رواية حورية بين يدي شيطان للكاتبة رحمة سيد الفصل العشرون
الدقائق التالية كانت مجرد هامش لتلك الحياه التي ضيقت جدرانها على روح تلك المسكينة...! كانت تحدق به مذهولة مصدومة، تتمنى لو يخبرها احدهم انه مجرد كابوس... ولكن بدا واقع مرير قاسي على القلب عندما هزها علي وهو يسحبها متمتمًا بصوت جاد: -هيا حور ولكن حور نفضت يداه عنها وهي تصرخ فيه بجنون: -اتركني علي، لم أخبره ما اريد قبل ان ارحل.
تنهد علي وهو يتركها مضطرا، لتتقدم هي ببطء تجاه عاصي الذي كان يجاهد للحفاظ على ثباته، هو ادرك تمام الادراك أن حور اصبحت نقطة ضعفه، واصبح هو ضعيف امامها وهذا اخر ما يتمناه... اصبحت امامه تمامًا، كانت عيناها تنطق بالكثير ولكن فاهها لا ينطق بشيء، يلتزم الصمت الذي يقتل كل خلية به...
ودون مقدمات كانت تصفعه بعنف صفعة دوت في الارجاء، صفعة لم تكن مجرد ألم جسدي بل كانت اكبر من ذلك بكثير، كانت نقطة تحول، نقطة انهيار شيء وتصلب شيء اخر... شهقات مختلفة صدرت عن الجميع، لتهدر حور بحرقة دون ان تبالي بأي شخص: -لم اندم على شيء بحياتي بقدر ما شعرت بالندم على موافقتي على الزواج منك عاصي! اغمض عاصي عيناه يحاول اسكات ذلك الجنون الذي تخلقه الشياطين داخله، ليزمجر فجأة بصوت عالي في حور:.
-خذ شقيقتك يا علي قبل ان ارتكب جريمة يندم جميعنا عليها وبالفعل تقدم علي بسرعة يسحب حور، صحيح انه لا يحب عاصي ولكنه يعلم جيدًا أن حور تجاوزت كل الحدود عندما ضربته وفي منتصف منزله! فقال عاصي بجدية آمرة: -ارمي يمين الطلاق يا علي حينها رد علي بكل برود يعرف له معنى: -لن افعل، أسيل ستظل زوجتي مادمت حيًا، وسيأتي يوم وأخذها -اذن المحاكم بيننا وسأطلقها منك رغم ارادتك.
صرخ بها عاصي بحدة وحنق واضحان ولكن قابلهما علي ببرود ف كور عاصي قبضتاه معًا وهو يستطرد بغل تراقص في حدقتاه: -لو تعلم الرغبة العمياء داخلي لقتلك لما قلت ذلك، الشيء الوحيد الذي يمنعني عن قتلك هو طبيعتي الغير سادية بالاضافة إلى أن شقيقتك تحملت عقابك بقدر كافي بينما حور اكملت صراخها المنفعل ب عاصي: -سأخرج وبأرادتي كما جئت لذلك المنزل بأرادتي، ولكن إن دخلته مرة اخرى لن ادخله كأول مرة ابدا!
وفي اللحظة التالية كانت تستدير وهي تخبر أسيل برأس مرفوعة وكبرياء جعل قناع الكسرة يتصدع ببطء: -اخبري الخادمة أن تأتي لي بكل ما يخصني من فضلك أسيل، لأنني لن اخطو للداخل بنفسي زفرت أسيل عدة مرات بضيق ثم اومأت موافقة بهدوء: -حسنا انتظري دقائق ثم توجهت للداخل بالفعل، لتشير حور نحو علي مرددة ببرود: -اجلس يا علي، اجلس حتى تنتهي طمطم (فاطمة) من اعداد حقائبي.
وعلي كان يثق تمام الثقة أن كل ثبات حور وصلابتها تل تخفي في بواطنها انهيار مُعلن في عيناها اللامعة بدموع القهرة...!
وبالفعل بعد فترة انتهت وغادرت مع علي، لم تنطق بحرف واحد بل كانت ملتزمة الصمت وما اصعب الصمت عندما يكتم فوران ربما ينهي ذلك الانفجار الكامل إن تصدع...! وصلا اخيرا لمنزلهم بعد فترة، وبمجرد أن طرقا الباب فتحت ريم التي تصنمت مكانها ما إن رأتهم امامها ثم سرعان ما صرخت وهي ترتمي بأحضان حور: -حور، يا الله كم كنت احتاجك انتِ دائمًا تأتي بالوقت المناسب يا صديقتي الصدوقة.
بينما حور برغم مخالب الألم التي لاتزال تجعل جراحها تنزف الا انها ابتسمت وهي تحتضن ريم باشتياق حقيقي متابعة: -اشتقتُ لكِ كثيرا يا مشاغبة! رددت ريم بتوق حقيقي: -اشتقت لكِ اكثر ياروح المشاغبة حينها تدخل علي متنحنحًا بمرح خفيف يحاول تلطيف الجو به: -يبدو أنني غير مرغوب هنا فضحكت ريم وهي تحتضنه بمودة تلقائية اعتادتها في تعاملها مع علي وشقيقه الاخر المختفي حتى الان...
ولكن لم يستمر الجو المشحون بالحب حين أتى ابراهيم والد حور وهو يغمغم بصوت مصدوم: -حور! وعلي؟! ثم تقرب منهم بسرعة وهو يتشدق مستنكرًا: -من أين لك الجرأة لتعود يا ابن الجبوري؟ رد علي بصوت أجش: -من والدي، انا لم افعل شيءً خاطئًا لقد كان دفاع عن النفس صاح فيه ابراهيم بحدة: -لم هربت اذن ولم تقف كالرجال وتقول هذا؟! اجاب علي بهدوء بارد: -لانني اعلم انني لو قلت الف مرة لن يستمع لي شخصا!
نظر ابراهيم تجاه حور نظرة متفحصة تحمل سؤال واضح يتلهف للحصول على اجابة ما الذي اتى بكِ ؟! فقالت حور مستأنفة بسخرية دفينة: -سأجيب قبل ان تسأل، عاصي طلقني يا ابي ولن اعود له مرة اخرى لم تتوقع ابدا رد فعله الذي زاد من رنين روحها وآلام جراحها التي تنزف، لم تتوقع أن يسحبها من يدها كالطفل الصغير وهو يخبرها بحدة مفرطة: -ستعودين يا حور، كيف لكِ أن تقولي هذا؟ ثم نظر ل علي صارخًا:.
-وانت كيف تفعل ذلك وهي لم تكمل الثلاث اشهر حتى متزوجة؟ تود تطليقها بعد شهران زواج يا علي سحب حور معه للخارج يدفعها نحو السيارة وهي لا تردد سوى كلمة واحدة: -لا تفعل يا ابي، ارجوك اتركني.
بينما علي يود تفليتها من بين يداه ولكنه كان كالذي تناسى كل شيء، تناسى انها ابنته، تناسى أن كرامتها المهدورة من كرامته، تناسى كل شيء لم يتذكر سوى وصمة العار التي ستُلصق به حتمًا ما إن يعلم الجميع أن ابنته لم تكمل الثلاث اشهر متزوجة وأتت له مُطلقة!..
بعد فترة... كان عاصي يجلس امام الشرفة بشرود تام، عيناه تموج بشتى المشاعر، الألم، الهدوء، والاضطراب النفسي الذي يعتمل داخله...! لا يدري ما فعله صحيح ام لا ولكن ما يعرفه حاليًا أنه لا يمكنه الاستسلام لتلك العائلة بتلك السهولة...! دقيقة ووجد أسيل تقترب منه هامسة برقة: -اشتقت للجلوس معك عاصي ارتسمت ابتسامة حانية على ثغره وهو يجيب: -وانا اكثر جذبها من يدها لتجلس امامه وهو يسأله بصوت بدأ يلونه الخبث:.
-والان ستخبريني لماذا لم تؤيدي طلاقك من ذلك الرجل عضت أسيل على شفتاها بحرج وأخفضت رأسها تفرك أصابعها بتوتر، بدأت الحمرة تزحف لوجنتاها ببطء فكانت تلك خير علامات لأجابة رفضت السطوع، فهمس عاصي بابتسامة حانية: -وقعتي في عشق ذلك الثور يا أسيل استغرقت أسيل دقيقة واحدة وكأنها تقنع نفسها المتقلبة بتلك الحقيقة المرفوضة داخلها، لتومئ مؤكدة بصوت مبحوح: -نعم، لقد فعلت وعشقت ذلك الثور يا اخي ماذا عساي افعل!
ثم رفعت رأسها ببطء لتتابع بمكر انثوي توزع حروفها بمهارة لانتشال الاجابة: -كما وقع اخي في عشق روحه التي غابت عنه مع غياب احدهم صمت عاصي ينظر للجهة المقابلة، يا الهي، عندما يقع احدهم بعشق شخص، يصبح القلب رهن اشارة ذلك العشق، يتحكم به، يفرض سيطرته على منقطة القلب الضعيفة فيصبح الانسان على مهب ذلك العشق...! واخيرا خرج صوته اجش وهو يخبرها: -ربما، ولكني لا يجب ان افعل، لا يجب أن اسقط يا اسيل!
صمتت أسيل تعلم صراعه النفسي فصمت هو الآخر، ثم انتبه عندما سألته أسيل بهدوء تام: -عاصي، ماذا كان سيحدث إن كان علي لم يقتل شقيقنا حسين؟! رفع كتفاه وهو يرد بتلقائية: -لا اعلم، ولكن بالتأكيد لكانت تغيرت اشياء كثيرة امسكت اسيل بيداه وهي تربت عليها بحنان مرددة بحكمة تفوق عمرها عمرًا: -تمسك بحبك ياعاصي، حور تعشقك ولا يعشق كلا منا احدهم كل يوم ولا يجده بسهولة.
حينها زفر عاصي بصوت مسموع ثم نظر لها وشعر في تلك اللحظات انه لا يحدثها بل يبرر لحور التي لا تغيب صورتها المنهارة من امام عيناه حتى تلك اللحظة: -انا لم اتخل عنها، لا تنسي أن العدة تسعة اشهر، انا احتاج أن افكر جيدا في تلك الفترة هل سأستطيع نسيان الشرخ الذي بيننا ام لا، لانني لو قررت الان لن يكون قراري في صالحها وصالحي ابدا وسأستجب لعقلي! اغمض عيناه بأرهاق نفسي يفوق كل القدرات وهو يستطرد:.
-ولا اعلم ايضا ماذا سأفعل حيال امر طلاقك او زواجك من ذلك ال علي ولكن ما اعلمه اننا نحتاج لمعجزة تغير كل شيء...!
رواية حورية بين يدي شيطان للكاتبة رحمة سيد الفصل الحادي والعشرون
بعد فترة اخرى... كان ظافر مع اطياف امام المأذون، يقف جامد صامت، لا يعلم هل يسير خطوة صحيحة ام يتم خطوة مدمرة ستقضي على المتبقي من ربيع حياته...! ولكن على اي حال الكارثة اصبحت قيد التنفيذ!.. دلفا معا نحو المأذون وبدأت بالفعل اجراءات الزواج، كان ظافر شارد بتلك الصغيرة التي تثبت له في كل مرة انها صغيرة بالفعل ولن تنظر للامور من زاوية اخرى ابدا... انتبه من شروده على صوت أطياف وهي تصيح بفرح فيه:.
-لقد عدت زوجتك ظافر تلقائيا اشمئز من تلك الحقيقة التي تثير غريزته العنيفة ولكنه تماسك عندما قال بابتسامة باردة: -نعم لقد كنت حاضر، مبارك لكِ تجاهلت بروده الواضح وهي تقنع نفسها أنه طبعه المعتاد، دقائق معدودة وبمجرد ان انتهوا تماما وجدته ينهض وهو يخبرها بخشونة: -هيا لنحضر عمار ولم تستطع سوى ان تومئ مؤكدة بهدوء وتسير معه ليغادرا سويا...
وعندما احضروا عمار من المكان الذي كان يقطن به، توجها نحو منزل ظافر وكان ظافر سعادته لا توصف بقربه من طفله الوحيد عمار مرة اخرى، بالرغم من ان سعادته تلك ينقصها صغيرته الغاضبة عليه...! ظل عمار يلعب حولهم بسعادة لتستغل اطياف ذلك وهي تقترب من ظافر ببطء حتى اصبحت ملتصقة به فمدت يداها تتحسس صدره الصلب هامسة: -اشتقت لك كثيرا يا ظافر رسم ابتسامة غريبة على شفتاه وهو يهمس لها بعبث: -وانا ايضا.
نهضت بلهفة تمسك يداه لتسحبه معها وهي تقول بخبث انثوي لا يعرف للحياء معنى: -هيا عمار منشغل بالألعاب والتلفاز -هيا، ولكن لا تتعجلي كثيرا افضل.
قالها ظافر وقد ألقى ظافر نظرة اخيرة على عمار ثم تنهد اكثر من مرة ليومئ موافقا لها، دلفا للغرفة معا فبدأ ظافر يقترب منها ببطء، مد يداه يحيط خصرها وهو ينساب تحت ظل صوت اخر داخله، ليطبع قبلة بطيئة على شفتاها سرعان ما كانت هي تبادله لتصبح قبلة مجنونة مغموسة برغبة قطعت كل حبالها بالعشق...! تجرأت يداه اكثر واكثر وبدأ يجردها من ملابسها وهو يميل بها نحو الفراش...
وصل ابراهيم الجبوري مع حور وعلي الى منزل عاصي، كانت حور في قمة انهيارها، لا تستطع التصديق انها ستسير على ذلك العهد الذي قطعته في نفس المكان، ستفعل ولكن تلك المرة ستدون دماء روحها خطاها لداخل المنزل...! خرج عاصي على صوت الحارس وهو يناديه: -سيد عاصي، يا سيدي ولكنه توقف متجمدا مكانه وهو يرى حور امامه، ووالدها يلقي بها كقطعة رخيصة نحو عاصي مرددًا بصوت أجش قاسي:.
-تفضل زوجتك يا سيد عاصي، ردها الان وامامنا، انا اعلم ان علي هو مَن اجبرك ولكن انت تعلم انه ليس لدينا بنات تعود مطلقة لبيت والدها بهذه السرعة.! كان الصمت هو الطريق الوحيد الذي اتخذه عاصي، ولكنه كان طريق ملغم بأشواك الحيرة وضربات الجنون داخله، يود لو يخنق والدها الحقير ذاك ويخنق نفسه بعدها لانه تسبب في تلك الكسرة التي تلفح بكيانها كله... تردد كثيرا ولكنه لم يستطع النطق سوى ب:.
-ولكني طلقتها، لو لم اكن اريد لما طلقتها من الاساس ولا يستطع اي شخص اجباري للمرة الثانية يقتل كبرياء الانثى داخلها بخنجر جملته الباردة لا يريدها، ! ولكن كفى للصبر حدود، نظرت له بعيناها الحمراء تزمجر بهيسترية: -ومن قال لك أنني اريدك من الاساس! هو اجبرني على العودة الى ذلك المنزل صفعها حينها والدها بكل القسوة والجبروت الذين تربوا داخله مع مرور الزمن ليصرخ فيها:.
-اخرسي ايتها اللعينة، عندما يتحدث الرجال لا تتحدثين ابدا حينها تدخل عاصي وهو يهدر فيه بعنف وقد برزت عروقه منتفضة لقلب تلوى ألمًا: -ابراااااهيم، اياك ان تفعلها مرة اخرى، هي لا تزال زوجتي وانا لا اسمح لاي شخص بأهانة زوجتي حتى والدها.
وما بين الشد والجذب ذاك انتبهوا لحور التي كانت تنظر له بتشوش ثم في اللحظة التالية كانت تسقط على الارض فاقدة وعيها، فانتفض عاصي يصرخ بأسمها بهلع وهو يهبط نحوها ولكن ازدادت صفعة الصدمة قسوة عندما انتبه للدماء التي بدأت تتدفق من بين قدماها فشعر وكأن نفس المشهد يتكرر ولكن باختلاف الزمن، وربما النتيجة!
شخصا ما يجلس في غرفة صغيرة يضم جسده له بيداه وعيناه مسلطة على اللاشيء، يهتز بعنف صامت غريب! دلف شخصا اخر له وهو يحمل صينية طعام مرددا بصوت يائس حانق: -الى متى ستظل هكذا؟! خرج صوته شارد، هائم وكأنه من عالم آخر: -الى أن يصحو الميت ليخبرني انه قد عفا عني او... هز الاخر رأسه نافيا بسرعة وهو يخبره بحدة وكأنه ينتشل فكرة الموت النفسي وليس الجسدي من رأسه: -لا لا، لن يحدث ما تفكر به ابدا.
رفع له نظره ليجد نظرة قُتل انسان داخلها الف مرة وهو في ذلك السجن المهلك، ليقول: -ولما؟ أليس افضل ان اعترف بذنبي من ان اظل سجين طيلة حياتي هكذا سارع الاخر بالتبرير له: -انت لست سجين، انا فقط اخشى عليك من تهورك وجنونك هذا صدحت ضحكة ساخرة منه، ليلعن الاخر نفسه وهو يتمتم معتذرا: -لم اقصد سامحني اخي اشاح عنه بناظريه ثم هتف بخشونة: -ولو تقصد، انا فعليا مجنون، انا مريض نفسي مصاب بالأنفصام في الشخصية.
لم يتحمل شقيقه فنهض وهو يصيح بانفعال انفجر من كثرة الكتمان: -ماذا افعل لتصمت عن تلك الهراءات! صرخ به الاخر في المقابل: -تتركني اعترف لهم بذنبي ازداد صراخه المذهول الذي شابه التهكم وهو يخبره مستنكرا:.
-تخبرهم ماذا؟! تخبرهم انك الذي قتلت حسين الشهاوي وليس علي الجبوري؟! ستذهب لعاصي الشهاوي لتقول اعتذر انا مريض نفسي وعندما ذهب علي وشقيقته من مقر الحادث كان ابنكم مصاب فقط في جانبه الايمن فأكملت انا وقتلته تماما...!؟
كان عاصي أمام غرفة الطوارئ بالمستشفى، ينتظر والقلق يستوطن كل خلية حية بخلاياه، والندم يشوبه مدمرًا ثباته الشعوري!.. يتمنى لو لم يفعل، يتمنى لو كان تركها معه وعاملها بجفاء كما كان، يتمنى ويتمنى فتصبح الامنيات على قيد خيوط العقل ليس إلا...! انتبه للطبيب الذي خرج يمسح وجهه بأرهاق فسأله عاصي بلهفة لم يستطع اخفاءها: -ماذا حدث لها؟ إنها المرة الثانية التي تُصاب بنزيف فيها!
هز الطبيب رأسه بأسف وهو يخبره: -اعتذر سيد عاصي ولكن للاسف فقدنا الجنين، عوض الله عليكما ثم ربت على كتفه عدة مرات وهو يتخطاه بهدوء، وكم كانت ثقيلة كلماته على ذلك القلب الذي يستجدي تخفيف ضغط ضربات القدر عليه...!؟ نظر بأعين زائغة لوالدته التي طالعته بأشفاق مرددة بهمس: -قدر الله وماشاء فعل...
شعر بنصل حاد ينغرز بصدره كلما زاد ادراك الحقيقة داخل ثنايا عقله، هو فقد طفله، فقد النبتة المزروعة لتُحيي عشق محكوم عليه بالموت، فقد طفله من المرأة التي عشقها دون ارادته، فقد طفله من حوريته!.. سار دون أن ينطق بحرف للغرفة، وهنا نطق ابراهيم بنبرة جافة: -لا افهم ما كل هذه الدراما، كيف يصبح الحال إن كان طفل عمره سنوات وليس اسابيع؟!
وهنا لم يستطع علي أن يتمالك نفسه أكثر، فانقض عليه يصرخ فيه مزمجرًا بجنون ولكن دون أن يمسه: -من ماذا انت مخلوق! أليس لديك لا شعور ولا احساس؟ ألا تشعر ببعض الشفقة على تلك المسكينة؟ لا ادري ماذا فعلنا ليكن شخص مثلك والدنا رفع ابراهيم يده ودون تردد كان يصفعه بعنف غير مبالي بالحشد الذي تجمع على صراخ علي!..
شهقات مختلفة صدرت عن الجميع واولهم أسيل التي لم تتوقع أن يهين أب رجل مثل علي وامام الجميع بهذه الطريقة!.. بينما علي كان يحترق داخليًا، بدا وكأن النيران تتصاعد من بين عيناه التي احتدت فبدا الشيطان ساكنًا فيها وعروقه التي كادت تخترق جسده...! خاصةً مع صراخ ابراهيم المنفعل وكأنه على حق: -اصمت ايها اللعين، كيف تجرؤ ان تصرخ على والدك بهذه الطريقة؟! ولكن العيب ليس منك بل من التي لم تستطع تربيتك كالرجال.
وهنا تدخلت أسيل بسرعة وهي تسحب علي من ذراعه متمتمة بصوت خافت: -علي ارجوك تعالى معي ارجوووك وبالفعل سار معها دون نطق كلمة لتنظر والدة اسيل للجميع وهي تصيح بضيق واضح: -انتهى الفيلم هيا من فضلكم كل شخص يعود كما كان!
سارت أسيل مع علي بصمت حتى دلفا إلى المصعد ليهبطا للدور الارضي، وبمجرد أن اُغلق الباب عليهما اقتربت أسيل من علي حتى وقفت على طرف أصابعها وامسكت وجهه بيداها ثم طبعت قبلة عميقة على وجنته التي صفعه والده عليها... في البداية تجمد علي مكانه وعقله يحاول ترجمة لمساتها التي تلهب مشاعره كالعادة، خاصةً وهمسها الذي كان كترنيمة تثير داخله شتى المشاعر التي تجعله يود الانقضاض عليها تخترق اذنيه:.
-انا أعشقك علي... كلمة واحدة كانت كفيلة ان تُطلق سراح الشياطين التي اختُزنت داخله لتحل محلها عاطفة مهتاجة وعشق موقد يحتاج للهيب الشعور بها لتكتمل البراكين اشتعالاً...! كادت تبتعد ولكن يداه كانت الاسرع لتحيط خصرها ببطء وهو يُقربها منه اكثر ويده قبضت على خصرها بينما الاخرى تزيح الخصلة التي ظهرت من اسفل حجابها الصغير وهو يهمس بصوت أجش: -عيدي ما قلتيه الان أسيل.
كان يتحدث بهدوء وهو يضغط على الزر الذي يُعطل المصعد، لتبتلع اسيل ريقها بتوتر وهي ترى تأثير كلمتها الصغيرة يزداد عن المتوقع... بللت شفتاها بتوتر ثم همست بتلعثم: -لقد قلت، آآ قلت أني، أني أعشقك علي أغمض عيناه وهو يستمتع بطرب الكلمة على مسامعه، أصبح ملتصق بها وأنفه تلتقط رائحتها التي يعشقها فأردفت اسيل بصوت يكاد يسمع: -علي نحن بالمصعد! هز رأسه بلامُبالاه وهو يأمرها بهدوء تام: -عيديها مرة اخرى.
رمته بنظرة شك ولكن زفرت بتوتر وراحت تكرر: -أعشقك علي، اعشقك وبجنون ولا اريد سواك دفن وجهه عند رقبتها يملأ رئتيه بعبقها الذي يسكره وهو يهمس بأنفاس سريعة: -همسك ذاك يجعلني اود فعل اشياء وجودنا بالمصعد يمنعني من فعلها ضربته على كتفه بحرج واضح: -علي امسك يداها الاثنان بيد واحدة وهو يقترب من شفتاها بحركة خاطفة متمتمًا بصوت خشن من فرط عاطفته: -تبًا لعلي واليوم الذي وُلد به.
والتهم باقي حروفها المعترضة ليُسكت اعتراضها بطريقته، شفتاه تتناغم تلقائيًا مع رنين شفتاه بينما هي كالمسحورة لم تستطع سوى ان تستكين بين يداه، مرت دقائق وهو لا يريد ترك شفتاها وشهدها إلى أن دفعته أسيل هامسة من وسط لهاثها: -يكفي علي ستفضحنا اومأ عدة مرات مؤكدًا وهو يمسك يدها ويعتدل في وقفته: -نعم معكِ حق يجب أن نذهب لغرقة الحديقة ونُشهدها على ملحمة عشق من نوع آخر...
قال اخر كلماته وهو يغمزها بطرف عيناه بمكر لتغزو الحمرة وجهها الصغير، فعضت على شفتاها بتلقائية ثم تابعت: -أنت قليل الادب وبلا حياء ايضًا تلاعب بحاجبيه وهو يردد بعبث بينما يقترب منها ببطء وكأنه على وشك تذوق شفتاها مرة اخرى: -اعلم حبيبتي ولكن الشوق يحرقني وانتِ لا تشعرين... وبحركة مفاجئة كانت تضغط على الزر ليعمل المصعد مرة اخرى فابتسمت بانتصار طفولي...
ليبادلها هو الابتسامة ولكنها غامضة تناسب الافكار التي تتأرجح بعقله وقد وجد انسب حل ليمنع عاصي من محاولة طلاقه هو واسيل...
رواية حورية بين يدي شيطان للكاتبة رحمة سيد الفصل الثاني والعشرون
بدأت أطياف تفتح عيناها ببطء وهي تحك رأسها بتلقائية متألمة من الصداع الذي يكاد يفتك بها، بمجرد أن تفرق جفناها اخترق عيناها الضوء فعقدت حاجباها وهي تنهض ببطء، ولكن بمجرد أن نهضت شهقت بعنف وهي تدرك أن الذي بجوارها ليس ظافر بل رجل آخر تراه لأول مره...! ارتجف جسدها بخوف وهي تحاول ان تتذكر الذي حدث فبدأت بعض المقتطفات تأتي بذاكرتها كنوع من اشفاق القدر عليها...
فلاش باك## مال بها ظافر نحو الفراش وهو فوقها يقبلها نعم ولكنه يشعر أنه سيتقيء وهو يقبلها ولكن للضرورة احكام...! نهض عنها بسرعة وهو يغمغم بصوت ماكر خبيث بدا لها عبث متوقع فقط: -انتظري لا اريد أن تنتهي تلك الليلة بهذه السرعة ابتسمت أطياف باتساع وهي تومئ مؤكدة: -وانا ايضًا غمزها ظافر بمكر ثم سار متجهًا نحو المطبخ وهو يردد لها بحزم: -انتظريني هنا سأتي لكِ بمشروب سينال اعجابك.
اومأت موافقة بلهفة وبالفعل بدأ ظافر يسكب بعض من الخمر ولكنه وضع به منوم وابتسامة شيطانية تحتل ثغره، انتهى ثم سار عائدًا لها... اقترب وهو يمد يده لها قائلاً بخشونة: -تفضلي على شرف عودتنا لبعض ومن حسن حظ ظافر أن تلك البلهاء لم تشك به ولو للحظة...! بل شربته كله بحماس والرغبة والانتصار المعتوه يظللا عيناها فلم تعد ترى الواقع...!
اقترب منها ظافر مرة اخرى يعطيها شعور أنه سيقترب منها ولكن ما هي الا دقائق معدودة وبدأت اطياف تغفو في نوم عميق ليخلع عنها ظافر كل ملابسها ويضعها في الفراش ويغطيها بأحكام ثم امسك هاتفه يتصل بأحدهم وهو يهتف بهدوء: -هيا اصعد بسرعة وبالفعل صعد ذلك الرجل الذي أجره ظافر ليحتل مكان ظافر ويغادر ظافر وعمار بسرعة ليكمل مخططه...! باك###.
هبت اطياف منتصبة لتغادر الفراش بسرعة ولكن خاب ظنها عندما فُتح الباب فجأة على مصرعيه وتدلف الشرطة وخلفهم ظافر الذي شهق بصدمة مصطنعة وهو يصيح كأي رجل شرقي: -ايتها الخائنة ال ماذا فعلتي يا حقيرة اتسعت حدقتاها بفزع وهي تقول بسرعة: -ظافر لقد كنا آآ... هز رأسه وهو يقترب من الرجل الاخر وكأنه على وشك قتله: -نعم كنا متفقان أن اتي لأخذك للمنزل الذي كنت انوي الاقامة فيه معك ومع طفلي.
ثم بدأ يضرب الرجل ليمسكه الشرطي بسرعة وهو يردف بجدية: -اهدئ سيد ظافر نحن ادرى بالتعامل معهم ثم اشار لباقي العساكر نحو اطياف التي كانت تلف جسدها بغطاء الفراش: -خذوها وهنا ظلت اطياف تصيح بجنون لم افعل شيء لم افعل... حينها اقترب ظافر من الضابط ليخبره بنبرة رسمية: -لا اريد اي فضائح يا حضرة الضابط انت تعلم هذه قضية زنا.
اومأ مؤكدًا له وسار بسرعة ومعه ذلك الرجل ليُكتم صوت اطياف بالفعل وتغادر الشرطة بهدوء كما اتوا فجلس ظافر يتنهد بعمق وهو يشعر بالثقل خف عن كاحله، فلم يكن هناك حل آخر ليتخلص من تلك الكارثة نهائيًا ويضمن أن حضانة عمار ستكون له...! بعد فترة من الشرود انتبه على صوت الباب يُطرق فنهض بهدوء ليفتح فتفاجئ ب ريم التي كانت غريبة فسألها مستنكرًا: -ريم! ماذا تفعلين هنا ومابكِ؟ حاولت استجماع شجاعتها وهي تخبره:.
-انا اتيت لأخبرك انني رفعت قضية خُلع يا ظافر لأنني أحببتُ شخص وسأتزوجه!..
واخيرًا بدأت حور تستعيد وعيها رويدًا رويدًا لتجد عاصي يجلس جوارها كما هو منذ أن دخل منتظرًا استيقاظها، ولكن تلقائيًا أشاحت بوجهها عنه وهي تنهض ببطء متأوهة ثم قالت: -ماذا تفعل جواري لم ينطق سوى بكلمة واحدة هادئة: -انتظر زوجتي ان تستعيد وعيها حينها صرخت فيه بانفعال حاد: -لم اعد زوجتك لا تنسى انك طلقتني تنهد عاصي تنهيدة عميقة تحمل في طياتها الكثير والكثير، ثم حاول امساك وجهها وهو يرد بحنان:.
-أعدتك لعمصتي حور، أنتِ ستظلين زوجتي لحين موت احدنا! ولكنها نفضت يداه عنها بسرعة لتشهق متذكرة وهي تسأله بنبرة متوجسة: -هل حدث لطفلي شيء؟! اغمض عاصي عيناه عند ذكر تلك السيرة التي تُهلك روحه، لتزمجر حور بجنون: -لا تصمت هكذا اجبني هل حدث لطفلي شيء؟! ثم بدأت تهز رأسها نافية ليمسك عاصي يداها وهو يستطرد بنبرة تفوح ألمًا يعاوده وكأن شقيقه قُتل للتو: -حور أنتِ مؤمنة بقضاء الله وآآ...
ولكنها قاطعته عندما نفضت يداه عنها باشمئزاز وبدأت تصيح بنبرة عالية لو كانت صاحت بها منذ فترة لكان صفعها بلا تردد ولكنه لأول مرة لا يفعل بل يتمنى أن تصرخ وتصرخ لتطرد أشباح الألم من داخلها...! إلى أن هدأ صياحها فبدأت تبكي بصوت منخفض حينها جذبها عاصي لأحضانه رغم ارادتها لتتلوى روحه ألما عندما سمعها تهمس بحروف متقطعة:.
-أردت ذلك الطفل عاصي، اردته ولم ارد سواه واعتقدت أنه الشيء الجيد الوحيد الذي خرجت به من ذلك الزواج ولا انكر احببته لأنه منك أنت... حينها بدأ عاصي يُقبل رقبتها بعمق وهو يضمها له اكثر متمتمًا بصوت خشن يضخ حنانًا وعشقًا دفينًا: -اعدك حور أنني سأملأ تلك الدنيا أطفالاً منكِ أنتِ فقط حتى تصرخين أنكِ اكتفيتي ومع ذلك لن أكتفي وسأجعلك حامل مرة اخرى واخرى واخرى.
بدأت حور تبكي بأحضانه رغم أن وعده ذاك لو كان بوقت اخر لكان جعلها تلحق في السماء... ظلا هكذا حتى ابتعدت عنه حور وهي تدفعه مرددة بصوت مبحوح: -أين اخي، اريد علي هز رأسه نافيًا بحزم وهو يشير نحو الباب المغلق: -انظري اغلقت الباب بالمفتاح، لن يساعدك اي شخص غيري، حتى ملابسك انا مَن سيساعدك لتبدلينها! تأففت حور بضجر: -عاصي ارجوك اغرب عن وجههي.
هز رأسه نافيًا ببرود فلم تستطع سوى ان تخضع له بيأس فلم يعد لديها طاقة ابدا لتلك المناورة... وكلما لامست يداه جسدها وهو يساعدها حاولت اسكات تلك القشعريرة الباردة التي تُصيبها، وفجأة وجدته يحتضنها من الخلف ويدفن وجهه عند رقبتها لتصفعها انفاسه وهو يقول بصوت رجولي خشن: -اقسم لك بالله أنني لم اشعر انني اعشق ذلك الطفل الا الان...!
تنهدت حور ولم تجيب بل قررت تجاهله واسكات تلك المشاعر الصاخبة داخلها، لحين اشعار اخر...!
بعد ساعات... كان نفس الشخص القاتل ينظر على الباب الذي أغلقه شقيقه للتو ثم نهض بسرعة ليدفع الشرفة بذكاء ثم بدأ يتسلق ليهبط منها وبمجرد أن هبط بدأ يركض بسرعة نحو الشارع الرئيسي ومن استقل سيارة اجرة وهو يخبره بعنوان منزل عاصي الشهاوي بلهفة... هو لا يدرك انه في خطا الجحيم بالنسبة لمسار حياته وخطا اخرى ستصك صفحة جديدة في مسار حياة اخرى...!
وصل فهبط من السيارة بسرعة وهو يعطي السائق الاموال التي اخذها من شقيقه بصعوبة ليدلف للبوابة فقابله الحارس يسأله بحذر: -من انت وماذا تريد؟ رد بجدية حادة: -اريد السيد عاصي بامر هام جدًا نظر له الحارس بشك ثم اومأ له وهو يسير للداخل بهدوء: -انتظرني هنا سأبلغه اومأ موافقا ليسير الحارس بسرعة وبالفعل خلال دقائق كان عاصي يتقدم منه بشموخه وحديته المعتادة فبدأ هو يشعر بالتوتر يغزو كيانه كله و...
وقف عاصي أمام ذلك الرجل يطالعه بتفحص، بينما الآخر شعر أن الحروف فرت هاربة من بين شفتاه، والجرأة التي دفعته نحو منزل عاصي أصبحت مجرد رياح ضربته بعنف ثم فرت هاربة أدراج الرياح...! ولكنه حاول فك عقدة لسانه وهو يقول بنبرة يلوح منها التوتر: -أنا آآ، أنا أكون، أكون آآ مُ... ولكن من دون مقدمات كان شقيقه يقتحم المكان ويسحب شقيقه من ذراعه بسرعة وهو يغمغم بصوت حاول سرقة بذور التوتر منه:.
-نعتذر سيد عاصي شقيقي مريض ولا يدري ماذا يفعل! عقد عاصي ما بين حاجبيه بعدم استيعاب ثم اردف بتلقائية مستنكرًا: -مريض! ولكنه لم يبدو لي كذلك ابدًا اومأ الرجل مؤكدًا ثم اخبره باختصار: -نعم لانه مريض بالانفصام في الشخصية، وعندما يعود لشخصيته الطبيعية سيتعجب من مجيئه لهنا ثم سحب شقيقه وهو يتجه للخارج بينما الآخر يردد بحنق واضح وكأنه انتشله من جنة الخلد: -اتركني ماذا فعلت اتركني يا قاسم اتركني.
-تمهل ايها السيد ما بك؟! قالها عاصي مذهولاً ولكن ذاك الرجل تجاهله وهو يغادر بخطى سريعة اشبه بالركض مع شقيقه... واستمر صياح الاخر ولكن ذلك المدعو بقاسم لم يكن يهتم لأيًا مما يردده، كل ما كان يشغل تفكيره أن شقيقه كان علي وشك الانتحار الروحي إن لم يكن الجسدي...! وبالفعل غادروا ليعقد عاصي ما بين حاجبيه، يشعر أن هناك شيء مُريب بالأنر ولكنه لا يستطع الوصول لرأس الخيط...!
وعندما خرجوا من بوابة المنزل نظر عاصي للحارس بسرعة ثم قال بنبرة آمرة: -اذهب خلفهم بسرعة اريد أن اعلم أين يسكنون اونأ موافقا بسرعة: -امرك سيد عاصي وبالفعل ركض خلفهم بسرعة بينما عاصي زفر بعمق وهو يمسح على شعره البني الناعم، كاد أن يدلف ولكن فجأة وجد علي الذي كان يبحث عن فندق متوسط ليقيم به يدلف من البوابة فتجهمت ملامحه وهو يقترب منه متساءلاً بخشونة: -ماذا تريد؟ أجاب علي ببرود:.
-أتيت لأرى شقيقتي و زوجتي إن لم يكن لدى حضرتك مانع؟! كور عاصي قبضتاه معًا، يشعر بالغليان الذي كان فتيله رؤية علي الجبوري امام عيناه، ورغبة عنيفة بالقتل تتولد داخله!.. اقترب منه عاصي ليمسكه من تلابيب قميصه وهو يستطرد بحدة مُخيفة قاسية كمخالب الشيطان: -لا تحاول استفزازي لانني ابحث عن سبب حتى ابرر قتلي لك، قسمًا بالله أني امنع نفسي بصعوبة شديدة عن قتلك.
وفجأة غامت عيناه بأفكاره التي تنضح من عقله فجذب علي من ذراعه بعنف وهو يقول بخشونة: -كن رجلاً وتعالى معي وبالفعل سار علي معه دون أي محاولة للفرار بل كان باردًا صلبًا وهو يسير معه بينما الاخر جمرة من النيران...!
دلف معه علي الى غرفة صغيرة مُغلقة، وما إن دلفا حتى عاجله عاصي بلكمة عنيفة جعلت علي يرتد للخلف بقوة من المفاجأة ليظل عاصي يضربه بحركات عشوائية تعبر عن غله الذي يحتجزه بحاجز من الثبات، فظل يزمجر بجنون وكأنه انفجر: -لن استطع التعامل بشكل طبيعي مع شقيقتك ما دمت لم انتقم منك شخصيًا، لذلك تحمل إن كنت رجل لأستطع انا التحمل وأنسى كل ما جرى.
وبالفعل علي لم ينطق بحرف ولم يحاول الدفاع عن نفسه حتى بل كان يتلقى ضرباته بصدر رحب، وفجأة اشار لعاصي بيداه وهو يلهث بألم: -انتظر انتظر... ضيق عاصي عيناه بتنمر وهو يسأله: -ماذا تريد؟ فسأله علي بنبرة مستفزة مبتسمًا: -هل ستترك أسيل معي إن ضربتني ام هذا فوق الحساب؟! ازداد جنون عاصي الذي ازدادت ضرباته عنفًا وهو يهدر فيه بعنف مستنكر:.
-هل قالوا لك أننا نلعب؟ يا الهي أنت تثير غريزة العنف داخلي بشكل لا يُطاق، كيف تحبك هذه البلهاء! وبالرغم من الألم الذي حط بجسد علي الذي ارتمى ارضًا من كثرة ضربات عاصي، إلا أن ابتسامة صغيرة شقت طريقها لثغره عند ذكر سيرة معشوقته...! لتظل هي نقطة لنوره في بحر الظلمة...
استمر عاصي بضربه في اماكن متفرقة في جسده، وكأنه مع كل ضربة يقتل خلية من خلايا كرهه لحور وعائلتها عدا هذا اللعين الذي مازال يكن له الكره...! كاد علي أن يفقد وعيه فعليًا مع ذلك لم ينطق بحرف ولم يخبره أن يتركه حتى، إلى أن دلفت أسيل متعحبة من تلك الاصوات: -عاصي ماذا ه...
ولكن فجأة صمتت وهي تشهق بعنف عندما اخترقت صورة علي الدامي الساقط ارضًا مخيلتها لتركض تجاهه وهي تصرخ باسمه بفزع حقيقي لا يحتل الا جوانب عاشقة: -علي، علي... حينها همس علي بصوت يكاد يسمع: -أسيل... قال أسمها ثم غاب عن الوعي تمامًا، بدأت أسيل تمسح دماءه بملابسها بلهفة بينما تصرخ بعاصي الذي كان يشاهد بصمت: -ماذا فعلت لقد كدت أن تقتله عاصي؟! مط عاصي شفتاه بلامبالاة:.
-يستحق ولو لم تأتي لكنت تركته بنفس الحالة التي ترك شقيقي بها! تركته أسيل وركضت تجلب بعض العطر والاسعافات الاولية بينما تنهد عاصي ببعض الارتياح وهو يتمتم لنفسه: -الان لأذهب واطمئن على زوجتي... وبالفعل غادر بكل هدوء وكأنه لم يفعل أي شيء...!