رواية اغتصاب مع سبق الاصرار الجزء الثاني للكاتبة سارة علي الفصل الثاني
في صباح اليوم التالي... استيقظت هنا من نومها متأخرة قليلا... كانت الساعة قد قاربت على الحادية عشرة صباحا... نهضت من مكانها بسرعة واتجهت خارج غرفتها لتجد ريهام تضع طعام الافطار على السفرة... صباح الخير... قالتها وهي تتنهد براحة لتجيبها ريهام بإقتصاب: صباح النور...
ثم اردفت ريهام: الفطار جاهز لو تحبي تاكلي... جلست ريهام على الطاولة وبدأت في تناول طعامها لتقول هنا بإبتسامة غريبة: احب طبعا... ثم جلست على الكرسي المقابل لها وبدأت تتناول طعامها بنهم...
انتهت الفتاتان من تناولهما طعام الأفطار فنهضت ريهام من مكانها وأخذت تلملم الطعام لتتبعها هنا وهي تساعدها في هذا... توقفت هنا عما تفعله حينما لمحت النظرات المستغربة من ريهام... فسألتها متفاجئة: بتبصيلي كده ليه...؟! اجابتها ريهام وهي تشيح بوجهها: مفيش حاجة...
هتفضلي تعامليني بالشكل ده كتير... التفتت ريهام نحوها ترميها بنظرات حارقة قبل ان تقول بحدة: والمفروض اني اعاملك ازاي... اضمك وأخدك بالاحضان... وليه لا...؟! انا مش اختك... تشكلت على شفتي ريهام ابتسامة ساخرة قبل ان ترد بتهكم: اه طبعا انتي اختي... بتعملي كده ليه يا ريهام...؟! بتأذيني بالشكل ده ليه...؟!
سألتها هنا بمرارة لتلتفت ريهام نحوها وترد بعصبية شديدة: عشان انانية ومبتفكريش غير بنفسك... عشان دمرتي كل اللي حواليكي واولهم انا وأمك... وياريتك اهتميتي لا اتجوزتي وسافرتي وعشتي حياتك... دانتي حتى محضرتيش عزا امك... هطلت الدموع من مقلتي هنا لا اراديا وهي تتذكر والدتها وكيف ماتت وهي بعيدة عنها...
لقد ترجت حينها امجد وطلبت منه ان يسمح لها بحضور عزائها لكنه رفض بشدة... بتعيطي.. عيطي كمان يمكن دموعك تغسل ذنوبك يا هنا... قالتها ريهام بقرف ثم خرجت من المكان لتمسح هنا دموعها بقوة وتتجه نحو غرفتها...
على طاولة الافطار اجتمعت عائلة الشافعي جميعا يتناولون طعام افطارهم سويا... كان الجميع يفكر فيما حدث البارحة... كانت وفاة امجد بمثابة صدمة لهم... وحضور هنا وطرد راجية لها أزاد الطين بله... تنحنح مصطفى مصدرا صوتا انتبه له الجميع ليقول: مالكم ساكتين كده ليه...؟! اتكلموا... نقول ايه...؟!
سأله حازم ليجيبه مصطفى بملل: قولوا اي حاجة... بدل الملل اللي احنا فيه ده... هو من الطبيعي اننا نضحك ونهزر وابن خالتك ميت من يومين... قالتها راقية بحدة غير مقصودة ليصمت الجميع بينما قال مصطفى معتذرا: انا اسف مكانش قصدي...
ثم نهض مبتعدا عن المكان لتنهار راقية باكية امام انظار الجميع المصدومين من انهيار والدتهم المفاجئ... نهضت رؤية من مكانها واقتربت من والدتها محتضنة اياها... بينما نهض حازم من مكانه وقد شعر بالاختناق الشديد ليقرر الخروج والذهاب الى شركته... وصل حازم الى الشركة ليبدأ الموظفون بتحيته وتعزيته... دلف حازم الى مكتبه ليجد خالد جالسا عليه وهو يعمل بتركيز شديد... رفع خالد بصره نحو الاعلى ليجد حازم يقترب من المكتب ويجلس على الكرسي المقابل له وهو يتنهد بصوت مسموع...
مالك...؟ فيه ايه...؟! سأله خالد بقلق ليجيب حازم: البيت بقى كئيب اووي... هز خالد رأسه بتفهم ثم قال: معلش استحمل... الفترة دي صعبة شوية... انا بحاول استحمل... بس خايف على امي... هي حزينة اووي...
معلش يا حازم... معاها حق بردوا... متنساش انوا اللي مات ابن اختها... اومأ حازم برأسه متفهما ثم ما لبث ان قال متسائلا: هو انت اللي بلغت ريهام باللي حصل...؟! اجابه خالد: ايوه انا...
حل الصمت بينهما لفترة قصيرة حينما قطعه خالد وهو يقول: انا ادايقت اووي عاللي حصل امبارح...خالتك مكانش ليها حق تعمل كده... ايه رأيك فالشروط الي حطيتها عشان اخر صفقة...؟! قالها حازم مغيرا الموضوع ليتفههم خالد ما يفعله فأخذ يجاريه هو الاخر...
تأملت هنا ملابسها الملونة بسخرية... المفروض ان زوجها توفي منذ يومين... لكنها لا تشعر بأي حزن اطلاقا... لهذا لن ترتدي الاسود وتظهر الحزن امام الجميع... كلا... فهي ليست بحزينة... بالعكس هي سعيدة فقد تحررت اخيرا من ذلك الوغد... وعليها ان تظهر سعادتها بكل الطرق...
اتجهت خارج غرفتها لتتطلع اليها ريهام بملامح مصدومة من ملابسها... كانت هنا ترتدي تنورة سوداء قصيرة تصل الى منتصف فخذيها فوقها قميص احمر اللون... ترفع شعرها عاليا وتضع المكياج الصارخ على وجهها... لم تبال هنا بها وهي تتجه خارج الشقة... وفي اثناء هبوطها الى الطابق السفلي قابلت هدية التي اخذت تتطلع اليها بنظرات مندهشة... ارادت ان تتحدث معها لكن هنا رمقتها بنظرات متعالية قبل ان تشيح بوجهها بعيدا وتتجه الى طريقها...
وصلت هنا اخيرا امام مكتب المحامي الخاص بعائلة أمجد... هبطت من سيارة التاكسي واتجهت الى مكتب المحامي الذي استقبلها بترحيب شديد... كنت لسه هكلمك... قالها المحامي وهو يجلس على كرسيه لتجلس هنا على الكرسي المقابل له واضعة قدما فوق الاخرى... اتفضل... انا سمعاك... قالتها هنا بهدوء ليقول المحامي بجدية: الحقيقة يا هنا هانم اللي حصل انوا امجد بيه الله يرحمه ساب تركة كبيرة... وانتي طبعا ليكي حصة كبيرة فالتركة دي... طبعا...
البيت والشركة والرصيد اللي فالبنوك كلها ليكي فيها نسبة حسب الشرع والقانون ما بيقول... يعني الربع... بالضبط...ده حسب الشرع... اومأت هنا برأسها متفهمة ثم أكملت: وده هيتم تقسيمه ازاي... اديني فرصة اتكلم مع راجية هانم...انتي عارفة انوا ليها نسبة كبيرة هي وسنا هانم... انا هكلمها وأشوفها وباذن الله هرد ليكي الجواب فأقرب وقت... تمام... قالتها هنا ثم نهضت من مكانها والقت التحية على المحامي وخرجت من مكتبه عائدة الى شقتها..
عادت هنا الى شقتها... دلفت الى الشقة لتجد ريهام جالسة في صالة الجلوس... لم تلق التحية عليها بل تطلعت اليها بلا مبالاة وسارت نحو غرفتها لكنها توقفت في مكانها وهي تستمع اليها تقول بنبرة حازمة: استني...
استدارت هنا نحوها واخذت ترمقها بنظرات متسائلة لتعقد ريهام ذراعيها امام صدرها وتقول: حضرتك خارجة داخلة كده عادي... مفكرتيش فمنظري قدام الناس وانتي خارجة باللبس ده... لا وكمان المفروض انك ارملة وجوزك مات من يومين... ردت هنا ببرود: والمفروض اعمل ايه يعني...؟! اقعد فالبيت ابكي والطم...
لا... محدش طلب منك تبكي وتلطمي... بس الموت ليه حرمة... والمفروض انك تحترمي ده.. ردت هنا بقوة: والله اللي مات ده جوزي مش جوزك عشان تتحرقي عليه بالشكل ده... تطلعت اليها ريهام بنظرات غير مصدقة قبل ان تقترب منها وتقول: انا مش مصدقة اللي بسمعه...معقول انتي هنا... انتي ازاي بقيتي كده... جبتي القسوة دي منين...؟!
انا مش قاسية... هما اللي يستاهلوا... فيه فرق يا ريهام...؟! هزت ريهام رأسها نفيا وقالت بإعتراض: مفيش وحدة عندها قلب تعمل اللي بتعمليه ده...
انفجرت هنا في وجهها قائلة: عملت ايه ها...؟! لبست ملون... حطيت ميك اب...وايه يعني...؟! الناس هيقولوا ايه...؟! طز...طز بالناس... انا أخر همي الناس... وانتي لازم تعرفي ده.. ثم انسحبت هنا و دلفت الى غرفتها تاركة ريهام تتابعها بنظرات غير مصدقة...
رواية اغتصاب مع سبق الاصرار الجزء الثاني للكاتبة سارة علي الفصل الثالث
وقفت هنا امام باب غرفة ريهام وهمت بطرق باب غرفتها لكنها تراجعت في اخر لحظة... لا تعرف لماذا باتت تشعر بأن هناك حاجز كبير تكون بينها وبين اختها... والسبب ما حدث في الماضي... لقد ترك اثرا عميقا ليس بها فقط بل في كل من حولها...
تراجعت هنا عما تفعله وتحركت مبتعدة عن الغرفة متجهة خارج الشقة... اليوم ليس يوما عاديا بالنسبة لها... فاليوم هو يوم اعلان الوراثة... وتوزيع التركة الخاصة بزوجها الراحل... كانت تريد ان يقف احد بجانبها ويدعمها في اللحظات القادمة لكن يبدو انه قدر لها ان تكون وحيدة في اصعب لحظات حياتها... فتحت باب شقتها وخرجت من الشقة وهمت بغلقه حينما اتاها صوت ريهام تقول: استني...
قبل ان تتجه نحوها وهي ترتدي ملابس الخروج... تعجبت هنا من خروجها من المنزل في وقت كهذا وسألتها بحيرة: انتي خارجة فين...؟! اجابتها ريهام بجدية: جاية معاكي... لم تصدق هنا ما سمعته... فقالت بعدم تصديق: بجد... طب ليه...؟!
ردت ريهام وهي تهز كتفيها ببساطة: حابة اكون معاكي فوقت زي ده... ثم اردفت بتساؤل: عندك مانع...؟! هزت هنا رأسها نفيا وكفت عن تساؤلاتها التي لا تنتهي فكل ما يهمها الان ان هناك من سيقف بجانبها ويشاركها هذه اللحظات العصيبة... يلا بينا...
قالتها هنا على عجلة لتتوقف ريهام وهي تطالع ملابس هنا بنظرات غير راضية... كانت هنا ترتدي تنورة بيضاء قصيرة تصل الى منتصف فخذيها فوقها قميص اخضر اللون ذو اكمام شفافه من نفس اللون... هو ضروري يعني تلبسي كده... ليه ملبستيش اسود زيي... على الاقل احتراما لاصحاب البيت.. قالت هنا بتهكم: وهما اصحاب البيت احترموني عشان احترمهم...يلا خلينا نمشي.. سارت ريهام خلفها على مضض وهي تشعر بعدم الراحة لما سيحدث...
هبطت هنا من سيارة التاكسي وفعلت ريهام المثل... وقفت هنا تتأمل الباب الداخلي للقصر بنظرات جامدة وهي تتذكر كيف طردتها راجية منه بشكل مهين... شعرت بريهام تقف خلفها وتقول: يلا ندخل... تحركت هنا متجهة الى الداخل تتبعها ريهام... فتحت الخادمة لهما الباب وهي ترمي هنا بنظرات نافرة قبل ان تخبرها بأن الجميع ينتظرها في صالة الجلوس...
صباح الخير... قالتها ريهام وهي تدلف الى الداخل تتبعها هنا التي لم تلق التحية... تفاجئت هنا بوجود حازم وراقية الى جانب سنا وراجية... التقت عينا هنا بعيني حازم للحظات مدتها ثواني قطعها المحامي وهو يطلب من هنا الجلوس بجانب اختها...
تحدث المحامي بعدما جلست هنا في مكانها: طبعا يا مدام هنا احنا اتكلمنا قبل متجي... انتي ليكي ربع تركة أمجد بيه الله يرحمه... والمكونة من الشركة و القصر ده بعد ما سابه والده ليه ورصيده فالبنك... طبعا احنا هنقيم سعرهم عشان نشتريهم بالتمن اللي يرضيكي... تشتري ايه معلش...؟!
سألته هنا بعدم فهم ليجيبها المحامي ببساطة: نشتري حصتك من املاك امجد بيه... ومين قال اني هبيع...؟! هنا تدخلت راجية في الحوار: يعني ايه مش هتبيعي...؟! انتي لازم تبيعي حصتك في الشركة والقصر... ردت هنا ببرود: ده على انهي اساس...؟! انا مش ناوية ابيع اي حاجة ورثتها من جوزي... بالعكس انا هدير أسهمي بالشركة... واعيش فبيت جوزي الله يرحمه..
تبقي بتحلمي...على جثتي يحصل كده... قالتها راجية وهي تنهض من مكانها بعنف لتنهض سنا من مكانها وتقترب منها قائلة: ماما ارجوكِ... بلاش العصبية... مش سامعة بتقول ايه... نقلت ريهام بصرها بين الجميع بقلق بينما قالت راقية بدورها: اهدي يا راجية وخلينا نتفاهم...
الا ان راجية اصرت على ما قالته: مفيش تفاهم... البنت دي لا يمكن تعيش هنا... انتي مكانك بره... اخرجي بره... وقفت هنا وقالت بتحدي: انتي ملكيش حق تطرديني من هنا... ده بيتي زي ماهو بيتك... نهضت ريهام هي الاخرى من مكانها وقالت لهنا برجاء: كفاية يا هنا ارجوكي...
الا ان هنا اكملت بحزم: اسكتي انتي دلوقتي... كل حد هنا لازم يعرف حدوده... ويفهم انوا ده بيتي والشركة شركتي زي مهي شركتهم... وضعت راجية يدها على قلبها بتعب لتصرخ سنا: ماما انتي كويسه... ابتسمت هنا بتشفي قبل ان تقول: بلاش الحركات القديمة دي... بطلت تاكل معايا...
تطلعت راقية اليها بصدمة بينما صرخ بها حازم وقد نفذ صبره: انتي تخرسي خالص... واتفضلي اخرجي من هنا حالا... الا ان هنا صاحت به بتحذير: اياك تتكلم معايا بالشكل ده تاني... انت هنا فبيتي... فاهم يعني ايه فبيتي... تطلعت راجية اليها بكره قبل ان تهمس بحقد: حقيرة... مش مكفيكي انك قتلتي ابني...
ابتسمت هنا بسخرية وقالت: قتلته... يله ربنا يسامحك... انا مش هلومك على اتهامك ده... عشان شكل اللي حصل أثر على دماغك... اخرسي...متتكلميش مع ماما بالشكل ده... صرخت بها سنا لتبتسم هنا بجمود بينما قال حازم وهو يجاهد لاخفاء رغبته بخنقها: ياريت تخرجي دلوقتي... خالتي محتاجة تهدى شوية... انت ملكش دعوة ده اولا... ثانيا انا فعلا خارجة بس عشان اجيب هدومي واجي استقر هنا فياريت تفهمهم ده كويس وتخليهم يستوعبوه...! ثم تحركت خارجة من المكان تتبعها ريهام...
فتحت ريهام باب الشقة فدلفت هنا الى الداخل واتجهت الى غرفتها... فتحت باب خزانة ملابسها وبدأت تخرج منها ملابسها وترميها على السرير استعدادا لوضعها في الحقيبة... دلفت ريهام الى الداخل بعصبية وقبضت على ذراعها مديرة اياها نحوها قائلة: انتي ايه اللي عملتيه ده...؟! ردت هنا بلا مبالاة: عملت ايه...
مش عارفة... انتي قلبتي الدنيا هناك وخرجتي.. حررت هنا ذراعها من قبضة ريهام ثم قالت: والله انا عملت الصح معاهم...ولا كنتي عايزاهم يطردوني بره قصرهم زي ما عملوا المرة اللي فاتت... انتي ازاي بقيتي كده...؟! ايه اللي حصل عشان تبقي كده...؟! قالتها ريهام وهي تتفحصها بنظرات نافرة قبل ان تهزها بعنف: انطقي... اتكلمي... ايه اللي غيرك بالشكل ده...؟! عايزة تعرفي ايه اللي غيرني... هقلك...
اخذت هنا تفتح ازرار قميصها تدريجيا حتى خلعت قميصها بالكامل ليظهر جسدها المشوه بالكدمات والجروح بالكامل... تراجعت ريهام الى الخلف مصعوقة بما رأته واضعة كف يدها على فمها بعدم تصديق... تكونت الدموع داخل عينيها بينما اخذت تهز رأسها نفيا لتصرخ هنا بلا وعي: عرفتي ليه انا بقيت كده... عرفتي يا ريهام...
هطلت دموع ريهام من مقلتيها قبل ان تندفع نحو هنا وتحتضنها بقوة... انهارت هنا باكية بين احضان اختها... كانت تشهق بقوة... وكأنها تفرغ كل الامها داخل حضنها... توقفت هنا عن بكاءها اخيرا لتبتعد من بين احضان اختها... مسحت دموعها بعنف وقالت: يستاهلوا كل ده... صدقيني يستاهلوا...
هما مين بالضبط...؟! اجابتها بشرود: كلهم... كلهم يستاهلوا اللي بعمله فيهم... حتى حازم...؟! اولهم حازم... صمتت ريهام بينما اكملت هنا بحقد: انا لازم احرقهم احرقهم كلهم... زي ما حرقته...
رواية اغتصاب مع سبق الاصرار الجزء الثاني للكاتبة سارة علي الفصل الرابع
في صباح اليوم التالي... توقفت سيارة تاكسي حديثة امام قصر عائلة المصري... هبطت هنا منها واخرجت حقيبتها من السيارة... جرت هنا حقيبتها خلفها واتجهت الى داخل القصر... فتحت الخادمة لها الباب قبل ان تضغط على جرس الباب وحييتها بإقتضاب لتدلف هنا الى الداخل دون ان ترد لها تحيتها... أعطت هنا حقيبتها للخادمة ثم توجهت الى صالة الجلوس لتجد راجية وابنتها سنا هناك كما توقعت...
القت التحية عليهما ثم قالت: انا جيت هنا عشان أعرفكم إني هاخد أوضة امجد... لا...إلا ده...مش هسمحلك بيه... هتفت بها راجية بإنفعال لتقول هنا بترجي: ماما ارجوكِ... الا ان الام أكملت بنفس الإنفعال: لا مش هوافق... قالت هنا ببرود: انا مش باخد رأيك انا بعرفك بس...
هبت راجية في وجهها وقالت بغضب وحقد لم تستطع السيطرة عليه: انتي تخرسي خالص... متتكلميش ابدا... انا مش عايزة اسمع صوتك... عقدت هنا ذراعيها أمام صدرها وقالت: للاسف انتي مضطرة تسمعي صوتي... وهتسمعيه كتير بما اننا هنعيش مع بعض... ممكن تروحي أوضتك...
قالتها سنا محاولة منها لإنهاء النقاش لتمنحها هنا ابتسامة ساخرة قبل ان تقول بتحذير: مش انتي اللي تقرري أنا أعمل ايه... انا اروح أوضتي وقت اللي انا عايزة... ثم تركت المكان واتجهت الى غرفتها... دلفت هنا الى الغرفة وأخذت تتأملها بخوف بينما ازدادت ضربات قلبها... وجودها في غرفته يشعل بها خوفا غير طبيعيا... ويذكرها بالماضي اللعين الذي جمعها به...
اغمضت عينيها وهي تتنهد بصمت بينما تجبر نفسها على المقاومة... جلست هنا على السرير ووضعت يدها على قلبها وكأنها تخبره ألا ينبض بعنف... ثم ما لبثت ان عادت الذكريات إليها من جديد...
قبل عدة سنوات استيقظت هنا من نومها لتجد حازم مستيقظا يتأملها بصمت... ابتسمت بخجل ثم اعتدلت في جلستها وقالت: بتبصلي كده ليه...؟! أجابها وهو يعبث بخصلات شعرها: مش مصدق أنك هنا معايا... جمبي...
اخفضت بصرها نحو الاسفل وهي تشعر بالخجل الشديد ليقترب منها حازم ويهمس لها: هنا انا فرحان اوي... حاسس انوا الدنيا عوضتني بيكي...واخيرا لقيت حاجة تستاهل أعيش عشانها... انا كنت فقدت الامل في الدنيا دي... بس وجودك رجعلي الامل بكل حاجة...
التفتت نحوه تتأمله بملامح هادئة قبل ان تهمس له: مش لازم نفقد الامل ابدا يا حازم...لازم الامل يفضل موجود... لأننا من غيره مش هنعرف نعيش او نعمل أي حاجة... ابتسم براحة ثم مال عليها وطبع قبلة خفيفة على فمها استجابت لها بعفوية... قفزت بعدها هنا من سريرها وركضت مسرعة نحو الحمام ليلحق حازم بها وهو يقول ضاحكا: مش هسيبك النهاردة...
بعد لحظات فتحت هنا الباب ببطء ومدت رأسها من خلف الباب لتجد المكان خاليا... تحركت خارج الحمام لتتفاجئ بحازم يقبض عليها من الخلف... انتفض جسدها بالكامل فزعا ثم ما لبثت ان أخذت تضحك بقوة بينما حازم يدغدغها ويطبع قبل متفرقة على رقبتها ووجهها وشعرها... حررها حازم اخيرا من ذراعيه واتجه الى داخل الحمام ليأخذ دوش سريع...
اتجهت هي الى خزانة ملابسها وأخذت تبحث عن شيء مناسب ترتديه حينما رن هاتفها... ابتلعت ريقها بتوتر واتجهت نحو هاتفها وحملته وأجابت على المتصل ليأتيها صوته الساخر يقول: لو فاكرة انك هتخلصي مني تبقي غلطانة... انا وراكي وراكي والزمن طويل... ثم اغلق الهاتف في وجهها لتجلس هنا على سريرها وهي تشعر بالرعب الشديد والخوف مما ينتظرها من هذا الرجل المجنون...
افاقت هنا من أفكارها على صوت هاتفها يرن... حملت الهاتف لتجد اختها ريهام تتصل بها... ضغطت على زر الاجابة وأجابت عليها ليأتيها صوت ريهام القلق: حصل ايه وعملتي ايه...؟! اتصرفوا معاكي ازاي...؟! اجابتها هنا بجدية: ولا يقدروا يعملولي حاجة... انا بلغتهم اني هاخد اوضة امجد...راجية قعدت تصرخ فوشي شوية وبعدين سكتت...
خدي بالك من نفسك يا هنا... ارجوكي بلاش مشاكل... ابتسمت هنا بسخرية فبدخولها الى هذا القصر قد بدأت المشاكل بالفعل... انهت المكالمة مع اختها ثم ما لبثت ان قررت ان تأخذ دوش سريع وتستعد بعدها لوجبة الغداء...
وبالفعل خرجت هنا من الحمام وغيرت ملابسها حيث ارتدت فستان اخضر قصير مع حذاء ذو كعب عالي من نفس اللون... خرجت هنا من الغرفة بعدما سرحت شعرها ووضعت مكياجها المعتاد... اتجهت الى صالة الجلوس لتتفاجئ براقية هناك... شعرت بالتردد فهي لا تعرف اذا كان عليها أن تدخل او لا لكن راقية سبقتها وهي تقول بابتسامة لطيفة: هتفضلي تفكري كتير تدخلي او لا...
سارت هنا متجهة داخل صالة الجلوس وجلست على الكنبة الاخرى لتسألها راقية: عاملة ايه يا هنا...؟! اجابتها هنا: بخير الحمد لله... سمعت إنك خدتي أوضة أمجد عشان تعيشي فيها..
قالتها راقية بنبرة طبيعية لتومأ هنا برأسها وتجيب: فعلا.. هو في فيه مشكلة اني أخد اوضة جوزي..؟! هزت راقية رأسها نفيا وقالت: ابدا... مكان الست فأوضة جوزها...
ثم اكملت بجدية: بصي يا هنا... انا مش فاهمه انتي بتعملي كده ليه... ولا عايزة توصلي لأيه... انا بس عايزة اقولك كلمتين ياريت تسمعيهم وتفهميهم كويس... شعرت هنا بالاضطراب لكنها اومأت برأسها وطلبت من راقية ان تتحدث فقالت الاخيرة: لو انتي عايزة تنتقمي من حازم فحازم اتعاقب وبزيادة... ولو عايزة تنتقمي من امجد فهو مات وخسر شبابه واظن ده اكبرر انتقام... ولو عايزة تنتقمي من راجية فأحب أقولك إنها عيانة... معاها الكانسر... ايه...؟!
صاحت هنا بها بعدم تصديق لتكمل راقية بجمود: راجية بتعاني بقالها سنتين واكتر... وفوق كل ده خسرت ابنها الوحيد...يعني اظن ده انتقام كافي منك ليها... تطلعت اليها هنا بحزن ثم قالت بألم واضح: انا مش عارفة اقولك ايه... ابعدي عننا يا هنا... ابعدي عننا وكفاية لحد كدهه..
رفعت هنا عينيها الدامعتين نحوها لتكمل راقية: انتي خدتي حقك وبزيادة...سواء من حازم او من امجد... كفاية لحد كده... كفاية اووي.. هبت فيها هنا بإنفعال: حضرتك مش عارفة ولا فاهمه انا عشت ايه عشان تقولي كل ده... ولا عايزة افهم...انا كل اللي عايزاه اني احافظ عاللي باقي من عيلتي... على حسابي...
اشاحت راقية بوجهها بعيدا عنها لتنهض هنا من مكانها وتتجه خارج صالة الجلوس... اتجهت الى الحديقة كي تتنفس القليل من الهواء لتتجمد في مكانها مما رأته...كانت سنا تبكي بين احضان حازم الذي أخذ يواسيها بحرارة عالية... ابتسمت هنا بعدم تصديق حتى تعالت ضحكاتها اكثر واكثر وهي ترى سنا تتخذ دور الضحية بينما هي الشريرة الوحيدة في هذه الحكاية...