أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في منتدى جنتنا، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





رواية صاحبة السعادة والسيد حزن

هتفت مجيبة بلامبالاة :- اسمي سعادة .. سعادة سعيد ابوالسعد..قهقه وقد واتته الفرصة للأخذ بثأره على طبق من فضة :- حصل لنا م ..



10-01-2022 12:09 صباحا
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 

t22010_7777

هتفت مجيبة بلامبالاة :- اسمي سعادة .. سعادة سعيد ابوالسعد..
قهقه وقد واتته الفرصة للأخذ بثأره على طبق من فضة :- حصل لنا منتهى الانشكاح ..
ثم هتفت متسائلة :- صحيح ..مقلتش هو انت اسمك ايه !؟..
تردد قليلا قبل ان يهتف أخيرا :- حزن ..
تطلعت اليه في شك لكنها ما ان ايقنت انه اسمه الحقيقي فعلا حتى انفجرت ضاحكة وهتفت من بين قهقهاتها :- بتهزر صح !؟..
اكد في غيظ :- لاااه .. ده اسمي يا ست سعادة ..





حِزن عايش الضنك ..واوعاكِ تضحكي والا هرچع ف كلامي واخد كوفيتي واغور..
لم يكن الامر محتملا .. حاولت ان تضغط على نفسها لتمنع تلك القهقهات التي تتزاحم بحنجرتها لتخرج صادحة .. جاهدت جهاد الابطال لوأدها لكنها لم تستطع لتخرج مجلجلة في تلك الساعة من الليل ..
فصول نوفيلا صاحبة السعادة والسيد حزن
نوفيلا صاحبة السعادة والسيد حزن للكاتبة رضوى جاويش الفصل الأول

دخل الي الحارة في ذاك الوقت المتأخر من الليل، كانت هذه عادته ان يتسلل الى حجرته بعد ان يكون الجميع قد هجع للنوم حتى لا يكون مضطرا لمقابلة صاحب البيت المتهالك الذي يسكن فيه مطالبا بأجرة الغرفة المتأخر في سدادها للشهر الثالث على التوالي..
وصل الى البيت ودفع بوابته الحديدية الصدئة فأصدرت صريرا مزعجا ينم عن غضبتها لإيقاظها من رقادها في هذه الساعة..

صعد الدرجات الأربعين التي تفصله عن سطح البيت حيث غرفته الوحيدة به، اخرج مفتاحها من جيب جلبابه وعالج به القفل بصعوبة في هذا الظلام المنتشر حوله..

دفع الباب في حذر وولج للحجرة واضعا ربابته على الطاولة العرجاء وجلس بحرص متأوها في إرهاق على ذاك الفراش الذي يدفع النوم بعيدا عن الاعين دفعا قسريا بهذه المرتبة المتأكلة والوسائد التي خلت تقريبا من القطن وألواحه التي فقد بعضها فأصبح المسافة بين كل لوح وأخيه كافية لينزلق جسده بينهما..
تمدد متطلعا للسقف المشقوق بالأعلى وهمس لنفسه وهو يلتف لينام على جانبه الأيمن: - مش مهم، كله هايبجى تمام باذن الله..

واغمض عينيه يحاول ان يوازن جسده على الفراش الخرب حتى راح في سباب عميق لايدرك كيف سيأتي الغد وهو لا يملك بجيبه ثمن إفطاره، ولا يعلم كم سيصبر عليه صاحب البيت من اجل أجرته المتأخرة، لكنه نام يحلم رغم ذلك بالغد الوردي..

صرخت نعمات في صدمة وهى تضرب بباطن كفها على صدرها في لوعة: - اتجوز عليا!؟، حسبنا الله ونعم الوكيل، اشوف فيك يوم يا سعيد يابوالسعد، يجي ويحط عليك..
هتفت سعادة وهي تربت على كتفها تحاول تهدئتها: - معلش يا خالتي، عادة ابويا ولا هيشتريها يعني!؟، ما هو اتجوزك على خالتي سنية ومن قبلهم كانت امي الله يرحمها..

صرخت بها نعمات في غيظ: - قطيعة تقطعك انت وأبوك ف ساعة واحدة، ولما هو بسلامته اتجوز سايبك ليا اعمل بيك ايه!؟، حاجة من ريحته!؟، مستكفية ياختي كفاية عليا دوول..
وأشارت لإخوة سعادة المبعثرة أجسادهم
نيام..
هتفت سعادة في اضطراب: - قصدك ايه يا خالتي..!؟.

جذبت نعمات كف سعادة ودفعت بها باتجاه باب الشقة التي لا يصح ان يطلق عليها لقب شقة من الأساس، فهي عبارة عن حجرة بدورم كانت ف الأصل غرفة مخزن مكونة من اتساع كبير تم تقسيمه بأغطية الفراش الممزقة لحجرات يتجمع بها اخوتها الخمس كما تراهم اللحظة حتى انه لا متسع لحركة قدم توضع ما بين إلتصاق أجسادهم، فتحت نعمات الباب ودفعت بسعادة خارج الشقة هاتفة: - روحي ياختي لأبوك ومراته الجديدة، خليها تنفعه وتتفعك..

وأغلقت الباب في وجهها بعنف اجفل سعادة التي وقفت على أعتابه متشبثة بأسياخ الطاقة الحديدية وطرقت في تضرع: - افتحيلي والنبي يا خالتي، افتحيلي ومن النجمة همشي، طب ابات الليلة دي بس وبعدين اعرف ابويا فين وأروح له..

فتحت نعمات الباب بالفعل لكن ليس لان قلبها رق لابنة زوجها ولكن لتدفع ببعض ماء من دلو قذر امام باب الشقة حتى تمنعها من النوم حتى على الأعتاب مما دفع سعادة لتشهق في صدمة تحاول تجنب الماء حتى لا تبتل ملابسها مندفعة باتجاه الدرج تعتليه للخارج وهتفت في قلة حيلة وزوجة ابيها تهم بغلق الباب: - طب هاتي هدومي من جوه..

هتفت نعمات في غل: - هدوم ايه يا ام هدوم، هي الهلاهيل دي بتسميها هدوم!؟، روحي ياللاه اتكلي على الله، روووحي..
صرخت عنايات بكلمتها الأخيرة في غضب وهي تغلق الباب بوجه سعادة في عنف كاد ان يخلعه لتتركها وحيدة في مثل هذه الساعة المتأخرة من الليل لا سقف يظلها ولا تملك مليما واحدا تضمن به قوت يومها على الأقل..

كانت تنوي النوم امام عتبة البيت حتى الصباح لكن ما باليد حيلة وقد اصبح المكان كله مبتلا بماء قذر مما دفعها لتكمل صعود الدرجات التي تفصلها عن باب البيت متطلعة للعالم المجهول خارجه لا تعلم ما عليها فعله..

ما هذه الصرخات والهتافات المدوية، اما من سبيل للنوم براحة في هذه الحارة المنكوبة بسكانها..
تعالت الصرخات من جديد ليستشعر ان الأرض تميد به مترنحة وتنبه لتحذير واحد وصل لمسامعه جعله ينتفض من سباته ملتقطا ربابته واندفع يقفز الدرج في سرعة ليتزاحم جسده مع باقي سكان العقار الذي يبدو انه ينهار في تلك اللحظة على رؤوس قاطنيه..

لحظات وكان يلتقط أنفاسه في تتابع من اثر الصدمة بعدما ايقن انه نجى باعجوبة من الموت تحت انقاض ذاك البيت الذي يبصره بالكاد من بين غبار ركامه المتطاير والمنتشر هنا وهناك حاجبا الرؤية عن الجميع..
جلس بأحد الأركان البعيدة عن ذاك الصخب والعويل وقد استيقظت الحارة كلها على صوت انهيار المنزل ليتحول بها الليل لنهار..

ما عاد له بقاء بهذه الحارة ولم يعد لديه ما يربطه بها، هو يعلم حظه التعس، وماذا بعد الحزن اسما حتى يعلم ان الحزن سيرافقه دوما طوال حياته، الا يقولون ان لكل امرؤ نصيب من اسمه، فماذا ينتظر واسمه هو، حزن..
كان امامه العديد من البيوت ليسكن بها لكنه لم يختر الا هذا البيت، وما العجب وقد ايقن تماما ان لا اختيار جيد واحد قام به في حياته..

نهض مبتعدا وسار حتى كلت قدماه ولازال النهار بعيدا وهو تقريبا لم يغمض له جفن، وجد نفسه
امام خرابة بنهاية احدى الحارات، دخلها وجلس على احد الأحجار الموجود بها مستندا برأسه على الجدار الملاصق محتضنا ربابته متشبثا بها وراح في نوم عميق..

كان البرد ينخر عظامها وهي لا ترتدي الا تلك العباءة التي لا تقيها قرصاته، كانت ترتجف موضعها لكنها قررت العبث بما حولها لعلها تجد غطاء ما ممزق او بعض القطع الكرتونية التي يمكن جمعها لتصنع لنفسها حائط صد امام تيارات الهواء البارد الذي يكاد يحولها الى تمثال متجمد..

تحركت هنا وهناك وما ان عثرت أخيرا على بغيتها ووجدت ذلك الصندوق الكرتوني حتى سمعت صرخات رجولية مصدومة تهتف في ذعر: - عفريتة، عفريتة الخرابة..
تطلعت لموضع الصوت محاولة استيضاح مصدره في ذاك الظلام الدامس الا من لمبة خافتة الضوء بأحد أعمدة الإنارة التي تقف كأشباح ما عادت تخيف أحدا لتجده لشاب يقف مرعوبا ملتصقا بالحائط خلفه..

اقتربت منه تحاول إظهار حقيقتها الا انه صرخ من جديد: - عفريتة، لا تأذيني ولا ااذيكي..
انصرفي، انصرفي..
لكنها لم تنصرف بل كانت تقترب منه اكثرا بغية تهدئته وتأكيد هويتها البشرية لكنه لم يحتمل الصدمة وسقط غائبا عن الوعي..

انتفض مبتعدا ما ان لامس وجهه رزاز المياه الذي اندفعت تحضره من اقرب صنبور عمومي وهم بان يصرخ من جديد وهو يرى ذاك الشبح لامرأة متشحة بالسواد تطل عليه في رقدته الا انها هتفت في محاولة لطمأنته: - انا مش عفريتة متخفش، انا إنسية..
هتف في شك: - احلفي بالله انك بني ادم زيي زيك..
هتفت مؤكدة: - والله العظيم انا بني أدمة زيك بالظبط..
هتف متعجبا: - طب ايه اللي چابك الخرابة ف وجت زي ده!؟.

هتفت مجيبة: - هو نفس السبب اللي جابك..
اعتدل قليلا وهو لايزل يتوجس منها لتستطرد متسائلة: - انت صعيدي!؟.
اكد في اعتزاز: - ايوه، ليه!؟.
ابتسمت هاتفة في سخرية: - امال اترعبت ليه ووقعت من طولك..!؟.
هتف في غيظ: - اني مترعبتش، اني بس اتاخدت على خوانة..
هتفت تشاكسه: - اتاخدت على خوانة!؟، هو العفاريت ف بلادكم بتديك خبر قبل ما تظهر ولا ايه!؟.

هتف في غضب: - لاااه بجولك ايه!؟، اني محدش يتريج علي، ده اني راچل وسيد الرچالة كمان..
همت بالنهوض هاتفة: - تشرفنا يا سيد الرجالة..
هتف متعجبا: - على فين يا اسمك ايه انت!؟.
هتفت مجيبة بلامبالاة: - اسمي سعادة، سعادة سعيد ابوالسعد..
قهقه وقد واتته الفرصة للأخذ بثأره على طبق من فضة: - حصل لنا منتهى الانشكاح..

تجاهلت سخريته متوجهة الي حيث وجدت صندوقها الكرتوني لتحمله حيث ذاك الطرف الخفي من الخرابة لتحصل على قسط من النوم في تلك الليلة العجيبة التي يبدو انها بلا نهاية..
وهتفت تستحثه ليعود لموضعه مبتعدا عنها: - انت يا صعيدي، ارجع مكانك بقى وسبني ف حالي، خلي الليلة دي تعدي على خير، كفاية البرد اللي متوصي بيا ده، هموت متجمدة..

وهمست تحدث نفسها حتى ظن انها جنت: - ليه كده بس يا عم سعيد!؟، ده وقت جواز!؟، طب كنت استني الصيف واتجوز براحتك، اهو مكنش الواحد اترمى ف البرد ده..
سمع همهماتها فاستحثته نخوته ليقترب من موضعها يخلع عنه كوفيته الصوفية التي كان يتلحف بها ومد كفه بها اليها هاتفا: - خدي يا ست بهجة..
هتفت متطلعة من خلف جدارها الكرتوني: - اسمي سعادة، وبعدين اخد ايه!؟، مش..

أخرست كفه الممتدة بكوفيته لسانها متطلعة اليها في رغبة لجذبها على الفور لكنها همست متسائلة رغم ادراكها مقصده: - ايه ده!؟.
هتف مؤكدا: - الكوفية عشان تدفيكي، البرد الليلة دي شديد جوي..
همست وهي تمد يدها بالفعل تتناولها متسائلة: - وانت!؟.
اكد مشيرا لصدره: - متجلجيش، اني متعود ع النوم ف الطل..

بدأت في فرد الكوفية الصوفية العريضة متلحفة بها في سعادة غامرة وقد شعرت ان الدفء قد بدأ يغزو جسدها قليلا فهتفت ممتنة: - انا متشكرة قوي يا..
ثم هتفت متسائلة: - صحيح، مقلتش هو انت اسمك ايه!؟.
تردد قليلا قبل ان يهتف أخيرا: - حزن..
تطلعت اليه في شك لكنها ما ان ايقنت انه اسمه الحقيقي فعلا حتى انفجرت ضاحكة وهتفت من بين قهقهاتها: - بتهزر صح!؟.
اكد في غيظ: - لاااه، ده اسمي يا ست سعادة..

حزن عايش الضنك، واوعاك تضحكي والا هرچع ف كلامي واخد كوفيتي واغور..
لم يكن الامر محتملا، حاولت ان تضغط على نفسها لتمنع تلك القهقهات التي تتزاحم بحنجرتها لتخرج صادحة، جاهدت جهاد الابطال لوأدها لكنها لم تستطع لتخرج مجلجلة في تلك الساعة من الليل..

وفي ظل محاولاتها لتحد من صخب تلك القهقهات تعجبت عندما وجدته يشاركها ضحكاتها في أريحية ولم يغضب كما كان يدعي بل انه هتف من بين ضحكاته: - ليك حج تضحكي والله، هو ده اسم يرضي ربنا!؟، اجول ايه بس!؟.
الله يسامحك ياما..
ابتسمت ولم تعقب ليهتف وهو يشير لموضعه السابق: - اني راچع مكاني، لو احتجتي حاچة نادمي علي، جولي يا حزن الحزن هتلاجيني جصادك..
ضحكت لمزاحه هاتفة: - زي جزر بتاعت إسماعيل ياسين!؟.

قهقه مؤكدا: - تمام، الله ينور عليك، ياللاه، تصبحي على خير..
همست بدورها خلفه: - وانت من اهل الخير..
اتجه الى موضعه الأول وانزل طاقيته الصوفية حتى مستوى أذنيه وضم جسده بذراعيه جلبا لبعض الدفء محاولا الخلود للنوم من جديد قبل ان تستيقظ الحارة..
تاااااابع اسفل
 
 



10-01-2022 12:11 صباحا
مشاهدة مشاركة منفردة [1]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية صاحبة السعادة والسيد حزن
نوفيلا صاحبة السعادة والسيد حزن للكاتبة رضوى جاويش الفصل الثاني

هتف ذاك المجذوب المهلهل الثياب والذي يحمل عدد من المسابح المتباينة الطول حول جيده ويحرك مبخرة تفوح منها رائحة المسك في تواتر هاتفا بصوت جهوري: - ياكرييييم، يا رازق الهاجع والناجع والنايم على صرصور ودنه..

انتفض حزن موضعه بعد ذاك الهتاف متطلعا حوله في تيه وأخيرا مسح وجهه بباطن كفه يحاول طرد بقايا من نعاس عالقة بأهدابه، ألقى نظرة سريعة على موضع رقادها ومن ثم نهض يعدل من هندامه مندفعا خارج الحارة بعد ان خبأ ربابته في حرص شديد بين أكوام المهلات داخل الخرابة..

تمطأت هي موضعها وجالت بناظريها حولها لبرهة حتى ادركت اين هي بالضبط، تنبهت لكوفية حزن الصوفية التي لاتزل تدثرها فشعرت بالامتنان لذاك الرجل الذي جاء لها نجدة من السماء في تلك الليلة التي ظنت ان الدنيا قد أغلقت أبوابها في وجهها بكل قسوة..
أشرأبت بعنقها تتطلع لموضع نومه لكنها لم تجده هناك، اتراه رحل!؟، ربما..

قررت النهوض والبحث عن عمل ما يضمن لها قوت يومها على اقل تقدير حتى تتوصل لعنوان ابوها وساعتها ستعرف ما عليها فعله..
مر النهار بطوله وهي تنتقل من موضع لموضع بحثا عن عمل مؤقت يضمن ان يكفل لها صاحبه وجبة تسد رمقها او يدفع اليها بضع قروش تؤمن لها الحصول على واحدة تعينها للصمود لليوم الثاني..

لكن ما بين رفض اوحتى استغلال لعملها دون اجر مرت ساعات اليوم بلا طائل ولم يدخل جوفها لقمة في ذاك البرد القارص الذي زاد عليه قرصة الجوع والعوز..
قادتها قدماها لبيت زوجة ابيها فدخلت وطرقت على بابه ففتحت نعمات الطاقة الموجودة به وهتفت في سخرية: - اهلا، نعمين!؟.
هتفت سعادة في إعياء: - معرفتيش أي حاجة عن ابويا يا خالتي!؟.
هتفت في غل: - هعرف منين!؟، هو ابوك لما بيغطس الغطسة دي حد بيعرف له طريق جرة!؟

همست سعادة وهي تتشبث بأسياخ الطاقة الحديدية الصدئة: - طب هعمل ايه دلوقتي!؟، هبات ف الشارع تاني!؟.
هتفت نعمات في لامبالاة: - مليش فيه، اتكلي على الله..
همت نعمات بغلق الطاقة فوضعت سعادة كفها تمنعها هاتفة في توسل يدمي القلب: - طب احدفيلي أي هدمة تقيلة يا خالتي من جوه، هموت م البرد وقلة الزاد..

أغلقت نعمات الطاقة عنوة فاعتقدت سعادة انها لن تستجيب لطلبها وصعدت الدرجة الأولي في السلم متوجهة لخارج البيت لكن باب الشقة شرع قليلا ووجدت عباءة صوفية مهلهلة ألقيت بوجهها حينما استدارت تستطلع الامر..
احتضنت العباءة التي داب نسيجها تقريبا كأنها كنز ثمين وجرت قدميها جرا في اتجاه الخرابة..

وصلتها ودخلت الي حيث جدارها الكرتوني الواهي تستتر خلفه تضم العباءة الصوفية على جسدها لتقيها تيارات الهواء التي تنخر جسدها وكذا كوفيته التي أمنت لها بعض الدفء لكن ما الذي يقيها قرصات الجوع التي تفتك بأمعائها..!؟.
هتف ذاك الصوت الذي أدركته من بين غيمات اعيائها فرفعت رأسها تتطلع اليه وهي تحاول التركيز على ما يقول..

جلس بالقرب منها ووضع صحن من طعام مغطى برغيف خبز قبالتها وهتف في أريحية وهو يجلس القرفصاء ذراعاه مفرودتان وكوعاه مسندان على ركبتيه: - الچودة بالموچود يا ست سعادة..
دمعت عيناها ولم تعقب وهو يستطرد في ادب
جم: - معلش، حاچة مش من مجامك بس والله ليك فضل كبير فيها بعد ربنا..

تطلعت اليه من بين سحابات الدمع المنذر بالهطول على خديها وهو يقص حكايته من بداية اليوم متطلعا الي المجال حوله لا اليها كعادته غاضا الطرف عن محياها: - اني صحيت وجلت اچري على رزجي وكلنا على باب الله، كل مرة ارچع يد ورا ويد چدام، لكن المرة دي خرچت مع التملية وانفار اليومية والعچيب ان ريس العمال اختارني اني بالذات من دونهم كلهم رغما انه كل نوبة بجعد اتنطط چدامه زي الجرد ع السجرة ولا بيعبرني..

ابتسمت ولم تعقب ليلقي بنظرة سريعة عليها فوجدها لم تمس الطعام بعد فمد كفه للرغيف مسلمها ايه هاتفا: - لاه كلي، هو انت هتجعدي تسمعي للحكاوي ومتكليش..
وهم بالنهوض مستطردا: - ولاه اجوم يمكن مستحية تاكلي جدامي..!؟.
هتفت تستوقفه: - لا، خليك يا سي حزن، انا هاكل اهو، بس كمل ايه اللي حصل!؟.

عاد لجلسته من جديد وقد بدأت في وضع اول لقيمة بفمها شاعرة بامتنان شديد لذاك الرجل الذي لولاه لماتت جوعا وبردا وهتف مستطردا حكايته: - ابدا يا ستي، جعدت النهار بطوله اطلع ف شكاير أسمنت ورمل، واشيل ف مونة وطوب، لحد ما خلص النهار وخدت اليومية ورچعت چري على هنا، اجول يا ترى مشيت ولاه لساتها موچودة!؟.
همست في وجع: - هروح فين!؟، خرجت ادور على شغلانة بس اكتشفت ان الدنيا وحشة قوي..

ادار ناظريه اليها مستشعرا وجيعتها وهمس مؤكدا: - انت هتجوليلي، ده انا شارب الوحش كله شرب، كفاية عليا اسمي اللي بسببه باخد تريجة للصبح، حزن عايش الضنك، يضحكوا واجولهم والله دي حالتي ماهو اسمي..
هتفت تسأله في فضول: - بس انت قلت اني ليا يد في الشغلانة!؟، ازاي!؟.

هتف مبتسما: - اصلك زي ما جلت لك، كل مرة ببجى جدام ريس العمال ده ومبيعچبوش خلجتي لله ف لله، المرة دي اختارني اني بالخصوص من بين العمال كلهم، جلت ف نفسي ده رزجك وربنا بعتهولك عن طريجي، انت وش السعد، معلوم، سعادة سعيد ابوالسعد، أسماء تشرح الجلب مش حزن وهم وبلا ازرج..
قهقهت وهي تمد يدها اليه ببعض الرغيف: - انت بتقول انك جيت على هنا على طول يعني مكلتش انت كمان..!؟.
تمنع هاتفا: - كلي انت بس وأشبعي..

هتفت معترضة: - والله ما اكل الا لو مديت ايدك..
حتى عشان يبقى عيش وملح..
مد كفه متناولا قطعة الخبز التي مدت بها كفها فتلامست أصابعهما، ارتجف كلاهما وسحب هو يده في سرعة بعد ان اصبح الخبز في كفه..
تجاهل تلك الرعشة اللذيذة التي سرت بجسده وقطع كسرة من الخبزواخذا يتناولا الطعام في صمت..

انتهى الخبز وفرغ الصحن من غموسه عن بكرة ابيه لينهض هو مصفقا ينثر بقايا الطعام عن كفيه وجلبابه وهتف في مرح: - هرچع بجى لفرشتي ولو احتچتي حاچة عرفتي هتجولي ايه!؟
قهقهت تومئ برأسها إيجابا فغض الطرف عنها وهو يؤكد مازحا: - احنا چيران ف خرابة واحدة، والچار للچار وانت اول چار..
هتفت تستوقفه: - سي حزن..
توقف ملتفتا اليها بكامل جسده هاتفا: - اامري..
استطردت في امتنان: - ربنا يسترك..

هز رأسه متفهما واندفع مبتعدا لموضعه واخرج ربابته من مخبائها ونهض متوجها للقهوة التي كانت قائمة بالقرب ليجلس على احد مقاعدها عابثا بأوتار ربابته ليهتف به احد الجالسين: - ما تسمعنا حاجة يا صعيدي..
تقدم اليه صبي القهوة هامسا له: - المعلم صاحب القهوة بيقولك سمع الزباين اللي يعجبهم والحساب يجمع اخر الليل..
انبسطت أسارير حزن هاتفا: - معاهم للصبح وهمس في فرحة غامرة: - بركاتك يا ست سعادة..

واخذ يعزف على ربابته في سلطنة عالية جذبت اليه القاصي والداني..

عاد منتشيا في سعادة يدندن الطريق بطوله منذ خروجه من القهوة التي عاش روادها مع ربابته ومواويله ساعات مبهجة حتى ان معلم القهوة طلب منه القدوم يوميا لإمتاع الزبائن وأجزل له العطاء، وضع كفه على سيالة جلبابه يتحسس القروش التي منحه إياها في فرحة..
لم تكن سعادته من اجل حفنة من مال بل كانت سعادته الحقيقة انه سيستطيع ان يؤمن لها قوت يومها لبضعة ايام قادمة..

دخل الى ذاك الزقاق الضيق المفضي للحارة التي تنتهي بالخرابة التي ما ان بلغها حتى توقفت قدماه في صدمة وبدأ يقترب في حذر..
كانت همهمات تخرج مكتومة تود لو تصرخ لكن شيء ما يجثم عليها مطبقا أنفاسها..
كان رجل قذر يمسك بسعادة يحاول وأد صرخاتها بحلقها وهي تقاومه في بسالة..
تقدم حزن في حرص وما ان اصبح خلفه مباشرة حتى غرس مقدمة الربابة بظهره في قوة امرا إياه في لهجة تهديدية: - سيبها والا هفرغ بچتتك الطبنچة..

اضطرب الرجل وبدأ في سحب كفيه من على فم وجسد سعادة لتنتفض هي مبتعدة تلتقط أنفاسها في صعوبة من اثر صراعها مع ذاك الحقير..
هتف حزن امرا الرجل: - مشي جدامي من غير نفس، ومتفكرش ف أي حركة غدر والا هتلاجي السلاح طول وانت الچاني على روحك..
أطاعه الرجل الذي كان يترنح سكرا حتى ما ان وصلا لبداية الزقاق الا ودفع به حزن امرا إياه: - جوم غور من هنا وإياك تعتب الحارة دي تاني والا فيها موتك يا نچس..

انتفض الرجل هاربا يتعرقل في خطواته الغير متزنة ليعود حزن سريعا اليها، اقترب متحنحا
يسأل في قلق: - انت زينة يا ست سعادة!؟.
كان بكائها الدامي هو ما حصل عليه كإجابة على سؤاله..
جلس بالقرب محترما وجعها وما ان استشعر انها أفرغت كل ما بجعبتها حتى همس متسائلا من جديد: - بجيتي زينة دلوجت!؟.
همست بصوت متحشرج: - لو مكنتش انت جيت كان ايه ممكن يحصل!؟.

هتف مؤكدا: - بس اني چيت وربنا بعتني ليك ف الوجت المناسب، ومش هخلي اللي حصل ده يتكرر تاني..
رفعت رأسها تحاول استوضاح مقصده لكنها لم تبصر قسمات وجهه بهذا الظلام فهتف متسائلة: -ازاي!؟.
هتف في عزم: - هاخد لك اوضة تسترك من شر الطريج..
هتفت متعجبة: - منين!؟، وليه تتحمل ده كله!؟
هتف مجيبا: - مش بجولك ربنا بعت رزجك عن طريجي، ورزج واسع كمان، اول ما نصبح هندور على اوضة كويسة وسعرها مهارد..

هتفت تتسأل: - وانت!؟.
ابتسم مجيبا: - اني مش مشكلة، اتلجح ف أي حتة، مش هاتفرج..
همست في حرج: - وطب عليك من ده بكام وانت راجل ارزقي وعلى باب الله!؟.
هتف في حرج: - هو اه اني راچل على باب الله بس منيش عويل يا ست سعادة..
هتفت تعاتبه: - بعد الشر، مين يقدر يقول عليك كده!؟، ده انت سيد الرجالة، كفاية وقفتك معايا، وكل اللي عملته عشان خاطري، ربنا ما يوقعك ف ضيقة..

همس محرجا وهو ينهض عائدا لموضع رقاده: - تتمسي بالخير..
تطلعت اليه يبتعد وما ان اطمأنت انه اتخذ موضعه المعتاد حتى هدأت وتغلغل الأمان لنفسها وتسرب النعاس لأجفانها وقد وعت انها نسيت ان تعيد اليه كوفيته فتدثرت بها شاعرة انها تتسربل في شعور من حماية وامن ما عهدتهما يوما..

توقف حزن امام صاحب البيت الكائنة به الغرفة المراد تأجيرها هاتفا في هوادة: - يا حاچ كده كتير، دي اوضة فوج السطح مش عمارة!؟ هاود ف السعر شوية..
هتف صاحب البيت في نزق: - بقولك ايه!؟، انا أصلا مش هأجرها باقل من كده!؟، ده اللي عندي..

تدخلت سعادة في الفصال الدائر وقد اقتربت من موضع وقوفها حيث امرها حزن حتى يتم اتفاقه مع الرجل وهتفت تحاول استدرار عطفه: - يعني يرضيك يا معلم ابات ف الشارع!؟، ده انت صاحب ولايا برضو و..
قاطعها صاحب البيت هاتفا في انشراح موجها حديثه لحزن: - مش تقول انك متجوز!؟.

تطلع اليه حزن في صدمة ثم ألقى اليها نظرة جانبية ليجد وجهها قد تخضب خجلا ليستطرد الرجل في راحة: - يا راجل ده انا قاعد اعلي عليك ف السعر عشان مش بسكن عزاب عندي، بس طالما متجوز، الاوضة تحت امرك بالسعر اللي يريحك، ها قولت ايه!؟.
هتف حزن في فرحة: - هجول ايه غير لا اله الا الله، على بركة الله يا حاچ..
هتف الرجل: - على بركة الله، روحوا جيبوا عزالكم وقسيمة الجواز، والاوضة تحت امركم..

هتف حزن مضطربا: - جسيمة چواز ايه يا حاچ..!؟، ما اني لسه جايل لك ان البيت اللي كنا فيه وجع وضاع كل ما لينا، يعني لا عزال ولا جسيمة..
هتف الرجل منهيا حواره: - من غير قسيمة جواز مفيش اوض ليكم عندي، روحوا اتصرفوا وتعالوا، وده اخر كلام، سلام عليكم..
وقف كلاهما لا يعلم ما عليه فعله يتحاشى النظر الى رفيقه حتى هتفت سعادة: - انا هرجع لمرات ابويا يمكن يكون رجع ونفضها سيرة..

لم يعقب بحرف لكنه سار جوارها حتى وصلت لشقة نعمات وطرقت الباب لتفتح نعمات الشراعة كما هي عادتها هاتفة في كدر: - يوووه مش هانخلص بقى، قلنا ابوك هيغيب ويقول عدولي، مش كل يوم هتنطي تسألي عليه..
وأغلقت الشراعة في غضب لتتحرك سعادة في خطوات متثاقلة حيث ينتظرها حزن اعلى الدرج وقد سمع كل ما هتفت به زوج ابيها..

خرجت من باب البيت وهو بعقبها يسير جوارها ولم ينبس بحرف حتى رأي دمعاتها تسيل على وجنتيها في قهر فاندفع هاتفا: - ست سعادة، تتچوزيني!؟.

10-01-2022 12:11 صباحا
مشاهدة مشاركة منفردة [2]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية صاحبة السعادة والسيد حزن
نوفيلا صاحبة السعادة والسيد حزن للكاتبة رضوى جاويش الفصل الثالث

تطلعت اليه بنظرات غائمة من بين دموعها وهتفت في وجع: - للدرجة دي!؟، هتتجوزني شفقة!؟.

هتف حزن في سرعة: - لااااه، ليه بتجولي كده بس!؟، ده اني اللي طالب منك تجبلي، عارف اني مش أملة، بس چوازك مني هيصلح حالي، اني ف يومين من ساعة ما جابلتك والخير نازل عليا واللي كنت بكسبه ف أسبوعين بالضالين ربنا بعته ف يومين، الچواز شكل بس عشان تبجي ف امان وليك باب مجفول عليك وضامنة جوت يومك، اديك شايفة محدش من أصحاب البيوت هيرضى يسكني لحالي عشان بطولي وف نفس الوجت لو هاتسكني لحالك هتبجي مطمع، يعلم ربنا اني عرضت عليك الچواز واني عارف اني مش مجامك بس عشان اصونك لحد ما ابوك بس يظهر، وبعدها اعملي اللي يريحك..

تطلعت اليه في صمت وأخيرا هتفت في ثبات عجيب وقد ادركت ان لا حل لها الا القبول: - انا موافقة..
ابتسم مهللا في سعادة: - الله اكبر، طب ياللاه بينا ع المأذون عشان نلحجوا صاحب البيت جبل ما يأچر الاوضة لغيرنا..
تحركا بضع خطوات قبل ان يهتف متسائلا: - مجلتليش انت عندك كام سنة!؟.
ابتسمت هامسة: - لسه تامة التمنتاشر من كام شهر..
ابتسم هاتفا: - طب تمام، اني اكبر منك بياجي سبع سنين..

توقف عند باب المسجد وأمرها في لطف: - دجيجة استني هنا اشوف سيدنا الشيخ..
دخل حزن باحثا عن امام المسجد حتى وجده قد فرغ لتوه من صلاته جلس جواره هامسا في ادب: - حرما يا سيدنا الشيخ..
نظر اليه الرجل في مودة: - جمعا يا ابني باذن الله..

همس حزن: - بجولك يا عم الشيخ، بره موجودة معايا واحدة بت حلال واني عايز اتچوزها وهي موافجة بس ملهاش ولي، مش عارفين نعتروا ف ابوها واني خايف يكون غيبته هتطول وهي ملهاش حد ومينفعش تتساب لحالها، تبجى مطمع، ينفع تبجى وليها وتروح نعجد عليها!؟، ولاه لازما ابوها!؟.

ابتسم الشيخ وربت على كتفه في اكبار هاتفا: - انت باين عليك ابن حلال، وطالما غاب الولي بحيث تعذر الوصول لمكانه يبجى تختار رجل من المسلمين يكون وليها، قوم ياللاه معايا نجوزكم..
نهض الشيخ ومعه حزن وخرجا من المسجد وما ان طالع سعادة حتى هتف يسألها في حنو مشيرا لحزن: - الراجل الطيب ده عايز يتجوزك يا بنتي، انت موافقة!؟.
هزت سعادة رأسها إيجابا وهمست في حياء: - اه يا عم الشيخ، موافقة..

هتف الشيخ يسألها: - ابوك صح غايب!؟.
هزت رأسها بالإيجاب من جديد: - ايوه، اتجوز وغاب مع مراته الجديدة ومحدش عارف له طريق ولا نعرف هيظهر امتى، ومراته القديمة طردتني من بيتها ف الشارع، وانا مليش حد..
تطلع الشيخ اليها ولمس الخزلان في حروفها فهتف يستأذنها: - تقبلي يا بنتي أكون مطرح ابوك وأكون وليك..
هتف في إجلال: - طبعا يا عم الشيخ، ده انا أتشرف..

ابتسم الشيخ هاتفا: - طب ياللاه معايا ع المأذون، هو بعد حارتين من هنا..
سارا ورائه وكل منهما نظراته لا ترتفع عن الأرض يستشعر سعادة عجيبة تسربله لا يعلم لها سببا ولا يجد لها مبررا، فكلاهما يعلم تماما انه زواج مؤقت وشكلي، لكن على الرغم من ذلك كانت الفرحة التي ترتسم على قسمات وجهيهما لا يمكن إغفالها او تجاهلها..

جذب المأذون ذاك المنديل الأبيض من فوق كفي حزن والشيخ صالح هاتفا في حبور: - مبارك ان شاء الله، بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في الخير..
هتف الشيخ صالح: - امين..
وتطلع الى سعادة التي كانت تجلس في حياء بالغ بأحد الأركان هاتفا: - مبارك يا عروسة، ربنا يجعله الزوج النافع وسندك وأبو اولادك يا بنتي..

تلعثمت لهذا الدعاء الذي مس شغاف قلبها وما ان همت بالرد الا وانتفضت لاأراديا عندما هتف حزن في حماسة: - اميييين..
ليتفجر كل من المأذون والشيخ صالح ضاحكين..
وتبتسم هي في خجل بدون ان تعقب بحرف..

نهض الجميع مغادرين وما ان هم الشيخ صالح بتركهما حتى هتف به حزن: - معلش يا سيدنا الشيخ، اني عارف اني بتجل عليك، بس اصلك صاحب البيت مش هايرضى يأچر لنا الاوضة الا بجسبمة الچواز ودي لسه عليها شوية، يعني لو هتعبك تاچي تجوله انها مرتي عشان يدينا الاوضة لحد ما اچيب الجسيمة..
ربت الشيخ صالح على كتف حزن هاتفا في مرح: - حاضر يا سيدي، وليك عندي يا عريس فطار الصباحية..

نكس حزن رأسه حياء وهتف في سعادة: - ربنا يبارك لنا فعمرك يا سيدنا الشيخ..
واتجهوا جميعا لصاحب البيت الذي قبل بإعطائهما الغرفة الموجودة بسطح داره..
توجها اليها يسيران جنبا الى جنب ليهتف حزن في سعادة: - مبروك يا عروسة..
تطلعت اليه هامسة متجاهلة الرد على مباركته: - احنا على اتفاقنا، صح!؟.
اكد هاتفا: - معلوم، اني مغيرش كلمتي ابدااا..

هزت رأسها في اطمئنان وقد وصلا للبيت صعدا الدرجات التي قادتهما للسطح ومنه للحجرة التي اخرج مفتاحها من جيب جلبابه الوحيد وعالج به القفل حتى انفرج الباب، مد كفه باحثا عن ذر الإضاءة ضاغطا عليه حتى انارت الغرفة ليدخل اليها مبتعدا عن الباب ليسمح لها بالدخول كذلك..
توقف كل منهما يتطلع لمحتويات الغرفة في استطلاع لمعرفة ما ينقصها..

كان هناك حصيرة متهالكة يتمدد عليها مرتبة قطنية متوسطة الحال ومغطاة بغطاء صوفي بسيط وبأحد الجوانب هناك زير فخاري تحته يقبع طبق من الصاج وبالجانب الاخر يوجد طاولة خشبية تترنح قليلا عند الاستخدام موضوع عليها (وابور) وبعض الاطباق الصاج وهناك بعض المسامير المغروسة بالحائط لتعليق الملابس عليها، اما الحمام فكان بخارج الحجرة وما بين الحمام والحجرة يوجد حوض ماء صغير الحجم بصنبور نحاسي مطفأ اللون يتدلى من فوهته قطعة صغيرة من خرطوم مطاطي..

هتف حزن متحرجا: - معلش مش مجامك، بس أهي حاچة تجضي الغرض لحد ما ربنا يسهل..
ابتسمت سعادة ممتنة: - تسلم يا سي حزن، دي تكفي وزيادة، وبعدين ايه حكاية مش قد المقام اللي انت ماسكها دي!؟، هو انت فاكر اني بنت السلطان!؟، انا بت يتيمة عاشت مع كل ست من مرتات ابوها اكتر ما عاشت مع أمها اللي متفتكرش حتى شكلها وطبعا انت عارف وشفت بنفسك واحدة فيهم عاملتني ازاي!؟.

هتف مؤكدا: - برضك ده مش مجامك، وربنا يرزجني واني اچيب لك الاحسن، واني متأكد انه هيرزج، يا وش السعد..
ابتسمت منكسة رأسها في حياء، طال الصمت بينهما ليهتف هو مشيوا لاحد الأركان: - بصي اني هچيب حبل من حبال الغسيل اللي بره وهشده بعرض الاوضة واحط عليه ملاية من الملايات وانجل لك فيه المرتبة ودي تبجى اوضتك الخصوصي..
هتفت تسأله: - وانت!؟.

تطلع اليها مؤكدا: - اني هاخد الحصيرة دي واجعد ف الركن التاني ده، واهو سجف مدارينا بدل ما كنا نايمين فالطل بين فيران الخرابة وجرفها..
همست مؤكدة: - صدقت..
شمر ذراعي جلبابه هاتفا في همة: - استعنا ع الشجا بالله..
حذت حذوه وطفقا ينظفان الحجرة ويعدلا منها كما اتفقا..
ملأت دلو من الصفيح بالماء بغية مسح الغرفة للتخلص من الحشرات التي قد تزحف عليهما نياما.

وما ان همت بحمله حتى شاهدها فاندفع نحوها هاتفا في عتب: - لاااه، ليه تشيلي تجيل واني موچود!؟.
حمل الدلو ووضعه خارج الغرفة متسائلا: - هااا، عايزاني اساعد ف ايه!؟.
هتفت في خجل: - يعني ولو كان ممكن تشيل المرتبة تخرجها بره عشان اعرف امسح الاوضة..
هتف في حماس: - يا سلام، دي حاچة بسيطة..

واندفع يجمع اطراف المرتبة التي يتكوم القطن في بعض أجزائها ويخاصم الأخرى مندفعا بها خارج الغرفة ملقيا بها على سور السطح..
ساعدته في جمع الحصير وإخراج الطاولة والزير وبدأت في سكب المياه وانحنت توزعها باستخدام قطعة من الخيش بكل الأركان مما دفعه ليحيد بناظريه عنها متطلعا لخارج الغرفة حتى استقامت معتدلة تمسح بعض من قطرات العرق التي تجمعت على جبينها..

عاودت الكرة تحاول تجفيف الأرض المبتلة الملساء فإذا بقدمها تنزلق لتسقط ارضا مما دفعه ليعيد النظر الى الغرفة بعد سماع هذا الصوت..
شهق مندفعا لها هامسا وهو ينحني قبالتها محاولا الا يصل الماء الى اطراف جلبابه الذي لا يملك غيره بعد ان ضاع كل ما يملك تحت ركام البيت المنهار الذي كان يسكنه سابقا: - انت بخير يا ست سعادة!؟.
تأوهت في وجع هامسة: - الحمد لله بس واضح ان الواقعة جامدة..

هتف في حذر وهو يمد كفه لها: - طب هاتي يدك وجومي كفاياك كده اني هكمل عنك..
مدت كفها بالفعل وما ان هم بجذبها لتنهض حتى انزلقت قدمها من جديد ليسقطا معا هذه المرة..
كان سقوطهما مدويا وخاصة ان حزن قد اسقط الدلو في طريقه مفترشا الأرض مما جعل المياه تغرقهما معا..
لحظات من الصمت لم يقطعها أيهما وأخيرا هتف حزن وهو يتطلع اليها ممددة جواره وقد علت قسمات وجهها الصدمة: - چيبتك يا عبدالمعين تعيني..

همست هي تكمل المثل: - لقيتك يا عبدالمعين تتعان..
تطلعا مرة أخرى لبعضهما ثم انفجرا ضاحكين لينهض حزن في حرص شديد مادا يده لتعطي له كفها في أريحية لينام بحضن كفه، جذبها لتنهض مندفعة تحاول التعلق بشئ ما حتى تتحاشى الانزلاق من جديد فلم تجد الا صدر جلبابه فتشبثت به في امان، تطلع هو اليها وهي اليه قريبة بهذا الشكل الحميمي الذي غاب معه واقعه ظنا انه يحلم حلما ورديا لا يريد ان يستفيق منه..

رفعت ناظريها اليه فتنبهت لنظراته وكفيها المعلقتين بصدره كأنما تستجديه البقاء قربها مما اثارارتباكها وحاولت ان تتحرك مبتعدة لكنه كان احرص منها فلم يترك كفها مبتعدا حتى اطمأن انها بأمان من السقوط..

خرجت من الغرفة لينحني هو مكملا ما بدأته وما هي الا بضع دقائق حتى هتف وهو يخرج من الغرفة متطلعا اليها وهي تجلس على تلك المسطبة الموضوعة بشكل ملاصق للغرفة تجعلك كاشفا للسطح الواسع كله وهمس في مودة: - الاوضة بجت تمام، أي خدمة تانية يا وش السعد!؟.
تطلعت اليه مبتسمة وهمست شاكرة: - لااا، تسلم ايدك، شوية تنشف الارض وندخل المرتبة والحصيرة وننام بقى..
هتف بأريحية: - هنام بهدومنا دي!؟.

تطلعت اليه متعجبة: - قصدك ايه!؟.
هتف مبتسما عندما لاحظ تغير ملامحها: - جصدي انها مبلولة، والدنيا برد، تعيي بالهدوم المبلولة دي..
همست: - طب هنعمل ايه!؟، هو احنا حيلتنا غيرها..
هتف مشيرا للغرفة: - زمان الاوضة نشفت هفرش شوية چرايد ع الأرض واحط لك المرتبة واني علجت الحبل وفاضل الملاية وخشي غيري هدومك وألبسي العباية اللي چبتيها من مرت ابوك، وأغسلي لبسك ده وانشريه..
هتفت: - طب وانت!؟.

ابتسم في وداعة: - اني متعود على كده متجلجيش، ياما نمت ف الطل فعز البرد والدنيا بتشتي، متشيليش هم..
واندفع ينفذ ما اتفقا عليه..

طرقات على باب الغرفة جعلتهما يتنبها فنهض هو من موضعه ليفتح بينما ظلت هي خلف ستارها المهترئ تستطلع من القادم، كان احد الغلمان وقد ارسله الشيخ صالح كما وعده بإفطار الصباحية..
تمتم في سعادة شاكرا وهو يحمل الصينية عن الفتى ويدخل بها مغلقا الباب في حذر حتى لا يوقظ سعادة التي كان يعتقد انها لاتزل غافية..

تنحنحت وجمعت شعرها تحت غطاء رأسها وأزاحت الستار بينهما هامسة في هدوء وبابتسامة خجلى: - صباح الخير..
همس متطلعا لوجهها الصبوح: - يا صباح السعادة، اكيد چعانة، مش بجولك الرزج واسع من ساعة ما وعيت لك، اهااا فطار چايلنا لحد عندينا، همي..

نهضت متوجهة لموضع جلوسه وجلست قبالته بينهما صينية الطعام وما ان همت بمد كفها لأحد الأرغفة حتى كان هو الأسبق يمد كفه اليها بلقيمة صغيرة بها بعض الغموس رافعا إياها لفمها متطلعا اليها في حنو ولم يهمس بحرف لكن عيناه كان تخبرها الكثير، ترددت في قبول كفه الممدودة لكنها وجدت نفسها بلا إرادة منها تقترب في وجل تلتقم كسرة الخبر من بين أصابعه ليبتسم في حبور ابتسامة واسعة كأنما حاز الدنيا وما فيها..

بدأ حزن في إلتهام الطعام بشهية شديدة وهي تتطلع الى ذاك الرجل الغريب عنها الذي يعاملها باحسن ما كانت بين جدران بيت ابيها، وتاهت في تفرس قسمات وجهه الأسمر الخشن الا من عينيه التي تحمل بريقا صادقا من مودة وحنو لا يمكن إغفالهما، ارتفعت نظراته اليها يحثها على تناول الطعام فإذا به يمسك بها متلبسة في تفرسه مما جعلها تنحى بناظريها عنه في خجل بينما ابتسم هو في سرور غامر أورثه شعورا طاغيا لم يتملكه من قبل..

نهض نافضا كفيه وهتف: - اني نازل مش عايزة حاچة!؟.
هزت رأسها نافية وهمست: - عايزة سلامتك..
انتفخت أوداجه في فخر وانحنى يضع كل ما بجيبه تقريبا على الصينية امامها وكذا مفتاح الغرفة وهمس في مرح: - ده كل اللي ف چيبي، خليه معاك، من هنا ورايح انت ست البيت، اجصد ست الاوضة..

قهقهت ونهضت خلفه تودعه للباب الذي فتحه وغادر في انتشاء مترنما بموال قديم عن العشق والعاشقين تناهى لمسامعها وهو يهبط الدرج وصوت قهقهاتها يصاحبه في مسيره..

10-01-2022 12:12 صباحا
مشاهدة مشاركة منفردة [3]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية صاحبة السعادة والسيد حزن
نوفيلا صاحبة السعادة والسيد حزن للكاتبة رضوى جاويش الفصل الرابع

تطلعت الى القروش القليلة التي كانت ملقاة على الصينية النحاسية وانحنت لتجمعها واخذت تعدها في فرحة فهي المرة الاولي التي تحتضن كفها هذا العدد من القروش وتشعر انه ملكها..
قفزت الى ذهنها فكرة فقررت على الفور تنفيذها
فخرجت من الحجرة تتأكد ان عباءتها قد جفت فانتزعتها من على الحبل ودخلت تبدلها وخرجت مغلقة الباب خلفها..

غابت بعض الوقت تبحث عن ضالتها المنشودة حتى وجدتها أخيرا فقررت العودة ادراجها قبل ان يعود حزن للغرفة فلا يجدها..
دخلت الحارة وما ان وصلت لمنتصفها تقريبا حتى ظهر امامها ذاك الرجل الذي يشبه جبل انشقت عنه الأرض ببنيته الضخمة وشعره الأشعث وشاربه الكث الذي تغيب تحته شفته العلوية وحاجبيه الكثيفين ونظراته الغير مريحة بالمرة والتي كانت تتفرسها في وقاحة منقطعة النظير..

حاولت تجاهله والمرور جواره كانها لم تره الا انه اعترض طريقها من جديد هاتفا بصوت جهوري لبعض من تابعيه ومن على شاكلته من رواد المقهى الذي كان يديره: - مين الوارد الجديد دي..!؟، مشفتش قبل كده الجمال ده ف الحتة!؟.
هتف احد تابعيه: - دي مرات واد صعيدي اسمه حزن..
قهقه الرجل بقوة اجفلها ساخرا: - يا حزن الحزن، بقى دي تبقى مرات الحزن!؟، امال مرات الفرفشة والانبساط تبقى ايه!؟.

قهقه تابعيه مجاملة لترتجف سعادة لا تدري ما عليها فعله وكل ما جال بخاطرها هو الجري هربا من امام ذاك الضخم حتى تصل لعتبة البيت الذي تقطنه لكنها عدلت عن الفكرة فقد يتبعها ورجاله..
وقفت في اضطراب تحاول المرور مبتعدة عن طريقه لكنه لم يتح لها فرصة لذلك..

تضرعت داخليا ان ينقذها احدهم لكن ابدا لم يتحرك احد لنجدتها فقررت الدفاع عن نفسها امام بطش ذاك البلطجي وليكن ما يكون وهتفت في سخط: - اوعى من طريقي خليني اروح اشوف حالي..
هتف البلطجي في مجون: - طب مينفعش أبقى انا حالك يا جميل..
دفعت به مبعدة آياه عنها عندما مال نحوها في جرأة وهتفت من جديد بلهجة اشد سخطا: - بقولك ابعد عن طريقي احسن لك..
هتف بلهجة سمجة: - هتعمل ايه يا قمر قولي!؟.

همت بدفعه من جديد والانحناء لتناول حذائها كسلاح في مواجهته الا ان صوته كان النجدة التي انتظرتها من الله وهو يهتف في غضب: - هي مش هاتعمل حاچة، بس چوزها اللي هايعمل..
وصل لموضعها في لحظة ليجعل من جسده حائطا فاصلا بينها وبين ذاك البلطجي مستطردا في حمية امرا إياها: - اطلعي على فوج واجفلي عليك الباب ومتنزليش مهما حصل، سمعاني!؟.

اومأت في طاعة واندفعت تدخل باب البيت وأغلقته خلفها مدعية صعودها لغرفتهما لكن قلبها لم يطاوعها فظلت تختلس النظرات الى موضع وقوفه بجسده الذي على الرغم من قوته الا انه لا يعادل نصف جسد ذاك الرجل الذي يشبه المقطورة..
دفع عزوز البلطجي بحزن في قوة هاتفا في غضب: - بقى انت بتتحداني!؟، طب انا هوريك مقامك..

وجذب زجاجة من زجاجات المياه الغازية من على احدى طاولات القهوة وضربها بقوة بالجدار القريب منه محتفظا بنصفها المكسور بيده واندفع كالثور الهائج في اتجاه حزن الذي لحسن الحظ ابصر احدى العصي بيد شخص قريب منه فانتزعها في سرعة وفي اللحظة المناسبة أشاح بها لتطيح بالزجاجة وبحركة ماهرة نزل بها على عزوز لتشج رأسه لينفجر الدم من موضع الإصابة فيترنح في عدم اتزان وخر على ركبتيه متطلعا الى حزن في غل واضح..

قذف حزن بالعصا من يده وهم بالابتعاد لداخل البيت الذي يقطنه الا ان ذاك الضخم نهض فجأة منقضا عليه في ثورة يحمل مطواة قابضا عليها بكفه وملوحا بها في رعونة، حاول حزن تفادي ضربات المطواة التي كان يلوح بها ذاك الاحمق في عشوائية لكنها اصابته في كتفه ممزقة جزء من جلبابه ومصيبة الكتف بجرح نافذ جعل حزن يترنح واضعا كفه بكاملها مبسوطة على موضع النزف الذي بدأ يتسرب مغرقا أصابعه..

سقط ذاك البلطجي كذلك بين يدي اتباعه والذين حملوه لتطييب جراحه بينما سقط حزن مضرجا في دمائه بين يدي سعادة التي صرخت مدفوعة اليه من خلف باب البيت، لتتلقفه بأحضانها صارخة باسمه..

جال بناظريه في تيه يحاول ان يتذكر اين يكون
حتى وقع ناظريه عليها وهي تنكفئ بجبينها على ذراعيها المتشابكين فوق ركبتيها المضمومة لصدرها بالقرب من المرتبة التي من المفترض انها موضع نومها..
حاول النهوض لكنه توجع رغما عنه فانتفضت متطلعة اليه هاتفة في لهفة: - سي حزن، انت كويس!؟.

استند متحاملا على ذراعه الأخرى بعيدا عن موضع الإصابة بالقرب من كتفه الأيسر وما ان اعتدل قليلا حتى هتفت سعادة: - حمدالله ع السلامة، خضتني عليك..
وما ان همت بالنهوض لتحضر له بعض الطعام ليستعيد ما فقده من قوة بعد نزيف جرحه حتى جذبها من كفها لتسقط على صدره تشهق في صدمة، تطلع اليها في غضب: - ايه اللي نزلك الحارة من غير أذني!؟، اني مش جايل لك جبل ما انزل عايزة حاچة جلتي لاااه!؟.

تطلعت لعينيه بنظرات دامعة مما أورثه شعورا بالذنب لمعاملتها بمثل هذه الخشونة التي لم تعتدها منه، لكنه ظل متحجر الملامح وهي تهمس بصوت متحشرج تأثرا: - معدتش تتكرر، انا مكنش قصدي انزل من غير اذنك، ولا كان ف بالي انزل من أساسه، بس..
تطلع اليها متسائلا وقد لانت قسماته بعض الشئ: - بس ايه!؟، ايه المهم جوي ده اللي يخليكي تنزلي وتسمعي كلمتين بايخين من اللي يسوى واللي ما يسواشي!؟.

همست من جديد وهي لا تقو على رفع نظراتها لتقابل ناظريه: - اصل لقيتك سايب لي فلوس فقلت يعني..
قاطعها هاتفا: - اشتريتي حاچات لنفسك يعني!؟، طب وماله، بس كنتي جلتي..
نكست رأسها ولم تعقب ليهمس مطيبا خاطرها وهو يمد كفه ليرفع ذقنها ليتطلع لناظريها الدامعتين: - خلاص سماح المرة دي..

نهضت من وضعها تحضر له الطعام ليتناول ما بقي من طعام الإفطار ويحاول النهوض لينام على حصيرته الا انها ابت ان ينهض تاركة له المرتبة لهذه الليلة ليتمدد عليها وذهب للنوم سريعا من شدة الإرهاق..

حاول ان يتمدد بطول المرتبة وان يتقلب عليها بأريحية الا انه شعر بوجع موضع جرحه تحت كتفه الأيسر والأعلى من موضع القلب عدة ستنيمترات جعلت النجاة من طعنة عزوز البلطجي منة وفضل من الله..
تحرك في حرص لكن قدمه ضربت شيء ما فتطلع اليه يحاول ان يستوضحه عبر بصيص الضوء النافذ من خصاص النافذة الوحيدة بالغرفة والأقرب الى مكانه اللحظة..

استجمع قوته ومد كفه متناولا تلك اللفافة متذكرا انه قد أعطاها لها عندما امرها بالصعود للغرفة قبل بدء المعركة مع عزوز..
ضم اللفافة البنية اللون لصدره وشعر بالذنب لانه قسى عليها البارحة، حاول ان يتمدد من جديد في انتظارها حتى تستيقظ الا انه سمعها تهمس من خلف الستار القائم بينهما: - انت صحيت يا سي حزن!؟.
همس بدوره مضطربا لسماع نبرات صوتها الشجي: - اه، صحيت من دجيجتين..

همست: - طب هقوم اعمل لك لقمة تاكلها..
هتف يستدعيها: - لاه تعالي عايزك ف الأول..
نهضت من موضعها على الحصير الممدود بالقرب من الساتر الذي ازاحته قليلا فرأته يحتضن تلك اللفافة فنكست رأسها ليهتف هو بنبرة تحمل بعض من اعتذار وندم وهو يمد كفه باللفافة: - مدي يدك خدي دي ليك..
همست متعجبة: - بس دي تخصك يا سي حزن!؟
هتف متعجبا: - تخصني كيف!؟، مش هي دي اللفة اللي عطتهالك ساعة العركة!؟.

هزت رأسها نفيا اشارت حيث كان هناك لفافة أخرى بنفس اللون تقبع على الطاولة..
زم حزن ما بين حاجبيه مندهشا ونفض اللفافة الورقية بذراعه السليمة ليمتد نسيج جميل من لون رمادي فرده امام ناظريه ليكتشف انه جلباب جديد لأجله، رفع رأسه متطلعا اليها في محبة وهتف ممتنا: - دي عشاني!؟.
هزت رأسها مؤكدة دون ان تفوه بحرف ليستطرد متسائلا: - دي اللي نزلتي لجل ما تشتريها بالفلوس اللي سبتهالك!؟.

هزت رأسها إيجابا من جديد وهمست في تلعثم: - اصل انت محلتكش الا الجلابية اللي انت لابسها وكان لازم يبقى معاك حتى واحدة تانية، قلت اجبها اهو تقلع القديمة تتغسل وتلبس الجديدة وتبدل فيهم..
ازداد تمعنه في محياها الخجل وما عاد قادرا على النطق بحرف، لقد فكرت به وفضلت ان تشتري له ما ينقصه على ادخار المال من اجل الطعام..
همس بصوت متحشرج: - طب ما تشوفي اللفة التانية فيها ايه!؟.

تحركت باتجاهها وفضتها في وجل متطلعة لذاك الثوب في انبهار وهتفت في فرحة: - ده ليا يا سي حزن!؟.
هتف مازحا: - اومال ليا!؟، اني لسه مچربتش ألبس چلبيات فيها ورد ودانتيلة..
تطلعت اليه وعلى وجهها سعادة لا يمكن وصفها فقد تذكرها كما تذكرته، احضر لها ثوبا جديدا رغم انه كان يمكنها الاكتفاء بما لديها نظرا لضيق الحال، لكنه لم يبخل وهو اكثر الناس حاجة..

لم تستطع ان تعبر عما بداخلها وهو لم ينتظر كلمة شكر واحدة بل هتف يستحثها: - روحي چربيه وفرچيني، يا رب أكون عرفت اچيب المجاس الصح..
مدت كفها في حرج وسحبت الستار القائم بينهما ليهتف في مشاكسة: - هو لازما يعني!؟.
قهقه عندما نظرت اليه عاتبة وهتف مؤكدا: - كنت بضحك معاك، تحبي اجوم ابني لك حيط مسلح عشان ترتاحي!؟.
أكملت جذب الستاربينهما هاتفة في لهجة مازحة بدورها: - بعد ما تقوم بالسلامة ان شاء الله..

مرت بضع دقائق قبل ان تهتف في خجل: - انا خلصت..
أزاح هو الستار متطلعا اليها في أنبهار وهمست وهي تقف في حياء: - هااا، حلو..
هتف وهو يملي عينيه من جمال قسماتها المليحة هاتفا: - حلو بس، ده ياخد العجل، ده احلو عشان انت اللي لبساه..
همست في اضطراب: - ربنا يجبر بخاطرك يا سي حزن..
واندفعت تحاول الهرب من حصار نظراته مستطردة: - اما اروح احضر لك لقمة ترم عضمك بيها..

أشعلت (وابور الجاز) بعد بعض الجهد لتضئ عينه معتمدة على قليل من الكيروسين الذي كان بخزانه، دقائق وكان الحساء مصبوبا بأحد الصحون الثلاثة الموجودة على الطاولة وتقدمت تضعه امامه مع بعض الخبز الناشف المسمي
( قرقوش)..
تطلع حزن للحساء الذي كان به بعض اللحم والى الخبر كذلك ومن ثم رفع ناظريه متطلعا اليها في حنق هاتفا: - انت نزلتي الحارة لوحدك تاني!؟، وچبتي منين فلوس الأكل ده!؟.

هتفت في عجالة في محاولة لتجنب غضبته: - لا منزلتش والله، ولا جبت الاكل، ده الشيخ صالح الله يستره لما عرف اللي جرى جاب الحاجات دي بنفسه ودخل طل عليك ولما رفضت اخدهم قالي انت وافقتي أكون مطرح ابوك ف كتابة عقد جوازك، يعني متقوليش لا لما ادخل عليكي انت باللي يلزمك وجوزك راقد تعبان، لكن والله ما عتبت بره الباب ده من ساعة ما شالوك على هنا وانا جنبك ومتحركتش..

هدأت نيران غضبه ومد كفه للملعقة يتناول الحساء ملتهما قطعة اللحم لتمد هي كفها تكسر الخبز اليابس بالحساء حتى يتناوله متشربا بالمرق..
همس دون ان يرفع ناظريه اليها وهو لايزل يتناول طعامه: - كلتي!؟.
همست بدورها: - لا، بس كل انت الأول وبعدين انا..
قاطعها رافعا شريحة من اللحم بكفه امام فمها وابتسم يهز رأسه امرا لتتناولها، فتحت فمها وألتقمتها وعينيها معلقة بنظراته الحانية التي اسرتها كليا..

ظل يتناول بعض الحساء ويرفع لها كفه ببعض اللحم حتى انتهيا ولاتزل النظرات على تعلقها المحموم بنظيراتها..
همس مشيرا لجيب جلبابه الكائن على الجانب المصاب من جسده والذي كان بعيد المنال عن يده السليمة: - حطي يدك بچيبي وطلعي اللي فيه..

اقتربت منه بشكل حميمي وانحنت تضع كفها بجيبه تحاول اخراج ما هو موجود، كانت لحظة الاقتراب تلك مهلكة وهو يستشعرها اقرب اليه من أنفاسه، كانت تجاهد لإخراج حافظة نقوده ورفعت ناظريها معتذرة: - معلش، شكلها مش..
تقابلت نظراتهما من جديد ليخرسها ذاك البريق العجيب بعمق عينيه، اتحدت الأرواح للحظة وتألفت بعد التعارف، وقد ايقن كلاهما ان قلبه اصبح ملكا لصاحبه، وان الوصل محتم ونهاية رحلة التيه والبعاد قد حانت..

همس باسمها في صوت مهتز النبرات يشي بكل ما يعتمل بدواخله من مشاعر: - سعادة..

انتفضت عندما همس باسمها وكأنما كانت تنتمي لعالم اخر وتطلعت حولها في اضطراب تحاول ان لا تتعلق نظراته بعينيه من جديد فتقع باسر اخر لن يكون لها القدرة على الفكاك منه، وأخيرا نهضت مبتعدة تحتمي بحصيرتها ليسود الصمت للحظات وينهض هو في تثاقل مستندا على جدران الغرفة حتى الباب الذي فتحه وخرج لبراح السطح الذي اصبح اكثر اتساعا من براح روحه يحاول استنشاق الهواء البارد لعله يطفئ بعض من نار الجوى المستعرة بين جنباته..



المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
صاحبة السعادة تحتفل بـ سوسن بدر في حلقة خاصة.. Moha
0 406 Moha

الكلمات الدلالية
رواية ، صاحبة ، السعادة ، والسيد ،


 





# فنون # مشاهير # صحة # منوعات # الأطفال # English # تفسير الأحلام ثقافة # قصص # سيارات Cars # صور # تقنيات # الاجهزة الالكترونية # المطبخ # كلام فى الحب # أبراج # رياضة # ازياء # حكم وأقوال تطوير الذات# خلفيات # صور بنات # مشاهير # ديكور # صباح الخير # مكتوب برقيات شهر رمضان # جمعة مباركة # حب رومانسية # عيد # ادعية # خلفيات كرتون # منوعات # موضة # الأم # أطفال # حيوانات # صور ورد # اكلات # New Year # مساء الخير # اللهم صلي علي النبي # القران الكريم # صور نكت # عيد ميلاد # اعلام # سيارات # تهنئة الخطوبة # حروف واسماء # الغاز # صور حزينة # فساتين # هدايا # خلفيات النادي الاهلي # تسريحات شعر # الاصدقاء # بوستات نجحت # خلفيات نادي الزمالك # حب رومانسية # تهنئه # ازياء # صور بنات # صوره وكلمه خلفيات # كرتون # بروفايل رمزيات # دينية # سيارات # مضحكة # أعلام # مسابقات # حيوانات # ديكور # أطفال # أكلات # حزينة صور شباب أولاد ر# صور # الطب و الصحة # مقالات عامه # CV المشاهير # وصفات الطبخ # العناية بالبشرة غرائب وعجائب # قصص روايات مواعظ # صور حيوانات # وصفات الحلويات # الرجيم والرشاقة # نكت مضحكة # صور خلفيات # العناية بالشعر # شروحات و تقنيات # videos # Apps & Games Free # موضة أناقة أزياء # سيارات # ديكور # رعاية الأطفال # نصائح المطبخ # موبايل جوال # الفوركس # التعليم والمدارس # الحمل و الولادة # اخبار الرياضه # وظائف # صحة المرأة # حوادث # صور بنات # صور اطفال # مكياج و تجميل # عناوين بنوك شركات محلات مطاعم # العاب الغاز # عيد # كلمات الاغانى # اشغال فنيه واعمال يدويه # مصر # أشعار خواطر # للنساء فقط # للرجال فقط # صور شباب # علاج النحافه # رسائل SMS # أكلات نباتية - Vegetarian food # برامج الكمبيوتر # المراهقة # جمعة مباركة # blogger # رعب # لعنة العشق # حب # اسلامية # قاسي ولكن أحبني # أحفاد أشرار الحرب لأجلك سلام # أسمى معاني الغرام # حقيقية # لقد كنت لعبة في يده # ملهمة # أباطرة العشق # عربية # حب خاطئ # لست مميزاً # من الجاني # مشاهير # راقصة الحانة # اغتصاب طفلة # عاشقان يجمعهم القدر # الطريق الصعب # خيال علمي # أشواك الحب # تاريخ # سجينة ثوب الرجال # لروحك عطر لا ينسى # أطفال # عشق وانتقام # لازلت أتنفسك # لقاؤنا صدفة # للحب معان أخرى # خاتم سليمان # ممن أنتقم # نجاح # أبواب وهمية # حلمى فى صفيحة قمامة # فيلم # مجنون بحبك # بين شباكها # حزينه # رحلات جوليفر # عذاب قسوته # عندما ينادي الشيطان # لعنة حبك # مريم وامير # هدوء في قلب العاصفة # الحاسة السادسة # المشعوذة الصغيرة # عباقرة # لوعة العشق # حروب # قدر بالإجبار # بنات مضحكه# فوركس Forex# صحتك # الصور والخلفيات # الطبخ والحلويات # منوعات # اخبار الفن # القصص و الروايات الألعاب الرياضية # الحياة الزوجية # أزياء وملابس # الأم و الطفل # دراسات لغات # افكار منزلية # انترنت تكنولوجيا # صفات الابراج # حيوانات ونباتات # تفسير الاحلام # معانى الاسماء # خواطر و اشعار # الكون والفضاء اجمل نكته# Mix # Forex # youtube # foods # Kids # Health education # stories # News # kitchen # woman # Famous # Sport # Animals

-------

الساعة الآن 03:04 صباحا