إسكندرية شتاء عام 2007
مبنى شاهق ضخم ابيض اللون معلق عليه يافطة قديمة مكتوب عليها مستشفى الامراض العقلية
ممر مظلم وانوار خافتة ناتجة عن البرق لا تسمع في ذلك الممر الا خطوات سير من بعيد وصوت الرعد والمطر
كلما تتعمق الى الداخل وتنظر حولك
تشعر أن هذا الممر لم يدخله احد بأي شكل منذ زمن ولا عجب في ذلك فعندما تنظر إلى الاعلى وترى معلق عليه يافطة صغيرة مكتوب عليها عنبر الخطر
غرف كثيرة يظهر ضجيج المجانين بداخلها عدا اخر غرفة لا يوجد اي صوت صادر منها حتى يبدو انها خاوية او عازلة للصوت
لكن اذا نظرت من العين السحرية الخارجية للغرفة سوف ترى فتاة في العشرين من عمرها ترتدي فستان اسود مهترئ قليلا جالسة في وضع القرفصاء في آخر ركن للغرفة وشعرها الاسود منسدل عليها ليغطي كامل جسدها حتى يصل الارض ما قصة هذه الفتاة؟
لا اعرف، غير انها لم تستجيب للعلاج و رفضت التحدث مع احد ظنا منها أن هناك شيء مجهول يطاردها ويهدد حياة كل من يقترب منها، وبصمتها كانت تحمي الجميع من جحيم محتم قد يحدث لكل من يحاول الاقتراب لمعرفة قصتها.
لكن الفضول قد يدفع البعض للنبش في ممتلكات الغير وهذا ما فعلته انا لاعرف ما قصة هذه الفتاة وماذا حدث معها ومع البحث وجدت مذكرات خاصة وبعض متعلقات المريضة التي كانت معها يوم دخولها المستشفى...
لفت انتباهي المذكرات ف اخذتها معي وأغلقت صندوق الممتلكات وخرجت الى حديقة المستشفى وبما أن الليل طويل جدا قررت ان اقرأ ما يوجد داخل تلك المذكرات ولا اعلم حقا حصولي عليها هل كان من حسن حظي ام من سوء حظي...
رواية
عندما ينادي الشيطان للكاتبة إيمان أحمد رشاد الفصل الأول
اول صفحة في المذكرات
انا علي سيف الدين عندي دلوقت 30سنة خلصت سنتين معهد عالي واشتغلت اداري في مكتب صغير بمرتب بسيط
توقفت هنا عن القراءة وانا متعجبة لقد توقعت انها مذكرات الفتاة المريضة لكنها تبدو مذكرات شاب انتابتني الدهشة والفضول لاقرأ اكثر
*لو حكيت لكم حكايتي اكيد محدش هيصدقني ولا أنا كنت مصدق نفسي*.
طول عمري كنت بتريق على اللي بيكتب مذكراته وكل تفاصيل يومه لكن مكنتش اتوقع اني هعمل زيهم وانه اللي هكتبه هيكون مهم وخطير بالشكل ده
يمكن الخوف والخطر اللي انا حاسس بيه هو اللي خلاني اكتب مذكراتي واكتب كل حاجة بتحصل جايز بعدين مكنش موجود عشان احكي لكم و حتى لو كنت موجود جايز مقدرش احكي واهدد حياة كل شخص يسمع قصتي ف كان لازم اتكلم مع نفسي حتى لو على الورق.
واتمنى المذكرات دي متقعش في ايد حد ويقرأ اللي فيها واكون السبب في اذيته*.
وهنا توقفت مرة اخرى و قفلت المذكرات وحسيت بخوف شديد وبصوت عالي وكأني بطمن نفسي اتكلمت وقولت ياترى صاحب المذكرات دي صادق في كلامه معقول يكون كل اللي قرأ هيتأذى ولو اتأذيت هتأذى من مين مفيش حد ومفيش حاجة تقدر تأذيني وبعدين دي مذكرات كانت مع مريضة عقلية يعني اكيد الكلام اللي في المذكرات ده هو كمان كلام مجانين استجمعت قوتي وشجاعتي وفتحت المذكرات تاني
وقرأت...
قبل ما اكتب اللي حصلي لازم بعد ما عرفتكم عليا اعرفكم على عائلتي اللي مليش غيرها*
*ابويا: عم سيف الطيب اللي مبيحبش حد في الدنيا قد ولاده
ماما: زينات لو دخلت قبل كده بيوت زمان وشميت ريحة طبيخ زمان وحسيت بالدفى اللي بيدخل من جوانب البيت تبقى عرفت مين ماما زينات احن ام في الدنيا.
اختي الصغيرة: رحمة عندها عشر سنوات وشقية جدا جدا وعلى الرغم من فارق السن الكبير اللي بيني و بينها لكن بحبها اوي وبحس انها اختي وصحبتي وكل حاجة ليا
لكن، لكن اختي في خطر كبير ومش عارف الخطر ده هيفضل موجود ولا هينتهي اتمنى قصتي توصلكم قبل ما الخطر يخدها مني.
هعرفكم ع شخص شخص وانا بحكي لكم القصة
بدأت الحكاية لما بابا طلع على المعاش والامور المادية في مصر بقيت صعبة جدا خصوصا انه اختي لسه صغيرة ومحتاجة تعليم ومصاريف
وكان مفيش حل قدامنا خالص غير اننا نرجع تاني مطروح ايوه منا نسيت اقولكم انه ابويا عنده اهل في مطروح لكن هو كان على خلافات كبيرة معاهم بسبب انه.
جدي مكنش عاوز ابويا يسافر القاهرة ولا يتجوز منها وكان عايزه جنبه لكن بعد ما جدي اتوفى اعتقدنا إنه كل خلافتنا انتهت مع اهل ابويا وخلاص ابويا قرر إنه يسافر عشان يحضر العزاء بما إنه الابن الوحيد وبالمرة يشوف الميراث اللي جاء لنا عشان ينقذنا من الفقر اللي احنا فيه. بنسبة لي أنا كنت فرحان جدا جدا اننا هنسافر ونبقى من اصحاب الأملاك لكن امي كانت مش مبسوطة ومكنتش عارف السبب خالص ولا فاهم هي زعلانة عشان هتسيب القاهرة اللي اتولدت فيها ولا زعلانة ليه بظبط.
ومن اليوم ده بدأت القصة
علي: مالك يا ماما شكلك مش مبسوطة
زينات: مفيش حاجة يا علي روح شوف ابوك جاب العربية تحت ولا لسه على ما البس اختك رحمة
علي: بص لامه ب استغراب وهو شايف القلق مسيطر على ملامحها
وبعد ثواني سابها ونزل
سيف: اي يواد يا علي امك لبست البنت ونازلة ولا لسه
علي: بيجهزوا اهو
سيف: يومهم بسنة هي الستات كده تحس انها رايحة فرح مش مسافرة
علي: انت عارف رحمة شقية وتلاقيها جننتها.
سيف: ايوه ربنا يكون في عونها انا مش عارف هي البنت رحمة دي طالعة شقية كده ليه
علي: ههههه اكيد طالعة لك يا حج
سيف: بس يا واد لاضربك
علي: هتضربني وأنا شحط كده
سيف: بص بحسرة وحزن والدموع ف عينه وقاله كبرت اوي يا علي وبقيت اطول مني
علي: قلبه اتقبض وحس بخوف غريب وكان مستغرب من الحزن اللي في عيون ابوه لكن وقتها فسر تصرف ابوه على إنه فرحان بيه انه كبر وانها دموع الفرح .
زينات: نزلت ومعاها رحمة بتجري وماسكة عوامة ف ايدها
علي: ههههههههههههه اي. العوامة دي احنا داخلين على الشتاء يا رحمة
رحمة: لا أنا هعوم هناك
سيف: يا بنت اخوكي بيقولك داخلين على الشتاء مش الصيف تعومي ازاي امشي طلعي العوامة دي فوق
رحمة: لاء مليش دعوووووة ودبت ف الارض وهي بتعيط
زينات: بنتك عنيدة اوي
سيف: راح عليها يضربها بقولك طلعي الزفت دي.
علي: وقف بينهم خلاص خلاص يا بابا سيبها معاها اي المشكلة خليها تلعب
سيف: خليك انت اقعد دلع فيها كده
علي: مسك رحمة من ايدها واخدها وركبوا وراء
وبعد شوية
العربية وقفت ونزلوا مطروح
سيف: انزلي يا زينات
زينات: انا خايفة
سيف: انزلي يا زينات متبقيش جبانة الامور دي انتهت من زمان وابويا مات عايزة اى تاني
زينات: ماشي مهو مات بس الحاجات دي مش بتموت
سيف: يا ستي انزلي بقى
علي: بص لامه وابوه ب استغراب.
زينات: نزلت من العربية وهي مترددة
علي: نزل واخد رحمة ف أيده وبص على البيت
كانت بيت عادي جدا لونه ابيض ومشقق شوية بسبب البحر مش بيت مرعب زي ما انتم فاكرين
رحمة: هييييييييييه البحر وجريت من ايد علي
علي: فضل عينيه عليها وهي بتجري وتتنطط حواليهم
رحمممممه متروحيش بعيد تعالي هنا
رحمة: جريت عليه ومسكت ف أيده تاني ودخلوا البيت
زينات: مين الغندوره دي يا سيف
سيف: دي ياستي اسمها (ازهار) وتبقى مرات ابويا.
زينات: دي؟ دي قد احفاده تقريبا من دور علي ابنك دي اتجوزت ابوك على اي بقى اكيد طمعانة ف فلوسه وبيته
سيف: ملناش دعوة هي كده كده مش هتخد كتير نديلها حقها وخلاص لكن انا الوريث الوحيد
زينات: صح عندك حق يا ابو علي ودخلوا البيت
ازهار: يا اهلا وسهلا نورتوا دول عيالك يا عم سيف
زينات: دي تعرفك ولا ايه
سيف: اسكتي وهفهمك بعدين
وبص لازهار ايوه ولادي علي ورحمة.
ازهار ربنا يفرحك بيهم اتفضلوا اقعدوا يعني منشوفكش الا اما ابوك يموت
سيف: مشاغل بقى
ازهار: مشاغل ولا عشان كنت متخانق معاه ع فكرة ده قايلي كل حاجة :
سيف: ملهوش لازمة الكلام ده ربنا يرحمه بقى
ازهار: كويس انك جيت انهرده عشان تحضر العزاء بليل مع إنك ملحقتش دفنة ابوك الصبح بس
سيف: يدوب سكة السفر يلا معلش البركة فيكي.
ازهار: طيب يخويا لو عاوزين تتغدوا وتريحوا شوية لحد العزاء بليل انا جهزت لكم اوضكم اوضة ليك انت ومراتك واوضة لابنك واوضة لبنتك
زينات: لا أنا عيالي هيباتو معايا
ازهار: ليه هناكلهم متخافيش اوي كده هو محدش خلف غيرك كلنا عندنا عيال وقامت ومشيت وسابتهم
زينات: بصيت ب استغراب لسيف وبصوت خافت هي تقصد ايه بجملة كلنا عندنا عيال ابوك كبير ف السن ومبيخلفش.
سيف: ايوه مبيخلفش طبعا تلاقيها بتقولها كده من باب خناقات الستات كبري مخك وتعالي نطلع نرتاح عشان تعبت من السفر
زينات: طيب يخويا ماشي واخدته وطلعوا
علي: رحمة تيجي معايا ف اوضتي
ازهار: لا أنا هخدها اوضتها افرجها عليها كلها لعب
رحمة: هيييييه يلا يا طنط وسابت ايد علي وراحت معاها.
وبعد كذا ساعة
زينات: اصحى يا خويا اصحى يدوب عشان تجهز وتنزل العزاء
سيف: فتح عينيه وقام قعد
زينات: يلا انت كل ده نوم
سيف: السفر كان طويل وهدني
زينات: لا ده انت شكلك عجزت
سيف: لا أنا لسه شباب شوفي نفسك الاول
زينات: مالي بقى مبقتش عجباك
سيف: ههههههه يا وليه احنا كبرنا على الخناق ده قومي يلا جهزي لي هدومي على ما اخد دش واطلع البس وانزل للناس.
علي: مغمض عينيه وشايف رحمة اخته بتبعد عن البيت وهو في حد مكتفه ومش عارف يقوم فضل يتحرك بكل قوته لحد ما وقع من على السرير وفتح عينيه
انا بحلم ولا ايه رحمة اختي وقام وقف وفتح باب الأوضة وجري على بره
ازهار: اي ده ف ايه مالك مخضوض وبتجري كده ليه
علي: وقف وبص لها وهو متلغبط ومش عارف يتكلم
ازهار: مالك متلغبط كده ليه
علي: ب ارتباك لاء مفيش مفيش انا بس حلمت ب رحمة اختي وقلقت فقولت اروح اطمن عليها.
ازهار: اكيد ف سابع نومه الساعة 12بليل
علي: اييييه ازاي هو انا نمت كل ده طيب والعزاء
ازهار: ابوك وامك قاموا بالواجب بقى وانا كنت معاهم وسابوك نايم انت ورحمة وخلصنا كل حاجة
علي: متأسف انا محستش بالوقت كنت لازم احضر معاكم
ازهار: مفيش مشكلة المهم دلوقت روح نام تصبح على خير
علي: وانتي من اهله ووقف لحد ما ازهار مشيت.
وجه يرجع الأوضة بعد ما ازهار طمنته لكن كان لسه حاسس بخوف غريب بيسيطر عليه الخوف ده خلاه ميحسش بنفسه الا وهو واقف
قدام اوضة رحمة اخته وبيفتح الباب وهو واثق انه ده كان مجرد حلم وانه اكيد رحمة نايمة ف اوضتها اصلها اكيد مش هتصحى بليل وتنزل من البيت
علي: فتح نور الاوضة لكن كانت المفاجأة انه ملقاش رحمة في سريرها
نزل يجري زي المجنون وهو بيبص شمال ويمين وبينادي بصوت عالي رحمممممة رحممممممة رحمممممة.
وفتح باب البيت وخرج يجري على البحر وهو بينادي على رحمة
لحد ما شاف خيال رحمة واقفة لوحدها قصاد البحر لكن الدنيا كانت ضلمة ومكنش شايفها كويس قرب عليها وهو متعصب وبيمسك ايدها بقوة حس ب ايد ملمسها جلد من غير عضم او ادق تشبيه عضم متفتت...
تاااااابع اسفل