أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في منتدى جنتنا، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .

المنتدى للقرائه فقط -- للمشاركه انتقل الى منتديات جنتنا الجديده -forums.janatna.com





رواية جلاب الهوى

غريبة هي في أرض عجيبة يسودها الجهل و يحكمها العرف و تطبق على أنفاسها التقاليد البالية تحاول تحقيق هدف ما و رغم توافقه مع ..



11-01-2022 01:27 صباحا
مشاهدة مشاركة منفردة [13]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية جلاب الهوى
رواية جلاب الهوى للكاتبة رضوى جاويش الفصل الرابع عشر

بعنوان ( تعويذة )

اندفع حاملا إياها فى ذعر حقيقي لداخل البيت الكبير ولم يتنبه الا و هو يضعها على فراشه في عجالة و الخالة وسيلة تندفع مهرولة خلفه فى ذعر مماثل هاتفة فى لوعة:- ايه فى !؟.. الداكتورة مالها بعيد الشر!؟..
هتف عفيف بدوره في اضطراب:- معرفش يا خالة.. معرفش ...وجعت من طولها بعد ما مامت براءة جدام عنيها ..
هتفت الخالة وسيلة مفجوعة للخبر ضاربة بكفها على صدرها:- براءة ماتت!؟.. عيني عليكي يا بتي ..و على اللي نابك ..

تحرك عفيف في سرعة فى اتجاه طاولة الزينة جالبا زجاجة من عطر اسقط بعض من رزازها على كفه التي قربها الى انفها في محاولة لإفاقتها لكن لا فائدة فقد ظلت على حالها ليضرب بخفة على خدها هامسا باسمها في اضطراب:- دلال .. دلال ..

تنبه انها المرة الاولى التي ينطق اسمها مجردا حتى ولو بينه وبين نفسه .. كان يهاب فعل ذلك وكأنه كان يدرك انه لو فعل فسيكون كمن ألقى تعويذة ما على قلبه حتى انه لن يعود قادرًا على ذكر امرأة سواها ماحيا لكنه فعل فى غفلة منه ونطق بأحرف اسمها في اضطراب جعله يشعر برجفة خفيفة بأوصاله و اهتزاز عجيب بأعماقه وارتجافه بفؤاده..

لكن همسه باسمها لم يوقظها كذلك اعاد الكرة متجنبا ذكر اسمها:- يا داكتورة ..
لم يفلح ذلك ايضا في إفاقتها.. كاد ان يصرخ هلعا واندفع في اتجاه الخارج باحثا عن طبيب لمداواتها ليصطدم بالدكتور طارق والذي جاء مسرعا بدوره للاطمئنان عليها..
هتف عفيف به كمن وجد طوق نجاة:- چيت ف وجتك يا داكتور .. الداكتورة فوج تعبانة جوي ..

اندفع طارق للأعلى وتبعه عفيف الذي وقف خارج اعتاب الغرفة يقسم انه يموت قهرا من شدة انفصامه .. فهاهو يجلب لها طبيبا لفحصها تاركا إياها معه بغرفة واحدة رغم وجود الخالة وسيلة الا ان ذلك لم يكن كافيا ليقلل من شدة استعار النيران بجوفه وما بين رغبته فى الاطمئنان عليها ورؤيته لها سالمة معافاة من جديد ..
ظل يتأرجح ما بين مشاعره المتناقضة تلك حد الهلاك حتى ظهر طارق من الداخل فتنفس الصعداء وهو يندفع اليه متسائلا:- خير يا داكتور .. ايه فى !؟..

هتف طارق متنهدا:- ذي ما اتوقعت يا عفيف بيه .. للاسف صدمة عصبية ..
هتف عفيف في اضطراب:- صدمة عصبية !؟..
اكد طارق:- ايوه .. الموقف اللي اتعرضت له مكنش بسيط عليها .. برغم اننا دكاترة وبنشوف ياما لكن واضح ان الدكتورة متعرضتش لمواقف مشابهة وخاصة اني عرفت ان البنت دي هى حاولت تمنع اللي حصلها وكانت أديتها وعد محدش هيقدر يضرها بس هى مقدرتش تمنع ده للاسف .. الدكتورة عندها احساس رهيب بالذنب ان لها يد ف اللي حصل لبراءة وانها كانت تقدر تمنع اللى حصلها وعجزت..

هتف عفيف فى ضيق:- لا حول و لا قوة الا بالله .. طب والعمل يا داكتور !؟..
اكد طارق:- متقلقش يا عفيف بيه .. فترة وهتعدي باذن الله بس اهم حاجة الهدوء والراحة وان محدش ينقل لها اخبار مش كويسة .. و الدكتورة دلال مؤمنة وعارفة ان كل حاجة باذن الله .. بس الصدمة كانت شديدة عليها شوية ..
اكد عفيف:- و نعم بالله ..

تحرك طارق نحو الدرج راحلا و مؤكدا:- انا ف الخدمة ف اى وقت يا عفيف بيه .. ابعت لى مناع بس هتلاقيني هنا ف ثواني لو جد اى جديد ..
هتف عفيف ممتنا:- شكرًا يا داكتور ..
هتف طارق:- العفو على ايه .. الدكتورة عزيزة علينا كلنا .. ربنا يقومها بالسلامة ..

تنحنح عفيف محاولا ان يسيطر على انفعالاته حتى تكون تحت السيطرة بعد تصريح طارق العادي في فحواه والغير عادي على الإطلاق بالنسبة لعفيف الذي هتف بلهجة تبدلت للرسمية فجأة:- متشكرين يا داكتور كلك ذوج ..
اندفع طارق يهبط الدرج هاتفا:- اروح اشوف ايه اللي تم ف موضوع براءة .. انا سبت شريف باشا بيعمل اللازم مع اهلها وجيت عشان اطمن ع الدكتورة ..

لم يكد يكمل طارق جملته وقد وصل لأسفل الدرج بالفعل حتى اندفع لداخل البيت الكبير النقيب شريف الذي هتف فى قلق:- خير!؟ ايه اللي سمعته ده !؟.. الدكتورة دلال !؟..
طفح الكيل .. فقد كان عفيف يغلي بموضعه اعلى الدرج غير قادر على التفوه بحرف واحد حتى لا يحرق الجميع .. فهتف طارق لشريف:- الحمد لله .. هى كويسة .. بس صدمة بسيطة وباذن الله هتعدي على خير ..

هتف شريف:- طب الحمد لله .. بس هى فايقة !؟.. يعني انا ممكن أشوفها !؟..
هم طارق بالإجابة الا ان عفيف هتف بصوت هادر:- جلنا انها بخير يا حضرة الظابط ..!.. ايه .. نغنوها ع الربابة .. هى كويسة .. مكدب الداكتور يعني .. مجال حاچة بسيطة وهتجوم منيها باذن الله .. وبعدين متهئ لي في حاچات تانية مهمة برضك محتاچاك ..
لم ينفعل شريف كالعادة بل ابتسم فى هدوء:- يا عفيف بيه ما انا كنت بسأل عشان لو فايقة كان ممكن اخد منها كلمتين عن اللي تعرفه ف موضوع براءة ..ع العموم تمام يا عفيف بيه .. المهم انها بخير ..

شعر عفيف بتسرعه في الرد بهذا الشكل .. و اقسم ان ذاك الشعور الاحمق الذي يتملكه تجاه اي ذكر يقترب منها سيورده يوما ما مورد التهلكة .. تنبه على صوت شريف مؤكدا:- انا فعلا سبت كل اللى ف أيدي وجيت جرى اطمن ع الدكتورة وأشوف اقدر اعمل ايه .. هاروح انا بقى ..
هتف طارق بدوره:- خدني معاك يا شريف باشا ..

دعاه شريف برحابة صدر و انصرفا سويا ليزفر عفيف فى ضيق عندما اختفيا من امامه زفرة راحة لانه استطاع ان يتمالك أعصابه التي كانت تحترق فى وجودهما وقد ضاق ذرعا بلهفتهما على تلك الراقدة بالأعلى التى يشعر ان لا حق لاحد غيره في القلق عليها .. نعم .. حقه هو فقط ..

همس نديم متسائلا:- جمعتي كل حاجة لينا هنا !؟..
ابتسمت رغما عنها هاتفة:- ده على أساس ان لينا سنين هنا !؟.. دي هدومنا هي اللي حيلتنا ونصها لبسينه والنص الباجي ف الشنطة ..
ابتسم بدوره هاتفا:- على قولك .. بس اهو بسأل بحكم العادة .. ياللاه بينا ..
هتفت وقد تحولت نبرة صوتها الى نبرة مضطربة:- لسه ناوي ع القاهرة !؟..

اكد نديم وهو يفتح باب الغرفة مفسحا المجال لها لتمر حتى يغلق الباب ليسلم مفتاحه لاستقبال الفندق:- والله ما عارف .. سبيها على الله .. يمكن اول ما نوصل المحطة أغير رأيي .. خلينا نشوف الدنيا هتروح بينا على فين ..
اومأت برأسها ايجابا وانتظرته حتى اغلق الغرفة وتبعته في صمت راحلان الى اللامكان ..

كان يزفر في ضيق لما حدث بالأسفل منذ دقائق .. الكل جاء للاطمئنان عليها بعد ان وصل لهم خبر ما حدث لها .. جميع الرجال بلا استثناء جاءوا مهرولين من اجل السؤال عنها .. تبا لهم جميعا ..
كان ذاك الشعور الداخلي تجاه اي رجل يتأكله فعليا وهو يطرق على باب غرفته لتطل الخالة وسيلة برأسها من خلف الباب هاتفة:- خير يا عفيف بيه!؟.. الداكتور جالك ايه !؟..

هز عفيف رأسه مؤكدا في هدوء:- خير يا خالة وسيلة .. كل خير باذن الله .. بجولك .. ناوليني چلبية انام فيها من چوه ..
هتفت وسيلة و كانها تنبهت فجأة:- واااه .. دِه جنابك چبت الداكتورة على اوضتك .. دلوجت هتنام فين!؟..
هتف عفيف بنبرة صوت منهكة:- ف اي حتة يا خالة .. مش هاتفرج كَتير .. ناوليني بس چلبية من عندك .. همّي ..
هتفت وسيلة وقد دلفت للغرفة بالفعل:- حاضر .. حلاً اهاا ..

تحركت الخالة وسيلة من امام باب الغرفة مما جعله بلا تعمد منه يرى جسدها المسجي على فراشه ..انها تحتل فراشه .. كما تحتل روحه.. شئ ما تحرك داخله جعله لا يقو على التطلع اليها من جديد فقد كان يكفيه نظرة واحدة .. مجرد نظرة فعلت به الكثير .. ظهرت الخالة وسيلة حاملة ما طلب وما ان هم بتناوله منها حتى أشاحت بكفها واندفعت خارج الغرفة هاتفة في تصميم:- و الله ما اسيبهم الا اما اعرف هتنام فين وأتأكد انك نايم ومرتاح ..
اكد عفيف:- هنام ف اى اوضة .. متشغليش بالك انتِ.. خليكِ چنب الداكتورة ..

اندفعت الخالة وسيلة حاملة اغراضه متجهة لأحدى الغرف و دفعت بابها هاتفة:- يبجى خليك ف اوضة ناهد .. انا عنضفها يوماتي من يوم ما..
قطعت الحاجة وسيلة استرسالها في الكلام وتطلعت الي وجهه الذي انقلبت سحنته الا انه لم يعقب بل على العكس دفع باب الغرفة ودلفها لتتبعه وسيلة في صمت وتضع اغراضه جانبا راحلة في هدوء لتتركه يكتر ذكريات مضت .. ذكريات تنكأ جرحا لايزل حيّا .

هتفت ماجدة ام زينب تحاول استثارة فضول ابنتها لتتابع حديثها بدلا من تلك الاوراق التي تدفن بها رأسها:- انتِ عارفة مين اللي كلمني النهاردة !؟..
هتفت زينب بلا اهتمام في محاولة لمجاراة حديث امها:- مين يا ماما!؟..
هتفت ماجدة في سعادة:- الست شريفة .. ام حضرة الظابط اللي قبلته يوم ما كنت عندك ف المستشفى ..

انتفضت زينب وبدا عليها الاهتمام اخيرا مما جلب الابتسام لشفتي امها فقد استطاعت هذه المرة استثارة فضولها بحق لتسأل زينب في توجس:- اتصلت ليه يا ماما !؟..و جابت نمرتنا منين اصلا !؟..
اكدت ماجدة:- قالت لى ان دلال اديتها لحضرة الظابط .. و هى احتفظت بيها عشان لو تعبت تعرف توصل لك ..
هتفت زينب من جديد:- تمام يا ماما .. بس برضو اتصلت ليه !؟..

هتفت ماجدة:- وحياتك يا بنتي ما اعرف .. شوية تحيات على سلامات .. وخلاص ..
نظرت زينب الى امها نظرة متوجسة تشبه نظرة المفتش شارلوك هولمز وهو في سبيله لحل لغز عويص:- ماما ..قري و اعترفي .. ام حضرة الظابط كلمتك ليه !؟..
هتفت ماجدة في اضطراب:- يوووه .. والله ما قالت حاجة .. غير..
قاطعتها زينب هاتفة تتعجلها:- ايوووه .. غير ايه بقى !؟..

هتفت ماجدة معترفة داخليا بفشلها في الاحتفاظ باي سر:- غير انها بتدعيلك دايما لتعبك معاها ف المستشفى وأنك بنت ذي القمر .. و اي واحدة تتمناكِ لأبنها .. واستغربت انك ازاي لسه متجوزتيش لحد دلوقتي ..
انتفضت زينب صارخة:- وانتِ قولتلها ايه !؟..

انتفضت ماجدة بدورها:- والله يا بنتي ما قلت لها اي حاجة .. قلت لها النصيب لسه مجاش .. يعني هقول ايه غير كده !؟..
تنهدت زينب في راحة وعادت لتجلس موضعها لكن ما ان رأت الوجوم يرتسم على ملامح امها حتى نهضت من جديد مقتربة منها وانحنت تقبل هامتها هامسة:- كله بأوانه يا ماما ..

همست ماجدة باكية:- بقالك سنين بتقوليلي كده .. سنين مش قادرة ت..
قاطعتها زينب دامعة:- عشان خاطري يا ماما بلاش السيرة دي .. بلاش ..
همست ماجدة وهى تجذبها لأحضانها:- خلاص يا حبيبة امك.. خلاص .. بلاها اي حاجة تزعلك ..
انزوت زينب باحضان امها راغبة في الهروب من ذكرى بعيدة لكنها لاتزل ماثلة حية امام ناظريها .. لكن هل لها من مفر !؟..

كان يتطلع اليها الان من الطرف الاخر عبر الحديقة و قد امر الخالة وسيلة بإنزالها من عزلة غرفتها التى تجلس بها وحيدة رغبة منه في اخراجها من حالة التيه التى لاتزل تعتريها وذاك الصمت المطبق المصحوب بالدمع المنساب على خديها ..

كان شعوره بالذنب تجاهها يتضاعف كلما رأها على هذه الحالة فقد كان هو السبب فى جلبها من الاساس .. ليته ما دفعها رغبة فى حماية اخيها الوحيد للقدوم الى هنا .. فهنا ليس مكانها المناسب على اية حال .. فعادات وتقاليد النجع لاتناسبها وافكار أهله لم تعتدها ويبدو انها لن تستطع التأقلم يوما على طريقة التفكير اواسلوب التعامل ما حيت ... فهى من بيئة مختلفة شكلا وموضوعا ..

تنهد في حزن وهو يراها لاتزل تجلس بصحبة صمتها الذى يقتله قهرا عليها ولا حيلة لديه الا صمت مقابل .. فماذا عليه ان يفعل ليخرجها من هذه الحالة !؟..
احضر بدل من طبيب واحد ثلاثة أطباء وكلهم اجمعوا ان حالتها نتيجة صدمة قوية تعرضت لها و ان احساس الذنب يكبلها عن التعاطي مع العالم الخارجي الذي ترفضه ..
تقدم منها بخطوات متمهلة حتى جلس مجاورا لها على تلك الأريكة المنعزلة نوعا ما في احد جوانب الحديقة وتنحنح محاولا اجلاء صوته المتحشرج تأثرا وهمس:- ازيك دلوجت يا داكتورة!؟.. لم تجبه بالطبع وظلت على شرودها ليستطرد هو بنبرة يحملها الشجن..

انا عارف انك سمعاني بس مش عايزة تردي .. مخاصمه الكل وأولهم انا طبعا .. معلوم مش انا اللي چبتك على هنا .. و بسببي شوفتي اللي شوفتيه ده .. بس انا عايز اجولك كلمة يا داكتورة .. متحمليش نفسك فوج طاجتها .. انتِ عملتي اللي عليك .. و انا اشهد لك بكِده .. انتِ روحتى للولية الفجرية ام حبشي وحاولتي تچريها لسكتك و تكفي الحريم أذاها .. ومن جبلها حاولتي تخلي ابو براءة وامها يراچعوا نفسهم وجلتي ان البت ضعيفة ومش هاتستحمل..

و كان عندك حج.. و لما اختها الصغيرة چات لك عشان تلحجي اختها .. مترددتيش لحظة وانا شفتك هناك بتحاولي تلحجيها ولو كنتِ تجدري ساعتها تديها من روحك مكنتيش اتاخرتي ..
تنهد ولم يطرف لها جفنا لكلماته ليكمل مؤكدا:- اللي بجوله دِه شهادة حج يا داكتورة مش عشان انتِ تعبانة .. ربنا العالم انك تستاهلي اكتر من الكلام دِه مليون مرة .. واللي حصل لبراءة دِه مجدر ومكتوب مهما كانت الأسباب وانتِ انسانة مؤمنة بجضا ربنا ..و لا ايه !؟..

كان يتمنى ان ترد عليه بأي كلمة ان تصرخ ان تلعن حتى ذاك اليوم الذي رأته فيه عند باب شقتها باحثا عن اخيها الهارب لكنها لم ترد الا بصمت تام كان يمزق روحه ..
انتفض من موضعه جوارها عندما تنبه لدخول احدهم بوابة البيت الكبير .. كان حضرة الضابط شريف .. حاول ان يتمالك أعصابه التالفة من الاساس وهو يهتف بلهجة رسمية جعلت شريف يتطلع لموضعه القادم منه والذي كان يحتله بمجلسها المنزوي بالحديقة:- خير يا حضرة الظابط!؟..تحت امرك ..

ابتسم شريف فى أريحية متجها اليه هاتفا:- خير اكيد يا عفيف بيه .. انا نازل اجازة وقلت أجي اطمن ع الدكتورة قبل ما انزل ..
هتف عفيف وهو يضرب باطن كفه اليمنى على ظهر كفه اليسرى الممسكة بعصاه والمستندة عليها:- فيك الخير يا شريف بيه ..
هتف شريف متجاهلا نبرة عفيف المبطنة بالغضب:- على ايه يا عفيف بيه .. الدكتورة عزيزة علينا .. و ده اقل واجب ..
هتف عفيف بنفس اللهجة التى بدأت تمتزج بالسخرية:- لاااه الحجيجة يا شريف بيه انت جايم بالواچب و زيادة الصراحة ..

قهقه شريف هاتفا:- و لسه يا عفيف بيه .. الواجب الحقيقي مع الدكتورة متعملش ..
زم عفيف ما بين حاجبيه فى تعجب هاتفا:- جصدك ايه !؟.. واچب ايه اللي متعملش !؟..
ابتسم شريف في غموض هاتفا:- الدكتورة ليها جميل ف رقبتي و لازم أرده .. و هحاول أرده ف الاجازة الجاية باذن الله ..
هتف عفيف فى ضيق:- ايه الفوازير دي يا حضرة الظابط!؟.. چميل ايه !؟.. و ترده كيف !؟..
اكد شريف هاتفا:- انا هساعد الدكتورة تخرج من حالتها دي ..

تنبه عفيف هاتفا في تساؤل متحيرا:-كيف يعنى !؟
نظر شريف لساعة يده وهتف في عجالة:- هتعرف لو قدرت اعمل كده فعلا .. اشوف وشك بخير يا عفيف بيه اتاخرت جداااا ..
واندفع شريف مبتعدا قبل ان يشفي عفيف غليل فضوله لمعرفة ما الذي يمكن ان يخرج دلال من حالتها تلك ويقصده ذاك الاخرق و هو لا يعلم به ..
وأنار بعقله هاجس ما .. هل كان حضرة الضابط يقصد اخيها !؟.. لمعت عيناه في جزل وتمنى من صميم قلبه ان يكون الامر كذلك و ساعتها سينتهي هذا الوضع برمته وسيكون ذاك الضابط الاخرق قد أسدى له خدمة العمر بحق ..

اندفع شريف إلى داخل المشفى متوجها رأسا الى غرفة الأطباء التى حفظ مكانها عن ظهر قلب .. طرق بابها المغلق لعله يفتح على محياها الذى اشتاقه كثيرا فى الفترة السابقة .. لكن ما من اجابة .. مرت به احدى الممرضات هاتفة:- مفيش حد جوه يا حضرت .. انت عايز مين !؟..
هتف بدوره:- الدكتورة زينب عبدالحكيم ..
اكدت الممرضة:- الدكتورة زينب بتاعت القلب !؟

اكد شريف مبتسما:- اه هى بتاعت القلب .. واستطرد هامسا:- واللي تاعبة القلب ومدوباه والنعمة ..
اكدت الممرضة:- على وصول .. استناها ف الاستقبال ..
اومأ برأسه موافقا وجلس على احد المقاعد القريبة من الغرفة لعله يلمحها وهى تدلف اليها ..
و ما هى الا دقائق حتى كانت ماثلة امام الباب تفتحه و تدخل للغرفة فانتفض وزاد وجيب قلبه وهو يراها بعد طول غياب .. لم يكن يعتقد ان ذلك سيكون حاله عند رؤيتها .. ماذا فعلت تلك المرأة بقلبه !؟.. فما ان يلمح محياها حتى يضيع ثباته وتبدأ كل موازينه فى الاختلال ..

طرق الباب وسمحت له بالدخول ليفتح الباب في هوادة مطلا برأسه من خلفه هاتفا فى محاولة للمرح رغبة فى مدارة ذاك الاضطراب الذى يعتريه ما ان يتطلع اليها:- السلام عليكم يا اعظم دكتورة قلوب ف بر مصر كله ..

انتفضت داخليا وحاولت استجماع شتاتها ما ان وصلتها نبرات صوته المرحة وتغلغلت حتى أعماقها .. كادت تبتسم لمرأه لكنها حاولت بل جاهدت حتى تتصنع الجدية كعادتها فى حضرته وردت تحيته المرحة بأخرى جادة باءت بالفشل الذريع لانها كانت مصاحبة بابتسامة على شفتيها معاكسة تماما لتلك الجدية و أفصحت عن الكثير وهى ترد:- و عليكم السلام يا كابتن .. حمد الله بالسلامة .. رجعت م النجع امتى!؟.. اكيد معاك رسالة من دلال…

تقدم لداخل الغرفة مما اثر على أعصابها كليا وجلس قبالتها و ابتسامته تلك تفعل بقلبها ما لم تخبره يوما وهتف مؤنبا:- هو انا مقدرش اجي ازورك الا لما يكون معايا رسالة من صاحبتك !؟..
أكدت زينب:- متهئ لى كده يا حضرة الظابط .. هو احنا عرفنا بعض اصلا الا من خلال دلال .. يبقى اكيد مجيتك بسببها ..
زفر في حنق هاتفا:- لا طبعا .. مش شرط على فكرة.. بس تصدقي.. انتِ عندك حق برضو ..

كادت تقهقه ضاحكة على ذاك الذي لا يستقر على رأي واحد وهتفت:- انا مش فاهمة حاجة الصراحة بس وماله .. هات جواب دلال وانا اشوف ايه الاخبار عندها ..
اكد مطأطئ الرأس:- الصراحة مفيش جوابات المرة دي منها .. بس ..
انتفضت داخليا وهتفت فى قلق:- بس ايه !؟.. دلال حصل لها حاجة!؟..
تنحنح فى محاولة لتوصيل الاحداث بشكل يقلل من وطأة صعوبتها وبدأ فى شرح الملابسات وما ألت اليه حالة دلال ..

انتفضت من موضعها واقفة وهى تهتف في عزم:- انا لازم اروح لها .. و لو قدرت هرجعها .. مش ممكن اسبها هناك مع الراجل المتوحش ده اللي اسمه عفيف ..هى ملهاش ذنب ان ..
وفجأة توقفت عن متابعة كلامها الذى يفضح عن امر ما لا يعرفه فتطلع اليها فى تعجب متسائلا:- ملهاش ذنب ف ايه بالظبط !؟.. هو ايه الحكاية !؟..

اندفعت باتجاه الباب متحججة بان موعد فحوصاتها قد حان و هتفت مؤكدة:- انا اتاخرت قووى على المرضى بتوعي .. ع العموم .. متشكرة جدا يا كابتن انك جيت قلت لي اللي بيحصل لدلال .. وذي ما قلت لك انا مش هسبها وهروح لها.. حضرتك راجع امتى النجع!؟..
هتف شريف في لهفة:- المفروض بعد يومين .. بس لو حابة أقطع الاجازة ونسافر سوا حالا ..

اكدت:- لا .. يا دوب اجهز حالي وابلغ والدتي .. ونتفق نتقابل ازاي عشان طبعا مش هعرف أوصل النجع لوحدي ..
اكد فى سعادة:- اكيد طبعا .. هكلمك ونتفق ..
اومأت فى هدوء وألقت التحية على عجالة ورحلت مخلفة اياه وراءها تتقاذفه الفرحة لان الفرصة واتته ليكون معها و يرافقها في سفرها ..

أقنعت امها اخيرا بموافقتها على السفر الى دلال بقلب الصعيد وما جعلها تطمئن في الاساس هو معرفة امها بان شريف سيكون رفيقها في رحلتها الى حيث ترقد دلال مريضة ..
كانت قد هاتفته لتؤكد له على موعد اجتماعهما للسفر وقد أزف الوقت و هى لاتزل تجمع حاجياتها في عجالة ..
زفرت فى ضيق عندما تناهى لمسامعها طرقات على باب شقتها و هى غير مؤهلة حاليا لأى زوار من شأنهم تعطيلها عن حزم امتعتها ..

اندفعت للباب تفتح في عجالة وما ان رأت الطارق حتى شهقت فى تعجب هاتفة:- نديم !؟..
ابتسم نديم في حرج هامسا:- معلش .. انا عارف انى جيت فجأة ومن غير ما اكلمك بس اعذريني .. اصل ..
هتفت زينب موبخة:- انت بتقول ايه !؟.. ده بيتك وبيت دلال .. انت تيجي ف اي وقت .. اتفضل ..
هتف مضطربا:- انا مش لوحدى .. انا ..

هتفت زينب وهى تتطلع الى حيث يشير وقد وقعت عيناها على ناهد:- طبعا عارفة ..مراتك ..اتفضلوا
دلف نديم وخلفه ناهد على استحياء ليهتف متعجبا:- انتِ عرفتي منين اني اتجوزت !؟.. ده حتى دلال متعرفش ..
اضطربت زينب ولم تعلم كيف توضح له الامر لكنه عاجلها بسؤال اخر اعتقدت انه أنقذها من اجابة الاول فإذا به يورطها اكثر:- هي دلال فين يا زينب !؟.. برن عليها تليفون البيت كتير مش بترد ..

هتفت في مراوغة مرحبة من جديد وهى تشير للصالون:- طب اتفضلوا يا نديم.. هو احنا هنقف نتكلم كده ع الباب !؟..
دخل نديم غرفة الصالون وتبعته ناهد ولم تنطق بحرف واحد.. جلسا فى صمت حتى هتف نديم متسائلا من جديد:- انتِ طبعا بتشوفي دلال يا زينب !؟..
اضطربت زينب و ساد الصمت .. ليهتف نديم في قلق:- ايه !؟.. هو دلال مرجعتش لسه من السفرية اللى راحتها دى ولا ايه !؟..
ساد الصمت من جديد و لم ترد زينب على اي من أسئلته ..

انتفض نديم هاتفا في حدة عندما طال صمتها وبدا واضحا انها تخفي شيئا ما:- في ايه يا زينب !؟.. ما تفهمينى !؟.. دلال جرالها حاجة!؟..
انتفضت زينب على رنين باب الشقة واتخذته ذريعة لتبتعد عن نديم لبرهة متعللة بالذهاب لرؤية الطارق ..
فتحت زينب الباب لتشهق فى تعجب للمرة الثانية في خلال النصف ساعة الماضية فيبدو ان اليوم يوم المفاجآت وهتفت فى دهشة:- حضرة الظابط !؟.. هو مش احنا ..
هتف شريف مقاطعا إياها في مرحه المعتاد:- والله لقيتك اتاخرتى .. قلت أجي أجيبك بنفسي عشان اضمن انك مسافرة فعلا .. صاحبتك محتاجاكِ ومعتقدش انك هتتأخري عليها ..

هتفت زينب في اضطراب:- ايوه .. ايوه اكيد .. مش ممكن أتأخر .. بس ..
كانت زينب تتطلع لباب حجرة الصالون الذي كان مفتوحا و اضطرابها تزداد وتيرته مع كل لحظة خوفا من ان يكشف شريف حقيقة وضع دلال فيسمع نديم و يحدث ما لا يحمد عقباه .. و لأن كل متوقع آت .. هتف شريف:- الدكتورة دلال لو تعرف بس انك رايحة لها .. هتخف من قبل ما توصلي .. دي ..
اندفع نديم من الصالون هاتفا فى ذعر:- دلال عيانة !؟.. مالها !؟.. و انتِ رايحة لها فين يا زينب !؟ حد يفهمني في ايه !؟..

صرخ بجملته الاخيرة فلجم كل من زينب وشريف عن النطق للحظات و اخيرا هتف شريف متعجبا:- طب ممكن قبل ما اجاوب .. اعرف حضرتك مين بالظبط !؟..
وضعت زينب كفها الذى يرتعش تخبئ وجهها فقد انكشف الكثير من المستور وخاصة عندما اندفعت ناهد من داخل الصالون على صراخ نديم مستفهمة ليتطلع اليها شريف مشدوها واخيرا زم ما بين حاجبيه في تعجب هاتفا:- آنسة ناهد النعمانى !؟.. حضرتك بتعملي ايه هنا !؟.

11-01-2022 01:28 صباحا
مشاهدة مشاركة منفردة [14]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية جلاب الهوى
رواية جلاب الهوى للكاتبة رضوى جاويش الفصل الخامس عشر

بعنوان ( عالم آخر )

دخلت زينب غرفة الصالون حاملة صينية عليها أكواب من الشاي و العصير .. وضعتها امام شريف و نديم وجلست جوار ناهد وامتدت يدها لكوب العصير تعطيها اياه فى محاولة لتهدئتها بعد نوبة البكاء التي انخرطت فيها ما ان ادركت حقيقة ما يجري ..
رفع نديم رأسه من بين كفيه التى كانت تستكين عليهما من ضجيج الافكار الذي يشملها وتطلع لزينب وشريف هاتفا:- انا رايح معاكم..
هتفت زينب في صدمة:- رايح معانا فين !؟..

هتف شريف بدوره:- بصراحة يا نديم بعد اللي عرفته ده معتقدش ان مرواحك النجع وخاصة ف الظروف دي هيكون قرار صحيح..
أنتفض نديم صارخا:- امال اسيب اختي بين أيدين البني ادم ده وأقف اتفرج !؟..
هتفت ناهد بحدة صارخة:- اخويا ميتجالش عليه كِده .. اخويا سيد الرچالة وعارف الأصول ومش ممكن يضر اختك مهما حصل ..

هتف نديم صارخا:- امال ايه اللى حصل لها !؟.. هو ده مش ضرر!؟ .. لما تقع من طولها و متبقاش بتتكلم م الصدمة .. كل ده مش ضرر .. عيزانى أسيبها هناك لحد ما يحصل لها ايه تانى !؟..

هتف شريف فى محاولة لتهدئة الوضع فقد شعر بالذنب لانه سبب إشعال الموقف بهذا الشكل من الاساس:- استهدى بالله كده يا نديم وفعلا والله اللي هقوله ده شهادة حق هتحاسب عليها قدام ربنا…عفيف بيه بيعامل الدكتورة دلال احسن معاملة وعمره ما ضرها .. وكل اللي ف البلد عارفين انها تحت حمايته وف ضيافته .. ده اولا .. ثانيا .. صدمة الدكتورة دلال كانت م الظروف اللي اتعرضت لها هناك لاختلاف الثقافة وانا شخصيا ف اول لقاء معاها حذرتها من الوضع..

بس هى مسمعتنيش للاسف .. دلوقتى ظهورك وهى ف الحالة دي ممكن يخلى حالتها اسوء خاصة انه اكيد هيحصل بينك وبين عفيف بيه ما لا يحمد عقباه .. عشان كده انا بطلب منك تحكم العقل شوية واستنى بس لما نسافر انا و الدكتورة زينب وتتحسن حالتها شوية واكيد لما الدكتورة زينب ترجع من عندها هتقولك على كل حاجة وخبر ظهورك اللي هتقولهولها الدكتورة زينب اكيد هيفرق ف تحسن حالها .. ساعتها يا سيدي ابقى اعمل اللى تشوف ان فيه الصالح للكل .. تمام ..

هتفت زينب مؤيدة:- تمام جدااا .. ده عين العقل يا حضرة الظابط ..
ابتسم شريف في سعادة منتشيا لاستحسانها رأيه وكاد ان يلق بأحد تعليقاته الا انه توقف في اللحظة الاخيرة مدركا حساسية الموقف ..
تنهد نديم ولم يعقب على رأي شريف وكذا ناهد التي ألتزمت الصمت وما جفت دموع عينيها ..

لتستطرد زينب موجهة حديثها لنديم في محاولة لأخذ وعد منه بعدم التهور في اتخاذ القرار:- نديم.. اللي عملته دلال كله كان عشان خاطر تحميك .. متجيش تضيع كل ده بقرار متهور .. ارجوك .. اصبر بس لحد ما ارجع من عندها واقولك الاخبار بنفسي وأوصلك رأيها هى كمان وبعدها قرر ..
تنهد نديم من جديد و همس في نبرة تحمل وجع وانكسارلايستهان بهما:- طيب ..
هتف شريف مبتهجا:- اهو ده الكلام ..

هتفت زينب فى ارتياح:- تمام .. بس انتوا قاعدين فين !؟.. أوعوا تفكروا تروحوا ناحية شقتكم يا نديم!؟..
هتف نديم محرجا:- والله فكرت يا زينب .. اصل مكنش في طريق تاني غير كده ..بس ربنا هدى تفكيري اني اجيلك ..
هتفت زينب معاتبة:- طبعا ده بيتك التاني … هو مش بيت اختك يبقى بيتك ولا ايه !؟..
هتف نديم ممتنا:- و الله ما عارف اقولك ايه يا زينب .. طبعا اختي و انت ودلال ف معزة واحدة وربنا يعلم ..

تنحنح شريف لا يعرف لما شعر بوخز من غيرة لهذه الحميمية و هتف متعجلا إياها:- طب مش ياللاه يا دكتورة .. خلينا نستعجل عشان منوصلش النجع بالليل متأخر..
هتفت زينب:- اكيد يا حضرة الظابط .. حالا .. و انت يا نديم .. باتوا مع ماما انت وناهد النهاردة .. اهوهبقى مطمنة عليها انها معاكم ومش هتبات لوحدها.. هى فى زيارة لواحدة قريبتنا ف اول الشارع وزمانها على وصول .. هبلغها الموضوع وانت عارف هى بتعزك انت ودلال قد ايه .. و باْذن الله من بكرة هخليها تجيب واحدة تنضف الشقة اللى جنبنا وتقعدوا فيها .. ده فعلا آمن مكان ليكم.. لان زي ما انت عارف البيت كله بتناعنا ولا حد هيطلع ولا ينزل الا بمعرفتنا ..

هتف نديم:- كتر خيرك يا زينب .. هنتعبكم معانا..
نهضت زينب متوجهة لخارج الصالون متعجلة و هتفت فى عتاب:- متقلش كده يا نديم .. و باذن الله خير ..
ساد الصمت عندما غادرت زينب الغرفة حتى هتف شريف موجها حديثه لنديم:- تخيل .. انا مفتكرتكش اول ما شفتك .. رغم اني شفتك مرتين كده ف النجع بس من بعيد .. كان وقت ما كنت بتنزل عشان مواعيد الري وكده ..

هز نديم رأسه مؤكدا:- و انا كمان مكنتش اعرف حضرتك قووي .. استنتج شريف هاتفا:- يمكن عشان كل واحد فينا لسه منقول للنجع جديد مبقلهوش كام شهر ومحصلش احتكاك اوتعامل..
اكد نديم:- اه فعلا .. عندك حق .. استطرد شريف مبتسما:- انا كنت بسمع عنك .. بس الشهادة لله سمعت كل خير .. انا مستعجب اني مخدتش بالي من تشابه الاسماء .. انا شكلي بقى وحش قوووي الصراحة .. زمانكم بتقولوا ده طلع ظابط ازاي ده !؟..

اكد نديم مبتسما:- لا العفو يا شريف بيه .. انت كان هايجي على بالك ازاي الحدوتة دي ..
اكد شريف:-الصراحة متجيش على بال حد .. وعفيف بيه بيعامل الدكتورة دلال معاملة محترمة جدااا ومديها صلاحيات كبيرة وعمر ما حد يشك ان فيه عداوة بينهم من اي نوع .. يعني .. بخصوص موضوعك انت والانسة .. اقصد مدام ناهد ..
اصطبغ وجه ناهد بلون احمر قان خجلا ولم يعقب نديم الا ان شريف استطرد مؤكدا:- بس الشهادة لله انت والدكتورة دلال ناس محترمة واخلاقكم عالية ..

هتف نديم:- ربنا يحفظك يا حضرة الظابط ..
هتفت زينب اخيرا قاطعة استرسال حديثهما:- ياللاه يا حضرة الظابط .. مش بتقول اتأخرنا ..!؟..
انتفض شريف مندفعا خارج الصالون لاحقا إياها ليكون اخر من يصدر صوتا هو باب الشقة بعد ان اُغلق خلفهما راحلين تاركي نديم و ناهد يغمرها صمت صاخب ..

جلس شريف بجوار زينب داخل عربة القطار التى تقلهما للنجع .. ساد الصمت بينهما لفترة لا بأس بها حتى قطعه شريف هامسا:- عجيب قوي اللي بيحصل ده !؟..
همست زينب بدورها دون ان تلتفت اليه متطلعة من النافذة على المشاهد التى تتوالى امام ناظريها والقطار يجري فى اتجاه وجهتهما المنشودة:- ايوه فعلا عجيب ..
همس مازحا:- اول مرة توافقيني على حاجة ..

تنبهت وتطلعت اليه ولم تعقب ليستطرد هو مؤكدا:- لا الصراحة دي تاني مرة .. المرة الاولى لما وافقتي على كلامي وانا بقنع نديم بوجهة نظري ..
همست بتهور:- واضح انك مركز يا حضرة الظابط..
اكد مازحا:- ده انا مركز ع الاخر .. مركز تركيز لو كنت ركزت نصه ف الثانوية العامة كنت طلعت م الأوائل…

كادت تنفجر ضاحكة الا انها كالعادة امسكت ضحكاتها وتوجهت بناظريها باتجاه النافذة من جديد ليهتف هو فى محاولة منه لتبادل أطراف الحديث معها:- بس بجد .. سبحان الله .. بقى نديم يجي م القاهرة يشتغل ف النجع عشان يشوف ناهد اخت عفيف ويحبها و يهرب معاها ويفضلوا كده هربانين من اخوها وخايفين منه وهو ياخد اخته رهن عنده عشان يخليه يظهر وينتقم منهم .. دى حكاية ولا ف الأفلام ..

هتفت زينب:- انا كنت زيك كده اول ما جت دلال وحكت لي .. و حاولت أمنعها انها تروح مع عفيف ده .. بس دلال تعمل اي حاجة ف الدنيا عشان خاطر نديم وكانت شايفة ان وجودها هناك هيخليها قريبة وعارفة ايه اللى بيحصل و اذا كانوا لقيوا اخوها ومراته ولا لأ وساعتها ف اعتقادها كان ممكن تتصرف عشان تخفف من عقاب عفيف ليهم ..
اكد شريف متنهدا:- فعلا الحب بيعمل المعجزات..

اكدت زينب هامسة:- ايوه .. حب دلال لاخوها نديم ممكن يخليها ترمى نفسها ف النار مش مع حد زي عفيف ده وبس ..
هتف شريف متعجبا:- دلال ونديم ايه ..!؟.. انا بتكلم على حب نديم لناهد .. معقول حبها للدرجة اللي خلته يغامر بالشكل ده !؟..
اكدت زينب في تعقل:- انا على الرغم من معزتي لنديم الا انى مش شايفة ان ده حب ده انتحار .. ده جنان رسمي ..
اكد شريف حالما:- وهو الحب ايه الا جنان .. رسمي بقى ولا نظمي ولا فهمي .. المهم انك تتجنن .. احلى حاجة ف الحب جنانه ..

سخرت لتداري وجيب قلبها الذى تضاعف مع كلماته التي تصف الحب بهذا الشكل هاتفة:- واضح انك خبير يا فندم ..
انتفض مستديرا تجاهها يقسم فى صدق:- و الله ما حصل .. اقصد انه حصل .. اقصد انه لسه حاصل..
ثم همس في غيظ:- يا دي النيلة .. اقولها ايه دي..

كانت هى تداري ضحكاتها دافنة وجهها في نافذة القطار تتظاهر باللامبالاة وهى تكاد تموت لكتمانها قهقهاتها على اضطرابه بهذا الشكل واخيرا هتفت فى سخرية متطلعة اليه:- صادق .. صادق ..
زم هو ما بين حاجبيه متصنعا الغضب لتبتسم هى رغما عنها و تعاود النظر من النافذة تحاول استيضاح بعض من معالم الطريق الذي بدأت العتمة في اخفائها شيئا فشيئا ..

بعد رحيل زينب و شريف ظلا على حالهما جالسين بغرفة الصالون لا ينظر احدهما للأخر .. كان كلاهما يتجنب النظر لصاحبه حرجا ووجعا حتى دخلت عليهما ماجدة ام زينب هاتفة:- ايه يا ولاد هو انتوا هتفضلوا قاعدين عندكم كده !؟.. و توجهت بحديثها لنديم معاتبة:- ايه يا نديم !؟.. طب ناهد ومتعرفناش ولسه متعودتش علينا .. انت بقى ايه حجتك ف القاعدة دي!؟..هو ده مش بيتك ولا ايه يا حبيبي !؟..

انتفض نديم مؤكدا:- اه طبعا يا طنط ..بيتي طبعا وربنا يعلم انا بعتبرك زي امي الله يرحمها ..
هتفت ماجدة فى اسف:- الله يرحمها كانت ونعم الصحبة ..
واستطردت بعد لحظات صمت:- ياللاه قوم انت ومراتك انا جهزت لكم الأوضة جوه .. ادخلوا ارتاحوا لحد ما اجهز لكم العشا ..
انتفضت ناهد عند ذكر الغرفة هاتفة في اضطراب:- انا چاية اساعدك يا طنط .. ممكن !؟..

اكدت ماجدة:- اه طبعا يا حبيبتي .. بس انا كنت عيزاكِ تستريحيلك شوية ..
اكدت ناهد فى محبة:- انا مش تعبانة والله .. اسمحيلى اساعدك..
هزت ماجدة رأسها ايجابا وسارت امامهما لتقف عند باب احدى الحجرات مشيرة:- اوضتكم اهى يا نديم .. خش يا حبيبي ارتاح .. و لما نخلص العشا هناديك ..
هتف نديم:- تسلمي يا طنط .. هنتعبك ..
هتفت ماجدة معاتبة:- تعب ايه !؟.. اوعى تقول كده لازعل بجد ..

ابتسم نديم ودلف للغرفة وهو لايزل يتحاشى النظرالى تلك التي تتجاهله بدورها والتي تبعت ماجدة للمطبخ دون ان تلق بنظرة واحدة تجاهه ..
دخل الى الغرفة يغلي غضبا من رد فعلها .. ماذا كانت تتوقع منه بعد ان علم ما فعله اخوها بأخته التي اضطرت ان تضع نفسها في مهب الريح لانقاذه وهى لا ناقة لها ولا جمل في الامر برمته ..

تمدد على الفراش متنهدا في وجع يشعر ان كل عضلة من عضلات جسده متشنجة تئن في ألم صامت يستشعره ينخر روحه ..
اما ناهد فقد وقفت بذهن غائب تساعد ماجدة التي اخذت فى تبادل الحديث معها على أمل اخراجها من عزلتها التى استشعرتها كأم فحاولت ولكنها لم تفلح فقد كانت اجابات ناهد كلها مقتضبة توحي بحزن دفين يشملها كليا .. تم إعداد العشاء ووضع أطباقه على المائدة فهتفت ماجدة:- روحي بقى يا ناهد نادي جوزك ..

كانت تحاول ان تتحاشى التعامل معه لكن الامور تضطرها دوما لفعل أشياء ليست من اختيارها ..
اومأت في هدوء وتوجهت نحو الغرفة .. فكرت في طرق الباب لكنها تراجعت فماذا ستظن ماجدة اذا ما فعلت .. دلفت للحجرة في سرعة تغض البصر قدر إمكانها و هتفت:- العشا چاهز ..

لم تتلق ردا فرفعت رأسها في حذّر متطلعة للغرفة بنظرة سريعة حتى وقع ناظرها على الفراش الذي يتمدد عليه بملابسه التي لم يخلعها حتى موليا ظهره لها .. توجهت قبالته لتكتشف انه قد استغرق في نوم عميق وقد ارتخت ملامحه المتشنجة منذ علم بموضوع اخته .. هى لا تلمه .. هى تلوم الظروف التي وضعتهما وجها لوجه مع تحدي من الواضح انه اكبر من إمكاناتهما .. تنهدت في يأس وهمست في هدوء:- نديم .. نديم ..

لم يحرك ساكنا فيبدو ان الإنهاك بلغ منه مبلغا كبيرا جعله يغرق في النوم بهذا العمق ..
تحركت خارج الغرفة ومنه لطاولة العشاء هاتفة لماجدة:- الظاهر نديم م التعب نام ..
هتفت ماجدة في إشفاق:- يا حبيبي .. نوم العافية.. خلاص لما يقوم يبقى ياكل على مهله .. تعالي انت بقى كليلك لقمة ونسيني ..

جلست ناهد تتناول عشاءها مع ماجدة .. كان بودها ان تعتذر فهى بدورها لم تكن تشعر برغبة في تناول اي طعام لكنها لم تستطع ان تترك ماجدة تتناول عشاءها وحيدة فجلست على مضض وما ان رأت انه من المناسب الاستئذان الان حتى فعلت وأسرعت الي غرفتهما.. دلفت للغرفة ليطالعها جسده الذي لا يزل على حاله مسجيا بطول الفراش بكامل ملابسه .. تطلعت حولها لا تعلم اين يمكنها النوم ولا يوجد حتى أريكة صغيرة يمكن ان تتمدد عليها حتى الصباح ..

شعرت بالرغبة في البكاء من جديد فاعصابها متوترة وتحس انها على حافة الانهيار فكل ما حدث في الفترة السابقة ظهر فجأة مطلا برأسه كأحد الوحوش المرعبة التي تثير مخاوفها وذعرها مما هو آت..
جلست على المقعد الوحيد الموجود بالغرفة و الذي كان مواجها لموضع نومه وتطلعت نحوه تتساءل كيف لها ان تحبه !؟.. كيف ومتى حدث هذا !؟.. انه زوجها وليس كذلك .. وهو حبيبها وليس من المفترض عليها ذلك .. هما هنا مجتمعان لكنهما ابعد ما يكونا عن بعضهما منذ ان رحلا سويا من نجع النعماني ..

سالت دمعاتها وهتفت لنفسها في ثورة:- فوجي يا ناهد .. فوجي .. محدش عارف اخرت اللى بيحصل ده .. وانتِ تجوليلى حب ومعرفش ايه .. باينك اتچنيتي يا بت النعماني..
هزت رأسها مؤيدة لحديث نفسها و أشاحت بناظريها بعيدا عن منبع وجعها ومصدر شقاء قلبها القابع هناك على الفراش وحيدا دونها ..

شعر بسعادة غامرة ربما تكون المرة الأولي بحياته التي يستشعر بها هذا الكم من السعادة كل هذه الفترة .. فترة بقاء رأسها الصغير المسند على كتفه بهذه الوداعة ..
غلبها النعاس فقد فاتهما القطار الذي كان من المفترض ان يستقلاه بسبب زيادة نديم وناهد المفاجئة لها.. فأخذا هذا القطار الذي لن يصل بهما الا فى الصباح الباكر .. كان يبدو انها مرهقة بشكل كبير..

فقد غفت رغما عنها وما ان اخذتها سِنة من نوم حتى مال رأسها الصغير الصلب تجاه كتفه في حميمية أسعدته ولم يتحرك قيد انملة خوفا من إيقاظها .. ورغم عضلات كتفيه التي تيبست الا انه كان منتشيا لا لشئ الا لاعتقاده ان شعورها بالامان هو الذي دفعها لتغرق في النوم وهي الى جواره .
حبس انفاسه الان وهو يسمع تنهداتها الرخيمة وبدأت فى تعديل موضع رأسها فى محاولة لإراحة رقبتها التي على ما يبدو بدأت تؤلمها فهو خبير بساعات السفر الطويلة في القطار ويعلم ما تفعل بفقرات الرقبة والظهر ..

تغيير موضع رأسها بهذا الشكل جعل ملامح وجهها الدقيق تحت مجهرعينيه الشغوفة بالمعرفة .. تطلع الى تفاصيل ذاك الوجه المليح الدقيق التفاصيل واستمتع في نشوة بالترحال عبر كل تفصيلة حتى توقفت نظراته على بوابات الثغر الخطرة فتنهد رغما عنه مضطربا مما دفعها لتنتفض مستيقظة يصحبها الذهول لا تدرك اين هى بالضبط .. تصنع النعاس في سرعة ومهارة حتى لا يشعرها بالحرج وخاصة عندما سمع شهقتها المكتومة حين ادركت ان رأسها قد وجد ملجأ له على كتفه .. و سمعها كذلك تهمس فى اطمئنان:- الحمد لله .. طلع نايم ..

كاد ان يبتسم رغما عنه وفكر ان يشاكسها بالرد عليها مؤكدا على استيقاظه التام وانه ظل حارس امين على اميرته الناعسة طوال فترة سباتها الا انه اثر الصمت و التظاهر بالنوم فعلا ..
كان يتطلع اليها الان مثل ذئاب الجبل بنصف عين ليراها تعدل من هندام حجابها امام مرآة صغيرة أخرجتها من حقيبتها .. ابتسم وما عاد قادرًا علي التظاهر بالنوم وهو فى حضرة هذا الجمال ..

تنحنح هامسا مدعيا استيقاظه لتوه:- صباح الخير يا دكتورة ..
همست وهي تحاول ان لا تدع عينيها تسقط على كتفه التى كانت ملاذها منذ دقائق:- صباح النور ..
قرر مشاكستها كالعادة فهمس بلهجة متسائلة تحمل بعض من خبث:- يا ترى نمتي كويس !؟.. ولا الخدمة معجبتش حضرتك ..
اكدت مضطربة:- اه .. اه الحمد لله .. تمام ..

مر العامل المخصص لجلب المشروبات والأطعمة لمسافري القطار ليسألها شريف في أريحية:- نفطر بقى .. لحسن الواحد ميت م الجوع ..
ابتسمت هامسة:- بالهنا والشفا .. انا مبفطرش ..
انتفض معاتبا:- مبتفطريش ايه !؟.. ده غلط على صحتك .. لااا .. لازم تفطري .. وتفطري كويس كمان .
وضعت كفها على فمها تمنع قهقة عالية كانت فى سبيلها للانطلاق بحرية واخيرا هتفت:- مالك قلبت على ماما كده ليه يا سيادة النقيب!؟.. هي عشان وصتك عليا يبقى تحل محلها ..!؟..

قهقه في أريحية مؤكدا:- طبعااااا .. انا بنفذ الأوامر كما انزلت .. انتِ عيزاها تغضب عليا وتزرفني دعوتين يجبوني الارض ... حرام عليكِ يا دكتورة .. ده احنا بنتشعلق ف رضا ربنا ..
كتمت قهقهاتها كالعادة وخاصة انها محاطة بالعديد من البشر منهم من لم يستيقظ بعد داخل القطار في هذه الساعة المبكرة صباحا ..
هتف شريف ينادي العامل طالبا افطار لشخصين وكوبين من الشاي لتعاجله زينب مؤكدة:- خليه نسكافيه عشان بجد عايزة افووق ..

اكد شريف للعامل:- خليهم اتنين نسكافيه ..
مد شريف كفه اليها بكوبها الذي تناولته وبدأت فى ارتشافه ليمتعض هو هامسا متقمصا دور امها:- الفطار الاول يا بنتي.. اقول للعريس اللى هايجي يتجوزك ايه!؟..بتشرب النسكافيه على معدة فاضية !.. يا دى الفضيحة ام جلاجل يا دى الجرسة ام حناجل ..
كادت ان تغص برشفة النسكافيه التي ابتلعتها في صعوبة ووضعت الكوب جانبا وبدأت في السعال و اخيرا همست و على شفتيها ابتسامة:- لاااا .. انت كفاياك كده دور ماما ده .. و الله لو امي اصلا شافتك و انت بتقلدها كده والله ما تدخلك بيتنا تاني ..

هتف مذعورا:- لا خلاص .. كله الا كده .. ده انا عايش على امل اني ادخل بيتكم .. تاني و تالت و رابع كمان ..
اضطربت وغابت ابتسامتها و أزاحت بناظريها الى النافذة من جديد في محاولة لتجنب نظراته التي تسرق راحة بالها وتدفع بها الي دنيا جديدة ما وطأت عتباتها كما كانت تعتقد يوما ..

طرق باب حجرته التي كانت لاتزل تبيت بها بصحبة الخالة وسيلة .. ما أراد لها العودة لحجرتها بالمندرة حتى لا تستشعر الوحشة هناك وتكون قريبة من حجرة ناهد التي يحتلها اذا ما جد جديد قد يطرأ على حالتها التي لاتزل على وضعها من الشرود والتيه ..
انفرج الباب عن محيا الخالة وسيلة التي كانت تتثاءب معلنة رغبتها في النوم هامسة بنعاس:- خير يا عفيف بيه !؟..

همس عفيف محرجا وهو يغض الطرف عن ذاك الجسد المسجي هناك بغرفته محتلا فراشه:- معلش يا خالة وسيلة جلجتك .. بس في اوراج مهمة ف خزنة الدولاب .. كنت فاكر اني حاططهم ف المكتب طلعوا هنا وانا محتاچهم ضروري عشان هطلع بيهم مشوار من بعد الفچر ..
مد كفه بمفاتيح الخزينة مخرجا إياها من قلب جيب جلبابه مستطردا:- خدي افتحيها وهاتي الظ..
قاطعته الخالة وسيلة هاتفة:- واني ايه دراني بالحاچات دي يا عفيف بيه !؟.. ادخل چيب حاچتك يا ولدي..

هتف متعجبا باضطراب:- ادخل!؟..ادخل فين !؟..
هتفت وسيلة ببساطة:- ادخل اوضتك چيب حاچتك .. و ان كان ع الداكتورة .. أهي نايمة مش دريانة بحاچة ياولداه بعد الأدوية اللي الدكاترة كتبينهالها ..و أديني واچفة اهااا لحد ما تخلص امورك..

تنحنح عفيف وكأن دلال مستيقظة و تسمعه يستأذن للدخول .. فعلها بعفوية وانطلق في اتجاه خزانة ملابسه فتح ضلفتيها وانحني يعبث بأزرار خزينة الاوراق بكف مرتعش حتى فتحها وجذب منها ملفه المطلوب وما ان هم بالاندفاع في طريقه تاركا الغرفة حتى سمع همهماتها فتوقف متسمرا موضعه.. كانت تهزي بأسم اخيها الغائب .. تردده ببطء أوجعه ..ورغم ذلك جاهد حتى لا يرفع ناظريه اليها ..

كان مطرقا لا يعرف ما دهاه ولما لا يتحرك راحلا .. تطلع لموضع الخالة وسيلة فوجدها قد غادرت الغرفة فتذكر انه سمع صوت مناع بالأسفل يناديها ويبدو انها ذهبت لتلبية مطلبه .. ما ان وع هذه الحقيقة حتى اضطربت دواخله وهم بالاندفاع خارج الغرفة ... تقدم خطوتين حتى اصبح على أعتابها للخارج لتتسمر قدماه من جديد ما ان تناهى لمسامعه همسها باسمه .. كان اسمه مجردا دون ألقاب كانت تحجب عنه روعته منغما بهذا الشكل من بين شفتيها..

اهتزت اركان روحه وتقوضت دعائم ثباته وما عاد قادرًا على البقاء لحظة وما كان لديه الهمة الكافية ليندفع مبتعدا الا ان وصول الخالة وسيلة جعله يحسم موقفه وهى تسأله:- خدت اوراجك يا ولدي !؟..
هز رأسه في إيجاب يسربله التيه و يشمله الاضطراب وهرب من امامها هابطا الدرج في عجالة وقد اصم أذناه ندائها الاخير باسمه عن ادراك العالم من حوله ..ونقله لعالم اخر..

وصلا اخيرا لقنا وخرجا من محطة القطار ليكون باستقبالهما احد العساكر بالعربة الميري ما ان لمح شريف قادما حتى انتفض فى اتجاهه مؤديا التحية العسكرية مشيرا لموضع العربة ..
امره شريف بالبقاء بالخلف فى صندوق السيارة مع حقائبهما بينما اتخذ هو موضعه امام عجلة القيادة وجلست هى جواره ..
همس مازحا محاولا تقليد اللهجة الصعيدية:- يا مرحب بكِ ف الصَعيد يا داكتورة.. الصَعيد نور ..
ابتسمت هاتفة:- منور بناسه ..

اتخذا وجهتهما على الطريق فى اتجاه نجع النعماني وقد شملهما الصمت لبعض الوقت الا انه على غير العادة كانت هي المبادرة بالسؤال هاتفة:- هو صحيح الكلام اللي انت قولته عن اللي اسمه عفيف ده يا سيادة النقيب !؟.. ولا كان مجرد كلام بتهدي به نديم !؟.
اكد شريف في ثقة:- صحيح يا دكتورة .. هو فعلا بيعامل الدكتورة دلال معاملة خاصة وبجد مهتم بيها قووى لدرجة اني شكيت انه ..
صمته عند هذه النقطة جعلها تنتبه موجهة نظراتها اليه متسائلة:- انه ايه !؟..

تنهد قليلا ثم هتف فى جدية غير معتادة منه على مسامعها:- بصي .. انا مش عايز أديكِ احكام مسبقة تبني عليها قرارات .. شوفي انتِ بنفسك واحكمي ..
نظرت اليه متطلعة فى اهتمام فهذه من المرات النادرة التي يتحدث فيها اليها بهذه الجدية .. ساد الصمت من جديد حتى وصلا لمشارف النجع فهتف مستعيدا روحه المرحة:- استعدي يا دكتورة .. احنا داخلين ع النجع اهو ..

تنبهت وشعرت بالاضطراب لكنها داخليا عزمت على ان لا تعود الا برفقة صديقتها مهما حدث .. فلابد لأحد ما من تخليصها من بين يدىّ ذاك العفيف وخاصة بعد معرفة مكان نديم ووجوده في امان ببيتها…
انتفضت على صوت زمور العربة الذي اطلقه شريف ما ان وصلا لبوابة السراىّ الحديدية ..تطلع مناع للعربة الميري في تعجب ولكنه لم يجرؤ على فتح ضلفتيّ البوابة الا عندما امره عفيف الذي ظهر على الدرج مندفعا خارج البيت الكبير..

انفرجت البوابة ليدخل شريف صافا العربة جانبا ليترجل منها ويتجه الي باب زينب ليفتحه لتترجل بدورها متطلعة في استطلاع للوضع حولها حتى وقع ناظرها على عفيف الذي كان يتطلع اليها في تعجب بدوره غير مدرك سبب قدم شريف وبصحبته هذه المرأة الا انه هتف بكل ذوق:- حمدالله بالسلامة يا شريف بيه .. و اهلًا بضيوفك .. شرفتونا..

هتف شريف كعادته مازحا:- دي مش ضيفتي يا عفيف بيه .. دي ضيفة سعادتك ..
تطلع اليه عفيف في تعجب لكنه رغم ذلك هتف في لهجة واثقة:- على عينا وراسنا اى غريب يدخل النعمانية .. بيت النعماني الكَبير يبجى بيته يا شريف بيه ..
ابتسم شريف هاتفا:- قد القول يا عفيف بيه .. و انا كنت وعدتك اجيب اللي يخرج الدكتورة دلال من تعبها .. و أديني وفيت بالوعد ..
تطلع اليه عفيف في اهتمام بالغ منتظرا ان يكمل شريف حديثه و الذي استطرد هاتفا:- الدكتورة زينب تبقى صاحبة الدكتورة دلال..

هتفت دلال في صرامة:- انا مش بس صاحبتها انا اختها يا عفيف بيه…
تنحنح عفيف هاتفا في هدوء:- الداكتورة دلال وكل اللي يخصها على روسنا من فوج .. شرفتينا يا داكتورة زينب ..
هتفت زينب بنفس اللهجة الحازمة:- متشكرة .. بس فين دلال .. انا عايزة أشوفها ..
هز عفيف رأسه هاتفا:- معلوم يا داكتورة .. اتفضلي..

واشار بكفه لأحد الاتجاهات صوب الحديقة الخلفية فاتجهت اليه زينب مندفعة باحثة عن صديقة عمرها بينما ظل عفيف يقف متطلعا الى شريف الذي امر العسكري بوضع حقائب الدكتورة زينب جانبا ..
هتف عفيف في غيرة يشوبها شئ من فضول:- انت تعرف صحاب الداكتورة دلال من فين يا حضرة الظابط !؟..
هتف شريف مبتسما:- ما ده الجميل اللي عملته فيا الدكتورة و بحاول أرده يا عفيف بيه ..
هتف عفيف متعجبا:- كيف يعني!؟..

هتف شريف:- الدكتورة زينب هي الدكتورة اللي عالجت امي ف مرضها الاخير والدكتورة دلال كانت هي السبب ف المعرفة لما رشحتها لي عشان تعالج الوالدة و من هنا جت الفكرة يا عفيف بيه..
هتف عفيف:- تمام .. تمام ..
وصلت زينب لموضع جلوس دلال لتجدها تجلس ساهمة متطلعة للأفق في تيه اقتربت منها في سعادة هاتفة باسمها:- دلال .. دلال ..

لم تنتبه دلال لها بل ظلت على شرودها مما صدم زينب التي كانت تتوقع انها ستقفز فرحا ما ان ترها.. دمعت عيناها وهي تتطلع الي صديقتها في غضب وقهر واندفعت باتجاه موضع شريف وعفيف وما ان وصلت اليهما حتى صرخت بوجع في اتجاه عفيف:- انت عملت فيها ايه !؟.. دلال اتبدلت .. مش هى دي دلال اللي سبتها تروح معاك من يجي شهر .. و يا ريتني ما سبتها .. انت عملت فيها ايه!؟..

تقبل عفيف انفعالها في صمت مطبق بينما هتف شريف مهدئا:- اهدي يا دكتورة .. اهدي .. احنا جبناكِ هنا عشان تتحسن حالتها ف وجودك .. مش حالتك انتِ اللي تتأخر بسبب وضعها ..
تطلعت زينب في غيظ لعفيف ولم تنبس بحرف واحد واندفعت عائدة لموضع دلال بينما هتف شريف معتذرا بالنيابة عن زينب:- معلش يا عفيف بيه .. هي زعلانة على صاحبتها .. انت اكيد مقدر الموقف..

هز عفيف رأسه في تفهم واخيرا هتف بصوت متحشرج وهو يندفع خارج البوابة مغادرا البيت الكبير:- البيت بيتك يا سيادة النقيب .. معلش عندي مشاغل ولازما امشي دلوجت ..
هز شريف رأسه متفهما بدوره و هو يتجه الى عربته الميري هاتفا:- طبعا يا عفيف بيه اتفضل شوف مشاغلك .. وانا كمان هروح اشوف مشاغلي .. سلام عليكم ..

رحل شريف بعربته الميري وتبعه عفيف خارجا لكنه قبل ان يتجاوز البوابة توقف للحظة متطلعا حيث تقبع مصدر سهاده ووجيعته .. ألقي الي البعد نظرات تشي بالكثير ثم رحل في عجالة ..

11-01-2022 01:28 صباحا
مشاهدة مشاركة منفردة [15]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية جلاب الهوى
رواية جلاب الهوى للكاتبة رضوى جاويش الفصل السادس عشر

بعنوان ( عفويته )

تطلعت زينب الى دلال في حزن و هي تراها على هذا الحال الذي ما توقعت ان تراها عليه يوما .. مسدت على ظهرها في محبة هامسة لها:- دلال ..انا زينب يا دلال .. دلال انا هنا ..
تحشرج صوتها واختنق بالعبرات وما عادت قادرة على النطق بحرف.. امسكت كف صديقتها البارد وضمته بين كفيها وهمست ما ان استطاعت النطق من جديد:- دلال .. انا عارفة انك سمعاني .. و عارفة انك مرتاحة ف الوضع اللي انتِ فيه ده .. لكن عايزة اقولك حاجة مهمة .. اكيد هتخليكي تغيري رأيك وترجعي من حالتك دي لدلال اللي انا اعرفها ..

ساد الصمت قليلا وزينب تتطلع حولها في ترقب قبل ان تقترب من دلال هامسة:- نديم و ناهد عندي…
انتظرت زينب اي انفعال يذكر من قبلها ولكن لم يحدث فاستطردت من جديد:- والله العظيم نديم وناهد موجودين عندي فبيتي .. انا مش هقول كده عشان أخرجك من اللي انتِ فيه .. اقسم بالله دي الحقيقة حتى اسألي شريف .. شافهم بنفسه..

لم تحرك دلال ساكنا مما دفع زينب للنهوض غير قادرة على مجابهة ذاك الوضع الذي تري فيه صديقتها وقد شعرت ان الخبر الوحيد الذي كانت تعقد عليه امل كبير في زحزحة هذا الصمت المسيطر عليها كليا قد فقد تأثيره المتوقع .. دمعت عيناها بعد ان شعرت بالخيبة وهمت بالاندفاع مبتعدة الا ان صوت متحشرج قادم من اعماق سحيقة همس في تردد:- احلفي انه بخير ..

عادت زينب مسرعة تجسو بالقرب من ركبتىّ دلال هاتفة في حماسة:- ورحمة ابويا اللي انتِ عارفة و متأكدة غلاوته واني عمري ما بحلف بيها الا ف الشديد القوي نديم بخير .. وجالي امبارح بعد ما أتنقل ف كذا مكان هو وناهد .. وطبعا حذرته انه يرجع شقتكم وسيبتهم بايتين مع ماما وهديله الشقة المقفولة عندنا يقعدوا فيها لحد ما ربنا يسهل ..

تطلعت اليها دلال بنظرات جوفاء هامسة بنفس النبرة المتحشرجة:- يعني هو بخير !؟..
هتفت زينب مؤكدة:- اقسم بالله بخير وزي الفل..
ساد الصمت للحظات قطعها انفجاردلال باكية ما ان اجابتها زينب .. بكاء دامي وكأنما كان هناك سدا منيعا يقف امام عبراتها والان فقط انهار وانهارت معه لامبالاتها.. ضمتها زينب في تعاطف ممزوج بفرحة .. فها قد عادت دلال .. كانت تعلم ان معرفتها بأي اخبار عن نديم من شأنها إعادتها لدلال التي تعرفها والتي تحقق المستحيل من اجل اخيها ..

رفعت دلال رأسها من بين احضان زينب متسائلة من جديد في لوعة:- يعني بجد انتِ شفتيه يا زينب .. و هو بخير !؟.. صحته كويسة يعني!؟.. اصله وحشني قووي ..
دمعت عينا زينب وهتفت تحاول السيطرة على عبراتها وتصنعت المزاح هاتفة:- و الله زي القرد وكان عايز يجي معانا كمان ..

انتفضت دلال موضعها هاتفة فى ذعر:- لااا .. يجي فين !؟.. هو انا جيت هنا عشان ابقى انا الطعم اللي يصطادوه بيه !؟.. لااا .. أوعي تطاوعيه يا زينب عشان خاطري ..
هتف زينب تطمئنها:- وهو انا عبيطة أخليه يبوظ الدنيا .. وعلى فكرة انتِ كمان وحشاه قووي .. و عشان تصدقي هخليه يبعت لك جواب المرة الجاية مع حضرة الظابط..

هتفت دلال متسائلة:- هو سيادة النقيب عرف الموضوع ولا ايه!؟…
هزت زينب رأسها ايجابا وقصت عليها ما حدث من لقاء شريف بنديم ورؤيته لناهد برفقته مما دفعهم لإخباره الحقيقة كاملة ..
هتفت دلال في هدوء:- حضرة الظابط راجل محترم و ..
هتفت زينب مقاطعة:- ومجنون و عنده كام ربع ضارب ف نفوخه ..

انفجرت دلال ضاحكة على صديقتها وتعليقاتها على شريف و ما ان همت بالدفاع عنه حتى هتف صوت عميق النبرات من خلفهما جذبته ضحكاتها التي اشتاقها كثيرا حد ارضا غاب عنها موسم المطر لعصور مما جعلها تنتفض ما ان طل عليهما بقامته السامقة مستحسنا:- ما شاء الله .. سرك باتع يا داكتورة زينب .. كنتِ فين من زمن!؟..
وتطلع الي دلال محاولا غض بصره هاتفا:- حمدا لله ع السلامة يا داكتورة ..

هزت دلال رأسها فما كان لها القدرة على التطلع اليه اوالحديث في حضرته .. قاطعت زينب خواطرها هاتفة لعفيف في حزم:- طب يا عفيف بيه احنا متشكرين لك حسن الضيافة بس انا بقول ارجع و اخد دلال معايا ..
انتفض عفيف داخليا لمجرد ذكر رحيلها بعيدا لكنه ظل على ثباته الظاهري ولم يعقب بحرف واحد متطلعا الى دلال منتظرا منها الموافقة على ما تقترحه صديقتها او الرفض .. فهمست دلال اخيرا بعد فترة من الصمت:- لااا .. مش هرجع يا زينب.. انا هقعد هنا ..

لا يعرف ما دهاه لحظة ان نطقت بكلماتها تلك فكأنما نطقت ببراءته من حكم جائر بالفراق .. ابتسم رغما عنه واستأذن في عجالة مندفعا يبتعد كى لا يلحظ احدهم سعادته الطاغية تلك والتي على غير العادة لم يستطع مداراتها ما ان أعلنت قرارها بالبقاء .
اما زينب فهتفت فى دلال بحنق:- تاااني .. هتقعدي هنا تاااني يا دلال .. مش كفاية اللي حصل لك !؟.. و كمان أدينا اطمنا على نديم .. ارجعي بقى وارتاحي شوية ..

هتفت دلال مفسرة سبب رغبتها في البقاء:- مينفعش يا زينب .. ده عشان انا اطمنت على نديم بالذات مينفعش أرجع .. لأن لو رجعت عفيف هايبعت حد يبقى ورايا على طوول وده هيخلي احتمالية اكتشاف عفيف لمكان نديم و ناهد كبيرة.. خليني هنا .. خليه فاكر ان نديم هيرجع على هنا اول ما يعرف بوجودي .. خليه لسه معتقد اني لسه الطعم اللي هيصطاد بيه نديم و اخته ..

وتطلعت دلال لزينب هاتفة:- بمناسبة اخته .. شفتيها طبعا يا زينب .. ايه رأيك فيها !؟..
قهقهت زينب هاتفة:- ايه يا دولي احنا هنبدأ شغل الحموات ولا ايه !؟
ابتسمت دلال ولم تعقب لتستطرد زينب مؤكدة:- اطمنى يا ستي الاستاذ نديم وقع واقف البنت زي القمر ..
هتفت دلال:- انا مش بسأل على جمالها يا زينب .. انا ..

قاطعتها زينب مؤكدة:- أطمني .. شكلها بنت حلال وطيبة والله .. دي قضت القاعدة كلها عياط اول ما عرفت ان عفيف جابك على هنا .. شكلها حاسس بالذنب قووي ..
همست دلال:- غلطتهم كبيرة قوي يا زينب .. ازاي نديم يعمل كده!؟.. وازاي طاوعها ولا هى طاوعته ف اللي عملوه ده !؟.. مية سؤال بيدورا ف دماغي ومفيش اجابة واحدة تريحني ..

ما ان همت زينب بالإجابة عليها حتى سمعا جلبة قادمة من ناحية بوابة البيت الكبير .. تطلعا من موضعهما لما يحدث فإذا به عفيف قد دخل البيت وخلفه مناع ساحبا ورائه بهيمة عفية امره عفيف هاتفا فى سعادة:- ادبح يا مناع وفرج ع الغلابة كلهم .. ومدخلش من الدبيحة حاچة للبيت .. كله لله ..
هتف مناع مجيبا:- أوامرك يا عفيف بيه ..

وسحب البهيمة حتى أطراف الحديقة باتجاه الذريبة لينفذ امر سيده بينما اتجه عفيف صوب دلال وزينب وما ان اصبح قبالتهما حتى هتف في سعادة:- دي حلاوة جيامك بالسلامة يا داكتورة ..
همست دلال فى امتنان:- متشكرة يا عفيف بيه .. لولا انها لله كنت قلت لك ملوش لزوم .. بس اهو ربنا خلانا سبب لفرحة الغلابة ..
ابتسم عفيف هاتفا:- ربنا يچعلك دايما سبب للفرحة يا داكتورة ..

شعر بالحرج مع كلماته العفوية تلك والتي خرجت بتلقائية شديدة أربكته هو شخصيا مما دفعه ليتنحنح مستأذنا:- عن اذنكم لما اشوف زحمة الناس اللي ع الباب ..
صاحبته نظرات دلال وهو يستدير راحلا وكذا نظرات زينب التي تطلعت اليه في تعجب وتحولت الي صديقتها ليزداد تعجبها أضعافا وقد شعرت ان شيئا ما يدور هاهنا .. شئ رغم انه خفي عن الاعين لكنه اكثر وضوحا من شمس في كبد سماء صيفية ..

تمطع بعرض الفراش يحاول فك تيبس عضلات ظهره وفجأة تنبه لأمر ما .. لقد استغرق في النوم دون ان يشعر .. انتفض متطلعا حوله باحثا عنها على ذاك الضوء الخافت المنبعث من احد المصابيح الصغيرة الموضوعة على احد جانبى الفراش ..فوجدها تنام متكومة على نفسها على ذاك المقعد الضيق ..

شعر بالذنب لوضعها ذاك فنهض في هدوء مقتربا منها و انحنى محاولا حملها في حذّر حتى لا تستيقظ لكنه ما ان وضع كفه اسفل رأسها حتى استيقظت مذعورة منتفضة من موضعها وكادت تسقط ارضا تشعر بالدوار لنهوضها المفاجئ ذاك فما كان منه الا ان لحق بها يحاول مساعدتها على التوازن ..
تطلعت نحوه للحظة كانت كفيلة لجعل قلبه ينتفض بصدره فقد كانت نظرتها تلك تحمل عتابا صامتا مزق قلبه كخرقة بالية ..

استعادت توازنها وتوجهت مبتعدة عنه لطرف الفراش البعيد ليهمس هو بصوت متحشرج:- خدي راحتك ونامي .. انا اسف اني نمت امبارح غصب عني ومسبتش السرير ليكِ .. عن اذنك ..
واندفع خارجا من الغرفة .. تطلعت هي نحو موضع رحيله للحظات في تيه واخيرا تمددت على الفراش ليأخذها النعاس في لحظات الى دنياه بعد ليلة قضتها مؤرقة ..

خرجتا من الباب الخلفي للبيت الكبير منحدرتان التلة المقام عليها في اتجاه قلب النعمانية .. هتفت دلال في سعادة:- هفرجك ع النعمانية كلها بقى .. انا بقالي حوالي شهر هنا وحفظتها من كتر ما رحت وجيت بالكارتة ..
هتفت زينب في تخابث:- واضح انك حبيتي النعمانية قووي .. كنت فاكرة اني هلاقيكي كرهاها ومش مستحملة تفضلي هنا !؟..

ابتسمت دلال هاتفة:- انا مش كارهة المكان يا زينب .. انا كارهة عادات بتشوه جماله .. وافكار للاسف بتدمر بنات ملهاش ذنب غير فقر اهاليهم.. و هم اللي بيدفعوا تمنها من عمرهم .. و براءة مكنتش الا مثل على مليون براءة بتغتالها تقاليد عمية ملهاش قلب واهل طاحنهم العوز ..
تنهدت زينب هامسة:- صدقتي ..

هتفت دلال تخرج من جو الحديث المشحون بالشجن ممسكة بكف زينب مؤكدة:- تعالي بس افرجك على مناظر عمرك ما هتنسيها .. زي ما وريتك النعمانية من سطح المندرة تعالي بقى اوريهالك وانتِ وسط ناسها ..

ابتسمت زينب واندفعت خلفها سارتا معا ما بين الحقول واتجهتا للمعدية .. حاولت دلال ان تقنع زينب بتجربتها الا ان زينب أبت خوفا فعادتا مرة اخرى للطريق الترابي .. صوت مكابح عربة اثار انتباههما .. ترجل شريف من عربته الميري متوجها في حماس باتجاهما هاتفا:- ايه النور ده !.. وانا اقول النعمانية الفولت زايد فيها اليومين دول ليه !؟..

قهقهت دلال بينما امسكت زينب ضحكاتها بجدية تحاول ادعائها وهى تلكز دلال خفية والتي هتفت في أريحية:- ده نور اهلها يا حضرة الظابط ..
هتف شريف فى نبرة تشتعل هياما:- ازيك يا دكتورة زينب !؟.. يا رب تكوني مرتاحة هنا !؟..
اومأت برأسها ايجابا هامسة:- الحمد لله ..

تنبه جمعهم لصوت كارتة عفيف القادمة من البعد والتي توقفت خلال لحظات بالقرب من موضع وقوفهما وهتف ملقيا السلام دون ان يترجل منها:- السلام عليكم ..
رد الجميع التحية ليتساءل عفيف:- خير يا داكتورة !؟.. ايه اللي موجفكم كِده !؟.. كلكم تمام ..!؟..
اكدت دلال:- كلنا بخير يا عفيف بيه .. انا خرجت أتمشى انا وزينب شوية وأفرجها ع النعمانية .. بس الصراحة تعبت ..
هتف شريف متحينا الفرصة حتى يكون برفقة زينب:- تعالوا أوصلكم..

امتعض عفيف وكاد ان يلق تعليقا لاذعا كعادته الا ان دلال كانت الأسبق لتهتف مؤكدة:- لا .. انا هروح مع عفيف بيه وانتِ يا زينب خلي حضرة الظابط يفرجك ع النعمانية .. انتِ ملحقتيش تتفرجي عليها ..
همت زينب بالرفض وهى تتطلع الي دلال بنظرة لائمة تخالف نظرة الفرحة التى اعترت شريف وهو يجزل الدعاء لدلال على إتاحتها هذه الفرصة ..

اندفعت دلال في اتجاه الكارتة ليمد عفيف يده لاأراديا تجاهها لتقبلها هى بشكل غريزي وتتلاقى الأكف بعد طول اشتياق .. استقرت جواره بالكارتة ليشعر انه لتوه قد اكتمل كمن غاب عنه جزء غال من روحه وهاقد عاد لموضعه الأصلي من جديد ..
لوحت لزينب والكارتة تندفع راحلة ليهتف شريف في نشوة:- اتفضلي يا دكتورة زينب .. ده انا حصل لى البهجة النهاردة ..

صعدت العربة وهى تقسم ان تقتص من دلال على فعلتها بينما سمعت همس ذاك المخبول جوارها:- و الله نيتك صافية يا شرشر وامك داعية لك ..
امسكت ضحكاتها وهتفت فى تعجب:- ايه يا حضرة الظابط !؟.. هو احنا هنقضيها هنا ولا ايه !؟..
هتف متعجبا بدوره:- هاااا .!؟.. انتِ قصدك ايه !؟..

هتفت زينب ساخرة:- حضرتك متحركتش بالعربية .. احنا محلك سر على فكرة ..
تنبه شريف انه ادار محرك العربة لكنه لم يبرح موضعه بالفعل فقهقه هاتفا بلهجة نسائية متقنة:- استري عليا بقى .. اصل انا عندي فكر .. والفكر مبهدلني ..
ابتسمت رغما عنها هاتفة:- لا ألف سلامة .. اتفضل بقى ربنا يجعل لك ف كل خطوة سلامة ..
همس ممتعضا:- سلامة مين !؟.. قولي ربنا يجعلي ف كل خطوة زينب ..
ابتلعت ابتسامتها تخفيها مُشيحة بوجهها في اتجاه نافذة السيارة وهو ينطلق بها اخيرا ..

لا تعلم كم مر عليها وهى على حالها داخل الغرفة وقد طواها النوم تحت جناحيه فلم تشعر الا بأشعة الشمس تتسلل بقوة من بين خصاص النافذة معلنة عن بداية النهار .. انتفضت لا تعلم كم الساعة حتى تنبهت لموضع ساعة حائط بمواجهة الفراش لم تلحظها البارحة كانت عقاربها تشير لما بعد العاشرة بقليل ..
نهضت من موضعها في اتجاه الباب ليتناهى صوته لمسامعها و هو يدلف للشقة من الخارج هاتفا لماجدة ام الدكتورة زينب:- جبت لك شوية فطار يا طنط انما ايه .. هتكلي صوابعك وراه ..

هتفت ماجدة:- يا بني ليه تكلف نفسك م الاكل موجود اهو ..
ظهرت على اعتاب الردهة لتطالعها ماجدة هاتفة في سعادة:- اهلًا بعروستنا .. ياللاه تعالي جوزك جاب فطار سخن .. كلي لك لقمة .. انتِ متعشتيش كويس امبارح ..
وتطلعت لنديم هاتفة بأمر امومي:- وانت كمان يا نديم تلاقيك ميت م الجوع .. انت نايم من غير عشا .. تعالوا كلوا على بال ما أحط الشاي ع النار..
اتجهت ماجدة للمطبخ بينما جلست هى فى هدوء للمائدة تبعها هو واضعا أصناف الطعام امامها هامسا:- يا رب تكوني نمتِ كويس!؟..

هزت رأسها مؤكدة في هدوء دون ان تنطق بحرف واحد ..هم بالحديث من جديد الا ان ماجدة ظهرت على اعتاب الردهة قادمة اليهما .. جلست قبالتها وبدأوا جميعا في تناول افطارهم .. كانت عيناه تحاول ان تتجاهل حضورها الطاغ قبالتهما لكنها لم تستطع الا التطلع اليها خلسة ما بين لحظة واخرى .. اما هى فقد كانت تحاول ان توطد نفسها على تجاهل حضوره الذي يربك مشاعرها ويغمر روحها بوهج من بهجة ما استشعرتها يوما.. كانت تجاهد حتى تتغلب على ذاك الشعور المتنامي تجاهه والذي يتغلب على اي محاولة من قبلها لتعود ناهد القديمة التي ما كانت تقيم لأمور القلب وزنا ولا تعترف بالعشق مذهبا ..

هتفت ماجدة تجذب كلاهما من براثن خواطرهما الدامية:- انا هتفق لكم مع حد يجي ينضف الشقة اللى جنبنا دي عشان تقعدوا فيها براحتكم ..
هتفت ناهد في حماسة:- مفيش داعي يا طنط .. انا هقوم انضفها .. اهو أتسلى بدل جعدتي دي ..
هتف ماجدة في اعتراض:- تنضفيها ده ايه !؟.. ده انت عروسة جديدة والشقة عايزة شغل جامد .. دي مقفولة من فترة طويلة .. هتتعبي يا حبيبتي ..

ابتسمت ناهد مؤكدة:- متجلجيش يا طنط .. مفيش تعب ولا حاچة .. و أوعدك مش هاچى على نفسي و اللي اجدر أعمله النهاردة هعمله و الباجي لبكرة باذن الله ..
ازعنت ماجدة لمطلب ناهد هاتفة:- طيب يا حبيبتي اللي يريحك .. هقوم اجيب لك المفتاح ..
ما ان اختفت ماجدة حتى همس نديم في حنو:- طب كلي كويس .. انتِ مكلتيش حاجة ..
اكدت وهي تنظر لطبقها الذي كان تقريبا على حاله هامسة بدورها:- كلت الحمد لله ..

ظهرت ماجدة بالمفتاح لتتناوله ناهد وتنهض مستأذنة في اتجاه الشقة المقابلة ليهتف نديم بدوره خلفها:- استني انا جاي معاكِ ..
لم تشأ ان تجادله امام ماجدة فأثرت الصمت .. تناول منها المفتاح و سبقها لفتح باب الشقة والذي اخذ يعالج به الباب لفترة وذلك لطول مدة اغلاقه حتي انفرج اخيرا ..
هتف نديم بالبسملة في وجل و استطاع ان يجد وصلات الكهرباء وينير الردهة قبل ان يتوجه للنوافذ ليفتحها بعد محاولات عدة .. كانت الشقة تحتاج الي مجهود جبار بالفعل حتى تصبح صالحة للمعيشة الآدمية بها ..

هتف متسائلا:- هااا .. هنبدأ منين!؟..
تطلعت اليه للحظة ثم هتفت في تعجب:- هنبدأ !؟.. هو انت هتشتغل معايا !؟..
هتف بدوره متعجبا:- اه .. ليه !؟.. عندك مانع !؟..
أكدت في اصرار:- اه طبعا عندي .. انا عايزة اشتغل لوحدي ..

اشار للشقة في تعجب:- لوحدك ازاي !؟.. الشقة كبيرة وفعلا محتاجة مجهود فوق العادي .. انا هساعد باللي هقدر عليه .. عشان ننجز ونعرف نبات ف الشقة بدل الاوضة ف الشقة الثانية ..
اعترفت انه على حق فلم تجادل و عادت من جديد لشقة ماجدة لتبدل ملابسها بملابس تصلح للتنظيف و جمعت شعرها تحت غطاء محكم للشعر وعادت لتجده قد خلع قميصه ووضعه جانبا وثنى أطراف بنطاله حتى ما دون ركبتيه ..و امسك بعصا المكنسة متكئا عليها هاتفا:- استعنا ع الشقا بالله .. نبدأ منين يا حلاوتهم !؟..

تطلعت اليه هاتفة في زمجرة:- حلاوتهم !؟..
هتف مازحا:- والله ده انا مجاملك .. بشكلك ده اخرك ست ابوها ..
زمجرت من جديد ليهتف مشاكسا:- اهو العرق الصعيدي هيطلع و هدفن هنا ولا من شاف ولا من دري ..
علا صوت قهقهاتها لتجذبه كما الفراشة للهب ليتعلق ناظريه بها في وله .. اخفضت ناظريها حياءً و هتفت في محاولة لقطع استرسال تلك النظرات التي تذهب بثباتها:- هنبدأ ننضف اوضة اوضة ..

هز رأسه متفهما وسار خلفها للحجرة الاولى ليتوجه لفتح نافذتها بينما عادت هى للخارج لتحضر أدوات التنضيف .. حملت دلو المياه باتجاه الغرفة ليعود هو ادراجه باحثا عنها فكاد ان يصطدم بها .. تناول منها الدلو معاتبا:- متشيليش حاجة تقيلة تاني .. ناديني وانا اشيلها ..

كانت ماجدة تقف على باب الشقة الذي تركاه مشرعا حاملة صينية عليها أكواب من الشاي في تلك اللحظة لتهتف في سعادة:- انتِ حامل يا ناهد!؟.. الف مبروك يا ولاد .. يتربى ف عزكم يا رب..
بهت كل من ناهد ونديم ولم يجرؤ احدهما على التفوه بحرف لتكذيب الخبر .. فقد شملتهما الصدمة كليا عن محاولة اصلاح ذاك الاعتقاد الخاطئ لتستطرد في سعادة:- طب بلاش بقى تنضيف .. ده مش هايبقى حلو على صحتك ولا ع البيبي ..

هتف نديم مازحا:- لا متقلقيش يا طنط ما انا هساعدها اهو ..
هتفت ماجدة مازحة:- وانا اللي قلت نديم جدع ورايح يساعد مراته .. اتاريك عارف اللي فيها عشان كده جاي تساعد عشان خايف على ولي العهد .. يا سااااتر عليكم يا رجالة .. محدش فيكم يعمل حاجة لله ابدا !؟..
قهقه نديم و قد أعجبته المزحة فاستمر بها هاتفا في مشاكسة:- لا عملنا لله يا طنط .. ان احنا اتجوزناكم...
قهقهت ماجدة هاتفة:- شايفة يا ناهد جوزك ..

أطرقت ناهد برأسها خجلا ولم تستطع التفوه بحرف فاستنتاج ماجدة بذاك الحمل المزعوم حرك شئ ما كان كامنا بأعماقها .. اضطربت وهي تحاول ان تحيد بناظريها عن محياه تكاد تصرخ غيظا لان كل من عقلها وقلبها و عينيها قد تأمروا جميعا ضدها و اصبحوا لا تشغلهم الا فكرة واحدة للأجابة عن سؤال واحد .. كيف سيكون شكل أطفالها اذا كان هو ابوهم !؟..
ارتجفت داخليا للخاطر اللذيذ الذي أذاب تمنعها وذهب بمحاولتها لتجاهله ادراج الرياح .. واضحى ذاك هاجسها طول فترة ما بعد الظهيرة وهما يعملان جنبا الي جنب فى حماسة ..

تمايلت العربة تمشي الهوينى على ذاك الطريق الترابي المؤدي لتلة البيت الكبير .. كانت دلال شاردة في الأفق البعيد وهو شاردا فيها .. كان كل منهما مشغول بِما يأسره .. كان السلام والسكينة يعما الأجواء ويسربلا الطريق كانما هو الطريق للجنة .. ذاك الأخضر الذي ينتشر على جانبي الدرب والذي مال لونه للبرتقالي مصبوغاً بأشعة الشمس المائلة للغروب .. و صوت ذاك الناي الذي كان يأتيهما من البعد يطفي على العالم من حولهما سحر معتق ..

توقفت العربة فجأة وانتظرها ان تسأل عن السبب لكنها كانت مأخوذة تماما بذاك الجو الخرافي .. تناهى لمسامعهما صوت احد الفلاحين ينشد بصوت عذب مصاحبا لذاك الناي:-
يا بايعين الصبر .. الصبر فين ألاجيه ..
حبيبي غاب ما عاود .. دلوني فين أراضيه ..
لو يطلب العين ما تغلا .. جلولي كيف أراضيه ..
دِه كل جلب لجي خله .. و انا خلي الروح فيه ..
عاشج يا بووي وما لاجي للعشج مداوي ..
و انا يا خال ما كنت غاوي عشج و لا ناوي ..
وكان مالي انا يا ناس ما كنت ع البر معداوي …

اخذ المنشد في الاسترسال في مواله الشجي حتى تنبهت هى اخيرا لتوقف العربة فتطلعت الي عفيف في تعجب ثم ابتسمت في تفهم عندما ادركت انه أوقفها لاستشعاره رغبتها في الاستمتاع بذاك الشدو المتهادي من ذاك الغيط القريب نوعا ما وبالتحديد من تحت ظل شجرة الجميزالعتيقة تلك ..
تحرك عفيف بالعربة لتتهادى مرة اخرى على الطريق حتى وصلا للبيت الكبير ..

ترجلت منها مسرعة قبل ان يترجل هو ويمد لها كفا لا قبل لها على رفض عطيتها واندفعت مبتعدة عن محياه شاكرة اياه في عجالة ..
وصلت لغرفتها لتدلف اليها فوجدت زينب متمددة على الفراش في انتظارها وما ان طالعتها حتى هتفت في حنق:- كنتِ فين بقى!؟.. هاااا .. و بعدين ده مقلب تعمليه فيا برضو يا دولي !؟

قهقهت دلال هاتفة:- مقلب ايه !؟.. والله الراجل كان هيجراله حاجة لو مكنش وصلك .. قلت اعمل فيه جميل ..
هتفت زينب حانقة:- تعملي جمايل على حسابي.. و بعدين كان هيجراله ايه يعني !؟.. ده منخوليا ع الاخر ..
علت ضحكات دلال من جديد:- متنكريش ان دمه خفيف .. انا راقبتك وشوفتك كذا مرة وانت بتكتمي ضحكك على كلامه .. و بعدين والله شريف غرضه شريف..
هتفت زينب مصدومة:- غرضه شريف ازاي !؟..

اكدت دلال متخابثة:- سألني ان كنتِ مرتبطة اوحد متكلم عليكِ ..
هتفت زينب في شجن:- هااا وانتِ قولتيله ايه !؟..أوعي يا دلال تكوني قولتيله حاجة !؟..
هتفت دلال في شجن مماثل:- هقوله ايه بس يا زينب !؟.. لا طبعا.. دي حاجة تخصك وانتِ بس اللي ليكِ الحق تقوليله ولا لأ ..
ساد الصمت بينهما للحظات و اخيرا هتفت دلال تخرج صديقتها من خضم خواطرها الشجية هاتفة بمرح:- وبعدين هو انتِ هتتجوزي المجنون ده برضو !؟..
هتفت زينب متنهدة بحسرة:- ايوه صح مجنون ودمه خفيف وابن حلال وبيحب امه قووي وامي كمان حبته قووي..بس ياللاه ..

عاجلتها دلال هاتفة في مرح:- ياااه ده احنا عرفنا عنه كل حاجة اهو..!؟.. ع العموم انا قلت له انك مش مرتبطة ولا حد أتكلم عليكِ و انك قربتي تعنسي وهيكسب فيك ثواب لو لحقك قبل ما تروح عليكِ..
انتفضت زينب في غيظ ممسكة بأحدى الوسائد وجذبت دلال تسقطها على الفراش واخذت تضربها بالوسادة ودلال لا تسطيع الدفاع عن نفسها من شدة قهقهاتها التي خرست فجأة ما ان تناهى لمسامعها صوت موسيقى قادم من غرفة مكتبه المجاورة ..

هتفت زينب هامسة:- عفيف بيه!؟..
اكدت دلال بايماءة من رأسها لتستطرد زينب متعجبة:- الراجل ده عجيب قووي .. اول مرة اشوف التركيبة دي .. راجل متعرفيش ان كان قاسي ولا حنين .. دماغه متحجرة ولا متحضر .. عادل ولا ظالم !؟.. تركيبة تحير..
همست دلال في شرود:- هو ده عفيف .. تناقضات عجيبة معجونة ف راجل والعجيب ان كل تناقض له اللي يبرره .. و الأعجب انك تشوفي ده وتصدقيه ..
اكملت زينب في وله:- وتحبيه !؟..

انتفضت دلال كالمصعوقة هاتفة في صدمة:- احب مين !؟.. انتِ بتقولي ايه يا زينب !؟.. احنا أعداء.. بينا مصيبة ممكن تنتهي على مصيبة اكبر .. انا وهو طرفين نقيض .. ماية وزيت مش ممكن حاجة تجمعنا .. انا كل اللي بدعيه دلوقتي ان الموضوع بتاع نديم ده يعدي على خير .. ازاي!؟.. معرفش .. ربنا اللي يدبرها من عنده .. لكن حب .. لاهو بتاع الكلام ده ولا اللي بينا يسمح بده يا زينب ..

ثم استطردت في لهجة حاولت اضفاء بعض المرح المصطنع عليها:- خلينا ف حضرة الضابط شريف اللطيف ابو دم خفيف ..
قهقهت زينب لتعاجلها دلال هاتفة:- ياللاه بينا بقى على تحت نساعد الخالة وسيلة ف تحضير العشا ..
خرجتا من الغرفة في اتجاه الأسفل يصحبها على طول الردهة موسيقاه الشجية ..



المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
رواية صغيرتي الحمقاء زهرة الصبار
39 7010 زهرة الصبار
رواية انتقام ثم عشق زهرة الصبار
38 4086 زهرة الصبار
رواية حبيب الروح زهرة الصبار
39 3120 زهرة الصبار
رواية لا ترحلي زهرة الصبار
36 2985 عبد القادر خليل
رواية أحببت فاطمة زهرة الصبار
74 3425 زهرة الصبار

الكلمات الدلالية
رواية ، جلاب ، الهوى ،


 





# فنون # مشاهير # صحة # منوعات # الأطفال # English # تفسير الأحلام ثقافة # قصص # سيارات Cars # صور # تقنيات # الاجهزة الالكترونية # المطبخ # كلام فى الحب # أبراج # رياضة # ازياء # حكم وأقوال تطوير الذات# خلفيات # صور بنات # مشاهير # ديكور # صباح الخير # مكتوب برقيات شهر رمضان # جمعة مباركة # حب رومانسية # عيد # ادعية # خلفيات كرتون # منوعات # موضة # الأم # أطفال # حيوانات # صور ورد # اكلات # New Year # مساء الخير # اللهم صلي علي النبي # القران الكريم # صور نكت # عيد ميلاد # اعلام # سيارات # تهنئة الخطوبة # حروف واسماء # الغاز # صور حزينة # فساتين # هدايا # خلفيات النادي الاهلي # تسريحات شعر # الاصدقاء # بوستات نجحت # خلفيات نادي الزمالك # حب رومانسية # تهنئه # ازياء # صور بنات # صوره وكلمه خلفيات # كرتون # بروفايل رمزيات # دينية # سيارات # مضحكة # أعلام # مسابقات # حيوانات # ديكور # أطفال # أكلات # حزينة صور شباب أولاد ر# صور # الطب و الصحة # مقالات عامه # CV المشاهير # وصفات الطبخ # العناية بالبشرة غرائب وعجائب # قصص روايات مواعظ # صور حيوانات # وصفات الحلويات # الرجيم والرشاقة # نكت مضحكة # صور خلفيات # العناية بالشعر # شروحات و تقنيات # videos # Apps & Games Free # موضة أناقة أزياء # سيارات # ديكور # رعاية الأطفال # نصائح المطبخ # موبايل جوال # الفوركس # التعليم والمدارس # الحمل و الولادة # اخبار الرياضه # وظائف # صحة المرأة # حوادث # صور بنات # صور اطفال # مكياج و تجميل # عناوين بنوك شركات محلات مطاعم # العاب الغاز # عيد # كلمات الاغانى # اشغال فنيه واعمال يدويه # مصر # أشعار خواطر # للنساء فقط # للرجال فقط # صور شباب # علاج النحافه # رسائل SMS # أكلات نباتية - Vegetarian food # برامج الكمبيوتر # المراهقة # جمعة مباركة # blogger # رعب # لعنة العشق # حب # اسلامية # قاسي ولكن أحبني # أحفاد أشرار الحرب لأجلك سلام # أسمى معاني الغرام # حقيقية # لقد كنت لعبة في يده # ملهمة # أباطرة العشق # عربية # حب خاطئ # لست مميزاً # من الجاني # مشاهير # راقصة الحانة # اغتصاب طفلة # عاشقان يجمعهم القدر # الطريق الصعب # خيال علمي # أشواك الحب # تاريخ # سجينة ثوب الرجال # لروحك عطر لا ينسى # أطفال # عشق وانتقام # لازلت أتنفسك # لقاؤنا صدفة # للحب معان أخرى # خاتم سليمان # ممن أنتقم # نجاح # أبواب وهمية # حلمى فى صفيحة قمامة # فيلم # مجنون بحبك # بين شباكها # حزينه # رحلات جوليفر # عذاب قسوته # عندما ينادي الشيطان # لعنة حبك # مريم وامير # هدوء في قلب العاصفة # الحاسة السادسة # المشعوذة الصغيرة # عباقرة # لوعة العشق # حروب # قدر بالإجبار # بنات مضحكه# فوركس Forex# صحتك # الصور والخلفيات # الطبخ والحلويات # منوعات # اخبار الفن # القصص و الروايات الألعاب الرياضية # الحياة الزوجية # أزياء وملابس # الأم و الطفل # دراسات لغات # افكار منزلية # انترنت تكنولوجيا # صفات الابراج # حيوانات ونباتات # تفسير الاحلام # معانى الاسماء # خواطر و اشعار # الكون والفضاء اجمل نكته# Mix # Forex # youtube # foods # Kids # Health education # stories # News # kitchen # woman # Famous # Sport # Animals

-------

الساعة الآن 10:44 صباحا