أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في منتدى جنتنا، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .

المنتدى للقرائه فقط -- للمشاركه انتقل الى منتديات جنتنا الجديده -forums.janatna.com





رواية صوتها الوردي

مازن ذاك الذي تعود على الأخذ دوما و لا يعطى ..رحاب تلك التي تعودت دوما على العطاء و لم تجني إلا الآلام و الخيبات المتتال ..



11-01-2022 12:42 صباحا
مشاهدة مشاركة منفردة [4]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية صوتها الوردي
نوفيلا صوتها الوردي للكاتبة رضوى جاويش الفصل الخامس

مر يومان، لم تطأ قدمه أرض الدار، ولم يرها منذ
أن أعلن عن رغبته في التطوع، بجانب حصوله على تلك الدروس، في لغة الإشارة، منها بالطبع..
اليوم أبرم الاتفاقية المبدأية لصفقة جديدة، فقرر ان يحتفل، ومن هناك أفضل من هؤلاء الملائكة، حتى يحتفل معهم، فمنذ لامست خطواته، أعتاب ذاك الدار، والخير يُصب عليه صبا، وما ان ينوى على تقديم المساعدة لهؤلاء الاطفال، والدار التي تؤويهم.

حتى يفاجأ بسيل من المنح الربانية، جعلته يتمسك
بمساعدتهم والتواجد بينهم، أكثر، فأكثر..
هو لا ينكر ان وجودها كان الشرارة الاولى، التي أشعلت أهتمامه بالدار وأهلها، الا ان شئ ما، يخصه هو، يكمن بأعماقه، ينيرها فرحة وحبوراً..
وهو بين هؤلاء الاطفال، يتلمس رضاهم وضحكاتهم
، وصل أخيراً..

فأندفع بحماس خارج سيارته، باتجاه الدار وهو يحمل الكثير من علب كرتونية، يفوح منها رائحة شهية يسيل له اللعاب، وهتف في حارس البوابة، وهو يعطيه مفتاح السيارة، ليحضر باقى العلب، خلفه..
سار حتى وصل لقاعة الدرس، التي تشغلها رحاب دوما، ودق الباب، بمقدمة حذاءه، لتفتح هي..

فيطالعها عمود من العلب الكرتونية، يخفى حامله تماما، لكن، لم يكن استنتاجا صعبا، لتعرف انه هو، فتى التوصيل، الذي يقف حاملا تلك العلب، من وجيب قلبها المتضاعف، ورغبتها في الهرب فورا، الى ابعد مكان، عن تواجده..

استفاقت من شرودها وهو يهتف في مرح، البيتزا الساخنة، حضرت، دخل القاعة، ينزل العلب في حرص، على أحدى الطاولات، وقد ظهر خلفه حارس البوابة، بالمزيد من العلب، اندفع الاطفال، عند رؤيته، وخاصة عمر الذي تعلق ببنطاله، يجذبه في مودة، كأنما يذكره بوجوده، ليرفعه في محبة، لأحضانه، ويبدأ في توزيع البيتزا على الاطفال، وجلس يأكل بينهم في شهية، وهي لازالت مأخوذة بأفعاله، تقف على الباب، لا تحرك ساكنا، فانتبه لها، متعجبا، : - ألن تتناولى طَعَامِك..!؟، انها رااائعة، دافئة، وشهية، قالها بابتسامة قاتلة، وخاصة مع كلماته الاخيرة، والتى شعرت بشكل غريزى، انه لا يقصد بها البيتزا إطلاقا...

لم ترد بحرف واحد، وإنما جلست في هدوء، في احد المقاعد الفارغة، والتى لسوء حظها، كانت في الجهة المقابلة له تماما..
رائحة البيتزا شهية، لا شك في ذلك، لكن لما اكتشفت فجأة، انها لا تشتهيها، وخاصة، وان كل قضمة تستقر في منتصف حلقها، تأبى ان تُبتلع، لا لسبب سوى، تفرسه فيها، والذى يغلق عندها منافذ الهواء، ويجعلها، لا تستطيع حتى ألتقاط انفاسها..

كان الطعام، معركة في حد ذاتها، عندما بدأ الاطفال، يتضاحكون على بعضهم من بعض، لعبثهم بمسحوق الطماطم، جلب المزيد من المرح، جعله يضحك ملء فيه، ضحكاته الرجولية الخشنة، وقهقهاته الصاخبة، كانت تفعل بها، ما لم تستشعره يوما، قلبها كان يقفز فرحا، كطفل عابث، مع كل ضحكة، ونبضاته تضرب صدرها، كالرعد العاصف، كلما انفجرت احدى تلك القهقهات المهلكة، ماذا دهاها،!؟، لقد اصابها الخبل، كيف يؤثر عليها، بهذا الشكل المخالف لطبيعتها المتزنة..!؟، هي لا تعلم، ولا تعرف..

كيف، يحدث ذلك،!؟، لو تعرف، فقط تعرف..
لاستطاعت منعه، او الحد منه، لكنه، حدثا استثنائياً في حياتها، لم تتعرض له سابقا، يحدث لا أراديا، دون اى سيطرة تذكر منها...
نهض فجأة، ليهتف في الاطفال المكفوفين. : - من يريد سماع أحدى قصصى الرائعة..!؟.
ليهتفوا في سعادة، : - نعم، أجل..

جمعهم في احد الأركان، وجلست هي بأطفالها، في الركن المجاور، وجفلت، عندما رأته يخلع عنه سترته، ورباطة عنقه، ويقذف بهما على احد المقاعد، كانت المرة الاولى، التي تراه فيها، بلا بدلة كاملة، اذا استثنت، تلك المرة، التي حدث فيها اصطدام المركز التجارى، وضع مقعدين من تلك المقاعد المخصصة للاطفال بشكل متلاصق..

تلك المقاعد لا تسبب لها مشكلة في الجلوس عليها، اما هو، فارتسمت ابتسامة على شفتيها رغما عنها، وهي تراه يجاهد، حتى يجلس براحة، على المقعدين المتلاصقين..
والادهى منذ ذلك، انه وضع مقعد ثالث، ليمدد قدمه عليه، وكأنه ببيته، يسترخى بعد وجبة دسمة..
شبك كفيه خلف رأسه، وبدأ في سرد أحداث حكايته، بعد ان تعرف على الاطفال، وأسماءهم..

، وبعد عدة دقائق، أكتشفت انها، تعطى إشارات خاطئة لأطفالها، فلقد أمسكت نفسها متلبسة، بمتابعة احداث تلك القصة الشيقة، التي يرويها..
ذاك المسترخى هناك، وكم جاهدت، لكتم قهقهاتها، وهي ترى تلك الانفعالات المرسومة على وجوه الاطفال، وهم يتابعون في استمتاع وترقب، سير الأحداث..
انه ماهر بحق، حتى ان عدد من اطفالها، ممن استخدموا السماعات الطبية حديثا، قد جذبهم سرده
الممتع، لينضموا اليه، واولهم بطبيعة الحال..

صديقه الصغير عمر، الذي باغته بقفزه على صدره
لينتفض مازن ضاحكا، ويظل محتفظا بعمر، في احضانه، متعلقا برقبته..
كانت تغوص اكثر وأكثر في خواطرها، حتى انها لم تدرك هذا الذي، جاء هامسا خلف اذنيها: - هل أعجبتك القصة،!؟.

-انها رائعة، أجابت ببلاهة وهي شاردة، وهي لا تدرك انها بهذا الاعتراف، أكدت انها كانت تعيره آذانها، بدل من العمل مع اطفالها، مما جعله يبتسم في سعادة مستطردا، وهل أعجبتك النهاية، ان يتزوج الامير بما اختارها قلبه، ويتحدى العالم لاجلها..

هل انتهت القصة!؟، سألت نفسها في ضيق، انها لم تدرك ذلك من فرط استرسالها في خواطرها، يا خسارة، هتفت لنفسها في حسرة، لكنها استطاعت استنتاج النهاية من كلماته، على أيه حال..
-هل حان وقت الدرس..!؟، سأل مازحا..
هنا فقط انتفضت، وقد استفاقت تماما، من شردوها، واحلام يقظتها البلهاء، لتقول في ثبات تحاول تصنعه، : - أجل، أجل، تفضل..

جلس قبالتها، يمد كفيه متشابكتين على الطاولة فيما بينهما، مقلدا إياها، فجمعت هي، كفيها المتشابكين، على قدميها، أسفل الطاولة
لتتنحنح في احراج، نظراتها تجول في الغرفة، وكأنها تراها للمرة الاولى، محاولة الا تستقر عليه
، رغبة في الهرب من نظراته..
-هيا، ألن نبدأ،!؟، سأل مشاكسا..

فأومأت ايجابا، وأخرجت كفيها، من تحت الطاولة، لترفعهم امام وجهها، وهي تحاول استجماع ثباتها، لتقول: - سأبدأ معك، بالإشارات الوصفية، التي تصف حالة الشخص، العطش والجوع، والفرحة، والحزن، فأرجو الانتباه، لحركات أصابعى، وكفىّ...

كانت تحاول التركيز على حركات كفها فقط دون ان تضطر لرفع نظراتها اليه، وكان هو في المقابل، يركز لثوان، ثم تحيد نظراته، كالمغناطيس لعينيها، التي كانت تتهرب من نظراته، كالمذعورة، فيبعد نظراته قصرا..

وجاء دوره، ليقلد تلك الحركات، فأجاد بعضها، وأخطأ في البعض الاخر، و تخابث، متصنعاً الخطأ في أداء بعض الحركات، لتمد كفيها، في تردد، تصحح من اوضاع أصابعه او اتجاهها، وهو مستمتع تكلل شفتيه ابتسامة شقية، وعيونه، تطل منهما..
كم لا يستهان به، من المشاكسة، والمكر..
أدركتهما هي على الفور، عندما تصادف ان اصطدمت عينيها، بنظراته..
فتوقفت فورا، لتعيد كفيها، تحت الطاولة..

ليهتف متصنعاً الاحباط: - هل انتهى الدرس..!؟.
-نعم، اجابت في اقتضاب، ونظراتها للأسفل..
-لكن، كيف اعبر عن الحب.!؟، انتفضت عندما سمعت كلماته، تصل اليها، لم تذكريه بالمناسبة، سأل متصنعاً البراءة، أليس من المشاعر التي يعبر عنها الشخص، كالحزن والفرح، سأل بلهجة عابثة، تحمل الكثير من المرح..

ذابت في خجلها، وهي ترفع كفها، بأصابع مفرودة، ، مع ضم البنصروالوسطى لباطن الكف، بأشارة الحب، صمت ولم يعقب، وطال صمته، فرفعت عينيها تستطلع ما يحدث..
لتجده، يتناول سترته ورباطة عنقه من مكانهما..
ويتجه لباب القاعة، خارجا..
بدأت في ألتقاط انفاسها..
ليتوقف لحظة، موليا وجهه اليها، فتعاود حبس انفاسها من جديد، وهو يقول في لهجة، عميقة جادة، لم تسمعها، من قبل: - سأعتبر هذا، أعتراف مؤقت...

وخرج، تاركا إياها، على ذهولها، مما قال..
فجلست في صدمة، ولم تنتبه، لكفها، الذي كان لايزل، يحمل اعتراف الحب المزعوم، لتنتفض
ضامة له، تتأكلها الحيرة، وتلعب برأسها آلاف الظنون، أما، قرع فؤادها
على باب صدرها، فكان قصة أخرى...

وصلت لمدخل الدار، وألقت التحية، على حارس الأمن الذي انتفض في احترام لتحيتها، كانت تهيئ عينيها لمطالعة ذاك البساط المهترئ الذي يكون اول ما يواجهها في مدخل الدار، لقد أطلقت عليه منذ حادثة سقوط مازن الوشيكة، والذى كان يشبه فيها
علاء الدين، وهي يترنح على بساطه السحرى، بالبساط الثأرى، أليس هو من ثأر لها، من مكر وخداع، مازن، وتماسكت حتى لا تطلق ضحكة عالية فيظنها الحارس، فقدت عقلها..

أليس هذا طبيعى، في وجود شخص كمازن مختار، في الجوار..!؟، تسألت في مرح..
وفجأة، طالعها على طول الردهة الباردة حتى مكتب السيدة رحمة، بساط طويل، من الصوف الاحمر القانى المطعم ببعض النقوش التي تزيده جمالاً..
اقتربت في تساؤل، هل هو من احضر هذا البساط..
وكانت الإجابة، اكيد، وهل يمكن لأحد غيره، القيام بذلك، فميزانية الدار لا تسمح بهذه الرفاهية..
عادت خطوات للخلف، لترجع لحارس البوابة..

تسأله في فضول: - من أحضر هذا البساط..!؟.
-انه السيد مازن، اجاب في آلية..
-هل كان هنا،!؟، سألت بتعجب..
-لا، هو ارسله، لكنه لم يأتى للدار اليوم، رد الحارس، وعلامات الاستفهام بادية على وجهه..
أومأت برأسها ايجابا، وعادت للبساط، تخط عليه في حذر، وهي مستمتعة بخطواتها المغروسة بنعومة بين طيات نسيجه، ابتسمت، ودخلت القاعة
لتفاجأها، رنات هاتفها، المتتالية، لرسائل متعاقبة
أثارت فضولها، لتفضها بسرعة..

فغرت فاها، واتسعت عيناها في دهشة، وهي تمر بسرعة على سطور الرسالة الاولى: هل أعجبك البساط..!؟.
ثم تفض الثانية. : - الترنح بسبب بساط احمق، لا يليق بكِ، على الرغم من أننى لا أمانع ذلك، بشرط واحد، ان اكون بقربك ساعتها، لا أحد غيرى...
وأضاف للرسالة، وجها تعبيريا، ساخرا..
أعادت قراءة الرسالتين، مرات، ومرات..
وهي لاتزل على نفس حالة الذهول، ماذا يفعل!؟.
من أين له، رقم هاتفها،!؟.

ولما يشترى بساط، من أجلها..!؟.
وما معنى اترنح هذه..!؟، الوقح، انا لا اترنح ابدا..
انا دائما واثقة من خطواتى، لكن، مهلا، ماذا يقصد بالسطر الاخير، وفضت الرسالة من جديد..
الوقح، قالتها ضاغطة على أسنانها في غيظ..
هل يقصد ما حدث، في وجود الدكتور خالد..!؟.
عندما كادت تسقط أرضاً، بسبب ذاك البساط..
اه لو ترى وجهه الان، لجعلت بساطه الفاخر ذاك
كفناً له، حتى ينتقى ألفاظه معها، ولا يتجرأ بنعتى.

بالمترنحة، ويريد ان يكون له السبق في انقاذى..
هو، ولا احد غيره، واااهم، صرخت بغيظ داخلى..
وهي تهمس، أى احد، سيكون الانسب، لا أنت..
مازن مختااار، فلتذهب للجحيم، على متن بساطك اللعين..
كانت أعصابها أشبه الان، بغابات تحترق، فأغلقت الهاتف وألقت به في اعماق حقيبتها، وحاولت ان تتناسى، رسائله المستفزة، وهي تغرس نفسها غرساً، بين الاطفال..
لكن من يُطفئ تلك النيران، التي تزكيها رياح غضبها
العاتى..

الأفضل لك، مازن مختار، ان لا تأتى اليوم، والأفضل، الا تأتى مطلقا، فما ستلاقيه على يديّ..
سيكون كفيلاً، بفقدان ذاكرة جزئى لكل ما يخص الدار
بما، ومن فيها..
كانت تجلس متوترة، تنتفض كلما فتح احدهم باب القاعة، وخاصة، بعد تلك الرسائل الوقحة..

لما لم يحدد أياما معينة، لمجيئه..!؟ بدلا من اضطرابها وتوترها، الذي يزداد، مع كل ساعة تمر في اليوم، حتى تتنفس الصعداء أخيرا، عندما ينتهى يوم عملها، فتعود ادراجها لبيتها، ليحتل خواطرها رغما عنها، ويغزو أحلامها دون استئذان..

منذ ذاك الإعلان المزعوم بالحب، الذي ألصقه بها، وهي لا تعرف كيف ستقابله، كيف يمكنها النظر لوجهه، والتطلع لعينيه، والادهى من ذلك كله، كيف سيمكنها ان تستمر في إعطاءه، دروس الإشارة المتفق عليها، انها تذوب خجلا، كلما تذكرت، كيف يدفعها، هذا المخادع، الذي يستغلها، بطرق ملتوية، لتحقيق ما يرغب فيه..

هي لا تعلم، لما هو بالذات، الذي احتل فكرها، في فترة وجيزة، دوما ما كانت تجنب نفسها، صراعات القلب، وتغلق قلبها، بالف الف باب..
وتحيطه بالأسوار، فالحب ليس لأمثالها، هي وهبت
نفسها، لخدمة هؤلاء الاطفال، هم بحاجة لها..
مثلما هي بحاجة لهم، هنا تشعر انها في عالمها المثالى، حيث لا خداع، لا غش، لا مكر..
لا ادعاء بمشاعر ليست حقيقية، لتحقيق أغراض..

ومصالح، هي تعرف كيف يكون الزيف، فقد ذاقت مراراته، ولا استعداد لديها، لتقابله من جديد..
فعالمها هنا، حيث اطفال بلون الأحلام، لم ترى اعينهم قاذورات العالم، ولم تسمع آذانهم ترهات البشر، هنا، هي بين الملائكة، فلما تعود للأرض
فلأنأى، بنفسى عنه، وعن كل ما يطل برأسه من العالم الخارجى، يجذبنى اليه من جديد، فأنا قد اكتفيت، حقا اكتفيت
كانت عيناها على باب القاعة، تتردد نظراتها عليه من حين لأخر، تترقب حضوره..

لكن، ليس من عادته المجئ يومين متتاليين..
لا اعتقد بامكانية مجيئه اليوم، همست..
وهي تمد كفها بشكل لا أرادى، لتبحث عن هاتفها
في اعماق حقيبتها، حيث ألقته..
واخيرا عثرت عليه، لتمتد كفها، تفتح الرسائل
من جديد، وها هي تعيد قراءتها، كنوع من انواع
تعذيب الذات، او ربما، لتعيد تزكيه تلك النيران
التي بدأت تخمد في أعماقها..
لكنها، وجدت نفسها رغما عنها، تبتسم في بلاهة.

لكلمات رسائله، وتعيد قراءتها حرفاً حرفاً، وتعتصر معانيها، كمن يستخلص العطر، من أوراق الزهر..
فتستنشق عبيرها، ليملاء روحها، ولا تكتفى..
فتعاود القراءة من جديد، وهذه الابتسامة البلهاء
الحالمة، لا تفارق شفتيها، بل انها تزداد اتساعاً..
لا تعلم حقا، ما الذي يجعلها تشعر بتلك السعادة الحمقاء، من مجرد كلمات، في رسالة، والأعجب
ان تلك الكلمات هي نفسها، ما جعلتها تستشيط غضباً
عندما قرأتها للمرة الاولى..!؟.

هذا الرجل، سيصيبنى بأنفصام حاد في الشخصية..
هتفت في وجل، واحسرتاه على عقلك الراجح..
يا رحاب، همهمت تسخر من نفسها..
وهي تعيد قراءة رسالته الاخيرة، على وجه الخصوص، للمرة الألف، ربما..
ولم تشعر بذاك الذي كان يتطلع لجوالها، من خلف ظهرها، ويشير للأطفال، طالباً منهم التزام الصمت، وخاصة، عندما بدأت همهمات ضحكاتهم لمراءه وهو يعبر داخل القاعة متسللاً..
تزداد ارتفاعاً..

قرأ كلمات الرسالة بالقرب من رأسها، لتنتفض هي من مقعدها كمن لدغته عقربة، بشكل أثار ضحكات الاطفال..
-هذا لا يجوز سيد مازن..!؟، هتفت وهي تلتقط انفاسها بصعوبة، من جراء صدمتها لوجوده المباغت..
-في وجودك، يسقط من قاموسى كل ما هو جائز او معقول حتى..!؟، همس بصدق..
أه، فلتكف الان، هتفت بداخلها في توسل، وهي توبّخ نفسها، أين ذهبت تلك الرغبة، في دفنه حياً.!؟، الان انت، تترنحين حقا، من وقع كلماته.

وبقدرة خارقة، تصنعت الغضب، ووأدت الابتسامة
التي كادت تطل على محياها، لتستبدلها، بانعقاد شبه غاضب، وغير مقنع لحاجبيها، وما ان انتهت أخيرا من استجماع شجاعتها، لتقذف بوجهه، بعض من اعتراضاتها، حتى تركها وحيدة..
وانضم للأطفال، في ذاك الركن الخاص بهم..
وبدأ في ممارسة طقوس استرخاءه، التي تقتطف ثمار ثباتها، وفي رواية حكاياته، التي تذهب بالبقية
الباقية من تركيزها..

لتجلس أمامه أخيرا، في ذاك الدرس القاهر لتحملها
وهي مسلوبة، الثبات والتركيز، فتكون لقمة سائغة
لمكره وخداعه، والذى يجيدهما، أجادته للتنفس.

11-01-2022 12:42 صباحا
مشاهدة مشاركة منفردة [5]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية صوتها الوردي
نوفيلا صوتها الوردي للكاتبة رضوى جاويش الفصل السادس

كان يقف شاردا، متطلعا من نافذة مكتبه، عاقدا حاجبيه وهو غارق بأفكاره، لقد تحسنت أعماله
كثيرا، في زمن قياسى، هو نفسه، لم يكن يتوقعه
، لكنه يعلم، بحس فطرى، ان هذا التحسن المطرد
ما هو الا دلالة ربانية، لتعديل مسار حياته للأفضل
كانت مقابلته لها، هي ذاك المفتاح السحرى، الذي فتح ببركته، كل الأبواب المغلقة، والتى ظن يوما ما
انها لن تُفتح، ولو بعد حين، جاءته طائعة..

مفتوحة على مصرعيها، داعية إياه، ليخطو لعالم
اكثر روحانية وقداسة، عالم يغلّفه التفهم، وتكسوه
المحبة، ويظلله الحنان، عالمها الشفاف..
كروحها المرهفة، وطلتها المحببة..
انه يشتاقها، لا يعلم..
متى وأين، وكيف حدث ذلك..!؟
كل ما يدركه الان، هو انه حدث..
مرت عدة أيام، ظل غارقاً في عمله، وفيها..
فكره دوماً ما يحمله، ليغرق في تذكر كل تفصيلة
مهما كانت صغيرة، للحظاته بقربها..
انه يتورط بكل رضا، وقبول، ورغبة، ولهفة..

، وما أروعه من تورط!.
دقات على باب مكتبه، أخرجته عنوة من شروده..
ليلتفت في هدوء، لنسرين، التي دلفت للداخل، وأغلقت الباب خلفها، وهو تقول في لهجة رسمية اعتادتها: - سيدى، الانسة سهى بالخارج، تطلب مقابلتك..
ما الذي أتى بها..!؟، تساءل هامساً في ضيق..
وهو يعلم سر مجيئها، فهو قد امتنع عن الرد
على مكالماتها، او رسائلها الملحة، التي تحاصره بها..
كاد ان يأمر نسرين بصرفها، لكنه فجأة، هتف في.

صرامة: - حسنا، أدخليها..
فتحت نسرين الباب، وتنحت جانباً، لتسمح بتلك الفاتنة بالمرور من الباب في غنج لتغلقه خلفها في هدوء، لتهتف سهى في شوق..
ما ان رأته، : - مازن، حمد لله انك بخير، قلقت عليك كثيرا، يا قلبى..
ابتسم ببرود وهو يبعد كفها التي حطت على كتفه، في دلال..
-مرحبا سهى، كيف حالك..!؟، سأل بآلية
-لو انك تسأل، او افتقدت سهى، ورفقتها، لكنت عرفت كيف هو حالى..!؟، أجابت معاتبة بلهجة تقطر دلالاً...

-لقد انشغلت كثيرا الفترة الماضية، و..
قاطعته مسترسلة في غنجها: - منذ متى يشغلك العمل
عنى، وعن صحبتى، او حتى الرد على رسائلى ومكالماتى..!؟.
نفذ صبره، وشعر بضيق عجيب، يكتنف نفسه..
ويغمره وهو بقربها. ، بشكل لا أرادى، اكتشف انه
يقارن بينها، وبين رحاب..
لا يعلم ما الذي دفعه لعقد تلك المقارنة، لكنه، بلا وعى، وجدها وقد قفزت الى ذهنه..
-حسنا، سهى، سأكون صريحاً معك لأبعد الحدود..

انا لا أنكر اننا أمضينا وقتا رائعا معا، لكن..
-لا تكمل، هتفت تقاطعه في غضب صارخة، من هي!؟، أخبرنى، من هي..!؟.
-من تقصدين، .!، ، تعجب لسؤالها..
-تلك التي استبدلتنى بها، صرخت من جديد..
-ليس هناك من أخرى، كل ما هناك، أننى تغيرت
و...
-تغيرت من أجلها، أليس كذلك..!، سألت تقاطعه صارخة من جديد، وهي تؤكد، على وجود أخرى في حياته..

كيف يقنعها، انه حقا تغير، ولم تعد تستهويه حياة اللهو، التي كان يعيشها لنفسه، بكل انانية، وشهوة في المزيد، من تلك المتع التي كان لا يكتفى منها، الان، كل هذا، اصبح بلا قيمة تذكر، تتضاءل كل تلك المتع الزائلة، امام متعة واحدة..
هي، شعوره بالقرب من الله، عندما يكون بالقرب منها، هي وأطفالها، داخل تلك الدار الباردة الجدران، الدافئة المشاعر، وَيَا لها من متعة..!؟

-حسنا مازن، همست في نبرة تحمل الكثير من مشاعر الغضب والرغبة في الانتقام، أهنأ بها..
لكن أنا، لن أترك حقى، وسترى..
واندفعت كعاصفة، تصفق خلفها الأبواب، في ثورة
، وعلى العكس منه تماما، فقد كان هادئ الملامح، هانئ السريرة، مرتاح البال، وكأنه اسقط عن كاهله..
ما كان يثقله، منذ زمن بعيد..
والآن، هو بحاجة لبعض من الدفء، بعض من
ال، رحاب..

انتفضت عندما فُتح الباب، وحاولت الا توجه أنظارها
، تجاهه، ولكن، هل كانت بحاجة لذلك لتعرف انه هو..!؟
فوجيب قلبها الذي يتضاعف عند وجوده، انبأها بانه
هو، وقد صدق حدسها، عندما هتف في مرح، : - مرحبا
يا أطفال، حان وقت الحكايات..
قفز الاطفال المكفوفين في اماكنهم، بفرحة غامرة
عندما سمعوا صوته..
نظر اليها، هي تعرف، من انتفاضة جسدها الان، والتى تخبرها. ، ان نظراته مسلطة عليها، تنتظر ان تنتبه.

لوجوده، لكنها ارادت تجاهله، لكن كيف لها ذلك..!؟، ولو تجاهلته، هل سيتجاهلها بدوره!؟.
وهل هي، ستكون قادرة على تجاهل ذاك الهاتف الذي يدفعها دفعا، لترفع رأسها، لتقابل نظراته..
جاءتها اجابة أسئلتها كلها، دفعة واحدة..
عندما هتف في مرح: - مرحبا، أنسة رحاب..
اشارت برأسها، وهي تهتف: - مرحبا، ولم تستطع الا ان تواجه نظراته، التي كانت تمطرها بالكثير من المودة، الممتزجة بمرح، وفرحة..

اذن، فهو لن يتركها لحالها، ولن يرد تجاهلها..
بتجاهل، فلتمر الساعات القادمة على خير، هتفت بداخلها في تمنى..
جلس بنفس الاريحية التي اعتادها، ملقياً سترته ورباط عنقه، بالقرب منها، لدرجة ان رائحة عطره المنبعثة من السترة، وصلت لأنفها، مصيبة إياها
بالدوار، والخدر اللذيذ..
وتمدد، مشاكسا الاولاد، واخيرا، بدأ في سرد حكاياته، التي لها تأثير السحر على الأسماع..

كانت مشدوهة، وهو يصف تلك الأميرة، بطلت حكايته، وملامحها، و..
، لحظة واحدة، هل يصفنى.!؟
سألت نفسها، لتكون الإجابة بذهول، نعم..
انه يفعل..
-أما شعرتلك الأميرة، فللأسف لا أعرف لونه للأن
قال ذلك، وهو يلقى الي حجابها بنظرة ذات مغزى، حاولت الا تعيرها اهتماما، مدعية انها لا تسترق السمع للقصة، كما حدث في المرة السابقة..

- على ايه حال، يمكنك تجاهل ذكر الألوان، فلا فارق بينها، بالنسبة إلينا، قالها طفل ضرير في حسرة، تلك الملاحظة جعلته يجفل، ولا يعرف كيفية الرد، الى ان اخرجه طفل اخر من صمته، وهو يسأل في براءة: - كيف هي الألوان
، سيد مازن..!؟، هلا وصفتها، ربما، يمكننا الإحساس بها، عند ذكرها..
-الألوان، انها، حسنا، شعر بورطة كبيرة، نظر اليها، يستجدى العون، لكنها ظلت على تجاهلها..

تتصنع عدم معرفة ما يدور، في هذا الجانب من القاعة، على الرغم من انها، تسمع كل حرف يدور هناك، فلتخرج من هذه الورطة بنفسك، أيها المتحذلق..
-حسنا، فلنبدأ بالأبيض، انه المعاكس تماما، لما ترونه من لون اسود، انه لون النقاء، والطيبة..
اتدرون..!؟، ، همهم جميعهم، كيف تعاملكم الانسة رحاب..!؟، ونظر اليها الان، وقد نجح في لفت انتباهها، كليا، الي ركنه الحماسى..

هتف الاطفال، : - تعاملنا بطيبة، هتف احدهم، بحنان، ، هنا هتف مازن: - انا احسدكم...
حقا، فانفجر الاطفال ضاحكين، وتورد وجهها خجلا، فهتف هو مجددا، هذا هو اللون الأبيض، لون الطيبة والحنان..
-والأحمر..!؟، هتف احد الاطفال..
-انه لون الدم، لون الغضب والعنف، عندما تستمعون لشجار ما عنيف، فيه الكثير من الغضب
فذاك هو اللون الاحمر..

لكننى احبه على ايه حال، همس في نفسه وهو يتطلع اليها، فهو لون تلك الشفاه الجورية، والتى توقد النار بمداخل شرايينى..
-والبرتقالى..!؟، هتف طفل اخر، أخرجه من شروده
-انه لون الدفء، لون النار، والشمس، ضع يدك تحت إشاعة الشمس، ذاك الدفء الواصل إليك، هو لونها البرتقالي..
نعم، انه لون الدفء، والحرارة، في نظراتها التي
اول ما سقطت على جدران قلبى، أذابت ما خلفته
شهواتى، من ذنوب، لتعيده طاهراً، نقياً، كيوم خُلق..

-واللون الأخضر..!؟، وذاك هتاف اخر، يجذبه بقوة من خواطره المنصبة على تلك الرائعة هناك..
-انه لون الخير، لون الأشجار، والأعشاب، انه لون الأحضان، انتفضت هي، ماذا يقول ذلك المعتوه..!؟، هل فقد عقله..
فاستطرد في جذل، وهو يلقى عليها بوابل من نظراته المدمرة، هل احتضنتكم الانسة رحاب من قبل.!؟، هتف الاطفال، أجل، اجل
فقال منتشيا، اللون الأخضر، هو الحنان في احضان الانسة رحاب..

هم بان يحسدهم على هذه النعمة، لكنه شعر ان فعل
فسيطرد شر طردة من هذه القاعة، فآثر الصمت..
وخاصة، عندما شعر بتململها في مجلسها، ونظرات الغضب التي تقذفه بها، كحمم بركان ثائر.
-واللون الوردي،!؟، ماذا عن الوردي..!؟ سأل احد الاطفال..
-اللون الوردي، هو لون الحب، كيف تحدثكم الانسة رحاب..!؟، بحب، بمودة، باهتمام، أليس كذلك!؟، هتف الاطفال، أكيد، نعم..
-هذا هو اللون الوردي..
، انه صوت الانسة رحاب..

تبا له، هذا يكفى، الا يجد مثالا غيرى، يطلق عليه
ترهاته، ويكون هدفاً، لسخريته، التي أتلفت اعصابى، لقد اصبحت بالالوان، صرخت داخلها ساخرة..
، قلب ابيض، وإحضان خضراء، وصوت وردى
ما هذا العبث..!؟.
لكنه عبث جميل، أليس كذلك،!؟، هاتف ما، اعترف بذلك داخلها، جعلها تبتسم في بلاهة، بعد ان كانت في قمة الغضب..
هذا الرجل، سيقودنى حتما للجنون..
بلهاااء، انتفضت من جديد، وهي تعى تماما، ان هذا زئير عقلها، مؤنبا...

، عبثت، حتى تسترضيه...
، وحاولت التركيز مع اطفالها، وفشلت في وجوده كالعادة..
وقد جذبتها، حكاياته عن الجنيات، وأميرات الأساطير، له اُسلوب بارع في جذب الأنظار والآذان
معا، لمتابعته، اُسلوب مخادع، بااارع...
وها قد انتهت القصة، وحان دورها هي..
ذاك الدرس المذعوم، المُهلك للأعصاب..
جلس قبالتها كعادته، وقال بلهجته المرحة التي لا تفارقه، : - سأراجع ما درسناه سابقا، عن المشاعر.

وبدأ في تحريك كفيه وأصابعه، وقد اجادهم حقا..
واخيرا، رفع كفه، ضاما بنصره ووسطاه، لباطن كفه، وهو يقول: -واخيرا، أحبك..
أين ذهب ثباتها، ورباطة جأشها..!؟.
انها مجرد إشارة، مجرد إشارة، أكدت لنفسها، لا تعنى اكثر من كونها كذلك، لما كل هذه الحساسية حولها، فلتستعيدى ثباتك، ولا تدعيه، يفقدك تركيزك، وقدرتك، في التعامل مع كافة المواقف..
حتى ولو كانت مع مخادع، مثله..
استرجعت بالفعل، ثباتها وهي تهتف متجاهلة إشارة.

يده التي كانت، ماتزل مرفوعة، بابتسامة تطل من عينيه، قبل ان ترتسم على تلك الشفاه الوقحة..
لكنها احتاجت، لجهد جبار، حتى تستطيع تجاهل
مهرجان السعادة، المطل من تلك العينين، ولا تشارك فيه، ولا حتى بابتسامة شاحبة..
-حسنا، أجدت، اليوم، يمكن ان اعطيك إشارات
لبعض الحروف الأبجدية..
أومأ بالإيجاب، ولم ينطق بكلمة، فبدأت بتحريك أصابعها، بالحروف الأبجدية، بالترتيب..

وهو يقلدها، حتى انتهوا اخيرا، وبعد جهد جهيد، أفقدها ما تبقى من راحة بالها..
، سأل فجأة، وهو ينهض متوجها لسترته يرتديها: -كيف هو حرف الراء..!؟.
، صمتت قليلا، تتساءل، ما هو الشرك، الذي ينصبه هذه المرة..!؟، لن تقع به في سهولة، فتجاهلت سؤاله...
لكنه نظر، مكررا سؤاله، من جديد متجاهلا عدم ردها، : - كيف هو حرف الراء بلغة الإشارة،!؟.
فصنعته بكفها، فابتسم في سعادة، ورحل في هدوء.

فتنفست الصعداء، فها قد رحل، دون خداع، كالمعتاد، مخلفا وراءه، ابتسامة مضيئة، وعطر أخاذ، ينتشر في كل ما حولها، يذكرها بانه كان هنا
، وكأنه يأبى المغادرة، فترك، مندوب عنه..
تضج بوجوده، وترغب في رحيله، مع صاحبه
غير مأسوف عليه..

11-01-2022 12:43 صباحا
مشاهدة مشاركة منفردة [6]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية صوتها الوردي
نوفيلا صوتها الوردي للكاتبة رضوى جاويش الفصل السابع

فُتح باب القاعة، فأنتفضت في ارتباك، كانت تظنه هو، مرت ثلاثة ايام، لم يطل فيها، لم يفتح باب القاعة مهللا كعادته، لم تستمع لحكاياته الآسرة..
لم يرسل لها نظراته المهلكة، لم يثير حنقها بتلميحاته الجريئة، لم..
هتفت السيدة رحمة، مخرجة إياها من شرودها المعتاد منذ اختفى: - مرحبا رحاب، كيف الحال!
، لليوم الرابع على التوالى، لن يحضر السيد مازن
همهم الاطفال، بإحباط..

لقد اتصل، يخبرنى، بانه مشغول جدا، وفي سبيله للسفر، لعقد احدى صفقاته، كان هذا من يومين تقريبا، لكنى نسيت اخباركِ، اعذرينى..
شردت من جديد، يومان..!، يومان مرا، تتقلب على جمر القلق والتوتر، رهبة مما يعتريها، لمرآه فجأة، كما اعتاد الظهور، يومان، كانت تقضى كل ساعة فيهما..
تنتظر ظهوره على باب قاعتها في اى لحظة، ،.

يومان، وهي تدعم ثباتها، وتشيد ثقة، كانت تعلم، تمام العلم انها ستنهار منذ لحظة لقاءها بعينيه، يومان، ولا تعرف ماذا دهاها، انهما مجرد يومان،!؟.
خرجت من شرودها عنوة، وهي ترد على السيدة
رحمة: - لا بأس، فعمله له الاولوية الاولى..
-نعم، انتِ على حق، وفقه الله، ان احتجت لمساعدة، مع الاولاد، انا يمكننى مد يد العون..
-أشكرك، يمكننى تدبر امرى، ولو احتجت مساعدة، فأكيد، سأطلبها...

ابتسمت السيدة رحمة، ابتسامتها الطيبة المعتادة
وخرجت، تاركة رحاب، فريسة لمزيد من الخواطر والأفكار التي لا تدور، الا حول شخص واحد فقط، مازن مختار..
وما هي الا دقائق، حتى عادت السيدة رحمة من جديد، تقهقه وهي تدخل القاعة منادية رحاب: -
لابد وان خلل ما قد أصاب عقلى، انا في الاساس قدمت إليكِ، لتساعدينى، ونسيت اخبارك بذلك..
ابتسمت رحاب: - لا عليكِ، فيما يمكن ان اساعد.!

-حارس البوابة غير متواجد، أرسلت به لقضاء بعض شؤون الدار، والآن انا بحاجة لمن يتناول
بعض الدفاتر اللازمة، من حجرة المخزن، فهل بإمكانك مساعدتى..!؟.
أومأت رحاب في ثقة: - بكل تأكيد..
توجها معا، لتلك الغرفة، القابعة قبل مكتب السيدة رحمة، والمغلقة دوما، لا يدخلها احدهم..

ولا يملك احد مفتاح لها بخلاف رئيسة الدار بالطبع كانت غرفة صغيرة مظلمة، الا من شعاع ضوء يتسلل من نافذة زجاجية مغلقة. ، فتحت رحمة، القفل على الباب، ودخلت في بطء، تتبعها رحاب..
سحبت رحمة السلم الخشبي من على احد الجدران لتوجهه باتجاه تلك الخزينة الخشبية المرتفعة، القابع فوقها العديد من الصناديق المغلقة، ثم اشارت: - انه ذلك الصندوق، هناك، يا رحاب، هل بإمكانك إحضاره،!؟.

-اه، بالتأكيد، صعدت رحاب السلم ببطء، حتى وصلت اخيرا، لمستوى يؤهلها من الوصول للصندوق المطلوب بسهولة، وهنا..
هتفت رحمة: - هاتفى يرن بإصرار اسمعه بوضوح
من هنا، فلقد تركته بالمكتب، قد يكون حارس البوابة، لابد من انه امر طارئ، سأذهب للرد
واعود سريعا رحاب، لحظات من فضلكِ..
خرجت رحمة مسرعة، ورحاب على حالها معلقة بالأعلى، حاولت سحب الصندوق المطلوب، لكن لابد انه عالق بشئ ما، جذبته بشكل اكثر قوة..

حتى تستطيع تخليصه ريثما تعود السيدة رحمة..
لكن لا فائدة، تنفست بعمق، لتجذبه الان باكبر قوة تملكها، لكن الصندوق للاسف لم يتحرك، بل هي من تحركت، لا، ليست هي، بل، انه السلم الخشبي، التي تحرك جيئة وذهاباً، ليتأرجح بها، مائلا بها باتجاه الحائط المقابل، فصرخت
في رعب، وفجأة، تأتى النجدة..
لتجد نفسها والسلم في حالة ثبات عجيبة، وهي لاتزل في منتصف الغرفة، يقف السلم في الهواء.

غير مدعم، بأى حائط، ما الذي يحدث...!؟
تساءلت وهي تلتقط انفاسها، وبكل بطء، تلقى بنظراتها للأسفل، لتواجه عيون، حرمتها من طلتها لأربعة ايام كاملة..
فتلك النجدة، لم تكن الا مازن مختار..
انه هو، هنا بشحمه ولحمه وعيونه، وعطره
يسند السلم الخشبي، بصلابة، وهي قابعة بأعلاه
كفأرة صغيرة، مذعورة، متشبثة بأطرافه، في
تشنج..
-تمسكى جيدا، حتى أعيد السلم ليستند على الحائط.

امرها، بثقة، وأطاعت هي بلا تردد، حتى ارتاحت أطراف السلم على الحائط، وتأكد من أمانها
-يمكنكِ النزول الان..!؟، هتف بنبرة عابثة..
-حسنا، سأفعل عندما تبتعد، هتفت من اعلى بحنق..
-اذا كنت متأكدة من ثبات السلم، حسنا، لكِ ذلك، قالها بلهجة ماكرة، يثير الرعب في نفسها من جديد، فقد يعاود السلم، تأرجحه مرة أخرى..
-حسنا، أنا، أنا، همست مترددة، أنا سأهبط..
وبدأت بالفعل بالنزول، بحرص على درجات السلم.

الخشبي، التي كانت تأن، فتثير في نفسها الرعب
من السقوط، و، لحظتها، لن يكون سقوطا عاديا، بل سقوط مدوى، بين احضان ذاك المتغطرس، الماكر..
لقد سمعت ذات مرة، مقولة تقول: من يخاف من العفريت، يظهر له..
الان، هي ترى تلك المقولة، تتحقق حرفيا، فما كانت تخشاه، قد تحقق بكل تفصيلة..
فقد خان الثبات أحدى قدميها، لتصرخ وهي تسقط، لتتلقفها أحضان، مازن مرحبة، ونظرات عينيه
تكسوها المشاكسة، ونبرات صوته المتحشرجة الان.

غريبة، لم تسمعها من قبل، تخالف نبرته المعتادة
التي يغلب عليها المرح، همس بالقرب من مسامعها، : -كم أعشق اللون الأخضر..!
-اللون الأخضر..!؟، همست ببلاهة وهي ترفع رأسها لعينيه متسائلة..
أومأ برأسه، وهمساته تزداد نبراتها عمقا: - نعم، لون الأحضان، وابتسم في خبث، احضان الانسة رحاب..

استفاقت تماما، كمن سكب على رأسها، دلولا من الماء المثلج، لتهتف في ثورة: - انزلنى أرجوك، حااالا، واشتعل الغضب بعينيها، فاستجاب هو
في بطء قاتل، جعل بركان الغضب ذاك، يبدأ في قذف حممه..
فابتعد في تثاقل، وهو يسلط نظراته على نظراتها النارية، قائلا بمرح عابث: - لا مزيد من النظرات القاتلة، رجاءً، فهل هكذا ترحبون بالغائب..!؟.
-مرحبا، سيد مازن، حمد لله على سلامتك، هتفت السيدة رحمة، وهي تدخل لغرفة المخزن..

وقد عبأت شرارات ما، جو الغرفة، وانتشرت بها
كألعاب نارية، ليلة عيد..
نظرت لهما باستفسار، فأنقذ مازن الموقف: - سلمك الله، سيدة رحمة هل من خدمة يمكننى تقديمها هنا..!؟.
-اه، رجاءً سيد مازن، اجلب ذاك الصندوق هناك، من أجلى..
-بالطبع، مد يده، وجذبه بقوة، وقد كان..
فانزله في هدوء على احد المقاعد، وهو ينفض يده من بعض الغبار العالق بها..

ويمد كفه، ليمسك بعبوة رقيقة، لم تنتبه لها رحاب في خضم الأحداث، ليقدمها في ادب للسيدة
رحمة قائلا: - هدية بسيطة، لأجلك، أرجو ان تنال إعجابك..
هتفت رحمة في سعادة: - لاجلى..!، بارك الله فيك
هذا ذوق بالغ منك، لكن، ما كان هناك من داعٍ، لتكلف نفسك..
- أرجو ان تنال إعجابك.، وابتسم في ود، عن اذنكما، الاولاد بانتظارى..

دخلت القاعة من بعده، لتجد الاطفال، في حالة انشداه تام، بحكاياته التي افتقدوها حقا، في الايام الماضية، فجلست في هدوء، تستمع في وجل..
للحكاية، ليس لها اى رغبة، في القيام باى عمل اخر، سوى الاستماع لصوته الذي افتقدته، بحق
، وتشرد قليلا، لتتذكر انها، منذ قليل، كانت بين ذراعيه، معلقة وخائفة، وتخشى ان يفلتها..

هناك، شعرت بتناقض غريب، ما بين الرغبة في التمسك به، والرغبة في الفرار منه، فاجأها كعادته، بالظهور، دون ان تأخذ الاستعداد الكامل
وتتسلح لظهوره، وما يخلفه من توابع، ان حضوره زلزال يهدد ثباتها واستقرار روحها، ويقتلع جذور الراحة
والسكينة من أعماقها، حضوره الطاغى، لا حل له الا الهرب، فهى لن تكون قادرة على البقاء معه
، من اجل درسه المعتاد، لا، ليس اليوم..
نهضت في سرعة، تتناول حقيبتها، ليسقط منها.

عبوة صغيرة، ملفوفة بشريط وردى جميل، لم تستطع مقاومة الفضول، في جذب الشريط وفتح العبوة، لتطالعها بجعة كرستالية جميلة، منقارها
باللون الوردي، وجناحيها خضراوان، كانت رائعة بحق، ظلت تحملق بها لثوان، ولم تكن تع
ان هناك زوج من العيون المستطلعة، تصب نظراتها عليها، باستمتاع..
لن يمكنها قبول اى هدايا منه، لا تريد ما يذكرها به، ابتسمت في سخرية، وكأنها تحتاج، لشئ ما.

يذكرها، فهو قابع في مخيلتها، بدوام كامل، اربع وعشرين ساعة في اليوم، لا يفارقها حتى بأحلامها، يا الله، انه يجتاحنى كالإعصار، ، يحتل نفسى، وَيَا له من احتلال، وما أروعه من احتلال، ، همست لنفسها
أما من سبيل للهرب،!؟، كان ذاك صوت عقلها
-أنسة رحاب، هل لى برجاء من فضلك..!؟
رفعت رأسها، وهي ماتزل ممسكة بالهدية، التي اغلقت غلافها، ووضعتها جانبا، وهي تستجمع هدوءها: - تفضل..

-هل لى بساعة من وقتك، أريد التحدث معكِ في أمر هام..!؟.
أزدرت ريقها: - للاسف، انا لدى موعد مع صديقاتى لا يمكن تأجيله، كما انى لا اقبل الخروج
معك لاى مكان، واعتقد أن هذا منطقى..
ثم تذكرت الهدية، فالتقطتها مستطردة، اه وبالمناسبة، انا ايضا لا اقبل الهدايا، من اى من كان، شكرًا، ووضعت العبوة على الطاولة المجاورة، كان يقف مشدوهاً، وهو يراها تخرج من القاعة، تاركة إياه، وقد انقلبت نظرات عينيه.

لنظرات متحدية، تمور بالشغف..
وزوج أخر من العيون، كانت تتابعها، بمزيد من
الحقد والرغبة الدفينة في الانتقام.
رغبة يمكنها ان تشعل النيران في الأخضر واليابس
وتطيح بالتعقل، بلا رجعة..



المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
رواية صغيرتي الحمقاء زهرة الصبار
39 7007 زهرة الصبار
رواية انتقام ثم عشق زهرة الصبار
38 4069 زهرة الصبار
رواية حبيب الروح زهرة الصبار
39 3103 زهرة الصبار
رواية لا ترحلي زهرة الصبار
36 2977 عبد القادر خليل
رواية أحببت فاطمة زهرة الصبار
74 3424 زهرة الصبار

الكلمات الدلالية
رواية ، صوتها ، الوردي ،


 





# فنون # مشاهير # صحة # منوعات # الأطفال # English # تفسير الأحلام ثقافة # قصص # سيارات Cars # صور # تقنيات # الاجهزة الالكترونية # المطبخ # كلام فى الحب # أبراج # رياضة # ازياء # حكم وأقوال تطوير الذات# خلفيات # صور بنات # مشاهير # ديكور # صباح الخير # مكتوب برقيات شهر رمضان # جمعة مباركة # حب رومانسية # عيد # ادعية # خلفيات كرتون # منوعات # موضة # الأم # أطفال # حيوانات # صور ورد # اكلات # New Year # مساء الخير # اللهم صلي علي النبي # القران الكريم # صور نكت # عيد ميلاد # اعلام # سيارات # تهنئة الخطوبة # حروف واسماء # الغاز # صور حزينة # فساتين # هدايا # خلفيات النادي الاهلي # تسريحات شعر # الاصدقاء # بوستات نجحت # خلفيات نادي الزمالك # حب رومانسية # تهنئه # ازياء # صور بنات # صوره وكلمه خلفيات # كرتون # بروفايل رمزيات # دينية # سيارات # مضحكة # أعلام # مسابقات # حيوانات # ديكور # أطفال # أكلات # حزينة صور شباب أولاد ر# صور # الطب و الصحة # مقالات عامه # CV المشاهير # وصفات الطبخ # العناية بالبشرة غرائب وعجائب # قصص روايات مواعظ # صور حيوانات # وصفات الحلويات # الرجيم والرشاقة # نكت مضحكة # صور خلفيات # العناية بالشعر # شروحات و تقنيات # videos # Apps & Games Free # موضة أناقة أزياء # سيارات # ديكور # رعاية الأطفال # نصائح المطبخ # موبايل جوال # الفوركس # التعليم والمدارس # الحمل و الولادة # اخبار الرياضه # وظائف # صحة المرأة # حوادث # صور بنات # صور اطفال # مكياج و تجميل # عناوين بنوك شركات محلات مطاعم # العاب الغاز # عيد # كلمات الاغانى # اشغال فنيه واعمال يدويه # مصر # أشعار خواطر # للنساء فقط # للرجال فقط # صور شباب # علاج النحافه # رسائل SMS # أكلات نباتية - Vegetarian food # برامج الكمبيوتر # المراهقة # جمعة مباركة # blogger # رعب # لعنة العشق # حب # اسلامية # قاسي ولكن أحبني # أحفاد أشرار الحرب لأجلك سلام # أسمى معاني الغرام # حقيقية # لقد كنت لعبة في يده # ملهمة # أباطرة العشق # عربية # حب خاطئ # لست مميزاً # من الجاني # مشاهير # راقصة الحانة # اغتصاب طفلة # عاشقان يجمعهم القدر # الطريق الصعب # خيال علمي # أشواك الحب # تاريخ # سجينة ثوب الرجال # لروحك عطر لا ينسى # أطفال # عشق وانتقام # لازلت أتنفسك # لقاؤنا صدفة # للحب معان أخرى # خاتم سليمان # ممن أنتقم # نجاح # أبواب وهمية # حلمى فى صفيحة قمامة # فيلم # مجنون بحبك # بين شباكها # حزينه # رحلات جوليفر # عذاب قسوته # عندما ينادي الشيطان # لعنة حبك # مريم وامير # هدوء في قلب العاصفة # الحاسة السادسة # المشعوذة الصغيرة # عباقرة # لوعة العشق # حروب # قدر بالإجبار # بنات مضحكه# فوركس Forex# صحتك # الصور والخلفيات # الطبخ والحلويات # منوعات # اخبار الفن # القصص و الروايات الألعاب الرياضية # الحياة الزوجية # أزياء وملابس # الأم و الطفل # دراسات لغات # افكار منزلية # انترنت تكنولوجيا # صفات الابراج # حيوانات ونباتات # تفسير الاحلام # معانى الاسماء # خواطر و اشعار # الكون والفضاء اجمل نكته# Mix # Forex # youtube # foods # Kids # Health education # stories # News # kitchen # woman # Famous # Sport # Animals

-------

الساعة الآن 07:36 صباحا