رواية ندوب من الماضي الجزء الثاني للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الخامس
قضى ليون ليلة من الارق يتجول بين الصالة الفسيحة والمطبخ الكبير لمنزل انجلينا، صنع لنفسه المزيد من القهوة، كان يشعر باحساس غريب في صدره يجعله عاجزا عن التنفس، ارخى ربطة عنقه بطريقة عصبية قبل ان يصب لنفسه كاسا من السائل الاسود مجددا. يكفي ليون ستصيب نفسك بقرحة مؤلمة.
انتبه ليون الى الصوت من ورائه، كانت انجلينا قد عادت الى الطابق السفلي للاطمئنان، ومعرفة أي اخبار جديدة عن اطلانتيس، تقلبت في فراشها لساعات قبل ان تعترف انها لن تستطيع النوم وليون يشاركها المنزل، امانها الهش كان قد نسف بسرعة بحضوره. خصوصا وان صوفية قد تركت رسالة مفادها انها لن تعود الليلة.
ضاقت عينا ليون وهو يرمقها بنظرات نارية، كانت رائعة الجمال في روبها المنزلي الصغير، وشعرها القصير المعقوص على شكل ذيل حصان. اقترب منها تجذبه قوة خفية، رفع يده بهدوء مزيحا مشبك شعرها لينساب كشلال من الذهب، غرس ليون وجهه في شعر انجي وهو يهمس بصوت غلبت عليه المشاعر فخرج مبحوحا، رائحتك رائعة اجابي مو، نفس الرائحة المثيرة كاول يوم لنا في الجزيرة.
كانت انجلينا مغيبة. ورائحة ليون ودفئه المغري يدغدغان حواسها، قلبها يقرع كالطبول، بينما صدرها يعلو ويهبط ليلمس بخفة صدره القوي.
انتبه ليون الى انه لم يكن الوحيد الذي يشعر بالاثارة، كانت انجلينا تحاول ان تصده دون جدوى، قربها الشديد منه كان يفقدها أي شعور بما حولها، مرر ليون اصبعا بخفة حول رقبتها قبل ان ينزل بهدوء ليطبع قبلات دافئة على شراينها السباتي والذي كان ينبض بقوة. استمر ليون يقربها اليه بهدوء حتى صارت جزءا منه وامتزجت انفاسهما وهما ينهلان من الحب اللذان حرما منه لوقت طويل.
خمس سنوات من الحرمان العاطفي، كانت انجلينا تذوب تحت لمساته الخبيرة على جسدها، نسيت بسرعة معاملته القاسية، تهديداته¸كل شيء كان قد اختفى في تلك اللحظة ولا مجال للعودة للوراء، كانت ترغب فيه كما لم ترغب باي رجل من قبل، لم يكن هنالك من يضاهيه كان فنانا في حبه.
استغل ليون، استسلامها المغري ليرفعها بين ذراعيه ويضعها على طاولة المطبخ الرخامية ليطوقها بجسده الفارع، ارتعشت يدا انجلينا وهي تفتح ازرار قميصه بلهفة، انتابتها موجة من الحر الشديد للمنظر الرائع لصدره الاسمر القوي، قبل ان تضع يديها تتحسسه باثارة. ارتعش فك ليون من جراء لمستها المثيرة، قبل ان ياخد شفتيها في قبلة وحشية وهو يهمس، اشتقت لك كثيرا اجابي مو، لا تعرفين مدى توقي الشديد اليك.
ندت عن انجلينا صرخة مكتومة، قبل ان تتعلق برقبته تبادله عناقه بنفس المشاعر القوية متناسية وضعهما. اصبح الجو مشحونا فجاة، فتح ليون روبها المنزلي وهو يتاملها بعشق. انساب قميصه من على ذراعيه كالسحر وغرقا في بحر الحب. كانت انجلينا تطوق عنق ليون بقوة، وهو يهمس في اذنها بكلمات ساحرة بلغته الام، فجاة صرخت انجلينا من الرعب وهي تنظر الى الجسد الصغير والذي وقف قرب باب المطبخ ينظر اليهما في استغراب.
قفزت انجلينا سريعا مبتعدة عن ذراعي ليون، لتعيد ارتداء روبها وتربطه بقوة حول خصرها، قبل ان تقترب من ابنها الذي عقدت الدهشة لسانه من المنظر الجديد والذي لم يتعود رؤيتها عليه. هل انت بخير امي؟ اوه بالطبع انا بخير عزيزي ماالذي جعل ليون يحملك اذا يا الهي، قالت انجلينا من بين شفتيها قبل ان تضع يدها في شعرها تعيده الى الوراء، كانت هناك شوكة في قدمي ووالدك كان يحاول ازالتها.
شوكة هتف اندي بمرح، هل يمكنني رؤيتها لا بني ليس الان ردت انجلينا باظطراب، لكن ما الذي تفعله خارج غرفتك في مثل هذا الوقت لقد شعرت بالعطش، قال الصبي وهو ينظر الى والدته بقلق، ذهبت الى غرفتك لكن لم تكوني موجودة، والعمة صوفية ايضا، لذلك قررت النزول للبحث عنك.
حسنا قالت انجلينا وهي تنهض من على البلاط الخشبي، لتلتفت الى ليون والذي كان قد اعاد ارتداء قميصه سريعا. كان ينظر اليهما بعقل شارد، ليون اهذا كل ما سيكون بالنسبة الى اندي يوما. احضرت انجلينا كوب ماء لابنها، ارتشفه وهو يتاملهما، قبل ان يقول هل يمكن ان احصل على قصة قبل النوم لا بني، لقد تاخر الوقت كثيرا ردت انجلينا معاتبة من فضلك امي، قال اندي وهو يمسك يدها بتدلل. حسنا. قصة قصيرة اتفقنا.
اتفقنا، رد الصبي بسعادة، هل يمكن لليون ان ياتي ايضا، نظر الصبي الى ليون والذي عقدت المفاجئة لسانه، كانت الدعوة غريبة بالنسبة اليه خصوصا بعد معاملة اندي المتحفظة.
اخبارهما بانه والدهما بتلك السرعة، لم يكن له نفس الوقع على الطفلين، فلوسيا تقبلت الموضوع بسرور كان من السهل عليها ان تناديه بابا وهي تريه لعبة باربي ومتعلقاتها، بالنسبة لاندي كان الامر مختلفا، لم ينفتح على الموضوع بسهولة ورفض باصرار ان يدعو ليون بابي، ابتسمت انجلينا ابتسامتة باهتة وهي تنظر الى ليون برجاء وتهمس من دون صوت من فضلك. اذا ستدعوه بليون الى ان تقرر ان تدعوه ابي، ما رايك موافق؟
حرك اندي راسه علامة على الموافقة، قبل ان يولي كل اهتمامه الى لعبته. بعد وضعهما للولدين في السرير، كانت انجلينا محرجة من البرود الذي عامل به اندي والده، هي تعلم جيدا انها السبب وراء الفجوة الكبيرة بين ليون والطفلين والتي لم تكن لتتخيل انها ستاثر على نفسية ابنها بالمقابل.
ليون ورغم المشاكل التي كان يواجهها بغرق اطلانتيس كان صبورا بشكل كبير وهو يضع لوسيا الصغيرة في فراشها والتي تعلقت برقبته باصرار رافضة تركه، الى ان غفت اخيرا وهو يداعب خصلاتها الذهبية المتموجة الشبيهة بخصلات انجلينا. وضعها برفق في السرير، قبل ان ينظر الى انجي والتي كانت تتاملهما بقلب مثقل بالندم لقد نام اندي جيد قال ليون بصوت بارد، حاول ان يخفي ورائه تاثره الشديد بموقف اندي الرافض له.
انا اسفة ليون، قالت انجلينا بصدق لاباس، لم اكن اتوقع استقبالا مختلفا، على العكس، كنت ساصاب بالدهشة لو تقبلني بمثل السرعة التي تقبلتني بها لوسيا، علي ان اكسب ثقته اولا وبعدها يمكنني ان اكون والده.
شكرته انجلينا بامتنان قبل ان تتمنى له ليلة طيبة، كانت تنتظر ان يفرض نفسه او ان يطلب مشاركتها السرير، لكن على عكس كل توقعاتها، اقترب ليون منها وطبع قبلة صغيرة على خدها متمنيا لها ليلة هادئة قبل ان ينزل الدرج بخطوات واثقة. انتبهت انجلينا، انها شردت مجددا بينما اندي يسحب شريط روبها، محاولا الحصول على الرد، هيا امي هل يمكن لليون الصعود معنا.
بالتاكيد ردت انجلينا وفي عينيها نظرت رجاء الى ليون والذي رسم ابتسامة على شفتيه قبل ان يحمل الصبي بخفة متجها نحو الطابق العلوي. من المفروض ان تحمل امي وليس انا ليون ولما ذلك سال ليون بدهشة لانه قدمها مصابة، لديها شوكة مؤلمة اه تلك الشوكة قال ليون وهو يرمق انجلينا بنظرات ماكرة، جعلتها تحمر من الخجل اظن ان والدتك قد تعافت بشكل سحري، سنرى بعد ان تنام ما يمكننا فعله لمساعدتها.
نام اندي سريعا وحتى قبل ان تنهي انجلينا سرد القصة التي اختارها للنوم، كان ليون جالسا قرب حافة السرير يتامل انجي والتي وضعت راس الصبي على الوسادة بحنان، قبل ان تعيد الغطاء الذي سقط عنه، وتشير الى ليون بالخروج.
فور وصولها الممر بدأت براعم الشك تنمو بداخل صدرها من جديد يداها متعرقتان من التوثر تشعر وكانها مراهقة مقدمة على خطئ فادح، بوصولهما الباب المغلق لغرفة انجلينا توقف ليون وهو يتاملها بنظرات غلب عليها الشوق، مسد رقبته بعصبية قبل ان يتمنى لها ليلة هانئة ويهم بالنزول. ليون... خرج صوت انجلينا مظطربا قبل ان تقول بصوت شبه مسموع، يمكنك البقاء مشيرة بذلك الى باب غرفتها والذي فتحته بيد مرتعشة.
ماذا عن الولدين سال ليون بعدم تصديق للدعوة الصريحة من شفتيها انهما نائمان الان، ساحرص على ايقاظك باكرا احقا ستفعلين قال ليون وهو يقترب ليحملها بخفة الى الداخل ومنها الى سريرها وهو يقبل عنقها العاجي بتملك.
وقف ديمتريوس على مدرج الهيليكوبتر على الناقلة العظيمة اطلانتيس، ازاح نظاراته الشمسية السوداء يتامل بحر ايجة بزرقته الخلابة، قبل ان ينزل الدرج سريعا الى حيث كان كبير المهندسين في الشركة ينتظره وقد علت تقطيبة جادة جبينه. كاليميرا سيد ديمتريوس ياسو اوكتافيوس رد ديمتريوس باقتضاب قبل ان ياخد الملف الذي كان يحمله الاخير في يده يتامل محتواه بتمعن قبل ان يسال، هل اغلقت جميع الفجوات الى الان.
بالتاكيد. وحصرنا الاضرار ايضا، المحرك ومقدمة السفينة لم يصابا باي ضرر، تمكننا من اصلاح الخلل في الوقت المناسب وقد مكننا هذا من الحد من خسارة كبيرة، . سكت اوكتافيوس يتفرس في ملامح ديم القاسية قبل ان يقول بتردد، هناك شيء اريد اطلعك عليك سيد ديمتريوس اومئ ديم براسه ايجابا، وعيناه على الملف يدرس محتواياته محاولة اغراق اطلانتيس كانت متعمدة.
رفع ديم راسه بتمهل وضاقت عيناه وهو يرمق الرجل الواقف امامه والذي كان يرتعد من النظرات الفولاذية والتي وجهها له ديم. اعد على مسامعي ما قلته لتو، قال ديم بصوت بارد اقول ان العطل كان متعمدا. وقف لوشياس مطولا امام الباب الرئيسي للقصر باعمدته الضخمة والتي تشبه الى حد كبير اعمدة البارثنيون، قبل ان يدق الجرس بيد مرتعشة، احاسيس غريبة تغزو قلبه، ما الذي اتى به الى هنا بعد كل تلك السنوات؟
انتظر لمدة قصيرة كان يرغب بكل جوارحه ان يطلق لساقيه العنان مبتعدا عن هذا الجو الخانق، عن تلك الذكريات المؤلمة والتي عصفت به. فتحت مارتا الباب. قبل ان تصرخ من المفاجئة وتندفع لتضم لوشياس بين ذراعيها يا الهي لوشياس بني هذا انت، لابد انني احلم. لوشياس عزيزي كانت المراة المسنة تضم لوشياس بقوة، بينما بقي هو واجما ينظر الى الردهة حيث كانت كانديس واقفة تنظر اليه بذهول.
اخيرا ابتعد عن محيط ذراعيها ودلف الى الردهة بخطوات مثقلة قبل ان يقف امام والدته، ولدهشته الكبيرة لم تقم باي رد فعل، استمرت تحدق اليه، قبل ان تقول بصوت بارد ما الذي اتت بك الى هنا حرك لوشياس راسه غير مصدق ما الذي اتى بي الى هنا، امي حبا بالله انتم من بعثتم في اثري انا لم ابعث في اثرك مطلقا قالت كانديس بحرقة، قبل ان تدير راسها متجهة نحو الدرج، وقفت اخيرا واستدارت لتقول بنبرة ثلجية.
عد من حيث اثيت لوشياس، فالبنسبة لي ولوالدك، هذه المرة نحن فعلا دفناك.
على الباخرة العظيمة اطلانتيس، وضع ديم المخططات التي احضرها رئيس المهندسين جانبا لينزل الى الداخل يتفقد الاصلاحات بنفسه هل انت متاكد مما تقوله اوكتافيوس، سال ديميتريوس وهو يتامل التخريب الذي طال معظم البدن الداخلي للناقلة العملاقة بعين خبيرة كل التاكيد سيدي، محاولة التخريب كان الغرض منها هو اغراق اطلانتيس بسرعة وحتى قبل ان نصل اليها.
اريد تقريرا مفصلا عن الحادث، وكشوفات بكل اسماء الطاقم، المهندسون الذين قاموا بالصيانة قبل الابحار طلب ديم بحده. اما الان، فسنحاول قطر السفينة والعودة بها الى اليابسة. بكل تاكيد رد اوكتافيوس وهو يتجه نحو الاعلى ليتصل بخفر السواحل.
في صباح اليوم التالي استيقظت انجلينا بنشوة عارمة من السعادة، نظرت الى الجسد القوى بتفاصيله الرائعة والذي ما زال يغط في النوم من جراء ليلة طويلة من السهاد والمشاعر الملتهبة، تمكن ليون بحبه الرائع من تبديد كل صدى لتجربتها المؤلمة بالفيلا. ابتسمت للوجه النائم بعذوبة قبل ان تطبع قبلة صغيرة على كتفه وتحاول النهوض، قبل ان تصرخ من الدهشة وترشقه بنظرات نارية يا الهي ايها الماكر انت مستيقظ،.
بالطبع، قال ليون وهو يداعب بشرتها المخملية، استيقظت منذ فترة لكني لم استطع النزول. الولدان، هل استيقظا سالت انجلينا بخوف. لا، لا داعي للقلق مازالا يغطان في نوم عميق، لكنني التقيت بمدبرة منزلك، واظن ان الارتسام على وجهها لن يمحى من مخيلتي في وقت قريب اضاف مازحا يا الهي، لابد انها استنتجت اشياء سيئة دعيها تفعل قال ليون وهو يقفز من السرير ليحمل انجي الذاهلة نحو الحمام الرخامي،.
اما نحن فلدينا الكثير لنقوله بعد... ليون، توقف صرخت انجلينا وهي تضرب كتفيه القويتين توقف ليون ليتامل عينيها الخضرواين واللتان كان لهما تاثير مغناطيسي على كيانه ما رايك لو نجعل هذا شهر عسل ثان سال ليون مداعبا انفها المنمش كانت انجلينا مغيبة التفكير وهي تتامل وجهه الوسيم بحب، موافقة اجابت بصوت هامس قبل ان يشل تفكيرها بقبلة ملتهبة ويضعها تحت شلال المياه الدافئة.
اعود من حيث اتيت سال لوشياس بذهول، هل حقا تريدين مني الرحيل امي اقترب منها تاركا مارتا والتي الجمت كلمات كانديس الباردة لسانها. اتظنني سعيدا بالعودة الى هذا المكان التعس، اتعرفين ما الذي كابدته لكي اتحمل الم العودة مجددا. يكفي قالت كانديس بقسوة، هي لم تكن عائلتك نحن كنا عائلتك بالطبع لم تكن عائلتي قاطعها لوشياس بمرارة، كانت كل شيء في حياتي وانتم سلبتموها مني مرة بعد اخرى.
ليون اخد مني حب حياتي وجعلها زوجته، لكني تحملت وقبلت بالوضع رغم الالم الذي لايطاق. كيف تستطيعين النوم ليلا امي سال لوشياس بصوت خرج مهزوزا ومتالما. انام بهدوء اجابت كانديس وهي تنظر الى عينيه المليئتين بالاتهام، ربما عليك انت ايضا ان تتعلم الصفح ثم النسيان لتعيش. احقا رد لوشياس بسخرية مريرة. احقا امي؟ النسيان، بكل سهولة، اذا كنتم تمكنتم من النسيان انا لم افعل.
لا زلت اتذكر تلك الليلة البشعة وكانها البارحة. مرت خمس سنوات لوشياس الا تكفيك للصفح حتى الان، والدك يعاني منذ ذلك الحين، لكنك لم تهتم يوما له او لمرضه. ليس علي ان اقلق فلديه ليون قاطعها بحده ، اما انا فلست سوى الابن الضال لعائلة اورليوس توقف صرخت كانديس بالم، انت لا تعلم ما الذي عانيته منذ رحيلك، انت لاتفهم ديمتريوس يكون...
جمدت الكلمات على شفتيها وهي تنظر الى سيزار والذي وقف قرب المدخل يتفرسها بملامح قاسية. في المستشفى العام ببوسطن: جالسا وراء مكتبه الفخم يتامل شاشة حاسوبه، بعقل شارد، لم يصل حتى الان رغم كل الافتراضات التي قام بها، ان يصل الى طريقة امنة لاجراء عملية سيزار المعقدة. زفر بقوة لينفس عن احباطه الشديد قبل ان ينهض من على كرسي مكتبه ويشتم من بين اسنانه اللعنة انجي اين انت.
كان كل تفكيره منصبا عليها. اتراها اصيبت بمكروه. اخد هاتفه واتصل بها مجددا، وككل مرة حولت مكالمته الى المجيب الالي. وضع مارك الهاتف في جيب معطفه الطبي، قبل ان يخرج من المكتب، محاولا اغراق تفكيره بالعمل عله ينسى الفاتنة الشقراء والتي عصفت بكيانه.
فركت صوفيا عينيها محاولة الاستيقاظ، تشعر بان عضلاتها قد تيبست من كثر ما قامت به من عمل، تبا لكل هذه الاعمال المتراكمة لعنت صوفية وهي تزيح خصلات شعرها البني المسترسل على كتفيها بحرية، لتلفه سريعا على شكل اسفنجة وتثبته ببراعة على راسها بقلم وجدته على المكتب. علا طرق فجاة على باب مكتبها، مسحت وجهها بباطن كفها، حاولت اعادت بعد الترتيب الى مكتبها الفضوي، قبل ان تاذن للطارق بالدخول.
فتح الباب واطل باتريك بابتسامته الهادئة والتي توحي لها دائما بالامان، قبل ان تتحول الى الذهول وهو ينظر الى صوفية بشعرها البني المرفوع ولباسها الرسمي الاسود والذي اصبح مجعدا. الم تغادري المكتب سال باتريك غير مصدق. حركت صوفية يديها محاولة اعادة الليونة اليهما.
، لم يكن بوسعي المغادرة باتريك، احتجت صوفية وهي تتامل مخاطبها والذي كان في اتم لياقته ببدلته الزرقاء الفاخرة والتي التفت حول جسده الرياضي الفارع لتزيده وسامة. يا الهي، كانت هذه هي المرة الاولى التي ترى باتريك بتلك الطريقة، شعرت بالاظطراب من المشاعر الجديدة والتي اجتاحتها فجاة، حاولت ايقاف تاملاتها الاثمة والتي عزتها الى عدم النوم لفترة طويلة، قبل ان تجيب مخاطبها بعصبية واضحة:.
هناك العديد من الملفات علي تدقيقها بنفسي، اشعر ان هناك شيئا مريبا، لكنني لم استطع كشفه حتى الان. ضغطت على زر الاستدعاء، لياتي صوت مدبرة مكتبها قهوة؟ سالت صوفية باتريك دون ان ترفع هذه المرة راسها عن المكتب واللذي كان يحتاج فعلا الى الترتيب. متحاشية بذلك النظر الى عينيه الزرقاوين بلون بحر ايجة الصافي والذي اشتاقت فعلا اليه.
بالتأكيد رد باتريك، قبل ان يجلس على الكرسي المقابل لها وهو يتفرسها بتأن كانت مثالا للموظفة البارعة لم تكن صوفية وجها جميلا فقط بل فتاة ذكية وطموحة الى اقصى الحدود، وهذا كل ما كان يبحث عنه في شريكة حياته. اريد فنجانين من القهوة المرة باتريسيا في الحال رد الصوت من الجهة الاخرى. قبل ان تبتعد صوفية عن محيط المكتب لتفتح الباب المقابل وهي تقول: باتريك امهلني دقيقة، ساعود على الفور.
اوما باتريك براسه، وهو يتامل مشيتها الواثقة الى ان اختفت وراء الباب الماهونجي الكبير.
رواية ندوب من الماضي الجزء الثاني للكاتبة عفاف مغنوي الفصل السادس
بعد اسبوع على طائرة ليون الخاصة جلست انجلينا في كرسي معزول تتامل ولديها اللذان لم يتركا لليون ولو فرصة واحدة للعمل، كانا يقفزان بحبور معبران عن السعادة الكبيرة لهذه الزيارة الغير متوقعة، مشاعرها هي كانت مزيجا من الخوف والالم كلما اقتربت اكثر من اليونان حيث ستواجه مجددا ماضيا هربت منه ل5 سنوات طويلة.
معالجته النفسية والتي زارتها بعد عودتها الى المستشفى طلبا لاجازة نصحتها بالذهاب والتحرر اخيرا من هواجس الماضي. توقفت انجلينا عن تامل الولدين واسترخت على الكرسي محاولة اخد قسط من الراحة، لكن عقلها ابى الا ان يعذبها بالمزيد من الذكريات المؤلمة. قبل خمس سنوات: فتحت انجلينا عينيها بثتاقل، تشعر باحساس من الالم بكل خلية من خلايا جسدها المنهك، حاولت تحريك يدها دون جدوى، عضلاتها منهكة من التعب.
اجالت نظرها في الغرفة الزجاجية قبل ان تصرخ من الرعب ويشخص بصرها في ديمتريوس الواقف قرب سريرها ينظر اليها بعينين ملئهما الجنون. اخيرا استيقظت اميرتي، كنت اتمنى لو ان وداعنا الاخير بقي في الجزيرة. توقفت الكلمات على لسانها وابت ان تخرج وهي تحدق الى ملامحه برعب حقيقي.
اقترب ديم من السرير وامسك يدها حيث تركت ابرة المغذي هالات زرقاء داكنة، مسد اليد الممدودة بهدوء قبل ان يسحب المغذي منها، لتخرج قطرات من الدماء القانية. عضت انجلينا على شفتيها وانت بالم، قبل ان يخرج صوتها هامسا بضعف: ما الذي تحاول ان تفعله الان ديم شش شش حبيبتي لا تتكلمي قال ديمتريوس بنبرة هيستيرية وهو يضع يدا مرتشعة امام وجهها الشاحب حبيبتي انت لن تكوني ابدا لغيري.
استمر ديم في سحب الالات الداعمة لانجلينا، اقترب اخيرا من وجهها ليسحب انبوب التنفس من انفها المنمش، ويطبع قبلة على شفتيها المرتعشتين قبل ان يتاملها للحظات ليضع بعدها وسادة على وجهها مغلقا بذلك عينيها الشاخصتين من الرعب. لم تتحرك انجلينا، كانت شديدة الضعف حتى لمجرد مقاومته، استمر يضغط على وجها قبل ان ينتفض بعنف، ويرمي بالوسادة بعيدا مقتربا من وجهها.
يا الهي كيف فعلتها انجلينا، ما الذي فعلته لقد قتلتك، انا مجنون انا فعلا مجنون صرخ ديم بهستيرية قبل ان ينهار على ركبتيه امام سريرها كانت انجلينا تتامل السقف بشرود وقد تحول وجهها الى الشحوب الشديد. اقترب منها وامسك بيدها والتي امتللات بالدماء، كانت جروحها تنزف بغزارة. ارجوك سامحيني انجي، اتوسل اليك انا اعشقك ليس هنالك من يحبك بالقدر الذي احببتك به، لا ليون ولا حتى لوشياس قادران على حبك بنفس القوة.
انت. انت مجنون قالت انجلينا من بين شهقاتها تشعر بانها تفقد الهواء. استمرت تحاول ادخال الهواء الى رئتيها وجسدها المتعب دون جدوى قبل ان تغمض عينيها اخيرا بضعف وتستلم للموت. صرخ ديم كالمجنون في الرواق مستدعيا الفريق الطبي والذي نقلها الى غرفة العمليات على وجه السرعة. في المرة التي استيقظت فيها بعدها، كان ليون الذي اطلق صراحه من السجن للتو جالسا الى جانبها، يتامل وجهها الشاحب بعينين غائمتين.
ليون قالت انجلينا بلهفة وهي تتامل وجهه الحبيب انت هنا. لقد اتيت حبيبي لا تتركنني مجددا اتوسل اليك اقترب ليون منها بلهفة وامسك يدها وضغط عليها بحنان، اجابي مو، انا هنا ولن ارحل الى أي مكان اعدك.
تنفست انجلينا بعمق قبل ان تعود لتضع راسها على الوسادة من جراء الدوار الذي انتابها فجاة، تمكنت الان من ان تتامل وجهه والذي علاه الكدر، لحيته كانت نامية وقميصه الاسود مجعد، تاملت بحزن هالاته السوداء والتي اظهرته اكبر سنا مما هو عليه، رغم ان هذا لم ينقص من وسامته ولا غطرسته المعهودة، الى انها كانت قادرة على الشعور بالالم الذي يحاول اخفائه.
من الذي فعل بك هذا اخبريني. قال ليون وعيناه تملائهما الحيرة والتساؤل سكتت انجلينا وقد جعل الالم فرائصها ترتعد من مجرد الذكرى انجلينا اخبريني صرخ ليون بعناد. ديم قالت انجلينا بشفتين مرتعشتين شاخص البصر يتاملها وقد تحولت نظراتها الى نظرات قاتلة مستحيل، هذا مستحيل قال ليون غير قادر على الاستيعاب.
نهض من مكانه، كان يجوب الغرفة كنمر حبيس غير قادر على استيعاب الغضب المدمر الذي انتابه، يا الهي ياالهي قال ليون قبل ان يسحب مسدسه ارتاعت انجلينا من المنظر ليون ما الذي تنوي فعله. تامل ليون انجلينا للحظات. لا ارجوك لا تفعل توسلت انجلينا من بين دموعها والتي انهمرت غزيرة على وجهها الشاحب.
غطت خصلات ذهبية عينيها واللتان اصبحتا بركة من الدموع، اقتر ب منها بلهفة يضمها اليه، عصرها بقوة الى صدره حتى انت من الالم يجب ان يموت قال ليون من بين زفراته، ساقتله اقسم على ذلك. لا قالت انجلينا وهي تمسك بيده بتوسل، لا لن تفعل ليون ارجوك لا اريد ان افقدك مجددا. انتزعها ليون من بين ذراعيه ليتاملها للحظة ازاح خصلاتها الذهبية من على جبينها قبل ان يطبع قبلة رقيقة وينطلق كالسهم بحثا عن غريمه.
انتفضت انجلينا على قرقعة اكواب، كانت شاردة في ذكرياتها، حتى انها لم تسمع اقتراب المضيفة والتي اتت بصينية الطعام. لا اشعر بالجوع حقا، قالت انجلينا وهي ترد ابتسامة الفتاة اللطيفة لكن عليك ان تاكلي رغم ذلك قال ليون و والذي اقترب منها بابتسامته الساحرة، والتي بدا انها سجلت هدفا جديدا لانتصارته، فالمضيفة الصغيرة تحولت وجنتاها الى الحمرة القانية وهي تتامله بهيام،.
ابتسمت انجلينا لليون، تعلم ان سحره لا يقاوم. جلس ليون بمحاذاتها قبل ان يصرف المضيفة باشارة من يده، ويمسك يدها ليطبع عليها قبلا صغيرة الولدان قد ناما الان، الا ترغبين باستراحة قال ليون وهو يتاملها بنظرات جائعة. لا قالت انجلينا وهي تتامل قسمات وجهه الجميل بحزن، ارغب بالبقاء هنا، لا اشعر اني بخير.
ضاقت عينا ليون فجاة وقست تقاسيم وجهه، كان يعلم ان المواجهة ستعيد الشرخ العميق بينهما. وقد حاول بكل الجهد ان يؤجل تلك النهاية قدر المستطاع رغم كارثة اطلانتيس، فانجلينا كانت ستبتعد عنه حالما تطأ قدماها ارض اليونان، وهذا ما لم يكن مستعدا له بعد. شرد ليون بعدها في تاملاته الخاصة وعادت به الذاكرة الى 5 سنوات مضت.
يتذكر عودته الى الفيلا، يحمل مفاجئة سعيدة لحبيبته الصغيرة، ليجدها ملقاة على الارض مدرجة بالدماء، كان شعورا مقيتا وهو يحملها بين ذراعيه جسدا دون روح، كان يصرخ كالمجنون يحرك راسها المستلقي على صدره باستسلام دون جدوى قبل ان ياخد الهاتف بيد مرتعشة ويتصل بلوشياس. وصل الاسعاف اخيرا، ووصل لوشياس الذي انهار على ركبتيه وهو ينظر الى انجلينا بين يدي اخيه وقد سالت دمائها غزيرة لتغطي ارضية المطبخ،.
حاول الاطباء والمسعفون ابعاد يدي ليون دون جدوى، كان يتشبث بجسدها البارد كانه طوق نجاة، واخيرا بعد مجهود جبار تمكن الطاقم من سحبها بعيدا عنه لانعاشها. كان ينظر اليهم بعيني فارغتين وذهن شارد، اصوات بعيدة تصل مشوهة الى مسمعه ويدان تحاولان اعادته الى الواقع دون جدوى، فجاة نزلت صفعة قوية على وجهه اعادته الى الواقع.
كان لوشياس من صفعه بقوة وهو يصرخ: لم تمت، انجلينا مازالت حية، لا داعي للاستسلام بعد افهمت لن نستسلم الان قال لوشياس وهو يهز كتفي اخيه بعنف. لحظات بعد ان عاد نبضها نقلت انجلينا في طائرة مروحية الى المستشفى ومنها الى غرفة العمليات على وجه السرعة. بينما بقى لوشياس وليون جالسين امام الباب المغلق كل في عالمه الخاص. السيد ليونايدس اورليوس.
هذا انا رفع ليون راسه ليتامل الشخص الذي نطق اسمه بتلك الطريقة المتعجرفة وقبل ان يفهم ماالذي يحصل اقترب شرطيان من ليون يحاولان تكبيل يديه، بينما تكفل المحقق بتلاوة حقوقه، سيد ليون اورليوس انت موقوف بتهمة محاولة قتل زوجتك السيدة انجلينا ماريبل ستيفنز، كل كلمة ستقولها الان ستسجل ضدك، يمكنك توكيل محامي، اذا لم تستطع دفع اتعابه ستوكل المحكمة لك محاميا.
كان ليون شاخص البصر غير قادرا على استيعاب انه متهم بقتل انجلينا، دفع بقوة الشرطي الذي حاول تكبيل يديه، بينما ركض لوشياس والذي لازال تحت وقع الصدمة للاستفسار ما الذي تفعلونه صرخ لوشياس هل اصبتم بالجنون سيدي، السيد اورليوس متهم بقتل زوجته والى ان يثبت العكس، يجب ان يرافقنا الى مخفر الشرطة.
لن اذهب الى أي مكان صرخ ليون وهو يقاوم الاعتقال، اقترب شرطي ثالت متكاتفين الى ان تبتوا ليون على الارض ليضعوا الاصفاد الحديدية في يديه، ظل ليون يقاوم الى اخر لحظة. ساتصل بالمحامين قال لوشياس وهي يمسك هاتفه بعصبية، لا داعي للقلق اخي ساخرجك في اسرع وقت. اقتيد بعدها ليون الى مخفر الشرطة، تاركا انجلينا تحت رحمة القدر.
طوال الطريق، ظل ليون واجما في حالة ذهول، لا يصدق الى الان انه متهم بقتل احب انسانة الى قلبه. انجلينا. انجلينا. كان يردد دون وعي. واخيرا وبعد 12 ساعة من التحقيق المتواصل. زج بليون باحد الزنزانات الفارغة وحيدا يتفرس في السماء التي اظلمت في عينيه فجاة، لا يتصور ان يفقدها مجددا. يومان بعدها اطلق صراح ليون بكفالة ليعود الى جانب حبيبته والتي تتشبث بالحياة باعجوبة.
هل هي بخير، سال ليون الطبيب الذي كان يتامل الليون الشاحب بنظرات مقلقة سيد ليون اظن انه يجب علينا تاجيل هذا المحادثة الى حين الاطمئنان عليك اولا. صرخ ليون بهستيرية وضرب المكتب امامه بعنف، ليس هناك ما تطمئن عليه، اريد ان اعرف حالة زوجتي والان ولاحترق انا في الجحيم ان كان هذا سينقدها. سيد اورليوس، حالتها لازالت قيد المراقبة، لقد نزفت لمدة طويلة، انها اعجوبة اننا لم نفقدها الى الان.
عاد ليون الى الجلوس، وابتسم بمرارة وهو يقول، انت لا تعرف انجلينا انها محاربة، لقد نجت من السرطان ومن الغيبوبة وانا متاكد انها لن تموت الان، لن تتركني وحيدا انا متاكد. اقترب الطبيب من حيث جلس ليون وربث على كتفه قبل ان يقول ما رايك بزيارتها، قد يشعرك هذا بتحسن.
افضل ان اذهب الى الكنيسة اولا، قال ليون بذهول، فهو لم يقترب من هذا المكان سوى مرتين في حياته، وكانت احداهما يوم زواجهما ويومها كذب متعمدا في بيت الرب متعهدا حمايتها وحبها الى ان يفرقهما الموت. هنالك كنيسة صغيرة في المستشفى قال طبيب، سارشدك اليها. مرت ساعتان على ليون جالسا على احد كراسي الكنيسة مطاطا راسه لا يلوي على شيء.
ما الذي يفعله الان سالت كانديس الذاهلة لوشياس والذي وقف بدوره امام باب الكنيسة يتامل ليون الجالس بمظهر منكسر. انه يصلي قال لوشياس بصوت غلب عليه الالم يصلي ليون ليس متدينا قالت كانديس وعيناها على ابنها المنكسر اعلم ذلك امي، اعلم ذلك رد لوشياس قبل ان يقترب من اخيه، وينزل بدوره على ركبتيه. اتعلم لم اقم بالصلاة يوما، لا اعرف حتى كيف افعل ذلك قال ليون بابتسامة مريرة.
عقد لوشياس اصابعه امام صدره، واحنى راسه بخشوع قبل ان يقول ايها الرب الرحيم، نحن ضعفاء امامك نرجوك اليوم ان تساعدنا في مصابنا وتخفف علينا محنتنا فليس لدينا غيرك لنلجئ اليه، ايها الرب العطوف تقبل صلاتنا وازرنا ولا تتركنا ابدا. رفع لوشياس بعدها راسه لينظر الى ليون الذاهل ويقول هذا كل ما يتطلبه الامر، اشعر بان الله سيساعدك وتراجاه بكل قوتك هذا كل ما عليك فعله.
نهض لوشياس من مكانه ليترك لليون فرصة ليتلو صلاته بحرية. اسبوع بعد ذلك استيقظت انجلينا من غيبوبتها، لتخبره باكبر صدمة في حياته، كان ديم ابن عمه واقرب اصدقائه من تجرا على ان يؤذي اهم شخص لديه، زوجته و حبيبته انجلينا. قصر اورليوس قبل 5 سنوات ركن ليون سيارته كالمجنون امام باحة القصر الكبير قبل ان يندفع نحو الباب الرئيسي يطرقه بعنف.
ارتعدت اوصال مارتا للطرق العنيف قبل ان تركض لتفتح الباب ولتفاجئ بليون الهائج وهو يصرخ بجنون وبيده مسدسه. وصل الحارس الشخصي لليون والذي كان يحاول مجارات سياقته المتهورة دون جدوى محاولا الامساك بيده التي كانت تلوح بالمسدس امام وجه مارتا المرتعبة والتي شل الخوف حركتها وافقدها النطق اين ديميتريوس سال ليون بجنون وهو يدفع حارسه الشخصي قبل ان يلوح بالمسدس امامه طالبا منه الابتعاد. اين قلت لك اجيبي.
في غرفة المكتب قالت مارتا بصوت مرتعش انطلق ليون الى غرفة المكتب كالمجنون ليدفع الباب ويفاجئ بديم جالسا الى المكتب بينما والده يقف بشموخه ونظرته الفولاذية يتامل ابنه بنظرات جليدية. اقفل الباب اللعين وكف عن التصرف كالاطفال ليون، قال سيزار وهو يرمق ابنه بنظرات جليدية. ليس قبل ان انسف دماغ هذا الحقير رد ليون بصوت كالرعد. ليون قال ديم بتردد اخرس ايها السافل ليس هنالك حديث بيننا.
قلت يكفي صرخ سيزار في ابنه بقسوة اتعرف ما الذي فعله هذا الحقير، اتعلم انه من حاول قتل انجلينا لو كنت تعلم ما كنت حاولت ايقافي الان اعلم ليون، قال سيزار بصوت بارد، ديم اخبرني بكل شيء شخصت عينا ليون في والده غير مصدق قبل ان يقول والان ما الذي تنوي فعله، استدافع عن هذا السافل رغم ذلك ملوحا بمسدسه في وجه ديمتريوس مجددا، والذي لم يرمش له طرف الرغم التهديد الواضح والموجه اليه.
اقترب سيزار من ليون الى ان وصل الى جانبه، كان لسيزار نفس طول ليون، نظر في عيني ابنه مطولا قبل ان يسحب المسدس من يده بقوة، ويلوح به بعيدا. اجلس علينا التحدث، قال سيزار بنبرة امرة، جعلت ليون المصمم يمثثل لها رغما عنه. الان وقد جلست اتظن انني ساصفح عن الفتى الذهبي، فقط لانك امرت بذلك بالتاكيد ستفعل، قال سيزار وهو يامر ديم بالخروج.
خرج ديم من الغرفة ونظرات ليون المشتعلة تلحقه الى ان اغلق الباب الماهونجي، ليعود وينظر الى والده بلوم. اقترب سيزار من خزانة المكتب يفتحها، ليخرج مغلفا، وضعه امام ليون والذي كان الشرر يتطاير من عينيه ماهذا الجحيم سال ليون من بين اسنانه اظنك مازلت تجيد القارئة¸ اذا فل تقرا اخذ ليون المغلف وفتحه، مجموعة من الصور القديمة، لشابة في مقتبل العمر، تاملها ليون بوجه بارد قبل ان تقع عيناه على اسم ديمتريوس.
كانت شهادة ميلاد باسم ديمتريوس، بيينما وضع في خانة الاب بخط واضح اسم سيزار اورليوس ما هذا الجنون، سال ليون غير مصدق ليس جنونا بني، كومودوس لم يكن يستطيع الانجاب يوما ما الذي يعنيه هذا ابي، سال ليون وقلبه يدق كالطبول، يا الهي ايعني هذا ان. ديمتريوس يكون اخاك ليون انتفض ليون من مكانه، وكان عقربا لسعه، مستحيل قال ليون وقد شخص بصره ارتعش فكه بقسوة علامة على عصبيته قبل ان يقول مستحيل، هذا امر مستحيل.
انه الحقيقة بني، ديمتريوس يكون اخاك اتريد ان تقتل اخاك في وجودي كان ليون يضغط على مؤخر رقبته بقوة، يشعر بان العالم قد اظلم فجاة لكن كيف لقد كنت على علاقة غير شرعية، والفتاة هربت تاركة ديم طفلا رضيعا. كنت قد رزقت بك للتو ولم اكن لاستطيع مصارحة امك وقتها، عرض علي كومدوس الاعتناء بالصبي، وقمنا بكل ما يلزم ليصبح ابنا شرعيا له.
انت يجب عليك ان تعدني ليون، انت راس هذه العائلة من بعدي مستحيل ان تاذي احدا من اخوتك، افهمت مستحيل لا صرخ ليون قبل ان يضرب المكتب العتيق بقبضته القوية الى ان انفجرت شعيرات دقيقة من الدم بباطن كفه. اتعلم ما الذي تريدني ان اقسم عليه ابي، انت تريدني ان لا اخد بثار انجلينا هذا مستحيل انجلينا حية، ويمكنكما البدا من جديد، قتل ديم لن يكون سوى خطا كبير.
اقترب سيزار من ابنه ووضع يده على كتفه، حاول اقناع زوجتك بان تتنازل عن أي دعوى تقام ضده وانا اعدك انني سابعد ديم عن طريقكما. كان ليون غائب الذهن غير مصدق، لكل ما يحدث، ديم يكون اخاه ووالده يطلب منه ان يبتز انجلينا. انت لا تعلم ما الذي سيفعله هذا بنا ابي قال ليون بالم اعلم بني قال سيزار، عائلتك هي واجبك انت لن تجعل هذه العائلة تتفكك فقط من اجل الحب، رجال اورليوس اقوياء عظماء ولا يتركون بعضهم ابدا.
زفر ليون بعنف وهو ينظر الى والده بعينين ملئهما الالم وما الذي تقترحه ابي اذهب الى انجلينا، ساعدها لكي تتخطى هذه المرحلة العصيبة، واعدها الى المنزل بعدها سيكون لنا حديث مطول. نهض ليون من على الكرسي ومشى نحو الباب بخطوات ثقيلة، فتح الباب ليفاجئ بديم والذي مازال واقفا ينتظر خروجهما، جز ليون على اسنانه بعنف وارتفعت يده لا شعوريا ليسدد لكمة قوية الى وجه ديم، جعلته يسقط على الارض فاقدا للوعي.
رواية ندوب من الماضي الجزء الثاني للكاتبة عفاف مغنوي الفصل السابع
قبل 5 سنوات حمل ليون انجلينا بين ذراعيه رغم اعتراضها مجتازا الممر الطويل نحو غرفة نومهما، وضعها على السرير برفق قبل ان يقبل جبينها بحنان كبير. تاملت انجلينا وجهه الوسيم، كانت لحية ليون نامية وظهرت خطوط تعب وارهاق قرب عينيه. وضعت يدها على وجهه بخفة تتحسسه وهي تقول، تحتاج الى الراحة حبيبي ابتسم ليون ابتسامة لم تصل عينيه، وهو يقول لدي الكثير من الاعمال العالقة، نامي الان اجابي مو، ساعود في المساء.
خرج ليون من الجناح واستسلمت انجلينا الى النوم. في المكتب الكبير لقصر اورليوس كان ديمتريوس، وسيزار ينتظران لوشياس وليون، فلوك لم يكن يعلم بالموضوع بعد، وكان على ليون التواجد لكبح ثورة اخيه فهو كان الوحيد القادر على السيطرة على غضب لوشياس. علت طرقات على الباب دخل ليون يتبعه لوشياس والذي علا الاستغراب ملامحه وهو ينظر الى وجه ديمتريويس القلق والملامح المشدودة لوالده،.
لم يكن ليون اقل غرابة منهما، وجه الى والده تحية مقتضبة قبل ان يجلس على صوفا الجلدية، بعيدا عن ديم الذي لم يوجه له أي كلمة. اقترب لوشياس ليجلس على الكرسي المقابل لديم. وهو يتفرس وجهه باهتمام هل هناك امر لم تطلعوني عليه بعد، ما الذي فعلتماه هذه المرة. لوشياس قال سيزار بصوت جعل لوك ينتبه الى ان الامر لم يكن يحتمل المزاح، تحولت نظراته الى الترقب وهو ينظر الى والده الجالس وبيده وثيقة يتاملها باهتمام.
بني انت تعرف ان ليون سيخضع للمحاكمة قريبا اعلم قال لوشياس بعدم اكثرات، انها مسالة روتينية فقط ابي ولاداعي للقلق ابدا، ساهتم بالامر بنفسي، حالما تستطيع انجلينا السفر ساتصل بالمدعي العام لسماع افادتها فبالتاكيد ليون لم يقم بقتلها قال لوك مازحا. نعلم ذلك قال سيزار بحدة. ليون لم يكن وراء الحادث الذي تعرضت له انجلينا، لاننا نعرف الفاعل. هب لوشياس من مكانه كالاعصار وهو يسال والده بثورة غضب.
انتم تعلمون، ما الذي تنتظرونه اخبروني، التفت الى ليون والذي كان يحاول التهداة من غضبه باستماتة عاصرا على قبضته القوية. ليون ان تعلم من تجرا على لمس زوجتك، ما الذي تنتظره اخبرني ما الذي تنتظره ديم، لماذا لم تفعلا شيئا. لم افعل شيئا لانني انا من حاول قتل انجلينا رد ديمتريوس بهدوء.
نهض ليون من مكانه سريعا محاولا ابعاد لوشياس والذي انقض على ديم بوحشية يكيل له اللكمات قبل ان يثبت راسه محاولا كسره بمنفضة الكريستال الكبيرة. ! توقف صرخ ليون وهو يمسك يد اخيه التي كانت تعتصر عنق ديم بقوة. دفع ليون لوشياس بعيدا، ليقف بينهما محاولا صد الهجوم الكاسح لاخيه. قبل ان ياتي صوت سيزار كالرعد، ليوقفهم جميعا. ما الذي تظن انك فاعل صرخ سيزار في ابنه بحدة.
وما الذي تظنه ابي، ساقتل هذا السافل، ساقتل هذا الحقير حالا اقسم لك لم اطلب منك شيئا مماثلا قال سيزار مصوبا اليه نظرات قاتلة. حرك لوشياس راسه بعدم فهم قبل ان يلتفت الى ليون غير مصدق انني احلم اليس كذلك، انه كابوس مزعج يكفي قال ليون بغيض، مطار اثينا نزلت طائرة ليون اخيرا على الارض اليونان، تنفست انجلينا بعمق وعصرت على يديها بعصبية مرت 5 سنوات منذ ان رحلت عن هذا المكان. اقسمت يومها انها لن تعود.
لكنها هنا اليوم، وككل مرة كان ليون من ابتزها للعودة. التفتت تتامل ولديها واللذان تعلقا بليون وهما يضحكان بسعادة، كانت رحلة ممتعة بنسبة لهما، عكس شعور عدم الامان والذي ينمو بداخلها تشجعي انجلينا، ديم لم يعد قادرا على ايذائك انت قوية انجلينا، كانت تحاول تشجيع نفسها، س انتبه ليون الى منظرها، وضع لوسيا المتشبتة بعنقه بحنان قبل ان يقترب منها وقد علا التوتر ملامحه انجلينا هل انت بخير.
لا، لست بخير ليون قالت انجي وقد علا الشحوب وجهها وضاق تنفسها، لا استطيع لا استطيع كانت تردد بهستيرية. عاقدة يدها بقوة على المقعد الجلدي تعتصره بيدين مرتجفتين ما بك حبيبتي، اقترب منها ليطوقها بذراعه ويرفع وجهها ليقابل الشحوب الطاغي على ملامحها و نظرات الرعب في عينيها. انقبض قلبه وقست ملامحه، يعلم سبب كل هذا التوتر ديم قال من بين شفتيه المزمومتين يا الهي ليون، اشعر انه في أي لحظة ساجده بقربي مجددا.
لا لن يتمكن ابدا من ايذائك انجلينا، ليس وانا حي، يجب عليه ان يتخطاني اولا ماتي مو هل تعدني قالت انجلينا وهي تتشبث بقميصه كطفلة تبحث عن الامان. اعدك انجلينا، بل اقسم بذلك. في قصر اورليوس كان لوشياس جالسا وقد شرد بعيدا، شعر بغصة في حلقه يتذكر كيف اخرجته انجلينا من حياتها وكان لم يكن له أي وجود لا يلومها على ذلك، فهو كليون وقف متفرجا على معاناتها وهي تستنجد به ليساعدها، كل هذا من اجل الحقير ديمتريوس.
يتذكر نظرات الالم في عينيها وهي تجيل بصرها غير قادرة على استيعاب ان زوجها يطلب منها التنازل عن حقها في مقاضاة ديمتريوس هل انت مجنون ليون تريدني ان اتنازل لقد حاول قتلي، مرتين. اتجد الامر تافها الى هذه الدرجة، اليس هنالك من قيمة لما اشعر به. ضغط ليون على فكه بعصبية وتحولت نظراته الفولاذية الى نظرات قاتلة صوبها نحوها قبل ان يصرخ بعصبية. انجلينا انت لا تفهمين.
اتعلم ليون، لم اعد اريد ان افهم انا اريد الرحيل. تركت يومها كل شيء ورائها، تنازلت على كل ذكرى تملكها وهو كان من بين تلك الذكريات لانه ببساطة انتمى الى الماضي الذي ارادت حجبه ونسيانه. بداية جديدة بعيدا عن مثلت الحب المجنون والذي لم يجلب لحياتها سوى الاسى. رفع لوشياس راسه محاول انتزاع نفسه من الذكريات القوية التي اتت لتعكر مزاجه وتزيده تجهما.
كان سيزار واقفا على الشرفة يتامل بحر ايجه بلونه الازرق البراق. اقترب من حيث كان يجلس، قبل ان يقول مخاطبا لوشياس: اعلم انك لم تسامحني يوما بني. التفت لوشياس الى والده وابتسم باستخفاف ومنذ متى اهتممت بان اسامحك ابي، منذ متى اهتممت لاي من اولوياتي بالطبع اهتممت قال سيزار بصوت مهزوز، انت ابني. لقد كنت ابنكم قبل ان تقضوا علي، كنت والدي قبل ان تجردني من حياتي.
ضغط سيزار على اصابعه بقوة وظهرت تجاعيد واضحة على جبينه وفكه. قبل ان يقول بصوت غلب عليه المرض منذ متى اصبحت بهذه القسوة لوشياس، لم اعهدك قاسيا الى هذه الدرجة اصبحت قاسيا منذ ان كسرتم الانسانة التي احببت مرة بعد مرة، اصبحت مجحفا حين قتل ليون كل شيء جميل في حياتي، واصبحت بدون عائلة حين قرر ديم ان يبعدها عني الى الابد. الهذه الدرجة تحبها لوك.
بل اعشقها ابي، اعشقها بكل ما املك من مشاعر، زفر بقوة مخرجا كل الاحباط الذي يشعر به قبل ان يضيف بنبرة طغى عليها الالم: لكنها اخرجتني من حياتها، لا تريد أي علاقة معي. وانا لا الومها. وضع سيزار يده على كتفه قبل ان يهم بالرحيل: انجلينا ستعود اليوم. كنت اريد ان اخبرك قبل ان تفاجئ بوجودها. فتح لوشياس عينيه غير مصدق، كيف تعود بعد الذي عانته، صمت قليلا قبل ان يلعن من بين اسنانه، ليون ايها الحقير ليس مجددا.
في المستشفى العام ببوسطن كان مارك جالسا وراء مكتبه وعيناه على حاسوبه، اخيرا وجد طريقة جديدة للقيام بعملية سيزار، ابتسم بغروره المعتاد، كان يعلم انه سينجح في النهاية وقد نجح بالفعل. استند بهدوء على كرسيه واعاده الى الوراء قبل ان يضع ذراعه على جبينه مغمضا عينيه بتعب، مر عليه اليوم اكثر من 3 ايام دون نوم، يشعر بانه قد استنزف كليا. والسبب هو ريتشارد.
تبا لك ايها العجوز المتسلط. شتم مارك من بين اسنانه. عصبيته الظاهرة لم يكن سببها النوم فهو قد اعتاد على السهر منذ سنوات، ولا ان ريتشارد اجبره على القيام بعملية سيزار رغم اعتراضه الشديد. كان كل تفكيره منصبا عليها، الملاك الفاتن بجديلتها الشقراء، بانفها المنمهش بعينيها اللتان تشبهان غابة شتاء ماطرة. انجلينا زفر مارك بقوة.
كانت معه وبقربه طيلة 5 سنوات، هو ساعدها لكي تعود انجلينا الواثقة، هو من اعاد اليها الامل بعد ان سلبه ليون من دون وجه حق، ربما كان هذا سببا رئيسيا وراء عدم مصارحتها بمشاعره. ابدا هي لم تنسى ليون.
كبريائه لم يسمح له يوما بالدخول في معركة خاسرة منذ البداية، لكنه الان مستعد للمجازفة، هي اخبرته قبل رحيلها انها ستعود حرة، ان ليون سيمنحها الطلاق ربما الان بعد أن يخرج ليون تماما من الصورة، ربما بعد كل هذه السنوات قد يستطيع ان يعيد اليها ابتسامتها ان يشعرها بالامان الذي تفتقده، ان يحبها كما اراد منذ سنوات. وربما ستحبه بالمقابل. علا طرق على الباب اخرج مارك من افكاره، قبل ان يطلب من الزائر الدخول.
صوفية قال مارك بدهشة وهو ينهض من وراء مكتبه ليستقبل زائرته الغير متوقعة. ابتسمت صوفية ابتسامة باهتة قبل ان ترفع راسها لتتامل وجهه برجاء وهي تقول: والدي سيموت اليس كذلك مارك. علت الدهشة وجه مارك وهو ينظر الى صوفية بتمعن، كانت عيناها محتقنتان بالدموع، وجهها شاحب كانها لم تعرف للنوم طريقا منذ ايام امسك بيدها بحنان قبل ان يقربها من احد الكراسي ويجلس بمواجهتها من اخبرك قال مارك بلطف.
اتصل والدي منذ يومين، يريدني ان اعود الى المنزل، يقول ان الامر هام وانه سيخضع لعملية مجددا، وانه يحتاج الى رؤيتي. رفع مارك حاجبه باستغراب: وما الذي جعلك تظنين انه سيموت. لقد اخبرني انك انت من ستقوم بالعملية. وفي اليونان. ضحك مارك بصوت عال، حتى ظهرت دموع في عينيه وهو يتصنع خيبة الامل: الهذه الدرجة لا تثقين بإمكاناتي صوفيه، تظنين اني لست قادرا على انقاد والدك؟ لا قالت صوفية وهي تعض على شفتها السفلى.
ليس هذا ما قصدته مارك. اعني. انا اعرفك جيدا اقصد انجلينا تتق بك كثيرا، اعلم انك طبيب بارع لكنه والدي، و قد طلب منك انت تحديدا القيام بعمليته، فهذا لا يعني سوى شيء واحد، انها عملية خطيرة زفر مارك بقوة قبل ان ينهض من على الكرسي ويعود الى مكتبه. تعلمين انه ليس لدي الحق في مراجعة حالة والدك صوفية سكت قليلا قبل ان يضيف.
لكن يمكنني ان ااكد لك انني قادر على انقاذ والدك فلا داعي لكل هذا القلق، حدق مارك بتمعن في الوجه المحتقن لصوفية، كان ينظر اليها وكانه يراها لاول مرة. تشبهه الى حد كبير. انتبه الى انه شرد بعيدا قبل ان يضيف اهذا كل ما اتيت من اجله صوفية لا. في الحقيقة والدي هو من طلب مني المجيئ، اراد اخبارك ان طائرته الخاصة ستكون تحت تصرفك منذ اليوم، كما انني ساكون مضيفتك طوال تواجدك في اليونان.
ابتسم مارك وظهرت غمازاته الرائعة لتزيده وسامة قبل ان يقول: اذا بالنهاية اشعر انني ساعجب بهذه الرحلة الغير متوقعة. انا واثقة من ذلك ردت صوفية وقد اشرقت عيناها ببريق اخاذ. في فيلا ديمتريوس وقف ديم على الشرفة ينظر الى البحر بشرود، كان ذهنه غائبا لدرجة انه لم يشعر باقتراب الفاتنة السمراء والتي طوقت جسده باغراء كبير. انتفض ديم من اللمسة المغرية لبريانا على كتفيه وصدره العاري قبل ان ينفضها عنه بضيق.
ابتعد عن الشرفة وعاد ليجلس ويشعل سيجارة ليدخنها بشراهة مابك حبيبي سالت بريانا وهي تقترب منه من جديد محاولة لمسه لا شيئ اريد ان ابقى بمفردي قليلا. تذمرت بريانا بصوت غير مسموع قبل ان تهز كتفيها بياس وتترك ديمتريوس وحيدا على الشرفة يحرق سجائره تباعا. وضع ديم السيجارة العاشرة بالمنفضة قبل ان يزفر بقوة انجلينا. ثيوس لماذا عدت.
شعر فجاة ان الهواء ينسحب من رئتيه بمجرد التفكير في انها قد تكون قريبة منه، ان عليه التعامل مع الماضي بعد كل هذه السنوات. اللعنة صرخ ديمتريوس وهو يرمي بالمنفضة بقوة لتتهشم الى قطع صغيرة ويتناثر رمادها على الارض، وقعت شظية من الزجاج قرب راحة ديمتريوس، ضغط عليها بحقد غير مهتم للجرح الغائر الذي سببته والذي اصبح ينزف بشدة.
صرخت بريانا وهي تنظر الى منظر الجرح الدامي في يد ديمتريوس، هذا الاخير نهض من مكانه بهدوء، ودخل الحمام غير عابئ بصراخها قبل ان يقفل بابه بعنف. على طائرة ليون هدات اخيرا نوبة الهلع التي تملكت انجلينا، شعرت اخيرا انها اصبحت قادرة على الوقوف، استنشقت الهواء بقوة قبل ان تنهض من على المقعد الجلدي لتمسد ثوب الشيفون الرقيق بيدين مرتعشتين.
كان ليون يتاملها وقد ظهر الثوتر جليا على فكه، عيناه غائمتان وكانه يفكر بعمق انتبه الى انجلينا التي نهضت من مكانها، اقترب منها ليساعدها على النزول، بينما تكفل الحراس بالولدين. في الطائرة المروحية، كانت لوسيا سعيدة وهي تنظر الى المياه الصافية الزرقاء، اما اندي فاكتفى بابتسامة صغيرة وهو ينظر الى التغير الشديد والذي طرا على والده، لم يستطع ليون الى ان ينتبه الى مدى ذكاء ابنه رغم سنه الصغير.
ابتسم بحزن، يشعر بالالم لمجرد التفكير في انه كان بعيدا عنه طوال هذه السنوات. ظهرت اخيرا اعمدة الشبيهة بالبارثينون والمميزة لقصر اورليوس تلوح من البعيد. صرخ اندي بمرح وهو يتامل القصر الكبير، هل هذا هو جبل الاكريبول ليون. ضحك ليون من السؤال الذكي لابنه وهو يقربه منه ليقول: لا بني ليس هذا جبل الاكريبول وبالتاكيد، منزلنا ليس البارثينون، اذا كان هذا ما تقصده.
احس الصغير بخيبة امل سريعة وحرك كتفيه بملل، قبل ان يبادر ليون بالقول: لكنني اعدك انني ساخذك الى المعبد بنفسي اذا كان هذا سيسعدك بالتاكيد الرد الصبي وهو ينظر الى والده بامتنان. ابتسمت انجلينا، ابتسامة باهتة وهي تتامل القصر الكبير، لا تتخيل انها بعد لحظات ستكون في مواجهة الماضي من جديد، تشعر ان اعمدة القصر ستطبق على صدرها وتكتم انفاسها كما تفعل القبور.
اخدت نفسا عميقا، وعدت الى العشرة كما تفعل حين يباغثها التوتر. جاء صوت ليون والذي امسك بيدها وهو يقول هل انت مستعدة انجلينا. رفعت عينيها لتقابل نظراته العميقة والتي حملت العديد من المعاني قبل ان تقول بصوت هامس انا مستعدة. وصلوا اخيرا الى الباب الكبير، حيث وقف كل من سيزار وكانديس ينتظران وصول حفيديها المرتقب.
اقتربت لوسيا واندي من الغريبين اللذان بدا عليهما السعادة الكبيرة برؤيتهما، قبل ان تنزل كانديس على ركبتيها وتاخدهما في عناق طويل. طوقت لوسيا اليد الممدودة اليها بعفوية، جعلت قلب كانديس يهوي بداخل صدرها، بينما ظل اندي واجما يحدق في الغريبين بنظرات ملئها الفضول قبل ان ياتي صوت ليون من ورائه موضحا. انهما جداك اندي، هذه تكون جدتك كانديس، وهذا يكون جدك سيزار.
ضاقت عينا سيزار قبل ان ينزل ليتامل الطفل الصغير بتمعن، ليقول: انه يشبه لوشياس كثيرا. ليون التفتت كانديس الى زوجها وهي تحمل لوسيا بين ذراعيها، يا الهي هذا صحيح انه صورة مصغرة عنه ابتسم ليون ابتسامة لم تصل عينيه. وهو يتامل انجلينا البعيدة بافكارها عن ما يقال. كانت تشعر انها الغريبة مجددا وان الكل نسي وجودها.
وضع ليون ذراعه على كتف انجلينا وقربها الى صدره محاولا ازالة البرود وعدم الترحاب اللذان تشعر بهما. لكنها ظلت واجمة تتامل سيزار بعينين قاسيتين. انجلينا اهلا بك في منزلك سيزار كيف حالك قالت انجلينا ببرود اشعر انني افضل منذ الان قال وهو يمد يده الى الصبي والذي امسك باليد الممدودة وتعلق بها على غير العادة. اقتربت كانديس والتي كانت لاتزال تحمل لوسيا بين ذراعيها لتقبل وجنة انجلينا بحنان وهي تقول.
اشتقنا اليك انجلينا. هذه الاخيرة كانت واجمة، تشعر بان احاسيسها ومشاعرها متبلدة. نظرة واحدة الى البهو الفسيح والذي اعاد اليها الكثير من الذكريات المؤلمة جعلتها تشعر بغثيان مفاجئ. هل انت بخير سال ليون وهو يمسك بها لكي لا تقع على ركبتيها. انا بخير لا داعي للقلق قالت انجلينا وهي تزم على شفتيها محاولة طرد الشعور القوي الذي يعصف بها، صوت صغير بداخلها كان يعلو حتى اصبح يهدر بقوة داخل راسها.
اهربي انجلينا، اركضي مازلت امامك فرصة للرحيل. اصمت اذنيها عن صوت احساسها الداخلي والذي كان ينباها بالخطر. قبل ان تدلف الى القصر بمشاعر مهزوزة. وقفت مطولا تتامل البهو الكبير، طرا الكثير من التغير منذ اخر مرة خرجت من هذا المكان هاربة. تغير السجاد الازرق الذي يغطي الدرج ليحل محله اخر بلون احمر جذاب. الستائر الحريرية مختلفة، حتى الثريا الكريستالية حلت محلها اخرى جديدة.
نظرت الى ليون، بدهشة كانت تعلم انه كان وراء كل هذا التغيير، اتراه كان يحاول تجنيبها الغوص في مشاعر الالم مجددا. لكن مشاعر الالم كانت موجودة، ولن يغير واقع انه ظلمها و انه في هذا المكان بالذات وقفت تستجدي به وهو خذلها مرة بعد مرة. انه في هذه الدرجات نزفت حتى الموت وهي حامل بابنته. انه هنا بالذات نعتها والد زوجها بالساقطة. تنهدت بالم ووضعت يدها في شعرها تعيده الى الوراء بعصبية.
انتبه ليون الى ان زوجته كانت تحاول جاهدة المحافظة على هدوئها، سحبها ببطء نحو السلم المؤدي الى الطابق العلوي قبل ان يهمس في اذنها لا داعي للقلق على الولدين، لقد رتبت والدتي غرفتهما وبالتاكيد ستعتني بهما جيدا. مارايك لو تصعدين الى غرفتك، وتاخدي حماما دافئا سيشعرك هذا بالراحة. اومات انجلينا براسها علامة على الموافقة، تشعر بانها استنزفت كليا بسبب هذه المقابلة تحتاج الى ان تجمع شتات حياتها قبل مجيء مارك.
رفعت انجلينا راسها لا شعوريا، وكانها احست بالقادم والذي وقف في اول الدرج يتاملها للحظات لوك. قالت انجلينا بدهشة وهي تنظر اليه غير مصدقة نزل لوشياس الدرج، بخطوات هادئة الى ان وصل بمحاذاتهما، خاطب اخاه بكلمات قليلة قبل ان ينزل الدرج متجاهلا وجودها. شخصت نظرات انجلينا غير قادرة على استيعاب ان لوك، تجاهلها وكانه لم يعرفها يوما. انسحبت من بين ذراعي ليون وقفزت سريعا للحاق به، جذبت ذراعه وهي تصرخ.
ما الذي يعنيه هذا لوك، ستتجاهلني الان. التفت لوشياس، وتاملها بوجه بارد قبل ان يقول. قبل 5 سنوات نبدتني من حياتك الى الابد، واليوم انا من لا رايد تذكرك مجددا. هذا لا يعد تجاهلا انا لم اعد اعرفك، لهذا لست مجبرا على مخاطبتك. تركها ونزل الدرج بخطوات ثابتة، نظر الى الولدين بحنان قبل ان يكمل سيره الى البوابة الكبيرة نحو الهيليكوبتر المتوقفة في انتظاره.