رواية تعويذة عشق للكاتبة رحمة سيد الفصل السابع عشر
إعتراف مُمثل في حياة كالورود تفتحت مُرحبة برحيق يرويها.. بجسدًا إنتعش عند إسترداد الحياة لها! وكلوحة تفنن راسمها في أختيار ألوانها الزاهية... كان ينظر لها مصدومًا، كالأرض التي رويتها فجأة وتمهلها فرصة إستيعاب السكون! إلى أن امسك بوجهها بين يديه يسألها بلهفة اتضحت كالشمس اوساط النهار: -إنتِ قولتي أية يا حنين؟ قوليها تاني، أكديلي إني مش متهيألي!
أبتسمت هي برقة، ثم أعادت همسها الذي سقط على أذنيه كطرب موسيقى لا يتمتع بها الكثير: -بحبك، بحبك، بحبك، بحبك أووي يا حمزة وماذا يريد أكثر من ذلك حتى لا يطير كالفراشة وسط أفق السعادة مرفرفًا بجناحا الاكتفاء؟! أحتضنها بقوة وكأنه يدفنها بين أحضانه فيتحللهم العشق سويًا وهو يقول بسعادة حقيقية: -وأنا بعشقك يا عيون حمزة!
أبتعد بعد دقائق ليهبط بشفتاه ملتهمًا شفتاها في قبلة عميقة تنم عن كم المشاعر الملتهبة التي تحوم داخل كلاهما..! كان يقترب أكثر وهي تعود للخلف أكثر حتى اصطدمت بالحائط خلفها وهو لا يترك شفتاها ولا تحرر يداه خصرها النحيف.. أغمضت عيناها مستمتعة بذلك الشعور الذي يُحيي المبعوث من إرهاقها النفسي... شعرت بشفتاه على رقبتها ببطئ مثير وكأنه يتفنن في لمساته تلك!
إرتعشت بقوة وهي تستشعر اصابعه تُشكل دوائر على خصرها العاري، ابتعدت عنه ببطئ ثم همست: -حمزة، ماتنساش إن شذى بره مش هاينفع! ابتعد هو الاخر وكأنه أدرك المصيبة التي أنتشلها من بين براثن الظروف، ليتأفف وهو يمسح على شعره عدة مرات، فسألته حنين مستفسرة وهي تهندم ملابسها: -هتعمل معاها أية يا حمزة؟ رفع عيناه لها يرد لها السؤال بهدوء بارد: -هعمل أية يعني، ولا حاجة صرخت متعجبة:.
-نعم! يعني أية ولا حاجة، أنت هتكمل في الخطوبة دي فعلاً؟ تنهد بقوة وباتزان يليق برجل يزحف له نساء الأرض أخبرها: -مش معنى إنك قولتيلي كدة إني هاجيب البت او هامشيها حسب مزاجك ومزاجي، هي مش عبده عندنا! رفعت حاجبها الأيسر متمتمة بغل: -والله ثم اومأت موافقة عدة مرات، وعقدت ذراعيها وهي تقول بصوت خبيث: -ماشي يا حمزة، بس أنسى إنك تمس مني شعره طول ما انت بتشوف البت العقربة دي.
نظر لها حمزة نظرة غامضة شملتها بتوهة، ثم تخطاها بهدوء تام ليتجه للخارج.. خرج ليجد شذى غادرت! من المؤكد أنها سمعت حديثهم الان وتوقعت طلب تلك المعتوهه..! تأفف اكثر من مرة ثم عاد لتلك المشتعلة بالداخل.. ما إن اصبح امامها حتى جذبها من خصلاتها ممسكًا برأسها لتصطدم بجبهته وصرخت فيه متأوهه: -الله يخربيتك جبتلي صداع! وضع إصبعه على شفتاها ثم قال بحزم عابث:.
-أسكتي خالص، أوعى تفكري إن موضوع أقرب منك ولا لا دا لوي دراع، إنتِ في أي وقت وكل وقت متاحة ليا، ودا مش اختياري دا اجباري على فكرة! ابتعدت عنه بعنف، ثم أمسكت برأسها تدعكها ببطئ وهمست: -ما أنت مش هتكون محتاجلي اصلاً، كفاية عليك شذى دي خلاص جذبها لأحضانه بلمح البصر ليقرص وجنتاها برفق متساءلاً بصوت مشاكس: -بتغيري عليا يا بطتي.
اومأت مؤكدة، وزمت شفتاها بشكل طفولي ورددت بتنهيدة وكأنها استسلمت اخيراً لذاك العشق: -طبعًا بغير، انا من قبل ما اتأكد إني بحبك اصلاً كنت بغير عليك اوي، وخصوصا شذى دي مابتنزليش من الزور ضحك حمزة على ملامح وجهها التي تشنجت وهي تتحدث عن شذى... ليسحبها له مطوقًا خصرها ويرفعها للأعلى حتى تصبح امامه مباشرة، وشفتاه تلتقط شفتاها بتلقائية...
بينما في الأسفل كادت شذى تسقط عند أخر درجة سلم ولكن وجدت من يمد يده لها مغمغمًا بهدوء عميق: -تؤتؤ، مش تاخدي بالك يا شوشو، ولا دايمًا واقعة كدة؟ لا تدري لم رأت منحنى اخر لمعنى كلامه العادي، ولكنها ابتعدت بهدوء قائلة: -معلش، ميرسي بس أنت تعرفني منين؟ رفع حاجبه الأيسر يخبرها بثقة: -إلا اعرفك، دا أنا اعرفك عز المعرفة نظرت له بعدم فهم، لتجده يمد يده ليصافحها مرددًا بجدية خبيثة دُست وسط ابتسامته الصغيرة:.
بعد مرور يومان... نهضت سيلين متململة تتأوه بصوت مكتوم من الألم الذي لم يفارقها منذ تلك الليلة.. لفت الروب حول جسدها الصغير وسارت ببطئ شديد نحو المرحاض، كادت تفتح الباب وتدلف إلا أنها وجدت مُهاب يضع يده أمامها يمنعها، فنظرت له ولكنه سبقها وهو يسألها بجدية: -إنتِ كويسة؟ اومأت موافقة بصمت، لتجده يرفع خصلاتها عن وجهها فعادت للخلف بتلقائية، تنهد هو بقوة وأخبرها:.
-أكيد خدتي بالك إني مكنتش في وعيي ساعتها، بس مكنتش قادر اتكلم، اسف، بس ياريت تنسي أي حاجة حكيتهالك كمان نظرت له مباشرة بصمت دقيق، لتجده يكمل مشددًا على حروفه: -تنسي خالص يا سيلين سألته برفق: -مين اللي، ال قتل باباك؟ ولية! أنا مفهمتش حاجة! نظر للجهة المقابلة يردد بخشونة: -ماتدخليش في حاجة ملكيش فيها أحسن يا سيلين اقتربت منه ببطئ ثم همست بصوت صادق:.
-أنت لية مش عايزني أكون جمبك يا مُهاب، أكون معاك! لية عايز تبعدني عنك؟ عاد للخلف وصوت زفيره يعلو، إلى أن قال بصوت مبحوح: -عشان أنا بكره الشفقة، وماتنسيش إن جوازنا دا مؤقت يا سيلين صرخت متعجبة: -نعم! مؤقت بعد اللي حصل بينا؟ رفع كتفيه يردد ببساطة ملس قسوته على روحه قبل أن تكون عليها: -وهو أية اللي حصل، ولا حاجة، مجرد ساعات لطيفة هنضحك لما نفتكرها كررت سؤالها مرة اخرى بأصرار: -مين قتل باباك يا مهاب؟ ولية!
هنا لم يشعر بنفسه سوى وهو ينفعل والغضب يحرق المتبقي من كتمانه القاسي، ليدفعها بعنف مزمجرًا: -بسببك إنتِ، بسببك إنتِ بس قتلوه، قتلوه عشان ماطلقتكيش قبل ما اليومين يخلصوا! ادوني مهلة وماستنوش اكتر...! شهقت مصدومة وكلامه يرن بأذنيها إنتِ السبب في كل حاجة إنتِ سبب المصايب في حياتي إنتِ السبب غوري بقا ! ابتلعت ريقها وقد عاودها ذلك الألم في منتصف القلب...
أستندت على مُهاب الذي لم ينتبه لها فجأة عندما شعرت بالدوار.. ولم يدري هو كيف إنزلقت قدماه في المياه من أسفله حتى سقط مصطدمًا بالمنضدة على الجوار من دفعتها المفاجئة... فصرخت هي بفزع وهي ترى الدماء التي بدأت تتدفق من رأسه وهو فاقد الوعي! -مُهااااب!
مر كل شيئ كحلم، او ربما كابوس يُهاجمك فجأة ويعود ينسحب بنفس السرعة والمفاجأة.. لم تشعر بنفسها عندما اتصلت بعمها وبوالدتها وهي تبكي بهيسترية، إلى أن ادركت وجوبها بطلب الاسعاف.. وبالفعل أتت الاسعاف ليتم نقله على اقرب مستشفى... كانت سيلين أكثر من منهارة، تشعر أنها بالفعل كما قال سبب المصائب في حياته ! كانت منتظرة خروج الطبيب الذي ركضت له مع والدتها ما إن خرج وسألته: -أية اللي حصل لو سمحت؟
تنهد بقوة وهو يهدئ روعها: -خير ان شاء الله، اهدوا بس.. تدخل عمها يسأله بجدية اكثر: -طب هو أية اخباره يعني يا دكتور؟ الخبطة اثرت على حاجة؟! صمت الطبيب برهه، ثم أخبرهم بأسف واضح: -اسف اني بقولكم كدة لكن المريض فقد ذاكرته بسبب الخبطة، لانها جت في المخ جامد! شهقت سيلين باكية وهي تعود للخلف وتهز رأسها نافية بهيسترية..! تأكيدها يزداد يقين داخلها أن الألام مرتبطة بها في حياة ذاك المسكين...!
ظلت تبكي في أحضان والدتها التي حاولت تهدأتها: -اهدي يا سيلين، هايفتكر ان شاء الله بس بطلي عياط بقا! ويلا عشان تدخلي له واكيد مع الوقت والادوية هايفتكر كل حاجة لم تشعر بنفسها سوى وهي تهز رأسها نافية بسرعة: -لالالا، مهاب مش هيعرف إننا متجوزين ابدا! أنا ومهاب مينفعش نكمل مع بعض يا ماما...!
كان أسر يجلس في مكتبه في شركته، رغمًا عنه يفكر في تلك لارا التي غادرت المكان الذي يتواجد فيه، ولكنها لم تغادر تفكير ابدًا! شيئ غامض يزج له حجة تافهه الطفل والعقل يُلقي بمشهد إهانته امام عينيه.. طُرق الباب ودلفت السكرتارية لتقول بصوت هادئ: -تمام يا فندم، بلغتها امبارح سألها أسر مؤكدًا: -زي ما قولتلك يا عايدة؟ اومأت مسرعة:.
-زي ما حضرتك قولتلي بالظبط، في شرط جزائي ولاازم تدفعي الفلوس لو هاتسيبي الشغل والا تيجي من بكره اومأ اسر موافقا ثم اشار لها أن تنصرف، وضع رأسه بين يداه يهمس بصوت محتار وتائه: -ياترى أنا صح ولا غلط.. تنهد بقوة وأكمل: -مش عارف، بس الي اعرفه إني لازم احط حد ليها في حياتي!
مر الوقت ووجد عايدة تدلف مرة اخرى، فاعتدل في جلسته مغمغمًا لها: -تمام يلا دخليها اومأت موافقة وبالفعل أشارت ل لارا التي دلفت ببطئ تنظر للأرضية من خلفها.. أنصرفت عايدة ببطئ وسحبت الباب خلفها.. ليتجلى صوت أسر الساخر وهو يقول: -عُدنا من جديد..! رفعت عيناها له ببطئ لتهمس بصوت مبحوح تدرج ضعفه اوساطه: -أسر! نهض مقتربًا منها، ثم زمجر فيها بحدة مُخيفة:.
-أسمي أسر بيه، سامعة يابت! إنسي إن بيني وبينك أي حاجة، أنتِ هنا مجرد واحدة بتشتغل عندي، عشان الي ف بطنك بس! صمتت برهه ثم اومأت موافقة بهدوء: -تمام يا أسر بيه، حضرتك عايز حاجة تاني مني؟ نظر لها بازدراد متمتمًا: -وأنا هعوز منك أية! إنتِ مابقاش فيكِ أي حاجة اعوزها اصلاً هنا صرخت فيه بحدة وكأنه ايقظ الشراسة التي تغطت داخلها بتلك الاهانة:.
-أنا مقدرة إنك ممكن مش طايقني عشان الي حصل في المستشفى، لكن إلا الاهانة، انسى اني اسكت عليها تاني أمسك فكها فجأة بعنف يضغط عليه حتى تأوهت، ليردد بقسوة: -إنتِ زيك زي أي حد هنا، تسمعي أي حاجة حتى لو إهانة، وتخرسي وتقولي تحت امرك يا بيه، والا السجن مستنيكي ياختي! هزها بقوة يسألها صارخًا: -سامعة؟ اومأت موافقة بصمت يحبس بكاء ضخم يود الهرب من خلفه...
فعاد للخلف ببطئ، وببساطة مد يده ليرمي كوب المياه على الأرض حتى تناثر لشظايا ماثلت شظايا الالم المتصدعة داخلها.. ثم أشار لها بحدة يأمرها: -لميها! دا شغلك هنا، عشان تعرفي إن إهانة الراجل مش بالساهل، وأنا مش اي راجل! وبالفعل هبطت تلملمها من امام قدميه ببطئ مرتعش، ورغمًا عنها إنخرطت في البكاء الذي لفحها بقوة..
وبدأ الغثيان يعاودها كما يلاحقها تلك الفترة كل حينٍ ومين، لتتقيئ رغمًا عنها وسط بكاؤوها، وقد تناثر وطال حذاء أسر الذي تغيرت ملامحه برعب...!
كانت حنين تسير مع حمزة الذي أصر على اصطحابها للطبيب بعد الدوار الذي كان يصيبها مع ألم بطنها المتزايد... أمسكت بذراعه قبل أن يصعدا للطبيب تهمس له: -بلاش يا حمزة، أنا كويسة صدقني هز رأسه نافيًا بهدوء جاد: -ابدا، لازم نتأكد هي الصحة ببلاش! تأففت أكثر من مرة ثم صمتت... وبالفعل دلفا للطبيب الذي رحب بهم، ولم تدري حنين ما تلك القبضة التي كانت تعتصرها بقلق..
كشف عليها الطبيب ثم عاد يجلس على مكتبه بهدوء، ليسأله حمزة مستفسرًا: -ها يا دكتور مالها؟ ابتسم الطبيب ثم قال ببساطة هادئة: -مفيش اي حاجة، دلوقتي التحاليل تيجي ونعرف، متقلقش يا استاذ اومأ حمزة موافقًا: -تمام ماشي وبالفعل انتظرا وقتًا معدودًا... وبعد أن حصلا على التحاليل المطلوبة جلس الطبيب مرة اخرى لينظر له الطبيب قائلاً بابتسامة مُبشرة: -متقلقش يا استاذ حمزة، كل الحكاية إن المدام حامل ودا شيئ طبيعي.
صُعق كلاهما وإتضح هذا كعين الشمس، ليردف الطبيب ضاحكًا بلطف: -أنتوا متعرفوش بجد، بس ازاي دا المدام حامل ف شهرين حتى! عند تلك النقطة سكن العالم من حوله.. كيف شهران!؟ كيف حدث هذا، زواجهم لم يمر عليه حتى شهر كامل! انقبض قلبه بعنف وسأل الطبيب بتوتر صادم: -ازاي يا دكتور، اكيد في حاجة غلط! انت لازم تتأكد يا دكتور، اصل مش صح هز رأسه نافيًا ثم اخبره بجدية: -لا صح، مش المدام حنين جابر غريب؟ نعم نعم...
صحيح، ولكنه خطأ! كيف حدث هذا من الاساس، كان وكأنه في مارد سحري قلب حياته بدقائق.. نهض مسرعًا يسحب حنين خلفه التي كانت ترتعش وعلى وشك البكاء...
وبعد الوقت وما إن وصلا المنزل واغلق الباب ناظرًا لها وجدها تبكي وهي تقول بحروف متقطعة: -أنا كنت هقولك يا حمزة إتسعت عينا صدمة وقد شعر بكيانه يستكين بضياع وكأن جملتها خدرته... بعد دقيقة تقريبا اهتاج منفعلاً عليها يصرخ وهو يقترب منها: -كنتي هتقوليلي أية..! كنتي هتقوليلي أية يا حنين عادت للخلف بخوف تهمس: -والله كنت هقولك صدقني لم يعطيها فرصة التبريرات الواهية فاهتاج يضربها بعنف وسط زمجرته المنكسرة:.
-كنتي هتقوليلي أية، كنتي هتقوليلي إنك واحدة * حامل من قبل ما ألمسك! اقتربت منه تأن بضعف ليدفعها بقوة حتى اصطدمت بالحائط بعنف صارخة بألم.. فأمسكها من خصلاتها ينظر لها بازدراد ليجذبها بعنف اكثر متمتمًا: -إنتِ ازبل واحدة شفتها في حياتي، إنتِ طالق يا حنين...!
رواية تعويذة عشق للكاتبة رحمة سيد الفصل الثامن عشر
هب منتصبًا على فراشه شاهقًا بعنف يضع يده على صدره عله يهدئ ضربات قلبه التي كانت في سباق مع الواقع..! نظر لتلك التي تتسطح بجواره بسلام، يبدو أن تفكيره في معرفة شريف بخداعه أثر حتى على أحلامه!؟ تسطح مرة اخرى وهو يضم حنين له أكثر، ولمساته تحمل نوعًا من الأمتلاك المرتعد...! تململت في نومتها لتفتح عيناها الخضراء تسأله بهدوء ناعس: -مالك يا حمزة؟ هز رأسه نافيًا بابتسامة هادئة:.
-لا يا عيون حمزة مفيش حاجة، إنتِ وحشتيني بس فتحت عيناها تنظر له من طرفها، ثم رفعت حاجبها هامسة: -لا والله! أقترب منها أكثر ليشاكسها وهو يلامس أنفها بأنفه يبادلها الهمس: -اه والله أبعدته برفق وهي تهز رأسها: -أبعد يا حمزة أنا عايزة أنام الله يهديك ابتسم بهدوء، ثم مد يده يتحسس وجنتاها الناعمة، وشعور من نوع خاص ينتمي للقلق بالخطأ يطرق ابواب الشعور داخله...! ليسألها دون وعي: -حنين هو شريف قرب منك قبل كدة؟
ارتسم الاذبهلال بوضوح على ملامحها التي بهتت في لحظتها، وبتلقائية ردت: -أنت مجنون! قرب مني ازاي يعني!؟ هز رأسه نفيًا و راح يبرر: -مش قصدي كدة يا غبية، قصدي قرب منك بأي شكل، حتى لو مسك ايدك!؟ رفعت عيناها وكأنها تفكر، ثم تمتمت بشرود مرسوم: -اممم، تقريباً مرة، لا اتنين يابت يا حنين ولا تلاتة! مش فاكرة بس تقريبا 6 مرات جذبها من رأسها له يهتف بحدة: -نعممم ياختي! قرب منك 6 مرات، امال بعد امتى؟
هنا إلتزمت الجدية وهي تخبره: -أما إنك غريب اوي يا حمزة، شريف كان جوزي، يعني اكيد قرب مني قبل كدة تأوهت بصوت عالي وهي تستشعر قبضته على خصرها المُعرى، لتضغط على كتفه مغمغمة بحنق: -إيدك تِقلت على فكرة! قال بغيظ تفجر بين مناطق حروفه الغاضبة: -وإنتِ لسانك عايز قطعه، أية كل شوية جوزي جوزي جوزي وكأنك فرحانة اوي ياختي بجوازة الشؤم دي!
تبرم وجهها ولم تجيب فاقترب منها حتى إلتصق بها ثم دس وجهه عند رقبتها، ليلثمها برقة متناهية ويردد بثبات: -إنتِ لية مش عايزة تحسي النار اللي بتمسكني لما بحس إن حد ممكن يكون قرب منك غيري، قولتهالك 100 مرة إنتِ بتاعتي أنا بس! شعرت بيده تزداد جرأة على جسدها، وقبلاته تزداد فسارت قشعريرة باردة على طول عامودها.. إلى أن ابتعدت برفق وهي تردف: -لأ، أنا مانستش القلم اللي ادتهولي!
رفع رأسه لها ليحيط وجهها بيداه ويخبرها متأسفًا: -معلش يا حبيبتي، صدقيني غصب عني أنا ما حستش بنفسي بعد ما شوفته مقرب منك اوي كدة وإنتِ لابسه فستان مبين نص رجلك! صمتت دقائق وكأنها تتخطى تلك المرحلة من مزارع الغضب ثم تنهدت بقوة، ثم رفعت يداها تحيط عنقه ورسمت ابتسامة انثوية مدروسة على شفتاها قبل أن تقول بخبث: -طب في ضريبة بقا، أصل انا مش بفوت لأي حد كدة بالساهل! احاط خصرها هو الاخر، ثم اجاب بود:.
-وأنا تحت امر السيادة، ضريبة أية؟ أردفت بدلال وهي تقترب منه أكثر: -عايزة أروح مصيف يا حمزة، أنا زهقت من القعدة في البيت! كاد يعترض بهدوء: -بس الشغل آآ إلا أنها وضعت يدها على شفتاه تغمغم بضيق رقيق: -ياسيدي أعتبره شهر عسل، او فرح بدل اللي ماتعملش بقا ثم دفنت نفسها في حضنه، لتهمس: -نفسي أفرح يا حمزة! ليتضاخم شعوره بأنه والدها وليس زوجها او حبيبها! والمسؤلية تتكاتف بالازدياد على عاتقه.. قبل جبينها بحنان ثم قال:.
-يااه بس كدة، اميرتي تؤمر وأنا أنفذ رفعت رأسها مسرعة بلهفة: -بجد يا حمزة؟ ابتسم هامسًا في حنو: -بجد يا عيون حمزة احتضنته بقوة صارخة بسعادة: -أنا بحبك أوووي احتواها بين ذراعيه يبادلها السعادة لسعادتها التي صابته: -وأنا بعشقك اقسم بالله ابتعدت بعد دقيقة تقريبًا، لتنظر في عيناه مباشرةً، عيناه التي كانت لامعة كعينا مولود بالكاد رأى لونًا زاهيًا للحياة الان! بينما هي شعورها مختلف في تلك اللحظات..
شعور بالأكتفاء العميق كنف جوارحها باكتساح...! غمز لها وهو يعض على شفتاه السفلية مستطردًا: -طب أية؟ ابتسمت بخجل: -أية! نهض فجأة ليطل عليها بكتفيه العريضين، ويخلع التيشرت ببطئ غامزًا: -مفيش رشوة كدة رشوة كدة هزت رأسها نافية بسرعة ثم استدارت تنوي النهوض إلا أنه كان الأسرع ليمسك بها قبل أن تنهض، ويثبت ذراعيها على الفراش بيداه فهمست بتوتر: -حمزة، سبني بقاا.
لم يرد عليها وإنما هبط لها رويدًا رويدًا وأصابعه تتحسس ذراعها العاري من أعلاه لأسفله ببطئ مثير أثار نوافذ مغدقة من المشاعر داخلها فأغمضت عيناها بقوة.. شعرت بشفتاه المتلهفة على جسدها فارتعشت بضعف متوتر.. ضغطت على شفتاها بقوة حتى كادت تدمي، لتسمعه يهمس بحرارة: -حنيني، اهدي، اششش بحبك مازالت في اولى خطوات التعود على تلك الهالة التي تحيطهما معًا!
بللت شفتاها وقد بدأت الاستكانة تعلوها، نظر هو على شفتاها وقد أثارته حركتها العفوية.. ليرتفع مغطيًا اياها بجسده، ملتهمًا شفتاها بنهم ملحوظ.. لا يعلو فوق السكون سوى صوت تنفسهما العالي، وأصابعه تتشابك مع اصابعها البيضاء الصغيرة.. ليغرقا في بحرًا جديدًا من ذاك العشق الذي جعلهم وكأنهم في الليلة الاولى معًا...!
وفي الشركة التي يعمل بها أسر (صباحًا).. كانت لارا تقف مع احد الموظفين الذي ارتاحت له دون الاخرين كأخ ودود الذي كان يخبرها بعملاً ما.. والحديث تحول لمرح تدريجيًا، لتضحك لارا باصطناع متمتمة: -أنت دمك خفيف والله يا أحمد ابتسم هو الاخر ليشاكسها بود: -مش أكتر منك يا لورا وكانت أعين حادة، حمراء كليلة مُخيفة متوعدة تراقبهم، او تراقبها على وجه التحديد!
وبلحظات وجدت أسر أمامهم، ومن دون مقدمات يسحبها من ذراعها نحو غرفة مكتبه...! حاولت هي الأعتراض بضيق: -لو سمحت سبني يا أسر بيه، أنت رايح فين! دلف هو اولاً ثم سحبها للداخل، ليصفع الباب خلفه، إنتفضت هي مبتلعة ريقها بتوتر خاصةً وهي تراه يقترب منها ببطئ يم يزمجر بحدة: -إنتِ واقفة معاه لية؟ ازاي تقفي معاه اصلاً كدة!
كانت تحاول جاهدة جمع أطراف ذلك الثبات الذي فر هاربًا ادراج الرياح، لتقول بعدها بصوت لم تستطع إضفاء الجمود فيه: -أنا حره، هو أنت شريكي! لا أنت خطيبي، ولا حبيبي، ولا جوزي حتى، بتحاسبني بأمارة أية! إستفزته ليهتف بحدة عالية بعض الشيئ: -بأمارة اني صاحب الشركة اللي إنتِ شغالة فيها، وماقبلش إن يكون عندي موظفين بالمنظر دا! ولا أشوف المسخرة دي واسكت، على الأقل مثلي إنك محترمة لو مش عارفه تكوني كدة.
ترقرت عيناها بدموع الحسرة على الإهانات التي تُلصق بها.. لتحاول العودة وهي تغمغم بصوت مختنق: -طيب، سبني بقا اطلع، مش قولت الإهانة بتاعت كل يوم منا عارفه أنت مش هترتاح إلا بكدة جذبها من ذراعها فجأة بقوة يوبخها: -قصدك أية يعني، مجنون أنا ولا أية! إنفجرت بالبكاء فجأة تنوح بشهقات متقطعة تردد صداها داخله هو شخصيًا... وظلت تردد في صوت شبه هيستيري:.
-لا أنا المجنونة، أنا المجنونة بس ارحمني بقا انا اللي فيا مكفيني وضعت يدها على فاهها تحاول كتم تلك الشهقات وهي ناظرة ارضًا.. لتشعر بأصابعه فجأة على وجنتاها تمسح تلك الدموع... رفعت عيناها له المختلطة بأحمرار الدموع متعجبة وهو لا يدري ما الذي يفعله، ولكنه تقريبًا كان مغموس في حالة اللاوعي! تحسس وجنتاها ببطئ، فابتلعت ريقها بصعوبة وعادت للخلف بتوتر مغمغمة: -أسر، أنا دلوقتي مش حلالك، مينفعش.
لم يأبه لكلامها، وإنما ظل يقترب أكثر وهي تعود للخلف أكثر.. وفجأة جذبها له يحتضنها، يحتضنها بقوة وكأنه يُشبع شوقه المكبوت لها، يضم جسدها كله له ويداه محطية خصرها النحيف.. ويشم رائحة شعرها التي اشتاقها بجنون دون أن يدري...! وكاد يهمس: -أنا ردي.. ولكن قاطعه صوت طرقات على الباب، وإنفتح الباب فجأة لينتفض كلاهما مبتعدين.. دلفت كاترين احدى سيدات الأعمال التي تعمل مع اسر... لتنظر لأسر قائلة:.
-Sorry يا أسر لو عطلتكم عن الي كنتم بتعملوه هز رأسه نفيًا بسرعة وهو يمسح على خصلاته السوداء: -لا يا كاترين، دي كانت بتجيبلي ورق وكانت خارجة على دخلتك قالت مسرعة بابتسامة عملية: -طب تمام، معلش تجيب الورق من البريد الي قدامنا لان عم سلطان بيجيب حاجات ومش لاقيين حد يجيبه، قوليلهم انا من الشركة وهما عارفين كانت لارا تنظر لها بغيظ، والاخرى تعبث بخصلات شعرها الصفراء بهدوء سمج.. فاندفعت لارا تقول: -لا أنا، آآ.
ولكن قاطعها أسر بجدية جامدة يأمرها: -روحي هاتي الورق يا لارا، حالاً! طأطأت رأسها بحرج، ثم اومأت موافقة واستدارت لتغادر وهي تتمنى أن تنشق الأرض وتبتلعها كما يقولون...! خرجت من الشركة، تقريبا شبه باكية تندب حظها! إنحنت للشارع المجاور والذي كان ساكنًا وفجأة شعرت بمن يجذبها بقوة ولم تستطع الصراخ اذ وضع شيئ ما على أنفها لتفقد وعيها وتنساب قدماها تدريجيًا! ليضمها له بلهفة مرددًا في جنون:.
-وحشتيني، وحشتيني اوووي اوووي!
بعد مرور ساعتان تقريباً.. دلفت عايدة إلى مكتب أسر، ليرفع هو عيناه لها متساءلاً بهدوء: -في حاجة ولا أية يا عايدة؟ اجابته بجدية رسمية: -لا يا أسر بيه، بس اتصلوا بيا من البريد بيقولوا أبعتوا حد لان المكتب هيقفل بعد نص ساعة نهض هو مفزوعًا يصرخ: -نعممم! مابعتناش أية، لارا راحت بقالها كتير! هزت رأسها نافية بحيرة: -مش عارفه يا فندم، بس هما أكدوا إن محدش جالهم اشار نحو الخارج يقول مسرعًا:.
-طب روحي شوفيلي لارا شنطتها وحاجتها معاها ولا لا هزت رأسها نفيًا بسرعة هي الاخرى: -لا يا اسر بيه، هي بتسيبهم معايا لاخر اليوم وبتاخدهم قبل ماتمشي عشان مايضيعوش او كدة! رمى ثقل جسده على المكتب بهمدان، وشيئ داخله منقبض بحسرة قاتلة... ليهمس بضياع: -لارا...! أنا الي ضيعتها، أنا الي أجبرتها تروح!
داخل منزل والد مُهاب الراحل كان مُهاب يجلس في غرفته، مع باقي الخدم في المنزل، وعم سيلين الذي لازمه... وكلما كاد يخبره عن الماضي ترن بأذنيه جملة الطبيب المحذرة حاولوا ما تفكروهوش بحاجات في الماضي كتير، لإن دا ممكن يأثر عليه بالسلب، هو هيفتكر مع الوقت ! إنتبه ل مُهاب الذي سأله بخفوت: -أنت قولتلي أهلي فين بقا؟ تنحنح الاخر مجيبًا: -اهلك تعيش أنت إنفرجت عيناه متسعة على وسعهما وهو يسأله بانقباض:.
-كُلهم! حتى اخواتي؟ هز رأسه نافيًا بسرعة: -لا لا، أنت كنت وحيد امك وابوك اومأ موافقًا بسكون شارد، إلى أن دلف حمزة فجأة يهتف بحنق مازح: -كدة تقلقنا عليك يابن ال* ضيق مهاب ما بين عيناه ليسأله: -أنت مين؟ رفع حمزة حاجبه الأيسر مدهوشًا: -احنا هنهزر! مش عارفني ياض ولا أية تدخل فؤاد يخبره بجدية: -مهاب فقد الذاكرة مؤقتًا يا حمزة تجمد حمزة مكانه مصدومًا من هول ما سمع! ليكمل فؤاد حديثه بهدوء تام:.
-الدكتور قال الخبطة أثرت جامد على المخ بس قال في امل كبير مع العلاج ترجعله الذاكرة بسرعة ابتسم مُهاب وهو يشير له: -اقعد يا حمزة، اقعد دا أنت شكلك دمك خفيف، أنت مين بقا؟ عدل من لياقة قميصه ليتنحنح مجيبًا بفخر مصطنع: -حمزة الشاذلي، 31 سنة والمفروض إني صاحبك وزي اخوك، بس بما انك نسيت فشكلنا هنبدا من اول وجديد، واه بالمناسبة المخبول تالتنا شكله مايعرفش الي حصلك سأله مُهاب مبتسمًا: -ومين المخبول التالت دا؟
-أسر، أسر رشوان جمال رشوان! قالها حمزة بصوت مسرحي مقلدًا أسر في نطقه اياها... ابتسم مهاب بصمت، ليسأل حمزة مندفعًا: -امال فين م... قاطعه فؤاد الذي تدخل ليمسكه من ذراعه مغمغمًا بهدوء مصطنع: -تعالى معايا يا حمزة دقيقة لو سمحت اومأ حمزة موافقًا ليسير معه للخارج... وما إن خرجا حتى قال فؤاد بحزم:.
-ماتجبلوش سيرة سيلين يا حمزة، سيلين منهارة من ساعة الي حصل ومش عايزاه يعرف إنهم متجوزين عشان تخرج من حياته بهدوء زي ما دخلت بهدوء صرخ حمزة فيه بحدة: -لا طبعًا، امال هتسيبه مرمي هنا زي الكلب! دورها كزوجة حتى لو عايزة تطلق انها تفضل جمبه لحد ما يرجع زي ما كان وساعتها تطلب منه هو الطلاق وتروح لحال سبيلها! لوى فؤاد شفتاه وهو يرفع كتفاه يخبره:.
-والله منا عارف يابني، أنا حاولت معاها لكن هي مش راضية ابدا وبتقول استحالة تعيش معاه، كأنه قاتلها قتيل، وانا خايف لايجرالها حاجة كاد حمزة يعترض بغيظ: -بس، آآ ولكن فؤاد قاطعه مرة اخرى: -هي خلت الخدامة تطلع دفتر الارقام واتصلت بخالة مُهاب وقالتلها على اللي حصله، وخالته قالت انها على وصول اومأ حمزة موافقًا بشرود...
وسرح بذاكرته، لا يذكر خلاف على وجه التحديد بينهما، ولكنه يذكر وبوضوح أن بينهما خلاف عام منذ سنوات ماضية!
وبعد مرور بعض الساعات.. رحل عم سيلين وظل حمزة فقط مع مُهاب يتحدث معه في شتى الامور... وفجأة وجد امرأة تندفع نحو الغرفة وخلفها فتاة يبدو انها في اوائل عمرها! لتحتضن السيدة مُهاب وهي تردد بسرعة متلهفة: -مُهاب، أية الي حصلك يا حبيبي!؟ تأكد حمزة بصمت انها المدعوة خالته ليتنحنح بهدوء: -طب هروح اقول للخدم يعملولكم حاجة تشربوها ثم إنصرف بخطى بطيئة... بينما ظلت السيدة تسأله مسرعة: -ازاي حصل كدة يا مُهاب؟
نظر لها متفحصًا ثم اجاب ببطئ: -أنا، بيقولوا اتخبطت في الطرابيزة غصب عني ثم سألها: -هو إنتِ مين معلش؟ أشارت لنفسها ترد بابتسامة بلهاء: -أنا خالتك، خالتك تهاني يا حبيبي نظر نحو الفتاة التي كانت ترتدي ملابس ضيقة، وتضع مساحيق تجميل مهولة! لتتابع تهاني بانشكاح غريب: -ودي بنتي فريدة، وخطيبتك طبعا، مش فاكر فريدة حبيبتك ولا أية!
عند تلك النقطة سمعوا صوت أكواب تُحطم، فالتفت الجميع نحو الصوت ليجدوا سيلين تقف متجمدة مكانها.. اندفعت فريدة نحو مُهاب متجاهلة ما حدث تحتضنه وتقبله وهي تقول بنعومة: -وحشتني أوي يا حبيبي، ألف سلامة عليك سلامتك! نظر مُهاب ل سيلين التي شعرت أن الدنيا تدور من حولها.. أنها تُعاكسها دومًا بخلاف ما تتمنى..! ولكن أليست هي من ارادت الابتعاد عن حياته نهائيًا؟! سألها مُهاب بهدوء: -إنتِ مين؟
شعرت أن الحروف هربت من بين جوفيها، لتهز رأسها نافية وتركض عائدة للخارج.. نهض مهاب هو الاخر، وكادت خالته تنهض خلفه ولكنه أشار لها بجدية: -دقيقتين وراجع، خليكم أنتم هنا اومأت خالته موافقة بامتعاض... فغادر هو يسير بخفوت مستكين، إلى أن رأى سيلين تقف امام احدى الغرف وتبكي كالأطفال محاولة كتمان شهقاتها! أصبح أمامها تمامًا فمد يده يجعلها تنهض، ثم مسح دموعها برقة بطرف اصبعه وهو يسألها: -مالك يا حبيبتي؟
فنظرت له مصدومة من تلك الكلمة..! ليسارع هو مصححًا كلامه: -أنا، اصل إنتِ باين إنك صغننة اوي، ف زي أختي الصغيرة يعني، والكلمة طلعت مني بتلقائية مش اكتر! هزت رأسها نافية وهي تعود للخلف مبتعدة عنه: -مفيش رفع وجهها بيده ببطئ، لينظر في عيناها تحديدًا بتركيز، حتى كاد يغرق في النظر لهما، فهمس: -أنا لية حاسس إني أعرفك! بللت شفتاها بتوتر مغمغمة بتلقائية: -أصل أنا، أنا آآ أنا بشتغل هنا!
بعد مرور الوقت بكثرة... وصل حمزة وحنين إلى شالية أجره حمزة لهما خصيصًا! دلفت حنين تتفحص المنزل بفرحة حقيقية، فاحتضنت حمزة بقوة متمتمة: -شكرا اووي يا حبيبي تحسس حمزة وجنتاها بحنو ثم قال بهدوء: -أنا هطلع أجيب أكل وهاجي اومأت موافقة.. فاستدار وخرج من الشاليه ولكن نادته حنين مسرعة: -حمزة استنى ولكنه فجأة تجمد مكانه وهو يراها، يرى من اقتحمت مرمى عيناه فجأة بعد غياب طال وطال كثيرًا...!
وكان شخصًا ما يبدو انه يزمجر فيها بحدة عالية، إلى أن صفعها فجأة فركض حمزة نحوهما ليتعارك معه بعنف والاخرى تصرخ...! فركضت حنين لهما تصرخ هي الاخرى فيه: - حمزة سيبه، سيبه يا حمزة أنت إتجننت! نهض اخيرًا عنه يلهث بانفعال، فنهض الرجل ليسحب الفتاة من ذراعها بقوة، فاقتربت حنين من حمزة تسأله: -في أية يا حمزة؟! ابعدها بقوة صارخًا: -ملكيش دعوة يا حنين!
وفجأة وجد تلك الفتاة تركض محتضنة اياه وهي تبكي مرددة وسط شهقاتها: -حمزة ماتسبنيش، إلحقني! فلف ذراعيه على ظهرها يحتضنها بتلقائية، لتشهق حنين وهي تعود للخلف مصدومة.. ابتعد حمزة بعد قليل ساحبًا اياها من ذراعها متناسيًا وجود حنين التي قالت بصوت عالي: -أنت واخدها على فين؟ ومين دي اصلاً عشان، عشان يحصل الي بيحصل دا! نظر لها بحدة يزجرها: -اسكتي يا حنين مش وقته ثم إلتفت للفتاة يربت على شعرها في حنو هامسًا:.
-اششش اهدي وبالفعل دلفوا معا الى الشاليه وكانت حنين تسير خلفهم بأقدام مرتعشة! دلف حمزة مع تلك الفتاة الى احدى الغرف التي بها مرحاض بينما كانت حنين ساكنة مكانها بصدمة متألمة تتابع ذاك المشهد... دلفت الى الغرفة بعد دقائق، لتجد تلك الفتاة بين احضان حمزة تمامًا وهو يحاوطها بذراعاه! فشهقت بصوت عالي فانتبه لها كلاهما وابتعدت الفتاة منتفضة تستمر في البكاء...
فيما كان حمزة وكأنما يدرك الوضع، وقبل أن ينطق كان حنين تركض نحو الخارج باكية وهي تشعر بقلبها يكاد يتوقف.. وحمزة يركض خلفها مناديًا: -حنين أستني ودون ان ترى كانت سيارة سريعة جدًا تقترب منها منذرة بأضوائها، ولكن حدث كل شيئ بأقل من دقائق! لتصدمها السيارة بعنف وتسقط هي وسط دماؤوها متلطخة مُلقاة على الارض كالجثة الهامدة... وهو يصرخ محتضنًا اياها بجنون: -حنيييييييييييين!
رواية تعويذة عشق للكاتبة رحمة سيد الفصل التاسع عشر
ما مر كابوس! لا بل أسوء من الكابوس، على الأقل الكابوس يحمل نوعًا ما من الأرتياح وسط أمطار العذاب، ولكن ذاك لا يعرف معنًا للراحة او ما شابه ذلك...! كان ينتظر الطبيب امام الغرفة التي تقطن بها حنين معشوقته التي كادت تذهب هباءًا، والأخطر أنه السبب الرئيسي! واخيرًا خرج الطبيب بهدوء ليسارع حمزة بسؤاله بلهفة واضحة: -طمني يا دكتور، مراتي مالها؟ هز رأسه نافيًا بابتسامة:.
-متقلقش يا استاذ، هي بخير، بس في شوية إصابات خارجية والحمدلله الخبطة مش خطيرة اوي هي ايدها بس اتكسرت ورجليها اليمين فيها جزع وفي شرخ بسيط في دماغها لكن مع الوقت هتخف وهتبقى تمام ان شاء الله تنهد حمزة بقوة مغمضًا العينين، وكأن جبلاً ثقيلاً قرر العفوا عنه فترامى لجهة اخرى.. جهة السماح او عدمه! ربت حمزة على كتفه الطبيب مغمغمًا: -شكرا اوي يا دكتور، اقدر ادخلها دلوقتي؟ اومأ موافقًا بتأكيد:.
-اه هي زمانها اتنقلت الاوضة اتفضل ابتسم حمزة بخفوت ثم غادر مسرعًا نحو الغرفة التي اشار عليها الطبيب... كان أمام الغرفة فابتلع ريقه بصعوبة ثم دلف اخيرا ليجدها متسطحة على الفراش وتنظر لجهة الشرفة.. تنحنح بخفوت ثم همس: -حنين! لم ترد ولم تلتفت له حتى، وإنما ظلت على نفس وضعيتها وكأنها تناجي الفراغ..!
جلس حمزة على الكرسي الذي يجاور الفراش ثم امسك يدها الموضوعة على الفراش ليجدها تنتفض ساحبة يدها بقوة، وشرارات غاضبة وحارقة ترسلها له من بين شرود غابات عينيها الزيتونية، لتجده يغمغم بعدها بحزن: -أنا أسف يا حنيني، صدقيني كل اللي حصل مكنش بقصدي لم ترد عليه ايضًا، وإنما كانت ملفوفة بلفحة الصدمة الساكنة،! حتى تابع هو قبل أن يقترب منها: -طب ردي عليا، ماتفضليش ساكتة كدة أمسك بوجهها بين يديه ليهمس بإلحاح صادق:.
-حبيبتي ردي عليا، طب زعقي عيطي اعملي أي حاجة..! لم تجيب أيضًا، وإنما إتخذ النفور مجراه على ملامحها التي كانت تنبض بالعشق قبل قليل فقط... ليسرع متابعًا بحنق من نفسه: -على فكرة اللي إنتِ شوفتيها دي مش أكتر من صديقة قديمة كانت عزيزة عليا، لكن اتلخمت لما شوفتها وكانت بتعيط ومنهارة كدة، وخصوصا لما، آآ لما الحيوان دا مد ايده عليها!
اقترب فجأة يطوقها بذراعيه ويدفن وجهه عند رقبتها وكأنه يخفي عيناه عن سطوة عيناها الحادة! أبعدته عنها بعنف فتأوهت صارخة من الألم الذي كان بذراعها اثر دفعها له بعشوائية: -ااااه ايدي إنتفض بلهفة يتفحص يداها بتوتر متساءلاً: -مالك، حصلها حاجة تاني أبعدته عنها متأففة بضيق بدأ يتسرب للواقع المحسوس... ليدير وجهها له وهو يرجوها متأسفًا: -حنين، كلميني ارجوكِ، عايز أسمع صوتك، بلاش تعامليني بالطريقة دي.
نظرت له باشمئزاز، لو كانت مخالب النظرة تملك إمكانية النطق لكانت الحروف اللاعنة أصابته بالصمم! فسألها بيأس ساكن: -طب إنتِ عايزة أية يا حنين عشان تنسي صمتت دقائق معدودة، ثم نطقت اخيرًا بصوت يحمل صلابة الجبال في تحملها القسوة وسط النهار: -طلقني، رجعني القاهرة وطلقني، أنا لا يمكن أعيش معاك لحظة واحدة تاني! إنتفض كالملسوع الذي كاد يُصاب بالنيران ليهز رأسه نافيًا وهو يقترب منها ويقول برجاء حار:.
-لأ، مستحيل، أي حاجة إلا الطلاق، أنا مقدرش أعيش من غيرك، إنتِ حياتي يا حنين صرخت فيه بجزع: -وأنت أكتر واحد كذاب شوفته في حياته، ممثل شاطر وواحد خاين وحقير، خدتها في حضنك عادي واتخانقت عشانها بردو، وماهانش عليك تخلي عندك دم وتراعي إني واقفة قدامكم، لا وداخلين تكملوا ف الأوضة، منا سبتلكم الشاليه كله ماقعدتش معاها لية تقضي وقت لطيف، إشبع بيها! راح يهز رأسه نفيًا، ثم همس بصوت مبحوح:.
-صدقيني دا ارتباك لما اترمت ف حضني فجأة مش أكتر، لكن والله العظيم أنا بحبك إنتِ، لا بعشقك واستحالة اسيبك كزت على أسنانها كاملة بغيظ، ثم هزت رأسها مرددة بغل: -وأنا بكرهك، بكرهك يا حمزة ومش طايقة أشوف خلقتك قدامي، أنا بكره الخيانة، وأنت خاين وبجح كمان! وكان هو منكس رأسه ارضًا، كلماته تمزق خلايا الحياة داخله! وهو لا يدري كيف خارت قواه امام شعوذة الماضي من الأساس؟!
بعد دقيقة دلفت الممرضة بعدما طرقت الباب لتسأل حنين بجدية: -ازيك يا مدام حنين؟ أحسن دلوقتي!؟ اومأت حنين بصمت ثم همست بصوت يكاد يسمع: -الحمدلله اومأت الاخرى بابتسامة، لتنزع عنها المحلول وهي تخبرها: -طب تمام، يلا بقا عشان تلبسي هدومك عشان ترجعوا القاهرة زي ما جوزك عايز.
اومأت موافقة بصمت، لتسألها الممرضة بخفوت: -محتاجة مساعدة ف أي حاجة؟ هنا تدخل حمزة يجيبها بخشونة: -شكرا تعبناكِ معانا، أنا هساعدها اومأت موافقة ثم تنحنحت لتغادر بحرج، فنظر حمزة لحنين التي هتفت بحنق: -أطلع بره! هز رأسه نافيًا ثم أقترب منها ليمد يده ينوي خلع ملابس المستشفى عنها، إلا أنها صرخت فيه مسرعة: -قولتلك أطلع بره مش محتاجة مساعدتك.
زفر بضيق يائس ثم استدار ليغادر متمهلاً في سيره علها تُعدل منحنى حياتهم سويًا بندائها...! ولكن فشل أمله عندما أغلق الباب ولم تنطق هي ببث كلمة، كان يقف أمام الباب مباشرة.. وبالفعل بعد دقائق سمع تأوهاتها المتألمة فلم يتردد وهو يفتح الباب ليدلف ويغلقه خلفه بالمفتاح... اقترب منها ليجدها بملابسها الداخلية تحاول إرتداء ملابسها التي جلبها لها ولكن قدمها وذراعها لم يكونا خير عون لها فبدأت تبكي بشكل طفولي!
مد يده لينزع عنها قميص المستشفى نهائيًا، وتباطئت يده تلقائيًا على ملمس جسدها الناعم... لم يشعر بنفسه سوى وهو يقترب أكثر لتجول شفتاه على رقبتها هامسًا بصوت يكاد يسمع: -أنا أسف، بجد أسف، سامحيني يا حبيبتي! أبتعدت مسرعة وهي تتنفس بشكل ملحوظ، لم تكن لمسته عليها قليلة الحيلة، بل كانت كعامل خائن لها يكمن بين احشائها المظلمة!
حاولت النهوض ولكن صرخت متأوهه من ألم قدمها التي تشنجت، وكادت تسقط ولكنه كان الأسرع ليلتقطها مسرعًا بين ذراعيه، أحاط خصرها بتملك وعيناه تغوص بين شوارع عيناها المفترسة... كانت نظراتها الحادة تقابل رجاء عينيه المائل لليأس! وإصبعه يسير بحركة دائرية على وجنتها المرمرية، نهضت ببطئ تتكئ على قدمها محاولة كتمان تأوهاتها.. لتدفعه بقوة جالسة على الفراش بهمدان، ثم سرعان ما كانت تبكي بقوة وهي تردد في حسرة:.
-مش قادرة أقف على رجلي، حسبي الله، أنت السبب، مش مسامحاك يا حمزة! كم شعر بسكاكين تُغرز في منتصف قلبه لتُعيق تلك النبضات التي تهفو بأسمها! هبط لمستوى قدمها، ليتحسسها ببطئ يدلكها لها ثم همس: -أنا أسف أوي، بس الدكتور قال إنها بسيطة الحمدلله، أسف يا حنيني كادت تبتعد ولكن هذه المرة لم يعطيها الفرصة ليحيطها بيداه ويجبرها على إرتداء ملابسها بسرعة ثم يحملها فجأةً بين ذراعيه..
ظلت تنتفض وهي تهز قدماها عله يتركها، ولكن لم يأبه لها... خدشت عنقه بأظافرها وهي تهمس بغل: -سيبني بقا يا بني ادم مش طايقة قربك دا كان يسير دون أن يأبه لها وكأنها شفافة متحاملاً على ألمه، وصل بها إلى السيارة فوضعها داخلها برفق ليغلق الباب بحزم ثم عاد ليجلب حقائبها من الداخل... وبعد قليل أتى حاملاً حقائبها، وهي عاقدة ذراعها السليم على الاخر...
عاد يركب السيارة لجوارها، مال ناحيتها قليلاً ليجدها تعود للخلف مسرعة عاد مكانه مرة اخرى متأففًا بحنق: -متقلقيش يا حنين، مش هاجي جمبك!وصلا إلى المنزل بعد قليل... ترجلت حنين من السيارة تعرج على قدمها السليمة مستندة على ما يجوارها، ترفض مساعدات حمزة الذي ظهر الضيق جليًا على وجهه!
أسرع حمزة نحو الباب ليفتح حتى لا يجعلها تقف منتظرة وما إن دلفا حتى وجدا تلك الفتاة تقف أمامهم ويبدو أنها كانت تفعل شيئ ما وتوقفت فجأة... تجمدت أعينهم تتابعها بصدمة من هيئتها تلك! ترتدي قميص حمزة الأبيض الذي يصل الي فخذيها ومفتوح من الأعلى يظهر بعض مفاتنها.. أسرعت حنين تقترب منها وهي تسألها بحدة: -أية اللي إنتِ لابساه دا؟ نظرت لهيئتها ثم عادت تنظر لحنين وهي تجيب بتوتر:.
-دا آآ دا قميص حمزة لإن ملقتش غيره وهدومي مبلولة! اقتربت حنين منها ببطئ، وكانت نظراتها لا تنذر بالخير ابدًا فبدأت تصرخ بوجهها منفعلة: -إنتِ متخلفة، ولا مش محترمة ولا مجنونة ولا أية نظامك، مين سمحلك تفتشي في الحاجة، وازاي تقعدي بالمنظر دا قدام راجل غريب، خلاص مابقاش في حياء؟! بدأت الدموع تتكور داخل عيناها الزرقاء، وإنكمشت على نفسها، ولكنها قالت بهدوء:.
-عادي يعني، مفيهاش حاجة يا أنسة إنتِ عامله حوار على حاجة تافهه على فكرة! كانت حنين تنظر لها مصدومة من تلك الجرأة.. لتكمل الاخرى رافعة رأسها تنفي ذلك الخطأ عن محور ثباتها: -الموضوع مش مستاهل لان دا لبسي الطبيعي لم يكن من حنين إلا أن صفعتها بقوة، وكأن تلك الصفعة كانت كرد إعتبار للرماد الذي حاوط كيانها...! بينما بدأت الفتاة تبكي شاهقة بعنف وهي تسقط على الأرضية تحيط وجهها بيديها..!
تحرك حمزة منصدمًا ليسألها بذهول: -أية اللي إنتِ عملتيه دا يا حنين؟! أندفعت تهتف بحقد: -عملت الصح! دي بت مش متربية و * ولا تتساءل كيف سقطت الصفعة على وجه حنين من حمزة بعنف، تمامًا كتلك الصفعة ولكنها تفرق إغارة الألم تبعًا لصاحبه! سقطت على الأرض اذ لم تستطع الوقوف على قدمها أكثر، ويدها تخفي خدها وهي تحدق به وكأنها تستوعب... والعقل يصرخ شامتًا ألم تتوقعي أكثر رغم ما فعله منذ قليل.
ولكن يبقى هناك قلبًا أحمق، مخدوع ومستنكر، ماحي كل قرارات العقل! ولكن ماذا إن توقف من الأساس فلم يعد يوجد سوى العقل؟! حاولت حنين النهوض، ولكنها لم تستطع النهوض وحدها، يداها مكسورة وقدمها كذلك... هبطت الدموع رغمًا عنها بصمت مكسور، ليقترب منها حمزة ببطئ وكأنه مصدومًا من تصرفاته العجيبة، يود مساعدتها، ولكنها صرخت فيه بصوت اختلط به البكاء رغمًا عنها:.
-ابعد عني، ملكش دعوة بيا غور للسنيورة بتاعتك، سبني في حالي مش عايزة حاجة منك! عض على شفتاه ندمًا وهو يغمغم.. -حنين آآ، حنين أسمعيني فأجبرت حنين نفسها على النهوض صارخة من ألم قدمها التي كادت تكسر فعليًا لتنظر له قبل أن تغادر مرددة بجمود باكي: -الدايرة مابقتش تسعنا سوا يا حمزة، طلقني بالزوق لإما هغور من هنا وهرفع قضية خلع..!
يتحسس هو جسدها بشهوة وهي متسطحة أمامه فاقدة الوعي، عيناه تغرق رغبة في منحنيات جسدها الضعيف... وصوت لهاثه يغطي على السكون الذي يحيطهما! مد يده يفتح أزرار بلوزتها بسرعة، وقد بدأت يتصبب عرقًا من مجرد تخيلها وهي بين أحضانه ساكنة هكذا...! نزع عنها البلوزة لتبقى بملابسها الداخلية وتيشرت قصير جدا.. فنهض هو الاخر لينزع التيشرت الخاص به وبنطاله أسرع ما يمكن وعيناه تخترق جسدها المكشوف...
واخيرًا بدأت تتململ في نومتها تهمس بحروف متقطعة: -أ، آآ أسر! تجمد هو فجأة ليقترب منها، مد يده يفك خصلاتها الناعمة، ثم مال عليها ليغطيها وهو يشم رائحة شعرها الفواحة... إنتفضت هي بعد دقائق وكأنها أدركت الموقف.. عفواً بل أدركت المصيدة التي تحفظها عن ظهر قلب! المعاناة التي تشق حياتها للجحيم وما شبه الحياة...! ظلت تهز رأسها نافية بسرعة في محاولة لتغطية جسدها العاري وهي تردد: -لا، مش تاني يا خالد حرام عليك.
جذبها من خصلاتها بقوة ليعلو صوت صراخها، ثم ملس على خدها وهو يطالعها بنظراته الشهوانية، ويهمس لها بحرارة: -هو إنتِ معرفتيش، مهو مكنش في أولاني يا لورتي! شهقت هي مصدومة، إرتجف جسدها بقوة من هول ما سمعت، لتجده يتحسس جسدها بجرأة أكثر قائلاً: -شكلك معرفتيش، يعني محدش قربلك غيري! أنا كنت متأكد، إنتِ ملكي أنا وبس نفضته عنها مسرعة لتهز رأسها نافية وتسأله ببكاء حاد:.
-حرام عليك يا خالد، أنت لية بتعمل فيا كدة أنا عملتلك أية ولا أذيتك ف أية؟ جذبها من قدمها فجأة لتسقط على الأرضية صارخة صرخة مذبوحة شُققت ألالاف المرات صدمةً داخلها... ليفتح بنطاله ثم يخلعه سريعًا، وصوته كإطراء للعذاب القادم يسقط على أذنيها: -أنا كنت بتعالج عشانك! عشانك إنتِ بس عشان تبقي ملكي بجد... بدأ يُقبل رقبتها بلهفة مرددًا بصورة هيستيرية: -أنا بحبك يا لارا، بحبك أوي أكتر من أي حد ومن كل الناس.
حاولت التملص من بين يديه وهي تصرخ: -لالالالالا أنت مررريض ولكنه كان الأقوى، والأعنف! رفع يده ليمزق ذلك التيشرت الصغير، ليظهر جسدها بوضوح أمامه وعيناه تنهش فيها بلا رحمة... بينما هي عذابها يُضاعف كلما تذكرت ما في احشاؤوها،! ذاك الذي كُتب له الموت قبل أن تدون له الحياة.. ظل يقبل الجزء الذي ظهر منها، ويزداد رغبة ويمزق باقي التيشرت أسرع، وشفتاه تتلهف لتذوقها بشدة!
أستطاعت أبعاد شفتاه عن جسدها قليلاً وهي تهمس متوسلة بضعف: -سبني بقااااا والنبي ولكنه لم يكن لينتبه لها او لتوسلاتها الواهنة! بل كان كذئبًا متلهف لأفتراس فريسته فقط! فريسته التي انتظر الكثير من أجلها، من أجل امتلاكها فقط...!
كانت سيلين تقف في المطبخ تحادث والدتها على هاتفها بصوت منخفض خشية سماع اي شخص لها: -هو أية اللي ازاي يا ماما؟! هقعد معاهم زي بقيت خلق الله -تقعدي معاهم زي الخدامة يا سيلين؟ هي دي اخرتها تبقي خدامة في بيت جوزك، لية اتجننتي! -مهو، آآ هو سألني فجأة وانا خوفت يعرف الحقيقة فمعرفش أية اللي خلاني أقوله كدة -تعالي يا سيلين، امشي من غير مايعرف.
-كدة هيشك يا امي، ارجوكي سبيني انا كلها يومين بس اطمن عليه وهرجع على طول -وازاي اصلاً حمزة سابك تعملي الجنان دا -حمزة كان ناقص ابوس رجله عشان يوافق، واخرة مازهق سابني وراح شاف صاحبه ومشي -لا لا مستحيل اسيبك، انا بنتي تبقى خدامة على اخر الزمن! -ياماما انا مش هبقى خدامة زي ما إنتِ متخيلة، هو فهم إني كنت خدامة مش مازلت، أنا اتفقت مع مسؤلة الخدم اني هشتغل معاهم على خفيف -وهي وافقت؟
-محدش هنا يعرف إني مراته يا امي، انت ناسية ان جوازنا كان سُكيتي وقعدنا في شقة منعزلة! -مش هتستحملي يا حبيبتي، انا خايفة عليكِ -اديني يومين اتنين وهتلاقيني نطيت لك تاني -يومين يا سيلين -اوعدك، ومش هعمل اي حاجة، انا هبقى بالاسم شغالة معاهم، بس هبقى جمبه مش اكتر -اوووف من دماغك، اما نشوف اخرتها، وعشان تبقي عارفه انا هاجي زيارة وهشوف الوضع -ماشي يا حبيبتي، يلا سلام إنتِ بقا عشان محدش يشك فيا.
-طب كلميني كل شوية -حاضر -سلام يا اخرة صبري -سلام يا ست الكل أغلقت الهاتف ثم تنهدت أكثر من مرة وهي تتذكر أخر لقاء لها مع والد مُهاب، اليوم الذي اخبرها فيه ان مهاب يعاني من ماضي مأسوي! ورجاها ألا تقسو هي الاخرى مساندة الزمن...! وتقريبا إقناعه لها ما جعلها تحاول البدأ معه من جديد ليس أكثر! ولكن الان، وفي وجود منافس، هي الاحق والاولى!
خرجت من المطبخ تنظر يمينًا ويسارًا وكادت تسير ولكن فجأة اصطدمت بصدر صلب، رفعت عيناها له لتقابل حشو عيناه السالب الإرادة.. توقعت صراخه بها كعادته في الماضي، ولكنه على عكس توقعاتها قال بهدوء: -مش تاخدي بالك يا، آآ ثم سألها مستفسرًا ؛ -إلا بالحق إنتِ أسمك أية؟ ابتلعت ريقها بتوتر ثم همست خافضة رأسها ارضًا: -س سيلين! سيلين، سيلين، سيلين، ! ترددت الكلمة بعقله أكثر من مرة، ولا يدري لمَ شعر بصداها داخله؟!
الأسئلة تكثر بين جحور حياته والوضع يزداد سوءًا! أنتبه اخيرًا لها ليهتف بابتسامة مصطنعة: -اممم، اسمك جميل يا سيلين سار متجهًا نحو الخارج وهو يقول لها بصوت رجولي ناعم: -تعالي يا سيلين ندردش شوية ولا نلعب، أنا زهقت من قعدة الاوضة وفريدة وخالتي ناموا وكأنها تذكرت تلك المنافسة فقالت مندفعة: -موافقة اكيد، بس هنلعب أية!؟ نظر لها بطرف عيناه مغمغمًا بخبث: -هنلعب أية يعني، عريس وعروسة! أكيد لا.
توترت وقد زحفت الحمرة لوجهها احراجًا، لتجده يضحك مرددًا في حنو: -بهزر معاكي يا نونو، إنتِ بتحبي تلعبي أية بما إن اللعب مناسب لسنك إنتِ اكتر؟ تخصرت وهي تردف بحنق طفولي: -على فكرة أنا مش طفلة! منع نفسه من الضحك بصعوبة مؤكدًا: -أيوة طبعا هو حد قال غير كدة، بس أنا كمان عايز ألعب، أنا زهقان اومأت وهي تحك طرف رأسها دلالة على التفكير، ثم هتفت فجأة بحماس: -ايوة لاقتها، هنلعب استغماية.
صمت دقيقة، ثم سحبها من يدها فجأة وهو يسير بخطى أسرع: -اشطا جداً، يلا بقى وقفا في حديقة المنزل سويًا، لتفك سيلين الطرحة التي تلف عنقها، وتربطها على عيناها وهي تؤكد عليه: -مرة ليك ومرة عليك، أنا مش كل مرة هه! اومأ موافقًا بابتسامة خفيفة ثم بدأ يبتعد عنها تدريجيًا: -اكيد، يلا انطلقي بدأت هي الاخرى تسير ببطئ حتى كادت تمسك به فركض وركضت هي الاخرى خلفه...
ظلوا هكذا يركضون حول بعضهما وصوت ضحكهم يعلو معانقًا السماء..! وكأن ذلك ما هو إلا دليل ل سيلين يؤكد لها أن العائق الوحيد لم يكن سوى ماضي مُهاب، ماضيه الذي يعيق فطرته ليس أكثر! وأثناء اللعب إلتوت قدم سيلين فجأة وكادت تسقط وعيناها مغطاه بالطرحة، فأسرع مُهاب يقترب منها يلحق بها حتى أحاطها فتشبثت هي بأحضانه حتى لا تقع... نزعت الطرحة عن عيناها بسرعة لتقابل عيناه التي كانت تتابعها بصمت مُوتر للموقف...!
كان يحيط خصرها بتلقائية وهما ملتصقان بطبيعة الموقف.. شيئ ما مجنون دفع سيلين للأقتراب من شفتاه ببطئ، وكأنها اشتاقت له حقًا؟! أغمضت عيناها وهي تقف على أطراف أصابعه لتصبح في طوله.. واخيرًا لامست شفتاه برقة متناهية، وهو لا يدري أي مشاعر ساخنة تلك التي كادت تحرق احشاؤوه... كاد يتجاوب معها، يقبلها برقة ملتهمًا شفتاها بنهم صادم لكلاهما في ظروف كتلك..!
وهي التي كانت هذه المرة تطلب المزيد، لا تبتعد ككل مرة بل كانت ملتصقة به تحيط عنقه بذراعيها... ابتعدا سنتيمتر واحد يلتقطا انفاسهم اللاهثة العالية، وفجأة ومن دون مقدمات إندفعا كلاهما يقتربا مرة اخرى يشكلا ملحمة شاعرية.. والقبلة تزداد قوة ونهمًا، يتأكل شفتاها برغبة مجهولة،! وبعد دقائق سمعوا صوت فريدة تنادي من بعيد: -مُهااااب ابتعدا قليلاً ولكن لم يلحقا الابتعاد كل البُعد المطلوب..
فثارت فريدة تصرخ في سيلين مرددة بغيظ: -إنتِ بتعملي أية هنا، امشي غوري شوفي شغلك كانت سيلين تلتقط أنفاسها بصعوبة، ولكن أحتدت ملامحها وكادت تجيبها ببرود، ولكن وجدتها فجأة تسحبها من ذراعها بقوة ثم تدفعها نحو الداخل مزمجرة: -امشي يلاااا إنتِ لسة هاتنحي! نظرت لها سيلين، وكان السباب على حافة لسانها، ولكن صمت مُهاب الذي كان ساكن وكأنه يُحاسب نفسه على تلك التطاولات جعلها تتراجع ببطئ...
وتمنع دموعها من الهبوط بصعوبة وهي تسمع فريدة تتابع آمرة بحدة: -اعمليلنا اتنين قهوة يابت إنتِ يلا..!
لم تخرج حنين من غرفتها منذ أن دلفتها، تشتاق لوالدتها وبشدة خاصةً في تلك اللحظات! تلك اللحظات التي تُشعرك وكأنك وسط غابة اختفت اشجارها التي كانت تفصلك عن تلك الشراسة المختبئة...! كانت تبكي بعنف، لا تدري تبكي من ألم جسدها ام من ألم روحها التي تنزف حد اقتراب الموت؟! جهزت حقيبتها التي لم تفتحها من الأساس، ثم خرجت اخيرًا لتجد حمزة ينهض من جوار تلك باتجاهها..
حاولت المرور من جواره لتجده يمسك يدها متساءلاً بجدية: -إنتِ مفكرة إني هسيبك تمشي بجد؟! أبعدت يدها عنه ثم قالت بصوت خفيض وحاد في آنٍ واحد: -أنا مش قادرة أقف على رجلي، سبني امشي احسن والا قسما بالله هصرخ واقول خاطفني! امسكها من كتفيها ليجلسها على الأريكة دون ارادتها، فكانت تصرخ فيه منفعلة: -قولتلك ملكش دعوة بيا هو أنت مابتفهمش! جز على أسنانه بغيظ يقول: -طب ممكن تهدي عشان نعرف نتكلم لم تنظر له وردت:.
-احنا مابقاش في كلام بيننا تاني خلاص، حتى صلة القرابة هقطعها يا حمزة هز رأسه نفيًا ثم قال بصوت تقدمه الندم: -حنين أنا... ولكنها قاطعته وهي تزجه بعنف ليسقط على الأرضية أثر دفعتها المفاجأة.. نهض بغضب حقيقي ينظر لها، بينما الاخرى تتابعهم بصمت وكأنها تشاهد فيلم مثير! وقبل أن يتهور حمزة مرة اخرى كانت حنين تقول بثبات ظاهري رغم خوفها منه: -استحالة اقعد لحظة طول ما البت دي هنا!
رفع حاجبه الأيسر بغيظ، ليسمع شروق تقول بصوت متأثر: -طب انا هروح فين، انا لو رجعت له ممكن يقتلني زمجرت حنين فيها بحدة عالية: -في جهنهم الحمرا ان شاء الله! ثم نظرت لحمزة تسأله بتحدٍ: -ها يا حمزة؟ شوف هتمشي مين فينا وياريت بسرعة عشان أنا بزهق صمت حوالي دقيقتان ثم نهض ساحبًا حنين من يدها السليمة خلفه ببطئ نحو الغرفة، فحاولت حنين التملص من قبضته متأففة: -سبني يا حمزة، حاول ماتكونش همجي مرة ف حياتك.
دلف معها ثم قال بجدية حازمة: -لا إنتِ هتمشي، ولا هي هتمشي، اعقلي واغزي الشيطان اجابت من دون تردد بصوت عالي وغاضب ؛ -مش لما تغزيه انت الاول، دا انت معندكش دم صحيح أغمض عينيه يتمالك نفسه من إهانتها المستمرة، واستدار وكاد يسير إلا أنها لم تجد حلاً اخر! ف انتبهت للمرآة الصغيرة على الكومود، لتركض نحوها وتكسرها سريعًا، ثم تضعها على عرق يدها مستطردة بصراخ: -طلقني يا حمزة.
اتسعت عيناه بذهول، وسرعان ما حذرها بغضب: -سيبي اللي في ايدك بطلي جنان يا حنين ضغطت بها على يدها فبدأ الدم يظهر بالفعل، ارتعد هو من تلك المجنونة ليسرع يقول بلهفة قلقة: -طب هعملك اللي إنتِ عايزاه بس سبيها الاول هزت رأسها نافية، تتحامل على نفسها وتضغط بالزجاجة اكثر مع صراخها المنتحب: -قولتلك طلقني دلوقتي حالاً، طلقني، طلقني انا كرهتك لم يشعر بنفسه سوى وهو يصرخ هو الاخر: -إنتِ طالق يا حنين!