- وشاركت النساء في ذلك الوقت في جميع ميادين الحياة , فكان هناك نساء يساهمن في الجهود التربوية والثقافية مثل " فاطمة الفهري " , والبعض الآخر تفوقن في الرياضيات مثل " سوتايتا المهاميلي " , وفي المجال الطبي والإدارة والتنظيم والفلسفة والفنون .
وقد لعبت بعض النساء أدواراً سياسية, وحكمن أقاليم مهمة في الحضارة الإسلامية , ومن بينهم " لابانا" من قرطبة من القرن العاشر ( إسبانيا ) , و " ست الملك " من القرن الحادي عشر ( مصر ) , و "ميليك ماما هاتون " من القرن الثاني عشر ( تركيا ) , و " سلطانة دلهي " من القرن الثالث عشر ( الهند ) وغيرهن الكثير ...
* فدعونا نقابل بعضاً من أولئك النساء المميزات ...
1- فاطمة الفهري - القرن التاسع الميلاددي
- لعبت فاطمة الفهري دوراً كبيراً في نشر الحضارة والثقافة في مجتمعها , وقد هاجرت فاطمة مع والدها "محمد الفهري " من القيروان في تونس إلى فاس , ونشأت مع شقيقتها في أسرة متعلمة وتعلمت الفقه الإسلامي , والحديث .
وقد ورثت فاطمة قدراً كبيراً من المال عن أبيها , وإستخدمته في بناء مسجد , تمت تسميته بـ مسجد القرويين ( جاءت تسمية القرويين نسبة الى موطنها القيروان تونس ) , وتأسس عام 859 , ولم يكن مسجد القرويين مجرد مسجداً فقط , ولكنه كان أقدم وربما أول جامعة في العالم , إذ سافر إليه الطلاب من جميع أنحاء العالم لدراسة العلم والدراسات الإسلامية , وكذلك علم الفلك , واللغات , والعلوم , وقد أصبحت الأرقام العربية معروفة في أوروبا من خلال هذه الجامعة .
2- مريم الأسطرلابي - القرن العاشر الميلادي - سوريا
- كانت مريم عالمة فلك مسلمة , سارت على خطى والدها الفلكي والجغرافي "كوشيار الجيلاني " من حلب بسوريا , وقامت بإختراع الإسطرلاب المعقد , على الرغم من إختراعه من قبل العديد من الرجال , ولكنها طورته وأضافت عليه - وجدير بالذكر أن " الإسطرلاب " : هو آلة فلكية قديمة أطلق عليها العرب "ذات الصفائح". وهو نموذج ثنائي البعد للقبة السماوية، يظهر كيف تبدو السماء في مكان محدد عند وقت محدد.
وقامت مريم الأسطرلابي بإضافة حريطة للسماء على وجه الإسطرلاب لكي يسهل إيجاد أماكن الأجرام السماوية .
3- سوتايتا آل مهمالي -القرن العاشر الميلادي
- سوتايتا تم تدريسها وتوجيهها من قبل العديد من العلماء بمافي ذلك والدها , وهي لم تتخصص في مجال واحد فحسب , ولكنها تفوقت في العديد من المجالات مثل الأدب العربي , والحديث , والفقه , وكذك الرياضيات , ويقال انها كانت خبيرة في علم الحساب , والعمليات الحسابية , وتلك الفروع العملية للحساب كانت متطورة في ذلك الوقت , ويقال انها إخترعت حلولاً جديدة لبعض المعادلات الرياضية , والتي إستشهد بها علماء الرياضيات الآخرين في ذلك الوقت , فعلى الرغم من أن هذه المعادلات كانت قليلة ُلا أنها دلت على كفاءتها في علم الجبر , ومهارتها في الرياضيات تجاوزت مجرد تفوقها في إجراء العمليات الحسابية .
4- زينب الشهدا - القرن الثاني عشر الميلادي
- كانت زينب خطاطة مسلمة شهيرة , وتميزت بعملها في مجال فقه الشريعة الإسلامية والأحاديث , وبالإضافة إلى حسن خطها , فإنها حظيت بالثناء والتقدير , وتم تعيينها مدرسة لـ " يقوت " وهو الخليفة العباسي الاخير , وكانت خطاطة لها مكانة في قصر موسى , فقد كانت بارعة ومعلمة راسخة لها وضعها في البلاد , كان يسعى الناس ليحظوا بفرصة دراستهم تحت يديها والحصول على إجازة منها , وقد أمضت زينب وقتها في دراسة العلوم والأدب .
5- الملكة أمينة - القرن السادس عشر - زاريا
- خلال العصر الذهبي للحضارة الإسلامية , تفوقت العديد من النساء في مختلف المجالات في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى , ومن بينهم الملكة " أمينة " من زاريا ( 1588 - 1589 ) , وكانت الإبنة الكبرى لـ " باكوا تورونكو " , الذي أسس مملكة " زازو " في عام 1536 , وقد وصلت أمينة إلى السلطة ما بين عامي 1588 1589 , وكانت تتميز بمهارتها القيادية , وجودة إستراتيجيتها العسكرية , وخاصة المهارات الهندسية في إقامة المخيمات الكبيرة والجدران خلال حملاتها المختلفة , ويُنسب لها عموماً بناء جدار زاريا الشهير .
6- الملكة ضيفة خاتون - حلب
- كانت ضيفة خاتون , الزوجة القوية لحاكم حلب "الأيوبي الظاهر غازي " , وكانت ملكة لحلب لمدة 6 سنوات .ولدت ضيفة خاتون في حلب عام 1186 م , وكان والدها هو الملك العادل , شقيق صلاح الدين الأيوبي , وشقيقها الملك الكامل , وكانت متزوجة من الملك الظاهر بن صلاح الدين , وكان إبنها الملك عبد العزيز , وبعد وفاة إبنها أصبحت ملكة حلب , حيث كان حفيدها يبلغ من العمر 7 سنوات فقط , وخلال حكمها الذي دام لمدة 6 سنوات , واجهت تهديدات من المغول والسلاجقة والصليبيين والخوارزمين , وكانت ملكة شعبية , قامت بإزالة الظلم والضرئب غير العادلة عن الشعب في جميع أنحاء حلب , وقالت أنها تحبذ الفقراء والعلماء , وأسست العديد من الجمعيات الخيرية لدعمهم , وكانت راعية معمارية بارزة , أنشأت أوقافاً كبيرة لصيانة وتشغيل مؤسستها الخيرية .
- وبالإضافة إلى أدوارها السياسية والإجتماعية , رعت ضيفة التعليم في حلب , حيث أسست مدرستين , الأولى هي مدرسة "الفردوس" المتخصصة في الدراسات الإسلامية والشريعة الإسلامية , وخاصة المذهب الشافعي , وكان لها معلم , وإمام , وعشرين من العلماء , وفقاً للهيكل التعليمي في ذلك الوقت , وكان يتألف الحرم المدرسي من عدة مبان , بما فيها المدرسة , وقاعة سكنية للطلاب , والمسجد .
والمدرسة الثانية هي مدرسة " خنكة " وكانت متخصصة في الشريعة وغيرها من المجالات .
وتوفيت الملكة ضيفة في 1242 في سن 59 عاماً ودُفنت في قلعة حلب .
7- زبيدة بنت أبي جعفر - بغداد
- هي زوجة الخليفة " هارون الرشيد " , وكانت أغنى واقوى إمرأة في العالم وقتها , كما كانت سيدة نبيلة تتميز بالكرم والسخاء , وكانت راعية للشعر والفنون .ويقال انها قات ببناء العديد من المباني في مدن مختلفة , كما شرعت في تنفيذ مشروع ضخم لبناء محطات لمياة الآبار على طول طريق الحج من بغداد إلى مكة المكرمة , ولا تزال " عين زبيدة " الشهيرة موجودة حتى الآن في ضواحي مكة المكرمة , وهي عين مياة عذبة أمرت السيدة زبيدة ببناءها وإتخذت إسمها .
8- السلطانة رازيا " راضية " - الهند
- على الطرف الآخر من العالم الإسلامي , تقريباً في نفس الوقت الذي حكمت فيه الملكة " شجرة الدر " مصر , شغت إمرأة أخرى السلطة , ولكن هذه المرة في الهند , فقد تولت السلطانة " رازيا " أو " راضية " السلطة في دلهى لمدة أربع سنوات ( 1236 - 1240 م ) , وكانت المرأة الوحيدة التي جلست على عرش دلهى , وتنحدر السلطانة " راضية " من عائلة مسلمة من تركيا , جاؤا إلى الهند في القرن الحادي عشر , وعلى عكس العرف , إختارها والدها لتكون خليفته بدلاً من إخوتها , ولكن بعد وفاة والدها , كانت عازمة على التنحي عن الحكم لصالح أخيها " ركن الدين " , ولكن لوجود معارضة على حكمه , طالب الناس بأن تصبح " راضية " السلطانة في عام 1236 .نشرت السلطانة " راضية " السلام , والنظام , وشجعت حركة التجارة , وشيدت الطرق , وإهتمت بزراعة لأشجار , وحفر الآبار , ودعمت الشعراء , والرساميين , والموسيقيين , وإهتمت بتشييد المدارس والمكتبات .
كما قامت السلطانة " راضية " بالقضاء على التمييز ضد مواطنيها الهندوس .
9- رفيدة الأسلمية
- رفيدة بنت سعد , المعروفة أيضاً بإسم " رفيدة الأسلمية " , تعتبر الممرضة الأولى في التاريخ الإسلامي , وقد عاشت في زمن النبي " محمد " صلي الله عليه وسلم , وقامت بتمريض الجرحى في الغزوات مع الرسول عليه الصلاة والسلام , وفي معركة بدر .تعلمت رفيدة معظم معارفها الطبية بمساعدة والدها " سعد الأسلمي " الذي كان طبيباً , وقد كرست رفيدة نفسها للتمريض ورعاية المرضى , وأصبحت المعالجة الخبيرة وقد مارست مهارتها في المستشفيات الميدانية في خيمتها خلال العديد من المعارك , حيث إستعان بها النبي صلى الله عليه وسلمبنقل جميع الضحايا إلى خيمتها حتى تتمكن من معالجتها بخبرتها الطبية .
تم وصف رفيدة كممرضة متعاطفة ومنظمة جداً , كما دربت النساء الأخريات ليكونن ممرضات للعمل في مجال الرعاية الصحية , كما عملت كأخصائية إجتماعية للمساعدة في حل المشكلات الإجتماعية المرتبطة بالمرض , وبالإضافة إلى ذلك , ساعدت رفيدة الأطفال المحتاجين والأيتام والمعوقين والفقراء .