رواية جحيم الليث للكاتبة سامية صابر الفصل الثالث والعشرون
تناولت ريم الحُمص وهي تقول بضيق ماطة شفتيها =هتمشى خلاص.. =هرجع تاني، بس لازم اصفي حساباتي هناك وبعد كدة هرجع هنا وهبدء من الاول، محتاج دعمك. =انا موجودة جمبك على طول وهشجعك. =يديمك في حياتي يارب. بس احنا متكلمناش في موضوع الجواز! =الكلام دة يبقي بين الاهل افضل. بس انا عن نفسي مش حابة اتجوز غير لما أخلص الدراسة خالص ارجوك فكر ف كلامي.
=ماشي يا ريم اللى يريحك. بس هأجل كلام في الموضوع دة لحد ما ارجع ان شاء الله. =ادهم، انت عارف اني لازم ارجع القاهرة علشان دراستي مش هينفع افضل في الاسكندرية كتير.. =يعني ايه يا ريم، عايزة تروحي القاهرة ليه! =ادهم. بطل شك لو سمحت وثق فيا شوية عمر كان ماضي وهيفضل ماضي وخلاص وانتهى، انا راحة لأجل شغلي مش اكثر..
=انا مقصدتش يا ريم، بس اي حد في مكاني هيعمل نفس الكلام دة، لو كُنت انا مكانك كُنتِ هتعملى كدة برضوا. انا مش حابب وجودك هناك وعمر موجود هناك انا بغير عليكي من الهوا مش هغير من شخص بيكن ليكي مشاعر! =بس دة كان زمان مش دلوقتي. انت بس اللى في حياتي دلوقتي لا عمر ولا غيره.. اقتربت قليلاً من وجهة قائلة.
=انا مش شايفة دلوقتي رجالة غيرك انت وبس، ووعد اني مش هختلط بيه ابداً كُل اللى هعمله هدرب واشتغل وانت خلص شُغلك بسرعة وأرجع انا هكون في انتظارك علشان المطعم اللى هتفتحه.. رمقها من طرف عيناهُ ف كلامها سلب عقله ان لا أحد في عقلها الا هو فقال بتنهيدة =انا هوافق علشان واثق فيكي، بس اوعي تخبي عليا حاجة.! أخرجت هاتفها وفتحت محادثة عمر قائلة.
=دي محادثة بينا اخر حاجة يوم الخطوبة. علشان ما أبقاش مخبية عليك حاجة. قرأها بنار تحتل قلبه لكنه احترم كلامها ورد فعلها وعدم تخبأه شيء عليه ؛ الحُب ان لا نخفي شيء عن مَن نُحب مهما كان مؤلم الا ان الصراحة تُبني ثقة في العلاقة.. امسك يديها يُقبلهما بحنو قائلا =انا بحبك جدًا يا ريم.
ابتسمت بسعادة وفرحة وتوتر قليلاً تود قول وانا كمان لكنها ستنتظر عندما تكون زوجته فعلياً ستقولها من قلبها حقاً وتُعبر كما تُريد.. على الطرف الاخر قالت ورد بصوت عالى =بالله عليك ياعم الحاج هات واحد كمان وزود الشطة.. قالت احمد بضجر =هو الجو اللى هناك دة مش واكل معاكي ف حاجة، مفيش احساس خالص؟! =جو ايه دة! قصدك ريم وادهم لا دول ممحونين مع نفسهم..
=ورد انتِ عارفة فيه نظرية بتقول ان ممكن تتجوزي البيست فريند الولد! =اللهم لك الحمد معنديش.. =لا اله الا الله. مش لازم يكون البيست بالظبط ممكن يكون صديق عادي برضوا ميضرش! =ياسيدي جواز ايه بس وزفت ايه دلوقتي، هو الواحد اصلاً طايق نفسه لما هيطيق حد معاه؟ =انا ابن ستين كلب. اسكتي خالص. =الله! انت اللى فتحت كلام.
صمت بعبوس ينظر إلى البحر في حين تنهدت هي بحيرة هي تفهم مقصده لكن نوع احمد ليس لها، هي ولأول مرة ستعشق، لكنه زير نساء حقاً ف لا تود ان ينجرح قلبها لذالك فضلت ان تكون فظة غبية تُظهر عدم الفهم والمُبالاه، ولكنها حقاً على مشارف العشق ل احمد وهذا مُخيفِ.. علمت سالى بطريقتها مكان ليث وفجر، وجعلت الرجال يذهبون من فترة طويلة وكانوا يتجولون حولهم منذ ساعتين تقريباً، انتظروا دخول ليث للسوبر ماركت..
وقاموا بضرب السائق واخذ فجر وهي تصرخ خائفة، حتى خرج ليث وتفاجيء برؤيتها واحد الرجال يمسكها ويُصوب نحوها المُسدس ؛ ولم يدري أن احد ما خلفه ضربه علي راسه ليفقد الوعى ويقع بين ايدِي الرجال.. حاولت فجر ان تصرخ بإسمه وهي تبكي ولكن الرجُل لم يمهلها الفرصة وضربها على رأسها لتقع بين يديه هي الأخرى، حملوهم بعيدًا عن الانظار في سيارتهم وقيدوهم، ثُم انطلقوا الى المستودع الذي قالت عليه سالي!
تُرى ماذا سيَكُون مصير الاثنان الان.. نهض عُمر من النوم واخيراً، خرج الى الصالة ليري سلمي تقف تُلملم بعض الاطباق، قال لها بإبتسامة =صباح الخير.. ابتسمت قائلة =صباح النور. تحب تفطر؟ =لا بس ممكن شاي؟ =اكيد طبعاً والدتك فطرت ودخلت تقرء قرآن شوية. =تاعبينك معانا يا أخت سلمي. =اه تاعبيني اوي. ابتسم لها قائلا =مين كان بيلعب شطرنج! =انا ووالدتك بس خسرتها انا محدش يقدر يغلبني فيه خالص..
=الله الله. دة ليه بقا انا اشطر واحد يلعب شطرنج، ومُستعد الاعبك دلوقتي لو عايزة.. =ولو خسرت! =هنفذ اي طلب ليكي. =ماشى يا عُمر لما نشوف. جلست امامه ووضعت الشاي بجانبهم، يرتشفون ويلعبوا ولم يخلي حديثهم من الضحك والاستمتاع ؛ لم يضحك عُمر هكذا منذ فترة، فكانت حياته مُظلمة في اوقات كتير، وسلمى كانت النور الذي اضاء الظلام والدواء الذي عافي الجروح. ولكنه مازال يخشاها ويخشي جرحها..
انتهوا من اللعب فقالت وهي تُفرِقع أصابعها في الهواء =يااس انا إللى كسبت قولتلك متتحدنيش. =دي حظوظ على فكرا علشان تبقي فاهمة بس.. اخرجت لسانها تغيظة ف القي عليها المخدة قائلا =باردة. قالت والدته وهي تخرج بالكرسي الخاص بها =بلاش تبقوا قط وفار يا أولاد.. قالت سلمي وهي تقوم تساعدها =خسرته يا طنط وبيقول حظوظ مش بيعترف انه خسران.. =لا سلمى شاطرة يا عمر أعترف. قالت سلمي وهي تبتسم.
=أهو شوفت. اه صحيح يا طنط عايزة اتصور معاكي صورة للذكري. أخرجت هاتفها تعثب به حتى جاءت بالكاميرا وجلست بجانب والدة عمر تتصور اليها ف جاء عمر من الناحية الأخرى ونظر لها مُبتسِمًا، ف بادلته الابتسامة وقاموا بالتصوير معاً صورة ثلاثية، سلمي ع الطرف الايمن وبالمنتصف والدة عمر والجانب الايسر عمر.. رن جرس الباب لينتشلهم مما فيه، تُرى مَن آتى الان..؟
امسكت سالى ب دلو الماء والقتهُ على فجر بقسوة شديدة في وجهها حتى تفوق من اغمائها، صرخت فجر بفزع وهي تُفتح عينيها نظرت حولها بخوف وهي تنكمش على نفسها، نظرت الى سالى بتساؤل حتى اختفي التساؤل وحل محِله الصدمة والضيق.. قالت سالى وهي تمُط شفتيها بإستفزاز.
=أعلى ما في خيلك أركبية، محدش هيقدر يفرقني عن ليث ابداً هو بيحبني وانا بحبه وعلاقتنا مش هتقدرى تخربيها، هو خلاص مبقاش يحب واحدة حقيرة زيك! قهقهت سالى بصوتٍ عالِ قائلة =لا ضحكتيني، ما انتِ احقر مني اتفقتي على خراب ليث وخسرتيه صفقة واديتي لعارف اوراق ليث الخاصة انتِ خونتيه، وتخيلي يعرف انك كُنتِ عايزة تقتليه فوق كٌل دة ووافقتي على كلام عارف..
=انا غلطانة معاكي حق، بس انا يستحيل كُنت أنفذ الكلام دة انا قولت كدة من عصبيتي بس مستحيل أفكر اتفق مع حد على قتل ليث ابداً، هو بيحبني وهيتفهم دة.. قهقهت مرة أخرى قائلة =لا انتِ ساذجة فعلا مش كلام! دة انا سالي بجلاله قدري مقدرش يسامحني هيسامحك انتِ. خلاصه الكلام انتِ خسرتي كٌل حاجة واولهم، الطفل اللى ف بطنك من ليث ماهو انا مش هسمحلك تخلفي منه كدة عادي..
=انتِ انتِ هتعملي ايه!؟ إياك تقربي مني مفهوم إياكِ.. امسكت سالي عصاه كبيرة جدًا جدًا واقتربت من فجر التي تنكمش على نفسها صارخة في سالى الا تفعل شيءٍ لها..
قامت سالي بضربها بقسوة في بطنها وهي تصرخ ظلت تضربها في بطنها بكُل قوتها وعلى أنحاء جسمها حتى انهمرت الدماء من كُل مكان في جسدها حتى أن دماء طفلها أنهمرت فقد خسرت طفلها بالفعل. اُغمى على فجر من كثرة الضرب وكان حولها بركة دماء ؛ بينما ابتسمت سالي بتشفِ وحقد ومسحت عرقها وهي تبتسم بإنتصار..
فى الغرفة الثانية، أفاق ليث من ضربته القوية على رأسه نظر حوله بتشوش ف الرؤية ف الاول كانت غير واضحة ثُم إتضحت بعد ذالك رُويداً رويدًا، رأي امامه عارف الذي يقف بغل وحقد امامه قائلا =حمدًا لله على سلامتك يا أخويا العزيز.. نظر ليث لهُ بغضب مُتذكراً فجر قائلا =فين فجر يا عارف. إياك تكون أذيتها أو عملت فيها أي حاجة..
=خايف على الحرم المصون أوي. اسف مكونتيش اعرف انها مراتك ماهو برضوا مينفعش تعمل من مراتك جاسوسة عليك وتشتغل لصالحي ايه الدماغ دي.! حاول ليث فك وثاقة بقوة ودون أن يلاحظ عارف وأستغل انشغاله بالحديث بل وجاوره في الحديث قائلا =فين فجر يا عارف! =فجر ف الاوضة التانية، سقطت للاسف..! ابن ليث الشرقاوي مات! انا اسف خيرها في غيرها. =ايه. انت بتقول ايهههههه.
فك ليث وثاقه ونهض بكُل قوة وغضب تفاجيء عارف من فعلته وتراجع للخلف بخوف ركض ليث ورائه وبدء شجار عنيف بينهم أبرحه ليث ضرباً وهو يصرخ تحت يديهِ، في حين أن دخل رجال عارف يدافعون عنه ف رأوا امامهم وحش كاسر، كٌل همه الإطمئنان على محبوبته..
طاح في الجميع ضرب مُبرح حتى قضي علي اغلبيتهم وركض الباقية للخارج ومعهم سالى التي تركت كُل شيء بخوف وتركوا عارف مُغمي عليه وغارق في دمائه، لم يتوقع أحد ردة فعل ليث ولكنهُ لم يستحمل كلمة واحدة أو اذي يلحق ب فجر أو طفله.. ركض ك التائهة يبحث عن مُنجيه ف دلف الى الغرفة الأخرى ورأي فجر امامه مُلقاه على الارض وحولها بركة من الدماء، نظر لها وتعقَّد لسانه بالفعل!
رواية جحيم الليث للكاتبة سامية صابر الفصل الرابع والعشرون
دلف راكِضاً الى المُستشفى بغضب ولحسن الحظ انهم في القاهرة سيستطيع التصرف بسهولة، ركض وهو يحمل فجر بين يديهِ بخوف صرخ في الجميع قائلا =فين دكتور الزفت فين.. ركض اليه الاطباء والمرضه وأخذوها على الفراش المُتحركِ ونقلوها الى الغرفة حالتها كانت خطيرة جدًا بالفعل، قال بغضب وصرامة =لو حصلها حاجة هقتلكُم كلكم..
أسرع الجميع الى الداخل اليها، كانت فجر بين الحياة والموت، وكأنها على مشارف الموت أكثر، كاد ليث ان يفقد عقله ترقرت عيناهُ بالدموع ونظر لها عبر النافذة وهو يقول ك الطفل الخائفِ =اوعى تسيبيني انتِ كمان يا فجر، اوعى علشان خاطِرى تعملى فيا كدة..! انا ما صدقت الحياة احلوت بيكِ ما صدقت لاقيتك واتفقنا انى هعوضك عن كٌل حاجة صح؟ انا إللى غبي اللى معرفتش احميكِ صح. انا ايوة انا..
كاد أن يفقد عقله وهو يفكر في انه السبب فيما حدث.! حل المساء واخيراً، جلست سالى بجانب عارف تضُمدِ له جراحة وهو يتأوه بغضب قائلا =بقا الكلاب يهربوا ويسيبوا ليث يضرب فيا، حتى انتِ كمان هربتى! =عايزانى اعمل ايه بس يا عارف، انت مشوفتش ليث كان طايح ف الكُل ازاى. انا اول مرة اشوفه كده كٌل دة علشان الست المحروسة، دة كام ممكن يقتلني من غير ما يرف ليه جفن..
=ماشى يا ليث والله. ما انا سايبك لازم أنتقم منه وأخلص بتاري منه على الآخير.. نظرت لهُ بإستنكار فهو لم يستطيع مواجهة ليث ومازال يتحدث عن قتله بدماء بارِدة.. فى المطار، وقف ادهم واحتضن احمد بحرارة الذي بدء يتقبله ويحبه ثُم سلم على ورد وودعخا والتفت الى عشقه الوحيد قائلا بإبتسامة =مع السلامة يا حبيبتي. خلى بالك من نفسك. =وانت كمان خلى بالك من نفسك.
كان يود احتضانها ولكن لا يجوز اطلاقاً، ف اكتفي بنظرته لها التي تحمل معانى كثيرة، أخذ الحقيبة خلفه وودعهم بيديه ثُم دلف الى الداخل واختفي عن انظارهم، تنهدت ريم بعبوس فهى بدأت تفتقده الآن، ف ماذا فيما بعد.. احتضنتها ورد بحب قائلة =هنرجع القاهرة ولا هتستنى؟ =لا نمشي بكرا الصبح بقا بلاش بليل الجو متأخر اوى.. هزت رأسها والتفت الى احمد قائلة =وانت يا احمد!؟
=انا هروح انام في الفندق اللى نمت فيه قبل كدة، وانتَوا روحوا وبكرا نبقي نمشى سوا. =تمام مع السلامة. ودعهم بهدوء ورحلت ريم وورد بينما ذهب احمد الى الفندق، ما ان وصل اليه حتى قابل فتاة الامس مرة اخرى، ذهبت اليهِ بدلال قائلا =اتأخرت اوي. =لا اتأخرت ولا حاجة. تعالى سليني يلا. قهقهت بخفة =طول عمرك شقى. بادلها الابتسامة وحاوط ذراعيها بيديه، وصعدوا معاً الى الاعلي حيث غرفة احمد..!
خرج الطبيب من الغرفة ركض اليه ليث قائلا بلهفة عاشق =فجر، فجر كويسة؟! =احم. مدام فجر بخير حاليًا لكن الجروح في جسمها كتير أوي للاسف ف هتحتاج فترة عٌقبال ما تتعالج، والحمدلله ان محصلهاش كسر أو حاجة، لكن. لكن.. =لكن ايييييه ما تنطق! =لكنها فقدت طفلها للاسف.. =ايه! نظر للفارغ بصدمة من فقدانه لطفله الذي كان سيجمع بينهم لكنه هدأ قائلا بعدم اكتراث =المهم انى فجر كويسة مش مهم حاجة تانية، انا عايز اشوفها دلوقتي.
=هي نايمة و.. =ماليش دعوة بأي كلام. عايز اشوفها ومش عايز نقاش. =تمام بس ياريت متطولش. اتفضل. ركض ليث الى الغرفة وفتحها ودلف اليها وهي نائمة على الفراش لا حول لها ولا قوة، جلس بجانبها وهُو يُملِس على شعرها بأعين دامعة =انا اسف يا حبيبتي. انا اسف يا فجر على اللى عملته فيكى. وعلى اللى حصلك بسببي بس والله مش هسيب حقك حقك هيييجي..
قبل مُقدمة رأسها ونهض بعنفوان وعينانْ تشِع انتقامًا، قام بالإتصال من هاتف المُستشفى وقال لرئيس الحرس الخاص به بصرامة =اسمعني كويس هقولك ايه وتعمله بالحرف الواحد.. =تمام يا فندم.. نهضت سلمى من مكانها وفتحت الباب لتصطدم ب أبن عمها امامها الذي قال لها بغضب =هو ده المكان اللى انتِ بتشتغلى فيه؟ نظرت سلمى له بأعيُن غاضبه وابعدتهُ عن الباب وخرجت للخارج وجذبت الباب خلفها قائلة بنفاذ صبر.
=هو انت ايه اللى جايبك هنا! =جاي اشوف خطيبتي ولا مش من حقى يا ست سلمى..! =لا مش من حقك. خطيبتك منين دة كان كلام ع الهامش بين العائلتين زمان مش اكثر ولا اقل ف اتفضل امشي من هنا بقا دة مكان شغل.. =شغل ايه وزفت ايه، انا مش همشى من هنا الا لما اخدك معايا بالذوق أو بالعافية خلاص مبقاش ليكى شغل وهنتجوز برضاكي أو غصب عنك.. خرج عمر على صوتهم قائلا =فيه ايه يا سلمى بتزعقي ليه ومين دة..
=انت اللى مين وبتدخل بين واحدة وخطيبها ليه! =خطيبك! انتِ مخطوبة؟! =لا انا مش.. حاولت سلمى التبرير لكن عمر قاطعها قائلا =خلاص خلاص انا ماليش حق ادخل بين واحد وخطيبته. قالها وعاود الدلوف الى الداخل فقالت سلمى بغضب وعضلات وجهها تشنّجت لا إرادياً =عاجبك اللى حصل دة، اتفضل امشى من هنا ولما اخلص شغلى هنتكلم يا عادل مينفعش اللى بتعمله دة.. =ماشى لما نشوف لما ترجعي يا بنت عمى..
نظر لها بغضب وغادر في حين دلفت سلمى للداخل لتقول لها والدة عمر =فيه حاجة يا بنتى؟ = لا يا طنط مفيش حاجة عن اذنك بس هكلم عمر وأرجع. =ماشى يا بنتى. دقت على باب عمر ليسمح لها بالدخول ف دخلت قائلة =عمر انا عايزة اوضحلك انه لا خطيبى ولا نيلة وهو بيتكلم اى كلام وخلاص..
=والله انا ماليش دعوة بمواضيعك، سواء خطيبك او لاء ف انا ميهمنيش ومش هدّخل ف حاجة تخُصك اكيد، اه ولو عايزة تسيبيني وتروحي ل خطيبك اتفضلي انا قاعد مع امى. =انت دايماً بتحكم عليا بطريقة غلط. متخليش الماضى يظلم ناس ف طريقك مالهومش ذنب. التفتت وغادرت الغرفة الخاصة به بينما كلامها ظل دائر في ذاكرة عمر حتى رن هاتفه ينتشله من التفكير فرد قائلا =خير يا ليث فيه حاجة!
=اسمعني كويس يا عمر. محتاج حد ضرورى يبقي مع فجر ف المستشفى ومحتاجك تيجي معايا ضروري ف مشوار مهم.. =فجر! هي في المستشفى ليه؟ =هقولك بعدين متتأخرش عليا ف مستشفى (. ). =ماشى سلام. أقفل الهاتف وخرج الى سلمى التي تقف في المطبخ تُعد قهوة في شرود قال وهو يمُط شفتيه بضيق =ينفع تساعديني في موضوع مهم جداً! نظرت لهُ بطرف عينيها بعتاب فقال بتنهيدة =علشان خاطرى.. تنهدت قائلة بإسستسلام =خلاص تمام. =طيب اجهزى وانا جاى.
ودَّعت ريم خالتها بأحضان وتقبيل وودَّعت حماتها ايضاً وغادرت مع ورد للاسفل قائلة =هو احمد لسه مجاش! =مش عارفة برن عليه مش بيرد. =طيب خلاص هنضطر نروحله الاوتيل يمكن راحت عليه نومه ولا حاجة. =نفسى مرة ينتظم في مواعيده.. =معلش تلاقي غصب عنه يلا بينا. صعدوا الى التاكسى ثم انطلق بهم الى الاوتيل الذي يُقيم فيه احمد، وصلوا في وقت لا بأس به ثم قالت ورد.
=هطلعله انا وخليكى هنا. اتصلى ب أدهم واطمنى اذا كان وصل ولا لا شحنتلك دولى. =خلاص تمام تسلميلي يا وردتي. =اى خدمة. قالتها بغرور وثقة لتُبادلها ريم الابتسامة وقامت ب الاتصال بحبيبها للإطمئنام عليه..
بينما صعدت ورد الى الاعلى وسألت عن رقم الغرفة التي يقطِن بها أحمد وصعدت اليها، قامت بالدق على الباب فوق الدقيقتين وهي تزفر الهواء بضيق من تأخره، حتى فتحت لها فتاة ترتدى ملابس شبه عارية قائلة بطريقة مُقززة وهي تمضُع العلكة =انتِ مين! نظرت لها ورد بدهشة وصدمة أتكون قد جاءت الى غرفة خاطئة ولكن ما جعل عينيها تتسع اكثر، احمد الذي اتي من خلف قائلا وهو يتمطع بنُعاسِ =مين جه!
نظرت لهُ بصدمة ولم تقل صدمته عندما رآها امامه.. وصلت سلمى برفقة عُمر الى المُستشفى، أستقبلهم ليث بلهفة قائلا =كويس انك جيت، مين دي؟ =دي الدكتورة سلمى الى بتخلى بالها من امي. =طيب يا دكتورة سلمى خلى بالك من فجر مراتي لطفا عيونك متغبش من عليها ابداً احنا في مشوار ومش هنتأخر تمام، ولو حصل اي حاجة اتصلي ب عمر فوراً. =تمام متقلقش في عيوني. هز ليث رأسه قائلا =يلا بينا يا عمر.
خطي ليث للامام وهو يُغادر فقال عمر ل سلمى =خلى بالك.. هزت رأسها بتفهم ثُم دلفت الى فجر وجلست على المقعد الموجود بجانبها تنظر لها في اشفاق من الكدمات والجروح التي غطتها. بينما دلف ليث الى السيارة وبجانبه عمر الذي قادها بعناية قائلا =رايحين على فين.. =هصفى حساب مهم جداً.. انطلق عمر وهو لم يفهم شيء ولكن فضّل الصمت ل حين الوصول.
بينما في أحد المخازن القديمة كان عارف يجلس مُتكِف اليدين وبجانبه سالى المُكتفة اليدين قائلة بغضب =عاجبك كدا. ادينا وقعنا في الفخ بسبب غبائك.. =غبائي انا! مش دول الرجالة اللى وثقتي فيهم وباعونا ل ليث ف لحظات ومش دي خطتك في اننا نهاجم ليث ونأذي مراته اديه هيخلص مننا من غير ما يرمش ليه جفن..
=مش هسمح ب دة، لازم يعرف حقيقتها واللى عملته معاه دي باعته واتفقت على موته معاك، وانت عارف ليث مش بيسامح اللى بيبيعه، وقتها في لحظة ممكن يخلص منها ومش هيبقي فيه حاجة اسمها فجر أو علاقة فجر وليث.
رواية جحيم الليث للكاتبة سامية صابر الفصل الخامس والعشرون
دلف ليث بقوته وصلابته وبجانبه عمر الذي كان يتساءَل ماذا يوجد هُنّا؟ حتى رأي امامه عارف وسالى مُكتفين خشى أن يفعل صديقه شيءٍ لهم فقال بقلق =ليث انت. =خليك ساكت يا عُمر. وسيبني اتصرف مع الكلاب دول بنفسى. اقترب منهم وهمّ في اشد الخوف والقلق قال عارف برعِشة =مش انا إللى عملت كدة في مراتك دي سالى! كمان كانت خطتها نهاجمكوا في اسكندرية ونخلص منكم، وانتوا مش معاكوا حد ونجيبكوا على مستودع القاهرة..
قالت سالي بغضب =الكلب دة بيكذب. دة ابوه السبب في موت والدتك انا شوفت سي دي اتفاق ابوه مع رجالة يقتلوا امك.. أحتقنت الدماء عروق ليث لكنهُ صمت وهي يتمشى بهدوء امامهم قائلا بنبرة ثابتة =يلا كملوا نشر غسيلكوا الوسخ قدام بعض، بيعوا بعض يلا. قال عارف بإستعطاف =يا ليث احنا اخوات من ام واحدة، مش معقول تأذي اخوك اللى من لحمك ودمك.! قهقه ليث بصوت عالي قائلا.
=أخويا! وانت بقا لسه فاكر الكلام دة. يوم ما كُنت كل شوية اترجاك تحبنى ك اخ واني ماليش ذنب اني امي اختارتني وسابتك! وأنه الموضوع مالوش علاقة بيا علشان تكرهني وتغير مني؟ مجاش في بالك وانت بتعذبني وبتقتلني بدم بارد ولا كإنى هنا، ولا لما سحمتلها تقتل مراتي وابنى اللى في بطنها..؟ قال عارف بنظرات حانقة.
=انت مشوفتش اللى انا شوفته، انا اتربيت مع اب اناني وابن كلب، كل يوم يضربني ويذل فيا امى سابتني واتجوزت ابوك وخلفتك وانت عايش احسن عيشه وانا عايش من غيرها، كان لازم يبقي جوايا كُل الكره والحقد دة ليك. ولو جاتلي فرصة اقتلك هقتلك الف مرة تانية وانا اللى بوظت فرامل العربية بتاعتك وكُنت عايز اقتلك، انا إللى هاجمت عليك في بيتك بليل علشان اقتلك. وانا اللى جبت ناس ضربوا عمر واخته، كُنت عايزة اقصقص كُل جناحتك والحاجات اللى مقوياك، اخليك ضعيف ومكسور..
هجم عمر عليه يلكمه في وجهة بغضب وحرقة =قتلت اختي يا بن الكلب، انت السبب في موت اختي يا وسخ، انت السبب.. امسكه ليث وأبعده عنه قائلا وهو يمسك وجهة في يديه =اهدي يا صاحبي، حق اميرة هييجي والله حقها هييجي.. =هو اللى قتلها هو السبب اللى حرمنا منها. =اهدى يا عمر حقها هييجي صدقني.. حاول عمر ان يتماسك واتكأ على جدران الحيطة، ينظر ل عارف بغضب الذي بادله بحقد وانتصار، فقالت سالى بعصبية مرة واحدة.
=ست الحسن والجمال اللى انت بتعاقبنا علشانها، هي اللى سلمت الورق كله ل عارف وخسرتك الصفقة كانت خاينة ليك واتعاقدت معانا، خانتك يا ليث اللى انت بتحبها وبتثق فيها خانتك، وكمان لما عارف قالها هنقتل ليث مرفضتش ولا اترددت لحظة، ها ايه رأيك بقا دلوقتى! نظر لها ليث مطولاً بصمت، فقالت بسخرية =شوفت! مصدوم طبعاً طلعت وسخة زي بل واكثر..
مال عليها ليث يعتصر عُنقها بين يديهِ وهي تتنفس بصعوبة، قال لها وهو يجز على اسنانه =متجبيش سيرة مرات ليث الشرقاوي، دى تقولى عليها سيدتك، انتِ اخرك تبقي خدامة عندها. متقارنيش نفسك بيها هي مش زي حد ابداً فاهمة.. تنفست بصعوبة فترك عُنقها بغضب قائلا =عسوي، هاتلى اللى قولتلك عليه.. آتي له عيسوي بعصاهَ وهي نفس العصاه التي قامت هي بها بضرب فجر، قال لها بنبرة غليظة.
=نفس العصاية اللى ضربتي بيها حبيبتي وسقطيها، هتضربي وتتعاقبي بيها.. هزت سالى رأسها قائلة =لأ لأ يا ليث انا انا سالى حبيبتك القديمة.. =الكارثة اللي ف حياتي قصدك، خلاص مبقاش فيه حبيبة في حياتي الا فجر وبس..
امسك العصاه وبكُل قوة منه ضربها بها لتصرخ هي بألم شديد ظل يضرب فيها بكُل قوته وينفس عن غضبه منها حتى فقدت الوعي من كثرة الضرب على جسدها وحدث لها كسر في بعض اجزاء جسدها واصبح حولها بركة من الدماء بصق عليها بغضب قائلا =آخرة اللى تفكر بس تأذي مرات ليث الشرقاوي.. نظر له عارف برعب، فقال ليث ل عمر =تحب تشارك ف العملية العظيمة دي؟ شمر عُمر عن ساعديه قائلا =بكُل سرور..
هجم كلاهما على عارف ابرحاهُ ضرباً وذُلاً، وظل هو يصرخ بهم ليتوقفوا، ولكن لا فائدة حتى فقد الوعي من كثرة الضرب الذي تعرض لهُ، فقال ليث وهو يمسح حبات العرق التي على جبينه =عيسوي. تاخدهم وترميهم مكان ما جبتهم وما تسبش ولا أي اثر، وهتاخد التسجيل اللى اتسجل دة وتديه للشرطة وتبلغ عنهم انهم السبب في موت أميرة اخت عمر وانهم تسببوا ليا في مشاكل كثيرة أوي.. =تحت امرك يا ليث بيه.. قال عمر بإعجاب.
=لا برافو يا ليث بيه الواحد مدهوش منك.. =عيب عليك يالا انت مش عارف صاحبك ولا اي، ادي آخرة اللى يأذى مرات ليث الشرقاوي.. =يا ولا يا زعيم. =يلا بينا.. =الواد أحمد فاته حتة مُغامرة. =نبقى نعيدها لما ييجي. ضحكا كلاهما وتأبطوا ذراع بعضهم وخرجوا من المستودع ك الاسود الفائزين.. حاول أحمد ان يتحدث وَيُبرر ما يحدث لكنها فضّلت الصمت وتراجعت للخلف وتركتهم وركضت بعيداً نادى احمد على أسمها ولكن لا فائدة، قالت الأخرى.
=هو فيه اي! =مفيش يلا انتِ بالسلامة انا راجع القاهرة. اخرجها واقفل الباب ودلف ليُبدل ملابسه فقالت هي بحيرة =ايه يا خواتي دا! اما راجل غريب بصحيح.
بينما في الأسفل استندت ورد على الحائط وتركت عينيها تبكى بمرارة فقلبها يؤلمها مما رآته، لا توجد علاقة بينهم ولا شيء لكنها قد عشقته رغمًا عنها واحد اسبابها في الابتعاد علاقته المُتكررة التي لا تنقطع، ف خشيت ان هذا يؤلمها في المستقبل وبالفعل آلمها وهي على المشارف.. مسحت دموعها وهي تُحاول ان تبدو شجاعة وصلت للتاكسي فقالت ريم بتساؤل =ها فين احمد! =اطلع يسطا.. =فيه ايه..؟
=مفيش حاجة. هنطلع من غيره هو عنده شغل تاني اهم. =الله شغل ايه متفهميني. =شغل وخلاص يا ريم، سيبك منه! =طيب خلاص اهدي. لا اله الا الله. استندت ورد على نافذة السيارة واغمضت عينيها تُحاول الا تضعف الان بينما مطت ريم شفتيها بقلق على صديقتها. وصل عمر مع ليث الى المُستشفى ودلفوا الى غرفة فجر، التي قد بدأت تستفيق، فنهضت سلمى قائلة =بدأت تفوق. قال ليث =تمام شكرا ليكوا تقدروا تمشوا. =مش عايز مننا حاجة يا ليث؟
=لاء ياعمر تسلم لو عوزت هكلمك. =تمام مع السلامة يلا بينا يا سلمى. هزت سلمي رأسها واخذت حقيبتها وغادرت مع عمر من المُستشفى ؛بينما رمق ليث فجر التي تتقلب، نظر لملامحها التي يعشقها املى عينيهِ منها قليلاً ثُم جلس بجمود وبرود ووضع قدم فوق الأخرى.. استفاقت بعد قليلاً قائلة بنبرة خفيضة =ليث.. رمقها بطرف عينيهِ قائلا بنبرة ثابتة =انتِ كويسة يا فجر؟ هزت رأسها بضعف قائلة =ايوة، انت انت كويس.
ابتسم ابتسامة جانبية، ثُم قال بهدوء =ايوة كويس. =ابنى، ابنى كويس يا ليث؟! اقترب منها مُلامِساً معصمها بحُزِنْ =للاسف. فقدنا الطفل يا فجر. =ايه. لاء لاء انت بتكذب عليا ابنى لاء ابنييي ظلت تتشنّجِ في فراشها بغضب وبكاء، امسك ليث معصمها يُحاول تهدأتها والمسح على خُصلات شعرها قائلا =اهدي يا فجر، دي ارادة ربنا.. =هي هي السبب هي اللى فضلت تضرب فيا لحد ما خسرت ابنى منها لله..
=حقك وحق ابنك جه، اتضربت بنفس الوضع اللى إضربتى بيه. امسك هاتفه وفتحه وجاء بمشهد وهو يضرب سالى بنفس العصاه، أغمضت فجر عينيها قائلة بإشفاق = بس خلاص اقفل الفيديو، حسبى الله ونعم الوكيل.. =غير دة كله راحوا السجن خلاص، حق ابننا جه. ظلت تبكي بصوت مكتوم رمقها ليث بحب ورضي فهى نقيه جدًا حتى لا تستطيع أن ترى عدوها يتعذب.. ملَس على يديها بهدوء حتى هدأت بعض الشيء وقالت وهي ترمِش بعينيها =انت، انت عرفت؟!
ابعد يديهِ عنها قائلا بصرامة =عرفت ايه بالظبط.. ضغطت على شفتيها بتوتر قائلة =اني. انى. انا. =مش وقته يا فجر، ارتاحي دلوقتى انتِ لسه تعبانة! =يبقي انت عرفت صح، ليث والله ان.. =خلاص يا فجر الموضوع دة مش حابب اتكلم فيه. =انت هتعمل ايه؟ =ابداً، هستنى لما تخفى وتبقي كويسة وزي الفل. ووقتها هنفذلك الطلب اللى كُنتِ بتطلبيه على طول.. =يعني يعني ايه؟ =هطلقك! =ليث. انت انت بتقول ايه.. اجهشت في البكاء بشدة فقال بضيق.
=بتعيطى ليه دلوقتى؟ =علشان انت هتطلقنى. انا مش عايزة اطلق! =نامي يا فجر وارتاحي دلوقتي ارجوكى.. دلف اليهم الطبيب في تلك اللحظة وقال بهدوء =عامله ايه دلوقتي؟ هزت رأسها بألم في أنحاء جسدها، فقال ليث بتساؤل =تقدر تاخدها معاك بكرا الصبح. بس دلوقتى لازم ترتاح.. =تمام ماشى. تركهم الطبيب وخرج في حين قال ليث =يلا علشان تاكلي.
أعدل من وضعية جلوسها، ثُم قدم اليها الطعام وظل يُطعمها، وهي تنظر له كأنها طفلة امام والدها ولكن هُو لا يُبالى. قائلا في نفسه =لازم اعلمك الادب يا فجر، رغم انى عارف انك مظلومة بس لازم تتعلمي بلاش الخيانة لأي شخص اياً كانت، وانا بعاقبك، هعاقب نفسى واحرمنى منك. على اللى عملته معاكي، هنتغير، وننسي الماضي وحكاياته، ونبدء بحكايات. جديدة.