في مستشفى خاصة... كان أدم في حالة هيستيرية، ينتظر امام غرفة الفحص دون روح، دون قلب او حتى عقل!.. وكأن مؤشراته الحيوية متوقفة على تلك المخلوقة التي تستنفز طاقته الطفيفة للحفاظ على هدوءه وثباته...! كان يسير يمينًا ويسارًا بتوتر واضح، وكأنه طفله يكاد يفقد أمه!
حينها أقترب منه أدهم يربت على كتفه مرددًا بصوت مطمئن هادئ: -اهدى يا أدم، إن شاء الله خير متقلقش هتبقى كويسة تحركت عينا أدم تلقائيًا نحو غرفة الفحص ليهمس وقد استوطنت عيناه نظرة راجية، مظلمة ولامعة بدموع مُجمدة!.. ليهمس دون أن ينظر لأدهم: -اخرجي يا أسيا، قومي وأنا اوعدك مش هزعلك، ارجوووكِ ما تحرمنيش منك!
مر وقت قصير حتى وجدوا الطبيب يخرج أخيرًا.. فركض أدم نحوه بلهفة يسأله: -هااا هي كويسة ولا ايه؟ رد عليا ايه اللي حصلها!؟ رفع الطبيب حاجبا متعجبًا، وقال: -هو أنت مديني فرصة يا أدم بيه! على العموم الأنسة بخير وقفلنا الجرح وحطينالها شوية محاليل وهي حاليًا واخدة بينج ونايمة، اول ما تفوق تقدروا تدخلولها، حمدلله على سلامتها تمتم أدهم بامتنان: -شكرًا يا دكتور تعبناك معانا.
ابتسم الطبيب باصفرار ثم غادر، بينما ادم كان كمن استرد روحه للتو... ولكن حتى يراها لن يعود مجرى حياته كما كان!..
مر ساعة ونصف تقريبًا ذهب أدهم فيهم يُحضر طعام لأدم وله ولأسيا عندما تستيقظ. ، وليتأكد من تواجد بعض الحرس امام المستشفى كحماية لهم...! بينما أدم لم يستطع الأنتظار اكثر! سيدخل ويراها الان وعلى أي وضع... وبالفعل إتجه نحو الغرفة ليفتح الباب وقد رُسم على ثغره ابتسامة متوهجة تفننت اللهفة فيها...
ولكن تلك اللمعة المتوهجة أصبحت كرة من النار تشتعل وكأنها تُصلي صاحبها عندما لم يجد أسيا على فراشها. ، بل وجد الغرفة فارغة!
أصبح صوته تنفسه عالي، ينظر حوله في تلك الغرفة الكبيرة... صمت. ، صمت موحش يُعيق تفجر اللعنة التي تحط على صدره.. ثم إنفجار متوقع عندما صرخ بصوت هز اركان المستشفى: -أسياااااااا دقيقة ووجد الممرضة التي كانت تشرف عليها وأدهم الذي دلف لتوه يسأله بخوف: -في ايه يا أدم! ولكن الأجابة كانت متمثلة في فراغ فراش أسيا، فلم يستطع النطق! فيما نظر أدم للممرضة يزمجر فيها بجنون:.
-هي فيييين؟ فين مراتي؟! أزاي ماكنتيش معاها! راحت فين انا ما غيبتش الا 4 دقايق بس، هي فيييييييين؟!
والممرضة كانت كالأزهار الرقيقة عندما تواجه أعاصير الجو العنيفة!.. ظلت تهز رأسها بسرعة وهي تردد بصوت مرتعد من هيئة ادم: -والله العظيم ما أعرف، أنا كنت بعمل حاجة عقبال ما هي تصحى! وفجأة رن هاتف ادم فأجاب بسرعة يهتف بصوت أجش: -الووو مين؟! حينها أتاه صوت أسيا الجامد:.
-اسمعني كويس يا أدم يا صفوان، أنا مشيت بمزاجي! أنا ماتخطفتش أنا هربت عشان أعرف اوجعك وأكسرك زي ما أنت كسرتني بقتل أبويا! حبيت اعرفك بس عشان ما تفكرش إنهم خطفوني تاني، لأ انا مشيت بكامل إرادتي وقوايا العقلية...
ثم أغلقت الخط دون سماع رده، لتسود عينا أدم بظلمة مخيفة. ، ظلمة كانت عنوانًا يحوي شناعة فعلة أسيا! ليصرخ وهو يلقي الهاتف حتى تدمر مصطدمًا بالحائط: -اااااااه. ، هاجيبك يا أسيا، مش انا اللي مراتي تهجرني!
عاد جواد إلى منزله بعد ساعات... إتجه إلى الغرفة التي يحبس بها سيليا على الفور... لا ينكر توتره. ، خوفه. ، هواجسه التي تنمو في كل دقيقة محتلة تفكيره! دلف ليجدها كما تركها. ، فاقدة للوعي! حاول إخفاء تلك الانتفاضة التي هزت جسده وهو يُسرع نحوها ليفك قيدها بسرعة... حملها بين ذراعيه يتجه بها نحو المرحاض، وضعها في البانيو بعدما ملأه بالمياه الدافئة لترطيب جروحها...!
عندما تساقطت المياة تُغرقها، بدأت تستعيد وعيها شيءً فشيء... وأول من هاجمها كانت صورته أمامها، لم تتحرك وهي تهمس له بصوت مُتعَب: -حققت اللي أنت عايزه، ونجحت بجدارة، أنا فعلًا مش هقدر أبين جسمي قدام راجل تاني ثم ضحكت بسخرية مكملة: -ولا حتى ست! شاطر. ، شاطر يا جواد بيه ثم إحتدت عيناها بشراسة وهي تتابع همسها الحارق:.
-بس مهما عملت هيفضل قليل قدام النار اللي بتولع ف صدرك وأنت بتتخيل اللي مفروض مراتك سلمت لنفسها لواحد مش جوزها رغم كلامك المتخلف! ضغط بأصبعه على جرحها حتى كاد ينزف كما تنزف روحه الان. ، ثم قال بقسوة: -اخرسي، ماعتقدش بعد اللي هيحصل هتقولي نفس كلامك! تأوهت بصوت مكتوم دون أن ترد عليه، ليحملها بعد فترة متجهًا بها إلى الخارج ليرميها على الفراش بقوة جعلتها تأن بألم، ثم استدار ليغادر وهو يأمرها بصلابة:.
-هتلاقي عندك ف الدرج مرهم حطيه على جروحك، وهما 10 دقايق وأدخل الاقيكِ لبستي عشان هنمشي! تنهدت هي بقوة وبالفعل امتثلت لأوامره...!
بعد فترة كانت معه في سيارته... تسأله كل لحظة نفس السؤال الذي كانت أجابته شريدة وسط ملكوت مجهول! جواد رد عليا احنا رايحين فين ؟! واخيرًا وصل بها إلى المكان المجهول، فتح ابواب السيارة إلكترونيًا وأمرها ببرود كاد يُصيبها بذبحة قلبية: -انزلي يلا مستنية ايه؟ نزلت من السيارة بسرعة وإنطلقت نحوه تمسكه من ذراعه بقوة وهي تسأله متوجسة من القادم:.
-أنت جبتني هنا لية؟! واحنا هنعمل ايه ف العمارة دي هاا رد عليااا؟ زفر بعمق وهو يبعد يدها عنه. ، دقيقة ووجدت رجلاً ما يقترب منهم بهدوء تام وجواد يحيه ببسمة مصطنعة...! تراجعت للخلف ببطء مذعورة. ، تشعر أن كل شيء مُظلم. ، مخيف! تشعر أن ذلك الهواء الذي تستنشقه أصبح ثقيلًا على رئتيها...!
زاغت عيناها تبحث عن عينا جواد، عندما كان يخبرها دون أن ينظر لها: -أنتِ هاتشتغلي مع نادر، وأظن مش غريب عليكِ إنك تقضي وقت حلو وتكسبي فلوس، وهتعيشي هنا برضه عشان ما نشحطتكيش في المواصلات، اما اختك تقدري تجبيلها شقة في نفس العمارة بفلوسك مد يداه في جيبه وأخرج شيك ليعطيه لها وهو يتشدق بخشونة: -الفلوس اللي كنا متفقين عليها اهي..
ثم صمت برهه يأخذ نفسًا طويلاً قبل أن يرفع عيناه يلتقي بعيناها الجامدة بنظرة لا حياة فيها. ، ثم نطقها بهدوء تام: -أنتِ طالق يا سيليا! ارجعي لوساختك، بس المرة دي الخروج منها مش بمزاجك! أستقل سيارته وهو يشير لها بإصبعه: -مع السلامة يا زيتونة! كانت تهز رأسها نافية وهي تراه يبتعد عنهم ببطء ليستقل سيارته. ، فخرج صوتها اخيرًا تصرخ بجزع: -لا لا لا، مش من حقك، مش من حقك تحكم عليا إني اعيش مومس طول حياتي لا...
تعالت صرخاتها المقهورة عندما سحبها ذلك المعتوه من ذراعها نحو الداخل بعنف، واسفًا. ، لم تستطع المقاومة اكثر فسقطت مغشية عليها بين ذراعي ذلك الرجل!
كانت شروق تقف في - البلكونة - تنشر بعض الملابس بصمت تام... دخل أدهم ليشهق لاعنًا من خلفها: -أنتِ متخلفه؟! أيه اللي أنتِ لابساه وطالعة بيه البلكونة ده؟ تركت الملابس من يدها ببرود، ثم نظرت له وهي ترسم تعابير الصدمة المصطنعة على صفحة وجهها الابيض: -ايه! هو انت شايفني طالعة بقميص نوم؟! مهو بنطلون وتيشرت زي باقي البشر! أمسكها من ذراعيها يضغط عليهم بقوة وهت يزمجر فيها بعصبية بدأت تتفجر داخله:.
-قولتلك مليون مرة ما تخرجيش البلكونة بزفت نص كم ثم بدأ يسحبها للداخل مرة اخرى، ولكنها نفضت يده عنها بقوة وهي تغمغم: -اوعى كدة أنت ملكش حكم عليا، روح اتحكم ف حبيبة القلب اللي كانت ف حضنك! مسح على شعره يتنهد بقوة وقال: -انا مش هينفع أسيب منار خلاص، اتربطت بيا للأبد! أشاحت للناحية الاخرى تكمل ما كانت تفعله مردفة ببرود: -وأنا مالي! برضه روح اتحكم فيها هي يلا طريقك اخضر...
جذبها له مرة اخرى حتى إلتصقت بصدره الذي شعرت بضخاته العنيفة تزلزلها هي! ليهتف بنبرة حملت لونًا واضحًا من التملك والصلابة: -أنتِ مراتي! تأففت وهي تحاول الابتعاد عنه قائلة بملل: -ايه هي لبانة! كل شوية مراتك مراتك مراتك، لا انا مش مراتك ومش هكون... ثبتها امامه مباشرةً وعيناه تغرق بين بحر عيناها البنية. ، ليهمس محذرًا: -ماتخلنيش أخدك من ايدك كدة على اوضتي عدل وأوريكِ إنك مراتي يا بندقتي!
تلوت بين يداه وقد اصطبغت وجنتاها بالأحمر القاتم وهي تغمغم: -اصلك قليل الادب وسافل. ، ابعد بقا وفجأة سمعوا صوت عالي يبدو انه شجار في مدخل المنزل... فركض أدهم مسرعًا نحو الاسفل وشروق تتبعه بعد أن ارتدت خمار ... ليجدوا بعض الاشخاص يقفون امام منار التي ما إن رأت ادهم حتى ركضت له ترتمي بين أحضانه وكأنها تحتمي به، ثم همست له بصوت مرتعد خالطه البكاء المزيف: -إلحقني يا أدهم، هما دول، دول اللي اغتصبوني!
وفي اللحظة التالية حاول أحد الرجال أن يسحبها من بين أحضان ادهم، ليبعدها ادهم خلفه ثم بدأ يضرب ذلك الرجل بعنف... بدأت حرب دامية والصراع يزداد بينهم، وأدهم يستخدم كل قوته الجسدية حتى لا ينهار أمامهم الثلاثة...! وفجأة اقترب احدهم من شروق ليبتعد بها نوعًا ما ثم بدأ يضمها له بشهوة وهو يُقبل كل جزء يظهر منها. ، ظلت تصرخ وتصرخ، تنادي باسمه بفزع بينما الاخر يحاول تمزيق ملابسها... ولكن لا حياة لمن تنادي!..
دلفت جمانة لغرفة أدم... رغم مغادرة تلك المعلونة الا أن تعويذتها لازالت تسيطر على أدم!.. أدم الذي فقد طعم الحياة. ، فقد راحته وسكينته! سُرق كل شيء من بين يداه كالسراب، تمامًا كالسراب الذي يحلق أمامك ولكن عندما تحاول لمسه. ، يحترق كلاكما!
كان يدخن بشراهة مرة بعد مرة بلا توقف، إلى أن احتضنته جمانة من الخلف تستند على ظهره العريض وهي تهمس: -ادم. ، وحشتني! أبعد يداها عنه وهو يرد دون تعبير واضح ؛ -انا سايبلك فلوس كتير ف الفيزا كارت بتاعتك، فمش هتحتاجي مني فلوس، أمشي بقا من قدامي! وقفت أمامه تضع يداها في خصرها وهي تستطرد مستنكرة: -نعم! هو أنا مش بجيلك الا لو عايزة فلوس ولا ايه؟ ده انا بقالي ايام مش عارفة اتلم عليك!
زفر بعمق، وردد دون أن ينظر لها بما جعل التوتر يحتل جزءًا يُحسب من نظراتها: -إنتِ اتجوزتيني عشان الفلوس، وحاولتي تسرقيني وتهربي بالفلوس، ومستحملة الأهانة دي برضه عشان الفلوس، وانا مستحملك عشان ابوكِ اللي رباني وبعتبره ابويا. ، عشان انا لو طلقتك يا جمانة ثم نظر في عيناها يكمل بنبرة مُخيفة: -هتتدمر حياتك كلها! ثم عاد لموضعه وتابع:.
-فخلينا كل واحد فاهم التاني وساكت، وقولتلك من ساعة ما حاولتي تهربي بفلوسي وانا مش بعتبرك مراتي ومش هعتبرك. ، فمتحاوليش على الفاضي! كانت جمانة مسلوبة الرد امام جبروت كلماته... فبدأت تتراجع ببطء لتغادر بملامح شاحبة...! صدر صوت من هاتف أدم يعلن وصول رسالة، فأمسك به بملل ليفتح الرسالة، ولكن ما إن فتحها حتى تجمدت عيناه على تلك الصور...
فقد كانت صور لأسيا بملابس قصيرة للغاية وهي شبه قاطنة في أحضان ذلك المعتوه ابن خالها !
أطلقت سهمها بمهارة في الهدف فأصابه حتى لم يعد هناك فرصة للفرار!.. برزت عروق أدم بشدة وأحمرت عيناه وكأنها من الجحيم وهو يقرأ كلمتها الباردة في اخر الرسالة ايه رأيك فيا؟! ... وقد عرفت البريئة كيف تحرق الشيطان!..
بعد يومان... كانت أسيا تُقيم في منزل ابن خالتها تتنهد كل ثانية تقريبًا وهي تتذكر كل شيء يمر على ذاكرتها كالشريط الذي يُصيب عقلها بارتجافة ملتهبة!.. جلست امام الشرفة يلفحها هواء رطب فيصفع وجنتاها الناعمة ليسرقها لعالم الذكريات...
فلاش باك### عندما أخرجوا والدها، كادت تركض هي الاخرى وهي تصرخ بانهيار: -بااباااااا! ولكن احد رجالهم امسك بها يُقيدها، فكانت لمسته كالجمرات التي تحرق جلدها!.. خاصةً وذاك اللعين ابن خالتها مدحت يقترب منها مغمغمًا بصوت جاد: -اسمعيني كويس يا أسيا، أدم صفوان هيأذي ابوكِ انا متأكد، واحد زي أدم مهوس بيكِ أستحالة يسيبك بسهولة اول ما ابوكِ يرجع، وخصوصًا أن ابوكِ قرب يخرج من ازمته! صرخت أسيا تسأله بتوجس:.
-طب انت عملت فيه ايه؟ هز رأسه نافيًا. ، وكانت البراءة مسروقة وهو يرسمها على ملامحه الشيطانية وهو يردف: -انا ماعملتش، بالعكس انا اول ما وصلني خبر انهم جابوكِ انتِ عشان يوصلوا لابوكِ جيت عشان اقنع الباشا الكبير يسيبكم ويسامح ابوكِ، عشان كدة اول ما ابوكِ وصل سابوه، اوعي تكوني مفكرة انهم سابوه لله وللوطن؟! هزت رأسها نافية وتماوجت الافكار هنا وهناك بين ثنايا عقلها...
ولأن حروفه كانت كجلد الثعبان ناعمة وخبيثة، اخترقت عقلها متربصة بسهولة، فرفعت أسيا رأسها تهمس برجاء: -طب انا عايزة اخرج، ارجوك يا مدحت اومأ مدحت مؤكدًا وهو يمد يده بجهاز صغير له مكملاً ؛ -طبعًا هسيبك، خدي ده لو أدم عمل حاجة لابوكِ ورجعك معاه بالعافيه البيت، اضغطي على الجهاز ده واحنا هنجيلك فورًا وهجيبك عندي.
اومأت مسرعة وهي تنتشل ذلك الجهاز من يده ثم ركضت نحو الخارج لترى مشهد قتل والدها على يد زوجها. ، والذي كان بمثابة سم يكاد يُذيب عظامها! باك###.
إنتفضت فزعة تقف وهي تحدق بمدحت الذي وضع يداه حول خصرها يحيطها من الخلف برفق، فظلت تعود للخلف وهي تشير له بإصبعها محذرة: -إياك تقرب مني بالطريقة القذرة دي تاني يا مدحت! رفع حاجبه الأيسر يتهكم والخبث يتقافز بين عيناه: -لية مهو كان حلو القرب ده من شوية؟! جزت على أسنانه بعنف، وقد خُلق الندم بين جوارحها من صدى حروفه، فهزت رأسها نافية وقالت:.
-عمره ما كان حلو، أنا قربت منك بالطريقة دي عشان الراجل بتاعك يصورنا وابعت الصور ل أدم، مش عشان انا بحب اكون ف حضنك! حاول أن يقترب منها مرة اخرى ببطء وهو يردد بصوت أجش: -تنكري إنك لسة بتحبيني وإنك ماكنتيش عايزة تفسخي الخطوبه بس ابوكِ اقنعك بكلامه السم!؟ صرخت مستنكرة:.
-بحبك! أنا اصلًا اتخطبت لك كراجل مناسب مش كحبيب اطلاقًا، وده مايمنعش انك برضه لسة شخصية مش مناسبة وشرانية، ولولا إن مفيش حد تاني ألجأ له مكنتش جيتلك ابدًا! عض على شفتاه يحاول تمالك غضبه بصعوبة وهو يتشدق ب: -ماشي يا اسيا، وانا موافق إني اكون مجرد واحد بتلجأي له حاليًا! ثم استدار وكاد يسير ولكنه أسيا اوقفته عندما نطقت بصوت لا حياة فيه: -اما اخلص بس من ادم..!
حينها إتسعت ابتسامته وهو يشعر بقرب النهاية. ، قرب إعلان انتصاره! ولكنه لم يكن يعلم أنه قرب نهايته ليس إلا!..
أما عند أدم في منزله. ، كان ينتظر أي خبر من الرجل الذي وكله بإيجاد طفلته الهاربة..! أي خبر عله يهدئ تلك النيران التي تطفو شيئً فشيء على حياته..! ألقى بأخر سيكارة أرضًا عندما سمع الطرقات على الباب، فتحت الخادمة الباب فوجدت الشرطة امامها... حينها نادت بفزع: -يا أدم بيه البوليس! تقدم أدم منهم بهدوء تام يسأل الضابط: -خير حضرتك عايز مين؟ أجابه الضابط باتزان:.
-أنت، مطلوب القبض عليك يا استاذ أدم بتهمة قتل رفعت الشرقاوي لم يرمش أدم حتى وهو يسأله بجمود: -مين اللي بلغ؟ تنهد الضابط بقوة قبل أن يُفجر القنبلة المتوقعة: -بنته. ، أسيا رفعت الشرقاوي!
في اللحظة المناسبة وجدت شروق من يسحب ذلك الجلف عنها، لتنتصب واقفة وهي تلتقط أنفاسها المتقطعة..! تحدق ب كريم أبن عمها وهو يضرب ذلك الرجل بعنف، والذي أنقذها في الوقت المناسب.. للحظة تخيلت ما كاد يفعله بها ذلك الحقير، فشعرت بأعصابها ترتخي والذعر يتآكلها!.. أحاط كريم كتفها بذراعه برفق هامسًا: -أنتِ كويسة؟ اومأت مؤكدة وراحت تشكره بإمتنان: -انا متشكرة اووي يا كريم، مش عارفة لولاك كنت هعمل إيه!
هنا وعند تلك السيرة تدخل أدهم الذي أقترب منهم للتو، قائلًا بصوت امتزجت بأدراجه بعض الحدة: -كنتي هتلعبي باليه! في ايه مالك ما تظبطي كدة بدل ما أظبطك رمقته شروق بنظرات حادة قبل أن تتجاهله وهي تستطرد موجهة حديثها لكريم: -تعالى اشرب شاي يا كريم وريح شوية ابتسم الاخر برقة وهو يومئ لها، وبالفعل صعدا سويًا ليحدق أدهم في اثرهما بصدمة وكأن احدهم صفعه للتو!..
ركض مسرعًا خلفهم يتوجه لأعلى، ليدلف الى المنزل خلفهم وبالفعل وجد شروق في المطبخ تعد الشاي والاخر ينتظرها في الصالون...! سار متجهًا نحو كريم بعصبية يسأله: -ممكن اعرف ايه سر الزيارة السعيدة دي؟! ضيق كريم عيناه، وقال بصوت جاد: -عايز أشوف قسيمة الجواز، وكمان أنتوا مفروض هتيجوا معايا البلد، وجدي ابو ابويا عايز شروق!
أخرج أدهم قسيمة الزواج التي دُونت بتاريخ مبكر، ليضعها امام عينا كريم التي إنطفأت بها لمعة لا يدري أدهم مصدر وميضها!.. هز أدنم رأسه ثم أردف ببساطة لاذعة: -طب يلا طريقك اخضر قوم شوف هتعمل ايه عقبال ما نجهز نفسنا كز كريم على أسنانه بقوة حتى أصدرت صوتًا. ، ثم إتجه للخارج دون كلمة اخرى! بعد دقيقتان تقريبًا كانت شروق تخرج من المطبخ، وبمجرد أن اكتشفت رحيله شهقت مرددة بحنق: -طفشت الواد؟ هي دي شكرًا بتاعتك!؟
بدأ أدهم يقترب منها رويدًا رويدًا. ، عيناه مثبتة عليها تحدق بها بقوة وكأنه يود صفعها!.. عادت للخلف بضع خطوات وهي تهمس وكأنها تهدئ طفلًا صغيرًا: -اهدى كدة، سيكاااا هااااا اهدى وقول أنا هديت، ده. ، ده آآ. ، ده كلما أخترقت صورة ذاك المعتوه وهو يحتضنها ذاكرته. ، كان يشعر وكأن خلاياه جوفًا ابتلع براكين منصهرة!.. فصرخ فيها بعصبية مفرطة: -ده ايه؟ الشريط سَف ولا ايه!
سقطت شروق فجأة دون أن تشعر على الاريكة لتتشدق بسرعة ببلاهه: -ده حضن أخوي! رفع حاجبه الأيسر يتابع مستنكرًا: -أخوي! طب ده في حاجات كتير اوي نفسي أخدها، وكلها أخوية مش عايزك تقلقي خالص تراجعت للخلف بسرعة تردد متسعة الحدقتان: -لا لا لا اللي أنت عايزه لا يمت للأخويه بصلة! أمسكها من ذراعاها يهزها بعنف وهو يزمجر بجنون: -عارفة لو شوفتك واقفة معاه لوحدك حتى تاني، هيبقى يومك أسود!
لم تجد ما تقوله فكانت مغمضة العينين تحاول التماسك امام انفجاره...! فكان يقترب منها ببطء حتى أصبح فوقها دون أن يمسها.. أنفاسه تصفع بشرتها الحليبية لتجعل وتيرة أنفاسها مبعثرة. ، مشتتة! وكأنها ألقى تعويذته على براعم قلبها الضعيفة فأرهقها بترانيمه...! أصبح على بُعد سنتيمتر واحد، فلامس جانب ثغرها بشفتاه ببطء!.. فسمع همسها المتقطع: -أ. ، أدهم.. همس بصوت أجش دون وعي: -يا عيونه...
تقابلت نظراتهم في طريق طويل. ، قاسي ولكنه ملغم بجوارح مكبوتة، فتلونت أشواكه بوردية عشقهم!.. لحظة صمت واحدة قبل أن ينقض على شفتاها في قبلة عاصفة، قبلة حملت راية الأستسلام فكانت مشاعر كلاً منهما هي القوادة في تلك اللحظات!.. لم تدفعه شروق بعيدًا عنها ككل مرة وإنما أحاطت رقبته دون شعور منها، ليزداد شغف قبلته التي اصبحت قبلات عديدة يوزعها على وجهها كله، حتى هبط ببطء لرقبتها يكمل رسم علامات عشقه عليها!
تجرأت يداه أكثر فبدأ يعبث بأطراف ملابسها... وهي كانت كالمغيبة تحت تأثير تلك اللحظة!.. فلم تعد تملك رد فعل سوى القبول الأعمى.. ابتعد لحظة يخلع التيشرت الخاص به بسرعة، ليقترب مرة اخرى ولكنه توقف امام وجهها مباشرةً ينظر لعيناها المغمضة وجسدها الذي يرتجف اسفله، ليسألها بصوت خشن من فرط رغبته بها: -شروق أنتِ عارفة احنا بنعمل ايه؟! اومأت دون ان تنطق بحرف. ، فالحروف فقدت روحها في تلك الاجواء الحارة!
فاقترب منها بلهفة ينهل من عسلها بشوق. ، لتشهد تلك الليلة على تقارب روحان قبل جسدان!..
كانت سيليا تجلس في غرفة بمفردها تضم قدماها لصدرها وتبكي بصوت مكتوم..! منذ أن جلبها ذلك اللعين نادر إلى المنزل لم تخرج ابدًا من الغرفة ولم يدخل لها اي شخص... كانت تود تنظيم تلك الزوبعة التي تُعيق تقدم حياتها...! قلبها منقبض بشكل رهيب، متقوص يتلوى بين تلك الضبابية معلنًا استكانته!..
رفعت رأسها بسرعة بمجرد أن سمعت صوت الباب يُفتح، لتجد احدى الفتيات تدلف ببطء تتفحص سيليا بنظرات جعلتها تشمئز من نفسها حتى!.. تنفست سيليا بصوت عالي، قبل أن تسألها: -إنتِ مين وعايزة ايه؟ رفعت الفتاة حاجبها الأيسر وقد تبخر الحقد ليملأ حروفها وهي تردف: -وأنتِ مابتشتغليش لية ياختي؟ يلا قومي المكان ده مش للقعده البريئة دي خالص!
نهضت سيليا وهي تصرخ، تثور ويخرج ما يجيش بصدرها من نيران. ، نيران مصيرها لا نهائي! ظلت تسب تلك الفتاة والاخرى تراقبها ببرود. ، حتى أتت فتاة اخرى لتخبر الاولى بسرعة: -لا لا سيبي دي، نادر قال مش هتشتغل جزت على اسنانها ولم يتوارى الحقد بين كلماتها وهي تتشدق بحنق:.
-نادر ده يسكت خالص، مش كفاية بيجبهم وانا مابقولوش حتى انت بتجيب مين! انا كمان مسؤلة عن المخروبه دي معاه، وانا قررت ان البت دي هتشتغل النهاردة..! جادلتها الاخرى بتوجس: -بلاش ده موصيني اوووي عليها يا ابله صباح راقبتهم سيليا بنظرات لا تلائم سوى خلفية مجروحة لنصف فتاة جامدة!.. راقبت ذلك النقاش الذي يدور بين الاثنتان، والذي انتهى بقول الاولى مزمجرة:.
-هتروحي بمزاجك ولا اجبلك واحد من هواة العنف، شوفي انا سيبالك حرية الاختيار اهوه! حينها شعرت سيليا أنها مخدرة، أنها بكابوس ما. ، أنها تتألم، تتوجع كما كانت لا تظن يومًا! أرض جوارحها البور أنبتت ما دفنته هي بالامبالاة التي تتلبسها!.. أطلقت المدعوة ب صباح ضحكة خليعة وهي تستطرد آمرة للاخرى: -هاتيلها واحد من ٱياهم يابت، شكلها هي كمان بتموووت ف العنف!
ثم استدارت لتغادر ببرود بينما الاخرى تهز رأسها بأسف ثم أنطلقت تنفذ ما اُمرت... حينها فقط صرخت سيليا بصوت عالي مُرهق حتى ظنت أن حبالها الصوتية ذابت: -اااااااااااااه، جوااااااااد!..
بعد ثلاثة أيام... ثلاثة أيام ولم يمر الرابع حتى خرج أدم من قسم الشرطة واخيرًا... خروجه كان كالمعجزة التي كان يطلق كافة تعاويذه لتحقيقها!.. الدلائل تُثبت أنه قتل رفعت الشرقاوي وهو لم ينكر ذلك...! ولكنه لم يُسمى بالشيطان من فراغ. ، فقد نال ذلك اللقب بعد جولات عدة أثبتت أن الشيطان يتربع بالفعل داخله!. في كل ليلة كانت تمر عليه بين الاربع جدران كان يتوعد أسيا، يتوعدها الأنتقام، النيل، والعذاب..!
بمجرد أن وصل قصره حتى امسك هاتفه يتصل بالذي وكله بمهمة إيجاد أسيا... ليجيبه الاخر بعد دقيقة مغمغمًا: -ادم باشا، حمدلله على سلامتك يا باشا -لقيتها؟ -ايوة يا كبير، لقيتها وهقلبهاله دمار وهجيب الهانم مش عايزك تقلق خالص -ساعة وتكون قدامي، بس قبلها عايزه عندي -مش خطر نجيبه القصر يا كبير؟ -هي كلمة واحدة تنفذها وانت ساكت صرخ بأخر جملة قبل أن يُلقي الهاتف وهو يتنفس بصوت مسموع...
لو كان شخص آخر غير أسيا من فعلها لكان الان في عداد الموتى...! ولكن أسيا. ، سينتقم منها وهي بين احضانه! سيؤلمها ثم يداوي ألمها بنفسه.. داخله رغبات عنيفة متشابكة، مختلطة حتى لم يعد يدري تحديدًا. ، ما الذي سيفعله بها؟!
مرت الساعة بالفعل... ليدلف ذراعه الأيمن محمود وخلفه عدة رجال يحملون أسيا المغشي عليها في صندوق واسع..! لن يتجرأ ايًا منهم بحملها بالطبع... أشار لهم أدم بأصبعه ليغادروا جميعهم ماعدا محمود الذي أمره أدم بجمود: -هاته وبالفعل ذهب محمود ليمسك أدم بالعطر يقطر منه بضع قطرات عند أنف اسيا التي بدأت تتحرك ببطء بدايةً لأستعادة وعيها...!
حينها قربها أدم منه، قربها حتى أصبح وجهه امام وجهها مباشرةً، يحدق بعيناه الزرقاء التي كان يغرق بها! ولكنه الان. ، سيُغرقها هي بين ظلمة عيناه! ظلت تهز رأسها نافية وهي تعود للخلف بخوف هامسة: -آآ. ، أدم! جذبها من شعرها فجأة بعنف مزمجرًا بما يشبه زئير الاسد: -ايوة أدم، ادم اللي هربتي منه وفكرتي انه مش هيجيبك! بس قبل ما انتقم لازم اوريكِ حاجة! ثم نادى بصوت عالي: المنصو محمود.
دخل محمود وهو يُحرك رفعت والد أسيا على نقالة -ترولي- الذي كان فاقد وعيه تحت تأثير المخدر والعلاج!.. لتشهق اسيا بصمت وهي تحدق بوالدها. ، ثم اصبحت تهمس بصوت مبحوح: -بابا! بابا حبيبي... حينها صرخت عندما جذبها أدم من خصلاتها بعنف وهو يغمغم بصوت تفرقت بين حروفه:.
-في الوقت اللي انا كنت بحاول أنقذ حياة ابوكِ فيه وأخبيه منهم عشان مايتقتلش، انتِ كنتي بتخططي ازاي تقضي عليا! معادلة مش متوازنه نهائي، معادلة إنتِ ماحسبتيش نتيجتها اللي هتكون قسوة الشيطان يا أسيا ثم امسك وجهها بعنف امام وجهه يكمل بهسيس خطير: -لو كنتي مفكرة إن الايام اللي فاتت انتِ جربتي قسوة ادم صفوان فيها تبقي هبلة، انا هخليكِ تتمني الموت يا أسيا.
ثم رفع حاجبه الأيسر وهو يتفحص جسدها بمكر جعلها تكاد ترتعش بقلق وأكمل: -ومتهيألي مفيش حاجة توجع واحدة زيك بتحافظ على نفسها للي بتحبه قد إني اخد اللي انا مانع نفسي عنه بمزاجي. ، هاخد حقي يا أسيا!
قال اخر كلمة وهو يعبث بأزرار قميصه ببرود، برود أصاب أطرافها بما يشبه الشلل المميت!..
الذعر إلتهم جوارحها حينما ظنت أنها ستصبح فريسته الليلة!. فريسته التي فرت من بين براثنه هاربة دون أن تمسها شباكه بسجن مُظلم كثناياه...! خلع قميصه وظهرت عضلات صدره السمراء، حينها حاولت بكل جهدها اخراج حروفها التي حُذفت من قاموسها بفضل رعبها، لتغمغم بسرعة: -أدم إياك. ، أدم لو عملتها هكرهك اوووي، لا أبعد ماتقربش! ولكنه كان يقترب، كان يقترب وكأن حروفها مجرد وميض يلفه الذعر ممزوج بالرجاء يخترق عقله!.
رفع كتفاه بلامبالاة وهو يقول دون ان ينظر لعيناها: -ما إنتِ اصلاً بتكرهيني، ولا نسيتي؟ كان يقترب منها ببطء وهي ترتجف، ترتجف حرفيًا واقترابه يبعث بها رعشة قوية تكاد تُسقطها... اصبح امامها تمامًا فظلت هي تتراجع بذعر صارخة: -لالا ابعد ارجوووووك.
لم يبتعد بل على العكس ظل يقترب حتى حشرها بجسده عند الحائط، يستشعر سخونة جسدها الناعم أسفله كما حلم به يومًا. ، همس عند أذنيها بصوت خشن لفحت به رغبة حارقة كادت تطيح صوابه: -اهدي يا طفلتي، الموضوع مش وحش للدرجة! دموعها الغزيرة سبقت حروفها التي جاهدت لأخراجها من شفتاها التي ترتعش: -أدم سبني أرجوك ابعد، انا مش عايزة أكرهك إلتصق أكثر بها، لا تدري أنها تزيد إشتعال بركان إنتقامه...!
صوته العميق الذي بدا لها مغموسًا بخمر أثمل روحه جعل جسدها ينتفض بعنف وكيانها يرتجف تأثرًا: -آآه يا طفلتي الشرسه، لو تعرفي كام مرة كنت مشتاقلك، كام مرة اتمنيت اضمك، كام مرة فكرت اخد حقوقي منك، كام مرة حسيت بنار جوايا وانتِ قدامي ومش قادر ألمسك بس من خوفي عليكِ مع اني هموووت عليكِ وكأني ماشوفتش ستات قبلك ولا هشوف بعدك! همست بحروف متقطعة وقلبها يكاد يتوقف: -خلاص ك كمل جميلك وسبني ارجوووك يا أدم.
جذب خصلاتها بعنف جعلها تتأوه بألم، فارتفعت رأسها بتلقائية تجاهه، ليهمس بخشونة امام شفتيها: -كنت خايف عليكِ وبحاول اعمل كل اللي يفرحك حتى لو هيأذيني انا، بس إنتِ ماقدرتيش ده وكنتي مفكرة إنك تقدري تكسري أدم صفوان، ماتعرفيش إني ممكن أدوس على قلبي بالجزمه وأكسرك واكسره!
وفي اللحظة التالية كان يقبلها، يلتهم شفتاها بعنف ضاري نتج عن إنتظار أحرق دواخله... انتظتر لتلك الليلة التي تصبح فيها زوجته، شرعًا وقانونًا!.. لم يترك شفتاها رغم أنينها المتألم، حقده الان عليها كان اقوى من اي استجابة للعقل، لا هو عقله لم يعد معه منذ أن وقعت عيناه عليها اصلًا! أحاطت يداه خصرها بقوة حتى ألصقها به، وكأنه يود الامتزاج بها روحيًا قبل جسديًا!..
مدت يدها تحاول دفعه عنها، إلا انه امسك يدها ليكبلها بيد واحدة. ، بينما شفتاه تتسابق لتلتهم رقبتها ووجنتها الناعمة، ظل يقبلها بلهفة مسرعة مجنونة أرعبتها فعليًا.. حينها تركها فجأة ليدفعها بعيدًا عنه وهو يحدق بها بنظرة أشعرتها أنها سقطت لسابع أرض: -مش طايق أقربلك حتى! ثم استدار يتناول قميصه وهو يكمل بقسوة ظاهرية بينما داخليًا يحاول كتم ذاك النداء الذي يطالبه بإكمال ما بدأه:.
-مش هتخرجي من البيت تاني يا أسيا، حتى الجنينه مش هخليكِ تروحيها، إنسي أدم اللي كان بيحاول يرضيكي دايمًا، دلوقتي في أدم اللي بقا يحقد عليكِ بس! ثم إنطلق خارج الغرفة دون كلمة أخرى بينما هي تلهث بعنف... تحاول ترطيب خلاياه التي كادت تنفجر من الخوف..! لا تصدق أنه تركها بالفعل... لم يكسرها كما أرادت هي، لم يؤذها كما فعلت هي! أحاطت رقبتهت بيدها وهي تهمس بصوت مبحوح: -رجعتي معاه لنقطة الصفر يا أسيا بسبب غبائك!
ثم أصبحت تهز رأسها نافية وهي تنهض لتهندم ملابسها بسرعة ثم إتجهت لغرفته... يجب أن تعتذر. ، يجب أن تتوسله ليصفح عنها كما كان يفعل هو... ولكن لمَ تفعل ذلك؟! الاجابة مفقودة. ، حتى ٱشعار اخر..! اصبحت امام غرفته ففتحت الباب بعد طرقة واحدة، ولكن صُدمت بمظهر چمانة التي تجلس على قدما أدم تفتح ازرار قميصه وتقبله بلهفة بينما هو مسترخي تاركًا لها الحرية!..
إشتدت قبضتها على الباب عندما نظروا لها، ولا تشعر ما ماهية ذلك الشعور بالقبضة المميتة التي اُحكمت حول قلبًا إنزاح عن طريقه المعتاد! فتحت فاهها تود النطق: -آآ أدم. ، أنا... ولكنه قاطعها عندما زمجر فيها بقسوة مُخيفة: -اطلعي برا، ده مش بيت ابوكِ عشان تدخلي اي اوضه وقت ما تحبي. ، برا انا مش فاضيلك ورايا حاجة أهم.!
ولم ينتظرها بل بدأ هو يُقبل چمانة وكأنه ينتقم من كرامتها الأنثوية بتلك الحركة...! حينها إستدارت تمسح تلك الدمعة التي سارعت بالهبوط وهي تستشعر غليانها الذي يزداد كلما تخيلت أنه سيقضي ليلته مع تلك الحربائة، يفعل بها ما كان يفعله معها. ، وبفضلها هي!
وما زال لقسوته بقية..!
بعد فترة طويلة... كان شروق وأدهم مع كريم في طريقهم إلى تلك المدينة... كان أدهم شارد الذهن يتذكر مقابلته السرية مع سيليا سابقًا.
فلاش باك### جلست سيليا أمامه بتوتر تفرك يداها بقلق بينما هو يحثها على النطق: -ما تنطقي يابنتي في ايه! ولية ماخلتنيش أقول لشروق إني جاي اشوفك؟ ابتلعت ريقها بتوتر ثم بدأت تقول:.
-بص يا أدهم، أنت طبعا عارف إني أكبر من شروق ب 7 سنين، المهم لما هي جت الدار انا كنت هناك قبلها، شوفتها لما واحد كان بيجيبها الدار، كان راكب عربية غالية نزل منها وعطى شروق للمشرفة من غير كلام وكان باين انه متنرفز جدًا وبعدين مشي، انا ك طفله ساعتها شوفت رقم عربيته ف الرقم علق معايا وكتبته عادي كدة ف أجندة صغيرة بتاعتي، مر وقت وف مرة سمعت المشرفة بتتخانق مع واحدة بتصرخ أنها عايزة بنتها وواحد كل ضيق الدنيا مرسوم على وشه، المهم اللي فهمته ساعتها أنهم عاوزين شروق بنتهم بس المشرفة مش فاكره هي انهي بنت ونقلتها دار للأطفال تانية، المهم هما مشيوا. ، والسنين عدت سنه ورا سنه ولما أنا إتنقلت دار كانت شروق فيه بقينا صحاب، بس انا ساعتها كبرت و فهمت بقا أنه اكيد باباها اللي جابها وافتكرت رقم عربيته اللي كتبته في اجندتي وحمدت ربنا اني لسه محتفظه بالأجندة دي وبدأت اسأل عن صاحب العربية بس ماقدرتش أوصل إلا لأسمه بس، وشوفت صورته!
باك####.
ومن يومها وهو يعلم أسم والد شروق ولكنه لم يستطع الوصول له بأي شكل...! وحينما ظهروا أولاد عمها لم تخطفه الدهشة كثيرًا فعلى حسب كلام سيليا اهل شروق ذي نفوذ!.. ٱنتبه لشروق التي كانت شاردة بصمت هي الاخرى. ، منذ ما حدث بينهما وهي لم تحادثه ابدًا وهو لم يتحدث معها...! كان الصمت متربع بينهما!..
واخيرًا وصلوا سوهاج. ، بدأوا يهبطوا من السيارة بهدوء، فأمسك ادهم بكف شروق يحتويه بحنان وعندما أرادت الأعتراض همس لها برقة بينما عيناه غرقت بين عيناها التي كانت كالقهوة الشهية: -هششش، اهدي، أوعي تفكري إنك تعاقبيني على اللي حصل ب بُعدك عني.. ثم اقترب منها ببطء فعادت هي للخلف بسرعة حتى إلتصقت بالسيارة، ليتلمس هو وجنتها الناعمة وهو يهمس بصوت بث رعشة عميقة بجوارحها:.
-اسف، بس ما قدرتش أسيطر على نفسي وأنتِ ف حضني ثم أحتضنها بلهفة يغمض عيناه براحة وهو متيقن أن مأواها لا يصبح الا بين احضانه... ليتابع بصوت خفيض: -سامحيني لو شوقي ليكِ غلب عقلي! نظرت هي خلفه لتجد كريم قد دلف قبلهم فتنهدت بارتياح وهي تغمس وجهها عند رقبة أدهم تتنفس بعمق، ثم بدأت تغمغم بشرود: -أنا خايفة، خايفه اووي يا أدهم حينها أحاط خصرها برفق حنون وهو يردف:.
-اوعي تخافي، قولتلك قبل كدة الخوف اتحرم عليكِ وأنتِ ف حضني! ثم قبل جبينها بعمق ليسيرا معًا متجهين للداخل...
عندما دلفوا لم يجدوا سوى أولاد عم شروق و جدها الذي أستقبلها بالترحيب الحار وبدأ يحتضنها بحنان أبدع في رسمه لهم...! وعندما جلسوا تحدثوا في امور شتى ثم قطع أدهم تلك الهراءات بقوله الجاد: -دلوقتي يا حاج لازم تقولي ايه اللي هيحصل دلوقتي! تنحنح الجد بقوة قبل أن يستطرد بخشونة:.
-الاول طبعا عنفتح الوصيه وشروق تاخد حقها، وتانيا في حاجة شروق مُجبرة تعملها بما انها واحدة من العيله، ولا هي بما انها واحدة من العيله هتاخد حلوها بس وتسيب مُرها! قطب أدهم بضيق مغمغمًا: -هتعمل ايه؟ أجاب الجد بثبات: -عتتجوز من ابن العيله اللي بينا وبينهم تار، ساعتها هنجبربهم ان محدش يفكر ف التار منهم بما اننا بجينا جرايب قرايب! حينها نهض أدهم صارخًا بعنف وقد أحمرت عيناه: -نعمممم؟ أنت مجنون يا راجل أنت!
إحتدت نبرته وهو يكمل: -لا انا مش مجنون، هي دي الاصول، وشروق الوحيدة المناسبه! يا كدة يا إما هتصرف بطريقتي ظل أدهم يهز رأسه نافيًا وهو ينهض ساحبًا شروق معه، لينظر كريم لجده بسرعة مرددًا: -قولتلك هي متجوزة منه ومش هينفع خلينا ف الورث بس! وانت صممت على كدة، قولي بقا هنعمل ايه؟! لم ينظر له وهو يجيب بصوت أجش:.
-مش بمزاجها، انا سبتكم ترجعوها عشان نخلص من الموضوع ده، وطالما هما ما حبوش الكويس! يبقى تقوم تجيب بنت عمك وتراضيها وتقعدهم عشان نفتح الوصيه، وانا بقا هدبسها ف قضية شرف ويبقى يوريني مش هيطلقها غصب عنه من الفضيحه ازاي! وانا كدة كدة مش هتفضح لان محدش يعرف انها موجوده اصلاً...!
دلفت سيليا إلى قصر أدم صفوان بأقدام ترتعش... لم يكن امامها ملجأ سواه، قضت تلك الليالي في احدى الفنادق ولكن قاربت الاموال على النفاذ! وتظل مشكلتها الرئيسية قائمة أنها لن تستطع دفع الأموال المتراكمة عليها لصاحبة المنزل، وإن عادت للمنزل ستطردهم تلك المرأة هي وشقيقتها!.. كانت في إنتظار نزول أدم الذي أتى بعد دقائق، لتبتلع سيليا ريقها بتوتر وهي تنظر له هامسة:.
-انا مش عارفه انت فاكرني ولا لا، بس انا سيليا صاحبة شروق وأدهم، انا محتاجة مساعدتك لاني روحت لشروق بس الجيران قالولي انهم مش هنا حدق فيها بدقة يسألها: -ايوة فاكرك شوفتك مع شروق وأدهم قبل كده، عايزة ايه؟ هتفت بخفوت: -عاوزه مكان اقعد فيه فترة عقبال ما ألاقي شغل، لأني مش حِمل مصاريف الفنادق ومش هقدر ارجع البيت اومأ أدم موافقًا، ثم قال بجدية مشيرًا لها:.
-روحي الاوضه دي هتلاقي الشغاله هناك اقعدي ف الاوضه وابعتيهالي هفهمها انا اومأت بسرعة موافقة وقد بدأت الابتسامة تتخذ مجراها على ثغرها الذابل وهمست: -شكرا اوووي بجد شكرا واستدارت بالفعل تسير نحو تلك الغرفة. ، وفي ذلك الوقت تذكرت ما حدث بعد إنهيارها!
فلاش باك### نهضت بسرعة تقطع بكاءها عندما سمعت صوت مشاحنات قوية بين تلك السيدة وبين المرأة الاخرى، فنظرت تتفحص المكان بسرعة وتنظر للباب المفتوح، وبحركة لم تستغرق سوى 30 ثانية كانت تركض نحو الباب بسرعة لتهبط من تلك العمارة وهم يلاحقونها...! دقاتها تزداد وتزداد وهي تركض، لم تعد تشعر بأي شيء، كانت تشعر أنها تحلق. ، تحلق بين السحب هاربة من جحيم يلاحقها!..
واخيرًا وجدت سيارة اجرة فأستقلتها بسرعة وهي تحثه على الٱسراع، ثم توجهت نحو احد الفنادق بعدها وهي تردد بلا توقف وكأنها لا تجيد نطق سوى تلك الكلمة الحمدلله، الحمدلله ياااارب باك###.
أستفاقت فزعة على تلك اليد التي أحاطت خصرها تقربها منها، تسمرت مكانها وهي تحدق ب جواد الذي كان يقربها منه بسرعة متأوهًا بصوت مكتوم... ثم نظر في عيناها التي استوطنها الذعر كمُحتل منذ الأزل. ، ليزداد شحوب وجهها وهي تسمعه يقول بصوت أجش: -كنتي مفكرة إنك هتعرفي تهربي من قدرك؟!..
بعد فترة في قصر أدم صفوان...
كان القصر في حالة هرج ومرج. ، أدم يدور في أنحاء القصر يعطي الأوامر استعدادًا لذلك الهجوم الذي يمكن أن يُشن عليه كما جاءته الاخبار!.. حينها ركضت جمانة نحو غرفة أسيا لتنظر للحارس الذي يقف امام غرفتها: -أدم قالي أقولك تودي أسيا الاوضه اللي ف اخر القصر على الشمال بدا القلق متوزعًا بوضوح بين ثنايا ذاك الرجل الذي رد بتوتر ؛ -بس يا هانم حضرتك عارفة ان الاوضه دي مش أي حد بيروحلها.
ثم انخفض صوته وهو يكمل محذرًا: -بمعنى اصح محدش بيروحلها الا اللي الباشا بيأمر بموته!.. بدأ الشيطان يرسم لها أحلام سطعت بين غضون خيالها... أحلام لا يُعيقها سوى حاجز مشؤم واحد وهو أسيا!.. فحلق الخبث بين حدقتي عيناها وهي تأمره بأصرار: -انت ما تناقشنيش، نفذ وبس، او ما تنفذش بس استحمل ادم بقا! هز رأسه باستسلام واتجه نحو اسيا يجذبها متجهًا بها نحو تلك الغرفة...
الغرفة التي كانت درجة البرودة بها أقل من الصفر بدرجات. ، فلا يتحملها بشر ولو لساعات قليلة!
أدخل أسيا التي تصرخ بخوف: -انت موديني فين، رجعني الاوضه ابعد ولكنه كان كالآلة الجامدة وهو يخبرها دون ان ينظر لها: -دي اوامر الباشا... ثم أغلق الباب بإحكام عليها، لتضم جسدها بقوة تحاول ردم تلك الرعشة التي هزت كيانها وهي تتذكر كلامه القاسي الذي ألقاه على مسامعها... وسؤال واحد يتردد بعقلها هل اصبح يحقد عليها لدرجة انه يود التخلص منها ؟!
ٱرتخت اعصابها وقد بدأ وجهها يشحب شيءً فشيء من كثرة البرودة. ، فكانت كمن على عتبة الموت!..