رواية جحيم الليث للكاتبة سامية صابر الفصل الحادي عشر
دلفوا الرجالة ب سلطان الذي يجلس على الكرسي قدميه مشلولة لا يستطيع أن يتحرك بها بسبب الصدمة التي تعرض لها بسبب موضوع ابنته فجر. استقبلته زوجته بفرحة وقلق في نفس الوقت على حاله، لكنها رأت اوجه الجميع لا تُبشر بالخير. فقالت لولدها =حصل ايه يا بنى.. =أبويا اتصل ب ليث علشان يقابله ويحلوا موضوع فجر. انا قولتله يسيب الحقير دة مش محتاجين منه حاجة بعد اللى عمله.. قال سلطان بغضب.
=كفاية الفضيحة اللي حصلت في البلد. والعار اللى مسكنا مين هيرضي بيها بعد اللى حصل.؟ ابن عمك عايز يقتلها ومش هيرضي بيها. مفيش غير ليث نحل معاه الموضوع يتجوزها وبعدين يبقي يطلقها.. =اقتلها يا حاج خلينا نخلص من عارها.. =ياريت اقدر اعمل كدة، بس كفاية الفضيحة والعجز اللى بقيت فيهم.. =اومال يعني عايزنا نتذلل للى اسمه ليث دة، ولا ايه =خلاص اقفلوا الموضوع دة. انا هطلع ارتاح عقبال ما يوصل للبلد..
دلفت ريم الى الغرفة التي يمكث بها عمر قائلة =جاهز؟ التفت لها وهو يبتسم قائلا =انا جاهز من بدرى. بس كُنت مستنيكي. فين امى؟ =انت عارف الخروج كتير صعب عليها ف جيت انا وهنروحلها دلوقتى.. =سيبتيها لوحدها؟ =معاها الحرس ماتقلقش. =ريم.. =نعم. =انا عايز اشكرك على كُل حاجة عملتيها معانا. من ساعة الموضوع دة مسيبتناش انتِ راجل بجد. =نعم! =لا مش قصدي. اقصد انك جدعة.
=يعنى يوم ما تقولى كلمة حلوة تبقي انتِ راجل. امشي قدامي يا عمر. =خلاص معلش اسف. ضحكت بخفة وهو يستند عليها يمشيان معاً يتحدثون في كافة المواضيع، وهو في غاية الراحة معها، في تلك الفترة قربت من قلبه بشدة، واعترف امام نفسه انه يحبها بالفعل، ولكن ليست عنده الجرأة ليقول لها ذالك.. تقابلوا مع الطبيب المُعاين وقام بالقاء التحية عليها قائلا بنبرة مبتسمة.
=هتوحشينا اوي والله يا آنسة ريم. ابقي عدي علينا الكُل هنا اتعود عليكي. وخصوصاً انا. ابتسمت ريم بخجل قائلة =ربنا يخليك. نظر لهم عمر بنار تشتعل في قلبه وقال ببرود وهو يمسك يد ريم بقوة =تسلم يا دكتور. بس خطيبتي مش فاضية للاسف تعدي هنا تاني وربنا ميجبنا المستشفي دي تانى. عن اذنك. جذبها ليرحلوا معاً تحت نظرات الاخر الغاضب فقد ظنها عزباء ولذالك كان مٌعجب بيها، بينما ظلت ريم في حالة ذهول حتى توقفت فجأة تقول.
=انت قولتله ايه.. =قولتله انك خطيبتي ايه. زعلانة علشان قطعت عليكي اعجابه.. =عمر حاسب علي كلامك دة. انا مايهمنيش اصلا ومفهمتش انه معجب او الكلام دة.. =علشان انتِ ياريم طيبة ومش هتفهمي النوعية دي انما انا فاهمهم كويس.. تابع وهو ينظر لها بحنو =انا اسف علي كلامي. مقصدتش اهينك طبعاً انا بثق ف اخلاقك بس انا مُندفع شوية ودي مشكلتى. نظرت له بضيق شديد ف امسك ذقنها قائلا =بعدين انا مكذبتش لما قولتله كدة..
تركها وخطي للامام تركها ترمُش عدة مرات حتى قالت بتنهيدة =احيه، هو يقصد ايه بالكلام دة، لا لا اكيد ميقصدش حاجة اوعي ياريم توقعي. لا انا وقعت فعلا منى لله.. خطت امامه بسرعة ودلفت معه الى السيارة وانطلقوا بهم، ذهبوا الى شقة عمر وصعدوا معاً حتى فتحت المنزل لينطلق هو الى حضن والدته يعانقها بحب وهي تربط على كتفه بحب وحنان قائلة =نورت البيت يا نور عيوني.. =دة نورك يا ست الكل. =اه لو اميرة هنا.. قالت ريم بعبوس.
=جرى ايه يا طنط هو انا مش زي اميرة ولا ايه.. =لا طبعا دة انتِ نور عيوني يا ريم. =طيب يا ستى كٌلي بعقلى حلاوة. انا داخلة هعملكم احلي غداء علشان ناكل سوا.. قال عمر بمرح =اتصل ب الاسعاف والمطافي مؤقتا =شوفتي يا طنط ابنك بيتريق ع اكلي.. =بس يا واد يا عمر احترم نفسك. روحي انتِ يا حبيبتي مالكيش دعوة بيه..
بالفعل دلفت ريم الى الداخل وهي تطلع لسانها تغيظه بشدة، ف ضحك عمر وظل يتأمل رحيلها بعيون عاشقة قالت والدته بخبث =طيبة اوي ريم دي.. =وجميلة اوي. =شوف الواد بيعاكسها قدامي ازاي من غير كسوف =الله ما انتِ عارفة البير وغطاه يا بطة. مش هنكذب على بعض بقا.. =وناوي تتقدم ليها امتي؟ =انا لازم اقولها اني بحبها الاول. وبعدين هنروح نطلب ايديها لو اتأكدت من مشاعرها. =البت باين عليها عندها مشاعر ليك وبتحبك اسألنى انا.
عانقها وهو يضحك =قولي يارب يطلع كلامك صح. فى الساعة 8 مساءً في البلد.. هبط ليث من السيارة ووقف امام منزل سلطان، نظر الى الجنينة بأعيُن فارغة، تذكر ما حدث في المرة الماضية، عندما قسي عليها بشدة عندما تركها بمفردها، كور قبضة يديهِ قائلا في نفسه =ما ضعفتش وقتها. ومش هتضعف دلوقتى. انسي فجر خالص وركز انت جاى ليه..
دلف الى الداخل استقبله شقيق فجر وشيخ البلد ودلفوا الى الداخل ليرى سلطان جالس في الصالون جلس على احد المقاعد ووضع قدم فوق الأخرى قائلا ببرود =خير جايبني من بلدي ل هنا ليه.. قال شيخ البلد بنبرة هادئة.
=اسمع يا ولدي، معروف عنك انك ابن اجدع راجل في البلد، واللى انت عملته قدام الناس لا يجوز. وانت عارف دة انت غلطت في شرف بنت وفضحتها، ده ربنا امرنا بالستر وانت فضحتها، لو امك كانت عايشة وقتها كانت هتبقي زعلانة زعل الدنيا منك على اللى عملته في فجر لو ليك اخت هتقدر تتحمل يحصل ليها كدة.. =ما انا امى مش عايشة بسببهم، انا اتعذبت بسببهم.. قالها بغضب ووجهة محتقن، ف رد عليه الشيخ بحيرة.
=بسبب ايه يا بني، ربنا قدر انه ياخدها عنده ودة قدر ربنا ما نقدرش نتكلم فيه، انت لازم تصلح غلطك اللى عملته وتتجوز فجر لو على الاقل شهرين نسكت اهل البلد بيهم ونستر على المسكينة وبعدها انفصلوا بالمعروف. قولت ايه يا بنى؟
نظر ليث الى الشيخ بهدوء رهيب، كلامه يدور في عقله، اتلك تربية امه؟ ان يطعن فتاة في شرفها من اجل تحقيق انتقامة؟ لا يفعل ذالك الرجل. هو اهان فجر وظلمها واذاها وهي ليس لها ذنب، هي داخل حوار كبير مثله وليس لها ذنب في شيء، وهو الان ذل سلطان بشدة وفوق ذالك اصابته بالشلل النصفي كافٍ.. قال بنبرة باردة =موافق أتجوزها. =دلوقتي هنجيب المأذون وتتجوزها. ولو عايز تسيبها هنا سيبها. =لأ. هاخدها معايا هناك..
=وابوك زمانه جاى كلمته وهييجي. =أبويا! بالفعل ما ان اكمل حديثه دلف والد ليث الذي وقف امامه قائلا =تعالي معايا يا ليث. بعد اذنكم شوية يا جماعة.. خرج ليث مع والده للخارج، ثم التفت له والده ورفع يديه لتهوى على وجهة قائلا بغضب =اختفيت من اليوم اللى كلمتك فيه، وعملت كدة في بنية مالهاش ذنب. طعنت شرف بنية مش حرام عليك. وهي مراتك بحق وحقيقي تعمل فيها كدة، انا حاسس بالعار انك ابنى..
=انا معملتش حاجة. مغلطش في حاجة هما اللى يستاهلوا اللى حصل واكثر، انا كدة كسرت سلطان وذليته وخدت حق امى.. =انت اتجنيت. انت كدة مخدتش حق امك ولا حاجة انت قهرتها اكثر انا كان قصدي تطلقها وتبعد عن النسب دة، مش تطعنها في شرفها دي مهما كانت بنية غلبانه مالهاش ذنب وانت مخدتش حقك ولا انتقام ولا حاجة انت اذيت نفسك ووقعت نفسك في حجر مش هتطلع منه، واولهم اذيت مراتك اوى.. رمقه ليث بعيون دامعة.
= هما السبب في موت امى، هما اللى خلوني يتيم طول الفترة اللي فاتت انا عيشت اسوء ايام حياتي من غيرها. الكل اذاني وقهرني، انا نمت في الشوارع لايام بشحت كدة. اشوف دول مع اهلهم وانا لوحدى. أبوها السبب في يُتمي، ولازم تشيل زي ما انا شيلت، وانا كان ذنبي ايه اتحرم منها في الحوار دة كله. محدش له ذنب ف حاجة احنا بنشيل غلطات غيرنا..
=انت اتأذيت زيها مكنش ليك انك تأذيها. فيه الف طريقة تاخد بيها حقك يا ولدي لكنك فكرت من غير عقل واذيت زوجتك، واذيت نفسك اكثر.. نظر له ليث بغضب وترك والده يقف في المنتصف ودلف الى الداخل ببرود تام وهو يمسح دموعه التي هبطت، عقله مشوش ولا يعلم ما عليه ان يفعل الان معها ايندم حقاً ام يظل على موقفه عدم الخطأ؟ ليث اقترف خطأ كبير وظلم فجر بسبب الالامه المكنونة في القلب..
جلس ليث مرة أخرى على المقعد وهو شارد الذهن، لتخرج هي فجأة من احد الزوايا وامها تسندها بحقد حتى يكتبوا الكتاب، بينما فجر في عالم اخر مع نفسها، لا تستطيع ان تتحرك، مظهرها العام مُثير الشفقة، رفع نظره إلى التي تأتي امامه نظر لها بصدمة، لم تكن فجر التي يعرفها تغيرت كثيرا واصبحت نحيفة مُنطفِئة..
شعر بسكين حاد تنهش في قلبه دون رحمة اطلاقا، نهض يقف على قدمه يقفان امام بعض لم يتحدث الاخر العيون تحدثت، حقاً لم يري نظرة كره بتلك الطريقة عيونها مليئة بالكره، التي كانت مليئة بالحب والمرح.. احتلتها الكره والحقد والغضب. والانتقام، رمشت عدة مرات بعينيها ثُم وقعت مرة واحدة على الارض فاقدة وعيها ركض ليث نحوها فجأة =فجرررر..
رواية جحيم الليث للكاتبة سامية صابر الفصل الثاني عشر
وقفت ورد على السلالم تُعلقِ البالون في كُل مكان قائلة بألم =الله يخربيت الشعلقة دي.. قال احمد الذي يجلس بالأسفل وينفخ البالون =علشان قصيرة.. =سيبنالك الطول يخويا =طبعاً يابنتي انا طويل جدا ايش عرفك انتِ، المهم اوعي توقعي لاني مش هعرف القطك زي الافلام والله، لكن خسي شوية وبطلى اكل محشي وانا هقوم القطك.. =يا ده انت روش جدا، متخافش انا مش بقع، ااااه.
وقعت من اعلى السلالم على الارض بقسوة لتصرخ بتأوه على ظهرها الذي ألمها فقال لها وهو يضحك =واضح والله من غير ما تحلفي.. قالت وهي تمط شفتيها بألم =اظاهر اني اتحسدت، انت عينك وحشة.. =لا عيني بُني حتى شوفي.. =نينينيي. خفيف اوي، اااه. مش بس عارفة مش بيحصل زي الافلام ليه وحد ييجي يلحقني وقعت على الارض على طول هوب =اللى بتتكلمى عنهم دول حاجة وانتِ حاجة. =ليه حد قالك اني كائن فضائي..
=ياريتك كدة. اسوء والله. الله يخربيتك يا عم عمر انا مالى ومال الحب هو لسه هيعترف بحبه والكلام ده ما يلخص في الدور على طول خلينا نخلص.. =دي اسمها رومانسية يا عديم المفهومية. =شوف مين بيتكلم. ابلة فاهيتا! =شش. احنا كدة خلصنا صح.. =اه خلاص ناقص نختار المزيكا ويبقي كُل حاجة خلصت. =لا انا مفهمش غير في المهرجانات.. =احنا نشغلهم حبيبتي شايلة ضميرها =نعم يا خويا؟ بيقولك رومانسية.
=ماهو فيها حبيبتي اهو. وبعدين احتياطي لو رفضته يعنى. يبقي ميزعلش ويشوف غيرها البنات كتير. =منك لله يا احمد. اما انت احمد بصحيح.. =لا انا من الاحمد الطيب. =اخلص يا طيب خلينا نمشي عايزة ارتااااح.. بالفعل انتهي احمد من وضع الأغنية وخرج معها بعدما اقفلوا المكان فقال لها =تحبي اوصلك.؟ =ايه اللى احب دي. هتوصلني اكيد مش كفاية المرمطة اللى اتمرمطها معاك النهاردة في الشركة والتزيين.. =ياستير يارب امشي يا ستى..
=دلفوا الى داخل السيارة وقادها هو قائلا =علشان انا ابو الرجولة. ممكن اعزمك على اكل على فكرا. عايزة تاكلي ايه؟ =وديني ماك.. =طفسه واستغلالية.. =دي حقيقة. لما توصل قولي هريح شوية لاني مرهقة..
بالفعل استندت على الشباك وتداعب الهواء وجهها، نظر لها بإبتسامة يومه اصبح ورد فقط، لا يعلم ماذا حدث تلك الفترة، لكنه لم يذهب للمقهي، لم يتحدث الى الفتيات التي كان يعلمهم واصبح يتجاهلهم، يومه مع ورد فقط، خائف من استحواذها عليه فهو يتسلي كل مرة ولا يحب الوقوع في الحب لانه يعلم انه عذاب ولا يريد ان يتعذب، لكنها أصبحت جزء في حياته لن يتزحزح..
انتهت ريم من لملمه اشياء الغداء ثم خرجت من المطبخ اطمأنت على والدة عمر التي اخذت دوائها وخلدت الى النوم، أقفلت عليها الباب وقالت لعمر بهمس =طنط نامت وهي خدت الدواء بكرا ان شاء الله هبقي اجي برضوا اطمن عليها ماشي. دلوقتى همشي.. =ريم. انا عايز اشكرك علي اللى بتعمليه كله معايا.. =دي زي والدتي مفيش شكر في الموضوع دة.. =ينفع تفضيلي نفسك بليل لازم اخدك ونروح مكان.. =هنروح فين.. =مفاجأة.. =امممم ماشي..
=البسي حاجة حلوة زيك. =اشمعنا يعنى..! =هتعرفى بعدين. السواق تحت هيوصلك ويجيبك برضوا للمكان اللى بقولك عليه.. =انت مش هتيجي! =لا هستناكي هناك.. =ماشي يا عم عمر مع انى مش مطمنة بس ماشى. =عيب عليكي. ضحكت في وجهة بخفة ف لم يكُن عليه سوى الشرود في ضحكتها، من احب حب كُل شيء فيك واعتبره شيء مميز بينما شعرت هي بالخجل من نظراته وابتعدي عنه وخرجت من الشقة وقلبها ينبض بقوة شديدة قالت بتوتر.
=انت بتدق كدة الله يخليك فوق لنفسك.. اغمضت عينيها بقوة ثم دلفت الى السيارة التي بها السائق ورحل بها في حين كان عمر يراقبها من الاعلى بإبتسامة حب.. وقف ليث في الخارج ذهاباً واياباً بخوف وقلق على فجر التي في الداخل وينظر بلهفة للغرفة لعل الطبيب يخرج ويطمأن قلبه القلق بشأنها، بالفعل ما هي الا دقائق وخرج الطبيب قائلا بهدوء.
=هبوط حاد في الدورة الدموية. وغير كدة انيميا شديدة وضُعف بقالها فترة مش بتتغذي كويس غير اني واضح نفسيتها مدمرة. غير العنف الجسدي اللى واضح على جسمها.. =ع. عنف جسدي! =اتعرضت للضرب لفترة طويلة.. التفت ليث الى اخيها الذي يقف ينظر للطبيب بألم امسك ياقته بغضب قائلا =مين ضرب مراتي. مين فيكوا اتجرأ ولمسها انطق..
=اولا هي مش مراتك. خايف عليها ليه وانت اللى وصلتها للحالة دي. مش دي اللى وثقت فيك وصدقتك وامنتك على نفسها وانت سيبتها بكل جحود ومشيت ولا ايه يا ليث باشا، انت السبب في العنف النفسي والجسدي اللى هي فيه..
تركه ليث بضعف والتفت الناحية الأخرى، حقاً هو السبب في من هي فيه الان هي تعاني الان بسببه، ترك الجميع ودلف ببطيء الى غرفتها ليراها ممددة على الفراش مستغرقة في النوم وعلى وجهها علامات الارهاق والالم الشديدة.. جلس بجانبها يلمس اصابع يديها الضعيفة المجروحة قائلا وقلبه يتقطع لمظهرها =فجر، متخافيش انا ليث انا هنا.. يبدو ان ليث مريض نفسي، مريض بالشيزوفرينا حقاً، قليلاً قاسى وغاضب. وقليلاً عاشق ونادم.
انتفضت فجر في نومها وابعدت يديها بخوف لتفتح عينيها ترى ليث امامها صرخت بحدة وهي تتراجع للخلف تبعده عنها =ابعد ابعد امشي من هنا، امشيي بقولك اوعي تلمسني اوعي، حد هنا حد هنا حد ينقذنيييي.
حاول ليث تهدئتها والسيطرة عليها لكنها ظلت تضربه بكل قوتها وهي تصرخ في حالة انهيار عصبي ونفسى شديد دلف اخيها وهو يبعد ليث عنها ويحاول السيطرة عليها ولكنها لم ترحم احد وظلت تكسر كُل شيء امامها بقسوة حتى سيطر عليها الاطباء وأعطوها حقنة مهدئه وطلبوا من ليث الخروج ومن اخيها..
شعر ليث حينها بالشفقة والندم معاً، هو من ادي بها وبنفسه الى هذة الحالة، هو السبب في تلك الحالة وعليه ان يتحمل كرهها له وكل شيء يخصه، ولكن عليه ان يستردها بأي طريقة كانت، خرج من المستشفي وتركها نائمة وذهب الى منزل والدها بعدما أخذ المأذون معه ليكتب كتابهما معاً، هو متزوج منها بالفعل وكذب بشأن جوازهم الكاذب، ولكن امام الجميع اراد ان يتزوجها مرة أخرى..
انتهت ريم من تزيين نفسها ثم خرجت من السكن ودلفت الى السيارة التي تنتظرها وعقلها لا يتوقف عن التفكير الى اين سيأخُذها عمر، حتى وصل بها السائق الى المكان فقالت =هو دة. =ايوة هو يا ريم هانم.. هبطت ريم بفستانها الطويل المرسوم عليها بطريقة جميلة، دلفت إلى الداخل انها صالة كبيرة بها زينة كثيرة وطاولة في المنتصف عليها كافة الاطعمة، اُلقيت عليها البلالين مرة واحدة.. لتُفزع ثم هدأت قائلة =عمر، انت هنا.
خرج عمر لها قائلا بإبتسامة =انا جيت. ابتسمت بخجل ثم رفعت رأسها اليه كان يبدو في غاية الوسامة، امسك يديها ليجلس بها الى الطاولة، فقالت بحيرة =ايه اللى جابنا هنا.. =هتعرفي بس ناكل الاول طيب. =انا عمالة افكر. ف قولي الاول وبعدين هناكل. هل دة شكر علشان اللى عملته؟
=بصي يا ريم انا شخص دوغري ف هقولك على طول. انا كان عندي بنت بحبها اوي وعشنا اجمل قصة حب ممكن تتخيليها، وكُنت هروح اتقدم ليها بس للاسف ماتت وملحقناش نفرح، وموتها كان طبيعي سكتة قلبية بدون سبب كان عندها مشاكل في القلب. من بعدها التفت لامي واختي وحياتي وقررت مفيش بنت هتدخل حياتي تانى. بس الحب مش بأيدينا ربنا بيبعت لينا الشخص اللي شبهنا اللى هيأثر فينا. من اول ما شوفتك وانا حاسس اني هيحصل حاجة..
شوفتك صدفة وكل حاجة كانت بينا صدفة معرفش ازاي دخلتي حياتي فجأة كدة. معنديش أي فكرة ازاي بقيتي جزء مني ومن حياتي اصعب وقت ف حياتي انتِ كُنتِ هنا انتِ اللى هونتى قرف ومر السنين، انا اكتشفت اني بحبك يا ريم. مكونتيش حابب اقولها الا وانا في بيتك وبطلب ايدك بس كان لازم اقولها قبلها لازم اعرف فيه قبول ولا لا. وبعدها هخطبك وهتبقي مراتي. انا عايزك معايا وجمبي سواء في الحلوة والمُرة، تقبلي تكوني معايا ولا لا؟
نظرت لهُ ريم وعينيها اغرورقت بالدموع بشدة من جمال وعمق كلاماته، لم تعلم انه يعشقها الى تلك الدرجة. هي الاخري تعلقت به بشدة وتشعر بالحب تجاهة لكنها الان تائهة.. =انا. انا.. =ريم، أهدي انا مش طالب منك رد دلوقتى فكري براحتك بس على الاقل عايز الليلة تكون سعيدة علينا سوا. علشان خاطرى. هزت رأسها وهي تمسح دمعه احتلتها، فقال وهو يبتسم =مش هقول بحبك كتير لان الكتير بيخلص. هقول بحبك دايماً.
انفجرت ريم ضاحكة على اسلوبه بينما قال هو بحرج =مش عارف قولت اقول حاجة رومانسية في الجو ده، حفظتها بالعافية. ابتسمت له بفرحة احتلتها الكلام لا يوصف الحب دائماً العيون سريعاً ما تحكى الكثير، بدأو يتناول الطعام ويُطعمها هي الاخرى، ويتحدثان ويضحكان معاً بحب وفرحة كُل منهم تجدد الحب والامل في قلبه. تُرى هل ستكتمل قصة الحُب التي بدأت تلك. ام ان للقدر رأي آخر؟
رواية جحيم الليث للكاتبة سامية صابر الفصل الثالث عشر
فتحت ريم عيونها من نومها وهي تبتسم بخفة وتلعب في خصلات شعرها وهي تتذكر ليلة أمس التي كانت مُميزة بالنسبة لها واجمل الليالي في حياتها.. اقتربت منها ورد تقول لها بفزع =بتفكري في مين.. صرخت ريم من الفزع قائلة =يا شيخة منك لله خضتيني.. =الحلو ايه اللي شاغل عقله.. =ما انتِ عارفة مش كُنتِ امبارح بتظبطي الامور. عانقتها ورد بحب قائلة =ربنا يجعله خير ويكتبلك الافضل =يارب يا وردي، تفتكري اوافق.
=ياختي وافقي هو حد لاقي.؟ =يالهوي عليكي مش دة عمر اللى ما افكرش فيه. =دلوقتي الوضع اختلف تماماً، هو بيحبك وعايزاك. =انا عايزة اكلم خالتي واقولها انه عايز يتقدم هاخد رأيها.. =ماشى كلميها دلوقتي. اخرجت ريم الهاتف تتصل ب خالتها بينما دلفت ورد ترتدي ملابسها لتذهب، أجابت خالتها بصوت متوتر =ايوة يا ريم يا حبيبتي عاملة ايه.. =كويسة يا خالتي انتوا عاملين ايه. =كويسين. هو هو فيه حاجة يا بنتي ولا ايه؟
=فيه موضوع عايزة اخد رايك فيه. فيه واحد بيحبني وعايز ييجي يتقدم قولت اخد رايك قبل ما نقول للباقية واهو تسانديني وهو بيتقدم ليا ها ايه رأيك.. =جواز لا جواز لا مينفعش جواز.. =ليه بس يا خالتي فيه ايه =اسمعيني يا ريم انا مش قادرة اخبي عليكي أكثر من كدة الصراحة، جوزي منه لله جوزك من غير ما تعرفي.. =اييه. يعني ايه جوزني من غير ما اعرف هو اي كلام وخلاص ولا ايه، ما تفهميني براحة فيه ايه؟
فاقت فجر من حوالي ساعتين وكانت جالسة علي فراشها تضُم قدميها اليها بصمت وهي تدرى ما حدث من عودة ليث وجوازه منها ورغبته في عودتها معه، مسحت دموعها بإستهزاء قائلة بعزم =جيت ليا برجيلك يا ابن الشرقاوي، حان الان اني اقوم واوري الكُل مين هي فجر. حان انتقم من الكُل واخد حقي على الايام دي وكٌل اللى ظلموني واولهم ليث الشرقاوي..
تحاملت على نفسها وهي تنهض رغماً عنها ودلفت الى الداخل بدلت ملابسها الى اخرى اكثر راحة فقد جلبها لها ليث حتى تغير ملابس المستشفي، عادت هيئتها قليلا الى الاول في الترتيب نظرت في المرآة نظرة امرأة ذو كبرياء ثُم خرجت من الغرفة وهي تمشى ببطيء للخارج.. فكان ليث يقف مع الدكتور وتجلس في الخارج والدتها ومعها والدها، قالت ببرود لليث =مش ناويين نمشي ولا ايه. اقترب منها بقلق =فجر انتِ كويسة قومتي دلوقتى ليه..
=متعملش نفسك خايف عليا يا ابن الشرقاوي. خلينا نمشي بقولك.. قالت والدها بغضب =اتكلمي عدل مع جوزك يا فجر.. =اظن دي حاجة خاصة بيا وبيه محدش يدخل فيها.. قالت والدتها بضيق =وطي صوتك يا فجر اومال.. =هي جت على صوتى ما انا جيبالكوا العار في كٌل حاجة ولا ايه..
تركت الجميع يقف وذهبت للامام تنهد ليث بضيق من اسلوبها الذي لا يحبه على الإطلاق، هو يريد واحدة عبدة بالمعنى الاصح تصغي لاوامرة دون حرف زائد اما تلك فجر الجديدة يبدو أنها سَتُعيد تربيته من الاول.. دلفت الى سيارة ليث ووضعت قدم فوق الأخرى تنظر من النافذة وليس لها اهتمام بأحد اخر، جلس ليث بجانبها وامر السائق ان ينطلق ثم نظر لها بتنهيدة قائلا بتساؤل =انتِ كويسة؟ لم تجيب عليه بل ظلت صامتة فقال بنفاذ صبر.
=فجر انا صبري ليه حدود انطقي. =مالكش دعوة بيا. تعرف مالكش دعوة بيا خليك ف حالك متجيش دلوقتى وتعمل فيها اللى خايف عليا الكلام ده مش هيخيل عليا مهما حصل.. =فجر انتبهي انتِ بتكلمي مين. صوتك ميعلاش. =مش هنتبه يا ليث ولو كان عندك حاجة تعملها اعملها. مش هييجي اكثر من الطعن في شرفي.. التفتت الى الناحية الأخرى تتصنع النوم لتتجنب الحديث معه فقال لها وهو يجز على اسنانه بتهديد =انتِ اللى جبتيه لنفسك..
مر الطريق بهدوء وعم الصمت المكان لم يتحدث احد الى الاخر. حتى حل عليهم المساء ووصلوا الى القاهرة، فتحت فجر عيونها بهدوء قائلة بصرامة =خليه يوقف عند الموقف اللى قدام.. =ليه. مكان الفيلا مش هنا. =ومين قالك اني جاية معاك الفيلا مثلا! =فجر صبري بينفذ منك. اومال هتروحي فين دلوقتى..
=انا رايحة سكن الجامعة هقعد هناك. مش عايزة اقعد معاك في الفيلا مهما حصل فكرة جوازنا دي تنساها خالص. بعد فترة هنتطلق وكل واحد فينا هيروح لحاله.. =انتبهي لنفسك واعرفي انتِ مين انتِ دلوقتى مرات ليث الشرقاوي يعنى مينفعش تقعدي ف مكان حقير زي سكن الجامعة. هو هتيجي معايا الفيلا ومش عايز اسمع اى اعتراض.. حاولت النزول من السيارة وهي تقول بغضب =مش جاية معاك مش جاية مهما حصل..
امسكها من شعرها بقسوة لتصرخ وهي تنتفض بين يديه قال بنبرة شيطانية وهو يجز على اسنانه =انا جبت اخري منك ومن تصرفاتك اتعدلي يا فجر بدال ما هعدلك بجد. مكانك جمبي مش في مكان تانى. واتظبطي احسن ليكي بدال ما هظبطك. =ماتلمسنيش بإيدك الوسخة دي ابعد عنى.. قام بصفعها صفعة قوية بغضب قائلا =حسابنا في البيت يا فجر.. ابتعدت عنه بإشمئزاز وهي تبكي وتاخذ نفسها بصعوبة، تبكي ك الاطفال تماماً..
وصلوا معاً الى الفيلا لتهبط بغضب من السيارة ترزع الباب خلفها ودلفت الى الفيلا بوجهة محتقن بشدة، دلف ليث خلفها بغضب قائلا =انتِ مفكرة اني هعدي اللى حصل ف العربية ده بالساهل قدام السواق. انتِ لازم تعرفي انا مين في حدود ماينفعش تتخطيها معايا يا فجر مهما كان.
=هتكون مين يعني. انت شيطان انسان حقير معندكش لا قلب ولا دم. ماتبقاش فخور بنفسك اوي كدة. انت مش راجل انا امنتك على نفسي وانت خنتني، انت مش راجل يا ليث.. انهال عليها ليث بالضرب والإهانة ثم جذبها بقسوة شديدة وهي تصرخ بشدة من الالم والوجع، وضعها في الغرفة الخاصة بها قائلا بغضب =انا هوريكي انا راجل ولا لا.
قام بألقائها على الارض وربطها في السرير وهي تصرخ فيه وتبكي ولكن لا شفقة ولا رحمة. تركها تبكي وتنتحب بشدة فقالت بنبرة غاضبة =مهما عملت فيا وخلتنى اتألم برضوا مش هطلب منك الرحمة، اعمل اللى انت عايزة وهخليك تندم على كُل لحظة أذتني فيها. تركها ليث وخرج يُكِسر كُل شيء امامه بغضب وقسوة وعنفوان. حقاً مريض نفسي. خرج عمر من غرفته على صوت والدته تقول بعبوس.
=ريم مجتش لحد دلوقتي ليه يا عمر. دى قالتلي انها جاية قريب. =الله انتِ زعلانة يا بطة. للدرجة دي بتحبيها. =بطل يا واد اتصل بيها خليها تيجي هجس نبضها في حوارك. =حيث كدة بقا نتصل يا ست الكل. قام عمر بالإتصال عليها ولكن لا رد ظل يحاول ولكن لا فائدة، قال بحيرة =مش بترد.. =اللهم اجعله خير. طيب رن علي صاحبتها ورد دي يمكن تعرف هي فين ولا حاجة.. =حاضر. رن عمر على ورد التي أجابت بتوتر =نعم يا عمر بيه..
=الو يا ورد معلش على الازعاج. بس متعرفيش ريم فين.. =راحت اسكندرية ضروري.. =ليه كده، مش المفروض بعد ما الجامعة تخلص ولا ايه.. =خالتها تعبت ضروري ف راحت. لما توصل هتكلمك. =طيب اروح ليها دلوقتي =لا لا بلاش انت دلوقتى لطفا. علشان هما لسه ميعرفوش بموضوعك انت وهي. هي هتتصل بيك تطمنك وكمان تكون هي فاتحتهم في موضوعك =خلاص ماشي شكرا ليكي. =العفو.. أقفلت الهاتف وهي تتنهد بقلق قائلة.
=استرها يارب مع ريم، دي بجد لو طلعت متجوزة من غير ما تعرف كل حاجة هتبوظ استرها يارب.. فى المساء.. دلف ليث الى غرفة فجر بعدما هدأت ثورته الداخلية، ليراها تستند على الفراش نائمة ويديها مُقيدة بجانب الفراش، فك عنها الاحبال ببطيء ليرى ان يديها أزرقت بشدة، تنهد بغضب شديد من نفسه، نفورها وكرهها البديع يجعله اكثر غضب وقسوة..
حملها ببطيء الى الفراش وجذب عليها الغطاء يُدفئها من برودة الجو، ثُم نام بجانبها على الطرف الاخر يجذبها الى احضانه، شعرت هي به لتصرخ بنفور وهي تحاول الابتعاد رافضة بشتى الطرق ان تنام بجانبه، ثبتها ليث بنفاذ صبر =اهدي يا فجر ونامي خلي الليلة دي تعدي.. =بقولك مش عايزاك مش عايزاك تنام جمبي ابعد عني. امسكها بقسوة وأحكام =لو قومت هتشوفي الوش التاني نامي خلي اليوم يعدي..
صمتت رغماً عنها لتهبط منها دمعه نفور وكره تجاه ليث لا تريده بجانبها لكنه يفعل امور غريبة تجعلها في حيرة من امرها. اهو حقاً مريض نفسى.؟ سُرعان ما غط ليث في النوم من كثرة الارهاق والتعب طوال اليوم، لتفك هي يديه من حولها ببطيء ثم تنهض على اصابع قدميها ببطيء وهدوء وتذهب الى الخارج ذهبت بتجاه الهاتف الارضي ضغطت على عدة ارقام ليأتِ لها بعد قليل صوت عارف الذي قال بصوت آجَش =مين.
=انا فجر. عايزة أقابلك بُكرا ضروري لو مهتم. هبعتلك العنوان في رسالة. أقفلت الهاتف بسرعة دُون ان تستمع الى اي كلمة وكتفت ساعديها امامها قائلة بنبرة قاسية =حان وقت اتحرك واخُذ حقي منك يا ليث. حان وقت أنتقم مِنك.