رواية تعويذة عشق للكاتبة رحمة سيد الفصل التاسع والعشرون
نهض حمزة مسرعاً ليرتدي ملابسه على عجالة، بينما بدأت حنين تستيقظ من حركته، وما إن رأته يرتدي ملابسه حتى سألته متعجبة: -أية دا! أنت رايح فين يا حمزة؟! زم شفتاه والغيظ يسن أي شعور بالسعادة رفرفت داخله كمنبعًا اساسيًا لها، ليجيب بكبت حانق: -غاير الشركة، شكل امي دَعت عليا في ليلة القدر! ثم نظر لها وهو يتابع بصورة مضحكة:.
-تقوليش انا جوز امهم؟! كل ما ارتاح ياربي الاقي مصيبه جديدة طلعت لي من حيث لا ادري ولا احتسب ضحكت حنين على مظهره الذي كان مكسو بلونًا مبطن مبتكر من الغيظ والغل معًا من تلك الرياح المُعاكسة.. بينما أكمل هو بصوته الأجش وكأنه يناجي والدته الراحلة: -والله لو كنت اعرف ان دعاكِ هيطلع عيني كدة يامه كنت قعدت عند رجليكي اغسلهالك بالمياه والملح كل 5 ثواني!
هذه المرة لم تمنع حنين نفسها من الضحك عالياً، فاقترب حمزة منها ليجذبها من خصلاتها وهو يخبرها في حسرة: -اضحكي انتِ ياختي هنا اضحكي وجوزك بيتقال عليه إنه مبيعرفش! تجمدت حنين من جملته التي سقطت على أذنيها كدلو من الثلج المميت.. ثم همست تسأله مصعوقة: -مين دا الي قال كدة يا حمزة؟ ولية اصلاً! تنمرت نظراته ملائمة تقوس ملامحه للخبث المتوعد قبل أن يتشدق ب: -شذى بنت ال* رافعه قضية خلع وقايله السبب اني مبعرفش!
ثم ظل يردد بصورة شبه هيستيرية كوميدية غير مصدقة: -طب دا السرير دا يشهد عليا! أفكه للقاضي يشهد معايا ولا اعمل اية بس ياربي! عضت حنين على شفتاها حرجًا وضحكًا في آنٍ واحد، وعندما نهض سألته مرة اخرى بهدوء: -طب هتروح فين و تعمل أية؟ رفع يداه يخبرها مستسلمًا بحنق: -هروح فين يعني! هروح لجلجل حبيبي عشان يستر عليا الله يستره...!
وما إن غادر حتى إنفجرت حنين ضاحكة من قلبها على ذلك الذي لا تتركه الحياة بالفعل كما قال.. فيبدو ان حلمه بالحياة الوردية الطويلة لن يرتبط بالواقع!
كانت سيلين تجلس على فراش المستشفى تُدندن وهي ترتب خصلاتها بمزاج رائق.. بينما مُهاب وكأن الشياطين الحمراء تتراقص امامه هنا وهناك حتى بات يرى جمرة من الغيظ تحيطه كالغمامة...! دلف فجأة الي الغرفة ثم اغلق الباب خلفه، لينظر ل سيلين مرددًا في تساؤل جاف: -لاخر مرة بسألك كنتي بتكلمي مين يا سيلين؟ أكملت الأغنية التي كانت تغنيها ولكن عَلت صوتها قليلاً أنت اخترت طريق ومشيته، بعت هوايا وقلبي نسيته، !
لم تكد تكمل جملتها حتى سحبها مُهاب فجأة من ملابسها بصورة مضحكة ك-المخبرين- وهو يهتف بحنق: -دا انا الي هخليكِ تبيعي مناديل مستعملة ف اشارات المرور لو منطقتيش! مين الي كلمتيه يابت؟! ابتلعت ريقها بصعوبة، ثم همست برجاء صلب يخفي رغبتها المبطنة في الضحك على مظهره: -يوه، على فكرة أنا واحدة تعبانة، ومن حقي كمواطنة ارتاح، مش ابيع مناديل وكمان مستعمله، طب خليها مُبللة! دي الناس كلها بترتقي الا انت يا بيئة.
كاد يجن من ذلك البرود في حديثها، ومن دون مقدمات كان يسحبها من ذراعها وهو يهمس متوعدًا: -طب تعاليلي بقا يا مواطنة! وما أن انهى جملته وكانوا هم امام الناس في المستشفي، حتى قال مُهاب بعبث مُتمني رفضها: -طب وحياة ربنااا الي اغلى من اي حد، لو ماقولتي حالا كنتي بتكلمي مين لابوسك ادام الناس دي كلها وماهيهمني اي حاجة...! نظرت له بطرف عينيها هامسة وقد شددت على كل حرف: -اد كلامك؟ اومأ مؤكدًا بحماس خبيث: -جدااااا.
ومع نهاية أخر حرف، وجد سيلين تصرخ بعلو صوتها وكأنها تنوح مستنجدة بأي شخصٍ كان: -يالهووووتي، حد يلحقني ياناس، الحقوني والنبي ياناااااااس حاول مُهاب وضع يده على فاهها ليمنعها، ولكنها دفعته بقوة مسرعة وهي تكمل بصوت رسمت به اشباح البكاء المتألم بمهارة: -عايز يخطفنيييييي، الحقوووني..! وبالفعل اجتمع الناس من حوله ليجعلوه يتركها بالقوة.. فيما قال مُهاب بغضب حاد: -اوعوا سيبوني دي مرااتي!
ولكن سيلين ردت في لحظتها شاهقة بصدمة مصطنعة: -جوزي أية انت هتوديني ف داهية، هو انا عمري شوفتك يا حرامي انت!؟ ثم نظرت للناس وهي تمط شفتاها مرددة في تساؤل واهن: -بزمتكم دا منظر واحدة متجوزة؟ والرد كان بكلمة حاسمة: -لا طبعا وبدأ الرجال يجتمعون حوله مقتنعين أنه مجرد حرامي، لينل الحرامي الحق الذي يستحقه من الضرب المبرح، بينما سيلين تداري وجهها وهي تضحك بصوت مكتوم:.
-دا انت كلت علقه ماكلهاش حمار ف مطلع يا ميهوو!
بعد مرور اسبوعان تقريباً...
أستيقظ أسر على صوت ضجة تأتي من الخارج، تأفف بضيق وهو ينهض ببطئ متجهًا صوب الصالون الذي تأتي منه الضجة...! وصُدم عندما وقعت عيناه على لارا تجلس ارضًا بأحدى اقمصة النوم وتتربع على الارضية محتضنة عبوة كريم للشعر فرفع أسر حاجبه الأيسر وهو يقترب منها متساءلاً: -معلش لو هقطع خلوتك بالبطرمان، بس ممكن اعرف أنتِ بتعملي أية بكريم الشعر -الرجاالي- يا لارا؟!
ودون ان تبدي اي دهشة كانت تفتح الغطاء لتأخذ قطعة في إصبعها وتلعقها باستمتاع مغمضة العينين...! فاتسعت عينا أسر وهو يراقبهم وقد تأكد من الجملة التي صدحت داخل خلده دي البت اتجننت ياعيني! جلس على الارض في موازتها ثم سألها مشيرًا للعبوة: -دا كريم شعر يا لارا على فكرة! اومأت موافقة بابتسامة واسعة: -ايوة منا عارفه بس نفسي راحتله همس بصوت شارد: -نفسك راحتله اه.. ثم صرخ بجنون غير مصدقًا:.
-احيييييه، هو انا بقولك دا بطرمان مربى؟! دا كريم شعر يامجنونة! رفعت كتفيها تردد ببرود مغتاظ من رد فعله: -اعملك أية يعني مهو بسبب أبنك بقا ظل يعض على شفتاه بقهر، لاول مرة في حياته يرى امرأة تتوحم على كريم شعر! ولكن فكرة خبيثة لاحت في رأسه قبل أن يسحب منها العبوة فجأة هامسًا بحزم عابث: -مش هتاخدي العلبة دي الا اما تدفعي الضريبة الاول ضربت على صدره بحرج قائلة:.
-لا، وهات البطرمان وابعد احسن ريحتك بقت ديرتي اوي يا حبيبي اتسعت حدقتاه وهو يردد خلفها في فزع: -ديرتي! انا ريحتي ديرتي (Dirty) وعندما نظر وجدها نهضت راكضة نحو الغرفة، امسك بها قبل أن تغلق الباب، ليحملها على كتفه ك -شوال البطاطا- وهو يقول بخبث لم ترتح له: -ااه، أنا بقا هاخد حقي بنفسي، ما انا ديرتي بقاااا ظلت تضربه على ظهره بغيظ ولكنه لم يأبه لها حتى دلف الي الغرفة واغلق الباب خلفه...
توجه نحو احدى -الطرح- يجلب واحدة، ثم رماها لها وهو يأمرها بخبث: -ارقصي! شهقت هي بعنف مضطرب وهي تعض على شفتها السفلية: -بطل قلة ادب يا أسر.. بينما جلس هو بأريحية ليشعل التسجيل على أغنية -على واحدة ونص- ورغمًا عنها تحت نظرة عينيه الجادة بدأت تتمايل مع نغمات الأغنية حتى أنطلقت بمهارة تتراقص! وفجأة جذبها هو على قدميه حتى سقطت عليه ليثبت يداه على -طرف القميص عند كتفيها-.
وبحركة سريعة كان يسقطه عنها وهو يهمس قبل أن يهجم على شفتاها بشغف عابث: -اموت أنا ف البيئة يا بيئة!
وصل بسلام حمزة الي المنزل واخيرًا بعدما انهى اخر اجراء لطلاق تلك الملعونة شذى، ورغمًا عن شروق قام بإجراء فحص DNA ايضًا الذي اثبت له انها لم تكن شقيقته كما كام يعتقد يومًا... فتح الباب بهدوء بمفتاحه ليجد جميع الأنوار منطفئة.. تأفف بضيق من عدم رؤيته لأي شيئ لينادي بصوت عادي: -حنين، حنين أنتِ فين! لم يأتيه أي رد فبدأ الشك يراوده، وفجأة من دون مقدمات عادت الأنوار و...
إنتفض قلبه الرائق فزعًا، كهبوب رياح في فصل الربيع، وكالعبق الذي عكره غيمة الصدمة! وفجأة من العدم ظهرت حنين وخلفها كلاً من أسر ولارا، ومُهاب وأسر، وبعض اصدقاء حمزة في العمل وشتى المعارف ثم صدح صوتهم يغنوا بصوت فرح وعذب: -Happy Birthday to youuuuu، Happy Birthday to you Hamza، Happy birthday to you!
صُعق في البداية من تواجدهم جميعًا من حوله، ولكن تواجدهم كهذا أنعش قلبه الساكن لينفضه سعادةً وهربًا من متاريس الحياة...! وسرعان ما كان يبتسم وهو يرى أسر يقترب منه في البداية محتضنًا اياه وهو يهتف بود عميق: -كل سنة وأنت طيب يا حمزاوي، وعقبال سنين كتييير تفضل مشحططنا فيهم وراك كدة! ضحك الجميع عليه، ومن ثم تقدمت لارا وهي تهمس بصوت خجول: -كل سنة وانت طيب يا أستاذ حمزة قابلها بابتسامة هادئة:.
-وأنتِ طيبة يا مدام لارا تلاهم مُهاب الذي ما إن رأى حمزة وجهه حتى إنفجر ضاحكًا وكأن كومة القش المزمومة حرقتها فتلة السعادة، ليسأله متعمقًا في الضحك: -أية دا يا مُهاب؟ مين الي رسم خريطة مصر على وشك كدة!؟ نظر مُهاب ل سيلين التي كانت تحاول كتم ضحكاتها بصعوبة، ليردد وقد تطايرت أشباحًا مولعه من الغضب: -حسبي الله ونعم الوكيل ف الي كان السبب، يلاا هيروحوا من ربنا فين..؟!
تعالت ضحكاتهم ليقترب منه حمزة هامسًا بنبرة ذات مغزى: -شكل الموضوع في إن، بس ولا يهمك يا ميهوو، دا حتى ضرب الحبيب زي أكل الزبيب! ضربه مُهاب على صدره وقد بدأت ابتسامته تتسع.. حان دور حنين لتقف أمامه فارغة اليد بعكسهم جميعهم الذين كانوا يعطونه الهدايا القيمة... فهمس لها مشاكسًا وهو يقترب من اذنيها: -أية يا حنيني للدرجاي حالتك صعبة ممعاكيش فلوس تجيبي هدية لجوزك حبيبك؟!
هزت رأسها نافية وهي تقترب منه لتخبره بثقة: -تؤ تؤ، أنا هديتي غير يا حبيبي تسللت يداه لتحيط خصرها ببطئ دون ان يلحظ اي شخص، ثم كان شبه ملتصق بها وهو يهمس بصوت تناغم عزفًا: -الناس دي وجودها في اليوم دا، وفي الوقت دا وفي اللحظة دي تحديداً أكبر غلط! ضحكت حنين بخفوت ليُقبل وجنتها بنعومة مرددًا بعبث: -بس لسة الليل طويل يا روحي.. أبتعدت عنه بعدها ولم تتلاشى ابتسامتها، ليسألها حمزة مستفسرًا بفضول:.
-انما جمعتيهم ازاي كدة؟! رفعت كتفيها لترد بهدوء مبتسم: -أتصلت بأسر وهو افتكر بسرعة، وقولتله على الي فدماغي فأتصل بمُهاب واتفق معاه واتصلوا بصحابكم وكنت جهزت البيت ثم أشارت ل لارا لتكمل بصوت ممتن: -وأسر جاب لارا بدري شوية ف ساعدتني ف تزيين البيت احاط وجنتها بيده كما يفعل دومًا، وكأنها صك الملكية الذي يُطبع دون اذن او مقدمات، ثم أردف بعشقٍ خالص:.
-ربنا يخليكِ ليا يا حنيني، وأعرف أفرحك زي ما بتحاولي تفرحيني!
مر كل شيئ سريعاً، كان جميعهم يتبادلون أطراف الحديث بسعادة طاغية... إن بعد العسر يسر ليس جميعنا يؤمن بتلك الجملة، ولكن القدر يؤمن بذلك، نفوسنا التي تهفو استغاثة ب الله تؤمن بذلك! وبالفعل مر العسر، وحان اليسر، بتهاليله وإنفعالاته السعيدة، وغضون العسر كان اليسر حليفًا ينتظر اذن القدر..! انتهى العيد ميلاد بسلام.. حتى اقتربت سيلين تُقبلهم بود وهي تُردد في حنو:.
-بجد مبسوطة إني اتعرفت عليكم، وان شاء الله متبقاش اخر مرة نقعد مع بعض اومأت كلاً من حنين ولارا بابتسامة: -أكيد ان شاء الله وبالفعل غادر الجميع بعد أن ودعوهم والابتسامة كانت الختم الأروع على وجوههم..! ثم بقي حمزة وحنين فقط، إنتهت حنين من تنظيم المنزل وكادت تدلف نحو الغرفة الا أن فجأة شعرت بقدماها ترتفع عن الارض لتصبح بين أحضان حمزة الذي دس وجهه عند رقبتها وهو يهمس بشوق: -وحشتيني..
عضت على شفتها السفلية بخجل وقد زحفت الحمرة اكتساحًا لوجنتها البيضاء ثم قالت وهي تضع يدها على صدره: -وأنت أكتر، بس أستنى هقولك حاجة واوريك الهدية الاول ابتسم وهو يقترب من أنفها ليشاكسها بأنفه: -طب يلا بقا وريني نزلت لتقف امامه تمامًا، ثم أمسكت بكفه لتضعها على بطنها هامسة بصوت مبحوح: -أنا حامل ف تؤام يا حمزة.
صُدم في البداية، وسرعان ما كان يبتسم بسعادة حقيقية وهو يرفعها ليدور بها والفرحة تتقازفه من دائرة لاخرى متلاطمًا بين الضحكات...! إلي أن أنزلها على الأرض ليمسك وجهها بين يديه مرددًا بصوت سقط على أذنيها كطربًا خاصًا من السعادة: -دا أحلى خبر سمعته من فترة، ياااه بجد مبسوط اوي ثم نظر في عينيها ليردف بهمس: -وأكتر حاجة مفرحاني، إنهم هيجوا منك أنتِ مش من واحدة تاني!
وضعت رأسها على صدره تحتضنه بارتياح حقيقي، ثم ابتعدت لتمسك يده وتسحبه خلفها وهي تقول بإختصار: -تعالى بقا اوريك الهدية الي بجد دلفا إلي الغرفة لتتجه حنين نحو الكمودين لتفتحه وتخرج منه علبة مغلقة، وما إن اصبحت امامه حتى فتحتها لتظهر -دبلة- ذهب والاخرى من الفضة.. أخرجت الفضة لتمسك بأصبعه وتضعها فيه برفق، ثم أبتسمت وهي تشدد على ضغطة يده:.
-دا متقلعهوش من ايدك خالص، عشان مفيش واحدة تتهور كدة ولا كدة، ويبقى واضح إنك متجوز ابتسم بحنان، ثم أمسك بالخاتم يلبسها اياه ليُقبل يدها هامسًا بنعومة: -ربنا يحفظك ليا يا روحي ابتسمت بحنان، لتجده يحيط خصرها ببطئ وهو يقربها منه! لتضع يداها على صدره هامسة بصوت هادئ: -حمزة، استنى مش دلوقتي سألها بنفاذ صبر: -أية تاني؟! طأطأت رأسها أرضًا وهي تخبره بحرج: -أنا جعانة، عايزة أكل!
كز على أسنانه غيظًا، ثم ظل يقترب منها ببطئ وهي تعود للخلف حتى وجدت الحائط خلفها فنظرت له متمتمة بحنق: -حمزة اوعى عايزة اكل بجد -وأنا كمان جعان، وعايز أكل، عايز اكلك! قالها بحرارة وقد كانت يده تتحسس ظهرها بحركة دائرية مثيرة نوعًا ما، فأغمضت عيناها بقوة، ليقترب منها مقبلاً شفتاها التي كان يتوق لها بشدة...! تفاعلت معه في البداية، ولم لا فهو معه دائمًا سر شفراتها كافة!
كان يُقبلها بنهم ملحوظ، وهي تستشعر دفئ لمساته لها التي لا تمل منها، أبتعدت اخيرًا بعد دقائق لتهمس بأنفاس لاهثة: -حمززة! أجابها من بين قبلاته المتتالية: -عيونه.. لم تستطع الرد إذ حملها فجأة ليسقط ذلك الفستان الذي كانت ترتديه نتيجة عبثه به، بينما هي تعلقت بعنقه بيأس ولم تسلم من حرارة قبلاته...!
ما إن دلفا أسر و لارا إلي المنزل حتى أمسكت لارا ببطنها لتتأوه بصوت عالي شبه صارخة: -بطني وجعااني يا أسر لوى شفتاه متهكمًا وهو يطالها بنظرة ذات مغزى: -مهو دا شيئ طبيعي لواحدة خدت معلقتين كريم شعر! جتك القرف ف وحمك دا ضربته على صدره بقوة مغمغمة بغيظ من بين أسنانها: -أنت بارد والله العظيم، انا كان نفسي أكمل لاكن أنت الي مارضتش! جذبها من ذراعها فجأة لتصطدم به ليقول بخبث:.
-طب يا حبيبتي منا نفسي أكمل حاجات كتير أوي بس أنتِ الي منعاني وضعت يداها على صدره لتدفعه مستطردة بحنق: -اوعى كدة بقا أنت مابتحبش الا قلة الأدب ثم سارت نحو الغرفة وهي تتأوه من ألم بطنها الذي كان خفيف نوعًا ما.. وسار هو خلفها ولم تنقطع وصلة ضحكاته العميقة على مظهرها! فجأة سمع صوت طرقات على الباب فاتجه له بهدوء ليفتح، فكانت له الصدمة التالية!
فتاة في عقدها الثاني تقريباً، ترتدي تيشرت نصف كم وتنورة قصيرة بالكاد تصل إلي فخذيها وشعرها مصبوغ بأحمرار غريب... مظهرها ربما مثير، او حتى مُشعل لغزيرة رجلاً عاديًا، ولكن ماذا عن أعمى القلب والعين عندما يلفه العشق المغروق! نظر لها بجدية متسائلاً: -حضرتك عايزة مين؟! اقتربت منه لتحتضنه فجأة وهي تتمتم بصوت ناعم: -وحشتني اوي يا حبيبي، كدة تغيب الفترة دي كلها! أبعدها عنه بقوة وهو يسألها حادًا:.
-أنتِ مين أنتِ أصلاً؟ مطت شفتاها بدلال وهي تشاكسه: -كدة برضه يا أسورتي؟! دا أنا لوليتا حبيبتك، شقة المعادي أنهت كلمتها بغمزة من عينيها، بينما غامت الذكرى في عقله رغمًا عنه، تلك الغلطة التي لم ولن تُمحى من تاريخه المائل للسواد! ابتلع ريقه بازدراء وهو يسمع جملة لارا التي أعلنت بدء الحرب التي على وشك الإشتعال: -لا يا حبيبتي هو مش فاكر، أخر حاجة يعرفها عن أسم ال لوليتا كان أيس كريم بنص جنية!
حاول أسر كتم ضحكته بصعوبة، بينما إنتفخت أهداب تلك للأحمرار الغاضب وهي تردد في حنق: -كدة؟! ماشي يا أسر ماشي، على العموم انا جتلك هنا عشان قالولي فالشركة انك مش بتيجي بقالك يومين، لكن عال اوي، الظاهر ان في واحدة تاني شافت كيفك بدالي! صرخت فيها لارا بحدة: -أنا مراته يا زبالة! ألقت لوليتا نظرة عابرة في معناها عليهم ولكنها عميقة وعنيفة كل العمق...!
لتغادر مسرعة بنفس السرعة التي اتت بها تعصف سعادتهم الهوجاء! بينما إلتفت أسر نحو لارا التي نظرت له بتقزز ثم استدارت وكادت تغادر الا أنه أمسك يدها يهمس لها بصوت أسف: -لارا، الكلام دا كان قبل ما أعرفك اصلاً، من ساعة ما عرفتك ملمستش واحدة غيرك والله... نفضت يدها بقوة عنه، لتبادله الهمس ولكنه أحد كسكين تزداد سنته:.
-والله الي فيه طبع مابيغيروش، ولو كنت كدة قبل الجواز يبقى مش بعيد تكون كدة بعد الجواز، الي بيمشي ورا رغباته من البداية وماتغيرش عشان ربه يبقى عمره ما هيتغير عشان واحدة عادية شدد من قبضته على ذراعها وهو يكمل بصوت اجش: -بس أنتِ عارفه أنك مش أي واحدة، وبعدين أنا معترف إن دي كانت غلطة، وغلطة وحيدة، وندمان عليها وبحاول اكفر عنها! تنهدت بقوة ثم أخبرته بصلابة: -طب لو سمحت سبني يا أسر انا عايزة أنام.
كاد يُعارضها ولكن وجدها تبتعد مسرعة لتتجه نحو الغرفة، تأفف أكثر من مرة وهو يمسح على شعره بقوة حتى كاد يختلعه من جذوره! اتجه نحو الغرفة ولكن وجدها اغلقتها من الداخل فقال بجدية: -لارا افتحي الباب سمع صوتها البارد كلفحة مٌثلجة يأتيه من الداخل: -لا، أنا مش هقدر أنام جمبك وأنا متخيلاك مع كل واحدة شوية، على الاقل النهارده..!
بينما كان كلاً من مُهاب وسيلين في السيارة طيلة الطريق ملتزمين ذلك الصمت الذي يخفي في جبعته الكثير من العبارات المُبترة.. حتى وصلوا امام منزله، فهمست سيلين بصوت مبحوح: -أنا خايفة يا مُهاب، حاسه إننا هنلاقيهم لسة جوه أمسك مُهاب بكفها يربت عليه بحنان وهو يخبرها: -اهدي يا سيلين، أنا قولت للشغاله تبلغهم بكلامي منعاً لاحراجهم ولصلة القرابة، لاكن لو لقيتهم لسة جوه هيبقى في كلام تاني!
تنهدت بقوة وهي تحاول غرس ذلك الثبات بين محافلها، فمنذ ما حدث لها لم تعود ومهاب الي ذلك المنزل بل كانوا في منزل والدتها هي... وبالفعل ما إن دلفا حتى تأكد شك سيلين فرأت تهاني وفريدة يجلسا على الأريكة وكأنهم في إنتظاره! وما إن رأهم مٌهاب حتى قال بخشونة قاسية: -أنتم بتعملوا أية هنا؟ مش الشغاله بلغتكم بكلامي ولا لا! اومأت تهاني مؤكدة ببجاحة:.
-حصل يا مُهاب بس أحنا كان لازم نتكلم معاك عشان نشرحلك موقفنا، أحنا معملناش أي حاجة لم يتمالك أعصابه فاقترب منها صارخًا بنفاذ صبر: -كدااااابة، أنا سمعتك أنتِ وبنتك بعيني محدش قالي، أنتم شياطين كنت معيشهم بيني وبين مراتي من غير ما احس، برااااااااا إنتفضت فريدة على صوته، وبشجاعة مزيفة حاولت الدفاع عن أنفسهم المردومة بالحياه:.
-أيييية، هو أنت بتطردنا من الجنة! وبعدين مراتك دي هي الي شيطانة مش أحنا يا سي مهاب ولم تتلقى ردًا على تلك الكلمة سوى صفعة دوى صوتها كطربًا للأنتصار يعلن كمونه بين تلك الجوانح... لتسرع تهاني مرددة بغضب مزيف: -يلا يا فريدة، أحنا اتهننا بما فيه الكفاية، أنا لا يمكن أقعد لحظة واحدة هنا تاني اردف متقززًا من مجرد رؤيتهم: -أنا الي مش هاسمحلكم تفضلوا لحظة واحدة هنا يا، يا تانت!
وبالفعل إنتفضتا كلا من فريدة وتهاني يعدوا العدة للمغادرة... واثناء ذلك كان شخصا ما يدلف نحو مهاب مرددًا بتهليل: -يا مهاب بيه، يا استاذ مهاب أشار مهاب للحارس أن يعود ثم سأل الرجل بجدية مختصرة: -في أية؟ وأنت مين اصلا وعايز أية! أجابه الرجل مسرعًا من وسط لاهثه وبدا كأنه على وشك البكاء: -أنا صبري يا باشا، أنا عارف مين الي قتل والد حضرتك!
إتسعت عينا مُهاب صدمةً وهو يحدق به وكذلك سيلين، ليجده يكمل وقد بدأت دموعه تهطل: -انا جيت للعبد يسامحني عشان رب العباد يقدر يسامحني، ربنا بيسامح في حقه لاكن مابيسامحش في حق عبده، وأنا جايلك اقولك كل حاجة يمكن ربنا يشفيلي بنتي الوحيدة زي ما ابتلاها...!
تململت حنين في نومتها على صوت حركة حمزة الذي دلف الي الغرفة مرسومة السعادة على وجهه.. لتسأله بصوت ناعس: -أية في أية يا حمزة؟! هز رأسه نفيًا، ثم أخبرها باختصار: -مفيش حاجة وحشة، بس في خبر حلو جدا يا حنيني نظرت له مستفهمة لتجده يستطرد بتنهيدة مرتاحة: -اتحكم على شذى وشريف بست سنين سجن.
دا زائد بقا إن شريف بقا خلاص هيتجنن على حقن ف دخلوا دا في القضية انه اتجار في المخدرات والمحامي بيقول هياخدله 3 او 4 سنين تاني! تنفست حنين بعمق وهي تردد بصوت عذب: -يمهل ولا يهمل، يمهل ولا يهمل ابتلع حمزة ريقه وهو يردف بنبرة ذات مغزى: -بس في حاجة تاني ربما تكون مش حلوه سألته متوجسة: -في أية يا حمزة...؟
رواية تعويذة عشق للكاتبة رحمة سيد الفصل الحادي والثلاثون والأخير
على متن الطائرة المتجهة ل روسيا، كانت حنين تجلس متأبطة ذراع حمزة والابتسامة البشوشة تزين ثغرها الأبيض، سعادة عميقة تُرفرف وسط الآفاق، وأماني عالية تصطدم بسطح الأنتظار! نظر لها حمزة هامسًا في حنو: -مبسوطة؟ اومأت مؤكدة بحماس جلي: -جدا جدا يا حمزة، ماتتخيلش أنا منشكحة ازاي، انا منشكحة انشكاح لم ينشكحه منشكح في تاريخ المنشكحين! احتضنها بحنان، بينما تذكرت هي عندما أخبرها بهدوء.
أنا لازم أسافر روسيا في شغل هناك للشركة ولاول مرة فلازم أبقى موجود وبالطبع روح الأنثى داخلها لم تيأس ولم تترك سلاح -الزن- بل أفترشت في توسلها له بالذهاب معه، إلي أن خضع لرغبتها وبالفعل توجهت معه!
بعد ساعات وصلا الأراضي الروسية بسلام، كانت حنين تتلفت كل حينٍ ومين حولها لتظهر معالم الفرحة والإندهاش معًا على باطنها.. وصلا الي الفندق المخصص لهم، أستلم حمزة المفتاح واتجهوا نحو الغرفة بهدوء إلي أن دلفا فأخذت حنين تدور بعيناها في أرجاء الغرفة تتفحصها إلي أن وقعت عيناها على جهاز صغير على الارض.
اتجهت له على الفور ثم وقفت عليه لتبدأ بتحريك قدماها عليه وهي مستندة عليه بهدوء مستريح وقد شقت الابتسامة ثغرها... دقيقة ووجدت حمزة خلفها تمامًا يقف محيطًا اياها من الخلف ويسير بقدماه على الجهاز مثلها تمامًا، نظرت له بطرف عيناها متأففة: -تؤ، اوعى بقا يا حمزة أنا عايزة أقف لوحدي أحتضنها بقوة غامسًا وجهه عند رقبتها وشفتاه تهمس بحرارة:.
-تؤ تؤ، مش مسموح تبقي لوحدك ابدا، أنا ببقى جمبك كدة، ولو مش عاجبك أرجعك مصر على طول! رفعت كتفاها بسرعة لتخفي رقبتها قبل أن يقبلها، ولكنه سحبها ببطئ وهي تقف على قدمه برفق متشبثه بعنقه، حتى غامت يداه أسفل التيشرت يتحسس جسدها فصرخت فيه بفزع: -اوعى يا حمزة لا كفاية أنت مش بتبطل! إلتصق بها يضمها له بقوة، وبصوت هامس قال: -مش بتمالك نفسي لما بتكوني ادامي وفكرة إنك مراتي بترن في وداني.
ثم أمسك وجهها بين يداه، ليتابع بكل ذرة تهفو خافقة بأسمها داخله: -أنتِ متخيلة الفترة اللي كنت بحبك فيها وأنتِ بعيدة عني ومش شيفاني أكتر من خال، أنتِ متخيلة ٱني حاولت أقرب من واحدة يمكن اتلهي واستمتع وابطل تفكير فيكِ! شهقت هي مصدومة، لم تتوقع كل العمق في تلك الملكية التي خُتمت بدماؤه التي استنزفت بكثرة ككبش لعشقها ذاك... إلي أن أكمل قبل أن يلتهم شفتاها بنهم:.
-جاية بعد دا كله وعايزاني بعد ما بقيتي مراتي أسيبك، دا أنا هاين عليا أخدك ونفضل على السرير 24 ساعة اهو نوفر وقت! كان يُقبلها بقوة ملحوظة تشابكت بخيوط الشوق المتسرب، إلي أن ابتعد يلتقط أنفاسه مستطردًا: -كام مرة حلمت بالليلة اللي هتكوني فيها في حضني وفي سريري انا بدون أي خوف كان يتحدث وهو يتحسس وجنتاها برقة حانية، بينما هي مغمضة العينين مستمتعة بفراشات تطرب العزف فوق راية جوارحها المضطربة بحبه!
ثم تابع وهو يضع يده على بطنها وقد زينت ثغره ابتسامة حالمة: -كام مرة حلمت باليوم اللي هتكوني فيه حامل مني أنا مش من راجل غيري.. وما إن أنتهى حتى همست هي بصدق: -أنا بحبك أوووي يا حمزة لم يستطع الإنتظار اذ مزق ازرار قميصها الذي لم يتجاوب للمساته المتلهفة.. بينما شفتاه تلتهم شفتاها بجوع متشوق للأكثر حتى حملها بعد ان اسقط ملابسها بلهفة...!
دلفت لارا إلي المستشفى للأطمئنان على والدتها بعد ان اخبرت أسر بأختصار في الهاتف أنا رايحة ازور ماما وبالطبع لم يعارض بل اخبرها انه سيأتي بعد قليل، فتحت باب الغرفة وابتسامة حانية للماضي الذي ولاول مرة تشعر انه يتخذ وضع القبول! ولكن الابتسامة اختفت عندما وجدت الفراش فارغ، تلتفت حولها وحروفها تصرخ بالرعب ؛ -دكتور، يا ممرضة وبالفعل تقدمت منها الممرضة تسألها بجدية مستفسرة: -أيوة يا أنسة اتفضلي؟
لم تكن تمتلك عقل يرتب الحروف بدقة فخرجت مشعثة وهي تسألها: -فين اللي كانت هنا؟! تنهدت الممرضة مرددة في خفوت مشفق: -ربنا يصبرك، البقاء لله سقطت الجملة على أذنيها كسكين يمزق انحاؤوها لأشلاء متفرقة! أشياء تترحم من الفراق اللعين، تلك اللعنة التي وصمت بجبينها تأبى تركها...
دقيقتان يستعب فيهم العقل ما قيل لتسقط فاقدة الوعي بهمدان ليصطدم جسدها بالأرض بقوة..!هبت منتصبة وهي تصرخ بجزع مصعوق متذمر على قرار قدر و الله: -اااااااه، مامااااااا وجدت أسر لجوارها يربت على شعرها بحنان متألم لأجلها هامسًا: -اهدي يا حبيبتي، اهدي يا لارا وادعيلها ظلت تدفعه عنها مرددة بهذيان: -اوعى أنت كداب ماما محصلهاش حاجة أبعد عني أنا مش عايزاك جمبي سبنييييييييي.
صرخت بكلمتها الاخيرة وقد حملت تلك الحروف نوعًا من الكسرات المتتالية حتى أماتت الشعور.. ليحتضنها بقوة وكاد يبكي حزنًا عليها بينما ظلت هي تتابع بهيسترية: -لا ماما محصلهاش حاجة أنت مجنون، هي في غيبوبة بس زي ما كانت وأكيد هتفوق، هي مش هتسبني لوحدي للي يسوى واللي مايسواش يعمل الي عايزه فيا! حاول الاقتراب منها متابعًا بتأثر: -أنا جمبك يا لارا، عمري ما هسيب حد يأذيكِ نهضت من الفراش تصرخ بجنون وهي تبتعد:.
-لا انا مش عايزاك أنت انا عايزة امي، ااااااااه يا امي، أنا لية بيحصل فيا كدة يااااااااااااااااااااارب! حاول احتضانها بقوة عله ينتشل تلك السموم المميتة من بين براثن روحها، حتى ظلت تضربه على صدره وهي تصرخ بهذيان ولم يشعر بنفسه سوى وهو يهمس لها كما كانت تفعل والدته دومًا في الصغر:.
-لية مش بنلجأ لربنا يا لارا؟ لية مش بنشتكي له، قومي نصلي، هو هيداوي، هو بيختبرك عشان ترجعيله، دا حتى اذا احب عبدًا ابتلاه قومي نصلي يا لارا، قومي نصلي يا حبيبتي وندعيلها!
دلف مُهاب مرة اخرى الي المنزل يصرخ باهتياج بحثًا عن فريدة ووالدتها: -فريييييدة، انتوا فييين بينما كانت سيلين تركض خلفه وهي تحاول إيقافه بقلق حقيقي: -استنى بس يا مُهاب، ارجوك استنى طب ولكنه لم يكن ينتبه لها، كان الغضب الحقيقي يتآكل عقله كمرض لم ولن يكتشف له علاج! الي ان أتت تهاني على صوته العالي لتسأله ببرود: -أية في أية يا مهاب عايز أية؟! كان يحدق بها بجمود ثم هتف فجأة وكأنه يبحث عن معارضة الرياح:.
-أنتم اللي قتلتوا أبويا! إرتجف جسد فريدة بأكمله وكلماته تدق باب الخطر داخلها، بينما حاولت تهاني النطق بثبات: -أية الي أنت بتقوله دا! ما أنت عارف من بدري ان ابوك مات بسكتة قلبية.. اقترب منهم ببطئ هامسًا: -بس انا ماحكيتش اي حاجة، والمفروض انكم متعرفوش حاجة عني، عرفتي ازاي انه مات بأزمة يا تهاني؟!
شعرت بالحروف تهرب من بين جوفيها لتتركها في معركة أعلنت خسارتها قبل بدأها حتى، لتبدأ فجأة فريدة في البكاء وهي تخبره باختصار: -والله يا مهاب ما قتلنا حد، أحنا خطفناه مش أكتر وهو مات لوحده! لم يشعر بنفسه سوى وهو ينقض عليها يكيل لها الصفعات بجنون، طاقة سلبية هائلة تفرجت بين اوردته ترفض الكتمان بعد الان..! لم يستطع احد أن يفصله عنها، وبدا وكأن عقله قد فر هاربًا ليتركه يتصرف دون تحسب...
ليسحبها فجأة من يدها مرددًا بجنون: -أنا هندمك على أغلى حاجة تملكيها يا فريدة، وامك تعض على صوابعها العشرة! لم يسمع نداءات سيلين المتكررة له متوجسة: -مهاب استنى لو سمحت، مهاب انا اتصلت بالبوليس سيبها ارجوك عشان ماتندمش! ولكنه لم يكن بكامل قواه العقلية، كان مصدر العقل مُخدر، ومهوى القلب مجروح بالجزر... ف بدا ك مُنتقم لا يدرك وسيلة انتقامه!
ذهلت سيلين وهي تسمع صراخ فريدة المرتعد بعدما أغلق مهاب الغرفة عليهما معًا...!
نهضت حنين من الفراش جالسة تتأوه بصوت مسموع وقد تقلصت ملامحها بشكل مقلق، فاقترب حمزة الذي كان يجاورها الفراش متساءلاً بقلق: -مالك يا حنيني؟ أنا وجعتك..! هزت رأسها نافية وهي تخبره بنبرة مختصرة ؛ -لا بس حسيت بوجع في بطني فجأة.. أحاط وجهها الأبيض بيداه هامسًا بصوت مسموع: -طب نامي وأنا هقوم أطلب دكتور الفندق هزت رأسها نفيًا بلهفة: -لا لا مش لدرجة دكتور، أنا بقيت كويسة.
تنهد بقوة وعمق، ليسحبها لأحضانه ببطئ وهو يربت على خصلاتها بشرود... وهي الاخرى كانت أصابعها تعبث بصدره العاري دون أن تشعر، وكأن طرب دقاته أمات تحكم العقل! فأمسك بيداها وهو يردف مشاكسًا: -وترجع تقولي أنت مابتكتفيش! شوفتي أنا برئ أنتِ اللي بتجريني للرذيلة وانا بحبها تعالت ضحكات حنين المرحة على عبثه، لتقترب منه لاول مرة مرددة بجرأة بدأت تدسها وسط لجام نفسها ببطئ:.
-أنا مش بجرك، أنا بقولها صريحة، أنا بحبك وعايزاك، عايزاك تفضل جمبي على طول! وضع أصبعه على شفتاها ليغمز لها بطرف عيناه هامسًا وكأنه يخشى فرار حروفه لمسقط الواقع: -اششش، احسن مراتي بتغير عليا جدا وممكن تعمل فيكِ حاجة لو سمعتك بتقولي كدة ضحكت حنين بفرح، وأغمضت عيناها فجأة عندما شعرت بأصابع حمزة تسير بحركة دائرية على ظهرها لأخره، فهمست بصوت مبحوح: -حمزة... همهم وهو يقترب ملتصقًا لها: -امممم؟
تشبثت بعنقه عندما شعرت به يكاد يبتعد ببطئ فأكملت همسها الملتهب: -ماتبعدش، خليك، قرب! ولم يكن محتاج أكثر لينقض مرة اخرى يلتهمها ببطئ متمهل، شوقه لها لا يقل في كل مرة وكأنه يتزوجها لاول مرة وليس انها تحمل طفليه!