رواية تعويذة عشق للكاتبة رحمة سيد الفصل الثالث والعشرون
دقائق لم تستعب فيهم ما يقوله، دقائق والعقل ملخوم بين شظايا الصدمة الواقعية اسفًا...! حتى صرخت بصوتًا عالي هز الجدران من حولها: -أنت مجنووووون، جوزي مين اذا كان أنا اصلاً متجوزة! ثم سألته متجمدة: -ثم إني جيت هنا ازاي اصلاً، أنا، أنا كنت ف البيت وفي اوضتي و، آآ وحمزة ثم زمجرت فيه متساءلة بقلق: -أنت عملت ف حمزة حاجة صح؟! هز رأسه نفيًا ببرود كاد يصيبها في مقتل، ثم أخبرها بسماجة:.
-تؤ، مهو ابن عمي بردو يا حنونتي ماقدرش أأذيه! كانت نظرتها متخشبة وهي تحدق به، بدا لها ك طيفًا للشيطان يُهدد اتزانها، وخاصةً وهو يتابع بمكر: -أصلك ساعدتيني اوي إني اديكي المخدر لحد ما نوصل هنا بدل ما استخدم العنف، اما حمزاوي مكنش في البيت ف ساعدني اوي هو كمان اقترب منها ببطئ ليفرد خصلاتها وعلى وجهه ابتسامة ودت حنين لو تمحيها من قاموس السعادة نهائيًا.. فأكمل هو ببرود ثلجي:.
-أكيد دلوقتي دايخ عليكِ السبع دوخات، اه اصلك غالية اوي على أي حد يا حنونتي، وخصوصاً عليا قالها وهو يقرب خصلاتها من أنفه، لتهز هي نفسها حتى تبتعد عنه، ثم بصقت في وجهه قبل أن تردف بجزع: -منك لله، ربنا ياخدك يا شريف ويريح الناس من شرك وشر امثالك مسح وجهه بيداه ببرود يعيق إنفجار الغيظ الذي يتفجر داخله.. ومن دون مقدمات كان يصفعها بكل قوته وهو يهتف من بين أسنانه:.
-هياخدنا سوا يا روحي، عزرائيل مش مستنيني لوحدي! بدأت هي تصرخ بقوة وشعورها بالعجز قاتل: -سيبني يا حيوووان، سيبني يا كلب يابن ال* انت اخرك زي الشيطان توسوس باللي أنت عايزه، لكن ماتقدرش تقف راجل لراجل لانك مش راجل اصلاً تلقت صفعة اخرى قوية منه حتى دمت شفتاها.. فمد إصبعه يمسح الدم الذي لطخ شفتاها ببرود هامسًا بنبرة ذات مغزى: -ماتستفزنيش يا حنونتي عشان ماتجننش أكتر، أنتِ عارفاني متهور وممكن أعمل أي حاجة.
ثم دنى منها أكثر حتى إلتصق بها ونظراته معلقة بجسدها الذي إرتعش من نظرته المقززة: -أي حاجة يا حبيبتي، أي حاجة تتخيليها! عادت هي تصرخ علها ينجدها أي شخص من ذاك السجن الذي لا تدري ما هو حتى الان: -ساعدوووووني، Help me please! ولكن ما من فائدة، ولكن انفتح الباب فجأة ليدلف طاقم يبدو من ملابسهم انهم ممرضات.. اقتربت من حنين مسرعة وهي تردد بنبرة مهذبة: -Relax Mrs Jakleen relax please!
ظلت تهز رأسها نافية وهي تصرخ بفزع: -چاكلين مييين أنا اسمي حنين، سيبوني اوعوا كدة ازداد نحيبها وهي ترى تلك الممرضة تخرج -حقنة- ما ليكبلوا ذراعها حتى تعطيها اياها... بدأت حنين تشعر بقواها تخور، وثباتها يتراخى رغمًا عنها.. حتى أغمضت عيناها باستسلام، واخر ما تردد بعقلها هو همس ذلك الحقير بجوار اذنيها:.
-اصلك هنا مدام چاكلين مراتي اللي نفسيتها متدمرة من ساعة وفاة والدتها، يوووه هو انا مقولتلكيش؟! اصل دي مصحة يا روحي...!
فلاش باك قبل الخمس ايام عند سيلين##... كانت سيلين تجلس لجوار والدتها التي كانت تسير ذهابًا وايابًا في ارجاء المنزل، الغيظ يتأكلها والصدمة تنحتها كلما تذكرت ما سردته سيلين على مسامعها الان...! نظرت لها صارخة بنبرة حادة مغتاظة حد الجنون: -اسمعي بقا، أنتِ هتطلقي فعلاً من الواد دا ابتسمت بسخرية مندرجة تحت بنود الصدمة، لتتابع بخشونة ضائعة:.
-بس احنا منعرفش حتى انا عملت أية بالظبط! أنا مادريتش الا وهو نازل فيا ضرب وبيطردني ضربت والدتها قدميها وهي تردد منتحبة: -مهو دا اللي هيجنني، إنك معملتيش حاجة او مش فاكرة هو بيحاسبك على أية بالظبط نهضت سيلين فجأة تقول بقوة ظاهرية كانت كسد منيع يمنع تلك الأمطار المتدفقة من الهطول: -أنا هروحله، لازم افهم أية اللي حصل يا ماما شهقت مصدومة، ثم سرعان ما كانت تجزم الامر بصلابة لا تقبل التدخل:.
-عايزة تروحيله بعد ما رماكي بالبرنس بتاع الحمام يا سيلين؟! عايزة ترجعي للي كان هيخلي خلق الله كلهم يتفرجوا عليكِ لولا ستر ربنا ان الشغالة جابتلك العباية والطرحة تلبسيهم؟! لية ان شاء الله كنتي لقيطة ولا مجوزينه غصب عنه، مرواح مش هتروحي خلصنا كانت كلمات والدتها تمزقها داخليًا دون أن تدري.. كانت بمثابة إنفجرات تدوي داخلها ولكن بالكتمان، الكتمان الذي كان أصعب من الإنهيار نفسه...!
اومأت عدة مرات بلا معنى، ثم نهضت تجر اقدامها بصعوبة نحو غرفتها، لتنهار داخلها باكية بعنف... عودة للوقت الحالي##.
إنتبهت لوالدتها التي دلفت إلي باب المنزل لتوها، بعد مقابلتها الأكيدة ل مُهاب بعد رفضه مقابلة اي منهم طوال تلك الخمس ايام... نهضت لها مسرعة تسألها مستفسرة بقلق: -ها يا ماما رضي يقابلك المرة دي؟ اومأت مؤكدة وهي تجلس على الأريكة لجوارها، فسألتها سيلين متوجسة رغم ان -الجواب باين من عنوانه - كما يقولون: -وحصل أية يا ماما؟ قالك أية ولا قولتيله اية؟!
رفعت يداها مشيرة لها ببعض الاوراق قائلة بغيظ واضح بين معالم نبرتها: -قالي اية يعني الواطي دا، طلقك خلاص زي ما احنا عايزين يا سيلين! الصدمة التالية هي التي أثرت في عمق شعورها بحق... شعرت أن الكيان الذي بنته معه خلال تلك الأيام ينهار امامها رويدًا رويدًا.. لم تسترد الأنثى الكرامة، ولم تُعطى الروح الاكسجين، بقي فقط الجسد يتلاطم بين امواج تلك الصدمات! وقفت بصعوبة وهي تهمس ببلاهه: -طلقني!
اومأت والدتها التي نهضت تقف لجوارها رابتة على كتفها وهي تقول بجدية: -بكرة ربنا يعوضك بسيد سيده يا سولي، كلب وراح، دا الرجالة زي الرز!
سارت نحو غرفتها وافكارها تتخبط صدمةً، لا تدري لمَ تعاكسها تيارات تلك الحياة كهذا؟! أغلقت باب غرفتها، وكانت تلك اشارة لدموعها الساكنة بالحرية... فأصبحت دموعها تهبط بغزارة صامتة وهي تضع يدها على بطنها هامسة بصوت بالكاد يسمع: -طب وأنت، وأنت مش هتشوف ابوك من قبل ما تيجي الدنيا حتى!؟
كان أسر يسكب الشاي في الأكواب له ول لارا التي ارتضت تناول الطعام اخيرًا، شعر ببداية الطريق المظلم وكأنه يُنار له رويدًا رويدًا؟! ولكن ما يعكر مزاجه حقيقةً، هو إختفاء حنين المفاجئ والذي اخبره به مُهاب بدلاً عن حمزة الذي كاد يجن منذ قليل... انتهى بوضع بقصمات على الصينية ثم اتجه نحو الخارج.. وصل إلي الغرفة ففتح الباب بقدمه يبحث بعيناه عن لارا التي إنخلع قلبه رعبًا من عدم ظهورها...
فظل ينادي بقلق حقيقي: -لارا، لارا أنتِ فيييين؟! سمع صوتها من المرحاض ترد على مضض: -في الحمام أسكت بقا ابتسم في حنو رغمًا عنه على غيظها المتناثر بين سطوة حروفها دومًا... ليضع الصينية على الكمودين ببطئ ثم جلس على الفراش منتظرًا اياها حتى تخرج.. وبالفعل خرجت بعد دقيقتان تقريبًا، مرتدية ذلك الفستان الذي انتقاه لها خصيصًا حتى ترفضه وتعانده كعادتها...
كان أحمر يصل حتى ما قبل ركبتيها، ضيق يكشف عن مفاتنها، ومفتوح عند منطقة الصدر... ظل محدقًا بها مبهوتًا من مظهرها المثير خاصةً وقطرات الماء تتساقط من خصلان شعرها المبلل! مظهرها آخذ بشكل مُقلق...! فكر وهو ينظر لها، فهتفت هي متذمرة عندما نظرت لنفسها في المرآة: -أنت ملاقيتش غير الفستان دا؟! اومأ مؤكدًا بخبث: -طبعًا يا لورتي امال هكذب عليكي، كل الهدوم ضاعت صدقيني!
تأففت بضيق، فهي بالفعل تفقدت ذاك الدولاب اللعين ولم تجد أي شيئ لها.. حركت ذراعها وهي تهمس بحنق: -مضايقني اوي انا واخده على الوسع مابحبش ألبس كدة اتسعت ابتسامته الشيطانية، ثم اقترب منها ببطئ حتى ظلت هي تعود للخلف بتوتر.. حاصرها عند نهاية الغرفة بين الحائط، فابتلعت ريقها وهي تسأله ببلاهه متوترة: -اية؟ شعرت بيداه تطوق خصرها، وببطئ مثير ترتفع أصابعه نحو -سحاب- فستانها... فشهقت هي تحاول الابتعاد بارتعاد قلق:.
-أنت بتعمل أية أنت مجنون؟ هز رأسه نفيًا ببساطة: -هفتحلك السوسته يا لورتي مش هو مضايقك؟ إحتدت نظراتها حتى بدت كسيوف احتدت في بداية حرب مجهولة الأطراف، ثم قالت: -بقولك أية، متحاولش تقرب مني والا اقسم بالله هصرخ وهلم الجيران كلهم على صوتي! هز رأسه نافيًا، ثم بدأ يقترب منها أكثر حتى أصبح ملتصقًا بها، فهمس امام شفتاها: -وهو انا قولت إني هقرب بردو، الا اذا كنتي أنتِ... وقبل أن يكمل كانت تزمجر فيه بحنق:.
-لا اسكت اسكت مش انا.. ضحك هو بخفوت، ثم همس بصوت مبحوح: -بحبك...! كانت تحدق به بصمت، عيناها معلقة بعيناه بشرود حانق سلب تمردها، اقترب هو منها ببطئ، ثم هبط بشفتاه يلتهم شفتاها في قبلة ناعمة، رقيقة ومتطلبة، زادت جرأته عندما شعر باستكانتها بين ذراعيه..
فكانت اصابعه تعبث في ذاك الفستان، عندها دفعته هي بقبضتها الصغيرة وهي تلهث، تمامًا مثله وهو ينظر لها بجوع، رغبة يكمنها داخله نحوها منذ ان وقعت عيناه عليها.. جذبها له من خصرها النحيل وهو يهمس بحرارة: -بعدتي لية!؟ هزت رأسها نافية فوقعت قبلاته على رقبتها البيضاء، فدفعته مرة اخرى بقوة وهي تصرخ: -ابعد عني.. ظلت تتنفس الصعداء حتى تابعت بصوت متهدج مشيرة له بيدها:.
-ماتحلمش انك تلمسني يا اسر انسى، انا مش هبقى خاضعة لرغباتك القذرة تاني ابدا! عند نهاية جملتها كان يدفعها بعنف حتى اصطدمت بالحائط بقوة من خلفها فزمجر فيها هو: -كفاااااية بقا كفاااية ثم غادر تاركًا اياها تسقط ارضًا شاهقة بعنف تحتضن نفسها بذراعيها بألم...
بعدها بفترة... كان حمزة يدور في المنزل بجنون، لم يترك مكان الا وبحث فيه، ولكن وكأن الارض انشقت وبلعتها كما يقولون! كانت الافكار السوداء تتزاحم بعقله.. رن هاتفه فأخرجه بلهفة ومهاب واسر يتابعانه بقلق.. فأجاب مسرعًا بصوت اجش: -الوو مين صمت حوالي دقيقتان او ثلاثة يستمع ثم نطق بكلمة واحدة: -تمام، موافق! أغلق الهاتف ليسارع أسر يسأله: -مين يا حمزة وعايز أية؟ اجابهم بلا تعبير واضح:.
-شريف، شريف الي خطف مراتي يا أسر، قالي على حته كدة هروحها هلاقي طيارة مستنياني هتوديني عنده! ثم اصبح يلقي بكل شيئ امامه وهو يصرخ بغضب جنوني: -اخدها بلد تانية ابن ال* هز أسر رأسه نفيًا ثم اخبره بجدية: -مينفعش طبعا تروح، لازم تستني البوليس صرخ فيه حمزة بحدة: -لا طبعاً، انا مش هستني 24 ساعة يعدوا عشان يتحركوا، انا رايح دلوقتي، دي مراتي يا اسر نهض مهاب هو الاخر ليهتف بصوت متزن: -كدة انت بتخاطر يا حمزة.
لم يرد عليهم وانما انطلق يغادر دون ان يأبه لهم... ركب سيارته راكضًا نحو المكان الذي اخبره به شريف..
بعد فترة وصل الي مكان ما.. ركب الطيارة المجهولة بالفعل، وخلال ساعات كان يصل لمكان لا يدري حتى ما هو.. هبط من الطيارة والنيران تتآكله، وقعت عيناه على شريف الذي كان يقف امام سيارة، لم يكاد يتحرك حتى وجد رجال يكبلونه بقوة فصار يصرخ بحدة: -اوعوا كدة سيبوني يا كلاااااب ولكنهم لم يأبهوا له، استدار له شريف لتتسع ابتسامته وهو يشير له: -اخيرا يا رااجل؟ اهلا بالغالي، كنت عارف انك مش هتيجي الا بالطريقة دي.
سأله حمزة بقلق حارق: -فين مراتي يا شريف هز رأسه نفيًا ببرود وهو يشير للأرض، ثم قال بحدة شيطانية: -تؤ تؤ، هنا، على الارض دي وادام الناس دي، حنين مراتي يا حمزة، مراتي يعني عايشة معايا، اخد منها حقوقي، ومش بعيد اخلف منها صبيان وبنات ونعيش في تبات ونبات صرخ حمزة بجنون وهو يحاول الافلات من بين يدين هؤلاء الرجال.. فأكمل شريف بحقد:.
-امال انا جايبك هنا لية؟ عشان احرق قلبك عليها زي ما انت بتحرق قلبي على كل حاجة حلوة ف حياتي وبتاخدها مني! فتح السيارة لتهبط حنين مسرعة تنوي الركوض نحو حمزة الذي تنفس بارتياح ما ان رأها سالمة، ولكن ذراعي شريف حاصرتها بقوة فصارت تصرخ باكية نحو حمزة: -جييييت لية يا حمزة حرام عليك، جيت ليييية دا هايدمرررررررك! اشار شريف نحو الرجال ليقتربوا من حمزة حاملين في ايديهم حقنة ما..
وبالطبع ادركها حمزة الذي اتسعت حدقتاه بفزع خاصة وهو يسمع شريف: -كدة بقا انا هخليك تهدى خالص، مش هتعرف تاخد مني حاجة تاني، لا حلوة ولا وحشة! ثم اشار للرجال، ولكن حمزة ظل يقاوم بكل قوته، يعافر وهو يرى الموت على اعتاب حياته! لا عفوا، الموت راحة الان... هو يرى الدمار يحرق الصافي من حياته! نطق اخيراً بصراخ نحو شريف: -طب سيبها، سيب حنين وهعملك كل اللي أنت عايزه.
نظر له شريف بشك، ثم اومأ موافقًا بخبث ليترك حنين تركض مقتربة منه، وقبل ان تصل له كان الرجل يحقن حمزة الذي شعر بتلك السموم تجري بين دماؤوه... سقطت حنين لمستواه لتشهق باكية وهي تحتضنه مرددة بنحيب مقهور: -لااااا، حمزززززة، يااااربي دا حرام والله حرام اصبحت تهزه بقوة وهي ترى قواه تستكين رغمًا عنه رويدًا رويدًا فصاحت بهيسترية: -لا يا حمزة أنت مش هتبقى مدمن لا مستحييييييل.
ولكن الجرعة التي حقنوه بها كانت اقوى منه ومنها، فكان جسده يتبلد ببطئ، ولكنه رفع يده يربت على شعرها بحنو هامسًا بصوت سمعته بصعوبة: -هششش، اهدي يا حنيني ارتمت بين احضانه تبكي بعنف متشبثة بأطراف قميصه: -حمزة رد عليا، ماتستسلمش يا حمزة، انت مش هتاخدها تاني صدقني، حمزة قوم فووق والنبي ولكنها كانت تناجي في ميت!
في جسد سُلب منه العقل رغمًا عنه، لم تمر نصف ساعة حتى وجدت شريف يسحبها مرة اخرى بالقوة متجاهلاً صراخها الذي صم اذنيه، في اليوم التالي..
كانت حنين تقف مع شريف باكية بالطبع امام الغرفة التي يقطن بها حمزة، تسمع تأوهاته العالية التي تدل على حاجته لتلك السموم.. صارت حنين تتوسل شريف كالأطفال بألم: -والنبي خليني ادخله، ارجوك سيبني ادخله مط شفتاه ببرود ثم اشار لها بالدلوف، فركضت نحو الداخل، بينما قال الرجل لشريف بثقة ؛ -شوفت يا باشا، دي مش اي جرعة، دي جرعة امريكي ومش قليلة، يعني اعتبره بقا تحت امرتك خلاص.
بينما في الداخل كان حمزة حالته مرزية، فصار يسأل حنين بصورة غير طبيعية بالمرة ؛ -حنين هو فين، فين شريف، فين ام الحقنة؟! كانت حنين تحتضنه بلهفة وهي منخرطة في بكاؤوها وتردد بضعف ؛ -اسفة يا حمزة اسفة، انا السبب يا حبيبي انا السبب ابعدها عن احضانه وهو يصرخ بجنون مزمجرًا ؛ -فييييين الحقنه يا حنييييين.. ثم صار ينادي ؛ -شرييييف، انت فين حاولت حنين الاقتراب منه وهي تهمس مبتلعة ريقها بصعوبة ؛.
-حمزة حبيبي اهدى عشان خاطري، أنت لازم تقاوم يا حمزة! لم يكن المتحكم بتصرفاته، فصار يصفعها بقدر حاجته لتلك السموم وهو يصرخ بصوت عالي: -ملكيييش دعوة بيا، غوري من هنا، غوووري سقطت على الارض منكمشة في نفسها تبكي بارتعاد حقيقي من حالته تلك.. لتجده يهبط محتضنًا اياها وهو يهمس بضعف لاول مرة يتلبسه: -مش قادر يا حنين، مش قادر انا عايز الحقنه هموووووت!
رواية تعويذة عشق للكاتبة رحمة سيد الفصل الرابع والعشرون
في الخارج امام تلك الغرفة التي شهدت سموم الضعف التي اخترقت مسام حمزة ولأول مرة.. كانت شذى تقف لجوار شريف الذي كان يدخن بشراهه وهو يهتف في حنق كان كالضبابية على سعادته بما حققه: -مش عارف أعمل فيه أية تاني عشان تبعد عنه وتكرهه؟! ضربها وبرضه مصممة وعمالة تعيط عليه وتحضنه! مطت شذى شفتيها لترد بصوت ساخر: -إنه العشق يا سيدي رمى شريف السيجار ارضًا، ولا يدري أي شيطان ذاك وسوس له بجنون أقتله !
فاستدار لها ليخبرها بشراسة: -أنا بفكر أقتله واخلص شهقت شذى مصعوقة، وسرعان ما كانت تهز رأسها نافية بقوة: -لا طبعًا، على الله يا شريف، قسمًا بالله لو عملت كدة لاقلب كل حاجة على دماغك، وماتنساش أنك معملتش كل حاجة لوحدك وقفت أمامه مباشرةً، لتمسك ياقة قميصه، وبتحذير تخفى وسط حروفها المرحة قالت:.
-أنا اللي جبتلك فلوس من ابويا بالاضافة لفلوسك اللي لميتها من بره عشان تسفره بطيارة خاصة هو وحبيبة القلب، وانا اللي بساعدك، ياريت ماتنساش دا يا حبيبي عشان مانخسرش بعض على حاجة تافهه ثم ابتعدت قائلة بصرامة: -حمزة مش هيحصله اي حاجة الا الحقن بس، ودا عشان يرضى يطلقها، غير كدة مكنتش طاوعتك ابدًا! نظرة ثاقبة أخترقتها منه، قبل أن يشيح بناظريه عنها مرددًا بحماس واضح: -طب يلا ندخل نشوف.
وبالفعل دلفا كلاهما، لتتسع أبتسامة شريف وهو يرى حمزة على حافة الإنهيار، يوشك على قتل أي شخص امامه طلبًا لتلك السوم! وكأنها كانت كقطعة سوداء منعت إرشادات العقل من التحكم فصار كالأعمى يتبعها فقط...! وما إن رآه حمزة حتى هجم عليه يكيل له اللكمات صارخًا فيه بجنون: -يابن الكلب يا * أنت هتفضل عمرك شيطان و * أصل اللي زيك حُثاله أخرهم يعملوا حركات ال* دي عشان يوصلوا للي هما عايزينه.
فصلوه بصعوبة عنه ليلهث شريف وهو يحاول إلتقاط أنفاسه بصعوبة، بينما حاولت حنين إبعاده وهي تهمس من بين دموعها: -حمزة عشان خاطري سيبك منه، هو عايز كدة، عايز يحرق دمك وخلاص! كان حمزة يحدق به بحدة قاتلة خدشت سنونها ثبات شريف الواهي، بينما كانت شذى تتابعه بأعجاب واضح! رغم ما فعلوه به، إلا انه فعلاً يليق به يا جبل ما يهزك ريح ...! وما كان ذلك إلا ختمًا للتأكيد على صواب رشد عشقها له!
بينما قال شريف بحرقة وهو يختطف حنين من بين ذراعيه بقوة: -أنا هعرف ازاي اسكتك يا حمزة، لا هيروين ولا حنين، وابقى وريني هتعمل أية حاولت حنين التملص من بين ذراعيه بصعوبة وهي تتشبث بذراعي حمزة الذي هاج كالثور يخبطه بالحائط خلفه بكل قوته حتى نزفت رأسه وسقط فاقدًا الوعي... شهقت شذى وهي تنادي على الحرس بسرعة: -چووون، روبييييير.
وبالفعل خلال ثواني كانوا يأتوا ليحملوا شريف بسرعة، وكاد شخصًا منهم يهاجم حمزة الا أن شذى اشارت له بالعودة وهي تأمره بحدة: -Go! غادروا بالفعل، لتقترب من حمزة الذي كان ينظر لها شزرًا، لتلتصق به رغمًا تخشبه لجوارها وهي تهمس: -وهو أنت عاجبني من شوية يا روحي! أنا اختياري عمره ما يكون غلط دفعها عنه بعنف مزمجرًا: -غوري من وشي، ما أنتِ زبالة و* زيه ابتسمت بسماجة ثم قالت مبتعدة: -ماشي، مقبولة منك المرادي.
ثم أستدارت لتغادر، واشارت لهم أن يغلقوا الباب خلفها..! سمعوا صوت المفتاح فهاج حمزة وهو يدب على الحائط صارخًا بنفاذ صبر: -اه يا ولاد ال... اقتربت منه حنين تربت على كتفه برفق هامسة: -اهدى يا حمزة، اهدى يا حبيبي عشان خاطري ظل يهز رأسه نفيًا وهو يهذي بلا توقف: -مش قادر يا حنين، حاسس اني هموت لو مخدتهاش، انا عايزها مش مستحمل! هزت رأسها نافية هي الاخرى وهي تقترب منه مغمغمة:.
-لا يا حمزة، لو اخدتها تاني مش هتقدر تستغني عنها، انما دلوقتي في ايدك الفرصة انك تقاوم كان يتمتم بصورة هيستيرية: -مفيييييش حاجة تشغلني عنهاااا، انا تعبت! كان يصرخ بصوت عالي، وفجأة توقف وهو ينظر في الاعلى هنا وهناك وكأنه يتأكد من عدم وجود شيئ للمراقبة! ودون مقدمات كان يشق القميص الذي ترتديه حنين نصفين، لتصرخ هي فيه بفزع: -أنت بتعمل أية يا حمزة أنت اتجننت!
الصقها به عنوة وهو يهجم عليها ليرد من بين أنفاسه اللاهثة ضياعًا: -لا، بس هتجنن لو فضلت كدة..! حاولت الإبتعاد عنه فدفعته بقبضتيها عند صدره ولكنه لم يزحزح انش واحد بل هبط بشفتاه يقبلها بعنف عند رقبتها وما بعدها.. فصرخت هي فيه بنبرة على حافة البكاء: -لا يا حمزة هنا مينفعش، ابعد عني!
لم يأبه لها وإنما جعلها تتسطح على الأرض عنوة وهو فوقها، جاهدت هي في إبعاده وكان هو يحاول تمزيق تلك الملابس فصارت تبكي بعنف وهي تهمس بصوت مبحوح: -لا يا حمزة، بالله عليك لا ولكن وكأنه كان في دنيا اخرى، دنيا يحاول فيها إنهاء تلك الرغبة للسموم برغبة اخرى قد تكون اخطأت الوقت...! ظلت تهز رأسها نافية لتسقط قبلاته عند رقبتها، بينما يده تكبل يداها للأعلى..!
وعندما يأست من ابتعاده صارت تردد بلا توقف بصوت شبه هيستيري: -لا يا حمزة، أنا حامل، والنبي بلاش، انا حامل والله..! تجمدت حركته عند جملتها تلك! وكأن عقله بدأ يعمل لتوه، ابتعد عنها ببطئ شديد لتهب هي منتصبة تحاول غلق ذاك القميص الممزق ليغطي ما ظهر من جسدها... بينما كان هو صامت وكأنه مصدوم، ليسحبها فجأة لأحضانه بقوة وهو يهمس اسفًا: -أنا اسف، اسف يا حنيني غصب عني!
صارت تبكي بين أحضانه بعنف وقد ارتجف قلبها بقوة هلعًا مما قد يصيب جنينها الذي لم تخبر حمزة به حتى.. فكان يربت على خصلاتها برقة رغم ما يعانيه وصوت تنفسه عالي... حتى سألها: -ازاي؟ رفعت عيناها التي احمرت من البكاء، لتجيبه بصوت مبحوح: -أنا كنت شاكه، ويوم ما كنت أنت عند مهاب انا عملت اختبار حمل وطلع ايجابي! ابتسم بشحوب، ليلصق جبينه مستندًا على جبينها، وبحرارة متألمة قال لها:.
-كان نفسي نبقى في ظروف أحسن من كدة عشان أعرف أعبرلك عن فرحتي، مبروك يا حبيبتي، الف مبروك يا حنيني ابتسمت هي الاخرى بوهن من وسط دموعها.. لاحظ هو يدها التي تحاول غلق ذاك القميص، ليشرع في خلع التيشرت الذي يرتديه متجاهلاً صرختها المصدومة بقلق: -هتعمل أية يا حمزة وجدته يلّبسها ذلك التيشرت برفق، لتراقبه هي في حنو..
انتهى ليتنهد بقوة وهو يشعر بمفعول حاجته يعود يلفح برأسه، فصار يهز رأسه بقوة وهو يهمس كازًا على أسنانه بعنف: -لا، مش عايزها وسرعان ما قال بضعف: -بس مش قاااااادر، فاض بيا وجدت نفسها تهمس بألم لأجله: -لو دا هيهديك ويخليك تبطل تطلب الزفته دي يبقى خلاص، اعمل اللي أنت عايزه قالت كلمتها الأخيرة وهي تقترب منه وكأنها تقدم نفسها له، فدفعها عنه بعنف مزمجرًا بغضب: -اوعي يا حنين ماتخلنيش اتغابى عليكِ.
بدأت تبكي مرة اخرى وهي تسأله: -طب اعملك أية يا حمزة، اعمل اية بس ياربي صرخ فيها بحدة عالية: -ماتعمليش حاجة تغوري تبعدي عني بس!
مرت حوالي ساعة حتى وجدوا الباب يُفتح وشريف يدلف كالشياطين وقت إحمرارها حد الجنون.. نظر لحنين المتكورة بصمت تبكي، وحمزة الذي كان يسير ذهابًا وايابًا... ليشير للرجال من خلفه وكانوا نفسهم الذين اعطوه الحقنه في المرة السابقة، ليقتربوا من حمزة ناوين أن يعطوها له مرة اخرى.. فصارت حنين تصرخ باكية وهي تركض نحو شريف: -لا يا شريف والنبي لاا، وحياة اغلي ما عندك بلاش، عشان خاطري يا شريف ارجووووووك!
إنتحبت كلمتها الاخيرة وهي ترى حمزة شبه مستسلم لهم، فكادت تركض له صارخة بهيسترية: -لا يا حمزة، والله لو استسلمتلهم ما هيجمعني بيك خير تاني ابدا كان يُعد في صراع نفسي ما بين الألم الذي كاد يفتك به وبين حنين الضائعة تصرخ به.. وكأنه في جهنم الدنيا، من يمينه عذاب ويساره اخر! ولكن نار موسى أحسن من جنة فرعون كما يقولون..!
نفضهم عنه بقوة وصار يصارعهم حتى لا يعطوها له، وشريف يكبل ذراعي حنين، وعندما يأس من استسلام حمزة اقترب منها هامسًا: -والله لو ما اخد الحقنه هقتله دلوقتي وقدام عينك نظرت له بحدة متألمة مذبوحة كضحية ذئاب دنيوية، ثم همست بغل: -أنت أية يا اخي، لا بترحم ولا بتسيب رحمة ربنا تنزل، أنت شيطان! ضغط على ذراعها بقوة حتى تأوهت، ثم قالت له مسرعة: -طب خليهم يسيبوه وأنا هخليه يطلقني، مش هو دا اللي أنت عايزه؟!
لمعت عيناه بمكر، وبعد تفكير دقائق في تلك الغنيمة اومأ موافقًا بخشونة: -تمام، بس وحياتك يا غالية لو لعبتي بديلك أنتِ وهو لاكون قاتله وقاتلك في يوم واحد! كزت على أسنانها بحنق، وغمر الأرتياح ملئ روحها وهي تسمعه يأمرهم ألا يعطوه الحقنه، فرموها ارضًا عن عمد واستداروا ثم نظرت له مرة اخرى لتهمس بثبات: -سيبني معاه الليلة دي بس، هقنعه! ومحدش يجي هنا ابدا لحد بكرة في نفس الوقت.
اومأ موافقًا وهو يفكر، لتمد يدها له قائلة بحدة: -المفتاح؟ سألها بعدم فهم: -مفتاح أية شددت على حروفها بصلابة حادة كأطراف سكين وهي تخبره: -عايزة مفتاح الاوضة دي، عشان لو حد دخل هيبقي كل حاجة بح! وابقى قابلني لو عرفتوا تخليه يطلقني كان ينظر لها بحيرة، هو لا يملك سوى ذاك المفتاح! ولكن ما المانع اذا كانت الغرفة مغلقة من كل الجوانب حتى الشرفة لا توجد فيها، فليوافق اذن..
فكر بخبث ليخرج المفتاح من جيب بنطاله ثم يعطيه لها مستطردًا بعبث خبيث: -خدي، اتأمري براحتك، بكرة تبقي مراتي وساعتها بقا هاخد منك حق القديم والجديد بطريقتي نظرت له بازدراد وهي تكتم بداخلها تلك الكتل المستعرة، ليشير للرجلان نحو الخارج وهو يلقي نظرة اخيرة على حمزة الثائر حد الجنون، خرجوا جميعهم لتقترب حنين من حمزة محتضنة اياه وهي تهمس له بوله: -حمزة أنا بحبك أوووي، أوعى تضعفلهم!
رغم ضعف همستها التي زرعتها بين جوارح شعوره، إلا أنها حصدت استجابة ملحوظة وهو يبادلها الهمس في محاولة للغفل عما يراوده من ذاك الشعور: -صدقيني هحاول عشانك أنتِ قبل نفسي حتى! دنت منه قليلاً، وخمدت ذلك الشعور بالموت البطيئ والفكرة تقتحم عقلها كالتتار في أقسى حروبهم، وبصوت جامد هتفت له: -أحنا لازم نتطلق يا حمزة!
دلفت فريدة بخطى بطيئة وقد تكون مُثيرة نوعًا ما إلي غرفة مُهاب الذي كان يجلس واضعًا يداه على رأسه.. وقفت خلفه تمامًا وهي تسير على أطراف أصابعها، ثم مدت يدهت تُدلك رأسه ببطئ ناعم.. بطئ سقط عليه كدلو من الثلج أواخر ليلة عاصفة، فهب منتصبًا يصرخ فيها بعصبية ملحوظة: -أنتِ أية اللي جابك هنا يا فريدة؟! رفعت كتفيها تتمتم ببراءة مرسومة بدقة: -بدلك لك راسك عشان الصداع يخف بس يا حبيبي!
-لا محدش طلب منك تدلكي حاجة على فكرة قالها وهو يتنفس بصوت عالي أخبرها مدى مُعاناة في السيطرة على البركان المشتعل داخله، لتسرع مرددة في تساؤل خبيث: -مالك يا ميهو؟ من ساعة ما البت دي مشيت وأنت متعصب، لاتكون فارقة معاك او، او حبيتها؟! أحبها؟! سؤال سقط على مسامع العقل بفاجعة، كان كالورم الذي يخشى إنكشاف أنه يسري أسفل جلده ولا يجد له علاجاً...!
ترددت الأفكار تتلاطم بين جدران تلك الروح المختنقة، وبحدة متوترة بعض الشيئ كان يزمجر فيها: -حب أية ونيلة أية! بطلي عبط دا اولاً، وثانيًا ماتجبيش سيرة البت دي في البيت دا تاني عشان ماتحصليهاش يا فريدة -حاضر بس أنا كنت.. قاطعها بخشونة: -لا كنتي ولا مكونتيش، أنا سايبلك الجمل بما حمل ألقى عليها نظرة أخيرة جعلتها تبتلع ما كاد يغادر فاهها... ليغادر تاركًا الغرفة كزاوبع إعصار هب عليه قبلاً..
بينما ركضت فريدة للأسفل في الغرفة التي تجلس فيها والدتها لتدلف مغلقة الباب خلفها وهي تصيح: -شوفتي بقا يا ست ماما نهضت والدتها تسألها متوجسة الأجابة: -في أية يا فريدة حصل أية تاني؟ مطت شفتاها بحنق، وكادت تبكي من اليأس وهي تخبرها: -بعد كل اللي عملناه يا امي مش سايبلي فرصة أقرب منه، مش عارفه أعمله أية تاني أنا زهقت والله! تنهدت والدتها بقوة، ورغمًا عنها صدح صوتها ساخر وهي تغمغم:.
-طلعنا عين البت واديناها حبوب هلوسة وبهدلناها على الفاضي يعني!؟ صارت تهز رأسها نفيًا بسرعة، وكأن ذاك الحقد لا يرتبط بأشواك الواقع المُزال مع الدقائق، وإنما يكمن في الصميم! ثم قالت بعصبية خبيثة: -بس أنا برضه مش هستسلم، ومش هاسيبه كدة وهيأس بسهولة، دي فرصتي قبل ما ترجعله الذاكرة اقتربت والدتها منها تربت على كتفيها مرددة بفخر: -أنتِ وشطارتك بقا يا فوفو.
لم تكاد تنهي جملتها حتى سمعوا صوت مُهاب العالي يأتي من الأسفل، ركضوا مهرولين نحو الأسفل، فاتسعت حدقتاهم وهم يرون سيلين تقف أمام مُهاب مباشرة وتهمس بصوت مسموع: -أنا حامل يا مُهاب صدقني! ورد الفعل التاالي، كان يُعقد ضمن التمني..! مُزين وسط نجوم الأحلام... ولكن لم يتوقعا أن تسقط تلك النجمة بين ايديهم ويرون مهاب يدفع سيلين بقوة بعيدًا عنه حتى سقطت ارضًا.. ثم يصرخ فيها بقسوة جامدة:.
-وأنا مالي، دا مش ابني شوفي بقا أنتِ دا ابن مين!
عاد أسر إلي منزله بعد فترة طويلة قضوها هو ومُهاب في القسم متابعين لقضية إختطاف حمزة وحنين التي قدموها للشرطة... كان يشعر أنه مُنهك القوى، مُدمر من كل الجوانب وهامد الثبات! اتجه إلي غرفة لارا، فعقد حاجبيه وهو يسمع صوتها المنخفض جدًا ولكن لم يدري ماذا تقول...! دلف الي الغرفة ليجدها تجلس على الفراش وتضع يدها على بطنها بشرود، تنحنح أسر بصوت خفيض ليجدها هبت منتصبة تنظر له بخضة: -أية دا أنت جيت امتى!؟
اقترب منها ببطئ ليرد بخفوت: -لسة جاي حالااً! اومأت موافقة بسرعة، فلاحظ هو إرتجافة أصابعها التي تتمسك بطرف القميص الذي يصل لمنتصف فخذيها بصعوبة.. مهلاً مهلاً، هي ترتدي قميص نوم! وكأنه أنتبه وبقوة لتلك الفكرة التي صفعت شعوره في تلك اللحظات وهو يُطالعها بدهشة، وبالطبع لم تكن تلك المرة الاولى التي تُثيره فيها...
ابتلع ريقه بصعوبة وهو يقترب منها، بينما كانت هي تُحارب للحفاظ على ثباتها، وما إن أصبح امامها حتى عادت للخلف رغمًا عنها.. رفع هو يده يبعد تلك الخصلة الهاربة على عيناها، ليهمس بحرارة: -هو أنتِ ادامي، وكدة بجد ولا دا تأثير الإرهاق!؟ ابتسمت بملامح شاحبة قبل أن تجيبه: -لا بجد اقترب بفاهه منها ببطئ، لتضع يدها على صدره تمنعه بهدوء: -غير هدومك الاول يا أسر اومأ موافقًا بابتسامة شقت سكون التعب في قيعان مسامه...
فسألته هي برقة في محاولة للتخلص من ذاك التوتر: -هي، هي آآ ح حنين اللي جت دي مرة قبل كدة، ماجتش تاني لية؟! عاد الظلام يُخيم على قسماته كظل الليل الحالك وهو يرد ب: -إتخطفت.. هبت منتصبة تشهق بعنف، وسرعان ما كانت تسأله مصعوقة: -نعمممم، أتخطفت ازاي يعني يا اسر!؟ تنهد وقد بدأ يشرح لها: -طليقها، لما سابته عشان تتجوز حمزة صاحبي، تقريباً حب ينتقم منهم، فخطفها هي في البداية، وبعدين خطف حمزة هو كمان زمجرت بغيظ:.
-ازاي يعني هي البلد مفهاش قانون ولا أية؟ ابتسامة ساخرة تلاعبت بحبال ثغره وهو يقول: -خدهم بره مصر ابن الكلب اكيد عشان كان شغال بره مصر وعارف ناس ومعارف وهيعرف يتصرف وانا حتى معرفش هو كان شغال فين بالظبط، وحمزة ماستناش يقولنا شريف قاله يروح فين وجري بالعربية جلس بهمدان على الفراش متابعًا بهمس: -متهور كالعاده، بس تهوره دا هايقضي عليه وعلى حنين! ظلت تهز رأسها نافية بتعاطف:.
-لالا ان شاء الله هايرجعوا سالمين غانمين ومش هتشوف فيهم حاجة وحشة اومأ موافقًا بشرود متمني... وبعد دقيقتان تقريبًا شعر ببرودة أصابعها تفتح ازرار قميصه ببطئ وقد لامست صدره من اسفله دون قصدًا منها، فارتعشت يداها وكادت تسحبها مسرعة، ولكنه قبض على كفها بقوة يحيطه بيده الخشنة.. تخلل أصابعها ببطئ متعمد، ويداه تدفعها برفق متمهل نحو الفراش وكأنه يُمهلها فرصة الفرار!
ولكنها لم تفر، لم تبتعد بل صمدت متمسكة بما آل إليه الحال... وهو كسجين لم يرى الشمس الا لتوه فسارع يقترب منها ينهل منها بلهفة نهمة مشتاقة، دون ان حتى أن يدري سبب تلك الشمس الذي ربما يكون، مؤقت!
كان شفتاه تسير ببطئ مُثير على قسماتها وكأنه يُشبع شفتاه من تلك اللمسات.. تحركت يده ببطئ لتعزف أوتار معالم جسدها الظاهرة بوضوح... وهي جاهدت لطرد أي افكار عن رأسها حاليًا، ولكن ذكرى ما مضى جعلتها ترتعش وهي تشعر به يزيل ما ترتديه عنها، فاقترب هو من رقبتها يتلمسها بشفتاه وهو يهمس له بحنو: -اششش، اهدي يا حبيبتي، أنا مش هأذيكي!
وبالفعل بدأت تستكين ببطئ بين ذراعيه، ليختطفها هو بليلة مظلمة بأضاءة عشقه المتيم في بدايته... بخبرته في بث اعلى شعور بالنشوة لها، وهي تستقبل، تستقبل دون أن تجيب بتذمر...!
صباحًا.. اشراقة جديدة وحروفًا متبدلة، فرحة عارمة شقت الصدور، واخرى مُحتارة دائرة حول صحة ما حدث او خطأه؟! تململ أسر في نومته ببطئ، فتح عيناه لتقع على لارا التي تنام بين احضانه ملاصقة له... ابتسم تلقائيًا وهو يراقبها، مد يده يملس على خصلاتها بحنان، فهبطت اصابعه لكتفها العاري يسير عليه بحركة دائرية وسط شروده...
نهض بعد دقائق جالسًا يرتدي ملابسه، فوقعت عيناه على قلمًا على الكمودين، امسك به ليفتح الدرج ينوي وضعه، ولكنه تفاجئ ب - مذكرة - صغيرة موضوعة فيه، التقطها يتفحصها ببطئ، واخذه الفضول لفتحها... فكانت له الصدمة مُمثلة في بضعة حروف عريضة هاهرب، هاهرب لدنيا بعيدة، بعيدة اوي بس مع ابني، مش لوحدي! وتقريبًا لم يكن محتاج أكثر ليُدرك فك شفرة تغيير ليلة أمس...
طرقات عالية على الباب أيقظت حنين وحمزة الذين لم يغفوا سوى ساعة تقريبًا، هبت منتصبة ولم تكن محتاجة لايقاظ حمزة فوجدته ينتصب في جلسته هو الاخر بغيظ غاضب... بينما هي تعدل هندام ملابسها بسرعة، نظرت له قبل أن تنوي النهوض، ولكن قبل أن تنهض وجدته يجذب رأسها له بقوة حتى اصطدمت به ليُقبلها بقوة، يلتهم شفتاها وقد أختلط عليه الامر تقريبًا فتعنفت قبلته نوعًا ما...
وقبل أن تتجرأ لمساته وتتحول حاجته المعنوية لها لرغبة اخرى محسوسة كانت تبعده عنها بقوة لتنهض مسرعة وهي تهز رأسها نافية له: -كفاية..! نهض واقفًا، ليزمجر فيها بغضب: -مش هاطلق يا حنين انسى هزت رأسها نافية بصلابة هي الاخرى: -لا هاتطلق يا حمزة، الموضوع مبقاش اختياري جذبها من شعرها فجأة وهو يصرخ فيها عاليًا: -عايزة تطلقي فجأة لية، حصل اييية ههاا؟!
تأوهت بألم صدح صوتها له، فاتسعت ابتسامة شريف و شذى الذين ينصتون لهم... فقالت حنين بغل: -اعتبر اللي تعتبره، اعتبرني زهقت منك ومن همجيتك اللي شكلك مش ناوي تبطلها ولم تنل سوى صفعة قوية اسقطتها ارضًا، فشهقت باكية بنحيب عالي... ترتب عليه ازدياد الطرقات العالية على الباب وشريف يهتف: -افتحي يا حنين، افتحى الباب يلا!
نهضت بالفعل تلتقط المفتاح لتفتح الباب مسرعة، فجذبها شريف مسرعًا بعيدًا عن حمزة الذي كان يطالعهما بغضب اعمى، فقال له شريف بصوت شبه آمر: -طلقها حالا يا حمزة وانا اوعدك هاسيبك لحالك زمجر حمزة بصراخ حاد: -انا هاطلقها عشان انا كرهتها وزهقت منها ومن قرفها، أنتِ طالق يا حنين! ونقطة ونهاية السطر...
رواية تعويذة عشق للكاتبة رحمة سيد الفصل الخامس والعشرون
تناظرك الأماني علنًا، وتخفي القلوب هلعًا، ويظل الواقع ينتشل من ذلك وذاك...! كانت حنين تجلس لجوار شريف الذي أخذ يصفق بيداه فرحًا، بينما حنين تجلس كالتي -شايله طاجن ستها- كما يقولون! نظر لها شريف بتمعن، ليهتف بعد فترة صمت: -أنا مكنتش عايز أخطفك يا حنين شهقت حنين ساخرة، تُصدق أي مزحة ممكنة، ولكن من سابع المستحيلات أن تصدق أن الشياطين تكره الشر! بينما أكمل شريف بهدوء صادق نوعًا ما:.
-أنا مش بكره حمزة يا حنين.. ثم إلتفت لها مرة اخرى ليصرخ: -بس هو اللي بيكرهني، هو اللي بياخد أي حاجة حلوة ف حياتي، عشان كدة قررت أسمع كلام شذى واخطفك مع اني مش هموت عليكِ للدرجة! حدقت به بحدة قاسية لامعة كبرودة الليل، لتجده يقترب منها ببطئ متابعًا: -بس دا ميمنعش إنك جامدة جدا وانتِ عارفه إن الشيطان شاطر، وحلاكِ اوي ف عيني! رسمت ابتسامة ناعمة كجلد الثعبان، ثم اقتربت منه هامسة:.
-سبحان الله نفس الشيطان الشاطر دا خلاني اشوفك كويس ثم مطت شفتاها متابعة بحنق: -وخلاني اشوف حمزة وشكه الفظيع بعد كل دا! مد يده يحيط وجنتها بكفه، ثم غمز لها بطرف عينيه متمتمًا بخبث: -طب أية؟! نتجوز بقا هزت رأسها نافية وهي تبعده عنها، ثم قالت بدلال وكأنه غير مقصود: -تؤ تؤ، الاول ليا طلب اجابها بلهفة: -أطلبي يا حنون وضعت قدم فوق الاخرى، واخذت الثقة موضعها بين حروفها وهي تخبره:.
-مش عايزة حمزة يمشي من هنا، عشان يعرف انه خسرني بجد ويشوف بعينه سألها بلهفة: -يعني هنتجوز؟ هزت رأسها نافية بجدية متزنة: -لا، مش دلوقتي، ماتنساش إن ليا عدة، وبعدين سبني اخد عليك ثم عادت تطالعه بمعدنها الحقيقي وهي تهتف بصلابة: -أنا مانستش الي أنت عملته برضه يا شريف! اومأ موافقًا بأعجاب: -تمام تمام، حقك برضه.
في اليوم التالي.. كان شريف استيقظ لتوه صارخًا ينادي على شذى: -يا شذى، شذى أنتِ فييييين نهضت حنين التي كانت على نفس الأريكة التي كانت عليها امس، اعتقد شريف انها انصتت له ونامت على تلك الأريكة فقال متعجبًا: -أنتِ صاحية بدري اوي كدة لية؟ رفعت كتفيها متمتمة ببرود: -انا مانمتش اصلاً، كنت بفكر كتير فمجاليش نوم اومأ موافقًا، فسألته حنين بنبرة فضولية: -هو أنت كنت عايز شذى لية؟ -عايز افطر.
قالها بتلقائية، لتنظر هي له متمعنة، وكأن نقطة من فراغ ظهرت! فقالت مسرعة: -أنا هقوم أحضر واحضرلي بالمرة لاني جعانة جداً ثم سألته بخفوت برئ: -بس هو فين المطبخ يا شريف؟! فكر سريعاً وخرج صوته خشن كطبعه تماماً وهو يخبرها: -قدام شوية على ايدك اليمين، هتلاقي في اكل وكل حاجة اومأت موافقة ثم انطلقت نحو المطبخ بالفعل، بدأت تبحث عن الطعام ثم بدأت تعده بالفعل... بعد مرور الوقت انتهت وقد عدت اكواباً كبيرة من الشاي..
خرجت لتجد شريف يجلس كما هو، فجلست لجواره، اشارت له على الاكواب فنظر لها بشك وفكت خيوط فكره بسهولة فابتسمت ببرود ثم مدت يدها لتمسك الكوب وتشرب منه، ثم تركته والتقطت الاخر لتفعل نفس الشيئ... ابتسم شريف بثقة والتقط احد الاكواب، وفجأة صرخت حنين بفزع: -في صوت غريب بره يا شريف الهووي.
نهض مسرعاً يركض نحو الخارج، وبسرعة البرق كانت تخرج تلك الحقنه التي تركوها مع حمزة ذاك الوقت، لتضعها كاملة في الكوب الذي يشرب منه شريف ثم همست بخبث وهي تضعها مكانها مرة اخرى بثقة: -الف هنا وشفا يا شريف!
كان مُهاب يقف امام الشرفة، يقتحم التفكير عقله كذئاباً مُجندة مكلفة باجهاد تلك الروح المشعثة..! أغلق عيناه وهو يحاول منع تلك الصورة من إقتحام مخيلته المزدحمة... سمع صوت ضجة عالية يأتي من الاعلى فاستدار مسرعاً يركض نحو الاسفل بخطى سريعة... نظر للخادمة قبل ان يهبط السلم وكانت هي الاخرى تركض ناظرة خلفها فصدمت مهاب بقوة وهو على طرف السلم ليسقط حتى الاسفل متدحرجًا على تلك السلالم!
صرخت الخادمة عالياً عندما وجدته فقد وعيه: -يالهوووووتي، مُهاب بيه!
ركض أسر يدلف للمشفى عندما أعلمته تلك الخادمة على الهاتف بلهفة ما حدث باختصار لمهاب... ركض وبسرعة نحو الطبيب الذي خرج، ليسأله مسرعا بتوجس: -طمني يا دكتور اية الي حصل؟ تنهد بهدوء ثم اخبره بابتسامة محتارة: -مش عارف اقولك دلوقت مبروك، ولا اواسيك واقولك اخر مرة ان شاء الله نظر له أسر بعدم فهم، ليجده يتابع برزانة رسمية: -أستاذ مهاب الخبطة جت لصالحه، والذاكرة رجعلته الحمدلله سأله أسر بلهفة وبلاهه:.
-بجد يا دكتور؟ اومأ مؤكدًا بابتسامة: -ايوة، احنا عملنا الأشعة على المخ واتأكدنا اكتر لما فاق واكدلنا انه فاكر كل حاجة اومأ اسر موافقاً، ليربت على كتفه ممتنًا: -شكراً جداً يا دوك، تعبناك معانا ابتسم الطبيب ثم غادر، ليدلف أسر نحو الغرفة التي يقطن بها مُهاب، فقال مُهاب بارتياح: -رجعتلي الذاكرة يا أسر، اخيراً افتكرت كل حاجة ابتسم أسر بحماس حقيقي، ولكنه انطفئ بلحظتها عند تذكره أمر حمزة وزوجته.. فهمس له ببهوت:.
-مبروك يا مهاب، الحمدلله نهض مُهاب واضعًا يده على رأسه وهو يخبره متعجلاً: -أنا عاوز أمشي، الدكتور قال ممكن امشي عادي اومأ أسر موافقاً، ليغادرا كلاهما عائدين لمنزل مُهاب.
دلف مهاب مع أسر الي المنزل.. من قال أن الماضي مجرد عودة؟! الماضي كالعاصفة لا تهب دون رياح، لا تقتحم بمجرد حروف فقط، وانما تصطحب اشباحًا من الضياع لتُغيم اشباه الحياة تلك.. لم يكادوا يدلفوا الي الدخل حتى سمعوا صوت فريدة وهي تهتف بانفعال: -يوووه بقا يا ماما، أنتِ هتفضلي كل شوية تقوليلي اديناها حبوب هلوسة اديناها زفت، ماتمسكي ميكرفون وتقولي، لسة في ناس معرفتش! ترمم النقص داخله، ورُدم الشك بلحظات!
وتخشب الجسد حول ذاك الأشتعال بالندم بين احشاؤوه، تحديدًا في تلك اللحظات رأى الدنيا سوداء.. سوداء كشعوره المصطبغ بالضياع! لم يشعر بنفسه سوى وهو يترك أسر ليركض نحو سيارته، وبالطبع لحق به أسر الذي انتفض عند سماعه ما قيل مثله...
كان يقود السيارة بسرعة جنونية، فصرخ فيه أسر بحدة: -هنموت يخربيتك هدي السرعة شوية لم يرد عليه وانما ظل كما هو، كان كالذي تلبسه شيطان الغضب الاحمر... فسأله أسر بجدية: -طب فهمني أنت رايح فين دلوقتي؟! -على بيت سيلين، هردها النهاردة، أنا متاكد إنهم كانوا بيتكلموا عليها، وبعدين انا ازاي صدقت، سيلين مش اكتر من طفلة ازاي هتتجرأ تجيب واحد في بيتي اصلاً!
كان يتحدث ويتنفس بصوت عالي، أنفعالات خطيرة تجيش بصدره، فأكمل بصوت يائس: -شكل فقدان الذاكرة دا ماجاش الا على دماغها هي!
وصلا إلي المنزل فلم ينتظر مُهاب بل ركض نحو الداخل.. طرق الباب مسرعاً لتفتح له الخادمة، أبعدها دون كلام ودلف نحو الداخل، لتقع عيناه على والدة سيلين وعمها وهي شخصياً ورجلاً اخر وسيدة.. وعمها يقول بابتسامة فرحة نوعًا ما: -يبقى تمام، نقرا الفاتحة ونظرت لها والدتها تقول مُهللة: -اقري معانا يا عروسة يلا ثم أطلقت زغرودة عالية سقطت على اذني مُهاب كالرعد الملفوف بكهرباء مميتة...!
بعد فترة... عاد أسر إلي منزله كالعادة مُنهك القوى، دلف إلي الغرفة التي يقيم فيها مباشرةً، ليجد لارا ترتدي كتلك الليلة امام التلفاز ويبدو أنها في انتظاره! تأفف أكثر من مرة، ثم همس لنفسه في عزم: -مش هانويلك اللي انتِ عايزاه يا لارا، مش هخليكِ تبعدي عني اكمل سيره نحو الغرفة ليجدها تركض خلفه وهي تناديه بخفوت: -أسر، أسر استنى رايح فين؟!
وقف مكانه في الغرفة، متخذًا وضع التجمد فيطرد تأثيراتها الملتهبة عليه، ليجدها تقترب منه كما توقع... وتقف على أطراف أصابعها لتصبح امام وجهه مباشرةً... ثم تسأله برقة كادت للحظة تذيب ذاك الجليد الذي ارتداه: -احضرلك تتعشى ابتعد عنها بهدوء متنحنحًا: -لا شكرا مليش نفس، أنا هدخل انام عشان تعبان طوقت ذراعيها حول عنقه، فبدت له كطرفًا واضحًا في الحرب يعد اسلحته كاملة لمحاربته...
وهو عاشق ولهان، تذوب سمومه من خدعة مكشوفة فيصبح الطرف الخاسر! لتقول بعدها وهي تلتصق به عن عمد: -مالك يا أسر؟ تعبان من أية بس؟! أغمض عينيه بقوة، ثم همس دون وعي: -منك! عقدت ما بين حاجبيها، وبدا الامر غامض لها في البداية فسألته متعجبة: -أنا؟! هو أنا عملت أية حاول دفعها عنه برفق وصدح صوته ساخرًا وهو يغمغم: -قولي مابتعمليش أية، اوعي يا لارا الله يهديكِ ابتعدت عنه هذه المرة لتسأله بنزق:.
-في أية يا اسر، مالك مش طايق قربي منك كأني جربانة كدة لية!؟ هز رأسه نفيًا وقد تنهد تنهيدة تحمل في طياتها الكثير والكثير: -مفيش حاجة، قولتلك أنا تعبان مش أكتر عادت تحتضنه مرة اخرى متشبثه بعنقه وهي تهتف بصوت مُثير نوعًا ما: -بس أنت وحشتني على فكرة تأفف بصوت مسموع، وبعصبية ملحوظة أبعدها عنه ثم زمجر بخشونة: -يووه، قولتلك تعبان يا لارا تعبان عايز أنام افهمي بقا.
رغمًا عنها تكونت الدموع كطبقة شفافة وواضحة في آن واحد في ملقتيها، لتبتعد مستديرة وهي تهمس: -أنا اسفة ثم كادت تغادر لتجده يسحبها من ذراعها لتصطدم بصدره المشتعل بسببها.. نظرت في عينيه مباشرةً، ولم تدري من أين أتتها الجرأة لتسأله بجدية: -أسر أنت ندمان عشان قربتلي في الليلة اياها؟ تقوست شفتاه بابتسامة عابثة وخبيثة، ثم رد لها السؤال نفسه بطريقة اخرى لفح بها الغضب رغمًا عنه:.
-المهم أنتِ متكونيش ندمانة يا حبيبتي، وبتاخدي منع الحمل عشان مايحصلش زي المرة اللي فاتت وترجعي تندمي انك كنتي هتخلفي من واحد حقير عضت على شفتاها بحرج وهي تنظر للأسفل.. ثم عادت ترفع رأسها وهي ترد باتزان: -لا مش باخد ومش هاخد يا أسر ضغط على خصرها بيداه بقوة وهو يسألها: -لية؟ أية اللي جد وبنفس الجرأة اجابته: -عايزة اخلف، عايزة طفل بدل اللي راح كان ينظر لها بصمت..
لا يدري ما الذي دفعها للتفكير في ذلك الامر، تنجب طفل منه وتهرب به بعيدًا عنه؟! والادهى خُيل لها انه سيسمح لها من الاساس؟! ابعدها عنه بنفس السرعة والقوة، ليوليها ظهره وهو يستطرد بخشونة: -بس انا مش عايز اخلف يا لارا ثم تركها ليغادر نحو غرفته صافعًا الباب خلفه بقوة جعلتها تنتفض مكانها وقد ادركت أن جرأتها تلك جاءت بنتائج عكسية...!
بعدما خرج كلاً من شذى وشريف سوياً وتركوا حنين في المنزل بعدما اغلقوا باب المنزل عليها والحرس امام المنزل... كانت حنين تتلفت هنا وهناك حتى تأكدت من مغادرتهم ثم ركضت نحو الغرفة التي يقطن بها حمزة.. اخرجت المفتاح الذي انتشلته من شريف بصعوبة لتفتح الغرفة، وما إن رآها حمزة حتى هب منتصبًا يجذبها من ذراعها بقوة له ليحتضنها بقوة حتى تأوهت من شدة قبضته وهي تهمس: -حمزة، وجعتني!
امسك وجهها بين يداه، يحيط وجهها بنظرة شاملة، كم اشتاقها حد الجنون هذا الوقت القصير...! وضع يداه على خصره يجذبها له أكثر وهو يهتف بشوق حقيقي: -وحشتيني اوووي، وحشتيني اوي يا حنيني -وأنت وحشتني جدا يا روح حنين قالتها وقد نظرت لعيناه بابتسامة حانية، فلم يمهلها الفرصة بل اكتسح شفتاها في قبلة عاصفة مُشتاقة وراغبة حد الجنون...
تجاوبت معه في البداية، ليحملها حتى لم تعد قدمها على الارض فتعلقت برقبته مغمضة العينين تستشعر دفئ قبلاته التي اشتاقتها... شعرت بالحائط من خلفها وهو امامها يشبعها تقبيلاً، وعندما شعرت بشفتاه تهبط لرقبتها وقد ازدادت تطلبًا، ابعدته عنها برفق وهي تهتف من بين انفاسها اللاهثة: -حمزة، حمزة حرام دلوقتي أنت طليقي مش جوزي ماتنساش كز على أسنانه بغيظ ثم قال بحدة غاضبة:.
-انا اللي استاهل اصلاً عشان وافقتك على حاجة مجنونة زي دي تحسست ذقنه النامية قليلاً لتهمس بشرود: -مكنش في حل الا دا يا حبيبي هندم خصلاتها بحزم وهو يسألها: -اوعي يكون حاول يتقرب منك بأي طريقة؟! هزت رأسها نافية بخبث: -لا طبعاً، وهو مش هيحاول اصلا، هو مش غبي للدرجة عشان يصدق بسهولة اني اتغيرت كدة ويحاول يقربلي سألها بتنهيدة: -والهيروين؟
أتسعت ابتسامتها عند تلك النقطة، لتضع رأسها لجوار صدره وهي تردد مفكرة بانتصار: -لا تمام اوي، تقريبا خلاص بدأ مفعولها يظهر عليه، كمل أنت بس كأنك ادمنت، وكل ما يجيبولك الحقنه انا هاجي اخدها منك ثم ابتعدت وهي تكمل بجدية: -وبعد ما يثق فيا شوية ويتأكد انك بقيت مدمن هطلب منه ننزل مصر عشان المفروض نتجوز هناك، وساعتها بقا هنعرف نتصرف بجد! ثم قالت بتوتر:.
-بس انا خايفه اعراض الحمل تظهر عليا ويجيب دكتور ويعرف اني حامل، ودا مش ف صالحنا خالص دلوقتي لم يستطع حمزة الرد اذ سمعوا صوت شريف وشذى في الخارج فأسرعت حنين تركض نحو الخارج وتغلق الباب مسرعاً.. دلف شريف وشذى ومعهم، مأذون! تخبطت الكلمة داخل عقل حنين التي شعرت وكأن جوفها صحراء بلا روح..! اتجهوا نحو غرفة حمزة بلا حرف واحد وكان شريف يحك رأسه بطريقة مريبة.. دلفت شذى اولاً الي الغرفة..
وظلت حوالي عشر دقائق ثم صاحت مهللة: -اتفضل يا شيخنا كانت حنين متجمدة مكانها وتقريبًا بدأت الصورة تتضح امامها فتلونت بالسواد وهي تدرك أن حمزة سيتزوج شذى...! حاولت إلقاء نظرة على الداخل لتتيقن من صحة شكوكها وهي ترى الشيخ يبارك لهما.. ترنجت مكانها وكادت تسقط لولا ذراعي شريف الذي التقطها بلهفة! فجاهدت لتنتصب مبتعدة عنه، اتجهت الي الغرفة لترى شذى تقبل حمزة بسعادة بعد مغادرة الشيخ مباشرةً...
اصبحت امامهم فابتعدت شذى عن حمزة الذي دفعها بعيدًا عنه، لينظر لحنين التي كانت تراقبهم بأعين اشبه للصقر الجارح او ربما المجروح الذبيح..؟! استندت على يد شريف وهي تسأله بوهن متحدٍ: -هو، أنا وآآ، وهو هنوثق طلاقنا في المحكمة امتى؟! كان حمزة يكز على أسنانه غيظًا وبداخله رغبة عميقة في لكمها بقوة على سؤالها الغبي ذاك...
ليجد شريف يحيط خصرها بيداه بينما هي تحاول مقاومة تلك الرغبة في الإغماء، ليهمس لجوار اذنيها: -قريب جدا يا حبيبتي، بس كل حاجة بوقتها حلوة كاد يهجم عليه ثائرًا ولكن يد شذى التي احاطته بحزم منعته، ليجد حنين تغلق عيناها تدريجيًا بوهن حتى سقطت بين ذراعي ذاك فاقدة الوعي! وهو يحملها بين ذراعيه متجهًا للخارج تحت انظار حمزة التي كادت تحرقه حيًا...
لم تكد تمر نصف ساعة وحمزة متجمد بقهر مع تلك في الغرفة، ليسمع صوت صريخ حنين يأتي من الخارج ركضا نحو الخارج ليجد شريف واقفًا امام حنين التي كانت تضع يدها على وجنتها ويبدو أنه صفعها! وشريف يصرخ فيها بجنون: -قولتلك اتصرررررفي، حالاً يا حنين !