رواية شهد الحياة للكاتبة زينب محمد الفصل الرابع عشر
وقف الصغير على اعتاب باب غرفه والدة يطرق بهدوء، وانتظر ثواني حتى فتح رامي الباب رفع بصرة ببراءه لوالدة مردفا: بابا انا سمعت باب الشقه بيتقفل، كنت بحسبك انت روحت لشهد لقتها مش موجودة في اوضتها... اتسعت عيناه بصدمه قائلا: ياعني ايه مش موجودا في اوضتها اوعا كدا. توجه بسرعه نحو غرفتها فتحها لم يجدها، نادي بصوته العالي: شهد انت فين... خرجت صفاء من غرفتها مردفه: في ايه يا رامي شهد مالها...
هتف حمزة: شكلها مشيت يا تيته مش موجودا.. وقف هو في منتصف البيت يستوعب فكرة ذهابها، لا لن يسمح لها بذلك، زدات انفاسه المضطربه، لم يستمع لحديث والدته المؤنب، ذهب باقصى سرعته ليبحث عنها، استقل المصعد وبداخله يقسم ان يكسر رأسها الى نصفين، خرج من البنايه ولكن صوت حارسها اوقفه التفت فهتف الاخر بجديه: ازيك يا استاذ رامي، خير نازل بسرعه كدا ليه؟!
اقترب رامي منه بلهفه مردفا بقلق: مش وقته، عارف قريبتي شهد، انت شوفتها ركبت تاكسي ولا مشيت ازاي. هتف الاخر بسرعه: اه شوفتها نازله ومشيت في الشارع دا؛؛؛؛؛، بس مركبتش تاكسي، انت ممكن تلحقها دا مفيش عشر دقايق نازله من البيت.. استدار رامي بسرعه ذاهبا بذلك الطريق ركضا لم يأخذ نفسه لم يهدأ حتى رأي طيفها في اخر الطريق، هتف بصوته الجهور: شهدددد...
سمعت هي اسمها التفت بسرعه رأت رامي ياتي ركضا من اخر الطريق، تملكها الغضب لرؤيته، التفت بسرعه كبيرة ثم ركضت هى الاخرى، وقف هو بصدمه عندما رأها تركض بعيدا عنه هاتفا بذهول: يابنت المجنونه، ماشي يانا يانتي.. تابع ركضه ورائها وهي تركض باقصى سرعتها حتى رأت مجموعه من الكلاب الضاله تقف في منتصف الشارع وقفت بصدمه تهتف لنفسها: يالهوي عليا كلاب..
رجعت للوراء بخطوات مبعثرة ثم التفت وركضت باتجاه رامي وهي تصرخ: يالهووي الكلاب هتاكلني، الحقني يا رامي. ركضت والكلاب خلفها، وقف رامي يشاهد ذلك المشهد ثم سيطرت عليه نوبه ضحك، ما ان اقتربت منه هبط بجذعه الاعلي والتقط حجارة صغيره ثم حدفها باتجاهم، خافت الكلاب ركضت بعيدا عنهم، وقفت تلهث بقوة ثم استدرات خلفها رأتهم يركضون بعيدا هتفت بتعجب: طوبه تخوفهم، ما كنت ارميها من زمان، دا انا نفسي اتقطع.
خبطها بخفه على رأسها هاتفا بحدة مصطتنعه: انتي ازاي يا هانم تنزلي في الوقت دا وتسيبي البيت وتمشي. استدرات ترمقه بغيظ قائله: متكلمنيش لو سمحت انا مبكلمكش وبعدين انا لايمكن ارجع معاك تاني ابدا. زفر بقوة ثم اردف بنفاذ صبر: ليه يا هانم مش هاترجعي معايا تاني.
هتفت غاضبه: ايه الي ليه، ايه السؤال دا انت هنتني يا رامي وانت قاصد كل كلمه بتقولها في حقي، انت بتلومني علشان حاولت اقف جنب ابنك اللي انا شايفه انه مش غلطان انا ليه اعاقبه واكسر نفسه وهو مش غلطان، انت عايرتني على عدم تعليمي مع انه مش بايدي وبتسالني ليه ماشيه، انت بتعايرني انه كتر خيرك باكل وبشرب في خيرك والمفروض ان اسكت على اهانتك ليا، لأ كله الا كرامتي انا حقيقي استحملتك كتير بس اكتشفت ان اللي بيسكت وبيعمل بأصله اللي قدامه مش بيقدره لا بالعكس بيزيد فيها، ودي حاجه مقبلهاش على نفسي ولا على كرامتي لغايه هنا وبس كفايه...
تقلصت ملامحه بغضب قائلا: كان كلام في وقت ضيق وانتي عارف كويس ان مخنوق ومضايق وبعدين لو كل واحدة جوزها قالها كلمتين في وقت ضيق سابت بيتها ومشيت الدنيا هاتخرب، اعقلي وارجعي البيت.. ابتسمت بتهكم مردفا: الكلام دا ليا انا ولا لمين بالظبط، مش انا بردوا من شويه كنت بتلومني ان اتكلمت وقولت ان مراتك وازاي اعمل كدا، ابقا قول كلام بس وابقا قدة.. هتف سريعا بارتباك: انا اقصد في البيت مش فالمدرسه...
عقدت حاجبيها بضيق: والبيت ايه والمدرسه ايه، انت على فكرة، ، اسمها ايه، ، قول معايا اسمها ايه انا فاكرة كويس... ضحك بخفه: اسمها متناقض. هتفت بسرعه مؤكدا: ايوا اسمها متناقض اصمالله عليك، انت يا رامي متناقض. زم شفتيه بضيق ثم قال: طيب ممكن نروح بيتنا ونتكلم مينفعش نقف كدا في الشارع. هزت رأسها برفض: لا استحاله انا لايمكن اروح معاك، لا يمكن..
بمنزل زكريا.. ترنحت سلمي بسبب صفعاته المتتاليه، اختل توزانها ثم وقعت ارضا تنزف الدماء من فهمها، نظر لها بغضب عارم بينما هتفت مديحه بمكر: خلاص يا حبيب امك انت ربيتها وعلمتها الادب... زمجر بحدة مردفا: لا لسه متعلمتش، انا يابنت ال تعملي عليا شريفه وكنتي مصاحبه واحد قبل الجواز، وانا اللي كنت فاكرك محترمه لكن اقول ايه كلكوا صنف واحد...
رفعت بصرها له ترمقه بكره ثم هتفت بتعب: حرام عليك انا طول عمري محترمه، انا عمري مهاسامحك.. رفعت مديحه حاجبيها باعتراض: ما مش تسامحيه يا حبيبتي، ما تولعي بجاز يابت، مش كفايه سكتنا علي بلاويكي ورضينا بيكي... صرخت سلمي باعلى صوتها مردفه: بلاوي ايه كفايه بقا تطلعي عليا كلام انا عمري ما حبيت ولاد ولا كلمت حد ارحميني.
التفت زكريا لمديحه هاتفا بغضب: جيبلها ياما البت اللي قالتلك عليها كلام دا علشان تشوف بعينها كدبها.. أومأت مديحه ثم هتفت بصوت كالفحيح الافاعي: حاضر ياعين امك، اسمع بس الاول جيب الحبل من تحت سريري ويالا علشان نربطها في رجل السرير ونعلمها الادب... ثم تابعت بهمس: لازم تدبحلها القطه وتخاف منك وتعلمك الف حساب علشان متبقاش ليلى التانيه...
بلع ريقه مردفا بنظرات زائغه ضائعه، ذكرى ليلى تأتي امامه بتفاصيلها: صح ياما لازم تعرف ان راجل وتتعلم الادب، سلمى لا يمكن تكون ليلى التانيه..
بمنزل كريم... انهي صلاته ثم رفع بصره لاعلى مناجيا ربه: يارب انا عارف ان غلطت وخالفت مهنتي واخلاقي وديني، بس غصب عني سامحني، انا تعبت من تعذيب الضمير ومن الكوابيس اللي بشوفها.. اطلق تنهيدة حاره ثم نهض من صلاته متوجهاا حيث ليلى ووالدة، وقف على اعتاب غرفه والدة وسمع حديث جمال المؤنب:.
دا بيتك يا ليلى لو كل مرة كريمه اختي هاتيجي تهربي منها يبقا تنتقلي احسن من البيت انتي وكريم وانا هنا معايا الممرضات.. هتفت ليلى بحزن: ليه كدا بس ياعمي، انا مقدرش اسيبك والله، بس غصب عني معلش انا مش عارفه هافضل لغايه امتى اضغط على نفسي ومردش، خايفه في مرا لساني يفلت ومقدرش اتحكم في نفسي. دلف كريم مردفا بهودء: نروح فين يابابا، قول بقا انك زعلان ان ليلى سابتك وجات معايا انهاردا..
ابتسم جمال: اه زعلان اوي بس علشان دا بيتها تقعد فيه براحتها ولو كريمه زعلتها ترد بادب واحترام وتحرجها بالذوق، وبعدين يابنتي دا انا قولت ان ربنا عوضني غياب كريم بيكي وهاتفضلي معايا، تقومي تهربي كدا. جذبت ليلى يد جمال ثم طبعت قبله رقيقه على يدة ثم رفعت بصرها مردفه بابتسام: حاضر، المهم متزعلش مني بس.
ربت جمال بحنان على يديها قائلا: مقدرش والله ازعل منك، يعلم ربنا ان اليوم الي دخلتي البيت دا وانتي بنتي ومعزتك من معزة كريم بالظبط... زفر كريم بضيق مصطتنع: وبعدين بقا في المشهد الرومانسي دا، احم لاحظوا وجودي. ضحك جمال بصوت عالي مردفا: قوم يادكتور اعملنا سحلب من ايدك الحلوة دي.. حولت بصرها لكريم مردفه بتساؤل: انت بتعمل سحلب!
اومئ كريم ثم هتف بمزاح: انا عليا سحلب ولا احسن قهوجي فيكي يا مصر، دلوقتي هادوقي طعمه..
بمنزل رامي المالكي.. وقفت بغضب تهتف بعتاب: مش عيب على طولك تكدب.. اشار الى نفسه مردفا بتمثيل: انا كدبت فين دا. هتفت بحنق قائله: ما خالتي كويسه اهو، امال قولتلي انها تعبانه واغمى عليها وحرام عليكي هايحصلها حاجه والحقيها، وقلبك فين ياشهد، ضميرك فين يا شهد، وشهد الهبله صدقت وجت معاك.. نظر لوالدته قائلا بمكر مصاحبا بغمزه خفيفه من عينيه: مش انتي كنتي تعبانه ياماما، وبتقولي هاتلي شهد هايجرالي حاجه..
انكمشت ملامح صفاء محاوله فهمه ثم حاولت مجارته في الحديث: اه اه يا شهد، انتي ازاي جالك قلب تسيبني يابت، اخص عليكي.. اتسعت عيناها بصدمه: عيب ياخالتي انتي كمان تكدبي. زمت صفاء شفتيها بضيق موجه حديثها لرامي: رامي لو سمحت قوم ادخل لابنك كلمه علشان منمش لغايه دلوقتي..
نهض رامي من جلسته ثم نظر لها بطرف عينيه نظره سريعه لاحظته هي ثم التفت برأسها لاتجاه الاخر متجاهله نظراته لها، بينما هتفت صفاء بهودء: كدا يا شهد قلبك طاوعك تمشي وتسيبني. ترقرقت الدموع في عينيها مردفه: بالله عليكي يا خالتي ما تكلميني كدا اصل انا هاموت واعيط وعلى تكه اصلا.
اقتربت منها صفاء مردفه بحزن: انا عارفه انك زعلانه وشايله في قلبك من كلامه بس انتي بردوا غلطتي يا شهد ومش هانتكلم غلطتي في ايه ولا هانزيد في الكلام، بس شوفتي انا طلع عندي حق. عقدت حاجبيها بضيق قائله وهي تمسح عينيها: مش فاهمه قصدك يا خالتي، طلع عندك حق في ايه؟! هتفت صفاء بعتاب: كان عندي احق لما أصر اجوزك لرامي، انا كنت عارفه ان لو سبتكوا كدا مش متجوزين هاتسيبني وتمشي مع اول خناقه مع رامي...
قاطعتها شهد ببكاء: ياخالتي اعمل ايه عاوزني اقعد بعد ما عايرني باكلي وشربي ونومتي، لا لامؤاخذة كدا ميبقاش ليا كرامه.
جذبتها صفاء وعانقتها مردفه بحنان: لو ليا غلاوة عندك اوعي تعمليها تاني، انا قلبي اتخلع بجد لما مشيتي، يابنتي مش هاستحمل بعدك عني، يعلم ربنا لما شوفتك في اول لحظه دخلتي قلبي واتربعتي كدا، لو بتحبي خالتك اقعدي اوعي تمشي وانا رامي هاعرفه غلطه هو مينفعش يتكلم معاكي كدا انتي صاحبه بيت يابت. شددت شهد على عانقها مردفه: ربنا يخليكي ليا ياخالتي يا حبيبتي، انا من غيرك ماسواش حاجه والله..
ابتعدت صفاء قليلا ثم هتفت بجديه: . اوعديني ان عمرك ما تسيبني.. اطلقت شهد تنيهدة قويه ثم هتفت بخفوت: حاضر يا خالتي انا عمري ما هاسيبك ابدا، بس ابعدي رامي عني.. ابتسمت صفاء بمكر ثم قالت: لا رامي بقا تعالي اقولك في ودنك تضايقه ازاي على اللي عمله معاك وتاخدي حقك تالت ومتلت.
ثاني يوم بمنزل حسني... وقفت في منتصف الغرفه تنظر في ارجائها بحيرة ثم هتفت لنفسها: هايكون عاينهم فين، انا مسبتش مكان الا ودورت فيه كويس، يارب يكون عاينهم هنا.
هبطت بجسدها تنظر تحت السرير حركت تلك الاشياء جنبا لم تجد شيئا، اعتدلت بجلستها ولكن سرعان ما هبطت مرة اخرى عندما وجدت تلك البلاطه الموضوعه باهمال، عقدت حاجبيها بتركيز ثم وقفت وحاولت تحريك السرير حتى نجحت اخيرا في تحريكه جلست على الارض وقامت بازاله تلك البلاطه وبدات بمحاوله بازاله البلاط الموضوع بجانبها بسرعه حتى ازالت خمس بلاطات، هتفت باستغراب:.
ايه البلاط دا اول مرة اعرف ان تحت السرير في بلاط مكسور... اكملت عملها ثم ازالت الرمال الصفراء حتي وصلت لغطاء سرير ملفوف بشكل غريب، قامت بفكه حتي هتفت بصدمه: يالهوي كل دي فلوس ياحسني، ومخبيهم هنا اما انت راجل حويط، وانا اللي كنت بدور على وصلات الامانه، وقعت على اللي أمر منها...
بالعيادة النفسيه.. هتفت الطبيبه بهدوء: خير بقا يا ليلى اتصلتي امبارح وقولتي عاوزة اجاي واتكلم، وبقالك خمس دقايق قاعدة ساكته.. رفعت ليلي بصرها ثم هتفت بصوت مهزوز: انا عمري ما اذيت حد كنت بخاف ازعل حد مني كنت باخد في نفسي واسكت، معرفش ليه كدا حصلي طيب بتعاقب على ايه؟! هتفت الطبيه بحذر: وايه اللي حصلك يا ليلى؟!
بلعت ريقها بصعوبه بالغه ثم هتفت بتوتر: في يوم كنت المفروض اكون نبطشيه في المستشفي مكان واحدة زميلتي، لما خلصت شغلي وارتحت لقتها دخلت عليا كانت الساعه ٢ بليل انا فاكرة الساعه كويس لان في الوقت دا انا اخدت اكتر قرار غلط في حياتي، قررت اروح بعد ما زميلتي بلغتني ان اروح وهي هاتكمل، خرجت من باب المستشفي وانا جوايا حرب حاجه بتقولي روحي يا ليلي، وحاجه بتقولي افضلي لغايه الصبح، مشيت وانا قلبي بيتقبض مش عارفه ليه، شوفت تاكسي جاي عليا قولت بس هو دا اللي هاينقذني ويروحني وخصوصا بعد ما ما شوو..
بكت ليلي، بكت بصوت عالي، عندما تذكرت ملامح وجهه، ظلت تشهق وتبكي سارت في جسدها رجفه وزدات وتيرة الخوف لديها، نهضت الطبيبه ممسكه بعلبه المناديل متوجهه نحو ليلى ثم هتفت بهودء: كملي يا ليلي، خصوصا ايه..
هتفت ليلى بخوف: بعد ما شوفته، لقيته راجل في الاربعين او الخمسين ياعني في مقام والدي، ركبت ومشي بيا شويه ولقيته بيدخل من شوارع غريبه، حسيت بالخوف قولتله اقف هنا انا عاوزة انزل موقفش رفض، صرخت بعدها وقف وقفل العربيه وبعدها... ربتت الطبيبه علي كتفيها مردفه بتشجيع: كملي يا ليلى... هزت رأسها برفض مردفه بصوت متقطع من كثرة البكاء: لا مش قادرة، مش قادرة انا عاوزة امشي.
اعطتها الطبيبه كوبا من الماء البارد، اخذته ليلى بيد مرتعشه ارتشفت رشفه صغيرة ثم وضعته امامها شهقاتها لم تهدأ ابدا، ابتلعت ريقها بصعوبه ثم اردفت بنبرة شبه ضائعه: اترجيته كتير اوي، لو كنت طولت ابوس رجله كنت بوستها بس ميعملش كدا، قاومت كتير اوي بس خبطني في دماغي بعدها قومت لقيتني في المستشفي بيقولولي ان ان اني ياعني... قاطعتها الطبيبه بلطف: خلاص يا ليلى كفايه كدا انهاردا.
ثم تابعت بابتسامه بسيطه: في هنا تواليت ادخلي اغسلي وشك وخدي نفسك كدا، مينفعش تطلعي بوشك الاحمر لدكتور كريم هايتخض وهايقولي عملتي فيها ايه، واحتمال كمان يقفلي العيادة. كان حديث الطبيبه على سبيل المزاح حتى تخرجها من تلك الحاله التي انتباتها، أومات ليلى ثم نهضت وسارت بخطوات ثقيله وذلك المشهد يتجسد امامها...
بمنزل حسني.. وقفت تعد الطعام شردت بذهنها لهذا المبلغ الضخم الذي يخبئه حسني تركت تلك الملعقه ثم هتفت بغيظ: يالهوي ياحسني شايل المبلغ دا وعينه تحت البلاط وانا زي الهبله معرفش، انا احسن حاجه اسيب كل حاجه واشوف بعد كدا هاعمل ايه..
بمنزل زكريا.. فتحت باب الغرفه بعنف ثم اقتربت من تلك الراكضه ارضا ووجها شاحب، هزتها بقدمها بعنف حتي استقيظت سلمى بتعب، لوت مديحه فهما بتهكم: قومي يا برنسيسه.. رفعت سلمى بصرها ثم اردفت بخفوت: هاقوم ازاي وانا مربوطه زي الكلاب كدا. ضحكت مديحه بصوت عالي مردفه بسخريه: كويس انك عارفه مقامك، زي الكلاب طب والله يامرات ابني انت بتقولي كلام حكم.
ترقرقت الدموع بعينها ثم هتفت بنبرة شبه باكيه: انت بتعملي معايا كدا ليه، ارحميني بقا انا عمري ما عملت فيك حاجه وحشه. هبطت بجذعها الاعلي ممسكه بشعرها في يديها بعنف مردفه بغل: لأ عملتي، اتكلمتي في حقي كلام وحش وانا عمري ما انسي كلامك ابدا يا سلمي، انا انتقمت من اختك وليلي الكلبه واطردوا من الحاره وانت اهو مرميه في بيتي اعمل فيكي ما بدالي.
اتسعت عيناها بصدمه ثم اردفت: انا كدا عارفه انك السبب في اللي حصلهم، حرام عليكي يا شيخه والله ربنا مبيرضاش بالظلم ابدا وحقهم وحقي هايتاخد منك. شهقت بتمثيل ثم اردفت بسخريه: لما نشوف هايتاخد مني ازاي. ثم تابعت بقسوة: يالا يا بت قومي علشان تمسحي الارضيه وتروقي المطبخ.
بعد مرور اسبوعين في المطار.. جذبت شهد يد صفاء مره اخري مردفه ببكاء: لا ياخالتي مش هاتسيبني. هتفت صفاء بحزن: ما خلاص بقا ياشهد اصلي والله قلبي بيتقطع. هتف حمزة ببراءه: خلاص ياشهد هاخلي بابا يجبلك شوكلاته بس اسكتي. زفر رامي بضيق ثم اردف بحنق: سيبها بقا يا شهد علشان تلحق تخلص الاجراءات كدة هاتفوتيها معاد الطيارة..
رمقته بغضب ثم حولت بصرها لخالتها مردفه برجاء: ادعيلي ياخالتي وانتي في الارض الطاهرة وجبيلي ميه زمزم وسلميلي علي ميمي كتير لغايه ما ابقا اشوفها. ربتت صفاء علي كتفيها بحنان مردفه: حاضر ياعيون خالتك، المهم اللي قولته يتنفذ وانت يا رامي بالله عليك خلي بالك منها ومن حمزة يابني. اقترب رامي عانقها بقوة مردفه بهمس بالقرب من اذنيها : بتوصيني علي مين على اغلي اتنين متخافيش الاتنين هايبقوا في عنيا.
ودعدتهم صفاء اخيرا ثم ذهبت بداخل المطار و وبداخلها تتمني من ربها ان يصلح حالهم، بينما وقفت شهد بتذمر مردفه بتحدي: لا مش هاركب الا وراة، انا مزاجي كدا. تمتم بالاستغفار ثم قال بهدوء مصطتنع: يالا يا شهد اركبي قدام، انا مش السواق الخصوصي بتاعك. رفعت اصبع السبابه في وجهه ثم قالت بغضب مكتوم: انا كام مرة انبه عليك متكلمنيش البعيد معندوش دم ولا ايه.
جز علي اسنانه هاتفا بصرامه شديدة: واقسم بالله لو ما ركبتي العربيه دلوقتي... قاطعته هي بقوة مصطتنعه: خلاص خلاص هاركب. نظر لها بذهول من تصرفاتها فهي ممتنعه عن الحديث معه وعن الطعام ايضا لم يراها خلال الاسبوعين الا مرتين فقط بالصدفه وفي خلالهم ترمقه بغضب وتمتنع عن الرد...
جلس خلف عجله القيادة يتنهد بضيق وينظر لها بطرف عينيه حتى هتف بهدوء: شهد ماما مشيت واحنا هانقعد مع بعض خلاص بقا قلبك ابيض، خلينا كويسين. رفعت رأسها بكبرياء مردفه بالامبالاه مصتنعه: ما احنا كويسين. زفر بحنق من ذلك الاسلوب التي تتبعه في عقابه: شهد بطلي تستعبطي خلاص بقا انسي الكلام اللي قولته وانا كمان هانس... التفت له بسرعه متناسيه هدوئها المصتنع ثم هتفت بعصبيه: مش بالسهوله دي انسى يا رامي.
ابتسم بمكر وهو يتابع الطريق جعلها تفقد هدوئها المستفز في ثواني بينما هتف حمزة ببراءه: جبلها يابابا شوكلاته وهي هاتسكت وتبقا حلوة. قطبت ما بين حاجبيها ثم هتفت: لا انا مش ماديه، انا صاحبه مبادئ. كتم ضحكته بصعوبه مردفا بخشونه: طب انتي عاوزة ايه؟!، علشان ترضي عليا. صمتت ثواني ثم هتفت بمكر: عاوزني اسامحك على كلامك في حقي من بكرة انزل الشغل في المصنع معاك ومفيش اعتراض وحجتك خالتي اهي مشيت، موافق ولا لأ.
صمت دقائق انتابه شعور بالضيق والغيرة، مؤخرا أصر سامي ان يساعدة في عمله من كثرة ضغط العمل بالمصنع ومع نزول شهد العمل سوف يجتمع بها سامي وبالرغم من صداقتهم القويه هو ورامي الا ان رامي يكره فيه بعض الصفات فاسامي اكبر شخص لعوب يتغزل بالنساء دون حرج ومن السهل ان يقع بشباكه امرآه، (شهد وسامي).
ماهذا لا يمكن ان يحدث ابدا فهذة شهدة هو حياته هو ولدت حتى تكون له عاش سنين على ذكرى ملامحها فقط ولما صارت زوجته أصبح خائفا من فكرة وجودها مع سامي، نعم لقد اعترف لنفسه انه يعشقها يحبها يشعر بالغيرة كلما حاول سامي التحدث عنها، الغيره تأكل صدرة طوال حياته يستمع لمقوله ( نار الغيرة ) لم يشعر بها ابدا حتى طوال فتره زواجه بأميرة ولكن ظهرت شهدة بين يوم وليله شعر بمشاعر كثيرة وعرف اخيرا نار الغيرة، نار الغيرة التي تأكل صدرة انتبه هو من شروده على صوتها و هتفت هي بحماس: خلاص علامه السكوت رضا، من بكرة هانزل معاك الشغل.
رواية شهد الحياة للكاتبة زينب محمد الفصل الخامس عشر
انتهى من تمشيط شعره ثم ارتدى ساعته، سمع طرق الباب اردف بصوت عالي نسبيا: ادخل. دخلت تلك الجميلة المبتسمة مرتدية بلوزة من اللون الكاشمير وجيب طويلة من اللون الاسود وحجاب اسود، رأى هو انعاكسها في المرآة التفت اليها ثم تفصحها بتركيز حتى قطب حاجبيه مردفا بصرامة: ايه دي الي انتي لابساها ياشهد. نظرت لنفسها بتعجب ثم رفعت بصرها بتساؤل: مالي في ايه مش فاهمة؟!
زفر بضيق ثم هتف: الجيبة ضيقة اوي ومجسمة جسمك، مش عاجباني غيريها. شعرت بالاحراج قليلا لعدم امتلكها جيب اخر غيرها ولكنها هتفت بالامبالاة: هي نظامها كدا ضيقة عادي. رفع احد حاجبيه باعتراض قائلا: لا مش عادي طبعا انتي محجبة تلبسي واسع بصي اقعدي مفيش شغل مدام مش عاوزة تغيريها. هتفت سريعا بارتباك: لا، احم ماشي هابقا انزل بعد الشغل اجيب واحدة واسعة، لان كل الموجودين ضيقين.
نظر لها وادرك انها لا تملك غيرها، ابتسم بلطف مردفا: طيب يالا ننزل، الباص جه اخد حمزة. أومأت براسها ثم هتفت بحماس: اه جه اخده وهايجيبه على عنوان المصنع ادتهم العنوان ويالا بقا علشان انا متحمسة جدا. ابتسم بخفة على حماسها: يالا.
بمنزل كريم. استقيظت وبداخلها راحة نفسية لم تعهدها منذ فترة اعدت الفطور ثم جلست مع كريم ووالده يتناولوا فطورهم ويسود الجو الألفة والحب، حتى اعلن هاتفها عن وصول رسالة نظرت فيها وجدت رسالة من رقم غير مسجل ومحتواها: ( فاكرة انك هاتفضلي تخبي كتير مصيبتك، انا لايمكن اسيبك تضحك على الناس وتكدبي وتمثلي دور الشريفة في اقرب وقت هابعت لحماك واقوله على اللي انت عملتيه وانك شمال ).
قرأت محتواها بأعين متسعة تسارعت انفاسها، سعلت بخفة ثم قامت بتوتر واضح مردفة بتلعثم: انا هاقوم اغير هدومي. رمقها كريم بتعجب ثم هتف مغيرا مجرى الحديث: طيب خديني معاكي علشان اجيب شنطتي وانزل الشغل. ثم تابع حديثه موجهها كلامه لوالده: بابا كمل فطارك يا حبيبي. أومئ جمال برأسه دون رد وتابع اكمال فطوره... في الداخل..
دلف كريم بعدها مغلقا الباب بهدوء ثم اقترب منها مردفا بقلق: في ايه يا ليلى، ارتبكتي قدامنا ليه كدا لما بصيتي في التليفون. زدات وتيرة التوتر لديها مردفة بوجه يشوبه الاحمرار: ايه! كان باين عليا، ياعني عمي زمانه اخد باله. شعر هو بمدى توترها وخوفها اقترب منها ممسكا بكتفيها محاولا منه لتهدئتها ثم قال: اهدي يا ليلى بابا ماخدش باله اصلا، لو اخد باله كان زمانه سأل.
ابتلعت ريقها بصعوبة مع ظهور دموع بسيطة في عينيها: بص في التليفون بتاعي جتلي رسالة عليه، انا هاموت من الخوف. اخذ الهاتف متفصحا تلك الرسالة سرعان ما رفع بصره بتساؤل: ايه الكلام الاهبل دا، مصيبة ايه وفضيحة ايه. مسحت تلك الدموع المتساقطة رغما عنها مردفة بخفوت: والله ما عارفة بس اكيد قصده يعني عن الاغتصاب وكدا. قطب بين حاجبيه ثم هتف: وهو ايه اللي عرفه ان انا وانت خبينا عن بابا الموضوع دا.
أومأت بسرعة كبيرة مردفة باندفاع: صح صح ايه اللي عرفه، انا خايفة ومتوترة انا عاوزة اروح لدكتورة هدي. ربت على كتفيها بحنان مردفا بهدوء: اهدي يا ليلى ليه الخوف والتوتر دا، ما يعرف بابا ايه الي هايحصل وبعدين انتي ياماما المجني عليها مش الجاني خوفك وتوترك غير مبرر خالص اهدي كدا واتحكمي في انفعالاتك ثم ان المفروض مش كل مشكلة تقعي فيها تجري على دكتور هدى لأ، انتي عقلك فين ومدى تصرفك بالأمور.
هتفت بصوت مرتجف: لا الناس كلها شايفني جاني مش مجني عليها، واكيد والدك هايشوفني كدا بردوا ويقول طلقها وسيبها. ابتسم هو بتهكم ثم قال: دا لو افترضنا ان كلامك صح فهل دا معناه ان اوافق واطلقك ثم تابع بنبرة كلها حب وحنين: يا ليلى انا عافرت بس علشان تكوني في حكمي ومراتي ولسه بعافر علشان تحبيني، انا لو الدنيا اتهددت مش هاطلقك مش هابعدك عن قلبي ابدا.
رفعت بصرها رمقته بنظرات غريبة خوف ارتباك حب!، تريد حضنه الان تريد ان تنعم به لتزيل همومها و مخاوفها، كريم اصبح الامان لها وما الحب الا الامان، بادلها بنظرات حب عشق، اقتربت بسرعة وفي لحظة كانت تحشر نفسها داخل احضانه عانقته بقوة، تسمر هو للحظات إثر حركتها المفااجئة ولكن سرعان ما استوعب ان حبه وعشقه بين يديه وبإرداتها هي، بادلها العناق يدفن رأسه في خصلات شعرها مستنشقا رائحتها بقوة حتى فاجئته للمرة الثانية بحديثها الغير متوقع:.
خبيني جوا حضنك ياكريم، متبعدش عني اوعدني تخليك جنبي، انت بقيت بالنسبالي الامان والحنان، وجودك صوتك ريحتك كل حاجة بتحسسني بالامان اوعى تبعد للحظة بعيد عني لو بعدت هاقع هاموت، انا بتعالج علشانك انا عايشة علشانك وبكمل علشانك انت. تسارعت دقات قلبه عقب حديثها ابعد وجهها يتأكد من اعينها صدق حديثها هتفت هي بتذمر واضح على ملامحها: ليه بعدتني عن حضنك، سيبني ش..
قاطعها بقبلته، قبلته التي بث فيها مشاعر الحب السعادة العشق كانت قبلته بسيطة حنونة ابتعد عنها بسرعة حتى لا يؤذيها اكثر من ذلك فهي في اهم فترات علاجها ولكنه لم يستطيع التحكم بنفسه عقب حديثها، معشوقته تعترف وتعلن وهي بكامل قواها العقلية انها تفعل ما تفعل لاجله فقط وتطلب احضانه لتنعم بدفئه، عانقها مرة ثانية ويعلو على ثغره ابتسامة تنم عن السعادة ظل يمسد بيديه على ظهرها، اما هي فكانت بعالم اخر لا تريد الاستيقاظ منه.
بمنزل زكريا. امسكت سلمى الهاتف بيد مرتعشة وهتفت بنبرة يتخللها الخوف: مبهدلني ياماما ضرب واهانة انا خلاص بفكر اموت نفسي واخلص من القرف اللي انا فيه. هتفت الاخرى بغيظ: ربنا ياخدك يا مديحة انتي وابنك الكلب. مسحت دموعها بسرعة مردفة بحزن: تتصوري يا ماما طلعت عليا كلام ان كنت بحب واحد وهو طبعا صدقها وكل يوم يربطوني في السرير انام في الارض يصحوني الصبح اروق وامسح انا تعبت والله.
زفرت سميحة بحنق مردفة بغل: طب والله اجيلها واموتها الولية دي، هي مش ناوية تتلم ولا ايه. هتفت سريعا: لا لا ياماما اوعي بلاش لبابا يضربك وانتي خلاص مبقتيش تستحملي. ثم تابعت: المهم انت خلي بالك من نفسك وادعيلي، انا هاقفل قبل ما تيجي بقى. تنهدت بصعوبة ثم هتفت بحزن: حاضر يابنتي هادعيلك وبدعي لشهد ربنا يوفقها في حياتها وتسامحني زمانها ياحبة عين امها كرهاني اوي، يالا يابنتي سل...
ولكن قطعت كلامها بسرعة مردفة: بت ياسلمى انا سبحان الله جالي فكرة كدا. عقدت هي حاجبيها ثم هتفت بهدوء: فكرة ايه؟! اردفت بمكر: بصي لو عاوزة تخلصي من القرف اللي انت فيه، خدي زكريا على حجرك الواد دا كان مايلك في اول الفرح اسمعي كلامي اعصري على نفسك لمونتين وعامليه حلو وكلمتين حلوين ومش هايسمع كلام امه.
ابتسمت بسخرية: ياماما انت مش عارفة زكريا ابن امه اوي لو قالتله روح موت نفسك يا زكريا هايقولها حاضر ياما. هتفت سميحة بإصرار: لا والله اسمعي كلامي انا بردوا بعرف اقرا الناس والواد دا انا قريته انتي مليتي عينه وحبك لو شاطرة استحملي قرفه واضحكي عليه بكلمتين وهو هايقف لامه علشانك.
شعرت هي بالضياع اطلقت تنهيدة حارة ثم هتفت: مش عارفة ياماما، مش عارفة اذا كنت هاقدر اعمل كدا ولا لأ، انا مبطقيهوش ولا بطيق اشوفه قدامي. فهتفت سميحة بتأكيد: والله العظيم اسمعي كلامي وبكرة تقولي كلامك صح ياماما.
بمحل جزارة حسني. وقفت مديحة على اعتاب المحل تبتسم بمكر مردفة بغنج: اديني ٢كيلو لحمة ياسيد الناس. عبث الاخر بشاربه مردفا بخشونة: دا انت اللي ست الناس كلهم، ادخلي جوا المحل لغاية ما الواد يقطعلك اللحمة. شهقت بخفة مردفة بمكر: ادخل محل ايه انت عاوز الناس تقول علينا ايه؟!، لا طبعا مينفعش. زفر بضيق مردفا: امتى الحلو بقى يحن علينا ونتجوز اصلي انا بقيت على اخري.
اطلقت ضحكة رنانة: اهدى يامعلم، الصبر تاخد حاجة حلوة انا عاوزة اظبط كل حاجة قبل جوازنا وانت كمان تكون خلصت من المحروقة سميحة. امال هو بجسده ناحيتها مردفا بخفوت: اول ما تديني الاشارة هاتلاقيني خلصت منها وللابد. ثم تابع بنبرة خبيثة: وحياتك عندي لامحي اسمها من الحارة كلها. اتسعت ابتسامتها مردفة: طب عجل الواد باللحمة عاوزة الحق اطبخ. غمز لها بطرف عينيه ثم صاح بصوته الجهور: يالا ياض اوزن اللحمة.
بالمصنع... ظل يتفصح الاقمشة بإمعان وتركيز ثم هتف: اظن انها هاتبقى حلوة اوي يا مدام سهير مع الموديل دا. هتفت الاخرى بعملية: جدا انا لما شوفتها اعجبت بيها اوي وانت حقيقي يا مستر رامي زوقك حلو اوي في اختيار القماش.
رفع بصره ثم هتف بابتسامة بسيطة: شكرا يامدام سهير، انا عاوزك تشدي البنات شوية في التطريز وكمان مشرفين الجودة انا عاوز كل حاجة بالسنتي، السوق سمعة وانا عاوز كله يعرف عن مصنع المالكي ان سمعته كويسة وشغله تمام. أومات هي بتفهم ثم اردفت بجدية: خلاص ادي الاوردر لكله انه يبدأ شغل. خلع نظارته الطبية قائلا: اه. تحركت خارج الغرفة ولكن صوت رامي اوقفها قائلا: انتي شغلتي شهد مشرفة جودة صح.
استدرات هي ثم هتفت بتأكيد: ايوة زي ما انت امرت. حمحم هو ثم قال بارتباك: طب متعطيهاش شغل كتير ومتخليش حد يزعلها ولا يضايقها وياريت لو تبعتهالي. ضيقت عينيها بتركيز محاولة فهم ما علاقة رامي وشهد وسر اهتمامه بها، ولكنها سرعان ما ردت: اوك يا مستر رامي.
بمنزل كريم. كانت تضع رأسها فوق صدره، ويديها حول عنقه اما هو كان يحرك يده بخفة على ظهرها وبين كل ثانية واخرى يطبع قبلة رقيقة فوق جبينها حتى فتحت عينها بهدوء: كريم هو انت مش هاتروح المستشفى. ارجع بعض خصلاتها للخلف مردفا بابتسامة حب: لاهاخد اجازة واقعد معاكي انا مش عاوز اسيبك. رفعت نصف جسدها للاعلى ثم هتفت: لا انت لازم تروح وتشوف شغلك متقلقش انا بقيت كويسة.
قطب بين حاجبيه مردفا بضيق: ليه عاوزة تحرميني من حضنك، انا اخاف اروح ارجع الاقيكي اتحولتي. ابتسمت رغما عنها ثم هتفت: لا مش هاتحول متخافش، بس احنا بقالنا كتير هنا ياكريم وعمي سبناه لوحده وانا اتعودت اقعد معاه واتكلم ونرغي في اي حاجة، مش عاوزة يقول اني نسيته.
هز رأسه متفهما وجهة نظرها ثم نهض مردفا بضيق مصطنع: ماشي ياست ليلى بعيني علشان خاطر بابا، يالا اطلعيله وانا هاغير هدومي وهاروح العيادة بلاها مستشفى انهاردا.
بالمصنع... دلفت شهد تتصفح مكتب رامي بهدوء ثم هتفت: ايه يارامي الحلاوة دي، انا كنت متخيلة مصنع دور او دورين بس مش كذا دور ماشاء الله وكمية ناس بتشتغل ماشاء الله. ابتسم هو لحديثها العفوي: طب كويس انه عجبك ياست شهد. تحرك نحو اريكة صغيرة ثم اشار اليها ان تأتي، تحركت نحوه ثم جلست عليها مردفة بتساؤل: خير بقى عاوز ايه، نادتني ليه؟!
وضع حقيبة بلاستيكية على الطاولة الصغيرة التي تتناسب مع حجم الاريكة: ناديتك علشان تفطري انتي مفطرتيش الصبح، وممكن يحصلك حاجة ويغمى عليكي وامي تقولي قصرت في شهد يارامي. مد لها ساندوتش اخذته بابتسامة مردفة: انشالله يخليك للغلابة، بس بعد كدا مش هاينفع اجاي وافطر هنا هابقى اخاد فطاري تحت مع البنات. قطب ما بين حاجبيه ثم هتف بتساؤل: ليه؟!
قطمت قطعة خبز ثم مضغتها بهدوء مردفة: علشان البنات ميقولوش حاجة عليا انا بنت وليا سمعة. اتسعت عيناه بصدمة مردفا بذهول: نعم!، انتي ايه؟!، انتي بنت دا على اساس ايه بقى ان شاء الله، انتي مراتي ياهانم واي حد يتكلم هاقطعله لسانه. ضحكت بخفة مردفة بفم مكتنز من الطعام: يالهوي عليك يا رامي قفوش اوي، مبتعرفش تبقى هادي كدا. ارجع ظهره للخلف مردفا بحنق: مانتي بتقولي كلام يفورني ويعصبني.
قهقهت بشدة مردفة بمزاح: يفورك!، انت سفن اب ولا فيروز علشان تفور. التزم الصمت ووجهه خالي من التعبير، بينما هي سعلت من الاحراج مردفة بخفوت: وحشة صح!. هتف سريعا بضيق: وحشة جدا اوعي تألشي تاني. رمقته بضيق ثم هتفت: بص بقى ياسيدي هالله على الجد والجدهالله عليه، مينفعش تقول ان انا مراتك والكلام دا، الموضوع دا سر ما بيني وبينك، ليه بقى قولي ليه؟!
حاول التحكم باعصابه وعدم انفالتها، فرد في هدوء مصطنع: ليه ياشهد؟! هتفت هي بجدية: اولا علشان انا مش هنسالك لما بهدلتني علشان قولت مراتك في المدرسه، وكمان علشان انا وانت عارفين اننا اخوات واحنا كتبنا كتابنا في ظروف معينة وان شاء لله لما خالتي تيجي هانطلق، افرض بقا قولت وفضحت الدنيا اني مراتك وفي واحد مثلا معجب بيا وبيحبني وعاوز يتجوزتي، يريضك توقف حالي...
لم يعطيها جواب، بل اقترب منها بنفس وجهه الخالي من التعبيرات، اخذ ذلك الساندوتش ثم وضعه على الطاولة بهدوء بينما هي رمقته بتعجب من ردة فعله، التفت اليها ثم هتف بحدة مخيفه: عاوزة تطلقي علشان تتجوزي حد تاني صح؟! هتفت هي بتلعثم من نبرته الحادة المخيفة: كان مجرد رأي.
وبحركة واحدة كانت شفتيه تعتصر شفتيها يقبلها يعني عقابا على كلماتها، تأوهت بخفوت نتيجة لغرس أسنانه بشفتها السفلى، حاولت أبعاده نجحت ولكنه عاد مرة اخرى يقبلها بقسوة لا يدري بنفسه ماذا يفعل بها؟!، كأنه جسد يتحرك وعقلا غائب وهذه المسكينة مصدومة مقهورة مشاعرها مبعثرة تشعر بالخوف نتيجة لهذا الهجوم الشرس نجحت أخيرا في الابتعاد عنه تنهض مسرعة للهروب من أمامه لتسقط أرضا اثر نهوضها بسرعة وخطواتها المبعثرة وجيبتها الضيقة.
رواية شهد الحياة للكاتبة زينب محمد الفصل السادس عشر
نهض سريعا مد يديه ليساعدها في النهوض ولكن رفضت بقوة وازاحت يده بعنف قائلة بغضب: ابعد عني. هتف سريعا بارتباك: شهد انا والله... قاطعته بعصبية: انت ايه يا رامي، ايه الي انت هببته دا، ازاي قدرت تعمل كدا. احتدت عيناه بغضب: وايه اللي انا عملته انت مش مراتي ولا ايه. هتفت بصراخ: على الورق وبس.
زمجر رامي بحدة: لا انتي مراتي ومش ورق وبس، ويكون في علمك لو مبطلتيش سيرة الطلاق وان حد تاني يتجوزك واقسم بالله هاحبسك في اوضتك مش اخرجك منها انا راجل يا شهد مينفعش تكلميني بالاسلوب دا ابدا. رمقته بضيق ثم هتفت بسخرية: راجل على نفسك مش عليا، فاهم ولا لأ. انهت حديثها ثم خرجت من الغرفة مغلقة الباب خلفها بقوة، حدق هو في اثرها ثم غمغم: متخلفة ولسانها اطول منها وعاوز قصه...
ثم وضع يده على شفتيه وقبلها واكمل: بس طعمة طعامة، اه منك ياشهد لخبطتيني.
دلفت الى مرحاض النساء، فتحت الصنبور وغسلت وجهها عدة مرات لعلها تهدأ نفسها وتطفئ سخونة وجهها، نظرت لنفسها في المرآه وجدت شفتيها متورمتين نتيجة لاعصاره بهم وقوة قبلته، وضعت يديها على شفتيها تلقائيا سرت رجفة قوية في جسدها عندما تذكرت قبلته، اتسعت عيناها بصدمة: رامي باسني، يالهوي عليا، باسني بوسة زي الافلام بالظبط، يادي الكسوف هابص في وشه ازاي بعد كدا.
عقدت حاجبيها مردفة بتساؤل: بس ياتري ليه باسني، علشان قولتله هاطلق واتجوز حد تاني، اه تلاقي رجولته نقحت عليه. ثم هتفت لنفسها مؤنبة: انتي غلطانة بردو يا شهد يعني هو جابلك سندوتشات علشان تفطري وانتي تدبي كلامك الاهبل دا، مهما كان دا جوزك لازم اراعي حتة زي دي ومتكلمش على رجالة تانية ثم عادت تهتف لنفسها مرة اخرى: اه هو جوزي بس زي اخويا...
زفرت بضيق ثم هتفت لنفسها مرة اخرى: يوووه عليا بكلم نفسي تاني، بس انا لازم اخد منه موقف علشان ميكررهاش تاني، اه انا مش فاتحاها سبيل.
هندمت نفسها مرة اخرى ثم اخذت نفس طويل واخرجته ببطئ خرجت من المرحاض وسارت في طرقة طويلة حتى سمعت صوت يناديها التفت بسرعة رأت شاب طويل وسيم مبتسم لها وكأنه يعرفها من قبل دققت النظر حتى استعادت ذاكرتها انه صديق رامي ولكنها نست اسمه هتفت لنفسها بسرعة: يالهوي اسمه ايه، نسيت.
رأته يتقدم منها ولم تختفي ابتسامته وما ان اقترب حتى مد يده لكي يصافحها، تنحنحت هي بإحراج ثم صافحته بابتسامة بسيطة، هتف هو برزانة: ازيك ياشهد عاملة ايه؟! حمحمت هي بإحراج لعدم تذكرها اسمه مردفة بابتسامتها ذاتها: الله يسلمك يا استاذ، ، انا اسفة نسيت الاسم عندي مشكلة في الاسماء بنساها بسرعة.
رمقها بحزن مصطنع مردفا: اخص عليك ياشهد نسيتي اسمي وانا اللي كنت فاكر انك عمري ما تنسيني زي مانا منستكيش ابدا، من اللحظة اللي شوفتك فيها وانت على طول على بالي عمرك ماغبتي ابدا واسمك اتحفر جوايا. اصطبغ وجهها باللون الاحمر ثم هتفت بارتباك: اه، احم شكرا... ضحك بخفة على ارتباكها ثم هتف: يا ستي انا سامي صاحب رامي. ثم استطرد بتساؤل: الا قوليلي انت بتعملي ايه هنا؟!
اشتغلت هنا، قصدي يعني اشتغلت في الدور اللي تحت مشرفة جودة. اجابها مزاحا: وياترى بقى عارفة يعني مشرفة جودة. هزت رأسها بتأكيد: اه مدام سهير فهمتني شوية في الشغل ولسه هافهم ان شاء الله.
وقفت هايدي في اخر الطرقة تتابعهم من بعيد وبرأسها مئة خطة شيطانية للايقاع بتلك الدخيلة شهد من وجهة نظرها، عزمت على تنفيذ اول خطة، رفعت هاتفها بهدوء ثم التقطت لهم بعض الصور، ابتسمت بمكر ثم هتفت لنفسها: وقعتي تحت ايدي وكويس أوي انك جيتي تشتغلي هنا، كدا اللعب هايبقى حلو أوي.
بمنزل زكريا... وضعت له الطعام على الطاولة وظلت منتظرة حتى يأمرها بشئ اخر، وضع ملعقة طعام في فمه مردفا بخشونة: امي فين؟!. ردت هي بوجه شاحب وصوت مجهد: نزلت قالت وراها مشاوير. رفع بصره اليها يرمقها بتصفح من بداية وجهها الشاحب حتى ثيابها المبتلة رق قلبه وتأثر لمنظرها ثم هتف بضيق: مغيرتيش هدومك ليه؟! هتفت بتهكم: مقدرش الا لما امك تأمر ان اغيرها.
ترك الملعقة بعنف ثم هتف بصرامة شديدة: لمي نفسك يا سلمى انا عمال اضغط على نفسي علشان مش اقوم واضربك قلمين يظبطوكي.
صمتت وخفضت بصرها ارضا، عاد هو لاكمال طعامه بينما هي شردت في حديث والدتها، ماذا لو نفذته وعاملته معاملة حسنة وزودت جرعة حنانها، هل حقا سوف تكسبه في صفها؟ ام تأثير والدته اقوى ومهما فعلت سوف تظل في ذلك الجحيم؟ ماذا لو كان بالفعل تأثيرها هى اقوى من مديحة واخذته في صفها؟ هى في وضع يستحق التجربة، رفعت بصرها ترمقه وجدته يأكل بوجه عابس، بلعت ريقها بصعوبة ثم جلست على مقربة منه، حول بصره عن الطعام ناظرا لها بقوة حتى هتفت هي بصوت دافئ حنون:.
زكريا ممكن اسالك سؤال؟! ضيق عينيه بتركيز مردفا: اسالي؟! ارتبكت قليلا ولكنها شجعت نفسها على الحديث: هو انت عمرك سمعت عني كلمة وحشة قبل كدا، يعني بتاعت ولاد والكلام دا. ابعد بصره عنها ولم يعطيها رد وتظاهر باكمال طعامه، ولكنها تجرأت ومدت يديها تلمس يديه بخفة، سرت رعشة بجسده ثم التفت اليها بسرعة متحفزا يهتف بخشونة: في ايه ياسلمى، عاوزة ايه مني؟!
هتفت هي بأعين مليئة بالدموع وبصوت مبحوح: والله ما عاوزة حاجه كل اللي انا عاوزاه انك تحكم عقلك انا يا زكريا عمري ما كان ليا في الشمال وطول عمري براعي ربنا في كل حاجة، انا كان ممكن اهرب ومش اتجوزك بس كملت واتجوزتك هل انا هاعمل كدا لو انا بحب واحد، انت اخدت حقوقك كاملة وشوفت انا محافظة على نفسي وشرفي ازاي، مامتك بتكرهني ومبتحبنيش وانت عارف كدا ومتأكد بلاش تقسي قلبك زيها علشان خاطري، احنا خلاص اتكتب علينا نكمل مع بعض، انا تعبت من الشتيمة والتهزيق والضرب وقلة القيمة دي، انا عمري ما حد عاملني كدا، انا مش قد كدا يا زكريا، انا تعبت والله ونفسي ربنا يرحمني بقى من العذاب اللي انا فيه واموت واخلص.
كان حديثها صادقا عفويا نابع من اعماق قلبها، لم تستطيع التحكم في دموعها وهبطت كالشلالات بكت بكاء مرير على حالها، حاولت التحكم في شهاقتها فشلت، رق قلبه لها جذبها لاحضانه مربتا على ظهرها بحنان ثم هتف: اهدي ياسلمى متعيطيش. رفعت نفسها ثم هتفت بأعين باكية: ارجوك ارحموني بقىط من العذاب دا، انا اضعف من اني اكمل حياتي كدا.
مسح دموعها مردفا بهدوء: خلاص ياسلمى مش هاعملك حاجة ولا هاخلي امك تعملك حاجة، انا يمكن اتعصبت وصدقتها في كلامها، اصل يعني هي امي هاتكدب ليه وتسوء سمعتك وانتي مراتي. دفنت وجهها في راحتيها مردفة بصوت مبحوح من كثرة البكاء: والله ماعملت حاجة كل كلامها كدب والله انزل اسال عليا في الحارة.
وقع في حيرة ما بين صدق حديثها الذي لمس قلبه بقوة، وحديث امه تنهد بقلة حيلة قلبه يريدها وعقله يرفضها حسم امره مردفا بخشونة: طب قومي يالا تعالي غيري هدومك المبلولة دي وبعدين نبقا نتكلم كدا هتاخدي برد.
نظرت له تتمعن في معنى حديثه اهو صدقها فعلا، سوف يرحمها من ذلك الجحيم، بدأت بودار حديث والدتها تظهر، الحياه احيانا تحتاج الى مكر ايتها الصغيرة يجب ان تواكبي حياتك و تجعليها تسير كما تردين لا تجعلي نفسك للدنيا تحرككي كما تشاء، يجب من الان ان تعلني الحرب على مديحة مستخدمة كل اسلحتك حتى تفتكي بها...
نهضت معه تسير بخطوات هادئة نحو غرفتها، دلفت وبداخلها خوف كبير ولكنها يجب ان تهزمه الان، خرج صوتها مهزوزا قليلا: زكريا لو سمحت ممكن تقفل الباب بالمفتاح علشان انا بتكسف لما امك تدخل فاجأة علينا. ابتسم بسعادة ثم هتف سريعا وهو يتلفت حوله باحثا عن مفتاح الغرفة: اه، اه هاقفل الاوضة هو فين انا عاينه فين.
بالمصنع...
مر هو بين العمال والعاملات يتابع عملهم رأها تقف بعيدا تتابع عملها بتركيز، لاحظت هايدي نظراته المسلطة على شهد عزمت بداخلها على تنفيذ اول خطة، انتظرت حتى انتهى من مروره اليومي والقاء الملاحظات وسارت معه باتجاه مكتبه جلس على كرسيه براحة بعدما رأها تعمل واطمئن قلبه عليها يعلم في قرارة نفسه انها تتجاهله وبالرغم من ذلك لمحها وهي تنظر له بطرف عينيها ابتسم عفويا على فعلتها الطفولية ثم انتبه من شروده على صوت هايدي الحاد:.
رامي لو سمحت ركز معايا شوية. حمحم هو في حرج مردفا بتساؤل: خير يا هايدي معلش شردت في الشغل شوية. كنت بقولك عاوزة اقولك على حاجتين مهمين.. قولي مستنية ايه؟! جلست امامه ثم تكلمت بجدية: أول حاجة انا شوفت بنات هايلين لتصوير الموديلات، واتفقت معاهم على اسعار كويسة مرضية ليهم ولينا في نفس الوقت. كويس اوي يا هايدي..
ثم تابع حديثه بتحذير: بس خلي بالك الصور تكون محترمة مش عاوز حركات ملهاش لزمة، تتصور وتعرض الموديل كويس وكمان قبل ما يروحوا الطباعة اشوفهم الاول، دي الحاجة الاولى ايه بقى الحاجة التانية...
عبست قليلا مردفة بضيق مصطنع: انا يهمني الشغل وانه يطلع كويس ومبحبش العاملات يتكلموا مع بعضهم ولا الاختلاط كمان، انا عتبي على شهد انهاردة شوفتها واقفه بتتكلم مع سامي وهزار وضحك والعمال بيبصوا عليهم افرض لجنة جت فاجأة من جهاز ادارة المشروعات يقولوا ايه، ولما جيت اكلمها وافهمها انه غلط كدا زعقت وقالتلي مالكيش دعوة.
صمت والصمت كان علامة استفهام لدى هايدي، قطبت بين حاجبيها مردفة بتساؤل: ساكت ليه يا رامي؟! كان وجه خالي من التعبيرات لم تفهم ماذا يدور بداخله حاولت ان تستشف فشلت، ثم هتف ببرود: لو خلصتي كلامك روحي خلصي شغلك مبقاش كتير على معاد الانصراف. تملكها الغيظ من بروده: في ايه يا رامي دا رد ترده عليا، انا بكلمك في ايه وانت بتكلمني في ايه.
امسك القلم الموضوع امامه ثم طرق بيه عدة طرقات هادئة على سطح مكتبه: اولا انا اسمي مستر رامي، ثانيا انتي قولتي اللي عندك وانا خلاص سمعت، ثالثا بقى والاهم ياريت ياهايدي تركزي في مجال شغلك وبس. تقلصت ملامحها بغضب وسيطرت عليها نيران الغيرة مردفة بفظاظة: هو انا ليه كل ما احاول اقرب منك تبعدني وخصوصا من وقت ما ظهرت الست شهد.
اجابها ببرود متناهي: كلمة تانية هانسى انك قريبة سامي، وانا هانسى العشرة لو سمحتي تحافظي على الحدود اللي ما بينا وتقومي تشوفي شغلك حالا. رمقته بغضب ثم خرجت من الغرفة مغلقة الباب خلفها بقوة، بينما هو زفر بضيق محاولا تهدئة نفسه حتى لايزيد الطين بلة.
بمنزل زكريا... دخلت مديحة الشقه نظرت بارجائها الاجواء هادئة، الطعام موضوع على الطاولة، رفعت احد حاجبيها مردفة لنفسها: ماشي ياهانم سايبلي الاكل على الترابيزة من غير ما تشليه... اتجهت صوب باب غرفة زكريا، ثم طرقت بعنف حتى اتاها صوته الغاضب: ايه ياما بتخبطي على ميتين مابراحة... حاولت فتح الباب ولكنه كان مغلق هتفت بعصبية: انت قافل الباب ليه يا زكريا...
في الداخل همست له سلمى: قولها واحد ومراته نايمين عاوزاة ليه الباب يتفتح. هتف زكريا بصوت عالي: واحد ومراته نايمين لازم نقفل الباب. شهقت بسخرية: مراتك!، امال مش مراتك يا حيلتها. ثم تابعت بمكر: مش مراتك دي اللي كنت بتضربها امبارح علشان كانت ماشية مع واحد. شعر بالغضب من حديثها واراد ان ينهض ليواجها ولكن يد سلمى منعته مردفة بنفس همسها: بلاش تبوظ اليوم يا زكريا...
ابتسم لها ثم اخذها في احضانه مردفا ببرود: اسمها كنت شاكك ياما، والحمد لله اتاكدت من شرفها، مراتي اشرف واحدة واهو ادينا اتصالحنا والحمد لله. مديحة وقد تملكها الغيظ: ماشي يا زكريا بكرة لما تاخد على دماغك مترجعش تعيط. تركتهم ودخلت غرفتها، ظلت تدور حول نفسها بعصبية: ماشي يابنت سميحة اخدتي الواد مني، فاكرة اني هاسكتلك لاوالله ما يحصل، انا بقى هاعرفك اللعب على أصوله ازاي وهاظبطك.
جلست شهد بجانبه في السيارة وبدأت تتظاهر بالتجاهل، بينما هو صدره يحترق من نيران الغيرة، قبض بعصبية على عجلة القيادة حتى ابيضت يداه، فهتف الصغير ببراءة: بابا انا عاوز آكل في ماك انهاردا. التفت شهد له ثم هتفت: لا يا حمزة هانروح البيت ونعمل اكل جميل. نظر رامي للصغير في المرآة الصغيرة التي امامه مردفا: حاضر يا حبيبي هانروح المول ونتفسح شويه ونتغدا.
كانت على وشك الرد ولكنها امتعنت فاجأة عندما تذكرت عقابها له...
بمنزل كريم.. صدع صوت رنين هاتفها بقوة، خرجت من المطبخ تبحث عنه حتى رأته موضوعا على تلك المنضدة الصغيرة، رأت اسم كريم ينير الشاشة ابتسمت ابتسامة واسعة ثم هتفت: ألو... هتف الاخر بهيام: يأحلى ألو في الدنيا. ضحكت ضحكة صغيرة ثم هتفت بجدية مصطنعة: عاوز ايه يا دكتور بتتصل ليه؟
تنهد كريم بقوة ثم قال: الدكتور مخنوق من الشغل ففكر انه ياخد مراته حبيبته ويخرجها ويغديها او يعيشها مش فارقة، ويقضوا يوم لطيف مع بعض. شعرت بالسعادة لذلك الاقتراح ولكنها هتفت بحيرة: طيب وعمي هانسيبه لوحده. هتف بنفي: لا هابعت الممرضة تكوني انتي لبستي وغيرتي، اتفقنا. قالت بحماس: اوك اتفقنا.
اغلقت المكالمة وتوجهت لغرفتها وقفت امام ملابسها بحيرة، شعرت بالعجز وقلة الحيلة ف كريم انيق ومهندم ووسيم وهي بجانبه صفر على الشماال ملابسها قديمة، لفت انتباها تلك البلوزة وتذكرت هو كم يحبها نظرت لها بحب ثم هتفت: لازم اغير من نفسي ومش معقول جاي يفسحني البس اسود، انا هالبس البلوزة دي واهو اسمي افرحه بحاجة.
في المول... وقفت بتذمر: الله احنا مش قولنا هناكل، جايبنا عند محلات اللبس ليه؟! استغفر ربه في سره فهذه القصيرة الغبية تثير اعصابه في ثواني: المطعم زحمة وبعدين حمزة محتاج لبس وانا كمان محتاح كذا حاجة بالمرة انهاردا الخميس نشتري ونقضي اليوم. نظرت حولها وجدت محلات اطفال في الاتجاه الثاني اشارت له ان يأتي خلفها مردفة بضيق: طيب يالا خلينا ننجز في يومنا دا.
رفع احد حاجبيه بذهول ثم هتف لنفسه: هي بتعاملني كدا ليه كأني شغال عندها... رفع بصره لاعلى ثم قال: يارب اطول بالي عليها علشان مخنقهاش واخلص منها.
ذهب ورائها دلفوا لذلك المحل المخصص لملابس الاطفال كان مكتظ بالناس شعر رامي بالضيق، بدأت في اختيار الملابس وتنسيقهم واعجب رامي بذوقها وتركها تختار ما تشاء ولم يتدخل في اي قطعة، فرحت هي باختيارها ملابس لحمزة وفرحت اكثر ان رامي تركها تفعل ما تريد ولم يتدخل ولكنها تعجبت من وقوفه ورائها في كل مكان، التفت بنصف جسدها ثم هتفت بهمس: انت واقف ورايا كدا ليه يا رامي، روح اقف عند الكاشير هاخلص واجيلك.
قطب ما بين حاجبيه مردفا بخفوت: لا طبعا مش هاسيبك لوحدك، انتي مش شايفة المحل زحمة ازاي. هتفت بتعجب: زحمة هايخطفوني يعني ولا ايه؟! نظر حوله بضيق ثم هتف بخشونة: لا في رجالة في المحل وممكن حد يقف جنبك ولا وراكي ويلمسك وانتي مش واخدة في بالك. ابتسمت ابتسامة بلهاء: انت بتغير عليا يا رامي. هز رأسه بتأكيد ثم هتف بخفوت شديد: طبعا انتي مش مرا...
قاطعه صوت امراءة تقف بجانبهم تنظر لهم بغيظ: مش وقته حضرتك جو الرومانسي دا، المكان زحمة وخنقة وانا بقالي ساعة عاوزة اوصل للبنطلون اللي وراك. تنحنح رامي في حرج قائلا: اسف، اتفضلي يافندم. حرك شهد قليلا لامام هاتفاا: اخلصي بقا خلينا نخلص من ام المحل دا.
في مكان أخر بالمول... وقفت بحزن امامه: هو انت واخدني تشتيرلي هدوم علشان هدومي مش عاجبك.. داعب وجنيتها باصابعه مردفا بحنان: اخص عليكي ليه بتقولي كدا بالعكس والله انا في قمة سعادتي لما لبستي اكتر بلوزة بحبها وهافضل طول عمري اقولك البسيها دي ليها ذكريات حلوة اوي معايا، انا كنت بسهر في المستشفى احب فيكي وانتي لابساها وطبعا انتي مكنتيش في بالك.
اصطبغت وجنيتها باللون الاحمر القاني ثم ابعتدت قليلا قائلة: احم امال انت عاوز تشتريلي لبس ليه؟! ابتسم لخجلها قائلا: انا مش هاشتريلك هدوم وبس، هاشتريلك كل حاجة وكمان اهم حاجة هاشتريلك دبلتي الي هاتتحط في ايدك وتزينها، انا عاوز احس انك مراتي وانا مسؤول عنك. لمعت عينيها بسعادة مردفة: بجد هاتشتريلي دبلة ؟
هز رأسه مؤكدا: اه يالا بقا علشان الحاجات اللي هانشتريها كتير واليوم يكيفينا اصل بكرة في مفاجأة حلوة ليكي. عقدت حاجبيها بتساؤل: مفاجأة ايه؟!؟ اتسعت ابتسامته على فضولها ثم غمز لها قائلا: ودي تبقى مفاجأة يالا يا مدام ليلى نلحق نخلص.
على الجانب الاخر... وقفت تنظر له بتحدي قائلة: لا يا رامي هادخل معاك، تسيبني واقفة هنا ليه؟! زفر بحنق قائلا: يابنتي الله يهديك انا بقولك دا محل رجالي يعني مينفعش تدخلي معايا. هتفت باندفاع: انا مراتك ادخل انقيلك. اقترب منها هامسا: دلوقتي بقيتي مراتي، مش كنتي في مقام اختي. هتفت بعصبية: يوووه انا مراتك بس اختك عادي فيها ايه؟!
جذبها من يديها ثم اجلسها على مقاعد مخصصة للجلوس هاتفا بصرامة: فيها انك تقعدي انتي وحمزة هنا ساكتة فاهمة ولا لأ لغاية ما اخلص واجيلك. جلست بضيق بينما انتظر حمزة ذهاب والده ثم التفت لشهد قائلا: شهد انتي وبابا ليه بتتخانقوا على طول. اطلقت تنهيدة قوية قائلة بعدها: مش عارفة... ولكنها استطردت: بحس براحة لما بناقروا واضايقه مش عارفة ليه.. هتف الصغير ببراءة: مش فاهم.
نظرت له قائلة بمزاح طفولي: احسن سيبك انت ابقى فكرني بعد ما نخلص نجيب ايس كريم وناكله.. هز الصغير رأسه بحماس مردفا بصياح: هييييييه ماشي هافكرك دلف رامي للمتجر ثم وقف بحيرة حتى اقترب منه البائع قائلا بابتسامة صغيرة: خير يا افندم بتدور على حاجة معينة. نظر رامي بحيرة للملابس: اه اه عاوز اي حاجة.. عقد البائع ما بين حاجبيه مستغربا: عاوز اي حاجة ازاي يا افندم.
اتجه رامي صوب قميصا من اللون الابيض ثم اخذه وقال: هاتلي بنطلون جينز لايق عليه... اوك يا افندم ثواني.. التفت رامي ثم نظر من خلف الزجاج عليها هي وحمزة هامسا لنفسه: انا عارف انها هبلة ومش هاترضا تخلني اشترلها اي حاجة علشان كدا اشتريت ليا ولحمزة...
بمنزل زكريا... نظرت سلمى لزكريا وجدته يغط في نوم عميق وانتظمت انفاسه، سالت الدموع من عينيها كلما تذكرت لمساته لها وانها سلمت نفسها بارادتها بكت بصمت على نفسها في كل لمسة كانت تحترق من داخلها كانت تتظاهر معه بالتجاوب وبداخلها تريد الصراخ ونفضه بعيدا عنها، ولكن ما باليد حيلة ويجب ان تستمر في هذه التمثيلية حتى تنجو من ذلك الجحيم...
بالمول.. وقفت شهد بتذمر قائلة بتحدي: لا ويمين الله ما انت شاريلي حاجة مش هادخل. جز على اسنانه هاتفا بغضب مكتوم: يالا يا شهد ادخلي نشتريلك زي ما اشترينا لنفسنا. هتفت بسخرية: شكرا علشان تعايرني بعد كدا ابدا الله الغني. رفع حاجبيه باعتراض ثم هتف بصرامة شديدة: طب بصي يا شهد واقسم بالله لندخل ونشتري جيبات واسعة ولبس واسع علشان لبسك مش عاجبني ضيق ومجسم جسمك.
ابتسمت بمكر قائلة: انت غيران عليا اعترف ان انت غيران علشان ادخل معاك جوا. هتف الصغير بسرعة: قولها يابابا انت غيران خلينا نخلص بقا انا جوعت والله. نظر بصدمة لحمزة ثم هتف بضيق: اه غيران عليكي يا ست شهد مش مراتي لازم اغير اخلصي بقى. رفعت رأسها بكبرياء مردفة بتحذير: ماشي انا مراتك بس اختك يالا بينا. نظر لها بذهول على تفكيرها ثم هتف: مراتي بس اختي ازاي من انهي اتجاه.
اشارت له ان يأتي ورائها بالامبالاة: يالا بس تعاال وبعد كدا هابقى افهمك. ذهب ورائها يحاول التحكم في اعصابه قدر المستطاع، ولكنه سمعها وهي تقول: لو سمحتي انا عاوزة بنطلون واس... لم يتركها تكمل حديثها حيث قاطعها بصرامة شديدة: لا عاوز جيبات واسعة وكمان بلوزات واسعة لو سمحتي اهم حاجة واسعة. ابتسمت بمكر مردفة بهمس: بتغير عليا اوي. نظر لها بضيق مردفا بخفوت: يا شيخة اتنيلي...
واكمل بسره: جاتك نيلة بحلاوتك دي اللي مالهاش حل، اه منك يا شهد. انتهوا من شراء الملابس ولم يتخلى الشراء من المضايقاات والمشاجرات بينهم، اخذهم رامي الي احد المطاعم الشهيرة الموجودة بالمول، انتهوا من طعامهم حتى هتف رامي بتعب: يالا بقا نروح علشان حمزة اتأخر في نومه. هزت شهد رأسها بنفي قائلة: لا هناكل ايس كريم الاول. طب يالا هناكله في الطريق. لا هانبهدل الدنيا ناكله هنا احسن.
زفر بضيق لاعطائه اوامر ثم هتف: طيب يا شهد هاروح اجيب متتحركوش من مكانكوا. نهض حمزة مسرعا قائلا: لا انا عاوز اروح معاك وانقي براحتي وكمان تلعبني اللعبة اللي هناك دي. هتف رامي بصرامة: لا يا حمزة علشان مينفعش نسيب شهد لوحدها. ضحكت بخفة مردفة بمزاح: متخافش مش هاهرب ولا اروح في حتة، خليه يروح معاك. خفق قلبه بشدة اثر ذكرها لهروبها قائلا بضيق: طيب متتحركيش ماشي.
أومأت دون الكلام ذهب رامي ومايين الثانية والاخرى يتلفت ورائه يتفقدها، بينما ظلت تنظر حولها بملل ولكن سرعان ما تغيرت ملامحها للصدمة فور رؤيتها ل... بعد مرور بعض الوقت.. ابتسم رامي لحمزة مردفا: خلاص بقى يا حمزة كفاية كدا خلينا نرجع لشهد ونجيب الايس كريم. ابتعد الصغير عن اللعبة قائلا: ماشي حاضر..
اخذه رامي واشترى المثلجات وذهب لشهد، اقترب من الترابيزة يتلفت حوله لم يجدها، الحقائب موجودة ولكنها ليست موجودة في المطعم، تجمدت انفاسه وسرعان ما خفق قلبه بشدة ثم تردد في ذهنه جملتها: متخافش مش هاهرب ولا اروح في حتة، متخافش مش هاهرب، ماتخافش مش هاهرب... انتبه على هزة حمزة له: بابا شهد فين... هتف بصوت مضطرب للغاية: مش عارف انا قولتلها متتحركيش.
نظر حوله وجد مجموعة من البنات يتحدثون اقترب منهم بلهفة قائلا: لو سمحتوا انا اللي كنت قاعد على الترابيزة اللي جنبكوا كان معايا واحدة لابسة جيبة لونها اسوو... قاطعته فتاة مردفة بتذكر: اه انا شوفتها خارجة من المطعم رايحة ناحية الباب الرئيسي... بلع رامي ريقه بصعوبة بالغة مردفا بصوت مهزوز: شكرا، يالا يا حمزة...
اخذ رامي حمزة والحقائب خارجا بسرعة رهيبة من المول، التفت حوله عدة مرات لم يراها، هتف الصغير بصوت يغلبه النوم: بابا فين شهد عاوز انام. هز راسه بحيرة مردفا بقلق: مش عارف راحت فين وسابتني...