أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في منتدى جنتنا، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .

المنتدى للقرائه فقط -- للمشاركه انتقل الى منتديات جنتنا الجديده -forums.janatna.com





رواية جلاب الهوى

غريبة هي في أرض عجيبة يسودها الجهل و يحكمها العرف و تطبق على أنفاسها التقاليد البالية تحاول تحقيق هدف ما و رغم توافقه مع ..



11-01-2022 01:31 صباحا
مشاهدة مشاركة منفردة [19]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية جلاب الهوى
رواية جلاب الهوى للكاتبة رضوى جاويش الفصل العشرون

بعنوان ( جرح ومداوي )

نظرت دلال للخالة وسيلة التي اخذتها سنة من نوم وهى بمجلسها فاشفقت عليها وفكرت في إيقاظها ودفعها للنوم بفراشها حتى يجد جديد فها هى الساعة قد قاربت الخامسة فجرا ولازالت العتمة تخيم على الأجواء والمطرلايزل يهطل رغم انه قل غزارة ولا اية اخبار تذكر عما يحدث بالخارج ..
صعدت للطابق الثاني في وجل واتجهت حيث تلك الشرفة المطلة على بوابة البيت الكبير تستطلع ما يمكنها ادراكه من قلب تلك العتمة التي تشمل المكان كأنه مدينة للأشباح..

مدت ناظريها للبعد لحظات حتى تراقص امامهما ضوء مشعل قادم من اسفل التلة يجاهد للبقاء مشتعلا تحت رذاذ المطر الخفيف الذي هدأت حدته منذ فترة بسيطة .. شهقت في حماسة وقد استشعرت ان القادم هو عفيف .. لم يكذب حدسها فقد ظهر الان ممتطيا فرسه رافعا شعلة من نيران يحاول حماية جذوتها من الانطفاء ومن خلفه يسير اهل النعمانية رجال ونساء مهتدين بدربه وبنور شعلته التي يحملها ويحميها في ذاك الظلام الدامس..

اقترب الجمع من بوابة البيت الكبير ليظهر لها مناع خلف فرسة عفيف حاملا طفلتاه وبجواره زوجه سعدية تضم عفيف الصغير لأحضانها وبجانبها تسير ام مناع تستند على ذراعها في وهن .. كان المنظر مهيبا ..ظلت تتطلع اليه للحظات في وجل واخيرا اندفعت تهبط الدرج في عجالة فبالطبع يوجد من القادمين من يحتاج للمساعدة الطبية ..
هتفت رغما عنها بحماسة عندما وصلت للطابق السفلي في اتجاه باب الدار:- وصلوا يا خالة وسيلة .. وصلوا ..

انتفضت الخالة وسيلة تتلفت حولها في تيه و اخيرا ادركت ما يحدث فاندفعت خلف دلال التي كانت تقف الان على عتبات البيت الكبير في انتظار المنقذ وعشرته ..
وصل عفيف امام الباب ليترجل من فرسه وقد كان الماء يقطر من كل موضع به وجلبابه موحلا .. وضع الشعلة التي كادت تخبو نيرانها جانبا غارسا إياها بأحد التجاويف الموجودة بالحائط بعيد عن الأمطار ..

وهتف في البشر المتجمهرين بباحة البيت:- بيتكم ومطرحكم يا رچالة .. الحريم تتفضل على چوه المندرة هما والعيال الصغيرة..
واستدار حيث تقف دلال مبهورة تتعلق نظراتها به هاتفا موقظا إياها من احلام يقظتها بصوت مرهق من كثرة الصراخ:- يا داكتورة .. بستسمحك تفتحي المندرة للحريم عشان يجعدوا فيها ..
اكدت في عجالة:- طبعا يا عفيف بيه ..

واندفعت تلبي في سرعة تفتح باب المندرة الذي تملك مفتاحه لتمر الحريم للداخل كل واحدة منهن تجر قدمها جرا وتحمل أطفالها وهنا على وهن ..
ساعدت من استطاعت منهن واشارت للبقية لتصعدن الي الغرف بالأعلى حتى تحضر لهن ملابس جافة وبعض المشروبات الدافئة ..

توجهت للمطبخ لتجد الخالة وسيلة تعمل على قدم وساق في تحضير الطعام والشاي .. ساعدت قدراستطاعتها .. و خرجت تحمل صينية كبري عليها أطباق الطعام لتتبعها الخالة وسيلة بصينية الشاي ..
هتف عفيف يستدعيها:- يا داكتورة ..
وضعت حملها جانبا ملبية ندائه:- نعم يا عفيف بيه !؟..

هتف مشيرا للرجال:- لو سمحتي شوفي الرچالة .. في منهم اللي يده اتصاب واللي رچله انچرحت .. اعملي اللازم ..
هتفت مؤكدة:- طبعا يا عفيف .. حالا..
واندفع هو للأعلى غاب لبعض الوقت وظهر من جديد ما ان عادت حاملة حقيبتها الطبية وبدأت في مداواة المصابين، كان يحمل بين كفيه ملابس جافة، لا تعلم من اين حصل على كل هذا الكم من الملابس .. و خلفه مناع يحمل مثلها ..

دار يوزعها على الرجال وهى تجلس تتابعه قدر استطاعتها ما بين جريح وجريح ..
انتهى من توزيع حمله وكذا مناع الذي هتف في الرجال المتجمعين بصحن الدار:- ادعوا لراغب بيه بالرحمة .. ولعفيف بيه بطولة العمر ..
نهره عفيف بحزم:- خلاص يا مناع ..

تأكدت انه اخرج ملابس من اثر ابيه الراحل وكذا من ملابسه ليكسو أهله .. تطلعت من جديد تجاهه لتنتفض تاركة ما كانت بصدده عندما سمعت هتاف مناع لعفيف في قلق:- چرحك بينزف يا عفيف بيه.. باينه واعر ..
اندفعت دلال في اتجاهه هاتفة:- جرح ايه !؟
اكد عفيف في اضطراب:- متخديش عليه يا داكتورة دِه مخبل.. لا چرح ولا حاچة ..

اكد مناع في قلق:- لاااه انا واعي انه چرح وكَبير كمان .. ولولا ستر ربنا .. وفرسك اللي رمح بعيد وعمود الكهربا بيوجع مكنش حد عارف ايه اللي كان ممكن يچرا ..
اكدت دلال محاولة التظاهر بالهدوء بعد ما سمعته من تفاصيل:- طب ممكن اشوف الجرح ده وانا اللي اقرر ..
اكد عفيف وهو يحيد بناظريه عنها:- هبجى
ابعت للداكتور طارج يشوفه .. الواحد معرفش هو راح فين وسط اللي بيحصل دِه كله !؟..

اكدت دلال في ثقة:- الدكتور طارق ف اجازة ..
نظر اليها في حنق هاتفا:- و انتِ ايه اللي عرفك انه ف اچازة !؟..
زمت ما بين حاجبيها هاتفة:- عشان قابلته امبارح وانا راجعة من ولادة .. وقالي انه نازل اجازة وكان بيسلم عليك ..

تنهد في ضيق ولم يعقب لتهتف هى ما ان استدار محاولا الهرب من حصار نظراتها لتقع نظراتها على موضع جرحه النازف الذي يصنع بقعة كبيرة من الدماء باتساع كتفه والتي لم تلحظها سابقا بسبب اللون الغامق لعباءته والتي خلعها قبل صعوده لجلب الملابس:- يا عفيف بيه .. كتفك كله دم .. لازم اشوف فيه ايه ..
حاول التهرب أمرا:- شوفي انتِ بجية الناس والحريم اخبارهم ايه وانا هبجى تمام..

اكدت هاتفة في حزم:- عفيف بيه .. الناس دي هاتبقى تمام لما انت تبقى تمام مش العكس .. الناس دي معتمدة عليك .. وملهاش غيرك بعد ربنا .. لما تقع .. مين هيسندهم !؟.. لو سمحت.. لازم اشوف الجرح ده ..كل ما اتاخرنا هيبقى فيه خطر لو كان فعلا جرح عايز علاج سريع ..

مرت لحظات صمت تنهدت بعدها في راحة عندما هز رأسه موافقا اخيرا وقد شعر ان الالم الذي كان يحاول ان يتجاهله قد بدأت وتيرته في الازدياد وعليه ان يعترف انه بدأ يستشعر نيران بكتفه المصاب .. توجه للأعلى حيث غرفته لتستأذنه هى لثوان لتحضر أدوات طبية نظيفة من غرفة الكشف ..

احضرت ما استشعرت انها قد تحتاج اليه وعادت لغرفته تطرق بابها المغلق حاملة حقيبتها الطبية .. سمعت امره بالدخول.. فتحت الباب بكف مرتعش وما ان طالعها جالسا موليا ظهره النصف عار للباب حتى كادت ان تعود القهقري .. تسمرت موضعها تحاول غض الطرف عنه .. ليهتف وهولايزل موليا لها ظهره جالسا على احد المقاعد مرتديا بنطالا وقميصا يرتدي ذراعه السليمة ويكشف عن نصف ظهره بكتفه المصاب:- اتفضلي يا داكتورة ..

تحركت خطوات مهزوزة بأرجل من هلام حتى وقفت قباله موضع اصابته .. كان الجرح عميقا بحق وتعجبت من قدرته على احتمال ألمه الذي هى على يقين من شدته ..
تلهت بفتح حقيبتها والعبث بأدواتها وما ان استجمعت حروف أبجديتها حتى هتفت بصوت متحشرج تكاد تقسم انه ليس لها:- الجرح غائر فعلا يا عفيف بيه .. ازاي قدرت تستحمل الالم ده..!؟..

اكد في هدوء:- انا مكنتش حاسس اني اتصبت من اساسه .. لولا مناع .. كان كل همي ارچع بالناس كلها ومفيش حد أضر.. بدأت في تنظيف الجرح ورغم انه لم يصدر صوتا اوحتى همهمة تدلل على تألمه الا ان تصلب عضلات كتفيه كان كفيلا بجعلها تشعر بذاك الالم الذي يكابده دون ان يجهر .. رشت مخدر موضعي على الجرح هاتفة:- الجرح محتاج خياطة ..

همس بصوت متحشرج:- اعملي اللازم يا داكتورة..
بدأت في تقطيب الجرح في مهارة وسرعة .. لحظات من الصمت مرت بينهما لم يقطعها الا صوت أدواتها .. أنهت مهمتها واخيرا وضعت غطاء على الجرح مؤكدة:- كِده تمام يا عفيف بيه .. بالشفا ان شاء الله ..
هز رأسه بلا تعقيب ومد كفه يجذب طرف قميصه الاخر ليستر به جسده فمدت كفها بالمقابل لمساعدته فتنبهت لكفه المحترق فشهقت في صدمة:-ايه اللي حصل لأيدك !؟..

وبدون وعي استدارت وهى ممسكة بكفه بين كفيها فى ذعر هامسة:- ايه اللي حرق ايدك بالشكل ده !؟..
لم يعقب والعجيب ايضا انه لم يجذب كفه المحترق من بين يديها فقد شعر براحة غريبة وكفه قابع هناك وكأن بلسما ما قد وضع مهدئا من نيران حريقه ..
جلست اسفل قدميه ولازال كفه نائما بوداعة على باطن كفها .. مدت يدها تتناول أنبوب دهان ملطف كانت دوما ما تحتفظ به في حقيبتها للطوارئ وبدأت في فرده على باطن كفه الذي كان مفرودا قبالة ناظريها وكأنما هى عرافة تقرأ له طالعه الذي تمنى لو كانت هى جزء منه ..

انتهت من توزيع الدهان على باطن الكف وتغطيتها بغطاء طبي معقم ..
تنهدت في راحة وابتسامة حانية على شفتيها رافعة ناظريها اليه هامسة:- كله تمام ..
تقابلت النظرات .. وساد الصمت وكأنما العالم قد خلا من قاطنيه .. تيه اخرق ومشاعر بكر تعربد بجنبات الروح .. وحشة غابت وانس هل كهلال عيد ما أتى منذ عصور الوثنية .. عيون تتأرجح بمآقيها الدموع وأخرى يهزها الشوق ..أنات انين وحنين مكبوتة بالصدرومؤدة بالفؤاد يحرسها الوجع وتأسرها الوجيعة ..وحديث دار بين المقل لو خُط بكتب العشق لفاضت..

لا علم لأحدهما كم مر من عمر الزمان وهما بهذه الحالة من اللا .. اللاماذا !؟..
عند هذه اللحظة ..انتفض عفيف مذعورا جاذبا نفسه من أتون يستعر بجنباته هاتفا في صوت متحشرج النبرة:- متشكر يا داكتورة .. تعبتك..
طُردت بدورها من جحيمها وكادت ان تهم بالرد عندما عاد لها القدرة على النطق الا انها ظلت موضعها مبهوتة امامه تتطلع اليه.. كم وجه لذاك الرجل !؟.. تراه الان بطوله الفارغ وببنطاله الجينز وذاك القميص الرياضي الذي كان يجاهد لارتدائه منذ لحظات كأنما بدل جلده .. رأته في السابق بتلك الحلة الرسمية التي كانت تليق به وكانما خلقت له والان ذاك الرداء الغير رسمي بالمرة الذي يعكس روحه الشبابية التي لم تنطفئ جذوتها رغما ما يحمل من تبعات ثقال..

تنبهت لشرودها الغير واع فهتفت بدورها:- لا مفيش تعب ولا حاجة .. متحاولش بس تحرك دراعك دي كتير عشان الجرح ميتفتحش ويلم بسرعة ..
هز رأسه بالموافقة وهو ينأي بنظراته عنها لتجمع هى حاجياتها على عجالة لتنهض مندفعة خارج الغرفة .. اغلقت الباب خلفها وزفرت في راحة وهى تضع كفها موضع قلبها الذي كان يطرق باب صدرها في عنف ولم تكن تدري ان احدهم داخل الغرفة يزفر في راحة اكبر وهو يرفع كفه المحترقة امام ناظريه شاعرا ان قلبه كان اولى منها بعلاج الحروق فقد كان بقاءها بالقرب منه اكثر تاثيرا ووجعا من تقطيب جرح بلا مخدر..وقلبه كان اشد اهتراءً من كفه المحترق ذاك..

دلفت شريفة لغرفة ولدها لتجده قد غفا بملابسه مما دفعها لتوقظه هاتفة في تعجب:- معقولة يا شريف نمت بهدومك !؟.. للدرجة دي كنت تعبان يا حبيبي !؟..
همهم شريف وهو يفرك عينيه هامسا:- اه يا ماما الواحد فعلا كان تعبان ومكنش حاسس ..
هتفت امه بمحبة:- طب قوم يا حبيبي افطر ده انت نمت من غير عشا .. تلاقيك جعان ..

اكد رغم انه يشعر العكس:- اه فعلا يا ماما هموت م الجوع ..
هتفت امه باشفاق:- يا حبيبي .. طب ياللاه الفطار جاهز ع السفرة اهو ..
هتف مؤكدا:- طب اسبقيني يا ست الكل .. هدخل الحمام واحصلك ..

سبقته بالفعل تنتظر خروجه .. لحظات وتبعها بعد ان غير ملابسه بملابس مريحة تناسب المكوث ف المنزل .. مد كفه يفتح التلفاز بطريقه لطاولة الافطار .. جلس وبدأ في تناول طعاما كان كطعم الحنظل بفيه فقد كان يجلس للطعام حتى تتناول امه إفطارها وكى لا يشعرها بأي تغير من شأنه تعريضها للتوتر .. فالعجيب انه منذ دخول زينب حياتهما تحسنت حالة قلب امه بينما ساءت حالة قلبه هو والذي يئن وجعا بتلك اللحظة ..

كان غارقا بأفكاره الا انه انتفض متطلعا لشاشة التلفاز عندما هتفت امه في صدمة:- يا ساتر يا رب.. مش دي البلد اللي انت شغال فيها يا بني!؟..
تنبه شريف وما ان طالعه منظر النعمانية امامه على الشاشة حتى انتفض من موضعه هاتفا في ذعر:- يا ساتر .. ايه اللي حصل هناك ده !؟..
رفع صوت التلفاز حتى تأتيه الاخبار عن تلك الكارثة.. لحظات واندفع لحجرته لتكون امه بأسره هاتفة:- على فين يا شريف !؟..

هتف متعجلا وهو يرتدي بدلته الميري:- ع النعمانية يا ماما ..
شهقت في ذعر:- تروح لهناك برجلك !؟.. انت مش شايف الدنيا عاملة ازاي هناك !؟.. ده انا حمدت ربنا ان اللي شيفينه ده حصل وانت ف إجازتك ومش هناك..
اكد وهو يكمل ارتداء ملابسه:- مينفعش اقعد هنا والدنيا هناك بالشكل ده .. لازم اروح ..
انهى ارتداءه ملابسه وطبع قبلة سريعة على جبينها ورحل سريعا في اتجاه النعمانية لا يعلم هل توجه اليها واجبا ام هربا !؟..

هتف عفيف مناديا:- يا مناع ..
ظهر مناع كعادته بلمح البصر ملبيا:- أوامرك يا عفيف بيه !؟..
اكد عفيف:- بجولك يا مناع .. الرچالة مرتاحين تمام ف الشونة .. مش ناجصهم حاچة يعني !؟..
اكد مناع بدوره:- لاااه .. كله تمام يا عفيف بيه..
همس عفيف مازحا:- طب وانت منجصاكش حاچة !؟

همس مناع في حياء:- لااه يا عفيف بيه .. الحمد لله .. كفاية عليا سلامة چنابك ..
قهقه عفيف هاتفا:- سلامتي برضك !؟..
واستطرد مؤكدا والابتسامة لم تفارق محياه:- ع العموم .. انا استأذنت الخالة وسيلة ف اوضتها عشان تجعد فيها انت ومرتك ..هى الخالة وسيلة بتنام ف الاساس مع الداكتورة ..
لم يعقب مناع ولكن تلك الابتسامة الواسعة التي ارتسمت على محياه كانت كفيلة لتكون اشد إيضاحا من اي اجابة ..

استطرد عفيف باسما:- والأوضة التانية اللي چنبها دي هتكون لامك والبنات خرچوا اللي فيها ورتبوها يجعدوا فيها.. اهو يوسعوا المكان للحريم هناك ويكونوا چارك ..
هتف مناع مسربلا بامتنان عميق لذاك الذي جمعه بأسرته من جديد:- والله ما عارف اجولك ايه يا عفيف بيه !؟.. ربنا يچمعك بشج روحك وما يفرجكم ابدا يا رب ..
هز دعاء مناع عفيف داخليا وتضرعت روحه في ابتهال بدعاء هز أركانها .. ياااارب ...

همس عفيف بصوت متحشرج:- ياللاه ابعت لمرتك وعيالك من عند الحريم .. وباذن الله اول ما الدنيا تظبط هنرچع نبنوا بيتك والبيوت اللي خدها السيل احسن م الاول .. و ربنا ما يغرب حد عن داره ..
هتف مناع بتضرع:- امين يا عفيف بيه .. امين ويريح جلبك ويرزجك محبة خلجه كمان وكمان..
ربت عفيف على كتف مناع ممتنا واندفع خارج البيت الكبير يحاول جاهدا اصلاح ما يمكن اصلاحه بعد تدخل الحكومة ومحاولة اعادة النعمانية لما كانت عليه قبل السيل الذي طمس معالمها كليا ..

طرق نديم باب شقة زينب لتفتح امها هاتفة:- اتفضل يا نديم يا حبيبي ..
هتف نديم في حياء:- شكرًا يا طنط .. بس هي زينب هنا !؟.. كنت عايزها تغير لناهد ع الجرح ..
اكدت ماجدة بلهجة حاولت ان تغلفها بالثبات:- اه زينب هنا يا حبيبي .. بس رجعت تعبانة قوي من المستشفى ونامت حتى من غير ما تاكل يا حبة عين امها ..اصحيهالك!؟
كانت تهتف بكلماتها الاخيرة بلهجة واهنة فهى تعلم علم اليقين ان ابنتها لن تخرج من عزلتها التي فرضتها على نفسها منذ رحيل شريف ..

هتف نديم رافضا:- لااا.. خليها مستريحة يا طنط.. تسلمى ..
اكدت ماجدة:- طيب يا حبيبي .. لما تصحى هخليها تجيلكم ..
هتف نديم:- طيب تمام .. سلام عليكم ..
هتفت ماجدة:- وعليكم السلام ..

اغلقت بابها وهى تعلم ان ابنتها لن تستطيع الخروج من غرفتها تلك الليلة وربما لليال عدة قادمة.. فهى تعرفها عز المعرفة وتدرك ان ما حدث في وجود شريف لم يكن هينا عليها .. فتلك الحكاية القديمة تنكأ بداخلها جراحا تحاول مداواتها منذ زمن بجانب انها تستشعر كأم تعلق ابنتها بشريف.. والذي يعد الرجل الاول الذي حرك شيئا بداخلها بعد ذاك الحادث الذي اعتقدت ان ابنتها فقدت من بعده ومع رحيل ابيها رغبتها في الحياة ..
مسحت دمع انساب على خديها وهمست بتضرع:- يااارب ..

هم نديم بنزول الدرج هاربا من بقائه مع ناهد بعد اخر موقف بينهما الا انه عاد ليفتح باب شقته ويدلف للداخل من جديد وقد ادرك ان عليه تجاهها واجبا وعليه تحمله مهما كان ذاك الواجب ثقيلا على كاهله.. توجه لغرفة ناهد وطرق بابها في ثبات .. فتح الباب في لامبالاة حاول ادعاءها عندما استمع لصوتها يدعوه للدخول.. كانت عيناه تدور بمحجرها بكل الاتجاهات عدا الوقوع على محياها وهو يهتف مؤكدا بنبرة ثلجية حاول ان يعريها من كل المشاعر:- وقت التغيير على جرح راسك ودهان رجلك ..
همست وهى لا تقل عنه اضطرابا لكنها لم تكن بمهارته لتستطيع مداراته:- مش مهم .. انا بجيت كويسة .. و زينب تبقى تغيرهولي..

اكد هاتفا بنفس النبرة:- زينب نايمة وتعبانة .. جت متأخر من المستشفى .. ومعرفش اذا كان هتقدر تعدى علينا النهاردة و لا لأ ..
اكدت من جديد:- مش مهم .. انا اصلا بجيت احسن .. ومش محتاچاهم ..
تقدم يفتح كيس الأدوية على الطاولة الملاصقة للفراش مؤكدا بنفس النبرة الثلجية:- مش بمزاجك على فكرة .. علاجك هتخديه عشان تقومي وتقدري تعتمدي على نفسك .. محدش بقى فاضي يقعد يخدمك الأربعة وعشرين ساعة كأن موريهوش غيرك ..

تطلعت اليه وعيناها تتأرجح بهما الدموع ولم تعقب بكلمة.. كانت تعلم انه يتحاشاها منذ المرة الاخيرة التي ظهرت فيها مشاعرهما للعلن .. كان يستيقظ صباحا قبلها بساعات ويخرج لا تعرف الي اين .. لكنها كانت تجد إفطارها معدا على صينية مغطاه بالقرب من فراشها ويعود بأخر النهار منهكا يتناول ما تعده ام زينب من طعام بصحبتها لكنه ابدا لم يتطلع اليها ولو لمرة واحدة كأنما يعاقب نفسه ويعاقبها على لحظة ضعف أفشت دواخله واظهرت اكثر مما كان مفترض ..

تناول هو المطهر ودار حول الفراش صاعدا اياه ودنا منها حتى اصبح قبالتها تقريبا .. رفع رأسها المنكس لتواجهه فطالعته نظرات عينيها الدامعة.. انتفض داخليا لمرأها وظل متخشبا لا يقو على اتيان اي رد فعل امام تلك النظرات الموجعة اللائمة .. لكنه اخيرا ادار رأسها حيث اتجاه اصابتها وبدأ في إزالة الغيار القديم وتطهير الجرح ووضع غيار اخر رغم ان الامر يعد شاقا على نفسه لعدم قدرته على تحمل منظر الدم اوالجروح ..

انتهى واستدار حول الفراش من جديد ممسكا بأنبوب الدهان الخاص بقدمها الذي خف تورمه لحد كبير عن زي قبل الا انها همست ما ان رأته يهم بفتح الأنبوب:- متتعبش نفسك .. انا اجدر ادهن لنفسي .. تسلم ..
تناولت منه الدهان وهى لا تقو على رفع نظراتها الى محياه مرة اخرى مما دفعه للخروج من الغرفة على عجل كأنما يهرب من احد الوحوش الذي اصبح يتعقبه كظله بصحوه ومنامه ..

ما ان تهل المغارب حتى يسود الظلام الدامس جميع ارجاء النعمانية بعد سقوط برج الكهرباء الذي كان يساعد في تغذيتها بما يلزمها .. اجتمع الرجال بدورهم امام الشونة التي يبيتون فيها ليلهم حول ركوة من نار داخل قصعة حديدية وضعوها أمامهم كوسيلة للتدفئة ولصنع أكواب وأكواب من الشاي لطرد برد الليل الأحد من السيف ..
تجمعت النسوة بدورهم بشرفة البيت الكبير السفلية والمطلة على ارض شاسعة حول الدار يحكمها سُوَر متوسط الطول ينتهي بتلك البوابة الحديدية القصيرة نسبيا ..

جلسن جميعا وبحجرهن أطفالهن الرضع اما الأكبر سنا فلم يعبأوا ببرودة الجو واندفعوا هنا وهناك ينشرون ضوضاءهم وصخبهم الطفولي ..
هتف زيدان والذي كان احد العاملين بأرض النعماني متسائلا:- هنعملوا ايه ف المصيبة اللي حلت علينا دي !؟..
هتف اخر:- يعني هنعملوا ايه !؟.. العمل عمل ربنا ..
هتف زيدان موجوعا:- الدار والزرعة راحوا .. عليه العوض ومنه العوض ..

هتف احد الرجال:- احمد ربك انك وأهل بيتك بخير .. كله يتعوض بعون الله ..
هتف زيدان شاكرا:- الحمد لله .. كله خير..
ليستطرد الرجل الاخرمؤكدا:- وبعدين عفيف بيه جال انه هيعوض الكل من ماله وشونته .. وهايبني البيوت بالطوب للناس كلها بس ع اليمة التانية البعيدة عن الچبل .. ربنا يكرمه يا رب ..
هتف الرجال مؤمنين:- امين ..

ساد الصمت لبرهة ليهتف احد الرجال من جديد موجها حديثه لرجل كبيربالعمر:- ليه ناسينا يا عم متجال .. ما تسمعنا حاچة ربنا يرضى عنِك ..بدل جعدتنا دي..
هتف عبدالمحسن الشهير بمتقال وهو رجل ناهز الستين من عمره يحمل ربابته اينما ذهب:- عناي.. هو انا حيلتي الا الجول ..
هتف رجل اخر:- طب ياللاه .. و لا ربابتك راحت ف السيل يا عم متجال !؟..

هتف عبدالمحسن مؤكدا وهو يحتضن ربابته لصدره كمعشوقته:- لاااه .. أهي .. دِه اني اموت وهى تبجى .. مطلعتش م السيل الا بيها .. ومن جبل سابج .. هى اللي طلعت بيها م الدنيا بعد ما العيال راحت والعيال طفشوا على بره ورا اكل عيشهم .. اهااا ..بتصبرني على حالي ..
هتف احد الرجال مشجعا:- طب ما تصبرنا معاك على حالنا يا راچل يا طيب ..

دارت أكواب الشاي الساخن التي أعدت على نار الركوة مرة اخرى وعدل عبدالمحسن من وضع ربابته واحتضنها في هيام و بدأ عذفه وشدوه لينقل الجميع لعالم اخر وهو يترنم بأبيات السيرة الهلالية هاتفا:-
بعد المديح ف المكمل ..
احمد ابو درب سالك..
احكى ف سيرة واكمل ..
عرب يذكروا جبل ذلك ..
ويا آه .. يا عيني على آه ..
يابا آه .. يا عيني على آه ..
ويا آه .. يا عيني على آه ..
يابا آه .. يا عيني على آه ..

كان الرجال منتشين مرددين خلف عبدالمحسن وكانت دلال تجلس بالقرب من ذاك الحدث على احد المقاعد وسط مجلس النساء تتلحف بشال امها تضمه اليها ليبعث بها الدفء وهى تتطلع لذاك الجو الساحر حولها ..

اخذها الغناء كليا وبدأت تندمج مع الملحمة الملقاة بصوت عبدالمحسن القوي .. وفجأة سقطت عيناها على محياه .. كان يقف بالقرب مستندا على شجرة ضخمة بأحد الأركان يلتحف عباءته السوداء ويضم الى كفيه كوبا من الشاي.. وتساءلت منذ متى كان هنا !؟.. لقد شارك الرجال في مشروبهم منذ البداية وهى التي كانت غافلة عن وجوده..

عادت بمخيلتها للحكاية التي تسرد على مسامعها لكنها حولت ناظريها لموضعه عندما هتف عبدالمحسن في سلطنة:-
سيرة عرب أجدمين ...
كانوا ناس يخشوا الملامة…
رئيسهم بطل سبع ومتين ..
يسمى الهلالي سلامة ..

وجسدته بعين خيالها .. ابوزيد الهلالي ذاك البطل الأسمر الذي قاد قومه بني هلال في تغريبتهم حتى ارض تونس الخضراء بحثا عن ارض تقلهم ومأوى يضمهم وتذكرته وهو يحمل شعلته قائدا أهله يوم السيل الي حيث الأمان في كنف بيت النعماني .. ابتسمت في وله وهى تعقد هذه المقارنة وظلت عيناها معلقة به .. ببطلها .. الذي كانت تعتقد انها ستحمل ذكراه وصور تلك الليالي معها بذاكرتها ما ان ترحل تاركة النعمانية خلفها لكنها ادركت انها كانت مخطئة .. فهناك ذكريات كتلك لا محل لها الا سكن الروح .. وللأبد ..

حمد الله انه عاد مسرعا ما ان سمع ما حدث فما ان وصل النعمانية اوبالأدق حدودها حتى بدأت القيادات والصحافة في الوفود للوقوف على اخر اخبار تلك البلدة الصغيرة التي عزلها السيل عما حولها من البلاد ولا طريق لمعرفة ما يجري بالداخل نتيجة لانقطاع الكهرباء والاتصالات بوجه عام .. حتى انه لا اخبار مؤكدة عن وجود ضحايا اوحتى معرفة عددهم ..

كان كل شئ مبهم ولا تقدير حقيقي لحجم التلفيات والخسائر.. كلها تقديرات جذافية فما كان احد بقادرعلى الدخول للبلدة .. الا بعض المروحيات التي حلقت لبعض الوقت فوق النجع لحصر ما يمكن حصره ..

لم ينم لساعة كاملة لمدة يومين كاملين .. فالوضع كان جد خطير.. حتى مبني النقطة الذي كان من طابقين والذي كان مقام على اطراف النجع قد لحق به الاذي وما كان باستطاعته دخول طابقه الاول الذي كانت المياه تصل لما فوق ركبتيه اذا ما فكر ان يدخل من الاساس .. كان يبيت ليله بالصندوق الخلفي لعربة الشرطة حتى اشعار اخر ..

ورغم كل ما يحدث .. و رغم كل ما يعان .. الا انها لم تغب عن باله لحظة واحدة .. كانت تطالعه ابتسامتها النادرة التي ما كانت تظهرها الا في مناسبات خاصة فهو يعلم انها كانت تتصنع الجدية في حضرته .. هى ابدا لم تدفعه لحبها .. بل انه يشهد انها كانت في كثير من الأحيان تدفعه بعيدا عنها .. تقصيه عن دربها لكن هو من أبى الابتعاد .. هو من تبعها كعباد شمس يتبع ضوء نهار ..

انه يعترف الان ان لا قبل له على اخراجها من قلبه الذي تشبث بها منذ اللحظة الاولى التي نظر فيها لعينيها ..هو لا ينكر ان ما سمعه من امها من حقائق قد هزه قليلا .. لكنه كان اهتزاز للصدمة ليس اكثروان ما علمه لم يغير من مكانتها بقلبه ابدا .. كل ما كان بحاجة اليه هو خلوة كهذه التي يعيشها قسرا حتى يستطيع ترتيب افكاره واتخاذ قراره وها هو يتخذ قرارا لا رجعة فيه..

قرار صادر من اعماق روح تدرك تماما انها لن تهنأ الا بقربها .. قرار لن يتنازل عن تنفيذه في اقرب فرصة .. و سيفعل المستحيل لجعلها توافق ..
انتفض خارجا من شروده عندما هتف به احد عساكره مؤديا التحية العسكرية:- اشارة يافندم ..
انتشلها شريف من بين يديه هاتفا به:- هات يا اخرة صبري ..

توقف للحظة مدركا امر ما وتطلع للعسكري في صدمة واخيرا همس رافعا كفيه للسماء داعيا لله في تضرع:- بقى دي اخرتها يا رب !؟.. يبقى ده اخرة صبري !؟ و اشار للعسكري الذي كان يقف متعجبا لأفعال ضابطه الذي استطرد هامسا:- لا والنبي يا رب .. انا عايزها هى تبقى اخرة صبري .. وحشتيني يا زينبو .. أمتى الاجازة تيجى بقى..!؟..
اندفع مبتعدا ينفذ أوامر الإشارة والعسكري من خلفه يضرب كفا بكف متعجبا لافعال شريف باشا الذي ما عادت قواه العقلية تنبئ بالخير..

شعرت انها تكاد تختنق من البقاء فى الداخل اكثر من هذا .. اربع ليال كافية لتظل حبيسة مندرة البيت الكبير مع كل هذا العدد من النسوة .. انها تشعر برغبة قوية فى استنشاق الهواء الطلق وان تكون وحيدة لبعض الوقت تسترجع الاحداث و ترتبها فى مخيلتها ..
هبطت الدرج ذي الثلاث درجات واتجهت مبتعدة لا تلو على شئ.. تشعر بخواء عجيب داخلها وإحساس برهبة تتملكها لا تدرك لها سببا ..

لم تع لشرودها انها تخطت حدود البيت الكبير وبدأت فى الهبوط تدريجيا لتتوقف قبل ان تصل لتلك الطرق الضيقة الموحلة بعض الشئ عن تلك التى بأعلى التبة المقام عليها بيت النعماني ..

تطلعت للمشهد الخلاب قبالتها وهى تستند على شجرة سدر ضخمة .. كان الجبل مهيبا يعكس عظمة وشموخ لا يستهان به وبين ذراعيه تقبع النعمانية التى غطاها السيل بذاك الشكل حتى غمرها كليا فطمس معالمها الخضراء وحولها لقطعة منه تحمل نفس لون الثرى الغني والذى اصبح اكثر قتامة بسبب مياه السيول التي اختلطت به وازالت عن كاهليه أتربة عصور مضت ليشع بهاء من جديد ليصير بهذا الحسن الذى ما رأته عليه سابقا ..

تنهدت وما ان همت بالاستدارة لتعود من حيث أتت حتى تناهى لمسامعها صوت خيل قادمة من البعد .. تطلعت الى الطريق تستطلع القادم على الرغم من ان قلبها قد اخبرها كنهه قبل عينيها الا ان عيونها ظلت معلقة بالطريق المتعرج حتى ظهر بالفعل امام ناظريها وما هى الا لحظة حتى كان يشرف عليها من على صهوة فرسه متطلعا اليها فى تعجب ..

كانت تتوقع ان يعاتبها على خروجها من البيت الكبير بعد ان اكد عدة مرات ان السيل قد جرف معه هوام الارض وان الحيات و العقارب خرجت من جحورها وعلى الجميع الحذر فالنعمانية لاتزل على عزلتها وما من سبيل لإنقاذ احدهم اذا ما اصابته لدغة ما ..

لكن ما حدث كان اشد وعورة ولم يقتصر على العتاب .. فلقد اندفع مترجلا من على فرسه وبلا اى مقدمات وجدت نفسها مصطدمة بصدره .. مزروعة بأحضانه .. كف يحيطها ضاما إياها وكف اخر يخرج شئ ما تبينته في التو .. كان سلاحه .. صوبه على شئ ما كان بالقرب من موضع وقوفها السابق قبل ان يجذبها اليه بهذا الشكل الصادم..
انتفضت عندما اطلق النار عدة مرات و تشبثت به كطوق نجاة .. ساد الصمت ..

كاد ان يبعدها عن صدره المتعلقة به كانها غرست جذور كفيها بأرضه .. لكن كيف له ان يفعل وهى ترتجف بهذا الشكل بين احضانه فى ذعر تام ما ان ادركت انه لولا ظهوره وقتله تلك الحية التى كادت تودى بحياتها لكانت في عداد الأموات فى تلك اللحظة !؟.. كيف له ان يرسلها بعيدا وهو المتأمل فى قربها تلك المتشبثة بتلابيب روحه والمسربل فؤاده بهواها !؟ كيف له ان يفعل وهوالذى يود لو يضمها اكثر فاكثر حتى تضحى جزء اوبعضا من روحه لا يمكن لأى من كان ان ينزعها عنه مبعدا حتى الموت!؟..

جاهد جهاد الابطال حتى استطاع اتخاذ قراره الموجع وامسك بكتفيها مبعدها عن صدره الذى بدأ يئن من وجيعة بعادها القسري .. ولم يشعر الا وهو يهزها فى قوة هاتفا فى لهجة عاتبة:- انتِ ايه اللى خرچك م البيت الكبير ونزلك هنا !؟.. كنتِ هتروحى فيها وانى منبه عليكِ من الاساس..
توقف عن هزها بهذا الشكل عندما ادرك انه رغما عنه قد افرغ ذعره لمجرد تخيل فقدها عليها هى التي يوجب عليه ان يبثها الطمأنينة…

ابعد كفيه عنها فكادت ان تسقط.. اندفع يهم باللحاق بها لولا انها استجمعت قوتها واستدعت ثباتها ووقفت متسمرة للحظة لا تدرى ما عليها فعله ..واخيرا رفعت ناظريها اليه ليكاد يشهق فى صدمة عندما رأى دموعها منسابة على صفحة خديها ..
اندفعت باتجاه البيت الكبير ليتنهد هو فى ضيق يتابعها بناظريه تكاد تنهداته تخنقه لولا خروجها بهذا الشكل الذى ينم عن احتراق داخلى مريع حذا حذوها وامسك برسن فرسه واتجه خلفها للبيت الكبير يكاد يموت قهرا على دمعها الذى كان سببا فى هطول زخاته بدلا من ان يكون مانعها ..

دخل بتؤدة لداخل شقته حاملا بعض من الأغراض المنزلية التي تلزمهما وخاصة ما تحب تناوله حتى تستطيع تناول دواءها .. تقدم نحو المطبخ تاركا الأغراض جانبا وما ان مر بحجرتها حتى وجد بابها مواربا .. طرق الباب لعلها بالداخل الا ان الصمت كان المجيب الوحيد .. تطلع لتلك الرسالة بكفه يقلبها في قرف .. هل يقرأها ويلقي بها كما حدث مع مثيلاتها ام ماذا !؟..

ما عاد يعلم ما عليه فعله .. نظر لتلك الكلمات التي تحذره من الظهور بأي شكل اوالاقتراب من النعمانية مهما حدث .. ابتسم بوجع ساخرا من التحذير الذي لم يكن بحاجة اليه دفع بالرسالة سريعا بجيب سترته ثم دفع الباب في رفق وجال ببصره بالغرفة ولم يجدها .. اندفع خارجا مناديا عليها الا انها لم تجب .. تنبه انها بدأت تستعيد قدرتها على السير بشكل سليم فاستنتج انها شعرت بالضجر بمفردها فذهبت لتستأنس بالجلوس مع زينب وامها ..

خرج من شقته وطرق باب شقة زينب لتطالعه ما ان فتحت الباب جالسة في احد الأركان ابتسمت زينب مهللة:- اتفضل يا نديم .. اكيد بتدور على ناهد !؟.. أهى مشرفانا يا سيدي لحد ما ترجع ..
ابتسم نديم في دبلوماسية هاتفا:- هى ليها مين غيركم يا زينب معذورة بتقعد النهار بطوله لوحدها .. ما انا ببقى بره بقى ..
هتفت زينب متسائلة:- طبعا دي مشرفانا وبتونس ماما والله وانا غايبة ف المستشفي .. بس هو انت بتشتغل يا نديم !؟..
اكد نديم مضطربا:- اه يا زينب .. اهو حاجة اقدراسد بيها طلباتنا لحد ما اشوف هتصرف ف شغلي ازاي بعد الاجازة الطويلة اللي انا فيها دي ..
هتفت زينب تستفسرمن جديد:- بتشتغل ايه!؟..

تنحنح نديم محرجا:- يعني يا زينب .. مش فارقة .. اهو كله شغل ..
صمتت زينب وقد ايقنت ان نديم يعمل بعمل لا يليق به رغبة في عدم اشعار ناهد بانه غير قادر على تحمل مسؤليتها .. اشفقت عليه.. لكنها احترمته اعتقادا منها ان الحب لا الواجب هو الدافع .. وتذكرت ذاك الذي اختفى ما ان علم بماضيها الموجع .. فدمعت عيناها ونهضت تستأذن في عجالة لتحضير الطعام ..
انتبهت ناهد لحديث نديم مع زينب فنهضت في هوادة متجهة نحوه ليعودا سويا لشقتهما الا ان ماجدة هتفت تستوقفها:- ايه ده !؟.. انتوا رايحين فين !؟.. والله ما انتوا ماشيين الا لما تتغدوا معانا ..

هتف نديم:- و الله يا طنط جبت غدا معايا و انا جاي .. كفاية تعبناك معانا بجد ..
هتفت ماجدة معاتبة:- ده برضو كلام يا نديم .. ده انت ابني .. ان مكنتش اتعب لابنى هتعب لمين !؟..
هتف نديم في امتنان:- تسلمى يا طنط ..بس والله مافيش داعي .. اعفيني .. انا اصلا مش جعان .. انا تعبان فعلا وعايز انام ..
هتفت ماجدة في تفهم:- طب خلاص على راحتك يا حبيبي ..بس هنستاكم ع العشا ..
هتف نديم متوجها للباب تتبعه ناهد:- باْذن الله يا طنط .. سلام عليكم ..

ألقين التحية خلفه وهو يتجه نحو باب شقته
دخل وهى بعده وأغلقت باب شقتهما في هدوء وهى تراه يندفع في اتجاه الحمام هاتفا بنفس اللهجة الثلجية التي اعتمدها لتعامله معاها منذ ايّام:- هاخد دش ولوجعانة .. كلي متستنيش ..
اكدت ناهد في هدوء:- لااه مش چعانة ..

دخل الحمام ولم يعقب وغاب بالداخل يلق وجع يومه اسفل رذاذ الماء الدافئ يحاول ان يخفف من ألام كتفيه وظهره ..
انتهى اخيرا وما ان خرج من المغطس حتى اخذ يسب نفسه سرا .. ألن يكتفى من هذه العادة ابدا !؟.. فدوما ما ينسى احضار ملابسه النضيفة عند دخوله للحمام .. تطلع حوله ولم يجد الا ملابسه المتربة التي خلعها لتوه ومنشفة ..

اضطرآسفا لفتح باب الحمام وإخراج رأسه منه هاتفا باسمها:- يا ناهد ..
اندفعت ملبية ندائه تقف امام باب الحمام في اضطراب منكسة الرأس هامسة:- نعم !؟..
اكد مشيرا لحجرته:- معلش هتعبك هاتيلي هدوم من اوضتي ..
اومأت برأسها ايجابا وظل هو ينتظر خلف الباب حتى عادت هامسة من جديد وهى تناوله ملابس نضيفة:- اتفضل ..

مد ذراعه لتناولها ورفعت ناظريها لتتأكد انه قد امسك بها لتطالع تلك العلامة العجيبة على كتفه .. شهقت في صدمة:- ايه اللي ف كتفك ده !؟..
اضطرب وجذب ملابسه لداخل الحمام واغلق الباب .. دمعت عيناها وجعا على ما يفعل بنفسه رغبة في ارضائها وإشعارها ان الامور على ما يرام ..
انتظرت خروجه واعدت الطعام بالطاولة في الردهة الخارجية .. خرج مندفعا في اتجاه غرفته لتستوقفه هى هاتفة:- نديم .. مش هتاكل !؟..
اكد وقد توقف تلقائيا يرد عليها دون ان تتلاقى نظراتهما:- لا مش جعان ..

هم باستكمال طريقه لغرفته الا انها اعترضت طريقه هامسة:- انا مش هاكل الا لما تاكل..
اكد بلامبالاة:- براحتك ..
هم بالتحرك مرة اخرى لتعترض طريقه من جديد هامسة:- ليه يا نديم !؟.. العلامة اللي ف كتفك دي ليه !؟..

هتف نديم غاضبا وقد خرج عن طوره:- عشان نلاقي ناكل .. عشان نعرف نعيش .. كنت بشيل الطوب والمونة على كتافي عشان نلاقي حق علاجك وعشان اعرف ادخل على الناس اللي اوينا ف بيتهم بحاجة ف أيدي .. عشان محسش اني قليل ف نظر نفسي وانا متكل على فلوس اختي .. عشان ..
قاطعته وهى تربت على كتفه هامسة والدمع ينساب على خديها:- عشان انت راچل .. وسيد الرچالة كمان ..
تطلع اليها ليفقد دفاعاته مرة واحدة وما عاد قادرًا الا على التفكير فى جذبها لأحضانه..

فلو صنفت كلماتها على انها كلمات حب لكانت أعظمها بالنسبة اليه .. لكن بديلا عن ذلك اندفع باتجاه غرفته هربا من تأثيرها المُهلك على أعصابه ..
جلست لبرهة وحيدة بالردهة الا انها عزمت امرها ونهضت في ثبات تدخل خلفه الغرفة وتوقفت امامه هامسة:- لو ليا عندك خاطر..تعال كُل .. اكيد انت چعان بعد التعب طول النهار .. عشان خاطري جوم ياللاه ..
تطلع اليها وكل ما يجول بخاطره هو اخراجها من الغرفة بأي شكل لذا نهض في سرعة خارجا لتتبعه هى جالسة الى الطاولة وذاك التلفاز القديم يبث اخبار أسبوعية مجمعة ..

مد كفه يتناول اول لقيمات منذ طعام الافطار
وما ان هم بابتلاعها حتى نهض مذعورا وهو يصرخ:- مش دي النعمانية !؟..
انتفضت بدورها متطلعة لشاشة التلفاز هاتفة في ذعر مماثل:- ايوه هى .. ايه اللي حصل ده !؟.. و ميتا !؟.. اخوي ..
همس نديم في ذعر باسم اخته:- دلال ..

اندفع يطرق باب شقة زينب في عجالة لتطالعه زينب هاتفة في ذعر:- خير يا نديم..
اكد مضطربا:- النعمانية السيل غرقها وعزلها عن العالم .. مسمعتيش من شريف بيه اي اخبار !؟..
هتفت زينب مصعوقة للخبر:- سيل !؟.. ازاي !؟.. طب ودلال !؟.. وشريف !؟..

تأكد نديم انها لم تسمع اي اخبار قد تفيده فهتف يهم بالعودة لشقته:- انا مسافر للنعمانية حالا ..
هتفت ناهد صارخة بدورها:- خدني معاك ..
هتفت زينب متضرعة:- عشان خاطري استنوا بس لحد ما نشوف ايه اللي بيحصل ..

هتف نديم بعزم:- لا خلاص معدش فيها قعاد يا زينب.. انا سمعت كلامكم وكلام دلال كتير خاصة بعد ما طمنتني عليها ف جوابها الاخير ..لكن دلوقتي انا رايح اطمن على اختي واللي يحصل يحصل ..
واندفع من باب شقتها في اتجاه شقته تتبعه ناهد وهى اكثر تصميما منه على الذهاب للاطمئنان على اخيها .. وليكن ما يكون…

11-01-2022 01:31 صباحا
مشاهدة مشاركة منفردة [20]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية جلاب الهوى
رواية جلاب الهوى للكاتبة رضوى جاويش الفصل الحادي والعشرون

بعنوان ( الحكاية وما فيها )

هتفت ورد ببطنها المنتفخ قليلا محاولة اللحاق بصديقتها لواحظ التي كانت تمد الخطى للوصول لشادر العرض:- يا بت يا لواحظ .. استني خدي يا بت ..
انتظرت لواحظ ما ان وصلها نداء ورد هاتفة في نزق:- عايزة ايه !؟.. مش فاضية لك دلوجت ...
هتفت ورد تلهث لحملها هاتفة ما وصلت لموضع انتظارها:- مسمعتيش اللي حصل ف النعمانية !؟..
هتفت لواحظ في لامبالاة:- هيكون حصل ايه يعني ف البلد الفجرية دي !؟..

هتفت ورد مؤكدة:- يا بت حصل سيل غرج الدنيا ومحدش عارف لا يدخل ولا يخرج منيها ..
هتفت لواحظ صارخة:- كيف يعني !؟.. ميتا حصل الموال دِه !؟..
اكدت ورد:- بيجولوا من كام يوم .. ربنا يستر .. شكل جعدتنا مطولة هنا ..
اكدت لواحظ بعزم:- لاااه مطولة ايه .. والله لانزل النعمانية ولو كان فيها موتي ..
هتفت ورد مذعورة:- يا ساتر يا رب .. ليه يعني !؟.. ليكِ ايه ف النعمانية عشان تجولي كِده !؟.. ما تغور بناسها ..

هتفت لواحظ بنبرة ذات مغزى:- ليا فيها كَتير .. وهايبجى ليا فيها اكتر .. وهروح يعني هروح ..
هتف خفاجي ابو لواحظ يستدعيها متعجلا إياها لتصعد لتؤدي رقصتها فاندفعت ملبية تتبعها نظرات ورد وهي تملس على بطنها البارز بعض الشئ هامسة:- والله شكلك ما هتجبيها البر يا لواحظ … چبها چمايل يا رب ..
واستدارت عائدة في هوادة لخيمتها …

كانت الليلة باردة فما استطاعت النساء الخروج من المندرة بصحبة اطفالهن لسماع عبدالمحسن وحكاوي ربابته التي يتناهى لهن نغماتها من الجانب الاخر من البيت الكبير .. جلسن جميعا في دائرة يجتمعن حول ركوة نار وضعت في منتصف الدائرة لجلب الدفء رغم ان كل واحدة منهن تتلفح ببردتها الثقيلة نوعا ما الا دلال التي هبطت لتوها من غرفتها لتنضم إليهن وقد شدت حول كتفيها كالمعتاد شال امها الذي لا يفارقها والذي يجلب لها نوعا خاص من الدفء تفتقده بشدة..

أفسحت النسوة لها المجال معتقدات انها ستجلس بالأعلى على احدى الأرائك المتوزعة هنا وهناك بالقاعة الا انها جلست بينهن مجاورة لسعدية زوج مناع التي كانت تحمل عفيف الصغير تهدهده لينام.. استأذنتها دلال في حمله هامسة:- هاتيه يا سعدية ..
مدت لها سعدية يدها تضع بين ذراعيها عفيف الصغير .. احتضنته دلال في محبة وبدأت تهدهده بدورها لتهتف واحدة من النسوة بتعجب:-عجبال ما تشيلي عوضك يا داكتورة .. بس متأخذنيش ف السؤال يعني .. هو انتِ ليه متچوزتيش لحد دلوجت !؟.. مع انك زي الجمر..

ابتسمت دلال واجابتها في أريحية:- النصيب مجاش .. ربنا لما يريد .. هيحصل ..
هتفت اخرى:- والله الرچالة ف مصر كنهم عميوا.. دِه انتِ تعچبي الباشا ..
قهقهت دلال هاتفة:- مش للدرجة دي .. بس سبكم مني بقى وخلونا فيكم .. انتوا عاملين ايه !؟..
هتفت امرأة بلهجة تحمل وجع لا يمكن مداراته:- يعني هنكونوا عاملين كيه يا داكتورة !؟..اهااا واعية للي احنا فيه .. لا عاد في دار ولا زرعة .. كله راح ..

هتفت دلال مطمئنة:- بس انا سمعت عفيف بيه بيقول انه هيقوم باللازم وهايبني البيوت اللي اتهدت وهيعوضكم عن خسارة الزرع من شونته..
هتفت امرأة اخرى:- والله لولا عفيف بيه ما كنّا عارفين ايه اللي كان چرالنا .. ما انت مشفتيش كيف خلا الرچالة كلها تنزل تسند الچسر الجديم بكتافها لچل ما تعدي الحريم وعيالهم ..وكان ساعتها هيروح فيها لولا ان ربنا ستر ..

هتفت دلال تستوضح الامر:- ازاي !؟.. ايه اللي حصل !؟..
هتفت اخرى مستكملة:- برچ الكهربا وچع وعفيف بيه كان چريب منيه لولا ستر ربنا وفرسه رمح بعيد مكنش حد عارف اللي كان ممكن يچرى .. بس الفرس اضرعت چريت مشيفاش جدامها راح اتسط ف شچرة چرحت كتفه .. ربنا يعافيه ..
تذكرت دلال لحظات علاجها لجرحه فارتجف شيئا ما داخلها ..

هتفت دلال تغير الحوار الذي تمحور فجأة حول عفيف بشكل يشعرها بالاضطراب على نحو عجيب موجهة حديثها لأحدى النساء المتابعات لحملهن:- هااا يا نجية !؟.. اخبارك ايه !؟..
هتفت نجية بابتسامة:- رضا يا داكتورة .. ماشي الحال وكله بيهون ..
هتفت امرأة عجوز مخضرمة:- شكلك شايل بنية يا نچية .. شكل بطنك بيجول كِده ..
ابتسمت دلال هاتفة:- هو بقى بشكل البطن يا خالة يامنة !؟..

اكدت الخالة يامنة التي تخطت السبعين من عمرها:- معلوم يا بتي .. دي حاچات عرفناها من چدود الچدود وعمرها ما خيبت..
هتفت دلال مازحة:- طب ابقي قوليلي عليها يا خالة عشان استغنى عن الجهاز اللي بيعرف نوع الجنين بقى .. بلا تكاليف بلا وجع قلب ..
قهقت النسوة لتهتف نجية في خيبة:- ليه بس كِده يا خالة يامنة !؟.. دي هتبجى البت التانية..
هتفت دلال متعجبة:- ومالهم بس البنات !؟.. نعمة وفضل .. بس ربوهم كويس ومتفرطوش فيهم بدري ..وحافظوا عليهم ..

نكست ام براءة التي كانت تجلس في احد الأركان البعيدة رأسها قهرا وهي تضم بناتها لأحضانها في وجع بينما مصمصت الجدة شفتها في استهزاء لكلمات تلك الطبيبة التي لم يروا من ورائها الا الهم باعتقادها .. لتستطرد دلال مازحة:- وبعدين ما انا اهو بنت .. لو مكنش اهلي علموني وبقيت دكتورة كنتوا عرفتوا تلاقوا ست تعالجكم صح بدل الدكاترة الرجالة اللي مكنتوش بتروحوا لهم..

هتفت امرأة ساخرة:- وانتِ فين وبناتنا فين يا داكتورة !؟ .. اشچاب لچاب ..
هتفت دلال بحماسة:- وليه يعني !؟.. ليه متبقاش واحدة واتنين وعشرة كمان من بناتكم زيي وأحسن مني !؟.. علموا بناتكم .. وعرفوهم دينهم .. ومتخافوش عليهم .. هيكونوا احسن من مية راجل..
هتفت احداهن:- صدجتي يا داكتورة ..

ابتسمت دلال في سعادة لتلتقط آذانها حديثا جانبيا اثار تعجبها فهتفت متسائلة موجهة حديثها لإحدى النساء:- ايه اخبار الدوا اللي كتبتهولك يا سميحة !؟.. ماشية عليه بانتظام!؟..
تلجلجت سميحة ولم تجب لتهتف حماتها في سخرية:- والله ولو ميت علاچ .. ايه تعمل التجاوي بالأرض البور !؟..

امسكت دلال تعليق لاذع كان على وشك الإفلات منها هاتفة متجاهلة سخرية المرأة الأكبر سنا:- مردتيش يا سميحة !؟..
فركت سميحة كفها هامسة في اضطراب:- اصلك بطلته .. ممنوش عازة يا داكتورة .. اني هچرب حاچات تانية و ربنا يسهل ..
هتفت دلال متسائلة:- حاجات تانية زي ايه!؟.. أدوية تانية يعني !؟..

تهامست النساء فيما بينهن لتهتف دلال بتعجب:-مالكم !؟.. ما حد يفهمني سميحة قصدها ايه بالظبط !؟..
هتفت سعدية في تردد:- هى جصدها على حاچات يعني النسوان مچربينها واهاا .. چابت نتيچة معاهم..
اصرت دلال على المعرفة هاتفة:- ايوه يعني زي ايه الحاجات اللي متجربة دي !؟.. عايزة اعرفها ما يمكن نستفيد.. مش عيب ..

ترددت سعدية من جديد متطلعة للنسوة حولها واخيرا هتفت:- يعني فى نسوان بتروح الأجصر .. في اثارات هناك بيجولوا لو دارت حواليها سبع مرات .. المرة من دول تحمل طوالي ..
صمتت دلال وأمسكت لسانها عن التعقيب لتتطوع امرأة اخرى هاتفة:- او تنام تحت جطر عشان تتضرع .. او تتكحرت من فوج حتة عالية ف الچبل.. او تروح..
هتفت دلال تقاطعها فما عادت قادرة على تحمل ما تسمع من ترهات:- وانتوا بقى مصدقين ده كله مش كده !؟..

هتفت سميحة مؤكدة:- يا داكتورة اللي خلاها نفعت مع غيرنا .. ايه اللي هيخليها تخيب معانا!؟.. اهو الغرجان بيتعلج بجشاية ..
اكدت دلال هاتفة في ثقة:- لا ..الغرقان بيتعلق بربنا..
ساد صمت للحظة استطردت دلال بعدها:- فين ربنا من اللي بتقولوه ده !؟.. ربنا هو الوهاب .. انتوا كِده بتشركوا بيه حد تاني ف عطيته ليكم ..

انتفضت النساء مستغفرات لتهتف دلال مؤكدة:-ايوه .. ما لما مرضاش بابتلاء ربنا وأجري ادور على حاجة تخلصني منه بعيد عن ربنا .. يبقى ده اسمه ايه !؟.. ربنا النافع وهو الضار .. وكون الطرق دي نفعت مع حد يا سميحة ده مش معناها انها ممكن تنفع معاكِ او مع غيرك .. اللي حملوا بعد تجربة الطرق دي ربنا ف الاساس كان رايد لهم الحمل ولو كانوا صبروا كان الحمل هيحصل من غيرها عارفين زي ايه !؟.. زي الحرامي اللي راح يسرق لو كان صبر كان ربنا بعت له اللي سرقه ده بس عن طريق الحلال لانه ف الاساس رزقه بس هو استعجل الحرام .. ارجعي خدي دواكِ يا سميحة .. وتوكلي على الله ..

هزت سميحة رأسها بالإيجاب دون ان تتطلع لحملتها التي رمقتها بنظرة نارية لكنها لم تجرؤ على التعقيب ..
هتفت احدي النساء من الجانب الاخر للدائرة متعجبة:- امال خبر ايه !؟.. احنا هنجعدوا الليل بطوله ع اللي خلف واللي مخلفش .. دوجوا لي خلونا نفرحوا شوية .. بكفايانا هم راكبنا..
لم تكذب النساء خبرا لتدفع احداهن باب المطبخ محضرة احدى صواني الشاي وبدأت في الطرق عليها لتتمايل النسوة في سعادة على ترنيمة الخالة يامنة:-

يالي يالي يالي يالي يالي يالى يالي
يا احمد علي يا احمد علي بيع نخلنا العالي
بيع النخل يا احمد علي و لبسنى خلخالي
لبس يالى يالى يالى يالى لبسنى خلخالي
يا احمد علي يا احمد علي النخل راح ضله
بيع النخل يا احمد علي بيع نخلنا كله
بيع يالى يالى يالى بيع نخلنا كله
يا احمد على اسمك على لساني
بيع النخل يا احمد على ولبسنى كرداني
لبس يالى يالى يالى يالى لبسني كرداني
يالى يالى يالى يالى يالى يالى يالى

كان عفيف قد اندفع للمطبخ ليحضر اداة صلبة يحتاجها الرجال بالشونة فتوقف محرجا على اعتاب الباب معتقدا ان النساء قد استشعرن قدومه لكن لم تلحظ أيهن دخوله للمطبخ من خلال الباب الاخر المفتوح والمطل على بهو المندرة الذي تتجمع فيه النسوة يتمايلن في سعادة .. لم يكن يري النساء اللائى كن بقلب الدائرة .. كان كل ما يبصره اللحظة هو محياها وهى تجلس بينهن في أريحية على وجهها ابتسامة وضاءة تعكسها نيران الركوة لتطفي على ملامحها سحرا خلب لبه..

كانت تصفق في نشوة متفاعلة مع النساء حولها مما جعله يبتسم رغما عنه وما ان جذبتها احدى النساء لتتوسط الحلقة لتشاركهن الرقص على أنغام الخالة يامنة حتى انتفض مبتعدا هاربا من المطبخ بأسره فما عاد قادرًا على رؤيتها تتمايل من جديد على أغصانها فمرة واحدة كانت كافية و زيادة لتجعله يفقد ثباته وللأبد .. تجربة ثانية كتلك تعني عدم الخلاص ما حيّا وهو لم يتخلص بعد من اسر التجربة الاولى ..ويالها من تجربة !؟..

هبط نديم ومن خلفه ناهد على الطريق
الترابي المؤدي للنعمانية سار بضع خطوات لكنهما انتفضا لسماعهما مكابح سيارة تقف بمحازاتهما .
اندفع شريف من عربة الشرطة في اتجاههما هاتفا في ذعر:- انتوا ايه اللي جابكم هنا !؟..
هتف نديم مؤكدا:- مكنش ينفع نسمع اللي سمعناه ومنجيش نطمن على اخواتنا ..

هتف شريف موبخا:- انتوا بعقلكم !؟.. تيجوا فين!؟. الدنيا مقلوبة وانتوا بظهوركم هتزيدوا الطين بلة ..
هتفت ناهد في اصرار:- يحصل اللي يحصل يا حضرة الظابط .. انا هدخل اشوف اخويا ولو كان في ايه ..
هتف شريف يحاول إقناعهما بالعدول عن قرارهما:- انتوا عارفين دخولكم النعمانية معناه ايه !؟.. معناه إنكم داخلين ومش خارجين تاني .. انتوا مستوعبين ده ولا لأ !؟..
هتف نديم بعزم:- احنا خلاص تعبنا م الهروب والجري هنا وهناك ..هندخل واللي ليه نصيب ف حاجة هيشوفها يا شريف بيه ..

تنهد شريف في قلة حيلة وقد رأى إصرارهما على الدخول للنعمانية فما كان منه الا هتف مشيرا للسيارة:- طب اركبوا أوصلكم .. على حظكم مش عارف بقى الحلو ولا الوحش .. لسه الطريق مفتوح والدنيا يا دوب اتعدلت شوية ده انا كنت نازل اجازة اخيرا .. بس هستنى اشوف الدنيا هتخلص معاكم على ايه ..
هتف نديم:- مش عايزين نتعبك يا شريف بيه ونأخرك على اجازتك ..

اكد شريف وهو يسبقهما باتجاه السيارة:- مفيش تأخير ولا حاجة لازم اطمن عليكم .. و بعدين مينفعش تدخلوا النعمانية مع بعض كتف بكتف كده .. انا هوصلكم لقرب التلة اللي عليها البيت الكبير .. تنزل انت الاول يا باشمهندس وبعدين تنزل مدام ناهد قدام بوابة البيت على جوه على طول .. تمام ..
هز كل من نديم وناهد رأسيهما في موافقة لتنطلق بهما العربة الي مجهول قد يكون فيه نهايتهما الحتمية لا محالة ..

وقفت العربة اعلى التلة ليهبط منها نديم متطلعا الي ناهد في وجع وهى دامعة العينين ليندفع شريف بالعربة في اتجاه بوابة البيت الكبير ليوقف سيارته لتهبط منها مندفعة لداخل البيت وقد فغر مناع فيه في صدمة لرؤيتها هاتفا باسمها:- ست ناهد !؟..
واندفع خلفها للداخل ليلحق بهما نديم ليظهر ثلاثتهم امام الخالة وسيلة التي ما ان رأتها ناهد حتى اندفعت باتجاهها هاتفة باسمها:- خالة وسيلة ..
شهقت وسيلة في صدمة:- ناهد !؟.. يا بتي ..

وفتحت ذراعيها لاستقبال ناهد التي ألقت بنفسها باحضان الخالة وسيلة التي كانت تشتاقها حد الوجع .. أبعدتها الخالة وسيلة عن صدرها هاتفة ما ان وعت للأمر:- ايه اللي عملتيه ده يا بتي !؟.. و نظرت الي نديم ثم عاودت النظر اليها مستطردة في ذعر:- وايه اللي رچعكم ..انتوا چايين لجضاكم..ايه بس اللي چابكم !؟..
هتفت بكلماتها الاخيرة في وجع حقيقى وذعر على ما قد يحدث اذا ما اكتشف عفيف وجودهما..

لكنه اكتشف بالفعل عندما اندفع من مكتبه وهو بأعلى الدرج هاتفا:- يا خالة وسيلة .. فين ال..
قطع كلماته متطلعا الي اخته ونديم في غضب عاصف ولم يسعه الا ان اخرج سلاحه موجها اياه في اتجاههما ..

كانت قد قررت وعزمت امرها ونفذت .. اندفعت لداخل النعمانية وخدمها الحظ لتبصر نديم وهو يصعد التلة في اتجاه بيت النعماني وكذا تأكدت ان ناهد قد سبقته للداخل ..
اندفعت في عجالة لبيت صفوت الذي وقفت على أعتابه تؤكد للخدم انها بحاجة لمقابلته بأمر عاجل .. اندفع صفوت اليها في غضب هامسا وهو يجز على اسنانه في غيظ:- ايه اللي چابك هنا !؟.. وانتوا اصلا رچعتوا ميتا !؟..

هتفت في عجالة:- مش وجت حديت فاضي .. هم وشوفلك متوى .. عفيف لو سمع اخته وطالك هيدبحك ..
هتف صفوت صارخا:- اخته !؟.. اخته مين يا مخبلة !؟.. ما احنا عارفين اللي فيها ودفنينه سوى ..
هتفت تتعجله تكاد تلطم خديها:- رچعت .. هى والباشمهندس .. رچعوا ووعيت لهم بعيني وهما داخلين البيت الكَبير..

تطلع صفوت لها في صدمة وظل صامت للحظات واخيرا هتف في راحة لامباليا:- طب وايه اللي فيها !؟.. ما ياجوا .. چم لجضاهم .. هو عفيف لما يوعالهم هيرحب بيهم اياك !؟.. والله ليفرغ طبنچته ف جلوبهم ..
هتفت لواحظ تحاول بث الرعب بقلبه:- طب وايه جولك لو سمعهم !؟.. هااا .. ايه اللي هيحصل ساعتها .. جول !؟..
انتفض مذعورا لمجرد تخيله لرد فعل عفيف واندفع لداخل داره مؤكدا لها:- طب روحي دلوجت واني هحصلك .. روحي ..
ابتسمت في سعادة لاستطاعتها استمالته كالعادة واندفعت مبتعدة حيث تعرف اين يمكنها إيجاده…

كاد ان يضغط عفيف على زناد سلاحه الا ان دلال ظهرت في الوقت المناسب مندفعة من المطبخ لبهو البيت الكبير وقد ادركت الموقف في ثوان لتقف امام نديم الذي كان قد اندفع بدوره يقف امام ناهد يزود عنها والتي كانت تقف متصلبة لم تأت بأي رد فعل..
هتفت دلال صارخة:- لو سمحت يا عفيف بيه .. اسمعهم .. ارجوك ..
اندفع عفيف هابطا الدرج وهو لايزل شاهرا سلاحه هاتفا في صوت كالرعد:- اسمع ايه!؟.. دوول ما يتردش عليهم الا بده ..

ولوح بسلاحه الذي وجهه اليهم من جديد لتتحرك ناهد بعد ان خرجت من خلف جسدىّ نديم ودلال متوجهة اليه تقف امام فوهة سلاحه بثبات هاتفة في وجع حقيقي:- اضرب يا عفيف لو فاكر ان اختك .. تربيتك .. ممكن تعمل حاچة توطي بيها راسك.. ده انا مبعدتش الا عشان احميكِ م الفضايح..

هتف عفيف وهو لايزل موجها سلاحه تجاهها:- تحميني م الفضايح !؟.. لا كتر خيرك يا بت أبوي ..واللي عملتيه ده چاب لي ايه غير الفضايح والعار وانا مش جادر ارد على طلب واد عمتك ليدك عشان حضرتك مش موچودة م الاساس !؟..وأخرة المتمة .. فضحني جصاد النعمانية كلها وجال لي لو راچل روح هات اختك من مطرح ما انت بتجول ..

هتفت بتعجب:- بن عمتي مين !؟.. جصدك صفوت!؟..
اكد عفيف هاتفا في غضب:- ايوه هو ..
هتفت ناهد بتعجب متطلعة لنديم:- ازاي !؟.. ده لولا صفوت كان الناس جطعتنا بسبب اللي حصل !؟..
هتف نديم مؤكدا:- ايوه فعلا ..
صرخ عفيف ثائرا:- وهو ايه اللي حصل م الاساس !؟.

هتفت ناهد منتفضة تحكي لتهدئة ثورته:- ف يوم كنت انت مسافر مصر وانا كنت راچعة من اخر امتحان ليا لجيت الواد زيدان اللي بيشتغل ف ارضنا چاي يچري يجولي ان مهندس الري فاتح المية على الارض وسايبها والأرض هتغرج روحي كلميه لحسن الزرعة اللي ضيعنا عليها الشهور اللي فاتت هتروح ..و فعلا مكدبتش خبر ورحت اخبط عليه ف الاستراحة بتاعته لجيت باب الاستراحة متوارب والباشمهندس نديم واجع ع الارض مغمي عليه..

من غير ما افكر دخلت اشوف فيه ايه .. اول ما دخلت افوجه لجيت رچالة معرفش مين هم داخلين وجعدوا يجولوا بتعملى ايه عند الباشمهندس .. و احنا هنفضحكم .. جعدت ازعق واجولهم انتوا متعرفوش انا مين .. لكن كانوا عارفين وجالوا لي اني هكون سبب في فضيحة اخويا وان انت اللي هتجتلني بيدك لو وصلك الخبر.. ظهر صفوت فچأة من بينهم وجالي انا والباشمهندس اللي كان فاج ساعتها ومكنش عارف ايه اللي بيحصل ملكمش الا حلين..

يا تجعدوا وعفيف هو اللي هيخلص عليكم بيده لما يسمع بالموضوع اللي هيبجى حكاية لأهل النچع كلهم وانك هتتعير بيا العمر كله وممكن تروح السچن فينا كمان .. يا اما يساعدنا نخرچ حلا من النچع ولا من شاف ولا من دري ويبجى انت تتحجج بأي حاچة لو حد سأل عليا ..ان شالله تجول ماتت حتى ..
كان عفيف يقف مشدوها مما يسمع يتطلع الي اصحاب الحكاية وتعبيرات وجهيهما التي تنطق بالصدق مع كل حرف ..

هتف نديم مؤكدا:- ايوه هو ده اللي حصل بالحرف يا عفيف بيه .. و احنا مكناش عارفين نتصرف ازاي.. الوضع اللي كنّا فيه ساعتها والخبطة اللي كنت واخدها على دماغي مكنتش مخلياني ف كامل وعيي .. طلعنا نجري انا و الانسة ناهد بره النجع بمساعدة صفوت اللي ساعدنا بنفسه نركب اول حاجة تبعد بينا ..وأكد لي مرحش بتنا لحد ما يقنعك باللي هو قالهولنا وقال انه هيبلغك انك تنسى اختك وتقول انها ماتت عشان تخلص م العار ده ..ده حتى كان بيبعت لي جوابات وكان عارف كل الأماكن اللي قعدنا فيها ..

ووضع نديم كفه بجيب سترته التي كانت نفسها التي وضع بها جواب صفوت البارحة ليتناوله معطيا اياه لعفيف ..
تناول عفيف الخطاب يقرأه في تيه واخيراهتف في صدمة بعد ان استوعب ما كان يحدث:- يعني كان بيطلبك جدام النعمانية كلها عشان يچرسني واخرتها يوم السيل جال انك مش موچودة مطرح ما انا بجول انك عند بت خالتنا ف المنصورة وهو كان عارف انتِ فين الوجت دِه كله !؟..

بكت ناهد بدموع صامتة عندما اكتشفت المكيدة التي تعرضوا جميعا لها وأومأ نديم برأسه ايجابا وساد الصمت قليلا لهتفت ناهد من بين دموعها:- ده انا حتى مكنتش اعرف موضوع الچوابات اللي كان بيبعتها دي !؟..
اكد نديم:- مكنتش حابب اقلقك .. والجوابات كان بيبعتها مع ناس وبيقولي ان عفيف مقتنعش باللي هو قالهوله وانه ورانا ومش هيسبنا ولازم نختفي لانه حالف انه يقتلنا عشان يغسل عاره وكويس انه كان معايا اخر جواب منه .. لحسن الحظ مرتهوش لانه وصلني يوم ما اكتشفت موضوع السيل ده وقررنا نيجي على هنا ..

صرخ عفيف في قهر كليث جريح دافعا بأحد المزهريات التي كانت بالقرب من موضع وقوفه:- واااه يا واد عمتي .. عرض النعماني بجى رخيص جوي كِده عشان تتاچر فيه !؟.. والله ما يكفيني روحك يا نچس ..

هتف نديم مهدئا عفيف:- اهدى يا عفيف بيه واضح ان كلنا وقعنا ف مصيدة الاستاذ صفوت والله لو كنت موجود ف النجع ساعتها انا مكنتش اضطريت للتصرف بالطريقة دي والهرب بس عدم وجودك والفضيحة اللي كانت هتنتشر لحد ما تيجي مكنتش ممكن تخليك تسكت وكمان جوباته خلتني اقتنع فعلا ان الهرب هو ده حلنا الوحيد وخاصة لما لقيناك جاي ورانا اسكندرية فعلا وان نيتك كان واضح فيها الشر بس للاسف هو كان حاطط الخطة بشكل محكم جدا.. بس على اي حال المهم دلوقت هو ده ..

واخرج نديم من جيب سترته ورقة مطوية منحها عفيف الذي تطلع اليها للحظات متعجبا قبل ان يمسك بها وفضها ليلقي نظرة الي نديم ثم يعاود النظر للورقة مرة اخرى واخيرا همس عفيف بصوت متحشرج:- ايه ده يا باشمهندس!؟..
هتف نديم مضطربا:- دي ورقة جوازي العرفي بأختك يا عفيف بيه .. مكنش ينفع اخرج بيها من قنا وهى مش على زمتي .. مكنش ينفع تفضل معايا الفترة دي كلها وهى مش مراتي ..

هتف عفيف مصدوما:- يعني اتچوزتو !؟..
هتف نديم موضحا طبيعة زواجه بناهد:- ايوه اتجوزنا… بس يعلم ربنا ان طول الفترة دي حافظت عليها أمانة اتردت لك أهي زي ما خدتها .. والورقة دي قطعها ولا كأنها كانت ..
تطلع عفيف الي الورقة مرة اخرى ثم لناهد ليهتف متسائلا وقد تنبه اخيرا:- انتوا چيتوا ازاي !؟.. چيتوا سوى جدام اهل النچع !؟..

اكد نديم مسرعا:- لااا طبعا .. انا جيت ماشي وناهد .. اقصد الانسة ناهد جت راكبة مع سيادة النقيب شريف ..
هتف عفيف مستفسرًا في شك:- وهو حضرة الظابط كان يعرف الحكاية ولا ايه !؟..
هتف بسؤاله وهو يتطلع لدلال التي كانت المرة الاولى التي تتكلم فيها بعد محاولتها اثنائه عن استخدام سلاحه هاتفة مقاطعة نديم الذي كان يهم بالحديث:- محدش يعرف اي حاجة غيرنا احنا الأربعة وطبعا مناع وخالة وسيلة ..

اكد نديم:- احنا مدخلناش النجع مع بعض من اساسه يا عفيف بيه اطمن ..
هتف عفيف متسائلا:- وكنتوا فين طول المدة دي!؟..
اكد نديم بثبات:- كنّا ف إسكندرية ف شقة واحد صاحبي ..
اكد عفيف:- بس انتوا سبتوها .. انا كنت هناك يوم ما روحتوا منِها ..
اكد نديم:- اه ما احنا سبناها ونزلنا القاهرة عند..

وتنبه نديم ان دلال لا ترغب في اقحام شريف وزينب في الامر فاكمل في ثبات:- كنّا عند واحد صاحبي .. قعدنا ف شقته اللي كان مجهزها لجوازه ..
اومأ عفيف برأسه متفهما ثم هتف لمناع امرا:- روح هات لي الواد زيدان م الشونة ..
اندفع مناع ملبيا غاب للحظات ثم عاد لاهثا مؤكدا لعفيف:- الواد زيدان فص ملح وداب.. عم عبدالمحسن بيجول انه توه ما وعي للست ناهد داخلة البيت وكن العفاريت ركبته وطلع يرمح ومحدش عارف هو خفي فين ..

اومأ عفيف برأسه من جديد وقد أيقن انهما كانا على صدق كما نبأه حدسه .. لكن هناك صفوت.. وهو لن يدع الامر يمر مرور الكرام وكأن شيئا لم يكن .. فهذا عرضه .. ولا يمكن له ان يتهاون في امر كهذا ..

هم بالتوجه للخارج الا انه توقف للحظة وتقدم الي اخته التي كانت لاتزل تبكي ليجذبها بين ذراعيه معتصرا إياها لتشهق باكية من جديد متعلقة به .. لحظات مرت لم يُسمع فيها الا شهقات بكاء ناهد والخالة وسيلة التي شطارتها بكائها لتهتف متضرعة لله في قهر:- منك لله يا صفوت .. روح يا بَعيد ياچيكِ ويحط عليك .. دفع عفيف ناهد مبعدا إياها عن صدره مقبلا جبينها واستدار رابتا في فخرعلى كتف نديم واخيرا تقدم الى دلال في تؤدة وهمس هازا رأسه في استحسان:- تسلم تربيتك يا داكتورة ..
واندفع في اتجاه الخارج لتتبعه بعينيها التي كانت الدموع تترقرق بمآقيها وما ان غاب حتى استدارت في اتجاه اخيها لتفتح له ذراعيها تتلقفه في فرحة واشتياق فاق الحد..

اندفع عفيف لبيت صفوت مقتحما اياه بصحبة مناع شاهرا سلاحه ليقتص منه .. الا ان الخدم جميعهم اكدوا انه سافر الي وجهة لا يعلمها اي منهم .. اكد عفيف على مناع وهو يغادر بيت صفوت استدعاء النعمانية جميعهم في التو واللحظة .. لم تمر الساعة حتى امتلاء مجلس النعمانية برجالها عن بكرة ابيه مؤكدا ان الحدث جلل وان عفيف ما جمعهم اللحظة الا لامر بالغ الأهمية لا يحتمل التأجيل..
كان الهرج والمرج على اشده بين الرجال .. كل منهما يحاول استنتاج سبب اجتماعهم في هذه الساعة لكن ما ان طل عفيف عليهم حتى ساد الصمت في انتظار تصريحه..

هتف عفيف محييا في البداية واخيرا هتف بصوت جهوري صارم مخرجا سلاحه واضعا اياه امامه على الطاولة:- انا حلفت لكم من جيمة كام يوم اني هروح اچيب اختي من عند خوالها ف المنصورة وصفوت واد عمي كدب وچودها هناك من اساسه .. ناهد اختي فوج ف البيت الكبير وهى اللي چات لحالها لما سمعت باللي حصل .. چت تطمن علىّ وع النعمانية كلها .. انا كنت شارطها على واد عمتي جبالكم وهو وافج ..

لو چبت ناهد هتكون روحه جصاد الكلام اللي جاله يوميها وادي ناهد جت وروحه هتكون تمن ..عشان اي حد يعرف بعد كِده لما يتكلم على عرض النعماني يجى عارف هو بيجول ايه ويوزن كلامه بميزان الدهب ..هو دلوجت هربان .. بس هيروح فين !؟.. مسيره راچع وساعتها هتكون نهايته على يدي .. ولا حد منيكم عنديه كلام تاني !؟..
ساد الصمت ولم يجرؤ احد من الرجال على أثنائه عن رغبته او حتى مناقشته فيما عزم امره عليه فكل منهم يعرف ثمن الخوض في الأعراض وصفوت هو من اختار عقابه بيده ..

طرقت الباب في تردد ليقابلها على الجانب الاخر اذنا بالدخول ..دفعت باب الحجرة هاتفة في اضطراب:- ممكن ادخل اجعد معاكِ شوية يا دكتورة !؟..
هتفت دلال لناهد وقد شعرت باضطرابها ورغبتها في البوح بشئ ما يثقل كاهلها:- طبعا يا ناهد اتفضلي .. حد هيتعزم ف بيته !..
ابتسمت ناهد هامسة وهى تجلس بأقرب مقعد واجهها:- بصراحة يا دكتورة انا مش عارفة اجولك ايه !؟.. بس انا بچد آسفة على كل التعب اللي تعبتيه بسببنا .. بس ..
قاطعتها دلال هاتفة في ابتسامة ودود:- تعب ايه !؟.. اي تعب مهما كان يهون علشان خاطر نديم وسعادته ..

ابتسمت ناهد بحياء هامسة:- بچد يا دكتورة ..ربنا يخليكم لبعض .. انت متعرفيش نديم ..
اجصد الباشمهندس بيحبك كد ايه .. وكان خايف عليك ازاي .. و دايما چايب ف سيرتك ..
ابتسمت دلال هاتفة:- ده انتوا مكنتوش بتتكلموا الا عليا بقى !؟..
ابتسمت ناهد مؤكدة:- تجريبا كده ..
هتفت دلال:- الحمد لله إنكم رجعتم بالسلامة..هو ده المهم يا ناهد ..اي حاجة تاني مقدور عليها ..
هتفت ناهد بود:- المهم ميكنش الجعاد ف النعمانية تعبك يا دكتورة !؟..

ابتسمت دلال في شجن حاولت مداراته هامسة:- لا ابدا .. بالعكس .. النعمانية هاتفضل ذكرياتها عزيزة عليا .. انا مستنية عفيف بيه بس عشان استأذنه ف السفر ..
هتفت ناهد في لوعة:- سفر ايه !؟.. هو احنا لحجنا نجعد معاكِ !؟.. ولا حتى الباشمهندس لحج يشبع منك !؟..
اكدت دلال:- لازم ارجع بقى .. في حاجات كتير وقفت بسبب موضعكم .. والحمد لله انا اهو اطمنت عليكم ..ارجع اشوف حالي ..هروح النهاردة ابات مع نديم ف الاستراحة عشان أتوكل على الله من بكرة بدري ..

تنهدت ناهد هاتفة:- اللي يريحك يا دكتورة .. بس كان نفسنا تشرفينا شوية ..
هتفت دلال:- تسلمي يا ناهد ..
تناهى لمسامعهن صوت موسيقى شجية قادمة من غرفة المكتب فهمست دلال:- عفيف بيه ف المكتب .. عن اذنك هروح استأذنه ..
طرقت الباب ودفعته للدخول عندما اذن لها وهو يغلق الموسيقى .. تطلع اليها محاولا صبر أغوارها وشعر بانقباض عجيب بنفسه كأنما استشعر ان ساعة الفراق قد حانت ..

هتفت دلال في ثبات حاولت ادعائه:- السلام عليكم يا عفيف بيه .. انا بس حابة اشكرك على كرم الضيافة طول الفترة اللي فاتت دي .. وحابة اروح ابات مع اخويا ف الاستراحة بتاعته لحد موعد قطر بكرة اللي طالع على مصر باذن الله ..
لجمته حقيقة الرحيل التي مثلت امامه متجسدة في كلماتها عن النطق بحرف للحظات واخيرا هتف بصوت متحشرج يحاول استجماع احرف بيانه:- وماله يا داكتورة .. حجك .. بس اسمحيلنا نبعت مناع معاكِ يوصلك بالعربية لحد بيتك.. ليه الجطر !؟..

اكدت دلال:- ملوش لزوم يا عفيف بيه .. مش عايزة اتعبكم معايا ..
اكد عفيف معاتبا:- وااه يا داكتورة .. تعب ايه بس !؟.. جولي انتِ ناوية ميتا بالمشيئة وهيكون مناع والعربية تحت امرك ..
هتفت دلال ممتنة:- تسلم يا عفيف بيه .. انا رايحة عند نديم هبات الليلة دي وبكرة الصبح هطلع ع القاهرة .. ومرة تانية بشكرك على كل حاجة ..

ومدت كفها بلاوعي ملقية السلام فمد كفه بالمقابل مودعا لتتلاقى الأكف ربما للمرة الاخيرة في حديث شجي دامع .. فقد كان كلاهما اشجع من أصحابهما وقد باح كل لخله بما يعتمل في جوفه .. ابتعدت الأكف في وداع موجع كل منهما يحاول التشبث .. لكن الفراق كان مقدر لا محالة ..
هتفت دلال في لهجة حاولت ان تضفي عليها رسمية لم تجد تصنعها:- عن اذنك ..
ليهمس هو بنفس اللهجة الرسمية:- اتفضلي ..
خرجت مسرعة باتجاه الباب لتولي بلا رجعة ليظل ناظره معلقا بالباب لعلها تعود ..فهل تفعل!؟..

كان من المفترض ان يذهب لامها يطلب منها موعدا لزيادة رسمية لكنه لم يستطع الا ان يندفع بلا تعقل باتجاه المشفى الذي تعمل به باحثا عنها..
بحث بغرفة الأطباء وبكل الغرف تقريبا بقسم الباطني والقلب واخيرا لمح طيفها فاندفع يقف امامها يلهث في سعادة هاتفا:- دكتورة زينب ..
تطلعت اليه وقد انتفضت داخليا ما ان وصل لمسامعها صوته المميز .. اندفعت اليه تسأله في لهفة:- اخبار نديم وناهد ايه !؟.. حصل لهم حاجة !؟..

اكد شريف وهو يتطلع الي ملامح وجهها التي افتقدها حد العذاب:- لا الحمد لله مفيش حاجة.. اللي عرفته من نديم ان عفيف بيه سامحهم .. واضح ان الموضوع فيه حكاية كبيرة كانوا ضحايا فيها .. بس سيبك من ده كله !؟.. زينب.. تتجوزيني !؟..
طلبها في ابتسامة واسعة اشبه بإعلان لاحد معاجين الاسنان .. شهقت وهى تنظر اليه في صدمة وما ان استعادت اتزانها حتى اندفعت مسرعة مبتعدة عنه الا انه لحق بها هاتفا في اصرار:- ايه !؟.. مسمعتش ردّك!؟..

هتفت مضطربة تحاول الفرار منه:- الحاجات دي متجيش كِده ومتتناقش هنا يا سيادة النقيب ..
اكد وهو يغلق عليها السبيل حتى لا ترحل مبتعدة:- طب قولي لامك احنا جايين النهاردة الساعة ٧ .. لا سبعة متأخر .. الساعة ٣ .. لا ده معاد غدا .. بصي.. قوليلها جايين الساعة ٦ وامري لله ..

اندفعت مبتعدة تدخل غرفة الأطباء التي كانت فارغة لحسن الحظ لتنفجر مقهقهة على افعاله وقد وضعت كفها على قلبها الذي كان يشاطرها قهقهاتها في سعادة .. واخيرا انفجرت باكية رغما عنها .. وقد شعرت ان ذاك الرجل سيكون بلا شك سبيلها الأسرع للجنون وهى تمسح دمعات سالت من عينيها مختلطة بسعادة بلهاء ..
اما هو فقد ظل متسمرا موضعه حتى غابت لداخل الغرفة ليهتف زافرا في حنق:- يا رب صبرني لحد الساعة ٦ .. لا ٦ ايه !؟.. يا رب صبرني ليوم الفرح ..

واندفع في اتجاه شقته وطرق الباب في سرعة لتفتح امه مرحبة ليندفع مقبلا إياها هاتفا في لهفة:- بقولك ايه يا حجوج !؟.. يا تجوزيني يا اما هصورلكم قتيل هنا ..
هتفت شريفة مقهقهة:- ما انا قلت كده من زمان!؟..
هتف شريف معترضا:- زمان ايه بقولك دلوقتى.. انا عايز اتجوز مع سبق الإصرار والترصد ..
قهقهت شريفة من جديد هاتفة:- يخيبك يا شريف وجعت قلبي م الضحك ..

هتف شريف محذرا:- لا قلبك ايه اللي يوجعك دلوقتي يا شوشو !؟... ركزي معايا كله لمصلحتك .. ده انا هجيب لك قسم القلب كله هنا..
هتفت شريفة تشاكسه:- هتجيبهولي انا !؟.. و الله ما حد عايز يتعالج الا انت ..
اكد شريف مقهقها:- طب وانا قلت حاجة غير كده!؟.. ما انا بقولكم اهو عالجوني .. و انا علاجي تجوزوني.. غلطش انا ..!؟..
هتفت شريفة ضاحكة:- لا ..هو انت تغلط ابدا .. الله يكون ف عونك يا بنتي ع المرستان اللي هتعيشي فيه ..

قهقه شريف مؤكدا:- احلى مرستان والنعمة.. ده انا هلاعبها كل الألعاب.. وهتضمن الجنة من وسع..
قهقهت شريفة من جديد ليبادرها شريف مؤكدا:- بقولك يا حجوج !؟.. احنا هنروح لهم نخطبها النهاردة الساعة ٦ باْذن الله ..
هتفت شريفة في دهشة:- النهاردة !؟.. طب ده الواحد مستعدش !؟..

هتف شريف محتجا:- تستعدي ايه !؟.. هو انت فاكرة نفسك العروسة يا حجوج!؟..و بعدين في ايه بقي!؟.. اقولها جوزيني بسرعة !؟.. تقولي مستعدتش .. انا عايز جواز ف الإنجاز ..
ابتسمت شريفة هاتفة:- طب خلاص نروح ونقابل مامتها وربنا يقدم اللي فيه الخير ..
هتف شريف متضرعا:- ياارب ..

لتتسع ابتسامة شريفة في سعادة فهذه هى المرة الأولي التي ترى فيها شريف بهذه السعادة الحقيقية خاصة بعد وفاة والده والذي كان شَديد التعلق به ..فعلى الرغم من كوّن شريف خفيف الظل يميل للمزاح لكنه يخفي داخله وجعا بسبب وفاة والده التي جاءت مفاجئة للجميع .. تمنت ان تدخل الفرحة من جديد لقلبه بدخول زينب لحياته .. تضرعت لحدوث ذلك في خشوع قلب ام لا يأمل الا في سعادة وليدها الوحيد ..

11-01-2022 01:32 صباحا
مشاهدة مشاركة منفردة [21]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية جلاب الهوى
رواية جلاب الهوى للكاتبة رضوى جاويش الفصل الثاني والعشرون

بعنوان ( وجع البعاد )

كان عفيف يداعب فرسه في ود يقف رابتا على عنقه ليصهل الفرس في امتنان لقطع السكر التي يمطره عفيف بها .. تنحنح مناع الذي كان يقف على مقربة ليستدير عفيف متطلعا اليه ثم يعاود مداعبة فرسه من جديد هاتفا:- ايه في يا مناع !؟.. شكلك عايز تجول حاچة !؟..
هتف مناع متنحنحا:- أديني الأمان الاول !؟.

هتف عفيف بنفاذ صبر:- خبر ايه يا مناع !؟.. من ميتا بتخاف لما تتكلم معاي !؟..
هتف مناع ملقيا كلماته دفعة واحدة:- الداكتورة دلال !؟..
تنبه عفيف مستديرا اليه متسائلا:- مالها الداكتورة!؟..

هم مناع بالتحدث الا ان عفيف ألقى بنظراته للبعد حيث وجدها تخرج مع نديم من الباب الخلفي للبيت الكبير في اتجاه استراحته تطلع اليها مبتعدة دون ان يطرف له جفن لكن داخله يصرخ قلبه معربدا في رفض .. تطلع اليه مناع ليوجه نظراته حيث تصلبت نظرات سيده ..
غابت دلال ونديم عن عيونهما اخيرا ليستدير عفيف موليا ظهره موجها اهتمامه لفرسه يحاول تجاهل تلك الغصات التي تسكن قلبه وروحه ..

هتف مناع:- اهاا .. هو ده اللي اجصده يا عفيف بيه .. الداكتورة خَسارة يا بيه .. والله الف خَسارة ..
تنهد عفيف في حسرة:- ما هى عشان خسارة يا مناع بعمل اللي انت واعيله دِه ..
هتف مناع متعجبا:- كيف يعني !؟..

هتف عفيف بنبرة موجوعة:- يا مناع حياتها غيرنا ومش هتجدر تعيش هنا وسط ناس النعمانية ..انت وعيت لمرضها ووچعها واللي شافته هنا من ساعة ما چت .. هنا مش مكانها يا مناع .. وهبجى بظلمها لو فكرت اخليها تبجى هنا وهظلم ناسي وأهلي وورث ابويا وشيلته لو فكرت اروح انا معاها .. عرفت ليه خسارة يا مناع ..!؟..
هتف مناع محتجا:- بس يا بيه يمكن ...

قاطعه عفيف بنبرة متعبة:- خلاص يا مناع مفيهاشي بس ويمكن .. ربنا يسعدها ..
تنهد مناع في وجع مشاطرا سيده مشاعره التي تئن في صمت لكبتها خلف قضبان
روحه ..

قبل ان تقف عقارب الساعة انتباه مشيرة للسادسة بالضبط كان جرس الباب يدق في لهفة .. انتفضت زينب هاتفة لامها في اضطراب:- شكلهم جم يا ماما !؟..
ابتسمت امها في سعادة رابتة على كتفها:- لا وجاي بدري عن معاده كمان .. ربنا يتمم لكم بخير يا بنتي ..
رن جرس الباب من جديد لتهتف امها مندفعة تفتح الباب مازحة:- انا هروح افتح الباب لحسن يقتحم البيت وانت ادخلي بالعصير بعدي بشوية ..

اندفعت ماجدة لفتح الباب ليطالعها وجه شريف المبتسم يحمل بعض الحلوى وبجواره امه تبتسم في وداعة.. دعتهما للدخول مرحبة .. لحظات وهلت زينب تتخبط في اضطرابها و هى تحمل صينية العصائر وما ان همت بوضعها على الطاولة حتى تعثرت لتسقط صينية العصائر مندفعة الكؤوس هنا وهناك لينل شريف الجزء الأكبر من رذاذها ويسقط احد الكؤوس على حجره ..

شهقت كل من ماجدة وشريفة في صدمة وحاولت زينب على قدر استطاعتها التماسك حتى لا تسقط بدورها..
سادت فترة من الصمت حتى هتف شريف مازحا يحاول تلطيف الأجواء وهو يمسك الكأس الذي كان بحجره ولايزل به رشفة من العصير رافعا اياه لفمه ومن ثم واضعا اياه على الطاولة امامه:- والنعمة العصير كان حلو قووي يا طنط بس ياللاه بيقولوا دلق العصير خير .. نقرا الفاتحة بقى قبل ما الدكتورة تيجى بحاجة سخنة المرة الجاية .. انا جاي اتجوز مش اتسلخ حي ..

قهقت كل من ماجدة وشريفة على تعليقه وتطلعت زينب اليه في خجل وهى لاتزل تقف غير قادرة على التصرف لتناوله امها بعض المحارم وهتفت مشيرة لموضع اخر للجلوس:- تعالوا اتفضلوا هنا بعيد عن العصير اللي انكب ده..
انتقلوا بالفعل لداخل الصالون ليهتف شريف مازحا كعادته:- بصي يا طنط .. هناك انا خطبت بنتك اللي حمتني بالعصير دي ..

قهقهت الأمهات ليستطرد وهو ينظر لزينب الذي هتفت تشاكسه بعد ان تغلبت على خجلها بفضل مزاحه:- ايه وهنا هتصلح غلطتك وهترجع ف كلامك !؟..
هتف متطلعا اليها في عشق مؤكدا:- لااا بعينك .. انا هنا هكتب الكتاب ..
هتفت ماجدة ام زينب:- لا احنا كده دخلنا ف الجد .. يبقى نقعد عاقلين كده ونتفاهم ..

جلس شريف وزينب ليهتف في جدية:- انا يا طنط جاي اطلب أيد زينب واللي هى تطلبه كله مجاب وطبعا زي ما انت عارفة ماما لوحدها ف الشقة فهنعيش معاها على الاقل تفضل معاها وانا غايب فترة شغلي ..
تغيرت تعبيرات ماجدة لكنها هتفت:- على خيرة الله يا حبيبي انا مش هلاقي لزينب عريس ف أخلاقك .. ربنا يهنيكم ..
ابتسم شريف في سعادة وتهلل وجه امه الا ان زينب هتفت:- بس انا مقدرش اسيب ماما يا شريف ..

تغيرت تعبيرات وجه شريف وتطلع لامه التي صمتت ولم تعقب لتهتف ماجدة تنهي الجدل:- البنت بتكون مطرح ما يكون جوزها يا زينب..
هتفت زينب معترضة:- بس انا لا يمكن اسيبك يا ماما ف البيت الطويل العريض ده لوحدك وخاصة مع تهديدات حاتم بن عمي واللي شريف نفسه عارفها ..
هتف شريف بحنق:- طب خليه يقرب م الشارع ده وانا اقطع رجله .. هى سايبة ..
هتفت شريفة مضطربة:- طب وبعدين !؟..

هتفت ماجدة مقترحة:- طب بقولكم ايه !؟.. زي ما انتوا شايفين البيت ده كله بتاعنا من بابه والدور اللي فوق ده كله كان ابو زينب الله يرحمه مجهزه لزينب ومظبطه على حطة العفش .. لو تتجوزوا فيه يا شريف يا بني .. والست شريفة تبقي معايا هنا على عيني وراسي او لو حابة تبقى لوحدها عندنا الشقة التانية اللي جنب دي اللي كان فيها ناهد ونديم .. تقدر تقعد فيها وتشرفنا ..

تطلع شريف لامه التي صمتت ولم تعقب للحظة وما ان هم شريف بالتحدث الا وقاطعته امه هاتفة في مودة:- وماله .. هنا وهناك واحد يا ام زينب وانا اللي يهمني ف كل ده راحة الولاد وسعادتهم ..
انفرجت أسارير شريف وقفز يقبل جبين امه وتبعته زينب تقبلها ومن بعدها تقبل وجنة امها التي دمعت عيناها في سعادة هاتفة:- ربنا يسعدكم يا رب ..
وأطلقت عدة زغاريد لينتفض شريف مندفعا نحو الباب لتهتف امه في تعجب:- انت رايح فين يا بني متسربع كده !؟..

هتف شريف مؤكدا:- رايح اجيب مأذون يا ماما .. ما هو الزغاريد دي لازم تبقى على حق ربنا..
هتفت شريفة ضاحكة موجهة كلامها لماجدة ام زينب:- شايفة الجنان ..
انكمشت زينب موضعها خجلا ولم تعقب بينما هتف شريف:- بصي يا طنط انا كلها بكرة وراجع شغلي ومش هرجع الا وزينب مراتي والفرح الاجازة الجاية .. هااا قلتوا ايه !؟..
تطلعن لبعضهن في حيرة واخيرا اطلقت ماجدة عدة دفعات متتالية من الرغاريد معلنة دخول الفرحة اخيرا لهذا البيت ..

جلس ودلال على مائدة العشاء صامتين رغم الصخب الدائر داخل كل منهما الا ان الصمت كان سيد الموقف .. كانت دلال هى المبادرة بالحديث رابتة على كف نديم الممدودة قبالتها على الطاولة هاتفة:- وحشتني يا نديم .. كنت هتجنن عليك بجد ..
خرج نديم من شروده مبتسما لها:- والله وانت كمان .. انت متعرفيش كانت حالتي ايه يوم ما عرفت انك هنا .. كان هاين عليا انزل احرق النعمانية باللي فيها ..

ابتسمت دلال في محبة:- ربنا يخليك ليا .. والله وانت متعرفش كانت حالتي عاملة ازاى كل ما احس ان عفيف قرب يوصلكم .. انا كنت متأكدة انك متهربش مع اخته .. لايمكن .. رغم كل الشواهد اللي بتأكد ده .. لكن انا مصدقتش .. عشان عارفة نديم تربيتي بيفكر ويتصرف ازاي ..
ابتسم نديم رافعا كفها مقبلا اياه:- ربنا يخليكي ليا..
وحول مجري الحديث مازحا:- وبعدين تربيتي دي!؟ .. بقى في ماما قمر كده !؟..

قهقهت ونهض يرفع الاطباق ليعاود تقبيل هامتها متنهدا ثم غادر للمطبخ ..
نظرت اليه وهو يبتعد تستشف ما قد يكون بأخيها.. لقد تغير نديم رغم محاولاته ادعاء العكس.. عاد بأكواب الشاي ليهم بوضع احداها امام دلال التي همست وهى تطل بوجه اخيها:- انت بتحبها يا نديم !؟..
ارتج الكوب بكفه الا انه استطاع السيطرة على ارتجافة يده ووضع الكوب متسائلا في اضطراب:-هى مين دي !؟..
تطلعت اليه دلال تثبر أغواره هامسة:- ناهد يا نديم ..

تحاشى نديم النظرلأخته هاتفا:- احب مين يا دلال !؟.. الحكاية وما فيها .. ان الموضوع ده غيرني .. حسسني ان الدنيا لسه فيها حاجات كتير قووي لازم تتعرف وتتجرب .. ولما اتحملت مسؤلية ناهد .. عرفت يعني ايه راجل بجد ..
ثم غير دفة الحديث كعادته هاتفا بمرح:- أنتِ كنتِ مدلعاني على فكرة .. يا ماما ..
ابتسمت له محاولة إظهار اقتناعها بكلامه لكنها ابدا لم تقتنع فهي تشعران نديم يعشق تلك الفتاة الرقيقة مدللة اخيها .. وانه يكابر ولا يريد الإفصاح عن ما بداخله تجاهها..

استأذن كل منهما للنوم فقد كان اليوم طويلا بحق.. تمددت هى على فراش نديم بالغرفة الوحيدة بالاستراحة بينما تمدد هو على تلك الأريكة الخشبية بالخارج .. لم يزر النوم أجفانهما ..
تقلب يمينا ويسارا كانما يتقلب على فراش من جمر لا يهدأ له جانب وصورتها تطالعه أينما ولى وجهه او حتى عندما يغلق عينيه مدعيا النعاس .. ابتسامتها تؤرقه .. لحظاتهما معا تضج مضجه وتسلب منه راحة باله ..

نفض غطائه واندفع في اتجاه الشرفة الوحيدة بالاستراحة فتحها رغم برودة الطقس ليلا الا انه كان بحاجة لاستنشاق هواء نقي لربما يخمد تلك النيران المستعرة بفؤاده ..
اما دلال فكانت لا تقل حالا عن اخيها فاستشعارها بقرب الرحيل عن النعمانية جعل وجعا ما خفيا بموضع مجهول داخلها يئن في صمت .. لتندفع خارج حجرتها لتطالع اخيها واقفا بالشرفة في هذا الجو البارد .. شدت المئزر على جسدها ووقفت جواره يتطلع كل منهما للبعيد يستشعر ما بدواخل الاخر من فوضي تحتاج لترتيب ..
همست دلال مشجعة:- اطلبها من اخوها يا نديم..

لم يتطلع اليها نديم فقد كان يعلم تماما ان انكاره السابق لم ينطل على دلال وانها تعلم دواخله اكثر من نفسه لذا هتف وهو يضغط على سُوَر الشرفة في وجع:- اطلب ايه يا دلال !؟.. انتِ مش شايفة احنا فين وهم فين!؟...دول اصحاب الارض اللي انت شيفاها دي كلها .. النجع كله تقريبا بتاعهم .. وانا بقى حيلتي ايه !؟..
هتفت دلال بحماس:- انت مهندس قد الدنيا ولك مستقبل .. و بكرة يبقى معاك ..و..

هتف نديم ساخرا:- وايه !؟.. ناهد متعودة ع العز.. عفيف مكنش بيخليها محتاجة حاجة .. انتِ فاكرة انها لما كانت معايا كنت مرتاح! ..ابدااا .. كنت حاسس اني مقصر معاها مهما جبت .. احساس صعب قووي يا دلال انك تحس بالعجز قدام حد عايز تسعده ومنتش قادر .. عايز تديله أقصى ما عندك وحاسس ان ده مش كفاية ..
همست دلال:- بس انا حاسة انها يعني ..
قاطعها نديم بلهفة:- انها ايه !؟..

اكدت دلال:- لما قعدنا مع بعض .. حسّيت من كلامها انها بتحبك فعلا .. كانت كل شوية تجيب سيرتك .. وتشكر فيك .. و ..
قاطعها نديم بخيبة:- حتى ولو كلامك صح .. اخوها هايرضى !؟..
صمتت دلال عند هذه النقطة ولم تعقب .. هى تعرف عفيف وعاشرته في مواقف كثيرة .. لكن عند النسب .. تظن ان الامر سيختلف و سيكون متشددا فيمن يهبه اخته فعادات الصعايدة في هذه النقطة بالذات لا جدال فيها .. والأنساب بالنسبة لهم لها معايير خاصة لا يمكن تجاهلها وخطوط حمراء لا يمكن تخطيها ..

استطرد محاولا تغيير الموضوع مؤكدا:- وبعدين اتجوز ايه وانا لسه مطمنتش عليكِ!؟..كفاية بقى يا دلال .. موقفة حياتك عليا .. انا مبقتش عيل .. انا قادر اسير حياتي وانت بقى ركزي على حياتك شوية.. بجد نفسى اطمن عليكِ مع راجل يستاهلك ويصونك بجد ..
هتفت دلال مازحة تحاول مداراة وجعها:- ايه ده !؟.. انت قلبت كده ليه وبقيت بتتكلم زي ام زينب !؟..
قهقه لتهتف هى:- كل شئ بأوان يا حبيبي ..
ربت على كتفها وهمس مؤكدا:- انا هطلب نقلي من هنا يا دلال ..

لم تعقب للحظات واخيرا همست وهى تجره للداخل بعيدا عن ذاك الصقيع في تلك الساعة المتأخرة:- اللي يريحك اعمله يا حبيبي .. ربنا يقدم لك اللي فيه الخير ..
اومأ برأسه في وداعة واندفع لأريكته لتدلف للحجرة بدورها وقد استشعرت وجعا مضاعفا بداخلها .. وجع اخيها ووجيعة بعادها ..وتأكد لها امر واحد .. ان كلاهما جاء النعمانية في ظروف مختلفة .. لكنهما سيغادراها بذات الوجع تاركا كل منهما قلبه خلفه هاهنا .. بين جدران البيت الكبير ..

هتف خلفها مناديا بصوت أجش يمشي في فخر بعضلاته المفتولة وشاربه الكث:- يا ورد .. يا بت يا ورد ..
توقفت ورد عابسة هاتفة في ضيق:- بت !؟.. ما تحسن ملافظك يا مرعي .. ايه بت دي !؟
هتف مرعي ساخرا:- طب يا ست الستات ..
هتفت ورد:- ايوه معلوم ست الستات .. عايز ايه..!؟
هتف مرعي في اهتمام:- فين البت لواحظ !؟
هتفت تهم بالرحيل مبتعدة:- وانا ايش دراني..

امسك مرعي بذراعها يجذبها مستوقفا إياها في غضب:- يعني ايه متعرفيش !؟.. دِه انتِ وراها كيف دراها ..
نفضت ذراعها من كفه هاتفة في غضب:- اوعى يدك دي ..اني ليا راچل يوجف لك ع اللي بتعمله دِه ..
هتف مرعي مقهقها:- راچل !؟ .. دِه اللي هو زيدان..!؟..كلب صفوت النعماني بجي راااچل..
هتفت ورد في حدة:- كلب سعران ينهشك .. جال كلب !؟..دِه راچل وسيد الرچالة كمان ..
اقترب طايع منهما هاتفا:- خير يا ورد !؟.. ايه في !؟..
هتفت حانقة:- مفيشي يا طايع .. يسلم لي سؤالك ..

هتف مرعي بلامبالاة متجاهلا وجود طايع الذي كان الجميع يعلم كم يعشق ورد التي رفضت الزواج به وتزوجت زيدان العامل بارض عفيف النعماني والذراع اليمني لصفوت النعماني:- خلصنا بطلي رط كَتير وجوليلي فين لواحظ !؟..
هتفت بمكر رغبة في اثارة غضبه ترد له سبته في حق زوجها:- تلاجيها مع واد الاكابر اللي يستاهلها ..مش حتة بلطچي منفوخ ع الفاضي..
زمجر مرعي صارخا:- انتِ جصدك مين!؟..صفوت النعماني !؟..هي محرمتيش من العلجة اللي خدتها جبل سابج .. ماشي يا لواحظ ..
هتفت ورد امعانا في إذلاله:- وانت ليك عنديها ايه !؟..

هتف بغيظ:- اني خاطبها من ابوها ..
هتفت ورد:- بس هي مش ريداك ..
هتف مرعي صارخا من جديد:- مش بكيفها.. هتچوزها بمزاجها او غصب ..
هتف بتهديده وهو يندفع من أمام ورد يكاد ينفجر غيظا لتستدير ورد باتجاه طايع هامسة:- تسلم لي يا طايع .. دايما سداد ..
همس طايع بعشق مفضوح:- معلوم يا ورد .. سداد .. ولو بعمري ..

تطلعت اليه في إشفاق فهي تعلم كم يهواها لكنها ما فكرت ابدا في مبادلته الشعور نفسه وخطف زيدان قلبها وتزوجها ..لتصبح ملك لرجل غيره لكنه ابدا ما نزعها من قلبه ..
تنهدت واستأذنت تتمختر ببطنها المنتفخ لتدخل خيمتها ليقف طايع متطلعا اليها في وجع واخيرا تحرك مبتعدا بدوره ..

طرقت الباب عدة مرات تتطلع حولها في اضطراب وهى تخبئ وجهها بطرف شالها فانفرج الباب اخيرا عن محياه الشاحب وجذبها للداخل في سرعة ثم اغلقه هاتفا بها في حنق:- ايه اللي اخرك كِده يا حزينة !؟..
مد كفه متناولا ما كانت تحمل واضعا اياه على الطاولة وأخذ يتناول الطعام في شراهة..

تطلعت لواحظ اليه في قرف واخيرا بدلت تعبيرات وجهها للنقيض هاتفة ما ان استدار صفوت متطلعا اليها متسائلا:- ايه !؟.. مش ناوية تاچي تاكلي !؟..
اقتربت وصوت خلخالها وكردانها يعزف لحنا يسبق خطواتها وألتصقت به هامسة في إغواء:- كُل انت يا سي صفوت ..
هتف صفوت وفمه ملئ بالطعام:- اتاخرتي عليا جووي .. كنت هموت م الچوع ..
اكدت لواحظ وهى تملس على شعره هامسة:- كنت اعمل ايه بس يا سي صفوت!؟..ما انت واعي .. الطريق واعر من النعمانية لهنا.. واني لحالي ..

ما ان ذكرت النعمانية حتى توقف عن تناول طعامه هاتفا في قلق:- حاچة حصلت بعد ما روحت .!؟..
اكدت لواحظ متنهدة:- يووه ع اللي حصل.. باين واد خالك سمع اخته و الحكاية كلها وطاح ف النچع يدور عليك بمنكاش وأخرة المتمة وجف وسط النعمانية وجال انه لو شافك هيجتلك عشان الكلام اللي جولته على اخته .. ومحدش جدر يرده …
انتفض صفوت صارخا في غضب جاذبا ذراعها يهزها:- كله من تحت شورتك يا عويلة ..

هتفت تهدئه مستعملة اقوى اسلحتها قدرة:- دراعي يا سي صفوت حرام عليك .. وبعدين اصبر بس .. وهو من ميتا لواحظ ميكونش عنديها الحل ..
خف ضغطه على ذراعها هاتفا مستفسرًا:- جصدك ايه..!؟..
اكدت تهمس بالقرب من أذنه:- اسمع بس للواحظ ومش هتندم المرة دي ..
وبدأت في سرد خططها الشيطانية على مسامعه واستمع هو كالعادة ..

كان يعلم انها سترحل بعد قليل .. فقد اعلمه مناع انه يجهز العربة من اجل سفر الدكتورة دلال .. اكد على الخالة وسيلة تحميل العربة بزيارة تليق بها..
ما ان هم بالخروج من باب البيت حتى وجدها تدلف وأخيها نديم من البوابة الخلفية الأقرب لاستراحته .. اقتربا معا ونديم يضم كتفيها بعرض ذراعه مما أشعره بغيرة حمقاء لا مبرر لها فأخفض ناظريه عنهما حتى وصلا موضع وقوفه .. رد على تحيتهما هاتفا:- وعليكم السلام .. خلاص نويتي يا داكتورة !؟.

اكدت في محاولة للثبات:- اه يا عفيف بيه .. ارجع اشوف شغلي وحالي بقى ..
هتف عفيف مودعا دون ان يرفع ناظريه اليها:- بالسلامة يا داكتورة .. ربنا معاكِ ..
واندفع في اتجاه بوابة البيت الكبير حيث كان فرسه مسرجا .. اعتلى ظهره بقفزة واحدة و جذب لجامه واندفع به يسابق الريح .. كان ذاك المشهد الاخير الذي حفرته له بمخيلتها قبل ان تستدير تلقي التحية على نديم ومن بعده الخالة وسيلة واخيرا ناهد التي اندفعت من داخل البيت تعدل من وضع حجابها على رأسها وتوقفت لحظة مضطربة ما ان وقع ناظريها على نديم .. احتضنت دلال في محبة هاتفة:- توصلي بالسلامة باذن الله .. وتشرفينا ف اي وجت يا دكتورة ..

اكدت الخالة وسيلة وهى تمسح دمعها المنساب:- معلوم .. تشرفنا وتأنسنا .. والله اتعودت على وچودك وجعدتك الحلوة يا داكتورة .. هتجطعي بيا.. ربنا ما يغيبك يا بتي..
دمعت عينا دلال لدعوات الخالة وسيلة الصادرة من قلب محب وابتسمت مودعة ولوحت بكفها عندما بدأ مناع في التحرك بالعربة خارج بوابة البيت الكبير ..
استدار نديم راحلا لتهتف ناهد تستوقفه:- ازيك يا باشمهندس !؟..

اكد نديم دون ان يستدير لمواجهتها:- الحمد لله يا آنسة ناهد .. رضا ..
هتفت ناهد:- يا رب دايما .. مش محتاچ حاچة!؟ .. اجصد يعني ... الاستراحة مش ناجصها حاچة !؟..
اكد نديم في لهجة رسمية:- لا .. كله تمام .. متشكر.. عن اذنك ..
واندفع راحلا خلف عربة دلال التي اختفت خلف الغبار الذي اثارته إطاراتها على الدرب الترابي ..

واصل عفيف ركضه بفرسه للجانب المقابل من النجع محاولا الابتعاد عن مسار العربة .. كان يجذب نفسه في الاتجاه المعاكس لخط سيرها .. كان يشعر وان روحه تغادر جسده مما دفعه ليزيد من سرعة انطلاق جواده ربما يخمد بعضا من نيران ذاك الأتون الذي تحترق به روحه .. وعلى الرغم من كل محاولاته في ان ينأى بنفسه عن مرأها تبتعد الا انه وجد فرسه يقف على جرف مرتفع يشرف على النعمانية وما حولها ليبصر بعين قلبه على ذاك الطريق هناك العربة ومناع يبتعد بها ..

ظل واقفا على صهوة فرسه يترقب ابتعاد العربة في صمت احد قسوة من صمت القبور .. عيناه تحجرت نظراتها على الطريق وأصبح اشبه بتمثال من صخر قد من حجارة الجبل الذي يقله ..

سال دمع خفي من عيني مناع داراه سريعا حتى لا يشوش رؤيته للطريق قبالته وهو يعي اين كان يقف سيده مودعا .. لقد أبصره على ذاك الجرف ينظر للعربة الراحلة بقلبه .. هو لم يصرح يوما بعشقه.. لكن مناع يحفظ سيده ويدرك ان قلبه تعلق بها .. ألقى نظرة سريعة على مجلسها خلفه ليجدها ليست باحسن حالا من ذاك الذي كان يقف مسلوب الفؤاد تكاد احجار الجبل تئن وجعا وترتج حزنا لوجيعته..كانت تبكي في صمت عيناها على الطريق وقلبها معلق بأحجاره .. تعد حصاه وتأمل ان يتعرف عليها يوما ما .. اذا ما قُدر لها العودة ..

زاد مناع من سرعة العربة فما كان لديه القدرة على الصبر حتى ينهي ذاك الطريق المستقيم لينحرف مبتعدا عن عينىّ سيده ليقلص مدة عذابه ووقفته التي طالت .. انهى الطريق وانحرف بالفعل ليننهد مناع في شجن وهو يلمح دمعها من خلال مرآة سيارته والذي تحاول ببسالة ان تداريه ..
اندفع عفيف هابطا الجرف ما ان تأكد ان السيارة رحلت وانها ما عادت بالقرب منه .. شعر بنصل حارق ينغرس بصدره .. حتى انه وضع كفه موضع فؤاده و هتف متوجعا:- يااا الله ..
اندفع بفرسه عائدا للبيت الكبير ليقف مسرجا اياه فتناهى لمسامعه شدو عبدالمحسن الذي كان يستند على جذع شجرة قريبة ولم يدرك بقدوم عفيف:-

وايه رماك ع المر ..
جلت اللي امر منيه ..
و ياعينى ع العشج وأحواله ..
ويا وچعي ع اللي ابتلي بيه ..
يجوم ينام حِبه جصاده ..
كنه چن ومخاويه..
لا عارف يعاود خالي الجُليب
ولا داري الچرح كيف يداويه ..

توقفت يده عن إكمال سرج فرسه وقد وقعت كلمات عبدالمحسن على فؤاده وقع مادة حارقة على نيران مستعرة ليندفع دالفاً للبيت لتعاجله الخالة وسيلة باكية وبجوارها ناهد تشاطرها أحزانها لتهتف الخالة وسيلة:- والله جطعت بيا .. كانت روحها حلوة وطبعها موافج .. ربنا ما يغيبها ..

هرول عفيف مندفعا لاعلى الدرج يختبئ من اثرها الباق خلفها .. وقد ارتجت روحه بدعوة الخالة وسيلة .. ربنا ما يغيبها .. وكأنها غابت من الاساس.. انها تسكن هاهنا بين حنايا روحه .. وقد أيقن اللحظة من ذاك العشق الذي كان يكابر للاعتراف به .. تأكد لتوه انه مسربل به .. وان هواها يكبل فؤاده بسلاسل من سحر متفرد لا يمكن لأي من كان ان يفك طلاسمه..

صرخ شريف هاتفا وهو يقف بأسفل درج بيت زينب:- انتِ يا بت يا مراتي !؟.. ياللاه لحسن اتأخرنا !؟..
هتفت زينب من داخل شقتها محدثة امها:- شايفة يا ماما الجنان !؟.. وبعدين اتاخرنا على ايه !؟.. ده انا لسه مكملتش لبسي أساسا ولا فطرت .. وبعدين هو فيه محلات موبيليه تفتح الساعة ٨ الصبح !؟..

كانا قد اتفقا على قضاء اليوم التالي لعقد قرانهما معا لاختيار اثاث منزلهما قبل انتهاء اجازة شريف وسفره مساءً قهقهت ماجدة امها هاتفة:- والنبي مجنون صح بس عسل .. اقعدي افطري وانا هطلع له ...
فتحت ماجدة الباب تطل على شريف هاتفة:- صباح الخير يا شريف يا حبيبي ..
هتف بدوره مبتسما:- صباح الخير يا طنط ..

استطردت ماجدة:- اطلع يا حبيبي افطر مع زينب وبعدين انزلوا .. لسه بدري ع المحلات..
اندفع شريف صاعدا الدرج هاتفا:- وماله يا طنط والله انا كمان مفطرتش ..
أفسحت له ليدخل ملقيا التحية وجلس على المائدة في أريحية .. طلت زينب في حياء تحمل طبق من طعام لتضعه على المائدة .. بدأ شريف في تناول الطعام بشهية وما ان رفع لقمة عامرة الي فمه حتى توقف متسمرا ما ان وقعت عيناه على زينب التي جلست قبالته بلا غطاء رأسها ..

اطال النظر بها و اخيرا أخفض كفه هاتفا بصوت متحشرج:- ايه ده !؟.. ايه الحلاوة دي !؟..
شعرت بالخجل فاخفضت ناظريها مبتسمة في اضطراب .. كانت امها قد جلست بالفعل للمائدة ونظرت لكلاهما تدعوهما للطعام الا انها رأت حملقته في ابنتها فابتسمت في سعادة ونهضت متعللة بجلب الشاي ..
ظل على حملقته البلهاء بها حتى هتفت متسائلة في احرف متلجلجة:- انت مش هتفطر !؟..

هتف بأحرف تائهة:- افطر ايه !؟.. ما انا بفطر احلى فطار اهو!؟..
بدأ يلوك طعامه في بطء وهو يسلط نظراته عليها لا يحيدها حتى استشعر وجود امها فتنحنح محرجا هاتفا:- مش ياللاه يا زينب!؟..
هتفت باضطراب:- اه انا خلصت اهو .. هكمل لبس الترحة وياللاه ..
هتفت ماجدة:- انتوا نازلين من غير ما تشوف الشقة يا شريف !؟.. برضو هتفرق .. ياللاه افرجهالك عقبال ما زينب تكمل لبسها .

نهضوا جميعا وتناولت ماجدة مفتاح الدور العلوي الذي سيكون شقة الزوجية لابنتها وما ان همت بفتح باب الشقة حتى رن هاتف التليفون .. ناولت زينب المفتاح هاتفة:- روحي فرجي لجوزك الشقة وانا هرد ع التليفون واحصلكم ..
تناولت زينب المفتاح ليسبقها هو للأعلي تتبعه هى في وجل .. ما ان اصبحا قبالة باب شقتهما الا ومدت كفها تناوله المفتاح الا انه أبى هامسا في عشق:- لااا.. يوم ما هفتح الباب ده هيكون بمفتاحي وهتكوني انتِ بفستان الفرح..

اضطربت وهى تضع المفتاح موضعه ودفعت الباب ليدخل مسميا الله بعد ان خطت هي للداخل مسمية الله بدورها .. تطلع حوله للبهو الواسع لتهتف هى مندفعة للداخل مشيرة لباب تفتحه:- ده المطبخ ..
هتف متطلعا لداخله يشاكسها:- أحلى اكل من أيد ست الكل باذن الله ..
ابتسمت وفتحت الباب المجاور هاتفة:- وده الحمام..
هتف يغمز بعينه هاتفا:- يا دش الهنا يا ريتني كنت انا ..

امسكت قهقهاتها واندفعت تخطو عبر الردهة الطويلة مشيرة لعدة غرف هاتفة في خجل:- والأوضتين دول يعني .. هيكونوا يعني .. للأولاد باذن الله ..
همس عابثا مقتربا منها:- ربنا يعينا ..
اندفعت مبتعدة في اتجاه اخر غرفة مشيرة لها من الخارج:- ودي اوضة النوم الرئيسية ..
همت بالابتعاد الا انه جذبها لداخل الغرفة هامسا في مرح:- يعني دي ميدان المعركة .
هتفت تدفعه باضطراب:- شريف ..

امسك كفيها ليجدهما ببرودة الثلج فهتف جادا:-ايه ده !؟.. ايدك زي التلج كده ليه !؟..
لم تعقب فتطلع لعينيها هامسا:- زينب !.. انتِ خايفة مني !؟
تطلعت اليه هامسة:- لااا .. انا بس ..
ابتسم جامعا كفيها يضعهما على موضع قلبه هامسا:- تعالي ادفي .. النار هنا قايدة والنعمة..

ابتسمت فمد كفه يخلل إصابعه بين خصلات شعرها الذي اثار جنونه لحظة ان طالعه وانحني في شوق يقبل جبينها ثم انخفض مقبلا أرنبة انفها وما ان هم بتحية ثغرها حتى هتفت ماجدة بباب الشقة التي دلفتها هاتفة:- هااا يا شريف .. عجبتك الشقة!؟..
انتفض يتطلع حوله مضطربا وكان هو أولهما سيطرة على حاله مندفعا من الداخل يتحدث بنبرة يحاول ان تكون طبيعية مزجها بالمرح:- اه يا طنط شقة زي الفل .. دي تعجب الباشا..

هتفت ماجدة مشاكسة:- المهم انها عجبت شريف باشا ..
قهقه شريف مشاكسا:- ربنا يخليكي يا طنط..
تساءلت ماجدة متعجبة:- امال فين زينب !؟..
تطلع شريف حوله متعجبا:- والنعمة انا كنت سايبها هنا ..يا زينب ..

و اندفع موضع ما تركها ليجدها تقف محملقة بمكانه لحظة ما غادرها مد كفه يجذبها خارجا هاتفا في مزاح:- أهي يا طنط .. حتة واحدة اهى..
قهقهت ماجدة هاتفة لزينب:- طب ياللاه كملى لبسك يا زينب عشان تنزلوا تشوفوا وراكم ايه..
اطاعت زينب في ألية وتبعها شريف وامها تغلق خلفهما باب شقتهما ..

وصلت القاهرة قبيل المغرب وتوقفت امام باب بيتها ومناع خلفها يضع ذلك الصندوق الكرتوني بجوار حقائبها هاتفا:- حمدالله بالسلامة يا داكتورة .
ابتسمت في هدوء:- الله يسلمك يا مناع .. اتفضل استريح شوية م الطريق واشرب لك كباية شاي..
ربت مناع على صدره هاتفا في امتنان:- تسلمى يا داكتورة .. انا لازما اركب الطريج عشان متأخرش ف الرچعة ..

وألقى التحية وهبط الدرج راحلا ليتركها تقف امام باب شقتها التي تستشعرانها غابت عنها عصور.. اخرجت مفتاحها وما ان همت بفتح الباب حتى بدلت رأيها وحزمت امرها لتهبط الدرج بحقيبتها وحملها الثمين وغادرت البناية للشارع ..
وقفت باحد الأرصفة تتابع الزحام والزخم الحادث شاعرة انها انتقلت من عالم لأخر .. كانت بعالم من احلام والان هى بعالم الواقع بكل ما به من تفاصيل تشتتها ..
انتبهت على صوت ألة تنبيه احدى سيارات الأجرة تطلعت لموضعها ليهتف سائقها متسائلا:- تاكسي يا آنسة ؟!..

اومأت برأسها دون اجابة وصعدت العربة وهى لاتزل على تيهها ليوقظها صوت السائق متسائلا من جديد:- على فين !؟..
هتفت تدله على عنوان زينب وقد شعرت بأدمع لا سبب لها تترقرق بمآقيها ففتحت حقيبتها تتناول منديلا ورقيا لتطالعها قطعة الجلاب التي احضرتها معها للذكرى .. تناولت المنديل سريعا وأغلقت الحقيبة وقد قررت ألا تتذكر .. فهل ستستطيع !؟..

رغما عنها وجدت نفسها تغير وجهتها والان هى تقف تدق الباب لتفتح زينب مدهوشة واخيرا هتفت فى سعادة:- دلال ..
تلقفتها بين ذراعيها وسحبتها من يدها للداخل.. وضعت دلال حملها جانبا هاتفة:- ازيك يا زينب.. وحشتينى ..
هتفت زينب في لهفة:- وانت كمان يا دولي.. شريف طمني على ناهد ونديم مش الحمد لله كله تمام !؟..
اكدت دلال:- اه الحمد لله عدت على خير..

هتفت زينب تشير لخاتم الخطبة بأصبعها:- تصدقي ..اتخطبنا وكتبنا كتابنا امبارح!؟..
بحلقت دلال غير مصدقة واخيرا هتفت في فرح:- صحيح !؟.. الف مبروك .. انا كنت عارفة انه مستعجل بس مش للدرجة دي!؟.. قهقهت زينب هاتفة:- ده المجنون عايزنا نتجوز الاجازة الجاية !؟..تصدقي !؟..
قهقهت دلال هاتفة:- طب ما انت لسه قيلاها .. مجنون .. وليس على المجنون حرج يا زوزو ..

قهقت زينب بدورها هاتفة:- ربنا يكون ف عوني بقى ..
هتفت دلال مؤكدة:- شريف إنسان محترم و بن حلال .. وصدقيني ربنا بعته م السما لان محدش هيقدر يقف لعمك وابنه زي شريف .. ربنا يسعدكم يا رب ..
هتفت زينب متضرعة:- ياارب .. وعقبالك يا دلال.. بجد دى هاتبقى الفرحة الكبيرة ..
هتفت دلال ساهمة:- كله بأوانه يا زينب ..

هتفت زينب تخرجها من شرودها:- طب انا عايزاكِ تحكيلي كل حاجة حصلت .. ازاي عفيف بيه تقبل موضوع نديم وناهد .. كل حاجة .. متسبيش تفصيلة .. بس الاول تقومي نتعشا ..
اكدت دلال مازحة:- انا مش هتعشا بس لا وهتغدى وأفطر كمان .. انا كنت جاية اقعد معاكِ يومين لحد ما انضف شقتي لكن بعد الاخبار الحلوة اللي سمعتها دي وإنكم ناويين ع الفرح الاجازة الجاية اعسكر معاكي بقى نتسحل سوا ف شرا جهازك وترتيب شقتك .. واجري على الله ..

اندفعت زينب تحتضنها:- حبيبتي يا دلال ربنا يسعد قلبك يا رب باللي يستاهله ..
دمعت عينا دلال وهمست روحها بأحرف اسمه لتتردد بصدى موجع بين جنباتها .. عفيف ..



المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
رواية صغيرتي الحمقاء زهرة الصبار
39 7010 زهرة الصبار
رواية انتقام ثم عشق زهرة الصبار
38 4086 زهرة الصبار
رواية حبيب الروح زهرة الصبار
39 3120 زهرة الصبار
رواية لا ترحلي زهرة الصبار
36 2985 عبد القادر خليل
رواية أحببت فاطمة زهرة الصبار
74 3425 زهرة الصبار

الكلمات الدلالية
رواية ، جلاب ، الهوى ،


 





# فنون # مشاهير # صحة # منوعات # الأطفال # English # تفسير الأحلام ثقافة # قصص # سيارات Cars # صور # تقنيات # الاجهزة الالكترونية # المطبخ # كلام فى الحب # أبراج # رياضة # ازياء # حكم وأقوال تطوير الذات# خلفيات # صور بنات # مشاهير # ديكور # صباح الخير # مكتوب برقيات شهر رمضان # جمعة مباركة # حب رومانسية # عيد # ادعية # خلفيات كرتون # منوعات # موضة # الأم # أطفال # حيوانات # صور ورد # اكلات # New Year # مساء الخير # اللهم صلي علي النبي # القران الكريم # صور نكت # عيد ميلاد # اعلام # سيارات # تهنئة الخطوبة # حروف واسماء # الغاز # صور حزينة # فساتين # هدايا # خلفيات النادي الاهلي # تسريحات شعر # الاصدقاء # بوستات نجحت # خلفيات نادي الزمالك # حب رومانسية # تهنئه # ازياء # صور بنات # صوره وكلمه خلفيات # كرتون # بروفايل رمزيات # دينية # سيارات # مضحكة # أعلام # مسابقات # حيوانات # ديكور # أطفال # أكلات # حزينة صور شباب أولاد ر# صور # الطب و الصحة # مقالات عامه # CV المشاهير # وصفات الطبخ # العناية بالبشرة غرائب وعجائب # قصص روايات مواعظ # صور حيوانات # وصفات الحلويات # الرجيم والرشاقة # نكت مضحكة # صور خلفيات # العناية بالشعر # شروحات و تقنيات # videos # Apps & Games Free # موضة أناقة أزياء # سيارات # ديكور # رعاية الأطفال # نصائح المطبخ # موبايل جوال # الفوركس # التعليم والمدارس # الحمل و الولادة # اخبار الرياضه # وظائف # صحة المرأة # حوادث # صور بنات # صور اطفال # مكياج و تجميل # عناوين بنوك شركات محلات مطاعم # العاب الغاز # عيد # كلمات الاغانى # اشغال فنيه واعمال يدويه # مصر # أشعار خواطر # للنساء فقط # للرجال فقط # صور شباب # علاج النحافه # رسائل SMS # أكلات نباتية - Vegetarian food # برامج الكمبيوتر # المراهقة # جمعة مباركة # blogger # رعب # لعنة العشق # حب # اسلامية # قاسي ولكن أحبني # أحفاد أشرار الحرب لأجلك سلام # أسمى معاني الغرام # حقيقية # لقد كنت لعبة في يده # ملهمة # أباطرة العشق # عربية # حب خاطئ # لست مميزاً # من الجاني # مشاهير # راقصة الحانة # اغتصاب طفلة # عاشقان يجمعهم القدر # الطريق الصعب # خيال علمي # أشواك الحب # تاريخ # سجينة ثوب الرجال # لروحك عطر لا ينسى # أطفال # عشق وانتقام # لازلت أتنفسك # لقاؤنا صدفة # للحب معان أخرى # خاتم سليمان # ممن أنتقم # نجاح # أبواب وهمية # حلمى فى صفيحة قمامة # فيلم # مجنون بحبك # بين شباكها # حزينه # رحلات جوليفر # عذاب قسوته # عندما ينادي الشيطان # لعنة حبك # مريم وامير # هدوء في قلب العاصفة # الحاسة السادسة # المشعوذة الصغيرة # عباقرة # لوعة العشق # حروب # قدر بالإجبار # بنات مضحكه# فوركس Forex# صحتك # الصور والخلفيات # الطبخ والحلويات # منوعات # اخبار الفن # القصص و الروايات الألعاب الرياضية # الحياة الزوجية # أزياء وملابس # الأم و الطفل # دراسات لغات # افكار منزلية # انترنت تكنولوجيا # صفات الابراج # حيوانات ونباتات # تفسير الاحلام # معانى الاسماء # خواطر و اشعار # الكون والفضاء اجمل نكته# Mix # Forex # youtube # foods # Kids # Health education # stories # News # kitchen # woman # Famous # Sport # Animals

-------

الساعة الآن 10:38 صباحا