أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في منتدى جنتنا، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





رواية طفلة في قلب الفرعون

كانت امام القصر... ظلت تأخذ شهيق وزفير.. تحاول تكميم قسمات وجهها النابضة بالقلق رغمًا عنها...!توجهت نحو الحرس تهتف بصوت ..



26-12-2021 08:47 صباحا
مشاهدة مشاركة منفردة [4]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية طفلة في قلب الفرعون
نوفيلا طفلة في قلب الفرعون للكاتبة رحمة سيد الفصل الخامس

بدأت اهدابها تهتز ببطء في محاولة لأفتراق جفنيها، الرؤية تعاكس اتجاهها فترفض الثبات في عينيها، والألم لا يطاق برأسها كالناقور يصر على هلاكها!..
واخيرًا استطاعت فتح جفنيها، وما إن اتضحت الرؤية امامها حتى هبت منتصبة تجلس وهي تتحسس جسدها بتلقائية لتجد أنها بملابسها الداخلية فقط...!
الشهقة حفرت روحها، ذبحت هدوءها وسلبت قمم ثبات مهتزة ومشروخة داخلها من الاساس..!

دقيقة وكان يزيد يقف عند الباب عاري الصدر، نظراته الباردة تمشطها من أعلاها وأسفلها وهو يهتف بنبرة ساخرة أذت شيء داخلها:
-صباحية مباركة يا، يا عروسة!
حينها لم تشعر بنفسها سوى وهي تنهض من الفراش ترمي تلك الأغطية بعشوائية وتركض نحو يزيد صارخة بكل معنى للجنون عرفته:
-أنت عملت إيه يا حيوان، يا حقير منك لله! ربنا ياخدك وارتاح منك.

بدأت تضرب صدره العاري بذراعيها بعنف وصراخها مستمر، لينقطع ذلك الصراخ فجأة عندما شهقت مستسلمة لاختناق البكاء الذي كاد يقتلها لو لم تطلق سراحه...!
لاول مرة تبكي امامه، تبكي ضعفها، تبكي ضياع الشيء الوحيد الذي يميزها ك أنثى، تبكي شخصيتها التي كانت تعتقدها كالجبال لا تهتز ولكن فجأة اكتشفت أنها كورق شجر يتساقط مع اول عاصفة من الرياح...

بينما هو كان متصنم ببرود كالجماد تمامًا، إلى أن هبط لمستواها بهدوء يرفع وجهها بإصبعه ببطء تزامنًا مع همسه بصوت أجش:
-بتعيطي لية دلوقتي!؟ مش إنتِ اللي وصلتي نفسك لكده بلسانك الطويل؟ مش إنتِ اللي كنتي عايزه اثبات اني عايز الطفل مش حاجة تاني...
هزت رأسها نافية بطريقة هيستيرية وهي تخبره صارخة:.

-لأ، مكنتش عايزه الاثبات ده، اخر اثبات كنت اتمناه هو انك تلمسني، حرام عليك، أنت لية بتعمل فيا كده! أنا اذيتك في ايه، ملعون ابوه بيزنس اللي يخليكم بتقطعوا في بعض كده عشانه!
برغم تلك الهزة العميقة التي اجتاحت كيانه لكلماته التي غرزت به، إلا أن شفتاه التوت بتهكم واضح لجملتها الاخيرة:
-بيزنس؟! بيزنس إيه وهبل إيه! مش بقولك طفلة مش فاهمة حاجة، دي مافيا، مافيا في اكتر من دولة برا مصر وليهم مندوبين في مصر!

إتسعت عيناها تلقائيًا، منذ أن قابلته وصفعات الحقائق تتوالى عليها صفعة بعد صفعة حتى فقدت القدرة على الشعور بتلك الحقائق...
رفعت عيناها التي استكانت فجأة له لتسأله:
-يعني إيه؟!
رفع حاجباه معًا ثم قال مستنكرًا:
-مش فاهمة ولا بتستعبطي؟! عايزه تقنعيني انك متعرفيش ان ابوكي بيشتغل مع المافيا!؟
هزت رأسها نافية دون تردد:.

-ابويا بيعمل حاجات غلط كتير اه، وانا كنت بساعده يلعب مع ده او ياخد ورق من ده او يهدد ده، بس كله عشان البيزنس، انما مافيا! مافيا ايه لا طبعًا احنا مش بنشتغل مع المافيا
كادت ضحكة ساخرة ترتسم على شفتاه دون أذن منه، ولكنه عاد لتجهمه المخيف وصلابة وجهه التي مُحيت منها أي مشاعر...!
وبحركة مباغتة كان يقبض على ذراعها بقسوة ثم لواه خلف ظهرها فشهقت هي متأوهه بألم لتسمعه يهمس جوار اذنها بشراسة:.

-بلاش تحاولي تصيعي عليا! أنتِ لو مكنتيش تعرفي مكنتيش فرقتي مع مسعد الشامي، لكن هو خايف على نفسه من المعلومات اللي معاكي
أفلتت ذراعها من بين يده بصعوبة، تحاول التمسك بهدوء لم تعد تمتلكه منذ أن احتل حياتها ذلك الفرعون...
وخرج صوتها هادئًا حادًا نوعًا ما برغم تلك الشرارة التي أطاحت بحروفها:
-انا اه اعرف معلومات تأذيه جدًا، انما معرفش حاجة عن المافيا اقسم بالله!

تنهد بصوت مسموع قبل أن ينهض متأففًا يكاد يستدير ليغادر...
داخله مشروخ بعنف بين جزئين، احدهما يصدقها والاخر يستنكر حديثها وبشدة..!
وما أصعب ذلك الشرخ عندما يقضي على الحلول الوسطى...!
كاد يخرج من المنزل ولكنها وقفت امامه بسرعة ودون تفكير، لتصبح على بعد سنتيمترات قليلة جدًا منه، تهز رأسها نافية وهي تحدق بعيناه التي لطالما غطت اي وميض للحياة بها...!
ثم نطقت بحدة محملة بالحقد:.

-لأ، انت مش هتسبني محبوسة هنا تاني وتخرج أنت عادي كده!
كان هادئ تمامًا حتى أنهت اخر جملة لها فاقترب هو منها هذه المرة ليصبح ملتصقًا بها، يداه تلتف حول خصرها ببطء لترسل له رعشة عنيفة ازدادت حدة كلما حدث تواصل جسدي بينهما...
ثم اقترب بوجهه منها ببطء متجاهلًا نفورها، ليهمس وشفتاه تتلمس اذنها عن عمد بصوت رجولي خشن:
-لو عايزاني أقعد ونعيد امجاد الليلة اللي فاتت أنا معنديش أي مانع.

-ده في احلامك، المرة الجايه قبل ما تلمسني هكون قاتلة نفسي!
صرخت بجملتها بجنون وقد دفعته بعيدًا عنها بعنف حتى ترنح نوعًا ما من المفاجأة، ليرفع نظره تلقائيًا لعيناها التي اشتعلت بفتيل من نوع آخر، فتيل الكره، كره واضح يلون خلفية كافة جوارحها...!
هز رأسه نافيًا وهو يستدير مرة اخرى ليغادر مسرعًا دون أن ينطق بحرف، وكالعادة أغلق الباب عليها وهو يلعن كل شيء...!

بعد مرور يومان...
مصر
في احدى الملاهي الليلية...
كان ياسر جالسًا امام البار، كأس الخمر بيده وعيناه فقدت تركيزها مع الدنيا حاليًا...!
خلال اليومان الماضيان لم يكف عن محاولة إيجاد دنيا وذلك الفرعون اللعين، ويتناوب هو ورجاله دائمًا على ذلك القصر، ولكن يبدو أن الحياة قررت سلبه اخر خيط يربطه بها..!

وفجأة كان يرمي ذلك الكأس من يده بعنف ليسقط متهشمًا وراح يصيح بحروف متقطعة:
-لية! لية كده، لية أي حاجة بحبها بتروح مني؟!
دقيقة وكان احد رجاله يقترب منه بسرعة يحيط بذراعه وهو يردد له بنبرة لم تخلو من ترانيم مشفقة:
-اهدى يا ياسر، اهدى
ولكنه دفعه بعيدًا عنه بجنون مزمجرًا فيه:
-متقوليش اهدى، رد عليا، أنا لية بيحصل معايا كده؟ مش لو كانت حبتني زي ما حبيتها كنا اتجوزنا وبعدنا عن ابوها وشره..!

هز الاخر رأسه مؤيدًا بسرعة:
-ايوه ايوه بس اهدى الناس هتتفرج علينا
لم يعطي ما يقوله اهتمام، فأخذ يحك رأسه بعشوائية وهو يسأله عن ذراعه الأيمن وصديقه أيمن دون أن ينظر له:
-فين أيمن؟ انا عايز ايمن ناديهولي هو اللي هايفهمني..
فأجاب بهدوء يخبره:
-كان بيشرب سيجاره برا
اومأ ياسر برأسه بعشوائية، يشعر أن جبل ثقيل، ثقيل جدًا يجثو على دقاته، يعيق حركتهم!
بدأ يهز رأسه وهو يتمتم وكأنه على وشك البكاء كطفل فقد والدته:.

-كنت بحبها اكتر من ابوها حتى، بس هي دايمًا شايفاني زبالة! كنت بحميها منه ومن شره وبدافع عنها في اي حاجة
حينها لوى الاخر شفتاه ثم تابع مستنكرًا:
-انت عمال تقول شره شره، ده ابوها على فكرة يا ياسر يعني بيخاف عليها وبيحبها زيك و...
قاطع حديثه صراخ ياسر المنفعل وكأنه لم يعد يدرك ما يتسرب من بين شفتاه:
-لا، مش ابوها، دي بنت مراته ومش بيخاف عليها...!
-بنت مراته ازاي يعني؟!

إنفلت السؤال منه تلقائيًا، ليضحك ياسر عاليًا بهيسترية وهو يستطرد:
-بنت مراته اللي قتلها بأهماله مرة ولما ضربها لحد ما فرفرت مرة تانية
إتسعت حدقتا الرجل بذهول، ليست ابنته!
كيف، متى اكتشف ياسر، وكيف قتل زوجته ولا يشعر بالذنب تجاه ابنتها حتى..!
صراع طويل من الاسئلة يدور في رأسه، ولكنه أنهى ذلك عندما نهض بهدوء يسحب ياسر معه قائلًا بمهاودة:
-تعالى بس يا ياسر نمشي، ونبقى نشوف الموضوع ده بعدين...

وبالفعل سحبه معه بهدوء للسيارة نحو الخارج، حتى وصلوا لها حينها اقترب منهم أيمن بسرعة يسأل الرجل الاخر:
-ماله ياسر؟
رد بغموض:
-مالهوش، كتر شرب شوية بس روحه أنت وخليك معاه
اومأ ايمن مؤكدًا بهدوء وبالفعل امسك ب ياسر جيدًا ليدخله السيارة ويغادرا...

لبنان
في نادي رياضي...
أخذ يزيد نفسًا عميقًا ثم تقدم من فتاة ما تعمل ك سكرتيرة لرجل المافيا الذي يخبئ الميكروفيلم الذي من الممكن أن يقضي على كل شبكة المافيا، وكان يزيد على علم أن الميكروفيلم مع هذا الرجل لذلك اخبر بعض اعداء هذه المافيا أن الميكروفيلم معه هو، ليستطع سلب بعض المعلومات منهم ويساومهم على شيء ليس معه من الاساس، وهكذا يتلاعب بالطرفان...!

كانت تجلس في احدى الجوانب تتناول كوب العصير بشرود في اللاشيء، ليقطع يزيد خلوتها عندما تقدم منها يهتف بصوت رجولي هادئ:
-ممكن أقعد؟
رمت نظرة متفحصة له بطرف عيناها، بدايةً من بشرته الخمرية وملامح وجهه الرجولية الجذابة، حتى ثبات عينيه السوداء التي بدت كعينا صقر يجيد التصويب نحو هدفه...!
ثم نطقت بعد فترة تقطع ذلك الصمت المخيم على الأرجاء:
-اتفضل، مين حضرتك؟

حدق بعيناها مباشرةً، يذوب بلون البحر بهما وهو يردف بمكر رجولي:
-مُعجب بالقمر!
أحمرت وجنتاها ببطء وهي تبتسم له شيءً فشيء بعدما تخلصت من تقلص ملامحها بقلق، لتهمس بخجل مبتهج وهي تمد يدها لتصافحه:
-ميرسي كتير، أنا لين
إتسعت ابتسامته وهو يلتقط يدها ليُقبلها ببطء مثير هامسًا ببحة خاصة:
-جاسر الغمراوي..
سألته مفكرة والابتسامة لم تغادر شفتاها:
-بس من وين بتعرفني سيد جاسر؟

-انا مصري مُقيم هنا، وكنت بشوف صاحبي في الشركة بتاعت سراج بيه اللي إنتِ شغالة فيها وشوفتك ولفتي نظري جدًا، ودلوقتي شوفتك صدفة وكانت احلى صدفة في حياتي..!
أنزلت نظرها عنه وتابعت بحياء:
-ميرسي، هاد من زوقك
ظل يزيد يتحدث معها بأشياء عدة، يتلاعب بأنوثتها بمهارة، يسرق ابتسامات ذات مغزى ونظرات صُوبت نحو نقاط ضعفها كأنثى...
إلى أن تحرك بكرسيه يقترب منها متساءلاً وكأنه يفكر:.

-الا بالحق يا أنسه لين، عندي سؤال اتمنى ماتفهميش فضولي غلط، هو سراج بيه مختفي يعني بقاله فترة وحتى عنوانه محدش يعرفه لية؟! اقصد يعني لية بيخفي نفسه بالطريقة دي، مستغربه جدًا صراحة خصوصًا أنه رجل اعمال قد الدنيا
هزت لين رأسها ثم اقترب لتخبره بجدية:.

-مابعرف شو صاير بالتحديد، بس مستر سراج صارله فترة ما بيجي عالشركة وبيبعت الرجال تبعو ليمشي الشغل، وما بيعرف عنوانه الا الناس اللي بيوثق فيهم خاصةً أنو غير بيتو من فترة صغيرة...
شرد يزيد في كلامها، يبدو أنه يحاول تأمين ذلك الميكروفيلم بشتى الطرق...!
وهكذا استمر يزيد، يتلاعب ويتلاعب بها ليسلب منها ما أراد من المعلومات عن سراج...!

دلف يزيد من باب المنزل بهدوء، لمحته دنيا التي كانت تجلس على الأرضية بشرود، بضياع، تحاول استعادة شيء ذاب بين بواطن الماضي وانتهى...!
وما إن لمحته حتى كادت تنهض راكضة له بجنون ولكنه كان قد خلع قميصه بحركة سريعة ليرميه على الأريكة ويدلف للمرحاض مغلقًا الباب خلفه قبل أن تصل له...
سيجن جنونها من بروده الذي كالجيد يثلج قلبه اكثر فأكثر!..

لا لا، هي جُنت بالفعل، تشعر أنها لو استطاعت لقتلته بدم بارد ممزقة احشاؤه...
ظلت تدور امام المرحاض ذهابًا وايابًا بجنون تهمس لنفسها:
-قسمًا بربي لاعرفك إن الله حق، أنا يتعمل فيا كده! انا؟ ومن واحد حيوان، والله لاوريك يا يزيد الكلب
وفجأة لمحت قميصه فركضت نحوه تمسكه بغل لتلقيه ارضًا وهي تصيح بهيستيرية:
-حيواااااااان وربي حيوااان.

سقطت ورقة صغيرة من جيب القميص فعقدت ما بين حاجباها وهي تهبط كردة فعل تلقائية لتلتقط تلك الورقة بأصابع مهتزة، فتحتها بسرعة ليتسعا بؤبؤي عيناها رويدًا رويدًا وهي تقرأ المكتوب على كارت تلك السيدة من الخلف
وانا كمان معجبة فيك كتير، فيني اعزمك على سهرة لطيفة عندي بالبيت بكره المسا؟ هاد عنواني ورقم تليفوني، رح استنى انك تتواصل معي، لين!

غليااااان، غلياااان كان يحرق أوردتها حرفيًا، شعرت كما لو أن تلك الحروف كمياه نار وسُكبت بين ثناياها ببطء...!
يدمرها ويسلبها كل شيء، ثم يذهب ليقضي وقت ممتع مع النساء!
الضيق يزداد ووتيرة انفاسها في حالة اضطراب تام، ربما شعرت بالغيرة، ولكنها وأدت ذلك الشعور حتى قبل أن يستحوذ على خلية واحدة بها وهي تخبر عقلها أن سبب ذاك الجنون هو ما فعله بها فقط...!
بدأت تضرب على باب المرحاض بعنف صارخة:.

-أنت يا كابتن، لو عندك دم اخرج كلمني، أنت دمرت حياتي وسايبني في الخرابه دي عشان تتسرمح مع ستات * وتستمتع بوقتك!
لم تجد رد فازداد لهب جنونها اشتعالاً، وقفت امام الباب مباشرةً متأهبة للهجوم عليه ما إن يفتح الباب، ولكن حدث ما لم تتوقعه، حيث فتح يزيد الباب فجأة وهو عاري الصدر يلف المنشفة حول جزءه السفلي، وقطرات المياه تتساقط من جسده وخصلاته السوداء الناعمة...

كادت دنيا تسقط عليه من تلك الحركة المفاجئة، ولكنه أحاط بخصرها بتلقائية وذراعاه يحيطان بها يسنداها ببطء، تبًا لكل شيء يعاكس تيار رغبتها وجنونها..!
كانت تميل لأسفل دون ارادة منها، ويزيد يميل نحوها عن عمد، كلما ازداد تعمقه لزرقة عيناها، كلما شعر أنه يغرق بشيء بهما، يغوص ويغوص وهو فاشل في السباحة وسط هجوم من امواج لا يدري ماهيتها...!

أنفاسه اصبحت تداعب وجهها الشاحب، تساقطت قطرات مياه من شعره على وجهها، فرفع إصبعه دون شعور يتبع تلك القطرة متحسسًا تقاسيم وجهها، يمسح قطرات المياه ببطء، أصابعه تسير دون اذن منه مستجيبة لنعومة بشرتها، ظل يتحسس جبهتها، ثم وجنتاها، حتى وصلت أصابعه لشفتاها، حينها ازداد بطء حركة اصابعه، وحدة انفاسه، ودبت تلك الرجفة المعتادة بكيان كلاهما...!

رغبة مُلحة ظهرت داخله تحثه على استبدال إصبعه بشفتاه، خاصةً وهو يرى نظرتها التي أشعرته أنها شبه مُغيبة...!
كاد يسحب إصبعه ببطء، ولكن ايضًا حدث كل شيء فجأة فكانت دنيا تدفعه بعنف وهي تستقيم في وقفتها، تحاول تنظيم شتات نفسها قبل أن تزمجر فيه بتوتر:
-لا دا أنت صدقت نفسك بقا! أنت مفكر إني هاسيبك تلمسني تاني؟!
هز رأسه نافيًا بهدوء:
-انا ماكنتش هلمسك.

رفعت حاجباها معًا باستنكار واضح، ليزفر متابعًا باستسلام وكأنه يعترف لنفسه اولًا:
-طيب، انا فعلًا كنت عاوز أبوسك بس!
إتسعت عيناها من وقاحته العلنية، ولكنها برغم الغصب والحقد الذي تدعيه زحفت الحمرة ببطء لوجنتاها، فحاولت تجاهل تلك الخفقة الهاربة من مسارها الطبيعي، لتنظر نحو القميص وكأنها تستعيد حالة فورانها فغمغمت بحدة واضحة:
-بقا حابسني هنا عشان تروح تقضي وقت مع السنيوره!

أمطر العبث نظراته الهادئة، ليرفع حاجبه الأيسر متابعًا بمكر:
-شامم ريحة غيرة!
صاحت فيه بعدم تصديق:
-غيرة إيه أنت اهبل! دا مفيش حد مش طايقك وكارهك قدي...
استكانت نظرته، وتبدلت نغمة صوته التي كانت تموج بالعبث والمكر لتصبح خشنة كعادته عندما يلتزم خط الجدية معها، ثم قال بكل هدوء:
-هدي نفسك شوية بلاش الجنان اللي إنتِ فيه ده، على فكرة ماحصلش أي حاجة بيننا!
شهقت بصوت عالي صارخة والذهول يحكم قبضته حول مشاعرها:.

-نعم! أنت بتقول إيه؟
اومأ مؤكدًا بنفس الهدوء الذي بدأ يزيد جنونها:
-ايوه، محصلش حاجة، انا بس كنت بوريكِ إني لو نفذت وتممت الاتفاق اللي إنتِ مفكراه سهل اوي إيه اللي هيحصل!
تكاثرت مشاعرها عليها في هذه اللحظات، تشعر بالغضب، الجنون، والغيظ والذهول!، تشعر بصدى شظايا كلماته تتناثر داخلها لتزيد من تلك الضجة الروحية...!
وفجأة فجرت به كتمان تلك الضجة التي تعتمل داخلها لتضربه على صدره بجنون وهي تصرخ:.

-أنت مريض نفسي، استحالة تكون بني ادم طبيعي! إيه الجنان ده بجد!
لم تجد اي رد منه، فرمت بجسدها على الأرضية تجلس عليها بأرهاق حقيقي...
لأول مرة تشعر أنها داخل متاهات دائرية، تخرج من واحدة لتدخل بأخرى..!
همست بصوت شاحب دون أن تنظر له:
-متشكرة كرم اخلاقك عشان مالمستنيش، بس ممكن تسيبني لوحدي؟!
اومأ موافقًا دون رد ليغادر للغرفة الاخرى، بينما هي تعيد ترتيب تلك الاحداث المتراكمة وكأنها تحاول الاستيعاب...!

صدح صوت هاتف يزيد بنغمة الرنين ليخرجه من جيبه يزفر بملل وهو يجيب:
-الوووو
سمع صوت الطرف الاخر هادئًا يقول:
-يزيد باشا، في اخبار جديدة مهمة
سأله يزيد باهتمام:
-اخبار إيه؟!
-ياسر كان سكران في الكباريه، كان في حالة مش طبيعية وعمال يبرطم بكلام كتير، واضح إنه بيحب دنيا جدًا ومش متخيل إنها ضاعت من بين ايديه كده، وقال كمان إن مسعد الشامي مش ابوها!
لم يستطع يزيد إحكام ثباته حول صدمته فصاح فيه غير مصدقًا:.

-إيه! أنت بتقول إيه؟!
أكد الطرف الاخر حديثه ليتابع:
-زي ما بقول لحضرتك كده يا باشا، مش ابوها، جوز امها وكمان كان سبب موت امها، ضربها لحد ما فرفرت في ايده، وعمومًا يا باشا انا صورته فيديو من غير ما يحس هبعتلك الفيديو على الواتساب دلوقتي
اومأ يزيد مؤكدًا بجدية:
-تمام، ابعته بسرعة وخليك مركز
-تحت امرك يا باشا
أغلق يزيد الخط وهو يفكر، ماذا عساها أن تفعل تلك المسكينة إن علمت بالأمر؟!..

يا الله، هو نفسه تصدع شيء داخله من الذهول فماذا عنها!..

امسك هاتفه مرة اخرى ليرى الفيديو ثم اتصل بشخصًا ما، وما إن اجاب حتى قال بهدوء جاد:
-رائف باشا، في اخبار جديدة
سأله المدعو رائف بنبرة عملية:
-خير يا يزيد، قدرت تعرف اي حاجة من البنت اللي اسمها دنيا؟
هز يزيد رأسه نافيًا وكأنه يراه، ثم اكمل:
-لا يا باشا، المصدر اللي مع ياسر دراع مسعد الشامي اليمين عرفني دلوقتي اخبار مهمة...

قص عليه يزيد كل ما في الفيديو بالحرف، ليسمعه يقول بعد فترة من الصمت:.

-اسمعني كويس يا يزيد، دلوقتي هنستخدم اخر كارت في ايدينا مع دنيا دي، دنيا لازم تعرف إن مسعد الشامي مش ابوها وإنه قاتل امها كمان وتعرفها حقيقتك انت كمان، ساعتها لو هي فعلًا كويسة ولو بنسبة ٤٠٪ هتقلب على مسعد الشامي ١٨٠ درجة وهتقولك كل المعلومات اللي معاها عنه وهتعوز تنتقم منه عن طريقنا احنا، إنما لو فضلت مصممة على اللي هي فيه ساعتها هنضطر نرجعها مصر وتتحبس لانها اساسًا تعتبر شريكة مسعد الشامي في مصايب كتير حتى لو المصايب دي ملهاش علاقة بالمافيا...

كان يزيد يستمع بصمت ولكن داخله مشاعر متناقضة...!
لم يعد يدري هل هو يحقد على دنيا ام يشفق عليها بطريقة ما..؟!
الالغاز تزداد داخله حتى شعر ولأول مرة انه لم يعد يستطع حل ألغازه...!
انتبه للمتحدث وهو يستطرد:
-انت هتسيب موبايلك قدامها مفتوح من الباسورد والتأمين وهتدخل الحمام مثلًا، وهي طبيعي هتجري عليه وهتشوف الفيديو، وبعدها بدقايق هنبعتلك رسالة على الواتساب وبمجرد ما دنيا تقرأها هتعرف حقيقتك!

اومأ يزيد موافقًا:
-تمام يا باشا، سلام
أغلق الخط مغمضًا عيناه، شيء داخلي يصرخ بالرفض لنهاية دنيا، وآآه من تلك الدنيا التي توغلت داخله ببطء دون أن يشعر، ليعترف لنفسه واخيرًا أن هناك انجذاب مجهول الأصل بينه وبين تلك الطفلة!..

دلف المنزل مرة اخرى متوجهًا نحو دنيا ليضع الهاتف امامها على المنضدة بضيق وكأنه لم ينتبه انه ترك هاتفه، بالفعل نهضت دنيا على اطراف اصابعها تمسك بهاتفه وما إن أنارت شاشته حتى وجدت الفيديو امامها، فتحته بفضول وهي تخفض صوت الهاتف حتى لا يصل ليزيد...
وما إن رأته شعرت بشيء يتخطى الالم بمراحل، شعرت بشق عميق ومؤلم حد الوجع الجنوني يصيب قلبها الذي لم يعد يحتمل..!

يا الله، نبضها كاد يتوقف حرفيًا وعقلها تضخم من كثرة الحقائق فبدت وكأنها لا تستوعب..!

بيد مرتجفة فتحت الرسالة الاخرى التي وصلت لتكتمل لصدمتها وهي تقرأ الرسالة
إيه يا حضرت الظابط، العملية دي طولت واللواء رائف ابتدا يشك في قدراتنا، مفيش اوامر او اخبار جديدة؟!
واخيرًا استطاعت ادراك شيء واحد فقط
يزيد ضابط عمليات خاصة...

26-12-2021 08:47 صباحا
مشاهدة مشاركة منفردة [5]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية طفلة في قلب الفرعون
نوفيلا طفلة في قلب الفرعون للكاتبة رحمة سيد الفصل السادس

كان يزيد يقف خلفها بصمت تام، يشعر بروحه تود معناقة روحها، يود التخفيف من ثقل ذلك الألم عن قلبها الصغير..!
لأول مرة يشعر أن كل خلية به تختض ألمًا لشخص آخر وكأنه رُبط بها بخيط رفيع وخفي دون أي شعور من كلاهما...!
استدارت هي له ببطء، عيناها ثابتة بسكون غريب وكأنها فقدت اي اتصال بعقلها فبدت وكأنها صحراء مهجورة المشاعر...
واخيرًا نطقت بصوت شاحب غادرته الحياة:
-يعني إيه!

وبالطبع لم يجيب، لم تكن بحاجة لشخص يدس الحقائق بعقلها، بل كانت بحاجة لشخص يضمها لصدره بقوة عندما تدرك هي تلك الحقائق فتسقط صريعة انهيارها...
بدأت تقترب منه بخطوات مرتعشة وهي تشير له بالهاتف متساءلة باستنكار واضح:
-الكلام ده حقيقي؟ هو مش ابويا؟!
ارتفع صوت تنفسها بحدة وكأنها تقاوم إنفجار البكاء بصعوبة مثيرة للشفقة، وتعود لتسأله بحروف مرتعشة خافتة:
-و، وقتل، ق آآ قتل امي!

لم يجيب ايضًا فاقتربت اكثر حتى اصبحت امامه، فضربته صدره بجنون فجأةً وكأن الادراك غزى عقلها واخيرًا، فصارت تصرخ فيه بذهول:
-قتل امي؟ قتل امي لما كنت طفلة عندها شهر!
سقطت ارضًا بانهيار وهي تصرخ بأخر كلماتها، وايضًا لم يجيبها يزيد بل جذبها له بعنف يحتضنها بكل القوة التي عرفها يومًا، يسندها على صدره ليصبح قميصه مسكن دموعها وشهقاتها المكتومة...!

ظلت تتمتم بين احضانه من بين بكاءها بينما قبضتها تشتد على قميصه وهي تنوح بألم:.

-قتل امي يا يزيد، خلاني يتيمه من قبل ما افهم الدنيا دي حتى، حرمني منها بدري اوي وحتى ماكنش بيحاول يعوضني، كنت دايمًا حاسه باليتم وانا معاه بس كنت بقول دي طبيعته وده ابويا غصب عني، اول ما عرفت باللي بيعمله في الشغل عشان البيزنس زي ما كان مفهمني اتصدمت، كنت لسة يادوب ١٧ سنة بس اقنعني انه عادي وانه لو ماعملش كده هيتاكل لان احنا في غابة القوي بياكل الضعيف، وانا كنت مِسَلِمَة بكده ومدياله عقلي وبقا كل كلامه وكأنه مُنزل بنفذه من غير تفكير...!

كلامها بقدر ما كان مؤلم لها، بقدر ما كان مؤلم الضِعف له، لانه ربما كان السكين الذي سبب لها هذا الجرح، هو الذي طعنها!..
ضمها اكثر له يغمض عيناه مهدئًا لوع قلبه كلما ضمها له اكثر، ثم همس اخيرًا بصوت أجش:
-عيطي اكتر، اصرخي، طلعي كل اللي جواكي عشان ترتاحي
وبالفعل زاد صراخها المنبوح حتى شعرت أن حبالها الصوتية تمزقت كروحها:
-قتل امي يا يزيد، قتلها من غير ما يحس بالشفقة عليا ولو للحظة، قتلها!

تلوت بين أحضانه اكثر تدفن وجهها بعنقه، تهمس بأسمه وكأنها تتوسله ليزيل عنها ذلك الألم:
-يزيد...
همس هو الاخر دون وعي او شعور وهو يغرز وجهه بخصلاتها ورائحتها تداعب انفه فتجعله كالثمل، تجعله غارق بها، :
-قلبه...
بدأت تبتعد عنه ببطء، لترفع عيناها المجروحتان له، تردد بنبرة فاح منها الحقد والرغبة العمياء بالقتل:
-هتساعدني أنتقم منه صح؟
اومأ مؤكدًا دون تردد:
-هساعدك ننتقم منه..

عادت لتضع رأسها على صدره مرة اخرى ويداها تلتف حول خصره وكأنها تتحرك تلقائيًا دون اي تفكير او حسبانًا للعوائق، وتهمس بخفوت أشد كطفلة شريدة تمامًا:
-عايزه أنام، ممكن تفضل واخدني في حضنك لحد ما انام!
اومأ مؤكدًا برأسه، اغمض عيناه يتأوه بصوت مكتوم ويود زرعها بين ضلوعه ليُسكت ذلك الأنين بالألم، تحركت يداه لتنغرز بخصلاتها الناعمة يربت على شعرها ببطء وهو يهتف بحنان وكأنها ابنته وليست زوجته:.

-نامي، نامي يا طفلتي...!

مرت خمس أيام...
كانت دنيا تنام في تلك الغرفة باستكانة ملائكية، كعادتها في الأيام السابقة تست يصليقظ قليلًا وتنام كثيرًا، تنام بعمق وكأنها تهرب من أنياب ذلك الواقع التي مزقتها بقسوتها، فتقرر الهرب لأحضان عالم اللاوعي...!
ويزيد كان يخرج يوميًا ليجمع المعلومات التي يحتاجها او يراقب بعض الاشخاص، ثم يعود ليجلس امامها وهي نائمة تمامًا كالأن...!

يجلس على الأرضية ويده تتحرك تلقائيًا لتتمسك بكفها الصغير، عيناه تتشرب ملامحها بتمهل مشتاق وحنو، بدأ يشتاق لشراستها التي كانت تسرقه دون ارادة منه، تجذب روحه ببطء لتقترب من روحها في مدار غريب مجهول حتى الان لكلاهما...!
رفع إصبعه بتردد يتحسس قسمات وجهها الساكنة، نبضات قلبه تزداد بجنون وكأنها في سباق كلما اقترب منها او لمسها...!

كان إصبعه يسير ببطء على وجنتاها الناعمة، حتى فكها وثغرها الصغير، إرتعشت نظرته حرفيًا عندما وقعت على شفتاها المنفرجة بدعوة صريحة...!
ولم يستطع هو سوى أن يلبي تلك الدعوة فرفع نفسه قليلًا، قبلة صغيرة واحدة وسيبتعد...
ولكن ما إن لامست شفتاه شفتاها ولم يعد له سيطرة على شفتاه، اصبحت شفتاه تتحرك على شفتاها بجنون تعزف ترانيم خاصة لعشق يمس قلبيهما لأول مرة...!

أبعد نفسه عنها بصعوبة بأنفاس لاهثة عندما بدأت تتململ في نومتها، اخذ يحدق بوجهها بصمت يحمل الكثير، رفع يده يحتضن جانب وجهها وهو يهمس بخشونة مُعذبة:
-إنتِ بتعملي فيا إيه! فين السيطرة على الذات اللي بقالي سنين بتعلمها...!؟

أنتشله رنين هاتفه من شروده فأخرجه من جيبه متأففًا يجيب بضيق واضح في نبرته الجادة:
-الووو مين؟!
-هلا جاسر انا لين...
ولكن ما إن أتاه صوت لين حتى هدأت نبرته وهو يتحكم في إنفعالاته ليعود لنبرته الهائمة المزيفة وهو يرد:
-ايوه يا لين، عاملة ايه؟ وحشتيني...
شعر بأبتسامتها الخجولة وإن لم يراها وهي تتابع بنعومة:
-انا منيحة، وانت اكتر، مع اني زعلت كتير منك لانو انت ما لبيت دعوتي هداك اليوم!

تنحنح يزيد مصتنعًا الحزن وهو يخبرها:
-اسف حبيبتي كنت مشغول جدًا ماقدرتش أجي لكن اوعدك هعوضها لك بأحلى منها..
-تمام، هلأ في شي انت كنت قلتلي عليه، كنت قلتلي إنو أنت بدك تقابل مستر سراج مشان شغل، مو صحيح؟
هز يزيد رأسه مؤكدًا باهتمام:
-اه اه، عرفتي مكانه عشان اروح له؟
أجابته بهدوء واثق:
-اي طبعًا، انا ماني اي حدا، انا لين جبران!
كاد يسبها بغيظ ولكنه تمالك نفسه بصعوبة فاستطرد بتروي:.

-طبعًا يا حبيبتي هو انا اعجبت بيكي وبذكائك من شوية!
سمعها تتنهد وهي تخبره بجدية:
-هلأ مستر سراج في ، وعرفت انو ما رح يطول ليرجع لبيتو مره تانية، يعني هلأ فرصتك لتشوفه وتحاكيه في اللي بدك ياه
اومأ موافقًا بلهفة متمتمًا بابتسامة مهللة:
-تمام، شكرًا يا لينو شكرًا جدًا، هروح له واما ارجع هكلمك
-تمام، الله معك، باي.

أغلق يزيد الخط متعجلًا ليضعه في جيب بنطاله مرة اخرى ثم خرج مسرعًا يلقي نظرة سريعة على دنيا التي مازالت تغط في نوم عميق...
ثم خرج من المنزل بهدوء ليتوجه للمكان الذي اخبرته به لين...
وصل لذلك المكان وبالفعل وجد سراج هناك مع بعض رجاله، حينها ظهرت ابتسامة ظافرة على ثغره وهو يحدق به بتنمر هامسًا:
-واخيرًا وقعت في ايدي يا سراج وقريب اوي الميكروفيلم هيبقى في ايدي.

اخرج هاتفه ليتصل بأحد الضباط في فرقته، فهتف بصوت اجش بعد دقيقة:
-عمر، تعالى على ، سراج موجود هنا هتخليك وراه زي ضله وتعرف هو قاعد فين بالظبط
-تمام يا يزيد باشا حاضر دقايق وهكون عندك
-تمام
أغلق يزيد الخط بسرعة ثم تحرك بذلك الموتوسيكل ليقف في شارع جانبي متخفيًا خلف الاشجار حتى لا يلفت نظر اي شخص...

وبالفعل خلال وقت قصير كان الضابط المساعد امامه، فوقف هو في الخفاء بدلًا من يزيد واستدار يزيد ليغادر مرة اخرى للمنزل...

بينما على الجهة الاخرى وفي المنزل...
استيقظت دنيا من نومتها الطويلة، وتلقائيًا كانت عيناها تمشط تلك الغرفة بحثًا عن يزيد ولكنها لم تجده...
تأففت بضجر وهي تنهض بهدوء، بالرغم من مرور ايام على الصدمة التي تلقتها، ولكن شظايا تلك الصدمة وألامها مازالت عالقة بروحها...!

خرجت نحو الصالون لتجد ثلاجة صغيرة فتوجهت لها ببطء لتفتحها، وجدت بها بعض المشروبات فلفت نظرها زجاجة خمر وضعها يزيد والضباط تحسبًا لأي شيء مثلًا أن يجلب يزيد فتاة مثل لين ويضطر أن يلجأ للخمر كونه يتظاهر أنه فرعون فاسد...
التقطت دنيا تلك الزجاجة تنظر لها متفحصة وهي تهمس بتساؤل فضولي:
-دي إيه دي؟ اكيد مش خمره انا فاكره شكل ازازة الخمره كويس.

فكرة مجنونة قفزت لعقلها فسارت بالزجاجة نحو المطبخ الصغير لتجلب احد الاكواب وتسكب بها بعض الخمر، حدقت بها لوهله بلا اكتراث ثم ابتلعتها مرة واحدة...!
عادةً دنيا شخصية متزنة، هادئة، عقلانية رغم تصرفاتها الطفولية التي لم تطلق سراحها الا عندما اغدقها يزيد بحنانه الابوي الذي افتقدته، ولكنها الان اصبحت كالجماد تمامًا، بلا عقل، بلا اتزان، وربما صحراء جرداء سُلبت منها المشاعر...

بدأ الخمر يظهر مفعوله فبدأت دنيا تشعر بدوار هادئ يداهمها كونها تشرب الخمر لأول مرة...
فسارت تستند على الاشياء وهي تتمتم بحنق بلا وعي:
-ايه ده في ايه، ايه اللي بيحصلي!

دقائق معدودة وكان يزيد يفتح الباب بهدوء، إتسعت عيناه ما إن رأى دنيا تترنح في مشيتها نحو الغرفة بملامح غريبة فقدت اخر اتصال لها بعقل كان مُشرد من الاساس...!
اسرع يركض نحوها ليسندها برفق هامسًا ببحة قلقة:
-دنيا، مالك؟
رمت نظرة متفحصة له، نظرة ثملة غير مرتكزة ولكنها حملت بريقًا غريبًا خافتًا أوهج داخله شعور غريب مثلها، ثم هسمت هي الاخرى بحنق ولكنه ناعم:
-يزيد؟ انت جيت، كنت مع البت صح!

هز رأسه متأففًا يسألها:
-إنتِ سكرانه؟ شربتي خمره من التلاجه صح؟!
رفعت إصبعها بوجهه وهي تغمغم بضيق طفولي أبله:
-رد عليا يا كابتن، كنت مع البت ام لسان معوج صح؟!
اقترب يزيد منها ببطء حينما يلتزمه تبدأ هي تشعر أن خدرٍ ما يُصيب عقلها، فتصبح هي ك كتلة مشاعر مشوشة متحركة فقط!..
وضع يده عند خصرها، بينما يقترب اكثر ليهمس بصوت خشن مثخن بعاطفة غريبة:
-لية؟ غيرانة مثلًا؟!

رفعت هي حاجباها وكأنها تستنكر حديثه، فهزت رأسها نافية وملامحها الثملة تصرخ بالجدية الطفولية وهي تخبره:
-لأ، انا اصلًا مش بغير عليك، بس مبحبش بنت تكلمك ولا تهزر معاك ولا تقرب منك ولا تبصلك ولا تفكر فيك ولا تحلم بيك ولا تتنفس جنبك، بس انا مش بغير!

كادت ضحكة تلقائية تقطر على هدوء ثغره، ولكن شيء ما اقوى منها داعب دواخله بإصرار، شيء ك حرارة تحرق عواطفه فأشعلتها بجنون وعقله يتلقف المعنى الواضح كالشمس من كلماتها...
هي تغااااار، تغاااار عليه من أي انثى!..
انتبه لها عندما اومأت برأسها وشفتاها تتقوس بضحكة بلا مرح ثم اصبحت ضحكات غريبة، ضحكات كانت مجرد حركة لشفتاها مع قهقة عالية هيسترية وهي تردد بذهول مُضحك:.

-يانهار اسووح دي طلعت خمره، كنت حاسه بس مرضتش اصدق!
استمرت ضحكاتها البلهاء، بينما هو كان يقف بصمت، يعلم تمامًا أن تلك الضحكات ما هي الا صورة مزيفة لفرح لم يكن موجودًا اطلاقًا بساحة مشاعرها الداكنة حاليًا...!
وفجأة وجدته يقول لها آمرًا بصلابة:
-كفاية ضحك..

وبالفعل بدأت الضحكة تنسحب من ثغرها ببطء، وكأنها ادركت لتوها أن تلك الضحكة كانت غطاءًا لألم صارخ داخلها، وفجأة كانت تجلس ارضًا كطفلة شريدة، ليجلس هو تلقائيًا جوارها، فوجدها تمد يدها لتسحب كفه العريض لتضعه مكان موضع قلبها تمامًا متجاهلة رعشته الخشنة بلا وعي، لترفع عيناها التي بدأت تلتمع بالدموع كحبتي لؤلؤ وهي تهمس له بألم واضح:
-قلبي واجعني اوي يا يزيد...

تأوه دون شعور ما إن اخترقت كلماتها اذناه، يعلم أنها ليست بوعيها، وربما هذا ما زاد من وجعه عليها، ربما لأنه يعلم أن لا شيء اكثر حقيقةً من الحروف التي تتسرب من بين شفتانا دون وعي او ترقب عقلي...
سحب كفه ببطء، ليقترب مستسلمًا لعمق شعوره بها فكان يطبع قبلة بطيئة حانية على موضع قلبها، لجوار همسته الشغوفة:
-اسف نيابةً عن كل اللي خذلوكي ووجعوكي..!

سمع شهقتها الباكية بوضوح فرفع وجهه لها بلهفة، ولكن لم تدم لهفته طويلًا اذ حلت محلها صدمة من نوع آخر عندما وجدها فجأة ولأول مرة تقترب بتهور لتضع شفتاها على شفتاه في شيء ربما اشبه للقبلة ولكنها ليست قبلة كما يفترض أن تكون اطلاقًا...!

نار احرقته بعنف في تلك اللحظات، واحرقت صدمته التي لم تدم طويلًا فكان هو يتولى مهمة قيادة تلك القبلة التي اصبحت حرب مسلوبة الراء، حرب مشاعر مجنونة تتعارك فيها شفاههما بلا سلطة للعقل، فقط سلطة مشاعرهما الملتهبة هي من تسود...
حاول إطفاء ذلك اللهب داخله وهو يجبر نفسه على الابتعاد، ولكن ما زاد الطين بلًا حقًا هو عندما امسكت هي لياقة قميصه بيداها الصغيرة وهي تردف بنبرة مختنقة بالغيرة وأنفاس لاهثة:.

-ماتبعدش، ولا البت اياها كلت عقلك، مايمشيش معاك انا؟!
لم يعي من حديثها الأبله سوى كلمة واحدة ماتبعدش...
كلمة قتلت المتبقي من ثبات يخبأه بخلاياه العقلية، فكان يعود لشفتاها مرة اخرى بلهفة مجنونة مثبتًا وجهها بكفيه الخشنة...

ولكن اسفًا قطع اهم لحظاتهما صوت هاتف يزيد الذي رن بنغمة خاصة خصصها عند الخطر لبعض اشخاص فريقه المتكفل بمهمة مراقبته وحمايته عندما يحتاج او عندما يتعرض لأي هجوم...
إنتفض يزيد مبتعدًا عنها بسرعة يرد على الهاتف ليسمع صوت احد زملائه يصرخ بسرعة:
-اخرجوا بسرعة يا يزيد، بسررررعة، لاقوكم وهيهجموا عليكم دلوقتي حالًا...!

رمى يزيد الهاتف بجيبه بسرعة وبالفعل لم يمر سوى دقيقة واحدة وكان يزيد يسمع اصوات أشخاص تقترب منهم جدًا...!

26-12-2021 08:48 صباحا
مشاهدة مشاركة منفردة [6]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية طفلة في قلب الفرعون
نوفيلا طفلة في قلب الفرعون للكاتبة رحمة سيد الفصل السابع

ركض يزيد بجنون نحو دنيا التي كانت تقف ببلاهه ضاحكة تنظر له وهو يتحدث وكأن لم يعد لعقلها وجود فلم تعد تستوعب ما يجرى...!
سحبها من يدها بلهفة يزمجر فيها بصوت حاول التحكم بأحباله فخرج خفيضًا:
-اجري يا دنيا مفيش وقت.

واخيرًا حصل على استجابة بطيئة عندما قبضت يدها على يده الخشنة بتحفز وهي تركض بالفعل معه، وفجأة وجدته ينحني ليفتح شيء كالقبو أظهر أنه توجد غرفة اخرى بالاسفل، أنزل دنيا بسرعة ثم تبعها ليغلق القبو عليهم مرة اخرى في نفس اللحظة التي بدأ الرجال فيها يطرقون باب المنزل بعنف وكأنهم سيكسرونه بعد لحظات...

امسك يزيد يد دنيا بإحكام، وكأنه يصك وعدًا صامتًا لها بالحماية مادامت تلك الأنفاس تدخل وتغادر صدره المنحور بعشقها...
فتح باب صغير كان في ذلك القبو ويبدو أنه يطل على شارع جانبي مباشرةً، وكالعادة أخرج دنيا اولًا ثم خرج هو ليمسك تلك السلسلة التي يرتديها دائمًا، ضغط عليها كما فعل في المرة السابقة ليرسل اشارة لفريقه بموقعه...

كاد يسير هو ودنيا التي كانت تتبعه بذهول لا تفهم اي شيء، ولكن فجأة سمعوا صوت احد الرجال وهو يعبر من جانبهم، فجذب يزيد دنيا بعنف من خصرها لتلتصق به حتى لا تظهر امام ذلك الرجل، وتلقائيًا امتدت يده تكتم تلك الشهقة التي كادت أن تتحرر من بين سجن شفتاها الساكن، فكان الوضع كالتالي...

احد الرجال يقف متفحصًا الشوارع بعيناه، بينما دنيا صدرها ملتصق بصدر يزيد الذي كان جامدًا متصنمًا بقلق رتيب ينغز مقر صلابته خوفًا على تلك الصغيرة، بينما هي أنفاسها المرتعدة تعانق أنفاسه الساخنة، وصدرها يعلو ويهبط بتوتر رهيب وهي تسبل اهدابها ليزيد هامسة وهي تحرك شفتاها ليفهمها:
-انا خايفة..!
ولم يكن محتاجًا لتلك الحروف ليدرك ذلك الخوف الذي استوطن عيناها كمُحتل مستوحش...!

ولكنه ضغط على خصرها برفق متمتمًا بصوت مغلق ولكنه حاني سمعته بصعوبة:
-متخافيش طول ما انا جمبك
منحته ابتسامة قلقة حررتها بصعوبة، ربما ما خفف خوفها ونفعها هو تأثير الخمر الذي لم يزول عنها تمامًا...
واخيرًا عاد الرجل لمكانه مع باقي الرجال ليركض يزيد ودنيا بيده نحو سيارة فريقه التي تنتظره، وكان اخر ما سمعه منهم هو صراخ احدهم بجنون باللهجة اللبنانية التي باتت تستفزه:.

-لك شو يعني اختفوا؟ إنشقت الارض وبلعتهن! الله يلعنكم ما بتفلحوا بشي ابدًا...

واخيرًا ركب كلاً من يزيد ودنيا السيارة بسلام لتنطلق بسرعة من تلك المنطقة، كان يتوقع يزيد أن يجدوه بالطبع، وصراحةً قد حمد الله أنهم لم يجدوه بسرعة بل وجدوهم بعد بضعة ايام، تنهد بارتياح عندما خرجوا من تلك المنطقة بسلام واحد زملائه الذي يتولى القيادة نظر له وهو يشير له بإصبعه بمعنى تم وقال:
-متقلقش يا باشا، عدت على خير.

اومأ مؤكدًا له، واخيرًا إنتبه لرأس دنيا التي استكانت على كتفه فجأةً فالتفت لها ليجدها غطت في نوم عميق، كالأطفال تمامًا...!
تابعها بنظرات تقطر شغفًا، نظرات عاشق، نظرات حارة، قلقة من القادم، نظرات محبوب لم يعترف حتى تلك اللحظة أنه سقط في أسر محبوبته...!
همس بينما يداه تربت على خصلاتها بحنان:
-نامي يا طفلتي، ربنا يقويني واقدر احميكي!.

في مصر
وكعادة تلك الأيام، لم يعد يهتم ياسر بعمله، لم يعد يهتم ب مسعد الشامي من الأساس، وكأن سبب اهتمامه ومحوره كان دنيا وفجأة تبخر ذلك المحور فلم يعد أي شيء كما كان...!

دلف ياسر احدى الملاهي الليلية، ولكن قبل أن يدلف وجد احد رجاله الذي كان معه عندما كان ثملًا يركض نحوه بتوتر مناديًا:
-ياسر أستنى
إلتفت ياسر نحوه بلامبالاة متساءلاً:
-خير عايز إيه يا إسلام؟
وضع المدعو بإسلام يده على كتفه ثم هتف بنبرة متوترة، وحروف متمزقة من القلق الذي يفوح منها:
-عايز اقولك حاجة مهمة تعالى نطلع بره
هز ياسر رأسه نافيًا ببرود:
-لأ مش عايز اطلع، هتقول هنا ولا لا.

حَجْم توتره الذي مس كل خلية به، ثم رفع رأسه بهدوء ليتابع اخيرًا بصوت أجش:
-انت المرة اللي فاتت لما كنت سكران قولتلي حاجات كتير يمكن ماكنش ينفع تقولها، قولتلي إن دنيا مش بنت مسعد الشامي و...
قص اسلام كل شيء على مسامعه بينما ياسر كان يقف بجمود، عضلة فكه اهتزت بلا شعور وهو يدرك أنه أطلق الرصاصة التي كانت مستقرة في جوف الماضي...!

وما إن انتهى اسلام من سرد ما حدث حتى قال ياسر بصلابة مُحذرة شابها نسمات مُهددة:
-الكلام ده مايطلعش بره، ومحدش يعرف انك سمعت مني الكلام ده، ولا حتى مسعد الشامي نفسه، فاهم ولا...
اومأ اسلام مؤكدًا بسرعة:
-طبعًا يا باشا، دا انا راجلك ولحم كتافي من خيرك..
اومأ ياسر برأسه دون رد ثم دلف لذلك الملهى، كاد يجلس بملل ولكن فجأة إتسعت عيناه بذهول والمشهد الماثل امامه يحرق اطرافه...!

فقد كانت ابنة خالته الصغيرة تقف على ساحة الرقص وسط الرجال تتمايل بميوعة وترتدي ملابس فااااضحة...!
عقله توقف عن ترجمة مكنونات تلك الصدمة، يحاول الاستيعاب أن ابنة خالته الوحيدة التي رباها على يداه ولم تفترق عنهم سوى عندما أصرّت أن تعيش بمفردها بمنزل والداها الراحلان، أصبحت فتاة ليل...!
وربما كانت تلك الحقيقة الوحيدة في حياته، الحقيقة التي كانت كالصخرة لأمواج الكذب الهائجة دومًا في حياته...

نهض لا اراديًا ولكن قبل أن يصل لها كان صاحب هذا الملهى يقترب منه بلهفة متمتمًا يسأله:
-خير يا باشا، محتاج حاجة؟
رفع إصبعه الذي كان يرتعش حرفيًا نحو ابنة خالته، فقهقه الرجل حينها بارتياح ومن ثم أردف بنبرة ماكرة:
-اااه انا قولت كده برضو، دي عهد، وشهرتها دودي، معاك حق في اختيارك، ناس كتير جدًا بتعجبهم بس هي مش اي حد بتروح معاه يعني..

كلمات ذلك الرجل كانت كبنزين يُسكب بين ثنايا بركان ثائر اوشك على الإنفجار، وألسنة اللهب تصاعدت وتصاعدت، حتى وصلت لأفق صبره فأحرقتها بجنون...
حينها نظر لذلك الرجل ولم ينطق سوى بكلمة واحدة إنطلقت من فمه كالسيف الحاد الذي لن يعود قبل أن يُصيب خصيمه...
عايزها الليلة
رمقه الرجل بنظرة ذات مغزى مستطردًا:
-بس دي غالية شوية يا باشا
-هاديك شيك على بياض...
حينها لم يتردد الرجل وهو يشير لاحد رجاله بسرعة صائحًا:.

-تعالى ياض خد الباشا لاوضة آآ...
ولكن ياسر قاطعه بجمود حاد مُقلق:
-لأ، انا هستنى في عربيتي عايزها في شقتي.

وبالفعل إنصرف دون كلمة اخرى، كاد مظهر ياسر أن يثير القلق في جوارح ذلك الرجل ولكن الطمع أعمى عيناه عن اي شيء اخر...
كان ينتظر بالخارج، يشعر أنه ينتظر على جمر مشتعل يُدمي ويحرق روحه بقسوة...
وخلال دقائق معدودة كانت عهد تتقدم من سيارته بهدوء، فالتوى فمه بابتسامة ساخرة حاقدة، لقد أقنعها بكل سهولة ذلك الحقير، صبرًا يا ابن ادم صبرًا...

شهقة عهد المرتعدة أعادته للواقع، انتقلت أنظاره لها ببطء، هاله الرعب الذي كان يسيل من عيناها بجنون هيستيري، شغل المقود ثم تحرك بسرعة رهيبة دون أن ينطق بحرف بينما هي تهمس بصوت لم تجده اصلًا:
-ي، ياسر!
بعد فترة كان يهبط من السيارة بسرعة غير عقلانية اطلاقًا، يسحبها من ذراعها كالبهيمة نحو تلك العمارة التي أجر بها شقة صغيرة مؤخرًا...

بينما هي تعترض بصمت مختنق وكأنها فقدت القدرة على تكوين جملة واحدة سليمة...!
وبمجرد أن فتح باب شقته حتى رماها للداخل بعنف فسقطت هي ارضًا متأوهه، دلف هو الاخر ليغلق الباب بالمفتاح ثم رماه بلامبالاة في احد اركان الشقة...
بدأ يقترب منها ببطء شديد بينما أصابعه تتحرك بآلية لتفتح ازرار قميصه ثم رماه ارضًا وكأنه لم يعد يطيق أي شيء على مسام جلده التي تغلي...

بينما هي اخذت تتراجع زاحفة ارضًا والرعب يلتهمها حية:
-اسمعني الاول يا ياسر، لو قربتلي هصوت وهلم عليك الجيران
ودون مقدمات كانت صفعة عنيفة تهبط على وجهها، للحظة شعرت أن وجنتها شُطرت نصفان من قوة وقسوة صفعته، وفجأة إنفجر ذلك البركان، وإنطلق الشيطان من جحره فأخذ ياسر يزمجر بجنون مُرعب:
-ليييية، ليييية بعتي نفسك بالرخيص يا رخيصة يا * لية تعملي فيا كده ليييية؟!..

مع كل كلمة كانت الصفعات تتوالى بقساوة على بشرتها الحساسة، فجاهدت هي لتخرج صوتها المبحوح بانهيار باكي:
-أنت السبب، أنت اللي بعتني الاول ومابقتش حتى تسأل عني ولا عن اخباري وكأني مش بنت خالتك الوحيدة اللي انت ربتها على ايدك وكأنها بنتك!
ازدادت صفعاته المجنونة على وجهها وهو يصرخ فيها بصوت زلزل ارجاء المنزل وعروق رقبته بارزة بوضوح وكأنها ستنفجر حتمًا:.

-ما إنتِ اللي مشيتي، إنتِ اللي سبتينا وعيشتي لوحدك عشان تروحي لل* دي يا فااااجرة يا *، بعتي نفسك بكام؟ الفلوس عمت عنيكي خلاص
اخذت تهز رأسها بضعف صارخة هي الاخرى في المقابل:
-لأ، انا مامشيتش عشان اروح للقذارة دي، انت اللي ماكنتش تعرف عني اي حاجة حتى لما كنت في بيتك وجمبك، انت السبب في كل اللي حصل يا ياسر انت السبب.

اصبحت مُسطحة ارضًا وقد فقدت القدرة تمامًا على المقاومة، وجهها وجسدها يأن بألم رهيب من صفعاته وركلاته العنيفة لها، لم تعد تحتمل، ألا يكفي ذلك الألم النفسي الذي ينهش روحها يوميًا، ويُذيب حيويتها كالمرض الذي لا خلاص منه...!
جذبها ياسر من خصلاتها الحمراء بعنف فصرخت بألم ولكنه لم يبالي وهو يقرب وجهها منه، أنفاسه تصفع وجهها الابيض الذي اصبح شاحب كالأموات، بينما الشياطين تتحكم بلسانه وعقله وهو يقول:.

-طب ما كنتي شوفتي ابن خالتك الاول، ده حتى انا اولى من الغريب، وكنت هدفعلك أجرتك برضه يا عاهرة يا بنت ال*
هزت رأسها نافية بهيستيرية، ليقترب هو منها اكثر، يشعر بالجنون، الجنون أسلم وأبسط تعبير لما يشعر به، حتى عندما فقد اثر دنيا تمامًا لم يكن يشعر بهذا القدر من الألم الحارق والجنون...!

جذب شعرها لأسفل بعنف، ودون شعور كان يدفن وجهه عند رقبتها، ويهدر متساءلاً بحروف مرتجفة محترقة بألم كحاله الان وهو ينتظر تلك الاجابة بنفس الترقب والجنون:
-حد لمسك؟
اومأت برأسها ودموعها تزداد انهمارًا كلما مرت الذكرى كالعلقم بذاكرتها، بينما ياسر يزمجر كأسد جريح وهو ينهض ليضرب الحائط بيده بهيستيرية...
ااااااااااااااااه.

يشعر أن شيء كان يخصه هو، شيء ملكه سُلب من بين يداه فجأة، شيء كان لامعًا، كان يظنه محصنًا في أبعد القلاع وأعلاها، ولكن فجأة وجده منتهكًا في اسفل قاع...
وبحركة مباغتة كان يستدير لها مرة اخرى بأعين حمراء يلمع الشر بين سطورها، فبدأ يقترب منها وهو يتخلص من ملابسه، بينما هي تتراجع بذعر نافية برأسها:
-انت هتعمل ايه، لا يا ياسر اوعى تقرب...
فتابع هو بصوت لا حياة فيه:.

-هعاين واشوف اذا كانت البضاعة تستاهل فلوسي اللي دفعتها ولا لا
-لا والنبي يا ياسر ابعد عنييييييي
زادت تلك البحة المتألمة التي اختلطت بصرختها عندما اصبح فوقها يمسك يداها بيد واحدة بينما يده الاخرى تمزق ملابسها بجنون وكأنه يود أن يثبت أنها مازالت ملكه هو رغم كل شيء...! يود أن يخمد تلك الثورة التي تأبى التراجع، فكانت عيناه تأكل جسدها أكلًا...

زاد صراخها المتوسل ليكتمه هو بفمه عندما اكتسح شفتاها ليُقبلها بعنف متعمد، شفتاه تدمي شفتاها بقسوة، ويصدح أنين خافت لم يدري يصدر عنها ام عنه...!

لبنان
في اجتماع يزيد مع باقي ضباط فريقه...
هب منتصبًا كمن لسعته أفعى، يرفض دون تردد وهو يهز رأسه:
-لا طبعًا، دنيا مش هتيجي معايا، انا اللي هدخل اجيب الميكروفيلم لوحدي بمساعدتكم
نهض احد الضباط كذلك يهتف بصوت جاد عقلاني يضاهي نبرة يزيد المُحملة بعاطفة حارقة:.

-يا يزيد رائف بيه معاه حق، البنت دي لازم تروح مش عشان تتفسح! لازم تروح لأن هي اللي كانت قريبة من مسعد الشامي، هي اللي لو شافت حد من مندوبين المافيا اللي في مصر هتعرفهم لو كانوا بيقابلوا مسعد، وكده برضو بطريقة غير مباشرة هنختبر وفائها لينا ونشوف اذا كانت فعلًا هتساعدك ولو قدرت تعرف حد منهم هتقول ولا لا..!

ظل يزيد يهز رأسه نافيًا، كلما تخيل ولو لمجرد تخيل أن يُصيبها مكروه وبسببه!، يشعر كما لو أن جزءًا كبيرًا من روحه يُنتزع بأشواك ضارية ليتركه فتات روح...!
حدق ب زياد الذي كان يتحدث، يرمقه بنظرة حازمة، صلبة لا تحمل ذرة تردد بالية:
-انا لو خدتها مش هكون مركز، هبقى حاسس إني مضغوط جدًا ولازم احميها ومش هكون مركز على هدفي، اخر كلام وعلى مسؤليتي انا اللي هروح وانتم هتبقوا ورايا زي ما خططنا.

أصر زياد على رأيه بريبة:
-بلاش يا يزيد، صدقني أنت بتخاطر وانت متعرفش اساسًا هي فعلًا في صفنا ولا ضدنا! ما يمكن بتكذب وبتمثل
ثم احتدت نبرته وغريزيًا تحولت لإيقاع الشك وهو يسأله مستنكرًا:
-وثقت فيها بسهولة كده يا حضرت الظابط؟ من امتى وانت بتلغي عقلك مع عدوك وخصوصًا لو عنصر ملاوع بالطريقة دي؟!

بدا وهو يناديه ب حضرت الظابط وكأنه يُعيده لنقطة البداية، يُذكره بما محته مشاعره التي فاضت فجأة نحو تلك الدنيا...!
نهض يزيد من مكانه يتنهد بتثاقل، صحيح، منذ متى وكان يزيد الشرقاوي بتلك الهشاشة الفكرية؟!..
هز رأسه نافيًا قبل أن تصله الاجابة من عقله، ليخرج صوته جامدًا رغم الضجة التي تحيط عقله:.

-لأ، انا ماوثقتش فيها، انا بفكر في شغلي مش اكتر! انا فطريًا هبقى بفكر في حمايتها حتى يمكن اكتر من حمايتي، لان هي هتبقى في حمايتي انا، وكده انا هزيد العبء على نفسي!
زفر زياد بيأس وهو يومئ موافقًا برأسه لينهض الجميع عدا يزيد و زياد...
حينها نهض زياد منفعلًا يهدر فيه بحدة صديق ينهر صديقه وليس زملاء عمل:.

-إيه يا يزيد؟ لحد امتى هتضحك على نفسك؟! انت اتجوزتها على اساس انك هتخليها جمبك لاطول فترة ممكنة عشان تاخد منها المعلومات اللي تهمنا بس باللين لان العنف مانفعش معاها، قولتلها انك عايز طفل برضه عشان تقنعها انها تفضل معاك لاطول فترة، عاملتها عادي جدًا ولا كأنها عِشرة عمر عشان تخليها تأمن لك، كل دا قولنا ماشي، انما تبدأ تأثر عليك وعلى شغلك تأثير سلبي لمجرد انك خايف عليها؟! لا يا يزيد لا والف لا، فوق انت مينفعش تثق فيها اصلًا بسهولة كده، فوق يا يزيد دي عدوة ليك وطول عمرها عايشة مع شيطان وتابع ليه في كل حاجة!

كلامه كان ترانيم يستجب لها عقله متشربًا كل كلمة بتمهل وادراك عقلاني، ولكن قلبه، تبًا لذلك القلب، قلبه يزمجر، يصرخ بجنون، ويخوض حربًا تتلاطم فيها تحذيرات العقل وتبريرات ذاك القلب...!
إلتفت له يزيد بصمت وملامحه مغلقة، ثم نطق بعد فترة صمت:
-فوقت يا زياد، فوقت متقلقش!
ثم رفع إصبعه في وجهه محذرًا بخشونة:
-بس برضه مش هاخدها معايا، افهم بقا انا خايف على شغلي اكتر من خوفي عليها.!

وقد إنتصر العقل، إنتصر متجاهلًا قلب يختض اعتراضًا بعنف داخله...
أجبر قدماه على التحرك خارج تلك الغرفة ليتوجه مباشرةً نحو الغرفة التي كانت دنيا تنام بها...
دلف بأقدام كالهلام تكاد تتهاوى، رمى نظرة ملتاعة لتلك الصغيرة التي تحتل ذلك الفراش الصغير، يا اللهي، لاول مرة يمزقه نزاع حاد بين قلبه وعقله...!

اقترب من دنيا يدفعها برفق للداخل فتحركت هي بانزعاج كطفلة مشاكسة لتنزوي في اخر الفراش، ليتمدد هو في المساحة الصغيرة المتبقية من الفراش...
إن كان العقل سينتصر لينتصر، ولكن بعد جولة واحدة يرفرف فيها القلب قربًا لها، جولة واحدة...!

مد ذراعه نحوها ليرفع رأسها ببطء يضعها فوق ذراعه، حينها تحركت بتلقائية لتنام على صدره في خفوت تام، أنفاسها رتيبة ساكنة في هدوء وسكينة طفولية، بينما هو يعيش عذاب قربها، نعم عذاب، عذاب قاتل، أنفاسها الساخنة التي تضرب وجهه عذاب، احساسه بقربها المهلك ذاك عذاب، شعوره بجسدها الغض بين احضانه دون أن يستطع أن يفعل بها ما يجيش بصدره ويحرقه ايضًا عذاب...

تنهد تنهيدة حارة تحمل في طياتها الكثير والكثير، ثم اغمض عيناه بهدوء وراحة لساعات، لساعات فقط ثم ستندلع تلك الحرب!

بعد ساعات قليلة...
بدأت دنيا تتململ ببطء في نومتها، فتحت عيونها الزرقاء بتمهل كقطة صغيرة، كادت تتحرك ولكن شعرت بذراعان يقيدانها بحزم، نظرت جانبها لتجد يزيد يحيط بها بين احضانه وذراعه الاخر يحيط خصرها وكأنها ستهرب من بين احضانه؟!..
ارتسمت ضحكة خافتة على ثغرها وهي تهمس لنفسها ببلاهه:
-لازم يكلبش فيا كده، ظابط بقا!..

ولكن تلك الابتسامة بدأت تنحدر شيءً فشيء لتختفي تمامًا وهي تدرك تلك الحقيقة، لم تكن تحلم او تهلوس، بل كانت حقيقة مريرة!..
حينها رفعت عيناها ببطء تتأمل ملامح يزيد، لطالما شعرت أنه ليس ذاك الفرعون الشيطاني الذي يَدعيه، هو ربما غامض، قاسي، هادئ ومظلم باستفزاز، ولكنه ليس شيطانًا!

وفجأة كان يزيد يفتح عيناه عندما رفعت إصبعها تمرره بخفة على ذقنه الكثيفة وابتسامة طفولية تعود لتحتل ثغرها، للحظة توقفت بقلق من المفاجأة، ولكن إصبعها لم يتوقف بل استمر صعودًا لعيناه تتحسسها ببطء هامسة ببراءة:
-تعرف إن رموشك تقيلة اوي وطويلة؟
حمحم بخشونة وهو يدفع يدها عنه ناهضًا في حركة واحدة، فحدقت هي بظهره متمتمة بتساؤل مستنكر:
-مالك يا يزيد؟

فصحح هو لها تلقائيًا بنبرة خشنة جادة وعملية بطريقة مستفزة لمشاعرها:
-يزيد باشا بما إنك عرفتي اللي فيها بقا...!
نهضت بهدوء متجاهلة كلمته، اقتربت منه بخفة تضع يدها على كتفه بتلقائية وتردد بنبرة مشاكسة لطالما كانت رقتها وطفوليتها تمس تلك النبضات الملتاعة بصدره:
-بجد مالك يا يزيد؟ أنت هتقولي على فكره يعني ف يلا قول!

حينها نفض يدها عن جسدها بحدة خفيفة، واستدار لها، متمسكًا كل التمسك بذلك القناع البارد الذي يخفي الصراع الحاد الناشب داخله، يتابع مستنكرًا بسخرية فجة:
-وجبتي الثقة دي منين اني هقولك يعني؟!
عقدت ذراعيها وهي تجيب بنفس النبرة:
-جبتها من إني مراتك مثلًا...

لأول مرة تنطقها صراحةً أنها زوجته، او لأول مرة تعترف بذلك فعليًا، ولكن اسفًا، ذلك الاعتراف لم يتلقى تهليلًا كما يجب، بل أحرقت أعصابها وتماسكها تلك السخرية التي تنضح من بين عيناه المظلمة كعادته، ليخرج صوته اجشًا، قاسيًا كقسوة السياط:.

-مراتي؟! ده بأمارة ايه يعني؟ ماتنسيش إن جوازنا مجرد صفقة، صفقة عملتها عشان شغلي زي ما عرفتي وانتِ كنتي موافقة عليها عشان غرض مُعين انك تخلصي مني، ف ياريت نتعامل على الاساس ده وماتتعامليش وكأننا متجوزين بحق وحقيقي!
كل كلمة كانت تسقط عليها كانت جلدة قاسية بسوط الواقع، يا الله، كم أسقطها من سابع سماء لسابع أرض؟!..
حاولت التماسك بثباتها الذي بدا انهياره واضحًا مع ارتعاش حروفها وهي تخبره بجمود ركيك:.

-طيب، بما إني خلاص عرفت الحقيقة وعرفت إنك مش متجوزني عشان الطفل، خلينا نتطلق احسن، جوازنا مابقاش له داعي!
إرتجف فكه حرفيًا، شتم ذلك العقل وشتم صديقه الذي ذبذب كل ما كان يحيكه قلبه دون شعور منه حتى، تبًا لكل شيء هو لا يريد سوى أن تكون جواره تحت اي مسمى حتى وإن كانت عدوة!..
استعاد صلابته الحادة وراح يزفر بضيق مستطردًا:
-اول ما نخلص اللي هنعمله هنا وننزل مصر، هطلقك!

وكم بدا متأثرًا، مرتجفًا محترقًا بأنين ملتاع ورافضًا لتلك الكلمة التي تخرج عنوة من بين شفتاه بضغط من ذلك العقل اللعين...!
لم يتحمل اكثر فخرج مسرعًا من تلك الغرفة تاركًا اياها تعاني مرارة الصدمة...

في نفس اليوم مساءًا...
كان يزيد في احدى الغرف يستعد استعداد تام لتلك المهمة، بينما دنيا حبيسة تلك الجدران، والكلمات تتقافز بعقلها من كلمة لاخرى، من حرف لحرف وهي تتذوق مرارة الفقدان التي تزحف لجوفها رويدًا رويدًا...
وفجأة سمعت صوت زياد المنفعل وهو يتحدث مع احد اصدقاؤه عن رفض يزيد اصطحابها وعن فائدتها له إن صاحبته...!

نبضة خلف الاخرى كانت تتسارع بجنون في فلك الخوف من الفقدان الحتمي حتى شعرت أنها ستخترق قفصها الصدري، وذلك القلق يكاد يحرق صدرها...!
لا تتخيل أنه لربما يذهب لتلك المهمة فتصبح الخطوة الفارقة بين عالمنا والعالم الاخر وليست مجرد مهمة وحسب...

بالرغم من أنها متيقنة أنها لن تحميه، بل هو من سيحميها إن ذهبت معه، ولكن حماقة الأنثى وتههورها، قلقها الحاني على من اصبح نبض قلبها، يفيضوا كالسيل على أفكارها فلم يعد للعقل وجود...
طرقت ذلك الباب المغلق عليها بعنف لتجد الباب يُفتح بعد دقيقة ولحسن حظها كان زياد صديق يزيد الحانق هو من فتح لها بوجه يقطر حنقًا ويسألها:
-خير؟
لم تتردد وهي تجبر لسانها على تلك المواجهة المحتدة:
-انا عايزه اروح مع يزيد.

صاح فيها مستنكرًا:
-نعم! تروحي معاه فين؟ هو رايح يتفسح؟!
هزت رأسها نافية تضبط نبرة صوتها على الجدية الصلبة:
-اروح معاه وهو بيجيب الميكروفيلم، انا سمعتك وانت بتقول اني هفيده لانه ممكن يشوف حد من مندوبين المافيا في مصر بس مش هيعرفهم وبالتالي ممكن يهربوا منكم وهو مايكونش عارف انهم مهمين، ارجوك خليني اروح حتى من غير ما يعرف
الافكار تتزاحم بعقله، فكرة تجعله خانع لجدية نبرتها والاخرى تقتل الاولى بضراوة...

ولكن مع استمرار إلحاحها الذي لم يخلو من اشباح القلق:
-ارجوك، اعتقد انكم اكيد هتكونوا وراه من على بُعد، انا هنزل معاكم انتم واول ما نوصل للمكان ده انا هروح ورا يزيد بسرعة! ارجوك انا عايزه افيدكم..
حينها زفر على مهل وبدأ عقله ينحدر نحو الافكار المؤيدة لها، فقال بصوت أجش:.

-طيب، بس على فكرة انتِ هتبقي تحت عينا برضو ف متحاوليش تعملي حاجة كده ولا كده، وبعدين ما اظنش إنك بالغباء اللي يخليكي لسة عايزه تروحي للي قتل والدتك!
ضغط على جرحها بقسوة، نعم، ولكن ذلك النزيف المُهلك لروحها اصبح كالوقود يمدها بطاقة غريبة للأنتقام...!
رفعت عيناها التي تحجرت بزرقتها ومن ثم اردفت بجمود:
-كويس أنك عارف إني مش بالغباء ده! انا بعرف انتقم من عدوي، وبعرف انتقم كويس اوي كمان.

اومأ زياد موافقًا على مضض ليستدير ويغادر استكمالًا للاستعداد...

وبالفعل بعد فترة كانت دنيا تنتقل مع باقي الضباط في سيارتهم دون علم يزيد...
وبمجرد أن اقتربوا من المنزل الذي يقيم به ذلك الرجل المدعو سراج الذي يخبئ الميكروفيلم، هبطت دنيا من سيارتهم لتركب موتوسيكل آخر مثل يزيد ولكنها لم تكن مغطاة الوجه مثل يزيد بل كانت مكشوفة الوجه، لأنهم حينما يروها لن يظنوا لوهله أنها تأتي مع الشرطة لأنها معروفة لهم أنها ابنة مسعد الشامي...

وعندما ترجل يزيد بخفة من الموتوسيكل متوجهًا نحو شارع جانبي يُخرج نحو ذلك المنزل المقصود، ركضت دنيا خلفه وما إن رأته حتى استطاعت لمح ذلك الغضب الأهوج الذي جعل ملامحه تنقبض بقسوة صارخة، بالرغم من أنه ملثم يغطي وجهه بقناع أسود ولكن عيناه كانت عنوان كافي لشروح مطولة من الغضب..
كانت ملتصقة به بخوف يداها استقرت على كتفاه، ومن ثم همست عند أذنه بحنان فطري داعب مشاعره:.

-اسفة، بس مكنتش هقدر استنى وانت رايح جهنم برجليك!
نظر حوله بحثًا عن سيارة فريقه ولكن فشل في ايجادها، شتم بصوت مسموع، ليسألها بحدة واضحة:
-معاكي سلاح طبعًا؟
اومأت مؤكدة برأسها وهمست له متابعة:
-ومعايا GPS متقلقش..

بدأا يتسللا بحذر في ذلك الشارع ويزيد في حالة يرثى لها، مزيج عجيب من القلق على تلك الصغيرة، الترصد، الحذر، والحنق يموج بين ضلوعه...!

وما إن اقتربا جدًا حتى أشار يزيد لها بيده أن تنتظر وتستعد، ومن ثم اخرج سلاحه الكاتم للصوت، ومن مكانه صوب ناحية الثلاث رجال الذين يقفون كحرس على البوابة، ليتساقطوا واحد خلف الاخر، ثم ركض يزيد بسرعة نحو السور ليقفز هو اولاً بسرعة وقفزت خلفه، كانوا يسيران ببطء يلتفتوا هنا وهناك، وفجأة كان شخص ما يجذب دنيا من الخلف بعنف نحوه بعيدًا عن يزيد فصرخت هي بفزع وقبل أن ترفع السلاح كان هو يرميه بعيدًا ويضع سلاحه عند رأسها...

حدث كل شيء بلحظات معدودة، لحظات كانت كالأشباح توغلت لداخل يزيد فجعلته مرتعدًا جازعًا من ذلك المشهد المتمثل امامه فلم تمر سوى دقيقة وكان عدد الرجال يزداد وهم يأتون لتلك الحديقة الصغيرة بينما دنيا عيناها تفيض بخوفًا حقيقيًا، دقيقة وكان سراج يبتسم ابتسامة واسعة وهو يصفق بسماجة متمتمًا بما جعل يزيد كالجماد يحاول الاستيعاب:
-تؤ تؤ تؤ، كده انا ازعل، هو احنا مش بينا اتفاق يا دندن وكنتي ماشيه فل؟!

جملة واحدة كانت تترنح بين افكار يزيد المذهول...
دنيا كانت على اتفاق مع هؤلاء المافيا ! لحظة، الثانية، الصدمة صدحت كصقف يندلع بلا رحمة في سماء صافية فيجعلها أشبه بالجحيم، و...!



المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
قصة شباب طفلة زهرة الصبار
25 2252 زهرة الصبار
الطفلة فيروز – قصة حياة الطفلة فيروز إحدى عجائب السينما المصرية laila
0 502 laila
بدر الدين جمجوم – قصة حياة الفنان زوج الطفلة المعجزة فيروز laila
0 1408 laila
كريم عبد العزيز يكشف كواليسه مع الطفلة سوكا فى فيلم أبو على بعد 15 سنة Moha
0 780 Moha
أعراض إذا ظهرت عليك مراجعة الطبيب فورا.. بعد وفاة طفلة بسبب الإنفلونزا Moha
0 496 Moha

الكلمات الدلالية
رواية ، طفلة ، الفرعون ،


 





# فنون # مشاهير # صحة # منوعات # الأطفال # English # تفسير الأحلام ثقافة # قصص # سيارات Cars # صور # تقنيات # الاجهزة الالكترونية # المطبخ # كلام فى الحب # أبراج # رياضة # ازياء # حكم وأقوال تطوير الذات# خلفيات # صور بنات # مشاهير # ديكور # صباح الخير # مكتوب برقيات شهر رمضان # جمعة مباركة # حب رومانسية # عيد # ادعية # خلفيات كرتون # منوعات # موضة # الأم # أطفال # حيوانات # صور ورد # اكلات # New Year # مساء الخير # اللهم صلي علي النبي # القران الكريم # صور نكت # عيد ميلاد # اعلام # سيارات # تهنئة الخطوبة # حروف واسماء # الغاز # صور حزينة # فساتين # هدايا # خلفيات النادي الاهلي # تسريحات شعر # الاصدقاء # بوستات نجحت # خلفيات نادي الزمالك # حب رومانسية # تهنئه # ازياء # صور بنات # صوره وكلمه خلفيات # كرتون # بروفايل رمزيات # دينية # سيارات # مضحكة # أعلام # مسابقات # حيوانات # ديكور # أطفال # أكلات # حزينة صور شباب أولاد ر# صور # الطب و الصحة # مقالات عامه # CV المشاهير # وصفات الطبخ # العناية بالبشرة غرائب وعجائب # قصص روايات مواعظ # صور حيوانات # وصفات الحلويات # الرجيم والرشاقة # نكت مضحكة # صور خلفيات # العناية بالشعر # شروحات و تقنيات # videos # Apps & Games Free # موضة أناقة أزياء # سيارات # ديكور # رعاية الأطفال # نصائح المطبخ # موبايل جوال # الفوركس # التعليم والمدارس # الحمل و الولادة # اخبار الرياضه # وظائف # صحة المرأة # حوادث # صور بنات # صور اطفال # مكياج و تجميل # عناوين بنوك شركات محلات مطاعم # العاب الغاز # عيد # كلمات الاغانى # اشغال فنيه واعمال يدويه # مصر # أشعار خواطر # للنساء فقط # للرجال فقط # صور شباب # علاج النحافه # رسائل SMS # أكلات نباتية - Vegetarian food # برامج الكمبيوتر # المراهقة # جمعة مباركة # blogger # رعب # لعنة العشق # حب # اسلامية # قاسي ولكن أحبني # أحفاد أشرار الحرب لأجلك سلام # أسمى معاني الغرام # حقيقية # لقد كنت لعبة في يده # ملهمة # أباطرة العشق # عربية # حب خاطئ # لست مميزاً # من الجاني # مشاهير # راقصة الحانة # اغتصاب طفلة # عاشقان يجمعهم القدر # الطريق الصعب # خيال علمي # أشواك الحب # تاريخ # سجينة ثوب الرجال # لروحك عطر لا ينسى # أطفال # عشق وانتقام # لازلت أتنفسك # لقاؤنا صدفة # للحب معان أخرى # خاتم سليمان # ممن أنتقم # نجاح # أبواب وهمية # حلمى فى صفيحة قمامة # فيلم # مجنون بحبك # بين شباكها # حزينه # رحلات جوليفر # عذاب قسوته # عندما ينادي الشيطان # لعنة حبك # مريم وامير # هدوء في قلب العاصفة # الحاسة السادسة # المشعوذة الصغيرة # عباقرة # لوعة العشق # حروب # قدر بالإجبار # بنات مضحكه# فوركس Forex# صحتك # الصور والخلفيات # الطبخ والحلويات # منوعات # اخبار الفن # القصص و الروايات الألعاب الرياضية # الحياة الزوجية # أزياء وملابس # الأم و الطفل # دراسات لغات # افكار منزلية # انترنت تكنولوجيا # صفات الابراج # حيوانات ونباتات # تفسير الاحلام # معانى الاسماء # خواطر و اشعار # الكون والفضاء اجمل نكته# Mix # Forex # youtube # foods # Kids # Health education # stories # News # kitchen # woman # Famous # Sport # Animals

-------

الساعة الآن 07:32 مساء