وعندما تضيع أنت فراغ يقدم نفسه إليك بألغام العقل الاضطرارية، تعض على أصابعك ندمًا ولتقل يا ليتني لم افسد عيشتي ! إنهيار ذاك او افظع ما لفح به فجعله يتسابق مع الريح في السقوط... منذ ان جلبها للمستشفى وذلك الطبيب لم يخرج حتى الان... كان يسير ذهابًا وايابًا، يأكل الطرقات غلًا ولومًا وألمًا...! واخيرًا خرج ذلك الطبيب بعد فترة طويلة، ليسارع صقر متساءلاً: -طمني يا دكتور هي كويسة؟! سأله الطبيب بهدوء:.
-أنت زوجها؟ اومأ صقر مؤكدًا، ليخبره بأسف: -للاسف خسرنا الجنين، ربنا يعوض عليكم، أحنا عملنالها تنضيف للرحم وبعد شوية هتفوق تقدروا تطمنوا عليها ثم تركه ليرحل.. بضعة حروف أحاطته كسلاسل من لهب تخنقه ، تخنقه بشدة حتى بات يشعر أنه لا يستطيع الفرار! كيف سيرا وجهها؟! كيف سيخبرها، كيف سينظر في عيناها من الاساس! والاهم كيف تسبب هو بتلك الخسارة الفادحة!؟ لم يشعر بنفسه وهو يضرب الحائط بعنف بيده صارخًا:.
-انا السبب، انا السببببببببب! اقتربت منه والدته مسرعة تحاول تهدئته: -اهدى يا حبيبي ده قدر ربنا، ربنا هيعوضكوا غير ان شاء الله ظل يهز رأسه نافيًا بألم: -لا، مش هتسامحني، عمرها ما هتغفر الغلطة الغير مقصودة دي اقتربت منه نيرمين ببطئ، لتهمس بفرح حاولت اخفاءه: -اذا كان ربنا بيسامح هي مش هتسامح؟! وبعدين في الف واحدة يتمنوا تشاورلهم بس عشان تخلفلك العيل اللي نفسك فيه!
كان يجز على أسنانه بغيظ حقيقي، وكأن تلك البراكين ستنفجر داخله الان فتدمر اي شيئ...! نظر لها نظرة ذات مغزى وهو يهدر فيها بعنف: -محدش هيجيب العيل ده غيرها هي، هي بس! ثم تركها ليدلف لغرفة تلك المعشوقة... رآها تتسطح على الفراش، وجهها شاحب يوازي شحوب الموتى..! جلس على طرف الفراش لجوارها، ليجدها تبدأ باستعادة وعيها وهي تتأوه واضعة يدها على بطنها... مد يده يضعها على يدها برفق هامسًا بصوت مبحوح:.
-اسف، اسف يا حبيبتي بدأت هي تأن بصوت مكتوم وهي تضغط على بطنها: -ا آآ ابني، جسااااار، جسار! كور قبضته بعنف وهو يراها تستنجد بغيره حتى قبل أن تستعيد وعيها كاملًا.. ماذا إذا استعادت كامل قواها؟! طرقات قوية صدحت كالبوارق داخله وهو يراها تفتح عيناها البنية بضعف، وبمجرد أن رأته انتشلت يدها من اسفل يده وهي تصرخ فيه مزمجرة: -انت بتعمل اية هنا ابعد عني! حاول الاقتراب منها يهدئها قليلا: -حبيبتي اهدي، أنا آآ.
ولكن على العكس تماما ثارت اكثر وهي تحاول النهوض مزمجرة فيه بجنون هيستيري: -ابعد عنييييييي انا مش حبيبتك انا بكرررهك اطلع برررره بررره مش عايزة اشوفك! وعندما كاد يتحدث وجد الطبيب خلفه يستأذنه بجدية هادئة: -لو سمحت يا صقر بيه، أنت كدة بتتعب المدام اكتر، سيبها براحتها عشان مايجيلهاش انهيار عصبي شعر بكل ما بُني بينهم هُدم بلحظة، ومع كل حجر من بناء عشقهم المتيم يسقط، يشعر بجبل من الالم داخله يزلزله..!
اقترب منها مسرعا يمسك وجهها بين يداه هامسًا بلهفة: -ترنيم أنتِ عارفة أني ماكنتش اجصد أموت ابننا، صح؟ أنتِ عارفة اني بحبك وماجدرش ابعد عنك! اكيد ربنا هيعوضنا بغيره كتير لمعت تلك الحمرة من البكاء بعينيها وهي تردد بشراسة نافية: -على جثتي، غلطة ومش هكررها تاني ابدا، انا بكرهك لا يمكن اعيش معاك او اخلف منك! يا الله من قساوة كلماتها التي ظلت تُذبح فيه ببطء ولكن دون ان تقتله!..
كان ينظر لها بتوهان وكأن كلماتها خدرته، إلى أن وجدها تنفض يده عنها بقوة مغمغمة للطبيب: -لو سمحت طلعه بره مش عايزة اشوفه نهض ببطئ وكأنه مشلول لا يقوي على الحركة، حمرة البكاء بعينيها زادت الطين بلاً، وخاصة وهي تكمل بأشمئزاز منه: -اخلف منك تاني عشان اقول لعيالي ابوكم هو اللي قتل اول اخ ليكم؟! لا، يا صقر لا مستحيل، مفيش حاجة هتجمعني بيك الا عزايا ليوم الدين!
بلحظة كان امامها يحتضنها رغمًا عنها بانهيار اشعرها انه يمنع نفسه عن البكاء بصعوبة ؛ -لا يا ترنيم، انا ماجتلتش ابني، اللي حصل ماكانش جصدي، أن، سامحيني ابتعدت عنه وهي تنظر له بازدراء: -بره! سحبه الطبيب برفق وهو يهمس له: -صقر بيه... ولكنه نفض يده بعيدًا عنه لينهض راكضًا للخارج... لا تطيق رؤيته، اصبحت تمقته، لا تريد أن تنجب منه تحت أي مسمى... والادهى تريد الانفصال عنه؟!
بعد تلك المعاناة ليجتمعوا تريد الانفصال عنه! ركب سيارته ثم بدأ يدب على المقود بقوة صارخًا بصوت متألم مذبوح: -لااااااااااااا...
بينما في الداخل نظرت ترنيم للطبيب مرددة بصوت مبحوح: -لو سمحت عاوزه موبايل هعمل مكالمة اومأ الطبيب موافقًا بسرعة: -طبعا طبعا، اتفضلي اعطاها الهاتف لتدون رقم جسار الذي اجابته بعد دقيقة بصوت مُرهق ضعيف: -جسار -ترنيم؟ مالك يا حبيبتي مال صوتك! وتليفون مين ده -جسار انا في المستشفى، أنت لازم تيجي تاخدني -أية! مستشفى؟ مالك، أنتِ كويسة والبيبي كويس؟
عندها ظلت تشهق باكية بعنف وهي تخبره وقد تمزقت حروفها لاشلاء كما روحها الان: -مات، ابوه قتله من قبل ما يكمل شهر حتى! -انا جايلك يا ترنيم اهدي، كام ساعة وهتلاقيني ادامك ارجوكِ اهدي صرخت فيه بانهيار: -متتأخرش تعالى خدني انا مش طايقه اشوفه في مستشفى ، الخاصة -حاضر حاضر اهدي أنتِ بس -سلام أغلقت الهاتف لتعطيه للطبيب الذي دلف ما إن سمعها أنهت المكالمة، فشكرته بصوت يكاد يسمع: -شكرا همس لها بلطف: -انا تحت امرك.
استدار ليغادر بهدوء، لتنهار هي بحسرة واضعة يدها على بطنها... وبالخارج اثنان من العيون يراقبانها بشماتة...
عانى ليث حتى يضعها على الفراش بسلام، متجاهلًا كل آلامه المتزايدة، فألمها النفسي يُهلك روحه المرتبطة بها اكثر...! حاول الإسراع قدر الامكان ليجلب زجاجة وعطر برفيوم ثم بدأ يحاول إفاقتها.. دقيقة والثانية والشك يتسع بفجع بين دوائر العقل داخله، يملأها حتى كاد ينفجر بانهيار متساءلاً... واخيرًا استعادت وعيها فظلت تهمس وهي تهز رأسها نافية: -لأ، سبني لاااا.
امسك بوجهها بين يداه، ليردد بحشرجة حقنتها الغيرة العمياء: -فجر، فجر قومي فوقي مالك؟ كان شبه متمدد لجوارها، فاقتربت منه اكثر بتلقائية لتدفن نفسها بين ذراعيه التي كانتا دائمًا مصدر لامتصاص الهلاك منها... ضمها له برقة، إلتصق بها كثيرًا وهي كقطة وديعة أفزعتها زمجرة أسد شرس تهرب بين ثنايا صدره... يداه احاطت خصرها ببطء ثم همس وشفتاه تلامس اذنها: -مالك؟ وصله صوتها المختنق:.
-مش عايزة اتكلم، خدني في حضنك وبس، ضمني جامد تأوه بصوت خفيض، ها هي تطلب الانتماء لجنة حُفرت بأسمها...! ظل يضغط على خصرها برفق وهو يجذبها له أكثر، فارتفعت يداها بتلقائية تتشبث بلياقة قميصه... وأنفاسها التي كانت ك وقود لأشتعال روحه لفحته بقوة، فاقترب من وجهها، شفتاه تتلمس أذنيها بشغف وهو يهمس: -ارحميني... بينما داخله يكمل بجنون يعجز عن الأفصاح به.
ارحمي ضعفي، ارحمي شوقي، ارحمي عشقي الذي يطالب بكِ يا صغيرتي ! رفعت عيناها له، بدت له ليست طبيعية بالمرة، كانت في حالة غريبة تلاطمت بين التوهان، والاحتياج!؟ تلمست ذقنه النامية بأصبعها، ليمسك هو بأصبعها مرددًا بحزم: -فجر، ارجوكِ انا مش عايزك تكرهيني اكتر! عندها إنفجرت في نشيج حار مزق نياط قلبه رويدًا رويدًا... فظل يمسح على رأسها عدة مرات وهو يردف بحرقة لها:.
-قوليلي مين اللي عمل فيكِ كدة وأنا وديني همحيه من على وش الدنيا لا يدري أن كلماته زادتها اصرار حتى لا تخبره... لا تريده أن يتهور.. وجدها تدفن وجهها عند عنقه وهي تهمس: -ارجوك سبني براحتي، خدني في حضنك من غير ما تتكلم وبالفعل هذا ما فعله، ضمها له بقوة يستنشق رائحتها التي يعشقها بجنون بعد معاناة جاهد فيها نفسه ليضبط أنفاسه الثائرة...
روحه التي تتلوى من الاشتياق واللوع بها، ولكنها لم تنتبه أن حركاتها العشوائية تثير به ما لم تثيره امرأة سواها!
خرج بعد فترة تاركًا إياها تنام بسلام... ليجد والدته دلفت للتو لتهتف بفزع ما إن رأت الدماء التي تنزف من جراحه: -يا خبر أبيض! أية اللي حصل؟ جرحك بينزف لية؟ وضع يده موضع الالم ولم يجيبها بل توجه ناحية المرحاض، ليجدها تأتي خلفه متساءلة بقلق: -جارتنا قالتلي أنها شافت فجر طالعة بتجري وبتعيط شكلها مش طبيعي، أية اللي حصل؟ أجابها باقتضاب: -مفيش اقتربت منه تقف خلفه تمامًا، ثم وبصوت مبحوح راجي سألته:.
-مش ناوي تسامحني يا ليث؟ تجاهلك ليا اكبر عقاب يابني ابتسامة قاسية ماتت ألف مرة داخله قبل أن تخرج ظهرت على ثغره الملتوي وهو يخبرها: -ده العقاب لسة مابدأش يا، مدام كوثر! اغمضت عيناها بألم حقيقي، لا تدري أهي نادمة ام لا...!؟ ولكنها تتألم وبشدة من تجاهله القاسي لوجودها الاضطراري!..
وصل جسار بعد فترة ليست بطويلة ولكنها ليست قصيرة... كان يهرول راكضًا نحو المستشفى إلى أن وصل امام الاستقبال فسأل الجالسة: -اوضة حرم صقر الحلاوي فين؟ اشارت له مجيبة بجدية: -تاني اوضة على اليمين لم يسعفه لسانه لنطق كلمة شكر حتى فانطلق نحو الغرفة... وما إن دلف ورأته ترنيم حتى أجهشت ببكاء حار تتلوى منه احشاؤوها وهي تهتف بأسمه: -جساااار احتضنها بلهفة مرددًا بتوجس حزين:.
-يا روح جسار، مالك يا حبيبتي؟ أية اللي حصل فهميني بدأت تقص كل ما حدث على مسامعه، وما إن أنتهت شعرت أنها كانت في معركة جاهدت فيها لتصنع جنودًا من حروفها الواهية فتستطع إيصال احتراقها له!.. فقال جسار مذهولا: -لا اكيد في حاجة مش غلط، صقر استحالة يعمل كدة بدون سبب زمجرت فيه بعصبية: -ماتجبش سيرته ادامي، أنا مش عايزة اعرف هو عمل كدة لية اصلا، خدني عند ماما وبس لو سمحت اماء موافقًا على مضض:.
-حاضر يا ترنيم، حاولي إنتِ بس تهدي نفسك لاني لسة مالحقتش أمهد لها وجودك زي ما اتفقنا -حاضر قالتها وقد اومأت موافقة دون كلمة اخرى، فنهض هو ينهي اجراءات خروجها من المستشفى...!
وصل صقر بعد ساعات قليلة... توجه نحو غرفتها مباشرة ولكن وجدها فارغة، إنتفض قلبه الرابض هلعًا وهو يركض نحو موظفة الاستقبال يسألها: -فين مدام ترنيم؟ زوجتي كانت في الاوضة دي اومأت وهي تنظر للحاسوب الذي يقطن امامها قائلة بهدوء: -لحظة يا فندم بعد دقيقة رفعت رأسها له لتجيب بجدية رسمية: -لأ خرجت يا فندم سألها بصوت على حافة الانهيار غير مصدقًا: -خرجت! خرجت ازااااي؟ اجابت بتوتر على الفور:.
-خرجت مع اخوها، جسار الحلاوي ظل يضرب المكتب بقبضته عدة مرات بعنف وهو يصرخ مزمجرًا: -يعني أيييييية خرجت مع اخوها؟ هو مش أنا اللي جايبها هنا! ازاي تخرج من المخروبة دي بدون ماعرف؟ رددت بلهجة جادة حاولت جعلها ثابتة: -صقر بيه، قوانين المخروبة اللي حضرتك بتتكلم عنها بتقول إننا بنسلم المريض لاي حد من اهله..! تركها ليغادر يأكل الخطى بجنون... رحلت؟ تركته للابد دون عودة! رفضت حتى رؤيته لاخر مرة كما تزعم...!؟
يا الهي، يشعر انه حقًا بين احضان الجحيم... أنه في مغارة سوداء سيموت من الاختناق إن لم يخرج منها الان! اخرج هاتفه يتصل بجسار، مرة، واثنان، وثلاثة ايضًا ولكن في كل مرة تخبره تلك اللعينة ببرود الهاتف الذي طلبته مغلق او غير متاح، برجاء معاودة الاتصال في وقت لاحق ألقى بهاتفه في السيارة بأهمال، وسواد مُخيف اشتعل بحدقتيه وهو يردد بزئير أسد مُهدد بالافتراس:.
-لاااااااا، لااا يا ترنيم أنتِ بتاعتي، بتاعتي أنا ومش حتجدري تبعدي عني مهما حاولتي!
بعد فترة### أوصل جسار ترنيم منزلهم اخيرًا بسلام، وبمجرد أن رأتها والدتها تجمدت مكانها من هول الصدمة... متسعة الفاه والحدقتين تحاول التصديق أن ابنتها التي حُرمت منها تقف امامها الان! بينما اقتربت ترنيم جدا منها حتى قالت بصوت مبحوح: -ماما سحقتها والدتها في عناق حار، متلهف، محترق بعذاب أم عانت من الفراق اللعين مرتان! فظلت تردد بلا توقف: -ترنيم، بنتي، أنتِ كويسة يا حبيبتي، ااه يا ضنايا وحشتيني اوي.
سكنت ترنيم بين أحضانها تبكي بصمت، كيف لم تدري أن تلك السيدة التي عاشت معها اثناء فقدانها الذاكرة لم تكن خالتها كما ادعت؟! تلك كانت احضانها جافة باردة كمعاملتها، ولكن والدتها تحمل حنان واشتياق من نوع اخر...! جلسا جميعهم بعدما سلمت على نور التي هللت بعودتها هي الاخرى... وقصت عليهم بعض ماحدث معها وكان جسار معاون لها.. فبادرت نور بسؤالها الفضولي علها تخفف من توتر الموقف:.
-الا قوليلي يا ترنيم؟ ازاي معرفتيش ان الناس دول مش اهلك! تنهدت ترنيم وهي تجيبها بخفوت:.
-لما العربية اتحرقت وانتوا فكرتوني مُت جواها، هما كانوا لاقوني واخدوني على اقرب مستشفى ومن كتر الحروق اضطروا يعملولي عملية تجميل اللي معرفش جابوا فلوسها منين، بس تقريبا استلفوا من طوب الارض علشان يستفادوا بيا بعدين خصوصا لما عرفوا اني فقدت الذاكرة، اخدوني على الصعيد وانتم طبعا قالبين اسكندرية عليا وفكرتوا اني مُت في ساعتها في الحريق، لما بدأت اسأل جابولي شهادة ميلاد عليها اسمي تقريبا عملوا كتيير عشان يعرفوا يطلعوها هي والبطاقة، واقنعوني انهم اهلي وانهم ربوني بعد وفاة امي وابويا، وعشت 8 شهور ملاقتش حد غيرهم فحياتي فاقتنعت انهم اهلي بس اللي محيرني اني بعد ما رجعتلي الذاكرة سألت عليهك لقيتهم اختفوا من الصعيد!
ضمتها والدتها لها بحنان مرددة: -الحمدلله، الحمدلله يابنتي، لكن فين ج جوزك؟ قصدي ابن عمك صقر احتقن وجه ترنيم على الفور بحمرة مُشققة اخبرتهم انها على وشك البكاء، فقال جسار مسرعا: -بعدين يا امي بعدين، خليها ترتاح دلوقتي! اومأت والدته موافقة على مضض بعدما شعرت أن هناك خطبًا ما بأبنتها...
صباح اليوم التالي... كان جسار في غرفة الملاكمة فنام هناك رغمًا عنه من الارهاق.. دلفت نور بخطى بطيئة لتجده ينام بهدوء تام، ابتلعت ريقها بتوتر وهي تقترب منه بهدوء حتى اصبحت امامه... وما إن كادت تمد يدها لتهزه حتى وجدته يفتح عيناه فجأة مرددًا بصوت أجش: -خير؟ حاولت سحب ذراعها الذي قبض عليه بعنف وهي تهمس بتوتر: -م ماما بعتتني اقولك ان الفطار جاهز. فكرتك صاحي!
نفض يدها بعيدًا عنه، وبصوت ساخر جلدها بقسوة لم تعهدها منه قال: -وهي ملاقتش غيرك يقولي على الفطار؟ ده أنتِ سديتي نفسي على الصبح! ألم خلف ألم داخلها وصداه يتردد فيكسر قشرة التماسك الواهي... أهذا هو العاشق الذي كان يتمنى أن تقترب منه لأي سبب؟! ولكن مهلاً، عندما يختلط العشق بالسواد يصبح نكهة اخرى من العذاب...! انتبهت لصوته يطردها بوقاحة: -اطلعي بره، أنا هاجي اومأت بصمت فكادت تخرج ولكن اوقفها نداءه: -نووور.
إلتفتت له تسأله بهدوء: -نعم؟ رسم ابتسامة غامضة ملفوفة بالقسوة وهو يخبرها باختصار: -استعدي عشان في مفاجأة مجهزهالك على وجه الخصوص هتعجبك اووي اومأت موافقة ولا تدري لم شعرت بالقلق من مفاجأته تلك...
خرج بعد فترة ليفطر معهم، وما إن انتهوا سمعوا صوت الباب يقرع فنهض جسار قائلاً بجدية: -الحمدلله، واهي جت في ميعادها مظبوط نظر الجميع له بعدم فهم، ليغادر يفتح الباب لشاهينار التي دلفت معه بابتسامة واسعة... وما إن رأتهم نور حتى ابتسمت بقهر وهي تدرك ما هي مفاجأته... مفاجأته المؤلمة، مؤلمة جدا في الحقيقة! نظر لوالدته وهو يمسك يد شاهيناز مرددًا بجدية: -انا هخطب شاهيناز يا امي، ده لو معندكيش اعتراض اكيد.
ردت والدته بعد صمت دام لدقائق: -لا معنديش يابني المهم راحتك، بس هي الامور بتتاخد ك... ولكنه قاطعها وهو يكمل بحدة قاسية بعد أن إلتقت عيناه بعينا نور المصدومة من تكملة حديثه: -وهي عارفه اني مضطر أتجوز نور عشان ابن اخويا مؤقتًا وراضية ضغط على كلمة مضطر التي جعلت نور تهبط لسابع ارض ساقطة بعنف... وقد استنتجت أنه فاتح والدته بموضوع زواجهم؟! بل والاهم انها ارتضت ذلك...!
سقط الطبق الذي كانت تحمله نور من يدها ارضًا، فأسرعت تحاول لملمته بتوتر وهي تعتذر: -اسفة وقع غصب عني جرحت يدها دون قصد فتأوهت بألم، لتجده يقترب ببطء حتى اصبح فوقها يقول بخشونة حادة اقرب للهمس سمعتها هي وشاهيناز فقط: -تبقي خدي بالك، اصل شاهي حامل واخاف تتعور بعيد الشر وتقع!
ثم احاط خصر شاهيناز بحركة مباغتة ليتجاوزها بعد أن دفعها بقدمه عن عمد فانغرزت يدها بالزجاج المتهشم اكثر، لتهبط دموعها موازية دماءها التي سالت على الاطباق!..
وصل صقر منزله اخيرًا، ولكنه كان لثم سكران ولاول مرة بحياته! لم يشعر بنفسه مذ أن غادر المستشفى فتوجه لملهى ليلي على الفور دون وجود للعقل معه...! بمجرد أن دلف رأته نيرمين فأسرعت له متساءلة بقلق من هيئته: -صقر؟ مالك؟! أنت سكران ولا إية! ده انت عمرك ما عملتها حاول ابعادها عنه وهو يترنج مزمجرًا بصراخ: -ابعدي عني، أن أنتِ السبب، بعدت عني، سابتني، انا... ثم ظل يضحك بقوة مكملاً وهو لا يعي شيئ:.
-انا جتلت ابني، جتلت ابني من حبيبتي! شعرت نيرمين بالشفقة لوهله على حالته، ولكنها فرصتها التي لن تعوض! وضعت ذراعاه عليها لتستنده وهي تهمس له: -طب تعالى يا حبيبي أطلعك فوج رغمًا عنه أنصاع لها، اوصلته غرفتها، اقتربت به نحو الفراش بسقط غير قادرا على الوقوف... تمدد على الفراش فأتكأت هي فوقه لتقترب منه كثيرًا هامسة بصوت مدلل: -وحشتني! وتعمدت أن تنطقها بلهجة عادية ك ترنيم ولكنه ظل يأن بهمهمة غير مفهومة...
لتقترب هي منه متلمسة ذقنه النامية بوجنتها وتردد له: -اهدى، ده انا حبيبتك برضه ثم بدأت تفتح ازرار قميصه ببطء مثير وهو غير مدرك لأي شيىء...!
بعد مرور أسبوع ونصف تقريبًا... دلف جسار لغرفة ترنيم التي تمكث بها معظم الوقت، ليقترب منها مقبلاً جبهتها بحب قائلاً: -حبيب قلبي بتعمل اية؟ هزت رأسها نافية بابتسامة واهنة: -ولا حاجة تنهد جسار بعمق قبل ان يخبرها: -في حفلة للمجموعة اللي بشتغل فيها، وإنتِ هتيجي معايا هزت رأسها نافية باستنكار: -أنا؟ لا طبعا خد نور معاك هز رأسه نافيًا، وبلحظة تحول لون صوته للقتامة وهو يستطرد:.
-لأ. شاهيناز جايه وأنتِ كمان لازم تيجي معايا، هعدي عليكِ على الساعة 7 تكوني جهزتي ثم نهض ولم يترك لها فرصة الرفض او النقاش، لتزفر بضيق قبل ان تنهض لترى ماذا سترتدي...!
مساءا في الحفلة... كان ليث يدلف مع فجر كونه واحدًا من ضمن العاملين بالجموعة... واخيرًا استطاع اقناع فجر بالمجيئ علها تخرج عن حالة الرهبنة التي تحبس نفسها بها قليلاً! بدأت الحفلة وكان المدعوين كثيرًا، فوجد جسار مقبل عليه بابتسامة هادئة: -اهلا بالبيج بوص، اية يابني محدش بيشوفك لية؟ ابتسم ليث وهو يصافحه: -مشاغل الدنيا بقا اومأ جسار متفهمًا ولم يتخل عن ابتسامته. بينما اقتربت فجر من اذن ليث تهمس بتوتر:.
-ليث انا هاروح الW. C وجاية على طول اومأ ليث موافقًا على مضض، ثم انشغل بحديثه مع جسار... بينما ظلت فجر تتلفت حولها خوفا من كونه يلحق بها.
وبعد دقائق معدودة أنهى حديثه مع جسار ليتوجه نحو المرحاض ليرى فجر التي يقلق عليها من نسمات الهواء الطائرة... ولكن في طريقه للمرحاض سمع صوت من جهة فارغة من الناس فتوجه له على الفور... وهاله ما رأى جعل عيناه تحمر بلهيب غامق مُخيف، قد رآها، رأى زوجته في احضان ذلك اللعين عمرو !
بينما على الجهة الاخرى... كانت ترنيم جالسة بهدوء تراقب الجو بصمت، لتجد صديق جسار يقترب منها هامسًا بلطف: -ممكن ترقصي معايا لو معندكيش مانع؟ رسمت ابتسامة صفراء على وجهها، ولم تجد مانع فهو يعد زميل في العمل لا اكثر!.. نهضت وهي تومئ موافقة بابتسامة باهتة: -اوكي امسك يدها ببطئ ووقفا على حلبة الرقص لتبدأ الاغنية -Slow- أحاط خصرها كالمعتاد وهو يردد لها بإعجاب واضح:.
-تسمحيلي أبدي إعجابي الشديد بفستانك الاحمر ده وبالفعل كان كلامه جزءا من الحقيقة الواضحة، كانت مبهرة حقا، ترتدي فستان أحمر ذو اكمام وطويل حتى كعبيها ومُطرز برقة ولكنه ضيق نوعًا ما، بالاضافة لمساحيق التجميل الخفيفة التي وضعتها... فبدت كالبدر الذي أنار ليلة مظلمة! نظرت له مرة اخرى هامسة بأناقة: -ميرسي، ده من زوقك وفجأة وجدته، وجدت صقر امامها يجذبها من بين أحضان ذلك الرجل ثم يلكمه بعنف بكل قوته...
شهقت مصدومة وقبل أن تستوعب ما فعله كان يسحبها من يدها بقوة خلفه متجهًا لاحد الاجزاء الخالية من المدوعين...! خفق قلبها بعنف بين ضلوعها وكأنه على وشك الخروج... ومعركة من نوع اخر على وشك النشوب! ظلت تعود للخلف وهي تهمس بأسمه مصدومة: -صقر... اومأ مؤكدًا ونظراته تغيم بسحابات تعرفها جيدًا، ظل يقترب ويقترب كثيرًا حتى بات اقترابه خطيرًا وهي لا يقلقها سوى تهوره هنا فيزيد الطين بلاً!..
جميع الإنذارات ضربت بعقلها في تلك اللحظات... أصبح خلفها تمامًا، بينهما نقطة لا تُذكر من الفراغ، محاها هو وهو يلتصق بها عمدًا محاوطًا خصرها بتملك... فشهقت وهي تحاول إبعاده عنها بضيق: -أبعد عني ولكنه لم يلبي طلبها الواهي الذي يُضاهيه ألاف النداءات التي تطلب القرب داخله..! رفع إصبعه يسير به ببطء يتحسس ظهرها من أعلاه إلى أسفله، ببطء، ببطء شديد حتى سارت قشعريرة متناغمة على طول عمودها الفقري..!
ابتلعت ريقها بتوتر وهي تحاول الابتعاد عنه.. تبًا له، يعرف كيف يفقدها الأحساس بالدنيا وما فيها! يعرف كيف يدمجها معه في خليط يصعب فكه..! إلتفتت مسرعة لتعطيه وجهها ليزيل يده عن ظهرها، ليرفع يده يده يقبض على ذراعها بعنف وهو يسألها: -ازاي تسمحي لنفسك أنك ترقصي مع الواد ده؟ خلاص مابقتيش تحترميني للدرجة حاولت نفض ذاك الخجل عنها وهي تخبره ببرود:.
-الله! واحد معجب، مش يمكن ربنا يسهلي وادبر عريس عقبال ما أنت تبعتلي ورقتي! تأوهت بصوت عالي عندما وجدته يقترب كثيرًا حتى قضم أذنها بأسنانه الحادة ككلماته وهو يتابع: -تبقي بتحلمي يا حبيبتي، إنتِ كلك على بعضك ملكي انا، ومستحيل أسيبك، لما تشوفي حلمة ودنك دي ابقى اطلقك زي ما أنتِ عايزة تأففت وهي تزمجر غاضبة: -يووه هو غصب ولا أية! اومأ مؤكدًا ببرود أشعل الثلوج المتراكمة فوق قلبها: -اه، كل حاجة بمزاجك الا دي.
رفع اصبعه ببطء شديد يتحسس وجنتها الحمراء وهو يهمس لها بحزم: -انا مش قولتلك ماتحطيش روچ وأنتِ رايحة اي حته؟! رغم جيوش التوتر التي زحفت لمسار روحها الساكن، ردت بثبات: -ايوة اتسعت ابتسامته وكأنه ينتظر تلك الفرصة مجيبًا بخبث: -وده ليه معنى واحد، أنك عايزاني انا امسحهولك، وانا هاكون اكتر من مرحب يا ترنيمة عذابي وعشقي.
وقلبها أن ترفض، قبل أن تستخدم ألوان القسوة في رسم لوحة مزيفة من النفور كان يُطبق على شفتاها بنعومة شديدة يلتهمها باشتياق لا يُكتم وجوع لا يموت...! تجاهل اعتراضتها الواهنة ليحكم قبضته حول خصرها، كانت شفتاه تعزف سيمفونية عذبة ورقيقة على شفتاها المتلهفة رغم كل شيئ... ابتعد بعد قليل لحاجته للهواء، ليهمس بابتسامة ماكرة: -كدة تمام يا ترنيمة قلبي، تقدري تخرجي.
حاولت النطق من بين انفاسها اللاهثة وكأنها خرجت من سباق عنيف للتو: -أنت آآ، وقح! نظر لرقبتها الظاهرة نوعًا ما، وامتلأت عيناه برغبة لونت كل الجدية داخله، ليكمل بغمزة خبيثة: -وهاكون وقح أكتر لو ماخرجناش دلوقتي، وعلى فكرة هتيجي معايا البيت انا اتفقت مع جسار! جزت على أسنانها بغيظ وهي تردف: -ده بعينك! تركته وأسرعت تحاول الخروج قبل أن يلتهمها بتمهل كما تفعل نظراته الان...!
خرجت وتوجهت نحو المنضدة المخصصة لهم، وما إن رأت جسار حتى هتفت له بحنق: -بقا كدة يا جسار؟! ماشي انا غلطانة اني بثق فيك ابتسم جسار ومن ثم احتلت الجدية نبرته وهو يخبرها بحسم: -أنتِ هاتروحي مع جوزك يا حبيبتي هو فهمني وهيشرحلك كل حاجة بس في بيتكم هزت رأسها نافية باعتراض: -لا انا م آآ ولكنه قاطعها بصرامة هادئة: -ترنيم، لو بتثقي في قرارات اخوكِ هترجعي مع جوزك زفرت بضيق متمتمة بعد صمت دقائق: -اوووف حاضر!
بينما على الجهة الاخرى... بلحظة كان ليث أمام فجر يسحبها بعنف حتى كادت تسقط وهو يسحبها خلفه، بينما ينظر لعمرو الذي أنكمشت نظراته الفجة مرددًا: -انت بتعمل أية هنا يابن ال***** حاول عمرو اصطناع البرود وهو يردد: -بشوف خطيبتي لكمة اخرى كانت من نصيبه قبل أن يسبه ليث وهو يستطرد بشراسة: -ماكفكش العلقه اياها يا و*** ولا اية جاي تاخد غيرها؟! ظهرت عروق عمرو النافرة عندما ذكر ما حدث مرة اخرى...
بدا وكأن شيطان تلبسه، ولكن قبل ان ينطق كان ليث يسحب فجر مسرعًا نحو سيارته يلعن اليوم الذي رأت فيه فجر ذلك الحقير...! وما إن استقلا السيارة حتى إنفجرت فجر فيه تصرخ بعصبية مفرطة وكأن شمس قاحلة خزنت سخونتها داخلها وانفجرت فجأة: -أنت أية اللي أنت عملته ده؟ ازاي تروح تضرب عمرو بالهمجية دي! مين اداك الحق؟ وبالمقابل لم يُقصر هو فظل يزمجر بوجهها بحدة:.
-انهيارك في حضني هو اللي اداني الحق، خوفك وأنتِ بتترعشي وعايزة اي حاجة هو اللي اداني الحق صمت برهه، ليترك للشيطان حرية تنظيم أفكاره الهوجاء... ثم هتف بعدها بصوت متهدج: -ولا لاتكوني خايفه عليه! بتحبيه للدرجة حتى بعد اللي حاول يعمله؟ لم تشعر بنفسها وحبات القلق تنساب بين حروفها بلمعة أنعشت عشقًا متيم داخله:.
-لا أنا خايفه عليك أنت يا غبي، انا عارفاك متهور وعمرو حقود ممكن يحاول يأذيك بكل الطرق الف مرة لو أنت اذيته مرة واحدة! صمت، صمت كثيرًا ولم يقوي على الرد! سحبت هي مكنونات الحروف الحادة لتضع مكانها عجز لطيف بكلماتها!.. لولا وضوح الرؤية امامه أن ذلك اللعين عمرو كان يحتضنها بقوة دون ارادتها، لكان صور قتيلاً اليوم...! نظر لوجهها الصغير وهو يهمس لها: -أنتِ قولتي أية؟ خايفه عليا أنا؟! فعلا يا فجر؟
عضت على شفتها السفلية بأحراج، لا تعرف كيف خانتها تعبيراتها فانحازت لصفه لتنقهر هي وعقلها وحدهم!.. وفجأة وجدته يسحبها دون مقدمات ليجعلها تجلس على قدماه عنوة، حاولت التملص من بين يداه ولكنه ثبتها جيدًا ليمسك وجهها الذي زحفت له جيوش الخجل لتحتله بجدارة... فهمس لها بحرارة: -عيدي اللي قولتيه تاني! حاولت إستجماع حروفها الحادة لتغمغم: -ل ليث، احنا في الشارع ضغط على وجنتها برقة آمرًا:.
-الازاز مش هيبين حاجة، عيدي اللي قولتيه وجدت كل الممرات مُسددة عدا طرقة رحابه الوردي الذي رُسم بعشقها، فلم يكن منها الا ان قالت باستسلام: -قولت اني خايفه عليك أنت مش هو! كان صوت تنفسه عالي، دوامة تلك ما ترميه فيها بكلماتها البسيطة!.. لم يستطع، سينهار حتمًا إن لم يقبلها الان... التهم شفتاها بكل ما للكمة معنى، أكلها بنهم ملحوظ لا يستطع الا فعل سواه!
يداه تتحسس ظهرها ببطء متمهل يحاول تهيئتها لمطالبة الجوع المستعر داخله... في البداية اعترضت هي بخفوت تحاول إبعاده... ولكنه أحكم قبضته عليها فتركت ليداها حرية التصرف بتلقائية لتحيطه بتردد خجول، تحاول تثبيت تلك الكلمة بين نقوش العقل العنيد هو زوجها ! هبط بشفتاه لرقبتها البيضاء يلثمها بعمق، يُشبعها تقبيلاً وقد شعر أن رغبته بها تزداد لا تقل... اخيرًا استطاعت ابعاده قليلاً فقال من بين لهاثه:.
-لا، مش هقدر استنى شهرين! احنا لازم نتجوز خلال اسبوعين! شهقت هي بعنف مصدومة: -نعم! لا طبعًا.. يداه أحاطت وجهها وهو ينظر لعيناها يرجوها أن تلتمس له اي عذر: -فجر، سامحيني بس خلاص مش قادر! وقبل أن تكمل استفهامها كان يعود ليُقبلها بلهفة جوع واضحة... تحركت يداه ببطء لتعبث بمنحنيات جسدها والاخرى تحاول فتح سحاب ذلك الفستان اللعين.. صدرت عنها شهقة حرجة وهي تهمس له:.
-لالالا أنت بتعمل أية سبني بطل جنان احنا في العربية! واخيرًا تركها لتسرع هي للكرسي المجاور له تحاول تهدأة انفاسها اللاهثة... بينما هو يردد بعاطفة جياشة: -ربنا يصبرني!
وفي يوم ما... كانت شاهيناز في منزل جسار تتناول الغداء معهم كما طلبت والدة جسار من باب الزوق فقط! ونور هي من كانت تقدم الطعام لهم بهدوء، مدت شاهيناز يدها كالبقية تتناول طبق، ولكن نور منعتها بخفوت: -لا لا. خدي الطبق ده، لان ده بتاع آآ احم جسار! اومأت شاهيناز على مضض، شرع الجميع بتناول الغداء... وفجأة من دون مقدمات بدأت شاهيناز تتأوه بصوت عالي وهي تضع يدها على بطنها...
فاقترب منها جسار يسألها متوجسًا: -في اية يا شاهيناز؟! عندها صرخت بألم مرددة: -بطني بتتقطع، اكيد هي حطتلي حاجة في الاكل عشان تموت ابني! اتسعت اعين الجميع ومن ضمنهم جسار الذي نظر لنور غير مصدقًا... بينما اكملت شاهيناز من وسط صرخاتها: -عشان كدة أصرت اني اكل من الطبق ده، آآه بطني مش قادرة حملها جسار مسرعًا يتوجه بها نحو سيارته...
حالة من الهرج والمرج سادت المنزل، ولم يكن على نور الا ان تهمس نافية وقد بدأت دموعها تهبط: -اقسم بالله ما ليا دخل باللي حصل!
كانوا جميعهم في المستشفى... خرج الطبيب من عند شاهيناز بعد فترة ولكنه لم يعطيهم تفسير واضح لما حدث الا بعد ان يجري بعض الفحوصات...! خرج جسار يقف امام الغرفة بتوتر شديد، ونور لم تكف عن البكاء ليصرخ بها جسار بعصبية: -اسكتي بقا شوية حاولت كتمان دموعها بصعوبة وهي تبتلعها بقسوة داخلها...
وفي داخل الغرفة كانت شقيقة شاهيناز التي وصلت ما إن اخبرها جسار، تسأل شاهيناز بدهشة: -بتهزري؟! يعني ده مش ابن جسار يا شاهي؟ هزت شاهيناز رأسها نافية بأرهاق واضح: -لا ده ابن هيثم، لكن وديني ما هسيب البت دي تفلت بعملتها هنا نهرتها شقيقتها بحدة: -ازاي يعني بس فهميني؟ مش على اساس قرب منك وهو سكران مطت شاهيناز شفتاها بسخرية واضحة وهي تردف:.
-أنتِ هبلة يابت؟ هو عمر راجل سكران طينة مش عارف حتى اسمه هيقدر يعاشر واحدة عادي!؟ انا استغليت انه مش فاكر اي حاجة بسبب الخمرة، كان لازم اقربه مني بأي طريقة واهو اتصرف في العيل اللي هيثم دبسني فيه وخلع...!
كانت فجر تحمل الاطباق بدلاً عن خالتها بعدما انتهوا من تناول الغداء... وفجأة وجدت ليث يحمل الاطباق معها مرددًا بخبث لم ترتح له: -هساعدك وافقت على مضض، نهضت والدته متجهة لغرفتها ترتاح من الارهاق... وبينما فجر تضع الطبق في -الحوض- وجدت من يحيط بها من الخلف هامسًا بصوت حار كجمرات من نار: -وحشتيني ابتلعت ريقها بتوتر وهي تستدير له، لتجده إلتصق بها، فوضعت يدها على صدره تحاول ابعاده بهدوء:.
-ليث لو سمحت ابعد عني! لم يعير حديثها اهتمام بل ظل يستنشق عبير خصلاتها باستمتاع رهيب... ولكن كلمتها جمدته مكانه في ارض صلبة قاتلة ماتمشيش ورا رغبتك ف مجرد واحدة ادامك ! ابتعد عنها يهمس غير مصدقًا: -رغبتي! أنتِ شايفه إن كل ده رغبة وبس؟ اومأت مؤكدة دون ان تنظر لعيناه، وهو كاد يجن وهو يزمجر فيها بعصبية ككتلة تجمعت داخله من كلماتها الهوجاء: -ملعون ابو الغباء! مش معقول كل ده ماحستيش بيا؟! كل ده ماحستيش بحبي.
حدقت به غير مصدقة اعترافه لتجده يكمل وهو يقترب بوجهه منها: -ايوة انا بحبك، بحبك وكنت بموت في اليوم الف مرة لما اسمعك بتتكلمي مجرد كلام مع الحيوان ده، انا بعشقك يا فجر!
كان الجميع في منزل صقر جالسون على -سفرة- الطعام على وشك البدء حين قالت ترنيم التي جاءت منذ دقيقة تقريبا: -لا يا صقر! نظر لها بعدم فهم، فاقتربت منه مسرعة وهي تهز رأسها نافية برجاء: -ماتاكلش من الطبق ده سألها مشدوهًا من حديثها: -اشمعنا؟ عضت على شفتاها بقوة تخشى اخباره، ماذا ستخبره اساسًا؟! حسمت امرها بسرعة وهي تردد على مسامع الجميع: -الطبق ده في سم، و... نظرت لوالدته مكملة بجدية لا تقبل النقاش:.
-والدتك هي اللي حطته شهقت نيرمين مصدومة، ولم تقل صدمة صقر عنها الذي امسك ترنيم من ذراعها بعنف مزمجرًا: -ترنيم أنتِ اتجننتي! الف مرة اقولك الا امي! ثم نظر للطبق يخبرها بحدة: -وعشان اثبتلك ان ده اتهام باطل انا هاشرب الشوربه اهي ولكنها منعته مسرعة لتلتقطها من بين يداه قائلة بصوت مبحوح متردد نوعًا ما: -لأ، انا اللي هاشربها. انت لو جرالك حاجة انا مش هعرف اتصرف لكن انت تقدر تتصرف.
لم تعطيه فرصة الاعتراض فبدأت تشرب الشوربه بالفعل كاملة... تركتها بعدما انتهت وهي تنظر للجميع، ابتسامة ساخرة ارتسمت على ثغر صقر وهو يستطرد بغيظ: -اهه شوفت... ولكنها قُتلت في التو واللحظة عندما وجد ترنيم تترنج ببطء ووجهها يشحب شيئًا فشيئ، حتى سقطت بين ذراعيه فاقدة الوعي ومادة لزجة بيضاء غريبة بدأت تخرج من فاهها!
سقط قلبه موازيًا سقوطها الصادم، لم يعي لدقائق ما يحدث.. كانت مبهوتًا منحوتًا كتمثال من حديد تآكله الزمن وصدئ!.. ألف طعنة وطعنة وغزته بقسوو جبارة وهو يستشعر برودة كفها المُلقى لجواره.. مهلاً... دقيقتان يليها صرخته المدوية التي تكلفت الاحبال الصوتية بتقطيعها شظايا تناسبًا مع أنين الروح: -ترنيييييم أصبح يحاول هزها وهو يردد بلهفة غير مصدقًا: -ترنيم قومي، فوقي يا حبيبتي.
ولكن لا من مجيب، أصبح وجهها لونًا من ألوان الموت الشاحبة، أزداد بياضه حتى بات مخيفًا! أخذها في أحضانه ولم يشعر بدموعه التي بدأت تهبط وهو يهزها بقوة هامسًا بهيسترية: -ترنيم قومي، قومي يا ترنيمة قلبي انا مصدقك، والله مصدقك بس قومي ماتسيبنيش تاني ثم صرخ بصوت عالي: -ماتكسرينيش تاني حراااااام عليكِ قووومي، بقولك قومي إنتِ مش هيحصلك حاجة قووومي.
ظل يهز رأسه نافيًا بذهول، بدا في عالم اخر، عالم خلفيته السواد فقط! سواد حالك كظلمة ليل يخاصمه القمر دومًا! بينما أستفافت والدته لتصرخ منادية على الخدم: -اسعااااف، حد يتصل بالاسعااااف وبالفعل جاءت الخادمة راكضة تتصل بالأسعاف، بينما ظل صقر على وضعيته يربت على خصلاتها ودموعه تتسابق مع الرياح في نزولها:.
-اسف، اسف يا ترنيمتي، انا مصدقك والله أنتِ قومي بس، انا عارف أنك زعلانة مني بس اوعدك هصالحك، هعمل كل حاجة عشان تصالحيني، هطلق نيرمين كمان لو عايزة، هاخد ونعيش لوحدنا ثم ازداد صراخه الهيستيري وهو لا يرى استجابة: -بس قوووومي والنبي قوومي ابوس ايدك ماتسبينيش، مينفعش تسبيني وأنتِ زعلانة مني ثم نظر عاليًا يكمل بنبرة مُذبحة بسكين القدر: -ياااارب، يااارب خدني انا الاول يارب ماتورينيش اليوم ده!
اقتربت منه نيرمين وهي تهمس مسرعة بصوت تجرع الأشفاق على حالته: -صقر، احنا لازم نخليها تتقيئ، قبل ما السم ينتشر في جسمها اكتر، لازم تنزل اكبر قدر منه، لازم تفوق دلوقتي! ولكنه لم يكن معها، كان كالأصنام متلاطمًا بين أمواج قاسية اصبحت تُهشم فيه ببطئ... فجلبت نيرمين مياه و-عطر- ثم سحبتها من بين ذراعيه بقوة صارخة فيه بزمجرة: -سيبها خلينا نعمل حاجة هتموت في ايدك!
تركها بذهول وكأنه استوعب للتو، لتميل رأس ترنيم للاسفل ثم بدأت تحاول إفاقتها وهي تردد بحزم: -فوقي، لازم تفوقي، مينفعش تموتي، مينفعش تموتي بالطريقة دي اصلا، روحه متعلقة بيكِ، قوووومي يلا بعد دقائق شهقت ترنيم بعنف، لتُميلها نيرمين أكثر فبدأت تتقيئ قليلاً، ثم عادت تفقد وعيها مرة اخرى!
وصلت الإسعاف بعد قليل ليتم نقل ترنيم بأسرع ما يمكن نحو المستشفى القريبة...! كان صقر يلفه رداء الجمود فلا يرى ولا يسمع او ينتبه لسواها!.. كجندي في الحرب قُطع عنه شريان الحياة ولكنه يعافر كي يبقى حيًا..
إتسعت حدقتا فجر بذهول... فعليًا ما وصلها عن تصرفاته الهوجاء انه استمتاع بالوقت او رغبة بجسد انثى او دعابة فقط، ولكن رياح العشق لم تطرق ارض عقلها ابدًا! ظلت محدقة به مشدوهه تردد بلا توقف: -آآ ازاي يعني! داعب أنفها الصغير بأنفه هامسًا بصوت لامس أوتارها التي ذبلت من قلة العزف عليها!..
زي السكر في الشاي، بحبك، هي ليها معنى تاني؟ بالعربي: بحبك، بالانجليزي: I love you، بالألماني: ich leibe dich وبالفرينش: Je t aime أخذ نفسًا عميقًا كان كوقود لروح تُحارب كي تختلط برحاب ذلك القلب المغلق... ثم أكمل بصوت عميق:.
-بحبك من بدري، إتصدمت لما قولتيلي أنك بتحبي عمرو ده وانه هيجي يخطبك، كان نفسي اقتله ساعتها، بس كالعادة العقل اتغلب وقررت ابعد عنك، بس مقدرتش، كنت شبه عايش، مكنتش حاسس بطعم أي حاجة حلوة ف حياتي هزت رأسها نافية ببطء وهي تحاول الإستيعاب: -أ، أنت أخويا! لا تدري أ تهيئ لها ام ان عيناه امتلأت بخطوط حمراء تقسم أنها توازي الجحيم في حمرته..! ولكنه تشدقت بحنق ب:.
-قولتلك الف مرة وبرجع اقولك تاني أنا مش اخوكِ، جايز أنتِ فكرتي معاملتي دي أخوه، لكن انا مش اخووووكِ اقترب ببطء من وجهها، يلمس وجنتها الناعمة بذقنه الخشنة النامية، وصوته يعزف أيقونة من نوع خاص طرأت على مسامعها: -أنا جوووزك، وبعدين حبيبك، ومقدمًا ابو نفيسه ودرية وحزلئوم! شهقت مسرعة وهي تحدق به مذهولة: -نعم! نفيسه ودرية وحزلئوم؟ دول أسامي اطفال ولا دول جدودك؟ قول قول مش هزعل.
ابتسامة مشاكسة أعلنت نفسها بوضوح على ثغره، فقد أستطاع اخراجها من حالة الصدمة التي تلفقتها بين أحضانها الواسعة بفراغات تهدد منسوب الحياة! ثم اقترب اكثر حتى بات ملتصقًا بها، أبهامه يسير على وجنتها مستطردًا بهمس: -يعني خدتي بالك من دول ومخدتيش بالك من الباقي؟ بالنسبة لجوزك وحبيبك ملهمش معنى في القاموس! ابتسمت بحياء ولم ترد، أغمضت عيناها تحاول تنظيم تلك الانفاس التي خرجت عن طور النظام...
وفجأة فتحت عيناها عندما شعرت بأنفاسه الملتهبة تلفح وجهه بقوة، وهو قريب منها، قريب منها جدًا! فوضعت يدها على صدره تسأله بتوتر: -ليث أنت هتعمل أية! همهم بصوت خفيض للغاية: -هدوق وقبل أن تعي كلمته الصغيرة الحارة كان يقبض على شفتاها ببطء متمهل يأكلها بلا تردد... ابتعد بعد لحظات ليكمل بأنفاس لاهثة: -طعم شفايفك ضربته على صدره بقوة مزمجرة بخجل: -ابعد يا قليل الادب، اوعى سحبها من يدها برفق وهو يردد بمكر اقلقها:.
-تعالي طيب هاوريكِ حاجة هزت رأسها نافية بسرعة: -لالالالا تشكرات تشكرات مش عايزة اشوف ضحك ملئ شدقيه ومن ثم قربها منه هامسًا بخبث متلاعب: -متخافيش يا فجر العمر، مش هاقربلك الا وإنتِ في بيتنا... ثم اقترب من اذنها يتابع همسه الذي جعلها تذوب كالذبدة بين ذراعيه: -بس ده مش معناه اني مش هاخد أي حاجة كدة ولا كدة، أصلي مُشتاااااق، مُشتااااق اووووي.
قال كلمته الاخيرة بحرارة تقشعر لها الأبدان وهو يزيح التيشرت عن كتفها ويُقبله برقة وحرارة... لم يقطع نشوته سوى صوت الباب يقرع، ابتعد عنها يحاول تهدأة نفسه، فقالت هي بصوت مبحوح: -اوعى هاروح افتح الباب وقبل أن يعترض كانت تنسحب راكضة من بين ذراعيه.. وما إن فتحت الباب حتى وجدت سوزي امامها، فسألتها بأشمئزاز من مظهرها العاري تقريبًا: -نعم؟ أنتِ مين وعايزة أية!
وضعت يداها على خصرها تجيب بدلال أنوثي مُقزز من وجهة نظر فجر: -أنا سوزي، مرات ليث، لو عندك ناديهولي بليز!
لا يعلم جسار أهو حزين ام سعيد لخسارة ذلك الجنين! ربما لأنه لم يجد دفعة تجعله يحن لتلك النطفة ولو قليلاً.. كان جالس في غرفته يضع يداه خلف رأسه ويحدق في اللاشيئ بشرود، لا يدري ما الذي جعله ينهض ليعبث في خصائص حسام رحمه الله... وفجأة وجد Note صغيرة بها مذكرات شقيقه الراحل.. جلس على الفراش مرة اخرى وقلب عدة صفحات عشوائية ثم بدأ يقرأ بصوت عالي:.
- مش عارف ده عقاب من ربنا ولا إيه. مابقتش حاسس أني راجل زي كل الرجالة، بقيت ناقص في نظر مراتي ونظر نفسي، حاسس اني نفسي اموت اهون! قلب جسار صفحات اخرى ثم أكمل عله يفهم الالغاز التي اوقفت عقله عن العمل عارف اني بظلمها معايا، بس اعمل اية مهو مش بمزاجي، مش هقدر اروح لدكتور وأعري رجولتي قدامه ! ثم اخرى مدونة بخط مهزوز.
النهاردة اكتشفت قد أية نور كان نفسها في بيبي، بس انا مش قادر اديهولها، على قد مانا حاسس بالنقص، على قد مانفسي أبطل اتخانق معاها، هي من حقها تعيش حياة طبيعية زي أي واحدة في الدنيا، لكن انا عاجز، عاجز اديها حتى ابسط حقوقها الشرعية ! عند تلك النقطة إنتفض جسار كالملسوع ناهضًا، جاحظ العينان مصدومًا مما قرأته عيناه! لو أنها ليست جزء لا يجزء منه لكان كذبها...
شعر أن تلك الكلمات تخترق روحه من الجهتان، احداهما مُهللة أن معشوقته لن ولم يمسها سواه! والاخرى منكسرة متألمة لما عاناه شقيقه بكتمان وهو يرسم لوحة زائفة من السعاد...! لم يشعر بنفسه سوى انه يركض نحو غرفة نور، وبلا مقدمات كان يفتح الباب ليجدها جالسة امام الشرفة.. وما إن نهضت حتى إتضح له من عيناها الحمراء أنها كانت تبكي... عندما رأت هيئته الغير طبيعية همست له نافية بتوجس:.
-أنت عارف اني عمري ماهوصل لاني أقتل نطفة لسة ماجتش على الدنيا حتى! ظل يقترب منها ببطئ وهي تعود للخلف، حتى حاصرها عند الحائط الذي إلتصقت به.. وضع يداه يحيطها من الجانبان وهو يسألها بهمس: -نوووور، أنتِ لسة زي ما إنتِ؟ إنتِ لسة أنسه! محدش لمسك صح!؟ صُدمت، تلعثمت، ابتلع جوفها الحروف تلقائيًا ولم تجد جوابا للسؤال سوى سؤال اخر متفجر يصرخ كيف علم؟ كيف! ارتعشت شفتاها وهي تحاول إخباره بصوت شبه باكي:.
-ايوة بس آآ والله انا مليش دعوة أنا آآ مكنتش بمنع نفسي عنه و، آآ تأوه بعنف وهو يجذبها من خصلاتها ليقطع الفاصل الذي لا يُذكر بينهما ب أول قبلة ملتهبة لهما إلتهم فيها شفتاها بنهم شديد بينما يداه تضمانها له بقوة حتى شعرت أن ضلوعها ستنكسر حتمًا الان بينما هو لا يشعر سوى بمذاق شفتيها الذي لطالما حلم بها...!
في منزل صقر كانت والدته تتحرك بتوتر ذهابًا وايابًا وهي تصرخ بالمتصل على الهاتف: -أنت مجنووون ازاي تطلب مني حاجة زي دي! صمتت قليلاً ثم تابعت: -انا؟ انا اموت ابني بنفسي، أكيد اتجننت -... -مااااشي ماشي بس وديني ما هكست، خلاص أنت هببت اللي حصل وخلاص جفل على الموضوع لحديت ما اتصررف فالمصيبة دي أغلقت الهاتف بضيق وهي تزفر مستغفرة، بينما امام الغرفة كان هناك من يسمعها حتى انتهت!
بعد ساعات عصيبة... والجميع منتظر امام غرفة العمليات، خرج الطبيب الذي كان يمسح جبينه المتعرق بشدة... ليسارع صقر نحوه يسأله: -مراتي كويسة يا دكتور؟ اغمض عيناه متنهدًا بأسى، بينما صقر يكاد يموت صريع تلك اللحظة فملامح الطبيب لا تنم عن خير ابدًا... لينتهي به الحال قتيلاً عندما سمع الطبيب يهتف بأسف: ...