنا مش قلتلكم ان مراد مأجل موضوع الخلفة ده شوية.
قالت آمال بإستنكار:
وليه بس يأجله، مش يفرح بضناه وهو في عز شبابه ولا هيستنى لما يكبر وإنتى تكبرى ويبقى خطر عليكى الخلفة، ساعتها بقى هيفكر يجيب عيال؟
كادت بشرى أن تقتل تلك السيدة ولكنها تمالكت أعصابها وهي تقول:
لما هروح البيت هكلمه في الموضوع ده ياست آمال.

إبتسمت آمال قائلة:
أيوة كدة يابنتى، أوعى تسيبيه عايش كدة بالطول والعرض، ويسافر ويسيبك كل شوية، إسمعى كلامى يابنتى. من غير ما تربطيه بالعيال بيبقى جوزك مش جوزك، الراجل من دول لو مربطتوش مراته بحتة عيل، بيبقى سهل على أي حرمة تخطفه، ويضيع منها وتبكى بدل الدموع دم.

لم تجيبها بشرى وهي تفكر في كلام السيدة آمال، لتغادر آمال بهدوء بينما كانت بشرى شاردة في كلماتها التي ذرعت بذور القلق في قلبها، ترى هل من الممكن أن تخسر مراد من أجل الأطفال، هل من الممكن أن يتركها من أجل عدم إنجابها؟، فربما عاد عدم إهتمامه بها لإنه ادرك أنها أرض بور لا يمكنها أن تمنحه طفلا، وريثا له، حتى أنه لم يهتم برحيلها ولم يحادثها ولو لمرة واحدة طوال وجودها في هذا المكان، لترفض هذا الإحتمال فهي تدرك أنه يحب تلك الفتاة الحرباء، وإن تزوج سيتزوجها هي، لتتسع عينيها في صدمة، ماذا لو...؟

لترفض أيضا هذا الإحتمال فرحمة تعشق يحيى ولن ترضى بمراد زوجا لها، ولكن هي تزوجت هشام من قبل وقد كان أخيه أيضا، لذا من الممكن أن تتزوج مراد الآن، لتنفض افكارها وهي تخبط رأسها بخفة قائلة:
أمال لو مكنتيش إنتى اللى دبرتى كل حاجة عشان تجوزيهم، إنتى نسيتى انها إتجوزته غصب عشان الفضيحة، المهم، من هنا لبكرة بالليل لو مقدرتيش تفكريلها في مصيبة يبقى تلمى شنطتك وترجعى القاهرة يابشرى.

لتبتسم براحة وهي تنهض تتجه إلى طاولة الطعام تنظر إليها بنهم وقد شعرت فجأة، بالجوع.

تأملت شروق ملامح مراد في عشق، تنتابها سعادة لا حدود لها وهي ترى ملامحه النائمة لأول مرة منذ ان تزوجته، فلطالما كانت تستيقظ تجده قد رحل وتركها وحيدة تتأمل جدران حجرتها في ألم تتمنى أن تحقق يوما أحلامها وتستيقظ لتجد حبيبها نائما بجوارها أو ربما يتأملها بعشق وهي نائمة كما تتأمل هي مراد تماما، تنهدت، ها هي إحدى احلامها تتحقق وها هي تستيقظ وتجد معشوقها بجوارها نائما، ربما يوما تستيقظ وتجده مستيقظا بجوارها يتأملها بعشق، من يدرى، ربما.

رفعت يدها ومررتها على وجنته بحنان ليفتح عينيه فجأة ويبتسم عندما رآها تبعد يدها بسرعة، يحمر وجهها خجلا، ليمسك يدها ويقربها من وجنته مجددا، يمررها بنعومة على بشرته الخشنة قليلا والتي لم يحلقها بعد، لتنظر إلى عينيه اللتين حاصراتها بنظراتهما وتقع في سحرهما، تغرق فيهما، تنتفض مشاعرها مع يد مراد التي أمسك بها يدها يمررها نزولا إلى رقبته لتبتلع ريقها وهي تشعر بنبضات قلبه المتسارعة والتي تظهر في إنتفاضة وريد عنقه تحت يدها ليصل بها إلى صدره، لتشعر بالذوبان كلية وهو يضع يدها على قلبه، تشعر بنبضات خافقه، لتغيم نظراته وهو يعتدل مقبلا شفاهها قبلة بطيئة أطاحت بخفقاتها ثم يبتسم قائلا:.

صباح الخير.
نظرت إليه مشتتة الذهن مضطربة القلب وهي تقول:
ها،
إتسعت إبتسامته وهو يكرر بنعومة قائلا:
صباح الخير.
تنحنحت لإجلاء صوتها الذي ضاعت نبراته وهي تقول:
إحم، صباح النور.
رفع يدها إلى شفتيه مقبلا إياها وهو يقول:
مكنتش أعرف إن الصباح معاكى حلو أوي كدة، لو أعرف كنت قضيت معاكى كل صباح لية ياشروق.
نظرت إليه شروق في لهفة قائلة:
بجد يامراد، بجد الكلام اللى إنت بتقوله ده؟

لهفتها، تلك اللمعة في عيونها، عشقها الذي يظهر في نبراتها، كل هؤلاء أشعروه بالذنب تجاهها، فأقل كلمة منه ترضيها، وبينما هي تعشقه، هو لا يبادلها ذلك العشق، بل يعشق أخرى بلا أمل، وتلك الأخرى تقف في طريقه، فلا هو قادرا على أن ينالها ولا هو قادر على المضي قدما في حياته دونها، حتى بعد إدراكه لحبها لأخيه الأكبر، والأدهى حب أخيه الأكبر لها، مما يفقده الأمل في إقترانهما يوما، ولكن يظل العشق، عشقا، ليس بيدنا إختيار من نعشق، ولا نحن قادرين على نسيان معشوقنا، حتى وإن أردنا النسيان بكل جوارجنا،.

طال صمته وهو يتأملها، لتخبو فرحتها ويظهر الحزن على وجهها لتطرق برأسها وهي تقول:
أكيد مش بجد، إزاي بس هتقضى كل صباح معايا وأنا مجرد زوجة في الخفا، بتجيلها تقضى معاها ساعتين وتمشى
، لكن اللى تقضى معاها كل صباح ليك ولياليك هي بشرى، مش كدة يامراد؟
رفع مراد ذقنها بيده لتتقابل عيونهم ويرى بهم دموع حزينة تأبى السقوط، ليقول بحنان:.

إحنا مش متفقين من الأول على كدة ياشروق، وكنتى عارفة إن ده وضعنا، ودى حياتنا، ليه حاسس دلوقتى بإن وضعنا مبقاش يعجبك؟
نظرت إلى عينيه مباشرة وهي تقول:
لإنى بحبك، واللى بيحب بيغير، بيتمنى حبيبه يكون ليه هو وبس، غصب عنى مش عايزاك تبعد عنى، والله غصب عنى.

سقطت دموعها على وجنتيها ليشعر بالضعف يأكل قلبه، بالألم لحزنها ومشاعرها الجميلة والتي لا يستحقها، يغوص بالذنب، ولكنه قاوم كل تلك المشاعر وهو يمد يده ويمسح دموعها قائلا:
طب إهدى دلوقتى ومتعيطيش، يرضيكى أول يوم أبات معاكى فيه، أشوفك معيطة بالشكل ده؟

إبتسمت رغما عنها، متجاهلة حزنها، فلديه كل الحق، هو لا يجب ان يرى دموعها الآن، لا يجب أن يراها ابدا، فلا يجب ان تزيد همومه، فلطالما قال لها مرارا وتكرارا أنها واحته التي ينسى بها كل همومه، لتبتسم قائلة:
معاك حق ياحبيبى، إستنى بقى لما احضرلك احلى فطار من إيدى.
مال عليها هامسا أمام شفتيها:
وتتعبى نفسك ليه ياشوشو، ما أنا فطارى جاهز أهو وأدام عيونى.

وقبل أن تنطق بحرف كان آخذا شفتيها في قبلة أنستها كل شئ فيما عدا هذا الذي يمنحها أروع شعور في حياتها، شعورها بالعشق، العشق اللذيذ.

كان يحيى جالسا في حجرة مكتبه عاقدا كفيه امام وجهه يفكر في عمق، في مشاعره المتصارعة تجاه رحمة، إنها حقا مشاعر معقدة، إن لم يستطع فك صراعها، والتحكم بها، ستؤدى به حتما إلى الجنون.

رن هاتفه لينظر إلى شاشته ثم يعقد حاجبيه بضيق وهو يرى إسم المتصل، لقد كان يكن لهذا الشخص احتراما، ولكن منذ أن علم برغبته في الزواج من رحمة، تبدلت مشاعره لغيرة وكره، لا يستطيع التحكم بهما، كاد أن يتجاهل هذا الإتصال الهاتفى ولكن شيئا ما دفعه للرد، ربما هو الفضول لمعرفة سبب مكالمته، ليرد قائلا بصوت هادئ يحاول التحكم في نبراته:
ألو.
أجابه صوت توفيق الهادئ بدوره قائلا:
إزيك يايحيى، عامل إيه دلوقتى؟

زفر يحيى قائلا:
بخير ياتوفيق، خير؟
ظهر الإضطراب على صوت توفيق وهو يقول:
انا، انا عارف إنى بتصل في وقت مش مناسب بس الحقيقة، الحقيقة يعنى، أنا كنت طلبت طلب كدة من مدام رحمة وهي قالتلى إنها هتفكر، وأصلى، يعنى، أنا، بكلمها كتير ومبتردش علية، والحقيقة أنا لازم أحدد موقفى عشان أعرف هعمل إيه، لإن السفر إتحدد بعد أسبوع، والموضوع مش هينفع يتأجل أكتر من كدة.

جز يحيى على أسنانه وهو يتظاهر بعدم معرفته بالأمر قائلا:
ممكن أعرف إيه الموضوع اللى مش هينفع يتأجل ده؟
قال توفيق بإرتباك:
الحقيقة مش هينفع، لإنه موضوع خاص.
إلى هنا وكفى، موضوع خاص بينك وبين رحمة، في أحلامك يافتى، ليقول يحيى بهدوء يخالف ثورة مشاعره:
عموما أنا هكلمها وأخليها ترد عليك.
قال توفيق بسعادة:
شكرا، شكرا بجد يايحيى، أنا في إنتظار مكالمتها، سلام.

أغلق يحيى هاتفه بعصبية وكاد أن يكسره ولكنه تمالك أعصابه وهو ينهض ويتجه بخطوات غاضبة لحجرة رحمة ليفتحها بغضب ويقف متسمرا أمام ذلك المشهد، يتأمل رحمة الواقفة أمام المرآة، تلف منشفة حول جسدها، عارية الكتفين والساقين، تبدوا كما لو كانت خارجة توا من الحمام بذلك الشعر الندي الملتف حول وجهها ببراءة، تنظر إليه بعينين متسعتين من الصدمة وتضم يدها على تلك المنشفة وكأنها تخشى سقوطها، لتفيق من صدمتها قبله وهي تقول بغضب:.

إنت إزاي تدخل علية بالشكل ده؟
أفاق من سحر مظهرها الرائع والذي يغرى قديسا، ليبتلع ريقه بصعوبة قائلا:
بتقولى إيه؟.
كادت رحمة أن تبتسم لولا إحراج الموقف، تدرك أنه ليس منيعا ضدها كما يحاول أن يبدو، يقف هناك يبدو على ملامحه كل الإضطراب، لتقول معيدة كلماتها ولكن بنبرة هادئة ذهب عنها الغضب:
بقولك إزاي تدخل علية فجاة كدة من غير إستئذان؟
قال في إرتباك:
أصل يعنى، أنا كنت، هو...
لينفض إرتباكه وهو يقول بحزم:.

انا كنت جاي أقولك إن كتب كتابنا بكرة.
إتسعت عينيها بصدمة ليبتعد مغادرا، كادت أن تناديه، تعترض، ولكنها تدرك في قرارة نفسها أنها لن تود غيره زوجا، ليس فقط من اجل هاشم ولكن من إكتشافها الأكيد في الأيام الماضية أن قلبها مازال يعشقه، وبقوة، لذا آجلا ام عاجلا، سيتم الزواج، فلا يهم إن كان غدا او بعد الغد.

تنهدت وكادت أن تخلع عنها منشفتها لتلبس قميصها حين اقتحم يحيى حجرتها مجددا لتتمسك بمنشفتها بشدة تنظر إليه بصدمة مجددا، تتخيل ماذا كان ليحدث لو تأخر ثانية واحدة، لتؤكد على نفسها بغلق بابها بالمفتاح حين تود ان تبدل ملابسها، كادت أن تتحدث حين قال يحيى بنبرة تحذيرية:
ممنوع تردى على توفيق، وممنوع تكلميه خالص، أقولك إعمليله بلوك، مفهوم؟

لم يمنحها فرصة للرد وهو يغادر مجددا لتسرع رحمة وتغلق الباب خلفه بالمفتاح، ثم تستند بظهرها إليه، وهي تدرك في حيرة أنه يغار عليها، ترى هل يحمل حقا لها مشاعر في قلبه؟مجرد تفكيرها هذا حمل إلى قلبها أملا، وإلى شفتيها إبتسامة، إبتسامة عشق..


تم تحرير المشاركة بواسطة :زهرة الصبار
بتاريخ:05-03-2022 07:40 مساء


05-03-2022 07:45 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [9]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية الثلاثة يحبونها
رواية الثلاثة يحبونها للكاتبة شاهندة الفصل العاشر

كان مراد يتمدد على الأريكة يضم شروق بين ذراعيه وهم يشاهدون فيلما كلاسيكيا قديما، نهايته حزينة ربما ولكن مما لا شك فيه أنهم يعشقانه سويا، وهو فيلم(دعاء الكروان)، ليرن هاتف مراد ويقطع إندماجهم في الأحداث، مد مراد يده وإلتقط هاتفه من على الطاولة ينظر إلى شاشته ليرى هوية المتصل، ليعتدل فجأة وتعتدل معه شروق، ثم يتجه إلى الحجرة ليتلقى المكالمة وسط حيرة شروق، وهي تتساءل عن هوية المتصل، فحين يكون معها يتجاهل كل الإتصالات وإن كانت بشرى نفسها المتصلة به، أفاقت من أفكارها على صوت تحطم شئ ما بالداخل، لينتابها القلق وهي تسرع إلى الحجرة تدلفها لتجد الهاتف محطما على الأرض ومراد جالسا على السرير مطرقا برأسه، واضعا إياها بين يديه، لتسرع إليه تجلس أمامه على ركبتيها، وهي تحل يديه من على رأسه قائلة في قلق يعصف بكيانها:.

مالك يامراد، فيك إيه؟
نظر إليها مراد بعيون زائغة وهو يقول:
يحيى، يحيى هيتجوز رحمة النهاردة.
عقدت شروق حاجبيها قائلة:
يحيى أخوك هيتجوز بالسرعة دى، بعد مراته الله يرحمها.
تابع هذيانه قائلا:
دى كانت وصية المرحومة، إنه يتجوزها بعد ما تموت، أنا سمعت الكلام ده بودنى بس مصدقتش إنه هيعملها بجد.
إزدادت حيرة شروق لتقول:
ولما هي وصية المرحومة، إيه اللى مزعلك بس يامراد؟
صرخ بألم:.

اللى مزعلنى إنه هيتجوز رحمة، من بين كل البنات اللى في الدنيا، مخترش غير رحمة يحبها ويتجوزها.
نهضت شروق ببطئ، تنظر إليه بتوجس قائلة بصوت شابه القلق:
وهي رحمة تفرق إيه عن كل البنات يامراد؟
إنتبه مراد من صدمته ومرارته على سؤال شروق ليقول بتوتر:
م، متفرقش طبعا، زيها زي كل البنات، بس، يعنى، كانت مرات أخويا هشام، وإنتى عارفة كنت بحبه أد إيه، ومكنتش يعنى، أحب مراته تكون لحد غيره.

لم تشفى إجابته غليلها وبذرة الشك التي ذرعها في قلبها لتقول بهدوء يخالف مشاعرها المضطربة والمستعرة بنيران الشك:
الحد ده مش غريب، ده أخوك الكبير يامراد، وزي ما إنت قلت دى وصية مراته ليه قبل ما تموت، جايز شافت إنها مش هتآمن على جوزها وإبنها غير مع أختها...
قاطعها قائلا في مرارة:
بيحبها، قلتلك بيحبها وهي بتحبه، ده مش جواز مصلحة، ده جواز حب.

تأكدت شكوكها تماما الآن، ليتمزق قلبها بشدة، تشعر بنزيف مشاعرها يقتلها ببطئ، لقد كانت تتعجب من عدم قدرة مراد على الوقوع بحبها رغم أنه لا يحب بشرى وبشرى لا تمنحه كل تلك المشاعر التي تمنحها إياه شروق، تتساءل دوما، من ذا الذي يقاوم سحر الحب والاهتمام من شخص دون ان يقع في حبه؟ إلا لو كان هذا الشخص مغرما بآخر بالفعل، شعرت بآمالها تنهار، وبالكون يضيق من حولها، ثم فجأة، بلا شئ، وكأنه الفراغ يلفها داخله، تشعر حقا بالخواء الكامل، لتقول بنبرة خالية من الحياة:.

وإيه اللى يزعلك لو كانوا بيحبوا بعض يامراد، بالعكس المفروض تفرح لأخوك وتروح تقف جنبه، أخوك اللى انت عارف ومتأكد إنه لو كان مكانك كان هيفرحلك من كل قلبه.

مست كلماتها قلبه وأشعرته بالذنب، نعم فيحيي لو كان مكانه لفرح له من كل قلبه، يحيى الذي أدرك أنه أحب رحمة من زمن وأخفى هذا الحب، تعذب مثله كثيرا، وربما أكثر، وهو يدرك أن أخواته يحبونها مثله ورغم أنها تحبه بدورها، إلا أنها لم تكن أبدا من نصيبه، أدرك مراد الآن أن قصة حبهما تعود للماضى فحب بمثل تلك القوة لم ينشأ منذ أيام، وإذا عاد بذكرياته للماضى قليلا سيجد أن قصة حبهما كانت واضحة للجميع ولكن عشقه أعماه عنها، ليتعجب مما حدث في الماضى وقصة رحمة مع أخيه هشام ان كانت بالفعل أحبت يحيى، ليشعر فجأة بالإرتياب، وبأن ماضيهم به شئ خاطئ لابد وأن يدركه.

أفاق من أفكاره على صوت شروق البارد والذي لم ينتبه لبرودته وهي تقول:
قوم يامراد، قوم جهز نفسك وروح أقف جنب أخوك في يوم زي ده، ومتنساش إن الحب والجواز قدر، قسمة ونصيب ملناش دخل فيها، قوم يامراد، قوم.

نظر مراد إليها ورغم المرارة في قلبه إلا أنه وجد أن لديها الحق في كلماتها، يجب أن يكون بجوار أخيه في يوم كهذا، كما وقف بجوار هشام من قبل، وليذهب عشقه الذي يؤذيه دائما إلى الجحيم، يجب أن يوأده تلك المرة في قلبه للأبد حتى وإن كان بوأده سيقتل كل مشاعره ويوأدها بدورها، لينهض بإنكسار ويتجه إلى الحمام، تتابعه عينا شروق التي ما إن أغلق عليه باب الحمام حتى تركت لدموعها العنان، تبكى عشقها الذي أدركت لأول مرة منذ أن شعرت به، أنه عشق يائس، بلا أمل.

قال مجدى في حدة:
أيوة ياست بشرى، فيكى الخير والله، لسة فاكرة تكلمينى؟
قالت بشرى:
إهدى بس يامجدى، كنت هعمل إيه يعنى وهكلمك إزاي والعيلة دايما حوالية، أنا اول ما عرفت أتهرب، كلمتك علطول.
زفر مجدى قائلا:
وحشتيني أوي، أوي، إزاي بس هنت عليكى تسيبينى كل ده؟
إبتسمت بشرى قائلة:
كل ده إيه بس؟ده كل الموضوع ٣ أيام.
قال مجدى بشوق وصورتها تتمثل أمامه:.

ال ٣ أيام دول عدوا علية كأنهم ٣ سنين، إنتى مش عارفة بحبك أد إيه؟
قالت بشرى بدلال:
لأ مش عارفة، بس أحب أعرف طبعا.
تنهد مجدى قائلا:
تعالى بس وإنتى تعرفى.
مطت بشرى شفتيها قائلة:
الظاهر إنى فعلا هرجع يامجدى.
قال مجدى بلهفة:
بجد، بجد يابشرى هترجعى، لقيتى الحل؟
زفرت بشرى قائلة:.

لأ، ملقتش حاجة وشكلى مش هلاقى أي حل طول ما أنا هنا، والوضع بقى يخنق، انا هرجع مصر وأفكر هناك براحتى، وبعدين سايبة العقربة دى مع مراد ويحيي وخايفة تأثر على حد فيهم، غالبا هسافر النهاردة المغرب.
قال مجدى وعيونه تلمع:
هستناكى ياحبيبتى، هستناكى.
قالت بشرى بهدوء:
مش هينفع نشوف بعض النهاردة يامجدى، أنا هروح البيت وبكرة هشوفك أكيد.
قال مجدى بإحباط:
تمام يابشرى، تمام، هستناكى بكرة.

أغلقت بشرى هاتفها، ثم وضعته في جيبها وهي تقول:
والله فيك الخير يامجدى، وحشتك وبتطمن علية، مش زي جوزى اللى معبرنيش ولو حتى بتليفون صغير، وكأنه ما صدق.

لتلتفت تنوى العودة إلى منزل الحاج صالح والإستعداد للسفر، حين فوجئت بلبنى إبنة حامد، الإبن الأكبر للحاج صالح، ذات التسع سنوات، وهي ترمقها بحدة، لتشعر بشرى بتوقف دقات قلبها وهي تتساءل، هل إستمعت تلك الشقية إلى حديثها، لتعود وتنفض صدمتها وهي تطمئن نفسها بأن تلك الصغيرة لن تفهم شيئا وإن فهمت فبإستطاعة بشرى التملص من أي شئ، لترمقها بشرى بدورها بحدة، قبل ان تتجه للمنزل، تحمد ربها على عدم إنجابها الأطفال، حتى لا ترزق بمثل هؤلاء الأشقياء أبدا فهي لا تستطيع أن تتحملهم، مطلقا.

تأملت رحمة نفسها في المرآة في هذا الفستان الأسود الأنيق والذي وجدته بين ملابسها، بدت جميلة رغم قتامة لون الفستان وذلك الحزن الذي يغلف ملامحها، فلم يمضى سوى أسبوعا واحدا على وفاة أختها، ومازال الحزن عليها مشتعلا في قلبها، أمسكت تلك الصورة الموضوعة على التسريحة محدثة صاحبتها في عتاب وحنين:.

ليه بس عملتى فينا كدة ياراوية، كانت حكايتنا خلصت خلاص، ليه جددتيها؟والمصيبة إن الحكاية معقدة أوي، لا هو فكرته عنى ممكن أصلحها، و لا أنا هقدر أسامحه على اللى عمله زمان.
لتتنهد مستطردة:
ربنا يرحمك ياراوية ويسامحك.

تركت الصورة ونظرت إلى عيونها المغروقة بالدموع، فإلى جانب حزنها على فراق أختها، هناك ذلك القلق المسيطر على كيانها والخوف من زواجها وإرتباطها بحبيب قلبها وخائنه الوحيد، ترى كيف ستستطيع العيش معه دون أن تخونها مشاعرها تجاهه؟، كيف ستستطيع السيطرة عليها؟كيف بحق السماء ستقاوم ضعفها تجاهه؟وكيف ستحتفظ بسر أختها بعيدا في عمق قلبها السحيق؟ربما بتذكير نفسها بتخليه عنها بالماضى وتصديقه السوء عن أخلاقها ومشاعرها، نعم بهذا فقط ستستطيع الصمود، كلما وجدت نفسها تضعف ستذكرها بما حدث منه بالماضى، فقط عليها الإنتباه لخطواتها وحسب، ليظهر التصميم على وجهها وهي تلقى نظرة أخيرة على نفسها، تمسك منديلها وتمسح به برفق دموعها دون أن تفسد زينتها، قبل أن تغادر الحجرة، إلى حيث إجتمع الجميع، لعقد القران.

كان يحيى يقف إلى جوار مراد، يشعر بالتوتر، ينتظر نزول رحمة حتى يعقد القران وينتهى من هذا الأمر، يشعر لأول مرة في حياته أنه يترك العنان لقلبه يتحكم به، ويدع جانبا عقله الذي يرسل إليه جميع الإنذارات الحمراء، يدرك لأول مرة بحياته أيضا أنه لا يفعل الصواب ولكن رغما عنه يقوم به والأدهى ان قلبه يكاد يطير فرحا بما يفعل، لدرجة أنه لم ينتبه لملامح أخيه العابسة والواقف إلى جواره بوجوم، لتتعلق عينيه فجأة بتلك الجميلة، بل رائعة الجمال والتي تتهادى نزولا إليهم في ثوبها الأسود الأنيق والذي أضفى جماله وبساطته إليها جمالا وأناقة ورقي، قد تبدو الثقة على ملامحها ولكن وحده يحيى من يدرك أنها في قمة إضطرابها وهي تمسك بيدها اليمنى تنورة فستانها تفركها بيدها دون أن تشعر ولكنه يراها ويشعر بحركتها التي لا تفعلها سوى وهي في قمة التوتر والقلق.

تسلطت عيونها عليه أثناء نزولها لتلاحظ ملامحه الجامدة ولكنها تعرفه جيدا لتدرك توتره من قبضتيه المضمومتين بشدة، فهو لا يضمهما سوى في حالتين، الغضب والتوتر، يبغى بضمهما تمالكا حديديا لأعصابه التي توشك على الإنفلات، إقتربت منه لتلاحظ وجود مراد، فإبتسمت له فلم يرد إبتسامتها، لتتجمد الإبتسامة على شفتيها ثم تختفى، وهي تتجه نحوهما تتعجب من عبوس مراد، ولكنها كانت متوترة فلم تلقى بالا لسبب عبوسه، وقفت أمام يحيى، ليومئ لها برأسه بهدوء فردت إيماءته بهدوء أيضا، وكادا أن يتجها إلى المأذون لعقد القران حين إستوقفها صوت مراد وهو يقول بسخرية:.

مبروك ياعروسة.
إلتفت كل من يحيى ورحمة يواجهانه، لتتفحص رحمة ملامح مراد، تتعجب من لهجته الساخرة، وهي تقول بهدوء:
الله يبارك فيك يامراد.
إتسعت إبتسامته الساخرة وهو يقول:
أخدتى زينة شباب عيلة الشناوي، بس خدى بالك منه المرة دى، وياريت ما يحصلش اللى قبله.
إنتفضت رحمة على صوت يحيى القوي وهو يقول بصرامة:
مراد.

نظر مراد إلى أخيه ولثوانى تحدت عيناه عيني أخيه، لترتخى نظرة مراد أمام يحيى وهو يشيح بوجهه، بينما أدركت رحمة أن مراد يحملها ذنب موت أخيه هشام، وبالتأكيد يفعل أخاه، ليصاب قلبها بصدمة أخرى تضاف إلى قائمة صدماتها من عائلة الشناوي، ويطغى الحزن على ملامحها لتفاجئ بكف يحيى الذي إمتد لكفها يحتضنه لتنظر إلى عينيه فأومأ لها برأسه، لتشعر رغما عنها بشعور لم تشعر به منذ زمن طويل، إنه يساندها كما كان يفعل دائما بالماضى، لقد كان هو عضدها في كل المواقف التي مرت بها مع أبناء العائلة، ومع أخويه، كان الحامى لها، والذي معه تشعر بالقوة لتتحدى من تسول له نفسه بمضايقتها، وها هو يعود ويساندها، ولكن يظل الفرق كبير فلم تعد هي رحمة الماضى، ولم يعد هو أيضا يحياها.

أوقفت بشرى سيارتها، تتعجب من أنوار المنزل التي مازالت مضاءة، لتهبط منها وتغلقها، متجهة إلى باب المنزل المفتوح على مصراعيه لتزداد حيرتها، عقدت حاجبيها بشدة وهي ترى رجلين، أحدهما شابا في اوائل الثلاثينات من عمره، والآخر رجلا في حوالى الخمسين من عمره، يرتدى بذلة كحلية ويحمل حقيبة جلدية في يده، مغادرا المنزل في عجلة وهو يحادث أحدهم في هاتفه قائلا:.

جاييين علطول ياماجد بيه، إحنا خلصنا هنا خلاص، مسافة السكة بس.
تجاهلتهما بشرى وهي تدلف إلى المنزل لتجد تلك العقربة تقف بجوار يحيى وعلى مقربة منهم وقف مراد بملامح متجهمة، لتعود بنظرها إلى رحمة تتأمل فستانها الأسود الذي أضفى عليها جمالا أثار حقد بشرى خاصة وهي تلاحظ عيون يحيى التي تعلقت بها، لتعقد حاجبيها بحيرة وهي تسمع روحية تقول بطيبة:
مبروك ياست رحمة، مبروك يايحيى بيه.

إكتفت رحمة بإبتسامة هادئة بينما قال يحيى برصانة:
الله يبارك فيكى ياروحية.
قالت بشرى بحدة:
ممكن اعرف إيه اللى بيحصل هنا في غيابى؟
إلتفت إليها الجميع، فاستطردت قائلة في غيظ:
بقى أنا أغيب ومحدش يسأل عنى، لأ
وكمان بتحتفلوا في غيابى، طب على الأقل عرفونى بتحتفلوا بإيه، وإزاي بتحتفلوا أصلا وراوية معداش على وفاتها أسبوع؟

إكتست ملامح رحمة بالضيق ممتزجا بالحزن، بينما عقد يحيى حاجبيه، ليتقدم منها مراد بخطوات حازمة وهو يمسك يدها قائلا:
مش وقت الكلام ده يا بشرى، تعالى معايا.
نفضت يده قائلة في عصبية:
لأ وقته يا مراد، من حقى أعرف إيه اللى بيحصل ولا أنا مش من أهل البيت؟
كاد مراد أن يتحدث لولا أن إقترب منها يحيى وهو يقول بهدوء:
لأ طبعا من أهل البيت، ومن حقك تعرفى، لإن الموضوع مش سر ولا حاجة،.

لينظر مباشرة إلى عينيها وهو يقول في ثبات:
أنا ورحمة إتجوزنا، النهاردة.
إتسعت عينا بشرى بصدمة وهي تقول:
إتجوزتوا؟إنت ورحمة؟إنت أكيد بتهزر مش كدة؟
هز يحيى رأسه نفيا ببرود قائلا:
لأ بتكلم جد يابشرى، وأنا من إمتى بهزر معاكى؟
أفاقت بشرى من صدمتها لتقول بإنفعال:
ما هو مستحيل أصدق، إن يحيى كبير العيلة، إتجوز رحمة، رحمة اللى...
قاطعها يحيى بلهجة تحذيرية تتحداها أن تنطق بكلمة وهو يقول:.

قبل ما تقولى أي كلمة تندمى عليها، لازم تعرفى إن رحمة بقت مراتى، يعنى أي إهانة في حقها هي إهانة في حقى أنا، وإنتى عارفة إن مفيش حد لغاية النهاردة قدر بس يفكر يهين يحيى الشناوي، فيا تباركيلها، يا تطلعى أوضتك، مفهوم؟

شعرت بشرى بنار تحرق قلبها، تشعل كيانها إشتعالا، تود لو أفرغت مكنون صدرها وإنتهت، ولكن وقتها ستربح رحمة، لذا آثرت الصمت وهي تلقى نظرة حاقدة على رحمة الصامتة، حزينة الملامح، ثم نظرة حارقة ليحيي، قبل أن تبتعد عنهما بخطوات مشتعلة، تتجه إلى غرفتها، يتابعوها بعيونهم، بينما إقترب مراد من يحيى قائلا:
يحيى، أنا بفكر نسيب البيت ونمشى، إنت شايف بشرى وعمايلها وأنا مش عايز مشاكل في البيت.

تفحص يحيى ملامح أخاه وهو يقول:
بشرى بس يايحيى هي السبب، ولا فيه سبب تانى يخليك عايز تسيب البيت؟
قال مراد وهو يحاول تمالك نفسه والثبات تحت نظرات أخيه المتفحصة:
انا قلتلك من زمان، موضوعى إنتهى يا يحيى، أنا خوفى كله دلوقتى من بشرى.
ربت يحيى على كتف أخيه قائلا:
لو على بشرى متقلقش، أنا أدها وأدود يامراد، بس أهم حاجة تكون إنت مرتاح، وأنا هرتاح أكتر وإنت جنبى ياأخويا.

لم يجد مراد مفر من المكوث بالمنزل منصاعا لرغبة أخيه، وليتحمل العذاب في سبيل ذلك، فهذا مصيره منذ أن أحبها، العذاب وحده، وبصمت.



المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
رواية صغيرتي الحمقاء زهرة الصبار
39 7010 زهرة الصبار
رواية انتقام ثم عشق زهرة الصبار
38 4086 زهرة الصبار
رواية حبيب الروح زهرة الصبار
39 3120 زهرة الصبار
رواية لا ترحلي زهرة الصبار
36 2985 عبد القادر خليل
رواية أحببت فاطمة زهرة الصبار
74 3425 زهرة الصبار

الكلمات الدلالية
رواية ، الثلاثة ، يحبونها ،


 





# فنون # مشاهير # صحة # منوعات # الأطفال # English # تفسير الأحلام ثقافة # قصص # سيارات Cars # صور # تقنيات # الاجهزة الالكترونية # المطبخ # كلام فى الحب # أبراج # رياضة # ازياء # حكم وأقوال تطوير الذات# خلفيات # صور بنات # مشاهير # ديكور # صباح الخير # مكتوب برقيات شهر رمضان # جمعة مباركة # حب رومانسية # عيد # ادعية # خلفيات كرتون # منوعات # موضة # الأم # أطفال # حيوانات # صور ورد # اكلات # New Year # مساء الخير # اللهم صلي علي النبي # القران الكريم # صور نكت # عيد ميلاد # اعلام # سيارات # تهنئة الخطوبة # حروف واسماء # الغاز # صور حزينة # فساتين # هدايا # خلفيات النادي الاهلي # تسريحات شعر # الاصدقاء # بوستات نجحت # خلفيات نادي الزمالك # حب رومانسية # تهنئه # ازياء # صور بنات # صوره وكلمه خلفيات # كرتون # بروفايل رمزيات # دينية # سيارات # مضحكة # أعلام # مسابقات # حيوانات # ديكور # أطفال # أكلات # حزينة صور شباب أولاد ر# صور # الطب و الصحة # مقالات عامه # CV المشاهير # وصفات الطبخ # العناية بالبشرة غرائب وعجائب # قصص روايات مواعظ # صور حيوانات # وصفات الحلويات # الرجيم والرشاقة # نكت مضحكة # صور خلفيات # العناية بالشعر # شروحات و تقنيات # videos # Apps & Games Free # موضة أناقة أزياء # سيارات # ديكور # رعاية الأطفال # نصائح المطبخ # موبايل جوال # الفوركس # التعليم والمدارس # الحمل و الولادة # اخبار الرياضه # وظائف # صحة المرأة # حوادث # صور بنات # صور اطفال # مكياج و تجميل # عناوين بنوك شركات محلات مطاعم # العاب الغاز # عيد # كلمات الاغانى # اشغال فنيه واعمال يدويه # مصر # أشعار خواطر # للنساء فقط # للرجال فقط # صور شباب # علاج النحافه # رسائل SMS # أكلات نباتية - Vegetarian food # برامج الكمبيوتر # المراهقة # جمعة مباركة # blogger # رعب # لعنة العشق # حب # اسلامية # قاسي ولكن أحبني # أحفاد أشرار الحرب لأجلك سلام # أسمى معاني الغرام # حقيقية # لقد كنت لعبة في يده # ملهمة # أباطرة العشق # عربية # حب خاطئ # لست مميزاً # من الجاني # مشاهير # راقصة الحانة # اغتصاب طفلة # عاشقان يجمعهم القدر # الطريق الصعب # خيال علمي # أشواك الحب # تاريخ # سجينة ثوب الرجال # لروحك عطر لا ينسى # أطفال # عشق وانتقام # لازلت أتنفسك # لقاؤنا صدفة # للحب معان أخرى # خاتم سليمان # ممن أنتقم # نجاح # أبواب وهمية # حلمى فى صفيحة قمامة # فيلم # مجنون بحبك # بين شباكها # حزينه # رحلات جوليفر # عذاب قسوته # عندما ينادي الشيطان # لعنة حبك # مريم وامير # هدوء في قلب العاصفة # الحاسة السادسة # المشعوذة الصغيرة # عباقرة # لوعة العشق # حروب # قدر بالإجبار # بنات مضحكه# فوركس Forex# صحتك # الصور والخلفيات # الطبخ والحلويات # منوعات # اخبار الفن # القصص و الروايات الألعاب الرياضية # الحياة الزوجية # أزياء وملابس # الأم و الطفل # دراسات لغات # افكار منزلية # انترنت تكنولوجيا # صفات الابراج # حيوانات ونباتات # تفسير الاحلام # معانى الاسماء # خواطر و اشعار # الكون والفضاء اجمل نكته# Mix # Forex # youtube # foods # Kids # Health education # stories # News # kitchen # woman # Famous # Sport # Animals

-------

الساعة الآن 06:11 صباحا