رواية القناع الخفي للعشق (مافيا الحي الشعبي) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الثامن
هبط زين للأسفل فوجده يجلس بشرود بدا له، أقترب منه قائلا بأبتسامة هادئة: عبد الرحمن أنتبه له فوقف يتبادل معه السلام قائلا بحرج: أسف لو جيت من غير ميعاد بس كنت عايزك فى موضوع مهم رمقه بغضب وهو يشير له بالجلوس: دا بيتك تجي فى أي وقت، أتفضل أقعد... وبالفعل جلس عبد الرحمن بثبات يبحث عن مدخل مناسب للحديث فحاوطته نظرات زين الغامضة فخرج صوته بهدوء: مالك يا عبد الرحمن؟ أنت كويس؟
رفع عيناه له قائلا بغضب لحق به: أختك جاتلي المستشفي النهاردة وعرضت عليا مبلغ كبير توفير للمجهود الا عملته عشان أتجوزها هى والأملاك زين بصدمة: أيه؟! أجابه والضيق يطوف صوته: زي ما سمعت وياريت كدا وبس الكلام كان أدام زمايلي يعني مش عارف أودي وشي فين بجد نهض زين عن المقعد والغضب يلمع بعيناه قائلا بصوت كالرعد: صافي.
لم يستوعب عبد الرحمن ما فعله زين حينما صعد الدرج مسرعاً لغرفتها، بقى عبد الرحمن بالأسفل فكاد أن يلحق به ولكن لا يصح له ذلك... بقى بالأسفل لدقائق إستمع بهم صراخها فهرول للأعلى ليحيل بينهم... ولج عبد الرحمن لغرفتها ليجد زين يكيل لها الضربات المبرحة قائلا بغضب فتاك: ورحمة أبويا لأربيكِ من أول وجديد صرخت بآلم وهى تحاول تخليص نفسها قائلة بصراخ: أبعد عني أنا معتش هقعد هنا هرجع لمامي.
أجابها بسخرية: دا على جثتي أن شاء الله رجوع تانى أنسي أنتِ هنا تحت تصرفي دفشته بعيداً عنها قائلة بغضب: أنت مستحيل تكون بني آدم أنت إنسان حقير.. شُعلت نيران الغضب ليصفعها بقوة حتى أسرع عبد الرحمن بالتداخل بينهم ليقوى على الفصل بينهم بفضل قوته الجسمانية قائلا بزهول: أنت أتجننت يا زين؟! حاول الوصول إليها قائلا بغضب: أبعد من هنا يا عبد الرحمن الزبالة دي محتاجة الا يفوقها..
رفعت يديها تحتمي بقيمصه فأبعده عنها قائلا بحذم: أهدا يا زين الأمور متتحلش كدا شددت من التمسك به قائلة بتصميم: هرجع أمريكا يا زين والا عندك أعمله وشوف بقا هتقدر تقف فى وش مامي ولا لا إبتسم زين بسخرية مما أثار أستغرابهم فأقترب منها قائلا بصوتٍ ساخر: والدتك المصون باعتك مقابل 5مليون جنية أخدتهم مني وكان كل أمالها أني أزود المبلغ شوية صعقت وتلبشت محلها ليخرج صوتها المتقطع من الصدمة: أنت كاذب وحقير..
أقترب منه عبد الرحمن يحاول أخراجه قائلا بغضب: خلاص يا زين أيه الا بتقوله داا؟! ازاح زين يديه وأقترب منها يتأملها بتحدي ثم قال وهو يرأها تنتظر حديثه بلهفة وخوف: مسألتيش نفسك ليه مجتش مصر زي ما وعدتك طب بلاش دي ليه مش بتكلمك فى الفون أو حتى على الأقل ترد على تلفوناتك والمسدج! تراجعت للخلف بصدمة لم تعد تستوعب ما يحدث لجوارها كيف ذلك؟! نعم تعلم بأن المال المقرب لوالدتها ولكن تفضله عليها؟!، على إبنتها!
سقطت الدموع من عيناها لأول مرة، تأملها زين بصدمة وآلم حينما رأها تبكى لأول مرة أمامه فكانت تتصنع القوة ولا مبالة به، حزن عبد الرحمن حينما رأها هكذا فربما لا يعلم بأنه على وشك دلوف عرين وحشه مخيفٍ للغاية... جذبه عبد الرحمن للخارج فأنصاع له وهبط معه للأسفل ليتفاجئ كلا منهم بالنمر.. وزع نظراته بينهم بشك قائلا بثبات: فى أيه؟
جلس زين على المقعد بأهمال ليقترب منه بنظراته المتفحصه فثار بغضب: تاني يا زين؟! مش قولتلك مترفعش أيدك عليها تانى؟ زفر بغضب: تصرفاتهم هى السبب بتخليني أفقد أعصابي أنا حاسس أنى ممكن أوصل للقتل معها.. عبد الرحمن بسخرية: مش محتاج تحلف.
تطلع زين وأدهم لعبد الرحمن بتذكار بأنه حل تلك الكارثة من وجهة نظر زين فأبتسم قائلا بثقة لا تضاهي سواه ؛ مأنا عشان كدا كنت جايلك بس أنت الا قفشت فى وشك وطلعت من غير ما تسمع باقي الكلام.. أعتدل زين بجلسته بأهتمام: يعني أيه؟ طاف نظره أدهم ثم قال بجدية: يعني حدد معاد أجيب الحاج وأجي أخطبها منك إبتسم زين بسخرية: دلوقتي لو تحب أدهم بسخرية: أول مرة أشوف أخ بيحب أخته كدا؟!
خرج صوته الجادي: للاسف عشان لازم أحبها لأنها أختى فمضطر أعمل المستحيل عشان تتغير للأحسن.. آبتسم عبد الرحمن بتفاهم له ثم جلس معهم يتبادلان الحديث المرح...
بكت بآلم وهى تحاول تخليص نفسها منه قائلة بصراخ: أبعد عني وقسمن بالله لهنزل أقول لأدهم وجدو أن أنت رفعت أيدك عليا أقترب منها يوسف قائلا بسخرية: متقلقيش لما يعرفوا بالواسخاه الا أنتِ عملتيها هيعملوا فيكِ أكتر من كدا تساقطت الدموع من عيناها فصرخت بغضب: أنا مش عارفة انت بتتكلم عن أيه؟
جذبها من حجابها بقوة قائلا بصوت مخيف: هعمل نفسي مصدقك بس عايز أسالك سؤال واحد وأنتِ بتكلمي الحيوان دا مخفتيش أنه يقولي مهو كدا كدا أحنا صحاب يعني هعرف هعرف صعقت وهى تستمع له فرددت بصدمة: بكلم مين؟! أنت مجنون! هوى على وجهها بصفعة قوية قائلا بشرار: مجنون عشان كشفت حقيقتك الواسخة، بتكلميه من أمته وأزاي أستغفلتينا كدا؟! بكت وهو تحاول تخليص نفسها من بين يديه قائلة بدموع: هو مين والله العظيم ما بكلم حد.
لم يستمع لها فقط يستمع لحديث ذاك اللعين بأنها على تواصل معه منذ سنوات... بالخارج... حمل عنها ضياء الحقائب قائلا بضيق: عنك يا مرات عمي مفيش حد يساعدك؟ آبتسمت سلوى وهو يتناول منها الحقائب فقالت بتعب: مفيش حد تحت يا حبيبي أمك وريهام راحوا ينقطوا واحدة جارتنا والبنات راحت معاهم وأحمد وأدهم وعبد الرحمن معرفش راحوا فين؟!.. ضياء بهدوء: زمانهم على وصول..
وأتابعها للأعلى فتعجب حينما أستمع لصوت صراخات مكة فأسرعت سلوى بفتح باب الشقة وقلبها يكاد يتوقف...
ولجوا سوياً فصعقوا حينما وجدوا يوسف ينهال عليها بضربات مؤلمة، ألقى ضياء الحقائب ثم هرول سريعاً ليدفشه عن شقيقته بغضب لا مثيل له فشددت مكة من أحتضان أخيها برعب وأستنجاد جعل عيناه تشع شرارت من جحيم ليصيح بصوتٍ كالرعد: أنت بأي حق ترفع أيدك عليها خلاص عمالى فيها راجل وشايف نفسك لا فوق وقسمن بالله أدفنك هنا أقترب منه يوسف قائلا بغضب يضاهيه: راجل غصب عنك.
أسرعت سلوى بصراخ تجذب إبنها قائلة بدموع: فى أيه يا يوسف وبتمد أيدك على مكة ليه؟ أجابها بغضب: أساليها عملت أيه؟ تلبشت مكة بأخيها والبكاء يزداد أضعافاً فأقترب منه قائلا بصوتٍ كالرعد: مهما كانت عملت تمد أيدك عليها بتاع أيه؟! ملهاش أب ولا أخوات! سلوى برعب من تزايد الأمر: أهدا بس يا ضياء لما نعرف أيه الا حصل؟ قاطعها بصوتٍ جمهوري: مش ههدأ غير لما يعتذر منها وحالا.
إبتسم بسخرية: أعتذر! أنا لو طولت أقتلها بأيدى مش هتردد ثانية واحدة شهقت سلوى بصدمة ليكمل يوسف بسخرية: لما أعرف من صاحبي العزيز أن البنت الا معلقها بقاله سنتين ونص هى هى بنت عمي لا وفخور أهو أنه طالها وبيفرجني الرسايل الا بينهم بسعادة كأنه فاز ببطولة دولية يبقا ليا الحق أخلص عليها بأيدى.
صفعته سلوى بقوة قائلة بغضب يراه بها لأول مرة: أخرس قطع لسانك أنت وهو وأي مخلوق يمس بنات المنياوي بحرف أنا ساكتة من ساعتها مفكرة أن فى خلاف بينك وبينها لكن لهنا ولاااا أنا ومرتات أعمامك مربين بناتنا كويس مفيش واحدة فيهم تقدر تعمل كداا.
تطلع لها يوسف بصدمة، أما مكة فكانت نظراتها متعلقة على أخيها بخوف من أن يصدق الامر هو الأخر ولكنه فاجئها حينما جذبها من معصمها برفق ثم أستدار ليوسف قائلا بحزن: عمرك ما هتتغير يا يوسف هتفضل طول عمرك كدا ودا سبب مشاكلك المستمرة مع أخوك وولاد عمك أنك عمرك ما حكمت عقلك صحيح أنا أصغر منك بس عمري ما فكرت بطريقتك دي وعلى فكرة أنا عمري ما أصدق على أختي كدا وعارف الحيوان دا قال كدا ليه وهتعرف لما أوريه يعني أيه الرجولة.
وخرج قائلا بصوتٍ ساخر: عن أذنك يا أبن عمي.. وغادر ضياء مع شقيقته بعدما ذكره بالقرابة بينهم لعله يعود لواقعه، أقتربت منه سلوى بدموع كسرة قائلة بقلبٍ محطم: يا خسارة تربيتي فيك يا يوسف يا خسارة وهبت بتركه فأقترب منها بغضب: أنتِ بتعاقبيني على أيه عايزاني أسمع منه كدا وأسكت!
صرخت بغضب: لااا كنت عايزاك تقلع الا فى رجلك وتنزل بيه على دماغه، تقوله لااا بنت عمي مستحيل تكون كدا لكن أنت ما صدقت ومن باجحتك جاي تمد أيدك عليها! عارف لو الا كان طالع معايا أدهم كان هيعمل فيك أيه؟! ضياء متسامح عن أدهم لكن ادهم مستحيل كان يشوف أخته كدا كان ممكن يطلع بروحك صاح بعصبية: يطلع بروح اخته الا مرمطت بشرفنا الأرض بكت قائلة بيأس وهى تتجه لغرفتها: زي ما قال ضياء مفيش فايدة فيك..
وتركته ورحلت ليجلس على المقعد بأهمال يعيد حساباته مجدداً... ولجت مكة للداخل فخطت بدموع خلف ضياء فقالت ببكاء: والله الكلام دا كدب يا ضياء أنا حتى معرفش الواد دا أستدار لها بأبتسامة هادئة: غبية مفكراني هصدق الكلام الأهبل دا سيبك منه مأنتِ عارفة يوسف معندوش عقل خالص شوية وهتلقيه جاي يعتذر..
أشارت له بكسرة فأقترب منها يحاوطها بذراعيه: متزعليش بقا يا مكة أنا أديته كلمتين فى جناباته ومش هسكت والله لأكون قاطع لسان الكلب دا أنا عارف هو قال ليوسف كدا ليه، عايزك بس متقوليش حاجة لأدهم أنتِ متعرفيش ممكن يعمل فى يوسف أيه؟ أسرعت بالحديث والخوف يمزق قلبها: لاااا مش هقوله حاجة..
إبتسم ضياء فبعد ما فعله بها مازالت تخشي عليه من غضب النمر فأشار لها قائلا بأبتسامة مرحة: طب عشان الأحترام الا نزل عليكِ دا أدخلي غيري هخدك معايا أنا والبت غادة هجبلها طقم العيد وأجبلك واحد ميضرش تعالت ضحكاتها بسعادة: هوا وأسرعت لغرفتها تبدل ثيابها فطلب ضياء غادة ليخبرها بالعودة سريعاً...
فتحت عيناها المتورمة من أثر البكاء لتصعق بشدة حينما رأته يحتجزها بين ذراعيه حاولت الأبتعاد عنه ولكن لم تستطيع التصدى لبنيته القوية.. شعر بحركتها ففتح عيناه بأبتسامة لا طالما كرهتها: صباح الخير دفشته بعيداً عنها بنظرات قاتلة ثم نهضت عن الفراش ولكنها سقطت أرضاً بفعل القيد الملتف حول قدمياها... إبتسم حمزة قائلا بسخرية: دايما متسرعة..
ظلت كما هى أرضاً تتحسس حجابها بصدمة حينما رأت شعرها مكشوف فأعتدلت بجلستها وأخذت تبكى بقوة على ما بها... خرج بعد دقائق من المرحاض ليجدها مازالت تجلس أرضاً لم يعبئ بها وتوجه للمطبخ يعد الفطور... جلس جوارها ثم وضع الطعام أمامها قائلا وهو يلتقط الشطائر: مستانية أيه؟ رفعت رتيل عيناها الممتلئة بالدموع ثم قالت بأنكسار: هو أنا لو طلبت منك طلب ممكن تعملهولي.
رفع عيناه البنية لها بثبات وصمت فأزاحت دموعها وأخفضت بصرها عنه لعلمها برفضه القاطع من صمته، قطع حاجز الصمت حينما أكمل طعامه متصنع اللامبالة: لما أسمع الأول أزاحت دموعها سريعاً بأمل ثم قالت بخوف: ممكن تأخدني المقابر عند ماما تطلع لها بصمت يزداد وغموض يترأس عيناه فقالت برجاء: 5دقايق بس أرجوك أكمل تناول طعامه مشيراً برأسه فأبتسمت لأول مرة منذ ولوجها ذاك المكان المخيف..
حمل الطعام ووضعه على الطاولة ثم حرر قدماها لتعدل ثيابها، بحثت عن حجابها كثيراً لتجده معلق بين يديه يقدمه لها بثبات، جذبته منه ثم أرتدته بفرحة وتوجهت للخروج فصرخت بفزع حينما جذبها لتلتقي بعيناه المشعة بالشرار: لو حاولتي تعملى أي حركة كدا ولا كدا أوعدك أنك هتدفعي تمنها غالي أوى أظن فهمتي كلامي.
أشارت له سريعاً برعب يسرى على ملامح وجهها فجذبها خلفه للسيارة، ثم توجه للمقابر، شعرت رتيل بالخوف فلأول مرة تزور المقابر ليلاً ولكنها بحاجة للبكاء أمام قبر والدتها لتشعر بالأرتياح... تركته وهرولت لها ثم جلست أرضاً تبكى بقوة وهى تردد أسمها لعل جروحها تشفى...
وقف حمزة يتأملها بصمت وملامح ثابتة التعبير فطافت نظراته المقبرة الحاملة لأسم والده بجوارها، صفن قليلا ليشعر بغصة تحتل قلبه لتطوفه عاصفة قوية بتردد كلمات أخيه برأسه... خرج من شروده قائلا بحذم: ال5دقايق خلصوا لم يجد منها رداً لحديثه فقال بغضب: متجبرنيش أستخدم معاكِ أسلوبي وأنتِ عارفاه.. لم يجد الرد فأقترب منها يحركها بقوة لتهوى بين ذراعيه فصعق بشدة ليردد بخوف يجتازه لأول مرة: رتيل!، رتيل...
لم تجيبه وبدت له كأنها جثة هامدة فحملها وهرول لسيارته سريعاً والخوف ينهش قلبه!، ينهش قلب الشيطان الذي ظن يوماً أن الرحمة لا تعلم طريقاً لقلبه!
عاد أدهم وعبد الرحمن للحارة فتفاجئوا بصراخ سيدات مسنات بالعمر، فأذا بهم يروا رجالا يوسعون شابٍ فى الثلاثين من عمره ضرباً مبرحاً.. تلونت عين أدهم بالغضب فأقترب ليخلصه ولكن جذبه عبد الرحمن مشيراً على الأقنعة فأرتداها أدهم بتأفف ثم أسرع ليتدخل سريعاً بينهم ويخلص الشاب من بين براثينهم..
كاد عبد الرحمن التداخل ولكن ظن بأن ادهم أنهى الأمر لا يعلم بأن المعركة أوشكت على البدء، فبداخل محل الجزارة ولج أحد الرجال المصابون بفعل ضربات أدهم يلهث من قوة أصابته ليصيح من يجلس على المقعد بغضب: مين الا عمل فيك كدا يالا؟ اجابه بصوت متقطع: فى واحد دخل فى الخناقة وأحنا بنعلم علي الواد صالح يا معلم دفشه بقدميه بغضب: واحد يعمل فيكم كداا؟!
ثم خرج من الداخل ويلحق به عدد مهول من الرجال أصحاب البنية القوية ليصيح بغضب حينما وجد رجاله الأربعة ممددون أمامه: شوية كلاب هو فين الواد دا؟ أشاروا جميعاً على من يساعد ذاك الشاب فتطلع له بغضب مميت ثم أشار لهم قائلا بلهجة مميتة: خلوه عبرة لليفكر يتحدا المعلم آسلام السلاموني إنتبه لهم عبد الرحمن فأخرج هاتفه وأسرع بطلب أحمد حتى يتمكنوا من صد هذا الجيش المميت ثم أسرع لينضم لأدهم...
صعق الرجل وهو يراهم يتصدون لهم بحرافية ثم أوقعوهم أرضاً ليعم الحقد قلبه وهو يرى الحارة بأكملها تتأمل ما يحدث إذاً الأمر مرتبط بهيبته أمامهم، تدخل عدد من الرجال التابعين له بسلاح أبيض قاتل، فأقترب أثنين من عبد الرحمن وقيدوا حركته تماماً ثم أقترب منه الثالث حامل لسكين حاد، حاول عبد الرحمن تحرير ذاته ولكن لم يستطيع حينما أقترب منه أثنين أخرين يشلون حركاته فاصبح مقيد من قبل أربع رجال فكيف له التحرر من قيودهم؟!
حاول أدهم التقرب لينقذه ولكن تكاثرت الرجال عليه بالأسلاحة فكان عليه التصدى لهم ونظراته تتطوف عبد الرحمن يحاول بشتى الطرق الأنتهاء منهم ثم أنقاذه، رفع يديه بقوة ليطعنه بالسلاح الحاد ونظرات الأنتصار بدأت على وجه إسلام السلاموني ولكن سرعان ما تبدلت لزهول حينما طاح الرجل بالهواء ليسقط أرضاً وعلى رقبته قدماً قوية فتكت به وأنهت أمره فتطلعوا جميعاً لما حدث فتفاجئوا بالشاب الثالث أمامهم، نعم هم قوة بمساندة بعضهم البعض لن يقوى كلا منهم على المحاربة بمفرده، أقترب منهم أحمد ثم دفشهم بقوة ليعود عبد الرحمن للمعاركة محطم الأشلاء فتطلع لأحمد بغضب وهو يتبادل الضربات مع أحداهما: كل دا يا حيوان كنت هموت.
صرخ الرجل بقوة حينما حطم أحمد ذراعيه قائلا دون النظر له: هو أنا بلحق أفوق من كوارثكم ادي يوم قولت أخرج أغير مود عبد الرحمن وعيناه على من يحمل سيفٍ ويقترب من أحمد فأسرع إليه وحطم رقبته ليصعق أحمد حينما رأى من خلفه فكان الموت يطوف به! أشار له عبد الرحمن بالمناصفة: كدا خلصين.
إبتسم وعاد لأرض المعركة لينهيها أدهم بجسارة، تعجب سكان الحارة بشدة فهؤلاء من المؤكد من حلف الجنون لتحدى هذا الرجل، خرج صوت آسلام السلاموني بصوتٍ كالرعد: أنت مين يا زبالة أنت وهو؟.
أقترب منه أدهم بعيناه المشعة لشرارت فتراجع للخلف برعب بدا للحي لأول مرة، وضع أدهم قدميه على المقعد وقرب وجهه منه قائلا بنبرة مميتة: الزبالة دول مستعدين يخلوا هبتك الا بتعتمد عليها من حماية شوية كلاب زي دول فى الأرض بس مش هنعمل كدا عارف ليه؟ إبتلع ريقه برعب ليكمل النمر وعيناه تتحداه: لأننا أقوى من كدا مش أحنا الا نكسر واحد معندوش رجولة فبيعتمد على الا يظهرها..
وغادر أدهم بعدما جعله شعلة مشتعلة من الغضب.. أقترب عبد الرحمن من الشاب فحمله لشقتهم بالأعلى ثم عالج جروحه أمام الجميع فأقتربت منه والدته الباكية: ربنا يباركلكم يا ررب وميوقعكمش فى مشاكل أبداً أنا أفتكرت خلاص أنها النهاية لأبني بس ربنا كريم أحمد بحزن: أيه الا مدخلكم فى مشاكل مع الراجل دا يا أمي؟
أغمضت عيناها بآلم: هو الا بيتعرضلنا يابني المحلات الا هو واخدها دي كان مأجرها من جوزي الله يرحمه وأنا بصرف بيها عليا أنا وعيالي بس من ساعة ما جوزي مات رافض يدينى الأيجار قولتله ألف مرة حتى لو هيديني النص بس رده كان وحش أوى وأخرهم أنه ضرب أبني لما طلب منه يطلع منهم.. أدهم بهدوء: الأيجار كام؟ العجوز: ال3محلات ب1500ج أحمد بصدمة: بس دا قليل أوى المحلات كبيرة وتستهل أكتر من كدا!
العجوز بحزن: أنا مش عايزة منه حاجة غير أنه يسيب أبني فى حاله والمحلات أستعوضنا ربنا فيهم أدهم بغضب: بس دا حقك يا حاجة وأعتبري أنه رجعلك وتركها وغادر ليتابعه أحمد وعبد الرحمن بزهول... هبط أدهم للأسفل ثم أقترب من الرجل فأبتلع الرجال ريقهم برعب من تواجدهم بالمنطقة بعد، أقترب منه قائلا بأعين تلمع بشرار: حبيت اديك أنذاري الأخير قبل ما أمشي.
رفع إسلام السلاموني عيناه له بغضب مكبوت ليكمل أدهم: بكرا الساعة 10 بليل لو مريت من هنا ولقيتك لسه فى المحل دا أوعدك أنك هتخرج منه جثة أنت ورجالتك وتركه وغادر ليحطم الرجل الزجاج بغضب على ما فعله به!
صعد زين لغرفة همس فجلس جوارها يتأملها بهدوء فأبتسم بشرود: لما أتقابلنا أول مرة عيوني أتعلقت بيكِ ورفضت تسيبك كنت فاكر أنى راجع عشان أنتقم بس وقعت بحبك يا همس الا عملته كان غصب عني أحتضن يديها بين يديه قائلا بعشق: كل الا فات همحيه بس أرجعي يا همس أوعدك أنى مش هسيبك أبداً حتى لو فضلتي كدا هفضل جانبك وعمري ما هشوف غيرك..
أقترب منها ليتمدد لجوارها ثم قربها منه ليحتضنها بعشقٍ جارف، إبتعد عنها سريعاً حينما أستمع لشهقات بكاء مكبوتة ليجدها تبكى وهى بأحضانه أخرجها زين بصدمة وغضب قائلا بزهول ؛ همس!
بقصر حازم السيوفي.. صعد لغرفتها بعد أن ظل كثيراً يستعيد قواه فوجدها تجلس أرضاً بجانب الغرفة، أقترب منها ثم جلس لجوارها مستنداً على الحائط بفترة قضاها بالصمت ثم قال بهدوء: كان لازم أعمل كدا خرجت عن صمتها بسخرية: أنك تقدم نفسك للموت؟! أعتدل حازم بجلسته قائلا بغضب: مستعد أعمل أكتر من كدا بس أغيره لكمته على صدره بقوة وبكاء: خلاص أقتل نفسك وريحني.
أستند على الحائط ثم جذبها لتقف أمامه قائلا بثبات: خلاص يا رهف لم تستمع له وظلت تكيل له الضربات الخفيفة على صدره العريض فأبتسم بسخرية ووقف ثابتٍ يتأمل ضرباتها التى تشبه التيار الذي يحاول إيقاع بناءٍ ضخم... صاحت بعصبية: أنت هيهمك أيه؟ وعدتني أنك هتكون معايا على طول ودلوقتي عايز تخلى بوعدك! إبتسم قائلا بجدية وهو يحتضن وجهها بين يديه: ممكن تهدي...
دفشت يديه بعيداً عنها قائلة بدموع: أنا مش مجنونة يا حازم أنت مفكرتش فيا هعمل أيه لو الحيوان دا عمل فيك حاجة؟! أقترب منها بقلق فقربها منه قائلا بحنان: خلاص يا رهف أهداي أنا كويس.. وضمها بقوة حتى أستكانت بين ذراعيه...
بمنزل طلعت المنياوي... ولج ضياء ومكة وغادة سعداء للغاية بعد قضاء يوماً ممتع بالخارج فحملت مكة الحقائب قائلة لضياء بسعادة: ألف شكر يا ديدو هطلع أوريهم لماما وأغير هدومي عشان نعمل السحور.. أشارت لها غادة قائلة بأبتسامة: هحصلك صعدت مكة فأقتربت غادة منه بخجل: لسه زعلان مني يا ضياء؟ اقترب منها وهو يحاول غض بصره عنها: لو زعلان كنت أخدتك يا هبلة! إبتسمت بسعادة: عارفه أن قلبك أبيض.
قاطعها بتحذير: قلبي ابيض أه بس مش لدرجة أنك تسوءي فيها رمقته بغضب ثم حملت الحقائب وتوجهت للصعود قائلة بسخرية ؛ مفيش فايدة فيك.. ، على الدرج..
صعدت مكة للأعلى بالحقائب ولكنها توقفت محلها حينما وجدت يوسف يهبط للأسفل، وقفت أمامه بصمت، قدماها تخشبت عن الحركة، عيناها تذرف الدمع حينما تذكرت ما فعله بها، أما هو فما أن رأى كدمات وجهها حتى تألم قلبه، شددت من قبضتها على الحقائب وأكملت صعودها للأعلي، ولجت للداخل ثم أغلقت الباب غير عابئة به، وقف يتأملها قليلا ثم هبط للأسفل ليجد ضياء يجلس على المقعد وما أن رأه حتى هم بالخروج فاوقفه قائلا بحرج: أستنى عايز أتكلم معاك.
تطلع له بثبات: مظنش في كلام بينا... وأستدار ضياء ليغادر ولكنه صعق حينما وجد أدهم وعبد الرحمن أمامه.. أقترب منه أدهم قائلا بعيناه الغامضة: فى أيه؟ ألتزم الصمت فزفر عبد الرحمن بغضب: أتخانقتوا تاني! لم يجيبه أحداً فشعلت عين ادهم بالغضب قائلا بحذم: سألت فى أيه ومحدش جاوب! ضياء بعد تفكير: الأستاذ شايف نفسه على الكل من ساعة ما دخل شرطة محدش عاد ملي عينه فاكر أنه بقى وكيل وزارة.
ولج أحمد من الداخل قائلا بملل: واضح أنى جيت فى الوقت الصح! تطلع ضياء ليوسف بنظرة فهمها جيداً فأسرع بالحديث: أنا برضو ولا أنت الا بتشاكل دبان وشك! أدهم بغضب: مش هتبطلوا لعب العيال دا، ثم صاح بصوتٍ مرتفع: شوف الموضوع دا يا عبد الرحمن لو أتدخلت هخلص عليهم الأتنين احمد بصوت يكاد يكون مسموع: يارريت عبد الرحمن بهدوء: أهدا بس يا ديدو مأنت وهو على طول كدا أيه الجديد بس؟ ضياء بغضب مصطنع: بس مكنش شايف نفسه كداا.
أحمد بغضب: لا طول عمره شايف نفسه ودا رأيك يعني مفيش جديد يعني وفروا على نفسكم وعلينا مجهود كل يوم دا يعنى بالمعني الأصح أتقوا الله فينا أحنا شباب وعلى وش جواز هنرجع من شغلنا مهدودين ونحل مشاكلكم كمان! تطلع يوسف لضياء ثم أنسحبوا معاً للخارج، أقترب منه عبد الرحمن بأعجاب: عملتها أزاي دي! أنا أتوقعت تحقيق صباحي احمد بغرور: عيب عليك يالا دانا أبو حميد الا مدوخ ال...
قطع باقي كلماته ووقف جوار عبد الرحمن بصدمة فأبتسم قائلا بصوتٍ منخفض: مش عارف لما بتشوف جدك بتقلب على أنعام ليه؟ رمقه بضيق ولكن سرعان ما تعدل بملامحه فأقترب منهم طلعت قائلا بغموض: حبيت أتسحر معاكم النهاردة رمضان جرب يخلص ومجعدناش على الوكل عبد الرحمن بأبتسامة واسعة: دا أحلى سحور والله بيك يا جدي رسم احمد البسمة المصطنعه: داحنا حتى هنأكل بنفس.. أقترب منه طلعت قائلا بنظرات شك: مش بين.
وتركه وجلس على الطاولة تحت ضحكات عبد الرحمن المكبوتة... هبط الجميع وجلسوا جواره فسعد طلعت وهو يتناول طعام السحور بجوار أحفاده نعم لم يفتقد لأبنائه بوجودهم.. غامت نظرات أحمد تلك الفاتنة التى ترتدي اسدال من اللون الأبيض جعلها آية تتوق للمعني فرمقه أدهم بغضب ليغض عنها البصر سريعاً.. إبتسم الجد قائلا وهو يتناول طعامه: جولتلي أنك خارج مع خطيبتك يا ضياء.
سعل بقوة قائلا بصعوبة بالحديث: أيوا يا جدي روحنا جبنا لبس العيد عقبال أمالتك العيد بعد أربع أيام وكدا رفع عيناه له فصرخ ضياء لعبد الرحمن: أديني المية دي الله يكرمك.
كبت ضحكاته وقدم له المياه فتطلع له أدهم بغضب، حملت جيانا المشروب وقدمته للجميع فتناوله منها أدهم بنظرة جعلتها متوردة من الخجل فأسرعت بالجلوس جوار ياسمين، بقي الصمت الحليف بينهم ليقطعه الجد قائلا بخبث وهو يوزع نظراته بين أحمد وأدهم وعبد الرحمن: إكده الصغير عنده ذوق عنيكم! تطلعوا إليه جميعاً بعدم فهم ليكمل هو: خاد خطيبته وجبلها لبس العيد وأنتم يا كبار معملتهوش.
تطلع الجميع لبعضهم البعض بزهول لينهض عن الطاولة قائلا بمكر: كل واحد يأخد خطيبته بكرا يجبلها الا هى عايزاه وأنت كمان يا عبده وتركهم بصدمة من أمرهم وغادر، ما أن غادر الجد حتى صرخ أحمد بحماس وهو يتوجه لياسمين: طلعت المنياوي وفق غلى الخطوبة يا جدعان عبد الرحمن بسخرية: واقع واقع يعني إبتسمت ريهام قائلة بعتاب: ما تسيبه يا عبد الرحمن يفرح الف مبروك يا حبيبي سلوى بأبتسامة هادئة: مبروك عليك جيانا يا أدهم.
تطلع لها فخجلت للغاية حتى ياسمين.. صاحت غادة بزهول: لحظة واحدة من فضلكم دلوقتي جدو وافق على الجواز فطبيعي جيانا لأدهم وياسمين لأحمد هو ذكر عبد الرحمن لمين بقاااا؟! صمت الجميع وتطلعوا لهم بزهول فتحدث بأبتسامة مرح: لمكة أكيد صعق يوسف وتطلع له بنظرة قاتلة فأبتسم عبد الرحمن بخبث للشباب ليعلموا الآن بأنه سينضم قريباً آليهم.. تعالت ضحكاته قائلا بسخرية: لا أنا الحمد لله خارج العائلة بس خيار يشرف بعون الله.
تعالت ضحكات أحمد وأكتفى أدهم بأبتسامة بسيطة للغاية... بينما تطلع يوسف لمكة فوجدها تتحاشي النظر إليه والحزن يعمر وجهها...
وضعها على الفراش فمازالت غائبة عن الوعي فأسرع بأحضار البرفنيوم الخاص به ولكن لم تستجيب له.. حركها حمزة بقلق: رتيل، رتيل.. فتحت عيناها بضعف شديد فأحتضنها برعبٍ حقيقي، أستعادت وعيها فأخرجها بعيداً عن أحضانه قائلا بقلق: أنتِ كويسة؟ تطلعت له بصمت تدرس ملامح وجهه بتعجب فهوت دمعاتها قائلة بسخرية: هتفرق معاك! جذبها من معصمها قائلا بجنون: هتفهمي أمته أنى بحبك!
إبتسمت والدمع يتمرد عليها: أنت مش بتحب غير نفسك وبس يا حمزة، لسه عايز مني أيه خلاص كسرتني وعقبتني على كدبة كدبتها زمان لسه عايز أيه تانى.. ردد بهمس وإستغراب: كدبة! أشارت له بدموع تغزو وجهها: أنا فعلا حبيت بس محبتش حازم.
ضيق عيناه بغضب ظناً بأن هناك أخر لتكمل بدموع: حبيتك أنت يا حمزة بس حبي دا كان غلط ودا الا أكتشفته عشان كدا حاولت أغيرك لما كدبت وقولت أنى بحب أخوك كنت عايزاك تشوف ليه قولت كدا تشوف الحلو الا فيه وتتغير بس للأسف كل الا أنت فكرت فيه الأنتقام مني ودا الا عملته.. تراجع للخلف بصدمة فبكت قائلة بتعب يلحقها: أنا دلوقتي بكرهك يا حمزة أيوا بكرهك أنت حولت كل ذرة حب فى قلبي لكره..
تعالت شهقات بكائها لتصرخ بجنون: بكرهك سامعني بكرهك يالا أقتلني عشان تنتقم براحتك أغمض عيناه بآلم وترك الغرفة بأكملها حتى لا يستمع المزيد ولكن إلي أين الفرار! هل سيتركه قلبه قليلا؟!، كيف سيتمكن من مواجهته؟!. ما مصير همس بعدما وقعت بين براثينه؟! ماذا ستفعل تلك الفتاة مع من تطلق عليه الطبيب اللعين؟!. هل سيتمكن المافيا من القضاء على إسلام السلاموني وماذا سيحصد لهم؟
رواية القناع الخفي للعشق (مافيا الحي الشعبي) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل التاسع
أبعدها عن أحضانه بصدمة أزدادت حينما رأها أستعادت وعيها، تلونت عيناه بالغضب من تردد أفكار مميتة برأسه فجذبها بقوة لتقف أمام لهيب عيناه قائلا بصوتٍ مشابه للموت: يعنى أنتِ كنتِ بتستغفليني؟! لم تجيبه وأكتفت بالبكاء فى صمت فشدد من قبضة يديه على معصمها لتصرخ بآلم فتركها لتهوى على الفراش بينما شدد هو من الضغط على شعره الكثيف ليقترب منها بعينان تشعان شرار: طريقة حلوة عشان تكسريني مش كدا؟
زادت دمعاتها والصمت يجتاز وجهها فيجعل الغضب يتمكن منه، جذبها بقوة قائلا بغضب لا مثيل له: ساكتة ليه؟ أتكلمي! رفعت عيناها الممزوجة بالدمع له قائلة بصوتٍ منحاز للكسرة والحطام منقذ: هيفيد بأيه أنى أتكلم وأنت على طول بتقدم أتهامات بدون ما تسمعني! أنا خلاص مش عايزة منك حاجة تانية غير الطلاق دا الحل المثالي صعق زين فتطلع لها بصدمة: طلاق!، أنتِ فاكرة أنك هتتحديني يا همس؟
صرخت بقوة وجنون: أيوا بتحداك لأنك هتفضل زي مأنت عمرك ما هتتغير.. وجذبت حجابها ثم أرتدته بأهمال وتوجهت للخروج فجذبها بقوة قائلا بصوت كالرعد: كدا طب وريني هتخرجي من هنا أزاي؟ وأغلق باب الغرفة جيداً ثم جلس على المقعد ببرود يتراقب ما تفعله...
جففت دمعاتها وجلست على الأريكة المقابلة له بصمت طال قليلا فقطعته بشرود بالماضي ؛ كنت بحبه أوى، متخيلتش حياتي من غيره، جهزنا كل حاجة الشقة والعفش كل حاجة، مكنش فاضل على جوازنا غير أسبوعين بس كان مصمم أنه يجبلي فستان الفرح من أفخم مكان فى أمريكا. قالي أنه هيسافر 48 ساعة بس..
إستمع لها زين بحزن وقلب يتآلم لدمعاها الناقل لكم المعاناة التى قضتها، أكملت بشهقات بكاء حارق: ال48ساعة بقا أسبوع وأكتر ومفيش أي أخبار عنه حتى عيلته مكنوش عارفين يوصلوا له، لحد ما أتفاجئت أنه فضل فى المستشفى الفترة دي كلها بسبب حادث فى سيارة الأجرة الا كان فيها والخبر أتاكد بوفاته...
تطلع لها زين بأسف لتكمل بدموع: الخبر دا كان كافيل أنه يكسرني للأبد يا زين، عروسة المفروض أن فرحها بعد أربع أيام تتفاجئ بموت حبيبها!، بس أنا عشت عشان أبويا ورسمت الفرحة لسنين وأنا من جوايا مكسورة ومقهورة أوى، كل مكان كان بيفكرني بيه، كل نفس خارج مني كأنه على وعد أنه يكون ذكري ليا، كل دا وجهته لوحدى يا زين ومن نحية تانية بابا الا كان بيضغط عليا عشان أرتبط لأنه نفسه يشوفلي أولاد قبل ما يموت، أمنية زي كل أب وأم، حاولت أرضي رغبته فأرتبطت بأول واحد أتقدملي..
رفعت عيناها الممتلئة بالدمع له: أرتبطت بخالد ثم قالت بصوت باكي: حاولت أنساه وأبدأ مع خالد بس مقدرتش صدقني مقدرتش 6شهور بحاول اقنع نفسي أني أعيش مع خالد بس رفضت أظلمه أزاي هعيش معاه بعد الجواز وأنا تفكيرى فى واحد تاني؟! مقبلتش أعمل كدا يا زين.. وتعالت شهقاتها فأسرع إليها يضمها لصدره قائلا بهمسٍ لها: خلاص أهدي.
سكنت بين أحضانه حتى هدأت ثم قالت ببكاء: حياتي أتغيرت لما دخلتها بدأت أنساه حبيتك يا زين معرفش أزاي ولا أمته؟! بس فى الأخر أنت كمان كسرتني وأبتعدت عنه ثم توجهت للخروج فلحق بها قائلا بحنان: ليه مقولتليش الكلام دا من الاول؟ زاد الدمع بعيناها فأستدارت له بصوتٍ محطم: أنت مدتنيش فرصة أحكيلك تسلل الحزن لتعبيرات وجهه فرفعت يدها على مقبض الباب حتى تهرب من أمام عيناه ولكن يديه كانت الأقرب لها...
بكت همس قائلة برجاء: أرجوك يا زين محتاجة أكون لوحدي تطلع لها بعشق طال بنظرات من طوفان ثم سحب يديه ببطئ ليقدم لها الحرية فركضت لتخرج من المنزل بأكمله...
حمل الطعام وولج لها فوجدها مازالت تعتلى الفراش بشرود، أقترب منها حمزة ثم حمل بعض الشطائر قائلا متحاشي النظر إليها الأغماء الا بيجيلك دا من قلة الأكل ورفع يديه بالطعام لها مقربها من فمها، رمقته بنظرة محتقنة بالغضب فرفعت يدها بجنون ودفشت يديه بعيداً عنها قائلة بغضب: أنت أيه معندكش دم مفيش عندك ذرة أحساس..
حوريته الفتاكة أيقاظت شيطانه المخيف، أستدار بوجهه لها بعدما غامت عيناه بالعواصف الرعدية، إبتلعت رتيل ريقها بصعوبة وهى تراه يقترب منها بنظرات لا تنذر بالخير قد تكون على محافة الهلاك... توقفت عن الحركة حينما أصبحت محاصرة بينه وبين الحائط اللعين فرفعت يديها ببكاء على وجهها ظنة بأنه سيصفعها مجدداً..
ما فعلته تلك الفتاة أخترق قلب الشيطان فوقف يتأملها بنظرات غامضة وهو يرى حب طفولته المسعى الوحيد لعشقه المتيم ترتعب منه حد الموت... لم يحتمل رؤياها هكذا فخرج من الغرفة سريعاً أما هى فأخفضت يديها برعبٍ لتجد الغرفة فارغة فسقطت أرضاً تبكى بجنون، وهو بالخارج يراقبها بصمت وتفكير عميق ليصل لأمراً سيحطمه! ولكن عليه ذلك...
عاد أدهم من المسجد ليتفاجئ بجيانا تتجه للمنزل بمفردها، أسرع إليها وعيناه تتفحص طريق المسجد قائلا بستغراب: أنت جاية لوحدك؟ شهقت رعبٍ فأخذت نفس طويل تسترد ذاتها ثم قالت وعيناها أرضاً: أيوا ماما ومرتات عمي صلوا النهاردة فى البيت أدهم بغضب: تقومي تيجي لوحدك فى الوقت دا؟
أسرعت بالحديث: لا أنا جيت مع أحمد وفضلت واقفة أستناه بس لقيته اتاخر فى الخروج فقولت أروح أنا وبعدين الناس كلها خارجة تصلى الفجر بالمسجد يعنى الطريق آمان.. تفحصها بنظرات غامضة ثم اشار لها بيديه: هشوف موضوعك دا بعدين أتفضلي أخفت بسمتها وخطت معه للمنزل تخطف نظراتها الجانبية لمن يخطو جوارها، مازالت لا تصدق أنه سيصبح زوجٍ لها قريباً!..
وصلت معه لشوارع الحارة الخاصة بهما فرمقتها الفتيات بنظرات محتقنة بالغيرة ولكن البادي منها نظرات تتقمص دور الفجور لها رغم أن من تخطو معه هو إبن عمها الأكبر! حتى مع تحفظ المسافات بينهم بالطريق! ولكن تلك العادة السيئة الطابعة للقلوب...
ولجوا للداخل فوجدوا أحمد يتمدد بالداخل على الأريكة ويغط بنوماً عميق، تطلعت له جيانا بغضب فأقترب أدهم منه يحركه بهدوء ولكن لا فائدة من ذلك فرفع قدميه ليلكمه بقوة أسقطته أرضاً ليصيح برعب: فين؟ مين! كبتت ضحكاتها بصعوبة فأنحني له أدهم بعيناه المشعة بالشرار ليخرج صوته الساخر: قابض الأرواح.
نهض عن الأرض بضيق ثم جلس على الأريكة قائلا بغضب: نعم عايز أيه؟ مش كفايا الا بيحصلنا طول النهار من تحت راسك كمان الأحلام بتطلع فيها! تعالت ضحكات جيانا فتطلع لها أدهم بنظرة خاطفة ثم جذب أحمد بقوة ؛ لا سيب الكلام دا لما تفوق دلوقتي يا حيوان أنت راجع البيت ونايم عادي كدا؟! أحمد بصدمة: والمفروض أعمل أيه؟ ضيق عيناه بغضب لتقول جيانا بغضب: أنت نسيتني ولا أيه!
تطلع لها بصدمة ثم صاح بزهول: أيوا صحيح نسيت البت خاالص دي راحة معايا! أقتربت منه جيانا بخبث: أيه الا واخد عقلك؟ رمقه بنظرة محتقنة ثم قال بصوتٍ حازم: لا بقولك أيه فوقي كدا أن كنت ومازلت أخوكِ الكبير يعنى هتبصي تلاقي القلم نزل على وشك يزغرط صدح صوت الصفعة بالمكان بأكمله فتطلع لها احمد بتعجب ليجد النمر لجواره بعدما هوى على وجهه بالصفعة التى تمناها هو!..
رمقه أحمد بغضب ثم جذب الوسادة قائلا بتوعد: ماشي وقسمن بالله لأوريكم بس حالياً محتاج راحة ونوم عميق أفوق بس وهوريكم وتركهم وصعد للأعلى وهو محتضن وسادة الأريكة، ما أن تخفى من أمامهم حتى أنفجرت جيانا ضاحكة... بقى صامتٍ ويتأملها حتى تدرجته فوقفت تعبث بأصابعها بخجل يعشقه الأدهم، أقترب منها مع حرص المسافة بينهم: على فكرة أحنا فى صيام فمتحاوليش تعملي كدا تاني..
وتركها وصعد للأعلى ليرتجف نبض القلب بعين تتابع المعشوق وهو بتخفى من أمام عيناها، ويا ويلتاها حينما أستدار بوجهه لترى عيناه الخضراء الفتاكة، غضت عنه بصرها سريعاً وبداخلها تدعو الله أن يتم الزواج التى حلمت به كثيراً...
تسللت بأشعتها الذهبية لتملأ العالم بنور لا يعي قيمته سوى قلب العاشق المرتجف لتعلن بدء يوم جديد... بمنزل زين.. لم يذق طعم النوم فبقى مستيقظ طويلا ليتفاجئ بصوت خطوات بسيطة بالخارج.. خرج زين من غرفته بعدما أغلق قميصه على صدره العريض بأهمال فتفاجئ بأخته تجذب حقيبتها وتتسلل للخروج من المنزل، تلك الحمقاء أيقظت حبال الغضب بداخله ليخرجها عليها...
تسللت ببطئ لباب المنزل الخارجي ولكنها تفاجئت به يقف أمام عيناها كالصقر، لم تهتز له وبقيت تتأمله بتحدى وسكون، أقترب منها زين ليجذبها بقوة قائلا بصوتٍ كالأعصار: أنتِ أيه مفيش فايدة فيكِ؟ جذبت معصمها من بين يديه قائلة بغضب: أنت عايز أيه؟ ما خلاص خدت الفلوس وكل حاجة سبني بقا أرجع للعالم الا عمره ما يشبهك إبتسم بسخرية: أسيبك! بالسهولة دي.
تأملته بغضب ثم صاحت به بجنون ؛ أسمع يا زين أنا عمري ما هتجوز الحيوان دا فاهم أنا عارفة كويس أيه غرضك من جوازي منه لكن دا بعدك لم يعد يحتمل أكثر من ذلك فجذبها بقوة لغرفة بالأسفل ثم أغلقها من الخارج ليخرج هاتفه ويحادث أدهم وعبد الرحمن...
بغرفة رتيل... كانت تستند برأسها على الحائط بأهمال، وجهها خالى من الحياة، تشبة الجثث الهامدة الفاقدة لحياة لا توجد بها سواه!.. أقترب منها حمزة بعينٍ تحمل الغموض ونظرات تطول بتأملها كأنها تتشبع بها للمرة الأخيرة... أنحني على قدميه ليكون بمستواها ثم رفع يديه لها بحقيبة مغلقة.. رفعت عيناها الدامعة له بصمت فخرج صوته بثبات ؛ غيرى هدومك.
بقيت كما هى ولم تتحرك فزادت نظرته تعمقاً لها ليشعر بأن قراره صائب، نعم من عاونه على الأفاقة أخيه وكلماته الطاعنة له، أذهب عن عقله تلك الأفكار ثم قال بنظرات عيناه البنية: غيرى هدومك يا رتيل هرجعك لأبوكِ.. رفعت عيناها له بعدم تصديق فجاهد كثيراً للحديث: أيوا هرجعك بنفسي لهناك بس لازم تغيرى لبسك دا.
ووضع حمزة الحقيبة على قدماها ثم غادر للخارج لينتظرها ولكن غابت كثيراً عنه فولج للداخل ليجدها تبكى بغزارة ومازالت تجلس ارضاً تحتضن جسدها بذراعيها.. أسرع إليها بلهفة ثم أنحني لها بقلق: مالك؟ فى أيه؟! رفعت عيناها الحمراء من كثرة دمعاتها قائلة بصوت يكاد يكون مسموع: لسه عايز مني أيه يا حمزة! جاي دلوقتي وعايز ترجعني لأبويا عشان يتفضح؟ أرجوك أقتلني وخلص نفسك من العذاب الا جواك وخلصني معاك.
حطمت قلبه بكلماتها فجاهد ليرفع يديه على وجهها الباكي وبالكاد فعل ذلك لتقف أمامه، رفعت عيناها له لتقف بزهول من نظراته أزدادت أضعافٍ حينما قال بصوتٍ صادق: أنا مأذتكيش يا رتيل، مقدرتش أعمل كدا ممكن أكون وحش بس مش لدرجة آذي حد بحبه وأنا بح.. إبتلع باقي كلماته بآلم وسحب يديه سريعاً ثم توجه للخروج قائلا بثبات: 5دقايق وتكوني غيرتي هدومك والا تصرفي مش هيعجبك..
وتركها وغادر للخارج فبقيت هى متصنمة محلها لا تقوى على الحركة، تزداد بكائها وفكرها بهذا الغامض، إبتسمت بفرحة لا تضاهيها أميال بعدما أستمعت له لا ليست فرحة بقائها طاهرة! ولكن بأنه حقاً يعشقها!. جلست على الفراش تجمع ذاتها لما لم تعد تشعر برغبة الرحيل؟! لم تشعر بآلآم تهاجمها مع فكرة الأبتعاد عنه!.
انفضت عنها تلك الأفكار وفكرة الرحيل من هنا وضعتها مسارها الرئيسي فتوجهت للحقيبة الموضوعة أرضاً وشرعت بتبديل ملابسها... أما بالخارج.. جلس على الأريكة يعبث بهاتفه ثم قطع العبث برنين بشخص لم يتوقع اللجوء له!.. ، بقصر حازم السيوفي... تملمت من بين أحضانه على صوت الهاتف الصادح بالغرفة، فتح حازم عيناه بصعوبة ثم جذب الهاتف قائلا بنوم: ألو.. فتح عيناه على مصرعيها ثم أعتدل بجلسته سريعاً قائلا بعدم تصديق: حمزة!
أجابه حمزة بصوتٍ محطم وهو يرسم القسوة الزائفة: مكنتش أتمنى أسمع صوتك تاني بس مضطر أغمض حازم عيناه بآلم وهو يقول بثبات خادع: فى أيه؟ حمزة: قابلني على الطريق ##بعد ربع ساعة حازم بستغراب: ليه؟ : لما تيجي هتعرف وأغلق الهاتف بوجهه فبقي حازم ساكناً يفكر فيما سيريده به، وضع الهاتف لجواره ليجدها مستيقظة وتطلع له بصدمة ليخرج صوتها الغاضب: متقولش أنك هتروح؟
نهض عن الفراش ثم جذب ملابسه من الخزانة قائلا بهدوء: أكيد هروح لازم أشوف في أيه؟ نهضت عن الفراش سريعاً قائلة بصراخ: أنت مجنون! أكيد هيقتلك أرتدى قميصه وعيناه بعيدة عنها لتجذبه بقوة: أنت أيه يا حازم معندكش عقل هو يقولك تعال تروح كدا بعد الا عمله فيك؟! وضع يديه حول معصمها قائلا بهدوء: مفيش حاجة هتحصل يا رهف شوية وهرجع.
وتركها وهبط للأسفل فلحقت به ببكاء لتقف على الباب الخارجي قائلة ببكاء: مش هسمحلك تخرج من هنا زفر بضيق: تاني يا رهف! صرخت بجنون: تاني وتالت ورابع أبقى مجنونة لو سبتك تخرج من هنا شدد على شعره الغزير بغضب ثم تركها وتوجه للخروج من الباب الخلفي فلحقت به ببكاء حارق لتجده يكاد بالخروج فجلست أرضاً تبكى بقوة وهى تصرخ ببكاء: حازم أنا حامل.
أستدار لها بصدمة ممزوجة بفرحة لا مثيل لها فأسرع إليها يحتضنها بسعادة: بجد! أشارت له بتأكيد فحملها بين ذراعيه وصعد بها للأعلى قائلا بسعادة: دا أفضل خبر سمعته بعد خبر موافقتك على الجواز مني تعلقت به برعب: مش هتمشي صح؟ حزن لرؤية الخوف على وجهها فأحتضن وجهها بين يديه قائلا بنبرة تحمل الحنان بين طايتها رهف أنتِ عارفاني كويس مش بتخلى عن حد ما بالك دا أخويا!
كادت الحديث لتذكره بما فعله فقطعها قائلا بتفهم: عارف الا هتقوليه لكن فى النهاية أنا حازم مصطفي السيوفي وهو حمزة مصطفي السيوفي، حمزة مش وحش أوى كدا الظروف هى الا خاليته كدا وأنا بحاول أوضحله سوء التفاهم الا بسببه خسر نفسه هوت دمعة من عيناها وهى تستمع له ليزيحها بحنان: متقلقيش عليا هأخد الحرس معايا آبتسمت براحة فقبل رأسها وغادر تاركاً قلبها بمعركة دانية...
خرج حازم من القصر بسيارته الخاصة بعدما رفض تماماً ان تلاحقه الحرس فربما لا يعلم بمن يتتابعه ليعلم مكان إبنته بعدد من الرجال وبداخله قسم القصاء على حمزة، ولكن هناك مجهول دائم وحتما اللقاء به...
بمنزل زين.. أدهم بغضب: لا يا زين أنا مش معاك هتجوزها بالغضب؟! نهض عن الأريكة بتصميم: أيوا هجوزها بالغصب يا أدهم وحالا المأذون على وصول أحمد بصدمة: دا جنان راسمي! : بالعكس أنا شايف قرار زين فى محله.. قالها عبد الرحمن بعدما توجه لباب الغرفة الفاصل بينه وبينها تحت نظرات غموض النمر... أقترب أدهم منه ثم جذبه للخارج: تعال معايا عايزك.
وبالفعل خرج معه لحديقة الفيلا فدفشه أدهم بقوة ليجلس على المقعد فزفر بغضب: فى أيه يا أدهم؟ أقترب منه بنظراته المحتقنة ليخرج صوته الغامض: أسمعني كويس يا عبد الرحمن محدش فاهمك أدي أنا عارف أنت عايز تتجوزها ليه؟ تأمله بقليل من الصمت ثم قال بهدوء ؛ عشان أساعد زين قاطعه بنظراته الفتاكة ونبرته الساخرة: عشان تنتقم من الا عملته فيك أخفى نظراته عنه ولكن من هو أمام نظرات النمر!.
ليجذبه بقوة وصوتٍ كالرعد: فوق يا عبد الرحمن مش أخلاقك الا هتسمحلك تعمل كدا ولا تربيتك دفشه بعيداً عنه بغضب أنت كنت مأيد الفكرة ليه الوقتي غيرت كلامك صاح بصوتٍ مرتفع: عشان كنت على حق كنت راجل وعايز تساعد صاحبك لكن دلوقتي أنا شايف الكره والأنتقام فى عيونك ودا مصيرهم وحش أوى يا صاحبي أنا مش بكلمك كأبن عمك ولا أخوك لا بكلمك صاحب لصاحبه، الا هتعمله دا هيغضب ربنا يا عبد الرحمن وأنت عمرك ما عملت كدا.
وضع عيناه أرضاً بأقتناع ليقترب منه النمر وضعاً يديه حول ذراعيه: مستعد أدخل معاك حالا واشهد على العقد بنفسي بس لما تأكدلي أنك مش هتسمح لأنتقامك أنه يتغلب عليك هتعاملها بما يرضي الله ساعتها هتلاقيني فى دهرك.. رفع عيناه له ثم أشار لها بتأكيد فأبتسم أدهم وولج معه للداخل ليتم عقد قرأنه عليها بعدما علم طلعت المنياوي من زين ما حدث فوافق على ما يحدث...
تركهم عبد الرحمن وتوجه للغرفة المحتجزة بها فولج للداخل ليجدها تجلس على أحد المقاعد وتنفس السجار بغضب شديد، إبتلعت ريقها برعب حقيقي حينما رأته بالغرفة..
أقترب منها عبد الرحمن بهدوء سحب أنفاسها ثم وقف أمام وجهها يتأملها بنظرة متفحصة، رفع يديه جاذباً السجائر من بين يديها ثم دعسه تحت قدميه بقوة أخافتها بجلست على المقعد برعب، أنحني بجسده لها ثم قرب وجهه لها قائلا بصوتٍ ثابت متخفى بطيات الغضب: خلاص بقيتي مراتي يعني من هنا ورايح هتسمعي الكلام كادت الحديث فقطعها قائلا بهدوء: للأسف مفيش ادامك أختيارات لأني زعلي وحش أوى وأنتِ جربتيه ولا أيه؟
إبتلعت ريقها برعب والصمت يحفل على وجهها فأكمل بأعجاب: كدا تعجبيني فى شوية تعليمات لازم تعمليهم والا... وتعمد الصمت مشيراً بعيناه الساحرة المنقلبة للون مخيف فأشارت له بالموافقة قبل سماع ما سيقوله ليكمل هو بأبتسامة ساحرة ويديه تشير على جسدها: القرف الا بتلبسيه لو شوفتك لبساه تاني متلمويش الا نفسك، صوتك لو على علي أي حد عقابك معايا هيكون عسير.. ثم اقترب منها مردد كلماته بتحذير: فهمتي أي حد؟
أشارت له بخوف فأعتدل بوقفته قائلا بلغتها: سنرى عزيزتي ولكن تذكري كلماتي جيداً فعقاب الطبيب اللعين لن يقوى جسدك الهزيل عليه.. أرتعبت للغاية وتلبشت محلها هل سيبرحها ضرباً! إبتسم بأنتصار وتوجه للخروج ولكنه أستدار لها قائلا بتذكر: أه أفتكرت ساعتين وهجي أخدك عشان أعرفك على عيلتي أتمنى تعليماتي تتنفذ بالحرف..
أشارت له بسرعة فأقترب منها مجدداً قائلا بعد نظرات طالت بتفحصها: على فكرة أسمك الحقيقي أفضل بكتير من صافي دا وتركها وغادر لتدفش المزهرية بغضب وهى تبكى برعب فأن كانت هنا وترتعب هكذا ماذا أن ذهبت معه بمفردها!.
بمنزل طلعت المنياوي.. صاحت سلوى ببكاء وغضب: يعني أيه إبني يتجوز كدا وأنا أخر من يعلم؟! إسماعيل بخوف: واطي صوتك هو كتب كتابه بس وهيعمل خطوبة مع أحمد وأدهم والفرح معاهم فين الجواز بقا؟ قاطعته بسخرية: لا كتر خيركم والله دا حتى العروسة معرفهاش أنا مش زي كل أم أنقي عروسة لأبني وأشوفها ولا خلاص دوري أنتهي!
آسماعيل بهدوء: يا سلوي أهدي أبويا الحاج لو سمعك هيزعل منك الواد منقي بنت زين وأنتِ عارفاه كويس أكيد أخته زيه قاطعته بدموع: مقولتش حاجة بس على الأقل كان يعرفني! دق الباب فتوجهت ياسمين الباكية على بكاء والدتها لترى من؟ فتعجبت بشدة حينما رأت جدها بهيبته الطاغية.. ياسمين بفرحة: جدو أتفضل وبالفعل ولج طلعت المنياوي للداخل فأسرع إليه إسماعيل بفرحة: أبويا أتفضل نورت الشقة والله.
جلس طلعت على الأريكة واضعاً العصا لجواره قائلا بهدوء ونظراته عليها: جري أيه يأم عبد الرحمن مبجاش ليا جيمة عندك صعقت بشدة لتقول بصدمة: أيه الا بتقوله ده يا أبويا الحج؟! قاطعها بحذم: حديتك هو الا بيجول، من متى بنخبر الحريم بحاجة واصل؟!
وضعت عيناها أرضاً ليكمل هو بهدوء ؛ زين جال أن العروسة عايزة تسافر لأمها فأني جولتله بعد الجواز فأقترح أننا نعقد القران عشان تسافر تشوف أمها فى بلاد برة وأني وفجت، الأمور جيت بسرعة أجوله أستنى أما أخد آذن آمه! أسرعت بالحديث: لا العفو يا أبويا الحج رفع عصاه قائلا بثبات: قفلي حديتك وأنزلي أعملي وكل عشان مرات ولدك هتاجي تأكل معانا النهاردة إبتسمت برضا وأقتناع: من عيوني يا حاج.
وتركته وهبطت للأسفل بعدما قلب حزنها لفرح، أقتربت منه ياسمين بعدما أشار لها قائلة بأحترام: نعم يا جدي خرج صوته: جهزى نفسك أنتِ وبت عمك بعد الفطار هتروحوا تجيبوا الدهب واللبس إبتسمت بفرحة: حاضر يا جدي وتركته وهبطت تخبر جيانا بما أخبرهم به بينما قبل إسماعيل يديه بفرحة: ربنا يباركلنا فيك يابوي.. إبتسم طلعت وهو يرتب على كتقيه: ويبارك فى عمرك ياولدي، يالا بقا ننزل نصلي صلاة الظهر بالمسجد.
إبتسم له وعاونه على الوقوف ثم هبط معه للأسفل..
أنتظره حازم طويلا إلي أن لمح سيارة تقترب منهم لتقف على مسافة ليست بكيبرة عنهم.. بداخلها.. تحاشت النظر له حتى لا يرى دمعاتها فحتى هى لا تعلم سببهما، بينما تبقى حمزة ساكناً ليخرج صوته بهدوء: أنزلي تطلعت له بحزن ثم وزعت نظراتها على المنطقة بأكملها لتجد حازم يقف على مقربة منخم فتطلعت له بستغراب ليتحدث ونظراته أمامه: حازم هيساعدك ترجعي لوالدك أشارت له بتفهم فهبط من السيارة وفتح لها الباب المقابل لها..
تعجب حازم من رؤيتها ولكنه علم الآن بأن جزء من قلب أخيه عاد للحياة لذا سيعدها.. تطلعت له رتيل فأشار لها بالذهاب، وقفت تتأمله بنظرات مقبضة لقلبها المتدفق بالآلم فتوجهت لحازم الواقف على بعد مسافات قليلة منها بخطى أشبه بالموت... مرأت ذكريات ما حدث أمام عيناها وهى ترى طفولتها وحاضرها وما قضته بجواره، رغم نشود الآنين الا أن جانب منها كان سعيداً لكونه جوارها لعد تلك السنوات..
تخشبت محلها فرفضت قدماها الأبتعاد أكثر لتستدير بوجهها له فوجدته يتأملها بهدوء مخفى لآلآمه، هوت تلك الدمعة المرتجفة على وجهها لتزيحها وتركض بقوة حتى دانت منه فوقفت تتأمله وهو يتطلع لها بستغراب زاد أضعافٍ حينما أحتضنته ببكاء.. تخشب محله ومعه أطراف أصابعه من أن يحتويها حتى حازم إبتسم بتسلية كأنه يوضح له أن التضحية تصنع الحب، وما فعله أستحق ذلك.. رتيل ببكاء: مش عايزة أرجع يا حمزة.
أبعدها عنه بصدمة لتكمل بدموع: مش عارفة أيه الا بيحصلي بس الا أنا فاهماه أنى عايزاك أنت لو رجعت لبابا هيرفضك لم يستوعب ما يستمع إليه فرفع يديه يلامس وجهها بزهول فأبتسمت بعشق ليحتضنها بقوة قائلا بعدم تصديق: دا بجد شددت من أحتضانه لتؤكد له فأبتسم وأغمض عيناه بسعادة... سعد حازم لسعادته فأخيراً حصل على ما يريد، ولكن سرعان ما أنقلبت نظراته لغضب فأسرع إليه ودفشه أرضاً قائلا بصراخ: حمزة.
تعجب حمزة فرفع عيناه ليجد ضربات نارية تطوف المكان وأذا به أمامهم، إبراهيم السيوفي... وقف حازم وحمزة فأقترب منهم قائلا بغضب: كنت عارف أنك عارف مكان أخوك حل الغضب عيناه وهى يطيح بالحرس الخاص به: وأنا حذرتك أنك تآذيه صعق آبراهيم وهو يرى رجاله يسقطون رجل تلو الأخر بفضل قوة حازم حتى حمزة تخشب محله والدمع يتلألأ بعيناه وهو يراه يحاربهم لأجله ويستمع لحديثه...
أقترب إبراهيم من آبنته بعدما صعد سيارته قائلا بصراخ: مستانية أيه؟ أركبي تساقطت الدموع من عيناها وهى تتراجع للخلف حتى تخفت خلف جسد حمزة فصعق الرجل ولكن عليه التحرك سريعاً فحازم على وشك القضاء عليه.. غادر سريعاً فأنهى حازم المعركة ثم أقترب منه سريعاً قائلا بلهفة: أنت كويس؟ بقى ساكناً كما هو الدمع يلمع بعيناه فقط فأشار له بهدوء ليشير له حازم بآلم وهو يجاهد أحتضانه...
فقال بثبات: لازم نمشي من هنا حالا تعال فى عربيتي وبالفعل تتابعه وجلس بالخلف ولجواره رتيل ليسرع حازم بالعودة للقصر..
عاد أدهم مع أحمد للمنزل فجلسوا بالقاعة يخططون لبناء الأرض حتى لا يطول الزفاف عن أشهر معدودة ولكن عليهم الأجتهاد كثيراً وبالفعل أتفاقوا على بدء العمل من الغد بعدما أتفاقوا مع العمال... صعد أدهم للأعلى ليرتاح قليلا فأذا به يجدها بالداخل تجلس مع مكة بحزن... أقترب منهم بستغراب: فى أيه؟ أنتبهت له فوقفت سريعاً: مفيش.
ضيق عيناه بشك فوقفت جيانا قائلة بحزن مصطنع: مكة حرقت القطايف وخايفة طنط نجلاء تعرف وتزعقلها.. أدهم بسخرية: لا والله أخيراً بقى عندها دم رمقته بضيق فأخرج من جيبة المال ثم صاح بصوت مرتفع: ضياء، ضياء خرج من غرفته يعبث بعيناه بنوم: نعم ادهم بهدوء: خد الفلوس دي وأنزل هات الطلبات الا هتقولك عليها مكة.
فتح عيناه بسخرية: نعممم طلبات أيه أنا أتهريت من الصبح طلبات قال أيه عروسة عبد الرحمن جاية وأنا مالي ياعم مايروح يجيب هو أقترب منه قائلا بعين تشع تحذير: سمعت كلامي صح؟ إبتلع ريقه برعب فجذب المال وأقترب منها بضيق: قولي ياختي طلباتك وخلصينا تطلعت مكة لجيانا بأرتباك فتدخلت على الفور قائلة بأبتسامة هادئة: هات 2كيلو قطايف وربع كيلو زبيب وربع بشر وشوية مكسرات بقا..
رمقها بنظرة محتقنة: ماشي صبركم عليا بس لما يخرج ورحمة نانتك لأربيكِ أنتِ والسلعوة الا جانبك دي.. وغادر والغضب يتمكن منه أما أدهم تطلع لها بنظرة مطولة ثم ولج لغرفته.. زفرت مكة براحة ثم صاحت بغضب: قطايف أيه الا أتحرقت يا حيوانة جيانا بغضب يفوقها: تصدقي أنا غلطانه أنى نجدتك منه جلست على الأريكة بخوف: الحمد لله أنه معرفش متتصوريش ممكن يعمل فى يوسف أيه لو عرف؟!
جيانا بتأييد: عارفة والصراحة هيكون معاه ألف حق الا يوسف عمله كبير جداً.. شكل الحزن على وجهها لتغوم بأحداث ما حدث معها... جلب ضياء الأغراض ثم توجه للأعلي فأتبعه يوسف قائلا بهدوء: كنت فين؟ أستدار له بضيق: وأنت مالك وضع عيناه أرضاً قائلا بعد صمت: ضياء أنا عارف اني غلطت بس حط نفسك مكاني قاطعه بغضب: أنا مش مكانك يا يوسف وعمري ما هكون مكانك أنت للأسف معندكش عقل تميز بيه حتى أختيارك لأصحابك الزبالة دول.
تشكل الغضب على وجهه: ليه الغلط بقا؟ وضع ضياء الأغراض على الطاولة ثم قال بهدوء: تعرف يا يوسف أيه مشكلتك؟ انك مش بتشوف الناس صح، حيوان زي الا أسمه علاء دا مصاحبه بقالك أكتر من 6سنين وللأسف مقدرتش تكتشف كمية الغيرة والحقد الا جواه من نحيتك تطلع له بدهشة ليردد بزهول: غيرة؟ غيرة أيه؟
إبتسم بسخرية: غيرة أنك مش زيه بتقضي وقت معاهم ورغم كدا دخلت شرطة وهما فى الهابط غيرة من كل شيء وأخيرهم حبك لمكة الا حاول يآثر عليك عشان يبعدك عنها.. صعق يوسف وتطلع له بصدمة فكان يظن أن حبه لها مكنون بقلبه فكيف له بذلك؟!
إبتسم ضياء قائلا بثبات: متستغربش أنا عارف من البداية والا مكنتش عديت الا عملته كدا بمزاجي وحرصت ان الموضوع ميوصلش لأدهم، أنا عارف أن أي حد هيسمع كدا هيعمل زي ما عملت بس للأسف كنت أتمنى تحكم عقلك ومتدمش أيدك عليها زي ما عملت، تغيرك معاها الفترة الا فاتت كلها ومعاملتك الزبالة كانت إشارة ليا أن الحيوان دا بدأ سمه وسبته بمزاحي لكن بعد الا حصل مكنش ينفع أسيبه يوسف بجدية: عملت فيه ايه؟
إبتسم وهو يحمل الأغراض: الا كان لازم يتعمل من زمان.. وكاد التوجه للاعلى فأوقفه صوتها: ضياء أستدار ليجد غادة أمامه وتشير له بالأقتراب فتطلع ليوسف الحزين بمكر ليقترب منه واضعاً الأكياس على يديه قائلا بمكر: خد دول طلعهم لمكة وجيانا فوق أما أشوف البت دي عايزة أيه؟ رفع يوسف عيناه له فغمز له ضياء وتوجه لها ليبتسم بعدم تصديق ويصعد للأعلي.. ضياء بتأفف: نعمين ومتقوليش محتاجة طلبات هنفجر فيكم كلكم.
رمقته بحزن: خلاص أطلع وكادت الرحيل ليجذبها بجدية: مالك فى أيه؟ أخفت دمعاتها ليجذبها لتجلس على الأريكة قائلا بقلق: مالك يا غادة في ايه؟ حد زعلك أشارت له بالنفي فجلس جوارها قائلا بستغراب: طب مالك بس؟ أجابته بدموع حارقة: التلفون بتاعي وقع مني فى الشارع وعليه كل صوري وصور البنات وكلامنا على الواتس.. رمقها بغضب جامح: قولتلك ميت ألف مرة متحطيش عليه الصور دي.
بكت قائلة بشهقات حارة: دا وقته يا ضياء جدك لو عرف هيموتني.. هدأ قليلا ثم رفع يديه على يدها: خلاص متزعليش قوليلي خرجتي فين؟ رفعت عيناها بلهفة: طنط سلوي بعتتني أجيب لحمة وشوية طلبات من الماركت الا على اول الشارع.. ضياء: خلاص أمسحى دموعك ومش تبيني لحد حاجة وأنا هخرج أشوفه وبأذن الله مش هرجع غير وهو معايا آبتسمت بسعادة: ربنا يخليك ليا ياررب إبتسم الأخر بعشق قائلا بغضب: اللهم أني صائم عن أذنك.
وتركها وغادر لتنفجر ضاحكة... بينما بالأعلي.. طرق يوسف الباب فظنت مكة أن ضياء عاد بالطلبات فتوجهت لتفتح ولكنها تخشبت محلها حينما وجدته أمامها... وضعت عيناها أرضاً بحزن ودمع مكبوت فرفع الأكياس لها قائلا بأرتباك: الحاجات الا ضياء جابها.. تناولت منه الأكياس وهمت بالولوج ولكنها توقفت على صوته: مكة.. أستدارت له فأقترب قائلا بخجل: أنا أسف صدقيني معرفش الا حصل دا حصل أزاي؟!
تطلعت له بصمت والزهول بداخلها يرقص على طرب الصدمات، ليكمل هو: أنا عارف أنك مستحيل تعملي كدا بس معرفش ليه أتصرفت كدا يمكن عشان... وصمت قليلا يجاهد خروج الكلمات ليقطعها قائلا: أنا هنتظر أما أخلص تعليمى وأطلبك من جدك وتركها وصعد للأعلى فظلت كما هى تعيد الكلمات بزهول ظنت بأنه حلم ولكن الأغراض بيديها! اقتربت منها جيانا بصدمة: واقفة كدليه يابت؟ تطلعت لها بأبتسامة واسعة ؛ يوسف أعتذرلي وقالي أنه...
وابتلعت باقي جملتها بخجل لتجذبها للداخل وتغلق الباب ثم توجهت للمطبخ تعد الحلوى قائلة بهدوء: تعالى نعمل الحلويات عشان مفيش وقت وأحكيلي بقا كل حاجة... إبتسمت بسعادة وشرعت بتجهيز الحلوى معها وهى تقص لها بفرحة كبيرة ما حدث..
ولج حمزة للداخل معه فجلس على الأريكة لتجلس رتيل مقابل له، تركهم حازم وصعد للأعلى فهو يعلم حاجتهم للحديث... رفعت عيناها له لتجده يتأملها بصمت خرج عنه قائلا بستغراب: ليه عملتي كدا؟ أقتربت منه قائلة بسخرية: أنا نفسي معرفش.. يمكن عشان لسه بحبك! ترك مقعده وأسرع إليها قائلا بفرحة: أيه؟ أشارت له بدموع قائلة بخجل: أيوا يا حمزة قربها منه قائلا بحزن: بعد كل الا عملته فيكِ؟
بمنزل زين... انتظرها عبد الرحمن بالأسفل فبقيت بغرفتها كثيراً تفكر بالهرب مجدداً ولكنها تذكرت ما قاله فأسرعت للخزانة تبحث عن شيئاً محتشم ولكن بعد مدة طالت بالبحث باتت محاولتها بالفشل فما جلبته معها فاضح للغاية.. جلست على الفراش بغضب: يا إلهي ماذا سأفعل الآن؟!.
لم تجد سوى هاتفها فجذبته وطلبت فستان سريع من المول المجاور لها ليأتي لها العامل بعد مدة لم تقل عن نصف ساعة فأرتدته على عجالة من أمرها ثم مشطت شعرها وهبطت للأسفل مسرعة.. زفر بضيق من تأخرها حتى أنه قرر مضايقتها ولكنه كان بموقف لا يحسد عليه حينما رأها تهبط للأسفل بفستان أسود طويل للغاية يغطى جسدها بأكمله تاركة العنان لشعرها البرتقالي يتمرد على عيناها..
هبطت للأسفل برعب وهو ساكناً امامها يتأملها قليلا ثم أشار لها بالخروج: يالا.. لحقت به برعب وهى تبحث بعيناها عن زين ولكن لم تجده فخرجت معه بصمت قبل ان يحطم عنقها هكذا ظنت... أما بغرفة زين الرياضية.. لم يهتم كونه صائم فمارس رياضة شاقة وهو يرى ما فعلته به وما فعله بها، ذكرياته تفتك به وبقلبه المسكين، تعرق جسده بشدة ولم يبالي فأسرع بالركض لينسى ما حدث له على يدها أو ربما ينسى قسوته الزاهقة...
أبتعد عن الجهاز بغضب وجلس يلهث بقوة حينما تذكر رجائه لها بان تعافر وتستعيد وعيها وهى تستمع له بقسوة وتتصنع فقدان الوعي.. جفف عرق جسده بأعين تشع لهيب فألقى المنشفة بغضب ثم أسرع للخزانة ليبدل ثيابه ويتوجه لها...
صعدت معه لسيارة الأجرة برعب وزهول بعدما توجه به للحي الشعبي، فكانت تتأمل الناس بزهول.. إبتسم بخبث هتتعودي تطلعت له بغضب ليبتسم بمكر حينما توقف السائق فهبط عبد الرحمن لتهبط هى الأخرى برعب، توجهت معه للداخل بقدماً ترتجف فهى لا تعلم تقاليد المصريين ولا ألي أين يأخذها؟!. ولجت معه للداخل فتفاجئت بنساء تقترب منها بفرحة والأخرون علامات الزهول ترتسم وجوههما من شعرها المكشوف...
سلوى بنظرات تحمل الحزن حينما رأتها غير محجبة: أهلا يا بنتي أشارت لها برأسها فرفع عبد الرحمن يديه: دي ماما ودي صابرين أستدارت له بغضب فأبتسم وهو يهمس لها: قولتلك أسمك الحقيقي أفضل بكتير.. وغمز لها ثم تركها تتعرف علي عائلته... شعرت بالخوف فى بدء الأمر ولكن بعدما جلست معها الفتيات شعرت بالراحة وتبادلت الحديث معهم.. تركتهم سلوى وولجت للمطبخ باكية فلحقت بها ريهام ونجلاء مسرعين... ريهام بلهفة: مالك يا حبيبتي.
رفعت سلوى عيناها الباكية: مالي؟ يعنى إبني بعد كل التربية الا ربتهاله جايبلي واحدة مش محجبة وبتقوليلي مالك؟! نجلاء بهدوء: وأيه المشكلة يا سلوي أنتِ عارفة أن عبد الرحمن عاقل وأكيد هيخليها تلبس الحجاب قاطعتها بغضب: وهو يختارها ليه من الأول مهي ممكن ترفض وساعتها لو أجبرها هيكون بيرتكب ذنب! : عمري ما هجبرها يا أمي بالعكس هخليها تأخد الخطوة دي بأقتناع.. قالها عبد الرحمن بعدما أسرع خلف والدته..
أقترب منها ثم قبل يدها وأزاح دموعها قائلا بهدوء: حقك عليا متزعليش مني كان غصب عني والله الأمور جيت بسرعة وملحقتش أقولك حاجة أحتضنته بفرحة: مش زعلانه يا حبيبي ربنا يقدملك الخير ويبع د عنك الشر قبل رأسها بفرحة: مش عايز غير الدعوة الحلوة دي إبتسمت نجلاء بسعادة فلكمته ريهام بغضب: أخس عليك يعني تحضن أمك دي وتنسى الباقي أه مهو خلاص راحت علينا ولا أيه يا نجلاء.
تعالت ضحكاتها فاسرع إليهم يقبل يديهم بأبتسامة هادئة: لا أزاي أنتوا الخير والبركة.. نجلاء وهى تحتضنه: شوفتي الواد البكاش عبد الرحمن بستسلام ؛ أنا خارج لحسن معركتي معاكم خسرانة تعالت ضحكاتهم بسعادة فتوجه للاعلى ليرى أدهم وأحمد، تاركها تتعرف على الفتيات بسعادة فهى وحيدة بدون صديقات هنا..
بمنزل همس.. دق باب المنزل فأرتدت أسدلها ثم توجهت لترى من؟ فصعقت بشدة حينما رأته يقف أمامها.. رددت بخفوت: زين.. بقى صامتٍ لدقائق ثم جذبها بالقوة وأغلق الباب ليحملها لسيارته صرخت به بجنون: أنت واخدني فيييين؟ لم يجيبها وصعد لجوارها ليقود بسرعة جنونية والصمت يخيم عليه وهى تصرخ به ولكن لا مفر له من الصمت ليعلمها الآن جزاء ما فعلته به!..
أعد آسلام السلاموني خطط لكشف هؤلاء المقنعين والفتك بهم ولكن هل سيتمكن من ذلك؟!.. ربما هناك خطط مدبرة للأيقاع بالجبابرة لتجمعهم خطة محكمة لينضموا لبعضهم البعض ويكونوا حلفٍ للمجهول... ماذا يخفى المجهول لرهف؟! هل ستستمر علاقة النمر بالحب الدائم أم أن هناك عواصف رعدية ستفتك به؟ هل أنتهت رحلة الانتقام بجواز عبد الرحمن أم أنها على وشك البدء؟!
المجهول محتوم لكل ثنائي بعصبة عليه التصدى له ولكن ماذا لو أشتدت عليهم؟!
رواية القناع الخفي للعشق (مافيا الحي الشعبي) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل العاشر
قاد سيارته بسرعة جنونية وهى تطلع له بخوف شديد يبت بداخلها فأسرعت بالحديث الحامل لطيات القلق بين أحضانه: أنت واخدني على فين؟ لم يجيبها فنظراته كانت مسلطة على الطريق غير عابئاً بها... أستدارت بجسدها له وهى تصرخ بغضب: وقف العربية يا زين لم يستمع لها وزاد من سرعته فجذبت يديه بغضب فى محاولة بائسة منها بأن توقفه عن هذا الجنون..
وبالفعل كسر السرعة بوقفته المفاجئة لتصطدم همس بجانب السيارة الأمامي بقوة، شعرت بالدماء المنثدرة من رأسها بغزارة فلم يعنيها الآلآم وتحملت بقوة لتقوى على القادم برحلة هذا القاسي.. رفع رأسها سريعاً فجحظت عيناه بشدة حينما رأى الدماء المتغلغة بغزارة فهمس بصدمة: همس.. رفعت عيناها له تتأمل زعره بسخرية ولكنه لم يعبئ لنظراتها الحمقاء وتوجه بالسيارة سريعاً ليصل أمام المشفى بزمان قياسي ثم هبط إليها سريعاً..
فتح باب السيارة قائلا بخوف يسرى بقلبه المتحجر: أنزلى بسرعة.. جلست بسترخاء قائلة بهدوء: أنزل ليه؟ علم بأنها عادت لمعركة التحدى من جديد ولكنه لن يسمح لمكروه يصيبها فزفر بغضب: همس مش وقته العناد دا أنتِ بتنزفي! إبتسمت قائلة بسخرية: وأيه يعني؟!.. صاح بصوتٍ غاضب: همس رفعت عيناها له ببرود قائلة بنبرة ثابتة تتحلى بها لأول مرة: لازم أعتاد على الجرح والآلم لأنهم هيكونوا جزء من حياتي معاك..
صعق زين وهى تردد كلماتها الطاعنة لقلبه بلا رحمة مثلما فعل هو من قبل، فسترسلت حديثها قائلة بغموض: روحني البيت يا زين أنا مش هنزل لأى دكتور وفر تعبك... أطبق على قبضة يديه بقوة كادت أن تهشمها وتوجه للسيارة ثم قاد مجدداً بذات السرعة، فاضت كلماتها بعقله فكان يود ءن يصفعها بقوة تفيقها وهذا ما كان يخطط لفعله ولكن ما حدث لها حطم خططه المدبرة...
توقفت السيارة مجدداً فهبط زين بمفرده وأختفى من أمامها، لا تعلم إلي أين ذهب؟ ولكن ما تعلمه بأنها بحاجة للضعف والبكاء، بكت همس بصوتٍ مكبوت، مكبل بالآلآم، آلم قلبٍ يتتوق لأحتضان عشقه المتيم، آلآم أنثي بحاجة لأمانها، نعم زين أمانها وملاذها المحبب لها!.. جففت دموعها سريعاً حينما شعرت بحركة تقترب منها لتجده يصعد مجدداً للسيارة بأكياس مغلقة ثم توجه بالسيارة لمنطقة معزولة عن المساكن...
توقفت السيارة فزفرت همس بضيق: ممكن أفهم حضرتك جايبني هنا ليه؟ تطلع لها بنظرات نجح بكبت مغزاها فرفع يديه على وجهها يقربها منه، صعقت للغاية ولكن زالت قوتها الزائفة فلم تقوى محاربته أو الأعتراض!..
تطلع لها قليلا بعيناه الهائمة بالكثير من الأسئلة والعتابات لها، حتى هى تحمل ذاتها ليقطعها حينما خلع عنها الحجاب فأغمضت عيناها لتهوى دمعة حارقة من عيناها، نعم هو من يؤذيها ويدويها مجدداً!، من يحطمها ويحاول لم أشلاء قلبها الممزق!، كم لعنت ضعفها وهى تحاول أخفائه بقوة مصطنعة!.. فتحت عيناها تتأمله وهو يطهر جروحها ويضمدها جيداً فأبتسمت بسخرية...
عدلت من حجابها حينما أنتهى من معالجتها فبقى هو لجوارها ساكناً، عيناه تتوجج بالعواصف التى يود أشعالها، يلهى ذاته بالنظر لخارج السيارة ولكنه لم يعد يتمكن من كبت زمام أموره... خرج صوتها الساخر فكان حافز قوى لخروج وحش القسوة من عرينها: دايما أنت بتكون السبب فى جروحي وبرضو بتحاول تعالجني!، يمكن عشان أكون كويسة وأستحمل باقي الجروح؟..
حطمت ما تبقى من صمته وسكونه الزائف فخرج من سيارته ثم توجه لها ليجذبها بقوة صرخت لأجلها بقوة، جذبها لتقف أمام شعلة عيناه المشتعلة قائلا بصوتٍ مخيف للغاية: أنتِ صح أنا الا سبب جروحك وهفضل كدا على طول يا همس عشان كدا جبتك هنا عشان أحط حد للعلاقة دي... إبتلعت ريقها بخوف لا مثيل له فجاهدت الكلمات بالخروج قائلة بأرتباك: تقصد أيه؟
أقترب منها ليكون مقرباً للغاية، يتأمل عيناها بأخر نظراته المحلالة له، ليخرج صوته بعد مدة طالت بالصمت قائلا بنبرة تسمعها لأول مرة: ليه دايما بتشوفي عذابك أنتِ وأنا لا؟!، ليه دايما شايفة نفسك بتعاني وأنا لا؟!.. كادت الحديث فرفع يديه بتحذير: لا أتكلمتِ بما فيه الكفاية النهاردة أنا الا هتكلم وأنتِ الا هتسمعي..
قالها بصوتٍ مخيف جعلها تشعر بأنها النهاية لعلاقتهم، فهوت دمعاهتها بصمت وهى تستمع له، بينما أسترسل هو حديثه بثباته الفتاك: كنتِ حابة يكون أيه تصرفي وأنا سامع أخويا الوحيد وإبني الا ربيته على درعي بيموت!، كانت كل أمنياته أن حبيبته تحس بيه وتحبه ربع الحب الا حبهولها!، لا وكل دا وهو بيلفظ أنفاسه الاخيرة بسبب الحادث الا عمله فى نفس اليوم الا سبيته فيه كنتِ عايزاني أنزل من سفري وأجي أضمك على الا حصل لأخويا الوحيد؟!.
أزدادت بالبكاء فجذبها لصدره القوى قائلا بعين تفيض بالقوة والقسوة معاً: لا يا همس دموعك دي مش هتمنعني أنى أتكلم، خلاص مبقتش تآثر فيا، لازم تسمعي كل كلامي عشان متعشيش فى وهم مزيف أنك الا بتتآلمى والباقي لا، أتالمتي أوي لما كشفت وشي ليكِ مع أنها كانت خدعة حاولت أرسمها صح ومحستيش بلا أتحط جوا النار دي من أول ما عينيه وقعت عليكِ؟!، محستيش أد أيه كنت بتألم بين قلبِ الا حبك وبين أنك كنتِ لأخويا وبين أنتقامي منك؟!، محستيش بآلمي وأنا بعلن ليكِ وش بني آدم تاني بعيد عن شخصيتي، محستيش بيا وأنا بكسرك وأنا الا بنكسر من جوايا؟!.
سحب يديه المحاوطة لجسدها قائلا بسخرية: لا محستيش يا همس وياريت دا بس لا وعقبتيني وأنت سامعاني بموت جانبك فى الساعة ألف موتة ومستمتعة جداً وأنتِ شايفاني كدا!. عل صوت بكائها فأكمل بغضب: محستيش بكل دا لأنك أنانية شفتي وجعك قبل وجعي لكن أنا عالجت وجعك الا أنتِ من شوية بتسخري منه حتى لو كنت أنا السبب فيه!، عارفة ليه؟
رفعت عيناها العاتمة بالدمع ليكمل بسخرية وصوت يكاد يكون مسموع: لأني حبيتك بجد بس خلاص جيه الوقت الا أحررك فيه من جرحي وقسوتي الا أنتِ شايفاهم أنقبض قلبها وهى تستمع له بخوف يتزايد مع كلماته!، يخترق أضلاعها بخنجر مسنون وهى تستمع له وتتوقع ما يود قوله...
أقترب منها زين حتى لفحت أنفاسه وجهها، أستند بوجهه على جبهتها مغلق عيناه بقوة كأنه يستعيد قواه أو ربما هو وداع أخير لما يجمعهم، إبتعد عنها بعد دقائق ليقف أمام عيناها الباكية قائلا بصوتٍ خالى من الحياة: خلاص يا همس النهاردة هحررك من العلاقة دي بشكل أبدي.
أقتربت منه بصدمة وعيناها مركزة على خروج مسمع كلماته برعب، فصمت كثيراً يجاهد لقول تلك الكلمة اللعينة التى ستعلن وداعهم الأخير، ستبتر أجزاء من القلب والروح، نعم يعلم ولكن عليه ذلك... بدت القوة بعيناه قائلا ونظراته مسلطة على من تقف أمامه: أنتِ ط... كاد أن يكملها فصرخت بجنون وهى تغلق فمه بيديها معاً، تبكى بجنون أكبر وتحرك رأسها بعنف: لااا يا زين متقولهاش...
بكت بقوة ومازالت تصرخ وتترجاه أن لا يحطمها بتلك الكلمة القاسية لتسقط أرضاً أمامه، تجلس تحت قدميه فلم تعد تحملها قدماها على الوقوف ولا جسدها على البقاء لسماع موتها بذاتها، بينما بقى هو محله يجاهد دمعاته الحارقة على أن تتبلد محلها ولكن شهقات دموعها حطمت ما تبقى له لينحني القاسي ذو القلب المتحجر ويتأملها عن قرب بأعين متلهفة لرؤية عيناها، جاهد ليرفع رأسها المنكوس أرضاً تخفى دمعاتها القاتلة ولكنه فشل فبقي لجوارها هادئاً للغاية وهى بأصعب أختبارها لتستمع باقي كلماته القاتلة أو أن يقترب منها بحنانه المعتاد...
صدح الآذان بالمكان بأكمله لتستغفر الله كثيراً وتدعو بداخلها أن يجمعهم مجدداً بالخير فهى تعشقه حد الجنون، ظلت تردد الدعاء إلى أن أنتهى فرفعت عيناها لتبحث عنه ولكنها تفاجئت أنه لجوارها... تأملها بثبات زائف وهى تتمزق من الداخل فهى الآن بحاجته تخشى أن يتركها ويعيد كلماته مجدداً، أشاحت بعيناها بعيداً عنه ليخرج صوتها الباكي: أنا بحبك يا زين بحبك أوى..
وتعالت صيحات بكائها الحارق وهى تحتضن الأرض بدمعاتها المتخفية منه، لتقول مسرعة بآلم: أي كان قرارك أرجوك قوله دلوقتي.. علم ما يقصد فكبت آلمه ورفع وجهها بيديه ليقربها منه قائلا بصوتٍ غامض: أنتِ... أغلقت عيناها بقوة ويديها ترتجف لسماع ما سيقول ليكمل هو: أنتِ أحسن حاجة حصلتلي فى حياتي يا همس، رغم كل الالم دا بس بعشقك..
بكت بقوة فظنت أنه سيحاول قولها مجدداً فجذبها بقوة لأحضانه لتحطم أضلاعه بدمعاتها الطاعنة حينما سقطت بوابل من الدموع والبكاء بعدم تصديق لما كان سيحدث لها أن أنهى علاقتهم سريعاً، همس بصوته الحزين، الذي يكاد يكون مسموع: اللحظة دي مش هتحصل تاني يا همس أوعدك..
لم يزيدها حديثه سوى البكاء فشددت من أحتضانه والتعلق به بقوة أسقطته أرضاً لجوارها، نجحت بدموعها الغزيرة نقل ما سيحدث لها أن إبتعد عنها، نعم تعلم بأنها مخطئة مثله ولكن لا تريد الأبتعاد عنه...
مرت الدقائق الكثيرة ومازالت ساكنة بأحضانه حتى غفلت من كثرة بكائها، شعر بحركتها الخافتة فأبعدها عنه برفق ليجدها تغط بنوماً عميق، أحتضانها مجدداً بعدم تصديق مما كان سيفعله من تصرف أحمق للغاية ثم قبل رأسها قائلا بهمس مسموع لها: أنا آسف يا حبيبتي.. وحملها بين يديه ثم نهض بها لسيارته وتوجه عائداً لمنزله...
بقصر حازم السيوفي... صعد للأعلى فوجدها تنتظره والغضب يكاد يقتلها فما أن رأته حتى أسرعت إليه قائلة بعصبية: أنت مفيش فايدة فيك يا حازم جلس على الفراش وأبدل ثيابه بهدوء تاركها لتهدأ قليلا ولكن هيهات، جلست جواره لتخرجه من صمته حينما قالت بغضب: رد عليا يا حازم الحيوان دا بيعمل أيه هنا؟! أستدار لها قائلا بنبرة تلتمس الهدوء وتسعى لبتر الغضب: الحيوان دا يبقا أخويا يا رهف رمقته بسخرية: أخوك!
أجابها بتأكيد: أيوا أخويا وذا ما دا بيتي بيته كمان لأنه شريكي فى كل حاجة بالنص لازم تفهمي دا كويس... هوت دمعاتها وهي تستمع له بصدمة فرددت قائلة بحزن: يعني أنا الا طلعت وحشة دلوقتي يا حازم وهو الحلو بعد كل الا عمله؟!
زفر بغضب وهو يحاول الهدوء قليلا ليجذبها إليه بعدما كانت توشك على الرحيل، جلست أمامه فتحدث لها برجاء: رهف عشان خاطري أفهميني، صدقيني أنتِ أغلي حاجة عندي فى الكون دا كله، عشقي ليكِ مالوش وصف ممكن أضحى بكل حاجة عشانك، بس حمزة الدنيا ظالمته كتير أوى وصل للمرحلة دي غصب عنه مش بأيده...
ألتزمت الصمت فجذبها لتقف أمامه محتضن وجهها بيديه: عارف يا حبيبتي أن الا عمله كتير وخاصة معاكِ أنتِ بس عشان خاطري نديله فرصة لو متغيرش أنا بنفسي الا هطرده من هنا.. رفعت عيناها له لترى ما فعله لأجلها فخجلت من ذاتها للغاية لتسرع بالأشارة له بالموافقة فأحتضنها بسعادة حقيقة... بالأسفل... أستندت برأسها على الأريكة بحزن يطوف بعيناها فأقترب منها حمزة بقلق: أنتِ كويسة؟
أعتدلت بجلستها وتأملته بغموض ثم قالت بصوتٍ منكسر: بحاول.. جلس جوارها قائلا بخزن: رتيل أنا كنت عايز أرجعك لعمي معرفش أنتِ عملتِ ليه كدا؟ قطعته بأبتسامة تحمل للسخرية معالم ثم قالت بصوتٍ باكي: عارف يا حمزة لما خطفتني كنت أتمنى أنك تقتلني بجد عشان أخلص من حياتي البائسة دي..
تطلع لها بغضب لتكمل هى ببكاء: طول عمري عايشة فى وجع الناس بتشوفني من برة بترسملي صورة بعيدة عني تماماً، عشت عمري كله بتمنى الأنسان الا حبيته يتغير مكنتش عايزاه يعرف بحبي دا وهو كدا..
رفعت عيناها له لتقول بتأكيد: أيوا يا حمزة كنت بتمنى تتغير وساعتها كنت هعافر عشان أعرفك بحبي أو تحس بيا بس مكنتش عايزاك كدا، ورغم كل دا عشت حياتي عادى جداً مع المعتاد فى حياتي من أبويا، كل حاجة كانت بالغصب حتى أختياري للكلية أتلغي عشان هو مش حاببها، كل حاجة عنده رأى مختلف عني بيتدخل فى كل حياتي حتى لبسي وأعتراض كامل على حجابي وأصدقائي أخر مرة وصلت أنه حدد جوازي مع أكبر رجل أعمال أيوا منصبه كبير فمفيش داعي أبص لسنه الا أكبر من أبويا بخمس سنين...
تحطم قلبه وهو يستمع لها فبكت قائلة بأنكسار: طول عمري بدافع أنا التمن يا حمزة.. رفع يديه على يدها قائلا بعشق: مش من النهاردة يا رتيل.. تطلعت له بعين تفيض بالدمع ليكمل هو: أنا أتغيرت من اللحظة الا عفا فيها حازم عني بعد كل الا عملته أتغيرت من اللحظة الا فوقني فيها على حقيقة أن الحب تضحية مش أنانية وأنا كنت أناني عشان كدا قررت أرجعك لعمي.. إبتسمت قائلة بخجل: الخطوة دي الا رجعت حبك فى قلبي من جديد...
رفع يديه يزيح دمعاتها قائلا بصوت كبت لسنوات عديدة: بحبك لأبعد حد ممكن تتصوريه هتغير عشانك يا رتيل عشانك أنتِ وبس.. إبتسمت بفرحة لا مثيل لها، وأطبقت يدها على يديه بينما هناك على الدرج كان تتأملهم رهف بأبتسامة متوردة بالخجل لتعلم الآن بأن عليها منحه فرصة مجدداً.. هبط بها حازم للأسفل فوقفوا الأخرين، تطلعت لها رتيل بأبتسامة هادئة على عكس حمزة تهرب من نظراتها بخجل لما فعله...
حازم بثبات: رهف مراتي ودى رتيل بنت عمي تبادلت كلا منهم التحية فقطعهم دلوف الخادمة قائلة لحازم بهدوء: الفطار جاهز يا فندم والمغرب آذن من ربع ساعة.. أشار لها بالأنصراف ثم أشار لرتيل بالتقدم بلحقت به، كادت رهف أن تتبعهم ولكنها توقف على صوت حمزة قائلا وعيناه أرضاً: أنا عارف لو أعتذرت ميت سنة قدام مش كفايا على الا عملته بس لو قدرتي تسامحيني يكون كرم كبير منك..
جاهدت شعورها بالغضب تجاهه قائلة بأبتسامة خفيفة: مسامحاك يا حمزة رفع عيناه لها بزهول فتطلعت لحازم الذي يعد الأطباق قائلة بهيام به: متستغربش أنا نفسي مكنتش هسامحك أبداً بس حازم أقنعني أن الفرصة دي ممكن تحيك من جديد وأنا حسيت من كلامه أد أيه بيتمني أن دا يحصل فمقدرتش أني أساعده فى حاجة حتى لو كان الأمل فيها صفر فى المية لمجرد أني أشوف بسمته..
وتركته رهف وتقدمت منهم، تركته بآلم أخترق قلبه وهو يتأمل أخيه الذي ظن به السوء على الدوام... أقترب منه والدموع تغزو وجهه وعيناه مسلطة عليه وهو يقف أمامه بزهول... تطلعت لهم رتيل ورهف برعب وهو يقف أمام أخيه بصمت طويل فقط النظرات السائدة بينهم ليقطعها حمزة حينما خر باكياً بين يدي شقيقه ليبكي الأخر ويحتضنه بقوة كأنه أسترجع شخص غالي غادر الحياة منذ سنوات كثيرة...
سعدت رتيل كثيراً وكذلك رهف ولكن تساقطت دموعهم من المشهد المحطم للقلوب، خرج صوت حمزة هامساً له بندم: سامحني، سامحني يا حازم أنا غلطت فى حقك أوى شدد من أحتضانه قائلا بصوتٍ صادق: سامحتك من زمان أوى ودلوقتي خلاص مفيش مكان للكلام دا مصدقت أنك ترجع من تاني.. تطلعت رهف لرتيل بمشاكسة بعدما غمزت لها بطرف عيناها فقالت بحزن: على فكرة أنا هنا وأبتديت أغير.
رتيل بغضب مصطنع: واضح كدا أنهم خلاص أتحدوا وهيخرجونا من حياتهم خالص. رهف بضيق مصطنع: حازم بيكدب عليا وبيقولي الحضن دا ملكك أنتِ يا حبيبتي والوقتي بيخوني عيني عينك كدا حتى مصبرش لما أفطر! إبتعدوا عن بعضهم البعض بأبتسامة واسعة نجحت الحوريات برسمها بنجاح على وجه معشوقها، فجلس كلا منهم لجوارهم وتناولوا طعام الافطار بسعادة تدلف للقلوب لأول مرة.
بمنزل طلعت المنياوي... أنهت الطعام بأعجاب بدا على ملامح على وجهها فقالت بأبتسامة هادئة: الأكل جميل أوى بادلتها سلوى الأبتسامة قائلة بمحبة: بالهنا والشفا حبيبتي.
شعرت بشيء من الراحة تجده بداخلها، وزعت نظراتها بينهم لتجد ضحكات الفتيات المشاكسة تملأ الغرفة الخاصة بهم وبالخارج أصوات الرجال تبعث تبث الآمان بشيء غامض لها، وجدت الأحترام من الفتيات لتلك السيدات ومساعدتهم بأن قاموا بحمل الأطباق بعد تناول الطعام فأسرعت تعاونهم بستغراب من ما فعلته فلم تظن يوماً أنها ستفعل واجبات المنزل اللغيضة لها...
أقتربت منها نجلاء سريعاً: لا يا حبيبتي أنتِ تغسلي أيدك وتقعدي متتعبيش نفسك البنات هتشيل كل حاجة.. إبتسمت قائلة بهدوء: هو أنا مش بقيت منهم؟ ريهام بتأكيد: أكيد ياحبيبتي.. جيانا بمرح: أنتِ أنضميتي من أول التعارف يا قلبي مش كدا يا ياسمين؟ تعالت ضحكاتها قائلة بتأييد: كدا ونص كمان سعدت للغاية وشاركتهم ما يفعلوه بصدر رحب حتى أنها صعدت معهم للأعلى ليبادلوا ملابسهم للذهاب مع الشباب...
ولجت مع جيانا للداخل فجلست على المقعد تتابعهم بأبتسامة هادئة إلى أن أنهت كلا منهم تبديل ملابسها ثم شرعن بأرتداء الحجاب.. أقتربت منها ياسمين قائلة بحماس: تعالى معايا يا صافي.. أجابتها بستغراب: على فين؟ إبتسمت الأخري وأشارت للأعلى: شقتنا فوق هغير أنا كمان عشان مش نتأخر نهضت عن المقعد وصعدت معها للأعلي بأعجاب لأطباق المنزل المرتب رغم إتسامه بالبساطة البادية...
طرقت ياسمين باب المنزل بسعادة لصعود صابرين معها فأستدارت قائلة: ها يا ستى أيه رأيك فى البيت كله بقا صعدت أخر درجة قائلة ببسمة هادئة: جميل بجد يا ياسمين وأحلى حاجة فيه الراحة النفسية رفعت يديها أمام صدرها بغرور مصطنع: متقلقيش معانا الراحة كلها. أنفجرت صافي من الضحك حتى أصبح وجهها شديد الحمر قائلة بصعوبة بالحديث: أنتِ كارثة بجد ياسمين بتأكيد: هو أنتِ لسه شوفتي حاجة صبرك بالله بس.
تعالت ضحكاتها بعدم تصديق فلم ترى من يتأملها بغموض ويستمع لها منذ الصعود.. زفرت ياسمين بملل وهى تعيد طرقها الشديد على الباب.. : فى حد عاقل يخبط كدا؟ أستدارت الفتيات سريعاً لتراه يقف خلفهم بعدما صعد ليبدل ثيابه هو الأخر... تعلقت عيناها به ولكن سرعان ما أخفضتها بخوف ينبش بقلبها بينما أقتربت منه ياسمين قائلة بغضب: أعمل أيه أخوك يوسف عامل شبه الا واقع على ودنه!.
تركها وأكمل الدرج ليخطو من جوارها فتخشبت محلها كأنها تعرضت لصاعق كهربي حاد، رائحته تسللت لها لتغمغمها بطائفة خاصة به، فتح الباب فدلفت ياسمين بتعجب من بقائها بمحلها فقالت بستغراب: مدخلتيش ليه يا صابرين؟
أفاقت على صوتها فتطلعت لها بأشارة برأسها برفق ثم همت بالدخول لترفع عيناها له ترمقه برعب على أن يتنح جانبٍ حتى تتمكن من الولوج، تركته ياسمين وتوجهت للمطبخ بخجل من النظرات بينهم فأعدت لها المشروبات بينما ظلت بالخارج تتأمله بخوف وهو بملامح تسلية لرؤيتها هكذا... أقترب منها فتراجعت للخلف بزعر لتنحصر بينه وبين الباب فأخفض رأسه لمستواها قائلا بهمسه الرجولي وإبتسامة التسلية تعلو وجهه: مبكلش بني آدمين أنا.
تمتمت بخفوت: ها أزدادت بسمته وأقترب منها أكثر قائلا بسخرية: لو حابب أقتلك مثلا أكيد مش هعملها فى بيتي ووسط عيلتي! صعقت بشدة وتطلعت له بأعين تكاد تصل للأرض فأعدل من جاكيته وإبتسامة النصر تحفل على وجهه ثم ولج لغرفته تاركها بالخارج تلفظ أنفاسها المنقطعة بصعوبة... حملت ياسمين الأكواب وخرجت تبحث عنها فتفاجئت بعبد الرحمن يدلف لغرفته فخرجت لتجدها مازالت بالداخل.. ياسمين بسخرية: أيه يا صافي المكان عاجبك بره!
هبطت لأرض الواقع بفضلها فلحقت بها للداخل، جلست على الأريكة فناولتها ياسمين الكوب قائلة بأبتسامة بسيطة: أشربي بقا الكوكتيل دا من أيدى وقوليلي رأيك؟ وضعته جانباً قائلة بتعب: لا والله يا ياسمين ما أقدر أنا تقلت فى المحشع دا أوي أنفجرت من الضحك ثم قالت بصعوبة: محشي، ما علينا هعتقك بس لو أخدتي بق صغير وقولتيلي رأيك.. حملت الكوب ثم أرتشفت رشفة صغيرة قائلة بأعجاب: جمييل بجد.
إبتسمت بسعادة ثم فتحت التلفاز قائلة بهدوء: طب أتفرجي بقا على أي حاجة لما أصلى المغرب الأول قبل ما ألبس وتركتها وحملت المصلاة (السجادة) لتوقفها قائلة بخجل: ياسمين أستدارت لها بعدما أرتدت حجابها قائلة بأبتسامة هادئة: نعم يا حبيبتي أجابتها بعد أن نهضت عن الأريكة: ممكن أتوضا عشان أصلى المغرب أنا كمان زُهلت ياسمين وتطلعت لها كثيراً فقالت بخجل: ولا أقولك خلاص هبقا أصلي فى البيت.
أسرعت بالحديث: لا طبعاً تعالى معايا وأرشدتها ياسمين بسعادة ولكن مازالت الصدمة تحفز تعبيرات وجهها فما أن رأتها ترتدي هكذا ظنت بأنها بعيدة عن ربها لا تعلم بأن تلك الفتاة تحمل معاناة كبيرة تحت مسمي قاتل!.. خرجت من الحمام فقدمت لها ياسمين حجاب قائلة بأبتسامة واسعة: جهزتلك السجادة خلصي وأنا فى أوضتي.. وأشارت لها عن غرفتها ثم غادرت لتشرع هى بأداء صلاتها بحرافية على عكس المتوقع...
أبدل عبد الرحمن سرواله ثم جذب قميصه بضيق شديد وخرج يبحث عن ياسمين بغضبٍ جامح ولكنه تصنم محله بصدمة لا مثيل لها حينما رأها هكذا...
أنهت صابرين صلاتها ثم حملت المصلاة ووضعتها على المقعد المجاور لها، خلعت عنها الحجاب ووضعته أيضاً ثم أقتربت من المرآة تعدل شعرها ليعود مثل قبل، أستدارت متوجهة لغرفة ياسمين ولكنها تخشبت محلها بخجل حينما رأته يقف أمام عيناها عاري الصدر، يتطلع لها بزهول وصدمة كبيرة، وضعت عيناها أرضاً بأرتباك ثم أسرعت لغرفة ياسمين ولكن يديه كانت الأقرب لها..
أرتجفت برعب فهي قوية للغاية ولكنها تخشاه حد الجنون، وقف أمام عيناها قائلا بستغراب: ياسمين الا جبرتك؟ رفعت عيناها الغاضبة له لتقول بسخرية: هتجبرني على فرض ربنا؟! لا ما يحدث معه ليس حلمٍ سخيف من تلك الفتاة التى يراها أمامه؟!.. جذبت يدها من يديه ثم ولجت للغرفة أمامها بأرتباك، لما تعلم أنها الغرفة الخاصة به؟..
شعر عبد الرحمن بأن تلك الفتاة غامضة للغاية، هناك الكثير التى تخفيه بنجاح وعليه معرفة ذلك، ولج لغرفة ياسمين بعدما إستمع لأذنها بالدلوف فألقى القميص على الفراش بضيق: مش قولتلك الصبح يا ياسمين أنى هلبس دا بليل ليه مش كوتيه؟ أنهت أرتداء حجابها قائلة بأسف: أنا أسفة يا عبد الرحمن والله نسيت خالص، هات وأنا هعملهولك فى ثانية..
أشار لها بتفهم فحملته وخرجت سريعاً لتنظمه له أما هو فأنسحب لغرفته المجاورة لها ليجدها بالداخل تحمل البرفنيوم الخاص به وتترك عبيره يتسلل لأنفها وما أن رأته حتى سقطت من بين يديها لتتحطم لقطع صغيرة.. أرتجفت برعب وحاولت جذب الزجاج سريعاً قائلة بخوف: أنا أسفة جداً بس أفتكرت أن دي أوضة ياسمين.. أقترب منها فتراجعت للخلف سريعاً قائلة بلهفة: متزعلش هجبلك واحدة غيرها..
ضيق عيناه بزهول فقطعته ياسمين حينما قدمت له القميص قائلة بأبتسامة هادئة: أهو يا سيدى ثم أستدارت بوجهها لها: يالا يا صافي.. أشارت لها بأمتنان ثم لحقت بها للأسفل تحت نظراته الغريبة لها...
بالأسفل... هبط أدهم بعدما أنهى تبديل ملابسه لسروال أسود وقميصٍ أسود ضيق يبرز عضلات جسده القوى، هبط ليجدها تجلس على الأريكة ولجوارها تجلس مكة وغادة يتبادلان الحديث فيما بينهم... شعرت بطيف من الهواء العليل فعلمت بأنه أوشك على الأقتراب منها، رفعت رأسها فى أتجاهه فزهلت من وسامته الغامضة، فهى تشعر بأنه يمتلك جاذبية لكل نوع مختلف من الثياب حتى تسرحات شعره تجعله جذاباً للغاية...
أقترب منهم وعيناه تجوبها بفستانها الودري المرصع ببعض الورود البيضاء البسيطة وحجابها الأبيض فكانت جميلة للغاية، خرج صوته قائلا وعيناه ترفض ترك عشق القلب: جاهزة؟ أشارت له بخجل فأشار لها بالخروج معه لتتابعه للخارج وهمسات مكة وغادة عليهم تلاحقهم... هبطت صابرين مع ياسمين فمرأوا من أمام الشقة الخاصة بأحمد...
أغلق أحمد باب شقته وأستدار ليهبط ولكنه تخشب محله حينما رأى حوريته تتآلق بفستان أسود اللون هادئ للغاية وحجابها الرقيق بوجه خالى من المساحيق التجملية، أقترب منها أحمد بأبتسامة ساحرة قائلا بهيام دون الوعي لوجود صافي: أيه الجمال دا؟! خجلت للغاية وهى توزع نظراتها بينه وبين صابرين بخجل لا مثيل له، أخفت صافي بسمتها على ما يحدث فعلمت الآن بأنه خطيبها الذي تحدثت عنه كثيراً... : مفيش فايدة فيك؟!
قالها من يهبط الدرج خلفهم فأسرع أحمد بالتراجع والوقوف بجدية حينما رأى صابرين وعبد الرحمن، أكمل عبد الرحمن الدرج للأسفل قائلا بغضب: أنا مش قولتلك ميت ألف مرة تتكلم بآدب معاها.. أحمد بسخرية: وأنا عملت أيه يعني مأنا بتكلم بأدب أهو؟! أشار له بعيناه بالهبوط من أمام عيناه فهبط على الفور لتلحقه الفتيات ومن خلفهم عبد الرحمن بثباتٍ تام...
جلست جيانا معه بالخارج بأنتظارهم فتأملها بصمت قطعه حينما قال بصوت منخفض: جميلة فى كل حالاتك يا جيانا.. تطلعت له بزهول فأبتسم قائلا بعشق: مش شايفة نفسك؟! خجلت للغاية وجاهدت لأخفاء عيناها عنه ولكن لم تستطيع ليكمل هو: خلاص الهروب دا معتش هيكون له وجود لأنك هتكوني مراتي..
وضعت عيناها أرضاً وبسمتها تحتل وجهها، قلبها يخفق بقوة، عقلها يعاركها بجنون أن تهرب من أمام عيناه الممزوجة بالحدائق الخضراء، أخرج أدهم من جيبه علبة ملفوفة بحرافية وبداخلها ورقة صغيرة مطوية قائلا بصوته الرجولي العميق: عارف أن أعياد الميلاد عندنا بدع وبالأخص فى بيتنا هنا بس أنا شايفه أجمل يوم عارفه ليه يا جيانا؟
نبض قلبها بجنون فرفعت وجهها له تشير له بأنها لا تعلم، بأن يتحدث ويخبرها المزيد، تريد سماعه، تريد النظر لسحر عيناه الدافئة، تطلع لها بصمت قائلا بهيام بعيناها: مش لأن أجمل ملاك جيه الأرض فى اليوم دا بالعكس لأنى أنا الا أتولدت من جديد.. ضيقت عيناها بعدم فهم فسترسل حديثه قائلا بهمس حتى لا يستمع إليه أحد: لأن فى اليوم دا من سنة تقريباً أكتشفت أن لقلبي عشق تانى بعيد عن العلاقة الا كانت فى حياتي..
صمت قليلا يتأمل ملامحها بأبتسامة جانبية مثيرة قائلا بنبرة منخفضة: العشق دا ليكِ يا جيانا.. لم تعد تحتمل قرع الطبول عليها الفرار من أمامه، عاد لثباته الطاغي قائلا بهمس جادي: عيني العلبة فى شنطتك تطلعت لما يتطلع إليه فوجدت أحمد وعبد الرحمن يتوجهون إليهم بصحبة صابرين وياسمين... وقف أدهم قائلا بغضب: كل دا بتعملوا أيه بالظبط؟ أحمد بضيق: أنا جاهز من بدري عبد الرحمن هو الا أتاخر.
رمقه بنظرة محتقنة ثم توجه للداخل قائلا بضيق: هجيب مفتاح العربية من عمي بدل ما نتبهدل فى المواصلات.. وتركهم وتوجه للداخل فتطلع أدهم لأحمد بغضب ليرفع يديه سريعاً: والله ما عملت فيه حاجة هو نازل كدا.. رمقه بضيق ثم وجه حديثه للفتيات: هنستناه تحت...
وهبطوا جميعاً للأسفل، تطلعت صابرين للحارة بأعجاب شديد ونظرات تتلفت هنا وتتفحص هناك، وقفت الفتيات بالخلف وأمامهم كان يقف أحمد وأدهم بأنتظاره، مرأ من أمامهم شبابٍ أعينهم تكاد تقتلع على صابرين فنظر لهم النمر بعيناه القابضة للأرواح فأسرعوا بالركض من أمامه... بعد دقائق وقف عبد الرحمن بالسيارة أمامهم فصعدت الفتيات بالخلف لتنطلق إلى وجهتهم التى لا تعلمها صافي بعد...
بفيلا زين... فتحت عيناها بفزع فصرخت بجنون: زين، زين... تفحصت الغرفة بأرتباك لتجده يخرج من حمام الغرفة سريعاً بعدما وضع المنشفة على خصره فأقترب منها بلهفة: فى أيه؟، أنتِ كويسة؟! أحتضنته ببكاء حارق كلما تذكرت بأنها كانت على وسك خسارته، أبعدها عن أحضانه قائلا بنبرة تحمل الحنان المعتاد به: ممكن تهدأي الا حصل النهاردة دا مش هيتكرر تاني أبداً رفعت عيناها له برجاء: بجد يا زين؟
إبتسم قائلا بعشق: وعد يا نبض قلب زين إبتسمت بخجل ثم صرخت بجنون فزع لأجله زين وهو يراها تهم بالأبتعاد عنه لتسقط أرضاً وتصرخ ألماً، أقترب منها سريعاً قائلا بستغراب: فى أيه؟ أغلقت عيناها بيديها قائلة بصراخ: أنت ازاي تقف كدا أدامي؟! أنت أيه معندكش أخوات بنات؟. إبتسم قائلا بسخرية: للاسف الشديد عندي رمقته بضيق: أنت مش متربي فى بيتكم على فكرة جفف صدره بقطرات المياه قائلا بسخرية: وأنا فى بيتي على فكرة.
تطلعت له بغضب وهمت بالخروج فأوقفها حينما جذبها بأبتسامته الساحرة قائلا بصوت منخفض: أولا أنتِ مراتي، ثانيا أنا مجاش فى بالي أنى لما أخلص الشاور أخرج ألقاكي فوقتي!، ثالثاً بقا ودا الأهم أنى واخد لبسي معايا جوا ومحترم نفسي لكن مش ذنبي أن حالة جنون العشق دي هترجع تهاجمك من جديد وتخليني أخرج كدا؟!. أستدارت له بغضب وهى تردد بضيق: حالة، جنون العشق؟!
وقبل أن يتحدث كانت تلكمه بقوة قائلة بغضب: أنا الا غلطانه أنى حبيت واحد زيك من البداية حاول التحكم بها ولكن لم يستطيع ليختل توزانها وتسقط أرضاً ولكن ذراعيه كانت الأسرع لها، هامت عيناها البنية بسحر عيناه الزرقاء فتأملها بعشق حطم قلبه مجرد فكرته الحمقاء، أرتجفت بقوة فصاحت بغضب: أبعد عني إبتسم بمكر: أوك وكاد أن يتركها لتسقط أرضاً فتعلقت برقبته وصرخت بجنون: لاااا أوعى تسبني.
إبتسم بعشق هامساً بصدق: لو أخر نفس خارج مني هيكون معاكِ يا همس.. صمتت وداعت القلب يغرد معه على دفوفه الخاصة فظل يتأمل عيناها كثيراً حتى عاونها على الوقوف قائلا بجدية وهو يتحاشي النظر إليها ويجذب ملابسه ليخرج سريعاً: جبتلك هدوم عندك فى الخزنة بتاعتي غيرى هدومك وهستانكي تحت عشان نفطر قبل ما أروحك.
إبتسمت وهى تتأمله يخرج من أمام عيناها فجلست على الفراش بفرحة من كونه يخشى عليها من ذاته!، لم يحطمها تحت دافع بأنها زوجته!، كم شعرت هى بالسعادة لذلك وأزدادت عشقٍ وأحترام له...
ولج كلا منهم منعزل عن الأخر، خطت معه بخجل للداخل فوقف أمامها لتشهق فزعاً من تصرفه فأبتسم قائلا بعدم تصديق: مش مصدق يا ياسمين أنك خلاص هتبقي مراتي وضعت عيناها أرضاً بخجل: دي خطوبة يا أحمد! أبتسم قائلا بعشق والله ما حبيت الأسم دا غير لما قولتيه أنتِ.. أستدارت تبحث عن جيانا كمحاولة للهرب من سحره الخاص فأبتسم وتقدم معها للداخل لينقى معاً الرابط الذي سيجمعهم معاً، خاتم الخطبة (الدبلة)..
بداخل محل الجواهر.. جذب يديها برفق ثم ألبسها بخفة قائلا بأبتسامته الهادئة: كدا بقا أجمل تعلقت نظرات جيانا به فناولها العامل الدبلة المخصصة بالرجال فتناولتها منه بخجل ثم تمسكت بيد أدهم برجفة شعر بها فأبتسم بخبث فحاولت أن تضعه بأصابعيه ولكن كان يتعمد الهرب منها لتبقي متمسكة بيديه، رفعت عيناها له برجاء فثبت لتضع رابط جمعهم سوياً بيديه...
لحقت به صافي للداخل فولج لمحل الجواهر، وأنقى لها دبلة مناسبة ثم هم ليضعها بأصابعها فتطلعت له بزهول وخوف: هتعمل أيه؟ أخفى بسمة التسلية قائلا بهمس: هقطع صوابعك إبتلعت ريقها برعب فجذبها برفق ووضعه لها، تطلعت له بزهول ثم قالت بتعجب: أيه دا؟ لم يجادلها فهو يعلم جيداً بأنها ليست على عادتهم فأقترب منها بلطف وقدم لها دبلته المحفورة بأحرف بارزة: دي دبلة أي أتنين مرتبطين بتجمعهم دي..
تطلعت له بزهول وإبتسامة مشرقة قائلة بحماس وهى تتأمل يدها: Amazing زفر بغضب: ممكن جنابك بقا تحطي الدبلة دي فى أيدى أرتعبت منه وتناولتها سريعاً ثم وضعتها بأصابعه الأوسط لتبقى نظرات الغضب حليفته فتطلعت له بعدم فهم فأشار بعيناه على الأصبع الأخر فأسرعت بنقله قائلة بخفوت: Sorry.
غادر عبد الرحمن وهى خلفه تتأمل ما بيديها بشعور غريب يطارد قلبها، أخبرها عبد الرحمن بأن تقف لدقائق وذهب ليحضر لها شيئاً تتناوله فغامت عيناها به بشعور يهاجمها، يخترق قلبها وعيناها تتفحص حركاته وتلحق به حتى عاد ليقف أمامها فلم تشعر بوجوده أمامها فقط تتأمله ببسمة مرسومة على وجهها، ناولها الكوب فلاحظ شرودها بعيناه حتى هو شرد بها ليعلم بأنه وقع لا محالة له!..
خرج أدهم معها للمحل المجاور لهم فوقف جواره تهمس له بخجل: أحنا هنا ليه يا أدهم؟ لم يجيبها ووقف يتأمل الثياب إلي أن وقعت عيناه على فستانٍ سحر رأها به فأشار للعاملة بأن تحضره.. جيانا بخجل: أدهم أنا مش هأخد حاجة.. تطلع لها بجدية مزيفة ثم قال بسخرية: تفتكري حد ممكن يتكلم معايا كدا غيرك؟ إبتسمت بسعادة وحاولت أخفاء خجلها قائلة بصوتٍ منخفض: مش عايزة أكلفك.
بدا الغضب على ملامحه قائلا بجدية: لحد هنا وأستوب مفيش بينا الكلام دا فاهمه أشارت له بتفهم فرفع الفستان لها قائلا بأهتمام: أيه رأيك فى دا مش هيكون ضيق ولا واسع جداً.. مسكت به بأعجاب فكان د من اللون البنك مطرز بحرافية جذبت لها العينان فقالت بخجل: جميل همس بمكر: عليكِ هيكون أحلى بكتير.. تركته وغادرت المكان فأبتسم بمكر لينقى لها بمفرده الحقيبة والحذاء والحجاب اللازم له...
بفيلا زين... تناولت طعامها ثم غادرت معه لمنزلها فصعد ليوصلها قائلا وعيناه تتفحصها: خلي بالك من نفسك يا همس أشارت له بأبتسامة عاشقة لتطرق باب المنزل ففتحه والدها بوجهٍ لا ينذر بالخير... زين بأبتسامة هادئة: أزاي حضرتك يا عمي؟ أجابه بوجه متخشب: الحمد لله يابني تعال نتكلم جوا عايزك تطلعت له همس بخوف ثم دلفت خلفه للداخل...
جلس زين أمامه ليجلس الأخر قائلا بزعل بدا بحديثه: أسمع يابني أنا لما وافقت على كتب كتابك من بنتي مكنش رغبة مني فأنك متحترمنيش بالشكل دا صعق زين فقال بلهفة: العفو يا عمي بالعكس أنا بكن لحضرتك كل الأحترام!. أجابه بحذم: لا محترمتنيش يا زين لما كل يوم والتاني أرجع أتفاجئ بعدم وجود بنتي بدون علمي يبقى مفيش أحترام لا منها ولا منك مش معني أنى قبلت أنكم تكتبوا الكتاب أنك تهني بالطريقة دي...
أرتعبت همس وقالت ببكاء: أنا أسفة يا بابا أنا... قاطعها بجدية: أنتِ حسابك معليا بعدين لكن دلوقتي كلامي معاه هو أتفضلي على أوضتك تطلعت له بحزن ثم غادرت لغرفتها فصمت زين قليلا ثم قال بهدوء: يا عمي أنا عارف أني غلطان بس صدقني غصب عني.
قاطعه بسخرية: غصب عنك! تعرف يا زين أنا مطلعتش من الدنيا دي غير ببنتي همس حتى بعد وفاة امها رفضت أتجوز وربتها كل حاجة عن بنتي كنت على علم بيها لحد ظهورك فى حياتها كل حاجة كانت بتحصل كنت بتأكد أن بنتي فيها حاجة بس هى بتخبي عليا همس عمرها ما لجئت للأنتحار وأنا أتفاجئ أنها أخدت جرعة سم بدون سبب وحالياً حضرتك بتختفي أنت وهى وأنا معرفش فى أيه؟ ياريت تفهمني بدل ما كدا الشك هيبدأ فى دماغي و..
قطعه زين بحدة: لاا أوع تفكر بالطريقة دي أنا فعلا غلطت بس مش الغلط دا لا أخلاقي ولا أخلاقها تسمح بلا حضرتك بتفكر فيه دا هدأ الرجل قليلا ليقول بيأس: طب قولي يابني قولي فى أيه وريحني؟ صمت زين قليلا ثم قال بهدوء: حاضر يا عمي أنا هقولك كل حاجة...
بمكانٍ أخر... وبالاخص بأفخم مكاتب الشرق الأوسط.. طرق على المكتب بغضب: يعني أيه يا إبراهيم الكلام دا هو هزار؟ أجابه بخوف: الحيوان دا يا فندم الا خطف بنتي وأنا معرفتش أخلصها منه وقف بعيناه المخيفة: متكدبش عليا رجالتي قالولي أنها راحة معها بأرادتها إبتلع ريقه برعب: لا رتيل بنتي متعملش كدا هو الا هددها أنا شوفت كل حاجه بعيوني جلس على مقعده بسكون مريب: تعرف لو كلامك دا طلع كدب أنا هعمل فيك أيه؟
دب الرعب بقلبه ليقول بلهفة متقلقش رتيل ليك مش لحد تاني نفث دخان سجاره بوجهه: كدا تعجبني والا أنت عارف الفلوس الا أخدتها مقابل جوازي منها هتأخد تمنها أيه؟. رفع يديه على رقبته برعب قائلا بخوف: متقلقش يا عثمان بيه متقلقش وتركه وغادر والأنتقام من حازم وحمزة يعلو وجهه، شعلة الأنتقام عادت من جديد ولكن ماذا لو تجمع الشقيقان لخوض تلك المعركة المميتة؟ ما المجهول لرهف؟
ما السر الخفي وراء تغير صافي وماذا تخبئ بداخل صدرها من أسرار؟!