رواية عاشق المجهول الجزء الأول للكاتبة أمنية الريحاني الفصل العشرون
( حب لا تراه الشمس )
فى المستشفى: تجلس فاطمة فى غرفتها على سريرها شاردة حزينة، تفكر فى خالد التى تعلم جيدا مدى غضبه من فعلتها، ولكنها لم تتوقع أن يصل غضبه منها ألَّا يطمئن عليها بعد هذا الحادث الصعب، نظرت إلى مريم النائمة أمامها على إحدى الأرائك، وعادت إلى شرودها من جديد، وبنما هى فى شرودها، تجد من يدخل عليها الغرفة ليقطع عليها شرودها، ترفع عينيها لتجد أمامها خالد فاطمة: أبيه خالد !
فى فيلا الصفدى: تنظر غالية لعاصم الواقف أمامها فى صدمة، وبعدها تركض نحوه تريد إحتضانه قائلة: عاصم، أخويا، حمدا لله على سلامتك يا أخو... ولكنه يمنعها أن تحتضنه ويوقفها بيده، فتنظر له فى صدمة قائلة: مالك يا عاصم، بعد كل سنين الغيبة دى مش عايزنى أحضنك، ولا نسيت إنى أختك ينظر لها عاصم فى سخرية قائلاً: أختى ! أختى اللي رمت كل حاجة بينا ورا ضهرها وراحت تدور على مصلحتها وبس، مهمهاش هى هدوس على مين فى طريقها، حتى لو كانت اللي هدوس عليه هو أخوها شقيقها، أختى اللي رمت بنت أخوها فى الشارع، ومفرقش معاها هتروح فين ولا هتعمل إيه، رمت لحمها ودمها بعد ما جرحتها بكلامها السم، وفى الأخر بتسألينى مش عايز أحضنك ليه.
غالية: وانت جاى بعد كل السنين دى تدينى محاضرة ؟ عاصم: لا يا بنت إبراهيم الحديدى، أنا جاية أحذرك غالية: تحذرنى؟! تحذرنى من إيه إن شاء الله؟ عاصم: أحذرك إنك تفكرى ولو مجرد تفكير إنك تآذى بنتى فاطمة تانى، لا بالفعل ولا حتى بالكلام، اللي هنتيها فى غيابى وجرحتيها دى أسمها فاطمة الحديدى، والحفيدة الوحيدة اللي بتحمل اسم الحديدى، فاهمة كلامى؟
تنظر له غالية فى قلق، فحديثه الصارم معاها وشدته جعلها لا تستطيع أن تنطق أمامه بكلمة واحدة، ليكمل حديثه قائلاً: حاجة كمان، اللي كنتى فاكرة إنك مخبياه طول السنين اللي فاتت، واللي كنتى خايفة يتكشف بعد رجوعى، وهو نفسه اللي خلاكى تطردى بنتى من بيتك، عايز أقولك إنى رجعت خلاص يا غالية، وكل المستخبى هيبان، وميراث الحديدى هيرجع لصحابه غالية فى غضب: آه قول كده بقى، أنت جاى عشان الورث، بس أنت مسافر وعارف إن أبونا الله يرحمه غضبان عليك، وهو قالك إنه هيحرمك من الورث، ودا اللي حصل، هو مات وهو غضبان عليك وكتب كل حاجة باسمى قبل ما يموت بأسبوع واحد ينظر لها عاصم فى هدوء قائلاً: خلصتى كلامك ؟ دورى بقى أنا اللي أرد عليكى، بس ردى يا غالية هيكون مش بالفعل مش بالكلام، صدقينى ردى هيوجعك أوى.
وقبل أن يهمّ عاصم بالمغادرة، نظر لغالية قائلاً: آه نسيت أقولك حاجة، عارفة مشكلتك إنك رغم حقدك وقلبك القاسى برضه غبية، وللأسف اللي هيدفع تمن غباءك بنتك، إنتى النهاردة من غير ما تحسى عيدتى لبنتك نفس اللي عملتيه مع مريم زمان، فاكرة يا بنت أبويا ولا نسيتى، على العموم حتى لو نسيتى غادة بنتك هتفكرك، عن إذنك ولكن يوقفه عادل قائلاً: رايح فين يا خالى ؟ عاصم: رايح أطمن على بنتى، وربنا يبعدك يا ابنى عن شرها.
يغادر عاصم بعد أن فجر براكين الخوف فى قلب غالية، فنظرت ليحيي الواقف فى الأعلى ينظر لما يحدث فى ترقب، وبادلها بنظرة سخرية وتركها وغادر إلى غرفته ونعود إلى فاطمة فى المستشفى وفرحتها بعد أن دخل عليها خالد فاطمة: أبيه خالد ! خالد: كنت عارف إنك لسه صاحية، وإنك مش هيجيلك نوم قبل ما آجى وأطمن عليكى فاطمة: أبيه خالد، أنا آسفة، أنا مكن..
يقترب منها خالد فى هدوء قائلاً: هشششش، خلاص يا فاطمة أنسى اللي فات، أنا عايز الأيام اللي فاتت دى تتمسح من حياتنا، المهم إنك دلوقتى معانا وبخير تنظر له فاطمة فى حزن، وتلتمع عيناه بالدموع قائلة: أبيه، هو حضرتك صحيح أضربت بالنار بسببى لما أتخطفت؟ خالد: مين اللي قالك الكلام ده يا فاطمة، غادة مش كده ؟ توميء له فاطمة رأسها فى حزن، فيكمل حديثه قائلاً: وحتى لو دا فعلا حصل، دا يزعلك ؟ فاطمة: طبعا يزعلنى يا أبيه، أنا مقدرش أتخيل يحصلك حاجة وحشة، عشان كده أنا قولت لبابا إنى عايزة أسافر.
خالد: تسافرى ؟! تسافرى وتسيبينا يا فاطمة ؟! فاطمة: أهون عليا أتعب وأنتوا بعيد عنى، ولا إنى أكون سبب فى كل حاجة وحشة تحصلك زى ما أبلة غادة قالتلى خالد: طب وإنتى هتصدقينى ولا تصدقى كلام غادة؟ فاطمة: هصدقك طبعا.
خالد: إنتى عمرك ما كنتى يا فاطمة سبب غير كل حاجة حلوة فى حياتى، بصيلى كده يا فاطمة، أنا خالد اللي كنتى بتشوفيه الأيام اللي فاتت، خالد اللي كان موجود الأيام اللي فاتت كانت إنسان ضايع يائس من حياته، إنسان شايف الحياة سودا أدامه، شايف إن الحياة مبقاش فيها أمل، لكن اللي أدامك دا خالد اللي شوفتيه أول مرة، أيوا يا فاطمة أنا رجعت لنفسي وفوقت من تانى، عارفة مين السبب فى ده يا فاطمة؟
تنظر له فاطمة فى تساؤل، ليجيب قائلاً: إنتى يا فاطمة، لولا كلامك معايا، ووقفتك جنبى طول الفترة اللي فاتت، مكنتش عديت اللي كنت فيه، والله أعلم كان ممكن يحصلى إيه، إحساسي إنى مهم فى حياتك وإنى مصدر القوة والأمان بالنسبة ليكى، أدانى قوة غير طبيعية إنى أكمل، وأفضل ضهرك وسندك، عرفتى بقى إنك مهمة فى حياتى زى ما أنا مهم فى حياتك.
توميء له فاطمة رأسها بالموافقة، وقد أحتلت السعادة ملامح وجهها، ليكمل حديثه قائلاً: ها يا طمطم يا مجنونة لسه مصممة تسافرى وتسيبى أبيه خالد بعد كل ده، ولا ناوية تكملى معايا حلمك وتدخلى كلية الهندسة، وتبقى شريكة معايا فى شركتى ويأتى صوت من خلفهم قائلاً: أنا كمان عايز أعرف إجابة السؤال ده يا فاطمة ينظر كلا من فاطمة وخالد للصوت، ليجدا عاصم هو صاحب هذا الصوت فاطمة: بابا.
يقترب عاصم من فاطمة قائلاً: أنا شايف إن صحتك ما شاء الله بقت أحسن عن الضهر، يعنى ممكن تسافرى قريب فاطمة فى تردد: أسسسااافر ! عاصم: أيوا تسافرى، مش ده اللي كنا متفقين عليه الصبح ينظر لخالد مكملاً حديثه قائلاً: ولا فى حاجة خلتك تغيرى رأيك وقبل أن تجيب فاطمة، نطق خالد قائلاً: لا يا عمى، فاطمة بعد إذنك مش هتسافر، فاطمة هتفضل معانا، وأنا بنفسى اللي هراعى بمذاكرتها، لحد ما تحقق حلمها وتدخل الكلية اللي هى عايزاها.
عاصم: طب يا ترى دا رأى فاطمة كمان وينظر لفاطمة قائلاً: ها يا فاطمة، قولتى إيه، هتسافرى ولا هتفضلى هنا؟ فاطمة: لا هفضل يا بابا ينظر عاصم لخالد قائلاً: تعالى معايا يا خالد، عايزك فى كلمتين برة خالد: طب أطمن على أمى، أنا معرفش إزاى مصحيتش على صوتنا كل ده؟! عاصم: لا أطمن عليها، مريم لما بتنام بعد خوف أو قلق، بتبقى زى القتيلة مبتحسش بحاجة، ويمكن متصحهاش غير بكرة الصبح ينظر له خالد فى دهشة، ليجيبه قائلاً: تعالى نتكلم برة.
فى الطائرة: تجلس غادة وبجانبها وليد، تنظر له غادة قائلة: أنا مش مصدقة يا وليد إننا مسافرين إيطاليا، متعرفش أنا كان نفسي أروحها من زمان إزاى وليد: حبيبتى طول ما إنتى معايا أحلامك بالنسبة لى أوامر، وبعدين أنا اللي طلبت من بابا إنى أمسك فرع شركته فى إيطاليا عشان أبقى أنا وإنتى بعيد عن كل الناس، وأعرف أعبرك على مشاعرى ليكى تنظر له غادة وعلى وجها إبتسامة رضا وتكمل حديثها: بس أنت وعدتنى إنى هنزل على الإمتحانات عشان أمتحن وأرجع تانى مش كده ؟ وليد: طبعا يا حبيبتى، وأنا عند وعدى ليكى، وأوعدك إنك مش هيشغلك أى شيء عن دراستك، وكمان لما نوصل هناك محضرلك مفاجأة غادة: مفاجأة إيه؟ وليد: مستعجلة على إيه لما نوصل هتعرفى
ونعود إلى المستشفى وحديث عاصم مع خالد عاصم: اسمعنى يا خالد يا ابنى، أنا عارف إن صدمتك فى حبك لغادة كبيرة، وعارف إحساس الواحد لما يحي ويقعد يبنى أحلام وطموحات على حبه، وفى الأخر تيجى ضربة تهد كل ده خالد: وحضرتك تعرف الإحساس ده منين؟
عاصم: لإنى جربته يا ابنى قبلك، جربته من زمان، من سنين طويلة أوى أكتر من عمركم بكتير، حبيت لا مكنش حب تقدر تقول كان عشق، وبنيت أحلام ومستقبل على حبى ده، كنا بنحلم بالبيت الصغير اللي يجمعنى معاها، والاولاد اللي هيكملوا فرحتنا، لكن فى لحظة كل ده أتغير، والبيت الجميل بقى سراب، وكل الحب والفرحة اللي جوا قلوبنا أتحولت لحزن ووجع خالد: إيه اللي حصل يا عمى ؟
عاصم: أتجوزت، فى غمضة عين لقيتها أتجوزت واحد غيرى وبقت ملك ليه، ومبقاش من حقى حتى أكلمها، غضبى من ناحيتها وصل لدرجة إنى مبقتش طايق أشوف وشها، حتى لما جوزها مات حاولت تكلمنى وتفهمنى الحقيقة، بس أنا غضبى كان عامى قلبى عنها، كان مغطى قلبى القسوة والوجع من ناحيتها، وللأسف عرفت الحقيقة متأخر أوى بعد ما هى كانت أتجوزت تانى بعد ما يائست إنى أسمعها، شوفتها وهى بتضيع منى لتانى مرة، ومقدرتش أحافظ عليها، كان المفروض أخطفها من الكوشة وهى جنب عريسها، وأقوله كفاية بقى دى بتاعتى حبيبتى، أنا محبتش غيرها، لكن كنت ضعيف وأستسلمت للأمر الواقع، وسيبتها تضيع ويضيع معاها أخر أمل لحبى ليها خالد: ياه إيه الوجع ده.
عاصم: لكن أنا موقفتش حياتى، كملت وعشت، أتجوزت والدة فاطمة، صحيح أنا مقدرتش أحبها زى ما حبيتها، بس كنت مقدر كل لحظة هى حبتنى فيها وحافظت عليا وعلى بيتى، وكفاية إنها جابتلى نور عينى وحبيبتى فاطمة، انا بقولك الكلام دا ليك أنت مخصوص يا خالد لأكتر من سبب، السبب الأول لأنى شفت فيك نفسى، شوفت وجعى زمان لما حبيبتى ضاعت منى، بس يمكن يكون حظك أحسن منى وربنا يكرمك بواحدة تحبها بجد وتلاقى حبك الحقيقى معاها خالد: وتانى سبب؟ عاصم: تانى سبب لأن من حقك تعرف قصتى، ولأنك الإنسان الوحيد اللي ممكن يغير نهاية قصتى ويرجعلى الأمل، ويرجع الفرحة لقلبى من تانى خالد: قصد حضرتك إيه، مش فاهم؟ عاصم فى تردد: قصدى إنى حبيبتى اللي كلمتك عليها ... هى ... مريم ... والدتك خالد: نعععععم.
فى إنجلترا: يدخل وليد أحد البيوت الكبيرة فى إنجلترا وبرفقته غادة وليد: أدخلى برجلك اليمين يا عروسة تنظر غادة بإعجاب للمنزل وهى تتجوله قائلة: الله يا وليد، مكنتش أعرف إن البيت حلو أوى كده وليد: عجبك يا حبيبتى ؟ غادة: جدا يا وليد وليد: كويس، سهلتى عليا المهمة تنظر له غادة فى تعجب قائلة: مهمة إيه، وإيه هى المفاجأة اللي قولت محضرهالى ؟
وليد: ما هى دى المفاجأة يا برنسيسة غادة: وليد، أنا مش فاهمة حاجة وليد: أفهمك، من النهاردة البيت اللي عجبك ده هيبقى سجنك اللي مش هتخرجى منه غير لما إنتى تموتى أو أنا بعد الشر عليا يعنى أموت غادة: وليد بطل هزار من فضلك وليد: ومين قالك إنى بهزر أنا بتكلم جد، ومن النهاردة إنتى ملكيش أى حقوق عليا، هتقعدى هنا زيك زى أى كرسى، لا تقوليلى رايح فين ولا جاى منين، وأنا لو جالى مزاجى هجيلك أقعد معاكى شوية، دا لو جالى مزاجى يعنى غادة: أنا عايزة أنزل مصر حالاً يجذبها وليد من شعرها قائلاً: صوتك دا ميعلاش عليا إنتى فاهمة، وكلامى مش هرجع فيه، خروجك من هنا على جثتى.
غادة: طب ليه أنا عملتلك إيه، عشان تعمل فيا كل ده، فين وعدك ليا بالسعادة، وإنك هتعوضنى بحبك ؟ وليد: وعد إيه يا ماما إنتى بتصدقى، دا كان كله كلام، أنا ليه بقى فعشان أربيكى وأعلمك إن مش وليد الحسينى اللي تتنكى عليه، وهدفعك تمن كل لحظة هنتينى فيها، وأستكبرتى عليا، عشان خاطر الكحيان اللي اسمه خالد غادة فى غضب: أخرس، خالد دا برقبتك.
يصفعها وليد على وجهها بشدة حتى أن الدماء نزفت من فمها، وصرخ فيها قائلاً: أنا هعلمك تقلى أدبك عليا إزاى يا بنت غالية وتركها وهمّ أن يغادر، ولكنه عاد إليها من جديد قائلاً: مش عايز أنبهك إنك لو حكيتى لأهلك على أى حاجة، هتوصليلهم فى نعش، عن إذنك نظرت غادة إلى أثره فى بكاء، وتذكرت كلمات خالد معاها " غادة إنتى من النهاردة برة حياتى، وربنا يهنيكى مع اللي أخترتيه عشان تكملى حياتك معاه" وعلمت أنها قد أختارت أن تموت حية بين أحضان من لا يرحم وقد كتب مصير غادة، فما فعلته غالية من قبل فى مريم، ستلقاه غادة، وحقا من قال داين تدان ولو بعد حين.
بعد مرور عدة أيام فى منزل مريم: تدخل فاطمة وهى تستند على خالد وعاصم ومعه مريم مريم: حمدا لله على سلامتك يا حبيبتى فاطمة: الله يسلمك يا ماما خالد: نورت بيتك يا طمطم فاطمة: متشكرة يا أبيه عاصم: حمدا لله على سلامتك يا حبيبتى، اوعى تكرريها تانى.
فاطمة: حاضر يا بابا عاصم: أنا هسيبك دلوقتى عشان ترتاحى، وهعدى عليكى تانى مريم: طب أستنى لما تتغدى الأول قبل ما تمشى ينظر لها عاصم مبتسماً، فخجلت مريم من إندفاعها ونظرت إلى الأرض ولاحظ خالد هذا عاصم: مرة تانية معلش ينظر عاصم لخالد نظرة ذات مغزى، يومئ له خالد برأسه، ويتركهم ويغادر مريم: تعالي بقى يا طمطم أدخلك أوضتك ترتاحى ينظر خالد لوالدته قائلاً: ماما من فضلك بعد ما تدخلى فاطمة أوضتها، عايز أتكلم معاكى شوية مريم: حاضر يا حبيبى.
فى مكتب سيد فواز المحامى: تجلس غالية أمام سيد ويبدو عليها القلق غالية: وبعدين يا أستاذ سيد، عاصم رجع، أنا خايفة يفتح ف اللي فات ويكشف لعبتنا سيد: يا مدام غالية، عاصم بيه مش محتاج يدور ورانا ولا يفتح فى اللي فات غالية: قصدك إيه مش فاهمة؟ سيد: قصدى إن إبراهيم بيه الله يرحمه قبل أما يموت بحوالى ست شهور كتب معظم ثروته باسم فاطمة بنت عاصم بيه، دا لما عرف إن عاصم بيه خلف، وكان ناوى يكلمه عشان يرجع ويصالحه، لولا التعب اللي جاله غالية فى غضب: أنت أتجننت يا سيد، إيه اللي بتقوله ده ؟
سيد: اهدى يا مدام من فضلك عشان نعرف نتكلم غالية: نتكلم نقول إيه، أمال عقد البيع اللي أنت ساعدنى عشان نمضى عليه أبويا قبل أما يموت كان إيه؟ سيد: كان مجرد عقد أبتدائى، ملوش أى لزمة، لأنه حتى متسجلش فى الشهر العقارى، وأى عيل متخرج من الكلية لسه ممكن يطعن فيه، دا غير إن عقد البيع بتاع عاصم بيه أقدم بأكتر من ست شهور، يعنى كان إبراهيم بيه الله يرحمه لسه بصحته، دا غير إنه متسجل فى الشهر العقارى غالية: وأنت إزاى مقولتليش على الكلام ده؟
سيد: أولا لأنى كنت مستنى عاصم بيه يظهر عشان ياخد حقه، ثانيا كان لازم أمشى معاكى للأخر عشان متروحيش لحد غيرى، وساعتها ممكن يعرفك اللعبة بسهولة، ثالثاً ودا الأهم مش أنا يا هانم اللي أبيع ضميرى ولا أزور فى حق يتيم، أنا لحم كتفاى من خير إبراهيم بيه، وعمره ما هقدر أخون أمانته لأى سبب غالية: أنت حيو... يقاطعها سيد قائلاً: شرفتى المكتب يا غالية هانم وقبل أن تدخل، تجد عاصم يدخل عليهم مبتسما قائلاً: مش قولتلك ردى هيبقى فعل مش كلام غالية: عاصم، أنت كنت عارف ؟
عاصم: أكدب عليكى لو قولت إنى كنت عارف من الاول، بس كنت واثق إن أبويا الحاج إبراهيم، اللي حج بيت الله، واللي رجولة الصعايدة بتجرى فى دمه، عمره ما هيخالف شرع الله ولا يضيع حق أبنه، دا غير إن استاذ سيد أول لما نزلت مصر بعتلى وقالى على مل حاجة تنظر له غالية فى غيظ وتهمّ أن تغادر ولكن يوقفها صوت سيد قائلاً: مدام غالية، نسيت أقولك، قصر الحديدى هو كمان مكتوب باسم فاطمة الحديدى يقترب منها عاصم قائلاً: ياريت تنسى أى فلوس ومصالح، وتعرفى إن ليكى أخ واحد، وبنت أخ واحد، ويوم ما تحتاجى لحضنى هتلاقينى يا غالية تنظر له غالية فى سخرية، وتتركه وتغادر.
ينظر عاصم لسيد قائلاً: أنا مش عارف أشكرك إزاى يا سيد على كل اللي عملته معايا سيد: عيب يا عاصم، إحنا صحاب، ووالدك كان زى أبويا عاصم: قليل أوى لما تلاقى حد يراعى العشرة فى زمنا ده سيد: المهم دلوقتى أنت الوصى على بنتك فاطمة، وتقدر تتصرف فى كل أملاكها ينظر عاصم إلى الفراغ ويبتسم إبتسامة رضا.
فى منزل مريم: تنظر مريم لخالد فى صدمة قائلة: أنت عرفت الكلام ده منين يا خالد؟ خالد: مش مهم عرفت منين دلوقتى ؟ مريم: هو اللي قالك مش كده؟ خالد: يا أمى اللي كان بينك وبين عمى عاصم مش حاجة تخجلى منها، دا حب، وحب طاهر وقوى، وحضرتك أتوجعتى كتير، وهو كمان، مش كفاية عليكم عذاب لحد كده.
مريم: أنت متعرفش حاجة يا خالد خالد: لا يا أمى، أنا أعرف كل حاجة، وموافق ومعنديش أى مانع، بالعكس أن بشجعك تروى نبتة الحب اللي كانت موجودة فى قلبك من زمان، واللي أنا واثق أنها لسه عايشة ومحتاجة بس نراعيها عشان تكبر وتنبت، ها يا أمى، أرد عليه أقوله إيه؟ مريم: قوله مش موافقة يا خالد.
بعد مرور عدة شهور: تدخل فاطمة إلى مكتب خالد فى شركته الجديدة التى أسسها مع صديقه حسام وفى يدها هدية، لتجده جالس منهمكا فى العمل، وحين رؤيته لها يتجه ناحيتها ويرحب بها خالد: نورتى الشركة يا طمطم فاطمة: دا نور صاحبها يا أبيه، الشركة حلوة أوى يا أبيه خالد: قوليلى مين اللي جابك؟
فاطمة: بابا بعت معايا العربية بالسواق، أعمل إيه بقى، مش حضرتك اللي صممت تأسس الشركة هنا فى القاهرة وتتعبنا معاك خالد: معلش خليها عليكى، فرص الشغل هنا أفضل، وبعدين بكرة تدخلى الجامعة وتيجى هنا القاهرة فاطمة: يسمع منك ربنا يا أبيه خالد: قوليلى بقى إيه اللي فى إيدك ده؟ تقدم فاطمة الهدية لخالد قائلة: دى هدية لحضرتك بمناسبة الشركة الجديدة يفتح خالد الهدية ليجدها لوحة صغيرة توضع على المكتب مكتوب عليها " خالد حسن محمد، رئيس مجلس الإدارة" يضحك خالد قائلاً: ياه يا طمطم، خلتينى رئيس مجلس إدارة مرة واحدة، دى يا دوبك الشركة لسه بتبدأ فاطمة: بكرة الشركة اللي مش عجباك دى تكبر، ويبقى ليها فروع كمان، وساعتها هتلاقى يافتة كبيرة مكتوب عليها شركة البدر للمقاولات الهندسية.
بعد مرور اربع سنوات: تقف سيارة فخمة أمام إحدى المبانى، وينزل منها خالد مرتديا بدلته السوداء ويخلع نظارته السوداء ناظرا إلى لافتة الشركة الكبيرة المكتوب عليها " شركة البدر للمقاولات الهندسية"...
رواية عاشق المجهول الجزء الأول للكاتبة أمنية الريحاني الفصل الحادي والعشرون
( حب لا تراه الشمس )
فى شركة البدر: يدخل خالد مكتبه بعد أن يلقى التحية على هدى السكرتيرة الخاصة به، وبعد أن يجلس على مكتبه يمسك بهاتقه طالباً رقم فاطمة، فتجيبه فى كسل قائلة: ألو خالد: صباح الخير على أحلى طمطم فاطمة: صباح الخير على أحلى أبيه خالد خالد: إيه يا طمطم، طالبة معاكى كسل ولا إيه ؟
فاطمة: لا يا أبيه أنا قومت أهو، أنا بس كنت سهرانة بذاكر طول الليل خالد: فى حاجة وقفت قصادك وإنتى بتذاكرى؟ فاطمة: مفيش حاجة ممكن تقف قصادى وانا معايا أشطر مدرس ومهندس فى الدنيا يضحك خالد قائلاً: ماشى يا رافعة معنوياتى إنتى، المهم ماما عزماكى على الغدا النهاردة ؟ فاطمة: يا حبيبتى يا ماما، وحشتنى والله خالد: ما هو لو مكنش عمى عاصم صمم ينقل كل شغله القاهرة عشان كليتك، ويجيب شقة ليكى إنتى وهو وصمم ياخدك مننا كان زمانك لسه عايشة معانا دلوقتى.
فاطمة: معلش بقى يا أبيه، هو قال إنى كبرت وهو عايز يقعد معايا ويعوض الوقت اللي بعدت فيه عنه خالد: ماشى يا حبيبتى، متتأخريش تغلق فاطمة الهاتف مع خالد وتنظر بجانبها إلى الصورة الموضوعة والتى تخص خالد، تمسك فاطمة بالصورة وتنظر إليها فى حب قائلة: لو تعرف إن مكالمتك ليا كل يوم الصبح هى اللي بتدينى النشاط والأمل طول اليوم، ربنا ما يحرمنى منك وتفضل قوتى وسندى.
ونعود لخالد الجالس على مكتبه يراجع بعض الرسومات الهندسية، فيدخل عليه شريكه وزميله حسام، يرفع خالد عينه لحسام قائلاً: تعالى يا حسام، عملت إيه ؟ يجلس حسام على الكرسى المقابل لخالد فى إرهاق قائلاً: أتهديت يا أخويا، من المشروع ده للمشروع ده، أنا عايز أعرف شركة طويلة عريضة زى دى، وأنت مصمم إنى أنا وأنت نقوم بمعظم شغلها خالد: أمال جنابك عايز تعمل إيه، تقعد معلم وصبيانك هما اللي يشتغلوا.
حسام: يا خالد إحنا تعبنا أوى على ما بنينا الشركة دى، وكبرناها، وخليناها من شركة صغيرة لشركة كبيرة راس مالها ملايين، والكل بيتهافت عشان يتعامل معاها، أربع سنين دلوقتى من ساعة ما أنشأناها وإحنا مبنعرفش النوم، بنقوم بكل صغيرة وكبيرة فيها، مش من حقنا نرتاح شوية، وغيرنا هو اللي يشتغل وإحنا نشرف عليها.
خالد: أنت قولتها بنفسك إحنا تعبنا عشان نبنيها، وانا معنديش إستعداد كل اللي عملناه يضيع، محدش هيحافظ على اللي إحنا عملناه ولا يعرف قيمته غيرنا، وبعدين مش كل يوم الموال ده، كلها سنتين وفاطمة تتخرج وتبقى مهندسة وتيجى تساعدنا حسام: صلاة على النبى، وإحنا لحد ما أنسة فاطمة تتخرج هنفضل مسحولين كده ؟ خالد: خلاص دا أنت صداع، انا كلمت هدى هى ليها قريبتها مهندسة ولسه متخرجة، هتيجى أقابلها ولو كويسة هعينيها وأخليها تساعدك حسام: أيوا كده، الله ينور عليك، لما أروح أنا مكتبى أحط رجلى فى شوية مية وملح خالد: مية وملح ؟! تصدق أنا شاكك إنك مهندس أصلا.
يهمّ حسام بالمغادرة ولكنه يعود لخالد قائلاً فى مرح: بقولك إيه ما تجوزينى طمطم، وأهو يبقى زيتنا فى دقيقنا يضربه خالد بأحد الكتب التى أمامه، فيركض سريعاً قبل تصيبه، ينظر خالد للفراغ قائلاً: صبرنى يارب فى كلية الهندسة: تتجه فاطمة ناحية باب الكلية، ولكنها تلمح شخصاً ما يقف بعيداً فتنادى قائلة: وردة، يا وردة تنتيه وردة لنداءها وتركض إليها فى سعادة قائلة: فاطمة، إنتى هنا، وحشتينى تحتضنها فاطمة بشدة قائلة: إنتى اللي وحشتينى يا ندلة، تلات سنين دلوقتى من ساعة ما نقلت القاهرة ما أشوفش وشك وردة: اعملك إيه بقى يا طمطم، إنتى ندلتى وسبتى إسكندرية فاطمة: يا سلام يا أختى ما إنتى عارفة إنى جالى كلية الهندسة جامعة القاهرة، وكان لازم أنقل عشان الكلية.
وردة فى خبث: عشان الكلية برضه ولا عشان... تضربها فاطمة بالكتاب قائلة: لسه زى ما إنتى، قوليلى إيه اللي جابك هنا ؟ وردة: حظى يا اختى، أنا كمان حولت كلية التجارة جامعة القاهرة، إنتى عارفة إن بابا بعد ما طلع على المعاش مبقاش ليه لزمة إننا نكمل فى إسكندرية، إحنا أصلا كنا ناقلين إسكندرية عشان شغل بابا، ولما مبقاش فى سبب قرر إننا نرجع لبيتنا هنا، وأهو نبقى وسط أهلنا.
فاطمة: عارفة دى أحسن حاجة عملها باباكى، عشان نرجع نتقابل من تانى وردة: طب بمناسبة بابا، كنت عايزة أطلب منك خدمة، إنتى عارفة إن بابا بعد ما طلع على المعاش إن دخلنا قل والظروف يعنى ,,,,، فبقول لو ينفع تكلمى باباكى يشوفلى شغل فاطمة: يا خبر يا وردة بس كده، عينيا وبعد تفكير، نظرت لها فاطمة قائلة: بس أنا بقى مش هكلمك بابا، هكلمك حد تانى.
فى مكان أخر فى إنجلترا: تجلس غادة تلاعب فى ابنها ذو الثلاث سنوات، فيدخل عليها وليد، فتتجاهل غادة دخوله وتظل تلعب مع ولدها وليد فى غضب: إنتى مش شايفانى جيت، ولا عميتى؟ غادة: عايز حاجة؟ وليد: إيه عايز حاجة دى، مش المفروض الهانم المحترمة لما جوزها يدخل تقوم تفر، تطمن عليه، تحضره الحمام، تعمله أكل، ولا الهانم أمها معلمتهاش إزاى تبقى زوجة تذفر غادة منه فى ضيق، وتنادى على الخادمة: ميرتا، ميرتا وليد: قولت إنتى اللي هتعمليلى الغدا، مش الشغالة، أنا مش متجوز الشغالة عشان هى اللي تخدمنى غادة: وإنتى متجوزتنيش عشان أكون خدامة ليك.
يجذبها وليد من شعرها فى شدة وسط تآوهاتها قائلاً: قولتلك مية مرة لسانك ميطولش عليا تانى تنظر غادة لأبنها الذى يبكى فى خوف قائلة: خلاص يا وليد، كفاية، الولد بيعيط، هعملك اللي أنت عايزه وليد: ما كان من الأول، ولا لازم تتهزقى عشان تعملى اللي عليكى يلقى با وليد على الأرض، فتحتضن ابنها فى خوف قائلة: يارب ريحنى من اللي أنا فيه يا رب.
فى منزل خالد: تجلس فاطمة مع مريم وخالد على طاولة الطعام يتجاذبون أطراف الحديث مريم: وحشتينى يا طمطم، ووحشتنى قعدتك فاطمة: أعمل إيه بقى يا ماما، مش بابا اللي صمم أروح اقعد معاه بعد ما دخلت الجامعة مريم: هو عنده حق يا حبيبتى، إنتى خلاص كبرتى وبقيتى ما شاء الله عروسة، مينفعش تقعدى معانا، أنا بس اللي مضايقنى إنه علطول مسافر وسايبك لوحدك تغمز فاطمة لخالد فى مرح قائلة: ما هو لو الجميل يرضى بس على بابتى، مكنش زمانا قاعدين لوحدنا يضحك خالد على فاطمة، بينما تنظر لها مريم فى غيظ قائلة: أتلمى يا فاطمة، عيب كده.
خالد: ما هو بصراحة فاطمة عندها حق يا ماما، الراجل بقاله أربع سنين بيحايل فيكى، إنتى تقلانة عليه، التقل صنعة يا جميل بس مش كده مريم: حتى أنت يا خالد فاطمة: ما هو بصراحة يا ماما صعبان عليا بابايا، الراجل متشحتف فى حبك ومبنامش الليل يضحك خالد قائلاً: حلوة يا طمطم متشحتف دى مريم: أنتو أتلميتوا عليا أنتوا الأتنين، يبقى مش هخلص النهاردة، وبعدين ما تقول لنفسك يا أخويا، بدل ما أنت عايز تجوزينى، جوز نفسك ولا عجبك قعدتك دى خالد: وأنا كنت لقيتها قولت لا، أوعدك أول لما ألاقيها هتجوز علطول تنظر له فاطمة، وتشعر وكأن أحد ما أعتصر قلبها بيده، فهى تخاف من هذه اللحظة التى سوف يتجوز فيها خالد.
فى فيلا الصفدى: يدخل عادل وهو يحمل حقيبة سفره وينادى بأعلى صوته قائلاً: يا أهل بيت الصفدى، عادل الصفدى وصل تنزل غالية من أعلى وتنظر له فى فرحة قائلة: عااااادل حبيبى، وحشتنى أوى يركض إليها عادل وهو يحتضنها قائلاً: إنتى اللي وحشتينى يا ماما يخرج يحيي من مكتبه ويتفاجأ بوجود عادل، فيركض إليه عادل قائلاً: وحشتنى أوى يا بابا يحيي: إزيك يا بطل، كل دى غيبة عادل: معلش بقى يا بابا، ابنكم شغال فى الخارجية وليه وضعه.
يحيي: كان لزمتها إيه بس، مش كنت جيت أشتغلت معايا، أقله كنت تريحنى عادل: هنعيده تانى يا بابا، مقولتلك مليش فى شغل البيزنس، أنا ليا فى السفر والإنطلاق يدور عادل فى الفيلا قائلاً: البيت وحشنى أوى، وأنتوا كمان وحشتونى، غادة عاملة إيه؟ غالية: زى ما هى يا عادل، من ساعة ما أتجوزت ومنزلتش مصر ولا مرة عادل: إزاى الكلام ده، وأنتوا ساكتين على كده؟ غالية: بتقول جوزها شغله كتير ومش عارف ياخد أجازة عادل: يا سلام ما تنزل هى، وهو يبقى ينزل لما يفضى، ما تكلمه يا بابا وتقوله.
يحيي: أسأل أمك يا عادل، كل لما آجى أكلمه تقولى بلاش، وطالما هى مرتاحة معاه ومبسوطة خلاص عادل: طب وأبنها عادل، مش من حقنا نشوفه غالية: خلاص بقى يا عادل، أختك وهى أدرى بظروفها، ولو قدرت تنزل هتنزل من غير ما نضغط عليها ينظر لها عادل بعدم رضا، ويعيد النظر ليحيي قائلاً: خالد عامل إيه، وعمتى، وطمطم وحشتنى أوى البت دى.
تذفر غالية فى ضيق من سؤال عادل وتتركهم، فينظر يحيي لعادل قائلاً: من ساعة ما أتنقلوا مصر والأخبار قلت عنهم، بكلم مريم كل كام يوم أطمن عليها، وفاطمة دخلت كلية هندسة زى ما أنت عارف، وعمك عاصم صمم ياخدها تعيش معاه من بعد ما دخلت الجامعة عادل: غريبة دى أشمعنى دلوقتى؟ يحيي: خلاص يا عادل، فاطمة كبرت مبقتش زى الأول العيلة الصغيرة، بقت دلوقتى عروسة كبيرة ومينفعش تقعد مع خالد فى بيت واحد عادل: أممم، عندك حق يا والدى، على العموم أنا هسافر الصبح أطمن عليهم وأشوف خالد عشان وحشنى أوى.
فى اليوم التالى: يجلس خالد فى مكتبه فى الشركة، وفى الخارج تجلس هدى السكرتيرة ويبدو على بطنها أنها منتفخة بسبب حملها، مما سيجعلها تترك الشغل بعد وقت قصير ومعها حنين والتى سيظهر دورها فى الفصول القادمة تنظر حنين إلى هدى فى توتر قائلة: إنتى متأكدة إنى هقابل بشمهندس خالد بنفسه ؟ هدى: أيوا يا بنتى، أنا كلمته عليكى وقالى خليها تيجى حنين: تفتكرى هيقبل يشغلنى ؟
هدى: يا بنتى أهمدى وترتينى، حاسة إنى هولد قبل ميعادى بسببك،إنتى هتقابليه ومش هتخسرى حاجة، دقبلك قبلك مقبلكيش خلاص حنين: ربنا يستر يقطع حديثهم صوت فاطمة قائلة: صباح الخير يا هدى هدى: صباح الخير يا بشمهندسة، نورتى الشركة كلها فاطمة: برضه بشمهندسة، مش قولتلك قوليلى يا فاطمة بس هدى: معلش بنسى حقك عليا فاطمة: قوليلى البشمهندس عنده حد ولا فاضى.
هدى: لا فاضى، ولو مش فاضى أفضيه ليكى تضحك فاطمة على كلام هدى قائلة: طب أنا دخلاله تدخل فاطمة لخالد، بينما تنظر حنين لفاطمة فى تعجب قائلة: مين دى اللي دخلت كده علطول من غير ما تستأذن ؟ هدى: هى مين دى اللي تستأذن، دى بالذات تدخل اى مكان فى الشركة، وتعمل اللي هى عايزاه ومحدش يقولها إنتى بتعملى إيه حنين: يا سلام، ليه هى تطلع مين ؟ هدى: سمعتى قبل كده أغنية قلبى ومفتاحه ؟
حنين: آه سمعتها أكيد هدى: اهى دى بقى قلب ومفتاح بشمهندس خالد، أنا فعليا معرفش تقربله إيه، كل اللي أعرفه إنها أقرب إنسانة ليه، مفيش طلب تطلبه ينفع يترفض، من أول يوم جيت اشتغلت فيه هنا، وهو أول حاجة قالهالى فاطمة وقت ما تيجى تدخل من غير ما تستأذن، حتى لو عنده مين جوا، مينفعش أسيبها، أنا ساعات بحس إن بشمهندس خالد وهو معاها شخص مختلف تماما حنين: هى ... حبيبته؟
هدى: لا لا مش حبيبته، بس تقدرى تقولى هو اللي مربيها، بيعتبرها بنته، أخته حاجة كده حنين: آه قولتيلى، أصلك بالوصف اللي بتحكى عنه ده، وصف واحد عاشق، مش بيعتبرها أخته وفى الداخل: تجلس فاطمة أمام خالد، ينظر لها خالد قائلاً: بصى بقى يا ستى، فى حفلة عملاها الشركة النهاردة بليل، وعايزك تيجى معايا، إيه رأيك؟ فاطمة: حضرتك عايزنى أحضر الحفلة معاك؟
خالد: وفيها إيه يا طمطم، وأنا من إمتى بحضر حفلة ولا بروح حتة من غيرك، ومتقلقيش يا ستى أنا كلمت عمى عاصم وأستأذنته، وقالى اهم حاجة متتأخريش، والحفلة أخرها الساعة 8، يعنى مش هنتأخر، ها قولتى إيه؟ فاطمة: هو أنا ينفع أقولك لا أصلا خالد: شاطرة يا طمطم، طمرت فيكى تربيتى، قوليلى بقى يا ستى إيه الحاجة اللي إنتى عايزاها؟
فاطمة: إنت عرفت منين إنى عايزة حاجة؟ خالد: عيب يا طمطم، دا أنا لسه بقولك أنا اللي مربيكى، أنا بفهمك من غير ما تتكلمى فاطمة: هو بصراحة أنا فعلا عايزة منك خدمة، فى واحدة صاحبتى هى فى كلية تجارة، وطلبت منى أكلمك تشوفلها شغل فى الشركة عندك خالد: بس كده، طلباتك أوامر يا طمطم، قوليلى الأول، صاحبتك دى شاطرة؟ فاطمة: أوى أوى يا أبيه، وردة صاحبتى، ما حضرتك عارفها.
خالد: اممم، طب خليها تجيلى بكرة وأنا هعينها مكان هدى، إنتى عارفة إنها هتسيب الشغل عشان حامل فاطمة فى فرحة: بجد يا أبيه خالد: طبعا يا يا طمطم، وأنا من إمتى برفضلك طلب فاطمة: ربنا ما يحرمنى منك يارب
يقطع حديثهم صوت تليفون خالد الداخلى، فيجيب قائلاً: أيوا يا هدى ... مين ده ... ياااااااااه معقولة طب دخليه بسرعة فاطمة: فى إيه يا أبيه؟ خالد: فى مفاجأة يا طمطم فاطمة: مفاجاة، مفاجأة إيه؟ يأتيها صوت عادل من خلفها قائلاً: أنا يا طمطم، فى أحسن من كده مفاجأة تصرخ فاطمة فى تلقائية وهى تركض نحو عادل قائلة: أبييييييه عادل عادل: وحشتينى يا طماطم.
فاطمة: أنت اللي وحشتنى أوى أوى يا أبيه عادل: يا بت بلاش أبيه دى، كبرتى عليها خلاص ويمسك يدها ويجعلها تدور حول نفسها قائلاً: بس قوليلى إنتى كبرتى كده إمتى، وبقيتى حلوة كده، لا أنا كده إحتمال أغير رأيي فى العزوبية يقطع حديثهم صوت خالد قائلاً: وحشتنى رزالتك يا خفيف يحتضنه عادل قائلاً: أنت تانى، يا ابنى ما قولنا بنت خاااالي وليا فيها أكتر ما ليك خالد: طب أقعد بقى عشان عندى ليك كلام كتير.
فاطمة: طب هستأذن أنا عشان تعرفوا تتكلموا خالد: ماشى يا طمطم عادل: طمطم خالى راجع إمتى من السفر؟ فاطمة: بكرة إن شاء الله عادل: طب قوليله إنى هجى أزوره بكرة عشان وحشنى أوى فاطمة: حاضر يا أبيه عادل: وخدى بالك يا قمر من الشباب الوحشين اللي بيعاكسوا البنات الحلوة اللي زيك تبتسم له فاطمة وتخرج وتتركهم، فينظر خالد لعادل قائلاً: من هتتغير أبدا يا عادل عادل: وأتغير ليه، أنا كده عاجبنى، بس من الواضح إنك أنت اللي أتغيرت.
خالد: قصدك إيه؟ عادل: يعنى شركتك ما شاء الله كبرت وبقى ليها أسم، بس دا المهم، المهم اللي هنا يا خالد (ويشير على قلبه)، متجوزتش ليه لحد دلوقتى؟ خالد: غريبة إنك أنت اللي بتسأل السؤال ده، مع إننا من سن بعض عادل: إحنا صحيح من سن بعض يا خالد، بس أنا طول عمرى معروف، بحب الحرية ومليش فى الإرتباط والجواز، لكن أنت مختلف، لسه موضوع غادة مأثر فيك؟ خالد: هتصدقنى يا عادل لو قولتلك معرفش، أنا مبقتش أفكر فى غادة تماما، والأغرب من كده إن بعد صدمتى فيها كنت متخيل الموضوع هياخد وقت كبير على ما يتنسى، بس العكس هو اللي حصل، أنا لقيت نفسى بنسى الموضوع ولا كأنه حصل، عادل أنا فيا حاجة غريبة أنا نفسي مش فاهمها عادل: حاجة إيه يا خالد؟
خالد: انا قلبى بيدق، دقة واحد بيحب، لا دقة واحد عاشق، بسهر الليل وبفكر وبحلم، ولا كأنى شخص بيحب، كل حاجة جوايا مسيطر عليها حب، لكن مش قادر أشوف صاحبة الحب ده، كأن قلبى شايفها وعينى مش شايفاها، بحسها محوطانى بحبها، بحس بأنفاسها حواليا، بسمع همساتها بليل جنبى، بس أنا مش عارفها، لدرجة إن الحب اللي جوا قلبى مخلينى مش قادر أشوف واحدة تانية، أنت متخيل يا عادل، متخيل أنا وصل بيا الحال لإيه، أنا بقيت عاشق المجهول ينظر له عادل بتفهم قائلاً: فاهمك وحاسس بيك يا صاحبى، انت فعلا بتحب، ويمكن يكون أصدق حب فى حياتك، واللي بتحبها شخص مش مجهول ولا حاجة، حاول تخلى عيونك تشوفها، متستكفيش بقلبك بس، دور عليها فى اللي حواليك، دور عليها كويس، خلى قلبك يدلك عليها، أكيد هتلاقيها.
ينظر خالد إلى الفراغ ويفكر فى حديث عادل له بعد خروج عادل من مكتب خالد يطلب خالد من هدى أن تدخل له حنين لكى يجرى المقابلة معها، تنظر هدى لحنين قائلة: جاهزة يا حنين حنين: جاهزة يا هدى فى المساء: يحضر خالد الحفل المقام ويدخل وبرفقته فاطمة، تنظر هدى ومعها حنين لفاطمة قائلة: شوفتى بقى مش قولتلك، مفيش حتة بيروحها غير وياخدها معاه.
حنين: غريبة أوى، معقولة كل ده وميكونش بيحبها ينتهى الحفل ويغادر الجميع، وفى الطريق لمنزل فاطمة، تجلس فاطمة بجانب خالد فى السيارة وتتجاذب معه الحديث فاطمة: الحفلة كانت حلوة أوى يا أبيه، بس ليه مخلتش ماما مريم تيجى معانا؟ خالد: ماما لو جت هتقعد عايشالى دور الخطبة وتقعد تبص للبنات، وتفرز فيهم اللي تنفع عروسة فاطمة: طب وفيها إيه، هو حضرتك مش عايز تتجوز؟
خالد: لا طبعا مش الفكرة، بس الجواز ميجيش كده يا فاطمة، أنا محتاج اللي أتجوزها وتشاركينى بقية عمرى يكون ليها مواصفات خاصة، تكون قريبة منى، تفهمنى من غير ما أتكلم، تحس بيا لما أكون مضايق، مبقاش محتاج أشكيلها لأنها قارية اللي جوايا من غير كلام، قربها يكون مصدر سعادة ليا، وبعدها عني يكون فارق معايا وينظر لها قائلاً: زيك كده يا فاطمة تتورد وجنتى فاطمة خجلاً قائلة: أنا؟!
خالد: يعنى كمثال، عايزها تبقى فهمانى وبتحس بيا زيك، أقولك أنا مش هتجوز واحدة غير لما تكون زيك فى كل حاجة تشعر فاطمة وكأنها تحلق فى السماء، وكأن قلبها يريد أن يقفز من داخلها من فرط سعادتها، فكلمات خالد لها قد بثت بداخلها الأمل والسعادة التى لا توصف بعد مرور عدة أسابيع: تجلس فاطمة فى غرفتها تدعى المذاكرة، ولكنها فى الحقيقة تفكر فى خالد وحديثه معها، وتتردد إلى أذنيها كلماته "مش هتجوز واحدة غير لما تكون زيك فى كل حاجة".
تنهدت فاطمة فى حرارة ممزوجة بالحب، وفتحت الراديو على الأغانى لعلها تجد ما يلهى تفكيرها عن خالد، ولكن تفاجأت بنفس الاغنية التى طالما لمست قلبها، وشعرت أنها قريبة منها، دون أن تعلم السبب، فأستمعت لأغنية سميرة سعيد " قال جانى بعد يومين" تذاع فى الراديو: قال جانى بعد يومين، يبكينى بدمع العين، يشكى من حب جديد، يبكى وأنا نارى تزيد، وسمعته وفكرى شريد، وسكت وقلبى شهيد... أغلقت فاطمة الراديو قائلة: طب بذمتك دا وقته، بس غريبة إن قلبى بيتشد للأغنية دى أوى كأنها بتمسه، مش عارفة ليه.
قطع تفكيرها صوت جرس الباب، فتوجهت إلى الباب لتفتحه، فوجدت كريمة المربية الخاصة بها والتى عينها عاصم لرعايتها فى طريقها للباب فاطمة: خليكى يا دادة أنا هفتح فتحت فاطمة الباب، لتتفاجأ بخالد أمامها، فنظرت له فى تعجب قائلة: أبيه خالد، أول مرة تيجى وبابا مش ... قاطع خالد حديثها قائلاً: بحبك، بحبك، بحبك يا فاطمة نظرت له فاطمة فى صدمة قائلة: ها، أنت قولت إيه؟
رواية عاشق المجهول الجزء الأول للكاتبة أمنية الريحاني الفصل الثاني والعشرون
( حب لا تراه الشمس )
ومازالت فاطمة فى صدمتها من حديث خالد خالد: بحبك، بحبك أوى يا فاطمة فاطمة: ها، أنت بتقول إيه يا أبيه خالد: بقول اللي حاسه من أول يوم شوفتك فيه، إنتى وش الخير عليا يا فاطمة، من يوم ما شوفتك وعرفتك وأنا حياتى دايما للأحسن فاطمة فى صدمة ممزوجة بالسعادة: أبيه، أنت مالك النهاردة؟
خالد: فرحان، فرحان أوى يا فاطمة، عمرى ما تخيلت إنى هبقى سعيد بالشكل ده ويمسك يد فاطمة جاذباً إياها للجلوس، قائلاً: تعالى أقعدى يا فاطمة بعد أن جلست فاطمة أمامه، نظر لها قائلاً: فاكرة لما قولتلك إنى مش هتجوز غير إنسانة تفهمنى وتحس بيا، إنسانة أحبها بجد وتحرك مشاعرى من تانى، أنا أكتشفت إن الإنسانة دى كانت قدامى طول الفترة اللي فاتت وأنا مكنتش شايفها، إنسانة فيها كل اللي حلمت بيه، والأهم من كده إنها قريبة منى بتفهمنى من غير ما أتكلم، بشوف الحب فى عينيها، بحس بخوفها وإهتمامها بيا.
تنظر له فاطمة بعيون لامعة تختزن بداخلها دموع الفرحة، ليكمل حديثه قائلاً: أنا كنت فاكر بعد صدمتى فى غادة إنى قلبى خلاص مش هيعرف يحب تانى، بس طلعت غلطان، أنا قلبى دق وحب، أنا بحب يا فاطمة بحب، فهمانى ؟ فاطمة:فهماك يا أبيه، هو فى حد حاسس بيك ولا فاهمك قدى يقف خالد يواليها ظهره ليكمل حديثه بينما أغمضت هى عينيها لتستمتع بكلام خالد الذى يوصف حبه خالد: ياااااااه يا فاطمة، الحب دا شيء جميل أوى، خصوصا لما يجيلك من غير ميعاد، وتحس بقلبك دق فجأة، ومشاعرك كلها أعلنت عليك الحرب، مكنتش متخيل إن حنين ممكن تقلب حياتى كده، وتخلينى أرجع أحب من تانى.
تفتح فاطمة عينيها فى صدمة عند سماع أسم حنين قائلة فى همس: حنين؟! خالد: متتصوريش يا فاطمة حنين عملت فيا إيه، صحت جوايا مشاعر كنت أفتكرتها ماتت حاولت فاطمة أن تستجمع قواها قائلة: مين حنين ؟ خالد: آه صحيح إنتى متعرفهاش، حنين دى يا ستى مهندسة لسه متخرجة، أتعينت عندنا من كام شهر كده فاطمة: كام شهر، وفى الفترة البسيطة دى قدرت تعمل فيك كل ده؟ خالد: ليكى حق تستغربى، أنا نفسي مكنتش مصدق نفسي، هحكيلك الحكاية بدأت إزاى ويعود خالد بالزمن للوراء عدة شهور ليتذكر ما حدث بينه وبين حنين فى أول مقابلة.
فى مكتب خالد: يجلس خالد فى مكتبه وينظر للسيرة الذاتية الخاصة بحنين، فتدخل عليه حنين، يحدثها خالد دون أن ينظر لها، ويشير لها بالجلوس قائلاً: أتفضلى أقعدى يا بشمهندسة تستجيب حنين لطلبه وتجلس، يحدثها خالد ومازالت عينيه تقرأ الملف الذى أمامه قائلا: مكتوب فى السي فى بتاعك إنك خريجة السنة اللي فاتت حنين:تمام يا أفندم خالد: طب ممكن أعرف ليه مشتغلتيش طوال السنة دى فى أى مكان ؟ حنين: تقدر تقول حضرتك مكنش فى شركة مناسبة فى المحافظة بتاعتى، وكان صعب أسافر وأسيب بابا لأنه كان مريض خالد: آه إنتى مش من القاهرة؟
حنين: لا يا أفندم، أنا من المنصورة خالد: طب وإيه اللي غير الوضع، إشمعنى دلوقتى عايزة تشتغلى فى القاهرة حنين وقد تغير صوتها قائلة: أحم، لأن ... بابا ... أتوفى، ومبقاش فى سبب أقعد فى المنصورة عشانه شعر خالد بالشفقة تجاهها ورفع عينيه ليعتذر لها أنه ذكرها بوالدها دون أن يقصد خالد: أنا أسف يا بشم...
ولكن ما إن رفع عينيه ورأها شعر بدقات قلبه تتسارع، ولم يستطع أن ينزل عينيه من وجهها، وكأن بها مغناطيس جذبه إليها دون رغبته، شعرت حنين بالحرج من نظرات خالد لها، فأخفضت رأسها فى خجل، أما هو فأنتبه لنفسه قائلة: أنا أسف يا بشمهندسة إنى فكرتك بوالدك، بس ممكن سؤال، هى والدتك يعنى ... حنين: ماما أتوفت من خمس سنين خالد فى حزن: أنا أسف حنين: ولا يهمك خالد: خلاص أعتبرى نفسك معانا من بكرة إن شاء الله، وخلى هدى تخلصلك ورقك حنين: متشكرة لحضرتك أوى.
تهمّ حنين بالمغادرة وعين خالد معلقة عليها وكأنه لا يريدها أن تغادر وتتركه، فيوقفها خالد قائلاً: بشمهندسة حنين تلتفت له حنين قائلة: نعم يا بشمهندس خالد فى تردد: هو حضرتك يعنى ...قصدى ... إنتى مرتبطة حنين فى خجل: لا، عن إذنك.
تخرج حنين تاركة خالد فى عالم أخر، فيحدث نفسه قائلاً: فى حد يقول كده، مالك يا خالد، مش على بعضك ليه من أول ما شوفتها، هو أنت أول مرة تشوف واحدة ولا إيه، لا دى مش زى أى واحدة، دى شكل حكايتها هتبقى معايا حكاية.
تمر الأيام ويزداد إنجذاب خالد لحنين، حتى أنه يصر أن ينزل معاها ويعرفها على طبيعة الشغل فى مواقع العمل، أصبح يخلق الحجج ليكون بجانبها دائما، فأصبح يشعر برغبته الدائمة من أن تكون قريبة منه، حتى أعترف لنفسه أنه يحبها، وأنها من سحرت قلبه من أول لحظة رأها فيها، وأخيرا قرر أن يعترف لها بحبه لها
وفى يوم من الأيام كان خالد مع حنين فى إحدى مواقع العمل، وبعد الإنتهاء من العمل نظر لها خالد قائلاً: إيه رأيك يا بشمهندسة نروح نتغدى سوا حنين فى تردد: لا ... مش هينفع خالد: ليه بس، هنروح أى مطعم نتغدى ونرجع على الشركة علطول حنين: أنا أسفة يا بشمهندس، بس أنا عمرى ما خرجت مع حد غريب قبل كده ينظر لها خالد نظرة إعجاب ويكمل حديثه قائلاً: أعتبريها أول وأخر مرة، بصراحة فى موضوع مهم عايز أكلمك فيه حنين: موضوع إيه، والموضوع ده مينفعش فى الشركة؟ خالد: لا مينفعش حنين: أيوا بس...
خالد: أهى دى صفة مكنتش أعرفها عنك إنك عنيدة ودماغك ناشفة تبتسم حنين على حديثه، فينظر لإبتسامتها التى أكملت سحرها عليه قائلاً: أوعدك مش هأخرك توميء له حنين برأسها دليل على الموافقة.
يأخدها خالد ويذهبا لأحد المطاعم، فيأتى النادل ويسألهم قائلاً: تحبوا تطلبوا إيه؟ ينظر خالد لحنين لتبدأ طلبها، فتستجيب له قائلة: لو سمحت ممكن مكرونة بشاميل،وفراخ مشوية،وعصير برتقال فريش ينظر لها خالد فى دهشة فيسأله النادل قائلاً: وحضرتك؟ خالد: زى الأنسة بالظبط يذهب النادل، فينظر خالد لحنين فى دهشة، فتجيبه قائلة: مالك، حضرتك بتبصلى كده ليه؟
خالد: أصل أنا كنت هطلب اللي طلبتيه بالظبط حنين: أنا بحب المكرونة البشاميل والفراخ المشوية جدا، تقريبا مباكلش غيرهم خالد: وأنا كمان علفكرة، إظاهر إن فى حاجات كتير مشتركة بينا تنظر حنين فى خجل للجهة الأخرى، فيكمل خالد حديثه قائلاً: أنا كنت علطول بحب أكل الأكل ده من إيد ماما بس حنين: ربنا يخليهالك خالد: يارب، عموما مسيرك تدوقى الأكل ده من إيدها.
تزداد حمرة الخجل فى وجنتى حنين، وتشعر وكأن أحدهم أشعل النار فيهما من شدة الخجل حنين: أحم، حضرتك مقولتليش كنت عايزنى فى إيه؟ خالد: تتجوزينى يا حنين؟ تفتح حنين فمها فى صدمة قائلة: إيه؟ خالد: مسمعتنيش، بقولك تتجوزينى نظرت له حنين فى صدمة ولم تجبه، فأكمل قائلاً: طب يمكن تسمعى دى، حنين، أنا بحبك، بحبك يا حنين، بحبببببك حنين: بس، بس، حضرتك الناس بتتفرج علينا خالد: مش إنتى اللي مش سمعانى، بسمعك.
حنين: لا سامعة، بس يعنى... خالد: يعنى إيه موافقة ولا لا حنين: بصراحة أنت فاجئتنى، أنا مكنتش فاكرة إن حضرتك يعنى... خالد: حضرتى أعجب بحضرتك من أول نظرة، وحضرتى كل يوم بيعدى عليه مع حضرتك قلبه بيعشق حضرتك أكتر وأكتر، وحضرتى مش قادر يفضل بعيد عن حضرتك أكتر من كده تبتسم حنين فى خجل، فيكمل خالد حديثه قائلاً: ها موافقة ولا لا.
حنين: طب قبل ما أقول رأيي، ممكن أسألك سؤال؟ خالد: يا ستى مية سؤال حنين: هو أنت علاقتك بفاطمة إيه، أصل أنا يعنى كنت فاكراك أنت وهى بتحبوا بعض يعنى وكده يضحك خالد بقوة قائلاً: لا أكيد بتهزرى، أنا وفاطمة، فاطمة دى أختى الصغيرة تقدرى كده تقولى بنتى كمان، فاطمة جاتلنا قطة صغيرة أتربت فى بيتنا وكنت بعتبرها واحدة مننا حنين: بس إهتمامك بيها، والمكانة اللي أنت حاطتها فيها، وإنها تدخل عليك فى أى وقت من غير إستئذان.
خالد فى جدية: بصى يا حنين، عشان أكون صريح معاكى، فاطمة دى حد مهم أوى فى حياتى، يعنى تقدرى تقولى هى وأمى أغلى أتنين فى حياتى، وإنتى هتكونى التالتة بتاعتهم، فاطمة جاتلنا فى وقت كانت مكسورة وضعيفة ومحتاجة للى يمدلنا إيده، أنا فى الوقت ده كنت بالنسبة لها مصدر أمان وقوة، ولقيت نفسي مسئول عنها وكأنها أختى بجد، عايزك تحطى الكلام دا فى دماغك وتتعاملى معاها على الأساس ده، إنها أختى عشان ترتاحى، لأنى عمرى ما هتخلى عنها ولا هقدر مكونش مسئول عنها، دا عهد على نفسى قطعته إنى افضل جنبها لحد ما أسلمها للى يستاهلها، ودلوقتى بعد ما كل حاجة بقت واضحة أدامك، ممكن أعرف رأيك؟ حنين: موافقة يا خالد.
يعود خالد إلى الواقع بعدما روى لفاطمة ما حدث بينه وبين حنين طوال الفترة الماضية، ليكمل حديثه قائلاً وهو يضحك: تصورى يا طمطم العبيطة كانت فاكرة إن فى حاجة بينى وبينك، وإنى بحبك، متعرفش إنك أختى الصغيرة تضحك فاطمة فى حزن وقد أمتلأت عيناها بالدموع، ولكن هذه المرة دموع الآلم،قائلة: عشان عبيطة ينظر خالد لفاطمة فى قلق قائلاً: مالك يا فاطمة، عينيكى مليانة دموع ليه؟
تنتبه فاطمة لنفسها، وتنظر له بإبتسامة مصطنعة قائلة: لا يا أبيه، دموع إيه بس، دى دموع الفرحة، أخيرا هفرح بيك ويبقالى ولاد صغيرين يقولولى ياعمتو خالد: طبعا يا حبيبتى، هتبقى أحلى عمتو، معلش يا طمطم، هتقل عليكى الأيام الجاية، هبقى محتاجك فى كام مشوار كده فاطمة: أنا معاك يا أبيه فى أى وقت خالد: تسلميلى يا طمطم، همشى أنا عشان عمى عاصم لو جه هينفخنى، أنا عارف مكنش ينفع آجى وهو مش موجود، بس مقدرتش بصراحة كنت عايز آجى أحكيلك وأفرحك يغادر خالد فتنظر فاطمة لأثره قائلة: تفرحنى؟!
تدخل فاطمة لغرفتها، وهنا ينفجر بركان الآهات التى حاولت إخفاؤه أمام خالد، قائلة فى إنهياااار: آآآآآآه ه ه ه ه، مطلعش قصده عليا، طلع قصده على واحدة تانية، مطلعش حبه ليا، آآآآآه ه ه يا خالد، يالى كل دقة فى قلبى مدقش غير بإسمك، دا أنا كل اللي عملته السنين اللي فاتت عشان أقرب منك، عشان تحس بيا، عشان تحس بحبى، أناعرفت دلوقتى ليه كل ما كنت بسمع الأغنية دى بالذات كنت بحسها قريبة من قلبى، عشان أنا هى، هى اللي بتتوجع ببعد حبيبها.
وتقول فاطمة كلمات الأغنية ببطيء، وكل كلمة كالخنجر يمزق فى قلبها قائلة: قال ..جالى .. بعد يومين .. يبكينى بدمع العين ... يشكى من حب جديد ... يحكى وأنا نارى تزيد ... وسمعته وفكرى شريد ... وسكت وقلبى شهييييييد وتكمل فاطمة الأغنية وهى تمسك بصورة خالد تنظر إليها، والدموع تنهال من عينيها: وأنا اللي كنت فاكرة إنه هيشتكى من بعدى، فاجئنى بقصة تانية ضيعت الحلم الوردى،وأنا اللي كنت فاكرة إنى وحدى اللي فى قلبه، أتارى واحد تانية جت فى ثانية شغلت قلبه أوااااام وهنا لم تستطع فاطمة أن تصمد وأنهارت على سريرها وهى تحتضن صورة خالد.
بعد فترة حضر عاصم إلى منزله، فأستقبلته كريمة قائلة: حمد لله على السلامة يا عاصم بيه عاصم: الله يسلمك يا دادة، هى فاطمة نامت ولا إيه؟ كريمة: معرفش يا بيه، هى حابسة نفسها فى أوضتها من العصر، حتى مرضيتش تتغدى ولا تاكل عاصم: غريبة، يا ترى حصل إيه؟
يدخل عاصم على فاطمة، فيجدها تجلس على السرير شاردة تضم نفسها، ويبدو على عيونها البكاء، فيقترب منها عاصم فى حنان، ويملس على رأسها قائلاً: إيه يا فاطمة يا حبيبتى مالك، كريمة بتقولى إنك حابسة نفسك فى أوضتك من العصر نظرت له فاطمة، وبعدها ألقت بنفسها فى حضنه تبكى بإنهيار، نظر لها عاصم فى قلق قائلاً: مالك يا فاطمة، إيه اللي حصل يا حبيبتى ؟ فاطمة: تعبانة أوى يا بابا، مخنوقة أوى، حاسة إن جبل محطوط على صدرى عاصم: أجبلك دكتور يا حبيبتى؟
فاطمة: لا يا بابا، أنا هبقى كويسة ظل عاصم يحتضنها إلى أن هدأت بداخل حضنه، ثم أخرجها من حضنه وظل ينظر إليها قائلاً: ممكن أتكلم معاكى يا طمطم فاطمة: أتفضل يا بابا عاصم: أنا مش عايز أعرف يا فاطمة إيه اللي مضايقك، لأنى ببساطة واثق فيكى، وعارف إنك عمرك ما هتعملى حاجة غلط، بس إنتى يا فاطمة كبرتى، ويمكن تكونى محتاجة تسمعى منى الكلمتين دول دلوقتى، إنتى يا حبيبتى بنت، والبنت كرامتها لازم تبقى عالية أوى، ومينفعش تقلل من كرامتها دى لأى شخص مهما كان فاطمة: وإيه اللي ممكن يقلل من كرامتى يا بابا؟
عاصم: هقولك يا حبيبتى، إنك مثلا تحسى بمشاعر ناحية واحد، ويكون هو مبيبادلكيش نفس المشاعر، أو يكون بيحبك بس مش عايز يصرح، ساعتها أكبر غلط ممكن تعمليه إنك تحاولى تصرحيله بمشاعرك، لأنك ساعتها بتقلى من نظره، اللي بيحبك يا فاطمة هيعمل اى حاجة عشان تفضلى جنبه ومعاه، هيعمل أى حاجة عشان يوصلك، ولو معملش كده ميبقاش يستاهل تفكرى فى لحظة واحدة، كرامة بنتى لازم تفضل فوق، ودموعها دى أغلى بكتير من إنها تنزل على حد هو مش حاسس بيها، فهمانى يا حبيبتى؟
فاطمة: فهماك يا بابا عاصم: عايزأقولك إن فى أى وقت حسيتى نفسك محتاجة تتكلمى هتلاقى قلبى وحضنى مفتوح ليكى، ولازم تبقى واثقة إن محدش هيبقوا همه مصلحتك أكتر منى فاطمة: أكيد يا بابا، أكيد عاصم: ودلوقتى يا حبيبتى نامى، وأطمنى وأعرفى إن فى ضهرك ومعاكى.
تنام فاطمة فيغطيها عاصم جيدا ويملس على شعرها فى حنان حتى يتأكد أنها غاطت فى نوم عميق، وقبل أن يخرج يلمح شيئا أسفل وسادتها، فيسحبه فى هدوء، ليتفاجأ بأنها صورة خالد، ينظر عاصم للصورة فى حزن، ويعديها مكانها مرة أخرى، وينظر لفاطمة فى حزن قائلاً: دلوقتى عرفت إيه اللي مضايقك
فى شركة البدر: يدخل عادل إلى مكتب السكرتيرة، ليجد وردة تجلس على مكتب السكرتيرة عادل: صباح الخير وردة فى سعادة: أستاذ عادل ! ينظر لها عادل فى دهشة قائلة: إنتى تعرفينى ؟ باين عليكى جديدة، أخر مرة مكنتيش إنتى اللي هنا وردة: آه مدام هدى مشيت لأنها ولدت وأخدت أجازة، وأنا أستلمت الشغل مكانها، حضرتك مش فاكرنى، أنا وردة صاحبة فاطمة، عرفتنى على حضرتك قبل كده عادل بعدم إهتمام: مش فاكر الصراحة، المهم خالد فاضى ولا مشغول؟ وردة: لا فاضى حضرتك أتفضل يدخل عادل لخالد، فى حين تنظر وردة لأثره قائلة: لسه زى القمر يخربيتك قلبى هيوقف.
وفى داخل مكتب خالد: يجلس عادل أمام خالد قائلاً: إيه يا ابنى، الكلام اللي قولتهولى فى التليفون دا صحيح، أنت فعلا قررت تتجوز؟ خالد: آه يا عادل، أنا فعلا قررت أتجوز عادل: ودى مين بقى سعيدة الحظ دى؟ خالد: ملاك يا عادل، ملاك ونزلى من السما، مهندسة جديدة متعينة عندنا من قريب، فاكر يا عادل لما قولتلى دور الحب فى اللي حواليك هتلاقيه، أنا سمعت نصيحتك ودورت ولقيته فى حنين، تصور إنها كانت قريبة منى ومكنتش واخد بالى إن الحب قريب منى أوى كده عادل: وأنا لما قولتلك دور على الحب ملقتهوش غير فى حنين؟
خالد: قصدك إيه مش فاهم، أنت تعرف حنين ؟ عادل: لا طبعا، أنا معرفهاش، بس يعنى أنت فى كل اللي حواليك مشوفتش الحب خالص خالد: أنت تقصد إيه يا عادل؟ عادل: قصدى إن فا... مقصدش يا خالد، مبروك يا صاحبى، ربنا يسعدك ويتتمملك بخير.
فى منزل خالد: يدق جرس الباب، فتذهب مريم لتفتح الباب، لتتفاجأ بوجود عاصم أمامها مريم: عااااااصم ! عاصم: إزيك يا مريم مريم: كويسة يا عاصم، خير؟ عاصم: أنا عايز أتكلم مع خالد !