أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في منتدى جنتنا، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





رواية نجمة في سمائي

حين رأيتك لأول مرة أدركت أنك نجمة فى سمائي، سترشدين روحي الضائعة وتنيرين ظلمائي، لم أكن أعلم أن القدر غادرا، تبا لغبائي، ..



13-03-2022 12:09 صباحا
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 

t22099_3142

حين رأيتك لأول مرة أدركت أنك نجمة فى سمائي، سترشدين روحي الضائعة وتنيرين ظلمائي، لم أكن أعلم أن القدر غادرا، تبا لغبائي، حرمني منك، فكتب بأحرفه نهاية قصتي وفنائي.
البداية

وقفت تتطلع إلى البحر بعيون شاردة، تتطاير خصلاتها البنية الناعمة خلفها بينما يربت النسيم على وجهها، تتأمل هذا المكان الذى حمل إليها ذكريات ماض قد يبدوا بعيدا ولكنه أقرب مايكون فى مخيلتها، فهنا بدأت قصة وإنتهت قصة، وبقيت فقط... مرارة الذكرى.

فى هذا المكان، وقفت تظن أن حياتها قد إنطوت مع هذا الماضى الأليم،وتوقف بها الزمن....
فى هذا المكان، ظنت أنها قد دفنت مشاعرها وأحاسيسها بعد أن كان مكان ميلادهم..
فى هذا المكان، ظنت أنها دفنت قلبها إلى الأبد...





ولكنها فى هذا المكان أيضا عاد قلبها للحياة، وتسارعت خفقاته رغما عنها...
أغمضت عيناها وهي تعود بذاكرتها قليلا إلى الوراء، إلى هذا اليوم الذى رأته فيه...
رواية نجمة في سمائي للكاتبة شاهندة الفصل الأول

أغمضت عيناها وهي تعود بذاكرتها قليلا إلى الوراء، إلى هذا اليوم الذى رأته فيه...

هنا... تحديدا فى هذا المكان الذى تقف به الآن، كانت تطالع تلك البقعة التى تذكرها بألمها وجرحها القديم، زيارتها لهذا المكان دائمة، يذكرها بأن لا تثق بمخلوق مجددا وأن لا تمنح قلبها لأحد، لفت إنتباهها فى البداية صوته الحاد وهو ينهر أحدهم، إلتفتت تطالعه بعينين ثاقبتين، فرأت سائق سيارته على مايبدو، يقف عاجزا عن مساعدته، بينما يمنعه رب عمله من التقدم معه أكثر من ذلك، ليدير عجلات كرسيه بصعوبة متجها إلى البحر، عقدت حاجبيها وهي تتأمله، لم تتبين ملامحه فى البداية، فقد كان يخفيها هذا الكاب الذى يضعه على رأسه، ولم تود الإقتراب منه أيضا، فيبدو أنه يود العزلة ولا يحب تحديق الغرباء به، توقف أمام البحر تماما، للحظات بدا شاردا وكأنه فى عالم آخر...

وجدت نفسها تقترت منه رغما عنها، لتتوقف وتحبس أنفاسها حين رفع كابه لتظهر ملامحه الوسيمة كاملة، شعر بني، بشرة قمحية ولحية خفيفة، وعيون عسلية رائعة تخفيها بعض الشيئ تلك العبرات التى ظللتها...
إنه يبكي، يبكي ربما على أطلال عشق شهده هذا المكان، تماما مثلها.
يمسك بسلسال يلفه حول يده، يضمه بقوة حتى أنه لم يشعر بأنه قد جرحه وجرحه يقطر منه الدماء...

شعرت بقلبها يتضخم وبمشاعرها التى جمدها الماضي تذوب، شعرت بخفقاتها تعود للحياة، تتفاعل بقوة مع هذا الرجل، كادت أن تهرع إليه، تعالج هذا الجرح بسرعة، فجرحه يدمى قلبها، ولكن ما إن شعر هذا الرجل بوجود متطفلين حوله، حتى وضع كابه على رأسه وإلتفت مغادرا دون أن يلتفت إليها، لتتابعه بعينيها وفيهما انبثقت نظرة تصميم امتزجت بمشاعر عاتية لم تراودها منذ زمن، تقسم أن تصل إليه، تعرف قصته وسبب عبراته التى مزقت قلبها، تقسم أن تشفيه من جراحه وتساعده بكل ماتملك من قوة.. نعم ستفعل بكل تأكيد.

تأملت تلك اللافتة التى كتب عليها (عائلة القشاش)بعينين هادئتين فى الظاهر ولكنهما تحملان بركانا من المشاعر بالداخل، فهي على مشارف بداية جديدة قد يقبع فى نهايتها سلامها أو إحتراقها مجددا باللهيب، أخذت نفسا عميقا تهدئ به خفقاتها المضطربة بجنون، وخطت إلى الداخل بخطوات رشيقة لتستقبلها الخادمة بإحترام، أخبرتها بهويتها وبرغبتها فى مقابلة السيد(عزام القشاش)فأخذتها على الفور إلى مكتبه، طرقت الباب وهي تأخذ نفسا عميقا مجددا، تستعد به لمقابلة العم الذى إن حازت على قبوله إستطاعت بسهولة الدلوف إلى حياة(يحيي)، أما إن فشلت فستخرج من حياته للأبد، وهذا خيار غير مسموح به...مطلقا.

دلفت إلى المكتب حين سمح لها العم بالدخول، لتجده جالسا خلف المكتب، رجل فى أوائل الخمسينات على مايبدو، أشيب الفودين، تحمل عيونه نظرة ثاقبة تخيفها وتثير القشعريرة فى جسدها، تأملها بهدوء للحظات قبل أن ينهض ويتجه إليها يمد يده إليها مصافحا، وهو يقول:
-شرفتي عزبة القشاش يادكتورة ميار، يارب تفضلى معانا علطول ومتمشيش بسرعة زي اللى قبلك.

عقدت حاجبيها وهي تسحب يدها من يده قائلة بإستفهام:
-اللى قبلى !
أشار (عزام)بيده قائلا:
-مع الأسف، مفيش معالج أو معالجة قدروا يستمروا مع إبن أخويا أكتر من أسبوعين، بيطفشهم بأسلوبه.

قالت (ميار)بحيرة:
-وليه بيطفشهم، هو مش عايز يخف ويقدر يمشى على رجليه من تانى؟

تنهد (عزام) وهو يعود لمقعده خلف مكتبه قائلا:
-للأسف مش عايز، حبيبته ماتت فى الحادثة اللى حصله بسببها الشلل النصفى ده، وفى إعتقاده شلله هو عقابه لإنه هو اللى كان سايق وإتسبب فى موتها، وعشان كدة رافض العلاج نهائيا وبيطفش أي حد ممكن يساعده على الشفا.

أطرقت برأسها أرضا تخفى غصة فى حلقها جعلت عبراتها تطفو فى مقلتيها، لتحاول التماسك قدر الإمكان وهي تعاود النظر إلى(عزام)، الذى قال:
-بتمنى متيأسيش بسرعة زي اللى قبلك، وجودك معانا أكيد هيسعدنا كلنا.

إقشعر بدنها ونظراته تحوم حول ملامحها الجميلة، لتنفض إشمئزازها جانبا وهي تقول بحزم ونظرة يملؤها العزم:
-متقلقش حضرتك، قاموسي مفيهوش كلمة مستحيل ولا بعرف الإستسلام، أنا مش همشى من المكان ده غير لما كل حاجة ترجع زي الأول وأحسن كمان.

إبتسم (عزام)قائلا:
-كلام جميل، تحبى تبدأى الشغل من إمتى؟
قالت بهدوء:
-من دلوقتى حالا، ضيعنا وقت كتير .
أومأ برأسه وهو ينهض مقتربا منها قائلا:
-يبقى تعالى معايا أعرفك بمريضك، آخر سلالة القشاش وزينة شبابها يحيي..يحيي عادل القشاش.
ليدق قلبها... بقوة.

كان يجلس على كرسيه فى شرفة حجرته، يتأمل الطبيعة الساحرة بعينين شاردتين، لا شيئ مطلقا قد يحمل له أي قدر من السعادة، ولا حتى هذا المنظر الساحر والذى تطل عليه شرفته، لا شيئ مطلقا قد يعيد إليه الشعور بالكون من حوله بعدما فقد من كانت تلون كونه بألوان الحياة، تمنح له مذاقا خاصا رائعا..
لم يشعر بأنه على قيد الحياة سوى معها وعندما فقدها، فقد كل شيئ، حتى الرغبة بالحياة.

أغمض عيناه، يستحضر صوتها، كلماتها التى كانت تمنحه سعادة لا قبل له بها.
....إنت جنة أنا عشت فيها
....قلبى محسش بالسعادة غير لما عرفتك يايحيي
....انت زي الوطن جوة حضنك بحس بالأمان
....هتفضل فى قلبى مش ممكن حد ياخدك منى...أبدا.

رفع يده يضعها على خافقه يقول بصوت إمتزجت فيه المرارة بالحنين:
-إنتى كمان فى قلبى يا ياسمين، مش ممكن حد هياخدك منى ولا ياخد مكانك ...أبدا.

فتح عيونه على صوت طرقات على الباب ثم دلوف عمه وهو يناديه، أدار كرسيه يدلف إلى الداخل لتتجمد يداه على العجلات وهو يطالع تلك الزائرة التى رافقت عمه، يتطلع إليها بعيون قست نظراتهما وملامح باردة كالصقيع، بينما يقول عمه بنبرة ودودة:
-قرب يايحيي، تعالى عشان أعرفك بالدكتورة الجديدة بتاعتك .

ليشير إلى (ميار)قائلا:
-الدكتورة ميار عبد الفتاح.

كانت( ميار )تتأمله عن كثب، تتشرب من ملامحه الوسيمة، تحاول أن تبدو هادئة قدر الإمكان بينما قلبها يطوف بين مشاعر عاتية، لم تشعر بها منذ زمن، تقاوم بكل قوتها تلك المشاعر حتى تستطيع القيام بمهمتها، تدرك صعوبتها خاصة وهذا الرجل الذى يقبع أمامها جالسا على كرسيه تصلها ذبذبات رفضه الكلي لها واضحة كأشعة الشمس.

أفاقت من أفكارها على صوت (عزام)وهو يشير إلى (يحيي) قائلا:
-إبن أخويا يحيي القشاش، هسيبكم تتعرفوا على بعض براحتكم وأروح أشوف اللى ورايا، هستناكم على الغدا بعد ماتخلصوا.
مال يهمس فى أذن (يحيي)قائلا:
-مش هوصيك يايحيي، الدكتورة دى شكلها طيب وبنت حلال، متضايقهاش.

ثم إستقام يربت على كتفيه قبل أن يومئ برأسه إلى (ميار)، ويغادر الحجرة مغلقا الباب خلفه.
إقتربت (ميار)من (يحيي)بخطوات مترددة، توقفت على مقربة منه وكادت أن تتحدث ولكنها إنتفضت على صوته الغاضب وهو يقول:
-إطلعى برة.
طالعته بصدمة ليكرر هادرا:
-بررررة...
تاااابع اسفل
 
 



13-03-2022 12:13 صباحا
مشاهدة مشاركة منفردة [1]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية نجمة في سمائي
رواية نجمة في سمائي للكاتبة شاهندة الفصل الثاني

بعد أن فقدتك فقدت كل رغبة فى الحياة..
توقفت الأرض عن الدوران وتحطمت عقارب الزمن..
إختفت شمسي وتلون نهاري بالظلمات...
أصبح فنجال قهوتي مريرا كالعلقم...
وتساقطت أوراق حياتي واحدة تلو الأخرى...
فصرت فى خريفي بعد أن كنت... فى أوج الربيع.

طالعته بوجه خال من التعبير للحظات، لم ترهبها صرخته ولم تخيفها نظراته الغاضبة، أو ملامحه المتجهمة، تدرك أن خلف كل ذلك رجل متألم، رقيق، يريد الإختباء خلف أسوار من الذنب، يريد أن يظل عاجزا كعقاب لقلب ذنبه الوحيد أنه أحب بكل خفقة من خفقاته، ففقد الحبيب وفقد معه كل رغبة فى الحياة.

أخفت أنين قلبها الذى يبكى ألما لألمه خلف ستار من البرودة، وإقتربت منه بهدوء، عقد حاجبيه وهو يطالعها تقترب منه، ثم تتوقف أمامه تماما بثبات، مالت عليه فجأة تتطلع إلى عينيه مباشرة، قائلة بهدوء:
-تعرف إيه مشكلتك؟
قال بغضب:
-إنتى.

إبتسمت ببرود وهي تهز رأسها نافية قائلة:
-أنا بالنسبة لك مشكلة جانبية، حاجة بسيطة متفرقش معاك كتير، لكن مشكلتك الحقيقية هي إستسلامك للماضى، وتمسكك بيه، رافض حتى إنك تعيش الحاضر وتفكر فى المستقبل، إيه يعنى حادثة حصلتلك زمان و...

قاطعها وهو يمسك كتفيها فجأة بقسوة يجز على أسنانه قائلا:
-خليكى فى حالك وملكيش دعوة بية، وأحسنلك تمشى من هنا ومشفش وشك تانى...مفهوم؟

رغم الألم الذى سرى فى كتفيها من قسوة لمسته، ولكن قرب وجهها منه جعل أنفاسها تنحبس فى صدرها، وأضعف تلك الواجهة الباردة التى تدعيها، رقت نظراتها وهي تتطلع إليه فإزداد إنعقاد حاجبيه وهو يتطلع بدوره إلى عينيها، نظرتها تخترق قلبه رغما عنه، تذكره بحبيبته الراحلة، نفس الرقة الممتزجة بالقوة، نفس لون العيون العسليتين، يشعر بقلبه يخفق بعد أن كان مدفونا بأعماقه، يلين بعد أن كان جلمودا كالصخر، دفعها بعيدا بقسوة يقاوم تلك المشاعر، يدفنها فى أعماقه مرة ثانية، يوأدها قبل الظهور، كادت أن تسقط ارضا ولكنها تماسكت بكل قوتها، تستقيم وهي تطالعه قائلة:
-أنا عايزاك تعرف حاجة واحدة بس، خروج من البيت ده قبل ماتمشى على رجليك مش هيحصل.

زلزلت كيانه تلك الشجاعة التى تملكها، وذلك الإصرار بعينيها، وأثاره تحديها له على هذا النحو، ولكنه قال بسخرية:
-مغرورة أوى وفاكرة إنك هتقدرى تعالجينى مش كدة؟

إبتسمت إبتسامة باهتة وهي تقول:
-ده مش غرور، دى ثقة فى الله، ربنا سخرنى عشان أساعدك، متفتكرش إن حالتك ميئوس منها، فيه حالات أسوأ منك بكتير وقدرنا بفضل الله نعالجها، أهم حاجة إن يكون جواك الرغبة فى الشفا.

لم ينطق بكلمة وإنما طالعها بنظرات خالية من المشاعر، لتستطرد بهدوء:
-على فكرة مبحبش البنى آدم اللى بيغرق فى بحر الرثاء على النفس، رغم إنه فى نعمة كبيرة مش حاسس بيها، فيه غيره مش بس إتشل شلل نصفي فى حادثة، لأ إتشل شلل رباعى وفقد أحبابه كلهم كمان، ورغم كدة كان عنده الإيمان بالله واللى خلاه قدر مع العلاج يحرك جسمه، صحيح موصلش إنه يمشى تانى غير بعكاز بس فى يوم هيقدر يستغنى عن العكاز ده، وحتى لو مستغناش فاللى حققه يشرف أي راجل ويخليه يرفع راسه بين الناس، خلاه يعيش ويكمل حياته بشكل طبيعي، الحياة مبتقفش عند حاجة وحشة حصلتلنا، الحياة لازم تستمر.

قال فى برود:
-خلصتي؟
عقدت (ميار)حاجبيها قائلة:
-خلصت إيه؟!
قال بسخرية:
-محاضرتك النفسية اللى ملهاش أي لازمة عندى.
إزداد إنعقاد حاجبيها ليستطرد قائلا فى برود:
-إذا كنتى خلصتى، ياريت تطلعى برة أوضتى وتقفلى الباب وراكى.

طالعته وهو يلف عجلات كرسيه ليذهب إلى الشرفة، متجاهلا إياها لتقول بهدوء هامس:
-مش هتقدر تبعدنى عنك بقسوتك أو حتى برودك يايحيي، أنا جيت عشانك ومش همشي من هنا قبل ماتخف وترجع أحسن من الأول، وده وعد منى ليك، أنا هخرج دلوقتى بس راجعة تانى، فإستنانى.

ألقت عليه نظرة أخيرة قبل أن تغادر الحجرة، وتغلق بابها بهدوء، أغلق (يحيي)عيونه عندما سمع باب الحجرة يغلق ثم فتحهما من جديد، يدرك ذهابها مؤقتا ولكنه متأكدا من عودتها فتلك الفتاة عنيدة، تختلف عن غيرها ممن جاءوا لعلاجه، تمتلك شخصية قوية تمتزج بالرقة، لايخيفه عنادها ولكن مايقلقه هو أنها تذكره بحبيبته، تثير فى قلبه الحياة والتحدى كما فعلت حبيبته بالماضى...تماما

تنهد وهو يطالع حديقة منزله مجددا، يفكر فى ( ياسمين)ويتذكر كل ماعاشه معها، تطارده تلك الذكريات وتصيبه بحنين يمتزج بالألم..فما أصعب أن يشتاق المرء لحبيب واراه الثرى والأصعب أن يكون هو... السبب فى وفاته.

حبيبتى..عندما أنام أحلم بك وعندما أصحو أرى طيفك أمامي...
لعنة عشقك تطاردنى فى صحوي ومنامي...
قد مات القلب معك حين فارقتنى...
فقط ما يبقينى حيا...أنفاسي وآلامي.

نقر على مقود سيارته بعصبية قائلا:
-نفسى أعرف بس مش عايزة نسكن فى الفيلا مع عمى ليه؟ما انتى عارفة إنه وحيد وملوش حد غيرى، طول عمره كان عايش معانا حتى من قبل ما ماما وبابا يتوفوا، ومش ممكن أتخلى عنه دلوقت.

لم تجيبه (ياسمين)بل إكتفت بالتطلع عبر النافذة متجاهلة إياه تماما، شعر بالغضب الشديد فمد يده يسحب يدها بقوة يجبرها على النظر إليه وهو يقول بغضب:
-لما أكلمك تبص...

صمت تماما وعيونه تتسع من الصدمة عندما رأى دموعها المتساقطة على وجهها ليقول بألم:
-إنتى بتعيطي؟! ليه بس الدموع ياياسمين؟!!

لم تجد الوقت لإجابة تساؤله ففى نفس اللحظة ضربت سيارته شاحنة ضخمة لم ينتبه لها لإنشغاله بصدمة بكاؤها، صرخة إنطلقت من محبوبته ثم شعوره بألم رهيب فى ظهره ومن ثم...الظلام التام.

أفاق بعدها فى المشفى ليفاجئ بإصابته بشلل نصفي، لم يعر إصابته إهتماما ولكن جل إهتمامه كان بمصير تلك المخلوقة التى منحها قلبه وروحه وعقله، ليخبره عمه بوفاتها على الفور متأثرة بجراحها، لتكون تلك هي الطامة الكبرى والتى فاقت قدرته على الإحتمال وأفقدته كل رغبة فى الحياة، يعيش كابوس فقدانها كل يوم ليصحو على صرخته بإسمها، كما فعل الآن... تماما.

أنار المصباح بجانب الكومود وسكب لنفسه كأسا من الماء، تجرعه مرة واحدة، ثم تراجع برأسه على الوسادة يتصبب عرقه على جبينه، يغمض عيناه ألما ومرارة الذكرى تلوح فى الأفق، فتح عيونه متنهدا يدرك أن الليلة ستكون كسابقيها، يهرب النوم من جفونه بعد ذلك الكابوس ولا يريحه سوى الخروج لشرفته ومناجاة حبيبته، تلك النجمة اللامعة فى سماءه، ربما لا يستطيع الوصول إليها ولكن يكفيه أنها تنير ظلمات ليله، ويريح قلبه المنهك شوقا فقط..النظر إليها.

نظرت إلى ساعتها للمرة العشرون، من المفترض أن يكون هنا منذ قرابة الساعة، فى تلك الحجرة التى خصصها لهما (عزام)للعلاج.
حسنا..مازال يعاند، مازالت رأسه اليابسة تقاوم محاولاتها لمساعدته، ولكنها أبدا لن تيأس، ستتركه اليوم..وفى الغد لها معه شأن آخر بالتأكيد.

قال (عزام)بهدوء:
-مبدأتش النهاردة اول جلسة علاج ليك مع دكتورة ميار يايحيي.
قال (يحيي)بسخرية:
-هي لحقت إشتكتلك؟
قال (عزام):
-متظلمهاش ياابني، دادة فوزية اللى قالتلى.
قال (يحيي) ببرود:
-مش عايزها ياعمى، دمها تقيل على قلبى.

اقترب(عزام)من (يحيي)وهبط على ركبتيه ليواجهه قائلا:
-انت ليه عنيد بالشكل ده؟ليه مش قادر تشوف اننا كلنا عايزينك تخف وتقدر تعيش حياتك الطبيعية من تانى.
رق (يحيي)لعمه فقال بهدوء:
-عمى أرجوك، أنا عايش حياتى الطبيعية فعلا، باكل وبشرب وبشتغل فى الشركة، مش محتاج رجلين عشان أقدر أعمل كل ده.

قال (عزام)وهو ينهض بحزن:
-بس محتاج رجلين عشان تحب وتتجوز، ولا إيه يايحيي.
قال (يحيي) بعصبية:
-انت عارف إنى مش ممكن أحب أو أتجوز واحدة غير ياسمين، وياسمين ماتت ياعمى فمن فضلك، متجيبش السيرة دى تانى وأرجوك مشى البنت دى من هنا، أنا مش عايزها.

طالعه (عزام)بهدوء قائلا:
-للأسف مش هقدر، عقدها معانا ألزمنا بسنة كاملة وللأسف هي حطت شرط جزائي لفسخ العقد بمبلغ كبير سيولتنا مش هتغطيه.
عقد (يحيي)حاجبيه قائلا:
-وليه تعمل كدة؟

قال (عزام):
-بصراحة مفكرتش..شروط العقد كانت فى صالحنا وده اللى همنى، فيا تستحملها لمدة سنة ياتطفشها وتطلب هي فسخ العقد مع إنى مبرجحش انها ممكن تعمل كدة، الا لو قلتلها انك هتتنازل عن المبلغ، عموما دى حياتك يايحيي وانت حر فيها، لإنى بجد تعبت معاك.

إلتفت مغادرا ليبتعد صاحب تلك الأذنان، هذا الذى كان يستمع لحديثهما من خلف الأبواب، بينما عقد(يحيي) حاجبيه وهو يفكر فى طريقة للتخلص بها من تلك الفتاة، لتطلب بنفسها فسخ العقد، والهرب بجلدها من هذا المكان.

خرج (يحيي)إلى الشرفة كعادته كل صباح، يتنفس الهواء العليل فيشعر ببعض الحياة تدب فى أوصاله، تجمدت ملامحه وهو يراها هناك فى مكانه المفضل فى الحديقة، تمارس تمارين الصباح بنشاط، رغما عنه تطلع إليها، كم تبدو جميلة بل فاتنة ورشيقة للغاية، تبعث رؤيتها الراحة فى النفس وتملؤها بالبهجة، نفض أفكاره التى دارت حولها وكاد أن يبتعد مغادرا حين استوقفه ذلك المشهد..،

كانت دادة( فوزية )تحضر إليها عصير الفراولة، لترفضه (ميار)، تخبرها أنها لا تشرب الفراولة فهي لا تحبها وتفضل شرب الحليب بعد التمارين، تجمدت أطرافه جميعها، ورغم أنه بارع فى قراءة الشفاه إلا أنه كذب عيناه و إنتظر دادة(فوزية)ليراها تعود بكوب من الحليب، شعر بكيانه يتذبذب، فتلك الفتاة تذكره بحبيبته بشكل يصعب عليه إحتماله، إلتفت مغادرا بسرعة، دالفا إلى الحجرة بينما ظللت شفتي(ميار)إبتسامة طفيفة وهي تتابعه يغادر بعينيها، تدرك أنه كان يطالعها منذ قليل، لتشكر الدادة ثم تحمل منشفتها وتصعد إلى حجرتها لتأخذ حماما وتبدل ملابسها فيومها طويل وشاق.. وسيبدأ منذ الآن.

بينما ذهب (يحيي )إلى الكومود بجوار سريره، وفتح احد أدراجه يخرج صورة لفتاة جميلة تحيطها هالة من البراءة، تأملها للحظات ثم مرر يده على وجنتها قائلا بعشق:
-يمكن تكون فعلا شبهك ياياسمين، مش بس فى الشخصية لأ وكمان بتحب الحاجات اللى كنتى بتحبيها وبتعمل زيك، بس انا مش عايزك تقلقى، مستحيل هتاخد مكانك فى قلبى ياحبيبتى، لإن مكانك فى القلب، هو القلب كله...

13-03-2022 12:14 صباحا
مشاهدة مشاركة منفردة [2]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية نجمة في سمائي
رواية نجمة في سمائي للكاتبة شاهندة الفصل الثالث

يرونك وحش قاس مخيف، بارد القسمات..
ترتعد قلوبهم لمرآك، ترتجف من الخوف الدقات..
وأراك أنا كما أنت، تعجز عن وصفك الكلمات..
أراك بريئ كطفل فى المهد، رائع الضحكات..
تخفي روحك عن من حولك، تخشى نفوس تملؤها الظلمات..

تحيط نفسك بهالة من الثلج، تختفى خلف الغيمات..
ترهب الجميع لكنك لاترهبنى، فقد سبرت أغوارك وأدركت السمات..
تخبرنى نافذة روحك عن ما تخفيه عن الجميع، أتعمق فى النظرات..
فأرى سحر يجذبنى، وأنا لطلاسم السحر من القارئات..
أرى روح وحيدة تبحث عن وطن، ليهدأ خافقها وتسكن النبضات..

لأقسم أن أكون لروحك وطنا، تنعم فيه بالراحة فتستقر على ثغرك البسمات..
ويختفى هذا الوحش للأبد ويظهر أميرى، هذا الرائع فى كل الحالات..
لنرقص سويا على معزوفة رومانسية، نتنقل بين الشرفات..
فأعيش معك حكايتى الخيالية، أحولها معك إلى واقع وردي الخطوات.

كادت (ميار)أن تبتسم ولكنها كبحت إبتسامتها بصعوبة وهي تطالع مريضها الذى لم يفاجأها البتة كما توقع بحضوره، ولم يخيفها مطلقا بتلك النظرة التى يرمقها بها، تدرك ببساطة خططه لإجبارها على الهروب منه ومستعدة لها تماما.

لم تعلق على إبتسامته الساخرة وإنما إكتفت بإيماءة إستحسان من رأسها قائلة:
-وأخيرا إعترف المريض برغبته فى العلاج، تمام أوى، هنبدأ من النهاردة نحسن إمكانية الحركة عندك.

لتنظر فى تقاريره الطبية للحظات، قبل أن تنظر إليه قائلة:
-من تقارير الفحص البدنى وإختبارات العضلات وسرعة التوصيل العصبي أقدر أقولك إنه الحمد لله تم شفاء الأضرار الداخلية للأعصاب وإن رجليك مش فاقدة للإحساس بالكامل، بالعكس.. وهنا بييجى دور العلاج الطبيعي والعلاج فى الحالة دى بيعتمد كلية على مشيئة ربنا وإرادتك ورغبتك الحقيقية فى العلاج.

صمتت لبرهة تترك كلماتها تتغلغل إلى عقله، ادركت من إتساع إبتسامته الساخرة أنه لا يأبه البتة بكلماتها، لذا فقد قررت أن تمنحه مايريد حتى تنهي مقاومته بالكامل وتقضي عليها، لذا تركت تقاريره من يدها بهدوء، واقتربت منه حتى توقفت أمامه، مالت تضع كلتا يديها على ذراعي كرسيه قائلة:
-هنبتدى من النهاردة لمدة شهر جلسات هنبه فيها العضلات بجهاز التنبيه العضلى، ونقوم كمان بالpassive exercise، ودى تمارين هنحرك فيها أطرافك عشان ندى إشارة للمخ بالحركة ونساعد على استعادتها بشكل طبيعي أما بقى...آااااه.

اطلقت (ميار)شهقتها بعد أن سحبها( يحيي) فجأة من يدها ليختل توازنها وتجد نفسها تجلس على حجره، يحكم حصارها بيده بينما يمرر يده على وجهها وهو يتطلع إلى وجهها القريب منه بنظرة لعوب وإبتسامة ذئبية خالصة قائلا:
-صعب أوى تلعبى بالنار ومتتحرقيش يادكتورة.

ثم إقترب من شفتيها هامسا:
-قربتى زيادة حبتين وصحيتى الراجل اللى جوايا، واللى تصحى الوحش متزعلش لو عضها.

رغم اضطراب مشاعرها وضربات خافقها المتسارعة، ورغم نظراته ولمسات يده على وجهها إلى جانب أنفاسه التى تلفحها وتودى بكيانها إلى الهاوية، إلا أنها تماسكت قدر الإمكان، وهي تقول ببرود:
-مستنى إيه؟ ماتبوسنى.

تراجع بوجهه عن وجهها عاقدا حاجبيه بصدمة، لتقترب هي من وجهه قائلة:
-مش ده اللى إنت عايزه، بتتراجع ليه دلوقتى؟
دفعها عنه بقسوة فإرتمت أرضا، تشعر بالألم، ولكنها قاومت ألمها وهي تنظر إليه قائلة بتحدى:
-مكملتش ليه، أمال فين الوحش اللى صحيته؟ راح فين؟

طالعها بغضب إمتزج بالإشمئزاز قائلا:
-إنتى إيه؟!جايبة الجرأة دى منين؟مش خايفة على نفسك ؟طب على الأقل خافى على أهلك.
قالت بمرارة:
-إنت بتسأل أنا إيه؟واللى كنت عايز تعمله من شوية خلاك إيه؟ها؟!!
كاد أن يتحدث فرفعت يدها تصمته قائلة:
-متحاولش تبرر، عارفة إنها كانت تمثيلية وإنك مستحيل كنت هتكمل.

عقد حاجبيه فإستطردت قائلة:
-متستغربش، أنا عارفاك كويس أوى، عارفة طبعك، بتحب إيه وبتكره إيه، ممكن تعمل إيه ومستحيل تعمل إيه، بتفكر إزاي، ومتسألنيش عرفت منين، يمكن صديق حكالى عنك أو يمكن صديقة، يمكن ملفك أو دكتورك او حتى عمك، بس كون واثق إنى فاهماك أكتر من نفسك، وإنى كنت متأكدة من أنك هتتصرف بالشكل ده عشان تطفشنى، بس حتى لو كان ده هدفك مكنش ينفع تتصرف بالحقارة دى عشان توصله، إنت مستحيل تكون يحيي اللى سمعت عنه.

كان لابد وأن يعترف لنفسه، هي على حق تماما، لم يكن (يحيي) القديم ليفعل ذلك أبدا، ولكن هذا الرجل المقعد والذى توفي قلبه مع حبيبته قد يفعل أي شيئ كي يبعد الناس عنه، حتى وإن كان شيئا حقيرا كهذا.

انتبه لكلماتها، إن كانت تعرفه كما تقول فمن ذا الذى أخبرها كل ذلك عنه ؟!!

أفاق من أفكاره على صوتها وهي تطرق برأسها قائلة بصوت متهدج جذب إنتباهه رغما عنه وتسلل إلى قلبه وهي تقول:
-مش إنت لوحدك على فكرة اللى خسرت كل حاجة فى حياتك، ناس كتير خسرت وحالتها أصعب منك بس عمرها ماإستسلمت لليأس وإتحولت بالشكل ده، أنا أدامك أهو، خسرت زيك ويمكن أكتر منك، على الأقل لما خسرت حبيبتك كنت واثق انها بتحبك...

قاطعها هادرا:
-متجيبيش سيرتها...

قاطعته بدورها وهي ترفع عيونها إليه فأخرسته دموعها التى ذرفتها من عينين ظهر بهما وجعا أدمى قلبه، دموعا ذكرته بدموع حبيبته، ليرق قلبه لها وهي تقول:
-اللى بيخسر حد بيحبه بيفضل عايش على ذكراه اللى بتملا فراغ حياته من بعده، لكن اللى بيخسر حد كان مفكر إنه بيحبه بيفقد الذكريات دى وبيفقد الثقة حتى فى نفسه، وساعتها رغبته فى الحياة بتضيع وبيتمنى الموت لكنه أضعف من إنه يروحله برجليه فبيستناه وهو فى كل لحظة بيتمنى يقرب منه أكتر.

طالع عيونها الحزينة والتى يطل الألم من مقلتيها وهي تستطرد قائلة بمرارة:
-أنا مليش أهل، طول عمرى عايشة لوحدى، كارهة الحياة وجواها الوحدة بتقتلنى، لحد ماشفته هو، الإنسان اللى حبيته من كل قلبى وإعتبرته أهلى وعيلتى وعزوتى، و لما جت لحظة الإختبار الحقيقى ومرضت مرض شديد، الموت ساعتها كان أهون علية من إنه يتخلى عنى، يسيبنى من تانى لوحدى، الوحدة فى المرض بتقتل، قدروا الدكاترة يعالجونى بس فضلت زي ماأنا، مريضة من جوة، فاقدة الرغبة فى الحياة وكارهة الناس والبشر، وللأسف قنط من إنى ألاقى الرحمة بينهم، حسيت بإنى مش بس منبوذة، لأ ومخدوعة كمان، حسيت بإنى مليش مكان فى الدنيا الواسعة دى كلها.. بس الحمد لله...،

ربنا مرضاش يسيبنى فى عذابى اكتر من كدة، بعت لية دكتورة نفسية قدرت تخرجنى من اللى أنا فيه، أخدتنى من إيدى لمركز اختها للعلاج الفيزيائي، وريتنى إنى أحسن كتير من غيرى، واللى بيشوف مصايب الناس بتهون أوى عليه مصيبته، اترجيتها تخلى أختها تعلمنى وتخلينى أشاركها فى مساعدة الناس يمكن ساعتها ألاقى علاجى بينهم، كملت العملي بالدراسة ولقيت نفسي فى الشغل..وفعلا، مع كل حالة كنت بساعدها كنت بحس بالشفا هنا.

لتشير إلى قلبها مستطردة:
-فى قلبى.
تنهدت بمرارة قبل ان تردف قائلة:
-أنا مش وحشة زي ماإنت فاكر، أنا من نظرة واحدة للبنى آدم اللى أدامى بحس بوجعه وبحاول أساعده زي ماغيرى ساعدنى.

لانت ملامحه مع كلماتها وقد شعر بالتعاطف معها مما جعله يقول بصوت شعرت فيه(ميار)باللين معها لأول مرة:
-أنا آسف، آسف للى حصلك زمان وآسف لإن حبيبك طلع ندل وآسف على اللى حصل منى كمان من شوية، وآسف لإنى مضطر رغم كل اللى سمعته منك وأثر فية إن أقولك إنى لسة مصمم على قرارى ورغبتى فى إنك تمشى، مهمتك نبيلة فعلا بس للأسف أنا معنديش أي رغبة فى إنى أتعالج، رغبتك فى مساعدة الناس خرجتك من الحالة اللى كنتى فيها، لكن الحاجة الوحيدة اللى كانت ممكن تخلينى راغب فى العلاج راحت منى، مبقاش عندى أي حاجة تحفزنى على الشفا...

قاطعته قائلة:
-وعمك؟!
طالعها بحيرة فإستطردت وهي تنهض ببطئ قائلة:
-انت بتحب عمك أوى...
كاد أن يتحدث فأشارت له مستطردة:
-متنكرش، حبك الشديد ليه باين أوى فى تصرفاتك وعنيك.

عقد حاجبيه بينما تستطرد هي قائلة:
-عمك ده ميستاهلش إنك تخف عشانه؟ميستاهلش تريحه..
قاطعها قائلا:
-أنا فعلا بساعده فى الشغل و...

قاطعته بدورها قائلة:
-حتى لو كنت بتساعده فى الشغل زي مابتقول، لكن على الصعيد الشخصى، انت فين؟منزوي وعلطول فى أوضتك، حس بألمه كل مابيشوفك بالشكل ده وهو عاجز عن مساعدتك، لو مش عايز تخف عشان تحب تانى وتتجوز وتجيبله اطفال، خف عشان بس تسعده برجوعك يحيي اللى يعرفه، يحيي اللى كانت ضحكته مبتفارقش وشه، يحيي اللى كان بيحب الحياة وبيعيش كل لحظة فيها.

عقد حاجبيه قائلا بعناد:
-انتى عايزة منى إيه بالظبط؟وعرفتى كل ده عنى منين؟

مالت تستند مجددا إلى ذراعي كرسيه، تتطلع إلى عينيه مباشرة قائلة:
-قلتلك مش لازم تعرف مين اللى قاللى، بس كفاية تكون عارف إن مصدري حد بيحبك، حد نفسه يشوفك كويس وواقف من تانى على رجليك، حد ملوش هم فى الدنيا وميهموش حد غيرك انت وبس يايحيي.

عمه، لابد وأنه مصدرها، تبا..لابد وأنه حقا يعيش فى ألم حاد لحاله، يتجرع كأس المرارة كل يوم وهو يراه على هذا النحو، كم يضعفه هذا ويجعله مضطرا لأن يستمع إليها ويبدأ فى العلاج، وربما ان إستطاع السير مجددا أن يذهب لزيارة قبر حبيبته فى بلدتها البعيدة حيث دفنوها أهل والدتها كما أخبروه وقتها، سيذرف الدموع ويطلب منها الغفران وربما اشترى بيتا هناك ليظل إلى جوارها حتى الموت.

طالعت (ميار)ملامحه التى ظهر عليها التفكير العميق، أدركت أنه يصارع أفكاره، لتقول بلهفة عجزت عن إخفائها:
-ها قلت إيه يايحيي؟
رفع إليها عينان ظهر بهما قراره فإبتسمت بداخلها وهي تستمع إليه وهو يقول:
-موافق بس تحدديلى مدة للعلاج، ولو مجبش نتيجة، تستسلمى وتمشى من هنا نهائي، موافقة؟

أومأت برأسها وملامحها تطفر بسعادة كبيرة تعجب لها وهي تقول بثقة:
-٣ شهور بالظبط واوعدك إنك هتقدر تمشى من تانى، وإن فشلت همشى من البيت والبلد دى كلها نهائي ومش هوريك وشي تانى، بس توعدنى بالتعاون الكامل منك والرغبة الحقيقية فى العلاج..اتفقنا؟

مدت يدها إليه، تنتظره ليؤكد كلماتها ويمنحها وعده، طالع يدها الممدودة للحظات حتى أنها خشيت تراجعه ولكنه لم يلبث أن مد يده إليها بدوره وهو يتنهد قائلا:
-إتفقنا.
إرتعشت يديها بين يديه، لا تصدق أن كفها يحتضن كفه، تؤكد إستطاعتها إقناعه و قبوله العلاج على يديها فى وقت قصير...قصير جدا.

عندما يصعب على من يحيطون بك فهمك ولا تجد منهم من يستطيع إحتواء ألمك او حتى الشعور به...
تصبح الوحدة رفيقا لا غنى عنه...
قد تكون الوحدة وقتها شفاء للروح...
ولكن حذار..
فقد تتحول تلك الوحدة إلى رمال متحركة تبتلعك فى جوفها...فتودى بحياتك.

ولقد كانت هي وحيدة بشدة، بائسة لا تملك أي أمل بالحياة تقف فى هذا المكان دوما كلما شعرت بالحياة تلفظها، تطالع البحر الشاسع متلاطم الأمواج، تسبح بين أمواجه العاتية، تلقى بهمومها فى جوفه فتشعر بالسلام مجددا يحيط بها، وفى هذا اليوم لم تكن تعلم وهي تسبح بقوة أنها على وشك أن تتبدل حياتها كلية.

فقد قابلته فى هذا اليوم حين أصابها شد عضلي، فلم تقوى على السباحة، تدرك ويالغبائها أنها إبتعدت كثيرا عن الشاطئ، شعرت بأن مياه البحر تسحبها بقوة، قاومت كثيرا وكادت أن تستسلم لحتفها، ربما كان فى إبتلاع البحر لها راحة، كما كان يريحها بإبتلاع همومها فى جوفه...

فجأة شعرت بأحدهم يسحبها من يدها لسطح المياه، تسمع صوته الأجش رخيم النبرات وهو يأمرها بأن تلف ذراعيها حوله، فأطاعته على الفور ليسبح هو بكل قوته ويخرجها من المياه بسلام، إرتمت تجلس القرفصاء أرضا تشعر بالإنهاك فى كل جسدها، ثم انتفضت على ربتة من يده على كتفها وهو يسألها بصوت عجزت عن سماع كلماته من ذلك الطنين فى أذنها..

إلتفتت تطالعه، كان مشرفا عليها فلم تتبين ملامحه فى البداية لتجده يجلس القرفصاء بدوره ويواجهها، حبست أنفاسها ملامحه الوسيمة ونبرات صوته بعد إستطاعت الآن سماع كلماته وهو يقول:
-سبحان الله، جميلة أوى بس للأسف مبتسمعيش.

كادت ان تبتسم خجلا ولكنها تمالكت نفسها بصعوبة وهو يشير بيديه بحركات بلهاء، قائلا بصوت عال قليلا:
-إنتى كويسة ياآنسة، أوديكى لدكتور؟
إبتسمت رغما عنها ثم هزت رأسها نفيا وهي تنهض قائلة بصوت رقيق خجول:
-شكرا، أنا كويسة، كتر خيرك عشان يعني..أنقذتنى، عن إذنك.

صوتها ملائكي خلاب تماما كملامحها الجميلة، وإبتسامتها خلابة، يراها كاملة، لا يعيبها أي شيئ ولا حتى عدم قدرتها على السمع، رائعة كفتاة أحلامه تماما، يشعر برغبة عارمة فى إستبقائها ومنعها من الرحيل ولكن بأي حجة وقد قطعت عليه السبل ليتعارفا، ناداها بصوت عال قائلا:
-لو بس تلفى، تدينى أمل، همسك فيه بإيدية ومش هسيبك أبدا.

توقفت فى مكانها فعقد حاجبيه مترقبا، يتساءل..هل ستلتفت إليه ؟هل ستمنحه ذلك الأمل؟إلتفتت ترنوا إليه بنظرة خجول قائلة:
-على فكرة أنا بسمع كويس أوى..سلام.

تسمع؟!!
إذا ضاعت فرصتك يازينة الشباب..ولكن مهلا لقد رنت إليه بنظرة خجول، ليست نظرة رادعة أو مستنكرة، إن الفتاة معجبة به بدورها، مرحى..هذا هو الأمل الذى أهدته إياه بسخاء، ليبتسم وهو يتبعها بسرعة، ينوى التعرف إليها قبل إنتهاء هذا اليوم، يقسم أن تكون تلك الجميلة له...له فقط دون غيره.

أغمضت (ميار)عينيها على تلك الذكرى الحية فى قلبها، تذكرها بقصة حب كانت لها الأولى فى حياتها والأخيرة، قصة حب منحت فيها بطلها وجدانها بالكامل ومنحها السعادة بدوره، حتى جاء ذلك اليوم الذى إنهارت فيه أحلامها وإصطدمت بجدار الواقع الأليم، فتحت عيونها على صوت طرقات على باب حجرتها ودلوف دادة (فوزية)إليها قائلة بإحترام:
-يحيي بيه منتظرك يادكتورة.

إبتسمت لها(ميار)إبتسامة ودودة وهي تومئ برأسها فى هدوء قائلة:
-جاية حالا يادادة.
ثم نهضت لتتنهد، وهي تتجه إلى مريضها لتمنحه أولى جلساته، تدرك ان مهمتها شاقة ولكنها بالتأكيد ليست...مستحيلة.

قال (عزام)بغضب:
-يعنى إيه الكلام ده يامنير، إتصرف، انا مبقتش قادر أتحمل أكتر من كدة.
قال (منير)المحامى الخاص به:
-هعمل إيه بس ياعزام باشا، ماأنا قلتلك إنى حاولت معاه بكل الطرق بس دماغه ناشفة ومش راضى.

قال (عزام )بغضب:
-إتصرف ياأخى، نيموه مع واحدة وصوروه، أو خلى رجالتنا يخطفوا إبنه، هددوه، إبتزوه، هو انا اللى هقولكم تعملوا إيه، أهم حاجة الصفقة دى متروحش من إيدينا وإلا أنا بنفسى اللى هوديكوا فى ستين داهية...مفهوم؟

قال (منير)على الفور:
-حاضر ياباشا، متقلقش..هتصرف..عن إذنك.

إبتعد هذا الشخص الذى كان يقف بالخارج، يستمع إلى محادثتهما سويا، يختفى حول احد الأعمدة، وهو يشاهد (منير) المحامى مغادرا بخطوات سريعة، وفى عينيه إرتسمت ملامح الغضب، بينما بالداخل كان (عزام)يشعل غليونه وهو يقول بعصبية:
-بشتغل مع أغبيا، لو مكنتش حاطط عيني عليهم كانوا ودونى فى داهية.

ليجلس على كرسيه وهو يأخذ من غليونه نفسا طويلا ثم يطلقه، يغمض عيناه لتتمثل فى مخيلته صورة لفتاة جعلته ينسى غضبه فى لحظات، فتح عينيه وعلى شفتيه إرتسمت إبتسامة غير مريحة...على الإطلاق...

13-03-2022 12:17 صباحا
مشاهدة مشاركة منفردة [3]
زهرة الصبار
عضو فضي
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس : أنثى
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
 offline 
look/images/icons/i1.gif رواية نجمة في سمائي
رواية نجمة في سمائي للكاتبة شاهندة الفصل الرابع

كانت تسرع فى خطواتها، تتجه إلى حيث (يحيي)، فقد تأخرت على جلستهما التى تنتظرها كل يوم بتوق، تدرك أنها تحرز تقدما ملحوظا معه، تعلم أنها ماهرة بعملها..ولكن دون رغبته الحقيقية فى العلاج والتى لمستها فيه وإرادته الحديدية أيضا، ماإستطاعت أن تفعل له شيئا.

تعثرت فجأة وكادت أن تسقط أرضا ولكن يد قوية ظهرت فجأة من العدم و سحبتها فلم تسقط وإنما إستقرت فى حضن صاحبها، رفعت وجهها تطالع منقذها لتجده (عزام)عم(يحيي)يطالع وجهها القريب منه بنظرة تشتهيها، أدركتها جيدا فى مقلتيه فجمدت أطرافها جميعا، وأثارت قشعريرة فى جسدها بأكمله، إبتعدت عنه وهي تتنحنح قائلة:
-إحمم، شكرا لحضرتك.

مرر (عزام )لسانه على شفتيه قبل أن يقول:
-لا شكر على واجب، خدى بالك من نفسك، مش كل مرة هكون موجود وألحقك يادكتورة.
إبتسمت (ميار)إبتسامة باهتة وهي تقول:
-أكيد، عن إذنك لإنى إتأخرت، وشكرا مرة تانية.

أومأ برأسه محييا، فإنطلقت على الفور فى طريقها، تدرك من إحتراق ظهرها أنه يتابعها بنظراته، لتسرع فى خطواتها تبغى الهروب من لهيبهم.

بينما تنهد (عزام)قائلا:
-من زمان مشفتش واحدة شدتنى زيك ياميار، بتحركى مشاعر دفنتها جوايا طول العمر لإنها بتملكنى وتضعفنى، فياريت متقاومنيش لإن اللى زيك فى الآخر يابتكون لية، يابتكون للموت، وانتى خسارة أوى فى الموت يا دكتورة.
ليبتسم إبتسامة إتسعت تدريجيا لتشمل وجهه...بأكمله.

كان يمسك بهذا الكتاب القريب إلى قلبه، ليفتحه ببطئ ويحمل تلك الزهرة التى جفت بداخله بيده يتأملها بحنان، يقربها إلى أنفه، يغمض عيناه وهو يسحب نفسا عميقا لتتغلغل رائحتها فى صدره، رائحة الياسمين خاصته، مازالت بها رغم مرور كل تلك السنوات، فتح عيناه يطالعها من جديد، يقول بشغف:
-وحشتيني ياياسمينتي، وحشتيني أوى، أنا بتعالج أهو عشان أجيلك وأقعد جنبك، مش هسيبك تانى أبدا..،

أنا آسف على السنين اللى ضيعتها وأنا مستسلم لقدري، كنت بعاقب نفسي على موتك لانى كنت السبب فيه، كنت فاكر بإنى كدة بدفع التمن، بس (ميار)كان عندها حق، اللى بنحبهم يستاهلوا نبقى كويسين بس عشانهم، وأنا محبتش فى حياتى أدك إنتى وعمى، أول ماهمشى على رجلية هصفى شغلى هنا زي ماعمى كان عايزنى أعمل وأنا كنت دايما برفض، بس مش هنسافر على لندن زي ماكان عايز، لأ، هقنعه نسافر المنصورة ونشتغل هناك، فى بلدك ياحبيبتى، عشان أكون جنبك و...

قاطعه طرقة على الباب ثم دلوف (ميار)التى لمحت تلك الزهرة فى يده قبل أن يعيدها بسرعة إلى كتابه ويضعه على مكتبه وهو يستقبلها بإبتسامة، بادلته إياها على الفور وهي تقترب منه قائلة:
-صباح الخير، معلش إتأخرت عليك.

قال (يحيي)بهدوء:
-ولا يهمك، شغلت نفسي..هنكمل زي كل يوم؟

هزت رأسها نفيا قائلة:
-لا إحنا خلاص خلصنا المرحلة دى وهنبدأ النهاردة مرحلة جديدة خالص، هنبدأ نعمل تمارين للجهاز التنفسي وتمارين للدورة الدموية عشان نعزز ضخ الدم فى الجسم، وفى الفترة الجاية هنعمل تنبيه كمان للعضلات بس بطرق تانية زي ال tapping و quick stretch.

قال(يحيي)بإبتسامة:
-بالراحة يادكتورة أنا مش همشى فى يومين على فكرة.
إبتسمت وهي تقول:
-٣ شهور، فات منهم شهر، وإن فضلت بالإرادة دى والرغبة فى العلاج اللى حسيتها فيك، يبقى هم شهرين كمان وهتمشى من تانى يايحيي، أنا وعدتك وأنا أد وعدى.

إتسعت إبتسامته قائلا بحماس:
-يبقى مستنية إيه، إبدأى علطول.
إتسعت إبتسامتها، لتقترب منه على الفور وتجلس أمامه تمد يدها وتسحب قدمه، تقوم بتلك التمارين، تشعر بعضلاته تستجيب معها، لتنظر إليه بسعادة طفرت على وجهها بينما ظللت عيناه نظرة...إمتنان.

قالت (ميار):
-بيتهيألى كفاية كدة النهاردة، إنت أكيد تعبت.
تأملها (يحيي)وهو يقول:
-أبدا، متعبتش بالعكس..إنتى اللى النهاردة مش فى المود وفيه حاجة شاغلاكى، إحنا مش بقينا أصحاب، إحكيلى.

تطلعت إلى ملامحه للحظات، ليشجعها بعينيه، فتنهدت قائلة:
-الحقيقة فيه حاجة فعلا شاغلانى، بس هي متخصنيش، بتخص واحدة صاحبتى، طلبت رأيي والحقيقة مش قادرة أفيدها ومشكلتها شاغلانى شوية.
قال بهدوء:
-إحكيلى عنها، يمكن أقدر أفيدك.

تنهدت قائلة:
-الحقيقة صاحبتى بتشتغل فى شركة، وفيه واحد يعنى نقدر نقول زميلها بس أكبر منها بكتير، آخد باله منها فى الرايحة والجاية وبدأ يضايقها ويثير أعصابها بجد وهي مش عارفة تتصرف معاه.
قال (يحيي):
-بسيطة، تقول لصاحب الشركة وأكيد هيرفده أو على الأقل ينقله من المكان اللى هي فيه.

هزت رأسها قائلة:
-مش هيصدقها، أصله قريبه وبيحبه.
قال (يحيي):
-يبقى تثبتله إنه مش كويس وميستاهلش حبه ولا تقديره كمان.

عقدت حاجبيها قائلة:
-إزاي؟
هز كتفيه قائلا:
-تخليه يشوف بعنيه حقارة قريبه ده.
قالت(ميار):
-فكرت فى كدة فعلا، بس خايفة عليه من الصدمة.
طالعها (يحيي)قائلا:
-هي بتحبه؟مش كدة؟
لم تستطع أن تواجه عيناه فى تلك اللحظة فأطرقت برأسها قائلة:
-أيوة.

إبتسم (يحيي)قائلا:
-طب ومكسوفة ليه؟الحب مش عيب، بالعكس..قوليلها متخافش عليه، ولو بتحبه بجد، تشيل الغمامة اللى على عنيه وتكشفله الناس القريبين منه لو كانوا وحشين قبل مايضروه، وكفاية أوى وجودها فى حياته...هيغنيه عن كل الناس.

رفعت عيونها تطالع عيونه قائلة:
-انت شايف كدة؟
شيئ ما فى نظرة عينيها جعل خافقه يدق بقوة، ليشرد فى تلك العينين للحظات، قبل أن يشيح بناظريه عنها وهو يتنحنح قائلا:
-احمم، آه طبعا.

إبتسمت وهي تدرك أنه يحاول الهرب من مشاعره، نعم..فقد أطلت منه نظرة إليها الآن أوصلت إليها ذبذبات من المشاعر مستها على الفور، أزالت إبتسامتها وهي تقول:
-هو إحنا مش بقينا أصحاب يايحيي؟
عاد إليها بناظريه، يعقد حاجبيه بحيرة قائلا:
-أكيد طبعا.

نهضت تقترب منه ليشعر بالتوتر يسرى فى كل كيانه وهي تميل عليه، كاد أن يبتعد هاربا من تلك المشاعر التى أثارتها بخافقه، ولكنه توقف حين وجدها تسحب الكتاب من خلفه وترفعه أمامه قائلة:
-طيب مش هتقولى إيه حكاية الوردة اللى جوة الكتاب دى، واللى كل ماأدخل ألاقيك ماسكها.

سحب الكتاب من بين يديها قائلا:
-أولا دى مش وردة.
ليفتح الكتاب ويرفع تلك الزهرة يتأملها فى شرود قائلا بصوت إستشعرت الحنين فى نبراته:
-دى ياسمينة، ياسمينتي اللى بتفكرنى بأقرب الناس لية وتحسسني إنى قريب منها.

تضخمت مشاعرها فى قلبها وهي تطالعه قائلة:
-إحكيلى عنها.
أفاق من شروده وهو يضع الزهرة داخل الكتاب قائلا:
-معتقدش الحكاية دى تهمك...

قاطعته وهي تمسك بيده، تمنعه من وضع الزهرة داخل الكتاب قائلة بهمس:
-تهمني.
إرتعشت يداه بين يدها وعيناه تتطلع إلى عينيها، تنتابه مشاعر ربما تخيفه بعض الشيئ.

أراد الصراخ بها، إجبارها على الإبتعاد عنه وتركه مع ذكرياته، أراد التوسل إليها حتى أن تترك مشاعره كما هي، لحبيبته( ياسمين)، ولكن شيئ ما بداخله منعه من أن يفعل ذلك، شيئ لم يود التعمق فى فهمه، يدرك فقط أنها أصبحت شيئا ضروريا بحياته، ولا يريد الإستغناء عنها.. على الأقل، فى الوقت الحالى.

لذا تنهد وهو يشيح بناظريه عنها، يترك يدها ويمسك فقط ياسمينته، يعود بالذاكرة إلى الوراء، إلى ثلاثة سنين مضت، حين منحته حبيبته تلك الياسمينة...

كان ينتظرها كعادته فى مكانهما الذى إعتادا اللقاء به، يطالع كتابا لايرى حقا أحرفه، يشعر بأنه يفتقدها بشدة رغم أنه لم يراها فقط منذ الأمس، إبتسم حين تسلل إليه عطرها، عطر الياسمين خاصتها، أحاطت بيديها عيناه قائلة:
-حزر فزر أنا مين؟

رفع كفيها عن عينيه يقبل باطنهما ثم يقول:
-إنتى حبيبتى وقلبى وعينى وياسمينتي ياياسمين.
جلست بجواره تطالعه بعشق وهي تتنهد قائلة:
-على فكرة بقى، أنا مبقتش حمل كلامك الحلو ده ياكابتن، وياتخف منه ياتتجوزني أنا بقولك أهو.

أطلق ضحكة زادته وسامة لتبتسم بحب وهي تتطالعه قبل أن يقول:
-على فكرة بقى أنا اللى مبقتش قادر أتحمل وهتجوزك ياياسمين.
ظهرت السعادة على وجهها وهي تقول:
-بجد يا يحيي ؟

طالعها بعشق قائلا:
-بجد ياقلب يحيي، هكلم عمى ونيجى نخطبك بكرة.
طالعته بسعادة إمتزجت بالعشق ليبادلها إياه قبل أن تضرب رأسها بخفة قائلة:
-شفت بقى كنت هتنسينى.
لتخرج من حقيبتها زهرة ياسمين جميلة منحته إياها وهي تقول:
-جبتلك دى عشان تفكرك بية.

أمسك الزهرة يقربها إلى شفتيه، يقبلها ببطئ أثار كيانها، ثم قال:
-الوردة دى هحتفظ بيها جوة الكتاب لإنها منك إنتى..أي حاجة منك ببقى عايز أحطها جوة قلبى وأحتفظ بيها عمر بحاله، بس الأكيد إنى من بكرة هحتفظ بيكى إنتى شخصيا ياقلبى، بحبك ياياسمينتي.

قالت بعشق:
-بحبك يايحيي.

...عاد يحيي من ذكرياته لأرض الواقع وهو يقول بألم:
-للأسف مقدرتش أحتفظ بيها، وكل اللى فضلى منها هي الوردة دى وسلسلتها وذكرياتى معاها، بيآنسوا وحدتى ويشاركونى ليلي الطويل من غيرها، ياسمين مش بس كانت زهرة فى بستانى، لأ كمان كانت نجمة بتنور عتمة ليلي وبترشدنى وسط التوهة اللى كنت عايش فيها، يمكن دلوقتى هي نجمة فى سمايا مش قادر أوصلها بس الأكيد إن مجرد النظر ليها بيخلينى سعيد، مجرد إنى أبصلها بحس إنى إكتفيت، مش عايز من الدنيا غيرها هي وبس، نجمتى اللى فى السما.

تنهد بحزن قبل أن يرفع عيونه إليها، تجمدت أطرافه وهو يرى دموعها تتساقط على وجنتيها، تبا..تؤلمه دموعها بقوة، يدرك أن مشاعرها تجاهه هي السبب فيها، ليتأكد ظنه..هي بدورها تحمل مشاعر له، مسحت دموعها بسرعة قائلة:
-الحب الحقيقى مبيجيش فى حياتنا غير مرة واحدة بس وحبك لياسمين حقيقى والدليل هو إخلاصك لذكراها.

نظرت لساعتها قائلة:
-أنا إفتكرت مشوار مهم ومضطرة أمشى، أشوفك بكرة.
أسرعت بالرحيل تتحاشى نظراته، شعر بالحزن لإيلامها، ورغم ألمه لألمها إلا أنه يرى أن ماحدث كان للأفضل، فهو لايريد أن يعلقها بحبال الأمل الواهية، فقلبه مازال معلق بماضيه، ولا شيئ بداخله يستطيع أن يمنحها إياه، أم هناك؟!!
فى تلك اللحظة...هو ليس متأكدا من الإجابة...مطلقا.

ضرب (عزام)بقبضته سطح المكتب قائلا بغضب:
-يعنى إيه الكلام ده يامنير، كدة الصفقة راحت مننا مش كدة؟
قال (منير)بإضطراب:
-مش كدة وبس، دول كمان مسكوا رجالتنا وهم بيحاولوا يخطفوا الولد.

عقد (عزام)حاجبيه قائلا:
-والرجالة دى ممكن تتكلم، ممكن تعترف علينا؟
هز (منير)رأسه على الفور قائلا:
-لأ طبعا ياباشا، دول رجالتك ولحم كتافهم من خيرك، إحنا بس نظبط أهاليهم بالفلوس وكل شيئ هيبقى تمام.

هز (عزام)رأسه وجلس على كرسيه يستند برأسه للخلف ويظهر عليه التفكير، قال (منير)بإرتباك:
-بتفكر فى إيه ياباشا؟قصدى يعنى هنتصرف إزاي دلوقت؟
زفر(عزام)قائلا:
-مبقاش فى إيدنا حاجة دلوقت نعملها، العين هتبقى علينا وأي غلطة هتودينا فى داهية، بناقص الصفقة دى وخلاص، بس مش ده اللى شاغل بالى دلوقت.

إبتلع (منير)ريقه قائلا:
-أمال إيه اللى شاغل بالك ياباشا؟
مال (عزام)للأمام وهو ينظر إلى عينيه مباشرة:
-من الواضح كدة إن فيه حد بيدور ورانا، وعايز يكشفنا..حد آخد باله مننا وقاصد يإذينا.

عقد (منير)حاجبيه قائلا:
-والحد ده يبقى مين ؟
تنهد (عزام)قائلا:
-مش عارف، بس أكيد لازم أعرف عشان أوريه اللى يفكر بس يإذى عزام القشاش بيجراله إيه.
قال (منير):
-طب ولحد مانعرف هنعمل إيه؟

تراجع (عزام)يستند برأسه إلى الكرسي مجددا وهو يقول:
-هنعمل اللى طول عمرنا بنعمله، بس المرة دى هناخد بالنا كويس ومفيش كلمة هنقولها أنا وإنت حد تالت يعرفها، مفهوم؟
قال (منير)على الفور:
-مفهوم طبعا ياباشا.
ليهز (عزام)رأسه مستحسنا، بينما تراجع هذا الذى إستمع إلى محادثتهما وعلى شفتيه إرتسمت...إبتسامة ساخرة...



المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
رواية نجمة الباشا زهرة الصبار
6 1332 زهرة الصبار
استوحي إطلالة سهراتك من أجمل فساتين درة زروق النجمة التونسية Dora
0 1261 Dora
ميغان فوكس – قصة حياة النجمة الأمريكية Megan Fox laila
1 1948 laila
منى زكي – قصة حياة منى زكي نجمة السينما المصرية laila
1 635 laila
دانيا شافعي – قصة حياة المذيعة السعودية المحبوبة نجمة mbc3 ART
0 1694 ART

الكلمات الدلالية
رواية ، نجمة ، سمائي ،


 





# فنون # مشاهير # صحة # منوعات # الأطفال # English # تفسير الأحلام ثقافة # قصص # سيارات Cars # صور # تقنيات # الاجهزة الالكترونية # المطبخ # كلام فى الحب # أبراج # رياضة # ازياء # حكم وأقوال تطوير الذات# خلفيات # صور بنات # مشاهير # ديكور # صباح الخير # مكتوب برقيات شهر رمضان # جمعة مباركة # حب رومانسية # عيد # ادعية # خلفيات كرتون # منوعات # موضة # الأم # أطفال # حيوانات # صور ورد # اكلات # New Year # مساء الخير # اللهم صلي علي النبي # القران الكريم # صور نكت # عيد ميلاد # اعلام # سيارات # تهنئة الخطوبة # حروف واسماء # الغاز # صور حزينة # فساتين # هدايا # خلفيات النادي الاهلي # تسريحات شعر # الاصدقاء # بوستات نجحت # خلفيات نادي الزمالك # حب رومانسية # تهنئه # ازياء # صور بنات # صوره وكلمه خلفيات # كرتون # بروفايل رمزيات # دينية # سيارات # مضحكة # أعلام # مسابقات # حيوانات # ديكور # أطفال # أكلات # حزينة صور شباب أولاد ر# صور # الطب و الصحة # مقالات عامه # CV المشاهير # وصفات الطبخ # العناية بالبشرة غرائب وعجائب # قصص روايات مواعظ # صور حيوانات # وصفات الحلويات # الرجيم والرشاقة # نكت مضحكة # صور خلفيات # العناية بالشعر # شروحات و تقنيات # videos # Apps & Games Free # موضة أناقة أزياء # سيارات # ديكور # رعاية الأطفال # نصائح المطبخ # موبايل جوال # الفوركس # التعليم والمدارس # الحمل و الولادة # اخبار الرياضه # وظائف # صحة المرأة # حوادث # صور بنات # صور اطفال # مكياج و تجميل # عناوين بنوك شركات محلات مطاعم # العاب الغاز # عيد # كلمات الاغانى # اشغال فنيه واعمال يدويه # مصر # أشعار خواطر # للنساء فقط # للرجال فقط # صور شباب # علاج النحافه # رسائل SMS # أكلات نباتية - Vegetarian food # برامج الكمبيوتر # المراهقة # جمعة مباركة # blogger # رعب # لعنة العشق # حب # اسلامية # قاسي ولكن أحبني # أحفاد أشرار الحرب لأجلك سلام # أسمى معاني الغرام # حقيقية # لقد كنت لعبة في يده # ملهمة # أباطرة العشق # عربية # حب خاطئ # لست مميزاً # من الجاني # مشاهير # راقصة الحانة # اغتصاب طفلة # عاشقان يجمعهم القدر # الطريق الصعب # خيال علمي # أشواك الحب # تاريخ # سجينة ثوب الرجال # لروحك عطر لا ينسى # أطفال # عشق وانتقام # لازلت أتنفسك # لقاؤنا صدفة # للحب معان أخرى # خاتم سليمان # ممن أنتقم # نجاح # أبواب وهمية # حلمى فى صفيحة قمامة # فيلم # مجنون بحبك # بين شباكها # حزينه # رحلات جوليفر # عذاب قسوته # عندما ينادي الشيطان # لعنة حبك # مريم وامير # هدوء في قلب العاصفة # الحاسة السادسة # المشعوذة الصغيرة # عباقرة # لوعة العشق # حروب # قدر بالإجبار # بنات مضحكه# فوركس Forex# صحتك # الصور والخلفيات # الطبخ والحلويات # منوعات # اخبار الفن # القصص و الروايات الألعاب الرياضية # الحياة الزوجية # أزياء وملابس # الأم و الطفل # دراسات لغات # افكار منزلية # انترنت تكنولوجيا # صفات الابراج # حيوانات ونباتات # تفسير الاحلام # معانى الاسماء # خواطر و اشعار # الكون والفضاء اجمل نكته# Mix # Forex # youtube # foods # Kids # Health education # stories # News # kitchen # woman # Famous # Sport # Animals

-------

الساعة الآن 08:35 مساء