على مدار سنوات ظلت الحكمة التقليدية ترى أن تناول وجبة الإفطار ليس أمراً ضرورياً فحسب، بل إنها تعتبر أيضاً أهم وجبة في اليوم.
و يعتقد أيضاً أن وجبة إفطـار جيدة تعزز الصحة بشكلٍ أفضل.
حيث ينصح بعض الخبراء بأن تناول وجبة في الصباح الباكر يعزز عملية الأيض (العمليات الكيميائية التي تحدث داخل الجسم من أجل الحفاظ على الحياة) ويساعد الأشخاص على إنقاص وزنهم مع مرور الوقت.
ما رأي العلم في ذلك..
أما العلم فليس متأكداً من كل ذلك، ولا أيضاً تيم سبيكتور Tim Spector وهو أستاذ علم الوراثةفي جامعة كينجز لندن King’s College London ومؤلف كتاب بعنوان" أسطورة الحمية: العلم الحقيقي وراء ما نأكل" The Diet Myth: The Real Science Behind What We Eat. “ يقول سبيكتور Spector : إن وجبة الإفطار ليس لها أهمية خاصة - بخلاف كونها أول وجبة تأكلها بعد صيام طويل ( النوم) وعندما يعمل الأيض في أفضل حالاته، و بالطبع سيخبرنا مصنعو حبوب الإفطار عكس ذلك".
توافق فلافيا سيكوتيني Flavia Cicuttini الباحثة في جامعة موناش Monash University على أن تناول وجبة الإفطار لا يحمل أي أهمية خاصة لرفاه الشخص بشكل عام.
و قد كان سيكوتيني Cicuttini جزءاً من الفريق وقام مؤخراً بمراجعة ثلاثة عشرة 13 دراسة حول العلاقة بين وجبة الإفطار ووزن الشخص.
حيث نشرت سيكوتيني Cicuttini وزملاؤها نتائجهم في المجلة الطبية The BMJ في أواخر يناير الماضي 2019 قائلين فيها " يمكننا أن نستنتج أن تعديل الوجبات الغذائية لتشمل تناول وجبة الإفطار قد لا يكون استراتيجية جيدة لفقدان الوزن".
حيث وجدت سيكوتيني Cicuttini وزملاؤها أن الأشخاص الذين يتناولون وجبة الإفطار بانتظام يستهلكون نحو 260 سعرة حرارية في اليوم أكثر من الأشخاص الذين يمتنعون عن وجبة الإفطار بشكل روتيني.
وفي المتوسط كانوا يزنون حوالي رطلاً واحداً أكثر.
و تقول سيكوتيني Cicuttini في رسالة بريد إلكتروني:
"يمكننا أن نستنتج أن تعديل الوجبات الغذائية لتشمل تناول وجبة الإفطار قد لا يكون استراتيجية جيدة لفقدان الوزن، والأهم من ذلك كله، أنه لم يكن هناك أي دليل على تحسن عملية الأيض لدى أولئك الذين تناولوا وجبة الإفطار أو أنهم كانوا أقل عرضة لتناول مزيد من الطعام في وقت لاحق من اليوم".
ومع ذلك، تشير الدراسات إلى أنه قد تكون هناك مخاطر صحية كبيرة مرتبطة بإلغاء وجبة الإفطار ، على الرغم من أن العلم المتعلق بهذا الأمر مازال غير واضح.
و قد دققت إحدى الدراسات الحديثة في استطلاعات التغذية التي أجريت على 6,550 من سكان الولايات المتحدة U.S والذين تتراوح أعمارهم بين 40 و 75 عاماً، ولم يكن لأي منهم تاريخ في أمراض القلب والأوعية الدموية. و قد اكد ما يقارب 5.1% فقط من السكان أنهم لم يتناولوا وجبة الإفطار.
وفي متابعة مع الأشخاص بعد حوالي 18 عاماً - في ذلك الوقت الذي مات فيه 2,300 من المشاركين - وجد الباحثون أن الذين يمتنعون عن تناول وجبة الإفطار كان لديهم نسب الخطر أعلى بنسبة 87% بالوفاة المتعلقة بأمراض القلب والأوعية الدموية مقارنة بأولئك الذين يتناولون وجبة الإفطار يومياً.
(تم تفصيل الدراسة في العدد 30 -أبريل/نيسان 2019 في مجلة الكلية الأمريكية لأمراض القلب Journal of the American College of Cardiology).
لا تأكيد على أن إلغاء وجبة الإفطار قد يزيد من أمراض القلب والأوعية الدموية
و يقول عضو في فريق الدراسة وي باو Wei Bao وهو أستاذ مساعد في علم الأوبئة في جامعة ايوا University of Iowa: "لا يمكننا معرفة ما إذا كانت وجبة الإفطار هي " الأهم "، لكن النتائج تشير على الأقل إلى أن الإفطار وجبة مهمة وأن إلغاؤها قد يزيد من خطر الموت بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية.
وتتماشى النتائج التي توصلت إليها دراستنا مع النتائج السابقة المتعلقة بإلغاء تناول وجبة الإفطار مع عوامل خطر أمراض القلب والأوعية الدموية، مثل مرض السكري وارتفاع ضغط الدم واضطرابات الدهون حيث يجب دعم وجبة الإفطار كجزء من نظام غذائي صحي شامل".
لكن سيكوتيني Cicuttini وهي عالمة في جامعة موناش Monash تشير إلى أن استنتاج باو Bao هو نتيجة دراسة رصدية لا تشير إلى السبب والنتيجة (وهي حقيقة يعترف بها باو Bao بسهولة).
و تؤكد سيكوتيني Cicuttini أنه في حين أن العلاقة بين إلغاء وجبة الإفطـار وزيادة مخاطر القلب والأوعية الدموية واضحة، فإنه ليس من الواضح تماماً ما إذا كان إلغاء وجبة الإفطار هو السبب.
ومن السلوكيات الصحية الأخرى بين الأشخاص الذين يمتنعون عن وجبة الإفطار يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية، تقول سيكوتني " أن هذا لا يمكن اختباره إلا بإجراء تجارب سريرية عشوائية".
و في نفس الوقت يتوافق سبيكتور Spector -الذي كتب مقالة عبر فيها عن رأيه في المجلة الطبية The BMJ - مع سيكوتني برأيها هذا.
فالدراسة التي تتناول وجبة الإفطار و الوفيات بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية تعد دراسة وبائية رصدية وتعد عرضة للعديد من التحيزات ويمكن أن تخلط بين السبب والنتيجة".
السر فيما يتبع ترك وجبة الإفطار
وهناك بحث آخر يؤكد هذه النقطة، حيث وجدت دراسة عام 2017 نشرت في مجلة الكلية الأمريكية لأمراض القلب Journal of the American College of Cardiology found أن الأشخاص الذين يتجنبون بانتظام وجبة الصباح لديهم تراكم ترسبات أكثر في الأوعية الدموية– وهي علامة على زيادة خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية.
ولكن الدراسة كشفت أيضاً فارقاً مهماً في نمط الحياة بصفة عامة والذي يعد السبب الأكثر عرضة لحدوث المخاطر الكبيرة. ويقول الدكتور هيثم أحمد Dr. Haitham Ahmed وهو طبيب قلب في عيادة كليفلاند Cleveland Clinic والذي لم يشارك في الدراسة:
"كان الناس الذين تجنبوا وجبة الإفطـار هم أكثر عرضة للوقوع في ما يسمى نمط أكل الأعمال الاجتماعية.
وهؤلاء الناس هم الذين يأكلون خارجاً في العمل، وينفقون الكثير من الوقت في تناول الطعام في الخارج، ويتناولون وجبات كبيرة، ويشربون الكحول، ويتناولون الوجبات السريعة ، لذلك لا يعني أن الامتناع عن تناول وجبة الإفطـار سيقتلك، لكنه يظهر علاقة بين ذلك وبين تناول الطعام غير الصحي".
إن فطائر الفواكه fruity puffs وحلقات الكاكاو cocoa loops التي كانت توصف ذات مرة بأنها "جزء من وجبة فطور متوازنة" في كثير من الحالات، تزيد نسبة السكر فيها عن 40%
و في الوقت نفسه، يرى باو Bao رابطاً إيجابياً بين نتائج صحة القلب و بين نشرة سيكوتيني Cicuttini في المجلة الطبية The BMJ حيث أظهر كلاهما زيادة بسيطة في الوزن بين من يتناولون وجبة الإفطـار ،على الرغم من السعرات الحراريةالإضافية التي يتناولونها. وقد تكون هذه أخباراً جيدة لمن يتناولون وجبة الإفطـار بشكل معتاد.
يقول باو Bao :
" إن تناول وجبة الإفطـار يجب أن يتجاوز التركيز على زيادة الوزن أو نقصانه، والانتباه إلى النتائج الصحية طويلة المدى، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية ومرض السكري، حيث يمكن للناس الاستمتاع بتناول وجبة الإفطار مع فوائد أمراض القلب والأوعية الدموية المحتملة على المدى الطويل من غير ان يقيقوا بشأن مراقبة الوزن".
إذا كنت تتناول وجبة الإفطـار فإن ما تأكله مهم للغاية، بغض النظر عن وجهات النظر للدراسات المختلفة، و بغض النظر عن الزاوية التي تنظر بها -كل منها- إلى هذا الجزء من المعادلة.
إن الكعك المغطى بالشكولاتة مع القطع الصغيرة جداً من السكر الملون أو الشوكولاتة فوقه قد لا يكون الخيار الأفضل لتناوله كل صباح. إذ أن دقيق الشوفان العادي حصل على تقييمات جيدة لفوائده الغذائية والصحية.
وعلى الرغم من تأخر النصائح المتزاحمة حول تناول البيض ، إلا أن معظم الخبراء ما زالوا يضعون البيض في فئة "الغذاء الجيد إن تناولته باعتدال ".
ما هي وجبة الإفطار بالنسبة للأبطال؟
إذا كان يجب عليك تناول الحبوب المجهزة ، فاتجه إلى المنتجات التي تحتوي على 100% من الحبوب الكاملة و القليل من المكونات الأخرى.
أما فطائر الفواكه وحلقات الكاكاو والتي كانت توصف ذات مرة في كثير من الحالات بأنها "جزء من وجبة فطور متوازنة"، فإنها بالتأكيد تزيد نسبة السكر فيها عن 40%.
وكرسالة أساسية تقول سيكوتيني :
" تتمحور الرسالة الأساسية حول أنه إذا كان الشخص يحب تناول وجبـة الإفطـار، فلا بأس بذلك. ومع ذلك لا يوجد دليل على أننا يجب أن نشجع الناس على تغيير أنماط أكلهم ليشملوا وجبة الإفطار من أجل منع زيادة الوزن أو إصابتهم بالسمنة، إذ يحتاج الناس إلى معرفة ما يناسبهم".
ومع ذلك لا يوجد دليل على أننا يجب أن نشجع الناس على تغيير أنماط أكلهم ليشملوا وجبة الإفطار من أجل منع زيادة الوزن أو إصابتهم بالسمنة، إذ يحتاج الناس إلى معرفة ما يناسبهم".