أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في منتدى جنتنا، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .

المنتدى للقرائه فقط -- للمشاركه انتقل الى منتديات جنتنا الجديده -forums.janatna.com





رواية صوتها الوردي

مازن ذاك الذي تعود على الأخذ دوما و لا يعطى ..رحاب تلك التي تعودت دوما على العطاء و لم تجني إلا الآلام و الخيبات المتتال ..



11-01-2022 12:40 صباحا
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 

t22015_7608

مازن ذاك الذي تعود على الأخذ دوما و لا يعطى ..
رحاب تلك التي تعودت دوما على العطاء و لم تجني إلا الآلام و الخيبات المتتالية، متضادان، كالماء و الزيت، فهل يمكن ان يجتمعا يوما ما، هذا ما سنكتشفه في خلال رحلتنا مع نوفيلا صوتها الوردى.
فصول نوفيلا صوتها الوردي
نوفيلا صوتها الوردي للكاتبة رضوى جاويش الفصل الأول

اندفعت مسرعة لعلها تصل في الوقت المناسب، بعد ان تلقت ذاك الاتصال الهاتفى، كانت لاتزل تنظر في جوالها، وهى تسرع من خطاها، لتخرج من المركز التجارى، الذي قررت ان تقابل فيه بعض الصديقات، لكنها تركت كل هذا خلفها، حينما أتتها تلك المخابرة
وهى في طريقها الان، ل..
-أه، أسفة، صرخت في اعتذار حقيقى، وهى تستدير لتواجه من كان من نصيبه ذاك الاصطدام الشديد، الذي اسقط هاتفها أرضا..

وإذ بها تفاجأ، به. يقف تائها، لا حول له ولا قوة، بنظارته الشمسية، ويده الممدودة
تستجدى العون..
صرخت من جديد، : - حقا، انا آسفة..
تعال معى من فضلك، مدت يدها، لهذا الضرير الذي وضعت احد اكفها تحت مرفقه، والكف الاخر، تتمسك بكفه، حتى أجلسته..
على احد المقاعد القريبة..
كررت أسفها من جديد، : - آسفة جدا، انه خطأى، ما كان على الإسراع هكذا، خاصة وانا اتحدث في الهاتف، أرجوك، سامحنى..

لم يرد هو بكلمة، كل ما قام به، هو الضغط على كفها التي. لازالت في كفه...
سحبت كفها في احراج، وهى تسأله، هل انت مع احد ما هنا..!؟.





هز رأسه موافقا، وما هى الا ثوان، حتى ظهر صديقه الذي يرافقه، يهتف مناديا: -
مازن، أين ذهبت بالله عليك،!؟.

-أين ذهب،!؟، كان هذا سؤالها، وهى تصرخ في الصديق مؤنبة، كان لابد ان تعتنى به، بشكل اكبر، لا ان تتركه يتجول معرضا نفسه لبعض المخاطر، في مكان كهذا لا يألفه، أعتنى به جيدا، رجاءً..
قذفت بكلماتها، واندفعت تلتقط هاتفها، الذي كان، لايزل في موضع سقوطه، واندفعت..
الى احد الممرات مسرعة..

نظر أكرم، لصديقه مازن، الذي كان جالسا في موضعه لم يحرك ساكنا، وعلى شفتيه ابتسامة واسعة، تكاد تغطى وجهه بالكامل، قال في ذهول وهو ينظر الى حيث
اندفعت الفتاة: - ما هذه، ال..
فقاطعه مازن، مستكملا: - الراااائعة..
-رائعة.!؟، ما الذي كانت تقوله، ولماذا توصينى بك!؟، انها..
-راائعة، بل خلابة، أكد مازن في ثقة..
وهو يخلع نظارته الشمسية التي كان يجربها
رغبة في شراءها، وقذفها باتجاه أكرم..

و هويندفع الى حيث غابت الرائعة، منذ لحظات...
كان يقلب وجهه في كل الوجوه، لعله يقابل عينيها من جديد، او يلمح طيفها الذي كان
، كسراب واحة غناء، في يوم قيظ..
كانت تتسلل الى مسامعه في تلك اللحظة..
كلمات مغناه، اكثر من رائعة، تحمل عبق
حالم، استولت الكلمات تماما على مسامعه، وهى
تنتشر في ارجاء المركز التجارى، الذي يجوبه
بحثا عنها...
أحبيني بلا عقدِ، وضيعي في خطوط يدي.

أحبيني لإسبوعٍ لأيامٍ لساعاتٍ، فلستُ أنا الذي يهتمُ بالأبدِ
أحبيني، أحبيني...
تعالي وإسقطي مطراً، على عطشي وصحرائى
وذوبي في فمي كالشمع، وإنعجني بأجزائي
أحبيني، أحبيني...
أحبيني بطهري أو بأخطائي، وغطيني أيا سقفا من الأزهارِ
يا غاباتِ حنّائي
أنا رجلا بلا قدرٍ، فكوني أنتي لي قدري
أحبيني، أحبيني...
أحبيني ولا تتسائلي كيفَ، ولا تتلعثمي خجلاً ولا تتساقطي خوفا
كوني البحر والميناء، كوني الأرضَ والمنفى.

كوني الصحوةِ والإعصار، كوني اللين والعنفَ
أحبيني، معذبتي، وذوبي في الهواء مثلي كما شئتي
أحبيني بعيداً عن بلاد القهرِ والكبتِ
بعيداً عن مدينتنا التي شبعت من الموتِ
أحبيني، أحبيني...

عاد مازن خالى الوفاض لصديقه، الذي ابتدره متسائلا: -هل تفضلت، وشرحت لى، ماذا يحدث، ومن هذه الفتاة..!؟، أستدير عنك للحظات، أجدك وقد جندت فتاة للدفاع عنك بكل تلك القوة، ألا ترحم قلبى الضعيف،!؟، قالها أكرم في لهجة مرحة، بها الكثير من الغبطة..

فانفجر مازن ضاحكا، وهو يربت على كتف صديقه، قائلا: - اقسم لك، انى برئ هذه المرة، لقد أصدمت بى، وهى قادمة من الاتجاه المعاكس، مشغولة بمكالمة ما على هاتفها، وكنت انا أجرب تلك النظارة الشمسية.

الحمقاء، التي كنت قد قررت شراءها، وكنت أعبث بها مستديرا، لاصطدم بها، وهنا انفجر ضاحكا وهو يكمل، لقد ظنت أننى ضرير، وكدت اسقط بسبب اندفاعها، فاخذت بيدى و اجلستنى، وتأسفت فوق الخمس مرات، وعندما اتيت تنادينى، لاقيت ما لاقيت، يا صديقى، وهنا انفجر أكرم ضاحكا من جديد
-دوما ما تجد من تدافع عنك، وانال انا التقريع والتوبيخ، حظوظ..
تاااابع اسفل
 
 



11-01-2022 12:40 صباحا
مشاهدة مشاركة منفردة [1]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية صوتها الوردي
نوفيلا صوتها الوردي للكاتبة رضوى جاويش الفصل الثاني

اندفع مازن لمكتبه، تتبعه سكرتيرته الحسناء..
متعجلة، تستلم حقيبته، لتضعها في موضعها المعتاد، وتضع احد الملفات أمامه، على سطح مكتبه..
-هل من مواعيد اليوم،!؟، سأل في جدية وهو يجلس خلف مكتبه، ينظر الى ساعته، فقد تأخر
في العودة، بعد كل تلك الاجتماعات الخارجية، لعقد صفقات، لشركة الأجهزة الطبية
التي يملكها، ويديرها..
-نعم، ميعاد واحد، صاحبته تنتظرك منذ مدة طويلة..
-من..!؟، سأل عاقدا حاجبيه..

-السيدة رحمة، رئيسة جمعية الرحمة، لضعاف السمع والمكفوفين..
-أه، من جديد، ألا تمل تلك السيدة، أصرفيها..
فأنا اعانى صداعا شديدا، وليس لى قبل على تحمل
تفاهاتها، واطلبى لى فنجان القهوة، من فضلك
أومأت السكرتيرة، موافقة، وهمت بالخروج..
فأوقفها مناديا. : - نسرين، يمكنك ان تدخليها..
لكن، هي الاخيرة، لا مقابلات اخرى اليوم..
-حاضر، أجابت وقد تركت الباب مفتوحا، لتسمح
للسيدة رحمة، لتدخل وتغلق الباب خلفها...

-مرحبا، سيد مازن، ألقت السيدة رحمة السلام في هدوء ومودة على الرغم من تجاهله لها، متعللا بالتطلع لاوراق ذاك الملف، على سطح مكتبه، واخيرا رفع رأسه بتثاقل، مرددا التحية
بشئ من الفتور، : - مرحبا سيدة رحمة، هل من خدمة استطيع تقديمها لكِ..!؟.
-بالطبع، واتسعت ابتسامتها الودودة، هناك الكثير سيد مازن، تحتاج الجمعية، لمساعدتك، فكما تعلم، اننا...

قاطعها، راغبا في إنهاء الحوار الذي استمع اليه من قبل، اه معلوم طبعا، تحتاجون لاجهزة طبية
لضعاف السمع، ولكن، على هيئة تبرعات او هبات، بدون مقابل مادى، وقد أوضحت لك سابقا على ما اذكر، أننى لا أعطى شيئا، بلا مقابل، ابدا..

-يا سيد مازن، اعتبره صدقة او ذكاة، عن مالك وصحتك، من اجل..
-انا أتصدق بالشكل الذي يرضينى، لا رغبة في ارضاء اى من كان، واظن أننى أوضحت لكِ..
ذلك في المرة السابقة، وأتعجب من قدومكِ من جديد، بنفس الطلب السابق..
-انا لا امل بسرعة، ابتسمت في هدوء، وقلت ربما تكون غيرت رأيك..
-لا، قالها في نفاذ صبر، لم أغيره، ولن أغيره.

-حسنا، قالت في ثبات، وابتسامتها الصافية لم تغادر وجهها، وهي تخرج احدى البطاقات من حقيبتها وتضعها على مقدمة مكتبه، قائلة: - هذا هو عنوان
الجمعية، سيشرفنا استقبالك في اى وقت..
وخرجت في هدوء، وهو يزفر خلفها في ضيق..
ومد يده، ينظر للبطاقة في ضجر، ثم ألقى بها، أمامه في لامبالاة، تناول هاتفه..
يطلب رقما ما، ثوان وتلقى الرد وقد تبدلت حالته
وابتسم في شقاوة، : - مرحبا يا عصفورتى..

لتبادله الحديث، فتاة ذات ضحكة ماجنة، تعاتبه في دلال، على إهماله لها، وعدم اتصاله بها كالمعتاد.

-تأخرتِ كثيرا هذه المرة، سيدة رحمة، لكن هل نجحتى..!؟، سألت رحاب، بتوجس، مديرة الدار التي تعمل بها، وهي تراها مندفعة لداخل الدار في هذه الساعة المتأخرة من النهار، بعد مقابلة مع احد اصحاب الشركات الطبية..
-للاسف لا، وليس الاخير، فما عاد من يعطى شيئا بلا مقابل، في دنيانا تلك يا ابنتى، الكل يريد المقابل، ومقدما لو أمكن..
-يا آلهى، أين ذهبت الرحمة،!؟، همست في حزن حقيقى..

فاجأبت السيدة رحمة بغية اثارة روح المرح، : - انها أمامك، انا هناااا، لكن ما باليد حيلة..
فابتسمت رحاب، التي بادرتها السيدة رحمة قائلة: -، استعدى لاستقبال المدرب الجديد للأولاد
-هل سيصل اليوم..!؟، سألت رحاب في فرحة..
-نعم، سيأتى اليوم لتفقد الاولاد، والتعرف على من بالدار، حتى يباشر عمله، في تعليم الاطفال..
القراءة بطريقة بريل، الاطفال المكفوفون في حاجة اليها للتعرف على العالم الخارجى من خلال القراءة.

، انه كفيف ايضا، تطوع لتعليم الاطفال، حقا، لا يشعر بك، الا من عانى مثل ألمك..
تغيرت ملامح رحاب للحزن الدفين، وهي تومئ برأسها ايجابا، مصدقة على كلام السيدة رحمة
هامسة، نعم، انتِ على حق، لا يشعر بك الا من ذاق نفس ألمك، وشعر بنفس حسرتك..

تنحنحت رحاب، وهي تخرج نفسها من خواطرها، واستأذنت، لتعود للأولاد، دخلت تلك القاعة التي تضمهم، يجلسون بهدوء كملائكة تمشى على الارض، يتبادلون فيما بينهم إشارات يدوية، كنوع من انواع التواصل التي دربتهم عليها
كانت تراقبهم في فرحة، فهم كضعاف سمع، العالم بكل ما يكتنفه من أصوات، لا يسترعى انتباههم، ولا يعلمون بها من الاساس، لا يعلمون
الا بوجود ذاك الصمت المطبق، الذي يكسو آذانهم.

فلا يستطيعون ان يجدوا للأصوات سبيلا..

ليتعرفوا على ما يحيط بهم، بعضهم بحاجة لسماعة طبية، تكون وسيلته ليعود ثانية للعالم كشخص طبيعى قادر على التواصل بشكل جيد، والبعض الاخر بحاجة لإجراء عملية دقيقة، ليعود له سمعه من جديد، قبل ان تضيع فرصته، ويصبح سنه غير مناسب لاجراءها، فيوصم، بالاصم، طوال عمره، تنهدت وهي تتذكر، من يملك قلبا، يمكن ان يرى هؤلاء الملائكة الأيتام، ولا يمد لهم يد العون، دون التفكير في مقابل، لخدماته.!؟

الا تكفى من وجهة نظره العقيمة، تلك الابتسامة
الرائعة على وجوهم، عندما تعود لهم الحياة
لتضحك من جديد، كمقابل، لا يقدر بثمن، على عودة، نعمة من نعم الله، لهم..
الا تكفى، عودة كل منهم للحياة بشكل طبيعى..
دون الحاجة لمعونة احد، و التخلص من سخرية بعض الأشخاص، الذين يقابلهم في حياته
وتعطيه الامل، في التواصل الطبيعى مع البشر
والانفتاح على العالم...
ألا يعد ذلك مقابل كافً، بل انها تراه اكثر من كافٍ..!؟

اندمجت مع الاولاد، تشير بكلتا يديها، ليلتفوا جميعها حولهم، وتبدأ معهم لعبة جميلة، لتساعدهم على سرعة تعلم قراءة الشفاه..
وارتفعت ضحكاتهم، وهي تحرك شفتيها في بطء
لتساعدهم على استنتاج احرف الكلمات التي تختارها
، تلك الضحكات، التي لا تصل لآذان احدهما الاخر، ، فكل منهم محبوس داخل ذاته لا يستمع الا لضحكته، وكأنه معزول بعالم، لا يعيش به سواه، ضحكات، لا تصل الا اليها هي..

فتدمع عيناها فرحا، وشجنا في آن واحد...
وتتمنى لو تملاء هذا العالم، بأصداء تلك الضحكات البريئة، فتصل لأصحاب القلوب المليئة بالخير والعطاء، لتكون، الرحمة، هي السبيل، لتنتهى آلام هؤلاء الاطفال، للأبد.

11-01-2022 12:41 صباحا
مشاهدة مشاركة منفردة [2]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية صوتها الوردي
نوفيلا صوتها الوردي للكاتبة رضوى جاويش الفصل الثالث

خرج من اجتماعه المقرر، مع احد العملاء..
لتوريد بعض الأجهزة والمعدات الطبية، ان تلك الصفقة كانت تعنى له الكثير، فهى من اكبر الصفقات، التي استلمتها شركته، وقد حضر لها
منذ وقت طويل بكل جهد، رغبة في الحصول عليها
بأى ثمن، فتلك الصفقة كانت ستنقل شركته، نقلة
نوعية كبيرة في مجالها، تجعلها تزاحم لتحتل مكانا في الصف الاول..
لتنافس كثير من الشركات الكبرى، لكنه، وفجأة..

لا يعلم ما الذي حدث!؟، فقد الصفقة في لمح البصر، دون اى مبررات قوية من جانب العميل..
ليس هذا فقط، بل ان ما يثير حنقه اكثر، انها الصفقة الثانية، التي يخسرها في خلال اسبوع واحد. و، لا يستطيع إنهاءها لحسابه، ولا تكون لصالحه، كما هو معتاد، انه لا يعرف، أين الخطأ بالضبط،!؟.

فكل الامور، كانت تسير على ما يرام، ثم، فجأة في اللحظات الاخيرة. ينقلب الحال، وتخرج الصفقة، من بين يديه، مودعة..
دفع كفه، لداخل حقيبته، وهو يجلس داخل سيارته، ينتظر انتهاء تلك الإشارات المرورية، التي ما ان تنتهى واحدة، حتى تظهر الاخرى.

فتزيده ضيقا على ضيق، ووصل لمف تلك الصفقة الاخيرة التي خسرها لتوه، يريد ان يلقى نظرة، على بعض البنود، ربما يجد هناك احد الثغرات التي تخبره، أين يكمن السبب في الخسارة، لعله يتفاداه، في صفقات اخرى، فتح الملف، يقلب في الصفحات..
لتسقط بين يديه فجأة، احد البطاقات، يلتقطها، ويقرأ العنوان، ويتلفت حوله، انه تقريبا امام العنوان المذكور بالبطاقة، انها بطاقة السيدة رحمة.

صاحبة دار الأيتام المكفوفين، وضعاف السمع، ، و التي دوما ما تزعجه بطلباتها لتلك الدار..
لا يعلم، لما انحرف بسيارته قليلا، وتوقف..
مترجلا، متطلعا، لإيجاد عنوان البطاقة..
بضع خطوات، وكان يقف أمامه..

ألقى نظرة شاملة على مدخل الدار، وتلك اللوحة التي تحمل الاسم ثم اخفض نظراته، يتطلع للمدخل المتهالك الدرجات، والذى كان حريصا، وهو يتخطى احد درجاته المكسورة، ما الذي أتى بك لهنا..!؟، خاطبه صوت داخلى متعجب، لكنه لم يجد اجابة مناسبة، الا الصمت، والتجاهل، والمضى في طريقه، مدفوع بشكل لا أرادى، دلف للداخل، بقامة مديدة، وأنف متغطرس..

وخطوات تحمل الكثير من النرجسية، والتعالي، وكأنه يقول لكل من يقابله، انه ليس مكانى المفضل، ولا اعلم، ماذا افعل هنا، وخاصة بنظارته الشمسية الغالية، وبدلته الثمينة، وحذائه
الذي كان يصدر صوتا رتيبا متمهلا، مع خطواته الواثقة، وهو يسير على طول تلك الردهة الباردة
الخالية من أى مظهر من مظاهر الفخامة أو الرفاهية، الا من سجادة طولية متهالكة أكل عليها الزمان وشرب، تجنب السير عليها، مترفعاً..

لم يكن هناك من أحد، وكأنه مكان مهجور، حتى على البوابة الخارجية، كان مكان حارس البوابة، شاغرا..
فسار بلا حماس، يتطلع لما حوله، بشئ من
الاذدراء، فقد كان الدار ينقصه الكثير بالفعل..
مر بجانب، احد النوافذ الزجاجية، ولم يعرها أهتماما يذكر، ليطل منها، ولو مستطلعاً، الا ان أصوات ضحكات طفولية، قد جذبه، ليعود متطلعا منها، يتفرس في تلك القاعة، فلا يجد سوى مجموعة أطفال متجمهرين، يتضاحكون، لا يعرف
ما السبب!؟.

وهنا، انتفض في دهشة وهو يراها، تقف من بين الاطفال، وقد كانت غائبة بينهم، بجسدها الضئيل
، فلم يستطع تبينها في البداية، انها الرائعة التي اصطدم بها في المركز التجارى، اطال النظر، ليتأكد حتى، اصبح على يقين، انها هي..
فاندفع في سرعة، باتجاه باب القاعة، التي تشغلها، وأطفالها، ولم ينسى بالطبع..

، وهو يبتسم في خبث، ومشاكسة، ان يعيد نظارته الشمسية، على عينيه، ويفتح الباب في بطء، ويهتف في نفسه، لما لا نلهو قليلا..
تمهل في الدخول، حتى يجذب انتباهها..
وهذا ما حصل عليه، ، فما ان فُتح الباب..
وطل هو منه، في هدوء وثقة، حتى اندفعت هي واقفة، وهللت، : - مرحبا، تفضل..
كانت قد وصلت اليه، وكما توقع، يديها الكريمتين.

احتضنت مرفقه، وكفه، التي رحبت بكفها في سعادة، وهي تصطحبه لأقرب مقعد، كم ود لو اختفت المقاعد، في تلك اللحظة، حتى تظل كفه تأسر كفها، ولا تضطر لتركها مغصوبة، بعد ان سحبت هي كفها، وجلست في المقعد المقابل..
-لابد وأنك المعلم الجديد، للاطفال المكفوفين..!؟
تشرفت بمقابلتك، وشكرا على تبرعك بوقتك الثمين من اجل تعليم الاطفال..

مدت يدها من جديد، وطبعا مع ظنها، عدم رؤيته ليدها الممدودة، ألتقطت كفه، ومنحها هو كفه بفيض من كرم وافر، وهو يبادلها ابتسامتها تلك الابتسامة الساحرة النقية، والتى وصلت لعمق عينيها، لتضئ روحها بمشعل من طهر وبراءة، لمست جانب ما في أعماقه المظلمة، واستدركت وهي تقول بأريحية: - أنا رحاب، اعمل هنا، من
اجل الاطفال ضعاف السمع، واعتقد انا مدينة لك باعتزاز جديد، تنحنحت محرجة..

فأنا تلك الفتاة التي اصطدمت بك، منذ ايام بالمركز التجارى
قال مبتسما: - وانا مازن، ، هل حقا انت هي، فتاة المركز التجارى، كم الدنيا صغيرة..!، وزاد اتساع ابتسامته، وكأنه لم يكن يعرف، المخادع، على ايه حال، تشرفت بمعرفتك، رحاب، نطق اسمها بأريحية ادهشتها، ولم يضع اى لقب يسبقه، وهذا لم يعجبها بالطبع، فقررت ان توصل له الرسالة..
-أرجو ان ترتاح معنا هنا، سيد مازن..

ألتقط الرسالة بذكاء، وقال مؤكدا: - انا مرتاح بالفعل، أشكركِ، آنسة رحاب..
ابتسمت عندما ايقنت ادراكه لرسالتها، وهي لا تعلم انه، يرصد تلك البسمات، من خلف نظارته
بكل وقاحة..
اندفع احد الاطفال اليها، يشير لها بالعودة لطاولتهم، لتلعب معهم، لعبتها الشهيرة..
في قراءة الشفاة..
-استأذنك الإن، على العودة للاطفال، والسيدة رحمة، في سبيلها إليك، لتشرح لك طبيعة العمل.

هنا، سعدت بلقاءك مرة اخرى، ولم تمد يدها للتحية كما تمنى، بل رحلت في هدوء، لتجلس في الطاولة المقابلة، تبدأ في تلك اللعبة المثيرة للأعصاب، أعصابه هو بالتأكيد، فها هو يدقق النظر من خلف عدسات نظارته القاتمة، ليراها تمد.

شفتيها، في اخراج بعض الأحرف، ليهتف الاطفال، بسعادة، عندما يتوصلون للكلمة الصحيحة المتوافقة مع تلك الصورة التي تحملها بين يديها، ظل على حاله يتابعها، وهو مأخوذ بطاقة الحنان والتفهم، التي تشع من تلك المخلوقة
الضئيلة، التي لا يزيد طولها، باى حال من الاحوال، ليصل قمة رأسها بالكاد لمستوى كتفيه، ابتسم في سعادة بلهاء، لا يعرف سببها..
عيونها، تلمع بنقاء عجيب، لا يعلم مصدره..

وابتسامتها المتوجة لهاتين الشفتين، والتى تخلب لبه في تلك اللحظة، وهي تدرب الاطفال، على نطق حرف (ن)، جعلهما أشبه بشفاه، تواقه للقبل، تفعل به العجائب..
لم يستفيق من شروده، وتفرسه، الا على صوت
السيدة رحمة المرحب ببهجة، وعدم تصديق: - وأخيراااا، سيد مازن، في جمعيتنا المتواضعة..
جذب صوت الترحيب الحار، نظرات رحاب، لتنتبه لنهوضه وتبادل التحية مع السيدة رحمة..
والتى أشارت لرحاب لتنضم إليهما..

-هذه الانسة رحاب، خير من يعمل معنا..
وصلت رحاب لتقف قبالته، و السيدة رحمة تكمل في حماسة، وهي خير من يحدثك عن أنشطة الجمعية، ثم نظرت السيدة رحمة لها، رحاب هذا السيد مازن مختار، مالك شركة الصفوة، للاجهزة الطبية، وقد كنت بمكتبه من عدة ايام، ودعوته لزيارة جمعيتنا..
كانت رحاب تقف مصدومة، لا تستطيع النطق بحرف واحد، تتطلع اليه، ثم تعاود التطلع الى السيدة رحمة، بنظرات مترددة، ومحتارة..

حتى سألت اخيرا، عندما وجدت صوتها: - أليس
هو، واشارت لمازن، المعلم الجديد،!؟.
-لا، بالطبع، ضحكت السيدة رحمة، الا اذا كان عنده دراية، بطريقة بريل،!؟..

هنا خلع مازن نظارته الشمسية، وهو ينظر اليها في مرح، لكن هي، لم تكن نظراتها تحمل سوى الحنق، والرغبة في سلخه حيّا، وتعليقه بالخارج، شعرت بأنها حمقاء، وانه تم استغفالها، بشكل حقير، كلل الغضب نظراتها، امام نظراته المشاكسة، نظرات كاذبة، محتالة، ، نظرات قادرة على الخداع بمهارة، كان من الأفضل
لو لم يخلع نظارته الشمسية، فهى كانت تخفى الكثير من هذا، المكر، المطل بجلاء من عينيه..

مد كفه، وهو يقول في تثاقل: - تشرفنا أنسة رحاب، لم تستطع تجاهل اليد الممدودة، رغم رغبتها الملحة، لتفعل، لكن وجود السيدة رحمة، وضع حد لتلك الرغبة، فمدت كفها، لتلقى التحية، برغبة صادقة في عدم اللقاء من جديد..
وصلت له، كل مشاعرها، عبر كفها الرقيق والذى استكان للحظات، في احضان كفه..
شتان، بين هذه الكف العدائية اللمسة، وبين ذاك الكف الذي تلقفه منذ ايام، والذى استقبلته بحفاوة منذ دقائق..

-هيا رحاب، اصطحبى السيد مازن، في جولة سريعة، بداخل الجمعية، وعند الانتهاء، سأكون بانتظاركما في مكتبى، ثم اكملت موجهة حديثها لمازن، في انتظارك بمكتبى، وشرفتنا، كان بودى اصطحابك بنفسى في تلك الجولة، لكن لدى لجنة من الوزارة، سأتركك في أيد أمينة...
نظر نظرة جانبية لرحاب والتى كانت تقف تكظم غيظها، معلقا على كلمة السيدة رحمة الاخيرة، : - أنا متأكد من ذلك..

لم تنطق رحاب بحرف واحد، وهي تنظر اليه، نظرات متوهجة، تجلده، وتحذره من مخاطر الاستمرار في عبثه..
، كانت لديها رغبة قوية بحق، لتنفجر فيه، لاستغفالها في المرة الاولى، في المركز التجارى
، ثم تماديه في ذلك، بكل صفاقة..
كم تمنت لو توقع عليه عقاب ما، يجعلها تشفى
غليلها ولو قليلا، لكنها، آثرت التجاهل، وهي تقول في لهجة حاولت ان تكسوها بالبرود قدر استطاعتها، حتى لا يلاحظ ما يعتريها: - تفضل من هنا، سيد مازن..

سار بجوارها، خارجا من القاعة، مفسحا الطريق لها لتسبقه خارجا، لكنها رفضت، بشكل قاطع
تاركة له المجال ليمر أولا، خطوات، فقط خطوات
سارها بجوارها، مختالا، وقد نسى هذا البساط المتهالك، ليخطو عليه، وهو شاردا في كلماتها
التي بدأت بها جولتها، وفجأة، يندفع به البساط
ليترنح، في سبيله للسقوط، لولا استماتته، على
الصمود، كان يشبه الان، علاء الدين، وهو يترنح على بساطه السحرى، عندما صعد اليه..

للمرة الاولى، حاولت ان تكتم قهقهاتها، قدر الإمكان، لكن فرحتها بالثأر السريع، ومظهره
الان، وهو يقف ليعدل من هندامه، ليعود متبخترا
كالطاووس، محاولا تناسى ما حدث، جعلها لا تستطيع، ان توقف تلك القهقهات العفوية التي صدرت منها..
تقدم منها، وقد نسى بالفعل ما حدث، مشدوهاً
ومشدودا لتلك الضحكات الرنانة، التي دقت أجراسها، بعقله، وتردد صداها بقلبه، لتستفيق
روحه، من سباتها، منتشية، لقدوم الأعياد..
مصحوبة بالفرحة..

كانت تعتقد انه سيخطو اليها متجهما، بسبب ما حدث، ساخطا على البساط الغبى، لاعناً أصحابه
الا انه، ولدهشتها، وجدت ابتسامته تملاء وجهه
ذو الملامح الرجولية الصارخة، الا ان تلك الابتسامة منحته مظهراً، أقل خشونة، وهو يهتف: -، أراكِ سعيدة جداً، لما حدث.!؟.
وأدت ضحكاتها وهي تجيب في جدية مصطنعة. : - ولما قد أكون..!؟.
-لقد أخذ البساط بثأرك، أسرع مما تتخيلى..
هالها قدرته على قراءة أفكارها، فهتفت ببرود.

حاولت ان يكسو نبراتها. : - انا ابدا، لا أسعى لأثأر
مطلقاً..
-أنا واثق من ذلك، فمثلك لا يملك تلك القدرة على الثأر، و الذي يحتاج لطاقة كره رهيبة، لا تملكها
الأرواح الشفافة، فغرت فاها لكلماته، فاستكمل
ببشاشة، فلنقل أذن، انه انتقام ربانى، حتى لا أعبث مع أصحاب الأرواح الطاهرة من جديد..

تاهت في معانى كلماته، والتى اخذتها لتشرد للحظات، الا ان صوت عقلها ناداها محذرا، احترسى، ذاك المخادع قادر على اللعب بالالفاظ
والكلمات، ببراعة، كما باستطاعته، التنفس
فألقى بتلك الكلمات خلف ظهرك، وانتبهى جيدا
لخطواتك، وانت تسيرين بدربه..
وربما يأتى الخلاص، ولا يعود للدار من جديد
فهى لا تعلم، ما الذي دفعه للمجئ، وقد وصفته
السيدة رحمة، عندما عادت بخفى حنين من مقابلته
بانه، من ذاك النوع من البشر، الذي لا يعطى.

الا اذا ضمن المقابل..

11-01-2022 12:41 صباحا
مشاهدة مشاركة منفردة [3]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية صوتها الوردي
نوفيلا صوتها الوردي للكاتبة رضوى جاويش الفصل الرابع

طافت به، أرجاء الدار، تشرح، وتوضح..
وتشير هنا وهناك، لكن هو، كانت عينيه تنصب
عليها هي، لا تهتم، الا بمحياها، يراقب حركاتها
وسكناتها، ولهجتها الباردة، التي تلقى بها، المعلومات على مسامعه، هو يعلم انها، تقوم بتلك الجولة مجبرة، ولو الامر بيدها، لقامت بألقاءه خارجا..
غير مأسوف عليه..
، وأخيرا وصلوا لمكتب السيدة رحمة..

فاستقبلتهما، بنفس الابتسامة المحببة، وهي تقول في حماس، : - أرجو ان تكون الدار، حازت على إعجابك،!؟.
-اه، بالطبع، كثيرا، قالها وعينيه تقصد شيئا أخر، فرأيه بالدار كونه منذ اللحظة التي خطت بها قدميه، لداخلها، فهو كان يقصد، بالطبع، تلك الصغيرة، التي تجلس في المقعد المقابل، ساكنة.
بوداعة، تشبك كفيها الرقيتين، على حجرها..
وتتحاشى ان تتلاقى نظراتهما، بشكل هستيرى..

تبادل النظرات اليها، والى السيدة رحمة، وهو يقول بلهجة رجل الاعمال، والتى كانت تسمعها منه للمرة الاولى بالطبع: - -اريد، بعد إذنكِ طبعا، كشف بعدد الاطفال، الذين هم، في حاجة لسماعة طبية، او جراحة عاجلة، وانا سأحاول المساعدة، قدر استطاعتى..

-حقا،!؟، هتفت كل من رحاب والسيدة رحمة في آن واحد، مما جعله يبتسم في حبور، ونظراته معلقة، برحاب التي، تغيرت ملامح وجهها للنقيض تماما، وشعت من عينيها، سعادة لا توصف..
-ها هو الكشف سيد مازن، وقدرك الله دوما، على فعل الخير، قال السيدة رحمة وهي تقدم له الكشف
بحبور عظيم، وابتسامتها المعتادة تزداد اتساعا..

-شكرًا، رد في تثاقل، وهو يضع الكشف في جيب سترته الداخلى، وينهض ملقيا التحية، وتستقبل السيدة رحمة يده الممدودة، بسعادة غامرة، مع التأكيد على وجوب تكرار الزيارة، اما رحاب، فقد وقفت بدورها، لتحيته، مد كفه، فترددت قليلا، لكنها في النهاية، ألقت كفها، في خضم كفه، ليقرأها، بكل سلاسة، مستمتعا، و ها هي كلمة شكرًا، تصله مزيلة بابتسامتها..

خرج من الدار، ووصل حيث ترك سيارته، جلس في مقعده ساكنا، وعيونه مقيدة لا أراديا، بهذا المكان، والذى وجد نفسه مدفوعا اليه بقوة كالمغناطيس، والآن، بعد رؤيته لها، أصبح
مدفوعا اكثر، بدافع داخلى، لا يعرف كنهه..
دافع اكبر بكثير من مجرد رغبة في التسلية..

او التفكير في العبث، فتلك الفتاة، ليست من ذاك النوع، الذي يمكن ان يعبث معه، او يفكر حتى مجرد تفكير في التسلية معها، فنظراتها، كانت قادرة تماما، على فضح مكره، وخبثه، تلك النظرات النارية، التي كانت تنعته كل لحظة بالمخادع..
، اندفع بشكل مفاجئ مبتعدا بسيارته، لا يلوى على شئ، وصوت داخلى، بأعماقه، يكرر متسائلا، ما الذي أقحمت نفسك فيه،!؟.

مد كفه ووضعها على موضع الورقة، في جيب سترته، والتى تحمل اسماء الاطفال..
ممن هم في حاجة لمساعدة، واخذ يحدث نفسه..
ويرد عليها، محاولا إقناعها، بصواب ما أقدم عليه..
-هل انت قادر على الوفاء بهذا الالتزام، الذي ورطت فيه نفسك،!؟.
-لا اعلم، لكن كل ما اعرفه، ان هؤلاء الاطفال بحاجة فعلا، للمساعدة..
-وانت ملاك الرحمة، المبعوث لإنقاذهم..!؟، سأل الصوت الداخلى، ساخرا..

-لا، انا لست ملاكا، انا اعرف ذلك جيداً، لكن هذا ما اشعر به حقا، هم بحاجة الى مساعدة منى، حتى ولو بسيطة..
-اعترف انك تفعل كل ذلك لاجلها، وليس بدافع انسانى، كما تحاول ان تبرر..
-انا اعترف، ان وجودها دافع قوى، للرغبة في المساعدة، لكن ليس هو الاساس، رؤية هؤلاء الاطفال، وهم يفتقدون ابسط الحواس التي ننعم بها، حركت شئ ما، بداخلى، شئ لا اعرف كنهه، ولم أكن اعلم بوجوده، او استشعرته من قبل..

-فلترى اذن كيف يمكنك الوفاء بما ألزمت به نفسك، وانت تخسر صفقاتك، واحدة تلو الاخرى..!؟.
-لا اعلم...
هكذا انهى حواره مع نفسه، ساخطاً واجماً...

كاد ان يخرج كشف الاسماء، من جيب سترته، ويمزقه، ويلقى به، من نافذة السيارة تزروه الرياح، لترتاح نفسه الامارة، ويقسم الا يعود، لتلك الدار من جديد، الا ان رنين هاتفه، أخرجه من خواطره، و كانت دعوة الهاتف من القوة، لتخرجه من خواطره، وخاصة لأن اسم أكرم صديقه، يضئ على شاشته، لم يكن بحاجة للصحبة، كانت رغبته في البقاء وحيدا، طاغية، لعله يهتدى، لما يجب عليه فعله، لكنه لم يستطع مقاومة إلحاح الرنين الذي لم ينقطع، فرد مجيباً في حنق، الا ان أكرم بادره في حماسة، : - أين كنت..!؟، واستكمل في حبور، دون ان ينتظر جواباً لسؤاله، صاحب الصفقة الاخيرة، التي تم رفضها اليوم، أعاد النظر في ما قدمته، من شروط، ووافق عليها جميعا، دون تحفظ..

-حقا..!؟، هتف مازن في عدم تصديق..
-نعم، وهو من طلب منى التوسط لديك، لتعاود الاتصال به، لإتمام الصفقة، وبسرعة، هتف أكرم في سعادة..
-حسنا، اخبره بموافقتى، وحدد معه ميعاد بالتنسيق مع نسرين، قالها مازن شاردا..
-حسنا، وداعا يا صديقى، ومبارك عليك...
واغلق أكرم، ليترك مازن في حيرة من أمره، هل هي مجرد مصادفة، أم فأل حسن، أم ماذا..!؟..
ووضع كفه لا أراديا، على مكان ورقة الاسماء..
يتحسسها، وهو يزداد تعلقا بها..

ويبتسم للطريق أمامه في سعادة غامرة، فتلك الصفقة التي كانت تعنى له الكثير، ها قد عادت اليه ازدادت ابتسامته اتساعا، و قد اضحى يدرك تماما
انه لن يستطيع ان ينسى تلك الدار، بمن فيها، وخاصة، تلك الرائعة، رحاب الأمن والحنان..

اسبوع كامل، لم يستطع ان يرفع رأسه عن الملفات التي كان يدرسها في مكتبه، اسبوع مضنٍ من اللقاءات والاجتماعات، وكأن الصفقات، قد خلقت خصصياً، لأجل شركته، فما ان يعقد اجتماعاً، لمناقشة بنود صفقة ما، الا ويتم الموافقة على تلك البنود من أول اجتماع، دون اى جدال ومناقشات..
وبشروطه كاملة، حتى ان أكرم نفسه، أبدى تعجبه
هاتفاً، بمرح، ان مازن يسحرهم خلال الاجتماع، فيوقعون، دون معارضة تذكر..

مازن وحده، هو من كان يعلم، أين يكمن السحر!؟
انه هناك، في تلك الدار الموحشة، التي وطأتها قدماه، منذ أيام، ومنذ لحظة خروجه منها، ومنذ حسم أمره، وقرر مد يد العون، لهؤلاء الأيتام..
الا، وفُتحت أمامه أبواب الخير، على مصرعيها..
وهو بدوره، قرر العودة اليها من جديد..
وها هو، في طريقه اليها، وفي يده، ما استطاع
توفيره، من سماعات طبية، لأجل اطفال الدار..
والتى وصلها الان، وها هو يخطو درجاتها المتهالكة.

بإحساس جديد، يغمره، مخالفا تماماً، لإحساسه
في المرة الأولى..
وقف حارس البوابة، في احترام عندما ألقى مازن التحية، وهو يعبر بوابة الدار لداخلها، وبصحبته
شاب انيق، هادئ الملامح، بحمل حقيبة طبية في
يده..
اندفع مازن في ذاك الممر المؤدى لحجرة السيدة رحمة، لكنه لم يستطع مقاومة رغبة، تدفعه دفعا.

ليمر من امام قاعة الاطفال، حيث تكون، رحاب دائما، نظر خلسة للقاعة فرأها، كما رأها المرة الاولى، تجالس الاطفال في وداعة، وتنشر اريج
حنانها، بكرم منقطع النظير، تحرك شئ ما في نفسه، لا يعلم أين يكمن!؟، ولا ماذا يكون..!؟.
لكنه يستشعره بقوة، دفعت به للابتعاد، ليلتقط انفاسه، ويستمر في اتجاهه، مع مرافقه لحجرة السيدة رحمة، و، التي هللت فرحا عند رؤيته في دارها من جديد..
-مرحبا، سيد مازن، الدار نورت..

-مرحبا سيدة رحمة، اليوم انا في مهمة رسمية، لا زيارة عادية..
-خيراً ان شاء الله،!؟، سألت بترقب..
-هذا، وأشار لضيفه، الذي رحبت به رحمة، هو الدكتور خالد عمران، طبيب متخصص في امور ضعاف السمع، جاء خصيصا، للكشف على الاولاد، وتحديد، الحالات الأكثر احتياجا، لكى نعمل على توفير السماعات الطبية لهم فورا..
هللت رحمة في فرحة، : - جزاكما الله خيرا، تفضلوا
من هنا، لقاعة الاولاد..

اندفعوا بحماسة، لقاعة الاولاد، وما ان فتحوا بابها
حتى طالعهم وجه رحاب الصبوح وابتسامتها الصافية
نهضت في تساؤل، تتبادل النظرات بين ثلاثتهم..
وقد شعرت باضطراب عجيب، شملها ما ان طالعها
وجه مازن، مراسبوع كامل منذ اخر لقاء بينهما
وقد ظنت انه لن يعود، لكن ها هو يخيب ظنها..
ويأتى، وكان هذا دليل دامغ، على براءته من ظنونها
شعرت بالذنب تجاهه، فحولت نظراتها، بعيدا عنه.

حتى تسترجع رباطة جأشها، وهي تتطلع للسيدة رحمة، والتى هتفت متحمسة، بعيون تملؤها دموع الفرحة، : - السيد مازن، احضر الدكتور خالد عمران، لفحص الاولاد، استعدادا، لمنحهم سماعات طبية، طبقا لحالاتهم..

نظرت رحاب لمازن غير مصدقة، والفرحة تطل من عينيها، وهو قابل نظراتها الدافئة، بابتسامة هادئة كانت تخفى الكثير من المشاعر خلفها، وقال في هدوء، محاولا انتشال نفسه من الغوص في بحور الدفء، التي تغرق عينيها، : - هذا الدكتور خالد، يا آنسة رحاب..
مدت كفها في حماسة، : - مرحبا بك، شرفت بلقاءك، فالأطفال بحاجة لعلمك..

كانت كفها الرقيقة، الممدودة لسلام خالد بود، كفيلة بجعله يجفل في ضيق، لا يعرف له سبباً، ورغبة، في ازاحة تلك اليد الصغيرة بعيداً، حتى لا تحتضن، اى كف، غير كفه، رغبة تملكية غريبة تلك التي اجتاحته، ما ان رأى كف رحاب، ممدودة
للسلام على رجل غيره، رغبة سيطرت عليه، بشكل جنونى وخاصة وهو يرى ابتسامتها، الموجهة لخالدوهو يؤكد في هدوء، : -.

-وانا سعيد بالحضور وتقديم المساعدة، في اى وقت، ابتسامته الدافئة، لرحاب، جعلت مازن..
يشعر بغصة ما في حلقه، وضيق يعتمل في صدره
مما دعاه، لتصنع المرح وهو يأخذ بيد خالد، جاذبا إياه، مبتعدا عن رحاب، هاتفاً: - لا وقت للمجاملات، فلنبدأ العمل..
واندفع، لداخل القاعة، حيث يجلس الاطفال..

كانت المرة الاولى التي يجلس بينهم، كان بالكاد يستطيع الجلوس على تلك المقاعد الصغيرة الخاصة بالاطفال، فكاد مظهره ببدلته الغالية، على كرسى كهذا، يثير الضحك، أحاط به الاطفال في فضول، حاول ان يحرك اصابعه وكفيه، ليفهمهم
سبب وجوده، لكنه لم يفلح، فأنفجروا ضاحكين..
لتتقدم رحاب، في بشاشة، تترجم بلغة الإشارة
ما يريد إبلاغهم به، وما ان انتهت، حتى هلل الاطفال، مندفعين اليه، محتضنينه في فرحة..

شعر بصدمة ما، شئ ما يتحرك بداخله، يشعره بسعادة مبهمة، فظّل بينهم مشدوهاً، لا يقوى على الإتيان برد فعل مناسب، وقد جذب انتباهه، احد االاطفال، والذى لم يتعد الخامسة، كان ممسكاً بكفه في سعادة، هتف في نفسه بتعجب، كم ان عيناه، تشبه عينى رحاب كثيرا، نفس اللون الجوزى الساحر، والنظرة الطفولية
المحببة، شد من الضغط بخفه على كف الصبى..
يرسل بها رسالة محبة، تلقاها الصبى في سعادة..

مهديا إياه، اروع ابتساماته، فجذبه مازن، لاحضانه بشكل لا أرادى، وقبل جبينه، رافعا رأسه
لرحاب، التي كانت ابتسامتها المدمرة، تكلل وجهها
-ما أسمه..!؟، سأل مازن، متأثرا..
-عمر، أجابت رحاب في تأثر ايضا..
-حسنا يا عمر، فلتكن انت الاول بين يدىّ، طبيبنا الماهر لفحصك، ونهض بالصبى، وكأنه مارد ينهض
من بين الاقزام، حاملا احدهم على كتفه..

تناوب الطبيب فحص جميع الاطفال، وجعل لكل منهم، ملف خاص به، وبحالته، وما يحتاج اليه، من علاج، سواء سماعة، او عملية جراحية..
، وجاء وقت تركيب السماعات، لمن هم بحاجة اليها كان عمر هو الاول، وقف خائفاً، يرتعش، لا يعرف، ماذا سيحدث له بالضبط، كان يمسك بكف مازن، يرفض تركها، فجذبه مازن اليه، لا يعرف.

كيف يحدثه، ليبث الطمأنينة في نفسه، لكن كل ما استطاع القيام به، هو ان أشار لنفسه، وهمس ببطئ يحرك شفتيه، لا تخاف انا هنا...
دمعت عينى الطفل، متأثراً، ومنح مازن، أحدى
ابتساماته الرائعة، ووقف أخيرا في ثبات، والطبيب، يثبت له تلك السماعة على أذنه، ويضبط تعديل ترددها، لتناسب طفل يسمع الأصوات المحيطة، به..
، للمرة الاولى..
قال خالد، بصوت جاد، : - عمر، هل تسمعنى..!؟
لم يجب الطفل، على الرغم من اضطراب مقلتيه..

والتى كانت تهتز بصدمة في محجريهما، فقرر الطبيب النداء بصوت اعلى قليلا: - عمر، حبيبى
هل تسمعنى..!؟، لكن عمر لم يستجب، ولم يرد على سؤال خالد، و الذي ظل ينتظر ردة الفعل الاولى
لسماع عمر لصوته، في ترقب..
وفجأة، اندفع عمر ملقياً بنفسه، في احضان مازن الذي كان يجلس، وهو يمسك كف الصبى، في انتظار النتائج، بترقب..
انفجر عمر في البكاء بأنين يدمى القلب، وهو، يخبئ وجهه باحضان مازن..

الذي غمره بين ذراعيه، ونهض به مبتعدا، لأحد
جوانب القاعة، محاولا، بكل حنان ان يمتص صدمته..
وهنا ابتسم خالد، في ثقة، وهو يقول: - انها الصدمة الاولى، لسماعه الأصوات، مبارك..
كانت كل من السيدة رحمة، ورحاب، قد غمرت وجوهما الدموع، وخاصة رحاب التي، كانت تكتم شهقاتها تأثرا، وخجلا، وعيونها لم تفارق..
ذاك المارد، الذي احتضن طفلا من اطفالها، هناك
في احد أركان الغرفة، يغدق عليه بحنانه..

هل يعرف ذاك المخادع، الحنان..!؟..
انها تراه الان، وهو يغمر الطفل بين ذراعيه..
أقرب لأب يحنو على أحد أطفاله، ويغدق عليه..
بوافر عطفه، وتفهمه..
ان هذا الرجل يحيرها، كيف يكون بمثل تلك القسوة
ليرفض دعوات السيدة رحمة للتبرع، ثم يكون معها
هي بمثل ذاك المكر واللؤم، وهو يدعى العمى..
ليتسلى قليلا بسذاجتها، واخيرا، يعطى كلمة، اقرب للوعد، بالعودة للمساعدة في حالات الاطفال
ثم يعود بالفعل، لينفذ ما وعد به..

من انت، مازن مختار..
ذاك القاسى القلب، ام المخادع الماكر، ام صاحب الكلمة التي لا ترد، ام انت ذاك الحانى، الذي تراه
أمامها الان، يهتم بطفل لا يمت له بصلة..
ويغمره بحنانه، وعنايته..
انتهوا من عملهم، مع الاطفال داخل القاعة، فتوجهوا جميعا، لمكتب السيدة رحمة، و التي هتفت بصوت متأثر، يغلب على نبراته الامتنان: - لا اعرف كيف أشكرك، سيد مازن، انت، وطبيبنا الماهر، لما قدمتماه اليوم، للاطفال، جزاكما الله خيرا..

-لم نفعل ما يستوجب الشكر صدقينى، قالها مازن في نبرة تحمل صدقا خالصا..
اندفع خالد ناهضاً، متعللا بان هناك الكثير من العمل المؤجل، ولابد له من العودة لعيادته..
-نشكرك كثيرا على مجهوداتك معنا اليوم، قالت رحمة، في امتنان حقيقى..
-لا شكرعلى واجب، انا في خدمتكم في اى وقت..
-رحاب، مع الدكتور خالد، حتى الخارج لو سمحتى، هتفت رحمة..

الا ان مازن انتفض في سرعة، هاتفاً: - لا، وانتبه ان الجميع، يحملق فيه بتعجب، فأستدرك..
انا سأرافق دكتور خالد للخارج، وأعود لكِ سيدة رحمة، في طلب، شخصى..
هنا قال خالد في هدوء موجها حديثه لمازن: - لا مانع من مرافقة الانسة رحاب، فأنا بالفعل، اريد التأكيد معها، على بعض الملاحظات، للاطفال حديثى العهد باستخدام السماعات الطبية، لموافاتى بها..
-تحت أمرك طبعا، قالت رحاب بابتسامتها المعتادة.

وخرجت مع الدكتور خالد، تحت مرأى من مازن الذي كان يستشيط غيظا، وقهرا، لا يعرف لماذا.!
و قد كان عدم ادراكه السبب، دافع أخر، ليزداد غيظه اشتعالا..
مما دفعه لينهض في عصبية غير مبررة، ويستأذن السيدة رحمة سريعا، ويندفع خلفهما...
كان يحاول ان يبدو هادئ، وغير مبال، لكن ما أن رأى رحاب. تتعرقل، من جراء ذاك البساط الاخرق، وتسرع يد الدكتور خالد، للحاق بها..
قبل ان تسقط أرضاً..

هنا فقط، أنطلقت شياطين غضبه، ليندفع في سرعة
محاولاً، اللحاق بها، دونه، لكن، خالد كان الاقرب
مما جعله يطلق سباباً داخلياً، وتقذف عيونه شرارات غاضبة كالسهام المسمومة تجاههما، ويقف مسمراً في مكانه، تتأكله تلك المشاعر التي برزت كالعنقاء
من كهفها، والتى لا يدرى لها تفسير ايضا..
ألقى خالد التحية في هدوء كعادته، ورحل مودعاً..
أما هو فوقف ينتظر عودتها، في منتصف المسافة.

الى مكتب السيدة رحمة، مبتعدا قدر الإمكان، عن ذاك البساط، الذي يشبه الشرك، يصطاد الارجل بين طيات نسيجه المتهالك، بلا فكاك..
ها هي قادمة، وما ان أصبحت في مواجهته، حتى تحدث من بين اسنانه محاولا تمالك نفسه، حتى لا يبدأ في هزها، حتى لا تسمح لأى من كان، بأن يلمس كفها و لأى سبب، : - هل أعطاكِ الدكتور خالد تعليماته المزعومة..!؟.
-مزعومة..!؟، تسألت في دهشة..
-عذراً، فأنا لم أرى الا مشهد لحاقه بكِ بين ذراعيه.

حتى لا تسقطى أرضاً، قالها مستهزأ..
-عفوا..!؟، وقفت في تحدى صارخ، ومع كلماته المستفزة، ما كان لها أبداً، ان تصمت، دون رد مناسب يرد لها كرامتها، ويضعه في موضعه الصحيح، من يظن نفسه، ليحدثها بتلك الطريقة..
وبهذه اللهجة الساخرة، المستهزئة..!؟.
-سيد مازن، قالت وهي ترفع رأسها ونظراتها المتحدية تقابل جحافل نظراته الغاضبة، لتبدأ المعركة.

ويشتعل الصراع، أنا أقدر تماما، ما فعلته من أجل أطفال الدار، لكن، أعتقد ما يخصنى، شأنى وحدى
لا علاقة لك به، من قريب او بعيد..
-لكن للدكتور خالد، له علاقة بكل ما يخصكِ، أليس كذلك..!؟، هتف في غيظ..

حاولت أن تهدأ، حتى لا تتهور، في الرد على سخافاته هذه، والتى يطلقها، الان، بوجهها، كقاذفة لهب، وحتى تخرج من هذا الجدال العقيم، تنفست بعمق، ثم قالت: - سيد مازن، أنا لا أفهمك، ما هي مشكلتك بالضبط، هل بإمكانك اخبارى..!؟..
تراجعت حدة نظراته، وهو يهتف في ثورة عارمة..

لم تتخطى مخيلته، : - مشكلتى..!؟، انتِ مشكلتى، وكل ما اعانى، وسقوطك الوشيك ذاك، كان من المفترض ان يكون بين ذراعىّ أنا، وأنا فقط، أفهمتى..!؟.
كان يتمنى لو يهتف بتلك الكلمات، كان يتمنى ان تسمعها بحق، لكن لم يكن يجرؤ على فعل ذلك..
وبأى حق، سيتمكن من فرض سيطرته على تصرفاتها وافعالها، سيوصم بالجنون، حتماً..
-حسنا، همس وهو يغرس أصابعه بين خصلات شعره في اضطراب، ويهز رأسه في تردد، ويتركها.

وحيدة، ليلحق بالسيدة رحمة في مكتبها..
ولحقت هي به، وقد جعلها تصرفه، في قمة الحيرة، والعجب..
ها هي الان، على اعتاب مكتب السيدة رحمة وقد سمعته يطلب الأتى، : -أريد ان أتطوع هنا في الجمعية
-ولما لا..!؟، هذا يشرفنا بالطبع، لكن، حضرتك غير قادر على القراءة بطريقة بريل، لتعليم الاطفال المكفوفين، او حتى لديك اى معرفة بلغة الإشارة..
لتساعد الانسة رحاب مع الاطفال ضعاف السمع..!؟

ونحن في أمس الحاجة، لمتطوعين في المجالين..
كان هذا جواب السيدة رحمة على عرضه الغريب..
وهي تدلف لداخل المكتب وتتخذ لها مقعدا، بعيدا عن
مجال نظراته، والتى اصبحت توترها لسبب مجهول عنها..
أجاب مبتسماً: - لكننى ماهر جداا في رواية القصص
للصغار..
كان الشئ الوحيد المتبقى في ذاكرته، عن ابيه، بخلاف تلك الصورة الباهتة، التي تزين مكتبه..

في حجرة نومه، التي كان ومازال يشغلها، منذ مولده، وحتى الان، وبرغم زواج أمه من أخرين، ربما زوج، أو أثنين ربما، فلم يعد يتذكر، ولا يريد، الا ان اى منهم، لم يحتل قط، معزة والده في قلبه، ذاك الراحل الحاضر الغائب في ذاكرته، كان رائع حقا، في رواية القصص الخيالية..
والتى لم يكن يهنأ له نوماً، الا بسماعه احداها، ، من بين شفتى ذاك الرجل المميز...

والذى، يكاد يجزم انه يسمع همساته تخترق أذنيه الان، كما كانت، منذ مولده، حتى اضحى طفلا لم يتخطى الثامنة من عمره، حين توفاه الله..
جذب نفسه بقوة من أتون ذكرياته، وهو يستطرد: -
يمكن ان أخصص بعض الايام، لأقص الحكايات على الاطفال المكفوفين، حتى تعثروا على من يعلمهم
الكتابة بطريقة بريل، ويمكن ايضا، ان أتعلم لغة الإشارة، اذا تكرمت الانسة رحاب بمساعدتى..
-ماذا..!؟، هتفت رحاب دون وعى..

-ولما لا..؟!، فكرة رائعة يا رحاب، نظرت اليها رحمة، بتعجب لاستنكارها، ثم عاودت النظر لمازن، قائلة، لا أعرف كيف أعبر لك عن امتنانى، لكل ما قدمته، وتقدمه للجمعية، جزاك الله خيرا..
كان رده ابتسامة هادئة، وجهها لرحمة، وانتقل بها تدريجيا لرحاب، حيث كانت تجلس، ولم يمنعها ابتعادها، من وصول دفء تلك الابتسامة اليها..
واستطرد في نبرة مشاكسة: - متى نبدأ أول درس!؟

-أه، حسنا، أجابت في اضطراب، عندما تحدد الايام التي ستأتى فيها، يمكن ان تتضمنها الدروس
-هذا مناسب تماما، قالها وهو يغمرها بنظرة شملتها
من قمة رأسها، حتى أخمص قدميها، جعلتها تشتعل خجلا، هذا الرجل يثير حنقها وجنونها..
نهض مودعا، في هدوء على غير العادة، ولا رغبة لديها، لتصاحبه حتى الباب، ولم تفعل، لتتركه يرحل وحيداً...
على أيه حال، هو لم يعد ضيفاً، أليس كذلك..!؟.

فسيصبح فردا، من افراد الدار، وعليه الا يتوقع معاملة خاصة..
انتشلتها السيدة رحمة من خواطرها الحانقة تجاهه
وهي تؤكد بلهجة تحمل الكثير من التقدير: -
-رجل رااائع بحق...
-من تقصدين..!؟، الدكتور خالد، انه لكذلك..!؟، قالت رحاب، في تأكيد..
-طبعا الدكتور خالد رجل محترم جداا، أجابت رحمة، لكن، ليس هو المقصود، انه السيد مازن..

لم تنطق رحاب، بكلمة واحدة، تأكيدا أو نفيا، مما جعل رحمة تستطرد، انا لا أعلم سر ذاك التحول العجيب، كان دوما ما يصدنى، ولا يلين ابدا، او يتعاطف مع دعواتى للتبرع لدارنا، بالاجهزة الطبية التي يعمل في مجالها، لكن، على ايه حال
ربما كانت زيارته للدار قد غيرت من قناعاته..
كانت رحاب تستمع لكلماتها دون تعقيب بحرف واحد
كل ما جال بخاطرها الان، هو انها، تتعجب حقا..

من ذلك التبدل في موقفه، هل يمكن ان يكون لها يد في ذلك التغير، حتى ولو بقسط بسيط؟!؟! لامت نفسها على ذلك الخاطر فهو، لم يكن يعرفها من قبل ولا يعلم أين تعمل، وحتى ذاك التصادم في المركز التجارى، لم يمنحهم فرصة للتعارف..
وغابت في خواطرها من جديد، كيف سيكون درسهما يا ترى..!؟، وهي التي لا تستطيع التواصل معه لحظات، دون ان ترتجف خجلا..
وترتعد من تأثيره الطاغى، على أعصابها،!؟.

ساعدنى يا رب،!؟، هتفت في رجاء، وهي تتذكر كيف ألقى، بأحدى نظراته، وهو راحل..
تاركا إياها، تلملم المبعثر من ثباتها..



المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
رواية صغيرتي الحمقاء زهرة الصبار
39 7007 زهرة الصبار
رواية انتقام ثم عشق زهرة الصبار
38 4069 زهرة الصبار
رواية حبيب الروح زهرة الصبار
39 3103 زهرة الصبار
رواية لا ترحلي زهرة الصبار
36 2977 عبد القادر خليل
رواية أحببت فاطمة زهرة الصبار
74 3424 زهرة الصبار

الكلمات الدلالية
رواية ، صوتها ، الوردي ،


 





# فنون # مشاهير # صحة # منوعات # الأطفال # English # تفسير الأحلام ثقافة # قصص # سيارات Cars # صور # تقنيات # الاجهزة الالكترونية # المطبخ # كلام فى الحب # أبراج # رياضة # ازياء # حكم وأقوال تطوير الذات# خلفيات # صور بنات # مشاهير # ديكور # صباح الخير # مكتوب برقيات شهر رمضان # جمعة مباركة # حب رومانسية # عيد # ادعية # خلفيات كرتون # منوعات # موضة # الأم # أطفال # حيوانات # صور ورد # اكلات # New Year # مساء الخير # اللهم صلي علي النبي # القران الكريم # صور نكت # عيد ميلاد # اعلام # سيارات # تهنئة الخطوبة # حروف واسماء # الغاز # صور حزينة # فساتين # هدايا # خلفيات النادي الاهلي # تسريحات شعر # الاصدقاء # بوستات نجحت # خلفيات نادي الزمالك # حب رومانسية # تهنئه # ازياء # صور بنات # صوره وكلمه خلفيات # كرتون # بروفايل رمزيات # دينية # سيارات # مضحكة # أعلام # مسابقات # حيوانات # ديكور # أطفال # أكلات # حزينة صور شباب أولاد ر# صور # الطب و الصحة # مقالات عامه # CV المشاهير # وصفات الطبخ # العناية بالبشرة غرائب وعجائب # قصص روايات مواعظ # صور حيوانات # وصفات الحلويات # الرجيم والرشاقة # نكت مضحكة # صور خلفيات # العناية بالشعر # شروحات و تقنيات # videos # Apps & Games Free # موضة أناقة أزياء # سيارات # ديكور # رعاية الأطفال # نصائح المطبخ # موبايل جوال # الفوركس # التعليم والمدارس # الحمل و الولادة # اخبار الرياضه # وظائف # صحة المرأة # حوادث # صور بنات # صور اطفال # مكياج و تجميل # عناوين بنوك شركات محلات مطاعم # العاب الغاز # عيد # كلمات الاغانى # اشغال فنيه واعمال يدويه # مصر # أشعار خواطر # للنساء فقط # للرجال فقط # صور شباب # علاج النحافه # رسائل SMS # أكلات نباتية - Vegetarian food # برامج الكمبيوتر # المراهقة # جمعة مباركة # blogger # رعب # لعنة العشق # حب # اسلامية # قاسي ولكن أحبني # أحفاد أشرار الحرب لأجلك سلام # أسمى معاني الغرام # حقيقية # لقد كنت لعبة في يده # ملهمة # أباطرة العشق # عربية # حب خاطئ # لست مميزاً # من الجاني # مشاهير # راقصة الحانة # اغتصاب طفلة # عاشقان يجمعهم القدر # الطريق الصعب # خيال علمي # أشواك الحب # تاريخ # سجينة ثوب الرجال # لروحك عطر لا ينسى # أطفال # عشق وانتقام # لازلت أتنفسك # لقاؤنا صدفة # للحب معان أخرى # خاتم سليمان # ممن أنتقم # نجاح # أبواب وهمية # حلمى فى صفيحة قمامة # فيلم # مجنون بحبك # بين شباكها # حزينه # رحلات جوليفر # عذاب قسوته # عندما ينادي الشيطان # لعنة حبك # مريم وامير # هدوء في قلب العاصفة # الحاسة السادسة # المشعوذة الصغيرة # عباقرة # لوعة العشق # حروب # قدر بالإجبار # بنات مضحكه# فوركس Forex# صحتك # الصور والخلفيات # الطبخ والحلويات # منوعات # اخبار الفن # القصص و الروايات الألعاب الرياضية # الحياة الزوجية # أزياء وملابس # الأم و الطفل # دراسات لغات # افكار منزلية # انترنت تكنولوجيا # صفات الابراج # حيوانات ونباتات # تفسير الاحلام # معانى الاسماء # خواطر و اشعار # الكون والفضاء اجمل نكته# Mix # Forex # youtube # foods # Kids # Health education # stories # News # kitchen # woman # Famous # Sport # Animals

-------

الساعة الآن 10:01 صباحا