رواية معشوق الروح للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الخامس
كادت أن تسقط على أثر أصطدامها بالمصفح البشري، رفعت عيناها لتجد شابٍ وسيم للغاية، عيناه مائلة للون الرمادى بل للون الذهب فربما لم تتمكن من تحديد لونهم.. هبط سيف خلفها قائلا بلهفة: أنتِ كويسة؟ عادت لأرض الواقع فأبعدت يدها بعيداً عن صدره وأستقامت بوقفتها، فرفع سيف وجهه لمن يقف أمامه قائلا بأبتسامة هادئة: بعتذر من حضرتك عن تصرف أختى الهبلة أرتدى نظراته قائلا بلا مبالة: ولا يهمك.
وتركه واكمل طريقه للأعلى بالشقة التى أستاجرها بنفس عمارة سيف.. أما هى فراقبته حتى تخفى من أمامها، لا تعلم ماذا حدث لها منذ أن تلاقت عيناها بعيناه الغامضة.. جذبها سيف بحدة حينما لم تجيبه بالرد: روحتى فين! جذبت يدها قائلة بغضب: بقا أنا هبلة يا سيف إبتسم قائلا بغلظة: أيوا ومش بس كدا لسانك طويل كمان : وضيف كمان باردة ودمها وقف قالها شريف وهو يتناول الشطائر جالساً على الدرج، يتابع ما يحدث بأهتمام..
رمقتهم شاهندة بنظرات مميته ثم توجهت للمصعد قائلة بتوعد: ماشي هتشوفوا هعمل أيه شريف بسخرية: خالى بالك من السلمة المكسورة يا شابة سيف بستغراب: سلم أيه دى نازلة بالاسانسير! أجابه بغرور: فى سلالم جوا أسمع منى أنا أعلم منك أنت هتعرف أزاي وأنت بتجرى على السلم ليل نهار تطلع له بنظرة جعلته يتناول ما تبقى من الشطائر ثم هرول سريعاً للداخل.
بالقصر.. ظل بسيارته لفترة طالت بالتفكير، لمساتها مازالت ترفرف دقات القلب فتجعله فسباق مريب، ذكريات الماضى تلاحقه كلما تذكر أسمها... فتح باب السيارة ثم سار قدماً بحديقة القصر الداخلى غير عابئ بطريقه، كل ما يرأه أمامه ملامح تلك الفتاة وخفقان قلبه، حديث يزيد عن ظهورها بوقت حاجته لها...
خلع جاكيته ثم ألقاه على الطاولة وتقدم من المياه الباردة وهو يحل قميصه الأبيض ليلقى بنفسه بالمياه غير عابئ لقطرات الأمطار المتمردة على مياه المسبح فبداخله نيران تحترق يريد التخلص منها... ظل تحت المياه أطول فترة ممكنه فمالك بارع بالسباحة..
أغمض عيناه ليرى ملامحها ترسم أمامه كأنه رأها لأعوام وليس ثوانى أو دقائق لا يعلم بأنه بموجة العشق المخلد، خرج من المياه سريعاً لحاجته للهواء فتفاجئ برفيقه يجلس على المقعد بأنتظاره وعيناه تتلون بالتسلية لرؤيته هكذا.. خرج من المياه ليخطف نظرات لمن يجلس تحت الحاجز بينه وبين مياه الأمطار قائلا بثبات: بتبص لي كدا ليه؟! إبتسم الأخر قائلا بغموض: بحاول أقلم نفسى على الشخص الا قدامى.
جذب المنشفة من الخادم قائلا بستغراب تأقلم نفسك مع مين؟ تخل عن مقعده ليقف أمام أعين رفيقه قائلا بثباتٍ مريب: مع العاشق الولهان صاح بغضب شديد: أيه الكلام الفاضى داا؟ تحل بالصمت وإستمع لحديثه بأبتسامة تزين وجه الغول: مالك أنا مش صاحبك وفاهمك بس لا أنا النص التانى الا مستحيل تقدر تكدب عليه أو حتى ميفهمكش.
جلس على الأريكة بأهمال ويديه تشدد على خصلات شعره الطويل بغضب، جذب يزيد المقعد وجلس أمامه مباشرة قائلا بهدوء: أنا عارف أنك متلخبط بس لازم تسمع كلامى الأحساس الا عندك دا هو كافيل بأنك تنسى الماضى كله رفع عيناه قائلا بستسلام: مش هقدر يا يزيد إبتسم قائلا بتصميم: هتقدر وهتشوف بنفسك.
جذب جاكيته الموضوع على الطاولة ثم توجه للدرج المودى لغرفته فأستدار قائلا بصوتٍ غامض: مش هأخد قرار فى الموضوع دا لأن من الأصل مفيش موضوع الا حصل مجرد صدفة مش أكتر ولا أقل ثم قال وهو يكمل طريقه للأعلى: تصبح على خير أعتدل يزيد بجلسته والأبتسامة مازالت على وجهه فهو يعلم بأن تلك الفتاة لم تترك ذهنه بعد..
بغرفة أمل. أذنت للطارق بالدخول فولجت منار للداخل قائلة بأبتسامة رقيقة: لسه صاحية يا ماما وضعت المصحف الشريف جوارها قائلة بأبتسامة لا تغادر وجهها: أيوا يا حبيبتى تعالى أغلقت باب الغرفة ثم تقدمت لتجلس على الفراش جوارها قائلة بأضطراب: مش جايلى نوم قولت أجى وأقعد مع حضرتك شوية أمل: خلصتى مذكرتك؟! أجابتها بتأكيد: أيوا طبعاً خلصت وروحت لشاهندة بس لقيتها نايمة فقولت أجيلك بقا.
إبتسمت قائلة بهدوء: شاهندة مش بتحب السهر صاحت بغضب: خااالص مفيش غير تقى كنا بنتكلم للصبح قالت بتذاكر: طمنينى عنها عامله أيه دلوقتى؟ أستندت بظهرها على الوسادة: الحمد لله كويسة وشاهندة بتقول أنها خرجت من المستشفى أجابتها براحة: طب الحمد لله أروحلها بكرا أن شاء الله أشوفها ثم رفعت يدها على رأسها بألم، تلهفت منار من رؤيتها هكذا فقالت بخوف: مالك يا ماما؟
إبتسمت حتى لا تقلقها: متخافيش حبيبتى دا صداع خفيف هأخد الأدوية وهكون كويسة منار: طب هو فين وأنا هجيبه أشارت لها أمل على الخزانة فتوجهت منار إليها تبحث عن الدواء ولكنها عثرت على صورة غريبة حملتها بين يدها والزهول يقسم ملامح وجهها.. فجذبت الدواء وقدمته لوالدتها ومازالت الصورة بيدها تتفحصها بستغراب...
وضعت أمل الكأس المعبأ بالمياه على الكوماد ثم تطلعت لأبنتها المزهولة فوضعتها على قدم والدتها قائلة بحيرة: مين دول؟! تطلعت أمل للصورة أمامها بحزن شديد فالصورة كانت لمالك وشقيقه التوم حديثى الولادة... خرج صوتها بآلم: دا مالك ومروان رددت بخفوت: مروان مين؟! إبتسمت أمل قائلة بشيء من التحمل: أنا كنت حامل بتؤام بس لما أتولدوا مروان مات بعد الولادة بساعات.
ثم رفعت الصورة بأبتسامة: الصورة دي أبوكِ الا صورها ليهم بعد ما خرجوا من أوضة العمليات وأنا أحتفظت بيها أجابت بحماس كبل بالحزن: يعنى أنا كان هيبقى عندى أخين توأم إبتسمت قائلة بصبر وتحمل: بس إرادة ربنا قوية يا حبيبتي أكيد له حكمة فى الا حصل دا. : ونعم بالله قالتها منار بأيمان قوى نجحت أمل بزرعه بقلبها..
بغرفة يزيد.. كان يقف أمام النافذة المصنوع من الزجاج، مائلا بجسده على الحائط، يتأمل قطرات المياه المتساقطة على أشجار الحديقة فتجعل جمالها خلاب... كلمات تلك الفتاة تتردد بذهنه فتجعله يبتسم بتلقائية، تلونت عيناه بالغضب حينما رفع الهاتف ليجد إسم أخيه الذي يحاول الوصول إليه منذ أيام فأغلق بوجهه حتى لا تحرقه عاصفة الغول..
أنحاز تفكيره لتلك الفتاة البريئة التى تزوج منها على الأوراق ولم يمنحها الدعم، واجبات الزوج تحتمه على ذلك ولكنه مقيد بقيد مجهول بالنسبة له..
سطعت شمس يوماً جديد ربما ستنير بكشف حقائق للبعض وجمع أخر خيط بالعشق الروحى... بشقة تقى.. طرق شريف الباب ففتحت والدتها قائلة بأبتسامة هادئة للغاية: شريف دلف للداخل قائلا بأبتسامة واسعه: صبااااح الخيرات والجمال وريحة الفطار الا تدخل القلب تعالت ضحكاتها قائلة بصعوبة بالتحدث: عملت حسابك معانا متقلقش أقترب من الطاولة يتأمل الطعام بأبتسامة واسعه: لا كدا بقا هنزل أجيب عيش سخن وأجى متقفليش الباب.
تعالت ضحكاتها: حااضر وهبط شريف للأسفل، أستندت على الحائط بتعب شديد إلى أن خرجت من غرفتها فتأملت القاعة بأمل تخفى حينما وجدت والدتها تقف بمفردها، خرج صوتها بأرتباك وهو تبحث بعيناها عنه: هو سيف كان هنا؟! تأملت لهفتها بالبحث عنه وأمنيتها بوجوده فتلون وجه سماح بغضب كبت لسنوات فصاحت بعصبية: مفيش فايدة فيكِ يا تقى كل الا فى دماغك سيف وبس؟! مش ناوية تفوقى من الا أنتِ فيه دااا.
جلست على المقعد بتعب شديد والدمع يلمع بعيناها، فقالت ببكاء: غصب عنى يا ماما بادلتها الحديث بلهجة قوية للغاية: لا مفيش حاجة أسمها غصب عنك وأنا مش هسيبك كدا كتير ومش همشى من هنا غير ورجلى على رجلك أنا سبتك بمزاجى لكن دلوقتى لا تطلعت لها بصمت قطعته بدموع وصوتٍ منكسر: زي ما غصبتى عليا أتجوز سامى.
أقتربت منها سماح والدماء تتغلل بعروقها: أنا مغصبتش عليكِ تتجوزى سامي أنا فوقتك من الحلم الا أنت عايشه فيه سيف عمره ما فكر بيك بالطريقة دي وأنتِ عارفه كدا كويس صرخت ببكاء هستيري: بس أنا بحبه ومش هبعد من هناا حتى لو أتجوز وعاش حياته كفايا أنى أشوفه أدام عيونى.
قالت تلك الكلمات وقلبها ينشطر لآنين وأوجاع قالتها بصعوبة وقلبها يكاد يتوقف عن الخفقان قالتها بحزن شديد لمس قلبه والدتها فبكت هى الأخرى قالتها والأخر يقف أمام باب شقتها بصدمة كبيرة، نعم إستمع لحديثها، نعم هو الوحيد الذي تمكنت من إيصال كمية الوجع بحديثها لقلبه ربما لأنه كان بنفس المعانأة من قبل.. أقتربت سماح منها قائلة بدموع: حرام عليكِ يا تقى والله حرام الا بتعمليه فينا دا.
وجذبت حقيبتها وتوجهت للخروج فأسرع سيف لشقته قبل أن ترأه... جلس على المقعد بأهمال يتذكر نظراتها وكلماتها الغامضة فربما الآن قد توصل لنهاية المطاف وهو العشق الذي بقلبها.. غادرت سماح ودموع الحسرة تكتسح وجهها على إبنتها الوحيدة لا تعلم أنها بالداخل تبكى بآلم ومعانأة أكبر، استندت على الطاولة تحتضن دمعاتها فالأمر صار معتاد عليها أن تلملم دموعها بمفردها.
أقترب منها بخطى مضطربه ولكن آنين قلبه لسماع دموعها هو من ولج به للداخل، رفع يديه على رأسها فرفعت وجهها بتعجب حينما رأته يقف أمامها، حاولت الحديث ولكن لم تستطع تزاورها أسئلة وشكوك مريبة ولكن بالنهاية بينهم رابط عن سبب وجوده. جذب المقعد وجلس بجانبها، عيناه تتحاشي النظر إليها والصمت هو الأمبراطور بمملكة الأنين حتى تمرد صوته فخرج بحزن: أنا مش عارف أقولك أيه؟
بس كل الا أنا عايزك تعرفيه أنى حاسس بيكِ أوى لأنى مريت بنفس التجربة الا أنتِ فيها وعارف بشاعة الوجع دا تحاشت النظر له بعد أفتضاخ أمرها فقالت بتوتر: أيه الكلام دا يا سيف إبتسم ومازالت عيناه تنظر للفراغ: خلاص يا تقى أنا عرفت كل حاجة.
وضعت عيناها أرضٍ تبكى بقوة فجاهدت للحديث بقوة حتى لو كانت مصطنعه ولكنها فشلت بنهاية المطاف فقالت بدموع: أسمع يا سيف أنا لما حبيتك مكنش قدامى قيود بعترف أنى لما أتجوزت أخوك كنت لسه بحبك بس يشهد ربنا أنى محاولتش أكون خاينة بأى شكل من الأشكال حتى مجرد التفكير فيك ثم أكملت ببكاء ونحيب قوى: ماما صح أنا لازم امشى من هنا.
وتركته تقى وتوجهت لغرفتها تلملم ملابسها ومتعلقاتها الشخصية ومازال يجلس هو بالخارج بحيرة من أمره ولكنه أتخذ قراره بالرحيل فربما سيجمعهم محطة أخرى ليرأف بها.
بغرفة مالك نهض عن الفراش بغضب شديد لمن تحاول إيقاظه منذ الصباح فزفر قائلا بغضب: أييييه؟! جلست على المقعد المقابل له قائلة بأبتسامة واسعه: صباح الخير يا مالك.
أعاد خصلات شعره المتمردة على عيناه قائلا بضيق: نعم! داخله فى الوقت دا عشان تقوليلي صباح الخير؟! أعدلت من حجابها قائلة بغرور: لا رمقها بنظرة مستميته فهدوئها يشكل خطراً بالنسبة له وما زاده دلوف شاهندة للداخل قائلة بأبتسامة واسعه: صباح الخير يا أبيه تخل عن الفراش مشيراً بيديه: هتقولوا فى أيه ولا أطردكم وأخلص جلست شاهندة جوار منار قائلة بأرتجاف: أنتِ لسه مقولتيش أجابتها بغرور: من غيرك ميحصلش يا شاهى.
ضيق عيناه بغموض ثم جذبهم من تالباب ثيابهم قائلا بصوت مخيف: أنا كنت عارف أنكم بتخططوا لكارثة إجتماعكم أنتوا الأتنين يعنى كارثة على طول خرج صوتها بخوف: عيب كدا يا آبيه أنت تعرف عننا كدا؟! أسرعت منار هى الأخرى بالحديث: أحنا ملاك ماشي على الأرض : على بابا يابت قالها مالك وهو يشدد من جذبها فصرخت قائلة: طب ياعم أحنا بالصلاة على النبي كدا عايزين نطلع رحلة صاح كالرعد: تطلعوا فين ياختى؟
إبتسمت شاهندة قائلة بصوت مرتفع: رحلة يا آبيه، كملى يابت وبالفعل أكملت قائلة بأبتسامة هادئة: فكنا عايزنك تقنع الغول أقصد آبيه يزيد يفك الحصار عننا جذبهم بقوة قائلا بسخرية: دانا الا هفك رقبتكم لو فتحتوا الموضوع دا تانى فااااهمين شاهندة: أنا فهمت شوف أختك منار: أنا فهمت من أول إمبارح وهرولت الفتيات مسرعين من أمامه فتطلع بغضب قائلا بصوت مخيف: قال رحلة قال لا وأكلملهم يزيد دا الا كان ناقص.
وأغلق الباب بقوة.. أكملت الفتيات الركض لتصطدم بالمضلع البشري أو ربما هو الغول كما يطلق عليه. تأملهم بنظرات ثابته يتأمل بهم أرتباكهم الملحوظ ثم أقترب منهم قائلا بستغراب: فى أيه؟ جذبت منار شاهندة قائلة بأبتسامة زائفة: صباح الخير يا غ أقصد آبيه شاهندة بنفس البسمة: صباح العسل يا يزيد رمقهم نظرات شك ثم قال بنبرة لا تحتمل نقاش وعيناه على غرفة مالك: هتقولوا فى أيه ولا أطلع أعرف بنفسي؟
أسرعت منار قائلة بلهفة: كنا بنتحايل على مالك يودينا المول نجيب الحاجات الا نقصنا ودا جهود من ثلاث أيام بتحايل ومفيش نتيجة وأنت عارف بنتحرج من الحرس ومش بنعرف نشتري حاجه أشار برأسه بتفهم وأكمل طريقه لغرفة مالك قائلا بنفس لهجة الثبات: جهزوا نفسكم إبتسموا بسعادة فحاولوا من قبل ان يقنعوا مالك ولكنهم حصدوا على موافقة من الغول نفسه فكلمته كالسيف..
ولج للغرفة فوجده يرتدى حذائه قائلا بستغراب: أنت لسه هنا يا يزيد؟! جلس على المقعد وضعاً قدماً فوق الأخرى قائلا بسخرية: لا شبح إبتسم مالك قائلا بسخرية هو الأخر: والمفروض أنى أخاف وأجري؟! إبتسم يزيد: لو هنتكلم على الأفتراضات هنخسر بعض صدقنى ألقى نظرة أخيرة على بذلته السوداء الذي يرتديها مرات معدودة لأجتماعه العاجل.. جذب يزيد المجله الورقية يتطلع بها ثم قال وعيناه عليها: غير هدومك عشان هتروح المول.
أستدار قائلا بنظراته الساحرة: نعم ياخويا مول أيه دا؟! : زي ما سمعت قالها يزيد ومازالت عيناه على الجريدة فأبتسم مالك بخبث فعقله من ألماس: أوك يا يزيد هروح معاهم المول بس طبعاً سمعتنا أدام الناس الا جايه من إيطاليا والأجتماع الا بعد ربع ساعه دا لازم تحضره بدالى أشار بلا مبالة: أوك دلف سيف قائلا بأبتسامة مصطنعه: صباح الخير يا شباب مالك: صباح النور يا سيفو تعال أقعد.
أجابه بعملية: لا يالا عشان الأجتماع مالك بستغراب: مالك يابنى؟ سيف بثبات: مفيش بس بقول عشان مش نتأخر مالك: يزيد الا هيحضر الأجتماع أنا أتعافيت من المعاكسات النهاردة وهنا علم الغول ما يجول برأس رفيقه فرمقه بنظرة مميته ولكن نظرة المكر مستحوذة على عين مالك.. وقف ثم توجه للخروج قائلا بصوت هادئ: ماشي يا مالك أرجعلك بس ثم تطلع لسيف قائلا بغموض: يالا يا سيف.
وبالفعل تتبعه سيف للأسف وهو بحالة من الفكر لا يرثى لها لا يعلم بأن رفيقه يشعر به ويعلم بما يفكر.. بالأعلى خلع مالك الحلى السوداء وارتدى سروال من الجنز الأسود وتيشرت ضيق من اللون الأبيض مرتدي ساعته الفاخرة وتارك رائحته عنوان لوسامته الساحرة.. هبط للأسفل فوجدهم بأنتظاره والأبتسامة بادية بشدة على وجوههم.. أستند بجسده على الحائط قائلا بمكر: أحنا فينا من كدا!
إبتسمت شاهندة قائلة بغرور: كل شيء يجوز بالحرب منار بتأييد: أينعم وأنا جيتلك وأتكلمت معاك بما يرضى الله والبت شاهى شاهدة رفع ساعته قائلا بسخرية: شاهدة على الخيرات ياختى، أنجزى بقا أنتِ وهى مش عايزنى أجى معاكم ورحمة أبويا لأربيكم عشان تقولوا حقى برقبتى بعد كدا هرولوا سريعاً لسيارته فأرتدى نظارته الشمسيه ولحق بهم..
بمنزل محمود تعالت ضحكات ليان قائلة بصوت متقطع: خلاص يا محمود والله هموت من الضحك.
فاتن بسعادة: والله أنا طول عمري بقول على الواد دا بارد جداً ومستخف دمه بس النهاردة حبيته لله فى لله عشان رجعك لينا من جديد أنكمشت ملامح وجهه بغضبٍ: بقا كدا يا ام محمود إبنك بارد! فاتن بأبتسامة واسعه: أنت عارفنى مش بحب الكدب تعالت ضحكات ليان قائلة بغرور: وأنا أتفق مع مامتى العسل فيما نسب إليك.
محمود بسخرية: دلوقتى بقيتوا حلف دانا كنت هخدك معايا المول وأنا نازل أشتري لنفسي حاجات قولت أخد البت أنقلها معليا كام فستان بس غيرت رائي ليان بلهفة: بجد يا محمود ياربت نفسي أخرج قالت والدته بجدية: مينفعش يابنى دي لسه تعبانه أنت شايف الا حصلها فى المستشفى أخر مرة أسرعت ليان بالحديث: أنا بقيت أحسن والله طب تعالى معايا.. محمود بتفكير: والله فكرة فاتن بخبث: لو هتجبلي فستان أنا كمان هجى.
تعالت ضحكاتهم بسعادة فحقق معتقدات ليان بأن بقائها معهم سيجعلها تتحسن سريعاً على عكس والدتها فلم تهتم بها بعدما أفاقت من الجراحه كل ما أعناها بأن إبنتها مازالت على قيد الحياة...
بشركات نعمان وصل يزيد لمكتبه فوجدها تجلس على مقعدها بهدوء مريب وتعب بدا على وجهها حتى أنها حاولت الوقوف حينما رأته ولكن لم تستطيع..
ود لو أقترب منها ليعلم ما بها ولكن سيف يلاحقه كظله فدلف لمكتبه يدرس الملف الذي قام مالك بدراسته من قبل.. جلس على يمينه سيف وهو بداومة من الفكر فأخرجه منه يزيد قائلا بثبات: الا بتفكر فيه مش منطقى يا سيف رفع رأسه قائلا بصدمة: وأنت عارف أنا بفكر فى ايه؟ خرج صوت يزيد قائلا بثبات وعيناه مازالت تتفحص الملفات: عارف تفكيرك كله أنها كانت زوجة أخوك بس الا مش قادر تستوعبه بأنه خلاص توفى.
زفر بقوة كأنه يخرج همومه دفعة واحده ثم صاح قائلا بحيرة: مش عارف أفكر يا يزيد هى مهما كانت بنت خالتى وأنا مش هعرف أشوفها بتتعذب كدا لأنى جربت نفس الأحساس دا قبل كدا قال كلمته الأخيرة بحزنٍ شديد وأسترسل كلماته: بس مش قادر أنسى أنها كانت زوجة أ قاطعه قائلا بهدوء: كانت أعاد رأسه على المقعد قائلا بستسلام: مش عارف أفكر خالص يا يزيد بجد حاسس أنى فى دنيا تانية.
وضع الملف جواره قائلا بثبات ؛ سيف أنا الوحيد الا عارف أد أيه تقى أتبهدلت وعانت هى مش بتحبك من يوم ولا من شهر من سنين عشان كدا بقولك أديلها فرصة وعشان أنا إبن خالتكم أنتوا الأتنين وفاهمكم كويس بقولك الكلام دا أشار برأسه بأقتناع، فدلف العامل ليخبرهما بأن المجموعة وصلت لقاعة الأجتماعات.. أعطى يزيد الملف لسيف وأخبره بأنه قادم خلفه فتوجه الأخر للقاعة..
خرج يزيد من مكتبه يتأملها بستغراب ثم أقترب منها قائلا بنبرة عملية مصطنعه: رجعتى الملفات الا أدتهالك إمبارح؟ رفعت عيناها قائلة بنبرة ساكنة: أيوا يا فندم وجذبت الملفات وتقدمت منه وقدمتها له... تناولها منها قائلا بصوت متلهف: أنتِ كويسة أشارت برأسها قائلة بعملية: الحمد لله لاحظ أنها ليست على ما يرام فقال بشك: متأكدة أكتفت بأشارة من رأسها فأكمل طريقه للقاعة..
بالمول.
لم تكلفه شاهندة عناء الشراء على عكس شقيقته فمن الصعب أرضاء ذوقها... زفر مالك بغضب: كل دول ومفيش حاجة عجبه حضرتك منار بغضب: مفيش حاجة عجبانى الله ثم خرجت للمقابل له تنقى ما تريد، أخبرت شاهندة مالك أنها ستجلس بالأسفل حتى ينتهوا من جولة منار بالشراء.. أقتربت من الفساتين المعلقة تختار منهم بملل. فوقف مالك يتأملها بغضب شديد.. على الجانب الأخر.
كان ينقى ليان ما تريد فأبتعد عنها وعن والدته التى تعاونها على المشى.. رفع يديه ليجذب أحداهما فتفاجئ مع من تقف جواره، تطلعت له منار بخجل شديد على عكسه كان يتأملها بأبتسامة جذابة ثم قال: حيرانه فى الأختيار ليه! رفعت عيناها بخجل وهى تتأمل الفساتين قائلة بحزن: لفيت المول كله ومفيش حاجه عجبتنى لدرجة أن أخويا قرب يقتلنى.
تعالت ضحكاته التى أسرت قلبها فأخفضت بصرها على ما بيده بأعجاب لاحظه فقال بجدية: عجبك! أشارت له برقة فناوله لها قائلا بأبتسامة هادئة: هيليق عليكِ أكتر من ليان قالت بتطرف: مين ليان؟ إبتسم قائلا بنظرات غامضة: أختى رفع عيناه على الفستان المقابل له وحمله قائلا بتفحص: طب أيه رأيك فى دا؟ طارت نظراتها به فقدمه لها قائلا بابتسامة ساحرة: أحنا فى الخدمة.
إبتسمت برقة فغادر ليبحث ما يتاسب شقيقته، لما تتركه نظراتها إلى أن تخفى من أمام عيناها.. وقفت ليان بمفردها بعدما دلفت فاتن الغرفة الخاصة بالملابس تطلع للفراغ بصمت إلى أن شعرت بدفئ مريب بمكانها فأستدارت لتجده يقف أمام عيناها بطالته المرسومة بحرافية، طافت عيناه المكان بملل إلى أن تلاقت مع من تتأمله بصدمة فتأملها بشيء لا يوصف من الصدمة والفرحة والأستغراب...
أقترب منها وهو كالمغيب، كلمات يزيد تتردد بزهنه، ليست صدف ، تلك الكلمة شعلت بداخله موجات يصعب وصفها.. وقف أمام عيناها فلم يعد يفصلها عنه الكثير، تذكرت أنها رأته من قبل، ليس بالمشفى هو الظل الذي يراودها بأحلامها كثيراً هو من يقف أمام عيناها.. لم تجد الكلمات مخرجها الصحيح فما من شيئاً مناسب للقول... خرجت فاتن من الغرفة بعدما أرتدت الجلباب الفضفاض قائلة دون النظر لمن يقف: حلوة عليا يا لين.
قطعت النظرات بينهم، أيقاظتهم على حلم اليقظة، نعم أنها ليست سلسلة أحلام، لا هو واقع غامض بين الأرواح.. أقتربت فاتن منه قائلة بتذكر: أنت! أنتبه لكلماتها فتطلع لها ليتذاكرها هى الأخرى وليان بحالة إستغراب من معرفتهم ببعضهم.. رفعت يدها قائلة بفرحة: أزيك يا حبيبي أشار لها بعيناه وبسمته التى تكاد ترسم لصدمته: الحمد لله أخبار بنت حضرتك.
تطلعت له ليان بصدمة فأكملت الأخري وهى تطلع لليان بسعادة: الحمد لله يابنى بدعيلك والله ثم تطلعت لليان قائلة بابتسامة واسعه ؛ دا الشاب الا أتبرعلك بالدم يا حبيبتي.
صدمة اجتزت أواصرها ولكن لم تكن كصدمته، حديثها الآن أكد له أنها لم تكن صدفة، قلبه شعل بالفكر فلم يجد الأجابة سوى أن القدر يلعب به لعبة مريبة أو أنه أختل عقلياً ليصدق ما يحدث، لم يستمع لكلمات فاتن فأستأذنت من ليان ودلفت لتبدل ملابسها، ربما تركت لهم مساحة من الوقت... كانت بحالة من الأرتباك فخرج صوتها قائلة بتوتر لما هى به: مش عارفة أشكرك أزاي؟ نظراته ساكنه فخرجت الكلمات بدون عقل: تتجوزينى.
قالت بصدمة: نعم! إبتسم قائلا بتأكيد: زي ما سمعتيها بالظبط تلبكت ملامح وجهها فقالت بصوت منخفض: أنت مجنون صح؟! أجابها بصدق: ياريت أكون مجنون أرحم من الا أنا فيه لم تقوى على تحمل كلماته والأقسى نظراته الجامحة التى توقعها ببئر عميق ليس به مخرج سوى الغرق بطياته..
أنهت فاتن تبديل ثيابها ثم خرجت فألتقطت ليان أنفسها حينما أبتعدت عنه على عكسه هو، توقف قلبه ببطئ فتعلقت العينان ببعضهم البعض حتى تخفت من أمامه... أقترب منهم محمود قائلا بستغراب: خلصتوا أجابته والدته بأبتسامة هادئة: أيوا يا حبيبي رفع يديه لليان قائلا بغرور: رايك بذوقى يا ليو.
كانت بعالم أخر لم تستمع لأحداً منهم خطفت النظرات لمن يقف متخفى ولكنه ظاهر أمامها عن تعمد، شعرت بأن هناك ما يربط بينهم ربما لو علمت بأنها تبرعت له من قبل بدمائها علمت صدق حديثه، أما هو فشعور مريب يطارده ولكن ما يعلق بتفكيره أن لا يتركها من بين يديه... خرجت تبحث عنه فقالت بصوت لفت إنتباه الجميع: أنت فين يا مالك أنا خلصت أستدار محمود والجميع لها...
لاحظت منار وجود محمود وأسرته بنفس الروق فأقتربت منهم قائلة بأبتسامة رقيقة وهى تشير على ليان: دى أخت حضرتك إبتسم قائلا بتأكيد: أيوا يا ستى ودى والدتى رفعت يدها تبادل السلامات بينهم فأنغمست فاتن بالنظرات بتلك الفتاة التى تمتاز بخلق بادى من طريقة حجابها الفضفاض وأسلوبها الرقيق بالتعامل، شعرت ليان بالأرتياح لها فأبتسمت وهى تخبرها بأنها أنهت المرحلة التعليمية وهى الآن تشعر بالأرتياح لفراغها..
فاتن: وأنتِ يا حبيبتى جاية المول لوحدك أستدارت بتذكر: لا ثم أشارت لمالك الذي أقترب فقالت بأبتسامتها المميزة: دا مالك أخويا ودا دكتور محمود دكتوري بالجامعه تطلع مالك لمحمود بصدمة وهو الأخر تعلو صدماته ثم قال بصوتٍ خافت: مالك نعمان! إبتسم مالك قائلا بغموض: حققت أمنيتك وبقيت دكتور جامعه أحتضنه محمود قائلا بسعادة ياه على السنين مش مصدق أنى شوفتك بعد. كل السنين دي منار بصدمة: أنتوا تعرفوا بعض؟
محمود بتأكيد: أحنا كنا بدسك واحد أنا وهو ويزيد وكنا أكتر من الأخوات أتفرقنا بالكليات كل واحد دخل كلية شكل مالك بغضب: مفكرتش تسأل علينا ولا مرة هتفضل زي مأنت واطى محمود بتأييد: واطى فعلا سبك وقولى أيه الجديد أنا كنت سامع أنك كتبت كتابك لا تعلم لما توقف قلبها حينما سمعت حديث أخيها، نظرات مالك لها غامضة كأنه يخبرها بانها مازالت تشك بأن هناك رابط مريب بينهم.. خرج صوت مالك أخيراً: فعلا بس الفرح مكملش.
أجابه بلهفة: ليه؟ تلون الحزن وجه مالك ولكنه قال بثبات: عملت حادث من خمس سنين وهى كانت معايا بنفس العربية وتوفت فاتن بدموع: لا حولة ولا قوة الا بالله ربنا يصبرك يا حبيبي. ثم أستدارت بوجهها لمحمود: سبحان الله صاحبك الا أتبرع لليان بالمستشفى محمود بزهول: بجد؟ إبتسم قائلا بنظراته الفتاكة: أهم حاجه أنها كويسة.
ثم وجه حديثه لمحمود: تعال ننزل تحت فى الكافى أهو نتكلم شوية وبالمرة أجيب أختى عفت نفسها من المهمة المميته دي تعالت ضحكات الجميع على عكس ليان التى تلتزم الصمت والزهول شعورها بأنها بحلم أو تعدت مرحلة الجنون كيف تحلم بأحداً لخمس سنوات وتراه أمام عيناها؟! هبط الجميع للأسفل فأقتربت شاهندة منهم بغضب: كل دا يا آبيه! رفع يديه بطريقة درامية: مش أنا يا قلب آبيه وأنتِ عارفه.
إبتسمت قائلة بهدوء: خلاص عفونا عنك تعالت ضحكات فاتن فتطلعت لها شاهندة بتعجب، عرفتهم منار ببعضهم ثم جلست ليان وفاتن على طاولة منار وشاهندة وجلس محمود مع مالك على طاولة منعزلة...
بالمقر خرج يزيد من غرفة الأجتماعات فزفر قائلا وهو يتأمل حالة سيف: يا بنى مش أخد عليك كدا يا تفرد وشك يا تغور من هنا.
رمقه بنظرة محتقنه ثم رفع الملفات من يده على صدر يزيد قائلا بضيق: أنت صح أنا همشي من هنا عشان أرتاح من خلقتك العكره أنت وإبن عمك وغادر سيف ليبتسم يزيد قائلا بمكر: لو حد تانى مكنش هيمشى على رجليه وناول الملفات للعامل وتوجه لمكتبه، وقف بخطاه وهو يرمق مكتبها بنظرة تمردت على ثباته فلم يجدها فأكمل طريقه للداخل... أغلق العامل باب المكتب فتوجه لمقعده ولكنه توقف عن الخطى حينما لمحها تفترش الأرض بأهمال..
حملها بين ذراعيه بلهفة تحتل وجه يزيد نعمان لأول مرة فصرخ بالعامل الذي طلب الطبيب على الفور. وضعها على الأريكة ونظراته تمتلأ بالخوف يتأمل تلك المشاكسة التى أحتل وجهها العبوث. دلف الطبيب فأسرع إليها وبعد ما قام به من فحص أخبره بلطف: واضح أنها بتمر بظروف صعبه مأثرة على نفسيتها بالسلب أجابه بصدمة حقيقة: ظروف ايه؟! دى مش بتبطل ضحك ولا هزار.
أعلق الطبيب حقيبته قائلا بخوف: أنا دكتور يا يزيد بيه وقولت الا شايفه أشار له بثبات فوضع الأدوية على الطاولة المجاورة لها قائلا بهدوء: 5 دقايق ومفعول الحقنه هيشتغل وهتفوق أشار له برأسه فتتابعه العامل للخارج.. جذب يزيد المقعد وجلس على بعد ليس ببعيد منها يتأملها بصمت وزهول، كيف تبتسم إن كان بداخلها هم أو مشكل ما؟!
بدءت بسمة بأستعادة وعيها بضعف شديد فوجدته أمامها، أستقامت سريعاً بجلستها قائلة بستغراب: هو أيه الا حصل؟! لم يتخل عن ثباته فخرجت نبرته المعتادة: المفروض أن دا سؤالي أنا رفعت يدها على وجهها قائلة بتعب: أنا كنت برتب الأوراق ومحستش بنفسي بعد كدا رفع عيناه يتفحص وجهها فقال: خدى الأدوية الا أدمك هتريحك رفعت يدها فجذبت الأقراص من أمامها ثم أرتشفت المياه قائلة بأمتنان: شكراً : مفيش داعى للشكر.
قالها يزيد وعيناها تتفحصها، وقفت ثم توجهت للخارج ولكنها توقفت حينما إستمعت لصوته: لو حابه تحكيلى على الا مضيقك مستعد أسمعك أستدارت بستغراب: مضايقتى أزاي؟! تخل عن مقعده وأقترب منها قائلا بأبتسامة هادئة: الدكتور بيقول كدا إبتسمت قائلة بحزن: لا مفيش عندى مشاكل الا عندى مستحيل حد على وجه الأرض يحله.
ضيق عيناه بستغراب فأكملت بدموع: الأشخاص الا بيسبوك بمحطة الموت صعب حد يرجعهم لحياتك شوفت آن مفيش حل لمشاكلى وتركته ورحلت لينقبض قلبه بعدما رأى دمعاتها...
غادر كلا منهم وجهته بعدما أتفق محمود ومالك على زيارته لهم بالمقر عن قريب.. صعدت ليان السيارة وتظراتها متعلقة به لا تعلم لما يراودها هذا الشعور؟! كل ما تعلمه بأن هناك أمراً ما.. على عكس مالك فكان متجان التفكير كيف ذلك؟
تذكر كلمات رفيقه أنها ليست صدف أن تأتى فتاة منذ خمس أعوام تنقذه من الموت ويأتى هو ينقذها من الموت حينما كانت بحاجة إليه يا له من قدر أو ربما جماع أرواح وربما هنالك قلوب ستصنع قصة عشق مخلد..
بشقة سيف وقف أمام باب شقته ونظراته على الباب المقابل له، كلماتها تجعله كالعاجز الذي لا يقوى على الحركة، لأول مرة يشعر بأنه لم يتخذ القرار الصائب..
دلف للداخل فتمدد على الأريكة وكلماتها تصدح بأنحاء الغرفة، جعلته كالدمية الفاقدة للتنفس والحياة... دلف شريف للداخل قائلا بغضب: أنت راجع من غير الأكل لييه؟ أجابه الأخر بشرود وتماسك: أطلب الا أنت عايزة من الفون قال بضيق: لا مش بيعجبنى أنزل أنت هات من المطعم الا بتجيب منه أكلهم جميل زفر سيف بغضب: أنت بتطلب منى ولا بتأمرنى أنزل هات الا يعجبك وحل عنى احسنلك.
شريف بمرح: أحل عنك أزاي يا سيفو وأروح فين أنا والا فى بطنى دا يرضيك كدا تخنى بعد العشرة يا خاين أنكمشت ملامحه الرجولية بقوة فجذبه قائلا بسعادة: تصدق أنا كان نفسي أطلع خنقتى على حد وكالعادة أنت إبن حلال خرج صوته بصعوبة: مين قالك كدا؟! أنت كنت سألت أمك قبل ما تموت أذا كنت إبن حلال ولا لا.
لم يتمالك أعصابه فهوى على وجهه بلكمة وكالعادة تمدد غائب عن الوعى ليرمقه سيف متمتم بغضب: أنت ليه بتحسسنى أنا بديك بنج يالا مش مهم المهم أرتاح من برودك
عاد الجميع للقصر فصعدت الفتيات للأعلى لترى أمل ماذا شروا؟ وضع مالك مفاتيحه على الطاولة وهو يبحث بعيناه عن رفيقه إلى أن وجد نور المكتب مضيئ فعلم بوجوده..
ولج للداخل فجلس على المقعد بأهمال والصدمة مازالت متخفية بملامح وجهه، أعتدل يزيد بجلسته حينما رأه فقال بأهتمام: فى أيه؟ زفر بقوة ثم قال بصوت ثابت: مش عارف أنا الا أتجننت ولا الدنيا ولا فى أيه؟ إبتسم بسمته الرجوليه قائلا بسخرية: جايز أنتوا الأتنين رمقه بجدية فأنصت له ليكمل مالك: شوفتها يزيد بصدمة: تانى؟! أشار برأسه وأسترسل حديثه: هى نفسها البنت الا أنا أتبرعتلها بالدم من كام يوم.
نظرات يزيد لم تكن أقل من نظرات مالك منذ قليل فترك مقعده وجلس مقابل له قائلا بزهول: أنا مش مصدق الا بسمعه سبحان الله قادر على كل شيء تظهرلك فى وقت كنت بتواجه فيه الموت وتقدملك حياة وتيجى هى بعد خمس سنين تواجه نفس المصير وتكون أنت الا تخرجها منه! مالك بهدوء مريب: معتش عارف أفكر لما شوفتها لقيت نفسي بطلبها للجواز قالت أنى مجنون.
إبتسم يزيد قائلا بجدية: أكيد فى واحد يشوف بنت مرتين وميعرفوش عن بعض حاجه ويطلبها للجواز أكيد يعنى هى متعرفش الكلام الا انت جمعته دا لمعت عيناه بشرارة غريبة: لازم تعرف يزيد بتفهم: ناوي على أيه؟ إبتسم قائلا بأريحيه: أخوها هو نفسه محمود زميلنا يزيد بستغراب: محمود مين؟ ثم صاح بتذكر: بجد محمود هو فين؟ إبتسم قائلا بسخرية: بقا دكتور جامعه زي ما كان حابب بس أنا أقنعته يجيلنا الشركة عشان نفسه يشوفك.
اجابه بتأكيد: وأنا كمان والله نفسي أشوفه صمت قليلا ثم قال بأبتسامة مكر: متقولش بقا أن دي كمان صدف؟ تعالت ضحكات مالك قائلا بصعوبة من وسط سيل الضحكات: أنا مش مصدق الا بيحصل لحد دلوقتى أكتفى بأبتسامة صغيرة قائلا بثبات: مش عارف مالى بس شاكك أنى هحصلك بالجنون عن قريب أعتدل مالك بجلسته قائلا بصدمة: الغول وقع؟! صاح بغضب: بقول شاكك لسه متأكدتش من مشاعري مالك بأهتمام: مين؟ وفين؟ وأمته؟
كاد أن يجيبه ولكنه تصنم محله لتحتل علامات الغضب عيناه حينما وجده يقف أمامه، تطلع مالك لما أغضبه هكذا فحل الغضب قسمات وجهه أقترب طارق من أخيه قائلا بحزن: يزيد أسمعنى والله أنا قاطعه حينما صرخ به بقوة زلزلت القصر: أخرج من هنا فوراً قبل ما أفقد أعصابي وأقتلك بأيدى أفترب منه مالك قائلا بتحذير: أهدأ يا يزيد الله، ثم أستدار لطارق قائلا بغضب: أنت ليك عين تدخل هناا.
وضع عيناه أرضاً قائلا بحزن: أنا عايزكم تسمعونى بس : الا عمالته لا يغفرلك ولا يشفع لك أخرج من هنا قبل ما ورحمة أبويا أنسى أنك أخويا وأقتلك بأيدى قالها يزيد بعدما ترك مقعده ليقف أمام عيناه.. جذبه مالك بقوة فمازال قوته الجسمانية تجتاز للتداخل: قولتلك ميت ألف مرة أتحكم فى أعصابك.
أستمع له وجلس على مقعده مجدداً ونظراته تكاد تخترقه فقال طارق بدمع يلمع بعيناه: يا يزيد أنا وحش وعارف دا بس عمرى ما أوصل للحقارة دي صدقنى أنا كنت مغيب خاالص مش عارف كان مالى فى اليوم دا أنا عارف أن الشله الا أنا معاهم مش كويسة بيشربوا وبيعملوا أكتر من كدا بس والله كنت بروح أسهر معاهم من غير ما أشرب حاجة أنا فاكر اليوم دا كويس مش عارف أيه الا جرالي خالنى مش عارف أتحكم فى نفسي خالص ولما صحيت تانى يوم الصداع كان هيفرتك دماغى والبنت كان مرمية جانبي بالمنظر الا أنا مقدرتش أستحمله هربت وأنا مش عارف حصل أمته وأزاي ولا أعرف مين دي حتى؟
تطلع مالك ليزيد بنظرة جعلته ينقل ما يفكر به له فخرج صوته الصارم المصطنع: دا مش تبرير عموما أطلع أوضتك وسبنى أتكلم أنا وأخوك شوية تطلع له طارق بصدمة من حديثه وهدوء يزيد ولكن أمام نظرات عين مالك الجامحه أنصاع له وصعد لغرفته.. نقل نظراته لمالك قائلا بغضب: أيه الا عملته داا؟ أوعى تقولى أنك صدقته؟! جلس مالك على المقعد وعيناه تزوغ بالفراغ قائلا بثبات: طارق عمره ما كان كداب يا يزيد هو كدا أكدلي شكوكي.
: الا هى؟! قالها يزيد بسخرية فرمقه بنظرة غضب قائلا بثبات: هتعرف لما أجيب الكلاب دول وساعتها لو طلع الا فى دماغى صح ورحمة أبويا لتكون نهايتها على أيدى بس لحد ما دا يحصل طارق يبقا هنا وقف والغضب ينهش وجهه: ماشي يا مالك هصبر بس والله لو طلع أنه له دخل من قريب أو من بعيد أنت عارف تصرفي هيكون أزاي؟ قال بثبات: طارق فعلا عمل كدا صاح بعصبية: أنت هتجننى!
أقترب منه مالك بعيناه الغامضة: يزيد لازم تهدأ وتسمعنى فى فرق بين أنه عمل كدا برغبته وبين أنه كان غصب عنه ودا الا أنا هعرفه وخاليك عارف نقطة مهمه أن نوال لو ليها دخل بالموضوع دا أكيد هتكون عرفت الفايدة شعلل فكره فتطلع لمالك بصمت فمازال تفكيره عميق للغاية وبكن ماذا لو أن هناك رابط خفى ومجهول؟
رواية معشوق الروح للكاتبة آية محمد رفعت الفصل السادس
بالقصر... صعد طارق لغرفته والتفكير يكاد يخترق عقله فيجعله عرضة للهلاك، رفع يديه يلامس مقبض باب غرفته بشرود إنتهى إلى أن رأى شقيقاته يقفن أمامه بصدمة من وجوده بالقصر.. إبتسم وهو يقترب منهم قائلا بفرحة: وحشتونى إبتعدت عنه شاهندة ونظرات الغضب تحتل عيناها فتجعلها كالجمر الذي أفتك به لتنقلب نظرات السعادة لرؤياهن لحزنٍ ليس له نهاية...
وضع عيناه أرضاً ليتذكر كلمات مالك بأن الجميع إمتلأت قلوبهم بالخوف القاتل منه فلمعت الدموع بعيناه وتهرب سريعاً لغرفته تحت نظرات إستغراب منار وشاهندة من وجوده بالقصر مجدداً.
بالأسفل كان مستنداً برأسه على مكتبه الضخم كمحاولة للثبات لوقت طويل كما أخبره مالك ينتظر عودته ليعلم الحقيقة... رفع هاتفه حينما صدح برسالة من رفيق العمر يحثه به أن يتواجه للمكان المذكور.. جذب يزيد مفاتيح سيارته وتوجه للمكان بسرعة البرق ليجده منعزل عن الجميع وبالخارج بعض الحرس الخاص بالقصر...
لم يكن وقت الأستكشاف لمعرفة سبب وجودهم بل أسرع للداخل ليجد ثلاث شباب مقيدون، وجههم ممتلأ من الكدمات والضرب المبرح ربما غضب مالك هو من أيصل له مفهوم ما يحدث. خرج صوته أخيراً: مين دول يا مالك؟! أرتدى جاكيته ونظراته تفتك بهم قائلا بصوت كالرعد: لو مش هنتعب حضراتكم تقولوا الا حصل تانى أسرع الشاب بالحديث خوفاً من أن يتلاقى نصيب أضافى منه فأستغل مالك إنصات يزيد لهم وخرج مسرعاً.
صدم يزيد فقال بصدمة كبيرة: وصلت بيكم الحقارة لكدا؟! ثم رفع عيناه التى تشبه صفارات الموت لهم فحل وثاقه قائلا بسخرية: الا مالك عمله فيكم رحمة عن الا أنا بفكر فيه الا زيكم المعاملة دي متلقيش ليهم وأنهال عليهم يزيد بالضرب القاتل فما أرتكبوه مجرد من الأنسانية والرحمة..
: يعنى أيه يا فراس؟ قالتها نوال بنفاذ صبر فتمدد على الأريكة بعينان مغلقة: زي ما سمعتى البنت مش هتقع بسرعة كدا ودا الا أنا عايزه. تأملته بحيرة من أمرها: أنا مش عارفه أفهمك بجد فتح عيناه وإبتسامة السخرية تعبئ وجهه: ولا عمرك هتفهمينى وجذب جاكيته ثم توجه للخروج مستديراً بتذاكر: أوه نسيت أقولك بنت أخوكِ أحلى من الصور بكتير.
وغمز لها بسحر عيناه فأبتسمت بسخرية على ما ينوى فعله، أما عو فغادر لشقته الذي أستأجرها بنفس عمارة سيف ليكون قريبٍ منهم.
تناولت القهوة ثم توجهت لغرفة المكتب بالقصر، أضاءت الضوء وتوجهت لتجلس على المقعد المخصص لها ولكن كانت الصدمة كبيرة للغاية حينما وجدت من يجلس محلها وضعاً قدماً فوق الأخرى بتعالى وكبرياء، عيناه تنظران لها بثقة تجعلها تبتلع ريقها بخوفاً شديد، خرج صوتها المرتبك للغاية: أنت دخلت هنا أزاي؟!
تعالت ضحكات مالك فبثت الرعب بقلب نوال فتأرجح بمقعدها قائلا بتسلية: شوفى أنتِ بقى طقم الحرس الا بره دا ممكن دماغه فوتت ولا حاجة. لمعت عيناها بشرارة الكره والحقد الدافين فصاحت بغضب وهى تتجه لشرفة القصر: أنتوا يا بهايم أ.
كادت أن تكمل ولكنها تفاجئت بعين تشع جمرات من جحيم، رفع يديه فأغمضت عيناها بخوف لا مثيل له ولكنها تفاجئت بكأس من المياه فأكمل قائلا بسخرية مريبة: أعصابك يا عمتى أنتِ ست كبيرة فى السن مينفعش كدا. تناولت منه الكوب ووضعته على الطاولة جوارها قائلة بشجاعة مصطنعه: أنت عايز أيه يا مالك؟
جذبها للمقعد المقابل للمكتب فجذبت يدها برعب فأبتسم بسخرية وهو يجذب المقعد ليكون على مقربة منها بعيناه المخيفة: قولت أجى أزورك مهما كان فأحنا فى الأخر بينا قرابة وأهو بالمرة أشكرك على الا الواجب الا عملتيه مع طارق تلون وجهها بالأصفر القاتم دليل الخوف المريب فخرج صوتها المتقطع: واجب أيه؟!
تعالت ضحكاته ثم تلونت الجدية عيناه قائلا بصوتٍ يصعب سماعه: أقذر شلة فى الجامعة يحاولوا يستدرجوا طارق للشرب والمخدرات ولما فشلوا مكنش فى غير خطة ممتازة عشان تدمر الكل يحطوا فى العصير بتاعه مخدر قوى يخلى العقل يتغيب لمدة 12 ساعة متواصلين وعشان تكمل الحكاية زي ما حضرتك عايزة لازم البنت الا تكون موجوده تكون عذراء من طبقة متوسطة الا بتكون متماسكة بالشرف والعفة بقوة فتعمل زي ما البنت عملت بالظبط قضية وشهرة لعيلة نعمان لا بجد شابو ليكِ قدمتى للحيوانات دي بنت بسيطة دمرتوها هى ومستقبلها لمجرد أنها راجعة البيت فى الوقت دا لا والله دانتى كريمة لما طلبتى منهم أي بنت بس تكون باين عليها الاحترام والفقر عشان لما ترفع القضية الكل يدعمها نسيتى ان يزيد ومالك من الصعب تحطيمهم ولا الا عملوه طول السنين دي.
قالت بسخرية: لو جاي عشان تفكرنى بالا أنا عملته تبقى بتضيع وقتك ووقتى إبتسم قائلا بشر: أنتِ صح وأنا هعمل نفس الا عملتيه بالظبط وهمشي بنفس الطريق وأوعدك أنك هتشرفي السجن قريب أوى زي ما أستخدمتى الأولاد دول أنا كمان هستخدمهم عشان أدمرك مع فرق بسيط أنى معايا الحق وخاليكى فاكرة الكلمة دي كويس.
ورمقها بنظرة مريبة ثم خرج من باب القصر الرئيسي غير عابئ بالحرس، أما هى فألقت ما على الطاولة بغضب شديد تحاول التحكم بأعصابها بداخلها خوف مريب من القادم ولكن زادها حماس التخلص من مالك فهو يشكل خطر مريب بعقله الذهبي على مملكتها.. سرحت بأفكارها بمقارنة خافتة بينه وبين فراس فأبتسمت بسخرية لتشابه نظرات العينان المخيفة ثم قالت بغرور: زي ما قدرت أفرقوا من صغركم 29 سنه هقدر أدمركم كلكم.
ثم تعالت ضحكاتها وهى تنفس السجائر بجنون.
بمنزل ليان كانت تتناول الطعام بشرود بذاك الظل الذي لاحقها بالحقيقة فحاول محمود أخراجها من صمتها قائلا بخبث: وأنا كمان يا لين العشا مش عجبنى تطلعت له فاتن بغضب: قوم أعمل لنفسك الأكل بعد كدا تناول محمود الطعام بلهفة: لا دا عجبنى بشكل يا أم محمود تسلم أيدك أنفجرت ليان ضاحكة فشاركوها الأبتسامات فشرع جرس الباب بالدق ليرى محمود ماذا هناك؟
رمقته حنان بنظرة مميته ثم دلفت للداخل فأتباعها هذا اللعين كما ينعته محمود.. ولجت للداخل وهى تتأمل المكان بتقزز واضح للجميع فوقفت أمام إبنتها قائلة بشفقة مصطنعة: أنتِ أزاي عايشة هنا يا بنتى؟! تأملتها ليان بغضب فقالت بشكل مباشر: جاية ليه؟ تدخل حسام قائلا بغضب: كلمى أمك كويس قالت بسخرية: أمي! هى فين أمي دي الا سابت بنتها لمجرد أنها أتطمنت بأنها عايشة!
رمقت فاتن بنظرة مميته: أنا عارفه مين الا حفظك الكلمتين دول شاركها حسام السخرية: وتلقيهم كمان الا وزوا الحيوانه دى تعمل عليا نمرة عشان يوقعوا بينا صاح محمود بغضب: لحد كدا وكفايا أنتى والحيوان دا أتحديتوا حدودكم وأنا مش هسمح بكدا أخرجوا من هنا الا يحترم البيت دا أحترمه غير كدا معنديش كلام تانى فاتن بعتاب: عيب كدا يا محمود.
قاطعتها ليان: لا مش عيب محمود صح ياريت يا حنان هانم أنتِ وإبن أختك المحترم تفهموا كويس الكلام تطلعت لها بغضب ثم حملت حقيبتها ورحلت، أما حسام فتطلع لها بنظرات مميته قائلا بصوتٍ مريب: كل الا بتعمليه دا أخره معايا طريق مسدود وأبقى خاليهم ينفعوكى جذبه محمود بقوة ثم أغلق باب الشقة بوجهه والغضب يكاد يكتظ عيناه..
بكت ليان بضعف فوجدت يد العون من فاتن كالمعتاد قائلة بصوتٍ حنون: والله ما حاجة مستاهلة دموعك أوعى تكونى ضعيفة يا ليان أوعى الأنسان بيحتاج للحظة ضعف بس مش أدام مخلوق أدام ربنا على سجادة الصلاة أشكى همومك وأضعفى زي ما تحبي لكن مش أدام حد يا بنتى رفعت عيناها تتأملها بتفكير وأحترام يفوقها أضعاف ثم هرولت لغرفتها لشعورها بحاجة اللقاء مع الله بضع ساعات تشكو همها وتزيح كربها..
صف سيارته أمام أمواج المياه الهائج ثم وقف يتأملهم بنظراته الغامضة، الغضب يحتل سكون العينان فيجعلهما مخيفتان.. : لقيت مجنون زيي أستدار مالك على الصوت ليجد شاباً فى نهاية العقد الثانى من عمره يقف ويتأمل الأمواج دون النظر إليه فقال ببعض الغضب: أفندم مين الا مجنون؟
إبتسم ذاك الوسيم ورفع عيناه من على طوفان الأمواج ليلتقى بعين مالك، طال صمته وهو يدرس عيناه ليجد كما علم عنه الذكاء والمكر يحيلان بهما.. خرج صوت ذاك الغامض قائلا بأبتسامة هادئة: عندي ميول لما بكون مخنوق أنزل الميه أو على الأقل أقف أتأملها ومش بيهمنى الجو حتى لو كانت جايبها سيول فكان البعض بيقولوا أنى مجنون وحاليا صادفت مجنون أخر.
تعالت ضحكات مالك بقوة فخرج صوته أخيراً: لا معاك حق الجنون التفسير المنطقى إبتسم الأخر رافعاً يديه: فراس رفع الأخر يديه بأبتسامة واسعه: مالك إبتسم الأخر قائلا بهدوئه الغامض: عارف ضيق عيناه ليكمل الأخر بأبتسامة هادئة: مالك نعمان غنى عن التعريف ثم توجه لسيارته قائلا بصوته الثابت: مدام الجنون واحد يبقا أكيد هنتقابل تانى أستقام مالك بوقفته قائلا بأبتسامة تسلية: أعتقد عن قريب.
وغمز له فغادر فراس وصعد الأخر بسيارته.. عاد للقصر فوجده ينتظره والغضب يحيل على قسمات وجهه، لجواره كان يقف سيف بخوف بعد أن فشل فى التحكم به. أقترب منه وعدادت الموت تتطوف بعيناه فخرج صوته بحدة: ممكن أفهم حضرتك كنت فين؟ تأمله بصمت وضيق لعدم تغيره من طباعه الغاضبه: أنت عارف كويس كنت فين وبعدين قولتلك للمرة المليون حاول تتحكم فى أعصابك.
زفر يزيد بغضب: لا فاهمنى كدا وسيبك من العصابية خالص حضرتك روحتلها لوحدك وفى وسط بيتها الملان حرس صاح بغضب: حد قالك أنى ضعيف ومش هعرف أحمى نفسي؟ تدخل سيف قائلا بحدة هو الاخر: يزيد ميقصدش كدا يا مالك بس فعلا الخطر كان كبير عليك جلس على المقعد الخارجى قائلا بضيق: كان لازم أعمل كدا عشان تعرف هى بتلعب مع مين؟ جلس يزيد جواره ثم قال بسخرية: وفهمتك بالكلام!
رفع مالك عيناه لرفيقه فأكمل بغضب: الا زي دي مش بتفهم بالكلام يا مالك وأنت عارف كدا كويس سيف بغضب: يزيد صح الست دي زودتها بجد مش متخيل كمية الحقارة الا فى دمها ذنبها أيه البنت المسكينه دي تعمل فيها كدا تطلع مالك ليزيد بشرود ثم قال بصوتٍ منخفض بعض الشيء: أنا حاسس أننا ظلمنا البنت دي يا يزيد أستند بظهره على المقعد مغلق عيناه بقوة كأنه يحتمل آلم لا يقوى عليه..
أنهى ما به حينما صعد لغرفته بصمتٍ مريب أتابعته نظرات سيف ومالك فزفر بحزن: الا بيحصل دا مالوش نهاية أجابه على أمتعاض: لا له يا مالك نوال دي سبب كل حاجه سلمت رقيبتها تحت إيدك قدم العيال دي للمحاكمة وبكدا نكون خلصنا منها تطلع للفراغ بعيناه الغامضة: مش بالسهولة دي يا سيف هى مش غبية عشان تقع كدا أنا فى خطة فى دماغى لو مشت زي مأنا رسمها هتكون فعلا نهايتها أجابه بأهتمام: خطة أيه؟!
جذب جاكيته قائلا بتعب: مش وقته هحكيلك بعدين جذب سيف مفاتيح سيارته قائلا بتعب هو الأخر: طب أشوفك بكرا أن شاء الله جذبه قائلا بحدة: الوقت متأخر بات معايا وبكرا أبقى أطلع على الشركة كاد أن يتناقش معه بذاك القرار ولكن نظراته جعلته يلحق به بصمت.
أنهت صلاتها فوضعت سجادة الصلاة على الأريكة، خرجت للشرفة تتأمل سطوع الشمس بفجر يوماً قضته بالتفكير بهذا المجنون، لا ربما جن عقلها هى، ساورها سؤالا لم يدعها منذ أن ألتقت به، هل هو الظل الذي كان يلاحقها على الدوام... سطعت الشمس لتنير المكان فطلت على وجه ليان كأنها تخبرها بأن هناك من سينير عالمها عن قريب..
دلفت للداخل على صوت هاتفها المعتاد فأغلقته بعصبية حينما علمت بأنه المتصل، فمازال يحاول أقناعها بأنه برئ وان أخيها من تعمد ذلك. أبدلت ثيابها بعد أن قررت البحث عن عمل يخرجها من ضغط التفكير المميت لم تعبئ بأنها مازالت مريضة فكل ما يعنيها بأن تخرج مما هى به.
بغرفة مالك إستيقظ مبكراً عن تعمد فتطلع لسيف قائلا بسخرية: أنا مبحرمش كل مرة أنام جامبك أقوم متبهدل بتضرب باللكمات وأنت نايم! وتركه ودلف لحمام الغرفة ثم شرع بأداء صلاته فجلس على سجادة الصلاة بتعجب من دعاه كيف طلب من الله أن يلتقى بها مجدداً!. لما طلبها زوجة له؟! كل ما يعلمه أنه مرتبط بها هى..
أرتدى سروال بنى اللون وقميص بدرجة أفتح ثم صفف شعره بحرافية ليهلك القلوب وربما تصريح للموت بدون شفقة أو رحمة.
بغرفة طارق أنهى تلاوة القرآن الكريم بدموع فائضة ليتفاجئ بيزيد يجلس بهدوء، نظراته زرعت الخوف بقلبه فكم ود أن يخلص نفسه من تلك الجريمة البشعة ليس خوفاً منه ولا من إبن عمه ولكن خوفاً من الله بعدما لجئ له. نعم تأخر بذلك ولكنه أعتدل بالطريق الصائب بنهاية الأمر... خرج صوته أخيراً: رجعت ليه دلوقت! تطلع لكتاب الله بين يديه ثم قال بصوت متقطع: حسيت أنى مأثر من ناحيته فرجعت.
إبتسم يزيد بسخرية: العبادة مش وقت الأحتياج أجابه بحزن: بس الوقت دا الا فوقنى ورجعنى للطريق الصح أقترب منه يزيد قائلا بغموض: والصح أنك تقضى على بنت بريئة صاح بعصبية: مكنتش فى واعي والله ما فاكر عملت كدا أزاي أو أيه الا حصل وزع نظراته بينه وبين الفراغ بغموض ثم قال بثبات: مصدقك تأمله طارق بصدمة فأكمل يزيد بهدوء: مالك أثبت برائتك.
مع أخر كلمة هبطت دمعة عزيزة من عيناه، لم ينكر بأنه فعل السوء من قبل ولكن ليس لذاك الحد المتدنى... لم يكن بالهين ولم يعتاد على الحنان فقال بحذم وثبات مريب: مفيش راجل بيعيط عايزك تفوق لمذكرتك ومتفكرش فى أي حاجة تانيه فاهم أجابه بفرحة محفورة بدموع الصدمة: حاضر أوعدك أنى هنجح وهحقق كل الا بتتمناه أشار برأسه فألقى طارق بأحضانه، تطلع له بثبات تمرد بأبتسامة فرفع يديه يحتضنه هو الأخر..
بمنزل ليان هبطت بعد محاولات عديدة بأقناع فاتن فأخبرتها بأنها بحاجة للخروج بمفردها حتى تزيح ما بصدرها، وأمام رغبتها أنصاعت لها فاتن.. خطت للخارج بخطى بطيئة كأنها تستمتع بالهواء الطلق أو تشعر بشيئاً جديد عليها لم تعش به، لم ترى من يقف على مقربة منها بسيارته ينتظر تلك الفرصة ليرضخها له حتى وأن كانت الطريقة التى يفكر بها وضيعة للغاية.
توجه مالك للأسفل ولكنه توقف حينما وجد طارق يقف أمامه والفرحة تنير وجهه فقال بلهفة: مش عارف أشكرك أزاي؟ خلع مالك نظارته قائلا بأبتسامة محفزة بالسخرية: متفرحش أوى أنت عملت كدا فعلا بس كنت مغيب وبعدين لو عايز تشكرنى معنديش مانع أقولك الطريقة تعجب طارق من حديثه فأكمل مالك: الطريقة رقم واحد أنك تصحى سيف وتتوالى شرف المهمة التانية أنك تنجح أنت والحيوان ابن خالتك أتاه صوته من خلفه: حد جايب فى سيرتى.
تأمله مالك بسخرية: أنت بتطلع أمته؟ رفع شريف نظارته بغرور: وقت ما حد بيجيب سيرتى المبجلة طارق بسخرية: هتفضل مغرور ياض رمقه بأزدراء: أه وزيد كمان مش بحب هزارك البايخ شريف بأبتسامة واسعه ؛ غبي وأنا الا كنت جاي أباركلك على البراءة طارق بتأفف: لا فيك الخير ياخويا رسمت عين مالك بالخبث ؛ أيه دا يزيد أرتعب بوقفته فقفز على ذراع طارق قائلا بصدمة: أجرى يالااااا الغول وصل.
تطلع طارق له بغضب وهو يشدد على قميصه فنزعه: هجري أزاي وأنا شايل كوم من اللحم الضانى رمقه بنظرة محتدة: هو أنا أتخن منك يا زفت طارق: ودي محتاجة كلام ولمؤاخذة تطلع لهم مالك بأبتسامة تسلية ثم غادر تاركهم بحرب مازالت تشتعل.
بغرفة مالك صفف سيف شعره بعد أن أستيقظ من نومه على صوت طارق وشريف بالخارج.. دلفت منار للداخل قائلة بأبتسامة تلقائية: صباح الخير يا مالك تفاجئت به بغرفته فتخشبت محلها، رمقها سيف بنظرة غريبة ثم توجه للخروج ولكنه توقف حينما قالت بصوتٍ حزين: ممكن تسمعنى يا سيف.
ظل كما هو عيناه على باب الغرفة والثبات بخطاه، أقتربت منه منار لتقف على مقربة منه فخرج صوتها المرتبك: سيف أنا عارفة أنك زعلان منى بس والله ما ذنبي أشوفك أخ ليا ثم أقتربت منه أكثر: يا سيف لو بصيت حوليك كويس هتشوف الا بتحبك من سنين وبتتمنى تشوفك سعيد لأن حبها صادق تطلع لها بصدمة من معرفتها الأمر فأكملت بثبات ؛ متستغربش كلنا عارفين بحبها ليك الا أنت صدقنى يا سيف تقى إنسانه كويسة وتستاهلك بجد.
فتح باب الغرفة وغادر بصمت يفكر بحديثها.. أما هى فجلست على الفراش بحزن.
وصل يزيد للشركة فولج لمكتبه ليجد الجميع أجتمع على طاولة الأجتماعات، جلس على مقعده الرئيسي وهى تقف لجواره حاملة الملف الخاص به.. شرع العامل بالتحدث عن التعاقدات الأخيرة للشركة وعن المستحقات والدخل كما شرح الأخر أخر تطورات بتحديثات المبانى الخاصة بالعمالة وهو ينصت لهم بصمت أنقلب لغضب حينما لاحظ نظرات أحد المؤظفين لبسمة..
أستدار بوجهه له قائلا بجفاء: روحى على مكتبك تأملته بصدمة فخرج صوتها بزهول: والأجتماع؟! رمقها بنظرة محتقنه: أظن سمعتى كلامى كويس شعرت بالحرج فغادرت بصمت، جلست على المقعد فدق هاتفها، رفعته بهدوء: أيوا يا بابا محبتش أزعجك فخرجت وحضرتك نايم المهم طمنى على بسملة الحرارة نزلت؟! زفرت بحزن: أن شاء الله هتبقى كويسة حاضر مع السلامة وأغلقت الهاتف ثم جذبت الملفات تكمل ما بدأته..
بالقصر... أسرعت لأحضانه بسعادة قائلة ببكاء الحمد لله كنت متأكدة أنك مستحيل تعمل كدا أبعدها طارق عن أحضانه قائلا بضيق مصطنع: لا مهو كان واضح دلفت أمل للداخل بمساعدة إبنتها قائلة بأبتسامة مشرقة: قلبك أبيض يا بنى قاطعها شريف بسخرية: دا قلبه أبيض! والله أنتِ الا عيونك عسل منار بحدة ^ بتعاكس مامتى وأنا واقفه؟! طارق بمكر: أطلبي الشرطة بدون تفكير.
تعالت ضحكات شاهندة: قرار عسل أصلى نفسي أزور حد من عيلتنا يكون مسجون وأخدله عيش وحلاوة بالشوكلا جذبها شريف بغضب والحد دا يبقى أنا يا بت! إبتسمت بغرور: أنت بتمسكنى كدا وأخويا واقف؟! شريف بحيرة من أمره ؛ دا سؤال ولا أجابه جذبه طارق بمرح وهو يكيل له الضربات: أقولك أنا تعالت ضحكات الجميع فجذبت شاهندة حقيبتها ثم أنحنت وطبعت قبلة على جبين أمل قائلة بأبتسامة هادئة: أدعيلى يا نونو عندي أمتحان صعب جدااً.
إبتسمت قائلة برضا: ربنا يوافقك يابنتي يارررب إبتسمت شاهندة فجذبت مفاتيح سيارتها وغادرت مسرعة لتلتقى بمن تعمق بنبض القلب منذ اللقاء الأول.
أنتهى الاجتماع فخرج يتأملها بنظرة جعلتها تشعر بأنها أرتكبت جرمٍ ما، أقترب منها بنظرة تتزايد قائلا بصوت مميت: واحدة محترمه كانت حاست بنظرات الحقير دا وخرجت من نفسها لكن حضرتك كنتِ فرحانه أوى أنه مبهور بجمالك صدمت من حديثه فقالت بصوت متقطع: أيه الا حضرتك بتقوله دا؟! تأملها بلهيب عيناه ثم صاح بسخرية: لا بريئة ومتعرفيش حاجة!
وضعت الملفات على المكتب قائلة بصوت متمرد مرتفع للغاية: واضح أنك مفكر أنى زي باقى البنات الضعيفة الا هتعدي لمديرها أي حاجه عشان محتاجة الشغل لانها مش لقيه تأكل تبقى غلطان مش أنا الا تكلمنى بالاسلوب دا رفع يديه أمامه وجهها قائلا بعين تلونت للأحمر القاتم: صوتك ميعلاش عليا وأعتبري نفسك مستقيلة من هنا.
تطلعت له بغضب مميت ثم حملت حقيبتها وغادرت، زفر بغضب لعدم تمكنه من جمح زمام أموره لم يشعر بذاته الا وهو يلحق بها، نعم تمرد قلب الغول ليلحق بفتاة تمرد عليها لسانها.. فتحت باب المصعد ودلفت فولج خلفها قائلا بصوتٍ ثابت كأن لم يفعل شيء: أيه الا مدخلك الأسانسير دا؟ رفعت عيناها له بنظرة لم يفقه بفهمها فتوجهت للائحة الخاصة بالمصعد تحاول إيقافه ولكنها تفاجئت به يقف عند منتصف الطابق الأخير وما قبله..
إبتسم يزيد قائلا بسخرية: لاول مرة ألجئ لحركات الشباب الطايشة تطلعت له بزهول فزدادت بسمته قائلا بتأكيد: ايوا أنا الا أتفاقت مع العامل يوقفه زاد الغضب بعيناها فأبتسم قائلا بغرور مصطنع: هنسى أنى مديرك وأنك مجرد مؤظفة وهنتعامل على هذا الأساس صاحت بسمة بسخرية ؛ شايف نفسك رئيس جمهورية تعالت ضحكاته فتأملته بصمتٍ وغموض ليقترب منها قائلا بهمس: عيونك الا حلوة شايفانى كدا.
إبتعدت عنه سريعاً وحمرة الخجل تزوار وجهها: أنت عايز منى أيه؟ إبتسم قائلا بهيام بعيناها: مش عارف كادت الحديث فقاطعها قائلا بشرود: تعرفي أنى من ساعات كنت بقولك لمالك إبن عمى أنه مجنون شكلى طلعت أجن منه لم تتفهم ما يقوله فتوجهت للائحة تحاول مرات عديدة لجعله يتحرك.. جذبها يزيد بقوة لتقابل عيناه فدب الخوف بعيناها قائلة بدموع: لو سمحت خرجنى من هنا. إبتسم وهو يرى دمعاتها قائلا بثقة: أنا كدا صح.
أنكمشت ملامح وجهها بعدم فهم فرفع يديه يلامس دمعاتها قائلا بأباسامة هادئة: من أول مرة شوفتك فيها هنا وأنا حسيت أنك غريبة أو مجنونه فى الحقيقة مكنتش عارف أحدد مشاعري من نحيتك كانت أغرب عارفه ليه؟ أشارت برأسها وهى هائمة بحديثه فأكمل هو: لأنك كنتِ سبب كتير فى سعادتى أنتِ الا حركتى قلبي فى أيام بسيطة أنا خرجت من تفكير الغيرة والحزن عشان دموعك بأنى بحبك يا بسمة.
فتحت عيناها على مصرعها وهى تستمع له فتأمل عيناها بتطرف لأن يعلم كيف تحمل تلك الفتاة القوة والضعف والثقة والجنون بآناً واحد. تحرك المصعد للأسفل بعد أنتهاء المدة التى حددها يزيد للعامل ومازالت النظرات تحتضن بعضها البعض، مازال ذراعيه تطوف ذراعها وهى بعالم من الصدمة والزهول..
وقف المصعد فأخفض ذراعه قائلا بصوتٍ هادئ: مقصدتش أهينك يا بسمة ولا أقلل منك أنا كدا ودا طبعى لما بتعصب مش بحس بالا حواليا لما تخرجى من هنا فكري فى كلامى كويس وأعتبري النهاردة أجازة ليكِ بس من بكرة عايز أرجع ألقيكى على مكتبك وقبل أن تستوعب كلماته غادر على الفور وهى بمحلها تتأمله بصدمة وغموض.
أسرعت بسيارتها لتلحق بالجامعة لتأخرها الملحوظ، جن جنونها حينما توقفت السيارة عن العمل فهبطت تتفحصها بجنون... رفعت شاهندة الهاتف لتصرع حينما وجدت الوقت ينفذ فأسرعت لسيارات الأجرة تنتظر أي منهم.. مرت الدقائق ولما تجد واحدة فتخذت قرارها بأن تخطو للطريق الرئيسي فهناك ستجد الكثير. وبالفعل أسرعت بخطاها غير عابئة بالطريق ولا بتلك السيارة التى تقترب منها عن تعمد..
صرخت بقوة حينما قطع الطريق عليها بعدما كادت أن تصطدم به فتطلعت للسيارة بستغراب ليخرج من رأته من قبل.. خلع نظارته قائلا بضيق: أنتِ بتطلعيلي منين؟ وقفت أمامه بصمت تتذكره فقالت بهدوء: هو أنا عملت أيه حضرتك الا دخلت عليا بعربيتك تأملها بهدوء ثم قال بسخرية: لا والله أسف أنى قطعت على حضرتك الطريق لأنى فاضي وبتسلى وواضح أنى عصبت سيادتك صاحت بغضب: بتتريق حضرتك.
أجابها بنفس مستوى الصوت: رجعى كلامك وبعدين لما حد بيمشى على طريق العربيات بياخد جانب مش بيمشى بنص الطريق رمقته بضيق: والله أنا أمشى بالحتة الا تعجبنى بادلها بنظرة مميته فقال بسخرية: أنا مش فاضى للهبل دا وتركها وتوجه لسيارته فقالت بصوت مسموع: أيه الجنان الا على الصبح دا ثم صمتت قليلا فتوجهت له بضيق وهى تطرق على زجاج السيارة برقة، تعجب فراس وفتح النافذة قائلا بسخرية: نعم نسيتى حاجه فحابة تضيفيها.
أجابته بحزن: معلش لو ضايقتك فأنا بعتذر بس أرجو حضرتك تسامحنى عشان اليوم ميضعش عليا أنحنت ملامح وجهه بزهول فقال: مش فاهم أجابته بهدوء وحزن: يعنى لو غلطت فيك سامحنى لانى خايفة جزاء صيام النهاردة يضيع عليا فالله يكرمك تسامحنى كان يتوقع منها طلبها لأيصالها ولكن كانت صدمته كبيرة حقاً.. طال صمته فحزنت للغاية وعلمت ان الصمت رافضاً قاطعى فأرتدت حقيبتها بأعتدال وأكملت طريقها..
أكمل خلفها بسيارته فقال بهدوء: سامحتك إبتسمت قائلة بأمتنان: شكراً أجابها بأبتسامة هادئة: وممكن أوصلك لأى مكان تحبيه وضعت عيناها أرضاً ثم قالت بهدوء: أنا مقدرة مساعدتك ليا بس للأسف مش هقدر وأسرعت من خطاها فأبتسم بغموض وزاد من سرعته ليختفى من أمامها.. كان تفكيره بتلك الفتاة الغامضة لم يلتقى بها سوى مرة فكانت بالصمت والآن وكانت بالصدمات..
رفع فراس هاتفه على صوت رسالة من المغرب تحثه بأن السيدة التى خدمتهم طوال تلك السنوات على فراش الموت وتريد رؤيته بقوة وألحاح لم يبالى بها وألقى هاتفه على المقعد المجاور له وعين تلك الفتاة وحديثها تأبى تركه كأنها عاصفة مدمرة..
جلست على الطاولة الخاصة بالمطعم بشرود بعد أن وجدت عمل وأستقباله بالغد، تاهت نظراتها بالفراغ تتذكر كيف كلماته، نظراته الغامضة، وضع النادل القهوة أمامها وغادر لتكمل رحلة الصمت، ليخرجها منه من يقف أمامها لتحيل الصدمة ملامح وجهها..
بمكتب يزيد أستند برأسه على المقعد بعالم أخر غير الذي له سيف يتحدث معه بأمور الشركات.. تعجب سيف من هدوئه فقال بقلق: يزيد أنت كويس؟ إبتسم بسخرية فكيف تعلم الراحة والسكينة قلبه الذى أصبح عاشق لتلك الفتاة المجنونه.. أجابه بثبات مخادع: ورينى الأوراق وروح أنت على مكتبك فى بنت عايزاك تعلمها الأدارة فى القسم الخاص بيك أنت ومالك رمقه بتعجب: ومن أمته وأنا بعلم حد! إبتسم الغول بمكر: بس أنا طلبت كدا.
زفر سيف بغضب وهو يتوجه للخروج متمتم بكلمات سمعها يزيد جيداً: هموت وأفهم دماغك وما أن غادر حتى رفع هاتفه ليطمئن على رفيقه، فأتاه صوته المنزعج : أنت فين؟ مالك=بتفسح، هكون فين يعنى فى المطعم بستنى العميل الا حضرتك صممت أنى أقبله هنا مش عارف ليه؟! لأن دا الصح مع أمثالهم =لا متقولش تباعهم!
بالظبط وجوده هنا مش كويس لينا أكيد عاملين كل دا عشان يصورا مداخل المكاتب بس أنا عجبتنى اللعبة وهكملها بعيد عن الشركات وبطريقتك إبتسم مالك قائلا بأعجاب: واضح أن دروس الهدوء أثمرت إبتسم يزيد قائلا بسخرية: تلميذك.
وأغلق الهاتف ليفق على حقيقة صادمة، تلونت دقات قلبه بلون مخيف، تمردت الدفوف بدف غامض، مؤشرات قلبه تخبره بأنها بمكانٍ ما، بحثت العينان عنها فوقعت على من تجلس على بعد ليس ببعيد عنه لتكتمل الصدمة بحقيقة جميلة. رفعة عيناها لتجده يقف أمامها، جذب حسام المقعد فجلس قائلا بغضب: ممكن أفهم مش بترودي على تلفوناتى ليه؟!
تلونت عيناها بجمرات نارية فجذبت حقيبتها وتوجهت للخروج فحذبها بعنف قائلا بصوت كالهلاك: مش هنمشى غير لما أعرف بتهربي منى ليه جذبت يدها وهى تصيح بصوت مسموع لمالك والجميع: أنت أيه مش بتفهم علاقتنا أنتهت يا بنى أدم ثم أنك بتلاحقنى ليه؟! كل الا بتفكر فيه أنك ترمى خيانتك القذرة على أخويا حتى بعد ما شوفتك؟! طب لما خرجت من عندك وعملت الحادثة مفكرتش جرالي أيه؟!
لا كل تفكيرك كان إذا كنت كشفت حقيقتك ولا لا بجد أنت إنسان حقير. وتوجهت للخروج وهو يتلفت من حوله بخجل فلحق بها بوجه متهجم لا ينذر بالخير.. أسرعت بخطاها لتجده خلفها يجذبها بقوة لسيارته فصرخت به بجنون ولكن لم تستطيع تخليص نفسها منه لتجد مقبض حديدى يحيل بينهم ونظراته تهلع القلوب، رفعت عيناها فوجدته يتطلع لها لا تعلم لما كانت بحاجته؟!، لم شعرت بأنه بمكانٍ ما..
تعجب حسام من نظراتهم المطولة فحاول بجذب يده من بين القبضة الحديدية ولكن هيهات لم يستطيع.. أفاق مالك على صوته فنقل نظراته علي عيناه قائلا بصوت كالموت: لو مستغنى عن عمرك خاليك مكانك رمقها بغضب قائلا بسخرية: مين دا؟ أه قولى كدا بقا أنك شايفه حد غيرى تلونت عيناها بالدموع فشعر مالك بخنجر طعن قلبه ليهوى على وجهه بلكمة قوية نزف لأجلها دماء كثيفة فربما كان تصريح ليعلم بقوة الخصم..
أسرع لسيارته قائلا بعصبيه بقلمى آية محمد رفعت، : ماشي يا ليان هتشوفى بنفسك هعمل أيه؟ وغادر سريعاً بسيارته، وقفت تتأمل الطريق الخالى منه ثم رفعت عيناها على من يقف جوارها وبداخلها نبضات مريبة.. خرج صوتها أخيراً: بشكرك قالتها وتوجهت للرحيل فأسرع بالحديث: على فين؟ أجابته وعيناها على الطريق: اكيد على البيت قال بملامح مازالت منصدمة: طب تعالى هوصلك أسرعت بالخطى: لا مفيش داعى.
جذبها قائلا بصوت متعب للغاية: لازم تسمعينى الا بيحصل دا مش صدف لم تستمع لكلماته فعيناها على يديه المطوفة لذراعها، أذنيها على ما تستمع إليه لأول مرة، دقات قلبها تعلو وتخفق بصورة مريبه دوامة الظل تتطوف بها لتجده أمامها ثم بدأ الملامح بالأتضاح لتجده مالك!
محاورات وأسئلة تزورها، نبضات ودفوف تحاربها لم تحتمل كل ذلك لمجرد لمسه لها فأبتعدت عنه سريعاً وهى تلتقط أنفاسها بصعوبة كمن ركضت لمسافة أميال تحت نظرات أستغرابه فقترب منها قائلا بحرص: لازم تسمعينى يا ليان صدقينى مش هأخد من وقتك كتير حاولت الحديث ولكن لم تعرف الكلمات فتفهم امرها وأخرج هاتفه ثم شعل السماعات الخارجيه لتستمع لصوت محمود قائلا بفرحة: لحقت أوحشك!
مالك بجدية: محمود فى شخص بيحاول يضايق ليان فحبيت أوصلها لو معندكش مانع صاح بلهفة: مين؟! اكيد الحيوان حسام مكفهوش الا عمله ورحمة ابويا مأنا رحمه وصلها يا مالك أغلق الهاتف قائلا براحة: اظن ثقة أخوكِ فيا تخليكى تطمنيلى لم تكن بداومة الواقع وجدت نفسها مستسلمة لقدماها فصعدت معه بسيارته ليتوجه لمكان ربما بعد رؤيته تستطيع أن تفكر وتعلم بأرادة المجهول بجمعهم خرج صوتها المتقطع: البيت مش من هنا.
أجابها وعيناه على الطريق: عارف يا ليان متخافيش مش هأخد من وقتك كتير تلفتت حولها برعب حقيقي قائلة بخوف: أنت جايبنى هنا ليه؟ تطلع لها بعيناه الساحرة: متخافيش يا ليان توقف الزمان بعد نظراته فحاولت التحكم بعيناها ولكنها فشلت فشل مريع.
بالجامعة أنهى محمود المحاضرة وأسرع بالخروج ولكنه تخشب محله حينما وجد هذا اللعين يجلس على الطاولة الخاصة بكافى الجامعه مع منار، كانت صدمة كبيرة حقاً..
أقترب منهم قائلا لها بغضب شديد: أيه الا مقعدك مع الحيوان دا؟! لم تتفهم حديثه ولكن أستغل حسام الامر قائلا بخبث: ودا شيء يخصك! أتنين قاعدين أكيد الا بينهم مفهوم صعقت منار فقالت بجنون: أيه الا انت بتقوله دا!
أشار لها محمود بالصمت ثم أنحنى ليكون على مقربة منه قائلا بصوت هادئ: أوراقك معايا يعنى مكشوف للكل ومتنساش أنا ممكن أعمل فيك أيه؟ يعنى بالعربي كدا بهددك لو مبعدتش عن أختى وعن أي حد يخصنى هتكون نهايتك على ايدى والتصريح منك قال كلمته الأخيرة وعيناه على منار المرتبكة من نظراته، لم يحتمل هذا اللعين الكلمات فغادر وهو يتوعد له ولمالك ولها بالهلاك..
ما أن غادر حتى قالت ببكاء: دا أخو زميلتى فى الجامعه شوفته مرة معاها فجيه النهاردة وطلب منى دقيقة واحده عشان فى موضوع مهم طلب منى نخرج من الجامعه لاى كافي بس أنا مرضتش وقولتله هنا أتفاجئت أنه بيسالنى عن أخويا وشغله وان هو خاطب او متجوز معرفش ييسأل ليه؟ أجابها بغضب: لأنه غبي عشان مالك أنقذ ليان منه فعايز يدفعه التمن ثم بدأ بالهدوء: خلاص سيبك أنا هحل الحوار دا أنتِ لسه عندك محاضرات؟
أشارت بمعنى لا فأجابها بأبتسامة هادئة: السواقة فى حالتك دي خطر ووحشة جداً فممكن أتنازل وأوصلك آبتسمت برقة مشيرة بنعم فأتابعته لسيارته ربما أول الطريق لقصة عشق ستحطم القيود حينها لابد من العقبات ولكن بالأتحاد ستحطم ما يقف عائق أمام عاشق ومعشوق.
رواية معشوق الروح للكاتبة آية محمد رفعت الفصل السابع
هبطت بقلب مرتجف وتقدمت معه لتقف أمام المقبرة التى تحمل أسم مشابه لها بعين من الصدمة، تأمل نظراتها بسكون ثم أقترب ليقف أمام عيناها قائلا بصوتٍ مؤثر بفعل الصدمة: أنتِ مكتوبة ليا أنا يا ليان كادت ان تتحدث فرفع يديه على مسافة من فمها لتلتزم الصمت، طافت عيناه بعيناها فسحبها وهو يتوجه للمقبرة ليخرج صوته بجزيئات الآنين: عبرت بحبي ليها بالجواز كانت أمنيتى أشوف البنت الا حببتنى فى الحياة.
إبتسم بحزن لامع: سعادتى لما بقيت زوجتى متتوصفش وأهمها وهى بترفع النقاب عشان أشوفها عشت معاها أحلى أيام ممكن أرسمها كانت تنصت له بشعور مريب يختل بين الغيرة والحزن فتطلع لها قائلا بنبرة ساكنة: كل أحلامى أتحطمت من خمس سنين وجهت الموت وفوقت على حقيقة بشعه حقيقة أتقبلتها وأنا واقف هنا أنها خلاص سابتنى حسيت أن الدنيا واقفت خلاص الأمل زال الحياة الا أتقدملتى من خمس سنين خالتنى عاجز أنى أفكر فيه.
قطعت حديثه بهدوء: طب وأنا علاقتى أيه بكل دا؟! طال صمته وهو يتأملها فأقترب منها قائلا وعيناه تتحاشي النظر لها: أحنا لازم نكون مع بعض ألتسمت ملامح السخرية على وجهها: عشان إسمى ليان على أسمها!
قاطعها بصوتٍ ثابت للغاية: لا عشان وجودك جامبي بالوقت الا كنت بفارق الحياة وأنتٍ أتبرعتيلى بدمك وقدمتيلى حياة جديدة عشان الزمن يدور وأظهرلك بالوقت الا احتاجتينى فيه وأعمل نفس الا عملتيه، عشان قلبي الا بيحس بوجودك مش لأن الدم واحد لآنك عشق الروح يا ليان.
صدمت من حديثه وتذكرت منذ خمس أعوام حينما كانت بالمشفى مع رفيقتها وعلمت بأن هناك أحداً ما يسارع للحياة وهى تحمل الأكسير له، كادت أن تنسى الأمر ولكن شعرت بأن دقات قلبها تكاد تتوقف عن الخفقان، نداء مكبوت مستميت كان يدفعها.. رفعت عيناها له فأكمل قائلا بزهول: ليه مع خروج ليان من حياتى تظهرلي ومع خروج البنى أدم ده من حياتك أظهرلك؟!
ليه أول ما شوفتينى حسيتى أنك تعرفينى قبل كدا ومتسألنيش عرفت أزاي لأنه كان واضح عليكِ جداً، بلاش دا ليه دايما بدعى ربي أنك تكونى ليا من غير ما أشوفك أو أعرفك غير مرة واحده! وليه بنتقابل وقت الأحتياج لو عندك تفسير منطقى للبيحصل دا ساعتها ممكن تفكيرى يهدأ. وزعت نظراتها بينه وبين المقبرة بخوف من التفكير فالأمر جنونى بعض الشيء... أقترب منها قائلا بعين تزيح النظرات عنها: كل دا يا ليان مؤاشر اننا لبعض.
رفعت عيناها له فشعرت بأنها بحاجة للبكاء أو الأبتسامة لا تعلم ما تشعر به سوى الهرب من أمام ذاك الغامض فقالت بهدوء محفور بالرجاء ؛ ممكن أمشى من هنا لو سمحت؟ مالك بتفهم: هسيبك تفكري كويس لم تسنح لها الفرصة بالرد فهرولت للسيارة بخوف أو هرباً من نظراته ولكن لم تستطيع الهرب من محارب كلماته لتعلم هى الأخرى بأن هناك رابط ما يحيل بينهم...
بالشركة ولج سيف لمكتبه بعد أن علم بأن الفتاة بأنتظاره بالخارج، خلع جاكيته وتوجه لمقعده ليستمع صوت طرقات فأذن للطارق بالدلوف.. دلفت تقى للداخل وهى تتأمل المكان بأعجاب وذهول فلأول مرة تأتى لذاك المكان، أنهت جولتها بصدمة وجود سيف بالغرفة وعلى المقعد المخصص.. لم تكن صدمته أقل منها فوقف يتأملها بذهول: أنتِ أيه الا جابك هنا؟! أجابته بهدوء ورسميه: واضح أن يزيد أختارك عشان تدربنى على الشغل.
ردد بصدمة: أنتِ عايزة تشتغلى! تهربت من عيناه: لو معندكش مانع زفر بغضب فقال بصوتٍ يحمل الهدوء المصطنع: أتكلمى بأسلوب أحسن من كدا يا تقى رمقته بنظرة غامضة كأنها تشتاق لسماع إسمها من بين شفتيه، كأنها بحاجة لسماع صوته حتى ولو ثار عليها بالغضب، تعشقه بنهاية المطاف فربما علمت الآن لما الهوس أرقى درجات الجنون.. أخفضت نظرتها سريعاً وتوجهت للخروج فتوقفت حينما صاح بتعجب: راحة فين؟!
استدارت بوجهها: هخلى يزيد يشوف حد يفهمنى طبيعة الشغل واضح أنك مش متقبل فكرة نزولي فمش محتاج تبرر الرفض جلس على مقعده قائلا بحذم: أوك يا تقى نتعامل بحدود الشغل أتفضلى وأشار بيديه على المقعد المقابل له فخطت للداخل بخطى مرتجفه وجلست تنتظره بالبدء، أخرج اللاب الخاص به وشرع بتوضيح مهامتها..
وقفت السيارة أمام منزلها فتبقت ساكنة محلها كأنها لم تشعر بأنتهاء الطريق، رغبة خفقان القلب تزهقها بأن تظل جوار الحمى ودفء الهمس يحاورها بأن تتحلى عن الألم والآنين... رفع عيناه من على مقبض السيارة يتأمل سكونها بصمت وشعاع منير بعيناه الفريدة من نوعها..
رفعت عيناه فألتقت بطوفان خاص بسحر العينان لتهرب كلماتها وينثدر العطر الخاص بفنون قرأة لغات العيون، تخلت الأرواح عن مقاعدها ليعد الجسد للحياة حينما هطلت الأمطار كالصاعقة فشرعت بأسترجاع الروح للجسد مجدداً.. تأملت ليان الأمطار بضيق ثم فتحت الباب لتهبط سريعاً قبل أن تبتل ولكن شيء ما منعها وجعلها تستدير لتجده مالك يتمسك بمعصمها... خرج صوته الساكن: فاكري يا ليان.
يا الله ليان، هو أسمها نعم هو فقد أوشكت على نسيانه!، أو ربما أوشكت على نسيان حياة بأكملها.. جذبت يدها سريعاً وولجت مسرعة للمبنى قبل أن تبتل تحت نظراته الساكنة لها... غادر مالك بسيارته وهى تتأمله من الأعلى، غادر وهى تشعر بأن قلبها يتلون بظلام مخيف، تعالت أصوات الآنين بقلعة النبض لتتمرد على حصونها لتؤكد لها بأن الرابط ليس توحد الدماء ولكن توحد الأرواح..
صعدت الدرج بأبتسامة خفيفة حينما تذكرت كلماته ونظراته التى جعلتها كالبلهاء أمامه، أنقلبت السعادة حزن حينما علمت بأن النظر له ليس مصرح لها وتيقنت بأنها تريده الآن لها فربما تصريحه بالزواج منها ليس جنون كما أعتقدت..
وقف محمود أمام القصر فهبطت منار قائلة وعيناها أرضاً: شكراً يا دكتور أخفى بسمته على كلمتها وتأمل القصر بأعجاب فهو يتذكر بأن مالك ويزيد كان يسكنون بشقة أقل من المعتاد فكيف لهم بذلك..
أفاق على صوت سيارة تقترب منهم فأعتدلت منار بوقفتها والأبتسامة تزداد حينما رأت يزيد يهبط من سيارته ويقترب منهم قائلا بتعجب لرؤية السيارة الغريبة عن القصر: فى حاجه يا منار؟! إبتسمت قائلة برقة: دا دكتور محمود صديق مالك تنغامت كلماتها بتذاكر لأخبار مالك له من قبل فأقترب منه قائلا بعدم تصديق: طول عمري بقول عليك واطى يعنى جوا البيت ومش عايز تنزل.
سماعه لصوت يزيد جعله يتذكره جيداً فهبط من سيارته قائلا بفرحة هو الأخر: يزيد نعمان أحتضنه يزيد وهو يتأمله قائلا بحزن: كبرنا ياض تعالت ضحكات محمود قائلا بسخرية: لا أتكلم عن نفسك أنا لسه شباب حتى لا أتجوزت ولا بفكر الحمد لله. تعالت ضحكات يزيد بسخرية: وأحنا يعنى الا بقا عندنا أولاد الحال من بعضه وبعدين هنتكلم هنا تعال تعال.
أوشك على الصعود للسيارة فجذبه يزيد قائلا بأبتسامة مرحة: لا الحرس هيتوالوا الأمر تعالت ضحكات محمود قائلا بهدوء: ماشي يا عم.. وبالفعل دلف محمود للداخل وجلس مع يزيد بالقاعة يتحدثات بذاكريات مرأت منذ سنوات ليعلم منه محمود كيف كافحوا ليصنعوا تلك الأمبراطورية العريقة ويعلم منه يزيد كيف حارب زوجة أبيه وكيف أنها نقلت كافة الممتلاكات لأسمها فعاش هو ووالدته بمنزل بسيط الحال من دخل عمله..
خرج صوت يزيد بغضب: وسكت ليه مرفعتش عليها قضية؟! أجابه ببعض الحزن: مقدرش يا يزيد مهما كان والدة ليان مرضاش أخليها تشوف والدتها كدا أنا بشوف ليان أختى من دمى مش من والدي الله يرحمه وبس إبتسم يزيد بأعجاب: لسه زي مأنت يا صاحبي إبتسم محمود بسخرية: أهطل وبيضحك عليا هعمل أيه!
رفع يزيد يديها على قدم محمود قائلا بثقة: بالعكس فى فرق بين الطيبه والا بتقوله ودا قليل فى زمانا يا محمود الفرق بينك وبينا أنك ساكت خوف على مشاعر أختك لكن أحنا مش بس حقنا أتاخد مننا لا دى قتلت أبويا وعمى بدم بارد وعايزة تكمل المسيرة فينا وأخرهم الا حصل مع طارق أخويا محمود بستغراب: أيه الا حصل؟!
شرع يزيد بقص ما حدث على مسمع طارق المندهش فكما يقال من يستمع ما يحدث لأناس أخرى يعلم قدر ما به فيحمد الله كثيراً.. طال الحديث بينهم فعرض يزيد عليه أن يترك عمله وينضم لهم بالشركات فرفض بشدة وأخبره أنه يعشق عمله فبعد عدد من الجدلات أتفقوا على مدولة العمل بعد المحاضرات بالشركات ليصبح محمود المسؤال الأول عن قسم المتعلقات المالية بشركات نعمان..
بالشركة انهى سيف ما بيده فأستدار ليجدها تطبق ما أملاه عليها بحرافية نالت أعجابه.. رفعت الحاسوب قائلة بخوف: كدا يا سيف لم تجد رداً عليها فرفعت عيناها لتجده يتأملها بأبتسامة فتكت بها ليكمل بسخرية: من أول يوم ووشك عمل كدا طب الا جاي! جذب منها الحاسوب ومازالت تتأمله ألقى نظرة أعجاب قائلا بأبتسامة واسعة: لا برافو عليكِ بجد يا تقى رفع عيناه وأكمل: متوقعتش أنك تفهمى بسرعة كدا و.
قطعت كلماته حينما وجدها تتأمله بشرود وعشق يلمع بعيناها قرأ سطور من ريحان تنير بسحاب مكبوتة بعشق سنوات، ربما الآن يعلم كم كانت تكن له الحب مثلما أخبرته منار... أفاقت من شرودها على دموع تهوى من عيناها فألتقطت حقيبتها وهرولت للخارج ببكاء، نعم علمت بأنها لن تستطيع الصمود بالأيام القادمة اردت العمل لنسيانه ولكنها تجد أن خيوط الغرام والعشق تلحق بها أينما كانت..
رفع يديه يزيح خصلات شعره بجنون، أغمض عيناه بألم لشعوره بما يكمن بقلبها، سؤالا واحد يعاركه بقوة أن كان سيتحمل آنين حبه لأخري حينما يتزوج بها!
خرجت من الجامعه بفرحة كبيرة فأخرجت الهاتف حينما صدح برقم أمل.. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، دعواتك جيت بفيدة يا أحلى ام فى الدنيا تعالت ضحكات امل =لا يا قلبي دا تعبك وسهرك فى المذاكرة وربنا سبحانه وتعالى مش بيضيع تعب حد.
الحمد لله قوليلي بقا منار فين ويزيد وأبيه مالك رجعوا =منار رجعت من الجامعه وطلعت تريح فوق ويزيد رجع تحت مع صديق له أما مالك فلسه مرجعش وبعد التحقيق دا راحه فين؟ تعالت ضحكات شاهندة: دايما قافشانى كدا هروح أشوف البت تقى مشفتهاش من زمان أمل =سلميلي عليها ومتتأخريش يا شاهندة الدنيا قربت تليل حاضر لو أتاخرت هخلى سيف أو شريف يوصلنى =ماشي يا حبيبتى فى رعاية الله.
وأغلقت شاهندة الهاتف ثم أعتلت السيارة الاجرة سريعاً من الأمطار...
توجه للأعلى فصدح هاتفه برقم رفيقه من المغرب فأخرجه قائلا بغضب: بقيت مكلمنى أكتر من سبع مرات شكلك فاضى قولتلك ألف مرة عندى كذا حاجة مينفعش أرجع وأسيبها خلاص هشوف كدا لو هرجع فى نفس اليوم اوك تمام سلام وأغلق الهاتف ثم دلف للمصعد ليتفاجئ بها.
رفعت عيناها حينما ولجت للداخل لتجده يدخل خلفها هو الأخر، تأملها بتعجب ثم قال بأبتسامة مهلكة: أنتِ تانى أخفت بسمتها ووضعت عيناها أرضاً فولج للداخل بعدما أدخل رقم الطابق الخاص به وهى بحالة لا توصف حتى أنها نسيت بأنها بالطابق السابق له. تأملها بتسلية وهو يرى الخجل المتسرب لوجهها، بداخله خوفاً بأن يتمرد القلب فتصبح الخدعة هلاكه ويقع بسحر عيناها او ربما قد أوقع نفسه بمحطة خاصة بها..
وقف المصعد فخرج فراس ثم أستدار لها قائلا بأبتسامة سخرية بعدما طبع على اللائحة الخاصة بالمصعد الدور الخاص بها: مكنش فى داعى أنك تعذبي نفسك وتوصلينى كادت الحديث بغضب ولكن قاطعها حينما غمز لها بعيناه ثم اغلق باب المصعد ليهبط بها للطابق الاسفل فيجعلها تعود لأرض الواقع بأنها بلهاء أمام هذا الغامض..
خرجت من المصعد وهى تتأمل الدرج المودي للطابق الخاص به بأبتسامة خجل وردت وجهها الأبيض فجعلته كتلة من النيران، رددت كلمة خافتة غبية... أتاها الصوت من خلفها: أول مرة تعرفى! أستدارت برعب لتجد شريف يقف أمامها بأبتسامة واسعة فصاحت بغضب: خضتنى يا غبي تلون وجهه بالغضب المميت: مين دا يابت الا غبي هو أنا الا واقف أشتم نفسي؟!
لم تعبئ به وتوجهت لشقة تقى تطرق بقوة فلم تجد الرد، أقترب منها شريف قائلا بغرور: تقى مش هنا ومش هقولك فين خالى غبائك يشرحلك الطريق. وتركها ودلف لشقته تاركاً الباب علي مصراعه. جلس امام التلفاز ثم حمل تلك الثمرة الضخمة يلتهمها بصورة مقززة كما اعتقدت شاهندة فقالت بعصبية ؛ أيه القرف الا أنت فيه دا رفع قطعة منها وهو يشير لها بفخر: تأخدى بطيخ يابت تلونت عيناها بالغضب: فى حد يأكل كدا؟!
أكمل تناولها قائلا بسخرية: مدام شوفتينى يبقى في أقتربت منه وهى بحيرة من أمرها قائلة برجاء مخادع: طب يا بشمهندس شريف ممكن تقولى تقى فين؟ اعتدل بجلسته قائلا بسعادة وهيام: بشمهندس طالعة منك عسل يابت عشان كدا هقولك الا أعرفه جلست مقابله له قائلة بسعادة: قول شريف بغرور بعدما وضع قدماً فوق الأخري: تانى يوم بعد المستشفى الصبح أنا نزلت أجيب عيش عشان أفطر معاهم مالقتش البت ولا أمها.
شاهندة بستغراب: رحوا فين يعنى؟ أجابها بأبتسامة واسعة: معرفش تطلعت له بغضب: نعم! جذب ثمرة فاكهة قائلا بغضب وهو يلتهمها: قولتلك الا أعرفه من معلومات هامة جداً لم تشعر بذاتها الا وهى تلقى بوسادة الاريكة على رأسه قائلة بغضب: كمل أكل يا شريف أنا غلطانه أنى كلمتك.
وتركته وغادرت وهى تتفحص الهاتف وتحاول معرفة إلى أين ذهبت تلك الفتاة ولكن الهاتف أصبح مكون من جزيئات صغيرة حينما أصدمت بالمدرعة البشرية من وجهة نظرها لترفع رأسها بغضب شديد فوجدته أمامها بعجلة من أمره ويرتدى الجاكيت وهو يتوجه للخروج سريعاً تطلع لها بغضب: لا كدا كتير وتوجه للخروج فصاحت بغضب: يعنى غلطت ومتكبر كمان أنك تعتذر أيتدار فراس وهو يتفحص ساعته قائلا بلا مبالة: أسف.
أنكمشت ملامحها بضيق وهى تلملم الهاتف: هعمل بيها أيه هترجعلى الفون؟! زفر قائلا بهدوء مخادع: أنا مستعجل جداً فرفع المال من جيب سرواله قائلا بسرعة كبيرة: خدى دول وهاتى فون بدل الا أنكسر زاد غضبها أضعاف مضاعفة قائلة بسخرية: لا والله كتر خيرك شايفنى ب.
قاطعها مخرجاً أحدى الهواتف الخاصة به قائلا بجدية ألتمستها به: أسف مرة تانيه دا فون جديد بدون أرقام ومن غير شريحة بس بجد أنا متأخر على الطيارة ومش فاضل غير ربع ساعة فأرجوكِ تتقابلى أعتذاري لم تشعر بيدها التى تناولت منه الهاتف، لم تشعر بأنقباض قلبها وهو يسرع بالخروج من المبنى ليلحق بالطائرة التى أخبرها بها منذ قليل، الحزن يخيم على وجهها بعدما أخبرها بالسفر، هل ستكف عن رؤيته.
أنفضت التفكير به ووضعت الهاتف الذي يلمع بمجموعة من الصور الخاصة به بالحقيبة ثم توجهت للخروج لتجد سيف أمامها.. رمقها بستغراب شاهندة! أجابته بلهفة: سيف الحمد لله أخوك هيجبلى ذبحة قلبيه إبتسم قائلا بتأييد: أقتله ونخلص كلنا تعالت ضحكاتها قائلة بسخرية ؛ ياريت بس هو بيعمل جو مرح كدا فى العيلة سيبه وأمرنا لله : لا جايه على نفسك اوى يابت.
قالها شريف وهو يقترب منها بنظرات توحى بالقتل فقالت بخوف: دانا بشكر فيك أهو الحق أخوك يا سيف رمقه بنظرة فهرول للداخل لتكبت ضحكاتها وتتحدث بجدية: تقى فين؟! وضع عيناه أرضاً فى محاولة للهرب قائلا بتصنع اللامبالة: عند والدتها اجابته بزهول: ليه؟ حاول التهرب من أجابتها قائلا بهدوء: راحت مع خالتك وهتفضل هناك على طول طالت صدمتها فخرجت الكلمات مبعثرة: أيه؟ أزاي تقى مكنتش حابه ترجع خااالص!
ثم لمعت عيناها بشرارة الشك الذي نقل لمفهوم سيف بأنها تعلم هى الأخرى بحبها له فغادرت للمصعد بصمت ليلحق بها قائلا بستغراب: راحه فين؟ أجابته بهدوء: هروح أشوفها عند خالتو رفع يديه على شعره بتفكير: طب أستنى هغير هدومى وهجى معاكِ رفعت يدها قائلة بهدوء: هات مفاتيح عربيتك أستناك فيها قدم لها المفتاح بتفهم ودلف ليبدل ثيابه.
عاد مالك للقصر فولج للداخل ليتفاجئ بمحمود ويزيد.. أقترب منهم بعدما خلع جاكيته قائلا بأبتسامة هادئة: الأجتماع سري ولا أيه؟ إبتسم محمود قائلا بسخرية: أجتماع وسرى مع الغول أتجننت أنا عشان أغلط فى كلمة ألقى رقبتى على دراعي تعالت ضحكات الجميع، جلس مالك جوار محمود قائلا بصوت منخفض سمعه يزيد: والله انا إبتديت أخاف على نفسي منه محمود بنفس النبرة المنخفضه ؛ الله يكون فى العون دانا بقالى معاه ساعة وحاسس أنى أقعد مع تريبل أيتش.
ألتقط يزيد السكين الموضوع على الطاولة يتأمله بنظرات مريبة لهم ثم قال بصوتٍ ثابت: شمم ريحة أسمى فى الموضوع محمود بصدمة: هو كان فى موضوع أصلا! تعالت ضحكات مالك قائلا بشماته بعدما صفح محمود: أهلا بك مع عرين الغول محمود بسخرية: عرين وغول طب سلام أنا بقا وأسف لدخول حياتكم بعد السنوات دي. تعالت ضحكاتهم بسعادة لتجمعهم من جديد.
بالمطار بعثت رسالة من هاتف الطبيب لهاتف فراس بأن المريضة تخبره بأن امر السفر يكون خفى عن نوال والا أنه لن يتمكن من اللاحاق بها فستكون فارقت الحياة على يد أحد رجالها وهذا ما زرع الشك بقلب فراس ليعلم ماذا هناك بعد أن أخبر رفيقه بأنه سيأتى غداً فأذا بالطبيب يخبره بسوء حالته ويجعلها يهرول سريعاً ليعلم ما الأمر الذي يخص نوال وبه.
بمنزل تقى إستمعت لدقات الباب المرتفعه فأرتدت حجابها وفتحت لتتفاجئ به أمام عيناها، حل الصمت على تعبيرات وجهها فقط نظرات إمتلأت بالدمع والآنين لرؤياه.. أفاقت على صوت شاهندة فتراجعت للخلف حتى يتمكنوا من الدلوف.. أغلقت الباب والتفكير يشغل عقلها ثم جلست على الأريكة تخطف نظراتها له بأرتباك.. جلست شاهندة جوارها قائلة بأبتسامة واسعه: واضح أننا خفينا وبقينا عال.
إبتسمت بسمة خافته: الحمد لله طمنينى عنك وعن يزيد ومالك والكل وضعت شاهندة حقيبتها: كلنا بخير الحمد لله، ثم ألقت نظرة متفحصه على المنزل بستغراب: أمال خالتو فين؟ أجابتها بملل: نزلت من بدري أوي ولسه مرجعتش، ثم وقفت وتوجهت للمطبخ قائلة بأبتسامة هادئة: هعملكم حاجة تشربوها صاحت بغضب: نعمين ياختى عايزين أكل أنا صايمة والمغرب آذن من نص ساعة رمقتها بغضب: وأنا مش بعرف أطبخ ولا أعمل حاجه غير القهوة.
شاهندة بحزن: ولا انا ثم لمعت عيناهم ببريق لامع فتطلعوا له ليعتدل بجلسته قائلا بتحذير: مطبخ واكل تانى لا جذبته شاهندة ببراءة مصطنعة: وتسيب أختك جعانه يا سيفو رمقهم بنظرة محتقنه قائلا بغضب: ألبسو أنزلكم نتعشى بمكان لكن طبيخ والكلام دا أنسوا وبعد دقائق شاهندة بغضب: ركز مع الفراخ يا سيف شكلها أتحرقت أستدار بوجهه والغضب يشكل قسماته: مدام شايفة نفسك شيف متتوالى شرف المهمة دي.
آبتسمت بسخرية: سيف مين دانا بفك الخط فى الطبخ بالعافية رمقها بغضب وأكمل ما يفعله بضيق، أكملت تقى تقطيع الخضروات بشرود وهى تخطف نظراتها له وهو يرأها ويتصنع بأنه غافل عنها. حملت شاهندة الأطباق للخارج فوضع سيف الطعام بالأطباق ولحق بها... جلست تأكل بتلذذ: أكلك حلو يا سيفو رمقها بنظر مميته: متخديش على كدا أنتِ كمان ياختى تعالت ضحكاتها قائلة بمكر: أنا داخله على طمع بعد الأكل.
قاطعها قائلا بنبرة لا تحتمل اي نقاش: خلصى الأكل عشان أوصلك وأخلص من أم الليلة دي جلست تقى على الأريكة تطلع لمن تجلس على المقعد تلتهم الطعام وتكبت ضحكاتها.. رفع سيف عيناه عليها قائلا بهدوء: هتيجى الشركة بكرا يا تقى؟ تلون وجهها بالتوتر لتذكر نظراتها أمامه فقالت بأرتباك ؛ مش عارفه أنا كنت فاكرة أنى لما هشتغل هرتاح نفسياً من القعدة فى البيت بس.
قاطعها بسخرية: هو أنتِ لحقتى دا يوم واحد عموماً الا تحبيه اعمليه ثم وجه حديثه لشاهندة بعدنا تأمل ساعته: يالا يا شاهندة أتاخرتى ويزيد ممكن يزعقلك أجابته بتفهم وهى تلملم أغراضها: حاضر جذب مفاتيحه وغادر للأسفل وهو يشعر بالضيق لما فعله بها بدون تعمد...
غادر محمود القصر وعاد للمنزل فدلف لغرفة ليان ليطمئن عليها بعدما أخبره مالك مع حدث معها ولكنه وجدها تغط بنوماً عميق يرأه بها لأول مرة حتى أنها لا تشعر بوجوده كالعادة، داثرها بالغطاء وتوجه لغرفته والتفكير للتخلص من ذاك اللعين يشغل باله... أوصل سيف شاهندة للداخل وغادر على الفور ليتوقف بسبارته على الشاطئ فوضع رأسه على مقبض السيارة يحاول التحكم بموجة تفكيره...
بغرفة يزيد. أبدل ثيابه لسروال أسود قصير وتيشرت أبيض ضيق للغاية يبرز عضلات جسده المفتول ثم توجه للفراش على أمل النوم ولكن كالعادة خطفت تلك الفتاة نومه الهنيئ فأبتسم بسخرية على ما فعله فهو يرى نفسه أحمق لسهولة أنهيار حصونه أمامها.. أخرجه من بحوره العميقة دلوف طارق للداخل قائلا بصوت ينقل ما يشعر به من آلآم: صاحى يا يزيد؟ أعتدل بفراشه قائلا بتعجب: فى أيه؟
ولج للداخل ثم جلس على الفراش يجاهد للحديث فخرج صوته أخيراً قائلا بحزن: مش عارف أنسى الا حصل دا يا يزيد البنت دي ذنبها أيه يحصلها كدا؟ اجابه بسخرية: أنت بتسالنى أنا؟! رفع عيناه اللامعة بالدمع: مش لقى أجابه غير انى حقير أوى زفر يزيد وأحتضنه بستسلام قائلا بلهجة مختلفة عن طباعه المتعصبة: كان غصب عنك أكيد بعد المخدر القوى دا مكنتش هتبقى فى واعيك عايزك تنسى الا فات وتركز فى حياتك يا طارق.
خرج من أحضانه قائلا بسخرية: أركز أزاي؟! أنا بشوفها أدامى ليل نهار مش قادر أنسى شكلها خالص رفع يديه على خصلات شعره المتمردة على عيناه قائلا بتفكير بعد الجامعه تعال المقر أشتغلك كام ساعة وأوعدك هتتهد خالص من التفكير إبتسم بفرحة: بجد؟! رمقه بنظرة مميته فأبتلع باقى جملته وتوجه للخارج بسعادة ولكنه توقف بتذكار وأستدار قائلا بخوف: هو أنا ممكن أتجوزها يا يزيد؟
تطلع له يزيد بصدمة فلم يكن بأوسع مخيلاته ان يكبر أخيه بحديثه لدرجة تحمل الزواج وأعبائه، هناك عقبة أخرى كيف يخبره بأنها الآن زوجته؟!
لم تجد الكلمات مخرج منه فعلم طارق بأنه تفوه بشيئاً محال وغادر لغرفته، ظل يزيد كما هو متخشب محله من التفكير لم يغلق له جفن فكيف له بمعاصية الله!، لا طالما كان ودود إليه يفعل الطاعات ويبتعد عن المعاصى حتى أنه ومالك أنشئوا مسجد بالشركات والمقر مع تصريح بساعة كامله مع آذان الصلوات ليتمكن الجميع من ممارسة الطاعات دون حجة بالعمل ليس فرضٍ منهم للصلاة ولكن لمن أرد ذلك..
رأى نفسه خاطئ بحقها فوضع بالحسبان أن يرأها ويتحدث معها وصلت الطائرة للمغرب فخرج فراس ليجد أحد أصدقائه بالخارج فصعد معه بالسيارة التى توجهت للمشفى... ولج فراس للغرفة المملوءة بالأجهزة الطبيبه ليجد من قامت بخدمتهم أكثر من ثلاثون عاماً تقطن على فراش الموت، مزق قلبه فظن أن حالتها ليست كهذا أقترب منها حينما أشارت له بيدها ودموعها تغزو وجهها قائلة بصوت متقطع: تعال يا فراس.
أقترب منها ثم جذب المقعد وجلس على مقربة منها ليتمكن من سماع صوتها الهزيل، تأملته قليلا ثم قالت بتعب شديد: أنا بخدم أبوك من أكتر من تلاتين سنة من لما كان فى مصر وسافر المغرب أتجوز مغربية وعاش معاها هناك وأنا كنت بخدمهم على طول بس المشاكل بينهم مكنتش بتخلص. أشتد تعبها فأسرع فراس بالحديث: مش مهم أرتاحى وكملى بعدين أبتسمت قائلة برضا: معتش فى بعدين يابنى أسمعنى الله يكرمك.
لتكمل بتعب ليس له مثيل وهى تنقل الكلمات: المشاكل كانت بسبب الخلف فأبوك قال أنها مش بتخلف وعمل مشاكل كتيرة اوى ونهايتها أنه اتجوز نوال قال بستغراب: بس بابا متجوزش غير أمى ونوال معنى كدا أن الجوازة الأولنية من أمي؟ اجابته بتعب شديد: مش امك يا فراس : أيه الكلام الا بتقوليه دا.
قالها بغضب شديد بعدما تؤك المقعد وهب بالوقوف فجذبته قائلة بتعب يشتد بقوة: مفيش واحدة هتقابل وجه كريم وهتكدب يابنى سبنى أقولك الباقى أنصاع لها فراس وجلس وهو بصدمة ليس لها مثيل فأكملت هى بوجع وهى تجاهد للحديث: أول لما عرفت أنه أتجوز عليها أنهارت وطلبت الطلاق ابوك مرضاش يطلقها فسبتله البيت ومشيت نوال فضلت عايشه مع أبوك سنة من غير عيال عمري ما هنسى الا حصل فى اليوم دا.
أشار بوجهه فأكملت وهى تجاهد للحديث: كان أبوك مسافر مهو شغله كله سفر نوال اختفت من البيت لمدة أسبوع وكانت منبها عليا أن لو أبوك أتصل أنى أرد وأقول أنها تعبانه مش قادرة تتكلم، بره، فى الحمام المهم أنه ميعرفش حاجه عن أختفائها وبعد ما الأسبوع خلص لقيتها رجعه البيت بطفل صغير لسه مولود ويومها دخلتلي المطبخ ونبهت عليا أنى مش أجبله سيرة أنها كانت بره البيت المدة دي وأنى اقول أن مراته الأولى جيت البيت ورمت الطفل دا.
صدمة اعتلت وجه فراس فأكملت بتعب ودموع: مكنش قدامى الا الكدب يابنى مش عشان أنها هتقطع عيشي زي ما كانت بتقول لا كنت خايفه على بناتى منها نوال ست شرنية : وبعدين.
قالها بخوف شديد من القادم فأكملت قائلة بتعب شديد: لما ابوك رجع وأتفاجئ بيك قالتله أن مراته جيت هنا ورميتك وقالت خاليه يطلقنى وأنا هتنزل عن حضانة الطفل أبوك كان طاير من السعادة انها كانت حامل وفوراً نزل طلق مرأته الأولنية وكتبك بأسمه وبأسم طلقيته لأنه راجل عادل مسمعش كلام نوال وكتبك إبنها.
وفاتت السنين والسر متغطى لحد ما بقى عندك 18 سنة أبوك كتبلك جزء من أملاكه وجزء لنوال بس بعد الا حصل نقل أملاكه لدار أيتام كأنه كشف حقيقتها أجابها بلهفة: حقيقة أيه؟
أشتد التعب فقالت بتلهف: معرفش يابنى كل الا أعرفه انه عرف أنه مش بيخلف فلما راح أتهم طليقته بأنها خاينة لقاها متعرفش حاجة عن الطفل فالشكوك راحت لنوال واجهها والغريبة أنه أتقتل تانى يوم بس طبعاً بعد ما اخد الأملاك منها وأنت سابلك شركة واحده فى المغرب الا نوال أخدتها منك معرفش أزاي! تعالت ملامح الصدمة وجهه فقال بزهول ؛ يعنى أنا إبن مين؟!
أجابته بيأس: مش عارفه يابنى بس الا أعرفه أن بعد موت أبوك لما عرفت أنها على الحديدة نزلت مصر لأهلها لكن انت إبن مين الأجابة عند نوال نفسها لأنها مش هتستفاد حاجه لما تجيب طفل من الملجئ تربيه أعتقد أن الموضوع أكبر من كدا.
أسند ظهره على المقعد بصدمة كبيرة جعلته كالثليج لا يقوى على الحركة، كيف كان كالدمى بين يدها؟!، من هو ومن عائلته سؤالا تردد على مسامعه إلى أن صعد على متن الطائرة للعودة مرة أخرى لمصر.
زف الليل بشواطئ الآنين وشواطر الروح، زف ببعض الآلم والجراح زف بآنين من حقيقة مؤلمة زف ببسمة تترسم على بعض الوجه ودمعة تغزو البعض الأخر وسطعت شمس يوماً جديد لتنير بضوء ليس له حدود.. بقصر نعمان.
إستيقظ يزيد من نومه فأسرع بتبديل ثيابه ثم توجه للشركة ليرى هل ستأتى أم ستنهى قصة لم تشرع فى التشكل صعد لمكتبه فوجدها تجلس على المقعد المقابل له لا يعلم لما أحتلت الفرحة ملامح وجهه، وقفت تتأمله بخجل من نظراته الفتاكة فرفعت الملفات قائلة بعملية مخادعة: الملفات أترجعت كويس جداً على فكرة إبتسم قائلا بثباته المعتاد: هشوف بنفسي.
امتلأ وجهها بالغيظ فجلس على مكتبه ونظراته تطوفها لتتوجه للخارج ولكنها أستدارت قائلة بتذكر: أه على فكرة أنا جيت هنا عشان أقولك أنك مغرور جداً. أنهت كلماتها وهرولت للخارج بسعادة طفولية فجلس على مكتبه والأبتسامة تنير وجهه على من غزت قلبه وأعلنت بأنه يحتل قلبها...
هرولت سريعاً كمن رأت شبحاً فبعدما ألقت بتهمتها على الغول ماذا تنتظر ركضت لتصطدم بطارق بعدما أفاق من الصباح ولحق بأخيه ليستلم العمل الذي أخبره به.. رفعت عيناها لترى من يقف أمامها...
بمنزل محمود إستيقظ محمود على صوت هاتفه فرفعه ليجد رسالة نصية من يزيد تنص على الشركة مش زي الجامعه يا دكتور معاك 10 دقايق وألقيك هنا والا أنت الجانى على نفسك .
قرأ رسالته وهرول للحمام متمتم بخفوت: وأنا كان مالي ومال أم الشركات هو أنا فالح فى الجامعه وطلابها لما أروح الحسابات منك لله أعدت فاتن الفطور ولكنها حزنت حينما رفض محمود وهرول سريعاً لسيارته لتودعه بدعواتها الدائمة له فدلفت لغرفة ليان تخبرها بأنها ستذهب لترى شقيقتها لمرضها المفاجئ وأنها ستعود ليلا..
وغادرت فاتن تاركة ليان توجه مصيراً مجهول على يد حسام الذي علم من رجاله بخلو المنزل من الجميع الا تلك التى حركت غرائزه منذ ان رأها من اللقاء الأول وها هى تحاول التخلص منه بعد أن فضت خطبتها فظنت أنها تخلصت من لعين لا يعينه سوى أرضاء غرائزه الوضيعة...