رواية اغتصاب مع سبق الاصرار الجزء الثاني للكاتبة سارة علي الفصل الخامس
عادت هنا الى غرفتها وهي تشعر بالغضب والغل الشديدين... جلست على سريرها وأخذت تهز قدميها بقوة... ظلت على هذا الحال فترة ليست بقصيرة... ما زالت تتذكر منظره وهو يواسيها ويضمها اليه... هل باتت الان سنا في وضع يستحق العطف والشفقة...
ماذا عنها هي...؟! ألا تستحق العطف ايضا...؟! ألا يكفي ما حدث معها...؟! وحياتها التي تدمرت بسبب سنا واخيها وحازم ايضا... نهضت من مكانها واتجهت الى الشرفة الملحقة في غرفتها... أخذت نفسا عميقا محاولة منها لاستنشاق القليل من الهواء... لمحت حازم وسنا يدلفان الى داخل الفيلا فتحركت بسرعة داخل غرفتها وهي تسب وتلعن سنا في داخلها...
بعد فترة قصيرة حملت حقيبتها ووضعت بها هاتفها واتجهت خارج القصر بأكمله...كانت تسير على قدميها بلا وجهة محددة... فقط تسير وتفكر بكل ما حدث وما زال يحدث معها... قررت اخيرا الذهاب الى منزلها... علها تجد ريهام هناك وتتحدث معها... ما ان وصلت الى هناك حتى ارتمت بين احضان اختها تبكي بصمت بينما ريهام تربت على ظهرها بحنان،...
توقفت اخيرا عن البكاء لترفع رأسها وتتأمل ريهام التي سألتها بقلق: حصل ايه عشان كل ده...؟! ياريت تفهميني... سردت هنا لها ما حدث بينها وبين راقية من حديث ثم أخبرتها بما رأته في الحديقة... سألتها ريهام بعدما انتهت هنا من سرد ما حدث: انتي بتحبي حازم يا هنا...؟!
مسحت هنا دموعها باطراف أناملها ثم قالت بحيرة: مش عارفة... انا اصلا مش عارفة اذا حبيته فالاول او لا... يبقى اكيد مش هعرف اذا كنت بحبه دلوقتي او لا... اومأت ريهام رأسها بتفهم ثم قالت بجدية: طب متحكيله... احكيله ايه..؟! اجابتها ريهام: احكيله عالحقيقة...
انتفضت هنا قائلة بعصبية: بعدما طلقني وطردني من بيته... مهو افتكرك خنتيه... حتى لو ده مش مبرر... قالتها هنا باستياء حقيقي مما تسمعه لترد ريهام: يا هنا اللي بتفكري فيه غلط... مينفعش تعيشي حياتك كلها عشان تنتقمي... وتنتقمي من مين اصلا... اذا كان اكتر واحد لازم تنتقمي منه مات وراح...
تطلعت اليها هنا بنظرات غير مقتنعة لتكمل ريهام: هنا انا عايزة اقولك حاجة.. قولي... قالتها هنا بإذعان لتبتلع ريهام ريقها وتقول بتردد: ايه رأيك تروحي دكتور نفسي...تحكيله اللي حصل معاكي...وساعتها ممكن يساعدك ويخرجك من اللي انتي فيه...
مش عارفة... انا مبقتش عارفة اعمل ايه او اتصرف ازاي... قالتعا هنا بنبرة تائهة لتقول ريهام بجدية: فكري بكلامي... صدقيني لما تروحي لدكتور وتحكيله هترتاحي جدا وهتحسي بفرق... اومأت هنا برأسها ثم قالت: تعرفي دكتور كويس...؟! قالت ريهام بسرعة: طبعا... دكتور حسام...كان بيشتغل بنفس المستشفى اللي بشتغل فيها...
طب اديني عنوانه... سجلت لها ريهام عنوان الطبيب لتأخذه هنا وتضعه في حقيبتها ثم تنهض من مكانه وتودع اختها وتخرج من الشقة عاقدة العزم على الذهاب الى ذلك الطبيب...
وقفت هنا أمام عيادة الطبيب وهي تشعر بالخوف والتردد الشديدين... تأملت اللافتة الموجود عليها اسم الطبيب بملامح قلقة ثم ما لبثت ان أخذت نفسا عميقا وسارت الى داخل العيادة... انتظرت هنا حتى يأتي دورها ثم دلفت الى الطبيب بخطوات مترددة... تأملت هنا الطبيب بهيئته الوسيمة المنقمة...كان شابا صغيرا وليس كبيرا كما توقعت...
منحها الطبيب ابتسامة خفيفة ثم طلب منها ان تجلس أمامه... سألها عن حالها وتحدث معها في بعض المواضيع العامة قبل ان يسألها: ودلوقتي عايز اسألك سؤال المهم... شكلك حزين ويائس كده ليه يا مدام هنا...؟! ابتلعت هنا ريقها ثم قالت: عشان كل حاجة فحياتي بتخليني كده... يائسة وحزينة... مفيش حاجة فيها عدلة...
تأملها الطبيب بنظرات حائرة قبل ان يهتف متسائلا: ليه...؟! ليه بتقولي كده...؟! اخذت هنا نفسا عميقا ثم بدأت تسرد لحسام ما حدث معها منذ اول يوم قابلت به حازم... حتى وصلت الى ذلك اليوم الذي كان فارقا في حياتها... تنهدت بصوت مسموع ثم قالت مكملة وصلة حديثها: أمجد اتصل بيا وقال انوا عايز يشوفني ضروري... هددني لو مجتش هيقول لحازم... وانتي رحتيله...؟!
اومأت برأسها وأكملت: علاقتي مع حازم كانت واخدة وضع كويس وانا مكنتش عايزة اخسره...اضطريت اني اروح... اول ما رحت الشقة اللي اتفقنا اننا نتقابل بيها... قاطعها: مش غريبة انوا طلب منكم تتقابلوا بشقة... اجابته هنا بجدية: انا استغربت بردوا...بس هو قالي انوا مش عايز حد يشوفنا وده ممكن يحصل لو قابلتع فمكان عام...
اومأ حسام برأسه متفهما بينما أكملت هنا حديثها المضطرب: رحت... اول مدخلت هناك لقيت حد جه من ورا وحط حاجة على مناخيري خلتني محسش بأي حاجة... ولما صحيت لقيت نفسي... صمتت ولم تستطع التكملة... شعرت باختناق شديد وهي تتذكر ما حدث...
حينما استيقظت هنا وجدت نفسها ترتدي قميص نوم عاري وبجانبها شاب شبه عاري هو الاخر يقبلها ويضمها اليه...وقبل ان تصرخ بحرف واحد كان حازم قد اقتحم المكان... لم تستوعب ما حدث ولم تشعر بنفسها الا وهي مرمية خارج الشقة وحازم يشتمها ويضربها بأفظع الكلمات قبل ان يلقي يمين الطلاق عليها...
مسحت هنا دموعها وهي تسرد على مسامع الطبيب ما حدث ليتنهد الطبيب بأسى ويقول: لو مش عايزة تكملي النهاردة ممكن ترتاحي وتكملي بكره... ياريت.. قالتها هنا ثم نهضت من مكانها وحملت حقيبتها واستأذنت من الطبيب لتخرج من الغرفة...
كان حازم يجلس بجانب سنا التي أخذت تتحدث في امور شتى...ولكنها لم يكن منتبها لحديثها بل كان يفكر في شيء بعيد عنها... في هذه الاثناء دلفت هنا الى الداخل...كانت تسير بخطوات بطيئة وهي تشعر بدوار شديد... توقفت أمام صالة الجلوس حيث يجلس الاثنان... تطلعت اليها سنا بكره وحازم بنظرات مبهمة لا توحي بشيء... لم تشعر هنا بنفسها الا وهي تسقط على الارض فاقدة للوعي لينتفض حازم من مكانه ويجري نحوها بلهفة شديدة... حملها بسرعة واتجه بها نحو غرفة نومها تتبعه سنا وراقية التي جاءت صدفة وشاهدت ما حدث...
وضعها حازم على السرير وطلب من والدته ان تتتصل بالطبيب...وبالفعل اتصلت والدته بالطبيب الذي جاء بعد فترة قصيرة... فحص هنا التي استيقظت واستعادت وعيها ثم طلب منها ان تجري مجموعة تحاليل ضرورية... خرج حازم مودعا الطبيب الذي اخبره: ضروري تعمل التحاليل دي يا حازم بيه...
هو فيه حاجة تخوف يا دكتور...؟! اومأ الطبيب برأسه واكمل: مش هقدر أجزم بحاجة دلوقتي... بس وضعها الصحي مش مطمني... انا أفضل انها تقوم بالتحاليل والاشعة المطلوبة وهي هتبين لينا كل حاجة...
رواية اغتصاب مع سبق الاصرار الجزء الثاني للكاتبة سارة علي الفصل السادس
اعتدلت هنا في جلستها على فراشها ثم ما لبثت ان أخذت كوب الماء من راقية وتناولته على مهل... اعطتها كوب الماء بعدما انتهت منه لتسألها راقية: بقيتي احسن دلوقتي...؟! اومأت هنا برأسها بتعب دون ان ترد لتعاود راقية سؤالها: انتي اول مرة يحصل معاكي كده...؟!
اجابتها هنا بنبرة متشنجه: لا حصل معايا مرتين او ثلاثة تقريبا... قالت راقية بسرعة: سلامتك.. ثم اردفت بجدية: انتي لازم تعملي الأشعة والتحاليل اللي الدكتور طلبها... هعملها اكيد...
قالتها هنا باذعان ثم تمددت على سريرها من جديد فهي ما زالت تشعر بالارهاق لتقول راقية: انا هسيبك دلوقتي ترتاحيى...هوصي الخدامة عليكيى... ابتسمت هنا بإمتنان لتتحرك راقية خارج المكان تاركة هنا تفكر في أمر هذه السيدة التي تحرجها دوما في مدى طيبتها وحنانها... اما في الخارج فخرجت راقية لتجد حازم واقفا في انتظارها... تأملته بملامح مشفقة فهو يبدو قلقا عليها ولا يستطيع اظهار ذلك...
اقتربت منه وقالت له بإبتسامة خفيفة: بقت احسن دلوقتي... سبتها عشان تنام... الدكتور شاكك فحاجة مش كويسه... ابتلعت راقية ريقها وسألته بقلق: حاجة زي ايه...؟! اجابها حازم بحيرة: مرضيش يقول...
شعرت راقية بالقلق خاصة حينما تذكرت ما قالته هنا بأنها سبق وتعرضت لنفس الحالة مرتين او ثلاثة... لم تشأ ان تقلق حازم فقالت محاول طمأنته: متقلقش...خير ان شاء الله... مش قلقان... قالها حازم بعناد لتومأ راقية برأسها متفهمة ثم تقول بجدية: طب خلينا ننزل ونشوف خالتك وسنا... هي سنا راحت فين صحيح..؟!
اجابها بإقتضاب: مش عارف... ثم قال بجدية: انا هروح الشركة... عندي كم حاجة لازم اعملها... تمام... هترجع تاخدني ولا اخلي السواق يرجعني... تنهد حازم وقال: خلي السواق يرجعك.. ثم تحرك متجها خارج المكان تاركا والدته تتابعه بنظرات غير مطمئنة...
في الشركة... كان حازم يعمل على بعض الملفات حينما دلف خالد وهو يقول: ممكن اعرف جايبني بالسرعة دي ليه...؟! اقعد الاول... اشار حازم الى الكرسي المقابل له ليجلس خالد على الكرسي وهو يكمل بفضول: عايز مني ايه بقى...؟! اغلق حازم الملف الموضوع امامه ثم اكمل بجدية: عايزك تكلم ريهام... اكلمها ليه..؟!
سأله خالد مستغربا ليجيبه حازم: تكلمها عشان تخلي هنا تعمل التحاليل والاشعة... انهي تحاليل واشعة تقصد...؟! سأله خالد بعدم فهم حقيقي ليزفر حازم انفاسه بضيق قبل ان يسرد على مسامعه ما حدث اليوم من إغماء هنا ثم طلب الطبيب منه اجراء بعض الفحوصات التي كتبها لها...
وهي عاملة ايه دلوقتي...؟! سأله خالد بقلق ليجيبه حازم: احسن شوية... اومأ خالد برأسه متفهما ثم اكمل: طب ليه متكلمش هنا بنفسك وتطلب منها تعمل التحاليل... بدل ما اكلم ريهام وريهام تكلم هنا ونقلق البت عالفاضي... خالد... لو مش عايز تكلمها قول... لا هكلمها...بس انا مستغربك شوية...
مستغربني ليه...؟! سأله حازم ليرد خالد بجدية: خلينا نتكلم بصراحة... انت ليه عايز تبين انك مش مهتم بيها... مع انك العكس تماما... انا مش مهتم بيها فعلا...انا بس قلتلك كده عشان الدكتور وصاني بده... وانا مش حابب يكون بيني وبينها اي تواصل... اومأ خالد برأسه وقال كاذبا: معاك حق...اهم حاجة عدم التواصل... رماه حازم بنظرات محذرة ليبتسم الاخير بسلاسة...
في صباح اليوم التالي... استيقظت هنا من نومها على صوت رنين هاتفها... زفرت أنفاسها بضيق وهي تحمل هاتفها لتجد المتصل ريهام اختها... تنهدت وهي تجيب على الهاتف ليأتيها صوت ريهام القلق: انتي كويسه...؟! انا بخير...فيه ايه...؟!
سألتها هنا بتعجب لتجيب ريهام موضحة: عرفت باللي حصل امبارح... انتي لازم تروحي للدكتور وتعملي التحاليل المطلوبة.. لحظة لحظة انتي عرفتي كل ده منين...؟! سألتها هنا بإستغراب شديد لتجيب ريهام: خالد كلمني وقالي اللي حصل... وخالد عرف منين...؟! مش عارفة...
شردت هنا في حديثها وهي تفكر لا اراديا بحازم... بالتأكيد هو من اخبر خالد بما حدث... لكن لماذا اخبره...؟! افاقت هنا من شرودها على صوت ريهام تقول: عالعموم انا جيالك دلوقتي عشان نروح سوا وتعملي الفحوصات... ملوش لزمة تجي... انا هروح لوحدي... بس...
اغلقت هنا الهاتف ثم نهضت من فوق السرير واتجهت الى الحمام، اخذت دوش سريع وخرجت وهي تلف جسدها بالمنشفة، خلعت المنشفة وارتدت ملابسها ثم جففت شعرها وخرجت من الغرفة متجهة الى المشفى... هناك في المشفى اجرت جميع الفحوصات المطلوبة منها وأخبرها الطبيب بأن النتيجة ستظهر خلال يومين...
خرجت هنا من المشفى وقررت الذهاب الى الدكتور حسام... فهي بحاجة ماسة للحديث معه... صحيح انها لم تلتق به سوى مرة واحدة لكنها ارتاحت في حديثها معه كثيرا... وصلت الى هناك وهبطت من سيارتها واتجهت الى العيادة... دلفت اليه وهي في وضع نفسي افضل بكثير من المرة السابقة... جلست امامه وحيته بهدوء ثم بدءا يتحدثا نفس الاحاديث المعتادة...
يعني افهم من كده انك مستغربة اهتمامه بيكي...؟! اومأت هنا برأسها وأجابت: مش فاهمه سبب الاهتمام ده...هو المفروض بيكرهني... يبقى يهتم بيا ويوصي خالد انوا يكلم ريهام ليه... قال حسام بنبرة ذات مغزى: مش يمكن لسه بيحبك...
رفعت هنا بصرها نحو حسام تتأمله بصمت غريب قطعته هي بنفسها حينما قالت: مش عارفة... تفتكر ممكن... ليه لا...! بعد كل اللي حكيتهولك... تنهد حسام وقال: اه بعد كل اللي حكيتهولي... صمتت هنا ولم تعقب بينما اكمل حازم متسائلا: هو انتي ليه مفكرتيش تبرريله موقفك...؟!
اجابته هنا: ملحقتش...امجد سبقني... مش فاهم... هشرحلك... هز حسام رأسه طالبا منها اكمال حديثها لتبدأ هنا في حديثها قائلة: امجد جاني بعد يوم...اداني شريط فيديو... طلع مصورني وانا مع... صمتت ولم تستطع تكملة الحديث ليقول حسام: وعشان كده اتجوزتيه...؟!
اومأت برأسها ليتطلع حسام اليها بأسف...لأول مرة تمر امامه حالة كهذه... تلك الفتاة تعرضت لشتى أنواع الظلم وأقساها... كيف تحملت...؟! كيف استطاعت ان تصبر...؟! فكر في هذا كثيرا وهو يؤكد لنفسه انها فتاة قوية بحق كي تتحمل كل هذا الالم والعذاب وتظل صامدة قادرة على الاستمرار... تعرفي انك اقوى واحدة شفتها...
كان الاعجاب واضحا في نبرة صوته لتبتسم هنا بمرارة قبل ان تؤكد ما قاله: عارفة...للاسف عارفة... ثم اكملت مستأذنة: ممكن نكمل بكره... اكيد طبعا... ابتسمت بامتنان ثم شركته ونهضت متجهة خارج غرفته ليتابعها حسام حتى اختفت من انظاره فيتنهد وهو يشعر بأن تلك المدعوة هنا باتت تشغل حيزا كبيرا من تفكيره واهتمامه...!
رواية اغتصاب مع سبق الاصرار الجزء الثاني للكاتبة سارة علي الفصل السابع
خرجت هنا من عند الطبيب وهي تشعر براحة شديدة... على الاقل هناك فرغت ما في جبعتها... اتجهت الى الشارع الامامي وهي تفكر في انها يجب ان تشتري سيارة لها في اقرب وقت ممكن...
استأجرت تاكسي وقررت الذهاب الى شقة عائلتها فهي باتت تكره الذهاب الى فيلا عائلة أمجد ورؤية الجميع هناك... ذهبت الى هناك فوجدت الشقة خالية... خلعت سترتها ورمتها على الكنبة... فتحت التلفاز وأخذت تقلب في القنوات بملل شديد... بعد فترة ليست بقصيرة عادت ريهام... دلفت الى الداخل وهي تكاد تطير من السعادة... تعجبت هنا من حالتها فسألتها بحيرة: ايه سبب كل السعادة دي...؟!
جلست ريهام بجانبها وقالت وهي تحتضنها: باركيلي... مبروك بس على ايه...؟! اجابتها ريهام وهي تتنهد بحالمية: انا اتخطبت... ايه...؟! مين...؟! وازاي...؟! سألتها بتعجب لتجيبها: خالد.. ازاي...؟! وامتى...؟!
سألتها هنا بذهول حقيقي لتجيب ريهام: من زمان... بس محدش اعترف للتاني غير دلوقتي... خالد خطبني رسميا وانا وافقت... ابتسمت هنا وقالت: مبروك... مبروك يا حبيبتي... احتضنتها ريهام بسعادة وقالت بحب: خطوبتنا الخميس اللي جاي...! بالسرعة دي...
اومأت ريهام برأسها وقالت بسرعة: لازم نجهز نفسنا... فاضل ثلاث ايام بس... ثم اخذت تدور حول نفسها وهي تقول: لازم اشتري فستان مناسب... وانتي كمان... حاضر... قالتها هنا باذعان ثم نهضت من مكانها واحتضنت ريهام وهي تدعو لها بالسعادة...
مرت يومان... ذهبت بعدها هنا الى المستشفى لتأخذ نتيجة التحاليل... جلست امام الطبيب الذي اخذ ينظر اليها بتفحص اقلقها... هي النتيجة طلعت ايه...؟! تنهد الطبيب ثم قال بانزعاج حقيقي: التحاليل مش كويسه للاسف...
ابتلعت هنا ريقها وشعرت بثقل كبير يتكون داخل صدرها بينما أكمل الطبيب: للاسف انتي عندك كانسر في المخ... هطلت الدموع من عيني هنا لا اراديا، بينما انقبض قلبها على الفور، ظلت صامتة لا تتحدث فقط دموعها تتحدث نيابة عنها، الصدمة شلت جسدها بالكامل...
اهدي... الحالة مش متأخرة اووي... كان الطبيب يحاول تهدئتها... مسحت دموعها بعنف بعدما استفاقت اخيرا من صدمتها... تحدثت بنبرة باردة تناقض النار المشتعلة داخلة: ياريت تشرحلي حالتي بالضيط... انتي عندك المرض ده من حوالي تسع شهور... طبعا لازم نبتدي علاج فورا... كيمياوي مش كده.. اومأ الطبيب برأسه لتهز رأسها بصمت ثم تحمل حقيبتها وتنهض من امامه متجهة خارج غرفته دون ان تلتفت الى نداؤه المتكرر او تهتم به...
وقفت هنا امام امواج البحر المتلاطمة تفكر فيما حدث معها... حالها وما وصلت اليه... كل شيء يجري ضدها... حتى المرض اختارها هي ليصيبها... وكأن الاسى يرغب بها دوما... افاقت من شرودها على صوت هاتفها يرن... كانت اختها ريهام تتصل بها... ضغطت على زر الرفض فهي لا تستطيع الحديث معها الان ولا تريد ان تشعرها بأي شيء...
وفي ظل هذه الافكار العصيبة لم تجد امامها سوى مكان واحد تذهب اليه... بحثت في سجل الارقام عن اسمه... ضغطت على زر الاتصال لكن دون رد... حاولت مرتان وثلاثة ولا يوجط رد...ابتسمت بألم فيبدو انه لا يوجد احد يستطيع ان يشاركها احزانها... اغلقت هاتفها وتحركت بعيدا عن البحر...
في اليوم التالي... مساءا... في احدى القاعات الراقية تمت خطبة خالد وريهام بحضور اهل العروسين واقاربهم واصدقائهم... كانت هنا واقفة في ركن خاص بها بعيد عن الجميع تتابع ما يحدث بملامح باهتة... كانت تحاول الابتسام لكنها لم تستطع فعلها... هناك حاجز في داخلها تكون بينها وبين الفرح..
ظلت تتابع ما يحدث بنفس الجمود حتى شعرت بالاختناق فقررت ان تخرج الى الحديقة الملحقة بالقاعة لتأخذ قسطا قليلا من الراحة غافلة عن زوج العيون التي تراقبها منذ وقت طويل... اخذت هنا نفسا عميقا وتنهدت بصمت قبل ان تشعر بخطوات تقترب منها... التفتت الى الخلف لتجد حسام ينظر اليها بابتسامة قبل ان يهمس بخفوت: ازيك... كويسه...
اجابته بتردد ليردف معتذرا: اسف لاني مقدرتش ارد على اتصالك بس كنت مشغول جدا ولما رجعت حاولت اتصل بيك مردتيش عليا... ابتسمت بضعف وقالت: ولا يهمك... كنت عايزة أاجل موعد الزيارة... ليه...؟! سألها متفاجئا لترد بهدوء: عشان تعبانة شوية... سلامتك...
حل الصمت بينهما للحظات... مبروك...مبروك على خطوبة اختك... وعقبالك.. حاولت كتم ضحكتها لكنها لم تستطع... قول غير كده... ابتسم بدوره وقال: متقوليش كده... تفتكر العمر فاضل بيه اد ايه عشان اتخطب تاني واتجوز... تطلع اليها حسام متعجبا وقال: ليه بتقولي كده...؟! انتي لسه صغيرة والعمر قدامك... معاك حق...
تطلع اليها حسام بنظرات مشككة قبل ان يسألها: هو انا ليه حاسس انك مخبية عني حاجة... مع اني دكتورك ولازم اعرف عنك كل حاجة... عايز تعرف ايه...؟! سألته ليجيبها: عايز اعرف مالك...؟! متغيرة ليه...؟! شكلك تعبان... ينفع اقولك بعدين...
شعر حسام بحاجتها الحقيقية للبوح بمكنونات قلبها لطن ليس الان فقال بتأكيد: طبعا... انا تحت امرك...وقت متحبي تتكلمي اتكلمي... ابتسمت هنا بأمتنان ليبادلها حسام ابتسامتها... هدخل جوه... لاحسن ريهام تكون عايزاني ولا حاجة... اتفضلي... دلفت هنا الى القاعة لتجد حازم في وجهها ينظر اليها بنظرات ساخرة... ايه... زبون جديد ولا ايه...؟! تغضن جبينها وسألته بعدن فهم: تقصد ايه...؟!
اجابها بتهكم: ماشاء الله عليكي مش بتلحقي... تسيبي واحد تمسكي بالتاني... طب استني عدة جوزك تخلص الاول... حملقت هنا به بصدمة شديدة قبل ان تهتف بعصبية حانقة: انت ازاي تكلمني كده...؟! بأي حق تتكلم معايا بالطريقة دي...؟! قبض على ذراعها بقسوة وقال: اسمعيني... صوتك ده ميعلاش عليا... ثانيا انتي اللي مش عارفة تلمي نفسك وكل شوية الاقيكي مع واحد جديد...
انتي اللي دمرتيلي حياتي... انا وثقت فيكي...حبيتك... وكنت مستعد اعملك كل اللي عايزاه... وقبل ان يعي شيئا كانت تتمسك به بقوة وقد بدأت تفقد توازنها... شهق بقوة وهو يحملها بين يديه لتهمس له: بلاش الخطوبة تبوظ... انا كويسه... ثم فقدت وعيها امام انظاره المصدومة...