دلف ليث وفجر الى الغرفة المخصصة لهم... كانت فجر متوترة كالعادة رغم ما حدث بينهم.. فظلت تضغط على يدها، أمسك بيدها برفق ليهمس لها: -اهدي يا حبيبي أنتِ متوترة من أية؟! ثم غمز لها مكملاً بوقاحة: -ما أنتِ اتفطنتي وعرفتي كل حاجو خلاص ضربته على صدره وهي تردد بحياء فطري: -وقح وقليل الادب مش هتبقى محترم ابدًا.
ثم ركضت نحو الغرفة لتغلق الباب عليها، وهي تسمع ضحكاته الرجولية التي تُطرب الروح المُشعثة فيلملم جوارحها بعبق عشقه المتلهف...!
بعد فترة#### تأفف ليث بضيق بعدما انهى تبديل ملابسه فكان ينتظر خروجها ليصليا، ولكنها أطالت السكون بالداخل.. طرق الباب أكثر من مرة وهو يناديها بهدوء: -فجر؟ كل ده بتعملي اية!؟ ولكن لم يجد رد، أنتابه القلق للحظة فاستدار ليجلب مفتاح الغرفة وبالفعل فتح الباب... ولكن ها له ما رأى جمده مكانه حتى بات يشعر أن روحه ستغادر جسده في التو...! فقد كانت فجر مُلقاه ارضًا ودماء غزيرة تُحيط بها و...
بمجرد أن دلفت نور مع جسار الى منزلهم الذي كانا يعيشا فيه مع والدته كعادتهم.. سحبها جسار من ذراعها برفق وهو يتأوه بألم مصطنع: -ااااه يا ضهري مش قادر وازدادت صرخاته المصطعنة وهو يسمع والدته تهتف بتبرم: -خلي بالك انا مش مقتنعه باللي أنت قولته، فهموني امتى سقطت وانا ماحستش بيها!؟ تأفف جسار بضيق، هذا الموضوع إستنفذ كل جهده لأقناعهم! نظر لها وقال بصوت أجش:.
-يا امي يا حبيبتي بقالي اسبوعين بقنعك، سقطت لما كانت مخطوفه يا نور عيني، يلا سلام بقا عايز اقولها كلمه على انفراد لم يدع لها فرصة للرد فسحب نور من يدها نحو غرفته فحاولت التملص من بين يداه بحرج: -اوعى يا جسار اية الاحراج ده سبني أغلق الباب عليهما فعادت للخلف بتلقائية عندما وجدته يخلع الچاكيت.. ولكنه قال ضاحكًا: -اية يا بنتي تعالي انا بقيت أليف، انا بس عايز ألعب ضغط عشان الاعصاب تفك.
عقدت ما بين حاجبيها وهي تهمس ببلاهه متساءلة: -وانا اعملك أية يعني؟ همسكلك رجلك زي العيال الصغيره ولا اية؟ ضحك على براءتها فجذبها برفق ليجعلها تتمدد على الارضية رغم اعتراضها وخجلها.. فتمدد هو فوقها دون ان يمسها ليضع ذراعاه من حولها هامسًا بمكر طمس البراءة داخلها: -اهو انا من هنا ورايح هلعب ضغط كدة يا حبيبتي.
حاولت دفعه ولكنه لم يبتعد، كان كلما يهبط يسترق قبلة صغيرة من شفتاها ثم يبتعد ليجد ثمرة حمراء من الخجل اكتسحت جوارحها قبل قسماتها...! عاود فعلته اكثر من مرة وفجأة...
في اليوم التالي صباحًا... عاد صقر مع ترنيم بعد محايلات لمنزل والده الذي تقيم به والدته ونيرمين... بمجرد أن دلف ركضت نيرمين له ولكن قبل أن تحتضنه وجدت ترنيم تقف امامه لتمعنها وهي تهز رأسها نافية بتحدي: -اسفة، ممنوع! ثم أمسكت بذراع صقر ليتخطوها ببرود ظل يتعمق الجراح داخلها... ترك صقر ترنيم تبدل ملابسها واتجه للغرفة التي تقطن بها والدته، ولكن بالطبع ليست غرفتها بل كانت غرفة لاحدى الخدم!
بمجرد أن دلف نهضت والدته الهزيلة من الضغط النفسي الذي شق روحها شطرين، اما المعنوي فاللحق صقر لم يمنع عنها طعام او شراب... هتفت مسرعة بلهفة: -صقر؟! أشار لها بيده أن تبتعد، فقال بصوت أجش حاد: -انا مش جاي اشوفك، انتِ بالنسبالي انتهيتي، انا جاي اسألك واديكِ فرصة عشان تحرري نفسك من السجن ده، أية علاقتك بعزيز؟ -كدة يا صقر تحبس امك 3 شهور مابشوفش نور الشمس.. صرخ فيها بعصبية:.
-وكدة يا ام بتتأمري على ابنك ومرات ابنك..؟ ومُصره متقوليش أية علاقتك بالكلب ده! لم ترد والتزمت الصمت فابتسم بسخرية ليخرج هاتفه الذي يحمل صورة ما لعزيز ولكنه ليس بطبيعته بل كان يرتدي ملابس المرضى النفسين! والممرضي يُحيطوا به من كل جانب، رفع الهاتف امام عيناها ونطق: -على العموم انا دمرت عزيز، خليته يعلن افلاسه وعجله مابقاش فيه من الصدمة! جز على أسنانه بقسوة وهو يخبرها:.
-فمش هيكون صعب عليا أعاقب اللي حاول يقتل ابني بأكتر من كدة تنهدت وهي تبدأ بسرد ما حدث:.
-أنت عارف اني بكره ترنيم من قبل ما تسيبها حتى، يوم ما وقعت من السلم وانت مكنتش لسه تعرفها، انا قولت ترنيم لان قبلك بشوية نيرمين جت وقالتلي انها سمعتك بتقول ان دي ترنيم، تنحت ساعتها وبدأت استوعب، الصوت ده مش غريب عليّ، بس انا اللي مكنتش مركزة. قررت ساعتها اني اطردها من حياتها قبل ما اعيد معاناة الماضي، والمره دي ابوك مش موجود عشان يجبرك تسيبها!
وقولتلك انها هي، بعدها مرت الايام وكنت بحاول بكل الطرق انك ماتعرفهاش بس للاسف عرفت، المهم جه يوم السم، عزيز كلمني وتقريبا كان عارف اني بكره ترنيم معرفشي مين كان بيعرفه اخبارنا، طلب مني احطلك سم بس انا رفضت طبعا بكل الطرق، اتفاجأت باللي حصل بس عرفت انه لما انا رفضت كان هو طبعا من بدري مدخل خدامه بيتنا وهي اللي حطت السم بعد رفضي مباشرةً، وبعد كدة بدأ يهددني بحياتك انه لو ماخليتكش تطرد ترنيم لانه كان عايز يخطفها عشان يهددك بيها هيقتلك، فأنا خوفت وساعتها بعتلك قولتلك انها بتعمل حاجات من وراك، بس!
كان داخله يغلي، يغلي بفوران حارق يشعر بلهيبه الان حتى بات سينفجر كبركان مُميت...! ركض مسرعًا من الغرفة قبل أن يفقد اعصابه فلا يقتلها الان!.. وبالطبع بمجرد ان خرج اغلق الحراسان المخصصان الباب.. اتجه نحو غرفة مكتبه، جلس في البداية يحاول تهدئة نفسه.. ولكن فجأة تذكر امرًا ما لمع بذاكرته الموهجة بسواد فنهض مسرعا يبحث عن ورقًا ما، ولكن صُدم عندما لم يجده!
ركض نحو غرفة نيرمين ودون ان يرد عليها كان يبحث عنه فلم يجده ايضًا فعادر متجاهلاً اسئلتها..! وبالطبع هذا الصمت مُخيف، مخيف جدًا! ركض مسرعًا نحو غرفة ترنيم وهو يسألها بلهفة: -ترنيم شفتي ورق بتاعي؟ هزت رأسها نافية بصمت، فردد هو بأعصاب مشدودة: -انا اصلا ماسبتوش هنا ظل يبحث ويبحث وفجأة تجمدت يداه عندما وجد تلك الاوراق في دولاب ترنيم الذي يحمل ملابسها الخاصة...
جز على أسنانه بعنف حتى اصدرت صوتًا فبات كأن داخله وحش مفترس يحاول السيطرة عليه و...
الغضب أحتل أكبر جزء له السيطرة على جوارحه التالفة... فسمع صوت ترنيم تهتف بسخرية: -أساسًا هشوفه ازاي يعني بذكاءك؟! أغمض عيناه بقوة مستغفرًا، ثم تمتم بصوت مكتوم لها: -قصدي يعني يكون وقع تحت ايدك.. ثم أشاح بيده وهو ينهض مكملاً بهيسترية: -يووووه، معرفش، اهو سألتك وخلاص مكنتش مركز، الورق ده مهم جدًا جدًا سألته مباشرةً: -لية؟ يخص أية!؟ ظل يمسح على خصلاته عدة مرات..
يقسم الان أنه يشعر بالجحيم يحرق الأخضر واليابس داخله... جنون... جنون يجعله يود القتل في التو ليعطي نفسًا عميقًا لروحه التي تختنق الان..! وبدا وكأنه يحاول إلهاء نفسه بالكلام فأجاب بصوت أجش: -الورج ده بتاع الملاعين اللي مشغلين عزيز، عزيز مش البيج بوص فهما قرروا يضحوا بيه مفكريني اول ما هخليه يعلن إفلاسه ويتجنن هرتاح! لكن بعد اللي عرفته مستحيل اسكت لو فيها موتي..
حاولت النهوض وهي تستند على الاشياء من حولها، فكادت تسقط متعثرة ولكنه أسرع يحيط بخصرها برفق هامسًا: -خدي بالك أجلسها بجواره برفق فتنهدت قبل أن تقول: -انا عارفه إن عمرك ما هتقولي أنت بتفكر في أية، لكن عاوزاك تتحكم في عصبيتك شوية يا حبيبي، أنت عصبي أوي وسهل حد يجننك! تنهد بقوة عدة مرات.. دائمًا هي من تنجح في سبر أغواره، تلك الأعماق التي تُغلفها هالات من الجمود!..
سحب يدها ببطء يحتوي كفها وهو ينهض مغمغمًا لها: -تعالي شعرت أنه يسحبها خارج الغرفة، ثم وبصوت عالي ينادي: -نيرمييييين جاءت نيرمين التي لم ينسحب التوتر من بين مغاورها، فانتشر كالفيروس بين حروفها وهي تسأله: -ايوة يا صقر؟ أجلس ترنيم ببطء على الأريكة ثم تقدم من نيرمين وهو ينطق بحروف مشتعلة كعيناه التي تملأها نظرات موحشة: -خدتي الورج لية؟ أبتلعت ريقها بتوتر رهيب وهي تهمس له: -ورج أية؟
-الورج اللي بيدّين أبوكِ، الورج اللي هايوديه حبل المشنجة.. صرخ بها بصوت عالي زلزل ما جاهدت لتقويضه بين غصون الثبات... فبدأت تبكي وهي تخبره بصوت مبحوح: -أنت عايزني أسيبك تدمر أبويا وتحرمني منه؟! تبقى مجنون كان يحارب كفاه حتى لا يضربها.. هو لم يكن يستخدم العنف الا في اسوء حالاته...! أمسكها من ذراعها يضغط عليه بقسوة حتى تأوهت متألمة فصرخ فيها مزمجرًا:.
-يعني أنتِ عارفه إن ابوكِ واحد** وتاجر مخدرات؟ عارفه إنه بيتاجر بحياة شباب زي الورد وبيضيعهم!؟ لم تدري لمَ صرخت فيه بالمقابل بجنون هيستيري: -ايووة، عارفه، ساعدته وهفضل اساعده طول ما فيا نفس ومش هاسمحلك تأذيه ابدًا! لم يتحمل تلك البجاحة التي فاقت بروده المصطنع، جذبها من حجابها بعنف وهو يسير نحو الخارج متجاهلًا صرخاتها، ليلقيها امام باب المنزل مكملا بشراسة:.
-يبقى عيشتك معايا حرام، طالما جبلتي على نفسك الحرام متلزمنيش، أنتِ طالق يا نيرمين، طالق، طالق بالتلاتة! إتسعت عيناها بذهول من إستغناءه عنها...!؟ أهكذا رماها دون عودة..؟! ركضت له تهتف بفزع: -ازاي بس، حرام عليك كله الا الطلاق، ده انا مرتك حبيبتك! نظر لها بازدراء وهو يقول بخشونة حادة أفزعتها:.
-كانت غلطة عمري، اوعي تفكريني ماعرفتش بخبثك لما خليتي امي تكذب عليّ، بس حاولت اديكِ فرصة لكن الظاهر إن إبليس لا يمكن يحاول يدخل الجنة..! ثم زجرها محذرًا بقسوة: -روحي لابوكِ اشبعي منه قبل ما ارميهولك في السجن، غلطتك إنك حطيتي الورج في اوضة ترنيم اللي هي اصلًا ما بتشوفش بدأت تبكي وهي تغمغم بلا وعي: -أنت جيت بسرعه خفت احطه في اوضتي فملاقتش غير اوضتها، معرفش إن الجدر مستعجل على اجلي كدة!
أغلق الباب بوجهها بعنف، كان يتنفس بصوت عالي، فرأى ترنيم تحاول الصعود للأعلى وهي تبكي... ركض لها مسرعًا يمسك بيدها برفق هامسًا بصوت تبدل مائة وثمانون درجة: -مالك يا روحي؟! بتبكي لية!؟ هزت رأسها نافية وهي تحاول الابتعاد عنه متمتمة: -مفيش، انا كويسة وفجأة صرخت عندما وجدته يحملها فتعلقت بعنقه دون مقدمات ثم بدأت تهتف بغيظ حانق: -صقر نزلني، نزلني انا مش عاجزة هعرف أطلع لوحدي.
شعرت بأنفاسه الساخنة تحرق جانب وجنتها وهو يهمس لها بصوت أرق أرواق الروح داخلها: -هششش. محدش يجدر يجول إنك عاجزة أصلًا، أنا اللي بحب دايمًا تبقي في حضني وجمب قلبي كدة بدأت شفتاها ترتعش كعادتها عندما تبكي، تلك الرعشة التي تصيبه بجنون يجعله يود إلتهامها... فابتسم وهو يضع إصبعه على شفتاها هامسًا: -إتحكمي في رعشة شفايفك ادامي عشان انا اجدر اتحكم في نفسي!..
فاستقرت رأسها على صدره العريض تضم نفسها له، يعرف كيف يغضبها ويعرف ايضًا كيف يجعل الاحمرار يفجر وجنتاها فتصمت مبتلعة غضبها...!
إصابة خطيرة بالهلع أصابت ليث الذي ركض نحو فجر مسرعًا وهو يصرخ بأسمها غير مصدقًا: -فجررررر، لا لا لا لا جلس جوارها، ولكن قبل أن تبتلع حافة الانهيار بين أشواكها انتبه لشكل الدماء الغريب.. مد إصبعه يتلمس جزء بسيط فاتسعت حدقتاه وهو يستنتج انه مجرد -مادة شبيهه بالدماء-! أمسكها مسرعًا -كالمخبرين- وهو يصرخ بصوت أرعبها: -فجررررر على الفور فتحت نصف عيناها كطفلة مشاكسة وهي تهتف ضاحكة بانتصار:.
-هاهاها عليك وااااحد قرعتك سااااحت. ثم نظرت له بسرعة لتكمل بمرح: -اتخضيت صح؟ اتخضيت، عليا الطلاج بالتلاتة أنت اتخضيت يا حج كااااامل تلك الثواني كان ليث متجمد مكانه، يستوعب مزحتها التي سقطت عليه كقطس بارد جعله قطعة من الثلج بلا روح...! الى أن امسكها من ذراعاها بقوة مزمجرًا فيها بغضب: -أنتِ مجنونة؟ هو انا عايش مع بنت اختي! في حد يهزر مع حد بالطريقة دي!
إنكمشت ملامحها بخوف كقطة ولجت لعرين يكاد يسلخ منها جلدها من الخوف، فقالت متمتمة بنبرة لا تخلو من المرح الخفيف: -اهدى يا ابو الليوث، انا بهزر معاك، مابتهزرش ولا أية يا رمضان؟! منع أبتسامته من الظهور بصعوبة، ثم حملها فجأة وهو يقول بابتسامة شيطانية: -لا بهزر ياختي، تعاالي اما اوريكِ الخضة بتكون ازاي.
دلف بها الى -البلكونة- بعدما تأكد انها ترتدي اسدال الصلاة، فوضعها على السور فنظرت هي للخلف لتتذكر انهم في اخر دور... ماذا إن سقطت منه دون قصد؟! والاجابة جعلتها تنتفض لتتعلق برقبته صارخة برجاء ملتاع: -لا والنبي يا لييييث ده انا لسه ف زهرة شبااااابي حرام عليك.. رفع حاجبه الايسر بمكر مرددًا بمرح مماثل لها: -اية يا ام الفجور؟ قلبتي قطة بلدي كدة لية.
إتسعت حدقتاها وكأنه طعنها في منتصف قلبها فقالت بهيئة مسرحية: -كدة، كدة يااااااا قلبي يا حته مني يا كل حاجة حلوة في... ولكن شعرت بقبضته تشتد عليها مهددًا اياها بالسقوط، فاعتدلت نبرتها تهبط لادنى مستوى في الخوف وهي تخبره بمرح تلقائي: -سوري اندمجت، كدة يا حبيبي؟ بقا انا عماله اقولك يا ابو الليوث يعني يا ابو الاسود وأنت خلتني ام الفجور، يعني بدلعك وبهشتكك وببشتك وانت تشتمني علني كدة!
ضيق عيناه بمكر يليق ب ليث خبيث وهو يسألها: -أنتِ قولتي أية؟ عيدي كدة رددت ببلاهه: -قولت أية؟ أنك خلتني ام الف... فقاطعها مسرعًا بغيظ: -اللي قبلها اجابت دون تفكير فيما تنطقه: -كدة يا حبيب، آآ فصمتت عندما لاحظت إعتراف تلقائي كاد يسحبه منها... هناك شعرة بين الجهة والاخرى، إن تخطوها تتخطى كل المشاحنات!.. عضت على شفتاها بحرج وصمتت، فأمالها للخارج وكأنه سيلقيها وهو يأمرها: -عيييدي اللي قولتيه فهمست بخجل: -حبيبي.
أمرها وهو يهددها مرة اخرى: -قولي بصوت أعلى فصرخت بجنون بصوت عالي لونه بعض الخوف من السقوط: -حبيبييييييييييي عندها تعالت ضحكاته وهو يجذبها في احضانه مرددًا بخبث: -هو أنا حكيتلك بقا العريس والعروسة بيعملوا أية؟! كادت تهز رأسها نافية بابتسامة، ولكن سرعان ما أنشقت الابتسامة نصفين وهي تضربه على صدره متشدقة بحنق: -لا يا وقح يا قليل الادب، انا اصلًا مش عايزة اعرف حملها وهو يقترب من اذنها بمكر رجولي مكملاً:.
-لا ازاي، هو أنتِ مش مراتي برضه وف عز شبابك؟! انا لازم افطنك على كل حاجة وعملي كمان لم يعطها فرصة الابتعاد فوضعها على الفراش برفق وهو يحدقها بنظرات خاصة... نظرات تُظهر لها أنها ملكة متوجة على عرش قلبه، وتلك العاطفة التي تشع من عيناه كنزها!.. أغمضت عيناها وداخلها يرتعش بقوة عندما شعرت به يقبل جفناها المغلقين بتوتر، يليها لمساته التي أغرقتها في شعور خاص لا يوصف...
ليخوضا التجربة مرة اخرى في عالم خاص، عالم لا يجمع سواهم ؛!..
فجأة فُتح الباب بعد طرقة خفيفة يليها دخول والدة جسار التي صمتت ما إن رآتهم فانتفض جسار مبتعدًا عن نور التي اصبح وجهها كحبة طماطم من الحرج... فسألته والدته بخبث: -بتعمل أية يا جسار؟ شعر بالحروف فرت هاربة من بين لسانه كحبات متناثرة... فقال متلعثمًا: -ده آآ ده، ده أنا بعلمها الصلاة! لعن لسانه الذي نطق تلك الجملة، بينما همست والدته تحاول كتمان ضحكاتها: -لا والله! فأسرع يستطرد بأحراج رهيب:.
-قصدي ضهرها واجعها فأنا بعملها تمرين عشان تقدر تصلي وتسجد هزت رأسها وهي تقول ضاحكة على تلعثم رجل ك جسار، ولكن عند خط الاحراج يصبح طفل صغير ساذج في ردوده... ربنا يقوي إيمانك يا شيخ جسار، وتعيش وتعينها على الصلاة يا حبيبي يا تَقي..! ثم ضيقت عيناها بخبث وهي تكمل بنبرة ذات مغزى: -بس خد بالك ياريت ماتساعدهاش كتير يعني كفاية الصلوات العادية، اوعى تجرب تعاونها عشان تصلي التراويح، دي فيها موت دي يا شيخ جسار!
ضحكت بصوت عالي وهي تغلق الباب مرة اخرى، فكانت نور تغطي وجهها بيداها بخجل وهي تردد بصوت مكتوم: -الله يخربيتك يا جسار، اللهي نصلي عليك صلاة الجنازة قريب! عندها إنفجر جسار ضاحكًا على سخافة الموقف... هو طفل عند عشقها، مولود صغير يخطو اولى خطواته التي لم تصك بحديد بعد! عاد يحاصرها مرة اخرى وهو يهمس بمكر جرئ: -هااا كنا بنتعلم اية بقا يا نوري؟! دفعته عنها وهي تصرخ فيه بحنق:.
-بنتعلم الاحترام يا متحرف، ابعد عنييييييي ولكنه اقترب اكثر وهو يهمس بصوت مبحوح خبيث: -ابعد اية. ده انا هساعدك عشان كل فرض، دول خمس فروض يا حبيبتي خلي ربنا يباركلنا ثم ضرب جبهته وكانه تذكر شيئًا اوووه لا ده كمان لسه في سُنن ! قال اخر كلمة وهو يتلاعب بحاجبيه باستفزاز ضاحك فضحكت رغمًا عنها وهي تضربه على صدره عدة مرات... فلك يكن منه الا ان هبط مسرعًا يلتقط تلك الثمرة التي تُغري القديس...
يلتهم شفتاها بنهم مشتاق لا يكل ولا يمل، ليبتعد بعد دقائق قبل ان يتهور وهو يهمس لاهثًا: -بحبك، بعشقك يا نور عيني!
مساءًا... كانت ترنيم في المطبخ تجلس منتظرة زوبيدة ان تأتي لتعد لها طعام... عندما فجأة سمعت صوت خطوات تدلف فهتفت بنبرة عادية: -كل ده يا زوبيدة، أنا زهقت من الانتظار ولكن لم تجد رد فنهضت وهي تسأل بقلق: -زوبيدة أنتِ مابترديش عليا لية؟! الخطوات تقترب منها اكثر... تقترب وصوتها عالي حتى باتت تشعر أنها تطرق على جوانب روحها... فهمست بخوف: -مييين! ولم تسمع سوى كلمة واحدة احتوت على الكثير والكثير جدرك، !
رواية احتلال قلب للكاتبة رحمة سيد الفصل الحادي والعشرون
سقط قلبها ارضًا، وتمرغ عقلها بين صدمات كالكهرباء تلسعه بخوف رهيب، بدأت تصطدم بكل شيئ وهي تحاول التحرك، ومن خوفها لم تستطع تمييز صوت صقر! لم يكن سواه، كان يمزح معها ليس الا... ولكن لم يعلم أن مزحته ستُقلب الرواسب المرتكزة أسفل ثبات حياتهم...! اقترب منها صقر مسرعًا يمسكهت برفق هامسًا بهدوء: -هششش اهدي يا حبيبتي ده انا ولكنها لم تهدئ بل على العكس ظلت تصرخ بانهيار:.
-ابعد عني حرام عليك هو انا ناقصه خوف، مش كفاية الضلمه اللي انا عايشه فيها دي! كان يتابعها بذهول... ألهذه الدرجة تلكأ تقدم بناء عشقهم فكاد يُهدم..!؟ أمسك بيدها ويده الاخرى تربت على خصلاتها بحنان مرددًا: -ترنيمتي اهدي انا معاكِ اهوو صرخت فيه دون وعي: -هتعملي أية يعني؟ منا لما اتأذيت كل مرة كنت معايا برضه! همس مشدوهًا: -يااه! للدرجة لسه مش واثقة فيا ابتسمت بسخرية مغمغمة:.
-اعذرني اصل التلات شهور ماكنوش زرار عشان ارجع الثقة بسرعه كدة جز على أسنانه وصمت ليجدها تكمل وكأنها انفجرت وانتهى الامر: -ده أنت حتى يا شيخ ماعملتليش حاجة تساعدني عشان أفتح تاني ثم اصبحت تضربه على صدره بقوة مرددة بهيسترية: -وعايزني اثق فيك؟! اثق فيك بتاع اية ان شاء الله! أمسك يداها بحزم، وصوته الأجش يتابع بجمود:.
-عندك حج، انا ماستاهلش ثقتك اصلا، على العموم انا كنت جاي اجولك اننا هنسافر بعد بكره ألمانيا، الدكتور حدد ميعاد العملية! تلعثمت وهي تسأله: -عملية اية! ودكتور مين؟ -الدكتور اللي انا كنت بحاول اوصله بقالي 3 شهور وكان بيفحص الورق بتاعك وبيظبط اموره، اهه حدد ميعاد العملية قالها بصلابة ثم تركها بهدوء ليغادر... كلماتها كانت قاسية... جامدة ومُهينة، وهو، هو الصقر!
من يهابه الكبير قبل الصغير، معشوقته الصغيرة لا تهابه!؟ زفرت بيأس وهي تضرب جبهتها عدة مرات بضيق: -غبية غبية ومتسرعة دايمًا.. دلفت زوبيدة وهي تسألها بهدوء مبتسمة: -اتأخرت عليكِ يا هانم؟ اومأت مؤكدة: -جدًااااا ثم لمعت برأسها فكرة ما كالذهب وسط صدئ الحديد فقالت بدهاء: -زوبيدة وديني اوضتي وتعالي معايا عاوزاكِ سألتها مستفسرة: -اشمعنا يا ست هانم؟ اجابت على مضض وقد اشتعلت حماسًا للفكرة: -تعالي بس وهافهمك...!
على الطرف الاخر وفي ساحة الفندق عند العروسين... كان ليث يسير مع فجر التي لم تنقطع مزحاتها، يضحكا ويبتسما بسعادة.. وفجأة اقترب ليث منها ليُقبل جانب شفتاها مسرعًا بحرارة... فشهقت هي مسرعة توبخه بخجل: -ليث احترم نفسك احنا فالشارع غمز لها بوقاحة: -وأية يعني؟ أنتِ مراتي يا بلاااائي مراااااتي ضحكت هي بخفوت، فهي مذ مزحتها السخيفة وهو يناديها بلائي بينما على بُعد مسافة بينهم...
كانت هناك عينان تراقبهما بغل، حقد لو وُهب الصفة الانسانية لادمر اميالاً من الثبات والاستقرار!.. ضغط على قبضة يداه بعنف عندما قبلها حتى برزت عروقه.. فرمى السيجار وهو يهمس بحقد: -كفاية بقا سبتكم وقت زيادة عن اللزوم كان هناك من يجاوره فقال متساءلاً بقلق: -أنت متأكد من اللي هتعمله يا عمرو؟! اومأ مؤكدًا بشراسة: -جدًا -أنفذ يعني؟ عاد يسأله مرة اخرى وكأنه يحذره. فأجاب بجمود خبيث: -نفذ...!
دلف صقر الى غرفة والدته... ليجدها كالعادة تجلس امام الشرفة شريدة تنهض كالوردة التي ارتوت ما إن تراه... وقبل أن تمسه كان يرفع يده لتبتعد، ثم قال بصوت عام فيه الارهاق النفسي قبل الجسدي: -ارتاحي، انا مش جاي عشان حاجة، انا جاي اجولك براحتك، امشي او اجعدي هنا ليكِ مطلق الحرية لكن ملكيش دعوة بيا انا ومرتي! عقدت ما بين حاجبيها وهي تهمس بعدم فهم: -امال انت كنت حابسني هنا اجباري لية؟! -كنت مستني.
همس بها بيأس حقيقي، يأس عرف مواضعه الصحيحة بين ركائز تلك الحروف فسألته متوجسة: -مستني أية؟! جز على أسنانه يحاول تمالك اعصابه وهو يتابع: -مستني تعترفيلي بالحقيقة سارعت تتشدق بتوتر: -منا جولتلك الحجيجة يا ولديّ عندها لم يتمالك اعصابه وهو يصرخ بها: -لأ ماجولتيش، لسه شايفاني عيل مش راجل اجدر اتحمل اللي هتجوليه، شيفاني طفل بتخبي عليه عشان تحافظي عليه متعرفيش انك كدة بتكسريه!
ورغمًا عنه بدأت دموعه تهبط ولاول مرة وهو يردف بنبرة مُنكسرة: -ماجولتيش أن ابويا كمان كان بيتاجر في السموم دي مع عزيز الكلب، ماجولتيش انه جوزني نيرمين اللي حبتني تحت تهديد من ابوها انه يفضحه، ماجولتيش إن عيشتنا حرام، ماجولتيش انه قاتل بس بطريقة غير مباشرة، ماجولتيش إن ربنا بيرد كل اللي عمله فيا انا! ركضت عليه تحتضنه وهي تهمس بلوع: -كنت خايفه عليك من الكسرة دي يا ولديّ.
عندها ابعدها عنه مسرعًا وهو يستطرد زمجرته المنهارة: -لا انا مش ولدك، مستحيل، لان لو ولدك بجد كنتي حاولتيه امنعيه، فوجيييه من الغيبوبة اللي مامنيهاش رجعه دي ثم ضحك بسخرية وهو يكمل بهيسترية: -ماجولتيش كمان انه كان رافض جوازي من ترنيم عشان ابوها كان عارف بلاويه وقاطعه فأكيد خاف ان عمي يحكيلي كل حاجة لما اسأله لية رافض تجوزني بنتك! بدأ صوت نحيبه يعلو... شهقات عميقة تصدرها روح احتكرها الالم..
لم يتخيل يومًا أن مثله الاعلى مجرد هواء رسمه عقله الطفولي لاب مثالي...! نهض مسرعًا وهو يمسح دموعه ويزجر نفسه بعتاب... لم يكن يجب عليه أن ينهار امامها.. ان ينهار امام اي شخص... فهو جبل... جبل لا يهتز، ولكن ماذا إن انشقت مقولة يا جبل ما يهزك ريح !
صعد غرفته ليجد ترنيم تقف امام المرآة وترتدي -قميص نوم- قصير يبرز مفاتنها، تضع بعض مساحيق التجميل وتفرد خصلاتها الناعمة... وقف امامها وهو يهمس بإعجاب واضح: -ماشاء الله ابتسمت عندما سمعته فسألته بحياء: -عجبتك؟ اقترب منها حتى طوق خصرها بيداه بتملك هامسًا وشفتاه تلامس اذنيها عن عمد: -مين اللي جهزك كدة؟ زوبيدة؟ اومأت مؤكدة: -ايوة وآآ...
ولكنها صمتت صارخة عندما ضغط بيده على خصرها حتى تألمت، فقال ببحة تملكية غيورة: -ممنوع، ممنوع حد غيري يشوفك كدة حتى لو زوبيدة همست بصوت متألم من ضغطته: -صقر وجعتني! خفف قبضته قليلاً عندما لاحظ نبرة صوتها، فلم يمهلها فرصة الابتعاد اذ اكتسح شفتاها في قبلة عاصفة... عنيفة نوعًا ما وكأنه يُفرغ غضبه بها...! يضمها له بقوة وشفتاها تهبط لرقبتها يقبلها بقسوة حتى تركت اثرًا عليها...
الى ان ابتعد عندما طرقت زوبيدة الباب وهي تردد: -صقر بيه في ضيف تحت عاوز حضرتك ضروري ضغط على ذراعها برفق هامسًا بصوت لاهث: -نازل تركها بعد دقيقة لتحاول هي تنظيم انفاسها من هجومه المفاجئ... فملس على وجنتها برقة هامسًا: -اسف ثم استدار ليهبط بهدوء...
دقائق مرت وهو مع موظف ما من الشركة يخبره امر ضروري عندما سمع صوت زوبيدة تصرخ بهلع من الاعلى: -صقر بييييه، الحجنا يا بيه!
رواية احتلال قلب للكاتبة رحمة سيد الفصل الثاني والعشرون
صرخ بالموظف مسرعًا بنبرة على حافة الانفجار: -أمشي أنت دلوقتي ركض نحو الاعلى يتسابق مع الريح... لا توجد فكرة سوداء الا واختلطت بثبات عقله في تلك اللحظات...! ترى أيًا منهن سيفقد؟! والدته، ام ترنيمة حياته!؟ صعد بالفعل ليجد ترنيم سقطت ارضًا فاقدة الوعي وزوبيدة تحاول إفاقتها.. حملها بلهفة ليضعها على الفراش ويبدأ في محاولة إعادتها للوعي...
دقائق وبدأت بالفعل تستعيد وعيها فكان صقر يملس على وجنتها بحنان يتدفق مُغذى عطشها لحنانه واهتمامه، ثم همس: -أنتِ كويسة يا حبيبتي؟ اومأت موافقة عدة مرات، ثم نطقت بهمس واهن: -اه انا دوخت فجأة بس ابتسمت زوبيدة وهي تردد قبل أن تنسحب: -الحمدلله، انا تحت لو احتاجتيني يا هانم اومأت ترنيم دون كلمة، فأمسك صقر بوجهها بين يداه وكأنه يهدئ اللوع الذي مزق وريقات قلبه الهاوي... ليردد بصوت أجش:.
-حراك عليكِ كل شوية تفزعيني.. ابتسمت بضعف متمتمة بدلال: -ده مش أنا، ده ابنك يا حبيبي ابتسم وهو يقترب ليداعب أنفه بأنفها وهو يغمز لها مشاكسًا: -لأ لو ابني يبقى براحته، ده الباشا ثم سألها مفكرًا بتمني: -بس مين قالك أنه ولد؟ هزت كتفيها وتشدقت بابتسامة حالمة: -مش عارفة بس حاسه أنه ولد -مش مهم ولد ولا بنت، المهم انه منك أنتِ قالها وقد تسطح جوارها يضمها لصدره بقوة، عبيرها يتخلل خلاياه فيفجر شعوره المعتاد بها...
تلك الحرارة التي تشتعل بجسده ما إن تمسه.. كلها علامات وعلامات، لا تكمل سوى معنى واحد روحه متعلقة بحبال لا تذيبها صخور كاوية حتى !.. مد إصبعه بخبث يتحسس العلامات التي تركتها شفتاه على رقبتها وقال بمكر: -امممم حلوة العلامة دي حاجة تفتكريني بيها أبعدت يده عنها ولم تُعلق فأكمل وشفتاه تتلمس تلك العلامات برقة أرسلت رعشة عميقة لها: -عشان تفكرك بشوقي ليكِ كل يوم وكل ساعة وكل لحظة!
أبتعدت ببطء مبتسمة بخجل، فوضعت رأسها على صدره تهمس متساءلة: -قولي طيب. هتعمل أية مع مامتك؟ تشقق العبث من ساحة ملامحه الخشنة ليتشكل في ثوان جمود رهيب وهو يخبرها: -ترنيم ياريت مانجيبش السيرة دي بيننا عشان أنا مش ضامن رد فعلي، بحاول أنسى كأني معرفتش حاجة... اومأت موافقة عدة مرات، ثم مدت يدها بتلقائية تعبث بأزرار قميصه وهي تسأله: -هتيجي معايا للدكتورة؟
اومأ موافقًا وقد أغمض عيناه بقوة يتحكم في رغبته بها عندما لامست أصابعها صدره الاسمر: -هاجي بس طول ما أنتِ بتعملي كدة يبقى مش هنروح احنا الاتنين وهنبص لحاجات تانية اهم ابعدت يدها على الفور وهي تعض على شفتاها بخجل، وشهقت بتوتر عندما شعرت به ينهض ليطل عليها بهيئته الرجولية العريضة... فهمست: -احم، أبعد كتمت مياه ونور! ابتسم ليتابع بصوت خشن محمل بالعاطفة التي يخصها بها وحدها: -هبعد بس هي بوسه واحدة بريئة.
وبالفعل نفذ ما أراده فالتحمت شفاهما في قبلة عميقة انحنت لها جوارحهم، ولكن لم تكن قبلة بريئة كما وعدها، ففقد سيطرته تحت تأثير شفتاها لتصبح عدة قبلات مشتعلة... فابتعد بعد دقيقتان يلهث وهو يجيب على سؤالها: -عشان من صغري بتكلم صعيدي، لكن لما روحت الجامعة ف اسكندرية وبجيت ألقط بعض الحاجات غصب عني، فتلاجي كلامي صعيدي مشكل ابتسمت هي بخفوت وشددت من احتضانها له... ليسمعا طرقات هادئة على الباب فسأل صقر بجدية:.
-هاا؟ أجابت زوبيدة بتهذيب: -اسفة يا بيه على الازعاج، الاستاذ جسار اخو الهانم وزوجته تحت مستنين حضراتكم هبت ترنيم جالسة عندما سمعت فتساءلت ببلاهه: -جسار ونور!؟ حاولت النهوض بسرعة متجاهلة زئير صقر المغتاظ وبالفعل نهضت لتسير وهي تتحس الاشياء لتصل للباب... فركض صقر خلفها وهو يمسك بالأسدال الخاص بالصلاة ليجعلها ترتديخ قبل أن تهبط السلم وهو يهتف بلهفة حادة:.
-أنتِ مش هتبطلي التهور ده ابدًا، لسه مش قادرة تستوعبي أنك مسؤلة عن روح تانية دلوجتي وازاي كنتي هتنزلي بالمنظر ده؟! هزت رأسها مغمغمة ببراءة ؛ -اسفة بس جسار واحشني اوووي زجرها بحدة غيورة ؛ -ترنيييييم سارعت ترد بابتسامة سعيدة: -خلاص مش واحشني انا عاوزة اشوفه وخلاص ابتسم برضا وهو يمسك كفها برفق ليساعدها على النزول.. ما إن رآها جسار اقترب مسرعًا منها ليحتضنها بحنان هامسًا: -وحشتيني يا تؤام روحي.
احتضنته مجيبة بهمس لا يسمعه سواه: -وأنت كمان وحشتني اوي بس وطي صوتك عشان هتلر اللي ورايا هيقتلنا ضحك جسار بقوة عاليًا فابتسمت ترنيم على ضحكاته... مما جعل صقر يقترب منها ليسحبها من ذراعها برفق يلصقها به وهو يردد بصوت أجش فاحت رائحة الغيرة منه: -اية يا جسار ما أنت لسه مكلمني ماجولتش لية انك جاي؟ افرض كنا مشغولين اقترب منه جسار حتى اصبح قريب منه جدًا فهمس بخبث: -منا حبيت أعملها مفاجأة لترنيم...
ثم مد إصبعه يشير لجانب وجهه متابعًا بخبث جعل ترنيم كحبة طماطم: -لأ بس واضح أنكم مشغولين جدًا، بس الله يسترك ابقى امسح الروج قبل ما تنزل تشوف حد هه ضحك وهو يستدير ليجلس على الاريكة جوار نور التي لم تستطع كتم ضحكاتها، فلكزته ترنيم عدة مرات في ذراعه وهي تردد بحرج: -الله يفضحك، شوفت البوسه البريئة ودتنا لفين!..
في اليوم التالي... كانت فجر في غرفتهم بالفندق تبدل ملابسها وليث ينتظرها في الاسفل، السعادة تحتل جزءًا كبيرًا من ملامحها لا يمكن أن يظلله حظ مشؤوم!.. او هكذا اعتقدت..! إنتهت عندما كادت تخرج ولكن فجأة وجدت الباب يُفتح وعدة رجال يدلفون ويغلقون الباب فعادت للخلف بتلقائية مرتعدة وهي تسألهم: -أنتوا مين وعايزين أية؟ كانوا ملثمين لم يجيبوها فبدأو يفرغوا الزجاجات الكبيرة التي يحملوها على كل جزء بالغرفة...
راح نظر احدهم نحو باب المرحاض المغلق وصوت المياه التي نستها فجر يصدح، فقال للاخر بجدية: -شكله التاني جوه كويس سألتهم فجر بهلع: -هو مين ده، اطلعوا بره أكملوا ما يفعلوه فكادت تركض ولكن احدهم كان الاسرع ليمنعها، وعندما أنتهوا من تفريغ ما معهم ألقاها بعيدًا عن الباب ليخرجوا جميعًا ويبقى اخر واحد الذي ألقى -عود كبريت- بعدما أشعله في ارضية الغرفة.
لتشتعل النيران في الغرفة وتبدأ في تآكل الاشياء ببطء وصرخات فجر المذهولة المرتعدة تعلو...!
كان كلاً من صقر و ترنيم عند طبيبة النساء... التي إنتهت من فحص ترنيم فقالت بابتسامة: -الف مبروك أنتِ حامل ف تؤام! شهقت ترنيم وهي تضع يدها على فاهها غير مصدقة ما سمعته.. بينما نهض صقر الذي فغر فاهه وهو يسألها ببلاهه: -بجد؟ ضحكت الطبيبة وهي ترد: -امال بهزار؟ اهه قدامك حامل ف بنت وولد زي العسل تأوه صقر بسعادة وهو يحتضنها بلهفة ليرفعها عن الارضية مرددًا بنبرة غير مصدقة: -الحمدلله يارب الحمدلله.
كادت ترنيم تقفز بسعادة وهي تهمس بصوت أشعره أن قلبها على وشك الوقوف من كثرة السعادة: -ياااه أنت كريم اوي يارب بجد مش مصدقة أمسكها صقر من ذراعها يوبخها بصرامة محببة: -ماتقلبيش قردة دلوجتي وتجعدي تتنططي كدة، اهدي انا مش عايز عيالي يبقوا مجانين اومأت عدة مرات بابتسامة واسعة، كانت في حالة إنتشاء لا توصف... لا تذكر أنها كانت سعيدة يومًا كما الان! تشعر أن ثقب فقدانها جنينها الاول قد تغلف وانتهى الامر!..
جلسا لينتبها على حديث الطبيبة وهي تكمل بابتسامة: -انا كتبتلك يا مدام على بعض الحقن عشان نمحي نسبة أحتمال انه يبقى فيهم نوع ما من التشوه طرق قلبها بعنف وهي تسألها متوجسة: -لية هو في احتمال يبقوا مشوهين؟! اجابتها الطبيبة بجدية: -من التحاليل والاشعة والحاجات اللي عملتهالك، استنتجت إن تقريبًا الجنين الاول اللي مات كان في نسبة كبيرة يبقى فيه تشوه! اتسعت حدقتا ترنيم وصقر بفزع فتابعت الطبيبة:.
-يعني المفروض نحد ربنا، وماتحزنيش ابدا انه اخده منك، يمكن رحمع ورحمكوا من المعاناة معاه، بس احيانًا الخير بيبان لينا انه عقاب او كدة! اومأت ترنيم مؤكدة وقد بدأت عيناها تُدمع وهي تهمس داخلها هي لن ولم تتمكن من ادراك حكمة الخالق قبل أن تحدث، لكل خلق خالق فعليًا ! انتبهت لصقر عندما سألها: -طب والدوخة والاغماء والقيئ؟ اجابت باتزان: -كل دي اعراض طبيعية ماتقلقش، وهتخف مع الوقت...!
وهكذا إنتهى حوارهم مع الطبيبة ليعودا لمنزلهم.. وخلفية الموقف تليق كثيرًا بمقولة إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون.
كان جسار مع نور في نزهة صغيرة... في مكان اشبه ب -الملاهي-... ما إن طالعته نور حتى هتفت بانبهار: -الله جميل اوي، بس هنعمل أية؟ غمز لها مجيبًا بمكر: -هلاعبك لعبة جميلة جدًا! سحبها من يدها برفق نحو تلك اللعبة، كانا عند حافة ما يشبه الجبل، اسفله مياه غزيرة... وحبل طويل سميك مُعلق عند حافة الجبل، قربها جسار منه وهو يلف ذاك الحبل حولهما بمساعدة المسؤلة...
فسألته نور بخوف وهي تطالع العلو بين الماء وموقعهم هذا: -أية اللي هيحصل دلوقتي؟! وبعد أن احكم الحبل حولهم بحيث يضمن عدم وقعوهم، وفجأة ومن دون سابق إنذار كان يحتضن نور ليقفزا وهو يصرخ بجنون: -هيحصل كدة تعالت صرخات نور المذعورة وهي متشبثة بأحضانه كطفلة صغيرة، انتهى طول الحبل بهما لعند قبل المياه بسنتيمتر واحد... فتعلقت نور بأحضانه ضاحكة من بين دموعها التي هبطت من الخوف:.
-يا نهار اسوووح هنموت هنقع في المايه يخربيييتك ضحك هو الاخر على صريخها الذي صم أذنيه فقال بعبث: -متقلقيش احنا هنفضل متشعلقين كدة شوية وبعد كدة الحبل هيتهز ونلعب شوية ونطلع بدأت تغمض عيناها وهي تصرخ بصوت طفولي: -لاااااا طلعني دلوقتي الله يسامحك انا مش عايز العب اللعبة دي! كانا بالفعل مُعلقان رأسهم عند المياه وقدماهما للأعلى وجسار يضمها له بذراعيه...
على قدر ما كان مظهرهما مُخيف إلا ان بين مكنوناته متعة لا توصف... اهتز الحبل ببطء فبدأ صوت ضحكاتهم يعلو فهمس جسار: -بحبك ومن دون وعي ردت وهي متعلقة برقبته: -وانا كمان بحبك! فزعت عندما صرخ فيها بجنون: -وحياة امك؟ جاية تقوليها هنا! دلوقتي تحديدا؟! ضحكت ملأ شدقيها على أنفعاله الطفولي فاهتز الحبل بقوة لتتعالى صرخاتها وضحكات جسار المستمتعة خاصة عندما تلامس اطرافهم المياه...
مساءًا... كانت ترنيم في غرفتها بعدما رحل صقر ينهي بعض اعماله الضرورية بالشركة... سمعت خطى زوبيدة الباكية وهي تدلف راكضة لها.. فسألتها بقلق: -مالك يا زوبيدة؟! تعالت شهقاتها التي نخزت روحها بقسوة ثم اخبرتها: -اب ابويا، ابويا اتخطف شهقت مصدومة وسرعان ما سألتها: -مين اللي خطفه ومابلغتيش البوليس لية؟! سقطت على الارض باكية وهي تكمل بخوف: -نيرمين هانم خطفته وجالتلي لو ترنيم ماجتش تاخده يبقى مش هشوفه تاني.
ثم امسكت قدماها وهي تتابع باختناق باكي ؛ -وانا ابويا راجل كبير مش هيستحمل البهدلة دي والنبي ياست هانم ابوس رجلك رفعتها ترنيم ببطء وهي متخبطة بين أفكارها الملكومة... منصدمة ومرتبكة لا تدري ماذا تفعل حقًا؟!.. امسكت بهاتفها تتصل بصقر ولكن سمعت صوت تلك اللعينة الهاتف المطلوب مغلق او غير متاح، برجاء المحاولة في وقت لاحق.
ألقت الهاتف بغضب ومع استمرار نحيب تلك المسكينة قالت بحزم وهي تسير ببطء نحو دولابها لتبدل ملابسها: -اهدي يا زوبيدة انا جاية معاكِ هتفت زوبيدة بلهفة: -بجد يا ست هانم؟ اومأت مؤكدة بأصرار دون ان تفكر بالعواقب: -ايوة. انا مش هدخل واحد ملوش لازمة واخاطر بحياته، روحي وانا هغير هدومي وجيالك وبالفعل ارتدت ملابسها على عجالة، لتنادي على زوبيدة التي أتت لتصطحبها معها متجهين نحو المكان الذي أخبرتها به نيرمين...
فكانت ترنيم تسير معها وهم خارجين من المنزل بأقدام مرتعشة ومن دون مقدمات...