نهضت ريم من مكانها بقلق قائلة =ورد اتأخرت اوى. هقوم اشوفها. قامت بإرتداء ملابسها وما ان حاولت الخروج حتى سمعت دق الباب فقالت بغيظ =أخيراً جيتي يا أبله.؟ لتتفاجيء بوجود عُمر امامها نظر اليها باحراج قائلا =انا اسف اوى على مجيئي في الوقت ده. بس الكارنيه ده وقع منك على الارض قالت بحرج =اه شكرا ليك. =انتِ قاعدة في سكن الطلبة؟ انتِ مش من هنا؟
=لا من الاسكندرية وباجي هنا ف الدراسة بس لان كليتي مش موجودة غير في 4 محافظات. =طيب كُنتِ خارجة ولا ايه انا عطلتك؟ =كُنت هروح ادور على ورد هي لسه في شركتكم صح؟ =الموظفين كلهم خرجوا اصلا ما اعتقدش تبقى لسه هناك وحتى العامل قفل كُل حاجة هناك ومفيش حد. =اممم طيب يمكن عندها حاجة هستناها شوية. هز رأسه بحرج اليها وكاد ان يرحل ولكن رن هاتفه برقم شقيقته الصغرى رد قائلاً =ايه يا قلبي؟
اتسعت حدقتى ريم من لفظه فقال مُصحياً بسرعة =اختى والله. هزت رأسها بخجل من ملاحظته لها، بينما استمع هو الى شقيقته التي تبكى قائلة =الحق يا أبيه ماما تعبانه اوى وانا مش عارفة اعمل ايه. =ايه؟ طيل اهدي اهدي يا حبيبتي علشان خاطرى، وانا هجيلك اهو خليكِ جمبها. قالت ريم وهي تجز على اسنانها بقلق =فيه حاجة؟ =امى تعبانه ولازم امشى ضرورى. =طيب لو مش هتمانع اجى معاك يمكن اساعدها في حاجة.
=ماشى ياريت اصلا اختي صغيرة شوية وممكن متعرفش تعمل الحاجات اللى هتعمليها. هزت رأسها وسحبت حقيبتها خلفها وسارت خلف عمر الى الاسفل، ودلفوا الى السيارة معاً، لينطلق بها بسرعة البرق خوفاً على والدته ظلت تراقبه وهي تبتسم اهُناك احد يخاف على والدته بتلك الطريقة.
وصلوا في وقت قياسي الى العُمارة التي يمكثون بها، وركض للاسفل وهي خلفه وصعد على السلالم بقلق وهي تتبعه فقط، فتح الباب ليتفاجيء بكم البالون الذي هجم على رأسه وظهور والدته من العدم وشقيقته التي ضمته بحب وسعادة قائلة =كُل سنه وانت طيب يا أبيه، عيد ميلادك بكرا بس قولنا نحتفل النهاردة لانك بكرا مش هتبقى فاضى اكيد. قال عمر بضيق =قلقتيني ينفع تعملى الحركات دي؟
=دى خطة ماما في الاصل كان لازم نجيبك بالطريقة دى. مال عمر على يد والدته وقبَّلها بحنان قائلا = انتِ كويسة؟ =كويسة يا ضنايا. زى اليومين دول خلفتك كانت احسن فرحة في حياتى كلها. ضمها اليه بحب لتنضم أميرة شقيقته الصغيرة اليهم بخجل، ابتسمت ريم على دفيء العائلة التي لم تجربه مطلقاً، التفت لها عمر وقال بحرج =آسف جبتك على ملى وشك. =محصلش اي حاجة الحمدلله انها بخير امشى انا بقا. قالت والدته وهي تبتسم.
=مين دي يا عمر؟ =دي صديقة ليا يا امى صديقتها بتشتغل عندنا في الشركة وكدة أتعرفنا على بعض، اسمها ريم. =اهلاً وسهلا يا بنتي، مش عيب تيجي لحد بيتنا وتمشى، لازم تقعدى تتعشي معانا وكمان نطفى الجاتوه سوا. قولها يا عمر.
نظر لها عمر بصمت وهدوء، يود بقائها وفي الوقت نفسه من الصعب قول ابقي، ظلت تتحيل عليها اميرة حتى وافقت بخجل ذهبوا جميعاً وجلسوا على الطاولة يأكلون ويضحكون، ولأول مرة يضحك عمر بعد مرور فترة كبيرة، ثم طفوا الجاتوه وظلت ريم تصور عمر وهي تضحك عليه وهو ما عليه الا مراقبة ضحكتها. كانت سهرة لطيفة جدا.
ودعتهم هي بحب وسعادة واصرت على الرحيل بمفردها والا يوصلها عمر وبالفعل تركها لرغبتها، ووقف في النافذة يُراقبها كالعادة ويبتسم بسعادة في قلبه.. جلست ورد بغضب على المكتب قائلة =منك لله يا للى في بالى. =منك لله انتِ، انا لازم اخرج عندى سهرة. =والله لأبلغ عنك بوليس الادب. =هياخدنا سوا ما انتِ كُنتِ في المكان ده قبل كدة. =كُنت فيه باخد صحبتى وبمعنها من انها تعمل حاجة غلط، لكنك انت كُنت بتعمل الغلط نفسه.
=سيبك من الكلام ده هنخرج ازاى. =انا مش هفكر. انا هنام لانى تعبت. مالت قليلا للامام وغفت على المكتب بينما نظر لها احمد في دهشة من برودها واستسلامها، اقترب منها قليلا يتأملها عن قرب، في الاصل هي تمتلك ملامح جميلة وان كانت سمراء، ولكن كيف لهدوئها كطفلة وهي نائمة ان تكون هكذا وهي مُستيقظة. قالت بصوت حاد أفزعته =بطل تبصلى ياض وابعد من هنا. =انتِ لا يمكن تكونى بنت.
جلس هو الاخر على الطرف التاني وحاول النوم ف لا يوجد حلول اخرى للخروج الا في الصباح. هاجمهم ليث بشراسة فقتل ثلاثة منهم وهرب اثنان الى الخارج، اضاء الانوار مرة أخرى وهو يتنفس بصعوبة قائلا = فجر فجر انتِ فين انتِ كويسة؟ ظهرت فجر من احد الزوايا وركضت على ليث تحتمى فيه وهي تبكي بشدة، ربط على كتفها قائلا بصوت هاديء =متخافيش انا هنا متخافيش. =انا خايفة اوي كانوا هيموتوك مين دول..
=اكيد تبع الحيوان عايز يقتلنى بأي طريقة وباعت كلابه لهنا بس على مين.. =فين الحراس اللى على البوابة. =اديتهم اجازة مؤقته. لانى قولت مش عايزاهم الفترة دي. =ازاي الكلام ده وسط كل الاعداء دي لازم على الاقل يبقي عندك حراسة رجعهم وشدد الحراسة. =ماشى اطلعى انتِ ارتاحى، انتِ كويسة صح؟ =كويسة. وانتَ كويس؟ =ايوة ماتقلقيش. =طيب انا خايفة اطلع انام لوحدى =مفيش حاجة يا فجر، بطلى طفولة واطلعى.
نظرت له بضيق من استخفافه بخوفها وصعدت للأعلى وهي خائفة، ابتعدت عن اشياء لترى اشياء اقبح واسوء. دخلت الى جحيم وعالم كبير مليء بالاشرار ولا تعلم دورها الى الان ولكن يبدو أنها ستكون الضحية.
قام ليث بإتصالاته بالرجالة الذين اتوا واخذوا رجال عارف وأودعوهم بالمخزن بينما صعد هو للأعلى بدل ملابسه وكاد ان يخلد الى النوم ف تذكر خوف فجر، تنهد بضيق من ان فجر بقت تشغل عقله بتلك الطريقة، ذهب الى غرفتها وقرع الباب قائلا =افتحى يا فجر انا ليث. فتحت فجر الباب وهي خائفة من حدوث شيء مجدداً فقال لها =روحى نامى. انا هنا متخافيش.
هزت رأسها بخجل ودلفت الى فراشها بينما جلس هو امامها يتبعها، تلاقت عيناهم دقائق حتى خلدت هي الى النوم، في حين بعدها شعر هو برغبة مُلِحة في النوم ف دلف الى جانبها وغطى في النوم سريعاً واصبحوا مُقربين من بعضهم البعض كثيراً. رفع يديه بقسوة لتهوى على خد احد رجالة قائلا بغضب عارم =كل مرة بتفشلوا، وبيطلع منها زي الشعرة من العجين. مش عارفين تقتلوه ولا تعملوا اى حاجة فيه؟ غوروا من وشى.
=عارف بيه احنا اسفين حاولنا نعمل جهدنا بس هو قدر يضربنا كلنا. الغريب في ده كله كان معاه حد والاغلب كانت بنت بس جريت اول ما شافتنا.. =بنت.؟ هتكون بنت مين؟ =ماشوفتش وشها..؟ =لا للاسف كان الجو ضلمة.. =مرة واحدة هاتوا معلومة صحيحة. غوروا من وشى يلا. التفت الى سالى التي تجلس ببرود تام قائلا =تفتكري مين البنت دي؟ يعنى ممكن تكون واحدة.
=لا ما اعتقدش ليث مالوش في البنات دي، بس اكيد هنعرف مين هي بس انت واثق من البنت اللى اتفقت معاها دي ولا هي اى بنت وخلاص يا عارف؟ =انا اختارت واحدة ذكية بتفهم هتقدر تتعامل مع ليث بجدارة، وهتبدء من بكرا ولو حاولت تلاوع معايا هتموت على طول.. =انت اتفقت مع واحدة متعرفش عنها حرف؟
=انا مش غبى للدرجة دي يا سالى. اكيد بحثت عنها وهي حاكتلى عنها بنت ناس اغنياء ولكن خسرت اموالها واهلها متوفيين وبنت متعجرفة وعليها ديون الاهم عندها الفلوس. =معاك الملف بتاعها؟ =ايوة ليه؟ =هبحث عنه احتياطيًا لانى قلقانه منها برضوا مش مطمئنة، افرض بتكذب علينا منبقاش وقعنا في الفخ.. أعطاها الملف لتنهض الى غرفتها لتبدء تبحث وتُدقق عنها. فى صباح اليوم التالى.
تقلبت فجر الى الناحية الأخرى لتلتحم أنفاسها مع انفاس ليث وتتمسك فيه اكثر دون الشعور بنفسها، بينما فتح هو عيونه ببطيء ليتفاجيء بها في احضانه تأمل ملامحها عن كثب ثُم ازال خُصلة من شعرها للجانب الاخر وتلمس بشرتها الوردية التي تلمع..
اقترب منها يُقبل جبينها بحنان ثُم ابتعد قليلاً بضيق من نفسه ومن فعلته، لا يجب ان ينسى انها اُثنى، ممكن ان تخون في لحظة، أن تتركه في لحظة لأجل اخر، مثلما فعلت سالى. لا يجب ان ينسى ان الحُب لا يجوز..
نهض ليث بسرعة من جانب فجر قبل ان تستيقظ وخرج الى الخارج مُتجهاً الى غرفته قام بغسل وجهة جيداً قائلا بصرامة =إياك يا ليث توقع إياك كفاية مرة واحدة كفيلة تربيك طول حياتك. فجر هنا علشان تساعدني ف حاجة، جواز مصلحة وبعد كده انا وهي هنطلق.
نهضت فجر من نومها وهي تتثاوب، نظرت حولها جيداً لم ترى ليث فنهضت تغتسل لفترة من الزمن، ثُم عادت ترتدى ملابسها وحجابها الى أن تأهبت جيداً للخروج، استعدت وخرجت من غرفتها الى غرفة ليث دقت الباب بهدوء قائلة =ليث. =ادخلى. دلفت اليهِ قائلة بإستعداد =انا جاهزة.
صمتت لوهلة وهي تتأمل مظهرة ك ليث رجُل الاعمال، وسيم جداً وأنيق مَن لا تأمل ان تكون معهُ الان؟ ولكنها ليست لها الفرصة لذالك، بينما رمقها هو لوهلة، انها ايضاً فتاة جميلة وأنيقة في ملابسها جداً مُختلفة ومميزة بسيطة ليست مٌتكلفة وما جعلها مختلفة هو بساطتها وطفولتها التي لم يرى مثلها. قال بنبرة باردة كالعادة.
=العربية برا هتوصلك وانا همشى بعدك بشوية للشركة خلى بالك وانتِ خارجة حد يشوفك النهاردة بس لكن بعد كده عادى بما انك هتتوظفى عندى ف احتمال تيجى في بيتى لوقت كبير. =ماشى. انا قلقانه =مفيش داعي للقلق، بس خلى بالك في كلامك معايا انا شخصية مختلفة عن اللى بتشوفيها انا في الشركة حاجة تانية يعنى لازم تتعاملى معايا بطريقة معينة.. نظرت له ببرود وغادرت دون حرف، وهي تمشى في الرواق تقلده.
=لازم تتعاملى معايا بطريقة معينة. محسسنى انه الامبراطور، امتى نخلص من الشغل ده بقا. خرج هو خلفها بقليل وذهب كٌل منهم الى الشركة. نهضت ريم بقلق على صوت المنبه وقالت بصدمة =يالهوي. كُل ده ورد لسه مجاتش، صبرنى يارب على ما بالتني. ظلت ترن ولكن هاتفها مٌغلق، مطت شفتيها للأمام قائلة =لازم اتصل ب عمر اسأله لتكون البت اختفت زي فجر ولا حاجة. لا لا انا مش هتصل بيه هستني شوية لا.
نهضت ترتدى ملابسها ثُم غادرت من سكن الطلبة، الى مقر التدريب الخاص بها استديو فهى في كلية اعلام وتتدرب على اكثر من شيء ستكون مُذيعة قريباً وتحلم بأن تكون لها قناة خاصة بها. دلفت الى المكتب وحضرت لنفسها قهوة ودلفت للداخل الى غرفة الاجتماع قالت بصوت خفيض =آسفة على التأخير جلست وسط الطلبة وبدء هو يُملى عليهم بعض التعليمات ثُم قال بأهتمام.
=اللى هيعرف يعمل مُقابلة مع رجال أعمال شركة الشرقاوى اى واحد فيهم هيكون كويس جداً، الافضل مع ليث بيه بس عارف انه صعب لانه مالوش دعوة بالصحافة والاعلام وياريت بلاش استاذ احمد بتاع بنات ومش هيقول حاجة مُفيدة عن الشغل، ف نركز اكثر على عمر بيه ياما مدَّنا بالمعلومات.. اخرجت القهوة من فم ريم رغماً عنها قائلة بحرج =احيه. معلش اسفة. قالت في نفسها =كُل الظروف بتؤدي ل عمر في الاخر اكمل الرئيس بصرامة.
=واللى هيقدر يعمل معاه مُقابلة ويجيب معلومات مفيدة. هيتنقل لقناة استار للاخبار وهيشتغل معاهم هناك ان شاء الله. انتهى الاجتماع ورينى مهارتكُم. نهض الجميع يُغارد ليستعدوا، بينما تنهدت ريم قائلة =فرصة حلوة اوي الواحد يتنقل وينجح. بس هعملها ازاى دى. انا هروح معاهم وخلاص وان شاء الله ميشوفنيش واعرف اجيب معلومات في نفس الوقت واهو اسأله على ورد بالمرة.. فتح احمد عيناهُ بكسل والم في أنحاء ظهرة قائلا بضيق.
=ينعل ميتين دى شُغلانة ضهرى هيتكسر والله.. نظر الى ورد التي تنام في سكينة قائلا =البت دي مستحملة ازاى. =خمسة في عينك. قالتها وهي تنهض بألم شديد قائلة =كان يوم اسود يوم ما عرفتك وشوفتك، من اول نظرة كده والمصايب مش بتفارقنى. =نفس الحال والله. نهضت تحضر لنفسها قهوة فقال بملل =اعمليلي معاكِ =مش خدامة انا قوم اعمل لنفسك =يخربيت لِسانك =ويخربيت برودك فتح رئيس القسم المكتب وقال بصدمة =ايه ده استاذ احمد.
=ايوة يا خويا. الزفت المسؤول عن الشركة قفل علينا واحنا بنشتغل. ابقى قوله يبص الاول فيه حد ولا لا كُنت هموت هنا. قالها ونهض ببرود يغادر الغرفة في حين قالت ورد =هى شغلانة شوؤم من اولها. انا خارجة اروح البيت وابقي اجى تانى لانى مش قادرة اقعد. قامت بإخراج هاتفها ووضعه على الشحن وارسلت رسالة الى ريم تطمئنها بها وانها ستعود الى المنزل ثُم اخذته وغادرت من الشركة.
دلف عمر الى مكتبه طالباً قهوة وبالفعل جاءت ف قالت له السكرتيرة =الصحافة برا كلهم مستنيين حضرتك علشان تعمل معاهم مُقابلة. =خرجيهم في الساحة كلهم وانا خارج ليهم. =صراحة اول مره اشوف حد بيحترمهم. =ده شغلهم يا نسمة، لازم نحترم الجميع ده هما اللى بيسوقوا لينا كُل حاجة، رغم تطفلهم الرهيب الا انى بعمل اللى اقدر عليه معاهم، يلا روحى وانا خارج دلوقتى. خرج عمر ليستقبل احمد قائلا =الصحافة برا تحب تيجي؟ =فيه مزز؟
=يابنى احترم نفسك بقا =والله انا كرهت صنف الحريم كله، بسبب البت اللى اسمها ورد عليها لسان ياجدع، المهم هروح ارتاح مش قادر. =ترتاح من ايه انت مش لسه جاى؟ =انحبست ف الاوضة معاها ابقي نبه عليهم يتفقدوا الاول فيه حد ولا لا. يلا انا ماشى. =احمد اوعى تكون عملت معاها حاجة! =يا خي حرام عليك لو اخر ست في الدنيا مش هبصلها والله. قال اعمل معاها حاجة قال. قالها والتفت يغادر في حين ابتسم عمر قائلا.
=بإحتمال كبير انها الوحيدة اللى هتعلمك الادب. خرج الى الساحة ليتقابل مع ليث تصافحوا سوياً وقال ليث بهدوء =انا عندى مقابلة مع سكرتيرة جديدة متقدمة للعمل لو لاقيتها مناسبة هعينها. =خلاص ماشى وانا هروح اشوف الصحافة. هصرح باخر الاعمال ولا لا =معلومات بسيطة تثير جنون عارف مش اكثر =ماشى.
دلف عمر اليهم ورحب بالجميع وجلس بهدوء يستقبل الأسئلة حول العمل وهي تجلس في الاخر وودت لو شاركت في الاسئلة لكنها مُحرجة بالفعل، ظلت تتوالى الأسئلة على عمر وهو يتجاوب بكُل لباقة، ف سألته واحدة =حضرتك مش مرتبط ولا حتى ليث بيه ولا احمد؟ =انا ماليش دعوة بيهم، كل واحد ليه حياته الخاصة، لكن عن نفسى انا مش مرتبط.
ابتسمت ريم وهي تتأكد من عدم ارتباطه، ثم انبت نفسها لتفكيرها بتلك الطريقة، انتهت المُقابلة واخيراً وغادر الجميع كما انها اخذت حقيبتها لتغادر معهم لتشعر بمن امسك يديها يوقفها، التفت بفزع لترى عمر ينظر لها بتساؤل =مسألتنيش زيهم ليه..؟ ابتسمت ابتسامة عريضة بتوتر قائلة =انت شوفتنى ازاى. =تعالى ورايا على المكتب. خطى للأمام وهي خلفه تشعر بالخجل من نفسها فقد امسك بها.
فى غرفة ليث دلفت فجر اليه وهو يجلس يُتابع الاوراق ابتسمت ابتسامة عريضة قائلة =انا جيت. اظهر شبح ابتسامة عليها ثُم عاد لجموده قائلا =انا نبهتك الحركات دي ما تتعملش في المكتب صح.؟ =مفيش حد اهو. بعدين انت ضحكت. =سواء فيه حد او لا متعمليش كده هنا حاجة وهناك حاجة، وانا مضحكتش، اتفضلى اقعدى يا آنسة فجر =آنسة ايه اومال انت مين. =فجر! =خلاص خلاص والله. بدأت المقابلة معهم وتطلع الى اوراقها جيداً ثُم قال بثبات.
=تمت الموافقة على تعيينك لو حابة تبدأي من دلوقتى مفيش مشكلة. واتفضلى عند نوران مسؤولة التعيين هتفهمك كُل كبيرة وصغيرة عنى. نهضت بسرعة ك سيدة أعمال قائلة بثبات =تحت امرك يا ليث بيه. مالت عليهِ قائلة وهي تبتسم بطفولة =بقلدك وكدة. تقدمت للأمام وهي ترحل من الغرفة في حين اظهر شبح ابتسامة على محياه على طريقتها المجنونة، تمنى لو كان قابلها في الماضى قبل كُل تلك الجروح والآثام.
بينما في غرفة عمر قبل قليل، سألها بهدوء =مسألتنيش ليه.؟ =احم يعنى حسيت بأحراج وانك هتجاوب عليا وكدة لاننا فقط اصدقاء وده شغل =لا انا بجاوب على اى حد عموماً مش هيبقي مخصوص ليكى. واحنا مش اصدقاء ولا حاجة مش كام موقف هيخلونا اصدقاء انا قولت كده قدام والدتى علشان متفهمش غلط. لو عندك أسئلة قولى. نهضت ريم ببرود قائلة =معنديش اسئلة ليك يا عمر بيه.
قالتها وخرجت من الغرفة تمسح دموعها في حين تنهد عمر بنفسه جرحها حتى لا تتعلق به. ولكن الإجابة الاصح جرحها حتى لا يتعلق بها هو.. تقابلت ريم وفجر في نفس الرواق قالت ريم وهي ترفع رأسها بصدمة =فجر مش معقول! ايه اللى جابك هنا؟
ركضت فجر الى ريم تُعانقها قائلة =ريم وحشتينى اوى.. ربطت ريم على كتفها قائلة وهي تبكى =وانتِ كمان يا فجر وحشتيني كُلنا كُنا خايفين يحصلك حاجة والله. كُنتِ فين؟ =بصى يا ريم الموضوع طويل اوى بس هحكيلك انتِ وورد. بس ممكن بليل اجيلكوا السكن ونتكلم وقتها؟ =ماشى هستناكِ علشان عايزة افهم اللى حصل فترة كبيرة غايبة واهلك قلبوا الدنيا عليكى.
=دول مش اهل دول شياطين لأول مرة اشوف اهل بيعملوا بنتهم كده انا كُنت عايشة في جحيم. ومازالت برضوا بس ده أهون بكتير، لكن متقوليش حاجة انتِ لا شوفتينى ولا تعرفى عنى حاجة ماشى. =طيب ماشى بس لازم تفهمينى. =متقلقيش هقولك بس روحي انتِ دلوقتى. غادرت ريم وهي تودعها بينما دلفت فجر الى مكتب المسؤولة وهي تُلقى التحية. حلَّ المساء على الجميع، ف دلف احمد الى فجر التي تعمل بجُهد وقال وهو يضحك.
=ايه ده ايه ده. ايه القمر اللى هلَّ على الشركة ده؟ =أفندم؟ =لا انا مش بعاكس، انا احمد ياستى الرئيس التالت للشركة وليث بيه يبقي صاحبي الأنتيم، واكيد انتِ بقا السكرتيرة الجديدة. قالت فجر وهي تبتسم بخفة =اه انا السكرتيرة الجديدة، معلش مكونتيش اعرف حضرتك. =لا حضرتى ايه اسمى احمد يا بنتى، شيلى التكلفة ما بينا كدة. خرج ليث بالصدفة ليرى احمد يتحدث مع فجر وهما يضحكون ومُنسجمين للغاية، فقال بصوت حاد.
=احمد تعالى واقف عندك ليه؟ =كُنت بسلم على القمر دى. =اخلص تعالي. وانتِ يا آنسة فجر شوفي شغلك وهاتيلنا اتنين قهوة. ودع احمد فجر ودلف مع ليث الذي نظر ل فجر نظرة كادت تحرقها، فقالت بقلق من نظرته =هو بيبصلي كده ليه. هو انا عملت ايه؟ جلس ليث على مكتبه والدماء تغلى في دمه بغضب شديد لا يعلم سببه، فجلس احمد قائلا =حظك دايما حلو. الصواريخ دي بتجيبهم منين بس. =احترم نفسك يا احمد بدال ما هقوم اقتلك.
=خلاص براحة يا عمنا. انا بمدحها بس. دلفت اليهم فجر ووضعت الصنية امامهم فقال وهو يبتسم =مع انى ما بحبش القهوة بس هشربها طالما انتِ اللى جيباها. =بالهنا والشفاء يا احمد بيه. قالتها وغادرت وليث نظراته لا تبشر بالخير فقال بغضب شديد وهو ينهض =احمد اطلع برا مش عايز اشوفك يلا. =الله هو انا لحقت ده انت وحشتني حتى. =اطلع براااا.
قالها بصوت حاد ليخرج احمد بسرعة البرق بسبب غضب ليث، بينما خرج ليث ينظر إلى فجر بغضب قائلا =حِسابنا في البيت ان شاء الله.. رمشت عدة مرات بقلق ف نظراته كفيلة لقتلها، ظلت ترتعش قليلا من خوفها وقلقها. في حين دلف احمد الى القسم التي توجد فيه ورد ينظر يبحث عنها ليراها تجلس امام اوراقها ثُم فتحت علبة البيتزا الكبيرة للأكل منها فقال بشهية =الله انا جعان. ذهب اليها وجلس بدون مقدمات قائلا.
=بصي انا ماليش دعوة بيكى بس البيتزا جوعتنى، ف هاكل حتة صغيرة بس.. =لأ. =انتِ جيباها من فلوس مين. قبضتيها منين يعنى؟ من الشركة اذاً فلوسنا، ف من حقى اكٌل. =قولت لأ وقوم من هنااا =هعملك قهوة! نظرت له قليلا ثم قالت بتنهيدة =ماشى بس المرة دي بس بعد كده متطفلش عليا. نهض ليقوم بعمل القهوة لكنه فشل، فقالت بغضب =حتى دي مش بتعرف تعملها صبرنى يارب.
قامت بتعليمه كيف يُمكن صناعة القهوة، ثُم عادوا معاً كٌل منهم يأكل قطعة بيتزا ويحتسى من القهوة، وهي تتابع عملها في حين اخرج هو ملف من حقيبتهُ وبدء يعملها معها في نفس المكتب حتى يتخلص من عبء العمل وجلسوا معاً دون الشعور بالوقت، ولأول مرة لا يحدث خناقة بينهم. فهما ك القط والفار، اكثرهم خناقة ولكن لا يليقان سوا ببعضهما البعض.
دق جرس الباب لتفتح ريم وهي تبتسم ظناً انها فجر لتتفاجيء بوجود عُمر امامها، بهت وجهها ولكنها قالت بنبرة باردة =خير يا عمر بيه ايه اللى جابك؟ امد لها باقة من الزهور وقال بأحراج =انا اسف يا ريم. بس انا غصب عنى قولت كده. اسف. تنهدت بضيق =خلاص محصلش حاجة. =لو مش زعلانة بجد، ف امى عزماكى على العشاء عندنا لانها حبتك ف لو ينفع تيجي وكده؟ أو لو مش عايزة خلاص. =تمام استنانى تحت انا هلبس وهنزلك. =ماشى.
ابتهجت ملامح وجهة لموافقتها وهبط للاسفل في فرحة، بينما أقفلت الباب وهي تستند عليه قائلة بضيق من نفسها =انا ازاى وافقت بسهولة كده. شكلى مدلوقة اوى صح؟ بس يعنى انا وافقت لانها ست مريضة وتعبانه وكويسة بتفكرني ب امى الله يرحمها مش اكثر، ايوة الموضوع مالوش علاقة بعمر..
اشتمت الورد وهي تبتسم ثم ركضت ترتدي ملابسها ووضعت بعض الزينة في وجهها، وهبطت للاسفل بعدما اغلقت الشقة الخاصة بها هي وورد وفجر، دلفت الى سيارة عمر الذي نظر لها بإعجاب، ولكن ما ضايقها بعض الشيء وجود بعض مساحيق التجميل في وجهها لكن ليس لهُ الحق في الاعتراض.
خرج ليث من مكتبه الى الخارج دون ان يتحدث اليها، ف لملمت هي اشيائها وغادرت الى الخارج حيث تنتظرها سيارة ليث دلفت اليها لتنطلق بها الى الفيلا، ما ان رأتهُ يجلس بجانبها حتى شهقت بشدة قائلة =انت انت مش بتركب في عربية تانية؟!
رمقها ببرود دون ان يتحدث ففركت هي اصابعها بخوف وقلق، مر بعض الوقت حتى وصلوا الى الفيلا هبطت من السيارة تركض للداخل وهي خائفة من ردة فعله، بينما ركض هو خلفها ووقف في الصالون يُنادى عليها يمنعها من الصعود للأعلى، التفت اليه بقلق قائلة =نعم. =ايه اللى حصل ده.؟ عايز افهم دلوقتى ايه اللى حصل. =ايه اللى حصل؟ =فجررر ما تستعبطيش انتِ فاهمة انا بقول على ايه.. =يا ليث متزعقليش لو سمحت انا مغلطتش ف حاجة.
=انا ازعق زى ما انا عايز فاهمة ولا لا. بعدين مغلطتيش ازاى والمياصة اللى حصلت قدام عيني. =لو سمحت احترم نفسك انا محترمة ومعملتش حاجة هو اللى كان بيهزر معايا وانا ضحكت بس. =ضحكتي! فيه بنت محترمة تضحك مع شاب بيتودد ليها بالطريقة دي، مازعقتيش ليه ولا اهانتيه. هاا؟ =قال انه صاحبك محبتش اتعامل مع ببرود غير انه مدير في الشركة.. =ولو ايه حتى مينفعش تعملى كده هزقيه ده كان ممكن يتعدى حدوده.
=كنت وقتها هرفع الشبب على وشه مكونتيش هسمحله. =لا واضح انتِ عملتى ايه. =انت فاهمني غلط يا ليث وبتعاملنى غلط اوى كمان. انت زي بابا بتزعق وتشخط من غير ما تفهم اللى حصل انا حسيتك غيرهم ومختلف عنهم طلعت زيك زيهم بالظبط.. حاولت الرحيل وهي تبكي امسك معصمها يجذبها اليه قائلا بصوت دافيء.
=انا مقصدتش اشكك فيكى. انا عارف اخلاقك وده اللى هيجنني اللى هو ازاى تسكتي علي حاجة زي كده. بس انا عصبي على طول انا اسف يا فجر.
رفعت عينيها المليئة بالدموع لتتقابل مع عينيهِ ف مال على شفتيها بحُب يُقبلهما ك نوع من الاعتذار، حاول البُعد لكنها تمسكت فيه اكثر واكثر وكأنها تطلب المزيد، حملها بين اكتافه ولم تنقطع قُبلتهما، بل ظلت مُلتحِمة، صعد بها الى الاعلى حيث غرفتها واقفل الباب ليعيشا معاً اجمل اللحظات الخاصة بالحبيبين. هل أُذيب الجليد بين الحبيبين ام ان الحياة تخفي لهم الكثير والكثير بعد!؟