أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في منتدى جنتنا، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .

المنتدى للقرائه فقط -- للمشاركه انتقل الى منتديات جنتنا الجديده -forums.janatna.com





رواية ضلع مكسور سينجبر

تأملوا ابتسامتهاإن رأيتموها مشرقة تشع في عينيها فاعلموا أنها تزوجت رجلا أحبها.أما إن رأيتموها باهتة توقفت تلك الابتسامة ..



13-03-2022 05:11 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [10]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية ضلع مكسور سينجبر
رواية ضلع مكسور سينجبر للكاتبة شاهندة الفصل الحادي عشر

لا يعرف لماذا لم يستطع أن يظل مع أصدقائه ويقضى وقته برفقتهم كما إعتاد دائما، ربما لأنهم ظلوا يتسائلون عن تلك الفتاة التي أخذته منهم لبعض الوقت، ينتابهم الفضول عنها، تذكرنها الفتيات بحقد بينما يصف الفتيان جمالها ورقتها، شعرها البني المسترسل وعيونها العسلية، أما غمازتيها فحدث ولا حرج...

غمازتيها هل لديها غمازات؟ كيف لم يلاحظ ذلك ولاحظه هذا التعس صلاح؟ ليتذكر أنه قال أنها زميلة أخته صافيناز وأنه يراها كلما ذهب ليصطحب أخته كي يعودا سويا إلى المنزل، اغتاظ لإنه عرف ذلك عنها من صديقه؟بينما هي خطيبته لا يعرف عنها أبسط الأشياء، ربما لإنها لا تبتسم أبدا في وجهه...

توقف عن التفكير بصدمة، هل يعدها الآن خطيبته، هل جن؟تراجع في مقعد سيارته يستند برأسه إليه مغمضا عيناه بإرهاق، يعترف بأن تلك الفتاة توتره، وتثير بداخله مشاعر يأبى أن يخضع لها، فلقد إحترق سابقا بنيران العشق ولن يسمح لنفسه أن ينساق مجددا وراء مشاعره، ف** حواء يتشابه في شئ واحد، عدم الوفاء، فلا عهد لهن ولا أمان، لذا فقد آمن بشئ واحد منذ أن ذاق مرارة الغدر، لا ثقة في أحد، ولا أمان لمخلوق، ولا وجود للنساء في حياته.

لذا عليه أن يذكر نفسه بجرح الغدر القديم، كلما شعر بنفسه ينساق تجاه مشاعره لإمرأة...

فتح عيونه يرتسم فيهما التصميم، كاد أن يقود السيارة عائدا للمنزل وتاركا إياها تعود وحدها ولن يبالى، لولا أن وقعت عيناه على هذا الدفتر الموضوع على تابلوه سيارته، مد يده إليه، يمسكه ويتأمل غلافه الرقيق لثوان، تردد قبل أن يحسم رأيه ويفتحه ليجد إسمها بداخله بخط منمق رقيق، هاجر عبد الفتاح، وبنهاية إسمها قلب صغير بسلسلة يتدلى منها مفتاح صغير.

قلب الصفحات ليرى بعض المحاضرات التي دونتها، يلاحظ تكرار هذا القلب المسلسل بمفتاح في نهاية كل فقرة، كعلامة خاصة بها.

قرأ بعض الجمل التي دونتها في أعلى بعض الصفحات، بعضها يدل على مللها من المحاضر بتعبيرات ساخرة راقت له مثل(فاكر نفسك دمك خفيف، على فكرة يلطش)(خلص المحاضرة بقى قبل ما أشوفك حالة قلب مستعصية وأقوم أعملك عملية قلب مفتوح وأشيل القلب خاالص، خلينا نرتاح)(٣ دقايق كمان وهيطلبولك انت الإسعاف)، (انا مش عارفنى، أنا تهت منى يادكترة) رغما عنه لانت ملامحه بإبتسامة فمن الواضح أنها لاتطيق هذا المحاضر الذي يعرفه جيدا، ويتفق معها كلية في أن محاضراته مملة ولا تفيدهم بشئ البتة...

إتسعت إبتسامته حين قلب الصفحة ووجد عبارة بخط عريض(متنسيش تجيبى الكابتشينو ياجوجو وإنتى مروحة، ياإما هتتسوحى ومش هتعرفى تركزى وهتسقطى في الكويز ياحاجة)، كاد أن يضحك ولكنه فجأة عقد حاجبيه قائلا:
-عشان كدة جت ورايا النهاردة، اكيد كانت عايزة كشكول محاضرتها، مش ماشية وراك زي ما كنت فاكر.

نظر في ساعته ليدرك أنها على وشك المغادرة لينظر بإتجاه بوابة الجامعة، وجد بعض المغادرين، هبط من السيارة ووقف بجوارها لتتضح له زاوية أوضح للرؤية، رآها تخرج من البوابة مع صديقتها التي يعرفها جيدا، صافيناز أخت صديقه صلاح، تجمدت عيونه على إبتسامتها التي زادتها إشراقة وجمالا وهي تتحدث إلى صديقتها ليرى تلك الغمازات التي أخبره عنها صديقه، هز رأسه ينفض ذلك السحر الذي ألقته عليه بإبتسامتها، لتتجمد تلك الإبتسامة ثم تختفى نهائيا مع تلاقى عيناها بعينيه، إقتربت منه ثم تجاهلته وهي تتجه مع صديقتها بإتجاه الشارع، أصابه الحنق لتجاهلها إياه ولكنه أسرع خلفها يقول بهدوء:.

-هاجر.
توقفت وإلتفتت إليه مع صديقتها التي أومأت له برأسها محيية إياه فبادلها إيماءتها، ثم قال مستطردا:
-يلا بينا ياهاجر عشان نروح.
قالت صافيناز:
-ماشى ياهاجر، أنا كمان هروح لصلاح، أكيد مستنينى، أشوفك بكرة الصبح.

كادت هاجر أن تستوقفها، تخشى أن تتركها وحيدة مع هذا الرجل الذي يربكها ولكنها لم تستطع، فقد ذهبت صافيناز سريعا دون ان تترك لها أي فرصة لمعارضتها، نظرت إليه دون كلمة، تطالعه بجمود، إقترب منها حتى توقف أمامها تماما، يقول بهدوء:
-هنفضل واقفين كتير، بيتهيألى لازم نروح.
رمقته ببرود قائلة:
-روح لوحدك، أنا مش هروح معاك.
نظر إليها قائلا بغيظ:
-هاجر مش وقت لعب عيال على فكرة، يلا بينا.

ضربت قدمها بالأرض قائلة بحنق:
-أنا مش طفلة، وبطل تقول علية كدة.
نظر إليها بسخرية لتطالعه بغضب، تدرك أنها تتصرف حقا بطفولية، لتلتفت مغادرة، أسرع يمسك بذراعها مستوقفا إياها، قائلا:
-إستنى بس.
إلتفتت تنظر إليه ثم تنظر إلى يده الممسكة بذراعها، ليتركها على الفور وهو يرفع يديه قائلا:
-بلاش عناد، إحنا الاتنين رايحين على البيت ومش حلوة بجد الناس تشوفنا مروحين كل واحد لوحده، سيبى خلافاتنا على جنب، ويلا بينا.

نظرت إليه بحنق، تفكر لثوان، تدرك أن معه حق ورغم حنقها منه إلا أنها نظرت إليه بتحدى قبل أن تتركه وتغير إتجاهها بإتجاه سيارته تتجاوزه ببرود، لينظر في إثرها وعلى شفتيه إرتسمت إبتسامة إعجاب، رغما عنه.

قال مراد بحزن:
-بقالها يومين ياخالى على حالها ده، لا بتاكل ولا بتشرب، قافلة عليها أوضتها وبتعيط، خالتى سمر تعبت معاها كلام ومفيش فايدة.
عقد مجد حاجبيه قائلا:
-وده من إيه يامراد، حد زعلها؟حسام فين؟
قال مؤاد بإرتباك:
-بابا، مش عارف، قصدى، سافر.
أدرك مجد أن ما وضع أخته بتلك الحالة هو زوجها حسام، ليقول بهدوء:
-طيب إديها التليفون يامراد، خلينى أكلمها.

أومأ مراد برأسه متجها إلى غرفة والدته طارقا الباب قبل أن يدخل إلى الحجرة، ليراها جالسة على السرير تضم ركبتاها إلى صدرها تستند بذقنها عليهما تنظر للفراغ بعيون شاردة، إقترب منها قائلا:
-ماما، خالى مجد على التليفون وعايزك.

أفاقت من شرودها على ذكر إسم أخاها الحبيب، سندها في هذه الدنيا التي تشعر فيها بأنها دمية لا حول لها ولا قوة، يتلاعب بها صاحبها بين يديه وهي خاضعة مستسلمة بلا إرادة، ترغب بإنتفاضة ولكنها تدرك أنها أضعف من أن تفعلها.
أخذت الهاتف من يد مراد ووضعته على أذنها، تجلى صوتها الذي تحشرج بداخلها يأبى الخروج وهي تقول:
-ألوو.
قال مجد على الفور:
-مالك ياسماح، فيكى إيه؟طمنينى عليكى.
قالت بإضطراب:.

-أنا، كويسة، مفيش فية حاجة يامجد، شوية برد بس، هاخد العلاج وشوية لمون وهبقى زي الفل.
قال مجد:
-الكلام ده تقوليه لحد تانى، أنا أخوكى، أخوكى اللى حافظك وعارفك وأقدر أسمع مرارة صوتك وأعرف إن الموضوع أكبر من شوية برد ياسماح، متخبيش علية وقوليلى مالك ياإما هتلاقينى عندك وهعرف بطريقتى.
قالت بسرعة:
-لأ متجيش.
عقد مجد حاجبيه لتغمض عينيها وهي تحاول ان تجد ثباتها لتقنعه بكلماتها وهي تفتح عينيها قائلة:.

-قصدى يعنى مينفعش تيجى، وانت عارف ليه؟
ليقول مجد:
-هتصرف، ملكيش دعوة.
قالت سماح:
-خلاص خلاص هقولك، إتخانقت ياسيدى مع حسام، كان واعدنى بإنه يتفرغ لينا شوية ويخرجنا، وانت عارف شغله بقى واخد كل وقته وللأسف موفاش بوعده،
قال مجد دون إقتناع:
-عايزة تفهمينى إنك قافلة على نفسك الباب يومين لا أكل ولا شرب، بسبب خناقة مع حسام، ما ياما إتخانقتوا وعلى حاجات أصغر من كدة كمان، إيه الجديد؟

قالت سماح وهي تشرد في ما حدث من حسام تلك المرة الأخيرة، رافعة يدها تتحسس وجنتها التي ماعادت تؤلمها جسديا ولكن ألمها النفسى مازال حيا:
-عندك حق، مفيش جديد، بس يمكن مليت شوية.
قال مجد:
-وذنب مراد إيه يا سماح؟الولد متأثر عشانك جدا،
نظرت سماح إلى مراد الواقف على مقربة منها يطرق رأسه بحزن، لتسمع مجد مستطردا:
-وبعدين حسام مسافر فين؟
قالت سماح بدهشة:
-مسافر؟!

رفع مراد عيونه إليها يومئ برأسه بقوة، لتدرك أنه أخبر خاله بتلك الكذبة ليبرر غياب حسام، ليقول مجد:
-هو مش مسافر ولا إيه؟
قالت بسرعة:
-لأ، مسافر طبعا المنصورة في شغل، بس إستغربت إنت عرفت منين.
قال مجد:.

-من مراد، الولد ده حساس أوى، وانتى بعيدة عنه وغرقانة في حزنك، وهو تعبان علشانك، متخليش غلطاتنا تأثر على أكتر ناس بنحبهم، متعمليش زيي ياسماح، فياتخرجى من اللى انتى فيه وتاخدى بالك من إبنك، ياهجيلك من إسكندرية وأخدك معايا، وأجبرك إذا لزم الأمر.
إبتسمت قائلة:
-مجنون وتعملها.
قال مجد:
-انا عشانك مستعد أعمل أي حاجة ياسماح.
غشيت عيونها الدموع وهي تقول بحنان:
-ربنا يخليك لية يامجد، وما يحرمنيش منك.

قال مجد بإبتسامة:
-ويخليكى لية يارب، يلا هسيبك دلوقتى تقومى تشوفى اللى وراكى وهكلمك بكرة أطمن عليكى، لا إله إلا الله.
قالت:
-محمد رسول الله.
ثم أغلقت الهاتف ووضعته جانبا تنظر إلى مراد وهي تبتسم بحنان، تفتح ذراعيها على مصراعيهما، ليسرع مراد إليها، يلقى بنفسه بين أحضانها، لتربت على ظهره بحنان، تدرك بكل قوة وجوده كنعمة في حياتها، تماما كأخواتها.

كانت سمر تجلس بجوار هاجر، التي تنظر إلى شاشة هاتفها بتركيز، لتقول سمر بملل:
-إيه رأيك ياجوجو نقوم نخرج شوية، نروح مثلا كارفور اللى بسمع عنه ده ومشفتوش من يوم ما جيت إسكندرية، أو أقولك ماتيجى نتمشى شوية على البحر.
قالت هاجر دون أن تحيد بناظريها عن شاشة الهاتف:.

-ما بلاش النهاردة ياسمسمة، رجلى واجعانى من الوقفة النهاردة في سيكشن دكتور عماد، خمس ساعات مقعدناش لحظة واحدة، ولولا حسن وصلنى أنا كنت قعدت على الرصيف لغاية ما يجيلى التاكسى لحد عندى.
قالت سمر بخبث:
-حسن، قلتيلى، أخبارك إيه معاه؟
نظرت إليها هاجر على الفور قائلة بإرتباك:
-عادى يعنى، هو في حاله وأنا في حالى، بيوصلنى الصبح ويجيبنى بعد المحاضرات،
تفحصت سمر ملامحها المضطربة قائلة:.

-يعنى مبتتكلموش في أي حاجة وانتوا في الطريق؟
شردت هاجر تتذكر صمته القاتل طوال الطريق في الذهاب والإياب، ماعدا في بعض الأحيان حين تسأله هي عن شئ فيرد عليها بإقتضاب، يثير حنقها بالتأكيد ولكنه رغما عنها يثير بداخلها شئ ما، ربما هو الفضول على مايبدو، أفاقت من شرودها على صوت سمر تناديها قائلة:
-ياهاجر، انتى يابنتى، روحتى فين؟
قالت هاجر بإضطراب:
-معاكى ياسمر أهو.
قالت سمر:.

-معايا، طيب، مقلتليش مبتتكلموش مع بعض؟
قالت هاجر بحنق:
-لأ، أصلا مبيدنيش فرصة حتى أتنفس، محسسنى إنى حمل فوق راسه، والله لولا خوفى من مرتضى ومضايقته لية أنا كنت رفضت إنه يوصلنى.
قالت سمر:
-طيب اهدى وقوليلى عملتى ايه مع دكتور فتحى، قبل البحث بتاعك؟
أومأت هاجر برأسها قائلة:
-أيوة، بس طبعا ده بحث مبدأى وعشان يوافق عليه بشكل نهائي لازم أكتبه بالكامل.
عقدت سمر حاجبيها قائلة:
-وإيه المشكلة؟
قالت هاجر بحنق:.

-المشكلة ياستى إنى هحتاج أروح مكتبة إسكندرية لإن الكتب اللى محتاجاها مش موجودة في مكتبة الجامعة، وبكدة طبعا هضطر أقول لحسن يوصلنى.
قالت سمر:
-طب ماتاخدى تاكسى.
قالت هاجر:
-بصراحة خايفة، الأستاذ اللى إسمه مرتضى بصلى إمبارح بصة خفت منها.
قالت سمر بخبث:
-وحسن بقى الشخص الوحيد اللى بتحسى معاه بالأمان، مش كدة؟
نظرت إليها هاجر قائلة بإرتباك:.

-أيوة، لأ، قصدى مش الوحيد يعنى، فيه مجد، بس مجد طول النهار في الشغل ومش معقول هقلقه بالليل معايا كمان.
دق قلبها مجددا مع ذكر إسمه، لتحاول أن تغير مجرى الحديث وهي ترفع هاتفها قائلة:
-طيب قوليلى لو عايزة أعمل أكونت في تطبيق الواتباد عشان أبقى أقرا روايات براحتى وانتى برة، أعمل إيه؟
إستطاعت بالفعل أن تشغل عقل هاجر عن ذكر اسم هذا الذي يثير الإضطراب في روحها، وهي تتناول منها الهاتف قائلة:.

-بسيطة، هعملهولك.
لتفتح الهاتف ثم تفتح لها تطبيق الواتباد بسهولة قبل أن تناولها إياه قائلة:
-وآدى ياستى الأكونت بتاعك على التطبيق، إقرى روايات براحتك بقى، وسيبينى أخلص السيرش ده،.

إبتسمت سمر وهي تفتح الهاتف كي ترى التطبيق، لتلاحظ وجود بعض الرسائل على تطبيق الماسينجر، فتحتهم بهدوء وقرأتهم واحدة تلو الأخرى تجيب عليهم بحب، فأغلب الرسائل من زميلاتها بالمستشفى حيث كانت تتعالج من آثار الحادثة، فتحت الرسائل التي لايكون أصحابها أصدقاء لديها على الفيس بوك، لتلاحظ أنها بعض الرسائل التافهة من أناس فارغى الرءوس والذين لديهم فقط وقت يضيعونه على ترهات، كادت أن تمسحها جميعها لولا أن لفت إنتباهها رسالة من شخص يضع إسم سمر توأم الروح على صورته الشخصية والخاصة بصفحته، فتحت الرسالة لتقرأها ومع حروفها إتسعت عيونها بصدمة.

توقفت سمر لدى سماعها لتلك الممرضة تهانى تقول بسخرية لصديقتها:
-بقى الدكتور هادى بيحب واحدة زي سمر دى، مستحيل، ده أنا أقص شعرى من جدوره لو الكلام ده حقيقى.
إقتربت سمر من تهانى، الموالية لها ظهرها فإتسعت عينا سوسن، تلك الممرضة الأخرى بينما تستطرد تهانى قائلة:
-آه، متستغربيش كدة، تلاقيه زهق منها، ومن بوزها الشبرين دول، وعشان كدة مبقاش ييجى ولا يروح معاها، ولا حتى بيروحلها المكتب زي الأول...

قالت سمر مقاطعة إياها في برود:
-شايفة إنك مركزة أوى معانا يا تهانى.
إلتفتت إليها تهانى تنظر إليها في جزع لتستطرد سمر قائلة بسخرية:.

-عموما، اللى مش عاجباكى دى تبقى الدكتورة سمر، سمر الصعيدى، اللى إختارها الدكتور هادى من بين كل البنات اللى حواليه، ومش معنى إن إحنا مش حابين نظهر مشاعرنا أدام الكل لإننا ناس محترمة ومتربيين يبقى كدة مبنحبش بعض، على فكرة ياحلوة، إنتى فاهمة الحب غلط، وقريب أوى هتقصى شعرك زي ما قلتى بالظبط.

ثم إستدارت مغادرة تتبعها عيون تهانى في حقد، لتلتفت عندما سمعت صوت مكتوم خلفها، فإذا بها سوسن تكتم ضحكاتها بيدها، لتوكزها تهانى قائلة بحنق:
-هي ناقصاكى إنتى كمان.
قالت سوسن:
-وأنا مالى يااختى، هي هتغيظك انتى تقومى تطلعيه فية، أنا ماشية وسايبهالك مخضرة.
وتركتها بدورها مغادرة، لتنظر تهانى في إثرها بحنق ثم تفكر في تلك التي أهانتها وإبتعدت ببرود لتقول بغل:
-ماشى يادكتورة سمر،
لتمسك بطرف شعرها مستطردة:.

-وحياة مقصوصى الطاهر ده لهخليكى تندمى على الكلام اللى انتى قلتيه ده ياسمر.
ثم إرتسمت في عينيها نظرة شيطانية، قاتلة.

كانت تقرأها للمرة الثانية بعد أن هدأت قليلا، رسالة هذا المجهول إليها والتي بعثت في نفسها اليوم شعور غريب طغى على رعبها الفطري من هذا الذي يعرف تفاصيلها كما يعرف تفاصيل كف يده، ففى داخل الرسالة قبع إعتذار وكأنه يدرك حالتها بعد قراءة تلك الرسائل، جرت عيونها على حروفها مجددا.
حبيبتى سمر...

إشتقت إليك كإشتياق الروح لراحة أبدية، فأنا المسافر في صحراء البعد أبغى شربة ماء من بين يديك تعيد إلي الحياة، الكون ما هو إلا فراغ مقيت دون إبتسامتك التي تنير صباحي بشمس لا تغيب، كم هي شاقة تلك الليالى التي أستيقظ فيها فلا أجد رأسك على صدرى، وكم هو مؤلم حين يستبد بى الحنين إليك فلا أستطيع أن أدفن رأسى في تجويف عنقك، أشم رائحة الياسمين، تغمرنى ثناياكى، أمازلتى تحبين الياسمين؟أم غاب عنك هذا العشق الأبدي كما غاب طيفى عن قلبك؟أي جنون هذا الذي أحياه وأنا أقرب إليك من نفسك ولا أستطيع أن أضمك إلى صدرى، يجرى دمى وعشقى في شرايينك ولا أستطيع أن أمزج أنفاسى بأنفاسك؟أي جنون هذا الذي يجعلنى أبعث إليك بكلماتى عوضا عن مزج كيانى العاشق بكيانك الساحر؟إنه جنون العشق، فأنا عاشق حتى الثمالة، أصبحت مجنونك فإرحمى ضعفى ولا تخشينى، فأنا لا شئ سوى قلب يعشق، ما أبقانى بعيدا عنك سوى أننى مجبر على البعد لأجلك وما قربنى منك سوى أننى مجبر على القرب لأجلى، ربما يوما ما أخبرك بأسبابى، فقط إن سمحتي لي، ولكنى سأظل قريب منك حتى تفعلين، سأظل قريبا منك لسلامة عقلى وقلبى، قلبى الذي يذوب عشقا، قلبى الذي يردد حروف إسمك كترنيمته، قلبى الذي تملكينه وحدك، سيدتى ومليكتى...

ز ا م
شردت مجددا في تلك المشاعر التي كان لها صدى في قلبها، تشعر بحنينه إليها يقطر من كل حرف، يهتز كيانها لأول مرة مع حروفه، لتدرك أنها حتما تعرفه، هو لابد وأن يكون زوجها، هذا الذي إستيقظت ترتدى محبسه ولكنها لا تحمل له أي ذكرى في رأسها عنه، فقط طيف يأتى ويذهب دون صوت واضح، ودون ملامح...
أفاقت من أفكارها على صوت هاجر تقول في قلق:
-ساكتة ليه ياسمر؟
نظرت إليها سمر بهدوء قائلة:
-وهقول إيه يعنى ياهاجر؟

قالت هاجر بقلق:
-تزعقى زي كل مرة، تقوليلى يلا نرجع القاهرة.
أصدرت سمر صوتا في حلقها يعبر عن الرفض قائلة:
-وهيفيد بإيه الزعيق، أو إنى أرجع القاهرة، كدة كدة هييجى ورانا ومش هيسيبنى.
قاطعها صوت طرقات على الباب، لتنظر هاجر إلى سمر التي أسرعت بإرتداء حجابها بتوتر، تدرك من القادم من طرقاته التي باتت تعرفها، لتنهض هاجر تفتح الباب، فوجدت مجد أمامها يقف مطأطأ الرأس قائلا:
-مساء الخير.
إبتسمت هاجر قائلة:.

-مساء النور، إتفضل ياأستاذ مجد.
دلف مجد إلى المنزل، يبحث عنها بعينيه حتى إستقرتا عليها، يتأمل ملامحها بلهفة ظهرت عليه، إنتابها التوتر من نظراته ولكنها لم تستطع قطع تواصل بصريهما حتى قطعه هو حين إلتفت إلى هاجر التي قالت:
-إنت إبن حلال على فكرة، كنت لسة هكلمك.
إبتسم قائلا:
-خير ياآنسة هاجر؟
قالت هاجر دون أن تلاحظ سمر التي رمقتها بتحذير، بينما لاحظ نظراتها مجد فلم يعلق:.

-رسالة تانية جت لسمر من المعجب المجهول.
عقد مجد حاجبيه قائلا:
-هفرغ الشرايط وهنعرفه حالا.
هزت هاجر رأسها قائلة:
-مش هتلاقى حاجة، الرسالة جت على تليفونها.
نظر مجد إلى سمر التي إحمر وجهها خجلا، كاد أن يبتسم لرقتها وجمالها اللذان شعا بوجهها حين أصابها الخجل ولكنه تمالك نفسه وهو يقول:
-ممكن أشوف الرسالة دى يا مدام سمر.
قالت سمر كاذبة:
-الحقيقة مش ممكن لإنى مسحتها.

أدرك كل من مجد وهاجر أنها تكذب من ملامحها الشفافة، فأدرك مجد أنها لا تبغى أن تريه فحواها بينما تعجبت هاجر من كذبة سمر التي لا ترى لها أي مبرر على الإطلاق، ليقول مجد بهدوء:
-ممكن أعرف ليه مسحتيها؟
قالت سمر وقد بلغ بها الخجل الحد الأقصى:
-فيها تفاصيل محبش حد يقراها غيرى.
أومأ برأسه متفهما بينما شعرت هاجر بالتوتر لتقول بإضطراب:
-عن إذنكم، هعملكم اتنين كابتشينو.

ثم غادرت مسرعة دون أن تأبه لنظرات سمر المستنجدة بها، ليسألها مجد بعد مغادرة هاجر قائلا:
-طيب الرسالة دى فيها حاجة ضايقتك؟
هزت رأسها نفيا بصمت، ليقترب مجد منها وهي تتابعه بعينيها بتوتر، تحبس أنفاسها مع إقترابه منها، حتى توقف أمامها تماما يقول بعيون متفحصة لسكناتها:
-وصاحب الرسالة، متضايقة منه؟
نظرت إلى عيونه تشعر أن بهما سحرا يجبرها على الإعتراف بمكنون قلبها، دون مواربة ودون كذب، لتقول كالمسحورة:.

-لأ، بالعكس، لأول مرة أحس إنه حد كان فعلا قريب منى، على الأغلب يبقى جوزى، بس اللى مش قادرة أفهمه أو أستوعبه هو بعده عني طول الفترة اللى فاتت دى رغم مشاعره الواضحة في رسالته.
أولاها ظهره يخفى إنفعالاته عنها، يغمض عينيه بقوة ويضم قبضته، ليستمع إلى صوتها الرقيق، ينادى قائلا:
-أستاذ مجد،
فتح عيونه ومد يده يمسح تلك الدموع التي إستقرت بهم، ليلتفت إليها قائلا بملامح لا تعكس مدى تأثره:.

-الحقيقة أنا كنت بفكر، إيه اللى يمنعه عن التعبير عن مشاعره أدامك؟وليه بيعبر عنها من بعيد لبعيد، الحقيقة مش لاقى سبب واضح.
تنهدت سمر قائلة:
-ولا أنا، الظاهر إننا هنفضل مش عارفين، لغاية ما يظهر أو يتكلم بصراحة.
أومأ مجد برأسه قائلا:
-الظاهر كدة،
ليرمقها بتردد دام للحظات قبل أن يقول:
-وإنتى، إيه مشاعرك دلوقتى؟ أقصد يعنى من ناحيته.
زفرت قائلة:.

-مش عارفة، بعد ما كنت خايفة منه، شايفة إنى زي ما بتعذب من ماضى مجهول بالنسبة لى وعقل عبارة عن صفحة بيضا، هو كمان بيتعذب من بُعْد غصب عنه ومش بإرادته، والحقيقة حاليا بدأت أشفق عليه.
لا تدرى لم شعرت بداخل عيون مجد بأمل ينطفئ مع كلماتها، إنتابتها الحيرة ولكنها إستطردت قائلة بتوتر:
-عموما، الظاهر إنه هو مش ناوى يبعد وأكيد مع الأيام الألغاز هتتحل ورموزها هتتفك.
أومأ برأسه قائلا بجمود:.

-فعلا مع الأيام كل حاجة هتبان.
دلفت هاجر في تلك اللحظة تحمل صينية عليها هذا المشروب الساخن الذي أعدته، لترمق هذان الإثنان بحيرة فبينما إعتلى الجمود ملامح مجد، كانت سمر متوترة إلى الحد الأقصى، يعتريهما حالة من الصمت، القاتل.

كان حسام يتجه إلى الخارج حين إستوقفه صوتها وهي تقول في حدة:
-رايح فين ياحسام في وقت متأخر زي ده؟
إلتفت إليها حسام قائلا:
-راجع لبيتى ومراتى يانور.
قالت نور بغضب:
-وأنا إيه، مش مراتك برده؟وبعدين خلاص مش قادر على بعد الهانم، راجعلها جري.
إقترب منها حسام يمسك ذراعها بقوة قائلا:
-وطى صوتك وإنتى بتكلمينى وخدى بالك من طريقتك في الكلام عنها، سماح دى مراتى، أم إبنى ولما تتكلمى عنها تتكلمى بإحترام، مفهوم؟

لم تنطق وإنما رمقته بغضب ليشدد من قبضته على ذراعها قائلا:
-مفهوم يانور؟
تأوهت في ألم قائلة بحنق:
-مفهوم ياحسام، مفهوم.
ترك ذراعها لتدلكه على الفور بألم وقد ظهرت علامات أصابعه على ذراعيها، رمقها ببرود قبل أن يبتعد بإتجاه الباب، ليتوقف مواليا إياها ظهره قائلا بصرامة:
-أنا مش جاي الشغل بكرة، أجلى كل مواعيدى.
ثم فتح الباب وخرج مغلقا إياه خلفه، لتقول نور بغل:.

-لسة بتحبها يا حسام ومتقدرش تستغنى عنها، بس مبقاش نور الجمال، إن ما خليتك تبعد عنها غصب عنك، مبقاش نور إن ما خليت الهانم بتاعتك تخرجك برة حياتها للأبد.
لتهدر قائلة بحقد:
-للأبد ياحسام.

13-03-2022 05:11 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [11]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية ضلع مكسور سينجبر
رواية ضلع مكسور سينجبر للكاتبة شاهندة الفصل الثاني عشر

قال أنور بحيرة:
-تصدق لغاية دلوقت أنا مش فاهمك، بقى مرتضى إبن الشيخ سالم الفيومى، اللى كل البنات بتترمى تحت رجليه، يبقى في الحالة اللى أنا شايفها دى عشان حتة بت متساو...
قاطعه مرتضى وهو يمسكه من تلابيب عنقه، قائلا بغضب:
-لو سمعتك جايب سيرتها بكلمة وحشة هخلى راسك في حتة وجتتك في حتة تانية خالص مفهوم؟
ظهر الرعب على وجه أنور وهو يقول:
-مفهوم ياسيد الناس، مفهوم.
تركه مرتضى وهو يعتدل قائلا:.

-أصلك عبيط ومتفهمش في النسوان، هاجر دى حاجة تانية، مش بس بنت حلوة، لأ، دى أحلى من الحلاوة نفسها، و كمان شخصيتها تبهرك، تهزك من جوة، حاجة كدة ممرتش علية خالص، كان نفسى تكون من نصيبى، بس...
وصمت مرتضى، ليقول أنور يستحثه على الحديث:
-بس إيه؟
قال مرتضى بغل:
-ما إنت شفت بعنيك، طلعت مخطوبة لزفت الطين اللى إسمه حسن.
ظهر التفكير على وجه أنور قبل أن تلمع عيناه قائلا:
-طب ما دى بسيطة وفي إيدينا ياسيد الناس.

رمقه مرتضى قائلا بسخرية:
-هي إيه اللى بسيطة يابغل إنت؟
قال أنور بحنق:
-بس متقلش بغل،
إبتسم مرتضى بسخرية، ليتمالك أنور نفسه وهو يرى في فكرته مالا كثيرا سيكسبه من هذا المرتضى الذي يعيش في ظل خيره منذ زمن طويل، ولكنه سأم الذل والهوان، و إن نجحت فكرته، سيكون هو سيد نفسه، لذا نظر في عيون مرتضى قائلا بخبث:
-نفسخ الخطوبة ونجبر السنيورة تتجوزك.
إختفت إبتسامة مرتضى الساخرة على الفور ونظر إليه قائلا بلهفة:.

-ودى نعملها إزاي؟
قال أنور وهو يتراجع بظهره إلى كرسيه قائلا:
-في دماغى فكرة لو نفذناها، هتنول مرادك ياسيد الناس، بس الفكرة دى هتكلفك كتير.
قال مرتضى بسرعة:
-تتكلف أد ما تتكلف، انشالله أبيع ورثى من أمى، المهم تكون من نصيبى.
إبتسم أنور بإنتصار وهو يميل على الطاولة مقتربا من مرتضى قائلا بنظرات شيطانية:
-يبقى نخطفها ياكبير.
لتتسع عيون مرتضى، في صدمة.

الأب هو من يحمل همك ويسند ظهرك ويكون لك أمانا مطلقا، يمهد لك الطريق ويحميك من العثرات، تثق تماما بأنك معه لن تضيع ولن يصيبك مكروه.
فإن غاب الأب، كان الأخ عوضا عنه، خاصة إذا كان جبلا شامخا فكن متأكدا من أنك معه قد تستطيع أن تواجه أعتى الرياح، ولن تنكسر،
وإن كسرت، كن على ثقة بأنه سيجبر كسرك.

كان حسن يتابع تلك المباراة الرياضية على التلفاز حين أحرز ناديه هدفا، لينظر إلى مجد يكاد أن يصيح في سعادة، ولكن مالبثت إبتسامته أن خبت، وهو يرى شرود أخاه الحزين، ناداه فلم يستجب لنداءه، ليربت على يده قائلا في حيرة:
-مجد.
أفاق مجد من شروده قائلا:
-أيوة ياحسن، فيه حاجة؟
قال حسن وهو يجلس بجانبه معتدلا، يواجه أخاه قائلا:
-لأ، بالشكل ده فيه حاجات، مالك، سرحان في إيه مزعلك بالشكل ده؟
زفر مجد قائلا:.

-أنا مش زعلان، بس قلقان.
قال حسن:
-من ايه بس؟
قال مجد:
-قلقان على إخواتك البنات.
قال حسن في حيرة:
-مالهم، أنا لسة مكلم سمر النهاردة وكانت كويسة، وسماح مكلمها من يومين وكانت برده كويسة، هي صحيح مردتش علية النهاردة ودى غريبة بس،
ليعقد حاجبيه مستطردا في توجس:
-تكون سماح حصل معاها حاجة، حسام ضايقها مثلا؟
تنهد مجد قائلا:.

-الظاهر كدة، حسيت من صوتها وقلق مراد عليها، بس انت عارف أختك مش هتحكى حاجة، طول عمرها بتشيل همومها جواها وتحاول تبان أدام الكل سعيدة ومبسوطة، بس صوتها وعينيها دايما بيكشفوها، صوتها في العادى بيبقى مليان بالفرحة، بالحياة، وعيونها بيضحكوا لكن لما بتحزن، صوتها بيهدى وعيونها بتنطفى، والنهاردة كان صوتها مفيهوش نبض، ده غير ان مراد قاللى ان باباه مسافر وانت عارف حسام لما بيسافر اختك مبتطيقش البيت، وبتنزل تقعد معانا، لكن لما كلمتها كانت في اوضة نومها، سماح اللى بتقوم من النوم الفجر، نايمة في سريرها لغاية العصر، وبتقول عندها برد، تخيل؟بس لما حاصرتها قالتلى انها متضايقة بس منه لإنه وعدها يتفرغ لهم وموفاش بوعده.

قال حسن بتفكير:
-غريب فعلا الكلام اللى بتقوله ده، فيه حاجة متطمنش، مش سماح اللى تزعل من حسام وتبقى حالتها كدة بسبب تافه زي ده، أقولك، إحنا نروح القاهرة نطمن عليهم ونرجع.
قال مجد:
-إزاي؟ طب والبنات، أخاف نسافر، حد يضايقهم.
عقد حسن حاجبيه بقسوة قائلا:
-قصدك مرتضى؟
هز مجد رأسه بتأكيد دون أن ينطق، ليقول حسن مستطردا في صرامة:.

-يبقى تنزل إنت القاهرة تطمن على إخواتنا، وترجع، أما البنات فإطمن انا هكون موجود، ولو حد بس فكر يقربلهم، هيلاقينى ليه بالمرصاد.
نظر مجد إلى حسن للحظات قبل أن يومئ برأسه وقد إقتنع أن هذا هو الحل السليم، سيسلم غدا بعض القضايا لزملاءه في المكتب، ويسافر على الفور، فقلقه على أخواته البنات يقض مضجعه، يشعر بأنهما في محنة، تحتاجان إليه، ولا يدرى، كم كان صائبا.

إنتفض مرتضى واقفا وهو يقول بصدمة:
-كلام إيه اللى بتقوله ده يازفت إنت، إنت عايز تودينى في داهية؟
قال انور وهو يتلفت يمينا وشمالا:
-أقعد بس وإسمع كلامى وإن معجبكش يبقى خلاص، كإنى مقلتش حاجة.
جلس مرتضى قائلا في حنق:
-وآدى قعدة، قول يامصيبة.
قال أنور:
-إيه اللى ممكن يخلى راجل يسيب خطيبته؟
قال مرتضى بسخرية:
-إيه ياعبقرى زمانك؟
إبتسم أنور بخبث قائلا:.

-إنها تتمس من راجل تانى، بإرادتها بقى أو غصب عنها، مبتفرقش كتير، وإحنا هنخلى حسن يسيب السنيورة، وهنخلى أهلها كمان يترجوك عشان تتجوزها وتستر عليها.
فهم مرتضى مايرمى إليه أنور ليقول بقلق:
-أيوة بس انا كدة ممكن أروح في داهية، لو قالت إنى انا اللى عملت العملة السودة دى.
أشعل أنور سيجارة محشوة بهذا السم الذي يذهب العقل وهو يأخذ منها نفسا عميقا، ثم يطلق دخانها، يناولها إلى مرتضى قائلا:.

-وهي بس هتعرف منين؟إحنا هنخطفها وناخدها على مكان متطرف وهناك نخدرها، تاخد مزاجك منها، وتسيبها ترجع بطريقتها، وساعتها بقى خطيبها اللى هي فرحانة بيه ده هيسيبها، أما إنت فهتكون الفارس، الرجل الأصيل اللى هيستر عليها، ده لو يعنى كنت لسة عايزها، رضت بيك، كان بها، مرضتش، تبقى خدت غرضك منها وشفيت غليلك من حسن.

أخذ مرتضى نفسا عميقا من سيجارته وهو يفكر في كلمات انور الشيطانية، تتراءى له هاجر في صور جعلت قلبه يدق بشدة، تعرق جبينه وثقلت أنفاسه وقد بدأت تلك الخطة تروق له، ربما هي ليست فكرة سيئة على أية حال، لا، بل هي فكرة رائعة بالفعل، سينالها ثم يتزوجها، أم لن يفعل.

هي ونصيبها، ثم إنها المذنبة، هي من فعلت ذلك بنفسها، لقد أرادها في الحلال ولكن صدها له أحبطه، إذا هي التي جنت على نفسها، هكذا صور له عقله المريض الذي تسلل إليه هذا المخدر اللعين تزامنا مع كلمات الشيطان الذي يرافقه، شيطان الإنس الذي يشبه شيطان الجن، لا فرق بينهما، لقد عرضا عليه سويا تلك الخطة الحقيرة، فسولت له نفسه الدنيئة القيام بها، وليرى مستقبلا، مصير من يتبع الشيطان.

حين تحب إسأل نفسك، ماذا قدمت لمحبوبتك؟إن كانت التعاسة هي الإجابة، فقد أخفقت في أن تكون العاشق الذي تستحقه تلك المحبوبة، لذا فلترحل وإتركها لمن يستحق.
كانت تتظاهر بالنوم تبغى هروبا من واقعها المؤلم، ونبضات عشق تخبو في صدرها، تناضل من أجل الحياة تصارع من أجل إستعادة أنفاسها المهدرة، دون فائدة.

حين تناهى إلى مسامعها صوت الباب يفتح بهدوء، عرفته من خطواته التي تحفظها عن ظهر قلب وعطره الذي يسبقه، شعرت في قلبها بلهفة إمتزجت بغصة، فالحبيب قد عاد ولكن في عودته مرارة الذكرى، حاولت أن تتمالك نفسها كي لا تستقبله كما إعتادت، فالجرح مازال غائرا، وما فعله بها لم تنساه بعد.

شعرت به يتسلل إلى فراشها، يتأملها للحظات كالدهر، حاولت تنظيم أنفاسها قدر الإمكان، وجدته يتمدد بجوارها، يمد يده ليسحبها إلى حضنه، يمرغ وجهه في عنقها، يأخذ نفسا عميقا مشتاقا لنفحاتها العطرة، كادت أن تنتفض مبتعدة، ولكن جسدها الخائن لم يصغى اليها، بل إستكان بين ذراعيه، لتصلها همسته التي شعرت بها تقطر ندما وهو يقول:
-سامحينى.
فتحت عينيها تتسلل نبراته إلى وجدانها تجبرها مجددا، على الغفران.

وقفت تهانى تزفر في حنق وقد ملت من البحث دون جدوى، فلقد إختارت النوبة الليلية فقط لكي تستطيع البحث في حجرة الطبيب هادى، تبحث عن أي شئ قد تستطيع أن تؤذى به سمر، تلك المغرورة التي تنوى ان تمرغ انفها بالوحل عاجلا كان أم آجلا، ولكنها حتى الآن لم تعثر على أي شئ قد يؤذيها، ظلت قرابة الساعتان تقلب تلك الحجرة رأسا على عقب ولا شئ حتى الآن.

نظرت إلى المكتب مجددا ثم إتجهت إليه، تبحث في أدراجه عن أي شئ قد يفيدها ولكنها لم تجد شيئا، ليصيبها الحنق وهي تسحب هذا الدرج الأخير بعصبية، فخرج من المكتب واقعا على الأرض، لتنقلب محتوياته جميعها، زفرت بقوة وهي تجلس بركبتيها على الأرضية الخشنة، تلملم محتويات الدرج وتضعهم به ثم تحمله لتضعه في مكانه، إصطدمت يدها بشئ ما، فرفعت الدرج تنظر إلى أسفله، لتلتمع عيناها في أمل وهي ترى ذلك المظروف الملتصق بأسفل الدرج، أسندت الدرج على المكتب بيد ثم نزعت المظروف باليد الأخرى، قبل أن تضع الدرج بأكمله على سطح المكتب، ثم تفتح المظروف بلهفة، لترى محتوياته التي جعلت عيونها تلمع بإنتصار، ترتسم على شفتيها إبتسامة شيطانية.

إستيقظ يشعر بالفراغ بجانبه، ليعقد حاجبيه وهو يفتح عيناه يلاحظ غيابها، ترى هل إستيقظت فوجدت نفسها في أحضانه، فإبتعدت نافرة منه؟هل هي الآن بالخارج تبكى، لقد لاحظ عيونها المتورمة بالأمس، ولاحظ ان جسدها أصبح هزيل بعض الشئ، تبا له ولأفعاله الحمقاء التي تصيبها بالحزن، وتبا لعقل لا يفكر في تبعات تصرفاته عليها، نهض من الفراش، يخرج من الغرفة باحثا عنها، لتقع عيناه عليها وهي تحضر بعض الاطباق، توقفت للحظة تتطلع إليه قبل أن تكمل طريقها بإتجاه الطاولة التي يجلس عليها مراد، إقترب بدوره منهما، قبل أن يقول بتردد:.

-صباح الخير.
لم يجبه مراد بينما قالت سماح بهدوء:
-صباح النور.
نهض مراد لتقول سماح بدهشة:
-رايح فين يامراد؟
نظر إليها قائلا بثبات:
-شبعت، هاخد الشنطة وأنزل عشان متأخرش عن الباص.
ليبتعد قليلا قبل أن يستوقفه حسام قائلا:
-مراد، مش هتسلم علية قبل ما تنزل زي عوايدك.
قال مراد دون أن يلتفت:
-للأسف، محدش بيفضل محافظ على اللى إتعود عليه، ولا حد بيفضل على حاله.

ثم حمل حقيبته وإتجه إلى الخارج بهدوء، ليلتفت حسام إلى سماح قائلا بحنق:
-شايفة الولد ياسماح؟بيعاقبنى.
رمقته سماح بهدوء قائلة:
-قدر يعمل اللى مقدرتش أنا أعمله ياحسام.
أصابه الإضطراب ليقول بتوتر:
-أنا مش عارف، قصدى يعنى آسف على اللى حصل منى، صدقينى كان غصب عني، أول وآخر مرة تتمد إيدى...
قاطعته قائلة بعيون غشيتها الدموع قائلة:.

-متأكدة إنك مكنتش تقصد ومتأكدة كمان إنه كان غصب عنك وإنك مش هتكررها، لولا كدة مكنتش سامحتك ياحسام.
نهض يقترب منها بسرعة يركع على ركبتيه بجوارها، يمسك بيديها بين يديه قائلا بلهفة:
-بجد ياسماح، بجد سامحتينى من قلبك؟ومش هتسيبينى؟
أومأت برأسها ودموعها تتساقط على وجنتيها لينهض بسرعة ينهضها معه آخذا إياها في حضنه قائلا بإمتنان:
-أنا مش عارف أقولك إيه، بس صدقينى انا بحبك وعمرى ما هخليكى تندمى على قرارك ده.

إستسلمت سماح لعناقه وهي تغمض عينيها قائلة بدون صوت ولكنه إبتهال صامت تردد بداخلها:
-ياريت ياحسام، ياريت متخلنيش أندم على إنى سامحتك وقررت أكمل معاك.

قال رائف بحدة:
-ما هو ما ينفعش كدة يابيرى، أنا مش فاضى كل شوية أسيب كل الشغل اللى في إيدى وأجيلك، دى رابع مربية أطفال اجيبها وتطفشيها، وأنا مبقتش قادر أستحمل تصرفاتك دى.

غشيت عيون بيرى الدموع قبل أن تطرق بحزن، زفر رائف بقوة وقد أصابته غصة في قلبه، فأكثر ما يكره أن يرى هو دموع صادقة الحزن في عيون أنثى خاصة إن كانت تلك العيون لمدللته الصغيرة، طفلته التي لا يبغى في الحياة شيئا سوى سعادتها، يتيمة الأم نعم، ولكنها تحظى به، وكفى به حضنا يضمها ويبعد عن قلبها الحزن للأبد،.

لذا فقد إقترب منها بهدوء، قبل أن يجلس على ركبتيه أمامها ليصبح في محازاتها يمد يده ليرفع ذقنها فتواجهه عيونها المغروقة بالدموع، مسح دموعها بيده في حنان قائلا:
-أنا آسف إنى إتعصبت عليكى وآسف إنى زعقتلك، بس أنا بخاف عليكى يابيرى، ومش هينفع آخدك معايا الشغل، المربية هتاخد بالها منك طول ما أنا مشغول.
قالت بيرى بصوت متهدج:
-خلينى أروح عند طنط ماجى وجيسى، خلينى أفضل معاهم علطول.
قال رائف:.

-مش هينفع ياحبيبتى، إنتى بتروحيلهم كتير يابيرى بس لازم تفهمى إن طنط ماجى مش هتكون فاضيالك علطول وبعدين كفاية عليها تاخد بالها من جيسى، مش هينفع نزود عليها بأميرة قلبى كمان.
قالت بيرى:
-طب ليه ميبقاليش ماما زي طنط ماجى يابابى؟
أصاب رائف الإضطراب وهو لايدرى بما يجيبها، ليقول بإرتباك:
-عشان، عشان انا بحبك اوى، وانتى ساكنة كل قلبى ومش مستعد ييجى اي حد وياخد حتة من قلبى ويشاركك فيه ياحبيبتى.

عقدت بيرى حاجبيها في تركيز وكأنها تزن الكلام في رأسها، بدت شبيهة به بشكل كبير، رائعة كما يجب ان تكون، كاد أن يبتسم ويحتضنها بحب كبير، ولكن استوقفته كلماتها وهي تقول بهدوء:
-إنت صح يابابى، وأنا خلاص فهمت، ومش هطفش النانى تانى، بس لو سمحت إختارها المرة دى كويس، وقولها إنها جاية عشانى أنا، مش عشانك انت، أوكيه.

نظر إليها بدهشة دامت للحظة قبل أن ينفجر ضاحكا، ثم آخذا إياها بين ذراعيه، يحتضنها بحب، يقربها إلى قلبه الذي يمتلئ عشقا لها.

كانت تجلس في هدوء لتغمض عينيها وقد تراءت لها فجأة ذكرى أخرى من حياتها الماضية،.

في تلك الذكرى كانت تجلس في شقتها القديمة، على سريرها، وحيدة كعادتها في تلك الفترة الأخيرة، تفكر، فقد إنشغل زوجها عنها بعمله كالعادة حتى أنه عاد ليأخذ بعض الأوراق الخاصة بعمله ثم ذهب، دون أن يلاحظ أنها مريضة للغاية، تشعر بمغص شديد بجانبها الأيمن، وحرارتها في إرتفاع متزايد، أغمضت عينيها بألم وقد عاد الوجع من جديد، بعد أن زال مفعول المسكن، تأوهت بقوة تشعر بأنها على وشك الإغماء، لتدرك ان الأمر خطيرا للغاية، لذا ودون تردد، أمسكت هاتفها، فلم تتصل بزوجها، وإنما بحثت عن إسم آخر، هاهو يتراءى لها في تلك الذكرى الحية، عقدت حاجبيها بقوة وإسمها يتراءى لها على شاشة الهاتف...

إختفت الذكرى، ففتحت عينيها بقوة، تتساءل في صدمة، إن كانت مريضة للغاية هكذا، لما لم تتصل بزوجها؟هل لإدراكها أنه لن ينجدها؟او ربما لن يجيب عن إتصالاتها كما أيقنت من سر فعلتها تلك، لابد وأن وجعها هذا كان بسبب الزائدة الدودية وهذا يفسر أثر الجرح في جانبها الأيمن، إنتابها الحيرة تتساءل، لماذا كانت تتصل برقمها هي في هذا الوقت العصيب، لماذا كانت تتصل بسمر وهي على وشك الموت؟زفرت بقوة وصداعها يعاودها، تنتوى أن تحادث الطبيب هادى ما إن يزول هذا الصداع البغيض، أعلن هاتفها عن وصول رسالة، وجدت نفسها تسرع بفتحها، ليتوقف إصبعها قبل أن يمس الشاشة، وهي تتعجب من نفسها، هل باتت تنتظر رسائل هذا المجهول الآن؟وماذا عن مجد؟بماذا تفسر شعورها نحوه، أغمضت عيناها بألم، كم باتت تكره نفسها الآن، تلك النفس المضطربة، التي تتعلق برسائل تبثها بعض الاهتمام والمشاعر، وتتعلق بنظرات رجل لا يمت إليها بصلة ولكنه يمنحها شعور رائع بالأمان، ربما تبحث في كل هذا عن شعور إفتقدته في حياتها الماضية، نعم هذا ما تؤمن به، تماما.

فتحت عيناها مجددا وصوت رسالة أخرى تعلن عن وصولها إلى هاتفها، لتحزم أمرها وهي تمد يدها تفتح الرسائل، لتتأكد من أن صاحب الرسالتين هو هذا المعجب المجهول،
كان يقول في الرسالة الأولى.

الحياة أقصر من أن نضيعها هباء، ننشغل عن أحبتنا بسعينا الأبدي نحو المال، الحياة زائلة إن ظننا أننا خالدون فخسارتنا أكبر دليل على كذب ظننا، في سعيي نحو تحقيق أهدافى إكتشفت أن الحياة حقا في إبتسامة نرسمها بقلب روح سكنت روحنا، وأن الحياة دائرة، بدايتها أنت ونهايتها أنت، أبتهل إلى الله أن لا يكون إكتشافى هذا بعد فوات الأوان
ز ا م.

إبتسمت رغما عنها، فقد وصفها بروح تسكن روحه، ثم عمق وصفه ليجعلها بداية الحياة وآخرها، كم دللها في تلك الرسالة، جرت عيونها على رسالته الثانية تبغى المزيد، تلك الرسالة التي تقول كلماتها
في جوف الليل، حين يستبد بك الخوف، فقط فكرى بشخص لا رغبة له في الحياة سوى ان يضمك ويمنحك الطمأنينة.
في لحظات حنقك، حين تعصف بك أمواج الغضب العاتية، فقط فكرى بشخص جل غايته أن يضمك ويأخذ منك غضبك بعيدا.

في لحظات حزنك، حين يغمرك الشجن، والحنين، فقط فكرى بشخص أمنيته الوحيدة ان يضمك ويمنحك السكينة
وفي لحظات فرحك، حين تهللين من السعادة، فقط فكرى بشخص يرغب بكل ذرة في كيانه أن يشاركك مرحك ويبارك طفوليتك البريئة
في كل لحظاتك، فكرى بى، فأنا هذا الشخص الذي يحبك، بكل ذرة في وجدانه.
ز ا م.

مست قلبها كلمات رسالته، غمرتها براحة غريبة، وكأن كاتبها يدرك أنها تحتاج إلى تلك الكلمات التي ترفق بقلب أنهكته الوحدة، قلب يريد الإهتمام، حتى وإن لم تمنحه هي أي شئ في المقابل، سيظل يساندها، بدعمه الروحي، بكلماته التي تشعر مجددا بصدقها، باتت توقن من أنه شخص تعرفه من حياتها الماضية، ربما كان زوجها، لا لم يكن زوجها، فزوجها كما تتذكره لم يكن بذلك الحنان ولم يكن بتلك الرومانسية، ربما إشتركا في شيئ واحد، كلاهما طيف بلا ملامح، لا يهم، أيا كان هذا الشخص، ففى لحظات وحدتها الآن، هي تفكر فيه حقا، وتفكر في شخص آخر، مجد.

13-03-2022 05:12 مساء
مشاهدة مشاركة منفردة [12]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية ضلع مكسور سينجبر
رواية ضلع مكسور سينجبر للكاتبة شاهندة الفصل الثالث عشر

العشق يتسلل لقلوبنا دون أن ندرى، يتغلل بالوجدان دون إستئذان، يجرى في الشرايين ويصبح جزءا منا، وحين ندرك وجوده نستسلم له، فقد فات أوان المقاومة، وضعفت حصون الكيان.

كانت تمسك بفنجال قهوتها ترتشف منه بهدوء، شاردة في أفكارها التي تدور مؤخرا حوله، لقد قاومت مشاعرها كثيرا وتصدت لها أكثر، تستحضر صورة والدها على الدوام كي تقوى من حصون هذا القلب الذي يتمسك بعناده، ولكن أنهكتها المقاومة حقا، وأصبحت على مشارف الإستسلام.

كانت تضع فنجال القهوة على المكتب في خضم شرودها ولكنه وقع لينكسر بصوت مسموع، زفرت في حنق ونهضت تجلس على ركبتيها، ترفع الأجزاء المكسورة، لتجرحها إحدى الأجزاء بقوة، فتأوهت بألم،.

كاد أن يطرق الباب حين سمع تأوهها المكتوم، ليسرع بالولوج إلى الحجرة، ينظر إليها وهي تحاول أن تكتم الدماء بيدها، ليسرع إليها ويجثو بركبتيه إلى جوارها يخرج منديله من جيبه، يلف به كفها، إلتقت عيناها بعينيه ولأول مرة يرى الضعف فيهما، لأول مرة تصله بعض المشاعر تجاهه من قبلها، لأول مرة تصله خفقاتها المتسارعة وتظهر في إنتفاضة هذا العرق النابض بقوة في عنقها، ليتأملها بحب قائلا:
-سمر أنا...

صمت يتوق لإعتراف يريح قلبه ولكنه يخشى ردة الفعل على كلماته، يخشى فراق قد تبغيه هي إن أدركت مشاعره، ولكنها حسمت تردده عندما قالت بعيون ربض بهم رجاءها الحار أن يتحدث وينهى مقاومتها:
-إنت إيه ياهادى؟
قال بعيون ظهر بهما العشق واضحا:.

-الحكاية مبقتش تمثيلية وأنا خلاص مبقتش قادر أخبى، أنا بحبك ياسمر، بحبك من أول يوم شفتك فيه، وحبك كان كل يوم بيكبر جوايا، سمر انتى بالنسبة لى حاجة كبيرة أوى، انتى بالنسبة لى حياة.
شعرت بأنفاسها تحتبس داخل صدرها، بكيانها يذوب، لم تستطع أن تحيد بنظراتها عنه، ولكنها نهضت ببطئ لينهض بدوره، تأمل إضطرابها ولكنه أحس بضعفها فاقترب منها قائلا:
-أنا مش مستعجل وعايزك بس تفكرى في تحويل الخيال لحقيقة، أنا...

قاطعه اهتزاز هاتفها بقوة يعلن عن وصول عدة رسائل، إضطرت إلى أن تخرج من حصار نظراته، وهي تمسك هاتفها قائلة بإضطراب:
-لحظة واحدة، أكيد فيه حالات طارئة وصلت المستشفى وبيستدعونى.
كانت تنظر إلى تلك الرسائل مع كلماتها الأخيرة، لتتسع عيونها بصدمة، تنظر إليه باستنكار، ثم تعاود النظر إلى رسائلها وسط حيرته، قبل أن تتحول عيناها لكتلة من الجليد كلية، وهي تنظر إليه قائلة:
-إنت كداب وغشاش، وخاين، زيك زيهم بالظبط.

عقد هادى حاجبيه يمسك يدها قائلا:
-سمر...
نفضت يدها من يده مقاطعة إياه وقد تصدعت ملامحها الجليدية قائلة بغضب:
-متنطقش إسمى على لسانك، واعتبر التمثيلية انتهت خلاص يادكتور، أنا مستقيلة.
وتركته مغادرة الحجرة بسرعة، تسمح لدموعها بالظهور لتخرج مكنون قلبها الحزين، بينما كانت هناك عيون تنظر لها وهي تغادر دامعة في شماتة، ترتسم على شفتيها إبتسامة مقيتة.

هز هادى رأسه بصدمة، بحيرة، يتسائل عن ما رأته بهاتفها وجعلها تتفوه بكل تلك الكلمات الجارحة لقلبه، حتى إهتز هاتفه بدوره يعلن عن وصول عدة رسائل، فتحه بسرعة آملا في أن يكون في تلك الرسائل تفسيرا لما يحدث،
ولقد كان، فقد إتسعت عيونه بصدمة، وهو يتصفح تلك الرسائل، قبل أن يغمض عينيه في ألم، يلعن مرسلها.

كانت سماح تلمع أثاث المنزل، حتى وصلت إلى تلك الصور التي تضعها فوق المدفئة، شعرت بالحنين وهي تمسك الصورة الأولى، كانت صورة زواجها، تذكرت هذا اليوم، لقد كان من أجمل أيامها، بل الأجمل على الإطلاق، حين كانت تظن أن الحياة وردية، تركت الصورة في حسرة لتتنقل بين الصور الأخرى ترى نفسها بين أخواتها، تأملت ضحكتها، تلك الضحكة التي تشع في عيونها قبل شفتيها، تشرق وجهها بالسعادة، أين ذهبت تلك الضحكة، أين ضاعت تلك اللمعة بعينيها؟ذهبت دون رجعة، ذهبت مع كل موقف مر عليها مع حسام، كان فيه بعيدا عنها، ولم يكن بجوارها عندما احتاجته، ذهبت مع كل إنتظار لمشاعر خبت جذوتها، ذهبت مع رغباتها العميقة بأن يدعها تمارس شغفها وأجابها بتعنته، ذهبت مع غيرته المرضية والتي أرهقتها نفسيا، حتى أنه كان يغار حين تهتم بأخواتها، يقلب الدنيا ويقعدها لإنها تركته وحده يشاهد المباراة، عندما إستدعتها أختها لتسألها عن شيئ ما ذات مرة.

ذهبت ضحكتها بلا رجعة في هذا اليوم الذي أصاب كفه وجهها، فكسر روحها، ربما قالت انها سامحته ولكن بداخلها تعلم أنها لم تسامحه، فقلبها يَإنّ.

فقط للذكرى، ودموعها عادت تبلل وجنتيها من جديد، أعلن هاتفها عن وصول بعض الرسائل، فأسرعت تحضره وتفتح تلك الرسائل، لتتسع عيناها بصدمة وهي ترى وثيقة زواج مصورة، بإسم زوجها، وفي خانة الزوجة كان هناك إسم آخر غيرها، إسم نور، مديرة مكتبه، أعادت قراءة الصورة تكذب عيناها، ترفض تصديق ما تراه، تمالكت نفسها وقرأت الرسالة التالية والتي كتب فيها،.

لو كدبتى الصورة، تعالى بنفسك وشوفى الحقيقة، هو هناك دلوقتى، معاها، ساب حضنك وراح لحضنها، هبعتلك العنوان في ماسيدج، بس تعالى بسرعة قبل ماينزل ويروح شغله، الساعة بتمر، تك توك، تك توك
فتحت الرسالة التالية لتجده عنوان قريب منها، أمسكت هاتفها بقوة، ثم ارتدت حذائها وحملت حقيبتها، تنطلق بقلب واجف إلى هذا العنوان، تبتهل إلى الله أن يكون مرسل تلك الرسائل، هو شخص كاذب، كلية.

توقف حسن أمام باب الشقة، ينتظر خروج هاجر، لينطلقا سويا إلى المكتبة كما أخبرته هاجر البارحة، ظهرت هاجر على عتبة الباب، وتوقفت حين إلتقت عيناها بعينيه، ألقى نظرة على لباسها المحتشم برضا، أربكتها النظرة، أفسح لها الطريق لتتقدمه، فتقدمته هابطة درجات السلم، كاد ان يتبعها لولا أن إستوقفه صوت سمر وهي تقول بإرتباك:
-أستاذ حسن.
إلتفت إليها متسائلا، لتستطرد قائلة:.

-الحقيقة، أنا كنت عايزة أسأل أستاذ مجد على حاجة، هو نزل الشغل خلاص؟
قال حسن بهدوء:
-أيوة نزل، بس الحقيقة هو هيسافر القاهرة، عشان يطمن على سماح، ومش هيرجع النهاردة، يعنى لو عايزاه ضرورى كلميه.
هل سافر القاهرة بالفعل؟ومن هي تلك الفتاة التي سافر من أجلها؟لم تنطق بتساؤلاتها وهي تقول:
-لأ مش ضرورى، لما يرجع من السفر بالسلامة بإذن الله.

أومأ حسن برأسه، ثم غادر، بينما أغلقت سمر الباب، تستند بظهرها عليه، ترفع يدها إلى خافقها الذي يكمن فيه شعور غير مألوف بالمرة لديها، هو ألم غريب نتج عن إدراكها أن تلك الفتاة والتي تدعى سماح ربما تحتل مكانة كبيرة في قلبه،
ألم ناتج ربما عن الفراق، فقد يمر يوما كاملا دون ان تراه على الإطلاق ولكنها تدرك أنه هنا، بجوارها، إن إحتاجته وجدته،.

أو ربما هو ألم ناتج عن الشوق، الشوق لرؤية ملامحه وسماع نبراته الهادئة ونظراته التي تتغلل إلى وجدانها،
ألم خشيته وأصابها برهبة، فليس له سوى معنى واحد، هي تقع في غرامه وبقوة، وهنا تقبع الجريمة، جريمتها في حق نفسها وحق رجل مازالت متزوجة إياه، حتى وإن أيقنت بداخلها أنه، لا يستحقها.

الغدر والخيانة يكمنان في دماء الخائن، كآفة تسرى بدمائه...
يعطبان كيانه، ويدمران آدميته، إنهما كمرض ميئوس منه، لا علاج له، وفي النهاية، يحطم نفسه، وكل من يحب.
عقد حسام حاجبيه قائلا:
-يعنى جايبانى على ملا وشى يانور عشان عندك شوية مغص؟
إقتربت منه نور وهي تمسك يده تضعها على جانبها الأيمن قائلة بدلال:.

-ده مش اي مغص ياحبيبى، ده مغص في جنبى اليمين، يعنى ممكن تكون الزايدة، وانا لوحدى زي ما انت عارف وخايفة.
قال حسام بتافف:
-أيوة بس...
قاطعته واضعة سبابتها على شفتيه تمنعه من الحديث قائلة:
-من غير بس، بقولك خايفة، هتسيبنى لوحدى وأنا تعبانة.

نظر إلى الرجاء في عينيها، فرغما عنه لم يستطع أن يخيب رجاءها، فلأول مرة تطلب منه أن يمكث معها وهي مريضة، لتبتسم عيناه، ابعدت سبابتها، وهي تبتسم بدورها تخلع عنه رباط عنقه لا تحيد بناظريها عنه، ولا يحيد بناظريه عنها، رفعت نفسها تقبله على وجنته بإغراء، تبتعد ببطئ ليوقف إبتعادها عنه يضمها بقوة يغمرها بقبلاته، يغوص في بئر الخيانة بعمق، لا يشعر بذنب، فخيانته كما أطلق عليها ليريح ضميره، خيانة شرعية.

توقفت يد سماح قبل أن تطرق باب تلك الشقة، تضمها بقوة، تتردد لثوان، ماوراء هذا الباب، سيقتلها إن كان صحيحا، ربما وجب عليها العودة من حيث أتت، ربما إرتضت بإخفاء الحقيقة عن عقلها وقلبها، ربما من الأفضل لها أن لا تعلم،.

لتغمض عيناها بألم، تساءل نفسها المكلومة، ألهذه الدرجة تحبينه؟ترتضين الحياة معه وأنت تشكين بخيانته على أن تتيقنى منها وتبتعدى عنه؟ألهذه الدرجة ضاع كيانك في كيانه، لتشعرين بأنك إن إبتعدتى عنه، صرتى بلا كيان؟
ألهذه الدرجة ضعفتى أيتها المسكينة، فلن تقوى على مجابهة الحقيقة وتفضلى الجهل عليها؟
ألتلك الدرجة جعلك حسام إمرأة بلا هوية؟جعلك لا شيئ تقريبا.

فتحت عيناها وقد إرتسمت القسوة فيهما، لا، ربما هي إمرأة ولكنها ليست ضعيفة، خلقها الله لِتُكْرَم، ليرفق بها، لم يخلقها لتهان، لم يخلقها لتعذب بالخيانة، لم يخلقها لتعيش بإنكسار،
لتدق جرس الباب بسرعة، ففتح الباب على مصراعيه وظهرت نور على عتبته، عيونها تنطق بشيئ أصاب قلب سماح في الصميم، تدرك أن ما ستراه بالداخل سيؤلمها، سيطيح بأحلامها وحياتها، سيقتلها حقا،
قالت سماح ببرود:
-هو فين؟

تظاهرت نور بالارتباك قائلة:
-هو مين؟
تخطتها للداخل تبحث عنه، فأسرعت نور إلى الغرفة التي يوجد بها حسام، تقف امامها، تتظاهر بالقلق والخوف قائلة:
-لو سمحتى، كدة مايصحش يامدام سماح.

أزاحتها سماح من طريقها وهي تفتح الباب، لتصطدم عيونها بعينيه، كان يقف متجمدا بدوره، تأملت هيئته، يرتدى ملابس بيتية مريحة، وكأنه في منزله، في حجرة نومه، إنه بالفعل في بيته وفي حجرة نومه مع زوجته، وهي الغريبة بالفعل، غشيت عيونها الدموع، شعرت بالطعنة تخترق صدرها، إنه هنا، يخونها، يحطمها كلية، دون شفقة أو رحمة.

رفع يده بإتجاهها، فهزت رأسها رفضا، بألم، قبل أن تلتفت مغادرة، تسلم ساقيها للرياح، لتتابعها عيون نور، يظهر على شفتيها، إبتسامة إنتصار.

الأصعب من الخيانة أن تكون مجبرا على إحتواء ألم الحقيقة المفجعة، وهو أنك لم تكن كاملا في عيون من تحب، أو أنه رأى في غيرك ما عجزت عن منحه إياه دون إرادتك،
الأصعب من الخيانة أن تدرك أن كل ما فعلته من أجل من تحب، كل مامنحته إياه وكل سنواتك معه، كل مشاعرك وتضحياتك، ضاعت سدى.
والأصعب من إدراكك خيانته مع غيرك هو إدراكك أنك قد طعنت بخيانته مرارا وتكرارا، ولم تشعر بالخيانة سوى الآن.

فالإهمال خيانة، التجاهل خيانة، التعنت خيانة، القسوة والتجبر خيانة
خيانة لكل الوعود التي أقسم أن يحققها وكل الأماني التي رسمها لك
خيانة لقلبك الذي أعطى دون مقابل فلم يجنى سوى، الخيانة.

كانت تبكى بحرقة حتى أنها أخفقت في فتح الباب عدة مرات، لا تدرى كيف عادت إلى المنزل، لقد سارت تلك المسافة بخطوات متعثرة تغشاها الدموع، عادت تشعر بأنها إنسانة مغدورة، طعنت بقوة بسكين الخيانة البغيض، تنزف شرايينها، تشعر بالروح تغادرها، تثق بأنها لن تستطيع أن تتحمل ما حدث، ما إن دلفت إلى المنزل وألقت حقيبتها أرضا، حتى سمعته يفتح الباب ويدلف بدوره، إلتفتت إليه تطالعه بجمود، تحجرت دموعها داخل مقلتيها، وتأملته في برود، كان الخزي يملأ ملامحه، الندم في عينيه يعلن عن نفسه بوضوح، لم يهتز لها جفن ولم يضعف وتينها كعادتها معه، بل شعرت به يتحجر، تزداد برودته حتى أصابتها بالصقيع، إقترب منها بسرعة يمسك يدها قائلا:.

-سماح أنا، أنا...
نفضت ذراعه تقول في غضب:
-إنت إيه، ها، إنت إييييييه؟أظن هتقولى غلطان وسامحينى، أظن فاكر إن ندمك ممكن يأثر فية، أظن فاكر إنى ممكن أسامحك على اللى عملته ده؟مش كدة؟
عقد حسام حاجبيه وهو يراها لأول مرة بهذه الحالة، غاضبة منه بشدة، تصله شرارات حنقها ومرارتها، ليقول بإضطراب:
-صدقينى كان غصب عني...
قاطعته هادرة:.

-هو إيه ده اللى غصب عنك؟إنك تخون عشرة السنين كان غصب عنك؟إنك تدمر كل الوعود اللى إديتهالى كان غصب عنك؟إنك تطعنى في ضهرى وتحسسنى إنى مكنتش كفاية عليك وإنى ولا حاجة بالنسبة لك كان غصب عنك؟
ليتهدج صوتها وتتصدع ملامحها، يظهر ألمها في عيونها الدامعة وهي تستطرد قائلة:
-إنك تإذينى وتدمرنى وتدمر قلب عمر ما كان همه غير سعادتك كان غصب عنك؟يا شيخ،.

ده أنا إديتك كل حاجة ومخدتش ولا حاجة، كان كل همى سعادتك وراحتك وبس،
ده أنا مكنتش بنام قبل ما ترجع البيت وأطمن عليك، أشوف أكلت ولا شربت، مرتاح ولا فيه حاجة مضايقاك في الشغل؟كانت اهتماماتك اهتماماتى وهمك همى؟مكنتش بفكر غير فيك انت وبس وناسية نفسى، بعد ده كله تقولى كان غصب عنك؟أعمل بيهم إيه الكلمتين دول؟قوللى أعمل بيييهم إيييه؟

هيرجعولى كرامتى اللى دوستها برجليك، ولا هيرجعولى سنين عمرى اللى ضاعت هدر ولا هيرجعونى سماح بتاعة زمان اللى تاهت ملامحها معاك؟
لترفع يدها تضعها على قلبها تشعر بالألم في نبضاته، مستطردة بصوت مذبوح:
-قلبى بيوجعنى أوى، حاساه خلاص بيموت، بيموت من سكينة غدرك اللى دبحته بيها بكل برود، آاااه ياقلبى، آاااه.
مد يده إليها لتوقفه بإشارة من يدها ونظرة حزينة ملتاعة تطل من عيونها، وهي تقول:.

-متلمسنيش، مبقاش ليك حق تلمسنى، مبقاش ليك حق فية ياحسام.
عقد حاجبيه متوجسا وهو يقول:
-قصدك إيه؟
نظرت إليه بكره وهي تمسح دموعها قائلة بحزم:
-يعنى من اللحظة دى أنا معتبرة نفسى مش مراتك، ولازم تطلقنى، حالا.

كانت تبكى بحرقة تضم ركبتيها إلى صدرها، وتستند بذقنها عليهما، تشعر بالضياع، بالوحدة تقتلها، حتى في أحزانها، لم تكن لها قط صديقة سوى أختها سماح وزوجة أخيها زوزا، لم يكن لها أحد أبدا سوى أخواتها، خاصة مجد الذي كانت تفضى له دائما بمكنون صدرها، ولكنه الآن بعيدا عنها، والآن، لا أحد بجوارها، حتى شقيقتها سماح لم تكن موجودة عندما صعدت إليها فور عودتها للمنزل لتلقى بنفسها بين ذراعيها، تخبرها عن كل ما حدث معها، لقد إتضح أن هادى خائن كأبيها تماما، لم يعد لديها شك في ذلك، لقد رأت صورته مع زوجته في تلك الرسائل التي بعثوها إليها، رأت خطابات لها يبثها فيه شوقه وعشقه، تحمل إسمها (زهرة)زهرته الجورية كمان كان يناديها في خطاباته، شعرت بالغيرة الحارقة، لتغمض عيناها بقوة، تلوم نفسها، لا حق لديها في غيرتها، إن زهرة هي الأولى به وبمشاعره وحبه لا هي، لماذا تركت نفسها تتوق إليه، لماذا إستسلمت لمشاعرها ولماذا هو بالذات؟بعد أن قاومت كثيرا كل الرجال في حياتها، لماذا هو بالذات؟ألإنه بدا مختلفا، ألإنه كان مميزا؟أي إختلاف وأي تميز؟ كل الرجال سواء.

أفاقت من أفكارها لتفتح عيناها على مصراعيها حين سمعت الباب يفتح، تأملت الدالف والذي تجمد لدى رؤيتها بتلك الحالة، لتنتفض واقفة، تسرع إليه، تلقى بنفسها بين ذراعيه، تبكى بقوة، ليضمها مجد على الفور يربت على ظهرها مهدئا، نعم فلتهدأ أولا، ثم سيعرف ما بها، لاحقا.

كان هادى يجول جيئة وذهابا كليث جريح، يدرك حالتها الآن وظنونها به، ولها كل الحق في ذلك، ترفض جميع إتصالاته، وتصيبه بالجنون، تبا، من مرسل تلك الرسائل وما غرضه من إرسالها؟ومن أين جاء بها؟ليتوقف وفي عيونه إرتسمت الصرامة، لقد كانت تلك الرسائل في حجرة مكتبه، إذا هناك من تسلل إلى مكتبه وأخذ صورا لتلك الرسائل، شخص يبغى أن يؤذى سمر، وهو لن يسمح بأذيتها أبدا بل سيمحى من يمسها بسوء من سجل الأحياء، ليتجه إلى هاتف المشفى ويقوم بالإتصال برقم ما، وما إن أجابه محدثه حتى قال في حزم:.

-عايز شرايط الكاميرا اللى في أوضتى في اليومين اللى فاتوا دول، حالا.

قال مجد بهدوء:
-بصى ياسمر أنا شايف ان فيه تفسير منطقى عند هادى للى شفتيه على الموبايل ده، هادى مستحيل يكون الشخص اللى انتى بتوصفيه، انا عرفته كويس فمستحيل أصدق إنه إنسان وحش أو خاين.
قالت سمر بمرارة:
-ميهمنيش و مش فارق معايا، أنا تعبت من المستشفى دى ومش هشتغل فيها تانى، هدور على مستشفى تانية أشتغل فيها، وأريح نفسى من كل ده.
ربت مجد على يديها قائلا:.

-اهدى بس، إيه رأيك تيجى معايا إسكندرية وتشتغلى هناك في مستشفى والد عادل صاحبى؟
نظرت إليه سمر بعيون شعت فيهم السعادة، لتنطلق مجددا إلى حضنه قائلة:
-فكرة حلوة اوى، ربنا يخليكى لينا يامجد.
ربت مجد على ظهرها قائلا بحنان:
-ويخليكوا لية، قومى بقى إغسلى وشك وتعالى نطلع لسماح عشان أسلم عليها، وحشتنى أوى.
قالت سمر:
-هوا.
كادت ان تنهض حين إستمعا سويا لصوت صراخ غاضب بالخارج، ليعقد مجد حاجبيه وسمر تقول بدهشة:.

-مش ده صوت حسام؟
أومأ مجد برأسه قائلا:
-أيوة.
قالت سمر بقلق:
-طب تعالى نشوف فيه إيه؟
قال مجد:
-مش عايز أتدخل في خصوصياتهم.
قالت سمر:
-شكل الموضوع كبير يامجد، وصوت حسام جايب لآخر الشارع، مبقتش خصوصيات على فكرة.
نهض مجد يتجه إلى الخارج قائلا:
-معاكى حق.
تبعته إلى الخارج، ليعقدا حاجبيهم وبعض أطراف الحديث تتناهى إلى مسامعهم.

قال حسام بغضب:
-لو فاكرة ياهانم إنى ممكن أطلقك تبقى بتحلمى، إنتى هتفضلى على ذمتى، إيه يعنى إتجوزت عليكى، مش ده شرع ربنا، مش ربنا حلل الجواز مرة تانية ولا حرمه؟
قالت سماح بمرارة:.

-ربنا حلله فعلا، بس لما أكون انا مقصرة في حاجة وهتلاقيها مع غيرى، بس أنا عمرى ما قصرت معاك، متجيبش بقى سيرة الشرع دلوقتى، عشان رسولنا عليه الصلاة والسلام برده قال رفقا بالقوارير وإنت عمرك ما رفقت بية، متاخدش من الشرع اللى يمشى مع أهوائك وبس، إتقى الله ياحسام.
إقترب منها يمسك بذراعها بقسوة قائلا:
-انتى كمان طلعتينى كافر.
قالت بألم:
-أنا مقلتش كدة، سيب إيدى ياحسام.
اقترب منها قائلا بصوت كالفحيح:.

-طب إيه رأيك بقى إنى مش هطلق وهخليكى كدة متعلقة لا طايلة سما ولا أرض، هتعيشى خدامة في بيتى ياسماح لغاية لما تتعدلى.
أغروقت عيناها بالدموع مجددا قائلة بألم:
-ياخسارة ياحسام، ياريتنى ماشفتك ولا عرفتك، طلعت ندل بإمتياز.

إنتفخت أوداجه غضبا ليترك ذراعها وينهال على وجهها بصفعة قوية، في تلك اللحظة التي دلف فيها مجد إلى الشقة حيث ترك حسام الباب مفتوحا، شهقت سمر وهي تسرع إلى أختها التي إرتمت أرضا من قوة الصفعة، تسيل الدماء من شفتيها، بينما أسرع مجد إلى حسام، ينهال على وجهه باللكمات، يقول في غل:
-بتضربها ياندل ياحقير، دى الأمانة اللى سيبناها عندك، ده دينك ياعديم الدين والرجولة.
قالت سماح بضعف:.

-سيبه يامجد، سيبه هيموت في إيدك.
توقف مجد عن ضرب حسام، وهو ينظر إليها بصدمة قائلا:
-لسة خايفة عليه؟
تحاملت سماح على نفسها لتنهض بمساعدة سمر، تأوهت بألم وهي تمسك ذراعها، فأدركت سمر بعيون الطبيبة أن ذراعها قد تأذى، لتنظر إلى حسام بكره، إقتربت سماح منهما قائلة وهي تنظر إلى عيني مجد مباشرة قائلة بقوة:.

-مبقاش يهمنى في شيئ، ولا يعنيلى، والله من النهاردة محيته من حياتى ولا بقى يفرق معايا خالص، أنا خايفة عليك انت، تروح في داهية عشان واحد ميستاهلش.
ثم نظرت إلى حسام الذي نظر إليها بخزي، لتقول بجمود:.

-هتطلقنى ياحسام، وحالا، وإلا قسما عظما هرفع عليك قضية خلع، وهبهدلك وافضحك في شغلك وابقى قابلنى لو شركتك اللى انت فرحان بيها دى قامتلها قومة بعد كدة، طلقنى ياحسام وحالا والا هتشوف واحدة تانية عمرك ما اتخيلتها ولا حلمت تشوفها.
نظر حسام إلى عينيها يبحث عن طيفه الذي لطالما رآه بداخلهما فلم يجد غير عيون خالية من الحياة يثق بأنها قادرة على تنفيذ تهديداتها دون تردد، ليطرق برأسه ألما وهو يقول بحرقة:.

-إنتى طالق.
أغمضت سماح عيناها ثم فتحتهما مجددا، لتسير بخطوات ثابتة بإتجاه باب المنزل، تغادر هذا القفص الذهبي التي ظلت سجينته بإرادتها، تغادره الآن بإرادتها أيضا، للأبد.



المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
قلب مكسور وموجوع .. احمد سعد يمر بازمة عاطفية Moha
0 406 Moha
اكتشاف سر الصداقة المكسورة بين “سيلينا غوميز” وصديقتها المتبرعة لها بكليتها Moha
0 375 Moha
بالصور .. الفنانه شيريهان قطب تتألق على خشبه مسرح الطليعه فى شباك مكسور Moha
0 508 Moha
خلفيات شاشه مكسوره مثل الحقيقية essam
0 3359 essam

الكلمات الدلالية
رواية ، مكسور ، سينجبر ،


 





# فنون # مشاهير # صحة # منوعات # الأطفال # English # تفسير الأحلام ثقافة # قصص # سيارات Cars # صور # تقنيات # الاجهزة الالكترونية # المطبخ # كلام فى الحب # أبراج # رياضة # ازياء # حكم وأقوال تطوير الذات# خلفيات # صور بنات # مشاهير # ديكور # صباح الخير # مكتوب برقيات شهر رمضان # جمعة مباركة # حب رومانسية # عيد # ادعية # خلفيات كرتون # منوعات # موضة # الأم # أطفال # حيوانات # صور ورد # اكلات # New Year # مساء الخير # اللهم صلي علي النبي # القران الكريم # صور نكت # عيد ميلاد # اعلام # سيارات # تهنئة الخطوبة # حروف واسماء # الغاز # صور حزينة # فساتين # هدايا # خلفيات النادي الاهلي # تسريحات شعر # الاصدقاء # بوستات نجحت # خلفيات نادي الزمالك # حب رومانسية # تهنئه # ازياء # صور بنات # صوره وكلمه خلفيات # كرتون # بروفايل رمزيات # دينية # سيارات # مضحكة # أعلام # مسابقات # حيوانات # ديكور # أطفال # أكلات # حزينة صور شباب أولاد ر# صور # الطب و الصحة # مقالات عامه # CV المشاهير # وصفات الطبخ # العناية بالبشرة غرائب وعجائب # قصص روايات مواعظ # صور حيوانات # وصفات الحلويات # الرجيم والرشاقة # نكت مضحكة # صور خلفيات # العناية بالشعر # شروحات و تقنيات # videos # Apps & Games Free # موضة أناقة أزياء # سيارات # ديكور # رعاية الأطفال # نصائح المطبخ # موبايل جوال # الفوركس # التعليم والمدارس # الحمل و الولادة # اخبار الرياضه # وظائف # صحة المرأة # حوادث # صور بنات # صور اطفال # مكياج و تجميل # عناوين بنوك شركات محلات مطاعم # العاب الغاز # عيد # كلمات الاغانى # اشغال فنيه واعمال يدويه # مصر # أشعار خواطر # للنساء فقط # للرجال فقط # صور شباب # علاج النحافه # رسائل SMS # أكلات نباتية - Vegetarian food # برامج الكمبيوتر # المراهقة # جمعة مباركة # blogger # رعب # لعنة العشق # حب # اسلامية # قاسي ولكن أحبني # أحفاد أشرار الحرب لأجلك سلام # أسمى معاني الغرام # حقيقية # لقد كنت لعبة في يده # ملهمة # أباطرة العشق # عربية # حب خاطئ # لست مميزاً # من الجاني # مشاهير # راقصة الحانة # اغتصاب طفلة # عاشقان يجمعهم القدر # الطريق الصعب # خيال علمي # أشواك الحب # تاريخ # سجينة ثوب الرجال # لروحك عطر لا ينسى # أطفال # عشق وانتقام # لازلت أتنفسك # لقاؤنا صدفة # للحب معان أخرى # خاتم سليمان # ممن أنتقم # نجاح # أبواب وهمية # حلمى فى صفيحة قمامة # فيلم # مجنون بحبك # بين شباكها # حزينه # رحلات جوليفر # عذاب قسوته # عندما ينادي الشيطان # لعنة حبك # مريم وامير # هدوء في قلب العاصفة # الحاسة السادسة # المشعوذة الصغيرة # عباقرة # لوعة العشق # حروب # قدر بالإجبار # بنات مضحكه# فوركس Forex# صحتك # الصور والخلفيات # الطبخ والحلويات # منوعات # اخبار الفن # القصص و الروايات الألعاب الرياضية # الحياة الزوجية # أزياء وملابس # الأم و الطفل # دراسات لغات # افكار منزلية # انترنت تكنولوجيا # صفات الابراج # حيوانات ونباتات # تفسير الاحلام # معانى الاسماء # خواطر و اشعار # الكون والفضاء اجمل نكته# Mix # Forex # youtube # foods # Kids # Health education # stories # News # kitchen # woman # Famous # Sport # Animals

-------

الساعة الآن 05:13 صباحا