في عيادة الطبيبة النفسية... ابتسمت الطبيبة بود: ها بقا قوليلي انهاردا عاوزة تتكلمي عن ايه... ليلى بحزن: من يومين شوفت شهد واتخانقت معاها، انا مش عارفة صح ولا غلط... قاطعتها الطبيية بعملية: اولا بس عرفيني مين هي شهد؟!؟
ليلى: شهد دي صاحبة عمري متربين مع بعض انا اكبر منها بسنة، طول عمرها صاحبتي الجدعة عمرها ما قالت لأ على حاجة، عمرها ماعملت فيا حاجة وحشة ابدا، اسراري كلها معاها وهي بردوا، بس خانتني وفضحتني انا مش عارفة هي ليه عملت كدا. الدكتورة هدى: وفضحتك ازاي؟!
ليلى بدموع: يوم الحادثة بابا قلق عليا لان تليفوني كان مقفول كلمها بليل الساعة ٣ وهي جتلي المستشفى ويومها حلفتها ما تقول لحد هي كانت عاوزة تبلغ وانا اصريت اني اروح ولما روحنا قولتلها متقوليش لحد، وهي وعدتني بس خلفت وعدها، تاني يوم جه زكريا يضربني وموتني ضرب وقالي ان شهد هي اللي فضحتني بابا مات بسببها، انا مكرهتش في حياتي قدها هي السبب. هتفت هدى بتعجب: ومكرهتيش اللي اغتصبك.
رفعت بصرها ترمقها بعدم فهم: قصدك ايه؟! تنهدت الطبيبة قائلة بحزم: بصي ياليلى انا طول الجلسات اللي فاتت انتي بتتكلمي وانا بسمع بس مهمة الطبيب النفسي انه يعالج ويدي حلول او يصلح اخطاء المريض عاملها او هايعملها، انتي ليه لغاية دلوقتي مبلغتيش عن الحيوان دا والمفروض انه يتقبض عليه ليه سكتي، ليه اصلا سميتها فضيحة. ليلي: عشان، عشا...
قاطعتها هدى بهدوء: خليني اكمل واسميحلي ان اكون حازمة بعض الشيء والومك على قرارات وحاجات اخدتيها في حياتك انا حقيقي متعجبة لكدا، اولا انتي السبب في كل دا انتي اللي فضحتي نفسك لما اختارتي انك تسمي حادثة الاغتصاب فضيحة، انتي لو كنتي فكرتي شوية بس كنتي بلغتي واخدتي حقك من الحيوان دا واتسجن وخلتيه عبرة لكل واحد فكر انه يعمل كدا في واحدة، كنتي بقيتي في نظر الكل المجني عليها ودا فعلا انتي مجني عليها بس بعملتك او بتفكيرك دا حطيتي نفسك في خانة مع الجاني زيك زيه، لانك سكتي وخبيتي الموضوع مين هايصدق انك على حق كلهم هايقولوا اه تلاقيها كانت مبسوطة وبرضاها، انا حقيقي مستغربة ازاي بنت زيك تبقا في سن النضج دا وتختار تسكت امال القانون دا عملوه ليه مش علشان يجبلك حقك، احنا ممكن نقول لو مع ان لو دي اكبر حاجة غلط الانسان ممكن يقولها، بس هاقولها علشان بعد كدا تفكري بعقل سليم، لو قولنا ان لو بلغتي ووالدك عرف باللي حصل كان هايقف زي الجبل يدافع عنك وياخد حقك بس باللي انتي عملتيه وسكوتك سببله حالة صدمة وعلشان كدا مات وطبعا الاعمار بيد الله ودا أجله ونصيبه وكمان يمكن خطيبك مش ضربك ولا عمل فيكي كل دا يمكن يختار انه يحترمك ويبعد بهدوء ومن غير مشاكل، لكن بسكوتك خلاه في حالة من التكهنات، انتي ببساطة بتعلقي اخطائك على شماعة الاخرين.
ليلى بضيق: انتي بتتهميني اني السبب في دا كله وهي اللي فضحتني شهد هي السبب...
هدى بجدية: جينا لنقطة شهد ودي اهم نقطة، انتي شايفة انك اتظلمتي صح طب مانتي بتظلميها زي مانتي اتظلمتي يعني انتي بقيتي ظالمة، انا لما سألتك مين شهد في بداية كلامك قولتي جدعة متربين مع بعض عمرك ما شوفتي منها حاجة وحشة صعب جدا يا ليلى ان حد بالاخلاق دي وعشرتيه طول السنين دي ويجي يعمل كدا، طب هاسالك سؤال هي اعترفت بدا حسيتي انها كدابة مثلا وهي بتقولك لا مقولتش...
صمتت ليلى قليلا، وهزت راسها بنفي: لا كانت بدافع عن نفسها جدا وبتحلف انها مقالتش. هدى بعتاب: طب انتي ليه موقفتيش وعاتبيتها وفهمتي منها، ليه اختارتي الحكم انهم قالوا هي قولتي اه يبقا هي اللي قالت وفضحتني. هتفت ليلى باندفاع: لا ثواني ماهي الوحيدة اللي عارفة، امال مين قالهم ان حصلي كدا.
هدى: ممكن تكون مثلا واحدة في المستشفي كانت معاكي حبت تتطمن عليكي جت وسالت عليكي وحكت اللي حصلك وقالت كان معاها واحدة اسمها شهد، بصي يا ليلى انا لو قعدت اتخيل مين اللي قاال غير شهد على استعداد اطلعلك مية سيناريو واحكهولك، وفي كل سيناريو انتي هاتصدقي، ليه معطتيش نفسك فرصه تسمعيها ليه مصرة تظلمي زي ما اتظلمتي؟!، ليه بتهربي من مشاكلك، ليه مبتحكميش عقلك، ليه بتمشي ورا عواطفك.
هدى بهدوء: بصي يا ليلى محدش جاي عليكي بالعكس احنا بنحاول نطلعك من الجو اللي انتي معيشة نفسك فيه، انتي ممكن تبقي اقوى من كدا، انتي مش لوحدك دكتور كريم معاكي ودا المفروض انه يبقا مصدر قوتك وامانك انتي ربنا بيحبك علشان كدا في حد وقف جنبك واللي شايفة انه مستعد يحارب علشانك، ليه بقا دور المنكسرة والمغلوبة على امرها، لما ممكن تقفي وبعلو صوتك تقولي انا اتظلمت انا المجني عليها انا وانا وانا، ليه عايشة في الظلام، والمفروض ان كريم هو النور اللي هاتكملي بيه...
ابتسمت ليلى بسخرية وهي تهتف ببكاء: اهو كريم دا بالذات هو اللي مخليني عايشة في الظلام، اهو كريم انا الي بحارب علشان افضل جنبه، اهو اللي مفروض يكون مصدر قوتي هو مصدر ضعفي وقلة حيلتي. قطبت مابيين حاجبيها تهتف باهتمام: ليه كدا؟!
ليلى: ام زكريا خطيبي اللي كنت قولتلك انها طردتني من البيت وبتكرهني لقيتها جايلي على البيت وبتطلب مني ١٠٠٠٠ الاف جنيه تمن سكوتها على الحادثة بتاعتي ومتقولش لابو كريم على اللي حصلي وتسكت ومتفضحنيش. تسألت الطبيبة بحذر: وانتي هاتعملي ايه هاتديها الفلوس. أومأت ليلى: اه طبعا هاديها انا مش هاستحمل عمو جمال يبصلي بصة مش كويسة، كفاية دا الحاجة الوحيدة الحلوة اللي بتعوضني عن ابويا. هدى: وكريم عارف؟!
هزت راسها بنفي واردفت ببكاء: لا كدبت عليه هي هددتني لو قولتله وعمل فيها حاجة هاتبعت حد تاني يقول، انا كدبت عليه وخلاص، هي اخر فلوس ممكن تطلبها مني وتبعد عني. هدى: هو انتي فاكرة ان دي اخر فلوس هتطلبها بالعكس دي مش هاتسيبك اوعي تسيبها تبتزك اوعي هاتبقي بتغلطي غلطة فوق غلطاتك اللي مبتنتهيش. ليلي بإصرار: لا انا هاديها الفلوس وهاتفق معاها ان دي اخر فلوس وتبعد عني.
زمت الطبيبة شفتيها بضيق: كدا غلط يا ليلى صدقيني، شوفتي نتيجة تفكيرك وصلك لايه، وصلك ان واحدة تبتزك، قولي لكريم وواجههي مشاكلك ومتخافيش، ووالد دكتور كريم راجل بيفهم وهايفهم مدى اللي انتي اتعرضتيله. هزت راسها برفض وهي تهتف: لا يا دكتورة انا قررت هاعطيها الفلوس وهاتفق معاها ولا كريم ولا ابوه هايعرف حاجة. ثم استطردت وهي ترمقها برجاء: ارجوك دا سر ما بينا اوعي تقولي لكريم.
هدي بضيق: كل كلمة بتقوليها هنا في المكتب دا مبتطلعش برا، بس رجاء مني انا شخصيا ياريت تفكري وبلاش تعطيها الفلوس واجهي مشاكلك بقوة وبلاش ضعف، صدقيني هترتاحي اكتر. ليلى بضعف وقلة حيلة: ان شاء الله، عن اذنك. تركت ليلى غرفة الطبيبة والحزن يسيطر على قسمات وجهها، عبثت في هاتفها ثم اجرت اتصالا بكريم: الو. كريم: ايه يا ليلتي، خلصتي الجلسة.
ليلى بصوت حزين: اه، وهاروح اقابل جارتي اللي قولتلك عليها هاديها الفلوس واروح. سألها كريم بقلق: في ايه صوتك ماله! ليلى: مفيش بس حاسة اني تعبانة علشان اتكلمت في حاجات مكنتش عاوزة اتكلم فيها. هتف كريم بلطف: معلش يا قلبي هاتهدي كمان شوية وان شاء الله قريب هاتتحسني. ليلى: ان شاء الله، سلام.
تنحنح رامي بإحراج ثم هتف: انا هاروح اجيب شوية حاجات للمصنع خليكي في المصنع حتى لو اتأخرت واياكي تخرجي وتروحي في حتة، ومالكيش دعوة بحد ماشي. هتفت بتهكم: طب ماتقولي اقعدي وربعي ايدك بالمرة وحطي لزقه على بوقك.. زفر بحنق وهو يقول: استغفر الله، هو انتي متعرفيش تقولي حاضر، في ايه ياشهد عشرة بيتكلموا معاكي. شهد: اصل انت بتقول كلام مش منطقي خالص والله.
رامي: والله انتي اللي مش منطقية اصلا، انا هاروح مش هتأخر. شهد: حاضر. اقترب منها ثم مد يديه يمسك بوجهها ويهتف بحنان: خلي بالك من نفسك لغاية ما ارجعالك، لو حسيتي ان الشغل كتير عليكي اقعدي ومتخافيش من حد. رفعت بصرها وهي تبتسم: هو انت اصلا بيخلهم يدوني شغل، كل ما اقولهم عاوزة اشتغل بجد يقولولي مستر رامي أمر ان شغلك بسيط.
رامي بنبرة حنونة للغاية: اه طبعا انا مش جايبك تشتغلي وتتعبي في نفسك، انا جايبك تتسلى مش اكتر، المهم علشان متعطلنيش اهتمي بنفسك وخلي بالك منها. هتفت بمزاح: هي مين دي؟! هتف وهو يطبع قبلة رقيقة على احدى وجنيتها: نفسك... تركها وخرج من الحجرة، حدقت في اثره وهي تهتف بتنهيدة قوية وابتسامة عريضة تزين وجهها: انا شكلي حبيتك ولا ايه، ربنا يستر وقلبي مش يوجعني.
باحد البنوك المصرية.. هتفت سميحة بارتباك: يعني يا انسة الفلوس دي بقت بتاعتي وفي حسابي والرقم معايا صح. هتفت الموظفة بعملية: ايوة يا فندم زي مافهمت حضرتك الخطوات بالظبط. أومأت سميحة مع ابتسامة بسيطة ثم خرجت من البنك، وقفت على اعتابه وهي تهتف بارتياح: الحمد لله كدا اول خطوة صح، عقبال الباقي سلمى تتطلق واخد شهد من عند صفاء ونروح في حتة محدش يعرفنا فيها ويرجعوا بناتي لحضني، وابقا كدا انتقمت من حسني.
وصلت مديحة للعنوان المنشود، رأت ليلى تقدم عليها بثياب مرتبة وجميلة التوى فمها بسخرية: بنت عم احمد بقت بنت ذوات انتي وقعتي عليا من السما.
وقفت ليلى امامها وهي تنظر لها بازدراء ثم اخرجت المال من حقيبتها واعطتهم لمديحة التي تناولته منها بفرحة فهتفت ليلى بتحذير ولهجة حاسمة: بصي علشان اقولك بس دي اخر فلوس ممكن اديهالك علشان بس متفكريش كل شوية تتصلي عليا، وتقوليلي عاوزة فلوس انا مش هاديلك ولا مليم زيادة.
رفعت حاجبيها ببرود وهي تقول: طب اهدي على نفسك ياختي، جاية محموقة كدا ليه، ولا تكونشي البت شهد هي اللي قالتلك تقولي كدا مانتوا الاتنين مكروشين من الحارة ومفضحوين زي بعض وتلاقيها هاتموت مني. قطبت مابين حاجبيها وهي تقول: شهد اطردت ليه ومين طردها؟!. شهقت مديحة بصدمة: هو انتي متعرفيش انها مشيت في نفس اليوم اللي انتي مشيتي فيه، يعيني جوز امها طردها ومشيت. ليلى: وهو طردها ليه؟، وهي مالها بالموضوع؟.
قطبت ما بين حاجبيها وهي تهتف بصوت ناعس: في ايه ياواد ياحسين انت وعبدو بتخبطوا كدا ليه؟!، في مصيبة ولا ايه؟! أومئ حسين وهو يقول بمكر: اه مصيبة ومش اي مصيبة لامؤاخذة، امال استاذ زكريا فين؟!. هتفت بحدة: نايم، واخلص قول اللي عندك اصل والله اقفل الباب في وشك.
عبدو: هاقولك انا يام زكريا انا شفت البت شهد نازلة من بيتهم بتتسحب استغربت اوي مشيت وراها من غير ما تاخد بالها ولقيتها رايحة المستشفى لليلى خطيبة ابنك كنت هامشي بس رجعت ودخلت وراها ولقيتها بتكلم واحد وبتعيط، وقفت ممرضة زميلة ليلى وحكتلي على كل حاجة بس ايه بعد ما لهفت مني ٥٠ جنيه. ضيقت عينيها بتركيز وهي تهتف بفضول: وايه اللي حصل يا واد؟!
استطرد عبدو حديثه باندفاع: عرفت ان فيه واحد اغتصبها ولقوها مرمية في الشارع. شهقت مديحة بصدمة: يالهوي اغتصاب. أومئ عبدو مؤكدا: اه والله يام زكريا، احنا كنا جايين نقول لزكريا. خطرت على ذهنها فكرة شيطانية فهتف بخبث: بصوا بقا انا هاقولكوا تعملوا ايه ولو نفذتوه وعملتوا الي انا عاوزاه صدقوني هتاكلوا الشهد من ورايا... هتف حسين باندفاع: قولي يام زكريا احنا تحت امرك... ( باااااااااااااك ).
مديحة بازدراء: وبس ياختي قولتلهم يطلعوا عليكي لامؤاخذة سمعة بطالة انتي والمجبورة شهد وانتي اهو اطردتي وهي بردوا، وانتقمت منكوا، عن اذنك ياحبيبتي ضيعتلي وقتي. تركتها مديحة تحت تأثير الصدمة، ظلمت شهد وظلمت نفسها قبل اي شخص، زاغ بصرها وقل نفسها تدريجيا، اين كريم؟!، هي الان تحتاج لحضن كريم، وهمسااته اللطيفة التي تهدئ من روعها، صدقت الطبيبة كريم يتلخص في كلمة وهي الامان، اين الامان هي تشتاق اليه...
بالمول... هتف رامي بحنق: لا انت تخلص شوف تجبلها هدية ايه؟! انا مقرر من زمان. حمزة: انت هاتجيب ايه يا بابا؟!. رامي: هاجبلها سلسلة دهب عليها اسمها وانت عاوز ايه نجيبه؟! حمزة: انا سالت مريم صاحبتي وقالتلي ان اختها اسمها شهد وبتحب القطط اوي وكل اللي اسمهم شهد بيموتوا في القطط. رامي: ايوا بقا ايه علاقة اخت صاحبتك بشهد، مش فاهم. حمزة: يابابا انت مش فهمت منا كدا هاشتري لشهد قطة. رامي: لعبة ولا حقيقة.
حمزة: حقيقة طبعا. رامي: انت متاكد انها هاتعجبها. أومئ حمزة بسعادة: اه طبعا... تنهد قويا وهو يهتف: طيب يلا نلحق ونشتري، علشان متأخرش على شهد.
بالعيادة... دخلت بأعين حمراء ووجه حزين تسأل عن امانها(كريم)، لم تعطي للممرضة فرصة باعطاؤه خبر وجودها، اندفعت صوب الغرفة تبكي، رفع كريم بصره رأها على ذلك الحال خفق قلبه بشدة، انتفض من مكانه بسرعة يتفحصها جيدا وهو يهتف: مالك فيكي ايه، حد عمل فيكي حاجة.. هتفت بصوت مبحوح ونبرة بكاء كالاطفال: احضني ياكريم، احضني اوي، انا حاسة قلبي هايقف..
عانقها بسرعة، مدت يديها الصغرتين تبادله عناقه وتضمه لها بقوة وتدفن وجهها في عنقه وبكائها لم يهدأ للحظة، التزم الصمت وظل يمسد بيده على انحاء جسدها رأسها ظهرها، حتى هدأت شهقاتها وبكائها واستكانت في حضنه ابتعد عنها ثم هتف: ممكن افهم في ايه، مين زعلك لدرجاتي. قالت ليلى بصوت مبحوح: عرفت ان شهد مظلومة، عرفت ان طلعت ظالمة، كلامكوا صح، انا مرحمتهاش زي ما الناس مش رحموني.
كريم بحنو: وانتي ايه عرفك؟!، شوفتيها؟! هزت رأسها بنفي وهي تهتف: لأ مشوفتهاش بس حد قالي وحكالي اني ظلمتها وان ام زكريا اللي كنت مخطبالو هي اللي خططت لدا كله، وفضحتنا وهي كمان اطردت زي. كريم: اه يعني الست جارتك اللي اخدت الفلوس هي اللي حكتلك.
أومأت برأسها واستمرت عيناها تفيض بالدموع على قسوتها مع صديقتها، ، بينما هتف كريم بصوت حنون وبلطف: طب اهدي ياحبيبتي، كل حاجة وليها حلها، وان شاءالله تسامحك وتعديها. ابتسمت بتهكم وهي تهتف: انا متاكدة انها هتسامحني وبسرعة كمان، بس هل انا هاسامح نفسي، هل انا ياكريم هاقدر اتعامل معاها عادي من غير ما ابص في عينها واحس ان كنت ظالمة وبظلمها معايا...
كريم: الانسان بيغلط يا ليلى، ومفيش حد كامل الكامل لله وحده، ولازم لما نغلط نعترف ونعتذر وبدام اللي قدامنا هايسامحنا بسهولة يبقا نحمد ربنا ونشكره، عذاب ضميرك هايفضل موجود بس صدقيني هايقل مع مرور الزمن. عانقته مرة اخرى وهي تقول: انا بقيت حاسة اني عايشة في دوامة وعمري ما هاطلع منها تاني.
ربت كريم على رأسها هاتفا بحنان: هاتطلعي والله يا قلبي، طول مانا معاكي هاتطلعي، انا سندك وضهرك وقوتك انا معاكي في اي حاجة. زدات من احتضانها له وهي تهتف بنبرة صادقة نابعة من اعماق قلبها: ربنا يخليك ليا ياكريم، ومتحرمش من وجودك.
بالمصنع... هتفت مدام سهير بصرامة: شيماء انا بقولك اهو لو مبطلتيش كلام على شهد هابلغ مستر رامي ياخد موقف منك، احنا جايين هنا للشغل وبس مالكيش دعوة بحد. هتفت شيماء ذات الشعر القصير المجعد والعيون السوداء والبشرة القمحية: الله هو انا قولت ايه غير انها مبتشوفش شغلها وقاعدة ليل نهار مرتاحة ومرة تتكلم مع مدير مصنع ومرة تتكلم مع مدير الحسابات، وكدا بصراحة ميرضيش ربنا.
سهير: مالكيش دعوة بردوا، وخلي في بالك مستر رامي لو وصله كلامك هايعاقبك جامد، اقعدي احسن وشوفي شغلك وبلاش قطع ارزاق. رفعت حاجبيها ببرود وهي تهتف: ماشي يا ابلة، اما نشوف اخرتها مع ست الحسن...
اصطبغت وجنيتها باللون الاحمر لشدة احراجها من كلامه المعسول: متشكرة جدا يا استاذ سامي، دا من زوقك والله. ابتسم سامي بمكر: والله مش كلام انا مبحبش اجامل ابدا يا شهد، متعود لما اشوف حاجة جميلة اقول عليها جميلة على طول، وانتي بصراحة انهاردا جميلة جدا. ثم تابع: هو رامي اللي منقيلك اللبس دا صح. نظرت لنفسها بتعجب هامسة لنفسها: هو مكتوب عليه رامي اللي جبهولي ولا ايه.
حولت بصرها اليه تساله: هو رامي قالك انه اشترالي لبس. سامي: لا مقاليش ولا حاجة بس انا فهمت اصل دا زوق رامي في اللبس لازم البنت تلبس واسع بيغير هو اصله حبتين. هتفت بعدم فهم: بيغير! هز رأسه وهو يهتف بنبرة خبيثة: اه مش انتوا بتحبوا بعض متهايلي! هتفت سريعا باندفاع: لا لا لا منبحبش بعض انا ورامي اخوات. زفر براحة ثم اتسعت ابتساماته: طمنتي قلبي انا كنت خايف يكون مابينكوا حاجة.
قطبت مابين حاجبيها باستفهام: وانت خايف يكون مابينا حاجة ليه؟! سامي بمكر: اصل كنت خايف تحبيه مثلا وتفهمي معاملته معاكي انه بيحبك رامي طيب وطبعه شديد وبيغير حبتين على اهل بيته يعني كان كدا برضوا بيلبس ميمي اخته واسع وبيغير عليها بس هو لا حب ولا هايحب زي اميرة دي بينهم قصة حب قوية جدا.
ابتعلت ريقها وهي تهتف بارتباك: وانت حضرتك بتقولي الكلام دا ليه مش فاهمة يحبها ميحبهاش شئ ميخصنيش رامي اخويا وانا اخته، وعلى العموم عن اذنك وقفتي معاك ملهاش لزمة. تركته بقلب مشتعل أيعقل كل هذه المعاملة لم تكن حب، ولما لا سامي اقرب شخص لرامي وبالتأكيد يعرف شعوره جيدا اتجاهها ولهذا تحدث سامي بناء على ذلك، بينما سامي ابتسم بمكر على دهائه وهتف هامسا لنفسه:.
يا سلام عليك يا واد يا سامي، طب والله مفيش منك اتنين.
وصلت مديحة بعد عناء للعنوان المنشود ثم سالت عن: لو سمحت ياخويا تعرف واحد اسمه سامح سايبر. اه بصي اخر الشارع على اليمين هاتلاقي السايبر بتاعه الباب لونه احمر كدا. أومأت وشكرته وسارت وهي ترتب افكارها جيدا حتى تقدمت من السايبر وهي تطرق الباب، وماهي الا ثواني قليلة حتى فتح لها شاب هزيل البنية وفي يده سيجارة يشربها ببطء، هتفت مديحة: انت استاذ سامح؟!. هز رأسه وهو يتفحصها وقال: اه انا خير؟!
تصنعت الابتسامة وقالت: كل خير ياخويا، احنا هنتكلم في الشارع. أومئ لها وهتف بوقاحة: اه لامؤاخذة مينفعش تدخلي جوا في حاجات مش مظبوطة وانتي وليه كبيرة ومينفعش. لوت فمهما بضيق وهتفت: لا ياخويا ولا داخلة ولا عاملة انا جايلك في حوار وسمعت انك بتركب وشوش ناس على صور وتعملهم لامؤاخذة صور مش مظبوطة فانا كنت عاوزك تركبلي صور كدا. القى سيجارته ودهس عليها بقدمه وهو يقول: راجل ولا ست. مديحه: لأ ست.
سامح سايبر بطمع: لا كدا الاتعاب هتختلف، الست ب الف ونص والراجل ب ٨٠٠ جنيه.. شهقت بصدمة: الف ونص علشان تحط صورة على صورة لا كتير نزلهم شوية. سامح سايبر: انتي عاوزة شغل نضيف ولا لأ، لو نضيف يبقا تدفعي اللي بقول عليه. زمت شفتيها بضيق وهتفت: طيب قولي اجيب صور ايه.
سامح سايبر بالامبالاة: مش فارقة مطبوعة او صورة تليفون بس اهم حاجة يكون وش الست باينة وواضحة، وتعالي بكرا في نفس المعاد دا وبعدها بيومين تعالي استلمي الصور... ثم استطرد: اه بكرة نص الفلوس ويوم استلام الصور النص التاني. أومات برأسها وذهبت وشردت بذهنها كيف تحصل على صور لوجه سلمى دون اثارة الشكوك بها حتى خطرت على بالها فكرة لئيمة ابتسمت بمكر على دهائها وهمست لنفسها:.
يا سلام عليكي يابت يا مديحة، عليكي دماغ انما ايه دهب.
رواية شهد الحياة للكاتبة زينب محمد الفصل الحادي والعشرون
انحنى رامي لمستوى ابنه وهتف حمزة بهمس شديد: انت جهزت كل حاجة. ابتسم رامي على حماس حمزة مردفا: اه التورته اهي وهانطلع انا وانت مرة واحدة نغني مع بعض ونقدملها الهدايا. اتسعت عيني حمزة بصدمة مردفا: بس انا حطيت القطة في الصندوق بتاعها في اوضة شهد. هتف رامي بهدوء: عادي انا هاقدم هديتي وانت تروح تجيبها، هي دلوقتي قاعدة بتتفرج على التلفزيون صح.
خرجوا من المطبخ وهم يهتفون بكلمات سنة حلوة يا جميل بصوت عالي، التفت شهد بسرعة وهي تقطب مابين حاجبيها باستفهام، ولكنها سرعان ما ابتسمت، نعم اليوم هو عيد ميلاد شهد الحياة، نهضت من جلستها وتقدمت نحوهم وهي تخبئ وجهها بين يديها لخجلها، هتفوا بكل اغاني اعياد الميلاد h. b. d، سنه حلوة يا جميل، ابو الفصاد، اندمجت بسرعة معهم وهي تهتف بحماس، حتى قاطعها رامي قائلا: يالا يا شهد قبل ما تطفي الشمعة اتمني امنية.
نظرت له بأعين تلمع من السعادة والفرح: انت ازاي عرفت عيد ميلادي، وازاي جبتوا التورته، انا فرحانة اوي ومبسوطة ربنا يخليكوا ليا. رامي: عرفته من قسيمه الجواز، والتورته جبناها وانتي ماخدتيش بالك، وفرحتك ياستي عندي بالدنيا، اتمني يالا امنية وخليها في سرك. هزت رأسها بنفي وهي تهتف بابتسامة عريضة تزين وجهها المتورد: لأ، انا هاتمني وهاقول الامنية بصوت عالي..
اخذت نفس طويل ثم اخرجته ببطئ ثم هتفت بأعين مغلقة: بتمنى تفضلوا معايا العمر كله، وتفضلوا الحاجة الحلوة اللي في حياتي، انا بحبكوا اوي. فتحت عيناها على قبلته الرقيقة على احدى وجينتها وهو يهتف بخفوت: واحنا كمان بنحبك اوي، لا احنا مش بنحبك بس احنا بنعشقك ياشهد الحياة.
توردت وجنيتها باللون الاحمر، وزدات انفاسها اضطرابا لكلماته الخافتة، ولاول مرة يدق قلبها بعنف، لم ترفع عينيها ولكن انزلتهم ارضا لخجلها منه، حتى هتف الصغير: كل سنة وانتي طيبة يا شوشو، انا جبتلك هدية حلوة اوي. انحنت لمستواه وهي تهتف بفرحة: بجد هي فين؟ حمزة: في اوضتك استني اجيبها.
تركهم الصغير، فمد رامي يديه يمسكها من مرفقها يرفعها، نظرت له بارتباك بسبب قربه الشديد منها، اخرج من جيب بنطاله علبة زرقاء من القطيفة، تابعتها باعينها وهي تنظر لها بحماس، قام بفتحها فظهرت سلسال من الذهب يتدلى. منه اسمها بالخط العربي شهد الحياة، اتسعت عيناها بذهول وهي تهتف بفرحة: شهد الحياة، انت عملت سلسلة باسمي.
اؤمئ براسه وهو ملتزم الصمت فقط عيناه تتابعها وتتابع كل حركه تصدر عنها، عيناها وجنتيها شفتيها التي يود ان يلتهمهم بقوة ليعبر عن مدى عشقه لها، وضعت شهد يديها على كتفه وهي تهتف بامتنان: شكرا على كل حاجة عملتها ليا، شكرا على الهدية الحلوة دي كلفت نفسك. اخرج السلسال من العلبة وقام بتلبيسها وهتف بحب: دي بسيطة اوي، اناا هاجبلك كل حاجة نفسك فيها وبتتمنيها، انا لسه معملتش حاجة ليكي، ربنا يخليكي لينا.
لمست طرف السلسال باصبعها وهي تنظر له: اول ماشفتك قولت في سري دا الضهر والسند، برغم خناقتنا الكتيرة.. احتضن وجهها سريعا وهو يطبع قبلة سريعة على شفتيها وهو يهتف: لا مش قادر. اغلقت عيناها بقوة وهي تستمع بسحر هذة اللحظة، انتبهوا على صوت حمزة وهو يصيح من داخل الغرفة: بابا تعال طلعها مش راضية تطلع. ابتعد رامي وهو يلمس شفتيها باصبعه وهو يهتف: واقسم بالله اسعد يوم في حياتي كلها.
ابعدت بصرها عنه وهي تهتف بارتباك: هي ايه دي الي مش راضية تطلع من الاوضة. رامي: دي تبقا.. قاطعته بسرعه: لا متقوليش خليني اشوف ايه دي بنفسي واتفاجئ. اؤمئ لها دليلا على موافقته واتجه نحو التورته وهو يمسك السكينة: طيب روحي لغاية ماقطع التورته. تركته وذهبت لغرفتها بقلب يرقص فرحا، فتحت الغرفة وهي تنظر لحمزة: ايه دي يا حمزة اللي مش راضية تطلع.
اشار حمزة لها وهو يقول بعبوس: اهي واقفة الناحية التانية من السرير، رخمة اوي. قطبت مابين حاجبيها وهي تتحرك نحو الاتجاه الثاني وتهتف بمزاح: اوعي يكون قط... سرعان ما اتسعت عيناها بخوف حقيقي، لا ليس خوف وانما رعب، علت انفاسها وهي تهتف بتلعثم: قط، ق، ، ط.. وسرعان ما تحولت هذة النبرة المتلعثمة الي صراخ حاد: يالهوووووووووووي قطططططططة، الحقوني.
نبرتها صارخة حادة وبسببها انتفض الصغير يركض خوفا، وانتفضت القطة تهرول في ارجاء الغرفة مع هرولت شهد...
بمنزل حسني... هتف بصوته الغليظ: انتي كنتي فين يا وليه انهاردا. تصنعت الامبالاة: كنت بجيب الخضار من السوق الكبير اسعاره ارخص من اللي في الحارة. حسني بخشونة: اه، مش المعلم متولي بيهددني وعاوزني ادفع الوصلات. اعتدلت بجلستها وهي تتفحصه جيدا: بيهددك!، الله هو مش انت كنت دفعتهم قبل كدا ولا بتكدب عليا، دا انا كنت فاكرك واخدهم منه وبتهددني وبس.
حسني: لا منا كنت بكدب ومدفعتش حاجة وكنت بنيمه وبقوله بكرة و بعده، وكنت بستعطفه بحكم الصحوبية بس اظاهر هو قلب عليا وعاوز حقه ٣٠ الف جنيه ايه العمل بقا، لو مش دفعتهم هاتتسجني. تصنعت الحزن: طب ما تدفعهم يا حسني. اتسعت عيناه وهو يشير على نفسه: مين انا!، منين ياحسرة دا انا عليا ديون لمعلمين في السوق. لوت فمهما بسخرية وهي تهتف بنفسها: يالهوي عليك ياحسني الكلب...
ثم استطردت قائلة برجاء مصطنع: لا بالله عليك ياحسني انا مش قد السجن، قوله يأجلها يومين كدا عالله اعرف اتصرف في اي مبلغ. حك ذقنه وهو يقول بإماءة خفيفة دليلا على موافقته: طيب شوفي كدا كلمي اي حد، صفاء اختك ولا اي حد، اصل متولي يبيع ابوه ولو مدفعتيش هاتسجني يعني هاتسجني. جزت على اسنانها وهي تهتف بعصبية: ربنا يبعد عني السجن ياحسني وان شاء الله مفيهاش سجن ولا حاجة. بمنزل كريم...
فتح الحجرة وهو يطل برأسه من الباب وعلى وجهه ابتسامة: ليليتي صحيتي... تنهدت بعمق وهي تهتف بهدوء: منمتش تعال. دلف ثم جلس بمقابلها وقال: ليه ياقلبي منمتيش ليه؟! هتفت بحزن: انام ازاي بعد اللي عرفته، انا متهايلي مش هايجلي نوم خالص الا لما اشوفها واخليها تسامحني. ربت على يديها بحنان: ان شاء الله هاتسامحك وهاتعذرك، اللي انتي مرتي بيه مكنش سهل بردوا.
ليلى باعين دامعة: هو انت ممكن يا كريم تسيبني تحت اي ظرف وتتخلي عني.
اشار على نفسه وهو يضحك: انا!، انا اسيبك طب ازاي بعد كل حاجة عملتها، بعد المعاناة اللي كنت بعانيها ولسه بعانيها معاكي، اسيبك بعد دا كله، طب انتي عارفة انا بقالي كام سنة بحبك، انا بقالي ٤ سنين عايش على حبك بتنفسه، بنام على صورتك، واصحى عليها، ٤ سنين بايامهم وشهورهم، سنتين قبل ما تتخطبي لخطيبك وانا بحبك وانتي بتصديني، والسنتين التانين وانتي مخطوبة لخطيبك وشايفك مبسوطة اوي وفرحانة، كنت بتخيل فرحتك دي ليا وبسببي مش بسبب غيري، كنتي بتوجعي قلبي اوي يا ليلى، انا اوقات كنت بقف قدام المراية اللي هناك دي، واقعد اكلم نفسي واقول انت بتحبها ليه، انت مش شايفها عيونها بتلمع من الفرح واتخطبت لغيرك، ايه الضعف دا ياكريم، اقوا بقا وبطل تحبها واخد قرار، وتاني يوم بالظبط اول ما اشوفك تلاقيني بضحك وبرجع اتخيل ويرجع قلبي يدق من اول وجديد، وكل اللي انا قولته لنفسي اتبخر طار في الهوا، وتقوليلي اسيبك، طب بذمتك ازاي.
اقتربت منه وهي تضع يديها على وجهه تتحسسه بلطف وبنبرة حب صادقة نابعة من اعماق قلبها ولاول مرا تهتف مافي جوفها:.
من اول يوم جيت المستشفى، قالوا في دكتور وسيم وحلو اوي، وشبه بتوع السينما جه المستشفى، وقتها ضحكت عليهم وعلى دماغهم، بس لما شوفتك عذرتهم، كنت باخد بالي من نظراتك ليا كنت بتوتر وعاوزة الارض تنشق وتبلعني واقول اكيد دي تهيؤات بقا الدكتور كريم يبص على ليلى الممرضة، طب على ايه!، كنت بجري اروح احكي لشهد عليك، وشهد تضحك عليا وتقولي انتي بتفكريني بالروايات يا ليلى اللي بقراهم الفقيرة والوسيم الغني، عارف رغم ان تعليمها على قدها بس ليها صوت وبحة غريبة وهي بتحكيلي الروايات دي كنت بحب انام وتفضل تحكيلي البطل دا عمل ايه والبطلة اتصرفت ازاي، كنت بتخيلك البطل وبتخيل نفسي البطلة، واعيش جوا الروايات على صوت شهد الهادي، بس تاني يوم كنت بصحى على الواقع وكمية الفروقات اللي بيني وبينك، وان مينفعش اعيش في اوهام، زكريا اتقدملي ولقيت ان دا انسب حل علشان انساك واتخطبت خصوصا بعد ما شوفتك كذا مرا وانت قاعد مع دكتورة نهلة والاشاعات اللي طلعت عليكوا في المستشفى وقتها، قررت انساك واتخطبت كنت طول الوقت بقنع نفسي ان انساك بزكريا، انا وهو مكناش متفاهمين اصلا بس في المستشفى كنت بيبن سعادتي، لما جيت وقولتيلي انك بتحبني اتفاجئت اتخضيت بس وقتها فهمت ان الدنيا بتقولي مينفعش هو لو كان نصيبك كان هايبقا من الاول، وكملت مع زكريا...
قاطعها وهو يطبع قبلة في كف يديها: واهو انتي بقيتي مراتي وبين ايديا، انا اسعد واحد في الدنيا دي، انا اللي بقولك اهو يا ليلى افضلي جنبي واوعي تسيبني لاي سبب مهما كان. ابتعلت ريقها وهي تهتف بارتباك: كريم هو انا ممكن اطلب منك طلب! كريم: اطلبي الي نفسك فيه، عيوني ليكي. ليلى: هو انت ممكن تخليني، م، مرات، مراتك.. رفع بصره يرمقها باندهاش عقب جملتها: انتي بتقولي ايه؟!
ليلى بدموع: انا عاوزة اتخلص من كل حاجة في حياتي مرت، عاوزة اصالح شهد، وابقا مراتك انت اكيد هاتقدر تنسيني كل حاجة عدت وفاتت، عاوزة افتكر لمستك انت مش لمسته اللي بتحرقني، انا عاوزك تمحي اي اثر جوايا، عاوزة لما تلمسيني او تحضني مخافش متوترش، نفسي ارجع طبيعية تاني، انا تعبت من اللي جوايا تعبت اوي. حدق فيها ورد قاطب الجبين مستغربا لما قالته: انا حقيقي مندهش، انت فاجئتيني.
ليلى: فاجئتك بحاجة حلوة ولا وحشة... كريم: حلوة طبعا، بس انتي يا ليلى بتتسرعي، انتي شايفة ان ممكن لمستي ليكي تريحك بس هي ممكن تحرقك لانها ببساطة هاتبقا في نظرك زيها زي الحيوان دا، انا من رأي يا حبيبتي تهدي وتسيبي نفسك لدكتور هدى وهي هتساعدك تخفي صح. سالت الدموع من مقلتيها بغزارة وهي تقول بكسرة: انا فهمت ليه، انت مش قادر تلمس واحدة حد قبلك اغتصب...
قاطعها كريم بقلبة قوية على شفتيها، ابتعد عنها وهو يهتف: دا احساسي كل مرة بشوفك فيها، انت بتجنيني انا بحاول اسيطر على مشاعري علشان مش اذيكي، وتقوليلي الكلام الفارغ دا، ليلى انا عاوزك ميهئة ليا ولحياتنا مع بعض، مش عاوز اشوف نظرة ندم او خوف في عينكي. عانقته وهي تقول: ربنا يخليك ليا، انت نعمة كبيرة اوي في حياتي، انت الحاجة الوحيدة اللي ربنا عوضني بيها عن موت ابويا واللي حصلي.
ابتعد عنها وهو ينظر لها بحب وابتسامة صافية: ويخليكي ليا يا كل حياتي، ايه رايك ننام بقا اصل انا حاسس انك تعتبي اوي انهاردا. أؤمات براسها دليلا على موافقته وقالت: ماشي، بس الاول ايه رايك ابعت رسالة لشهد اعتذرلها. هز رأسه بنفي وقال: لا طبعا شهد تستاهل نرتب فكرة حلوة علشان تحاولي تراضيها، مينفعش خالص نبعتلها رسالة. ليلى: صح، انا عاوزاها تسامحني من قلبها، علشان انا كمان قلبي يرتاح شوية.
كريم بمزاح: لا قلبك دا ليا ولا حد يجي جنبه ولا يتعبه، انا ممكن اقلب بلطجي لو حد فكر يضايقه او يجرحه، دا حاجة كبيرة اوي عندي، دقاته دي اللي بتخليني عايش اصلا. تجرأت واقتربت منه وطبعت قبلة رقيقة على شفتيه وهتفت بهمس: فعلا هو عايش علشانك انت وبس.
بمنزل رامي المالكي... جلست ترتعش وتنظر بخوف حقيقي حولها، بينما هو يكاد يكتم ضحكته بصعوبة، نظرت له رأته يحاول جاهدا ان يكتم ضحكته، تجمعت الدموع في عينيها سريعا وبدات بالصراخ مجددا: اعااااا، انت بتتريق عليا، انا بكرهكوا كلكو. هتف رامي ببرود: معلش.
نهضت واقتربت منه وهي تقوم بتضيق عينيها وتشير بسبابتها في وجهه: اعترف، قول انت اللي اقترحت انك تجيبوا القطة دي، تلاقيك عاوز تنتقم مني، انت اصلا بتكرهني، لا وحاططها في اوضتي علشان ادخل اشوفها اطب اقع اموت، تقوم ترتاح مني صح. ابتسم رامي بتهكم: طب ما كنت قتلتك احسن من الحورات دي كلها يا شهد. اتسعت عيناها بصدمة وهي تقول: انت عاوز تقلتني! وضع كفه على جبهتها يتحسسها وهتف: لا انتي مش سخنة امال مالك.
وضعت يديها على وجهها تتحسسه بقلق: مالي فيا ايه؟! رامي: مالك هبلة ليه كدا؟ نفضت يديه بعيدا عنها وقالت بعصبية: اوع تتريق عليا فاهم ولا لأ. ثم استطردت بأمر: يالا روح نام في الاوضة بتاعتي وانا هنام في اوضتك. هتف ببرود وهو يريح جسده على سريره: لا مبعرفش انام الا هنا، روحي انتي اوضتك، ربنا يسامحك بوظتي اليوم بجنانك.
نظرت له باعين مشتعلة من الغضب وقالت: لا بقا انت اللي هاتروح تنام في اوضتي، مش انت اللي سيبتها في اوضتي تمرح فيها وتلمس في حاجاتي، آه ياني زمانها واخدة الاوضة لحسابها. رامي: لا حول ولا قوة الا بالله، انت عاوزني ارميها في الشارع، حرام يابنتي انتي قلبك حجر، بكرة ابقا اروح ارجعها لصاحب المحل... ثم تابع بخبث: دا لو صاحب المحل رضي ورجعها.
زفرت بحنق وجلست تبكي من جديد: يارب اعمل ايه انا دلوقتي انا بخاف منهم، جسمي بيرتعش قلبي بحسه هايقف، مبقدرش اقعد معاهم، دا انا لما كنت بشوفها على السلم كنت بنزل ماما تطلعني من الخوف وبردوا بقعد اصوت. همس لنفسه: طب والله لو كنت اعرف كدا من زمان، كنت اشتريت واحدة واهو كانت علمتك الادب شوية. قطبت مابين حاجبيها وهي تهتف بضيق: انت بتقول ايه، انا مش سمعاك.
اطلق تنهيدة قوية وهتف: كنت بقول نامي معايا لغاية ما احل مشكلة شهد بكرا. هزت رأسها ولكنها سرعان ما انتبهت لشئ وقالت: شهد مين؟! كتم رامي ضحكته وهتف بجدية مصطنعة: القطة، شهد القطة حمزة سماها كدا اصلها شبهك حلووة ومنورة زيك.. اندفعت نحوه تغرز اسنانها في يديه، انفجر رامي ضاحكا عليها وحاول الابتعاد ونجح في ابعادها بقوة، حتى هتفت بحنق: ايه دا، كل دي عضلات بتربيهم ازاي دول.
استعرض عضلاته امامها وهتف بتفاخر: دول تربية سنين يابنتي. ابعدت خصلات شعرها بكبرياء وهتفت باستنكار: تربية سودا، المهم انا هاضطر غصب عني انام جنبك هنا، هاحط المخدة دي فاصل ما بينا. رامي: وليه بقا ان شاء الله المخدة دي، اجرب انا مثلا فخايفة مني. هتفت بازدراء: لا عضلاتك بتخنقني. اقترب منها يمسكها بقوة: لا كله الا عضلاتي ياشهد دا انا اروح فيكي في داهية.
ثم استطرد هامسا بالقرب من اذنها: دا البنات في المصنع عينهم مني، هو انتي فاكرني اهبل ومش واخد بالي. التفت له وهو مازال ممسكا بها بقوة: لا هما هايموتوا منك من عيونك الخضرا. غمز لها بشقاوة: شفتي حتى عيوني عاملة شغل عالي اوي. حاولت التملص منه وقالت: لو مسكتش هاروح اقولهم انا مراتك، واقولهم انك متجوز وبتموت في دباديبي. احكم امسكها وهمس بخفوت شديد: طب وماله قولي كدا انا راضي والله. شهد: راضي ايه؟!
اكمل رامي بنفس همسه: اني ميت في دباديبك. شهد: احم، ابعد طيب خلينا ننام. ابتعد رامي وهو يأخذ تلك الوسادة الموضوعة في المنتصف باحضانه وهتف: تصبحي على خير يا شهد. رمقته بضيق وهي تريح جسدها على الجانب الاخر من السرير وهتفت: وانت من اهله...
بالصباح... وقفت تعد الشاي وتعيد ترتيب افكارها جيدا حتى لا تثير شكوك احد، دخل زكريا كعادته كل صباح وهو يلقي عليها تحيته المقتضبة وكالعادة سلمى نائمة في ذلك الوقت، قطع الصمت صوت زكريا بنبرته الذكورية: صباح الخير ياما. ردت التحية وهي تعطيه ظهرها: صباح النور يا عين امك. التوى شفتيه بتهكم: ايه الرضا دا كله ياما، خير.
وضعت امامه كوب الشاي وهتفت بضيق: لا يا خويا انا طول عمري راضية عنك، بس انت لما المحروسة رضيت عنك وانت نسيت امك والدنيا. هز رأسه مستنكرا: انت ياما بتغيري من مراتي، انتي ليكي معزة في قلبي وهي ليها معزة تانية خالص. هتفت مديحة بمكر: طب ومعزتي اللي في قلبك مش بتقولك كدا كتير. ارتشف رشفة صغيرة ورد قاطب الجبين: كدا كتير ايه مش فاهم؟!
مديحة: انا يا زكريا مستنياك تيجي تقولي ياما افرحي دي سلمى حامل بس دا مبيحصلش، وانا الصراحة بدات اقلق. هتف زكريا متعجبا: تقلقي!، تقلقي ايه ياام زكريا دا احنا لسه متجوزين جداد، لسه بدري ياما. شهقت مستنكرة: بدري، بدري من عمرك ياواد، البنت الي مش معيوبة هي اللي بتحمل على طول، ومراتك طولت وكدا غلط. زفر بضيق هاتفا: مش فاهم انتي عاوزنا نروح لدكتور يعني نكشف، ماشي هانروح بكرا نطمن.
هزت راسها بنفي وهتفت: لا طبعا دكتور ايه، احنا لسه هانصرف على علاج وبتاع، احنا نروح للشيخ مدكور دا مكشوف عنه الحجاب ونص البنات بتروحله بيحملوا على طول. ضرب كف على كف وهو يضحك باستهزاء: شيخ ايه ياما، ايه الكلام الفارغ دا، انا لايمكن اودي سلمى عنده ابدا. هتفت سريعا وباندفاع: لا منا برضه مرضاش اوديها لتتخض، هو بس عاوز صورة وشها علشان يحضر عليها وبس كدا.
هتف بذعر: لا لا يحضر عليها، انتي عاوزاها تتلبس ياما، لا طبعا، وبعدين سلمى عندها السكر يعني هو اكيد السبب في تاخير الخلفة، انا هاخدها ونروح لدكتور. هتفت بصرامة شديدة: بص بقا يا واد اما اقولك انت هاتجبلي صورة ليها والا اخدها عند الشيخ بنفسها، اسمع كلامي يا زكريا وابقا روح ياخويا براحتك عند الدكتور. زم شفتيه بضيق مردفا: طيب ياما هاديكي صورة ليها واياكي بقا سلمى تعرف هاتزعل مني اوي.
اخرج محفظته من جيب بنطاله الخلفي واخرج منها صورة صغيرة لسلمى، مدت يديها سريعا تلتقطها بفرح: هاات ياخويا، خايف على زعلها ياواد، شكلها ركبت ودلدلت. زفر بعصبية مردفا: اهو جينا للكلام االي مالوش لزمة، انتي ماخدتيش اللي انتي عاوزاه يبقا خلاص اسكتي، سلام.
تركها زكريا وهو يزفر بضيق، بينما هي ابتسمت بمكر وهتفت بصوت كفيفح الافاعي: الخطة ماشية زي مانتي رسمتيها بالظبط يا مديحة، اما وريتك ياسلمى مبقاش انا يومك قرب اوي..
رواية شهد الحياة للكاتبة زينب محمد الفصل الثاني والعشرون
يعني ايه يا رامي القطة مش هاترجع، والله اسبلك البيت. رمقها باندهاش عقب جملتها ثم هتف: عاوزة تسيبي البيت علشان قطة! هزت رأسها بعنف وهي تردف بغيظ: اه اسيب الييت واسيبك انت شخصيا لو فكرت تخليها هنا يانا ياهي. زفر بضيق: يا شهد اهدي كدا انتي مالك مهيبرة ليه كدا، انتي عارفة بتتكلمي عن ايه دي قطة ياماما، انتي ليه محسساني انها عدوتك.
هتفت شهد بنبرة يصاحبها البكاء: انت ليه مش قادر تفهم اني بخاف منهم، قلبي بيقف لما بشوفهم.
اقترب منها ليحتضنها وهو يربت على ظهرها بحنان وهتف: اولا سلامة قلبك من كل شر، ثانيا متعيطيش انا الدنيا بتقف في وشي لما بتعيطي، ثالثا بقى انا قولت ان هاسيبها هنا على طول؟ انا قلت لغاية بس ما اشوف حل في موضوع صاحب المحل اللي مش راضي يرجعها، انا هاعرضها على النت وحد ياخدها وخلاص، رابعا بقى عمرك ما تهدديني بانك تسيبي البيت، البيت دا بيتك انتي، انا اللي اسيبه وانتي لا.
ابتسمت من بين دموعها وهتفت بمرح: نسيت خامسا يا رامي وانت دايما بتناسها. ضيق عيناه بتركيز وهتف بتوعد: والله لو قولتي اني ارخ... قاطعته بوضع يديها على فمه تمنعه من اكمال حديثه وهتفت بخجل: خامسا بقى ودا الاهم، انك احن واحد في الدنيا دي كلها. ثم اكملت حديثها سريعا: ويالا بقى اتاخرنا على المصنع. اتسعت ابتسامته عقب ما تفوهت بيه: يالا ياستي، بس استني احطلها اكل الاول.
شهد: انت متاكد انك نقلت كل حاجاتي في الاوضة عندك. هتف رامي بتأكيد: اه والله نقلتها كلها، بسببك معرفتش انام مصحياني من النجمه انقلك حاجاتك. شهد: امال عاوزني اسيبلها حاجاتي تشبع بيها، معلش بقى خنقت عليك في اوضتك. هتف رامي بمكر: اوضتي اوضتك ياشوشو البيت كله ملكك اصلا.
اؤمات شهد بابتسامة ولكنها عادت وسالت بعبوس: هي خالتو ليه قفلت باب اوضتها بالمفتاح قبل ما تسافر، انا مش فاكرة انها كانت قافلة بالمفتاح وهي ماشية. اعطها رامي ظهره وهتف بارتباك: مش عارف، هي ماما كدا بتحب تحافظ على حاجتها، سيبني بقا اروح احط للقطة اكلها..
اخذ رامي طعام الهرة ودخل عليها الغرفة، مغلقا الباب خلفه وموجه حديثه للهرة: انتي جيتلي من السما، انا لو اعرف انها هتخاف من القطط وتنام جنبي طول الليل، كنت مليت الاوضة دي قطط، المهم بقى يا حلوة خدي راحتك الاوضة اوضتك، انا عاوزها لما انتي تمشي تشوف الاوضة تكرهها نفسها وتفضل جنبي... ثم ابتسم بمكر وهو يعود بذاكرته قليلا، (فلاش باك ).
ظل طوال الليل يتأملها ويتأمل كل تفصيلة في وجهها المحبب له، ابتسم بسعادة لرؤيته لسلساله في رقبتها تلمسه بخفة، شكر في سره الهرة لانها السبب في ذلك الوضع، ثم جاءت في ذهنه فكرة خبيثة، نهض بخفوت وهو يسير على اطراف اصابعه حتى لا يوقظها وخرج من الغرفة متوجهها لغرفة والدته، دلف الى الحجرة وبحث عن مفاتيحها، حتى وجدها واغلق الغرفة جيدا، واخفى المفاتيح، وهتف لنفسه بسعادة:.
كدا هي هاتنام معايا ومفيش مجال تنام في حتة تانية. ( باااك ) ابتسم بمكر وهو يداعب الهرة: ياخرابي دي لو عرفت اني بكدب بموضوع صاحب المحل دا واني مكلمتوش اصلا، وان انا اللي قافل اوضة ماما، هاتولع في البيت كله، هبلة وانا عارفها كويس.
بمنزل زكريا... هتفت سلمى بضيق وهي ممسكة بسماعة الهاتف: انا اتخنقت من العيشة دي، كل يوم امثل اني بحبه حاسة اني هاطق هاموت. حاولت سميحة تهدئتها: اهدي يا ضنايا وكل حاجة هاتبقى تمام، قوليلي بس المخفية مديحة مبتاخدوش على جنب تكلمه او اي حاجة. سلمى: لا يا ماما ابدا، دي مستسلمة للوضع بطريقة غريبة، وكمان مبتكلمنيش لما زكريا بيمشي ولا بتخليني اعمل شغل البيت.
سميحة: لا كدا الوضع بدء يبقى خطر، الولية دي بتحضرلك حاجة. سلمى بخوف: بتحضرلي ايه يعني. سميحة: مش عارفة، بصي خليكي بعيد عنها، انا خلاص دبرت اموري وقدرت اجيب كام قرش كدا، وكلها يومين بالكتير هاخدك حتى لو زكريا مطلقكيش، وهاخد شهد ونسافر اي محافظة تانية نقعد فيها ونبعد عن هنا خالص. سلمى: جبتي فلوس منين ياماما؟! سميحة: جبتهم من اي حتة بقى، مش انتي عاوزة تهربي من زكريا، انا هاساعدك.
سلمى: المهم عندي اني ابقى معاكي انتي وشهد، شهد وحشتيني اوي. سميحة: ان شاء الله هانتجمع من جديد، وهاترجعوا لحضني.
صاح حسني مناديا: ست مديحة، ام زكريااا. التفت له مديحة وهتفت بضيق: خير يا حسني. عبث حسني بشاربه وهتف: امال انتي مخاصمنا ولا ايه؟! مديحة: لا ومخاصمك ولا حاجة، انت حر، الي بياكل على درسه بينفع نفسه. هتف حسني بخشونة: الله، الله ايه بس عملت ايه لدا كله.
رفعت حاجبيها ببرود وهتفت: بقالك قد ايه بتتخلص من الولية مراتك علشان نتجوز، كل يوم تقول بكرا و بعده وانا ساكتة، بس لا دا انا مديحة الي كل الحارة بتتمني قربي يامعلم. حسني: طب ويمين الله ياام زكريا، انا كنت بخلص في الموضوع، وكنت هاسجنها بالوصلات اللي معايا، بس بنت الرفدي قالتلي هاتتصرف في فلوس، فقولت استنى اقلب منها قرشين وبعدين اسجنها، اهو البحر يحب الزيادة.
مديحة: اه قول كدا بقى، هو الموضوع كدا، طيب ماشي بس بردوا سرع في الموضوع. حسني: من عنيا يا ست الكل، مش تامريني باي حاجة. مديحة: لا شكرا... ولكنها سرعان ما تابعت بمكر: كنت عاوزة اطلب منك طلب بس ماليش غيرك اطلب منه. حسني: اؤمريني. مديحة: تلاجتي باظت ياخويا، وكنت عاوزة اشتري واحدة جديدة فانا كنت عاوزة على الفلوس عالى اللي معايا، عاوزة فوقهم ٣ الاف جنيه، لغاية ما الواد زكريا يقبض الجمعية و ادهوملك..
اتسعت عيناه بصدمة ثم سعل بشدة: كح، كح ٣ الاف جنيه مرة واحدة. لوت شفتيها بتهكم: ايه تقيلة عليك ولا ايه، دا انا قولت انت قدها وقدود.. هتف بضيق: اه قدها طبعا، بصي انتي عدي عليا بليل في البيت ومتخافيش هاحبس الولية سميحة في الاوضة مش هاخليها تشوفك نقعد مع بعض واتصرفلك في الفلوس. هتفت بغنج مصاحبة غمزة خفيفة. : يووووه يا راجل، الحارة تقول ايه...
اتسعت ابتسامته وهو يهتف بخشونة: هايقولو انك طالعة عند حمات ابنك متخافيش. مديحة: خلاص على معادنا بليل.
بمنزل كريم... احلى شاي لاحلى عمو جمال في الدنيا. هتف جمال بهدوء: تسلمي يابنتي، امال كريم نزل الشغل ولا ايه... اؤمات براسها، بينما هتف جمال بتساؤل: امال مالك الايام دي يا ليلى حاسك مجهدة وتعبانة ووشك اصفر، اوعي تكوني حامل ومخبية. كانت ترتشف من الشاي بتلذذ بعد سماع جملته سعلت بشدة، هتف جمال سريعا: يا ساتر يارب، اهدي يابنتي، ياساتر. هدأت ليلى وهتفت: الحمد لله انا كويسة ياعمي متقلقش.
ثم استطردت: احنا مبنفكرش في خلفة دلوقتي، سايبن الامور تهدي الاول، انت عارف طبعا ان وانا كريم لسه بناخد على بعض، مش عاوزين نتسرع. هتف بضيق: اه وانتوا هتاخدوا القرار امتي بقى، بصي ياليلي انا مش عاوز ادخل مابينكوا، بس انا بكبر يابنتي واللي مضى من عمري كتير عاوز اشوفلي حفيد من صلب كريم العب معاه ويقولي ياجدو. ليلى: حاضر ياعمي، المهم متضايقيش انت بس.
جمال: وانا هاضايق ليه يابنتي، ربنا ما يجيب زعل او ضيق ما بينا. هتفت ليلى بارتباك: عمي هو ايه اكتر حاجة ممكن تضايقك مني او تخليك تكرهني... ثم تابعت بارتباك واضح: قصدي يعني تكره اي حد. هتفت بكلمة واحدة صارمة حادة: الكدب. رفعت بصرها ترمقه بخوف: قصدك ايه، يعني انا مثلا لو كدبت عليك في حاجة او خبيت حاجة تكرهني وكدا.
اؤمئ وهو يهتف بقوة: مش اكرهك وبس، لا انا اطردك من حياتي كلها، اصل يا ليلى اللي بيكدب يبقى في ايده يقول الحقيقة والكذب بس بيلجأ للكذب مع انه ممكن يقول الحقيقة ويخلص نفسه، انا عندي اللي بيواجه دا شخص يستاهل التقدير والحب والاهتمام وكل حاجة، علشان كدا انا بنيت قصة حبي مع ام كريم على المبدأ دا وهو الصراحة وممنوع الكدب، وربيت ابني على كدا.
ثم تابع باعين لامعة ونبرة يصاحبها فخر: عندك كريم ابني انا مصاحبه ولا يمكن يخبي عني اي حاجة ابدا. اغلقت عيناها بقوة تأنب نفسها على ما فعلته في حق كريم وكذبها عليه، فاقت على صوته: ليلى تليفونك بيرن يابنتي. تنحنحت بحرج ثم اتجهت بصوب هاتفها تلتقطه بخفة نظرت فيه وجدت اسم مديحة يضئ بيه الشاشة، خفق قلبها بشدة، دلفت غرفتها ثم اجابت بعصبية: الو، عاوزة ايه. هتفت مديحة بسخرية: ماتهدي على نفسك ياختي.
هتفت ليلى بتوبيخ: انتي مجنونة ولا فيكي ايه، انا منبه عليكي ان العشر االاف دول اخر حاجة ممكن ادفعهالك، ولا المحروس ابنك مش عارف يكمل بقية جوازته، فجايلي انا لا بقى مش هاصرف عليكوا. ضحكت مديحة بقوة وهتفت: انتي هبلة اوي يا ليلى، انا بقى حابة اصدمك، زكريا ياختي اتجوز من زمان واقولك الكبيرة اتجوز سلمى اخت شهد، شفتي ياختي الزمن. هتفت ليلى بصدمة: سلمى اتجوزت زكريا ازاي!
هتفت مديحة بتأفف: اخلصي انا مش ناقصكي، هاتديني الفلوس امتى؟!. هتفت ليلى بعصبية مفرطة: والله ما يحصل تاخدي مني فلوس تاني، واعلى ما في خيلك اركبيه، فاهمة والا لأ. هتفت مديحة بغيظ: هي بقت كدا، بقى مش همك، خافي مني يا ليلى والله هاوريكي وش عمرك ماشوفتيه، وهافضحك عند حماكي، وهايطردك برا بيته زي ما انا طردتك برة الحارة، وهافضحك تاني.
ارتعدت اوصالها لحديث تلك اللعينة، ولكنها سرعان ما تذكرت حديثه: بيلجأ للكذب مع انه ممكن يقول الحقيقة ويخلص نفسه، انا عندي اللي بيواجه دا شخص يستاهل التقدير والحب والاهتمام وكل حاجة، علشان كدا انا بنيت قصة حبي مع ام كريم على المبدأ دا وهو الصراحة وممنوع الكدب... عادت للواقع وهي تهتف بقوة: انا قولتلك قبل كدا وبقولهالك تاني اعلى ما في خيلك اركبيه، قولي للدنيا كلها مبقاش عندي حاجة اخاف منها.
اغلقت المكالمة سريعا وهي تهتف بنبرة شبه باكية: مبقاش عندي حاجة اخسرها، خلاص اللي يحصل يحصل، مش هاضعف تاني ابدا.
بالمصنع... فهمتي هاتقولي ايه بالظبط، اياكي وتغلطي في حرف. كان هذا صوت هايدي الواعد بينما اؤمات شيماء بقوة وهي تهتف بحقد: متخافيش هادخل اعكها فوق دماغها شهد الزفتة دي واخلي مستر رامي يطردها.. زفرت هايدي بغضب وهتفت بقلة صبر: خليكي في اللي انتي فيه وركزي في اللي بقولهولك يالا ادخلي..
طرقت شيماء غرفة رامي، سمعته ياذن لها بالدخول، دلفت بقلق، رفع رامي بصره يرمقها بتفحص، قطب مابين حاجبيه باستفهام واضح: خير، في حاجة.. ابتسمت بقلق وهتفت: ازيك يا مستر رامي. رفع احد حاجبيه ببرود: انتي جاية هنا علشان تساليني عامل ايه؟!، انتي اسمك ايه وبتشتغلي في انهي قسم. تنحنحت شيماء ثم هتفت بتلعثم: انا شيماء بشتغل في قسم الجودة، والصراحة كنت جاية اشتكيلك. رامي: تشتكيلي من ايه في حد بيضايقك.
هزت شيماء راسها بنفي وهتفت: لأ، بس يعني اللي بيحصل دا ظلم وكمان يعني قلة ادب، دا مكان اكل عيش وكلنا مضايقين من اللي بيحصل. زفر رامي بضيق: اخلصي، هو انتي لسه هاتقعدي تحكي معايا، في ايه بالظبط ووضوح.
ارتبكت شيماء من نبرته الحادة: يعني، ااا اقصد، ان حضرتك شهد كل يوم واقفة تضحك مع واحد شكل ومش بتشتغل، وبالذات بقى مستر سامي واقفة بتضحك وتهزر معاه وحاولنا ننصحها بردوا مفيش فايدة، وكدا ميرضيش ربنا ممكن البنات الصغيرة اللي بيشتغلوا على المكن يقلدوها، معندهاش حيا خالص. اتتفض رامي من جلسته بغضب وهتف بصوته الحاد: انتي اتجننتي، ازاي تقولي كدا...
قاطعه دخول شهد المفاجئ وعلى وجهها ابتسامة، وقفت تحدق بهم وخاصا بعدما رأت ملامح رامي الغاضبة وانكماش شيماء هتفت باندفاع: في ايه يا رامي... حولت شيماء بصرها لشهد بتعجب من نطقها لاسمه دون القاب، تحدث رامي بلهجة آمرة: بصيلي هنا يابت انتي. نظرت له شيماء بخوف: ن، نعم يامستر.
اشار رامي على شهد وهو يهتف بغضب: اللي انتي جاية تتكلمي في حقها دي تبقى مراتي، يعني ياحلوة تلمي لسانك، اصل والله اقطعهولك واقطعه لاي كلب يفكر ينطق اسمها على لسانه، وطبيعي انها متشتغلش لانها مرات صاحب المصنع، دي بتنزل مراقبة عليكوا، وسامي دا يبقى صاحبي وقريبي فطبيعي انها تقف تسلم عليه لما تشوفه.
صدمت شهد من كم الاعترافات التي اعترف بها رامي، حاولت ان تستشف الموضوع ولكنها فشلت ما علاقتها بسامي والعمل وشيماء، التزمت الصمت حينما اشار لها رامي ان تتقدم منه، وبالفعل تقدمت منه حاوطها بيده وهو يقول: يالا اطلعي برا، واستني بقى لما ابقى اشوف هارفدك ولا هتاخدي خصم... خرجت تعتلي قسمات وجهها الدهشة، شهد زوجة مالك المصنع، وعند تذكرها لامر رفده لها، ذهبت مسرعة لهايدي، دلفت حجرة هايدي باندفاع:.
الحقي، يا مس هايدي الحقي روحت في داهية. قطبت ما بين حاجبيها وهي تسأل: في ايه؟!، اوعي يكون رامي عرف ان انا وراكي. هزت راسها بنفي وقالت: لا، الموضوع اكبر من كدا، دي طلعت مراته... جحظت عيناها بصدمة وهتفت: ايه، انتي اتجننتي. شيماء: هاحكيلك يامس هايدي.
بمكتب رامي... هتفت شهد بعدم فهم: في ايه يا رامي، مالها شيماء بتقول ايه في حقي.. تنفس ببطء وهو يهدأ نفسه حتى لا ينفعل عليها: هو انا كام مرة قولت بلاش زفت وقفة مع سامي يا شهد. شهد: في ايه يا رامي هو بينادي عليا بيسلم عليا باحترام، فين الغلط. اشتعلت عيناه بنيران الغيرة وهتف بغضب مكتوم: في اني مش عاوزك تقفي مع بشر، حتى هو بالذات اسمعي كلامي ولو مرة واحدة، انتي ليه بتحبي تتعبي قلبي.
وضعت يداها بعفوية وهي تهتف بتهكم: سلامة قلبك يا رامي، هو انا تاعبة قلبك في ايه.. وضع يده فوق يديها وهو يتمسك بها بقوة ويهتف بتحذير: لاخر مرا بقولك متقفيش مع راجل ياشهد، لاخر مرا بقولك بلاش سامي ياشهد، المرة الجاية هاتشوفي وش عمرك ماشوفتيه، اتمنى انك مش تشوفيه. دلف سامي فاجأة وهو يهتف بعبوس: رامي...
تسمر مكانه من رؤيته لشهد ويديها الموضوعة على صدر رامي بحرية، ويد رامي الممسكة بها وانعدام المسافات مابينهم، لوى فمه بتهكم وقال: اه يعني كلام البنات صح، انتي طلعتي مراته، طب مش تقولو كنا نبارك. سحبت شهد يديها بسرعة بارتباك، بينما هتف رامي بضيق: وانت مالك مضايق ليه، فيها ايه لما تبقى مراتي. هتفت شهد سريعا باندفاع: ااااا، لا رامي قال كدا علشان هي تبطل كلام عليا، احنا مش متجوزين ولا حاجة.
تحولت انظاره لها وهو يرفع حاجبيه باعتراض، ابتعلت ريقها بصعوبة وهتفت: خلاص ياجماعة حصل خير، صدقني يا سامي مفيش حاجة بيني وبين رامي. هتف رامي بصوته الجهور: شهد في ايه، مالك اتظبطي كدا، انتي بتبرري ايه. هتف سامي بابتسامة خبيثة: خلاص، خلاص مصدقك ياشهد، ملهاش لزمى تحلفي. اؤمات شهد بارتباك، وتركت الغرفة هربا خوفا من غضب رامي، وعلمت انها سوف تخوض حرب قوية ليلا، والعقاب هو عدم مرواح المصنع...
ساد الصمت في الغرفة الى ان قطعه رامي بحدة: انت مالك ومال شهد يا سامي حاططها في دماغك ليه... اشار على نفسه وهو يتصنع الصدمة: مين انا!، فين دا وانا مالي بيها، هو انت مش شايفها كانت بتحاول ازاي تقنعني ان مفيش بينكوا حاجة. هتف رامي بخشونة: قصدك ايه ياسامي وضح كلامك اكتر..
ابتسم سامي بخبث وهتف وهو يتصنع البراءة: قصدي متقفش قصاد حبنا يارامي، انت شايف قد ايه هي خافت على زعلي ان لو عرفت انك متجوزها، ليه عاوز تعمل مشاكل مابينا، رامي انا وشهد اتولد مابينا حب ولسه بيكبر ارجوك متقفش في وشنا، عن اذنك. ابتلع غصة في حلقه، وهتف بصدمة: حب، شهد وسامي ازاي، وانا بتقرطس نهارك اسود يا شهد.
امام سايبر سامح.. فتحت حقيبتها وجذبت الصورة واعطتها لسامح بخفة وهتفت: الصورة اهي واضحة لوشها والا لأ... نظر سامح في الصورة واطلق صفيرا: ايه البت الموزة دي، جبتها منين دي. هتفت بضيق: مش حلوة اوي كدا يا اخويا.. نظر لها بذهول وهتف بغلظة: دي مش حلوة انتي عامية لامؤاخذة، دي فلقة قمر، المهم عاوزة صور ايه قاعدة مع واحد في كافيه، ولا صور في اوضة نوم، ولا صور وهي عريانة عاوزة ايه بالظبط.
اتسعت عيناها بذهول وهتفت بتساؤل: يالهوي انت ممكن تعمل دا كله. اؤمئ وهو يبتسم بمكر: اه، واعمل اللي أمر من كدا. مديحة: طب بص عاوزة صور وهي قاعدة في كافيه، او جنينة مع واحد، ولامؤاخذة يعني مميلة عليه عاوزة صور اللي يوشفها يتأكد انها ماشية مع الواد دا. سامح: طيب تعالي بعد يومين خدي الصور ومعاكي بقية المبلغ. مديحة: طيب ياخويا سلام ربنا يقدرك على فعل الخير.
تركته مديحة وهي تبتسم بفخر لنفسها، رن هاتفها نظرت فيه وجدت اسم كريمة زفرت بحنق ثم هتفت: الو يا هانم. هتفت كريمة بتوبيخ: ايه يا متخلفة عمالة اتصل بيكي تليفونك مغلق، عملتي ايه هاتديلك فلوس بكرة. كتمت مديحة غيظها وهتفت: لا ياهانم رفضت وقالتلي اعلى ما خيلك اركبيه، وكمان قالتلي مبقاش عندي حاجة اخسرها.
هتفت كريمة بتعجب: والله!، خلصت اللعبة بدري بدري، طب جهزي نفسك بقى هاتصل عليكي خلال يومين تيجلي وهاقولك نعمل ايه. مديحة: طيب ياهانم تحت امرك. اغلقت هاتفها ثم هتفت لنفسها: اعوذ بالله وليه معفنة، مالحق اروح لسبع البورمبة حسني الهف القرشين، اه هو انا هافضح بنته من جيبي ولا ايه.
بمنزل رامي... هتف حمزة ببراءة: هو بابا ماله يا شهد مش عاوز ياكل ليه؟! زفرت شهد بضيق وقالت: زعلان مني. حمزة: ليه ياشهد، عملتي ايه... شهد: نيلت الدنيا كعادتي، هنام انا فين زفتة الطين مرزوعة في اوضتي، وسي رامي مقموص مني. حمزة: نامي معايا. شهد: فين بقى على الالعاب ولااحط راسي على السرير ورجللي على الارض، انت مبتشوفش سريرك عامل ازاي، في حد سريره على هيئة مركب.
حمزة: اه انا عاوز اطلع قبطان، وبابا لما عرف جابلي الاوضة دي. زفرت شهد بضيق: مبدهاش بقى، اقوم اصالحه وامري لله، واي حاجة يقولي انتي غلط اقوله صح. ثم تابعت وهي توجه حديثها لحمزة: حمزة اشرب اللبن والعب بالمكعبات لغاية ما ادخل لبابا اصالحه واجاي.
بمنزل حسني.. دلفت للغرفة وهي تتفحصها بخوف، كل شئ مقلوب، وحسني يقف في منتصف الغرفة يلهث بقوة، وعيناه تبث شرارات الغضب منها، هتفت بصوت مرتبك: في ايه ياحسني بدور على ايه... التفت لها حسني وهتف بغلظة: فين يا وليه الفلوس اللي كانت تحت البلاطة دي. نظرت لحيث اشار باعين مرتبكة، بدأت وتيرة الخوف تتصاعد لديها، خططها كلها فشلت، سمعته يهتف بصوته الجهور الغليظ: بقولك فين يا ولية الفلوس انطقي.
هتفت سميحة بخوف: مش، مش عارفة فلوس ايه انت عاين فلوس هنا؟ اقترب منها بسرعة البرق وامسك مرفقها بقوة: بقولك فين فلوسي، طلعيهم لاحسن والله اقتلك. حاولت الابتعاد وهي تهتف بتلعثم: مش عارفة، الله وانا مالي، يمكن حرامي دخل وسرقهم، ولا شوف انت عاينهم فين.
رفع يداه وهبط بكفه على وجينتها يصفعها بقوة، من شدة الصفعة اندفعت وجسدها ارتطم بالارضية الصلبة، تأوهت بضعف، بينما هتف بغل: هاقتلك ياسميحة لو مش قولتي فين، دول تاعبي وشقايا، ١٠٠٠٠٠ الف جنيه يا ولية راحو فين.
نهضت وعلى وجهها ملامح الالم وبدأت تستعيد بذاكرتها عدد المرات التي ارعبها بسجنها بسبب وصولات الامانة التي كتبتها على نفسها من اجله، أيأخذ هو النقود وهي تهدد بالسجن؟ عندها هتفت بضعف بمحاولة اخيرة لتشتييت انتباهه: معاك مية الف جنيه ومستسخر فيا تدفعلي ٣٠ الف جنيه تسددلي الوصولات؟ اخص عليك هانت عليك العشرة.
امسك ذراعها بقوة وهتف بحقد دفين: انطقي قولي فين فلوسي ياحرامية، والله هاسجنك بالوصلات، الوصلات دي معايا، هاسجنك بيهم، واتجوز ستك وتاج راسك مديحة. رفعت بصرها ترمقه بصدمة: عاوز تسجني علشان تتجوز مديحة، اه يا واطي ياكلب، والله لاحرق قلبك، الفلوس معايا ومش هتطول منها ولا مليم، خلاص بح.
ابتعد عنها وهو ينظر لها بشر، و دلف للمطبخ بسرعة، بينما هي تلتفت حولها، علمت انه سوف ياتي بسكينا، اندفعت صوب باب الشقة، وما ان وضعت يديها على المقبض، وفتحت الباب فتحة صغيرة، شهقت بألم، وشعرت بسكينا حاد ينغرس في ظهرها، ومع انغراس السكين بظهرها شعرت بقلبها ينزف ألما على بناتها اللاتي فرطت بهن خوفا من السجن وفرطت بحقوقهن وزجت بهن الى براثن المجهول والضياع، بناتها اللاتي أثرت حياتها على حياتهن بجبنها وضعفها وقلة حيلتها، وبدت تلوح لها ملامح شهد الساخطة بعد ان كانت مفعمة بالحياة والحيوية والبهجة، هي بيديها قتلت احلامها واخرجتها من بيت والدها؛ ذاك البيت الذي سلمته لمعدوم الضمير والنخوة بجهلها، اما حسني اخرج السكينة مع انحائها للامام وهي تتمسك بالباب وتتسارع انفاسها، فغرس بكل قوته السكينة مرة اخرى في ظهرها، شهقت بقوة اكبر، واندفعت صوب الارض، تلتقط انفاسها الاخيرة، وهذه المرة رأت سلمى هزيلة محنية الظهر وفكرت بما يمكن لمديحة ان تفعله بها بعد ان انكسر ظهرها وخسرت اخر من ممكن ان تستند عليه فها هي تلفظ انفاسها الاخيرة وحسني اما يسجن واما يهرب، هنا اصبحت سلمى بلا سند على الرغم انه كان سندا هشا الا انهم كانو بحياتها بأي حال من الاحوال، عندها اغلقت عينيها حتى تبقى صورة ابنتيها اخر ما يلوح في افق حياتها المظلمة التي رأتها بشريط سريع يمر امامها حياة عاشتها منكسرة خاضعة ومهزوزة.
اندفع نحوها وهو يهتف بغضب: انطقي قولي فين فلوسي. هزها بعنف اكبر: فين فلوووسي، انطقي يا ولية. وقفت تتابع المشهد من خلف باب الشقة خلسة، وما ان راته يصرخ بها، حتى هتفت صارخة بكل قوتها: الحقواااا ياناس حسني قتل سميحة، يالهووووووووووووووووووى حسني قتل سميحة، الحقوووووا ياناس، الراجل قتل الوليييية بالسكينة.