أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في منتدى جنتنا، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .

المنتدى للقرائه فقط -- للمشاركه انتقل الى منتديات جنتنا الجديده -forums.janatna.com





رواية صغيرتي

وقفت أمام المرآة والابتسامة المُشرقة تعتري وجهها كعادتها، تتأمل ملامحها بإعجابٍ واضح في نظراتها،تعلم أنها على قدرٍ من ال ..



08-04-2022 11:25 مساء
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 

t22149_8109

وقفت أمام المرآة والابتسامة المُشرقة تعتري وجهها كعادتها، تتأمل ملامحها بإعجابٍ واضح في نظراتها،تعلم أنها على قدرٍ من الجمال وملامح مفعمة بمزيج من الأنوثة والبراءة رغم صغر سنها، عينين عسليتين جميلتين، وجه دائري أبيض وناعم يتوسطه أنف صغير وشفتان ورديتان.. ناهيكٍ عن شعرها البني والذي يتماشى تماما مع لون عينيها الساحرتين..

زادت من إشراقها حين وضعت أحمر الشفاه الصارخ ببزخ على شفتيها بينما راحت تكحل عينيها فتُصبح جميلة حد الفتنة..
ألقت نظرة أخيرة على ملابسها بإعجاب والتي كانت عبارة عن بنطال جينز وكنزة وردية اللون لاصقة بجسدها فأبرزت مفاتنها بوضوح! ..

خرجت من غُرفتها تسير بخطوات مدللة مثلها، وقفت في منتصف الرواق تُراقب غرفته وتنتظر خروجه بفارغ الصبر..
فصول نوفيلا صغيرتي
رواية صغيرتي نوفيلا للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الأول

( مدللته )

خرجت من غُرفتها تسير بخطوات مدللة مثلها، وقفت في منتصف الرواق تُراقب غرفته وتنتظر خروجه بفارغ الصبر..
نظرت إلى ساعة معصمها ثم زفرت بغيظ قائلة بحنق:
- كدا يا يوسف نايم لحد دلوقتي!

تلفتت حولها في حذر وعبرت المسافة القصيرة بين غرفتها وغرفته في سرعة، ثم طرقت باب الغرفة بهدوء فلم يأتي رد..
قررت اقتحام الغرفة، فأدارت المقبض وولجت، تعالت دقات قلبها وهي تناظره ببسمة عريضة على شفتيها الناعمتين، اقتربت أكثر وتأملت ملامحه عن قرب بنظرات شغوفة..

ملامحه تذبذب كيانها وتفقدها صوابها..
ذاك الوسيم الأسمر ذا البشرة الخشنة صاحب الجسد الضخم والشخصية القوية...
تعشقه حد الموت، تهيم به ولديها هوس غير طبيعي بشخصه، حُبه وحنانه الجارف معها...
حاولت استعادة ثباتها قليلًا وهمست بإسمه وهي تدنو منه:

- يوسف..
وكررت بصوت أكثر نعومة:
- يوسف..
لم يستجيب في البداية، فعادت تكرر بنبرة أعلى:
-يوووسف..
هُنا فتح عينيه منزعجًا، وراح يلقي نظرة خاطفة عليها متمتمًا بنعاس:
- في إيه.. يا روما!؟

تنهدت " مريم" بعمقٍ وهي تجلس جواره بجراءة معهودة منها.. معه، لتقول بتذمر ودلال في آن:
- أنت نسيت إن النهاردة أول يوم لي في الجامعة؟ والمفروض إن حضرتك تقوم عشان توصلني!
تململ في فراشه، ثم تمطع بأريحة قائلًا بابتسامته الرجولية:

- صباح الفُل الأول.
بادلته الابتسامة باتساع وقالت:
- صباح الورد.
نهض جالسًا على الفراش وفرك عيناه، ثم عاد يتطلع إليها فاتسعت عيناه في غضب جم، بينما يهتف بزمجرة:
- إيه دا؟!
سألته مستغربة:
-إي؟
نهض عن الفراش بعنف وعيناه قد تحولتا لجمرتان:

- أنتِ راحة الجامعة بالزفت دا؟ بتستهبلي؟
انكمشت ملامحها بحدة وهي ترمقه بعتاب؛
- أنا في أولى جامعة، يعني كبرت مش صغيرة، من حقي أحط الميكب اللي يعجبني وألبس برضوه اللي يعجبني!
هدر بها بتعنيف:
- أنتِ مش من حقك أي حاجة، أنتِ ترجعي أوضتك فورًا، تمسحي المهرجان دا اللي في وشك وتغيري لبسك بلبس محتشم عن كدا، ويا كدا يا إما مافيش جامعة، مفهوم ولا لا؟

نكست رأسها قليلًا وقد أدمعت عيناها في حزن، ثم بكّت في رقة دائمًا ما تُذيب قلبه وتبعثر ثباته، لكنه بقى ثابتا بملامحه الجامدة ولم يتحرك، لم يراضيها كعادته، فيما كرر بنبرة صارمة:
- سمعتيني قلت إيه؟
أطاعته واستدارت خارجة من الغرفة وهي تمسح دموعها بظهر كفها، أما هو ذهب إلى الحمام وهو يهمهم غاضبًا:
- مبقاش ألا أنتِ اللي مطلعتش من البيضة وتقولك حقي ومش حقي! ٱل ميكب ٱل!

ضحك وهو يغلق باب الحمام خلفه، فتمر نصف ساعة ويُكن بهيئته الجذابة بعد أن ارتدى ملابسه الأنيقة، خرج من غرفته فتقابل مع والدته التي قالت بحنق واضح:
- المزغودة دي كانت بتعمل عندك إيه؟!
سار خطواتين للأمام مع قوله الجامد:
- بتصحيني..
أخذت تسير خلفه وهي تهتف بغضب:
- بتصحيك؟ إزاي تسمحلها تصحيك، دي بنت قليلة الأدب أنا لازم أشوف شغلي معاها!
قال بصوته الأجش في صرامة:
- شغلك معايا مش معاها يا أمي، مريم ماحدش له دعوة بيها تمام؟!

وصل إلى مائدة الطعام وجلس ليتناول قهوته التي وِضعت له خصيصا كعادة كل يوم، راحت والدته تجلس قبالته وعيناها تطلقان شرر غاضب وهي تستكمل بحدة:
- أنا مينفعنيش كلامك دا، دا يمشي على نفسك مش علينا يا يوسف، أنا المسخرة دي ماتحصلش في بيتي..
صمت يوسف ولم يعقب، إنما أخذ يرتشف من فنجان قهوتهُ في هدوء، بينما أقبل عليهما والده " همام " وراح يهتف بجديته المعتادة:
- صباح الخير..
ردت "تهاني" في غيظ:
- صباح النور..
قال همام بعد أن جلس يترأس الطاولة:
- إيه مالك يا تهاني زعلانة ليه؟!
أجابته حانقة والضيق يطغي على ملامحها:
- يرضيك اللي بيحصل دا يا همام؟

سأل متعجبًا:
- إيه اللي بيحصل يا تهاني؟!
- بنت أخوك وإبنك مش ناويين يجبوها البر معايا يا همام! تخيل إنها بتدخل عليه وهو نايم رغم إني حذرتها أكتر من مرة متتجاوزش حدودها معاه!
نظر همام إلى إبنه شزرًا وقال متجهما الملامح:
- أمك كلامها صح يا بيه! أنت ناسي إن مريم أمانة في رقبتي ولا إيه؟
تأفف يوسف وقد وهجت ملامحه بصرامة قائلًا:
- بقولك إي يا بابا أنت عارف إن ماحدش بيخاف على مريم وبيحبها أدي، فياريت بلاش الكلام دا أنا عارف بعمل إيه وبحافظ عليها إزاي، وقولتلك أكتب عليها أنت مش موافق.. براحتك بقى!

زجرته أمه بشدة:
- تكتب على مين يا ولد؟ أنت مجنون؟.. دي أصغر منك ب 12 سنة!، ثم إن مش هي دي اللي بتمناها ليك زوجة، دي حتة عيلة لا راحت ولا جات!
- عجباني يا أمي أنتِ زعلانة ليه!
تحدث بهدوء استفزها، لتتابع جازة على أسنانها:
- لا يمكن يحصل أبدًا، أنا أمك ومن حقي إنك تسمع كلامي ولو تم والله لأنا سايبة البيت وماشية من هنا!
وما إن أتمت جملتها حتى أسرعت إلى غرفتها وهي تهمهم في غضب شديد، تقابلت مع " مريم " على الدرج فحدجتها بشراسة قاسية، فابتسمت الأخيرة بدلال وهي تكمل هبوط الدرج كأن شيء لم يكن..

اتجهت نحو طاولة الطعام وهي تهتف بصوتها الناعم:
- أنا جاهزة..
التفت يوسف يتطلع إليها بابتسامة ارتسمت على شفتيه في رضا، بينما يقول بغزل:
- أهو كدا، إيه الجمال دا؟!
فكانت هادئة بملابس أكثر حشمة دون وضع أي مساحيق تجميل فبدت وكأنها طفلة في برائتها ورقتها، ورغم نظراته المعجبة كانت عابسة الملامح لا تنظر له فهي غاضبة الآن.. غاضبة وبشدة. !
أردف السيد همام في حزم رفيق وهو يُشير لها بيده:

- إقعدي يا حبيبتي إفطري يلا..
رفضت وهي تحرك رأسها سلبًا:
- لا مش هينفع يا عمو، إتأخرت على صحباتي، لازم أمشي..
ثم نظرت إليه في غضب طفولي قائلة:
- ممكن لو سمحت تقوم توصلني بقى؟!
غمز لها بعينه قائلًا بهدوء:
- مش قبل ما تفطر يا جميل..
تخضبت وجنتيها بحمرة الخجل وهي تطرق رأسها، بينما قال والده في شدة حازمة:
- يوووووسف..!
تنحنح يوسف وهو مازال محدقا بها:
- سوري يا بابا، أنا عاوزها تفطر بس..
والده بصرامة:
- يوسف إتعدل بدل ما أقلب عليك!
أومأ يوسف برأسه موافقًا ثم قال زافرًا:
- إتعدلنا أهو..
همام بجدية:

- لينا كلام مع بعض، المهم قوم دلوقتي وصل مريم عشان متتأخرش ومش عاوز أي استهبال.. فاهمني طبعا!
نهض يوسف عن مجلسه وأومأ برأسه مجددًا متابعا بابتسامة عابثة:
- أنت تؤمر يا باشا..
والده بعدم ارتياح:
- متتأخرش، ورانا شغل كتير النهاردة في الشركة..
هز رأسه إيجابًا وسار خارجا من - فيلتهم العريقة- لتتبعه مريم في سرعة، عبرا الحديقة ليصلا إلى سيارته في الجراج، ركب يوسف أولا وفتح لها الباب كي تدخل، فركبت جواره ومازالت تتصنع الغضب حتى يُراضيها..
انطلق بالسيارة وهو يرمقها من حين لآخر بنظرات متسلية، بينما هي تبادله النظرات باغتياظ وقد احتقن وجهها من تجاهله وبروده المستفز ذاك..
ضحك مستمتعًا لرؤيتها غاضبة هكذا، فازدادت غيظًا منه ونهرته بتذمر:

- بتضحك على إيه.!
توقفت السيارة فاختل توازنها لتجد نفسها بأرض السيارة على ركبتيها، أما هو فكان مواصلا لضحكاته ثم دنا منها ورفعها مجددًا على المقعد قائلًا من بين ضحكاته:
- سوري يا روما، قلت أوقف العربية عشان أعرف أصالحك بضمير..
زفرت بضيق وهي تردد:
- زعلانة منك أوي..
- أموت أنا..!
قالها وهو يميل عليها قليلًا متابعا بنبرة أشعلت مشاعرها:
- أموت أنا لو زِعل حبيبي...
ابتسمت كالبلهاء من غزله وراحت تميل عليه هي الأخرى بسعادة.. سعادة لم تذقها إلا معه وقربهُ..
ابتعد هو وقد ازدرد ريقه قائلًا بتنهيدة حارة:
- بقول نعدي على أي مطعم عشان تفطري ولا إيه؟
تذمرت وهي تقول:
- لا مش عاوزة..
أردف بصيغة آمرة:
- لا لازم تفطري..
لم ترد عليه والتزمت الصمت، فابتسم لها وأدار محرك القيادة وانطلق بسيارته مجددًا، إلى أن وقف أمام مطعم ما ليترجل بصحبتها من السيارة، جلسا معا وطلب لها إفطارًا خاصًا ثم أخذ يتأملها وهي تتناوله بنهم وشهية..

ضحك قائلًا بمزاح:
- وأما أنتِ جعانة كدا بتعاندي ليه؟ دماغك ناشفة يا روما..
رمقته بنظرة غاضبة وهي تواصل تناول الطعام، فاستطرد هو بتنهيدة قوية:
- زعلانة مني ليه؟
ابتلعت الطعام الذي بفمها، ثم نظرت له مواصلة:
- أنت عارف عملت إيه..
تابع بابتسامتهُ التي تخصها وحدها:
- عملت إيه يعني؟ زعلانة مني عشان خايف عليكِ؟ مش عاوزك ملفتة للأنظار وكل من هب ودب يبص عليكِ، أبقى أنا كدا غلطان؟
صمتت مجددًا وهي تتحاشى النظر إليه، فسألها بصرامة:

- ردي؟ أنا كدا غلطان؟!





أومأت برأسها سلبًا دون كلام، فقال متصنعا الغضب:
- بس لو عاوزاني مأتكلمش معاكِ تاني براحتك عادي، ولو عاوزني مأعلقش على لبسك وشكلك عادي برضوه، بس تنسي حاجة إسمها يوسف خالص!

- لا لا، خلاص أنا هعمل اللي أنت عاوزه يا يوسف بس بليز أوعى تقولي أنساك..
قالت جملتها بصوت ناعم ودلال كعادتها، فتنهد بحرارة وحاول ضبط أعصابه الثائرة جراء دلالها وبراءتها الشديدين..، ليقول مبتسما:
- أوك يا رومتي، ممكن تكملي أكلك يلا عشان متأخرش على شغلي..
نظرت له بشقاوتها المعهودة وعبثت في خصلات شعرها قليلًا وهي تزم شفتاها بدلال، بينما رفع يوسف أحد حاجبيه قائلًا بنبرة ذات مغزى:
- عاوزة إيه؟
افتر ثغرها عن ابتسامة وردية ذات تأثير قوي عليه مع قولها:
- مش عاوزة أروح الكُلية النهاردة، إيه رأيك لو نتفسح؟
نظر لها بصدمة مستطردا:
- نعم! من أول يوم يا مريم مش عاوزة تروحي الكلية؟!
- بليز يا يوسف، عشان خاطري،..
توسلته بدلالها، فنفى هو بإصرار:

- لا لا مستحيل أنا كدا هبقى بضرك يا حبيبتي، يوم أجازتي بخرجك المكان اللي أنتِ عاوزاه إنما كدا لا وكمان أنتِ وعدتيني إنك هتاخدي السنة من أولها جد، كفاية إنك عايدة الثانوية العامة يا مريم.
أومأت برأسها ونهضت تقول:
- ماشي، أسفة إني بعطلك عن شغلك دايمًا وأسفة إني عدت الثانية العامة أسفة على كل حاجة..
أنهت جملتها وخرجت متجهة إلى السيارة، فنهض خلفها وهو يكتم ضحكاته بصعوبة، دائمًا ما يشفق عليها ويود توفير الراحة لها بشتى الطرق، حيث أنها فقدت والديها منذ الصِغر وتربت معه وشقيقته ووالديه، ولم تسلم من والدته التي تبغضها بشدها بإعتبارها إبنة من كانت تبغضها أيضًا...
- أه منك يا مريم، هقول إيه ما أنا اللي دلعتك!

قالها يوسف وهو يميل عليها ليحكم حزام الأمان عليها وعيناه تحتضن عينيها بدفئ جارف، ثم يهمس بصوت أذابها:
- ليكِ عندي خروجة حلوة جدا يوم أجازتي، بس دلوقتي عشان خاطري مش هينفع تمام؟
وفي لحظة أزال غضبها لتبتسم برضى تام وهي تومئ برأسها موافقة على كلامه، لتهمس بعفوية:
- بحبك..

اعتدل فورًا على كُرسيه وهو يلملم شتات نفسه الذي تبعثر عقب كلمتها التي أصابت قلبه في الحال، ليقول بصوت خشن:
- وأنا كمان يا مريم..
قاد سيارته وهو يتمتم:
- الصبر يارب..

 

- تهاني! لمي الدور وكفاية بقى على البنت..
هكذا تحدث السيد همام في حزم شديد، لترد عليه بحدة عارمة:
- البنت دي بتتحداني، نظراتها معايا كلها تحدي، هي عارفة إني مش عاوزاها لإبني ومع ذلك ماسكة فيه، وأنا قلت على جثتي يوسف يتجوزها، أنت ناسي إن دي بنت عدوتي!

ضرب كفا بكف متعجبا لأسلوبها ليهتف:
- لا إله إلا الله، أمها وأبوها ماتوا في حادثة وسبوهالك مخضرة، عاوزة إيه وبتتكلمي في إيه يا تهاني!
تهاني بتهكم شديد:
- أه ماتت بس سابتلي بلوة زيها وأهي طالعة لها بالظبط...
همام هاتفا بضيق:
- إتقي الله يا تهاني دي يتيمة الأب والأم ملهاش حد دا بدل ما تعطفي عليها؟
تابعت بنفس التهكم:
- ما كفاية أنت قايد صوابعك العشرة شمع ليها، ولا إبنك المهووس بيها كأن مافيش في الدنيا غيرها!
همام بصرامة:
- إبنك بيحبها ولحد الآن مش راضي يتجوزها إلا برضاكِ، فياريت تراجعي نفسك وخليكِ عارفة إن دي بنت أخويا ومش هفرط فيها مهما حصل سامعة!

وما إن أنهى حديثه برح المكان، ليتركها تنظر إلى الفراغ بحقد جلي..
لتهمس في وعيد:
- ماشي يا همام، أنا هعرف أشوف شغلي معاها!

 

وصل أمام باب جامعتها وصف سيارته، وما لبثت مريم أن ترجلت من السيارة والابتسامة تملئ شدقيها، ترجل ليهتف بنبرة متلهفة:
- روما..
التفتت له بنظرة شغوفة، فقال بحزم رفيق:
- إلبسي الجاكيت الجو برد..

أومأت في طاعة وبالفعل أخذت ترتدي معطفها الثقيل، ثم تحركت وهي تلوح له بيدها، فأوقفها مرة أخرى حين هتف:
- روما..
نظرت له مجددًا، فأرسل لها قبلة مفاجئة في الهواء، جعلها تتورد خجلًا وتبتسم بنعومة...
ابتعدت وراحت تسير بخطوات متمهلة، بينما ظل هو يتابعها بعينيه العاشقتين متنهدًا تنهيدًا ممدودًا، ركب سيارته مرة أخرى، فتفاجئ بهاتفه يصدح عاليا معلنا عن اتصال، أجاب بهدوءٍ، فآتاه صوت أنثوي يهمس:
- جوووو، وحشتني أوووي...
تااابع اسفل
 
 



08-04-2022 11:26 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [1]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية صغيرتي
رواية صغيرتي نوفيلا للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثاني

( اعتذار خاص )

احتدت ملامح وجهه عُقب سماعه لصوتها الذي يبغضه بشدة، كما احتدت نبرة صوته وهو يرد عليها في جدية تامة:
- نعم؟ يعني إيه وحشتك؟!
أجابت نِهال بميوعة:
- عادي وحشتني.. سوري لو أزعجتك..

زفر أنفاسه بقوة بينما يردف بثبات:
- خير يا نهال عاوزة حاجة؟
تكلمت مرة أخرى بدلال:
- اتصلت أسلم عليك يا جو لأنك وحشتني كتير.. أسفة مش قصدي، قصدي إني بسلم عليك..
رد برسمية:
- شكرا على سؤالك يا نهال، أنتِ اخبارك ايه؟ كويسة وبخير الحمدلله؟
ابتسمت بهدوء مجيبة عليه:
- بخير، طالما سمعت صوتك..
جز على أسنانه بضيق بينما يقول بضجر:
- ماشي...

لاحظت نبرته المستاءة فأنجزت في حديثها معه، ثم أنهتهُ وأغلقت الخط وهي تزفر غاضبة من إسلوبه الغليظ معها، راحت تقضم أظافرها بغيظ بينما تهمهم بغضب ناري، ثم أجرت اتصالا عبر هاتفها وهي تهز ساقيها بغير رضى، ما إن آتاها صوت -خالتها- تهاني حتى أردفت بضيق:
- إزيك يا خالتو..
- الحمدلله يا حبيبتي، مالك في إيه؟
أعطتها تقريرًا بما يفعله إبنها معها، إسلوبه الحاد وكلامه المحدود معها، واختتمت جملتها وهي تقول:
- نفسي أعرف بيعاملني كدا ليه، ومريم فيها إيه زيادة عني!

لوت الأخيرة فمها بتهكمٍ وقالت:
- عملي علمك يا نهال، حتة بت مفعوصة لا راحت ولا جات مشقلبة كيانه، ربنا ياخدها عشان أرتاح منها..
وأمنت نهال على دُعائها حيث قالت:
- يارب يا خالتو يارب، خالتو ينفع أجي أبات عندكم كام يوم، أنا إستأذنت من ماما ووافقت..
تهاني وقد رحبت بها بشدة:
- طبعا يا حياتي تنوري وتشرفي يا قلبي وأهو بالمرة تقربي من يوسف كدا ويمكن تلفتي نظره شوية..
افتر ثغرها بابتسامة متحمسة وهي تخبرها:
- هجهز نفسي حالا.. ثانكس خالتو..

ترجل - يوسف- من سيارته أمام مقر شركة والده -همام- ليعبر الطريق بخطواتٍ متزنة ويصل إلى الداخل ثم إلى المصعد وإلى مكتب والده، ولج بهدوء وألقى عليه سلاما خاصا بمزاحه المعتاد معه؛
- صباح القشطة يا حاج همام...
كبح همام غيظه منه وهو يرد عليه بعصبية:
- كام مرة أقولك بلاش شغل التكاتك دا يا يوسف بيه، في بيه محترم زيك كدا يقول لأبوه يا حاج همام وكمان في مقر عمله؟!

قهقه يوسف قائلًا بلا مبالاة من بين ضحكاته:
- وإيه المشكلة ياعم، خليك رويح مش كدا..!
عض شفته السفلى بينما يتمتم بغضب مصطنع:
- عم؟.. رويح؟ .. عليه العوض فيك يا إبني!
يوسف في مرح؛
- ما هو أنا مبحبش شغل ولاد الزوات دا، اللي هو ميرسي وهالوه وبليز والجو دا بيخنقني، خليك إبن بلد وفريش، كفاية الحاجة عليا مش هتبقى أنت وهي!

ضحك همام بخفوت وراح يضرب كفا بكف قائلًا:
- إبن بلد حضرتك يعني..
يوسف مؤكدًا:
- بالظبط..
تنهد همام قائلًا بحزم:
- طيب، قولي بقى يا سيدي وصلت مريم على طول ولا إتلكعت؟!
- فوريرة..

قال كلمته بسرعة وهو ينظر إلى بعض الملفات أمامه فوق سطح المكتب، بينما استطرد همام بنبرة ذات معنى:
- مريم دي بنت الغالي، أنا عارف إنك بتحبها وعشان كدا مش قلقان طول ما هي تحت عنيك، وعارف طبعا إنك محافظ عليها وحاططها جوا عنيك مش كدا ولا إيييه؟
يوسف وقد تحدث بعتاب:
- شامم ريحة تلميحات مش اللي هي، عاوزك تطمن على الأخر وتشد حيلك كدا مع الحاجة أم يوسف وتحاول تقنعها توافق، مع إن أنا ممكن أكتب عليها وأحطها قدام الأمر الواقع أصلا..

رفض همام بقوله:
- يعني تكتب من هنا وهي تمشي من هنا والبيت يخرب؟ ما هي كل شوية تهددنا بإنها هتمشي وأنا مش هقدر أستغنى عنها بصراحة برضوه يعني..
غمز يوسف له وقد ضحك مقهقها:
- قشطة.. الله يسهلووو، خليني أنا متعذب كدا عشانك أنت والحُب..
ليقول همام بضحكة خفيفة:
- إتأدب يا ولد وقوم شوف شغلك كفاية كدا هتضيع لي نفوخي يا إن تهاني...

يوسف غامزًا:
- قصدك إبن الحُب...
- مامااااا وحشتيني أووي..
أردفت " يُسر" بتلك الكلمات وهي تقبل وجنة والدتها بنعومة ورقة، بينما قالت تهاني بحزم هادئ:
- وأنتِ كمان يا يُسر، يلا حبيبتي إطلعي غيري هدومك وإجهزي عشان الغدا وكمان نهال جاية تتغدى معانا وهتقعد معانا كام يوم..

اِفتر ثغرها عن ابتسامة هادئة وهي تقول مُرحبة بذلك:
- ياه طب كويس دي وحشاني أوي، هو يوسف لسه مجاش من الشغل ولا مريم من الجامعة؟!
امتعض وجه تهاني ما إن سمعت إسمها الذي تبغضه لترد عليها متهكمة في قولها:
- لا لسه، يلا من فضلك إطلعي أوضتك بقى..

استدارت يُسر ذاهبة إلى الدرج وصعدت بهدوء حزين لمعاملة والدتها الحادة أحيانا معها، وصلت إلى غرفتها ودخلت ثم ألقت حقيبتها على فراشها الصغير، ثم راحت تقف أمام المرآة تخلع عنها حجابها الذي تُحبه بشدة والذي ارتدتهُ بعد محاولات عديدة مع والدتها فهي ترى أنها بذاك تخفي جمالها وتنكمش أيضًا على ذاتها..
لكن يُسر وجدت فيه راحتها النفسية وأصرت على ارتدائه خاصة بتشجيع شقيقها -يوسف- الدائم لها..

ما إن خلعت عن رأسها الحجاب راحت تُمشط شعرها الحريري لينجرف بنعومة فوق ظهرها، فتبتسم برضى وهي تتأمل ملامحها الهادئة المُريحة... ثم تهمس لنفسها:
- الخطوة الجاية هتبقى الخِمار، بس يارب ماما مش تقتلني!

 

مر نصف اليوم...

وقفت فاتحة ذراعيها والابتسامة تغزو شفتيها الورديتين بسعادة عارمة تحت حبات المطر التي راحت تساقطت لتوها من السحاب بغزارة، جو رائع تُحبذه هي، رائحة الشتاء تخترق أنفها وهي عاشقةً لها بشدة، قفزت وضحكاتها تعلو بصحبة صديقاتها الجُدد اللاتي تعرفت عليهن اليوم فقط، وشاركوها لحظاتها المجنونة وقد غفلن عن هذا التجمع من الشباب الذين يحدقون فيهن باستمتاعٍ ونظراتهم تتجول بحُرية عليهن..

صوت فرملة السيارة أوقفتها ويبدو أنها أخافتها ويبدو أيضًا أنها نسّت مجيء يوسف إليها وأنها تنتظره!
ترجل يوسف من سيارته وقد وهجت عيناه بحدة عارمة وهو يرى ملابسها المبللة التي أظهرت مفاتنها إثر التصاقها بجسدها، بينما صر على أسنانه حين شاهد منظر الشباب المتجمع أمامهن، غير أنه كان يستمع إلى ضحكاتها العالية، عَلمت أنه وصل إلى قمة غضبه من أفعالها الطائشة، بادرت هي وركضت نحوه بعد أن ودعت صديقاتها سريعًا، وصلت إليه وهي ترتجف لا تعلم من شدة البرد أم خوفها منه!

وبدون أن ينطق استقل السيارة فدخلت خلفه وجلست ثم راحت تنظر إليه بصمت، قاد سيارته وهو يغلق عيناه محاولًا ضبط أعصابه الهائجة جراء ما شاهدهُ منذ قليل، عضت مريم على شفتها وبالكاد خرج صوتها مرتجفًا:
- يوسف..
كان حاد للغاية في رده حين أشار لها بكفه قائلًا:
- ولا كلمة ومتنطقيش إسمي خالص..
شعرت بحجم خطئها وهو قد حذرها من قبل وألقى عليها التعليمات فهو يعلم جيدًا أنها طائشة وعفوية تفعل ما يخطر ببالها دون اهتمام بمن حولها، لابد من عقاب حتى لا تفعل مرة أخرى!

وضعت يدها على ساقه وهي تقول باستعطاف:
- يوسف بليز متزعلش مني، أرجوك يا يوسف أنا آسفة، والله ما كنت أعرف إن فيه شباب بتتفرج علينا أنت عارف إني بحب المطر...
قاطعها بعصبية مفرطة:
- شيلي إيدك من عليا..
رفعت يدها على الفور وقد انتفضت من صوته في مكانها وأصدرت شهقة خافتة، فأكمل يوسف وهو يتابع الطريق بتجهم؛
- واقفة والناس بتاكلك أكل بعنيها وبتتأسفي؟ هو فيه حد يعمل كدا إلا إذا كان مش متربي؟! بتحبي المطر تقومي تعملي كدا؟ وضحكتك العالية دي برضوه عشان بتحبي المطر ولا قلة أدب؟ اللي حصل دا مش هيعدي بالساهل يا مريم، أنتِ غلطتي واتحملي نتيجة غلطك..!

انفجرت في بكاءً ناعمًا مائلا للدلالِ، بينما تقول بصوت متحشرج:
- طيب أنا غلطت وآسفة.. آسفة.. آسفة مش هعمل كدا تاني أوعدك يا يوسف أوعدك يا حبيبي..
للحظة كاد يضحك بشدة على إسلوبها الذي يروق له ويهون عليه أعظم مشاكله، لكنه لم يفعل وبقيّ متجهما الملامح في حين قال بغضب:
- أسفك مش مقبول.. مش مقبول أبدًا، مالكيش كلام معايا من اللحظة دي، لمدة شهر على الأقل..
اتسعت عيناها بصدمة، يُخاصمها شهر! هل جن هذا؟!

شهرًا كاملًا أيها القاسِ!
حركت رأسها بعنف رافضة بشدة لما يقول، ثم أردفت بصياح ؛
- لا مش هتخاصمني يا يوسف أنت فاهم، قلت لك أنا أسفة، أنت إيه يا أخي معندكش رحمة!
للمرة الثانية كاد يضحك رغما عنه، لكنه حافظ على جموده القاسِ ليقول بصرامة:
- وطي صوتك دا واحترمي نفسك يا مريم، خلاص أنا قلت شهر عشان تحرمي تعملي كدا تاني..

انسابت عبراتها وقد هتفت:
- حرمت والله حرمت..
حرك رأسه مصرًا على عقابه:
- شهر يعني شهر!
صمتت لعدة ثوانِ وكأنها تفكر في شيء ما، وبالفعل هتفت بجنون كعادتها:
- هموت نفسي، والله هموت نفسي..
وهو تخيل أنه تهديد ساذج منها فلم يعقب وابتسم متهكما، ليتفاجئ بها تفتح باب السيارة عازمة على القفز منها!

فصرخ بها وهو يضغط بقدمه على الفرامل ماسكا بها من ذارعها لينقذها على آخر لحظة...
تلك المجنونة كانت ستفقد حياتها بالفعل، بينما أخذ يوسف يلتقط أنفاسه بصعوبة وهو يضغط على ذراعها بقوة ألمتها، فما كان منها إلا أن ألقت نفسها داخل أحضانه هامسة بصوت متقطع اثر بكاؤها:
- أنا أسفة أسفة عشان خاطري أسفة...
ضمها بنفاد صبر إليه وهو يصر على أسنانه غيظا منها، ماذا يفعل وهو يعشقها أيضًا حد الجنون؟
سيسامحها مؤكدًا...

ويُقبل جبينها هكذا... ويمسح على شعرها هكذا !
لكن لا مانع بأن يُعنفها بقسوة هكذا أيضًا:
- في حد يعمل كدا؟ إيه شغل الجنان دا؟!
نظرت إلى عينيه اللتين تأسراناها وهي تهمس بصوت مبحوح:
- أسفة...
تلك المرة ضحك ولم يعد قادرًا على كبح الضحكة أكثر من ذلك، ليقول وهو يقرص وجنتها بغيظ:
- تصدقي كرهتيني في الآسف واللي بيتأسفوا، لو قلتِ الكلمة دي تاني! ... مش عارف أعمل فيكِ إيه! يا آخرة صبري...
تنفست بارتياح.. فها قد نالت رضاه ويبدو أنه عفى عنها، أخيرًا ضحك حبيبها ونظر إلى عينيها وما أجملها ضحكة ونظرة!

- مريم بجد لو شفت المنظر اللي شفته النهاردة دا تاني والله والله ساعتها مش هكلمك تاني ومش هيبقى شهر بس دا هيبقى العمر كله!
أخبرها بجدية شديدة، فاعتدلت وهي توعده بصدق وابتسامة كبيرة رُسمت على ثغرها:
- والله ما هعمل كدا تاني أبدا، سامحتني بقى؟
أومأ برأسه إيجابا وهو يقول متنهدًا:
- مسامحك يا تاعبة قلبي ومدوباني فيكِ، ثم مازحها بقوله:
- ومبللاني بهدومك! يا مجنونة غرقتيني..

ضحكت برقة وهي تمسك يده وتحتضنها وتهمس:
- ما تيجي ننزل نجري تحت المطر..
نظر لها بتحذير:
- تاني! جري تاني
قالت بخوف؛
- لا ما أنت معايا يعني، خلاص خلاص أسفة
- مش قلت لك متقوليش أسفة تاني!؟
- معلش..
- ولا معلش!
- حقك عليا..
- بحبك...
فاجئها بكلمته الأخيرة فتوردت خجلًا وهي تبتسم بصفاء قائلة بارتباك:
- أنا جعانة..
ذُهلت ملامحه وظل محدقا بها قبل أن يهتف ضاحكا وهو يقود سيارته مرة أخرى:
- الله على رومانسيتك يا روما.. بقولك إيه محرومة من الأكل لمدة شهر!

بعد مرور الوقت..

قد وصلا معا إلى الفيلا، ما إن رأتهما يُسر حتى ركضت باشتياق إليهما فهي تعشق شقيقها بشدة كما تعشق مريم أيضًا وتعتبرة أختا لها..
فتح يوسف ذراعاه لها بابتسامة حانية فعانقها بمحبة أخوية بينما تعلقت بعنفه وهي تقول:
- وحشتني يا جو
ابتعدت عنه قليلًا فقال ؛
- وانتِ كمان يا حبيبتي، أخبار الثانوية العامة إيه يا جميل؟
أجابته سريعا؛
- كله تمام، ماتقلقش، ثم التفتت إلى مريم وصافحتها ثم قبلتها بحنانها المعهود قائلة:
- إيه دا أنتوا مشيتوا تحت المطر ولا إيه..

أومأت مريم برأسها وهي تنظر إلى يوسف بحذر مع قولها:
- لا دي حكاية طويلة عريضة هبقى أحكيلك عليها بعد ما أكُل لحسن جعانة مووووت..
ضحكت يُسر وهي تقول بهمس حذر:
- النهاردة فيه أحلى غدا، أصل نهال هنااا وماما عاملة وليمة..
انكمشت ملامح مريم فورًا وهي تقول بغيرة قاتلة:
- أنا بكره البت دي أووووي..
وما إن أنهت جملتها حتى آتاها صوت الأخيرة وهي تهتف بحدة شرسة:
- وأنا كمان بكرهكككك أووووي.

08-04-2022 11:27 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [2]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية صغيرتي
رواية صغيرتي نوفيلا للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثالث

( السؤال الصادم )

اشتعلت عيني مريم بنظرة تحدي سافرة وهي تتخصر ناظرة لها من علو، بينما لوت الأخيرة فمها بتهكمٍ وهي تقول بلا تردد:
- أنتِ قليلة الأدب..
ولم ترد عليها مريم إنما رد يوسف غاضبا بدلا منها معنفا:
- إلزمي حدودك ومالكيش دعوة بيها أنتِ فاهمة ولا لا؟

تلون وجهها حقدًا وهي ترمقه بنظرة شرسة وقد صرت على أسنانها غيظًا، بينما أتت " تهاني " من خلفها وهي تزمجر غاضبة بقولها:
- إيه يا يوسف ما تيجي تديلها قلمين كدا ميصحش! معقول بتزعقك لبنت خالتك وهي في بيتنا؟ لدرجة دي وصلت بقيت قليل الذوق جدا..

تنهد يوسف بنفاد صبر وهو يرفع وجهه للأعلى محاولا تهدئة أعصابه، في حين تابعت تهاني وهي ترمق مريم بنظرة ثاقبة:
- نهال ماغلطتش عشان تكلمها كدا، هي فعلا البتاعة دي قليلة الأدب ومش متربية ومين هيربيها يا عيني؟ ما هي ملهاش أهل تربيها!

وهنا برقت عيناه بوميض غاضبٍ وراح يهتف بصرامة قاتلة:
- أمي!.. بلاش الإسلوب دا، مش هسمح حد يهين مريم حتى لو أنتِ!
توسعت عينيها في ذهولٍ وهي تهدر به:
- يعني هتعمل إيه؟ هتقف قصادي عشان البنت المفعوصة دي؟ أنت إتجننت.

لم يرد عليها ثانية وراح يمسح على وجهه زافرًا، بينما انسحبت مريم بصمت تام راكضة إلى الداخل وقد إمتلأت عينيها بالعبرات، ركضت نحو الدرج وصعدت بخطوات عجلة غير متنزنة، أما يوسف فقد قال بجمود:
- مش كل يوم هتنكدي عليها عشيتها، هي معملتلكيش أي حاجة عشان تعملي كدا، ضيوفك اهلا وسهلا بيهم يا ماما لكن لو حد اتعرض لمريم قسما بالله ما هسكت له، أنا ساكت عشان خاطرك لكن بلاش تضطريني أعمل حاجات تزعلك مني، وبرضوه مش هقف قصادك بس هتزعلي...

سار مبتعدًا عنها، فراحت تهتف بعينين مشتعلتين غضبا:
إجري وراها.. إجري... ماشي يا يوسف!
انصرفت يُسر أيضًا في صمت صاعدة إلى غرفتها، وبقيت هي بصحبة نهال التي أردفت في حنق:
- شايفة يا أنطي بيعاملني إزاي؟
لتقول الأخيرة:
- متزعليش يا حبيبتي، إصبري بس..

 

طرق باب غرفتها وهو يقول بنبرة حانية:
- حبيبي.. إفتحي الباب..
ثوانِ وكانت تفتح له الباب ثم تتراجع للخلف وهي تجفف عبراتها بظهر يدها، ابتسم وهو يقترب منها مراوغا في قوله الهادئ:
- في حد بيعيط ويبقى قمر كدا؟! سكر سكر يعني..

لم تبتسم لغزله كعادتها إنما ازداد بكاؤها وهي تدفن وجهها بين راحتي يديها وقد تعالت شهقاتها، أخذ يهدئها بنبرة حزينة بعض الشيء:
- ليه كدا يا روما بس، هو يعني أنا سكت؟ مش أنا باخد ليكِ حقك على طول؟.. وبعدين واحدة زي نهال دي متخلكيش تبكي كدا، ولا كأنها موجودة أصلا..
رفعت وجهها إليه بينما تناظره بحزن حقيقي:
- مامتك بتكرهني أوي يا يوسف أوي، أنا خلاص مش هقدر أعيش هنا تاني أنا لازم أمشي..

تخضبت عينيه بحمرة غاضبة، بينما أمسك ذراعها ضاغطا عليه بضيق مع قوله:
- تمشي تروحي فين؟!.. أنتِ مكانك هنا معايا دا بيتك يا هبلة وبيت عمك وليكِ فيه زيك زي أي حد، إن كان على ماما تجنبيها وخلاص يا روما عشان خاطري..
تابعت من بين بكاؤها:
- أنا عايشة عشانك أنت، لو أنت مش موجود في الدنيا كنت موتّ نفسي..
ضحك بخفوت وهو يحاوط وجهها بكفيه قائلًا بهدوء:
- حرام تقولي كدا، أنتِ عايشة عشان ربنا رايدلك بكدا وأنعم عليكِ بالحياة فلازم تقولي الحمدلله مش تقولي الكلام دا يا حبيبتي.. أوك؟

أومأت برأسها وهي تقترب منه واحتضنته بدون تردد أو مؤشر لذلك، احتضنته بقوة وتمرغت به كقطة ناعمة، أغلقت عينيها وهي تنعم بدفئ حضنه مع همسها الذي قضى على ثباته وبعثر كيانهُ في الحال:
- بموت فيك يا يوسف..
ازدرد ريقه بصعوبة بالغة ولم يلف ذراعاه فيفقد سيطرته على نفسه، لذا تراجع وهو يبعدها عنه برفق قائلًا بخفوت:
- وأنا كمان يا روما، يلا يا حبيبتي أسيبك تغيري هدومك بقى وتعالي عشان نتغدى..

انزعجت من ابتعاده عنها وافساد لحظتها الدافئة معه، هي لا تعي خطورة ما تفعله وتأثيرها القاتل عليه، ترى أنه حبيبها.. حبيبها فحسب.
وأي كلمات بعد هذه الكلمة لا تهم..
زفرت أنفاسها بضيق وهي تجلس على طرف فراشها، لتقول بتذمر:
- مش هتغدى معاهم تحت، خلينا أنا وأنت نتغدى مع بعض هنا لو سمحت يا يوسف..
يوسف رافضًا بهدوء:
- لا هتنزلي معايا تحت ونتغدى، أنتِ عارفة إن بابا بيحب يشوفك دايما قاعدة معاه تحت، وأنا كمان مش عاوزك تنعزلي لواحدك، ومتخافيش ماما مش هتكلمك دلوقتي في أي حاجة.. وبعدين أنتِ خايفة وأنا موجود؟ معقولة يعني؟!

حركت رأسها سلبا وهي تبتسم قائلة؛
- لأ عمري ما خفت من حاجة وأنت معايا..
ابتعد متجها خارج الغرفة وهو يقول بغمزة من عينه:
- هغير وأجيلك سلام مؤقت يا جميل..
ضحكت برضى وهي تنهض من مكانها متجهة نحو الخزانة لتُبدل ثيابها بسعادة.. لطالما كان هو حبيبها ستكون السعادة نصيبها..

 

توجهت يُسر نحو طاولة الطعام وسحبت مقعدها الخاص الذي دائمًا تجلس عليه والذي يقع جوار مقعد والدها همام الذي قال بابتسامة عريضة:
- أهلا أهلا يا حياتي..
ابتسمت يُسر في خجل لمغازلة والدها الحنون، لتهمس بهدوء:
- شكرا يا بابا..
جلست ولم تستطع التحدث مرة ثانية حيث أتتها عاصفة أمها بقولها المتجهم:
- إيييه اللي أنتِ لابساه دا يا بنت؟! ليه كدااااا
يُسر وقد انزوى ما بين حاجبيها بضيق:
- دا إسدال الصلاة بتاعي يا ماما، في إيه؟

تأففت تهاني حينما قالت بغضب:
- وليه تلبسيه دلوقتي، أنتِ بنوتة صغيرة يا حبيبتي مينفعش تخفي نفسك كدا، شوفي نهال عاملة إيه قمر ما شاء الله..
لم تعقب يُسر على كلامها فهي تعلم أن مجادلتها معها لن تجدي بشيء، بل سترهقها نفسيا وهي بغنى عن ذلك.. فصمتت..
تكلم همام في جدية حازمة:
- جرى إيه يا تهاني، ما تسبيها تلبس اللي يريحها دا أنتِ غريبة أوي، مش كدا!

نهضت بعنف عن مقعدها وقالت بعصبية مفرطة:
- ماشي يا همام، أنا طالعة أوضتي، بجد أنتوا بقيتوا حاجة تحرق الدم..
فصاح همام قائلًا:
- والله ما حد غيرك يحرق الدم يا تهاني، إيه النكد دا ياربي!
أتى في هذا الحين يوسف بصحبة مريم، وراح يسأل والده بحذر:
- مالك يا بابا في إيه.؟
لينهض همام هو الآخر قائلًا بحدة:
- دي مبقتش عيشة، أنا طالع أتخمد..

تركهم وصعد بالفعل، فضرب يوسف كفا بكف قائلًا باستغراب:
- في إيه يا يُسر، مالهم؟!
قصت يُسر له ما حدث بإيجاز، ليجلس يوسف على مقعده قائلًا بلا مبالاة:
- أهاااااا، يا ستي كبري دماغك فين الأكل أنا هموت من الجوع وروما جعانة..
اختتم جملته بغمزة من عينه لها، فقالت يُسر ضاحكة:
- خلاص أهم بيحضروه في المطبخ..

كانت نهال تجلس بصحبتهم وعيناها تتوهجان بشراسة قاسية بينما تهز ساقها بعصبية تامة، خاصة وهي ترى ابتسامة مريم الوردية الناتجة عن دلال يوسف لها، وازدادت غضبا حين أردفت مريم متعمدة إغاظتها بقولها الناعم:
- يوسف، ممكن بعد الغدا تجبلي الشكولاتة بتاعتي، أنت نسيت تجيبها لي النهاردة، ممكن؟

أومأ يوسف موافقًا وهو يقول:
- ممكن يا روما، أنت تؤمر يا سكر..
ضحكت مريم وهي تشكره بدلالها الذي كاد يقتل نهال قتلا ويطيح بها أرضا أو ينسفها بالأحرى..
وضِعَ الطعام أخيرًا وشرعوا في تناول الطعام، بينما يوسف يطعمها تارة بيده ويطعم شقيقته تارة أخرى بمزاحه وحنانه المعتاد معهما، شعرت نهال أن لا وجود لها بين ثلاثتهم ولهذا انسحبت بهدوء...

في المساء..

تناولت مريم قطع الشوكولاتة بفمها، تتذوق مذاقها الرائع وهي تمنحه ابتسامة ناعمة قبل أن تشكره بمحبة:
- ثانكس يوسف..
فرد بمرح ضاحكا:
- لا ثانكس على واجب يا روحي
قهقهت ضاحكة بصوت ظهر به بحة خفيفة، فأردف يوسف بجدية:
- شكلك أخدتي برد يا مريم..
أومأت مريم مؤكدة وهي ترد:
- أه شكلي كدا فعلا حاسة إني مرهقة وتعبانة

يوسف وهو يضع يده فوق جبهتها ليرى درجة حرارتها:
- كله من المطر!.. شوفتي هبلك بيعمل إيه؟ لو تعبتي يا ويلك مني يا مريم يا ويلك..
مريم بتذمر طفولي:
- يعني هتعمل إيه فيا؟ وبعدين هتزعلني وأنا تعبانة؟
هز رأسه إيجابًا وقال بحزم رفيق:
- أيوة أزعلك عشان تعبانة، عشان أنا مبعرفش أركز في أي حاجة وأنتِ تعبانة يا مدوخاني السبع دوخات..

صمتت قليلًا وهي تأكل قطع الشوكولاتة بنهم، ليقول يوسف ضاحكا:
- على مهلك ماحدش بيجري وراكِ..
مطت شفتيها وهي تقول مترددة:
- يوسف
استطرد هائما:
- عيونه
قالت في خفوت حذر:
- ممكن أقولك على حاجة اتكلمنا فيها النهاردة أنا وصحباتي الجداد بس ماتزعقليش؟

انتبه يوسف لها وقال باهتمام:
- قولي، خير يا روما؟
صمتت قليلًا وتورد وجهها بحمرة خجلة، بينما راحت تفرك كفيها في بعضهما في توتر وارتباك شديدين، فتعجب يوسف لأمرها وهو يعقد حاجباه باستغراب ليسألها بهدوء:
- إيه يا روما؟ في إيه؟
تنحنحت وهي تعتدل في جلستها قائلة بنبرة خافتة ومتحشرجة:
- ي يعني كنا.. ب بنتكلم.. ف.. ه.. هما قالولي إن اللي بيحبوهم... آآ

كان يتابعها بفضول شديد منتظرًا ما ستقوله وقد خمن وعلى وشك التيقن لما ستتفوه به، هو يعرفها جيدًا!
بالفعل أكدت تخمينه، حين قالت بصوت متقطع:
- قالولي إن كل المخطوبين بي ب... ليه.. أنت.. مش مش.. مش ب.. بتبوسني!

08-04-2022 11:33 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [3]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية صغيرتي
رواية صغيرتي نوفيلا للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الرابع

( انقلب السحر على الساحر )

اعتلت الصدمة ملامحه، وسيطر الذهول عليه رغم أنه كان متوقع مثل هذا السؤال، لكنه صُدم.. وبشدة!
ظل محملقًا بها لعدة لحظات، توترت مريم أكثر وأخذت تناظره بقلبٍ واجل، وحينما اقترب منها ركضت مبتعدة وخائفة فملامحه كانت لا تبشر بالخير، ظنت أنها أخطأت خطأ فادح، من الممكن ألا يغفره لها، كيف تفوهت؟.

ليتها لم تسأله.. ليتها!
اقترب منها مجددًا، اقترب اقترابًا قاتلًا متمهلًا، اصطدمت بالحائط من خلفها، فحاوطها وقد لفحت أنفاسه بشرتها، شعرت لوهلة أنه سيقبلها، سيقبلها كما سألته وها هو على وشك فعل ذلك!
أغمضت عينيها بشدة واستسلمت!
ثوانِ تمرُ وهو قريبا منها للغاية، هي مازلت مغلقة لعينيها حتى سمعته يقول بهدوء:
- إفتحي عيونك يا مريم وبصي لي!
فتحت عينيها ببطء، راحت تنظر إليه بقلب خافق، بخجل..خوف.. توتر.. أنفاس متسارعة..

تحرر من صمته القصير وهو يسألها بهدوء صارم:
- عاوزاني أبوسك؟
أغلقت عينيها مجددًا وكادت تموت خجلًا وحرجا، في حين تابع بعصبية:
- ردي؟
فحركت رأسها نافية وهي تفتح عينيها مجددًا وتقول بخفوت:
- لا.. آآ أنا كنت بسألك و.. و بقولك اللي حصل..
قال وهو يتأمل ملامحها بعينيه:
- أنا ممكن أبوسك يا مريم، بس عارفة أنتِ هتبقي إيه؟
صمت قليلًا ثم استطرد بنبرة ذات مغزى:
- رخيصة!

رمقته بذهولٍ وهي تفتح فاها ببلاهة، بينما يردد يوسف بصرامة:
- كل المخطوبين اللي بيعملوا كدا مش محترمين ومش متربيين ومعندهمش أخلاق يا مريم، مش كل حاجة الناس بتقولها او بتعملها تبقى صح، او نقلدهم..
مريم وقد نظرت إلى الأرض باحراجٍ تام، ثم قالت بهمس خافت:
- بس أنا مش عاوزة أعمل زيهم، أنا قلت لك اللي هما قالوه، وكنت بسألك كدا عشان أعرف إن ليه مش زي اللي بيحبوهم هما، أنا أسفة..

أومأ يوسف بتفهم، ثم أخبرها في جدية:
- بصي يا روما، أنتِ طيبة جدا وفيه حاجات كتير مش فاهماها، أنا عشان بحبك محافظ عليكِ صحيح أنا مش ملتزم أوي بس بحاول أعمل اللي أقدر عليه، الحب مش زي ما صحباتك قالتلك كدا، دا عيب وحرام، أنتِ غالية واللي بتعمل كدا زي ما قلت لك رخيصة، وهي اللي بترخص نفسها بإيديها، وأي واحد في الدنيا مش بتعجبه البنت اللي زيهم هو بس بيقضي معاها وقت حلو وياخد منها اللي هو عاوزه ويسيبها ويشوف غيرها ما هي رخصت نفسها أصلا هيبقى عليها ليه؟ واحدة مش خايفة على نفسها هيخاف هو عليها؟! أكيد لا صح ولا إيه؟

أومأت برأسها موافقة على ما قال، ثم استطردت بابتسامتها المُحببة له:
- يعني أنا غالية يا يوسف؟
أومأ برأسه ضاحكًا بشدة قائلًا من بين ضحكاته:
- غالية جدا والله، بس عاوزك تركزي شوية وتتصرفي بعقل وحكمة وتنقي البنات النضيفة المؤدبة وتصاحبيها إنما اللي بيتكلموا في الحاجات دي سيبك منهم خالص..

هزت رأسها بإيجاب وقالت متسائلة في هدوء حزين:
- طيب أنا مش متربية؟
رفع حاجبيه بدهشة مرددًا بحزم رفيق؛
- مين قال كدا؟!
تابعت مجيبة عليه بضيق؛

- مامتك هي اللي دايمًا تقول عني كدا، وأنا عارفة إن كلامها صح، عشان أنا من غير أهل على رأيها، يوسف أنا كان نفسي أبقى مؤدبة والله مش بإيدي إني متربتش!
انفجر ضاحكا بقوة وهو يُحرك رأسه بعدم تصديق لما تقول صغيرته العفوية، بينما زفرت هي بغيظ وهي تدفعه برفق وتقول متذمرة:
- شوفت، بتضحك عشان دي الحقيقة..
هدأت ضحكاته ولم يتخلى عن ابتسامته وهو يُخبرها بنبرة حانية:
- أنتِ مؤدبة ومتربية يا روما، أومال أنا بعمل إيه وبابا؟

حركت رأسها نافية وتابعت:
- أنت بتنصحني كتير أعمل الصح بس أنا مش بسمع كلامك ودا دليل على إني مش مؤدبة، غير يُسر اللي على طول بتسمع كلامك وكلام عمو
جلس إلى جوارها وهو يقول متنهدًا بابتسامة هادئة:
- روما أنتِ بريئة جدا هو فيه كدا يا ناس؟.. وبعدين أنتِ بتغلبيني أه شوية بس بعد كدا بتسمعي الكلام ومش معنى إنك لمضة تبقي مش مؤدبة يا هبلة..

انزوى ما بين حاجبيها وهي تهتف بضيق:
- أنا هبلة؟
- جدا
- مخصماك يايوسف

شاكسها قليلًا إلى أن ضحكا معا وتعالت ضحكاتهما، فتفاجئا بالباب يُفتح مرة واحدة وتدخل والدته بصحبة والده!
ومعهما " نهال" أيضًا!
يبدو أن حدث خطب ما! ..
راحت والدته تهتف بحدة شرسة وهي تلوح بيدها:
- شايف يا همام! شايف المسخرة! لولا إن نهال جات ونبهتني للي بيحصل كان زمانا نايمين على ودانا وإبنك غرقان هنا مع اللي ما تتسمى دي!

هب يوسف واقفًا مزمجرًا في غضب ناري:
- إيه في إيه! جات قالتلك إيه إن شاء الله يا ماما!؟
اندفعت في قولها لتُخبره بعصبية:
- أنا نهبت عليك ميت مرة متدخلش أوضتك ولا تقفل عليكم وأخرتها تحصل المسخرة دي! لاااا وألف لا..!

كاد يوسف يتكلم، فصمت حين أشار له والده بكف يده هاتفا بحزم:
- قولي اللي سمعتيه يا نهال..
قالت نهال بلا تردد وعلى وجهها ابتسامة منتصرة:
- سمعتها بتقول له بوسني يا أنكل، وكلام تاني أتكسف أقوله وأخلاقي متسمحليش..
يوسف وقد صاح بها:
- دا على أساس إن عندك أخلاق يا...
- يووووسف
قاطعه والده بصراخ حاد، فتوقف يوسف عن كلامه، ليقول بعدها جازا على أسنانه:
- يا بابا أنت هتصدق الفيلم اللي عاملينه دا؟

همام بصرامة شديدة:
- أنت غلطت يا يوسف وأنا حذرتك كتير ودلوقتي هتعمل اللي بقول عليه وبالحرف الواحد فاهم؟
يوسف وقد تأفف بضجر شديد، بينما راح ينظر إلى مريم التي تتابع بصمت وتقف إلى جواره، هدئها بنظراته.. ألا تخاف!
تابع والده بصوت أجش صارم:
- الغلط دا يتصلح، معنديش حل غير إنك هتكتب على مريم تمام؟
رمش يوسف بعدم تصديق وناظره بصدمة، بينما شهقت تهاني وهي تصيح بانفعال:
- إيه التخريف دا يا همااام؟!

همام بهدوء أثار استفزازها:
- اللي غلط يصلح غلطه يا تهاني، أنتِ مش جيتي تصحيني من النوم أنتِ وبنت أختك عشان أشوف المسخرة بتاعة إبني، أنا بقول بدل ما أطرد بنت أخويا في الشارع زي ما أنتِ عاوزة، الأحسن نخلي المسخرة تبقى رسمي ونفرح وكلنا يا تهاني واللي زعلان بقى يبقى يوريني عرض كتافه عشان أنا زهقت!
ابتسم يوسف حينها بارتياح شديد وتنفس الصعداء.. أين كنت يا همام؟!
أخيرًا سينول المراد...

حركت تهاني رأسها بعدم تصديق وهي تصرخ بغير رضى:
- لا يا همام مش هتمشي كلامك عليا، دا مش هيحصل أنت فاهم؟!
صرخ بها بحدة مماثلة:
- مش فاهم يا تهاني، اللي أنا عاوزه بس هو اللي هيتم وأنتِ اللي لازم تفهمي كداااا
برح الغرفة ما إن أنهى حديثه القاتل لتهاني التي راحت تضغط أسنانها بغضب شديد، وراحت تخرج من الغرفة تتبعها نهال التي كادت تصيب بسكتة قلبية، حيث أن السحر انقلب على الساحر!

وباتت خطتها في فشلٍ ذريع! ...
وكاد يوسف أن يطير من شدة سعادته، رمق حبيبته بنظرات شغوفة قوية وهو يقول برومانسية:
- مبروك مقدما يا رومتي أنا..
بينما مريم لا تعلم أتفرح أم تحزن؟..
ستتزوج ممن تُحب وتخشى..!
تخشى أن يُفتح عليها بابا لا يُسد.. هل ستتركها تهاني وشأنها لتنعم بالسعادة مع حبيبها؟!
لا تظن.. لا تظن أبدًا..

لاحظ يوسف تغيرها فقال بهدوء وقد فهم ما يدور بخاطرها:
- مريييم متفكريش في أي حاجة ومتخافيش يا حبيبتي طول ما أنا موجود..
ابتسمت وأومأت برأسها قائلة:
- مش خايفة يا يوسف، أنا كنت مستنية اللحظة دي من زمان أصلا يا حبيبي
يوسف مراوغا:
- مش أكتر مني على فكرة يعني! يا سلام لو بابا يخليها دخلة على طول تبقى حاجة زي الفل بصراحة..

أخذت تسير تهاني ذهابا وإيابا في غضب شديد، تدور حول نفسها وهي تعض على شفتها بحنق، بينما تهمهم غير راضية على ما فعله زوجها!
- أه يا ناري أه.. ماشي يا همام ماشي
بينما تهتف الأخيرة بحقد:
- اتصرفي يا أنطي، دول هيتجوزا معقولة هتسمحي بكدا؟!
تهاني وقد رفضت بعنف:
- لا لا مش هسمح أبدا، أنا ماليش قعاد في البيت دا أبدًا بعد اللي حصل..
تابعت نهال بنظرة شيطانية:
- طب ما أنتِ لو مشيتي برضوه هيتجوزا فأنتِ مش لازم تمشي أبدًا يا أنطي، لازم نفكر في حل يفرقهم عن بعض..
فكرت تهاني في كلماتها السامة ووجدت أنها محقة في قولها ربما تذهب ويتزوجا بالفعل، فعليها ألا تذهب وتبقى لتُفسد علاقتهما أولًا، عليها أن تتخلص من تلك الصغيرة وتسترد إبنها ثم تزوجهُ بمن تستحقه كنهال مثلًا!

 

في الصباح..

أفاق يوسف من نومه بحيوية شديدة، نهض بخفة عن فراشه ثم توجه إلى الحمام واغتسل، أخذ يرتدي ملابسه وهو يحدث نفسه بابتسامة:
- مريم معقولة نايمة لحد دلوقتي! مجتش ترخم عليا يعني!
انتهى من ارتداء ثيابه سريعًا وخرج من غرفته متجها إلى غرفتها وطرق الباب..
مرة وإثنان وثلاثة ولم تفتح بعد!

شعر بالقلق ففتح الباب برفق وأطل بوجهه ليجدها مازالت نائمة بفراشها، عقد حاجبيه ودخل يهتف بمشاكسة:
- رومااااا، معقول نايمة لحد دلوقتي، قومي يا كسلانة!
لم يأتيه رد أيضًا، فاقترب أكثر ونزع الغطاء عن وجهها برفق ليجدها تئن بصوت خافت، بينما وجهها مُتعرق وأنفاسها غير منتظمة، انقلع قلبه بقلق بالغ وهو يضع يده فوق جبينها ففُزع من درجة حرارتها المرتفعة.. ليقول بخوف حقيقي:
- مريم.. مريم، حبيبتي أنتِ سمعاني؟
- يوسف أنا تعبانة أوي..

قالتها وهي بالكاد تنظر له وتحرك رأسها يمنة ويسرة بثقل، فقال سريعا وهو يتجه نحو الباب:
- ثواني يا حبيبتي وراجعلك متخافيش هتبقي كويسة
ركض سريعا هابطا الدرج ثم إلى المطبخ وأحضر صحن به ماء مُثلج وقطع قطن لعمل كمادات علها تخفض من درجة حرارتها تحت أنظار العاملين بالمطبخ الذاهلة..
عاد إليها من جديد في سرعة وراح يجلس جوارها ثم بدأ فعليًا بفعل الكمادات وقلبه يخفق خوفا على صغيرته المدللة..

بينما يحدثها بهمس حنون:
- روما، أنتِ حاسة بإيه يا حبيبتي، كلميني متسكتيش كدا..
تنهدت بثقل وهي تتكلم بصوت خافت جدا:
- تعبانة أوي يا يوسف..
فأخبرها بحنان:
- هتبقي كويسة يا قلب يوسف...



المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
رواية صغيرتي الحمقاء زهرة الصبار
39 6994 زهرة الصبار
رواية انتقام ثم عشق زهرة الصبار
38 4052 زهرة الصبار
رواية حبيب الروح زهرة الصبار
39 3100 زهرة الصبار
رواية لا ترحلي زهرة الصبار
36 2971 عبد القادر خليل
رواية أحببت فاطمة زهرة الصبار
74 3416 زهرة الصبار

الكلمات الدلالية
رواية ، صغيرتي ،


 





# فنون # مشاهير # صحة # منوعات # الأطفال # English # تفسير الأحلام ثقافة # قصص # سيارات Cars # صور # تقنيات # الاجهزة الالكترونية # المطبخ # كلام فى الحب # أبراج # رياضة # ازياء # حكم وأقوال تطوير الذات# خلفيات # صور بنات # مشاهير # ديكور # صباح الخير # مكتوب برقيات شهر رمضان # جمعة مباركة # حب رومانسية # عيد # ادعية # خلفيات كرتون # منوعات # موضة # الأم # أطفال # حيوانات # صور ورد # اكلات # New Year # مساء الخير # اللهم صلي علي النبي # القران الكريم # صور نكت # عيد ميلاد # اعلام # سيارات # تهنئة الخطوبة # حروف واسماء # الغاز # صور حزينة # فساتين # هدايا # خلفيات النادي الاهلي # تسريحات شعر # الاصدقاء # بوستات نجحت # خلفيات نادي الزمالك # حب رومانسية # تهنئه # ازياء # صور بنات # صوره وكلمه خلفيات # كرتون # بروفايل رمزيات # دينية # سيارات # مضحكة # أعلام # مسابقات # حيوانات # ديكور # أطفال # أكلات # حزينة صور شباب أولاد ر# صور # الطب و الصحة # مقالات عامه # CV المشاهير # وصفات الطبخ # العناية بالبشرة غرائب وعجائب # قصص روايات مواعظ # صور حيوانات # وصفات الحلويات # الرجيم والرشاقة # نكت مضحكة # صور خلفيات # العناية بالشعر # شروحات و تقنيات # videos # Apps & Games Free # موضة أناقة أزياء # سيارات # ديكور # رعاية الأطفال # نصائح المطبخ # موبايل جوال # الفوركس # التعليم والمدارس # الحمل و الولادة # اخبار الرياضه # وظائف # صحة المرأة # حوادث # صور بنات # صور اطفال # مكياج و تجميل # عناوين بنوك شركات محلات مطاعم # العاب الغاز # عيد # كلمات الاغانى # اشغال فنيه واعمال يدويه # مصر # أشعار خواطر # للنساء فقط # للرجال فقط # صور شباب # علاج النحافه # رسائل SMS # أكلات نباتية - Vegetarian food # برامج الكمبيوتر # المراهقة # جمعة مباركة # blogger # رعب # لعنة العشق # حب # اسلامية # قاسي ولكن أحبني # أحفاد أشرار الحرب لأجلك سلام # أسمى معاني الغرام # حقيقية # لقد كنت لعبة في يده # ملهمة # أباطرة العشق # عربية # حب خاطئ # لست مميزاً # من الجاني # مشاهير # راقصة الحانة # اغتصاب طفلة # عاشقان يجمعهم القدر # الطريق الصعب # خيال علمي # أشواك الحب # تاريخ # سجينة ثوب الرجال # لروحك عطر لا ينسى # أطفال # عشق وانتقام # لازلت أتنفسك # لقاؤنا صدفة # للحب معان أخرى # خاتم سليمان # ممن أنتقم # نجاح # أبواب وهمية # حلمى فى صفيحة قمامة # فيلم # مجنون بحبك # بين شباكها # حزينه # رحلات جوليفر # عذاب قسوته # عندما ينادي الشيطان # لعنة حبك # مريم وامير # هدوء في قلب العاصفة # الحاسة السادسة # المشعوذة الصغيرة # عباقرة # لوعة العشق # حروب # قدر بالإجبار # بنات مضحكه# فوركس Forex# صحتك # الصور والخلفيات # الطبخ والحلويات # منوعات # اخبار الفن # القصص و الروايات الألعاب الرياضية # الحياة الزوجية # أزياء وملابس # الأم و الطفل # دراسات لغات # افكار منزلية # انترنت تكنولوجيا # صفات الابراج # حيوانات ونباتات # تفسير الاحلام # معانى الاسماء # خواطر و اشعار # الكون والفضاء اجمل نكته# Mix # Forex # youtube # foods # Kids # Health education # stories # News # kitchen # woman # Famous # Sport # Animals

-------

الساعة الآن 04:57 صباحا