نقيضان، لايمكن أن يجتمعا معا إلا وكان الجدال هو سيد الموقف، لكنهما رغما عن ذلك، انجذبا كقضبي مغناطيس، فهل يمكن للماء و الزيت أن يختلطا فى إناء واحد !؟
اقتباس من الرواية
ظهرت غفران تحمل طبق من طعام تقدمه لذاك الشخص لكن ها قد حدث ما توقع فاندفع يجذبها فى اللحظة المناسبة لداخل المطبخ وبدأ هو فى التعامل مع ذاك الاحمق الذى حاول التهجم عليها .. لم يكن من الصعب التخلص منه مع فارق القوة الجسدية بينهما لذا لم يستغرق الامر كثيرا حتى دخل المقهى خلفها صارخا كعادته بصوته الاجش :- ألن تتعقلى مطلقا !؟.. كدت تودين بنفسك مورد التهلكة .. اما من ذرة واحدة لعقل بداخل هذا الرأس الاحمق يا امرأة!!.
هتفت فى غيظ تتطلع اليه وهى متخصرة قبالته فى تحدى تحاول قدر استطاعتها الا تحيد بنظراتها عن عينيه مدعية القوة و الصلابة :- كف عن ذاك اللقب و الا ..!؟.
هتف ساخرا :- و الا ماذا ..!؟..
نظر من عليائه على طولها الذى لا يتجاوز مستوى معدته على أقصى تقدير فاتسعت ابتسامته و تخصر بدوره متحديا لتهتف هى فى غيظ :- و الا ستلقى منى ما لا تتوقعه مطلقا .. صدقنى انا لا اهدد بكلمات جوفاء ..انا قادرة تماما على التنفيذ ..
قالت كلماتها و توجهت خلف طاولة المطبخ تستأنف عملها ..
هتف متوجها خلفها :- حقا !؟.. و ماذا عن ذاك الشحاذ المدعِ الذى كاد يصيبك و يهرب و انت تقدمين له طبق الطعام بكل محبة كبلهاء ..!؟..
زفرت فى ضيق :- انه حادث عارض ..
هتف يوسف صارخا :- عاااارض !؟.. انه الحادث الثالث خلال ذاك الشهر يا امرأة .
امسكت مقبض السكين الذى تركته من كفها منذ لحظات فى حنق و ضربت نصله بقوة فى لوح التقطيع الخشبي أمامها هاتفة بلهجة تحذيرية :- انطق ذاك اللفظ مرة اخرى و اقسم ان اجعلك غير قادر على النطق مجددا ..
انفجر ضاحكا بدلا من ان يتأثر لحنقها البالغ المتوار خلفه ذاك التهديد المبطن و هو ينظر باستمتاع الى نصل السكين المغروز ذاك ليقترب منها بهدوء هامسا :- اهدأى .. فشرارات الغضب المتطايرة هنا و هناك تكاد تتسبب فى كارثة ..
و ابتعد قليلا ليستدير مستطردا بلقب جديد لإغاظتها :- ايتها القصيرة..
و اندفع راحلا قبل ان تنفذ تهديدها و تستخدم سلاحها بالفعل تتعقبه صرخاتها و بعض من أدوات المطبخ التى ألقتها خلفه...
فصول
رواية إلى تلك
الرائعة أحبك
رواية إلى تلك
الرائعة أحبك للكاتبة رضوى جاويش الفصل الأول
تلألأت الأضواء الملونة على الطوابق الثلاثة لتلك الفيلا الريفية حيث سيعقد قران غفران ابنة سالم الناجى على الوجيه نادر منصور الألفى..
كانت الموسيقى تنبعث فى صخب من خلف جدران الفيلا العتيقة التى تشى بالتميز و الاصالة تؤكد على جو السعادة و الفرحة الذى ينتشر بالداخل..
بدأ الحضور فى الظهور على اعتاب تلك البوابة الحديدية بسياراتهم الفارهة وظهرعلى الدرج مندفعا لإستقبالهم رجل الاعمال المعروف سميح الناجى عم العروس..
اندفع سميح يرحب بالضيوف و المدعوين
و يدلهم على الطريق لداخل الفيلا استعداداً لعقد القران..
سار بين ضيوف الحفل يوزع الابتسامات الدبلوماسية هنا و هناك حتى وصل لمدخل ما اندفع داخله حتى وصل للمطبخ فهتف بإمرأة خمسينية فى نزق: - اين غفران!؟، و لما لستِ معها بغرفتها تساعدينها على الاستعداد!؟.
تنهدت المرأة فى هدوء هامسة: - حاضر يا سميح بيه، سأذهب لإستعجالها..
هتف سميح متعجبلا: - اسرعى اذن فالمدعوين اكتملوا تقريبا و هى لاتزل بحجرتها، أخبرتها ان لا ترهق نفسها فى صنع حلوى الزفاف و كعكاته بنفسها لكنها لا تستمع لأى نصيحة فيما يخص امر الطعام و صنعه، لا اتعجب ابدا لو اندفعت لحجرتها الان لأجدها نائمة ملء جفونها بعد ذاك الإرهاق فى صنع كعكاتها لثلاث ليال كاملة..
هتفت نوال مدافعة عن ربيبتها: - و من يمكنه ان يصنع كعكات زفاف بروعة كعكاتها حتى تترك صنع كعكات زفافها نفسه لأى من كان ليصنعها!؟، انها تجد سعادتها الحقيقة فى ذلك و خاصة بعد وفاة امها التى علمتها كل مهارات صنع الحلوى، انها تذكرها بها..
هتف سميح ممتعضا: - لا تطيلى الكلام و الحكى الفارغ و اذهبى لاستدعائها فقد مل الضيوف و ضاق عريسها ذرعا، و سأذهب انا لإلهاء المدعوين حتى تظهر..
اطلق كلماته الاخيرة سريعا و هو يندفع خارجا من المطبخ و فى أعقابه تتوجه نوال لغرفة العروس حتى تخبرها بضرورة نزولها لعقد القران و الترحيب بضيوف عمها..
انطلقت الزغاريد معلنة بدء مراسم عقد القران بالفعل و انتظر الجميع طلة العروس
من اعلى الدرج بصحبة عمها الذى اندفع يعتليه متعجلا إياها..
دخل الغرفة متحفزا تملاؤه رغبة ملحمة فى توبيخ تلك المدللة عديمة اللياقة، الا ان الغرفة كانت فارغة تماما الا من نوال التى كانت تجلس فى تيه لا تعلم اين ذهبت غفران فى ليلة كهذه!؟، و لما رحلت من الاساس مخلفة حفل زفافها و خطيبها الذى كانت تعتقد انها تحبه!؟.
هتف سميح فى توتر: - اين غفران!؟.
هزت نوال رأسها فى اضطراب: - لا اعلم فيبدو انها، انها..
لم تجرؤ نوال على ذكر الحقيقة الجلية و تركت سميح يستنتجها بمفرده و خاصة بعد مظهر ثوب الزفاف الممزق و الممدد كالمذبوح على فراشها، اندفع سميح كالمجنون باتجاه النافذة الوحيدة فى الغرفة و كذا الشرفة يتطلع منها لعله يجد ما قد يخيب ظنه، لكن ليس هناك من جديد يجعله يغير من ذاك الخاطر الذى اصبح واقعا غير قابل للشك فى تلك اللحظة..
ضرب سُوَر الشرفة بكف مضمومة تحمل غضب الدنيا و كاد يصرخ غيظا الا انه تذكر ضيوفه بالأسفل فقرر التماسك ردءً للفضيحة و محاولا اعمال عقله حتى يجد مخرجا من تلك الكارثة التى أوقعته فيها تلك الحمقاء ابنة اخيه التى اعتقد انه تخلص من عبئها عن كاهله و ألقاه على كاهلى زوجها الذى لا يعلم ما سيكون رد فعله الان بعد ان يواجهه بتلك المصيبة التى تجرأت غفران على إتيانها..
اندفعت بلا هوادة تتخطى ذاك الممر الطينى فى اتجاه المجهول لا تعلم اين يمكنها ان تذهب و لا لأى مخلوق يمكن ان تلجأ، حمدت ربها انها كانت ترتدى ذاك البنطال الواسع و ذاك القميص القطنى و لم تكن قد بدلت ملابسها بعد مغادرتها المطبخ فور انتهائها من تزيين اخر كعكات صنعتها، كانت ستندفع بلا تفكير و روية من بيت ابيها هاربة، الا ان بقية من تعقل جعلتها تعود ادراجها لغرفتها لتحمل مصاغها و بعض من نقود بحقيبة يدها و لم تنس ان تمزق ذيل ثوب زفافها ذاك و الذى كان يتمدد على فراشها فى أريحية اغاظتها فقررت ترك ذكرى سعيدة لعمها الحبيب، فمزقت بعض منه قدر استطاعتها قبل ان تندفع هاربة من ذاك الجحيم الذى يملاؤه الخداع و الكذب..
توقفت لحظات تلتقط انفاسها فى تتابع محموم و تطلعت حولها تستطلع اين هى بالضبط فهى لأكثر من نصف ساعة تركض كالمجنونة بدون هدى..
تنبهت انها وصلت بلا وعى منها للمقابر.
تطلعت حولها من جديد لترى ان ما من شئ يحيط بها الا شواهد لقبور رحل أصحابها مخلفين الأحباب، تذكرت ابيها و امها الراحلين فدمعت عيناها حزنا و شوقا و اتجهت فى ثبات عجيب باتجاه موضع قبريهما الذى كانت تحفظه عن ظهر قلب فهى دوما ما تزورهما تستأنس بوجودهما حتى و لو عظام بالية اسفل احفان من تراب لكن روحيهما دوما تظلل عليها فتشعرها بأمان غريب تفتقده بشدة.
تنهدت عندما وصلت لموضعهما و جلست مهدودة تستند على شواهد قبريهما كأنما تستند على ذراعيهما احياءً..
انفجرت فى بكاء دامً لا تعرف كم طال
و ما عاد لها القدرة على البوح بما يعتمل بصدرها من وجع، لا تعلم لم!؟، فدوما كان جلوسها امام قبرى والديها و بثهما أفراحها و اتراحها يبث فى صدرها الراحة بدوره لكن اليوم شعورها مختلف و إحساسها بالوجع فاق حد الإفصاح..
فألآم الغدر لا يوصف وجعها و خاصة عندما تأتى من اقرب الأقرباء، انها تدمى الروح قبل القلب و تترك بهما ندوبا لا تندمل ابدا..
نزل سميح يتأبط ذراع العروس و قد علت وتيرة الزغاريد الصادحة، بدأ المأذون فى اتمام مراسم عقد القران، و ما ان انتهت حتى سقطت العروس ارضا ليلحق بها عريسها و يستأذن عم العروس من المدعوين أسفا على ما حل بالعروس..
اضطرب الجمع ليستأذنهم فى عجل مندفعا بابنة اخيه العروس المريضة لنقلها لأقرب مشفى، لينفض الزفاف الذى لم يبدأ بعد، و تنطفئ اضواء العرس المبهجة سريعا و يرحل المدعوين فى اسف على حال العروس المسكينة التى انقلب حفل زفافها بهذا الشكل المحزن..
هتف نادر متعجبا: - ماذا حدث!؟.
هتف سميح فى غضب: - لا علم لى!؟، لقد هربت عروسك الحمقاء..
هتف نادر بصدمة مشيرا لتلك الفاقدة الوعى على المقعد الخلفى للسيارة: - اذن من هذه!؟.
هتف سميح غيظا: - انها احدى الخادمات أمرتها بارتداء ثوب الزفاف و تغطية وجهها حتى أستطيع المدارة على هروب تلك المدللة، اقسم انى لقاتلها ما ان تقع عليها عينىّ..
هتف بكلماته الاخيرة و هو يضرب مقود السيارة فى عنف و توقف بها فجأة على احد جانبى الطريق..
هتف نادر متسائلا: - لما توقفت!؟.
هتف سميح محاولا كبت سبابا على أطراف لسانه: - لما تعتقد بظنك!؟، لا عروس مريضة ننقلها للمشفى بل هناك عروس هاربة لابد من إعادتها و الا اعتبر اتفاقنا لاغً..
هتف نادر فى صدمة: - لاغً!؟، هل تمزح!؟، بل انك تهزى، بعد كل ما عانيناه لنصل لتلك اللحظة تقول لاغً..
ثم نظر فى سخرية لسميح هاتفا: - تذكر ان ما من خاسر اكبر منك لو تم إلغاء اتفاقنا..
فعليك ان تفعل المستحيل لتعيدها إلىّ و الا...
ولم يكمل نادر كلماته و لكن تلك الابتسامة الباردة التى ظهرت على شفتيه كانت كفيلة تماما ليتذكر سميح ان عليه اعادة ابنة اخيه الغبية تلك و الا فستكون العواقب وخيمة بحق..
ازدرد ريقه و هو يتطلع للطريق عائدا من مسار اخر ليبدأ رحلة البحث عن تلك الهاربة التى سيكلفه هروبها الكثير و الكثير..
ابتسمت فى سعادة و مسحت كفها من دقيق الكعكة التى تحضرها فى تلك اللحظة عندما تناهى لمسامعها رنين هاتفها و تطلعت لشاشته لتكتشف انه نادر خطيبها و الذى سيصبح خلال ساعات قليلة زوجها..
تناولت الهاتف و ردت و سعادتها تشع مع نبرات صوتها هامسة: - السلام عليكم..
رد بدوره هامسا فى سعادة: - وعليكم السلام يا زوجتى العزيزة..
احمر خداها خجلا و همست: - ليس بعد..
هتف ممتعضا: - بضع ساعات و تصبحين زوجتى غفران، متى تمر تلك الساعات و أكون جوارك دوما..!؟.
ابتسمت منتشية و لم ترد حياءً، ليستطرد هامسا: - هل أنهيتى صنع كعكاتك العزيزة!؟، أتشوق لتذوقها و رؤية كعكة زفافنا، بالتأكيد ستكون رائعة كما صانعتها..
كادت تقفز سعادة فهو دوما ما يدعمها و يرفع من معنوياتها و هو ما تفتقده بشدة بعد وفاة امها التى كانت داعمها الاول و الاخير ومنذ رحيلها افتقدت من تلجأ اليه بخلاف نوال التى كانت اما بديلة لكن نادر كان له وضع اخر، كان ذاك الداعم بنكهة مختلفة، نكهة الأمان الذى تفتقده حتى فى وجود عمها الذى من المفترض ان يكون مصدر أمانها الاول خاصة بعد وفاة والديها لكنه للاسف لم يكن كذلك بل على العكس كان مصدر لتحطيم معنوياتها و ثقتها بنفسها و كان دوما ما يحط من أحلامها و يسفه من رغباتها..
انتفضت موضعها مستيقظة تتطلع خلفها لتدرك انها كانت تحلم بمكالماتها مع خطيبها و التى حدثت فى وقت سابق ذاك اليوم و تناهى لمسامعها صوت يقترب و خطوات حثيثة تندفع هنا و هناك باحثة عن شئ ما او ربما شخص ما، استفاقت كليا الان من غفوتها التى لا تعلم متى سقطت فيها و زار النوم أجفانها المنتفخة سهدا و بكاءً..
تطلعت من خلف شاهد قبر ابيها تستطلع الامر و كأنما تتطلع من خلف كتفيه التى كانت تتسلقهما صغيرة فى سعادة جالسة عليهما بأريحية و أمان مدركة تماما انه لن يفلتها مهما حدث..
تنبهت لصوت عمها امرا بعضا من رجاله بالبحث الدؤوب عنها..
دمعت عيناها رهبة و همست داعية بدعاء النبى عليه الصلاة و السلام ليلة الهجرة: - و جعلنا من بين أيديهم سدا و من خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون..
اخذت تكررها كالمحمومة تستودع نفسها الله طالبة الالتجاء لحصنه فلا ملجأ لها الا سواه، و هو لم يخذلها و هاهو الان يؤكد انه دوما معها عندها ابتعد رجال عمها و قد تخطى نطاق بحثهم موضعها و لم يتبين احدهم مكانها..
تطلعت للسماء فى امتنان و قبلت شاهدى قبر أبويها كأنما تودعهما راحلة لأجل لا يعلم مداه الا الله، و اندفعت للطريق و قد بدأت خيوط الفجر الاولى فى الانتشار بالأفق..
بكت نوال كما لم تبك من قبل، فافتراقها عن غفران مزقها كليا، فهى لم تبتعد عنها منذ وفاة امها الغالية و كانت لها بمثابة ام بديلة حاولت قدر استطاعتها تعويض غفران عن فقدان داعمها و سندها الوحيد بعد موت ابيها و تجبر عمها..
كان اليوم يوم عطلتها الذى تقضيه بعيدا عن المزرعة حيث فيلا سالم الناجى التى عملت بها قرابة الربع قرن و يزيد، فهى تذكر عندما استلمت العمل هناك كانت لاتزل شابة فتية فى مقتبل عمرها كانت تناهز السيدة آمال والدة غفران عمرا، و التى كانت قد انجبت غفران منذ بضعة اشهر فكانت لها اما ثانية منذ مولدها تقريبا و اصبحت بديلة بعد رحيلها..
مسحت نوال دمعاتها المتساقطة على خديها حتى تتتبين خطواتها على درج بيتها المتهالك الذى تعتليه اللحظة للوصول لشقتها المتواضعة الكائنة بالدور الاخير من تلك البناية العتيقة بأحد الأحياء الشعبية..
كادت تصرخ فى صدمة عندما طالعها ذاك الجسد الضئيل الذى تعرفه تمام المعرفة مستندا على بابها فى إعياء..
هتفت فى صدمة: - غفران!.
تعجبت نوال من قدرتها على المجئ لبيتها وحدها و هى التى لم تطأه منذ أعوام عدة..
فتحت الباب على عجل و انحنت المرأة فى حنو تساعد غفران على النهوض للداخل..
ترنحت قليلا قبل ان تستجمع قوتها و تستعيد توازنها و تخطو لداخل شقة نوال و الاخيرة فى عونها حتى اجلستها على احد الأرائك و عادت ادراجها تغلق الباب بأحكام و تحضر بعض من شراب منعش لغفران التى كانت حالتها تشير لإنهاك واضح..
ساعدتها نوال على تناول بعض رشفات من مشروبها استعادت بعده غفران بعض من قوتها لتهمس نوال و هى تضع المشروب جانبا و تجلس رابتة على كتفها تستحثها للإجابة عن أسئلتها فى هوادة: - لما فعلتِ ذلك يا غفران!؟، و ان كان نادر لا يروق لكِ، لما قبلتى خطبته من الاساس!؟، كنت قد بدأت اعتقد انك تحبينه فى الآونة الاخيرة، لكن خاب ظنى بعد ما فعلتى، لما يا ابنتى!؟.
شهقت غفران باكية فى لوعة أدمت قلب نوال فضمتها لصدرها فى حنان جارف
شهقت من جديد دون ان تفوه بكلمة و لم تضغط نوال عليها اكثر فحالة غفران كانت لا تنبئ بالخير ابدا مما جعلها تبتلع فضولها و رغبتها فى معرفة سبب هروبها العجيب ذاك و تفضل الصمت و احتواء غفران و ألمها الظاهر و ووجع قلبها الذى كان ينوء بحمل الكثير..
احتضنتها نوال اليها اكثر، رابتة على ظهرها فى دعم و محبة، و اخيرا همست مؤكدة: - لا عودة لكِ، ستبقين هنا أمنة ببيتى..
همست غفران: - لا، للاسف بيتك غير صالح لبقائى يا دادة، انه معروف لهم و قد يكون اقرب ما يكون ليد عمى فهو يعرف مدى قربى منك و يعلم ايضا ان ليس لى احد سواكِ قد ألجأ اليه..
هتفت نوال فى حيرة: - الى اين اذن!؟، لا أستطيع ترككِ وحيدة، و لن اتركك فى تلك المدينة دون امان او حماية..
همست غفران: - حمايتى رب العالمين، ثم انى قد عزمت امرى و علمت الى اين اتجه..
هتفت نوال متعجبة: - الى اين!؟.
اخرجت غفران قصاصة من جريدة ما كانت لا تفارقها و ناولتها لنوال هاتفة فى حبور مشيرة لموضع ما بتلك القصاصة: - الى هنا، الى حلمى..
تطلعت نوال الى ما كانت تشير اليه غفران لعلها تفهم ما ترم اليه، لكنها لم تدرك ماذا كانت تقصد بالضبط و هى تشير لكلمات ذاك الإعلان العجيب..
تااااابع اسفل